64.622
düzenleme
Değişiklik özeti yok |
Değişiklik özeti yok |
||
(Aynı kullanıcının aradaki diğer 3 değişikliği gösterilmiyor) | |||
1. satır: | 1. satır: | ||
<languages/> | <languages/> | ||
== رسالة التفكر الإيماني الرفيع والمعرفة التوحيدية السامية == | |||
(<ref>كتب الأستاذ النورسي هذه الرسالة باللغة العربية، سوى المقدمات والهوامش التي كتبها بالتركية، واستنسخها المستنسخون مع ضبط الحروف ووضع الحركات تسهيلاً لقراءتها قراءة صحيحة، ولاسيما لغير قراء العربية. وقد احتفظنا بالنص كما هو مع ترجمة المقدمات والهوامش.</ref>) | |||
بِاسْمِهِ سُبْحَانَهُ | |||
اخوتي! | |||
إنَّ رسالة التفكر هذه جليلة القدر، وإن إطلاق الإمام علي رضي الله عنه عليها -من جهة- اسمَ الآية الكبرى يبين قيمتَها الرفيعة تماماً. | |||
فهي رسالةُ معرفةٍ إيمانية وردت إلى القلب بعين اليقين، في أثناء أذكار الصلاة. وأثمرت كثيراً من الرسائل. وأصبحت غذاءً للعقل والفكر وعلاجاً لهما طوال ثلاثين سنة. فمن الأنسب أن تُدرَج ضمن «اللمعات» وأن يُطبع منها أربعون أو خمسون نسخة مستقلة. | |||
سعيد النورسي | |||
هذه اللمعة كُتبت في التجريد المطلق في سجن «اسكي شهر» قبل عشرين سنة. | |||
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ | بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ | ||
46. satır: | 62. satır: | ||
وهو ثلاثة فصول | وهو ثلاثة فصول | ||
الفصل الأول | === الفصل الأول === | ||
بسم الله الرحمن الرحيم | بسم الله الرحمن الرحيم | ||
62. satır: | 78. satır: | ||
وَتُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ النَّواتَاتُ وَالبُذُورُ بَألسِنَةِ سَنَابِلِهَا وكَلِمَاتِ حَبَّاتِهَا بالمُشَاهَدةِ. | وَتُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ النَّواتَاتُ وَالبُذُورُ بَألسِنَةِ سَنَابِلِهَا وكَلِمَاتِ حَبَّاتِهَا بالمُشَاهَدةِ. | ||
وَيُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ كُلُّ نَبَاتٍ بِغَايَةِ الوُضُوحِ وَالظُهُورِ عِنْدَ انْكِشافِ أكمَامِها وَتَبَسُّمِ بَنَاتِهَا بَأفْوَاهِ مُزَيَّنَاتِ أزاهيرِهَا وَمُنْتَظَمَاتِ سَنَابِلِهَا، بِكَلِمَاتِ مَوْزُونَاتِ بُذُورِهَا وَمَنْظُومَاتِ حَبّاتِهَا، بِلِسَانِ نِظامِهَا في ميزانِهَا في تَنْظِيمِها في تَوْزِيِنِهَا في صَنْعَتِهَا في صِبغَتِها في زِينَتِهَا في نُقُوشِهَا في رَوَائِحِهَا في طُعُومِهَا في ألوَانِهَا في أشْكَالِهَا، | وَيُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ كُلُّ نَبَاتٍ بِغَايَةِ الوُضُوحِ وَالظُهُورِ عِنْدَ انْكِشافِ أكمَامِها وَتَبَسُّمِ بَنَاتِهَا بَأفْوَاهِ مُزَيَّنَاتِ أزاهيرِهَا وَمُنْتَظَمَاتِ سَنَابِلِهَا، بِكَلِمَاتِ مَوْزُونَاتِ بُذُورِهَا وَمَنْظُومَاتِ حَبّاتِهَا، بِلِسَانِ نِظامِهَا في ميزانِهَا في تَنْظِيمِها في تَوْزِيِنِهَا في صَنْعَتِهَا في صِبغَتِها في زِينَتِهَا في نُقُوشِهَا في رَوَائِحِهَا في طُعُومِهَا في ألوَانِهَا في أشْكَالِهَا، (<ref>إن اثنى عشر مشهداً وحجاباً، مشهداً فوق مشهد، برهاناً ضمن برهان، دليلاً خلال دليل؛ تنبعث كلها من زهرة واحدة بنغمات متنوعة ولمعات متباينة فتُري القلبَ المصورَ الأزلي، وتلفت عين العقل إليه. (المؤلف).</ref>) كَمَا تَصِفُ تَجَلِّيَاتِ صِفَاتِكَ وتُعَرِّفُ جَلَواتِ أسمائِكَ وَتُفَسِّرُ تَوَدُّدَكَ وَتَعَرُّفَكَ بِمَا يَتَقَطَّرُ مِنْ ظَرَافَةِ عُيُونِ أزاهيِرهَا وَمِنْ طَرَاوَةِ أسْنَانِ سَنَابِلِهَا مِنْ رَشَحَاتِ لَمَعَاتِ جَلَوَاتِ تَوَدُّدِكَ وتَعَرُّفِكَ إلى عِبَادِكَ. | ||
سُبْحانَكَ يَا وَدُودُ يا مَعْروُفُ مَا أحسَنَ صُنْعَكَ وَمَا أزيَنَهُ وَمَا أبْيَنَهُ وَمَا أتْقَنَهُ! | سُبْحانَكَ يَا وَدُودُ يا مَعْروُفُ مَا أحسَنَ صُنْعَكَ وَمَا أزيَنَهُ وَمَا أبْيَنَهُ وَمَا أتْقَنَهُ! | ||
80. satır: | 96. satır: | ||
سُبْحانَكَ مَا أنْوَرَ بُرهَانَكَ مَا أبْهَرَ سُلطَانَكَ! | سُبْحانَكَ مَا أنْوَرَ بُرهَانَكَ مَا أبْهَرَ سُلطَانَكَ! | ||
الفصل الثاني | === الفصل الثاني === | ||
سُبْحَانَكَ لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أنت كَمَا أثْنَيْتَ عَلى نَفْسِكَ في فُرْقَانِكَ. وَأثنَى عَلَيْكَ حَبِيبُكَ بِإذْنِكَ. وَأثنَتْ عَلَيْكَ جَمِيعُ مَصْنُوعَاتِكَ بإنْطَاقِكَ. | سُبْحَانَكَ لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أنت كَمَا أثْنَيْتَ عَلى نَفْسِكَ في فُرْقَانِكَ. وَأثنَى عَلَيْكَ حَبِيبُكَ بِإذْنِكَ. وَأثنَتْ عَلَيْكَ جَمِيعُ مَصْنُوعَاتِكَ بإنْطَاقِكَ. | ||
116. satır: | 132. satır: | ||
اللهمَّ فَأنْطِقِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ إلى يَومِ القِيَامِ بِأصْدِيَةِ تَسْبيحَاتِ مُحَمَّدٍ لك عَلَيه الصَّلاةُ وَالسَّلامُ. | اللهمَّ فَأنْطِقِ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ إلى يَومِ القِيَامِ بِأصْدِيَةِ تَسْبيحَاتِ مُحَمَّدٍ لك عَلَيه الصَّلاةُ وَالسَّلامُ. | ||
الفصل الثالث | === الفصل الثالث === | ||
ذُو الجَلال سُبْحَانَ الله الوَاحِدِ الأحَدِ المُتَقَدِّسِ المُتَنـزِّهِ عَنِ الأضْدَادِ وَالأنْدَادِ وَالشُرَكَاءِ. | ذُو الجَلال سُبْحَانَ الله الوَاحِدِ الأحَدِ المُتَقَدِّسِ المُتَنـزِّهِ عَنِ الأضْدَادِ وَالأنْدَادِ وَالشُرَكَاءِ. | ||
148. satır: | 164. satır: | ||
في « الحَمْدُ لله.. » (<ref>لما كان الشكر أهم أسس «رسائل النور» بعد التفكر، وأن أكثر مراتب الشكر والحمد وحقائقهما قد أُوضحت إيضاحاً كاملاً في أجزاء «رسائل النور»؛ لذا يذكر هنا بعض مراتب الحمد الذي يقابل نعمة الإيمان ذكراً مختصراً جداً، اكتفاءً بتلك المراتب المذكورة. فإن للحمد مراتب حسب مراتب نعمة الإيمان. (المؤلف).</ref>) في هذا الباب تسع نقاط.. | في « الحَمْدُ لله.. » (<ref>لما كان الشكر أهم أسس «رسائل النور» بعد التفكر، وأن أكثر مراتب الشكر والحمد وحقائقهما قد أُوضحت إيضاحاً كاملاً في أجزاء «رسائل النور»؛ لذا يذكر هنا بعض مراتب الحمد الذي يقابل نعمة الإيمان ذكراً مختصراً جداً، اكتفاءً بتلك المراتب المذكورة. فإن للحمد مراتب حسب مراتب نعمة الإيمان. (المؤلف).</ref>) في هذا الباب تسع نقاط.. | ||
النقطة الأولى: | === النقطة الأولى: === | ||
الحَمْدُ لله عَلى نِعَمَةِ الإيمان المُزيلِ عَنَّا ظُلُمَاتِ الجِهَاتِ السِّتّ. | الحَمْدُ لله عَلى نِعَمَةِ الإيمان المُزيلِ عَنَّا ظُلُمَاتِ الجِهَاتِ السِّتّ. | ||
166. satır: | 182. satır: | ||
فَمِنْ هذِه الحَقيقَةِ يَكوُنُ «الحَمْدُ» عَلى نِعْمَةِ الإيمان المُزيلِ للِظُّلُمَاتِ عَنْ هذِه الجِهَاتِ السِّتِّ أيضاً نِعْمَةً عَظيمَةً تَسْتَلْزِمُ «الحَمْدَ». إذ بـ«الحَمْدِ» يُفْهَمُ دَرَجَةُ هذِهِ النِّعْمَةِ وَلَذَّتُهَا. فَالحَمْدُ لله عَلى «الحَمْدُ لله في تَسَلسُلٍ يَتَسَلسَلُ في دَوْرٍ دَائرٍ بِلا نِهَايَةٍ». | فَمِنْ هذِه الحَقيقَةِ يَكوُنُ «الحَمْدُ» عَلى نِعْمَةِ الإيمان المُزيلِ للِظُّلُمَاتِ عَنْ هذِه الجِهَاتِ السِّتِّ أيضاً نِعْمَةً عَظيمَةً تَسْتَلْزِمُ «الحَمْدَ». إذ بـ«الحَمْدِ» يُفْهَمُ دَرَجَةُ هذِهِ النِّعْمَةِ وَلَذَّتُهَا. فَالحَمْدُ لله عَلى «الحَمْدُ لله في تَسَلسُلٍ يَتَسَلسَلُ في دَوْرٍ دَائرٍ بِلا نِهَايَةٍ». | ||
النقطة الثانية | === النقطة الثانية === | ||
الحَمْدُ لله عَلى نِعْمَةِ الإيمان المُنَوِّرِ لَنَا الجِهَاتِ السِّتَّ. فَكما أن الإيمان بإزَالَتِهِ لِظُلُمَاتِ الجِهَاتِ السِّتِّ نِعْمَةٌ عَظيِمَةٌ مِنْ جِهَةِ دَفْعِ البَلايا؛ كَذَلِكَ أنَّ الإيمان لِتَنْوِيرِهِ للِجِهَاتِ السِّتِّ نِعْمَةٌ عَظيِمَةٌ أخرى مِنْ جِهَةِ جَلْبِ المَنَافِعِ. فَالإنسَانُ لعلاقَتهِ بِجَامِعيَّةِ فِطْرَتِهِ بِمَا في الجِهَاتِ السِّتِّ مِنَ المَوجُودَاتِ. وَبِنِعْمَةِ الإيمان يُمْكِنُ لِلإنسَانِ اِسْتِفَادَةٌ مِنْ جَميعِ الجِهَاتِ السِّتِّ أينما يَتَوَجَّهُ. فَبِسِرِّ ﴿ فَاَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ ﴾ (البقرة:١١٥) تَتَنَوَّرُ لهُ تِلكَ الجِهَةُ بِمَسَافَتِهَا الطَّوِيلَةِ بِلَا حَدٍّ. حَتَّى كأَنَّ الإنسانَ المُؤْمِنَ لَهُ عُمْرٌ مَعْنَوِيٌّ يَمْتَدُّ مِنْ أوَلِ الدُّنيَا إلى آخِرِهَا، يَسْتَمِدُّ ذَلِكَ العُمْرُ من نُور حَيَاةٍ مُمْتَدَّةٍ من الأزَلِ إلى الأبَدِ. وحتى إنَّ الإنسانَ بسِرّ تَنْويرِ الإيمانِ لِجِهَاتِهِ يَخْرُجُ عَنْ مَضِيقِ الزَّمَانِ الحَاضِرِ وَالمَكَانِ الضَّيِّقِ إلى سَاحَةِ وُسْعَةِ العَالَم، ويَصيرُ العَالَمُ كَبَيتِهِ، والمَاضِي وَالمُسْتَقْبَلُ زَمَانَاً حَاضِراً لِرُوحِهِ وَقَلْبِهِ. وَهَكَذا فَقِسْ... | الحَمْدُ لله عَلى نِعْمَةِ الإيمان المُنَوِّرِ لَنَا الجِهَاتِ السِّتَّ. فَكما أن الإيمان بإزَالَتِهِ لِظُلُمَاتِ الجِهَاتِ السِّتِّ نِعْمَةٌ عَظيِمَةٌ مِنْ جِهَةِ دَفْعِ البَلايا؛ كَذَلِكَ أنَّ الإيمان لِتَنْوِيرِهِ للِجِهَاتِ السِّتِّ نِعْمَةٌ عَظيِمَةٌ أخرى مِنْ جِهَةِ جَلْبِ المَنَافِعِ. فَالإنسَانُ لعلاقَتهِ بِجَامِعيَّةِ فِطْرَتِهِ بِمَا في الجِهَاتِ السِّتِّ مِنَ المَوجُودَاتِ. وَبِنِعْمَةِ الإيمان يُمْكِنُ لِلإنسَانِ اِسْتِفَادَةٌ مِنْ جَميعِ الجِهَاتِ السِّتِّ أينما يَتَوَجَّهُ. فَبِسِرِّ ﴿ فَاَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّٰهِ ﴾ (البقرة:١١٥) تَتَنَوَّرُ لهُ تِلكَ الجِهَةُ بِمَسَافَتِهَا الطَّوِيلَةِ بِلَا حَدٍّ. حَتَّى كأَنَّ الإنسانَ المُؤْمِنَ لَهُ عُمْرٌ مَعْنَوِيٌّ يَمْتَدُّ مِنْ أوَلِ الدُّنيَا إلى آخِرِهَا، يَسْتَمِدُّ ذَلِكَ العُمْرُ من نُور حَيَاةٍ مُمْتَدَّةٍ من الأزَلِ إلى الأبَدِ. وحتى إنَّ الإنسانَ بسِرّ تَنْويرِ الإيمانِ لِجِهَاتِهِ يَخْرُجُ عَنْ مَضِيقِ الزَّمَانِ الحَاضِرِ وَالمَكَانِ الضَّيِّقِ إلى سَاحَةِ وُسْعَةِ العَالَم، ويَصيرُ العَالَمُ كَبَيتِهِ، والمَاضِي وَالمُسْتَقْبَلُ زَمَانَاً حَاضِراً لِرُوحِهِ وَقَلْبِهِ. وَهَكَذا فَقِسْ... | ||
النقطة الثالثة | === النقطة الثالثة === | ||
الحَمْدُ لله عَلى الإيمان الحَاوي لِنُقطَتَي الاسْتِنَاد وَالاسْتِمْدَادِ. | الحَمْدُ لله عَلى الإيمان الحَاوي لِنُقطَتَي الاسْتِنَاد وَالاسْتِمْدَادِ. | ||
178. satır: | 194. satır: | ||
فَالإيمَانُ بالله هُوَ نُقطَةُ اسْتِنَادٍ لِفِطرَةِ البَشَرِ. وَالإيمَانُ بِالآخِرَةِ هُوَ نُقطَةُ اِسْتِمدَادٍ لِوِجْدَانِهِ. فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ هَاتَينِ النُّقطَتَينِ يَتَوَحَّشُ عَلَيهِ قَلبُهُ وَرُوحُهُ، وَيُعَذِّبُهُ وِجدَانُهُ دائِماً. وَمَنْ اسْتَنَدَ بالإيمَانِ إلى النُقطَةِ الأولى، وَاسْتَمَدَّ مِنَ النُقطَةِ الثَّانِيَة أحسَّ مِنْ أعماق رُوحِهِ لَذَائِذَ مَعْنَويَّةً وَأُنْسِيَةً مُسَلّيَةً وَاعْتِمَاداً يَطْمَئِنُّ بِهَا وِجْدَانُهُ. | فَالإيمَانُ بالله هُوَ نُقطَةُ اسْتِنَادٍ لِفِطرَةِ البَشَرِ. وَالإيمَانُ بِالآخِرَةِ هُوَ نُقطَةُ اِسْتِمدَادٍ لِوِجْدَانِهِ. فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ هَاتَينِ النُّقطَتَينِ يَتَوَحَّشُ عَلَيهِ قَلبُهُ وَرُوحُهُ، وَيُعَذِّبُهُ وِجدَانُهُ دائِماً. وَمَنْ اسْتَنَدَ بالإيمَانِ إلى النُقطَةِ الأولى، وَاسْتَمَدَّ مِنَ النُقطَةِ الثَّانِيَة أحسَّ مِنْ أعماق رُوحِهِ لَذَائِذَ مَعْنَويَّةً وَأُنْسِيَةً مُسَلّيَةً وَاعْتِمَاداً يَطْمَئِنُّ بِهَا وِجْدَانُهُ. | ||
النقطة الرابعة | === النقطة الرابعة === | ||
الحَمْدُ لله عَلى نُورِ الإيمان المُزيلِ للآلامِ عَنِ اللَّذَائِذِ المَشْرُوعَةِ بِإراءَةِ دَوَرَانِ الأمْثَالِ، وَالمُدِيمِ للنِّعَم بِإراءَةِ شَجَرَةِ الإنْعَامِ، وَالمُزيلِ آلامِ الفِرَاقِ بإراءةِ لَذَّةِ تَجَدُّدِ الأمثَالِ. يَعْنِي أنَّ في كُلِّ لَذَّةٍ آلاماً تَنشَأ مِنْ زَوَالِهَا. فَبِنُورِ الإيمان يَزُولُ الزَّوَالُ، وَيَنقَلِبُ إلى تَجَدُّدِ الأمثَالِ. وَفي التَّجَدُّدِ لَذَّةٌ أُخرى.. | الحَمْدُ لله عَلى نُورِ الإيمان المُزيلِ للآلامِ عَنِ اللَّذَائِذِ المَشْرُوعَةِ بِإراءَةِ دَوَرَانِ الأمْثَالِ، وَالمُدِيمِ للنِّعَم بِإراءَةِ شَجَرَةِ الإنْعَامِ، وَالمُزيلِ آلامِ الفِرَاقِ بإراءةِ لَذَّةِ تَجَدُّدِ الأمثَالِ. يَعْنِي أنَّ في كُلِّ لَذَّةٍ آلاماً تَنشَأ مِنْ زَوَالِهَا. فَبِنُورِ الإيمان يَزُولُ الزَّوَالُ، وَيَنقَلِبُ إلى تَجَدُّدِ الأمثَالِ. وَفي التَّجَدُّدِ لَذَّةٌ أُخرى.. | ||
184. satır: | 200. satır: | ||
فَكمَا أَن الثَّمَرَةَ إذا لَمْ تُعْرَفْ شَجَرَتُهَا تَنْحَصِرُ النِّعْمَةُ في تِلكَ الثَّمَرَةِ. فَتَزُولُ بِأكْلِهَا. وَتُورِثُ تَأسُّفاً عَلى فَقْدِهَا. وإذا عُرِفَتْ شَجَرَتُها وَشُوهِدَتْ، يَزُولُ الألَمُ في زَوَالِهَا لِبَقَاءِ شَجَرَتِهَا الحَاضِرَةِ، وَتَبْديلِ الثَّمَرَةِ الفَانِيَةِ بِأمْثَالِهَا. وَكَذَا إنَّ مِنْ أشَدِّ حَالاتِ رُوحِ البَشَرِ هِيَ التَّألُّمَاتُ النَّاشِئَةُ مِنَ الفِرَاقَاتِ. فَبِنُورِ الإيمان تَفتَرِقُ الفِرَاقَاتُ وَتَنْعَدِمُ. بَل تَنْقَلِبُ بِتَجَدُّدِ الأمثَالِ الَّذي فيهِ لذَّةٌ أخرى إذ «كُلُّ جَدَيدٍ لَذِيذٌ»... | فَكمَا أَن الثَّمَرَةَ إذا لَمْ تُعْرَفْ شَجَرَتُهَا تَنْحَصِرُ النِّعْمَةُ في تِلكَ الثَّمَرَةِ. فَتَزُولُ بِأكْلِهَا. وَتُورِثُ تَأسُّفاً عَلى فَقْدِهَا. وإذا عُرِفَتْ شَجَرَتُها وَشُوهِدَتْ، يَزُولُ الألَمُ في زَوَالِهَا لِبَقَاءِ شَجَرَتِهَا الحَاضِرَةِ، وَتَبْديلِ الثَّمَرَةِ الفَانِيَةِ بِأمْثَالِهَا. وَكَذَا إنَّ مِنْ أشَدِّ حَالاتِ رُوحِ البَشَرِ هِيَ التَّألُّمَاتُ النَّاشِئَةُ مِنَ الفِرَاقَاتِ. فَبِنُورِ الإيمان تَفتَرِقُ الفِرَاقَاتُ وَتَنْعَدِمُ. بَل تَنْقَلِبُ بِتَجَدُّدِ الأمثَالِ الَّذي فيهِ لذَّةٌ أخرى إذ «كُلُّ جَدَيدٍ لَذِيذٌ»... | ||
النقطة الخامسة | === النقطة الخامسة === | ||
الحَمْدُ لله عَلى نُورِ الإيمان الَّذي يُصَوِّرُ مَا يُتَوَهَّمُ أعداء وَأجَانِبَ وَامْوَاتاً مُوحِشينَ، وَأيْتَاماً باكين مِنَ المَوجُودَاتِ، أحْبَاباً وإخْوَاناً وَأحْيَاءً مُؤنِسِينَ، وَعِبَاداً مُسَبِّحينَ ذَاكِرِينَ.. | الحَمْدُ لله عَلى نُورِ الإيمان الَّذي يُصَوِّرُ مَا يُتَوَهَّمُ أعداء وَأجَانِبَ وَامْوَاتاً مُوحِشينَ، وَأيْتَاماً باكين مِنَ المَوجُودَاتِ، أحْبَاباً وإخْوَاناً وَأحْيَاءً مُؤنِسِينَ، وَعِبَاداً مُسَبِّحينَ ذَاكِرِينَ.. | ||
190. satır: | 206. satır: | ||
يَعْني أنَّ نَظَرَ الغَفلَةِ يَرى مَوجُودَاتِ العَالَمِ مُضِرِّينَ كَالأعْداءِ وَيَتَوَحَّشُ مِنْ كُلِّ شىءٍ، وَيَرَى الأشياء كَالأجانِبِ. إذ في نَظَرِ الضَّلالَةِ تَنْقَطِعُ عَلاقَةُ الاُخُوَّةِ في كُلِّ الأزمِنَةِ المَاضِيَةِ وَالاسْتِقْبَاليَّةِ. وَمَا اُخُوَّتُهُ وَعَلاقَتُهُ إلّا في زَمَانٍ حَاضِرٍ صَغيرٍ قَلِيلٍ. فَاُخُوَّةُ أهلِ الضَّلالَة كَدَقيَقةٍ في أُلُوفِ سَنَةٍ مِنَ الأجْنَبِيَّةِ. وَاُخُوَّةُ أهلِ الإيمان تَمتَدُّ مِنْ مَبْدَإِ المَاضِي إلى مُنتهَى الاسْتِقبَالِ. وَإِنَّ نظَرَ الضَّلالَةِ يَرى أجْرَامَ الكائِنَاتِ أمْوَاتاً مُوحِشينَ. وَنَظَرَ الإيمان يُشَاهِدُ أولئك الأجرامَ أحْياءً مُؤنِسينَ يَتَكَلَّمُ كُلُّ جرْمٍ بِلِسَانِ حالِهِ بِتَسْبيحَاتِ فاطِرِهِ. فَلَها رُوحٌ وحَيَاةٌ مِنْ هذِهِ الجِهَةِ. فَلا تَكُونُ مُوحِشَةً مُدْهِشَةً، بلْ أنيسَةً مُؤنِسةً. وَإِنَّ نَظَرَ الضَّلالَةِ يَرَى ذَوي الحَيَاةِ العَاجِزينَ عَنْ مَطَالِبِهمْ لَيسَ لَهُمْ حَامٍ مُتَوَدِّدٌ وَصَاحِبٌ مُتَعَهِّدٌ. كَأنَّهُمْ أيتَامٌ يَبكُونَ مِنْ عَجْزِهِمْ وَحُزْنِهِمْ وَيَأسِهِمْ. وَنَظَرُ الإيمان يَقُولُ: إنَّ ذَوي الحَيَاةِ لَيسُوا أيتَاماً بَاكينَ، بَل هُمْ عِبَادٌ مُكَلَّفُونَ وَمَأمُورونَ مُوَظَّفُونَ وَذَاكرونَ مُسَبِّحُونَ. | يَعْني أنَّ نَظَرَ الغَفلَةِ يَرى مَوجُودَاتِ العَالَمِ مُضِرِّينَ كَالأعْداءِ وَيَتَوَحَّشُ مِنْ كُلِّ شىءٍ، وَيَرَى الأشياء كَالأجانِبِ. إذ في نَظَرِ الضَّلالَةِ تَنْقَطِعُ عَلاقَةُ الاُخُوَّةِ في كُلِّ الأزمِنَةِ المَاضِيَةِ وَالاسْتِقْبَاليَّةِ. وَمَا اُخُوَّتُهُ وَعَلاقَتُهُ إلّا في زَمَانٍ حَاضِرٍ صَغيرٍ قَلِيلٍ. فَاُخُوَّةُ أهلِ الضَّلالَة كَدَقيَقةٍ في أُلُوفِ سَنَةٍ مِنَ الأجْنَبِيَّةِ. وَاُخُوَّةُ أهلِ الإيمان تَمتَدُّ مِنْ مَبْدَإِ المَاضِي إلى مُنتهَى الاسْتِقبَالِ. وَإِنَّ نظَرَ الضَّلالَةِ يَرى أجْرَامَ الكائِنَاتِ أمْوَاتاً مُوحِشينَ. وَنَظَرَ الإيمان يُشَاهِدُ أولئك الأجرامَ أحْياءً مُؤنِسينَ يَتَكَلَّمُ كُلُّ جرْمٍ بِلِسَانِ حالِهِ بِتَسْبيحَاتِ فاطِرِهِ. فَلَها رُوحٌ وحَيَاةٌ مِنْ هذِهِ الجِهَةِ. فَلا تَكُونُ مُوحِشَةً مُدْهِشَةً، بلْ أنيسَةً مُؤنِسةً. وَإِنَّ نَظَرَ الضَّلالَةِ يَرَى ذَوي الحَيَاةِ العَاجِزينَ عَنْ مَطَالِبِهمْ لَيسَ لَهُمْ حَامٍ مُتَوَدِّدٌ وَصَاحِبٌ مُتَعَهِّدٌ. كَأنَّهُمْ أيتَامٌ يَبكُونَ مِنْ عَجْزِهِمْ وَحُزْنِهِمْ وَيَأسِهِمْ. وَنَظَرُ الإيمان يَقُولُ: إنَّ ذَوي الحَيَاةِ لَيسُوا أيتَاماً بَاكينَ، بَل هُمْ عِبَادٌ مُكَلَّفُونَ وَمَأمُورونَ مُوَظَّفُونَ وَذَاكرونَ مُسَبِّحُونَ. | ||
النقطة السادسة | === النقطة السادسة === | ||
الحَمْدُ لله عَلى نُورِ الإيمان المُصَوِّرِ للدَّارَينِ كَسُفرَتَينِ مَمْلُوءتَينِ مِنَ النِّعَمِ يَستَفِيدُ مِنْهُمَا المُؤمِنُ بيَدِ الإيمان بأنوَاعِ حَوَاسِّهِ الظَاهِرةِ وَالبَاطِنَةِ، وَأقسَامِ لَطَائِفِهِ المَعنَويَةِ وَالرُوحِيَةِ المُنْكَشِفَةِ بِضِيَاءِ الإيمَانِ. | الحَمْدُ لله عَلى نُورِ الإيمان المُصَوِّرِ للدَّارَينِ كَسُفرَتَينِ مَمْلُوءتَينِ مِنَ النِّعَمِ يَستَفِيدُ مِنْهُمَا المُؤمِنُ بيَدِ الإيمان بأنوَاعِ حَوَاسِّهِ الظَاهِرةِ وَالبَاطِنَةِ، وَأقسَامِ لَطَائِفِهِ المَعنَويَةِ وَالرُوحِيَةِ المُنْكَشِفَةِ بِضِيَاءِ الإيمَانِ. | ||
198. satır: | 214. satır: | ||
فَالقُرآنُ المُعْجِزُ البَيَانِ بِأمثَالِ ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ﴾ (إبراهيم:٣٣) و ﴿ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْاَرْضِ ﴾ (الحج:٦٥) يُشيِرُ ببَلاغَتِهِ إلى هذِهِ الإحسانَاتِ الخَارِقَةِ النَاشِئَةِ مِنَ الإيمَانِ. | فَالقُرآنُ المُعْجِزُ البَيَانِ بِأمثَالِ ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ﴾ (إبراهيم:٣٣) و ﴿ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْاَرْضِ ﴾ (الحج:٦٥) يُشيِرُ ببَلاغَتِهِ إلى هذِهِ الإحسانَاتِ الخَارِقَةِ النَاشِئَةِ مِنَ الإيمَانِ. | ||
النقطة السابعة | === النقطة السابعة === | ||
الحَمْدُ لله عَلى الله. فَوُجُودُ الوَاجِبِ الوُجوُدِ نِعْمَةٌ لَيسَتْ فَوقَهَا نِعْمَةٌ لِكُلِّ أحدٍ ولِكُلِّ مَوجُودٍ. وهذِهِ النِّعْمَةُ تَتَضَمَّنُ أنواعَ نِعَمٍ لا نِهَايَةَ لَهَا، وَأجْنَاسَ إحْسَانَاتٍ لا غَايَةَ لَهَا، وأصْنَافَ عَطيَّاتٍ لا حَدَّ لَهَا. | الحَمْدُ لله عَلى الله. فَوُجُودُ الوَاجِبِ الوُجوُدِ نِعْمَةٌ لَيسَتْ فَوقَهَا نِعْمَةٌ لِكُلِّ أحدٍ ولِكُلِّ مَوجُودٍ. وهذِهِ النِّعْمَةُ تَتَضَمَّنُ أنواعَ نِعَمٍ لا نِهَايَةَ لَهَا، وَأجْنَاسَ إحْسَانَاتٍ لا غَايَةَ لَهَا، وأصْنَافَ عَطيَّاتٍ لا حَدَّ لَهَا. | ||
224. satır: | 240. satır: | ||
الحَمْدُ لله عَلى نِعْمَةِ الإسلامية الَّتي هيَ مَرضيَّاتُ رَبِّ العَالَمينَ، وفِهرِسْتَةٌ لأنْوَاعِ نِعَمِهِ المَادِّيَّةِ وَالمَعْنَويَّةِ، حَمْداً بِلا نِهَايَةٍ. | الحَمْدُ لله عَلى نِعْمَةِ الإسلامية الَّتي هيَ مَرضيَّاتُ رَبِّ العَالَمينَ، وفِهرِسْتَةٌ لأنْوَاعِ نِعَمِهِ المَادِّيَّةِ وَالمَعْنَويَّةِ، حَمْداً بِلا نِهَايَةٍ. | ||
النقطة الثامنة | === النقطة الثامنة === | ||
الحَمْدُ لله الَّذي يَحْمَدُ لَهُ وَيُثنِي عَلَيهِ بِإظهَارِ أوصَافِ جَمَالِهِ وَكَمَالِهِ، هذَا الكِتَابُ الكَبيرُ المُسَمّى بـ«الكائِنَاتِ» بجَميعِ أبوَابِهِ وَفُصُولِهَا، وبِجَميع صَحائِفِهِ وَسُطُورِها، وَبِجَميع كَلِمَاتِهِ وَحُرُوفِها، كُلٌّ بِقَدَرِ نِسْبَتِهِ يَحْمَدُهُ تَعَالى وَيُسَبِّحُهُ بِإظهَارِ بَوَارقِ أوصَافِ جَلالِ نَقَّاشِهِ الأحَدِ الصَّمَدِ بِمَظهَرِيَّةِ كُلٍّ بِقَدَرِ نِسْبَتِهِِ لأضْوَاءِ أوْصَافِ جَمَالِ كَاتِبِهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَبِمَظْهَرِيَّةِ كُلٍّ بِقَدَرِ نِسْبَتِهِ لأنوارِ أوْصَافِ كمالِ مُنْشِئها ومُنْشئها القَديرِ العْليمِ العَزيزِ الحَكِيمِ، وَبِمِرآتيَّة كلٍّ بِقَدَرِ نِسْبَتِهِ لأشِعَّةِ تَجَلِّيَاتِ أسْماءِ مَنْ لَهُ الأسماء الحُسنى. جَلَّ جَلالُهُ ولا إلهَ إلّا هُوَ. | الحَمْدُ لله الَّذي يَحْمَدُ لَهُ وَيُثنِي عَلَيهِ بِإظهَارِ أوصَافِ جَمَالِهِ وَكَمَالِهِ، هذَا الكِتَابُ الكَبيرُ المُسَمّى بـ«الكائِنَاتِ» بجَميعِ أبوَابِهِ وَفُصُولِهَا، وبِجَميع صَحائِفِهِ وَسُطُورِها، وَبِجَميع كَلِمَاتِهِ وَحُرُوفِها، كُلٌّ بِقَدَرِ نِسْبَتِهِ يَحْمَدُهُ تَعَالى وَيُسَبِّحُهُ بِإظهَارِ بَوَارقِ أوصَافِ جَلالِ نَقَّاشِهِ الأحَدِ الصَّمَدِ بِمَظهَرِيَّةِ كُلٍّ بِقَدَرِ نِسْبَتِهِِ لأضْوَاءِ أوْصَافِ جَمَالِ كَاتِبِهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَبِمَظْهَرِيَّةِ كُلٍّ بِقَدَرِ نِسْبَتِهِ لأنوارِ أوْصَافِ كمالِ مُنْشِئها ومُنْشئها القَديرِ العْليمِ العَزيزِ الحَكِيمِ، وَبِمِرآتيَّة كلٍّ بِقَدَرِ نِسْبَتِهِ لأشِعَّةِ تَجَلِّيَاتِ أسْماءِ مَنْ لَهُ الأسماء الحُسنى. جَلَّ جَلالُهُ ولا إلهَ إلّا هُوَ. | ||
النقطة التاسعة | === النقطة التاسعة === | ||
الحَمْدُ -مِنَ الله بالله عَلى الله- لله بِعَدَدِ ضَرْبِ ذَرَّاتِ الكائِنَاتِ مِنْ أوَّلِ الدُّنيَا إلى آخِرِ الخِلقَةِ في عَاشِرَاتِ دَقائِقِ الأزمِنَةِ مِنَ الأزَلِ إلى الأبَدِ. | الحَمْدُ -مِنَ الله بالله عَلى الله- لله بِعَدَدِ ضَرْبِ ذَرَّاتِ الكائِنَاتِ مِنْ أوَّلِ الدُّنيَا إلى آخِرِ الخِلقَةِ في عَاشِرَاتِ دَقائِقِ الأزمِنَةِ مِنَ الأزَلِ إلى الأبَدِ. | ||
254. satır: | 270. satır: | ||
<span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_ال۟اُولٰى"></span> | <span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_ال۟اُولٰى"></span> | ||
== المرتبة الأولى == | === المرتبة الأولى === | ||
﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذ۪ي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَر۪يكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْب۪يرًا ﴾ (الإسراء: ١١١). | ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذ۪ي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَر۪يكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْب۪يرًا ﴾ (الإسراء: ١١١). | ||
289. satır: | 305. satır: | ||
<span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_الثَّانِيَةُ"></span> | <span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_الثَّانِيَةُ"></span> | ||
== المرتبة الثانية == | === المرتبة الثانية === | ||
جَلَّ جَلالُهُ الله أكبَرُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ قُدْرَةً وَعِلْمَاً، إذ هُوَ الخَلّاقُ العَلِيمُ الصَّانِعُ الحَكِيمُ الرَّحمنُ الرَّحِيمُ الَّذي هذِهِ المَوجُودَاتُ الأرضِيَّةُ وَالأجْرَامُ العُلوِيَّةُ في بُسْتَانِ الكَائِنَاتِ مُعجِزَاتُ قُدْرَةِ خَلّاقٍ عَلِيمٍ بِالبَدَاهَةِ، وَهَذهِ النَبَاتَاتُ المُتَلَوِّنَة المُتَزَيِّنَةُ المَنْثُورَةُ، وَهَذِهِ الحَيْوَانَاتُ المُتَنَوِّعَةُ المُتَبَرِّجَةُ المَنْشُورَةُ في حَدِيقَةِ الأرض خَوَارِقُ صَنْعَةِ صانِعٍ حَكِيمٍ بِالضَّرُورَةِ، وَهَذهِ الأزْهَارُ المُتَبَسِّمَةُ وَالأثْمَارُ المُتَزَيِّنَةُ في جِنَانِ هذِهِ الحَديقَةِ هَدَايَا رَحْمَةِ رَحْمنٍ رَحيمٍ بالمُشَاهَدَةِ. تَشْهَدُ هاتِيكَ وَتُنَادي تَاكَ وتُعْلِنُ هذِهِ بِأَنَّ خَلَّاقَ هَاتيكَ وَمُصَوِّرَ تَاكَ وَوَاهِبَ هذِهِ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ وَبِكُلِّ شيءٍ عَليمٌ قَد وَسِعَ كُلَّ شَيءٍ رَحْمَةً وَعِلمَاً، تتَسَاوَى بِالنِّسْبَةِ إلى قُدْرَتِهِ الذَّرَّاتُ وَالنُّجُومُ وَالقَليلُ وَالكَثيرُ والصَغيرُ وَالكَبيرُ | جَلَّ جَلالُهُ الله أكبَرُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ قُدْرَةً وَعِلْمَاً، إذ هُوَ الخَلّاقُ العَلِيمُ الصَّانِعُ الحَكِيمُ الرَّحمنُ الرَّحِيمُ الَّذي هذِهِ المَوجُودَاتُ الأرضِيَّةُ وَالأجْرَامُ العُلوِيَّةُ في بُسْتَانِ الكَائِنَاتِ مُعجِزَاتُ قُدْرَةِ خَلّاقٍ عَلِيمٍ بِالبَدَاهَةِ، وَهَذهِ النَبَاتَاتُ المُتَلَوِّنَة المُتَزَيِّنَةُ المَنْثُورَةُ، وَهَذِهِ الحَيْوَانَاتُ المُتَنَوِّعَةُ المُتَبَرِّجَةُ المَنْشُورَةُ في حَدِيقَةِ الأرض خَوَارِقُ صَنْعَةِ صانِعٍ حَكِيمٍ بِالضَّرُورَةِ، وَهَذهِ الأزْهَارُ المُتَبَسِّمَةُ وَالأثْمَارُ المُتَزَيِّنَةُ في جِنَانِ هذِهِ الحَديقَةِ هَدَايَا رَحْمَةِ رَحْمنٍ رَحيمٍ بالمُشَاهَدَةِ. تَشْهَدُ هاتِيكَ وَتُنَادي تَاكَ وتُعْلِنُ هذِهِ بِأَنَّ خَلَّاقَ هَاتيكَ وَمُصَوِّرَ تَاكَ وَوَاهِبَ هذِهِ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ وَبِكُلِّ شيءٍ عَليمٌ قَد وَسِعَ كُلَّ شَيءٍ رَحْمَةً وَعِلمَاً، تتَسَاوَى بِالنِّسْبَةِ إلى قُدْرَتِهِ الذَّرَّاتُ وَالنُّجُومُ وَالقَليلُ وَالكَثيرُ والصَغيرُ وَالكَبيرُ | ||
312. satır: | 328. satır: | ||
<span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_الثَّالِثَةُ_(*(*):_Bu_Üçüncü_Mertebe,_cüz’î_bir_çiçeği_ve_güzel_bir_kadını_nazara_alıyor._Koca_bahar_bir_çiçektir,_cennet_dahi_bir_çiçek_gibidir,_o_mertebenin_mazharlarıdırlar._Ve_âlem_güzel_ve_büyük_bir_insan_ve_huriler_nev’i_ve_ruhanîler_taifesi_ve_hayvanlar_cinsi_ve_insan_sınıfı_her_biri_manen_güzel_bir_insan_hükmünde,_bu_mertebenin_gösterdiği_esmayı_safahatıyla_gösteriyor.)"></span> | <span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_الثَّالِثَةُ_(*(*):_Bu_Üçüncü_Mertebe,_cüz’î_bir_çiçeği_ve_güzel_bir_kadını_nazara_alıyor._Koca_bahar_bir_çiçektir,_cennet_dahi_bir_çiçek_gibidir,_o_mertebenin_mazharlarıdırlar._Ve_âlem_güzel_ve_büyük_bir_insan_ve_huriler_nev’i_ve_ruhanîler_taifesi_ve_hayvanlar_cinsi_ve_insan_sınıfı_her_biri_manen_güzel_bir_insan_hükmünde,_bu_mertebenin_gösterdiği_esmayı_safahatıyla_gösteriyor.)"></span> | ||
== المرتبة الثالثة (<ref>هذه المرتبة الثالثة تأخذ بعين الاعتبار زهرة جزئية وحسناء جميلة، فالربيع الزاهر كتلك الزهرة والجنة العظيمة مثلها؛ إذ هما مظهران من مظاهر تلك المرتبة، كما أن العالم إنسانٌ جميل وعظيم، وكذا الحور العين والروحانيات وجنس الحيوان وصنف الإنسان.. كل منها كأنه في هيئة إنسان جميل يعكس بصفحاته هذه الأسماء التي تعكسها هذه المرتبة. (المؤلف).</ref>) == | === المرتبة الثالثة (<ref>هذه المرتبة الثالثة تأخذ بعين الاعتبار زهرة جزئية وحسناء جميلة، فالربيع الزاهر كتلك الزهرة والجنة العظيمة مثلها؛ إذ هما مظهران من مظاهر تلك المرتبة، كما أن العالم إنسانٌ جميل وعظيم، وكذا الحور العين والروحانيات وجنس الحيوان وصنف الإنسان.. كل منها كأنه في هيئة إنسان جميل يعكس بصفحاته هذه الأسماء التي تعكسها هذه المرتبة. (المؤلف).</ref>) === | ||
إيضاحها في رأس «الموقف الثالث» من «الرسالة الثانية والثلاثين». | إيضاحها في رأس «الموقف الثالث» من «الرسالة الثانية والثلاثين». | ||
335. satır: | 351. satır: | ||
<span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_الرَّابِعَةُ"></span> | <span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_الرَّابِعَةُ"></span> | ||
== المرتبة الرابعة == | === المرتبة الرابعة === | ||
جَلَّ جَلالُهُ الله أكبَرُ إذ هُوَ العَدْلُ العَادِلُ الحَكَمُ الحَاكِمُ الحَكِيمُ الأزَليُّ الَّذي أسس بُنْيَانَ شَجَرَةِ هذِهِ الكَائِنَاتِ في سِتَةِ أيامٍ بِأُصُولِ مَشِيئَتِهِ وَحِكْمَتِهِ. وَفَصَّلَها بِدَساتِيرِ قَضائِهِ وَقَدَرِهِ. وَنَظَّمَها بِقَوَانينِ عادَتِهِ وَسُنَّتِهِ. وَزَيَّنَها بِنَواميسِ عِنَايَتِهِ وَرَحْمَتِهِ. وَنَوَّرَهَا بِجَلَواتِ أسمائه وَصِفَاتِهِ بِشَهَادَاتِ انْتِظامَاتِ مَصنُوعَاتِهِ وَتَزَيُّنَاتِ مَوجُودَاتِهِ وَتَشابُهِها | جَلَّ جَلالُهُ الله أكبَرُ إذ هُوَ العَدْلُ العَادِلُ الحَكَمُ الحَاكِمُ الحَكِيمُ الأزَليُّ الَّذي أسس بُنْيَانَ شَجَرَةِ هذِهِ الكَائِنَاتِ في سِتَةِ أيامٍ بِأُصُولِ مَشِيئَتِهِ وَحِكْمَتِهِ. وَفَصَّلَها بِدَساتِيرِ قَضائِهِ وَقَدَرِهِ. وَنَظَّمَها بِقَوَانينِ عادَتِهِ وَسُنَّتِهِ. وَزَيَّنَها بِنَواميسِ عِنَايَتِهِ وَرَحْمَتِهِ. وَنَوَّرَهَا بِجَلَواتِ أسمائه وَصِفَاتِهِ بِشَهَادَاتِ انْتِظامَاتِ مَصنُوعَاتِهِ وَتَزَيُّنَاتِ مَوجُودَاتِهِ وَتَشابُهِها | ||
358. satır: | 374. satır: | ||
<span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_ال۟خَامِسَةُ_(*(*):_Otuz_İkinci_Söz’ün_Birinci_Mevkıf’ının_zeylinde_ve_Yirminci_Mektup’un_İkinci_Makamı’nda_izah_edilmiştir.)"></span> | <span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_ال۟خَامِسَةُ_(*(*):_Otuz_İkinci_Söz’ün_Birinci_Mevkıf’ının_zeylinde_ve_Yirminci_Mektup’un_İkinci_Makamı’nda_izah_edilmiştir.)"></span> | ||
== المرتبة الخامسة (<ref>لقد وضحت هذه المرتبة في ذيل الموقف الأول من «الكلمة الثانية والثلاثين»، وفي المقام الثاني من «المكتوب العشرين». (المؤلف).</ref>) == | === المرتبة الخامسة (<ref>لقد وضحت هذه المرتبة في ذيل الموقف الأول من «الكلمة الثانية والثلاثين»، وفي المقام الثاني من «المكتوب العشرين». (المؤلف).</ref>) === | ||
الله أكبَرُ إذ هُوَ الخَلّاقُ القَديرُ المُصَوِّرُ البَصيرُ الَّذي هذِهِ الأجرامُ العُلويَّةُ والكَواكِبُ الدُّرِّيَّةُ نَيِّراتُ بَراهينِ أُلُوهيَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَشُعاعاتُ شَوَاهِدِ رُبُوبِيَّتِهِ وَعِزَّتِهِ؛ تَشْهَدُ وَتُنادي عَلى شَعْشَعَةِ سَلْطَنةِ رُبُوبِيَّتِهِ وَتُنَادي عَلى وُسْعَةِ حُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وعَلى حِشمَةِ عَظَمَةِ قُدْرَتِهِ. فَاسْتَمِعْ إلى آيةِ: | الله أكبَرُ إذ هُوَ الخَلّاقُ القَديرُ المُصَوِّرُ البَصيرُ الَّذي هذِهِ الأجرامُ العُلويَّةُ والكَواكِبُ الدُّرِّيَّةُ نَيِّراتُ بَراهينِ أُلُوهيَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَشُعاعاتُ شَوَاهِدِ رُبُوبِيَّتِهِ وَعِزَّتِهِ؛ تَشْهَدُ وَتُنادي عَلى شَعْشَعَةِ سَلْطَنةِ رُبُوبِيَّتِهِ وَتُنَادي عَلى وُسْعَةِ حُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وعَلى حِشمَةِ عَظَمَةِ قُدْرَتِهِ. فَاسْتَمِعْ إلى آيةِ: | ||
413. satır: | 429. satır: | ||
<span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_السَّادِسَةُ_(*(*):_Bu_Mertebe-i_Sâdise,_sair_mertebeler_gibi_yazılsaydı_pek_çok_uzun_olacaktı._Çünkü_İmam-ı_Mübin,_Kitab-ı_Mübin_kısa_ifade_ile_beyan_edilemez._Otuzuncu_Söz’de_bir_nebze_zikredildiğinden_burada_kitabeten_kısa_kesip,_derste_izahat_verdik.)"></span> | <span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_السَّادِسَةُ_(*(*):_Bu_Mertebe-i_Sâdise,_sair_mertebeler_gibi_yazılsaydı_pek_çok_uzun_olacaktı._Çünkü_İmam-ı_Mübin,_Kitab-ı_Mübin_kısa_ifade_ile_beyan_edilemez._Otuzuncu_Söz’de_bir_nebze_zikredildiğinden_burada_kitabeten_kısa_kesip,_derste_izahat_verdik.)"></span> | ||
== المرتبة السادسة (<ref>لو كتبت هذه المرتبة السادسة كسائر المراتب لطالت جداً، لأن «الإمام المبين» و«الكتاب المبين» لا يمكن بيانهما باختصار، وحيث إننا ذكرنا نبذة منهما في «الكلمة الثلاثين» فقد أجملنا هنا، إلّا أننا أسردنا بعض الإيضاحات أثناء الدرس. (المؤلف).</ref>)== | === المرتبة السادسة (<ref>لو كتبت هذه المرتبة السادسة كسائر المراتب لطالت جداً، لأن «الإمام المبين» و«الكتاب المبين» لا يمكن بيانهما باختصار، وحيث إننا ذكرنا نبذة منهما في «الكلمة الثلاثين» فقد أجملنا هنا، إلّا أننا أسردنا بعض الإيضاحات أثناء الدرس. (المؤلف).</ref>)=== | ||
جَلَّ جَلالُهُ وَعَظُمَ شأنُهُ الله أكبَرُ مِنْ كُلِّ شَيءِ قُدْرَةً وَعلمَاً، إذ هُوَ العَادِلُ الحَكيمُ القَادِرُ العَليمُ الوَاحِدُ الأحَدُ السُّلطَانُ الأزَليُّ الَّذي هذِهِ العَوَالِمُ كُلُّهَا في تَصَرُّفِ قَبْضَتَىْ نِظامِهِ وَميزَانِهِ وَتَنْظيمِهِ وَتَوزيِنِهِ وَعَدلِهِ وَحِكمَتِهِ وَعِلمِهِ وَقُدرَتِهِ، وَمَظهَرُ سِرِّ وَاحِدِيَّتِهِ وَأحَديَّتِهِ بِالحَدْسِ الشُّهُوديِّ بَل بِالمُشَاهَدَةِ. إذ لا خَارِجَ في الكَونِ مِنْ دَائِرَةِ النِّظَامِ وَالميزَانِ وَالتَّنظيمِ وَالتَّوزينِ؛ وَهُمَا بابانِ مِنَ «الإمامِ المُبينِ» و«الكِتَابِ المُبينِ». وَهُما عُنوَانانِ لِعِلمِ العَليمِ الحَكيمِ وَأمْرِهِ وَقُدْرَةِ العَزيزِ الرَّحيمِ وَإرادَتِهِ. فَذلكَ النِّظامُ مَعَ ذلكَ المِيزَانِ، في ذلكَ الكِتَابِ مَعَ ذلكَ الإمامِ بُرهَانانِ نَـيِّرانِ لِمَنْ لَهُ في رَأسِهِ إذعَانٌ، وفي وَجهِهِ العَينَانِ، أنْ لا شَيءَ مِنَ الأشياء في الكَونِ وَالزَّمانِ يَخْرُجُ منْ قَبضَةِ تَصَرُّفِ رَحمنٍ، وَتَنْظيمِ حَنَّانٍ، وَتَزيِينِ مَنَّانٍ، وَتَوزينِ دَيَّانٍ. | جَلَّ جَلالُهُ وَعَظُمَ شأنُهُ الله أكبَرُ مِنْ كُلِّ شَيءِ قُدْرَةً وَعلمَاً، إذ هُوَ العَادِلُ الحَكيمُ القَادِرُ العَليمُ الوَاحِدُ الأحَدُ السُّلطَانُ الأزَليُّ الَّذي هذِهِ العَوَالِمُ كُلُّهَا في تَصَرُّفِ قَبْضَتَىْ نِظامِهِ وَميزَانِهِ وَتَنْظيمِهِ وَتَوزيِنِهِ وَعَدلِهِ وَحِكمَتِهِ وَعِلمِهِ وَقُدرَتِهِ، وَمَظهَرُ سِرِّ وَاحِدِيَّتِهِ وَأحَديَّتِهِ بِالحَدْسِ الشُّهُوديِّ بَل بِالمُشَاهَدَةِ. إذ لا خَارِجَ في الكَونِ مِنْ دَائِرَةِ النِّظَامِ وَالميزَانِ وَالتَّنظيمِ وَالتَّوزينِ؛ وَهُمَا بابانِ مِنَ «الإمامِ المُبينِ» و«الكِتَابِ المُبينِ». وَهُما عُنوَانانِ لِعِلمِ العَليمِ الحَكيمِ وَأمْرِهِ وَقُدْرَةِ العَزيزِ الرَّحيمِ وَإرادَتِهِ. فَذلكَ النِّظامُ مَعَ ذلكَ المِيزَانِ، في ذلكَ الكِتَابِ مَعَ ذلكَ الإمامِ بُرهَانانِ نَـيِّرانِ لِمَنْ لَهُ في رَأسِهِ إذعَانٌ، وفي وَجهِهِ العَينَانِ، أنْ لا شَيءَ مِنَ الأشياء في الكَونِ وَالزَّمانِ يَخْرُجُ منْ قَبضَةِ تَصَرُّفِ رَحمنٍ، وَتَنْظيمِ حَنَّانٍ، وَتَزيِينِ مَنَّانٍ، وَتَوزينِ دَيَّانٍ. | ||
438. satır: | 454. satır: | ||
<span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_السَّابِعَةُ"></span> | <span id=":_اَل۟مَر۟تَبَةُ_السَّابِعَةُ"></span> | ||
== المرتبة السابعة == | === المرتبة السابعة === | ||
جَلَّ جَلالُهُ الله أكبَرُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ قُدرَةً وَعِلماً. إذ هُوَ (<ref>يمكن الانتقال إلى المسمى ذي الجلال والإكرام إذا ما نظر بمنظار هذه الأسماء المباركة إلى مظاهر الأفعال والآثار الإلهية وراء هذه الموجودات. (المؤلف).</ref>) الخَلّاقُ الفَتَّاحُ الفَعَّالُ العَلّامُ الوَهَّابُ الفَيَّاضُ شَمسُ الأزَلِ الَّذي هذِهِ الكَائِناتُ بِأنواعِها وَمَوجُودَاتِها ظِلالُ أنوَارهِ، وَآثارُ أفعَالِهِ، وَألوانُ نُقوشِ أنواع تَجَلِّياتِ أسمائِهِ، وخُطُوطُ قَلَمِ قَضائِهِ وَقَدَرِهِ، وَمَرَايَا تَجَلِّياتِ صِفَاتِهِ وَجَمَالِهِ وَجَلالِهِ وَكَمالِهِ.. | جَلَّ جَلالُهُ الله أكبَرُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ قُدرَةً وَعِلماً. إذ هُوَ (<ref>يمكن الانتقال إلى المسمى ذي الجلال والإكرام إذا ما نظر بمنظار هذه الأسماء المباركة إلى مظاهر الأفعال والآثار الإلهية وراء هذه الموجودات. (المؤلف).</ref>) الخَلّاقُ الفَتَّاحُ الفَعَّالُ العَلّامُ الوَهَّابُ الفَيَّاضُ شَمسُ الأزَلِ الَّذي هذِهِ الكَائِناتُ بِأنواعِها وَمَوجُودَاتِها ظِلالُ أنوَارهِ، وَآثارُ أفعَالِهِ، وَألوانُ نُقوشِ أنواع تَجَلِّياتِ أسمائِهِ، وخُطُوطُ قَلَمِ قَضائِهِ وَقَدَرِهِ، وَمَرَايَا تَجَلِّياتِ صِفَاتِهِ وَجَمَالِهِ وَجَلالِهِ وَكَمالِهِ.. | ||
455. satır: | 471. satır: | ||
<nowiki></nowiki> | <nowiki></nowiki> | ||
الباب الرابع | == الباب الرابع == | ||
فصلان | فصلان | ||
الفصل الأول | === الفصل الأول === | ||
هذا الفصل يشير إلى ثلاثٍ وستين مرتبةً من مراتب معرفة الله وتوحيده سبحانه متخذاً وِرداً مهماً ومشهوراً لسيدنا الخضر عليه السلام كمبدأ وأساس لهذا الورد. علماً أن كل مرتبة من المراتب الثلاث والستين عبارة عن جملتين. | هذا الفصل يشير إلى ثلاثٍ وستين مرتبةً من مراتب معرفة الله وتوحيده سبحانه متخذاً وِرداً مهماً ومشهوراً لسيدنا الخضر عليه السلام كمبدأ وأساس لهذا الورد. علماً أن كل مرتبة من المراتب الثلاث والستين عبارة عن جملتين. | ||
557. satır: | 573. satır: | ||
لآ إلهَ إلّا الله المَلِكُ الحَقُّ المُبينُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله الصَادِقُ الوَعدِ الأمينُ | لآ إلهَ إلّا الله المَلِكُ الحَقُّ المُبينُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله الصَادِقُ الوَعدِ الأمينُ | ||
الفصل الثاني | === الفصل الثاني === | ||
إنَّ هذه السطور الخمسة أو الستة من التمجيد والتعظيم التي تعتبر فاتحةَ أوراد الصباح لدى معظم الأقطاب. وعلى الأخص الشيخ الكيلاني، قد أصبحت كنواةٍ لسلسلة فكرية طويلة. وانبتت سنبلاً معنوياً من قبيل الإشارة إلى تسع وتسعين مرتبة من مراتب المعرفة والتوحيد. | إنَّ هذه السطور الخمسة أو الستة من التمجيد والتعظيم التي تعتبر فاتحةَ أوراد الصباح لدى معظم الأقطاب. وعلى الأخص الشيخ الكيلاني، قد أصبحت كنواةٍ لسلسلة فكرية طويلة. وانبتت سنبلاً معنوياً من قبيل الإشارة إلى تسع وتسعين مرتبة من مراتب المعرفة والتوحيد. | ||
657. satır: | 673. satır: | ||
فَالحَمدُ لله ربِّ العَالَمينَ. | فَالحَمدُ لله ربِّ العَالَمينَ. | ||
الباب الخامس | == الباب الخامس == | ||
في مراتب ﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ . (<ref>قبل ثلاثة عشر عاماً ألقيت نظرة على الدنيا من على قمة تل (يوشع) الشاهق.. وكنت كسائر الناس مفتوناً بطبقات الموجودات المتداخلة ومحاسنها. كما كنت مشدوداً إليها بحب شديد؛ مع أنني شاهدت بعقلي انحدارها إلى الفناء والزوال بشكل ظاهر وواضح جداً. فأحسست ألماً وفراقاً؛ بل أحسست ظلمة آتية من فراقات لا حد لها. فأغاثتني فجأة آية ﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ بمراتبها الثلاثة والثلاثين. فبدأت أقرأها بشكل رمزيّ على نحو ما سيذكر.<br> | في مراتب ﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ . (<ref>قبل ثلاثة عشر عاماً ألقيت نظرة على الدنيا من على قمة تل (يوشع) الشاهق.. وكنت كسائر الناس مفتوناً بطبقات الموجودات المتداخلة ومحاسنها. كما كنت مشدوداً إليها بحب شديد؛ مع أنني شاهدت بعقلي انحدارها إلى الفناء والزوال بشكل ظاهر وواضح جداً. فأحسست ألماً وفراقاً؛ بل أحسست ظلمة آتية من فراقات لا حد لها. فأغاثتني فجأة آية ﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ بمراتبها الثلاثة والثلاثين. فبدأت أقرأها بشكل رمزيّ على نحو ما سيذكر.<br> | ||
663. satır: | 679. satır: | ||
</ref>) وَهُوَ خَمسُ نكت.. | </ref>) وَهُوَ خَمسُ نكت.. | ||
النكتة الأولى | === النكتة الأولى === | ||
فهذا الكلام دواء مجرَّب لمرض العجز البشري وسقم الفقر الإنساني | فهذا الكلام دواء مجرَّب لمرض العجز البشري وسقم الفقر الإنساني | ||
687. satır: | 703. satır: | ||
وَهُوَ الْجَمِيلُ اللَّطِيفُ الْعَطُوفُ الْبَاقِي فَلا حِرْقَةَ وَلا عِبْرَةَ بِزَوَالِ اللَّطِيفَاتِ الْمُشْفِقَاتِ لِبَقَاءِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَ كُلِّهَا، وَلا يَقُومُ الْكُلُّ مَقَامَ تَجَلٍّ وَاحِدٍ مِنْ تَجَلِّيَاتِهِ؛ فَبَقَاؤهُ بِهَذِهِ الأوْصَافِ يَقُومُ مَقَامَ كُلِّ مَا فَنِيَ وَزََالَ مِنْ أنواع مَحْبُوبَاتِ كُلِّ أحد مِنَ الدُّنْيَا. ﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ نَعَمْ حَسْبِي مِنْ بَقَاءِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا بَقَاءُ مَالِكِهَا وَصَانِعِهَا وَفَاطِرِهَا. | وَهُوَ الْجَمِيلُ اللَّطِيفُ الْعَطُوفُ الْبَاقِي فَلا حِرْقَةَ وَلا عِبْرَةَ بِزَوَالِ اللَّطِيفَاتِ الْمُشْفِقَاتِ لِبَقَاءِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَ كُلِّهَا، وَلا يَقُومُ الْكُلُّ مَقَامَ تَجَلٍّ وَاحِدٍ مِنْ تَجَلِّيَاتِهِ؛ فَبَقَاؤهُ بِهَذِهِ الأوْصَافِ يَقُومُ مَقَامَ كُلِّ مَا فَنِيَ وَزََالَ مِنْ أنواع مَحْبُوبَاتِ كُلِّ أحد مِنَ الدُّنْيَا. ﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ نَعَمْ حَسْبِي مِنْ بَقَاءِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا بَقَاءُ مَالِكِهَا وَصَانِعِهَا وَفَاطِرِهَا. | ||
النكتة الثانية | === النكتة الثانية === | ||
حَسْبِي (<ref>مثلما رأيت جلوات الأسماء الباقية للباقي ذي الجلال وراء فناء الدنيا وزوال الآفاق، فشعرت بسلوان تام، كذلك نظرت إلى شخصي. فإذا بمختلف طبقات الموجودات النفسية العديدة والصفات الشخصية وحقائقها التي افتتنت بها في شخصي تجري بسرعة نحو الزوال والفناء، فبحثت في تلك الفانيات عن البقاء بسرّ ما غرز في فطرة الإنسان من عشق البقاء، فوجدت جلوة أسماء خالقي الباقي، ورأيت في زوال كلّ صفة من صفاتي جلوةً باقية من جلوات اسمٍ من الأسماء المتمثلة فيها. عند ذلك أدركت إدراكاً قاطعاً أن عشق البقاء الكامن في فطرة الإنسان محبة متشعبة عن المحبة الآلهية.<br> | حَسْبِي (<ref>مثلما رأيت جلوات الأسماء الباقية للباقي ذي الجلال وراء فناء الدنيا وزوال الآفاق، فشعرت بسلوان تام، كذلك نظرت إلى شخصي. فإذا بمختلف طبقات الموجودات النفسية العديدة والصفات الشخصية وحقائقها التي افتتنت بها في شخصي تجري بسرعة نحو الزوال والفناء، فبحثت في تلك الفانيات عن البقاء بسرّ ما غرز في فطرة الإنسان من عشق البقاء، فوجدت جلوة أسماء خالقي الباقي، ورأيت في زوال كلّ صفة من صفاتي جلوةً باقية من جلوات اسمٍ من الأسماء المتمثلة فيها. عند ذلك أدركت إدراكاً قاطعاً أن عشق البقاء الكامن في فطرة الإنسان محبة متشعبة عن المحبة الآلهية.<br> | ||
747. satır: | 763. satır: | ||
وَكَذا حَسْبِي مِنْ كُلِّ شيء لأنْوَاعِ حَاجَاتِيَ الْمَطْلُوبَةِ بِأنْوَاعِ ألْسِنَةِ جِهَازاتِيَ الْمُخْتَلِفَةِ، اِلَهِي وَرَبِّي وَخَالِقِي وَمُصَوِّرِيَ الَّذِي لَهُ الأسماء الْحُسْنَى الَّذِي هوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي وَيُرَبِّينِي وَيُدَبِّرُنِي وَيُكَمِّلُنِي، جَلَّ جَلالُهُ وَعَمَّ نَوَالُهُ. | وَكَذا حَسْبِي مِنْ كُلِّ شيء لأنْوَاعِ حَاجَاتِيَ الْمَطْلُوبَةِ بِأنْوَاعِ ألْسِنَةِ جِهَازاتِيَ الْمُخْتَلِفَةِ، اِلَهِي وَرَبِّي وَخَالِقِي وَمُصَوِّرِيَ الَّذِي لَهُ الأسماء الْحُسْنَى الَّذِي هوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي وَيُرَبِّينِي وَيُدَبِّرُنِي وَيُكَمِّلُنِي، جَلَّ جَلالُهُ وَعَمَّ نَوَالُهُ. | ||
النكتة الرابعة | === النكتة الرابعة === | ||
حَسْبِي لِكُلِّ مَطَالِبِي مَنْ فَتَحَ صُورَتِي وَصُورَةَ أمْثَالِي مِنْ ذَوِي الْحَيَاةِ فِي الْمَاءِ بِلَطِيفِ صُنْعِهِ وَلَطِيفِ قُدْرَتِهِ وَلَطِيفِ حِكْمَتِهِ وَلَطِيفِ رُبُوبِيَّتِهِ. | حَسْبِي لِكُلِّ مَطَالِبِي مَنْ فَتَحَ صُورَتِي وَصُورَةَ أمْثَالِي مِنْ ذَوِي الْحَيَاةِ فِي الْمَاءِ بِلَطِيفِ صُنْعِهِ وَلَطِيفِ قُدْرَتِهِ وَلَطِيفِ حِكْمَتِهِ وَلَطِيفِ رُبُوبِيَّتِهِ. | ||
755. satır: | 771. satır: | ||
وَكَذا حَسْبِي مَنْ أدْرَجَ فِي شَخْصِيَ الصَّغِيرِ الْحَقِيرِ، وَأدْمَجَ فِي وُجُودِيَ الضَّعِيفِ الْفَقِيرِ هذِهِ الأعْضَاءَ وَالآلاتِ وَهذِهِ الْجَوَارِحَ وَالْجِهَازاتِ وَهذِهِ الْحَوَاسَّ وَالْحِسِّياتِ وَهذِهِ اللَّطَائِفَ وَالْمَعْنَوِياتِ؛ لإحْسَاسِ جَمِيعِ أنواع نِعَمِهِ، وَلإذاقَةِ أكثر تَجَلِّيَّاتِ أسمائه بِجَلِيلِ أُلُوهِيَّتِهِ وَجَمِيلِ رَحْمَتِهِ وَبِكَبِيرِ رُبُوبِيَّتِهِ وَكَرِيمِ رَأْفَتِهِ وَبِعَظِيمِ قُدْرَتِهِ وَلَطِيفِ حِكْمَتِهِ. | وَكَذا حَسْبِي مَنْ أدْرَجَ فِي شَخْصِيَ الصَّغِيرِ الْحَقِيرِ، وَأدْمَجَ فِي وُجُودِيَ الضَّعِيفِ الْفَقِيرِ هذِهِ الأعْضَاءَ وَالآلاتِ وَهذِهِ الْجَوَارِحَ وَالْجِهَازاتِ وَهذِهِ الْحَوَاسَّ وَالْحِسِّياتِ وَهذِهِ اللَّطَائِفَ وَالْمَعْنَوِياتِ؛ لإحْسَاسِ جَمِيعِ أنواع نِعَمِهِ، وَلإذاقَةِ أكثر تَجَلِّيَّاتِ أسمائه بِجَلِيلِ أُلُوهِيَّتِهِ وَجَمِيلِ رَحْمَتِهِ وَبِكَبِيرِ رُبُوبِيَّتِهِ وَكَرِيمِ رَأْفَتِهِ وَبِعَظِيمِ قُدْرَتِهِ وَلَطِيفِ حِكْمَتِهِ. | ||
النكتة الخامسة | === النكتة الخامسة === | ||
لابُدَّ لِي وَلِكُلِّ أحد أنْ يَقُولَ حَالاً وَقَالاً وَمُتَشَكِّراً وَمُفْتَخِراً: حَسْبِي مَنْ خَلَقَنِي، وَأخْرَجَنِي مِنْ ظُلْمَةِ الْعَدَمِ، وَأنْعَمَ عَلَيَّ بِنُورِ الْوُجُودِ. | لابُدَّ لِي وَلِكُلِّ أحد أنْ يَقُولَ حَالاً وَقَالاً وَمُتَشَكِّراً وَمُفْتَخِراً: حَسْبِي مَنْ خَلَقَنِي، وَأخْرَجَنِي مِنْ ظُلْمَةِ الْعَدَمِ، وَأنْعَمَ عَلَيَّ بِنُورِ الْوُجُودِ. | ||
783. satır: | 799. satır: | ||
لا اِلَهَ إلّا الله | لا اِلَهَ إلّا الله | ||
الباب السادس | == الباب السادس == | ||
في «لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بالله العَلِيِّ العَظيمِ » (<ref>لقد أوضحنا في رسائل كثيرة؛ بأن في فطرة الإنسان عجزاً بلا حدود وفقراً بلا نهاية، مع أن له أعداءً لا حد لهم ومطالب لا تنتهي. والإنسان من أجل هذا العجز والفقر محتاج فطرةً إلى الالتجاء إلى قدير رحيم. فكما أن الجملة الأولى من آية: ﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ ترشد إلى مرهم للعجز وملجأً تجاه كل أعدائه؛ وأن الجملة الثانية (نعم الوكيل)، دواء لفقره ووسيلة إلى تحقيق جميع مطالبه؛ وكذلك جملة (لا حول ولا قوة الّا بالله العلي العظيم) دواء للعجز والفقر البشريين كجملة (حسبنا الله) تماماً، ولكنه في صورة أخرى، فكلمة «لا حول» تفيد أن نقطة استناده تجاه أعدائه، بتبرؤه من قوته ملتجأً إلى القدرة الإلهية وتفيد كلمة (لا قوة) ان الوسيلة لقضاء مطالبه وحاجاته هي التوكل مع الاعتماد على القدرة الإلهية.<br> | في «لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بالله العَلِيِّ العَظيمِ » (<ref>لقد أوضحنا في رسائل كثيرة؛ بأن في فطرة الإنسان عجزاً بلا حدود وفقراً بلا نهاية، مع أن له أعداءً لا حد لهم ومطالب لا تنتهي. والإنسان من أجل هذا العجز والفقر محتاج فطرةً إلى الالتجاء إلى قدير رحيم. فكما أن الجملة الأولى من آية: ﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ ترشد إلى مرهم للعجز وملجأً تجاه كل أعدائه؛ وأن الجملة الثانية (نعم الوكيل)، دواء لفقره ووسيلة إلى تحقيق جميع مطالبه؛ وكذلك جملة (لا حول ولا قوة الّا بالله العلي العظيم) دواء للعجز والفقر البشريين كجملة (حسبنا الله) تماماً، ولكنه في صورة أخرى، فكلمة «لا حول» تفيد أن نقطة استناده تجاه أعدائه، بتبرؤه من قوته ملتجأً إلى القدرة الإلهية وتفيد كلمة (لا قوة) ان الوسيلة لقضاء مطالبه وحاجاته هي التوكل مع الاعتماد على القدرة الإلهية.<br> | ||
856. satır: | 872. satır: | ||
إلَهي! لِي في فِطرَتي وَلِكُلِّ أحد في فِطرَتِهِمْ آمالٌ أبدية وَمَطالِبُ سَرمَديَّةٌ تَمْتَدُّ إلى أبَدِ الآبادِ. إذ قَد أوْدَعْتَ في فِطرَتِنَا استِعداداً عَجيباً جامِعاً، فيهِ احتياجٌ وَمَحَبَّةٌ لا يُشبِعُهُما الدُنيا وَما فيها، وَلا يَرضى ذلِكَ الاِحتِياجُ وَتِلكَ المَحَبَّةُ إلّا بِالجَنَّةِ الباقِيَةِ؛ ولا يَطمَئِنُّ ذلِكَ الاِستِعدادُ إلّا بِدارِ السَّعادَةِ الأبَديَّةِ. يا رَبَّ الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَيا رَبَّ الجَنَّةِ وَدَارِ القَرارِ. (<ref>كان من المقرر أن تكتب عشرون مرتبة من مراتب (لا حول ولا قوة..) في البداية. وقد أخرتها على أمل كتابتها في الختام. ولما بلغنا الختام تأخّرت حالياً. لأن هذه الأدلة لو وضّحت لطالت كثيراً، وان كتبت بإشارات تخصني فحسب لكانت الاستفادة منها قليلة. لذا أرجئت إلى وقت آخر. (المؤلف).</ref>) | إلَهي! لِي في فِطرَتي وَلِكُلِّ أحد في فِطرَتِهِمْ آمالٌ أبدية وَمَطالِبُ سَرمَديَّةٌ تَمْتَدُّ إلى أبَدِ الآبادِ. إذ قَد أوْدَعْتَ في فِطرَتِنَا استِعداداً عَجيباً جامِعاً، فيهِ احتياجٌ وَمَحَبَّةٌ لا يُشبِعُهُما الدُنيا وَما فيها، وَلا يَرضى ذلِكَ الاِحتِياجُ وَتِلكَ المَحَبَّةُ إلّا بِالجَنَّةِ الباقِيَةِ؛ ولا يَطمَئِنُّ ذلِكَ الاِستِعدادُ إلّا بِدارِ السَّعادَةِ الأبَديَّةِ. يا رَبَّ الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَيا رَبَّ الجَنَّةِ وَدَارِ القَرارِ. (<ref>كان من المقرر أن تكتب عشرون مرتبة من مراتب (لا حول ولا قوة..) في البداية. وقد أخرتها على أمل كتابتها في الختام. ولما بلغنا الختام تأخّرت حالياً. لأن هذه الأدلة لو وضّحت لطالت كثيراً، وان كتبت بإشارات تخصني فحسب لكانت الاستفادة منها قليلة. لذا أرجئت إلى وقت آخر. (المؤلف).</ref>) | ||
الباب السابع | == الباب السابع == | ||
في شهادة: نَشهَدُ أنْ لآ اِلَهَ إلّا الله وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله | في شهادة: نَشهَدُ أنْ لآ اِلَهَ إلّا الله وَأنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله | ||
المقام الأول | === المقام الأول === | ||
اللهمَّ يا رَبَّ مُحَمَّدٍ المُختَارِ. ويا ربَّ الجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَيا ربَّ النَبيّينَ وَالأخْيارِ، يَا ربَّ الصِّدِّيقينَ وَالأبرَارِ. يا ربَّ الصِغَارِ وَالكِبَارِ. يا رَبَّ الحُبُوبِ وَالأثمَارِ. يا ربَّ الأنْهَارِ وَالأشجَارِ. يَا ربَّ الصَّحارَى وَالقِفارِ. يا ربَّ العَبيدِ وَالأحرارِ. يا ربَّ اللَّيلِ وَالنَّهارِ. | اللهمَّ يا رَبَّ مُحَمَّدٍ المُختَارِ. ويا ربَّ الجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَيا ربَّ النَبيّينَ وَالأخْيارِ، يَا ربَّ الصِّدِّيقينَ وَالأبرَارِ. يا ربَّ الصِغَارِ وَالكِبَارِ. يا رَبَّ الحُبُوبِ وَالأثمَارِ. يا ربَّ الأنْهَارِ وَالأشجَارِ. يَا ربَّ الصَّحارَى وَالقِفارِ. يا ربَّ العَبيدِ وَالأحرارِ. يا ربَّ اللَّيلِ وَالنَّهارِ. | ||
868. satır: | 884. satır: | ||
اللهمَّ يا حَفيظُ يا حَافِظُ يا خَيرَ الحافظينَ نَستَودِعُ حِفظَكَ وَحِمَايَتكَ وَرَحمَتَكَ هذِهِ الشَّهاداتِ الَّتي أنعَمتَها عَلينا. فَاحفَظهَا إلى يَومِ الحَشرِ وَالميزَانِ آمين. وَالحَمدُ لله رَبِّ العَالَمينَ. | اللهمَّ يا حَفيظُ يا حَافِظُ يا خَيرَ الحافظينَ نَستَودِعُ حِفظَكَ وَحِمَايَتكَ وَرَحمَتَكَ هذِهِ الشَّهاداتِ الَّتي أنعَمتَها عَلينا. فَاحفَظهَا إلى يَومِ الحَشرِ وَالميزَانِ آمين. وَالحَمدُ لله رَبِّ العَالَمينَ. | ||
المقام الثاني | === المقام الثاني === | ||
الحَمْدُ لله الَّذي (<ref>إن إيضاح هذا المقام هو في آخر «المكتوب التاسع عشر» وهو رسالة المعجزات الأحمدية، وإن كل قيد وكل كلمة فيه يشير إلى دليل من دلائل الرسالة الأحمدية كما انه يومئ إلى البراهين الدّالة على أن القرآن الحكيم هو كلام الله. | الحَمْدُ لله الَّذي (<ref>إن إيضاح هذا المقام هو في آخر «المكتوب التاسع عشر» وهو رسالة المعجزات الأحمدية، وإن كل قيد وكل كلمة فيه يشير إلى دليل من دلائل الرسالة الأحمدية كما انه يومئ إلى البراهين الدّالة على أن القرآن الحكيم هو كلام الله. | ||
883. satır: | 899. satır: | ||
------ | ------ | ||
<center> [[ | <center>⇐ [[Yirmi_Sekizinci_Lem'a/ar|اللمعة الثامنة والعشرون]] | [[Lem'alar/ar|اللمعات]] | [[Otuzuncu_Lem'a/ar|اللمعة الثلاثون]] ⇒</center> | ||
------ | ------ | ||
düzenleme