الشعاع الثالث عشر

    Risale-i Nur Tercümeleri sitesinden
    Bu sayfa On Üçüncü Şuâ sayfasının çevrilmiş sürümü ve çeviri %74 tamamlandı.
    Diğer diller:

    هذا الشعاع عبارة عن رسائل نيّرة في غاية الأهمية، بعث بها الأستاذ النورسي إلى طلابه (في السجن) وهي تبيّن بوضوح تام جهادَ رسائل النور الساطع.

    باسمه سبحانه

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    أهنئ ليلتكم المباركة التي مرت (ليلة القدر) مع العيد السعيد المقبل، أهنئكم بكل ما أملك، وأودعكم أمانةً إلى رحمة الرحمن الرحيم وإلى وحدانيته جلّ وعلا.

    ومع أنني لا أراكم بحاجة للسلوان فمضمونُ «من آمَنَ بالقَدرِ أَمِنَ مِنَ الكَدَرِ» كافٍ ويغني،

    إلّا أنني أقول: لقد شاهدت شهودَ يقينٍ السلوانَ الكامل الذي يبعثه المعنى الإشاري للآية الكريمة: ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَاِنَّكَ بِاَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ (الطور:٤٨) وذلك:

    بينما كنت أتأمل في قضائنا شهرَ رمضان المبارك براحة وطمأنينة مع نسيان هموم الدنيا، إذا بهذه الحادثة الرهيبة التي لا تطاق تحل بنا، والتي لم تخطر على بال، فأشهدُها شهودَ عيان أنها محض العناية الإلهية لي ولرسائل النور ولكم ولشهر رمضاننا ولإخوتنا.

    وفيما يخصني من فوائدها الكثيرة أذكر بضع فوائد منها فقط:

    أولاها: أنها دفعتني إلى السعي المتواصل في شهر رمضان بانفعال شديد وجدية صارمة والتجاء قوي وتضرع رقيق، متغلبا على المرض.

    ثانيتها: أن الرغبة كانت شديدة في لقاء كل منكم والقرب منكم في هذه السنة أيضا، فقد كنت أرضى بهذه المعاناة والمشقات التي أتحملها إزاء لقاء واحد منكم والمجيء إلى «إسبارطة».

    ثالثتها: أن جميع الحالات المؤلمة تتبدل فجأة ودفعة، سواء في «قسطموني» أو في الطريق أو هنا وبصورة غير معتادة وبخلاف رغبتي وتوقعي، بحيث تشاهَد أن يد عناية ربانية وراء الأحداث، حتى تجعلنا ننطق بـ: «الخيرُ فيما اختاره الله» وتستقرئ رسائل النور -التي أفكر فيها دوما- حتى الغارقين في الغفلة المتسنّمين وظائف دنيوية مرموقة فاتحة ميادين عمل جديدة في ساحات أخرى.

    إنه إزاء آلام كلٍ منكم وحسراته، المتجمعة عليّ والتي تمسّ عطفي ورقتي إليكم كثيرا، فضلا عن آلامي، ووقوع هذه المصيبة في شهر رمضان المبارك الذي كل ساعة منه في حكم مائة ساعة، يجعل كل ساعة من تلك الأثوبة المائة بمثابة عشر ساعات من العبادة، حتى يبلغ الألف ساعة من العبادة.

    ثم إن الذين درسوا رسائل النور من أمثالكم المخلصين وفهموها حق الفهم، وأدركوا أن الدنيا فانية عابرة، وأنها ليست إلّا متجرا موقتا، والذين ضحّوا بكل ما يملكون في سبيل إيمانهم وآخرتهم، واعتقدوا أن المشقات الزائلة التي يعانونها في هذه المدرسة اليوسفية لذائذ دائمة وفوائد خالدة، قد بدّلت -هذه الفوائد- التألم لحالكم والبكاء عليكم النابع من العطف الشديد، إلى حالة تهنئة وتقدير لثباتكم، فقلت بدوري: «الحمد لله على كل حال سوى الكفر والضلال».

    فإلى جانب هذه الفوائد التي تخصني، هناك فوائد تخصكم، وتخص إخوتَنا، وتخص رسائل النور، وشهرَنا المبارك، شهرَ رمضان، بحيث لو رفع الحجاب، لحملتْكم تلك الفوائدُ على القول: «يارب لك الحمد والشكر، حقا إن هذا البلاء النازل بنا عناية بحقنا». وأنا مطمئن من هذا ومقتنع به.

    لا تعاتبوا -يا إخوتي- الذين أصبحوا السبب في وقوع الحادثة، إن هذه الخطة الرهيبة الواسعة قد حيكت منذ مدة مديدة، إلّا أنها جاءت مخففة معنىً وستزول بسرعة بإذن الله، فلا تتألموا بل استرشِدوا بالآية الكريمة:

    ﴿ وَعَسٰٓى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْـًٔا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ (البقرة:٢١٦).

    سعيد النورسي

    إخوتي الأعزاء!

    إنني محظوظ جدا لوجودي بقُربكم، وأخاطِب أحيانا خيالَكم فأجد السلوان. اعلموا أنه لو كان من المستطاع لتحمّلت جميعَ مشاقّكم وضيقكم، وبكل فخر وسرور.

    فأنا أُحب لأجلكم «إسبارطة» وحواليها بترابها وحجرها، حتى إنني أقول، وسأقوله في المحافل الرسمية: لو عاقبني مسؤولو الدولة في «إسبارطة» وبرّأتني ولايةٌ أخرى لفضّلت هذه المدينة أيضا.

    نعم، إنني من إسبارطة بثلاث جهات رغم أني لا أستطيع الإثبات تاريخيا، ولكن لي القناعة بأن أصلَ «سعيد» المولود في ناحية «إسباريت» ([1]) قد رحل من هنا.

    وكذا فإن ولاية إسبارطة قد وهبت لي من الإخوة الصادقين ما يجعلني لا أضحّي لأجل كل منهم بـ«عبد المجيد» وبـ«عبد الرحمن» بل أضحّى بسعيد وبكل امتنان ورضى.

    إنني أعتقد أنه ليس هناك على الكرة الأرضية -حاليا- مَن يعاني من الضيق قلبا وروحا وفكرا أَقل من طلاب النور، لأن قلوبَهم وأرواحهم وعقولهم لا تعاني الضيق بفضل أنوار الإيمان التحقيقي.

    أما المصاعب المادية والمشقات الدنيوية فهم يقابلونها بصدور ملؤها الشكر والصبر لِما تعلّموه من رسائل النور أنها عابرة تافهة، حاملةٌ للثواب ووسيلةٌ لانفتاح مجال عملٍ لخدمة الإيمان وتوسعها.. فهم يُثبتون بأحوالهم أن الإيمان التحقيقي هو مبعث السعادة حتى في دار الدنيا.

    نعم، إنهم يسعَون بجدٍ لتحويل هذه المشقات الفانية إلى رحمات باقية، قائلين:

    «لنرَ المولى ماذا يفعل، إنما يفعله هو الأجمل».

    نسأل الله الرحمن الرحيم أن يُكثر من أمثال أولئك ويجعلهم مدار شرف هذه البلاد واعتزازها وسعادتها ويرزقهم السعادة الأبدية في جنة الفردوس. آمين.

    سعيد النورسي

    إخوتي الأعزاء الصادقين!

    إن نـزول هذا القضاء الإلهي بنا -من زاوية عدالة القدر- ناشئٌ من ميلِ عددٍ من طلاب النور الجدد إلى كسب أمور دنيوية أيضا برسائل النور، مما لا ينسجم مع سر الإخلاص؛ لذا وجدوا أنفسهم أمامَ نفعيين دنيويين، منافسين لهم.

    إن الحصول على رسالة كُتب أصلها قبل خمس وعشرين سنة (أي الشعاع الخامس) في مكان بعيد، والتي لم أحصل عليها إلّا مرة أو مرتين خلال ثماني سنوات، وضُيّعت في الوقت نفسه دفع أشباه العلماء إلى تقلّد طور المنافس، فبثوا الأوهام والشكوك في صفوف دوائر العدل.

    وفي الوقت نفسه فقد انعكس خبر طبع رسالة «الآية الكبرى» بالحروف الجديدة -مع عدم موافقتي- بدلا من رسالة «مفتاح الإيمان» ([2]) التي كنت أرغب في طبعها، ووصول نسخٍ منها إلى هنا، انعكس -هذا الخبر- على الدوائر الحكومية، فالتبست عليهم إحدى المسألتين بالأخرى. فكأن «الشعاع الخامس» قد طبع، خلافا للقوانين المدنية، مما استهول ذلك أرباب الأغراض الشخصية واستعظموه جاعلين من الحبة مائة قبة. حتى زجّونا ظلما وعدوانا في هذا المعتكف (السجن).

    أما القدر الإلهي فقد ساقنا إلى هنا لنكسب به منافع. فلقد أكسبنا ثوابا عظيما أكثر مما كان يغنمه الزهادُ المنـزوون في معتكفاتهم الاختيارية. ودعانا القدرُ الإلهي إلى المدرسة اليوسفية مرة أخرى ليعلّمنا درسَ الإخلاص تعليما تاما، وليقوّم علاقاتِنا وأواصرنا مع الدنيا التي هي تافهة حقا.

    إننا نقول إزاء شكوك أهل الدنيا وأوهامهم:

    إن «الشعاع السابع» (رسالة الآية الكبرى) من أوله إلى آخره بحث في الإيمان، فلقد التبس عليكم الأمر وانخدعتم. وإن الشعاع الخامس يختلف عنه كليا وهو رسالة خاصة وسرّيّة للغاية حتى لم يعثَر عليها عندنا رغم التحريات الدقيقة. وإن أصل هذه الرسالة قد كتب قبل عشرين سنة فنحن لا نرضى بطبعها وحدها بل ولا بإراءتها أيضا إلى أي أحد كان في الوقت الحاضر. فهي رسالة تخبر عن أحداث مستقبلية، وقد صدّقها الواقع هناك، وهي لا تتحدى أحدا.

    باسمه سبحانه

    مع تهنئتي لكم بعيدكم السعيد مرة أخرى، أقول: لا تتأسفوا على عدم اللقاء فيما بيننا لقاءً ظاهريا، فنحن في الحقيقة معا دائما. وستدوم هذه المعية في طريق الأبد بإذن الله. وإنني على قناعة من أن الأثوبة الأبدية التي تكسبونها في عملكم في سبيل الإيمان والفضائل والمزايا الروحية والمباهج القلبية التي تحصلون عليها تزيل الغموم والضجر الذي ينتابكم موقتا في الوقت الحاضر.

    نعم، إنه لم يحصل لحد الآن نظير ما حصل لطلاب النور بمعاناتهم أقل مشاق في سبيل أعظم عمل مقدس. نعم، إن الجنة غالية ليست رخيصة، وإن إنقاذ الإيمان من قبضة الكفر المطلق الذي يمحو الحياتَينِ معا له أهميته البالغة في هذا الوقت، وحتى لو وقع شيء من المشاق فينبغي أن يجابَهَ بالشوق والشكر والصبر، إذ إن خالقنا الذي يستخدمنا في هذه الخدمة ويدفعنا إليها رحيم وحكيم. فعلينا إذن أن نستقبل كل مصيبة تنـزل بنا بالرضا والسرور والالتجاء إلى رحمته تعالى والاطمئنان إلى حكمته.

    إن أحد إخواننا الأبطال قد تحمل المسؤولية الكاملة المترتبة على طبع رسالة «الآية الكبرى». أنه أظهر حقا أنه أهلٌ للفضيلة والشرف الأخروي الرفيع، باستنساخه للحزب القرآني ([3]) والحزب النوري. ([4]) لقد أبكتني حالتُه بكاءً ممزوجا بسرور عميق.

    فلقد جلب الشعاع السابع (الآية الكبرى) الأنظار إليها، إذ المصادرة الحالية الموقتة تنطوي على حكمةِ تهيئة مجالاتٍ وفتوحات لائقة بها في المستقبل. فنحن نأمل من رحمته تعالى أن لا يُضيِّع خدماتِ ومصاريفَ أخينا المذكور ورفقائه بل يجعلها ساطعة منورة. إن الذي يُدخلكم جميعا ضمن أدعيته الواردة بصيغة المتكلم مع الغير،

    أمثال: «أجِرنا، وارحمنا، واحفظنا»، دون استثناء أحدٍ منكم، ويسعى على وفق دستورنا: «الاشتراك المعنوي» الذي هو بمثابةِ أجساد كثيرة وروح واحدة، ويتألم أكثر من آلامكم ومقاساتكم، وينتظر الهمة والعون والثبات والمتانة والشفاعة من شخصكم المعنوي هو:

    أخوكم

    سعيد النورسي

    Bu hâdise tesiriyle ben kendimi masum kardeşlerime rıza-yı kalp ile feda etmeye kat’î azm u cezmettiğim ve çaresini fikren aradığım vakitte, Celcelutiye’yi okudum. Birden hatıra geldi ki İmam-ı Ali radıyallahu anh: “Yâ Rab! Eman ver!” diye dua etmiş; inşâallah, o duanın sırrıyla selâmete çıkarsınız.

    Evet Hazret-i Ali radıyallahu anh, Kaside-i Celcelutiye’de iki suretle Risale-i Nur’dan haber verdiği gibi Âyetü’l-Kübra Risalesi’ne işareten وَ بِال۟اٰيَةِ ال۟كُب۟رٰى اَمِنّٖى مِنَ ال۟فَجَت۟ der. Bu işarette îma eder ki: Âyetü’l-Kübra yüzünden ehemmiyetli bir musibet Risale-i Nur talebelerine gelecek ve Âyetü’l-Kübra hakkı için o fecet ve musibetten şakirdlerine eman ver diye niyaz eder, o risaleyi ve menbaını şefaatçi yapar. Evet, Âyetü’l-Kübra Risalesi’nin tabı bahanesiyle gelen musibet, aynen o remz-i gaybîyi tasdik etti.

    Hem o kasidede Risale-i Nur’un mühim eczalarına tertibiyle işaretlerin hâtimesinde, mukabil sahifede der:

    وَ تِل۟كَ حُرُوفُ النُّورِ فَاج۟مَع۟ خَوَاصَّهَا وَ حَقِّق۟ مَعَانٖيهَا بِهَا ال۟خَي۟رُ تُمِّمَت۟

    Yani “İşte Risale-i Nur’un sözleri, harfleri ki onlara işaretler eyledik. Sen onların hâssalarını topla ve manalarını tahkik eyle. Bütün hayır ve saadet, onlarla tamam olur.” der. “Harflerin manalarını tahkik et.” karinesiyle manayı ifade etmeyen hecaî harfler murad olmayıp belki “kelimeler” manasındaki “Sözler” namıyla risaleler muraddır.

    لَا يَع۟لَمُ ال۟غَي۟بَ اِلَّا اللّٰهُ

    رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذ۟نَٓا اِن۟ نَسٖينَٓا اَو۟ اَخ۟طَا۟نَا

    Said Nursî

    أخي العزيز الصادق السيد رأفت!

    إن أسئلتكم المتّسمة بالعلم، قد أصبحت مفاتيحَ لحقائق جليلة من مجموعة «المكتوبات» لكليات رسائل النور، لذا لا أقف غير مكترث بأسئلتكم. فالجواب المختصر لهذا السؤال هو:

    لما كان القرآن الكريم خطبةً أزلية، يخاطب طبقات البشر كافة وطوائف أصحاب العبادة كافة، فلا بد أن يكون له من معانٍ متعددة على وفق مداركهم، وأن يتضمن معناه الكلي مراتبَ كثيرة. وقد يفضّل بعضُ المفسرين المعنى الأعم فحسب، أو المعنى الصريح وحدَه، أو الواجب فقط، أو المعنى الذي يفيد سُنَّة مؤكدة.

    فمثلا: يذكر أن قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ الَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ﴾ (الطور:٤٩) يبين ركعتي صلاة التهجد التي هي سنّة نبوية مهمة، واستخلص من قوله تعالى: ﴿ وَاِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾ أنها سُنّة الفجر المؤكدة. والحال أن المعنى الأول له أفراد كثيرة جدا فضلا عن ذلك المعنى.

    أخي! إن المحاورة معك لم تنقطع.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء:

    أدّيتُ الآن صلاة الظهر، ووردتم بخاطري في أثناء الأذكار، بأن كلا منكم يحزن لتفكّره بنفسه وبأحوال أقاربه الساكنين معه. وفجأة ورد إلى القلب:

    إن الذين آثروا آخرتَهم على دنياهم في السابق قد انـزووا في مغارات وصوامعَ إنقاذا لأنفسهم من آثام الحياة الاجتماعية. وذلك سعيا لكسب الآخرة سعيا خالصا، وقد قضوا حياتهم في المداومة على الرياضة الروحية.. أقول لو كان أولئك في هذا الزمان لكانوا طلابا لرسائل النور.

    فلاشك أن هؤلاء -وهم تحت هذه الظروف الحالية- محتاجون أكثر من أولئك بعشر مرات، ويغنَمون من الفضائل والمزايا أكثر منهم بعشر مرات، و ينعمون بالاطمئنان أكثر منهم بعشر درجات.

    إخوتي الأعزاء الميامين!

    سلام وافر كثير.. لقد كنا في مدينتنا سابقا نقرأ سورة «الإخلاص» ألف مرة يوم عرفة، ولكني الآن أستطيع قراءتها خمسمائة مرة قبل يوم عرفة بيوم وخمسمائة مرة يوم عرفة. فمن يستطع منكم أن يقرأها كلَها مرة واحدة فليفعل. وعلى الرغم من أنني لا ألتقيكم ولا بواحد منكم، ولكنني في أغلب الأوقات أستطيع رؤية كلا منكم وألتقيه لقاءً خاصا ضمن الدعاء وأحيانا باسمه.

    Aziz, sıddık kardeşlerim!

    Ben şimdiye kadar Nur fabrika dairesinin Mübarekler Heyeti’nden iki ehemmiyetli rükünler kurtulmuşlar tahmin ederdim. Elhak o daire, o heyet; altı yedi senede yirmi otuz sene kadar fatihane iş görmüşler. Parlak kalemlerinin yadigârları gibi onların hizmetleri yine tevakkuf etmez; onların bedeline, onların defter-i a’mallerine hasenat yazdırıyor. Hattâ Hizb-i Nurî’nin öyle bir kuvvetli fütuhatı var ve öyle ehemmiyetli yerlere girmiş ki onu neşredenler mütemadiyen çalışıyorlar hükmündedir. Ben, pek çok çalışmış ve çalışkan Hâfız Mustafa’yı da evvelki zat gibi dışarıda zannederdim, yalnız bir defa “O da buradadır.” işittim; belki başka Mustafa’dır diye teselli buluyordum.

    إخوتي الأعزاء!

    لقد تألمت في أذكار صلاة الفجر اليوم على حال «الحافظ توفيق»،(∗) إذ خطر لي أنه يعاني للمرة الثانية المشاق والعنت. ولكن خطر بالبال فجأة: هنّئه! إنه كان يرغب في أن يسحب نفسه قليلا عن المقام العظيم لرسائل النور ويتخلف عن كسب حظها العظيم لأجل حذرٍ لا نفع فيه. بيد أن قدسية عمله وعظمتَه وفّقته أيضا لاغتنام تلك الحصة العظيمة وذلك الثوابِ الجزيل. نعم، ينبغي عدم التخلف عن مثل هذا الشرف المعنوي الرفيع لأجل تعب قليل وضيق عابر.

    نعم، يا إخوتي! لما كان كلُ شيء عابرا زائلا. إن كان لذةً ومتعة، تذهب دون جدوى وتخلّف حسرة وأسفا. بينما يَدَع فوائد جليلة دنيوية وأخروية إن كان تعبا وضيقا، من حيث زاوية نظر الخدمة المقدسة. حيث تنطوي على فوائد لذيذة حلوة تزيل تلك المشقات. فإني أطمئنكم بأنني راضٍ عن حالي وأتحلّى بالصبر الجميل والشكر الكامل على الرغم من أنني أكبركم سنا -سوى واحد منكم- وأكثركم معاناة ومشقات.

    وما الشكر على المصيبة إلّا لأجل الثواب الذي فيها، ولفوائدها الأخروية والدنيوية.

    إخوتي الأعزاء!

    إن موانع كانت تحول دون إتمامِ مسائلِ رسالة «الثمرة». أحدُها البرد الشديد، والآخر: اندهاش الماسونيين من قوتها. ولكن بزوال تلك الموانع سيُباشَر بها بإذن الله. إنني أفكرجانب القدر الإلهي في هذه المصيبة التي حلت بنا، فأجد مصاعبي تتلاشى وتتحول إلى رحمة إلهية.

    نعم، كما هو موضح في «رسالة القدر» أن في كل حادثة سببين اثنين:

    الأول: سبب ظاهري، يحكم الناسُ على وفقه، وكثيرا ما يظلمون.

    والآخر: سبب حقيقي، يقضي القدرُ الإلهي على وفقه، فيعدل -تحت ظلم البشر- في الحادثة نفسها.

    مثال ذلك: يُلقى أحدُ الأشخاص في السجن بتهمة سرقة لم يرتكبها. ولكن يقضي القدرُ الإلهي عليه بسجنه لجناية له خفية، فيعدل من خلال ظلم البشر نفسه.

    ففي قضيتنا هذه، والامتحانِ العسير الذي دخلنا فيه لأجل تمييز الألماس من قطع زجاجية تافهة، وفرزِ الصدّيقين الفدائيين من المترددين المرتابين، وتمحيصِ الخالصين المخلصين ممن لا يدَعون أنانيتهم ومصالحهم الشخصية.. هذا الامتحان العسير الذي دخلناه ينطوي على سببين:

    الأول: خدمةُ الدين خدمة فائقة، من خلال تساندٍ وترابط وإخلاص قوي، حتى أثار حفيظةَ أهل الدنيا والسياسة، وقد نظر البشر إلى هذا السبب فظلَمَنا.

    الثاني: لمّا لم يبيّن كلٌ منا إخلاصا تاما، ولا أظهر تساندا كاملا ولا أهلية تستحقها الخدمة المقدسة، نظر القدرُ الإلهي إلى هذا السبب، وعَدَل في حقنا.

    فهذا القدر الإلهي هو رحمة إلهية بحقنا في عين العدالة نفسها. إذ جَمع في مجلس واحد إخوةً مشتاقٌ بعضهم إلى بعض، وبدّل المصاعبَ إلى عبادات، وحوّل الأموال الضائعة إلى صدقات، واستقطب الأنظار إلى الرسائل المستنسَخة. وأفهمنا أن أموال الدنيا وأولادَها، وراحةَ الإنسان فيها أمور مؤقتة زائلة، وأنه سيدَعها حتما تمضي إلى التراب، فلا داعي لأن يُفسد آخرتَه لأجلها، بل ليتعوّد على الصبر والتحمل، وأن يكون قدوة حسنة ورائدا بطلا، بل إماما لإخوانه في المستقبل.. وما شابهها من النواحي الأخرى التي كلُّها رحمةٌ إلهية محضة.

    بيد أن هناك جهة واحدة فقط تشغل فكري وهي: أن القلب والروح سينشغلان بجروحِ ما ألمّ بنا من مصاعب ومضايقات في حياتنا التي دخلناها، والتي هي بحكم الضرورة، مثلما يترك العقلُ والقلب والعين وظائفها المهمة إذا ما جرح إصبع من الإنسان، فتنشغل تلك الجوارح بذلك الجرح.

    حتى إن تلك الحالة ساقتني فكرا إلى مجلس الماسونيين مع أنه كان من الضروري نسيان الدنيا في ذلك الوقت. وأشغلت فكري بإنـزال صفعات التأديب بهم. وقد وجدت السلوانَ في احتمالِ أن يقبل سبحانه وتعالى هذه الحالة، حالة الغفلة، نوعا من جهاد فكري.

    لقد تسلمت سلام الأخ «علي كول» شقيق «الحافظ محمد» المعلم القدير لرسائل النور.

    وأنا بدوري أرسل ألف سلام ودعاء إليه وإلى جميع إخوته، وإلى جميع أهالي قرية «ساو» ([5]) أحياءً وأمواتا.

    بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إن ثباتكم وصلابتكم تبطل جميع خطط الماسونيين والمنافقين وتجعلها بائرة عقيمة.

    نعم يا إخوتي، لا داعي للإخفاء، إن أولئك الزنادقة قد قاسوا رسائل النور وطلابها بالطرق الصوفية ولا سيما بالطريقة النقشبندية، فقد شنوا هجومهم علينا بالخطط نفسها التي غلبوا بها أهل الطرق الصوفية أملا بأن يفرّقونا ويهوّنوا من شأننا. فقد استعملوا:

    أولا: وسائل التنفير والتخويف وإبراز أعمال أسيء استعمالها في المسلك.

    ثانيا: إشهار وإعلان نقائص وتقصيرات أركان ذلك المسلك ومنتسبيه.

    ثالثا: إن الوسائل التي استعملوها تجاه الطريقة النقشبندية والطرق الأخرى، وهي إشاعة الفساد بالفلسفة المادية، ونشر سفاهة حضارتها الفتانة، وتذليل متعها المخدرة المسمومة لتحطيم عرى التساند وأواصر الأخوّة فيما بينهم مع الحط من شأن أستاذهم ومرشدهم بالإهانات، وتهوين شأن مسلكهم لديهم بإيراد دساتير العلم والفلسفة.. هذه الوسائل والأسلحة هي التي يستعملونها لدى هجومهم علينا أيضا.. إلّا أنهم انخدعوا،

    لأن مسلك رسائل النور قد أسس على الإخلاص التام، وتركِ الأنانية، واستشعار الرحمة الإلهية في زحمة الأعمال ومشقاتها، وتحرى اللذائذ الباقية وتذوقها في ثنايا الآلام العابرة، وإظهار الآلام المبرحة في لذائذ السفه نفسها، وبيان أن مدار اللذة الخالصة غير المتناهية في الدنيا أيضا هو في الإيمان. فضلا عن قيامها بتعليم الحقائق، وتفهيم المسائل التي تعجز الفلسفة أيا كانت أن تبلغها. لذا ستخيب آمالهم، وتبوء خططهم بالإخفاق بإذن الله، وسيجابهون بأن مسلك رسائل النور لا يقاس مع الطرق الصوفية. ويبهتون.

    لطيفة

    ناداني أحدهم صباحا من قاعة الجندرمة المجاورة لي، فصعدتُ الشباك.

    فقال: إن باب قاعتنا قد انسد من تلقاء نفسه، ولا نقدر على فتحه مهما حاولنا..

    قلت: هذه إشارة لكم بأن الذين تراقبونهم وتسدون عليهم الباب، فيهم أبرياءٌ أمثالكم. فلقد أهانوني بحجة لقاءٍ لدقيقة واحدة مع أحد إخوتي في الدين لم أره منذ عشر سنوات وسدّوا حتى الباب الخارجي الآخر بحجة أخرى، فانسد بابُكم عقابا لذاك.

    سعيد النورسي

    Aziz, sıddık kardeşlerim!

    Size dün yazdığım latîfenin üç zarafeti var:

    Birincisi: İstikbalde gelecek mübarek heyetin şahs-ı manevîsinin bir mümessili olmasından, o şahs-ı manevînin sırrıyla ve bereketiyle sürgülü kapı kendi kendine açıldığı gibi; yine o tahakkuk edip vücuda gelmiş mübarek heyetin bir mümessilinin on sene sonra yarım dakika benimle görüşmesi sebebiyle bana hiddet edildi. Ben de hiddet ettim “Kapıları kapansın!” tekrar eyledim. Aynı günün gecesinin sabahında –hiç vuku bulmamış– kendi kendine nöbetçilerin kapıları kapandı, iki saat açılmadı.

    İkinci zarafeti: Ben bir pusula müddeiumuma müdürle göndermiştim, içinde demiştim: “Ben tecritteyim, kimse ile görüşemiyorum, görüşsem de bu şehirde kimseyi tanımıyorum. Buranın belediyesi birisiyle ilâ âhir…” Sonra müddeiumumî demiş: “O tecritte mi?” Müdür demiş: “Yok.” İkisi bana itiraz etmişler. Aynı gün, yarım meczup ve yarım akraba biri, yarım dakika benim ile görüşmesi yüzünden öyle bir vaziyet gösterildi ki hiçbir tecritte olmamış. Bana itirazları yüzlerine çarptı.

    Üçüncüsü: Komşudaki haylaz gençlerin kapıda gürültüleri akşam yatsı ortasında bana zarar ederdi fakat az idi. O kapıyı da aynı gün bir bahane ile kapattılar. Hem fena koku menzilimde ziyadeleşti hem o haylazların kapıma yakın gürültüleri ziyade bana zarar verdi. Ben de yine: “Kapıları kapansın, neden böyle yapıyorlar?” dedim. Aynı sabah o hâdise oldu.

    Kardeşlerim!

    Yeni hurufla yazdığınız iki Mesele, cidden tesirini gösterdi. Birinci, İkinci, Üçüncü Meseleleri de yazılsa çok iyi olur. Fakat Hüsrev ve Tahirî gibi kalemleri Kur’an’a ve Kur’an hattına mahsus ve memur olmalarından bana endişe verir. Başkalar yazsalar daha münasiptir.

    إخوتي الأعزاء!

    كنت أَصرف منذ سنة من كيلو من الشعرية والرز، ولم تبق لي شبهة أن فيها بركة عظيمة. إلّا أنكم الآن لا تدَعوني لأطبخ بنفسي، لذا أقدّمها لكم هدية مباركة.

    ولقد شاهدت مرةً بركةً خارقة من تلك الشعرية. فقد كنت أجفف حباتها بعد الطبخ. وشاهدتُ -أنا وآخرون- أن كلا من حباتها كانت تطول إلى عشرة أمثالها.

    إخوتي الأعزاء!

    كان الحراس وغيرُهم يسمعونني عندما كنت منشغلا هذه الليلة بقراءة الأوراد، فخطر للقلب: ألا يُنقص هذا الإظهارُ من الثواب؟ فقلقت واضطربت ولكن خطر بالبال قولُ حجة الإسلام الإمام الغزالي الذي يقول: «رُبّ إظهارٍ خيرٌ من إخفاء».

    أي إن قراءة الأوراد علنا، فيها استفادةُ الآخرين أو تقليدُهم أو تنبيههم من الغفلة أو إظهارُ العزة الدينية بما يشبه من إعلانٍ للشعائر الإسلامية أمام الضال السادر في السفاهة، وغيرها من الفوائد.. ولاسيما في هذا الزمان. فلا يدخل الرياءُ في أعمال الذين تعلّموا دروسَ الإخلاص تعلُّما تاما، بل هو أفضل من الإخفاء بكثير، بشرط عدم تدخل التصنع. وهكذا وجدتُ السلوان من هذا الكلام.

    وعندما استدعاني حاكم التحقيق قبل يومين كنت أفكر في كيفية الدفاع عن إخواني، وفتحت كتاب «الحزب المصون» للإمام الغزالي وإذا بالآيات الكريمة الآتية تلفت نظري:

    ﴿ اِنَّ اللّٰهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا... ﴾ (الحج:٣٨)

    ﴿ نُورُهُمْ يَسْعٰى بَيْنَ اَيْد۪يهِمْ وَبِاَيْمَانِهِمْ... ﴾ (التحريم:٨)

    ﴿ اللّٰهُ حَف۪يظٌ عَلَيْهِمْ... ﴾ (الشورى:٦)

    ﴿ طُوبٰى لَهُمْ... ﴾ (الرعد:٢٩)

    ﴿ رَبَّنَٓا اَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا... ﴾ (التحريم:٨)

    Baktım ki: Birinci âyet –şeddeler sayılsa ve meddeler sayılmazsa اٰمَنُوا deki “vav” dahi meddedir– makam-ı cifrîsi ve ebcedîsi bin üç yüz altmış iki (1362) eder ki tam tamına bu senenin aynı tarihine ve bizim mü’min kardeşlerimizi müdafaaya azmettiğimiz zamana hem manası hem makamı tevafuk ediyor. Elhamdülillah dedim, benim müdafaama ihtiyaç bırakmıyor.

    Sonra hatırıma geldi ki: “Acaba netice ne olacak?” diye merak ettim.

    Gördüm: اَللّٰهُ حَفٖيظٌ عَلَي۟هِم۟ ۝ طُوبٰى لَهُم۟ deki iki cümle, tenvin sayılmak şartıyla, makam-ı cifrîsi aynen bin üç yüz altmış iki (eğer bir med sayılmazsa iki, eğer sayılsa üç eder) tam tamına hıfz-ı İlahiyeye pek çok muhtaç olduğumuz bu zamanın, bu senenin ve gelecek senenin aynı tarihine tevafuk ederek, bir seneden beri büyük bir dairede ve geniş bir sahada aleyhimize ihzar edilen dehşetli bir hücum karşısında mahfuziyetimize teminat ile teselli veriyor.

    Risale-i Nur bu hâdisede daha parlak fütuhatı hâkim dairelerde bulunmasından şimdiki muvakkat tevakkuf bizi meyus etmez ve etmemeli. Ve Âyetü’l-Kübra’nın tabı sebebiyle müsaderesi, onun parlak makamına nazar-ı dikkati her taraftan ona celbetmesine bir ilanname telakki ediyorum.

    رَبَّنَٓا اَت۟مِم۟ لَنَا نُورَنَا وَاغ۟فِر۟لَنَا âyetini şimdi okudum. اِغ۟فِر۟لَنَا cümlesi tam tamına bin üç yüz altmış iki eder. Bu senenin aynı tarihine tevafuk eder ve bizi çok istiğfara davet ve emreder ki nurunuz tamam olsun ve Risale-i Nur noksan kalmasın.

    بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ

    إخوتي الأعزاء الصدّيقين!

    إن الذين اجتازوا الامتحان الشديد في هاتين المدرستين اليوسفيتين -القديمة والجديدة- ([6]) ولم يتزعزعوا، ولم يدَعُوا درسهم الإيماني، ولم يتخلوا عن صفة «الطالب» مهما كانت الظروف، ولم تنل من معنوياتهم هذه الكثرةُ الهائلة من الهجمات.. إن هؤلاء يرحب بهم الملائكة والروحانيون، كما سيرحب بهم أهلُ الحقيقة والجيلُ المقبل. فأنا مقتنع بهذا،

    ولكن الضيق المادي شديد لوجود المرضى والفقراء المساكين فيما بينكم. فتجاه هذا الأمر، ليكن كلٌ منكم مسليا لكلٍ من أولئك، وقدوة حسنة له في الصبر والأخلاق، وأخا شفيقا عليه في التساند واللطف، ومخاطبا ذكيا ومجيبا عن أسئلته في أثناء الدرس الإيماني، ومرآة صافية لانعكاس السجايا الفاضلة.. وعندئذٍ تجدون المضايقات قد ولّت واضمحل السأم وتلاشى الضجر. نعم، هكذا أتصور الأمر وأتسلى به يا إخوتي يا من أحبهم أكثر من روحي.

    سأرسل لكم يوما جبة مولانا خالد قدس سره(∗) والتي عمرها مائة وعشرون سنة. فكما أنه قد ألبسنيها فأنا بدوري سأرسلها إليكم متى شئتم، ليلبسها كلٌ منكم باسمه.

    لقد أجرى الطبيب عليّ لقاح الجدري في بداية مجيئنا هنا. فتورّمت الذراع، وتسرب الورم إلى الأسفل حتى لا يَدَعُني أن أنام، ويزعجنى في أثناء الوضوء. تُرى هل أن جسمي لا يتحمل التطعيم بالجدرى أم هناك معنى آخر في الأمر؟ وقد أخذتُ التطعيم بالجدري قبل عشرين عاما في «أنقرة» ويلتهب موضع التطعيم إلى الآن بين حين وآخر، ويزعجني. فأخشى أن يكون هذا كذلك مثله، فكيف الأمر عندكم؟.

    سعيد النورسي

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إن حكمة واحدة لعدالة القدر الإلهي في سَوقنا إلى المدرسة اليوسفية لـ«دنيزلي» هو حاجة المسجونين فيها وأهاليها وربما موظفيها ومأموري دائرة العدل، إلى رسائل النور وإلى طلابها أكثر من أي مكان آخر. وبناءً على هذا فقد دخلنا امتحانا عسيرا بوظيفة إيمانية وأخروية،

    إذ ما كان إلّا واحدٌ أو اثنان من كل عشرين أو ثلاثين مسجونا يؤدون صلاتهم ويوفون حقها من تعديل الأركان، ولكن ما إن دخل أربعون أو خمسون طالبا من طلاب النور وكلهم يؤدون صلاتهم أداءً تاما دون استثناء إلّا كان لهم درسا بليغا وإرشادا فعليا بلسان الحال، بحيث يزيل هذا الضيقَ والضجر والرهق بل قد يحببه. فمثلما يرشد طلاب النور إلى هذا الأمر بأفعالهم وأحوالهم، نأمل من رحمته تعالى أن يجعلهم -بما يحملون من إيمان تحقيقي في قلوبهم- قلعة حصينة، ينقذون بها أهل الإيمان من سهام شبهات أهل الضلال.

    إنه لا ضير مما يفعله أهل الدنيا من منعنا عن مخاطبة الآخرين ولقائهم؛ إذ لسان الحال أفصح من لسان المقال وأكثر تأثيرا منه.

    فما دام دخول السجن هو لأجل التربية، فإن كانوا يحبون الأمة حقا فليسمحوا بلقاء المسجونين مع طلاب النور كي يحصلوا في شهر واحد بل في يوم واحد على التربية المرجوة حصولها في أكثر من سنة، وليصبحَ أولئك المسجونون أفرادا نافعين للبلاد والعباد وينقذوا مستقبلهم وآخرتهم.

    لو كان عندنا رسالة «مرشد الشباب» لكانت تنفع كثيرا. نسأل الله أن ييسر دخولها هنا.

    سعيد النورسي

    إخواني الأعزاء الصديقين!

    تذكرت اليوم ما جرى من الحوار المعروف لديكم حول «الشيخ ضياء الدين» بيني وبين أخي الكبير المرحوم «الملا عبد الله». ثم فكرت فيكم. وقلت في قلبي:

    إن الذي يُظهر ثباتا إلى هذه الدرجة في هذا الزمان الذي قلما يثبت فيه أحد، هؤلاء الأتقياء المخلصون والمسلمون الجادون الذين لا يتزعزعون في دوامة هذه الأحوال المحرقة المؤلمة، أقول: لو رفع الحجاب (حجاب الغيب) وبدا لي كل منهم في درجة الأولياء الصالحين، بل حتى لو ظهر في مرتبة القطبية فلا يزيد شيء في نظري عنهم ولا أغير ما أُولِيهم من اهتمام وعلاقة ما أوليه في الوقت الحاضر إلّا قليلا، وكذلك لو بدوا لي أشخاصا اعتياديين من العوام، فلا أنقص أبدا مما أمنحهم في الوقت الحاضر من قيمة كريمة ومنـزلة رفيعة.

    هكذا قررتُ،

    لأن خدمة إنقاذ الإيمان في مثل هذه الأحوال الصعبة والشروط القاسية هي فوق كل شيء. فالمقامات الشخصية والمزايا التي يضفيها حسن الظن على الأشخاص تتزلزل وتتصدع في مثل هذه الأحوال المضطربة المزعزعة فيقل حسن الظن وبالتالي المحبةُ. زد على ذلك أن صاحب الفضيلة والمزية يشعر بضرورة التصنع والتكلف والوقار المصطنع كي يحافظ على مكانته في نظرهم.

    فشكرا لله بما لا يتناهى من الشكر، أننا لا نحتاج إلى مثل هذه التكلفات المصطنعة الباردة.

    سعيد النورسي

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    أبارك لكم الليالي العشر بكل روحي وقلبي وعقلي. ونسأله تعالى ونأمل من رحمته الواسعة أن تكسبنا مكاسب عظيمة جدا وفق ما بيننا من اشتراك معنوي.

    لقد رأيت الليلة فيما يرى النائم أنني قد أتيتكم، وما إن بدأت أصلي بكم إماما حتى استيقظت. وفي الوقت الذي أتوقع تحقق رؤياي -حسب تجاربي- إذا بأخوين اثنين من إخواننا الميامين في قرية «ساو» و«حوما» ([7]) قد أتيا، تعبيرا عن الرؤيا باسمكم جميعا. فسررت كثيرا وكأنني قد التقيتكم جميعا.

    إخوتي! على الرغم من أن هذا الوضع (السجن) قد سبب نوعا من التوجس والخيفة إزاء رسائل النور لدى الموالين للحكومة ولدى قسم من الموظفين، إلّا أنه سبّب في المعارضين جميعا ولدى أهل الدين والموظفين ذوي العلاقة اهتماما واشتياقا نحوها.

    لا تقلقوا يا إخوتي ستسطع تلك الأنوار. ([8])

    سعيد النورسي

    Sabri’nin tabiri ve istihracıyla, Sure-i Ve’l-Asr işaretine muvafık olarak Risale-i Nur, Anadolu’yu Cebel-i Cûdi’de sefine gibi ve Isparta ve Kastamonu’yu âfat-ı semaviye ve arziyeden muhafazalarına bir vesile olduğunu ve “Risale-i Nur’a ilişmesinler, yoksa yakından bekleyen âfetler geleceklerini bilsinler, akıllarını başlarına alsınlar.” bu musibetten biraz evvel tekrar ile söylüyordum ve size de o mektuplar gönderilmişti. Şimdi aldığım haber: Kastamonu, civarı, kalesi, Risale-i Nur’un matemini tutmuş gibi ağlamış ve zelzele ile sıtma tutmuş, inşâallah yine Risale-i Nur’a kavuşacak ve gülecek ve şükredecek.

    Size evvelki gün iki kıymetli kazancımızı yazmıştım. İkincide yüzer lisanla dua ve tesbihat, ilâ âhir demiştim. Noksan var. Sahihi: Her birimiz derecesine göre yüzer lisanla, ilâ âhir…

    Hem ben pek çok alâkadar olduğum Sava köyünden çok muhterem bir ihtiyar ile ellerimiz birbiriyle kelepçe edilip geldiğimiz, beni pek çok memnun edip bununla o mübarek köyün bana şiddet-i alâkasını anladım. O kardeşime ayrıca selâm ederim.

    Aziz kardeşim!

    وَخَسِرَ هُنَالِكَ ال۟كَافِرُونَ bu âyet dahi وَ ال۟عَص۟رِ اِنَّ ال۟اِن۟سَانَ لَفٖى خُس۟رٍ işaretine işaret eder ki kâfirlerin bu kadar tahribatları ve harpleri faydasız ve hasarat içerisinde ayn-ı zarar oldu. وَ ال۟عَص۟رِ işaretinde Risale-i Nur’a bir îma bulunması remziyle, bu âyet dahi remzen bin üç yüz altmış (1360) Rumî tarihi olan bu senede münafıklar ve küfre düşenler Risale-i Nur’a ilişecekler fakat hasarat ederler. Çünkü zelzele ve harp gibi belaların ref’ine bir sebep Risale-i Nur’dur. Onun tatili belaları celbeder diye bir gizli îma olabilir.

    Said Nursî

    إخوتي الأعزاء!

    إنني أخال أن الرسالة الصغيرة التي أثمرها سجن «دنيزلي» ستكون دفاعنا الحقيقي والأخير، لأن الخطط المنصوبة للقضاء علينا سابقا والناشئة من أوهامٍ وشكوك أثيرت ضدنا منذ سنة، قد صممت على نطاق واسع، وهي «العمل لطريقة صوفية.. إنهم منظمة سرية.. وأداة لتيارات خارجية.. إثارة المشاعر الدينية واستغلالها في سبيل السياسة، والسعي لهدم الجمهورية والتعرض للدولة والإخلال بأمن البلاد» وأشباهها من الحجج التي لا أساس لها من الصحة. لذا شنوا هجومهم علينا.

    فللّه الحمد والمنة بما لا يتناهى من الحمد والشكر، أصبحتْ خططهم بائرة وباءت بالإخفاق، إذ لم يجدوا في هذا الميدان الواسع وبين مئات من الطلاب ومئات من الرسائل والكتب طوال ثماني عشرة سنة سوى أبحاث في حقيقة الإيمان والقرآن وتحقق الآخرة والسعي للسعادة الأبدية، لذا بدؤوا يتحرون عن حجج تافهة جدا ليستروا بها خططهم.

    ولكن إزاء احتمال الهجوم علينا باستغفال بعض أركان الحكومة والتغرير بهم وإثارتهم علينا من قبل منظمة ملحدة رهيبة متسترة تعمل حاليا عملا مباشرا في سبيل الكفر المطلق، فإن رسالة «الثمرة» الواضحة كالشمس والمزيلة للشبهات والأوهام، والراسخة رسوخ الشم العوالي، تكون أقوى دفاع لنا تجاههم، وسوف تسكتهم بإذن الله. وأحسب أنها كُتّبت لنا لأجل هذا.

    إخوتي!

    على الرغم من ضيق مكانكم ضيقا شديدا، فإن قلوبكم أوسعُ من ذلك الضيق، فضلا عن أن لكم حرية أكثر مما عندنا.

    اعلموا يا إخوتي! إن أهم أساس لقوتنا ونقطة استنادنا هي: التساند. وإياكم النظر إلى تقصيرات بعضكم البعض، مما يولّده الانفعال في الأعصاب من جراء هذه المصائب. فالشكاوى هي بمثابة الاعتراض على القدر الإلهي، فلا يقولنّ أحدُكم: لو لم يكن كذا لمَا حدث هكذا. ولا يغضب بعضكم على البعض الآخر. فلقد علمتُ أنه لا نجاة ولا حيلة لنا من هجوم هؤلاء. فكانوا يهجمون علينا مهما كنا نعمل. وما علينا إلّا أن نقابلهم بالصبر والشكر والرضى بالقضاء الإلهي والتسليم بقدَره، لتمدّنا العناية الإلهية.

    فينبغي لنا أن نسعى لكسب الثواب العظيم والحسنات الكثيرة في زمن قليل وبعمل قليل.

    دعواتنا الخالصة بسلامة إخواننا هناك.

    سعيد النورسي

    إخواني الأوفياء الصادقين!

    إن لقاء الأصدقاء ومجالسة الإخوان منبعٌ ثرٌ للسلوان لما يعاني منه الإنسان من سرعة تبدل هذه الحياة الدنيا، ومن زوالها وفسادها، ومن فنائها وفناء متعها التي لا تجدي شيئا، ومن صفعات الفراق والافتراق التي تنـزلها بالإنسان..

    نعم، قد يقطع إنسان مسافة عشرين يوما ويصرف مائة ليرة لأجل لقاء أخيه لساعات معدودة. ففي هذا الزمان العجيب الذي قلما يوجد فيه صديق صدوق، لا تعد هذه المشقات والمصاعب التي نزلت بنا مع ضياع الأموال ذات أهمية تذكر إزاء رؤية أربعين أو خمسين من الأصدقاء الصادقين والإخوة المخلصين دفعة واحدة طوال شهرين من الزمان، ومجالستهم ومحاورتهم في سبيل الله، والتسلي بهم وتسليتهم تسلية حقيقية. فأنا شخصيا كنت أرضى بهذه المصاعب والمشقات رجاء رؤية واحد من إخوتي هنا فحسب بعد فراقي عنهم عشر سنوات.

    اعلموا أن الشكوى اعتراض على القدر والشكر تسليم له.

    ثقوا يا إخواني؛ أنه لو حضر الأجلُ الآن، وتوفيتُ، لاستقبلته براحة قلب وانشراح صدر، لأنني على قناعة تامة من أن فيكم «سعيدِين» كثيرين شبانا أقوياء ثابتين سيتولون القيام بمهمة رسائل النور والدفاع عنها وحمايتها ووراثتها، أفضل بكثير من هذا «السعيد» الضعيف العجوز العاجز المريض.

    إخواني الأوفياء الصادقين الأعزاء!

    لِمَا أنكم قد ارتبطتم برسائل النور رغبة بثواب الآخرة، وأداءً لنوع من العبادة، فلا شك أن كل ساعة من ساعاتكم -تحت هذه الشروط والأحوال الصعبة- تصبح في حكم عبادة عشرين ساعة، والعشرين ساعة من العمل في خدمة القرآن والإيمان -لما فيها من جهاد معنوي- تكسب أهمية مائة ساعة، والمائة ساعة التي تمضي في لقاء مجاهدين حقيقيين من إخوة طيبين -كل منهم يعادل في الأهمية مائة شخص- وعقد أواصر الأخوة معهم، وإمدادهم -بالقوة المعنوية- والاستمداد منهم، وتسليتهم والتسلي بهم، والاستمرار معهم في خدمة الإيمان السامية بترابط حقيقي وثبات تام، والانتفاع بسجاياهم الكريمة، وكسب أهلية الطالب في مدرسة الزهراء بالدخول في مجلس الامتحان هذا، في هذه المدرسة اليوسفية، وأخذ كل طالب قسمته المقسومة له قَدَرا، وتناوله رزقه المقدّر له فيها، نوالا للثواب.. تستوجب الشكر على مجيئكم إلى هنا، والتجمل بالصبر وتحمل جميع المشقات والمضايقات مع التفكر في الفوائد المذكورة.

    سعيد النورسي

    إخوتي!

    إنني أَرغب -قلبا- في أن يظهر هنا من «قسطموني» وما جاورها، كما ظهر من «إسبارطة» وحواليها أبطالٌ ميامين ثابتون ثبات الحديد والفولاذ (أمثال «خسرو»(∗) و«الحافظ علي»). فللّه الحمد والمنة بما لا يتناهى من الحمد الشكر فقد حققتْ ولايةُ «قسطموني» أمنيتي تحقيقا تاما، فأمدتنا بعديدٍ من الأبطال.

    تحياتي إلى الإخوة جميعا الذين يدورون دوما في خيالي فردا فردا ممن لم أكتب أسماءهم، وأدعو لهم بالسلامة والأمان.

    إخوتي الأعزاء الصادقين الأوفياء الثابتين!

    أبيّن حالة من أحوالي لكم لا لأجعلكم تتألمون عليّ ولا لتحاولوا أخذ التدابير المادية اللازمة، بل لأستفيد من إكثار دعواتكم حسب قاعدة توحيد المساعي المعنوية، وللاستزادة من ضبط النفس وأخذ الحذر والتحلي بالصبر والتحمل والحفاظ على ترابطكم الوثيق.

    إن ما أقاسيه هنا من عذاب وعنت في يوم واحد، ما كنت أقاسيه في شهر في سجن «أسكي شهر». لقد سلط الماسونيون الرهيبون عليّ ماسونيا ظالما، كي يجدوا مبررا من قولي: «كفى إلى هذا الحد» النابعِ من حدّتي وشدة غضبي إزاء تعذيبهم إياي، فيستغلوا هذا القول ويجعلوه سببا لتعدياتهم الجائرة ويستروا تحته أكاذيبهم.

    إنني أصبر شاكرا، وأعدّه أثرا خارقا من آثار إحسانٍ إلهيّ، وقررت الاستمرار على الصبر والشكر.

    فما دمنا مستسلمين للقدر الإلهي، وهذه المضايقات التي نشعر بها تعدّ وسيلة لكسب ثواب أكثر ونوال أجر أكبر، وذلك بمضمون القاعدة: «خير الأمور أحمزها» ([9]) لذا نعتبرها من هذه الناحية نعمة معنوية.

    ثم إن المصائب الدنيوية الزائلة تنتهي بالأفراح والخيرات على الأكثر. ونحن مقتنعون قناعة تامة بحق اليقين أننا قد نذرنا حياتنا لحقيقة جليلة أسطع من الشمس، وجميلة كجمال الجنة، وحلوة لذيذة كلذة السعادة الأبدية. ولذلك ما ينبغي أن يصدر منا الشكوى قط بل تدفعنا هذه الأحوال الصعبة إلى أن نقول: نحن في جهاد معنوي نعتز به ونشكر ربنا الكريم لا بد أن تفضل به علينا.

    إخوتي الأعزاء!

    إن أول ما نوصيه وآخرَه: الحفاظُ على الرابطة فيما بينكم، والحذر من الأنانية والغرور والمزاحمة، مع أخذ الحذر وضبط النفس.

    سعيد النورسي

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    لقد فُهِم من الادعاء الذي قدّمه المدعي العام، أن خطط الزنادقة المتسترين الذين يغررون ببعض أركان الحكومة ويستغفلونهم قد باءت بالفشل وظهر زيفُها وأكاذيبُها. إلّا أنهم يتشبثون الآن بحجج واهية، كإسنادِ تأسيسِ جمعية وتشكيل منظمة سرية. محاوِلين به الستر على أكاذيبهم. وقد ظهر أَثر عملهم هذا في منع الناس -أيا كانوا- من اللقاء معي، وكأنه إذا ما حدث اللقاء سينضم الشخص إلينا فورا. بل حتى الموظفون الكبار يتوجسون خيفة أو يحببون أنفسهم لآمريهم بتشديد خناق المضايقة عليّ.

    ولقد كنت عازما على قول هذه الفقرة الآتية ختام الاعتراض الذي قدمناه إليهم، إلا أن حادثة حدثت وحالت دون ذلك. والفقرة هي:

    أجل، نحن جمعية، تلك الجمعية التي لها ثلاثمائة وخمسون مليونا من الأعضاء في كل عصر. وهم يؤكدون كمال احترامهم وصادق ارتباطهم وتعلقهم بمبادئ تلك الجمعية المقدسة -بإقامة الصلاة- خمس مرات يوميا، ويتسابقون في مدّ يد العون والمساعدة بعضهم إلى بعض، سواء بدعواتهم الشخصية عن ظهر الغيب، أو بمكاسبهم المعنوية الوفيرة وفق الدستور الإلهي: ﴿ اِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ اِخْوَةٌ ﴾ (الحجرات:١٠).

    وهكذا فنحن أعضاء في تلك الجمعية المقدسة العظمى إذَن، أما وظيفتنا ضمن نطاق هذه الجمعية فهي: تبليغ الحقائق الإيمانية التي يتضمنها القرآن الكريم إلى طلاب الحق والإيمان على أصح وجه وأنزهه، إنقاذا لأنفسنا وإياهم من الإعدام الأبدي وبرزخ السجن الانفرادي السرمدي.

    أما الجمعيات الدنيوية المؤسسة على الدسائس والأحابيل السياسية فلا علاقة لنا بها من قريب أو بعيد بل نترفع عنها.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    لقد شعرت بألم تام تجاه كلٍ منكم فجر هذا اليوم، ولكن خطرت بالبال فجأة «رسالةُ المرضى» فأورثت السلوان.

    نعم، إن هذه المصيبة شبيهة بنوع من مرض اجتماعي، وإن أكثر الأدوية الإيمانية المذكورة في تلك الرسالة تعمل عملها في هذا المرض أيضا، ولاسيما الآلام التي تورثها المصيبة، فقد ولّت قبل هذه الساعة بينما ثبت أجرُها وخيراتُها وفوائدها الدنيوية والأخروية والإيمانية والقرآنية، مثلما ذكرتُه للمريض الميمون من «أرضروم». بمعنى أن تلك المصيبة الواحدة العابرة قد انقلبت إلى نِعمٍ متعددة دائمة. أما الزمان القابل فلأنه غير موجود الآن، فلا ألمَ حاليا لما ستدوم فيه من مصيبة. لذا فإيراث الألم من العدم بالتوهم هو عدمُ ثقة برحمة الله وقدره سبحانه وتعالى.

    ثانيا: إن أغلب البشر على سطح الأرض مبتلَون بمصائب مادية ومعنوية قلبا وروحا وفكرا. وإن مصيبتنا بالنسبة إليهم خفيفةُ الوطء جدا ومُربحة، فضلا عن أنها تورث مكاسب وفوائد مادية ومعنوية للقلب والروح والإيمان والصحة والسلامة.

    ثالثا: لو لم نكن ندخل إلى هنا (السجن) في خضم هذه الأعاصير الهُوج، لكانت وطأة هذه المصيبة الخفيفة ثقيلةً جدا لدى لقاء الموظفين الذين تُساوِر قلوبَهم الشكوكُ والأوهام، ولكان ينـزل بنا بلاءُ التصنع والتزلف لهم.

    رابعا: إن رؤية أحباء حقيقيين رحماء -أرحم على الإنسان من شقيقه- في هذا الشتاء المادي والمعنوي المضاعف الذي تعطلت فيه الأعمال وفي هذه المدرسة اليوسفية التي هي مدرسة واحدة من مدارس الزهراء، واللقاءَ بإخوة الآخرة، وهم بمثابة مرشدين ناصحين، وزيارتَهم والاستفادة من مزاياهم الخاصة والتـزودَ من حسناتهم التي تسري سريان النور والنوراني في المواد الشفافة، وحصولَ ذلك بمنتهى الرخص وبتكاليف قليلة، فضلا عن الاستمداد من معاونتهم المعنوية ومن مسرّاتهم وسلوانهم.. كل ذلك يجعل هذه المصيبة تُبدل شكلَها وتتحول إلى نوع من مشهدِ عناية ربانية معنوية.

    نعم، إن ظرافة لطيفة لهذه العناية الخفية هي أنهم يطلقون على جميع طلاب النور القادمين إلى هنا لقب: «العلماء». فترى على لسان الجميع ذكرهم باحترام وإجلال بكلمة «علماء.. علماء..».

    فضمن هذه الظرافة إشارة لطيفة، وهي أن السجن قد تحول إلى مدرسة علمية وأصبح طلاب النور مدرسين ومعلمين فيها، وستصبح بإذن الله سائر السجون بمثابة مدارس بفضل هؤلاء العلماء.

    إخوتي!

    لو تُقرأ أحيانا أمثال هذه الرسائل الصغيرة المسلية، علاوة على مطالعة رسالة «الثمرة» ولاسيما المسائل الأخيرة منها، وتَداول الإخوة فيما بينهم تداولا فكريا المسائل التي تخطر على البال من رسائل النور، لكسب المرء بإذن الله شرف طالب العلوم الشرعية. ولقد أولى علماء أفذاذٌ الأهميةَ لطلبة العلوم الشرعية حتى قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: «نوم طالب العلم عبادة».

    لذا لو حدثت مائة ألف ضيق وضيق من جراء التتلمذ، هذا الشرف الرفيع، في مثل هذه المواضع المؤلمة الشاقة، وبخاصة في مثل هذا الزمان الذي انعدمت فيه المدارس الشرعية. ينبغي عدم الاهتمام بتلك المضايقات، بل التبسم بفرح وسرور في وجه تلك المصاعب قائلين: «خير الأمور أحمزها».

    أما من حيث تكاليف العيش لعوائل الإخوة الفقراء، فحيث إن النظر يكون في المصيبة إلى الأكثر مصيبة وفي النعم إلى الأقل نعمة. وذلك بناء على قاعدة قرآنية إيمانية ونورية؛ لذا فهم في راحة تامة أكثر من ثمانين بالمائة من الناس. فليس لهم حق الشكوى، بل عليهم حق الشكر بثمانين درجة، شكر فوق شكر.

    ثم إن حصولنا على ما قسم الله لنا هنا من رزق قد عينه القدرُ الإلهي، وجمعَتنا عدالةُ الرحمة الإلهية مودعةً الأهل والأطفال إلى رزّاقهم الحقيقي ومسرّحةً لهم من وظيفة الإشراف على رزقهم موقتا كما سيعزله يوما ما عزلا تاما. فما دامت الحقيقة هي هذه فعلينا أن نقول: ﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ ﴾ (آل عمران:١٧٣) مسلّمين أمرَنا إليه تعالى شاكرين له أجزل شكر.

    إخوتي الأعزاء الصادقين!

    إنني محظوظ وشاكر لله بوجودي قريبا منكم وفي بناية واحدة (من السجن)، رغم أنني لا أقابلكم وجها لوجه. وأحيانا يخطر إلى قلبي أخذ تدابير لازمة دون اختيارٍ مني.

    فمثلا:

    لقد أرسل الماسونيون إلى الزنزانة المجاورة لنا سجينا جاسوسا وكذابا. ولما كان التخريب سهلا -ولا سيما في مثل هؤلاء الشباب الطائشين- علمت أن الزنادقة يسعون لبثّ الفساد وهدم الأخلاق إزاء قيامكم بالإرشاد والإصلاح، لما لمستُ من هذا المدعو أذى مؤلما وإفسادا لأولئك الشباب.

    فيا إخوتي!

    يلزم -بل في غاية الضرورة- أخذُ الحذر الشديد تجاه هذا الوضع، وعدمُ إبداء مشاعر الاستياء من المسجونين السابقين قدر الإمكان، وعدمُ فسح المجال ليستاءوا منكم، والحيلولةُ دون حدوث التفرقة والثنائية، مع التحلي بضبط النفس والتجمل بالصبر.

    ويلزم على إخواننا المحافظةُ على قوة التساند والأخوّة وذلك بإبداء التضحية وترك الأنانية والتواضع قدر الإمكان.

    إن الانشغال بأمور الدنيا يؤلمني، فأعتمد على فطنتكم لأنني لا أستطيع التوجه إليها من غير اضطرار.

    سعيد النورسي

    إخوتي!

    لقد أصبح ضروريا بيان مسألة أُخطرت صباح هذا اليوم إزاء كل احتمال:

    كثيرا ما تحرت نفسي وشيطاني منذ عشرين عاما الحقائقَ التي استنبطناها من القرآن، والتي هي أشبه بالشمس أو النهار لا تقبل أي شك أو ريب أو تردُّد قائلَين: «ما رأي الفلاسفة المتزندقة تجاه هذا وما مستندهم؟»

    ولما لم تجد نفسي وشيطاني ثلمة أو نقصا، سَكَتَا. وأعتقد أن الحقيقة التي أسكتت نفسي وشيطاني الحساسين جدا والعاملين معا، قادرة على حمل أشد الناس تمردا على الصمت والسكوت أيضا.

    وما دمنا نعمل من أجْل حقيقة هي من أهمّ الحقائق وأجَلِّها، وأشدها ثبوتا ورسوخا؛ ولا يمكن تقييمها أو تقديرها بأي قيمة مادية مهما كانت، ويهون بذل النفس والروح والصديق والحبيب، بل الدنيا بأسرها في سبيل تحققها، فلا بد إذن من أن نصمد بكمال المتانة والصبر تجاه جميع الويلات والمحن التي قد تنـزل بنا، وأن نواجه بصدر رحب جميع مضايقات الأعداء.

    إذ من المحتمل جدا أن يُحرَّكَ ضدنا مشايخ أو علماء متظاهرون بالتقوى، مخدوعون بأنفسهم أو بتحريض غيرهم لهم.. وتجاه موقف كهذا، لا بد لنا من المحافظة على وحدتنا وتساندنا، وعدم تضييع الوقت معهم في الجدل والنقاش الفارغ.

    سعيد النورسي

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    لقد شعرت بإخطار معنوي فجرَ هذا اليوم أن السبب الحقيقي لهذا الهجوم الواسع والتعدي علينا ليس «الشعاع الخامس» بل «الحزب النوري» و«مفتاح الإيمان» و«الحجة البالغة». ([10]) فقد قرأتُ بإمعان قسما من «الحزب النوري» وتأملت في «مفتاح الإيمان» فعلمت:

    ولقد ورد بالبال مع هذا الإخطار نفسه أنه «لو تخلى بعض الإخوة الضعفاء عن العمل موقتا، لربما ينجو من هذه المصيبة»، فأردت أن أسمح لهم بهذا.

    ولكن فجأة أُخطر للقلب: أن الذي دامت علاقتُه إلى هذا الحد ودخل هذا الامتحان مرتين، والذي قاسى لأجله ما قاسى وتضرر أضرارا بليغة، لا يجوز له التخلي قلبا -والذي فيه الضرر دون النفع- بل يمكنه ذلك لمجرد خداعهم بإظهار اجتناب ظاهري بحت.

    وإلّا يُلحق الضررَ بنفسه وبنا وبمسلكنا المقدس وتأتيه لطمةُ تأديب بخلاف مقصوده جزاء لما يفعل.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إن الذي يقاسي عذاب هذا السجن ومشقاته الذي هو أشد برودة وضيقا من سائر الأماكن، لا شك أن تكون له رغبة في التهرب مما سبَّبَ هذا السجن وأدّى إلى الدخول فيه، كلٌ حسب درجته. ولكن سببه الظاهري الذي هو رسائل النور التي تُكسب أولئك الذين يقاسون المتاعب، الإيمانَ التحقيقي وحسنَ الخاتمة، والثواب الجزيل من الأعمال الصالحة لمئات العاملين الناشئ من الاشتراك المعنوي، أقول: إن هذه الفوائد تبدل تلك المشقات المُرّة إلى رحمات حلوة لذيذة، لذا فإن ثمن هاتين النتيجتين هو: الثبات التام والوفاء الخالص الذي لا يتزعزع.

    ومن هنا فإن الندمَ والتخلي خسارتان جسيمتان.

    فهذا السجن خير لأولئك الطلاب الذين لا علاقة لهم بالدنيا، أو لهم علاقة واهية جدا. بل هو موضع حرية لهم من جهة.

    أما الذين لهم حرث في الدنيا وأمورهم المعاشية على ما يرام، فإن النقود المصروفة تكون بمثابة صدقات مضاعفة لهم، وتُبدّل ساعاتُ العمر الماضية إلى عبادات مضاعفة لذا ينبغي لهم الشكر بدل الشكوى.

    أما قسم الفقراء والضعفاء المساكين، فلأنهم كانوا لا يكسبون ثوابا كثيرا خارج السجن بل يتحملون مسؤوليات شاقة، فهذا السجن الذي يُكسبهم الخير الكثير والثواب العظيم ومن دون أن تكون على عاتقهم مسؤولية ما، والمشقات التي تتخفف بالتسلي بين الإخوان.. تكون مبعث شكر لهم.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    قال لي أحد الأتقياء في «قسطموني» شاكيا: «لقد تردّيت، وتقهقرت عن حالي السابق إذ فقدتُ ما كنت عليه من أحوال وأذواق وأنوار».

    فقلت له: بل قد ترقيتَ، واستعليت على الأذواق والكشفيات التي تلاطف النفسَ وتذيقها ثمراتها الأخروية في الدنيا، وتعطيها الشعور بالأنانية والغرور. وقد طِرتَ إلى مقام أعلى وأسمى وذلك بنكران الذات وترك الأنانية والغرور، وبعدم التحري عن الأذواق الفانية.

    نعم، إن إحسانا إلهيا مهما هو عدمُ إحساس مَن لم يدَع أنانيتَه بإحسانه، كيلا يصيبه الغرورُ والعجب.

    فيا إخوتي!

    بناءً على هذه الحقيقة، فإن من يفكر مثل هذا الشخص، أو يهتم بمقامات باهرة يمنحها حسنُ الظن، عندما ينظر إليكم، ويرى فيكم طلابا قد لبسوا لباس التقوى والتواضع التام وتسربلوا بخدمة الناس، يتصوّركم من العوام، أو أُناسا عاديين، فيقول: «أهؤلاء هم أبطالُ الحقيقة ورجالُها، أو هؤلاء يتحدَّون الدنيا بأسرها! هيهات! أين هؤلاء من أولئك المجاهدين في سبيل هذه الخدمة المقدسة، والذين سبقوا الأولياء الصالحين في هذا الزمان فأعجزوهم عن اللحاق بهم».

    فإن كان صديقا تصيبه خيبةُ أمل، وإن كان معارضا يجد نفسَه محقا.

    سعيد النورسي

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إن ثمرات ([11]) سجنكم في نظري حلوةٌ وذات أهمية كثمرات الفردوس؛ فكما أنها حَققت الآمالَ العظيمة التي كنتُ أعقدها عليكم وصدّقتْ دعاواي، فقد أظهرتْ قوةَ التساند والترابط بأفضل ما يكون. إن تلك الأقلام المباركة كلما اتحدت أظهرتْ قيمةَ ثلاثمائة أو أربعمائة من الأقلام تحت هذه الشروط والضغوط، كاتحاد ثلاثِ أو أربع ألفات (المذكورة في رسالة الإخلاص). وإن الحالة الروحية التي تحافظ على وحدتكم تحت هذه الأحوال المضطربة تثبت دعواي بالأمس.

    نعم، -ولا مشاحة في المثال- فكما أن وليا عظيما لا يرتقي إلى موقع صحابي صغير في العمل للإسلام كما اتفق عليه أهلُ السنة، كذلك إن أخا خالصا من إخواننا الذي ترك حظوظَ نفسه في هذا الزمان وعمل في خدمة الإيمان وسعى في سبيل نكران الذات وبذل ما في وسعه للحفاظ على التساند والاتحاد، هذا الأخ يحرز موقعا أكثر من الولي.

    هكذا اقتنعت وأنتم بدوركم تُسندون قناعتي هذه، ليرض الله عنكم أبدا، آمين.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إن «رسالة الثمرة» ذاتُ أهمية عظيمة وقيمة عالية. آمل أن يفتح الله بها قلوبَ الكثيرين في وقت ما. وأنتم قد أدركتم قيمتَها وقدّرتموها حق قدرها حتى لم تدَعوا هذه المدرسة اليوسفية دون درس.

    أقول ما يعود لنفسي: إن ثمرة هذه الأتعاب التي تكابدونها والمصاريف التي تبذلونها إنْ كانت هي هذه «الرسالة» وحدَها ورسالةَ «الدفاع» واللقاءَ معكم في موضع واحد.. فزهيدةٌ تلك المصاريف، وتلك الأتعاب. بل لو حُمّلت عشرة أمثال هذه المصيبة لكانت رخيصةً في سبيل هذه الأمور.

    ولقد اقتنعت قناعة كاملة نتيجة تجاربي الكثيرة ولاسيما في هذا السجن الضيق أنَّ الاشتغال برسائل النور قراءةً وكتابةً يخفف كثيرا من الضيق والضجر ويورث الفرح والانشراح. وفي الوقت الذي لا أنشغل بها تتضاعف تلك المصيبةُ وتؤلمني أمورٌ تافهة. وبناءً على بعض الأسباب كنت أظن أن «خسرو والحافظ علي وطاهري»(∗) في ضيق شديد، ولكن رأيت أنهم ومن معهم أكثر ثباتا وأكثر استسلاما لأمر الله وينعَمون براحة القلب واطمئنانه.

    فكنت أقول: تُرى ما السبب؟

    وأدركت الآن أنهم يؤدون وظيفتهم الحقيقية ولا ينشغلون بما لا يعنيهم من أمور ولا يتدخلون بأمر القضاء والقدر. ولا يقلقون ولا يضطربون ولا ينتقدون أحدا ذلك التنقيد النابع من الأنانية وقصد النفع. فلقد بيَّضوا وجوه طلاب النور بثباتهم واطمئنان قلوبهم، وأَظهروا القوة المعنوية لرسائل النور تجاه الزندقة.

    نسأل الله أن يعمم ما في أولئك من تواضع تام وعزة كاملة في نُكران الذات وخصال البطولة والريادة ويجعلها شاملةً جميع إخواننا. آمين.

    إخوتي!

    إن غرورا رهيبا ناشئا من الغفلة وحب الدنيا، يُجري حكمَه في هذا الزمان. فعلى أهل الحق تركُ الغرور والأنانية وقصدُ المنافع حتى لو كان في طريق مشروع أيضا. وحيث إن طلاب رسائل النور الحقيقيين قد أذابوا أنانيتهم الشبيهة بقطعة ثلج في الشخص المعنوي والحوض المشترك للجماعة، فلا يتزعزعون بإذن الله في غمرة هذه العواصف والأعاصير.

    نعم، إن خطة مهمة ومجرّبة للمنافقين هي جمعُ أمثال هؤلاء الذين كلٌ منهم يملك شخصيةَ ضابط وحاكم، في مسألة واحدة، في مكان ضيق يهيّج الأعصاب ويورث الضجر والنقاش الحاد والجدال والنقد، ويثيرون فيهم النـزاع لبعثرة قوتهم المعنوية. ثم يؤدّبون مَن فَقدَ قوته المعنوية بيسر وسهولة.

    فطلاب رسائل النور لأنهم يسلكون مسلك الخلّة والأخوة والفناء في الإخوان سيُفشِلون هذه الخطة المهمة المجربة للمنافقين بإذن الله.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    كان فيما مضى مريدون كثيرون جدا ينتمون إلى شيخ جليل، في بلد من البلدان، فقلقت منهم رجالات الدولة فيها، خوفا من تعرضهم لأمور السياسة، فأرادوا تشتيت جماعة الشيخ. فقال لهم: ليس لي إلّا مريد واحد ونصف مريد، لا غير، وإن شئتم نُقِم عليهم التجربة والاختبار.

    نصب الشيخ خيمة في ضاحية من ضواحي المدينة، ودعا الألوف من مريديه إلى هناك ثم أمر بقوله: سوف أجري امتحانا، فمن كان حقا مريدي ويطعْ أمري فسيمضي إلى الجنة. فدعاهم إلى الخيمة واحدا إثر واحد، إلّا أنه ذبح خروفا بطريقة خفية. وبدا للمريدين كأنه ذبح أحد مريديه الخواص وأرسله إلى الجنة. وما إن رأى ألوف المريدين جريان الدم من الخيمة إلى الخارج تراجعوا عنه ولم يسمعوا لأمره، بل رفضوه وأنكروا عليه، إلّا رجلا واحدا قال: ليكن رأسي فداء له، فذهب إليه، ثم أعقبته امرأة. أما الآخرون فتفرقوا عنه. فقال ذلك الشيخ لرجال الدولة: ها قد شاهدتم أن لي مريدا ونصف مريد!

    أما نحن فنشكره تعالى ألف شكر وشكر، إذ لم تفقد رسائل النور إلّا طالبا ونصف طالب في امتحان «أسكي شهر» ومحاكماتها، بخلاف ذلك الشيخ -في السابق- حيث انضم إلى الطلاب عشرة آلاف شخص بدلا من الواحد والنصف الضائع، وذلك بفضل الله ثم همة وجهود أبطال «إسبارطة» وحواليها.

    وبإذن الله لن يضيع الكثيرون في هذا الامتحان، بهمة أبطال شرقي البلاد وغربيها، بل نضم بدلا من الضائع الواحد عشرة أشخاص.

    كان فيما مضى شخص غير مسلم، قد وَجد وسيلةً لبلوغ مرتبة خليفة الشيخ ضمن السير والسلوك في طريقة صوفية، وشرع بوظيفة الإرشاد. وعندما بدأ مريدوه الذين يتولى تربيتَهم بالرُّقي الروحي، كشف أحدُهم أن مرشدهم هذا في منتهى السقوط والتردي. ثم أدرك ذلك الشخص أيضا -بفراسته- أنه قد كُشف حالُه، فقال لذلك المريد: لقد عرفتني إذن!

    قال له المريد: «ما دمتُ قد بلغت هذا المقام بإرشادكم، سأجلّك وأوقّرك بعد الآن أعظم من قبل». وبدأ بالتضرع إلى الله العلي القدير أن يهدي مرشدَه إلى سواء السبيل، حتى أنقذه الله مما فيه، وفاق مريديه كلهم في الرُّقي الروحي، فظل مرشدا حقيقيا لهم.. إذن يكون المريد أحيانا شيخا لشيخه.

    فالفضل والسبق إذن هو أن لا يترك الطالبُ أخاه، عندما يراه مبتلىً بفساد، بل يزيدَ أخوّته معه، ويسعى لإصلاحه. فهذا هو شأن الأوفياء الصادقين. أما المنافقون فيستغلون مثل هذه الأوضاع ويروّجون: «أن هؤلاء الذين تهتم بهم كثيرا ليسوا سوى أُناس اعتياديين عاجزين». وذلك إفسادا لحُسن الظن القائم بين الإخوة وتهوينا لتساندهم.

    وعلى كل حال فعلى الرغم من أضرار كثيرة تلحق بنا في المصيبة، إلّا أنها قضيةٌ تهم العالم الإسلامي قاطبة، لذا فإن لها قيمةً عظيمة يَهُون تجاهها كلُّ شيء. علما أن حوادثَ مشابِهةً لها لم تصبح مُلكا للعالم الإسلامي لأسباب سياسية دينية أو أسباب أخرى.

    Eski Said’in matbu “Lemaat” başındaki acib imzası az tağyir ile şimdiki halime ve yetmişinci sene-i ömrüme tam muvafık gelmesi cihetiyle yazdım. Münasip görseniz hem müdafaatın hem Meyve’nin hem küçük mektupların âhirinde imza yerinde yazarsınız. İşte o garib imza, gelen üç buçuk satırdır:

    اَلدَّاعٖى

    Yıkılmış bir mezarım ki yığılmıştır içinde Said’den altmış dokuz emvat bâ-âsam (*[12]) âlâma

    Yetmişinci olmuştur o mezara bir mezar taşı, beraber ağlıyor hüsran-ı İslâm’a

    Ümidim var ki istikbal semavatı zemin-i Asya, bâhem olur teslim yed-i beyza-i İslâm’a

    Zira yemin-i yümn-ü imandır, verir emn-ü eman ü emniyeti enama.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إن سبب اهتمامي البالغ بتساندكم وترابطكم، لا ينحصر في منافعه التي تَكسب رسائلَ النور وتمسّها، وإنما لعوام المؤمنين ممن ليسوا ضمن الإيمان التحقيقي. فهم أحوج ما يكونون إلى نقطة استناد وإلى حقيقة ثابتة عضَّت عليها جماعة بالنواجذ، فيرتكزون على تلك الحقيقة القاطعة للثبات تجاه تيارات الضلالة الرهيبة، حيث تكون لهم حجةً قوية، ومرشدا ثبتا، ومرجعا لا ينخدع ولا يخدع ولا يتراجع ولا يتزعزع.

    فمن يشاهد ترابطكم المتين وتساندَكم القوي يطمئن قلبُه، إذ يدرك أن هناك حقيقة راسخة لا يُضحى بشيء، ولا يغلبها شيء، ولا تحني رأسَها لأهل الضلالة.. فيقوى إيمانُه، وتعمُق قوتُه المعنوية وينجو -بإذن الله- من الالتحاق بصفوف أهل السفاهة والدنيا.

    بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ

    Ey adliye efendileri!

    Size kat’î haber veriyorum ki: Buradaki zatların, bizimle ve Risale-i Nur’la münasebeti olmayan veya az bulunan veya inkâr edenlerden başka, istediğiniz kadar hakiki kardeşlerim ve hakikat yolunda hakikatli arkadaşlarım var. Bizler, Risale-i Nur’un keşfiyat-ı kat’iyesiyle iki kere iki dört eder derecesinde sarsılmaz bir kanaatle bilmişiz ki ölüm, bizim için sırr-ı Kur’an ile idam-ı ebedîden terhis tezkeresine çevrilmiş. Ve bize muhalif ve dalalette gidenler için o kat’î ölüm, ya idam-ı ebedîdir (eğer âhirete kat’î imanı yoksa) veya ebedî ve karanlıklı haps-i münferiddir (eğer âhirete inansa ve sefahet ve dalalette gitmiş ise).

    Acaba dünyada bu meseleden daha büyük daha ehemmiyetli bir mesele-i insaniye var mı ki bu, ona âlet olsun? Sizden soruyorum! Madem yoktur ve olamaz, neden bizimle uğraşıyorsunuz? Biz en ağır cezanıza karşı kendimize, âlem-i nura gitmek için bir terhis tezkeresini alıyoruz diye kemal-i metanetle bekliyoruz.

    Fakat bizi reddedip dalalet hesabına mahkûm edenler! Sizi gördüğümüz gibi, idam-ı ebedî ile ve haps-i münferidle mahkûm ve pek yakın bir zamanda o dehşetli cezayı çekeceklerini müşahede derecesinde biliyoruz ve görüyoruz; onlara insaniyet damarıyla cidden acıyoruz.

    Bunu kat’î ispat etmeye ve en mütemerridleri dahi ilzam etmeye hazırım! Değil vukufsuz, garazkâr, maneviyatta behresiz ehl-i vukufa karşı belki en büyük âlim ve feylesoflarınıza karşı gündüz gibi ispat etmezsem, her cezaya razıyım!

    İşte yalnız bir numune olarak iki cuma gününde mahpuslar için telif edilen ve Risale-i Nur’un umdelerini ve hülâsa ve esaslarını beyan ederek Risale-i Nur’un bir müdafaanamesi hükmüne geçen Meyve Risalesi’ni ibraz ediyorum ve Ankara makamatına vermek için yeni harflerle yazdırmaya müşkülatlar içinde gizli çalışıyoruz. İşte onu okuyunuz, tam dikkat ediniz, eğer kalbiniz (nefsinize karışmam) beni tasdik etmezlerse bana şimdiki tecrid-i mutlakım içinde her hakaret ve işkenceyi de yapsanız, sükût edeceğim!

    Elhasıl: Ya Risale-i Nur’u tam serbest bırakınız veyahut bu kuvvetli ve zedelenmez hakikati elinizden gelirse kırınız! Ben şimdiye kadar sizi ve dünyanızı düşünmüyordum ve düşünmeyecektim fakat mecbur ettiniz; belki de sizi ikaz etmek lâzımdı ki kader-i İlahî bizi bu yola sevk etti. Biz de مَن۟ اٰمَنَ بِال۟قَدَرِ اَمِنَ مِنَ ال۟كَدَرِ düstur-u kudsîyi kendimize rehber edip her bir sıkıntınızı sabır ile karşılayacağız diye azmettik.

    Mahkemede son sözüm:

    Efendiler!

    Çok emarelerle kat’î kanaatim gelmiş ki hükûmet hesabına “hissiyat-ı diniyeyi âlet ederek emniyet-i dâhiliyeyi ihlâl etmek” için bize hücum edilmiyor. Belki bu yalancı perde altında, zındıka hesabına, bizim imanımız için ve imana ve emniyete hizmetimiz için bize hücum edildiğine çok hüccetlerden bir hücceti şudur ki:

    Yirmi sene zarfında, Risale-i Nur’un yirmi bin nüshalarını ve parçalarını yirmi bin adamlar okuyup kabul ettikleri halde, Risale-i Nur’un şakirdleri tarafından emniyetin ihlâline dair hiçbir vukuat olmamış, hükûmet kaydetmemiş ve iki mahkeme bulmamış. Halbuki böyle kesretli propaganda, yirmi günde vukuatlar ile kendini gösterecekti. Demek, hürriyet-i vicdan prensibine zıt olarak bütün dindar nasihatçilere şâmil, lastikli bir kanunun 163’üncü maddesi sahte bir maskedir. Zındıklar, onunla hükûmeti iğvâ ederek ve adliyeyi şaşırtıp bizi herhalde ezmek istiyorlar.

    Madem hakikat budur, biz de bütün kuvvetimizle deriz: Ey dinini dünyaya satan ve küfr-ü mutlaka düşen bedbahtlar! Elinizden ne gelirse yapınız. Dünyanız başınızı yesin ve yiyecek! Yüzer milyon kahraman başlar feda oldukları bir kudsî hakikate, başımız dahi feda olsun! Her cezanıza ve idamınıza hazırız! Hapsin harici bu vaziyette, yüz derece dâhilinden daha fenadır. İstibdad-ı mutlak altında hiçbir hürriyet –ne hürriyet-i ilmiye ne hürriyet-i vicdan ne hürriyet-i diniye– olmamasından ehl-i namus ve diyanet ve taraftar-ı hürriyet olanlara ya ölmek veya hapse girmekten başka bir çare kalmaz. Biz de اِنَّا لِلّٰهِ وَاِنَّٓا اِلَي۟هِ رَاجِعُونَ diyerek Rabb’imize dayanıyoruz.

    Risale-i Nur’a ait dava ve itiraz, cüz’î bir hâdise ve şahsî bir meselede değil ki çok ehemmiyet verilmesin. Belki bu milleti ve memleketi ve hükûmeti ciddi alâkadar edecek ve dolayısıyla âlem-i İslâm’ın nazar-ı dikkatini ehemmiyetli bir surette celbedecek bir küllî hâdise hükmünde ve umumî bir meseledir.

    Evet Risale-i Nur’a perde altında hücum eden, ecnebi parmağıyla bu vatandaki milletin en büyük kuvveti olan âlem-i İslâm’ın teveccühünü ve muhabbetini ve uhuvvetini kırmak ve nefret verdirmek için siyaseti dinsizliğe âlet ederek perde altında küfr-ü mutlakı yerleştirenlerdir ki hükûmeti iğfal ve adliyeyi iki defadır şaşırtıp der: “Risale-i Nur ve şakirdleri, dini siyasete âlet eder, emniyete zarar ihtimali var.”

    Hey bedbahtlar! Risale-i Nur’un gerçi siyasetle alâkası yoktur fakat küfr-ü mutlakı kırdığı için, küfr-ü mutlakın altı olan anarşiliği ve üstü olan istibdad-ı mutlakı esasıyla bozar, reddeder. Emniyeti, asayişi, hürriyeti, adaleti temin ettiğine yüzer hüccetlerden birisi, bu müdafaanamesi hükmündeki Meyve Risalesi’dir. Bu risaleyi, âlî bir heyet-i ilmiye ve içtimaiye tetkik etsinler. Eğer beni tasdik etmezlerse, ben her cezaya ve işkenceli idama razıyım.

    Said Nursî

    بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إياكم والمراء، احذروا المناقشة. فالآذان المتجسسة تستفيد منها، فمهما يكن المناقِش فهو على باطل في وضعنا الحالي، سواءً أكان محقّا أم لا! إذ ربما يُلحق بنا ضررا جسيما في حين ليس له إلّا النـزر اليسير من الحق.

    أُكرر لكم الحقيقة التي ذكرتُها لإخواني الحساسين في سجن «أسكي شهر»:

    ولما كنت مع تسعين من ضباطنا -في الحرب العالمية السابقة- أسرى معتقَلين في ردهة طويلة، في شمالي روسيا، كنت لا أسمح بالضوضاء والصخب بإسداء النصح لهم، إذ كانوا يحترمونني بما يفوق قدري بكثير، ولكن على حين غرة أثار الغضبُ الناشئ من توتر الأعصاب والانقباض المستولي على النفوس مناقشاتٍ حادة. فقلت لبضعةٍ منهم: «اذهبوا إلى حيث الضجيج والصياح، وساندوا المبطل دون المحقّ». وقد قاموا بدورهم. فانقطع دابر المناقشات الضارة.

    ثم سألوني: «لِمَ قمت بهذا العمل الباطل؟». قلت لهم: «إن المحقّ يكون منصفا ويضحي بحقه الجزئي في سبيل راحة الآخرين ومصلحتهم التي هي كثيرة وكبيرة. أما المبطل فهو -على الأغلب- مغرور وأناني لا يضحي بشيء، فيزداد الصخب!».

    إخوتي!

    اقرؤوا مكررا وبإمعان ما كُتب في الرسائل الصغيرة من مدار السلوان والصبر والتحمل. فأنا أَضعفُكم وأكثرُكم نصيبا من هذه المصيبة الضجرة. إلّا أنني بفضل الله أتحمل ذلك الضِيق. فللّه الحمد والشكر لم أَمتعض أبدا ممن يحمّلون الأخطاء والتبعات كلها عليّ. ولم أضجَر أيضا ممن دافعوا عن أنفسهم وألقوا التبعات -ضمنا- على الجماعة وحمّلوها علينا باعتبار وحدة المسألة.. فما دمنا نحن إخوة في الله فأرجو الاقتداء بي في هذا الصبر.

    باسمه سبحانه

    إخوتي الأعزاء الأوفياء ويا أصحابي في مَضيف هذه الدنيا!

    لقد فكرتُ هذه الليلة -بمشاعرِ «سعيد القديم» العزيزة- في سَوقنا معا إلى المحكمة وأنا مكبّل اليدين وسطَ جنود مدججين بالسلاح الأبيض، فانتابنى غضب شديد. وفجأة أُخطر إلى القلب:

    ينبغي استقبال هذا المشهد بالشكر المكلل بالفخر والسرور، لا بالغضب والحدة، لأن هؤلاء في نظرِ ما لا يُعد ولا يحصى من ذوي الشعور والمَلك والروحانيين وأهلِ الحقيقة من الناس وأصحاب الضمائر وأهل الإيمان التحقيقي، يَظهرون بمظهرِ قافلةِ الأبطال الميامين الذين يَتَحدَّون هذا العصر في سبيل الحق والحقيقة ورفعِ راية القرآن والإيمان. وحيث إن الرحمة الإلهية والرضى الرباني متوجهان إليهم، ويُقدَّرون في نظرهما بالاستحسان والإعجاب، فلا قيمة ولا أهمية لنظر الإهانة الآتية من قبل شرذمة من السفهاء السائبين.

    حتى إنني عندما ذهبت بالسيارة -بسبب المرض- استشعرت ضيقا شديدا. بينما شعرت بانشراح عظيم عندما كنت معكم في أثناء السَوق مُكبل اليدين مثلكم. بمعنى أن تلك الحالة ناشئة من هذا السر.

    أُكرر ما قلته مرارا:

    إنه لا يشاهَد في التاريخ من يتحمل في سبيل الحق أقلَّ المشاق وينال أعظمَ الثواب مثل طلاب رسائل النور. فمهما تحمّلنا من مشاقَّ فهي زهيدة أيضا.

    باسمه سبحانه

    ﴿وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪﴾

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    كان من الصعوبة النجاة من مصيبتنا هذه والتهرّب منها بجهتين:

    أولاها: كان لابد لنا من المجيء إلى هنا، ليُطعمنا القدرُ الإلهي هنا ما قسّمه لنا. إذن فهذا الوضع هو أفضلُه وأكثره خيرا.

    ثانيتها: لم نتمكن من الخلاص من المؤامرة والشِباك التي حيكت لنا. فقد شعرت بها ولكن لا خلاص. حتى إن الشيخ عبد الحكيم(∗) والشيخ عبد الباقي لم ينجيا. بمعنى أن شكوى بعضِنا لبعض في مصيبتنا هذه باطلٌ لا أساس له، ولا معنى، وهو مضر، ونوع من الإعراض عن رسائل النور.

    حذار.. حذار مِن جعل ما أظهره الأركانُ الخواص من أعمالٍ وخدمات سببا لهذه المصيبة، ومن ثم الاستياء منهم. فهذا تخلّف عن رسائل النور وندامةٌ على تعلم الحقائق الإيمانية. وتلك مصيبةٌ معنوية أدهى من المصيبة المادية.

    فأنا أُطَمْئِنكم -مقسما بالله- أنه بالرغم من أن لي نصيبا في هذه المصيبة أكثر من كلٍ منكم بعشرين أو ثلاثين درجة، فلا أَستاء ممن سبّب هذه المصيبة بنيّة خالصة ومن جراء فعاليته في الخدمة وعدم أخذه بالحذر، بل حتى لو تضاعفت هذه المصيبة بعشرة أمثالها فلا أمتعض منه ولا أَستاء. وكذا لا معنى للاعتراض على ما فات. لأنه غير قابل للترميم.

    إخوتي!

    إن القلق يضاعف المصيبة ويكون جذرا في القلب لتستقر عليه المصيبةُ المادية، فضلا عن أنه يومئ ويُشَمّ منه نوع من الاعتراض والنقد تجاه القدر الإلهي، وهو نوع من الاتهام تجاه الرحمة الإلهية.

    فما دام في كل شيء جهةُ جمال وجلوة من الرحمة الإلهية وأن القدر يفعل ما يفعل وفق عدالة وحكمة، فلابد أننا مكلفون بعدم الاهتمام بالمشقات الهينة في سبيل وظيفة مقدسة في هذا الزمان وذاتِ مساس بالعالم الإسلامي عامة.

    (حالة جزئية اعتيادية بسيطة من أحوالي استوجبت كتابتَها إليكم)

    إخوتي!

    إنني اقتنعت قناعة تامة أنَّ العين تصيبني وتؤثر فيّ تأثيرا شديدا وتمرضني. وقد جربت هذا كثيرا.

    فأنا أُحب مصاحبتكم من صميم روحي في كل الأحوال ولكن حسب القاعدة المشهورة: «النظر يدخل الجملَ القِدر والرجلَ القبر» ([13]) تصيبني العينُ والنظر. لأن الذي ينظر إليّ إما أنه ينظر بعداوة شديدة، أو بالتقدير والاحترام، فكلا النظرَين أيضا موجودان لدى بعض الناس الذين يحملون خاصية الإصابة في نظرهم، لذا إذا كان من المستطاع ولم يرغموني على مرافقتكم، فلا آتي المحكمة برفقتكم دائما.

    بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ

    وَ اِن۟ مِن۟ شَى۟ءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَم۟دِهٖ

    Aziz kardeşlerim!

    Bu fecirde birden bir fıkra ihtar edildi. Evet, ben de Hüsrev’in zelzele hakkında tafsilen yazdığı keramet-i Nuriyeyi tasdik ederim ve kanaatim de o merkezdedir. Çünkü Risale-i Nur ve şakirdlerine dört defa şiddetli taarruzların aynı zamanında dört defa dehşetli zelzelenin hücumu tam tamına tevafukları tesadüfî olmadığı gibi; Risale-i Nur’un iki merkez-i intişarı olan Isparta ve Kastamonu’nun sair yerlere nisbeten âfattan mahfuz kalmaları ve Sure-i Ve’l-Asr işaretiyle, âhir zamanın en büyük bir hasaret-i insaniyesi olan bu İkinci Harb-i Umumî’den çare-i necat ise iman ve amel-i salih olmasından, Risale-i Nur’un Anadolu’nun her tarafında iman-ı tahkikîyi neşri zamanına Anadolu’nun fevkalâde olarak bu hasaret-i azîme-i harbiyeden kurtulması tam tamına tevafuku dahi tesadüfî olamaz.

    Hem Risale-i Nur’un hizmetine zarar veren veya hizmette kusur edenlere aynı zamanında gelen şefkat veya hiddet tokatlarının yüzer vukuatları tam tamına tevafukları tesadüfî olmadığı gibi Risale-i Nur’a hüsn-ü hizmet edenlerin hemen hemen bilâ-istisna maişetinde vüs’at ve bereket ve kalbinde meserret ve rahat görmelerinin binler hâdiseleri dahi tesadüfî olamaz.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    حسب مضمون الآية الكريمة: ﴿ وَعَسٰٓى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْـًٔا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ (البقرة:٢١٦) والقاعدةِ المقررة: «الخير فيما اختاره الله» فإن بلوغ أكثر الرسائل سرّيّة إلى أيادي أغرب الناس عنّا، وتحدّيها لأعتى المتكبرين، وإظهارَ أخطاءِ مَنْ هم في أعلى مناصب الدولة.. جعلتها تنسلُّ من تحت ستار القاعدة المقررة: «سِرًّا تَنَوَّرَتْ». فقد كان الغرض إلى الآن استصغار قضية رسائل النور ولكن على كل حال قد علموا أنها قضية عظيمة جدا، وأنّ جلبها للأنظار يفتح السبيل إلى فتوحات باهرة جديدة للرسائل ويُلجئ كذلك أعداءَها إلى قراءتها بإعجاب واهتمام. حتى إنها نوّرت كثيرا من المترددين في محكمة «أسكي شهر» والمتحيرين والمحتاجين وأنقذتهم. فبدّلت مشقاتنا تلك إلى رحمات. وستُظهر تلك الخدمة المقدسة فتوحاتِها بإذن الله هذه المرةَ في ساحة أوسع وفي محاكم كثيرة، ومراكز عديدة.

    نعم، إن مَن يُشاهد أسلوبَ بيان رسائل النور لا يمكن أن لا يهتم بها، فهي لا تشبه المؤلفات الأخرى بتأثيرها في العقل والقلب وحدهما، بل تسخّر أيضا النفسَ والمشاعر.

    إن تبرئة ساحتكم والإفراج عنكم لا يضر هذه الحقيقة ولكن براءتي أنا فيه ضرر. لأنه حتى نفسي الأمارة قد قبلتْ بأن أُضحّى لأجل حقيقة واحدة تمس العالم الإسلامي لا بحياتي الدنيوية وحدها بل إذا لزم الأمر بحياتي الأخروية وسعادتِها أيضا في سبيل إسعاد أهل الإيمان برسائل النور.

    Burada başı yazılmayan zelzele hâdisesinin mâba’di Hüsrev’in mektubunda:

    Daha sonra başka bir gazetede, tamamlayıcı ve hayret verici şu malûmatları gördüm: Zelzeleden evvel kediler, köpekler üçer beşer olarak toplanmışlar, sessiz olarak düşünceli gibi alık alık birbirine bakarak bir müddet beraber oturmuşlar, sonra dağılmışlar. Gerek zelzele olurken ve gerekse olmadan evvel veya olduktan sonra bu hayvanlardan hiçbiri görülmemiş; kasabalardan uzaklaşarak kırlara gitmişler. Bir garibi de şudur ki: Bu hayvanlar isyanımızdan mütevellid olan başımıza gelecek felaketleri lisan-ı halleriyle haber verdiklerini yazıyorlar da biz anlamıyoruz diyerek taaccüb ediyorlar.

    İşte Bediüzzaman’ın uzun senelerden beri “Zındıklar Risale-i Nur’a dokunmasınlar ve şakirdlerine ilişmesinler. Eğer dokunurlarsa ve ilişirlerse yakınında bekleyen felaketler, onları yüz defa pişman edecek.” diye Risale-i Nur ile haber verdiği yüzler hâdisat içinde işte zelzele eliyle doğruluğunu imza ederek gelen dört hakikatli felaket daha…

    Cenab-ı Hak bize ve Risale-i Nur’a taarruz edenlerin kalplerine iman, başlarına hakikati görecek akıl ihsan etsin. Bizi bu zindanlardan, onları da bu felaketlerden kurtarsın, âmin!

    Hüsrev

    Aziz, sıddık kardeşlerim ve musibet arkadaşlarım!

    Sizin içinizde mübarek âlimler ve âlîcenab müdebbirler ve hâlis fedakâr şakirdler bulunmasından büyük bir itimat ile size güveniyordum ki kuvvetli ve dessas ve kesretli düşmanlarımıza karşı vahdetinizi ve tesanüdünüzü muhafaza edeceksiniz diye istirahat ederdim, sizin ile meşgul olmazdım. Birkaç noktayı beyan etmek lüzum oldu.

    Birincisi: Tahliyeniz uzamamak için ben, Ankara’ya bir şey gönderip müracaat etmeyecektim. Fakat mahkeme, mahrem ve gayr-ı mahrem risaleleri ve eski ve yeni mektupları karıştırarak Ankara’ya gönderdiğinden, mecburiyetle buradaki ehl-i vukuf gibi mahrem risaleleri esas ederek oradaki ehl-i vukuf aleyhimize hükmetmemek için mahremlere, hususan Beşinci Şuâ’nın Süfyan ve İslâm Deccalı hakkında gayet kuvvetli cevap veren Müdafaat Risalesi’ni ve felsefe-i tabiiyenin verdiği küfr-ü mağruraneyi ve iman aleyhinde cüretkârane tecavüzünü kıran Meyve Risalesi’ni o makamata göndermek zarurî ve lâzım idi.

    İkinci Nokta: Aziz kardeşlerim! Sizin bu ehemmiyetli mektubunuzun cevabını yazarken, benim elime aynı mektubu verdiler. “İkinci Nokta”ya başladım, kaldı. İşte tamam ediyorum.

    Dikkat ediniz; eğer bu fikrin faydasız avukatınız tarafından tervici varsa herhalde mahkûmiyetimize taraftar olanların bir tedbiridir ki Ankara’daki ehl-i vukuf buradaki ehl-i vukuf gibi neşrolunmayan mahrem ve hususan Beşinci Şuâ risalelerini esas edip bütün Risale-i Nur’a teşmil edip müsadere etmek ve Beşinci Şuâ’nın meselelerini, Risale-i Nur’u okuyan bütün bîçare talebelerin dersleridir diye onları benim suçumla tam bağlamak için dehşetli bir plandır. Beni konuşmaktan men’etmek ve yazdıklarımı müsadere ile Ankara’ya göndermemek fikriyle, müdür ve müddeiumumî muavini müşkülat vermeleri kuvvetli bir emaredir ki müdafaatın cerh edilmez cevapları yetişmeden Ankara aleyhimize hüküm vermek içindir.

    Üçüncü Nokta: Zaten meseleyi uzatacak ehemmiyetli kitapları ve evrakları ve müdafaaları dahi Ankara’ya göndereceğini, mahkeme reisi o gün söyledi. Elbette şimdi yetişmiş. Şimdi benim muntazam ve izahlı iki müdafaanamem gitse belki meseleyi çabuk halleder, mesele uzanmaz, tacil eder, çabuk aile sahipleri kurtulurlar. Fakat ben ve benim gibi alâkasızlar kurtulmaya değil belki hakaik-i imaniyeyi mülhidlere, mürtedlere karşı müdafaa etmek için en müsait bir yer olan hapiste kalmak lâzımdır.

    Dördüncü Nokta: Risale-i Nur beraet etmezse ve benim müdafaatım nazara alınmazsa; faydasız, zâhirî inkârınız sizi kurtarmayacak. Vahdet-i mesele haysiyetiyle biz birbirimizle bağlanmışız, yalnız münasebetleri pek az bulunan bir kısım arkadaşlar kurtulabilirler. Eskişehir Mahkemesi, bunu bilfiil gösterdi.

    Bir seneden beri, gayet dikkatle içimize casusları sokan ve safdil ve cüretkâr talebelerin ifşaatını zapt eden ve bi’l-iltizam bizi perişan ve mesleğimizden pişman etmek için her vesileyi istimal eden, hattâ aleyhimize Şeyh Abdülhakîm’i sevk ettikleri halde, onu ve Şeyh Abdülbâki’yi ve bana ara sıra itiraz eden Şeyh Süleyman’ı bizim gibi perişan eden adamlara karşı inkârlarınız ve kaçmanız, onların kanaat-i vicdaniye dedikleri düşüncelerinde beş para etmez ve Eskişehir’de dahi etmedi.

    Beşinci Nokta: Biz hem burada hem Eskişehir’de tecrübe ile kat’î anladık ki: Biz, vahdet-i mesele cihetiyle tam bir tesanüde şiddetle muhtacız. Sıkıntıdan gelen gücenmekler ve titizlikler ve itirazlar, bizim perişaniyetimizi ikileştirir. Maatteessüf en ziyade güvendiğim ve itimat ettiğim, sizlerdiniz. Bazı hatırıma bir telaş geldiği vakit, İstanbul’dan gelen kâmil ve sıddık hocalar ve Kastamonu vilayetinde fevkalâde sadakat gösteren zatları tahattur ile o endişem zâil olurdu. Dikkat ediniz, küfr-ü mutlakı müdafaa eden gizli komite içinize parmak sokmasın. Benim komşudaki koğuşa parmağını soktu, beni azap içinde bıraktı.

    Şimdi siz, mabeyninizde münakaşasız bir meşveret ediniz. Kararınızı kabul ederim. Fakat benim müdafaatım tâ Ankara’ya gitse ve medar-ı nazar olsa buradaki mahkeme, kurtulması mümkün olanlar hakkında kararını vermek ihtimalini hem şimdi bizimle uğraşan ve Abdülbâki ve Abdülhakîm ve Hacı Süleyman’ı nefyeden ve Yeşil Şemsi’yi tahliyeden sonra burada durduran adamlar, elbette Hâfız Mehmed ve Seyyid Şefik gibi salabet-i diniyeleri ile ve onların ölmüş reislerine ve suretine baş eğmemesiyle ve ilhad ve bid’alara taraftarlıklarını göstermemesiyle beraber, serbest bırakmamak ihtimalini de hem Risale-i Nur’un tesettür perdesinden çıkıp gayet büyük ve umumî bir meselede kendi kendine merkezlerinde mübarezesi zamanında şakirdlerini arkasında bulmak ve kaçmamakla sarsılmaz ve mağlup olmaz bir hakikate bağlandıklarını mütereddid ve mütehayyir ehl-i imana göstermesi gayet lüzumlu olduğunu dahi nazarınıza ve meşveretinize alınız. Sakın sakın birbirinizin kusuruna bakmayın; hiddet yerinde hürmet ediniz, itiraz yerinde yardım ediniz.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء الصادقين!

    لقد غيرتُ أحد أدعيتي منذ بضعة أيام، إذ رفعتُ كلمة «الصادقين» من دعائي الذي يضم: «واغفر لنا».. أو «وفّق طلبة رسائل النور الصادقين». والذي كنت أكرره لحد الآن مائة مرة أحيانا. وذلك لئلا يُحرَم من تلك الأدعية أولئك الإخوة الذين يرون أنفسهم مضطرين إلى العمل بالرخصة الشرعية ويتبرؤون منّا ظاهرا، مما يسببه الضيقُ والشبهات المثارة من ضجر ويأس واتخاذ موقف يخالف العزيمةَ والوفاء.

    باسمه سبحانه

    أخي العزيز الحافظ علي!

    لا تهتم لمرضك، نسأله تعالى أن يرزقك الشفاء. آمين. فإنك رابح غانم كثيرا، لأن كل ساعة من العبادة في السجن بمثابة اثنتي عشرة ساعة. فإن كنت محتاجا إلى الدواء فلديّ بعضه لأرسله إليك. علما أن وباءً خفيفا منتشر في الأوساط. ففي اليوم الذي أذهب فيه إلى المحكمة أَمْرَضُ بلا شك.. ولعلك أصبحت معينا لي في ذلك فأخذت شيئا من مرضي، كما كانت تحدث بطولات خارقة سابقا، فيتمرض أحدهم بدلا من أخيه أو يموت بدلا منه.

    «عزاء جميل وفي أنسب وقت»

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    لكل مصيبة نقول: ﴿ اِنَّا لِلّٰهِ وَاِنَّٓا اِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ (البقرة:١٥٦).

    أُعزّي نفسي وأعزّيكم وأعزّي رسائل النور. ولكني أهنئ المرحوم «الحافظ علي» وأهنئ مقبرة «دنيزلي» لأن أخانا الرائد الذي أدرك حقيقةَ «رسالةِ الثمرة» عِلمَ اليقين، قد تَرك جسده في القبر، صاعدا كالملائكة إلى النجوم وعالم الأرواح، لأجل الارتقاء إلى مقامِ عين اليقين وحق اليقين، وخلد إلى الراحة والسكون متسرحا عن وظيفته التي أدّاها حق الأداء.

    نسأل الله الرحمن الرحيم أن يكتب في سجل أعماله حسناتٍ بعدد جميع حروف رسائل النور المكتوبة والمقروءة. آمين. وينـزلَ شآبيب رحمته بعددها على روحه... آمين. ويجعلَ القرآن الكريم ورسائل النور مؤنسين لطيفين له في القبر.. آمين. ويحسنَ إلى «مصنع النور» بعشرةِ عاملين بدلا منه.. آمين.. آمين.. آمين.

    أما أنتم فيا إخوتي، اذكروه في أدعيتكم، كما أذكره أنا، مستعملين ألف لسان عوضا عن لسانه، راجين من رحمته تعالى أن يكسبه ألف حياة وألف لسان بدلا عما فقده من حياة واحدة ولسانٍ واحد.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    نحمد الله سبحانه وتعالى بما لا يتناهى من الحمد والشكر، على ما يسّر لنا من نيلِ شرف المقام الرفيع لطلبة العلوم وأعمالهم الجليلة بوساطتكم في هذا الزمان العجيب والمكان الغريب.

    ولقد ثبت بوقائع عديدة بمشاهدة أهل كشف القبور، أن طالبَ علمٍ جاداً تواقاً للعلوم عندما يتوفى أثناء تحصيله لها، يرى نفسه -كالشهداء- حيا يُرزق ويزاول الدرس.

    حتى إن أحد أهل كشف القبور المشهورين قد راقب كيفية إجابة طالبِ علم متوفى في أثناء دراسته لعلم الصرف والنحو، لأسئلة المنكر والنكير في القبر، فشاهد أنه عندما سأله الملك: من ربك؟ أجاب: مَن: مبتدأ، ربك: خبره، وذلك على وفق علم النحو، يحسب نفسه أنه مازال في المدرسة يتلقى العلم.

    فبناء على هذه الحادثة فإني أعتقد أن المرحوم الحافظ علي منهمك برسائل النور كما كان دأبه في الحياة، وهو على هيئة طالب علم يتلقى أرفع علم وأسماه، وقد تسنّم مرتبة الشهداء حقا ويزاول نمط حياتهم.

    وبناء على هذه القاعدة أدعو له في أدعيتي، وأدعو لمثيله «محمد زهدي» و«الحافظ محمد» قائلا:

    «يا رب سخِّر هؤلاء إلى يوم القيامة لينشغلوا بحقائق الإيمان وأسرار القرآن ضمن رسائل النور بكمال الفرح والسرور... آمين. إن شاء الله».

    باسمه سبحانه

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إنني لا أستطيع نسيان الأخ «الحافظ علي» وقد هزّني ألمُ فراقه هزا عنيفا. وأحسب أن ذلك المرحوم قد رحل بدلا مني كما كان أشخاصٌ مضحّون يتوفّون أحيانا بدلا من أصحابهم. فلولا أن قام أمثالُكم بما قام به هو من خدمات جليلة وعلى نسقه، لَلَحِق العملَ للقرآن وللإسلام ضررٌ كبير. وإنني كلما تذكرت وارثيه، وهم أنتم، زالت تلك الآلام وتركت مكانها للسرور والانشراح.

    وإنه لأمر محيّر أن يتولد لديّ حاليا شوق للذهاب إلى ذلك العالم، عالم البرزخ الذي ذهب إليه أخونا بحياته المعنوية بل المادية وانكشف لروحي مشهد آخر.

    وكما نتحاور ونتسامر مع إخوتنا في «إسبارطة» بالمراسلات ونحن مازلنا هنا، ونهدي لهم التحيات ونتجاذب أطراف الحديث معهم، كذلك عالم البرزخ الذي سكن فيه «الحافظ علي» قد أصبح في نظري مثل «إسبارطة» و«قسطموني». حتى طرق سمعي أنه قد رحل أحدهم هذه الليلة إلى هناك (أي توفي) فتأسفتُ أكثر من عشر مرات: لِمَ لم أَبعث معه السلام إلى «الحافظ علي»؟ ثم أُخطر إلى القلب: لا حاجة إلى وسائط لإبلاغ السلام. فإن رابطته كالتلفون، فضلا عن أنه يأتي ويستلم!

    إن ذلك الشهيد العظيم قد حبّب إليّ مدينة «دنيزلي» فلا أَرغب في مغادرتها.

    إن ما أنجزه هو و«محمد زهدي» و«الحافظ محمد» من خدمات في سبيل الإيمان والنور تدوم بإذن الله، وهم يشاهدونها من أَقرب موضع، وربما يعاونون في إنجازها.

    وحيث إنهم قد أخذوا مواقعَ رفيعة لدى دائرة الأولياء العظام -من حيث خدماتهم الجليلة- فأنا أذكر ذينك الاثنين مع «الحافظ محمد» ضمن سلسلة الأقطاب وأبعث إليهم هدايانا.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إن ما تتحلّون به من إخلاص ووفاء وثبات كاف لغضّ الطرف عن نقائص بعضِكُم للبعض الآخر وسترها وأنتم ترزحون تحت ثقل هذه المضايقات والمشقات. وإن رابطة الأخوة الموثوقة بسلسلة رسائل النور لَحسنةٌ عظيمة تذهب بألف سيئة. فينبغي التعامل بالمحبة والصفح فيما بينكم حسب رجحان الحسنات على السيئات كما هو في الحشر الأعظم حيث تُذهب العدالةُ الإلهية السيئات برجحان الحسنات. وبخلاف ذلك فإن الانفعال وسَورة الغضب إزاء سيئة واحدة، والإثارة المضرة الناجمة من الضجر والضيق، يكون ظلما مضاعفا.. نسأل الله أن تزيلوا الضجر والسآمة بمعاونة بعضكم البعض الآخر في السراء وبث السلوان.

    إخوتي الأعزاء الميامين الأوفياء!

    إن سبب عدم محاورتي معكم منذ بضعة أيام هو ما انتابني من مرض شديد مسمّم لم أرَ مثلَه لحد الآن.

    فأنا أشكر الله عز وجل باسم رسائل النور إلى آخر رمق من حياتي، وأفتخر بإخوتي الثابتين الأقوياء العاملين الذين لا يتزعزعون ضمن دائرة «النور» ([14]) ودائرة «الورد»، ([15]) مع الأوفياء المضحين في «قسطموني». وأجد السلوان التام والمرتكز القوي معهم إزاء جميع ما يصبّه الظلمة علينا من عذاب. وحتى لو مُتّ الآن لاستقبلتُ الأجل بصدر رحب وقلب بهيج، ما داموا موجودين.

    إن أهل الدنيا تُساورهم شكوك وأوهام لا أساس لها أصلا، وكأنني أتحداهم وأبارزهم في الميدان، لذا ألقَوني في غياهب السجن؛ بينما القدرُ الإلهي ألقاني في السجن، لأنني لم ادعُهم إلى الخير ولم أحاول إصلاحَهم.


    ولئن لبثتُ في السجن مع بضعٍ مِن أحبّتي فحسب، لطالبتُ السلطات في «أنقرة» بإجراء محاكمة علنية تهم العالم الإسلامي. وسنرسل إن شاء الله نسخا عدة من رسالة «الثمرة» وأجزاء من «الدفاع» بالحروف الجديدة، إلى المراجع العليا المهمة.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إن قسما من الأحاديث النبوية متشابهات، ليس خاصا ولا جزئيا، ولا يتوجه إلى مواضع عامة. وقسم آخر من الأحاديث يبيّن من الفتن الدينية التي تصيب الأمة الإسلامية زمانا واحدا فقط ومواضع محددة كالحجاز والعراق مثالا لها.

    وفي الحقيقة ظهرت في زمن العباسيين فرقٌ ضالة كثيرة أضرت بالإسلام كالمعتزلة والروافض والجبرية والزنادقة والملاحدة المتسـترين. وقد أَخمد أئمةُ الإسلام العظام كالإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل والإمام الغزالي والشيخ الكيلاني والجنيد البغدادي(∗) نارَ تلك الفتن التي دبّت في مجال الشريعة والعقيدة.

    وعلى الرغم من مرور ثلاثمائة سنة على هذا الظهور الإيماني فإن تلك الفرق الضالة المتسترة قد أوقعت المسلمين في فتنة هولاكو وجنكيز خان عن طريق السياسة. وقد أشار الحديث الشريف والإمام علي رضي الله عنه إلى هذه الفتنة إشارة صريحة وبتاريخها.

    ولما كانت فتنةُ زماننا هذا أعظمَ الفتن فقد أخبرتْ أحاديثُ شريفة متعددة وإشارات قرآنية كثيرة عنها بتواريخها.

    وقياسا على هذا، عندما يبيِّن حديثٌ شريف الأحداثَ التي تمر على الأمة بصورة كلية، يبين حادثة واحدة -أحيانا- بتاريخها كمثال من ذلك الكلي.

    فمثل هذه الأحاديث المتشابهة قد لا تُدرَك معانيها على الوجه الصحيح، وقد أَثبتت أجزاءُ رسائل النور إثباتا واضحا تأويلَ تلك الأحاديث، وأظهرتْ هذه الحقيقةَ مع قواعدها وأصولها في كل من «الكلمة الرابعة والعشرين» و«الشعاع الخامس».

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    لقد أُخطر إلى قلبي أن أبين لكم حقيقة لئلا يتهم بعضُكم بعضا بالأنانية وعدم الوفاء.

    لقد رأيت -يوما- من ولي عظيم قد ترك الأنانية وانمَحت نفسُه الأمارة. رأيت منه أنه يشكو بشدة من النفس الأمارة، فحرتُ في الأمر. ثم عرفت يقينا أنه لأجل إدامة المجاهدة المُثاب عليها إلى نهاية العمر تتحوّل أعتدة النفس الأمارة بموتها إلى العروق والمشاعر.

    وهكذا يشكو أولئك الأولياء العظام من هذا العدو الثاني الوارث للنفس الأمارة.

    فضلا عن أن القيمة والمقام والمزية المعنوية لا تتوجه إلى هذه الدنيا كي تُشعر بنفسها. بل إن بعضا ممن هم في أعلى المقامات، يعدّون أنفسهم أكثر الناس ضعفا وعجزا وإفلاسا لأنهم لا يستشعرون إحسانا إلهيا أُنعم عليهم. مما يدل على أن الكشف والكرامة والأذواق والأنوار التي تعتبر في نظر العوام مدارَ الكمالات لا تكون قطعا محكّا ولا مدارا لتلك المقامات والقيم المعنوية.

    ومما يُثبت هذه الحقيقةَ أنه بينما ساعةٌ واحدة من حياة صحابي كريم تعادل يوما من حياة وليّ، بل أياما من معاناته واعتكافه. لا تبدو في كل صحابي تلك الحالات الخارقة المعنوية والكشف كما هو لدى الأولياء.

    وهكذا فيا إخوتي!

    تأملوا جيدا وراقبوا أنفسكم لئلا تخدعكم نفوسُكم الأمارة بالسوء من زاويةِ قياس الآخرين بالنفس، ومن حيث سوء الظن بالآخرين، ولا تساورَكم الشبهة في أن رسائل النور لا تربّي طلابها.

    بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ

    Risale-i Nur’un Gençlik Rehberi’nde ve Meyve Risalesi’ndeki beş meselesinin haylaz gençlerde dokuz tokadı, Risale-i Nur’un bir latîf kerameti olduğunu o gençler dahi tasdik ediyorlar.

    Birincisi: Bana hizmet eden Feyzi. Ona bidayette dedim: “Sen Meyve’nin bir dersinde bulundun, haylazlık yapma.” O yaptı, birden tokat yedi, bir hafta eli bağlı kaldı.

    Evet, doğrudur.

    Feyzi

    İkincisi: Bana hizmet eden ve “Meyve”yi yazan Ali Rıza. Bir gün yazdığını ona ders verecektim. O, haylazlığından yemek pişirmek bahanesi ile gelmedi, birden tokat yedi. O vakit onun tenceresi sağlam iken dibi, yemeği ile beraber tamamen düştü.

    Evet, doğrudur.

    Ali Rıza

    Üçüncüsü: Ziya. “Meyve”nin gençliğe ve namaza dair meselelerini kendine yazdı, namaza başladı. Fakat haylazlık yaptı, namazı ve yazıyı bıraktı. Birden o vakitte tokat yedi. Hilaf-ı âdet ve sebepsiz, başı üstündeki sepeti ve elbiseleri yandı. O kadar kalabalık içinde yanıncaya kadar kimse farkında olmaması kasdî bir şefkat tokadı olduğunu gösterdi.

    Evet, doğrudur.

    Ziya

    Dördüncüsü: Mahmud. Ona “Meyve”den gençlik ve namaz meselelerini okudum ve dedim: “Kumar oynama, namaz kıl.” Kabul etti. Fakat haylazlık galebe etti, namaz kılmadı ve kumar oynadı. Birden, hiddet tokadını yedi. Üç dört defada daima mağlup olup fakir haliyle beraber kırk lira ve sakosunu ve pantolonunu kumara verdi, daha aklı başına gelmedi.

    Evet, doğrudur.

    Mahmud

    Beşincisi: On dört yaşında Süleyman namında bir çocuk, ziyade haylazlık yapıp başkalarının da iştihalarını açıyordu. Ona dedim: “Uslu dur, namazını kıl. Senden büyük haylazların içinde bu halin, sana tehlike getirir.” O, namaza başladı fakat yine namazı terk ve haylazlığa girdi. Birden tokat yedi. Uyuz illetine müptela oldu, yirmi gündür yatağında yatmaya mecbur oldu.

    Evet, doğrudur.

    Süleyman

    Altıncısı: Bana bidayette hizmet eden Ömer, namaza başladı, şarkıları bıraktı. Fakat bir akşam, kapıya yakın bir şarkı kulağıma geldi, evrad ile meşguliyetime zarar verdi. Ben hiddet ettim, çıktım gördüm ki hilaf-ı âdet Ömer’dir. Ben de hilaf-ı âdet bir tokat vurdum. Birden, sabahleyin hilaf-ı âdet olarak Ömer, başka hapse gönderildi.

    Yedincisi: Hamza namında on altı yaşında sesi güzel olmasından şarkı söylüyor, başkalarının da iştihalarını açıyor, haylazlık ediyordu. Ona dedim: “Böyle yapma, tokat yiyeceksin.” Birden, ikinci gün bir eli yerinden çıktı, iki hafta azabını çekti.

    Evet, doğrudur.

    Hamza

    Bu gibi tokatlar var fakat kâğıt bitti, mana da bitti.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    لقد كشف وزير المعارِف (التربية) النقاب عن وجهه وأظهر الكفر السافر في ثوب آخر. فقد كتب ذلك البيانَ بوسيلة أخرى قبل أن يتسلم دفاعاتنا الأخيرة. والواقع أنني لم أَكن أُفكر في إرسالها إلى تلك الدائرة، إلّا أنه بناءً على توصية إخواننا واستحسانهم فقد اتضح أن إرسالها كان ضروريا وملائما. لأن وزيرا متعصبا للإلحاد إلى هذه الدرجة لا يمكن أن يظل مكتوف اليد أمام تلك الأوراق والرسائل السرية الخاصة المرسلةِ إلى «أنقرة»، أو يقابلَها بعدم الاكتراث. ولقد وقعتْ تلك المرافعات غير القابلة للطعن وقع الصاعقة على رأسه. وحَسَناً ما حدث.

    ولسوف تَبعث تلك الرسائل بإذن الله تيارا قويا متعاطفا مع رسائل النور في تلك الدائرة أيضا.

    إخوتي!

    مادامت حقيقة بعض الناس على نحو ما بيّنّا. فإن الاستسلام لذلك البعض ما هو إلّا ضرب من الانتحار، بل يعتبر ندامة على الانتماء إلى الإسلام، بل يعد انسلاخا من الدين. لأنهم قد بلغوا من التعصب للإلحاد حدا لا يرضون من أمثالنا مجرد الطاعة والاستسلام والمصانعة، وإنما يقولون: دع قلبك ووجدانك وضميرك واعمل للدنيا وحدها.

    ولا يسعنا تجاه وَضْعٍ كهذا سوى الحفاظ على كمال المتانة وضبط النفس والتوكل على الله عز وجل وتركِ الأمر إلى عنايته سبحانه، مع الدعاء لظهور رسائل النور عليهم بحقائق قوية والتي وصلتهم في أربعة صناديق.

    هذا، وقد أَفادتنا التجارب مرارا بأن لا جدوى إطلاقا من وراء التهرب أو المجافاة أو إضمار مشاعر الاستياء بعضنا لبعض، ولا فائدة كذلك من الابتعاد عن رسائل النور أو محاولة الاستسلام لهم أو حتى الالتحاق بهم. وقد أثبت الزمان هذا بالتجارب.

    لا تقلقوا أبدا! فمهما يكن من شيء فإن مخاوف ذلك الوزير خوف الفئران إن دلت على أمر فإنما تدل على جُبنه وضعفه، وهي لا تدل على محاولة الاعتداء بقدر دلالتها على اضطراره للتنصل والدفاع عن النفس.

    Aziz, sıddık kardeşlerim!

    Homalı kardeşlerimizden Ali namında bir şakird, Hâfız Ali’nin vefatı günlerinde vefat ettiğini Sami Bey bana söylediği gibi Homalı kahramanlardan Mehmed Ali dahi bana yazdı. Ben de o Ali’yi o büyük şehit Ali’ye çok dualarda arkadaş yaptım.

    Bu yakında, bizimle alâkadar bir hanım, üç kardeşimizin öldüğünü görmüştü. Tabiri: Bu iki Ali ve Risale-i Nur’a hapiste tabi olmak isteyen, asılan Mustafa, umumumuzun bedeline âhirete gittiler ve selâmetimizin hesabına feda oldular, demektir.

    باسمه سبحانه

    إخوتي الأعزاء الأوفياء الثابتين المدركين لماهية التوكل وقيمته!

    لم تكن لي الرغبة في قراءة أية صحيفة من الصحف ولا الاستفسار عنها منذ عشرين سنة خلت، إلّا أنني اليوم اطّلعتُ على موضوع في جريدة، مع الأسف ونزولا عند رغبة عدد من إخواننا الضعفاء، فأدركت: أن تيارات لها أهميتها تلعب دورها الخطر في الخفاء والعلن. ولما كنا نحن نُشاهَد في الساحة، فيردُ في الحسبان أن لنا علاقة مع تلك التيارات.

    نسأل الله أن تكون لرسائل النور المرسَلة في أربعة صناديق والحاملةِ للدلائل القاطعة غيرِ القابلة للجرح مع مجموعة من دفاتر الدفاع نتائجُ تبشر بالخير لنا وللإيمان والقرآن والإسلام.

    إننا لم نتدخل بأمور دنياهم، ولم يثبتوا علينا أي دليل كان على تدخلنا فيها، لذا اضطرت «أنقرة» إلى طلب جميع رسائل النور لإجراء التحقيق عليها.

    فما دامت الحقيقة هي هذه، وقد شاهدْنا إلى الآن تجليَ العناية الربانية في العمل لرسائل النور بما لا يمكن إنكاره، وقد شعر كلٌّ منا بها جزئيا كان أم كليا، وما دامت التيارات السياسية العالمية تحشّد كلٌ منها قواها تجاه الآخر، ونحن لا نَقدر إلّا على الرضى بالقضاء الإلهي والتسليم بقََدره والسلوان العظيم السامي النابع من العمل للإيمان والقرآن والنور. فإنّ ألزم ما ينبغي لنا عمله هو عدم القلق والاضطراب، وعدمُ اليأس، وإسنادُ كل منا الآخرَ وإمدادُ روحه المعنويةِ، وعدمُ الخوف، واستقبال هذه المصيبة بالتوكل، وعدم الاكتراث بأقوال الصحف التي يطلقونها جزافا ويستهولون كل حبة صغيرة، بل علينا استصغار ما استعظموه من أمور.

    إخوتي! إنه لا أهمية لهذه الحياة الدنيوية، وبخاصة في هذا الزمان وتحت هذه الظروف والضغوط. نعم، لنستقبل بالرضى كلَ ما يصيبنا.

    باسمه سبحانه

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    لقد وَجد بضعة من إخواننا سلوانا جميلا يسلون به أنفسهم. وهو على هذه الصورة. فهم يقولون:

    «إن قسما من إخواننا الحديثي العهد بالسجن، يتحملون هذه المصيبة ويصبرون عليها بضعَ سنين بل عشر سنين، من جراء عمل غير مشروع اقترفوه في ساعة أو ساعتين. بل يقول بعضُهم: حمدا لله لقد نجونا من آثام أخرى، فلِمَ نشكو إذن من ضيق وعنت خيّر، من جراء عمل مشروع جدا وخدمة إيمانية بوساطة رسائل النور، يستغرق بضعة أشهر؟»

    وأنا بدوري أقول لهم: ألف ألف بارك الله فيكم.

    نعم، إن مقاساة المرء خمسةَ أو عشرةَ شهور من المشاق بِنِيَّةِ إنقاذ إيمانه وإيمان غيره لخمس أو عشر سنوات، إنما هو مبعث شكر وافتخار واعتزاز في سبيل خدمة حلوة خيّرة سامية وعبادة فكرية رفيعة.

    ولقد ورد في حديث شريف: «لَأَنْ يَهْدِيَ اللّٰهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» ([16]) فتأملوا في عدد الذين يُنقذون، أو سينقذون إيمانهم من أعاصير الشبهات الرهيبة بوساطة خدماتكم وكتاباتكم، سواءً هنا أو في أرجاء البلاد كلها أو في «أنقرة». فاشكروا ربكم من خلال الصبر والامتنان والرضى التام.

    وإذا ما أصرّ حزبُ الشعب الجمهوري الحاكم في أنقرة وعاند تجاه رسائل النور ذاتِ الحجج الرصينة والمرسَلة إلى هناك، ولم يحاوِل حمايتها والحفاظ عليها بالمصالحة معها، فهذا يعني أن أفضل مكان لنا هو السجن. ويعني أيضا أن الملحدين قد وحّدوا بين الزندقة والشيوعية، وأن الحكومة ستضطر إلى الخضوع لأقوالهم. وعندئذٍ تنسحب «رسائل النور» من الميدان ويتوقف عملُها، وتبدأ المصائب المادية والمعنوية بالهجوم.

    باسمه سبحانه

    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ

    ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْاِنْسِ اَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ﴾ (الأنعام:١٣٠)

    جواب أستاذنا عن سؤال ورد لحل الإشكال في صدد بعثة الرسل من الجن أيضا كما هو مفهوم الآية الكريمة.

    أخي العزيز!

    حقا إن لسؤالك هذا أهمية كبيرة، ولكن لما كانت أهمُّ مهمة لرسائل النور، إنقاذَ الإنسان من شِباك الضلالة وظلمات الكفر المطلق، فإن تسلسل الأولوية يحُول دون بلوغ مثل هذه المسائل، فلا تفتح بابَ البحث فيها، علما أن السلف الصالح أيضا لم يبحثوا فيها كثيرا، لأن مثل هذه الأمور الغيبية المحجوبة قد يُساء فيها الاستعمال ويستطيع الماكرون أن يتخذوها وسيلة لمآربهم الذاتية. مثلما يخادع أصحابُ التنويم المغناطيسى في الوقت الحاضر الناسَ ويغررون بهم باسم تلقّي الأخبار عن الجن، لذا لا يُبحث في مثل هذه الأمور كثيرا، لئلا يُساء إلى الدين.

    ثم إنه لم يبعث نبي في الجن بعد خاتم الأنبياء ﷺ.

    ثم إن رسائل النور قد سعت في هذا الزمان لإثبات وجود الجن والروحانيين بحجج قاطعة لتُبطل مفهوم المادية الساري سريانَ الطاعون في البشرية. فنظرتْ إلى هذه المسائل بالدرجة الثالثة تاركة أمر تفاصيلها للآخرين.

    ولعل الله يهيئ أحدَ طلاب النور فيفسّر «سورة الرحمن» ويحل هذه المسألة.

    باسمه سبحانه

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    لكل مصيبة نقول: ﴿ اِنَّا لِلّٰهِ وَاِنَّٓا اِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ (البقرة:١٥٦)

    حقا إن وفاة «الحافظ علي» و«الحافظ محمد» و«محمد زهدي» ليس ضياعا كبيرا لنا ولإسبارطة وحدها، بل ضياعا أيضا للعالم الإسلامي. ولكن تجلي العناية الربانية قد جرى إلى الآن، أنه عند ضياع أحد طلاب النور، يليه مثنى أو ثلاث من الطلاب على النمط نفسه، فيظهرون في الساحة.

    فنحن على أمل كبير أن يظهر طلاب جادّون -بشكل آخر- يؤدون وظيفة أولئك الأبطال، وسيظهرون بإذن الله. فلقد أدّى أولئك الميامين الثلاثة في فترة قصيرة مهمة مائة سنة من العمل.

    نسأل الله أن ينـزل عليهم شآبيبَ رحمته بعدد حروف رسائل النور التي قرؤوها وكتبوها ونشروها.. آمين.

    أبلغوا عني التعازي إلى أقرباء «الحافظ محمد» وقريته الطيبة، وأنا بدوري قد جعلتُه رفيقا للحافظ علي ومحمد زهدي وضممت أسماء أولئك الثلاثة بين أسماء أساتذتي الأقطاب. وقد جعلت «الحافظ عاكف» كذلك رفيقا لعاصم ولطفي.

    باسمه سبحانه

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إن في تأخير مسألتنا هذه خيراً، والخير فيما اختاره الله. لأن محبة ذلك الرجل الميت الرهيب يُلقَّن في جميع المدارس والدوائر الحكومية وفي أوساط الشعب عامة. وستؤثر هذه الحالة تأثيرا أليما وفجيعا جدا في العالم الإسلامي وفي المستقبل.

    ثم إن حصول أولئك الذين لهم علاقة معه -وهم آخِر من يتخلون عنه- على رسائل النور التي تُثبت وتُظهر حججا قاطعة حول ماهية ذلك الرجل، وقراءتَها بلهفة وإمعان، حادثةٌ مهمة بحيث تجعل دخولَ ألوف من أمثالنا في السجن -بل حتى سوقَهم إلى الإعدام- زهيدا رخيصا في سبيل الذود عن الدين الإسلامي، لأنها تنقذ -في الأقل- أكثر المتمردين عتوا، من الكفر المطلق والارتداد عن الدين، وتخرجهم إلى كفر مشكوك فيه، ويحدّ من تعديهم الجريء وتجاوُزِهم المتعنت.

    «ولتكن رؤوسُنا فداءً لحقيقة افتدتها ملايينُ رؤوس الأبطال».

    هذه الجملة التي صدعتُ بها وجوهَهم في المحكمة ختام مرافعتي، أعلنّا بها أننا نَثبت حتى النهاية، فلا نتخلى عن هذه الدعوى، وآمل أن لا يكون فيكم من يتخلى عنها، فما دمتم قد صبرتم وصمدتم حتى الآن، فتجمّلوا بالصبر والتحمل فإنّ قسمَتنا من الرزق ووظيفتَنا هنا لم تنتهيا بعدُ.. ولن تكون هناك حركة عنيدة مضادة لرسائل النور دفاعا عن مسلك الإعدام الأبدي والسجن المنفرد الدائم اللذَين أثبتتهما «رسالةُ الثمرة» بحجج دامغة لا يمكن إنكارها، بل ستُبحث عن وسيلة للمصالحة أو التَرك.

    والصبر مفتاح الفرج والسرور.

    باسمه سبحانه

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    اَوَمَن۟ كَانَ مَي۟تًا فَاَح۟يَي۟نَاهُ وَجَعَل۟نَا لَهُ نُورًا يَم۟شٖى بِهٖ فِى النَّاسِ âyeti hem Risale-i Nur’a hem مَي۟تًا kelimesiyle üç kuvvetli emare ve münasebetler ile Risale-i Nur’un bu bîçare şakirdine işareti Birinci Şuâ’da izah edilmiş. Şimdi bu hâdisede, o emarelerden birisi tam hükmediyor.

    إن الذين يسوموننا العذابَ قد قبضوا بأيديهم على وسائل الحياة ومباهج الحضارة والمُتع والملذات ويتهموننا: أننا لا نعبأ بذلك الطراز من الحياة، بل يدينوننا على ذلك، حتى إنهم يريدون أن يعاقبونا بالإعدام أو بعقوبات مشددة من السجن، ولكن لا يجدون حجة قانونية لذلك.

    أما نحن فنقبض بأيدينا على الموت الذي هو ستارٌ دون الحياة الباقية، ونسعى أيضا بكل ما نملك من قوة لإنقاذهم من تبعات المسؤولية الحقيقية، ومن الحُكم عليهم ومن الإعدام الأبدي والسجن المنفرد الدائمي. حتى إنهم إذا أصدروا أشد العقوبات عليّ بسبب الرسائل القوية المرسَلة إلى «أنقرة»، فإن قلبي وكذا نفسي تطاوعاني على إنـزال تلك العقوبات الصارمة بي إذا نجا أولئك الذين يُصدرون تلك الأحكام من إعدام الموت بسبب تلك الرسائل.

    بمعنى أننا نريد لهم الحياة في كلا العالَمين ونتحرى لهم عن دواعي ذلك، أما هم فيريدون القضاء علينا ويتشبثون بحجج لذلك.

    ألا إن حقيقة الموت الظاهرةَ كالشمس والمشاهَدةَ جليا كالنهار والمصدّقةَ بثلاثين ألف جنازة يوميا من البشر، تُعلن وتبين لأهل الضلالة ثلاثين ألفا من إعدام أبدي وثلاثين ألفا من سجن انفرادي.

    إننا لسنا مغلوبين أمامهم. ليقضوا ما هم يقضون.

    فالآية الكريمة: ﴿ فَاِنَّ حِزْبَ اللّٰهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ (المائدة:٥٦) تبشّر بظهورنا عليهم منذ اثنتى عشرة سنة...

    ما دام الأمر هكذا سنقول بعد الآن للمحكمة وللناس:

    إننا نسعى لإنقاذ أنفسنا من الإعدام الأبدي للموت الماثل أمامنا والذي يرقبنا، ونجهد للنجاة من السجن الانفرادي الدائمي المظلم للقبر الذي فتح بابه على مصراعيه داعيا لنا، ويُقحمنا فيه... إننا نعاونكم في إنقاذ أنفسكم من تلك المصيبة التي لا حيلة لكم دونها.

    إلّا أن أهم مسألة دنيوية وسياسية في نظركم، قليلةُ الأهمية في نظرنا وفي نظر الحقيقة، بل لا أهمية لها ولا قيمة لدى الذين لم يُعهد إليهم بتلك الوظائف، بل تُعدّ من الأمور التي لا تعنيهم بشيء. بينما الوظيفة الضرورية الإنسانية التي ننهمك بها، لها علاقات مع الناس قاطبة وفي الأوقات كافة.

    فالذين لا يروق لهم وظيفتُنا هذه ويحاولون رفعَها وإزالتها، عليهم رفعَ الموت أولا وإزالته وسدّ باب القبر وغلقه.

    İkinci ve üçüncü noktalar şimdilik geri kaldı.

    بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ

    Risale-i Nur’un kerametlerindendir ki Üstadımız Hazretleri: “Ey mülhidler ve ey zındıklar! Risale-i Nur’a ilişmeyiniz! Risale-i Nur, âfatın def’ine sadaka gibi vesile olmasından ona karşı olan hücum ve onun tatili, âfata karşı olan müdafaasını zayıflaştırır. Eğer ilişirseniz, yakından bekleyen belalar, sel gibi üstünüze yağacaktır.” diye on senedir kerratla söylüyordu.

    Bu hususta şahit olduğumuz felaketler pek çoktur. Dört seneden beri Risale-i Nur’a ve şakirdlerine her ne vakit ilişilmiş ise bir felaket, bir musibet takip etmiş ve Risale-i Nur’un ehemmiyetini ve âfatın def’ine vesile olduğunu göstermiştir.

    İşte Üstadımız Bediüzzaman’ın Risale-i Nur ile haber verdiği yüzler hâdisat içinde felaketler, zelzele eliyle doğruluğunu imza ederek gelen dört felaket, Risale-i Nur’un bir vesile-i def’-i bela olduğunu gösterdi.

    Cenab-ı Hak, bize ve Risale-i Nur’a taarruz edenlerin kalplerine iman ve başlarına hakikati görecek akıl ve göz ihsan etsin; bizi bu zindanlardan, onları da bu felaketlerden kurtarsın, âmin!

    Hüsrev

    باسمه سبحانه

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إنه لَتجلٍ من تجليات العناية الربانية انفجارُ وزير التربية بالغيظ والحقد وقذفه جامّ غضبه وهجومه العنيف علينا قبل أن يرى دفاعاتنا ويدرسَ أوراقنا وكتبنا، بل كان ذلك بشعور مبطّن منه. وبينما كنا ننتظر أن تتخذ «أنقرة» تجاهنا طورَ الشدة والعنف، بالنسبة لعِظم المسألة، والناشئة من تدقيق أعلى المستويات في الدولة الرسائلَ السرية الخاصة أمثال «الشعاع الخامس» و«ذيل الهجمات الست» ودفاعاتي التي تتعرض بشدة للكفر المطلق وتُنـزل ضرباتها به بكل شجاعة. أقول بينما كنا ننتظر ذلك إذا بتلك المَراجع العليا في «أنقرة» تأخذ موقف اللين، بل بما يتسم بالمصالحة.

    إن حكمة واحدة من تجلي العناية الربانية هذه هي قراءة رسائل النور قراءة عامة تشمل البلاد كلها، وقراءتُها في المراجع العليا في الدولة قراءة بإمعان وبشوق، فلا شك أن قراءة درس رفيع كهذا الدرس، وفي هذا الزمان بالذات، وفي مجتمعات واسعة ودوائر رفيعة كلية هي عناية ربانية، وأمارة قوية على ظهور رسائل النور على الكفر المطلق.

    إخوتي!

    إن قسما من أصحاب العوائل ذوي الموارد القليلة، قد يجدون لأنفسهم عذرا بالانسحاب من ميدان رسائل النور والتنائي عنا وربما التخلي عن رسائل النور تحت هذا العنف والضيق والأضرار التي لحقت بهم.

    فبينما كنت أفكر في هذا الظن المحتمل، تبدّل الأمر بعد الإفراج. فأقول:

    إن الذي دفع كل هذه الأثمان الغالية المادية والمعنوية حفاظا على هذه البضاعة القيّمة النفيسة جدا، وتحمَّل صنوفَ العذاب في سبيلها، إذا ما تخلى عنها فقد خسِر خسرانا مبينا. وإنه لَضرر لا مبرر له للشخص وللخدمة معا إذا ما تخلى أحدُهم عن أجزاء رسائل النور وانقطعت علاقتُه عمّا يتعلق بها وتَرَك الحفاظ علينا وأحجم عن مدّ يد العون إلينا وودّع الخدمة كليا. لذا ينبغي عدم استبدال شيء بالوفاء والارتباط والصلة وخدمة الإيمان، مع أخذ الحذر.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    إنه لَتجلٍ من تجليات العناية الربانية وحماية من الحفظ الإلهي، أَنْ غُلب الخبراء في «أنقرة» أمام حقائق رسائل النور. ومع أن هناك أسبابا كثيرة للنقد والاعتراض إلّا أنهم قرروا براءتها -حسب ما سمعت- علما أن العبارات القوية الشديدة للرسائل السرية الخاصة، وتحدّياتِ الدفاعات التي تتعرض لهم، والهجومَ العنيف لوزير التربية، ووجودَ عضوين ترَبَّيا على الفلسفة المادية في هيئة الخبراء من منتسبي وزارة التربية، ووجودَ عالم كبير يؤيد مستحدثات الأمور (الانقلابات) وإثارةَ منظمة الزندقة المتسترة منذ سنة وراء حزب الشعب الجمهوري ووزارة التربية ضدنا.. أقول: بينما كنا ننتظر أن تُصدِر هيئةُ الخبراء اعتراضات شديدة -للأسباب المذكورة- واتهامَنا اتهامات تُنـزل بنا أقصى العقوبات، أغاثتنا الحمايةُ الإلهية والعناية الرحمانية، وأظهرت لهم المقامَ الرفيع لرسائل النور وصرفَتهم عن الانتقادات الشديدة،

    حتى إنهم لأجل إنقاذنا من العقوبات، وصرفِ النظر عن كوني مجرما سياسيا له سوابق -من قضية «أسكي شهر» وحادثة «٣١ مارت» المشهورة- وكوننا لا نعمل إلّا للدين والعقيدة، وإظهارِ عدم وجود تآمر سياسي في عملنا، قالوا:

    «إن سعيدا النورسي منذ السابق يدّعي أحيانا وراثة النبوة، ويتخذ طورَ المجدد في خدمة القرآن والإيمان، أي إنه يتصرف أحيانا تصرف منجذب بجذبة روحية».

    فهذه الفقرة التي هي من التعابير الفلسفية الملحدة، والتي تعني أن الشخص أيا كان طالما يعمل للدين فهو إذن يعمل للتجديد بوراثة النبوة!


    ولقد استعملوا ذلك التعبير الفلسفى الملحد بانتقاد حسنِ الظن المفرط لدى بعض إخواننا، وإسناد الانجذاب الروحي والانتشاء إليّ في أثناء كلامي العنيف، لأجل تبرئتي من السياسة والحيلولة دون إنـزال العقوبة بي، فضلا عن تخفيف حدّة معارضينا وأعدائنا بنوع من التلطيف، ولأجل كسر ما فيّ أيضا -حسب ظنهم- من حُب للجاه يقينا والأنانية وقصد المصلحة والنفع الذاتي، قياسا على الآخرين.

    ولكن رسائل النور كلها من أولها إلى آخرها جوابٌ واضح وضوحَ الشمس إزاء ذلك التعبير وتزيل كل معنى يُشم منه ذلك التعبير ويمحيه، بأن مسلكَنا هو ترك الأنانية والغرور والالتزام بالأخوة. لذا فلا شطحات تنم بالغرور عندنا. فضلا عن أن حياة «سعيد الجديد» في رسائل النور المتسمة بالتذلل لله، وتعديله حسن الظن المفرط لدى إخوانه بدروس مكررة دون النظر إلى شعور أحد، تزيل كلَ ما يُشم من ذلك التعبير من معنى.

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    لا أرسل إليكم حاليا القرارَ الذي اتفقت عليه هيئةُ الخبراء، لئلا يتضرر المخبر والكاتب.

    إن هذه الهيئة الأخيرة قد حاولتْ بكل ما لديها من جهد أن تنقذنا وتحافظ علينا من شر أهل الضلالة والبدع، فقد أقرت بالاتفاق على براءتنا من كل ما أُسند إلينا من التهم، شاعرين بمسؤوليتهم تجاه رسائل النور التي استرشدوا بها. وأن أكثرية الرسائل قد كتبت كتابة علمية إيمانية، وأن «سعيدا» يبين ما اقتنع به بيانا جادا خالصا، وأن ما لديه من قوة واقتدار ليسا كما يُسنَد إليه من إحداث طريقة صوفية وتأسيس جماعة والمجابهة مع الحكومة، بل قوتُه واقتداره ليستا إلّا لإبلاغ حقائق القرآن إلى المحتاجين إليها.

    وقالوا أيضا بشأن الرسائل السرية الخاصة التي عُبِّر عنها: إنها غير علمية: «إنه ينجذب أحيانا جذبات روحية ويراوده هيجان الشعور واضطراب الروح، فلا ينبغي أن يكون مسؤولا بسبب هذه المؤلفات». هكذا يُفهم من قرارهم.

    وكذا أنه بتعبير «سعيد القديم» و«سعيد الجديد» له شخصيتان، وفي الثانية قوة إيمانية خارقة وعلم حقائق القرآن.

    وقالوا مراعاةً لمشاعر أهل الفلسفة المادية: «ربما ينجذب روحيا، وله خلل في الدماغ». قالوا ذلك لأجل إنقاذنا من تبعات التعابير العنيفة للرسائل السرية الخاصة، ولتهدئة شعور معارضينا، وقالوا أيضا -ضمن هذا الشعور-: «ربما هو مصاب باختلال عقلي يرى الخيالَ واقعا».

    إن ما يُبطل احتمالَهم هذا من أساسه والجواب الشافي الكافي لهم هو ما حصلوا عليه من رسائل النور التي سبقت جميعَ العقول، ورسالة «الدفاع» و«الثمرة» اللتان أوقعتا جميع المحامين في حيرة وإعجاب.

    إنني أَحمد الله كثيرا أنه قد وُهب لي -بهذا الاحتمال- ما يشير إليه حديث شريف.

    ثم إن خبراء قد قرروا بالاتفاق على تبرئة ساحتنا جميعا -أنا وإخوتي- من التهم ويقولون: «إنهم ارتبطوا بسعيد بسبب مؤلفاته العلمية الدقيقة إنقاذا لإيمانهم وآخرتهم. ولم نجد أية أمارة أو صراحة تشير إلى سوء قصدهم تجاه الحكومة لا في مراسلاتهم ولا في كتبهم» ووقّع القرارَ ثلاثةُ أشخاص: أحدهم الفيلسوف نجاتي، والآخر يوسف ضياء (عالم) وآخر الفيلسوف يوسف.

    وإنه لَتوافق لطيف، إذ بينما نطلِق على هذا السجن أنه مدرسة يوسفية بحقّنا، وأن رسالة «الثمرة» ثمرتها، فإن هذين المسمّيين بـ«يوسف» قالوا بلسان الحال: نحن أيضا لنا حصة خفية في درس هذه المدرسة اليوسفية.

    أما دليلهم اللطيف على الجذبة والانجذاب الروحي، فهو عبارةُ: «الكلمة الثالثة والثلاثون والمكتوب الثالث والثلاثون بثلاث وثلاثين نافذة..» وأمثالها من التعابير.. وكذا «إنه يسمع تسبيحات القطط بـ: يا رحيم يا رحيم.. وإنه يعدّ نفسه شاهد قبر..» فأظهروا هذه التعابير دليلا على الانجذاب ورؤية الخيال واقعا!

    سعيد النورسي

    باسمه سبحانه

    إخوتي الأعزاء الأوفياء!

    ما دمنا نحن تحت العناية الربانية كما تشير إليها أمارات كثيرة، وأن رسائل النور لم تُغلَب تجاه أعداءٍ ظلمة كثيرة جدا، وأنها أسكتت إلى حدّ ما وزيرَ التربية وحزب الشعب الجمهوري، وأن الذين استهولوا مسألتنا كليا حتى أوقعوا الحكومة في قلق واضطراب سيحاولون بكل وسيلة إخفاءَ أكاذيبهم وافتراءاتهم.. فلابد أن نتحلى بالصبر والحيطة مع كمال الاستسلام لأمر الله والثبات على الخدمة وعدم الوقوع في خيبة الأمل بالذات، وعدم اليأس من ظهور خلاف المأمول، وعدم التزعزع أمام أعاصير موقتة زائلة.

    نعم، إن خيبةَ الأمل التي تفتّ من القوة المعنوية لأهل الدنيا وتكسر شوكتَهم، تكون لطلاب رسائل النور الذين يرون ألطاف العناية ولمسات الرحمة تحت المشاق والمضايقات والمجاهدات، دافعةً إلى العمل والجد.

    ولقد ساقني أهلُ الدنيا السياسيون قبل أربعين سنة إلى مستشفى المجاذيب بإلصاق جنون موقت بي. فقلت لهم: إن ما ترونه عقلانيا أراه خلافا للعقل، فأنا أتبرأ من مثل هذه الأمور. وأرى أن هذه القاعدة تسري فيكم:

    «وكل الناس مجنونٌ ولكن على قدر الهوى اختلف الجنون»

    والآن كذلك أقول الكلامَ نفسه إلى الذين أسندوا الجنون الموقت إليّ لإنقاذي وإنقاذ إخواني من مسؤولية كبيرة، وكأنَّ نوعا من جنون ينتابني من حيث الرسائل السرية الخاصة. وأُعيد القول مع بيان رضاي من الجنون من جهتين:

    الأول: لقد ورد في حديث شريف ما معناه: أن من أكمل المؤمنين إيمانا أن يعدّه الناسُ مجنونا. ([17])

    الثاني: إنني لا أرضى فقط بإسناد الجنون إليّ وحده بل أضحى بعقلي الكامل وحياتي كلها وبكل فخر واعتزاز لأجل إنقاذ إخواني وسلامتهم ونجاتهم من ظلمات هذا السجن.

    وإذا ارتأيتم أن تُكتب رسالةُ شكر إلى أولئك الذوات الثلاث ويبلَّغون أننا نشركهم في مكاسبنا المعنوية فافعلوا.

    إخواني الأوفياء الصادقين، ورفقائي المخلصين في خدمة القرآن والإيمان.

    لمناسبة دنو زمن فراق بعضنا بعضا. ينبغي لكلٍ منكم التجاوز عن تقصير أخيه والصفح عنه كليا عما سببته الانفعالاتُ من الضجر والذنوب التي حالت دون الحفاظ على دساتير الإخلاص. فأنتم أقوى أخوّةً من أشقّاء النسب، والأخ يستر تقصير أخيه، ويتناسى نقصه، ويصفح عنه.

    فأنا هنا أحيل اختلافكم وأنانيتكم غير المتوقعة إلى النفس الأمارة، ولا أجده لائقا بطلاب النور، بل أعدّه نوعا من أنانية موقتة، توجَد في أولياءَ صالحين أيضا ممن غلبتهم نفوسُهم الأمارة.

    فلا تخيّبوا يا إخواني حسنَ ظني بكم بالإصرار والعناد. تصالَحوا.

    Kardeşlerim!

    Ehl-i vukuf raporundan anlaşılıyor ki: Risale-i Nur, bize karşı bütün muarız taifeleri mağlup ediyor ki “Hüccetullahi’l-Bâliğa” ve “İhtiyar” ve “İhlas” Risalelerine tekrar ile nazar-ı dikkati celbediyorlar. Hem gayet sathî ve cevapları pek zâhir ve güya mutaassıbane hocavari tenkitleri ve hiç münasebeti olmayan ve hakiki mütetabık olan meseleleri anlamadan “Mabeynlerinde tezat var.” demeleri ve risalelerin yüzde doksanını tamamıyla çekinmeyerek tasdik ve takdirleri ve teslimleri ve Hücumat-ı Sitte Zeyli’nin pek şiddetli bir surette yeni icadlara fetva verenleri cerh ve tezyif etmesine mukabil, yalnız nezahet-i lisaniye değil demişler. Ve dinsizler tarafından öldürülen mazlum ve dindar Hristiyanlar, âhir zamanda bir nevi şehit olabilir dediğimi; baş açık namaz kılmak ve Türkçe ezan okumaya Zeyl’in şiddet-i hücumunu zıt göstermeleri ile iktifa etmeleri, kat’iyen onların Risale-i Nur’a karşı mağlubiyetlerini gösteriyor kanaatini veriyor.

    Said Nursî


    الشعاع الثاني عشر | الشعاعات | الشعاع الرابع عشر

    1. ناحية تقع بقربها قرية «نورس» حيث مسقط رأس الأستاذ النورسي.
    2. كتيب يضم مستلات من كليات رسائل النور..
    3. الحزب القرآني: عبارة عن مجموعة آيات مختارة من سور القرآن الكريم والتي تعمق الإيمان وتخص التفكر الإيماني في الكون.
    4. الحزب النوري: عبارة عن خلاصة تأملات فكرية، كتبها الأستاذ النورسي باللغة العربية.
    5. قرية ساو: قرية قريبة من منفى الأستاذ النورسي «بارلا». وأهالي هذه القرية شيبا وشبابا رجالا ونساءً خدموا الإيمان عن طريق نشر رسائل النور واستنساخها.
    6. المقصود: سجن «أسكي شهر» و«دنيزلي».
    7. حوما: قرية قريبة من «بارلا».
    8. انتبه يا أخي! بينما كانت جميع أسباب العالم في سجن «دنيزلي» تستهدف الأستاذ ظاهرا فيساق إلى المحاكم ويقرر بحقه أحكام الإعدام، يقول الأستاذ: «لا تقلقوا يا أخوتي ستسطع تلك الأنوار». فانظر كيف تحقق هذا الكلام. (طلاب النور).
    9. أي أقواها وأشدها. (انظر كشف الخفاء ١/ ١٥٥).
    10. الحجة البالغة: هي القسم الثاني من مجموعة «عصا موسى» ويضم إحدى عشرة حجة إيمانية.
    11. أي ما استنسخوه من الرسائل.
    12. *Günahlar demek.
    13. انظر: القضاعي، مسند الشهاب ٢/ ١٤٠؛ الديلمي، المسند ٣/ ٧٧؛ المناوي، فيض القدير ٤/ ٣٩٧.
    14. دائرة النور: المقصود مجموعة من طلاب النور في قرية «إسلام كوي» وفي مقدمتهم الحافظ علي.
    15. دائرة الورد: المقصود مجموعة من طلاب النور في «إسبارطة» وفي مقدمتهم خسرو.
    16. انظر:البخاري، الجهاد ١٠٢، ١٤٣، فضائل الأصحاب ٩؛ مسلم، فضائل الصحابة ٣٤؛ أبو داود، العلم ١٠.
    17. هناك روايات كثيرة بهذا المعنى، نذكر منها: «أكثروا ذكر الله حتى يقولوا: مجنون». (انظر: أحمد بن حنبل، المسند ٣/ ٦٨، ٧١؛ عبد ابن حميد، المسند ص ٢٨٩؛ ابن حبان، الصحيح ٣/ ٩٩، البيهقى، السنن الكبرى ٩/ ١٥٣؛ المنذرى، الترغيب والترهيب ٢/ ٣٩٩؛ الحاكم، المستدرك ١/ ٤٩٩).