Translations:Otuzuncu Lem'a/145/ar
نعم، كما أنَّ اندماجَ أنواعِ الكائنات واندغامَها فيما بينها، وتوجّهَ وظيفة كلٍّ منها إلى عموم الكائنات مثلما يجعل الكونَ كلاًّ واحداً يستعصي على التجزئة قطعاً، من حيث الخلق والربوبية. كذلك الأفعال العمومية المحيطة بالكائنات والتي تظهر أثارُها وفعالياتُها في الكائنات عموماً تجعل الكونَ أيضاً كلاًّ واحداً -من حيث تداخلها ببعضها- حتى يرفض التجزئةَ ويردّها ردّاً قوياً. ولتوضيح ذلك نسوق المثال الآتي:
حالما تُوهب الحياةُ للكائن يظهر فعلُ الإعاشة والإرزاق فيه مباشرة. وضمن أفعال الإعاشة والإحياء هذه، يشاهَد مباشرةً فعلُ تنظيمِ جسدِ ذلك الكائن وتنسيق أعضائه، وتجهيزه بما يحتاج ويلزم. وحينما تظهر أفعالُ الإعاشةِ والإحياء والتنظيم والتجهيز يفعل التصويرُ والتربية والتدبير فعلَه في الوقت نفسه.. وهكذا.
فتداخلُ أمثال هذه الأفعال المحيطة العامة بعضِها بالبعض الآخر، وإتحادُها ببعضها، وامتزاجُها كامتزاج الألوان السبعة في الطيف الشمسي، ثم إحاطةُ كل فعل من تلك الأفعال وشمولُه -مع وحدته من حيث الماهية- للموجودات كلها في وحدة واحدة، وكونُ كل فعلٍ منها فعلاً وحدانياً.. يدل دلالة واضحة على أن فاعلَه واحدٌ أحد فرد..
وكما أن استيلاءَ كل فعل -من تلك الأفعال- وهيمنتَه على الكائنات قاطبة، واتحادَه مع سائر الأفعال في تعاون وثيق، يجعل الكون كلاًّ غير قابل للتجزئة.. كذلك فإن كل مخلوق حي من حيث كونه بمثابة بذرةِ الكون وفهرسِه ونموذجِه يجعل الكون كلياً غير قابل للانقسام والتجزئة -من حيث الربوبية- بل يجعل انقسامه محالاً وخارجاً عن الإمكان،