40.857
düzenleme
Değişiklik özeti yok Etiketler: Mobil değişiklik Mobil ağ değişikliği |
(Kaynak sayfanın yeni sürümü ile eşleme için güncelleniyor) Etiketler: Mobil değişiklik Mobil ağ değişikliği |
||
(Bir diğer kullanıcıdan 7 ara revizyon gösterilmiyor) | |||
1. satır: | 1. satır: | ||
<languages/> | <languages/> | ||
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ | بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ | ||
28. satır: | 26. satır: | ||
ودَخلَ -هو أيضا كأخيهِ- في صحراءَ عظيمةٍ ومَفازةٍ واسِعةٍ، وفَجأةً سَمِعَ صَوتَ أسدٍ يَهجُمُ عليه فخافَ إلّا أنه دونَ خَوفِ أخيه، حيثُ فكَّر بحُسنِ ظنِّه وجَمالِ تَفكِيرهِ قائلا: «لابدَّ أن لهذهِ الصحراءِ حاكِما، فهذا الأسَدُ إذن يُحتَمَلُ أن يكونَ خادمًا أمينًا تحتَ إمرتِه»، فوَجدَ في ذلك اطمِئنانًا، غيرَ أنه فرَّ كذلك حتى وصَلَ وَجهًا لِوجهٍ إلى بئرٍ معطَّلةٍ بعُمقِ سِتِّينَ ذراعا فألقَى نفسَه فيها وأمسكَ -كصاحِبه- بشَجرةٍ في منتصفِ الطَّريقِ من البئرِ وبقيَ معلَّقًا بها، فرأى حَيوانَينِ اثنَينِ يَقطَعانِ جَذْرَيْ تلك الشجرةِ رُويْدًا رُوَيدًا، فنَظرَ إلى الأعلى فرأى الأسَدَ، ونظرَ إلى الأسفلِ فرأى ثُعبانًا ضَخما، ونظر إلى نفسه فوجدَها -كأخيه تماما- في وضع عَجيبٍ غريب، فَدُهِشَ من الأمرِ هو كذلك، إلّا أنه دونَ دَهشَة أخيه بألفِ مَرّةٍ، لِما منَحَه الله من حُسن الخُلُقِ وحُسنِ التفكير والفِكْرِ الجميلِ الذي لا يُريهِ إلّا الجِهةَ الجميلةَ من الأشياءِ؛ | ودَخلَ -هو أيضا كأخيهِ- في صحراءَ عظيمةٍ ومَفازةٍ واسِعةٍ، وفَجأةً سَمِعَ صَوتَ أسدٍ يَهجُمُ عليه فخافَ إلّا أنه دونَ خَوفِ أخيه، حيثُ فكَّر بحُسنِ ظنِّه وجَمالِ تَفكِيرهِ قائلا: «لابدَّ أن لهذهِ الصحراءِ حاكِما، فهذا الأسَدُ إذن يُحتَمَلُ أن يكونَ خادمًا أمينًا تحتَ إمرتِه»، فوَجدَ في ذلك اطمِئنانًا، غيرَ أنه فرَّ كذلك حتى وصَلَ وَجهًا لِوجهٍ إلى بئرٍ معطَّلةٍ بعُمقِ سِتِّينَ ذراعا فألقَى نفسَه فيها وأمسكَ -كصاحِبه- بشَجرةٍ في منتصفِ الطَّريقِ من البئرِ وبقيَ معلَّقًا بها، فرأى حَيوانَينِ اثنَينِ يَقطَعانِ جَذْرَيْ تلك الشجرةِ رُويْدًا رُوَيدًا، فنَظرَ إلى الأعلى فرأى الأسَدَ، ونظرَ إلى الأسفلِ فرأى ثُعبانًا ضَخما، ونظر إلى نفسه فوجدَها -كأخيه تماما- في وضع عَجيبٍ غريب، فَدُهِشَ من الأمرِ هو كذلك، إلّا أنه دونَ دَهشَة أخيه بألفِ مَرّةٍ، لِما منَحَه الله من حُسن الخُلُقِ وحُسنِ التفكير والفِكْرِ الجميلِ الذي لا يُريهِ إلّا الجِهةَ الجميلةَ من الأشياءِ؛ | ||
ولهذا السَّببِ فقد فكّرَ هكذا: «إن هذه الأمورَ العجيبةَ ذاتُ علاقاتٍ مُترابطةٍ بَعضِها ببَعضٍ، وإنّها لَتَظهرُ كأنَّ آمِرا واحدا يُحرِّكُها، فلا بدَّ إذن أن يكونَ في هذه الأعمالِ المُحيِّرةِ سِرٌّ مُغلقٌ وطلسمٌ غيرُ مَكشوفٍ. | |||
أجل، إن كلَّ هذا يَرجِعُ إلى أوامرِ حاكمٍ خَفيٍّ، فأنا إذن لستُ وحِيدًا، بل إن ذلك الحاكِمَ الخفيَّ ينظرُ إليَّ ويَرعانِي ويَختبِرُني، ولحِكمةٍ مَقصودةٍ يسوقني إلى مكانٍ، ويَدعُونِي إليهِ». | أجل، إن كلَّ هذا يَرجِعُ إلى أوامرِ حاكمٍ خَفيٍّ، فأنا إذن لستُ وحِيدًا، بل إن ذلك الحاكِمَ الخفيَّ ينظرُ إليَّ ويَرعانِي ويَختبِرُني، ولحِكمةٍ مَقصودةٍ يسوقني إلى مكانٍ، ويَدعُونِي إليهِ». | ||
35. satır: | 33. satır: | ||
ثم نَظرَ أعلى الشجرةِ فرأى أنها شَجرةُ تِينٍ، غيرَ أن في نهايةِ أغصانِها آلافَ الأنواعِ من الأثمارِ والفَواكِه، وعندَها ذهبَ خوفُه وزالَ نهائيا، لأنه علِم علما قاطعًا بأنَّ شجرةَ التِّينِ هذه إنما هي فِهرِسٌ ومَعرِضٌ، حيثُ قَلَّد الحاكمُ الخفيُّ نماذجَ ما في بستانِه وجنَّاتِه بشكلٍ مُعجِز عليها وَزيَّنهاَ بها، إشارةً لما أعدَّه من أطعمةٍ ولذائذَ لضيوفِه، وإلّا فإن شَجرةً واحدةً لن تُعطِي أثمارَ آلافِ الأشجارِ؛ | ثم نَظرَ أعلى الشجرةِ فرأى أنها شَجرةُ تِينٍ، غيرَ أن في نهايةِ أغصانِها آلافَ الأنواعِ من الأثمارِ والفَواكِه، وعندَها ذهبَ خوفُه وزالَ نهائيا، لأنه علِم علما قاطعًا بأنَّ شجرةَ التِّينِ هذه إنما هي فِهرِسٌ ومَعرِضٌ، حيثُ قَلَّد الحاكمُ الخفيُّ نماذجَ ما في بستانِه وجنَّاتِه بشكلٍ مُعجِز عليها وَزيَّنهاَ بها، إشارةً لما أعدَّه من أطعمةٍ ولذائذَ لضيوفِه، وإلّا فإن شَجرةً واحدةً لن تُعطِي أثمارَ آلافِ الأشجارِ؛ | ||
فلَم يرَ أمامَه إلّا الدُّعاءَ والتضرُّعَ، فألَحَّ مُتوسِّلا بانكسارٍ إلى أن أُلْهِمَ مفتاحَ الطلسم فهتفَ قائلا: «يا حاكمَ هذه الدِّيارِ والآفاقِ، ألتَجئُ إليك وأتوسلُ وأتضَرعُ، فأنا لك خادِم، أريدُ رضاكَ وأنا أطلُبكَ وأبحثُ عنكَ». | |||
فانشَقَّ جِدارُ البئرِ فجأةً بعد هذا الدُّعاءِ، عن بابٍ يُفتَحُ إلى بستانٍ فاخِر طاهرٍ جَميلٍ، وربما انقلبَ فمُ ذلك الثعبانِ إلى ذلك البابِ، واتَّخذَ كلٌّ من الأسَدِ والثعبانِ صُورةَ الخادِم وهيئَتَهُ، فأخَذا يدعوانِه إلى البستانِ حتى إن ذلك الأسدَ تقمَّصَ شكلَ حِصانٍ مُسخَّرٍ بينَ يديهِ. | فانشَقَّ جِدارُ البئرِ فجأةً بعد هذا الدُّعاءِ، عن بابٍ يُفتَحُ إلى بستانٍ فاخِر طاهرٍ جَميلٍ، وربما انقلبَ فمُ ذلك الثعبانِ إلى ذلك البابِ، واتَّخذَ كلٌّ من الأسَدِ والثعبانِ صُورةَ الخادِم وهيئَتَهُ، فأخَذا يدعوانِه إلى البستانِ حتى إن ذلك الأسدَ تقمَّصَ شكلَ حِصانٍ مُسخَّرٍ بينَ يديهِ. | ||
44. satır: | 42. satır: | ||
ثم إن ذلك الشقيَّ يكونُ قد ظلمَ نفسَه بنفسِه، جَارًّا عليها وَضعًا مُظلِما وأوهامًا ذاتَ ظلماتٍ حتى كأنه في جَحيمٍ، بانعِدامِ بَصيرتِه عن حقائقَ ساطعةٍ كالنهارِ وأوضاعٍ جميلةٍ باهرةٍ، فلا هو مُستحِقٌ للشفَقةِ ولا له حقُّ الشكوى؛ | ثم إن ذلك الشقيَّ يكونُ قد ظلمَ نفسَه بنفسِه، جَارًّا عليها وَضعًا مُظلِما وأوهامًا ذاتَ ظلماتٍ حتى كأنه في جَحيمٍ، بانعِدامِ بَصيرتِه عن حقائقَ ساطعةٍ كالنهارِ وأوضاعٍ جميلةٍ باهرةٍ، فلا هو مُستحِقٌ للشفَقةِ ولا له حقُّ الشكوى؛ | ||
مَثَلُه في هذا مثَلُ رجلٍ وَسْطَ أحبّائِه في مَوسِم الصَّيفِ وفي حديقةٍ جَميلةٍ بهيجةٍ في وَليمةٍ طَيّبةٍ للأفراح، فلعدم قناعتِه بها راحَ يَرتَشِفُ كؤوسَ الخمر -أمِّ الخبائثِ- حتى أصبحَ سِكِّيرا ثَمِلا، فشرعَ بالصُّراخِ والعَويلِ، وبدأَ بالبكاءِ، ظانا نفسَه أنه في قلبِ الشتاءِ القارِسِ، ومُتصوِّرا أنه جائعٌ وعارٍ وسْطَ وُحوشٍ مفترسةٍ؛ فمثلما أنَّ هذا الرجلَ لا يستحقُّ الشفَقةَ والرأْفةَ، إذ ظلمَ نفسَه بنفسِه مُتوهِّما أصدقاءَه وُحوشًا، مُحتقِرا لهم.. فكذلك هذا المشؤُومُ. | |||
ولكنما ذلك السَّعيدُ يُبصِرُ الحقيقةَ، والحقيقةُ بذاتِها جَميلةٌ؛ ومع إدراكِ جمالِ الحقيقةِ فإنه يَحترِمُ كمالَ صاحِبِ الحقيقةِ ويُوقِّرُه فيَستحِقُّ رَحمتَه. | ولكنما ذلك السَّعيدُ يُبصِرُ الحقيقةَ، والحقيقةُ بذاتِها جَميلةٌ؛ ومع إدراكِ جمالِ الحقيقةِ فإنه يَحترِمُ كمالَ صاحِبِ الحقيقةِ ويُوقِّرُه فيَستحِقُّ رَحمتَه. | ||
فاعلم إذن سِرًّا من أسرارِ:
﴿ مَٓا اَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّٰهِۘ وَمَٓا اَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَۜ ﴾ (النساء:79). | فاعلم إذن سِرًّا من أسرارِ:
﴿ مَٓا اَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّٰهِۘ وَمَٓا اَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَۜ ﴾ (النساء:79). | ||
54. satır: | 52. satır: | ||
وإذا كنتَ قد وَعَيتَ ما في هذه الأُقصوصَةِ التَّمثِيليةِ من حقائقَ، فإنك تَستطِيعُ أن تُطبِّقَ عليها الحقِيقةَ الدِّينِيةَ والدُّنيوِيةَ والإنسانيةَ والإيمانِِيةَ كلَّها؛ وسأقولُ لك الأسُسَ، واستَخرِجْ بنفسِك الدَّقائِق: | وإذا كنتَ قد وَعَيتَ ما في هذه الأُقصوصَةِ التَّمثِيليةِ من حقائقَ، فإنك تَستطِيعُ أن تُطبِّقَ عليها الحقِيقةَ الدِّينِيةَ والدُّنيوِيةَ والإنسانيةَ والإيمانِِيةَ كلَّها؛ وسأقولُ لك الأسُسَ، واستَخرِجْ بنفسِك الدَّقائِق: | ||
فالأخَوانِ الاثنانِ أحدُهما رُوحُ المؤمِن وقَلبُ الصالِح، والآخرُ روحُ الكافِر وقلبُ الفاسِق؛ | |||
أما اليَمينُ من تَينِكَ الطَّريقَين فهو طَريقُ القرآنِ والإيمانِ، وأما الشِّمالُ فَطريقُ العصيانِ والكُفرانِ؛ | |||
وأما ذلك البستانُ في الطريقِ فهو الحياةُ الاجتِماعِيةُ المؤقَّتةُ للمجتمع البشَريِّ والحضارةِ الإنسانيةِ التي يُوجَد فيها الخَيرُ والشرُّ والطيِّبُ والخبيثُ والطاهِرُ والقَذِرُ معا، فالعاقِل هو مَن يَعمَل على قاعِدةِ «خُذْ ما صَفا.. دَعْ ما كدَر» فيَسيرُ مع سلامةِ القلبِ واطمئنانِ الوِجدانِ؛ | وأما ذلك البستانُ في الطريقِ فهو الحياةُ الاجتِماعِيةُ المؤقَّتةُ للمجتمع البشَريِّ والحضارةِ الإنسانيةِ التي يُوجَد فيها الخَيرُ والشرُّ والطيِّبُ والخبيثُ والطاهِرُ والقَذِرُ معا، فالعاقِل هو مَن يَعمَل على قاعِدةِ «خُذْ ما صَفا.. دَعْ ما كدَر» فيَسيرُ مع سلامةِ القلبِ واطمئنانِ الوِجدانِ؛ | ||
68. satır: | 66. satır: | ||
وأما مطعوماتُ تلك الشجرةِ فهي النِّعمُ الدنيوِيةُ التي صَنَعها الربُّ الكريمُ لكي تكونَ فِهرِسًا للنِّعمِ الأُخرويةِ ومُذكِّرةً بها، بمُشابهتِها لها، وقد خَلَقها البارِئُ الحكيمُ على هيئةِ نماذجَ لدعوةِ الزَّبائِنِ إلى فواكِه الجنَّةِ، | وأما مطعوماتُ تلك الشجرةِ فهي النِّعمُ الدنيوِيةُ التي صَنَعها الربُّ الكريمُ لكي تكونَ فِهرِسًا للنِّعمِ الأُخرويةِ ومُذكِّرةً بها، بمُشابهتِها لها، وقد خَلَقها البارِئُ الحكيمُ على هيئةِ نماذجَ لدعوةِ الزَّبائِنِ إلى فواكِه الجنَّةِ، | ||
وإنَّ إعطاءَ تلك الشجرةِ على وَحدَتِها الفَواكهَ المختلفةَ المتبايِنةَ إشارةٌ إلى آيةِ القُدرَةِ الصَّمدانِيةِ وخَتمِ الربوبيةِ الإلهيةِ وطُغْراءِ سَلطَنةِ الألوهِيةِ ذلك لأنَّ «صُنعَ كلِّ شَيءٍ من شَيءٍ واحدٍ» أي صُنعَ جميعِ النباتاتِ وأثمارِها من ترابٍ واحدٍ، وخَلقَ جميعِ الحيواناتِ من ماءٍ واحِدٍ، وإبداعَ جميعِ الأجهزةِ الحيوانيةِ من طعامٍ بسيط؛ وكذا «صُنعُ الشيءِ الواحدِ من كلِّ شيءٍ» كبناءِ لحمٍ مُعينٍ وجِلدٍ بَسيطٍ لذي حياةٍ من مطعوماتٍ مُختلِفةِ الأجناسِ.. إنما هي الآيةُ الخاصَّةُ للذاتِ الأحديةِ الصَّمديةِ والختمُ المخصوصُ للسلطانِ الأزليِّ الأبديِّ وطغراؤُه التي لا يمكنُ تقليدُها أبدا. | |||
نعم، إنَّ خلقَ شيءٍ من كلِّ شيء وخلقَ كلِّ شيءٍ من شيءٍ، إنما هو خاصِيةٌ تعودُ إلى خالقِ كلِّ شيءٍ، وعلامةٌ مخصوصةٌ للقادِر على كلِّ شيءٍ. | نعم، إنَّ خلقَ شيءٍ من كلِّ شيء وخلقَ كلِّ شيءٍ من شيءٍ، إنما هو خاصِيةٌ تعودُ إلى خالقِ كلِّ شيءٍ، وعلامةٌ مخصوصةٌ للقادِر على كلِّ شيءٍ. | ||
83. satır: | 81. satır: | ||
------ | ------ | ||
<center> [[Yedinci_Söz/ar|الكلمة السابعة]] | <center>⇐ [[Yedinci_Söz/ar|الكلمة السابعة]] | [[Sözler/ar|الكلمات]] | [[Dokuzuncu_Söz/ar|الكلمة التاسعة]] ⇒</center> | ||
------ | ------ |
düzenleme