İKİNCİ MAKALE/ar: Revizyonlar arasındaki fark
("'''خاتمة:'''" içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu) |
Değişiklik özeti yok |
||
(Aynı kullanıcının aradaki diğer 11 değişikliği gösterilmiyor) | |||
130. satır: | 130. satır: | ||
'''إشارة: ''' | '''إشارة: ''' | ||
ينشأ التناسب ويتولد الحسن ويلمع الجمال بنشوء الانتظام من هذه النقطة. | |||
فتأمل في كلام رب العزة ﴿ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ ﴾ (<ref>﴿ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَٓا اِنَّا كُنَّا ظَالِم۪ينَ ﴾ (الأنبياء:٤٦)</ref>) (الأنبياء:٤٦) المسوقةِ للتهويل، وتخويف الإنسان، وتعريفِه بعجزه وضعفه. فبناءً على القاعدة البيانية: | فتأمل في كلام رب العزة ﴿ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ ﴾ (<ref>﴿ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَٓا اِنَّا كُنَّا ظَالِم۪ينَ ﴾ (الأنبياء:٤٦)</ref>) (الأنبياء:٤٦) المسوقةِ للتهويل، وتخويف الإنسان، وتعريفِه بعجزه وضعفه. فبناءً على القاعدة البيانية: | ||
435. satır: | 435. satır: | ||
'''خاتمة:''' | '''خاتمة:''' | ||
لقد قيل: انظر إلى القول دون القائل! ولكني أقول: انظر إلى مَن قال؟ ولمن قال؟ وفيمَ قال؟ ولِمَ قال؟ إذ يلزم مراعاة هذه الأمور كمراعاة القول نفسه في نظر البلاغة بل هذا هو الألزم. | |||
'''إشارة:''' | |||
''' | |||
اعلم أن شرطاً مهماً لمزايا علم المعاني وفن البيان -من حيث البلاغة- هو: القصد والعمد، بنصب الأمارات والإشارات الدالة على جهة الغرض، فلا تقام للعفوية وزنٌ. | |||
أما شرط علم البديع والمحسنات اللفظية فهو عدم القصد، والعفويةُ، أو القرب من طبيعة المعنى الشبيهة بالعفوية. | |||
'''تلويح:''' | |||
لا يخفى أن شأن الآلات التي تثقب السطح نافذة إلى الحقيقة، وتدل على الطبيعة والحقيقة الخارجية، وتربط الحكم الذهني بالقانون الخارجي، بل أنفذ تلك الآلات هي «إنّ» التحقيقية. نعم، إن «إنّ» بناءً على خاصيته هذه استُعملت كثيراً في القرآن الكريم. | |||
'''تنبيه:''' | |||
أيها الأخ! | |||
إن القوانين اللطيفة التي تضمها هذه المقالة لا تورطك في مغالطة، لتبرُئِها ونفورها عن هذه الأساليب الخشنة الواهية! فلا يذهبْ بك الظن إلى القول: لو كانت هذه القوانين صالحة وصائبة لكانت تلقِّن واضعَها درساً قوياً في البلاغة فكانت تلبس أساليب جميلة، بينما الذي وضعها أميّ وأساليبه متهرئة.. | |||
دع عنك هذا الظن، لأنه لا يلزم لكل علم أن يكون كلُ عالم ماهراً فيه. فضلاً عن أن القوة المركزية الجاذبة أقوى من القوة الدافعة، ولأن للأذن قرابة مع الدماغ وصلةَ رحمٍ مع العقل، بينما القلب الذي هو منبع الكلام ومعدنه بعيد عن اللسان وغريب عنه. وكثيراً ما لا يفهم اللسانُ فهماً تاماً لغةَ القلب، وبخاصة إن كان القلب يئن في غور المسائل وفي أعماق بعيدة كغيابة الجب فلا يسمعه اللسان، وكيف يترجمه؟ | |||
وحاصل الكلام: الفهم أسهل من الإفهام .... والـسلام | |||
'''اعتذار:''' | |||
''' | |||
أيها الأخ الصابر الجلد! ويا من يرافقني في هذه المسالك الضيقة المظلمة! لا أحسبك إلّا متفرجاً حائراً في هذه المقالة الثانية، ولم تك مستمعاً لأنك لم تفهمها، ولك الحق في ذلك؛ إذ المسائل عميقة جداً، وجداولها طويلة جداً. بينما العبارات غامضة مختصرة. ولغتي التركية مشوشة وقاصرة ووقتي ضيق، وأنا أكتب باستعجال، وصحتي معتلة؛ فأنا مصاب بالزكام. ففي مثل هذه الأحوال لا يصدر إلّا مثل هذه الوُريقات.. | |||
(والعذر عند كرام الناس مقبول). | |||
'''أيها الأخ!''' | |||
''' | |||
امزجْ عنصرَ الحقيقة (القوة الكبرى) وعنصر البلاغة (القوة الصغرى) وأمرر في المزيج الحدسَ الصادق الذي هو كشعاع الكهرباء، لينتجَ لك عنصرَ العقيدة المضيئة، وليمنحَ ذهنَك استعداداً لفهمها. | |||
سنبحث عن عنصر العقيدة في المقالة الثالثة. | |||
فأشرع وأقول: نخو (<ref>كلمة كردية باللهجة الكرمانجية الشمالية، تعني: إذن.</ref>) | |||
------ | ------ | ||
<center> [[ | <center> ⇐ [[BİRİNCİ_MAKALE/ar|المقالة الأولى - عنصر الحقيقة]] | [[Muhakemat/ar|محاكمات]] | [[ÜÇÜNCÜ_MAKALE/ar|المقالة الثالثة - عنصر العقيدة]] | ||
⇒ </center> | |||
------ | ------ | ||
05.55, 23 Mayıs 2024 itibarı ile sayfanın şu anki hâli
عنصر البلاغة
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ
الطيبات لله والصلوات على نبيه
المقالة الثانية
هذه المقالة تبّين بضع مسائل تتعلق بروح البلاغة
المسألة الأولى
يخبرنا التاريخ بأسفٍ بالغ أنه لمّا انجذب الأعاجم بجاذبة سلطنة العرب فَسَد بالاختلاط مَلَكةُ الكلام المُضَري، التي هي أساسُ بلاغة القرآن؛ إذ لما تعاطى الأعاجمُ والدُخلاء صنعةَ البلاغة العربية حوّلوا الذوقَ البلاغي من مجراه الطبيعي للفكر، وهو نظمُ المعاني، إلى صنعة اللفظ.
وذلك أن المجرى الطبيعي لأنهار الأفكار والمشاعر والأحاسيس إنما هو نظم المعاني.. ونظمُ المعاني هو الذي يشيَّد بقوانين المنطق.. وأسلوبُ المنطق متوجّهٌ إلى الحقائق المتسلسلة.. والفكرُ الواصل إلى الحقائق هو الذي ينفُذ في دقائق الماهيات ونِسَبها.. ودقائقُ الماهيات ونِسبُها هي الروابط للنظام الأكمل في العالم.. والنظامُ الأكمل هو المندمِج فيه الحسنُ المجرد الذي هو منبع كل حسن.. والحسن المجردُ هو روضةُ أزاهيرِ البلاغة التي تسمى لطائفَ ومزايا.. وتلك الجنةُ المزهرة ودقائق الماهيات ونسبها هي التي تَجول فيها بلابلُ عاشقةٌ للأزاهير المسماة بالشعراء والبلغاء وعشاقِ الفطرة.. ونغماتُ تلك البلابل يمدّها صدىً روحاني هو نظم المعاني.
ولكن لما حاول الدُخَلاء والأعاجم الدخولَ في صفوف الأدباء، فلَتَ الأمرُ. لأن مزاج الأمة مثلما أنه منشأ أحاسيسها ومشاعرها، فإن لسانها القومي يعبّر عن تلك المشاعر ويعكس تلك الأحاسيس. وحيث إن أمزجه الأمة مختلفةٌ، فاستعداد البلاغة في ألسنتها متفاوت أيضاً، ولا سيما اللغة العربية الفصحى المبنية على قواعد النحو.
وبناء على هذا فإنّ نظمَ اللفظ -الذي هو أرض قاحلة جرداء لا تصلح لأن تكون مَسِيلاً لجريان الأفكار ومَنبتاً لأزاهير البلاغة- اعترض مجرى البلاغة الطبيعي، وهو نظمُ المعنى فشَوّش البلاغةَ.
وحيث إن المبتدئين ومَن لا مهارة لهم أحوجُ من غيرهم إلى ترتيب اللفظ وتحسينه وتحصيلِ المعاني اللغوية -بسوء اختيارهم أو بسَوق الحاجة- فقد صرفوا جلَّ اهتمامهم إلى اللفظ ورغبوا فيما هو أسهلُ مجرىً وأظهرُ للنظر العابر وآنَسُ للعوام وأَولى بأن ينجذبوا إليه وينفعلوا به ويجتمعوا حوله، لذا انجذبوا إلى تنميق الألفاظ صارفين أذهانَهم عن تنسيق المعاني والتغلغل فيها، تلك المعاني التي كلما قطعت بها مفازة تراءت صحارى شاسعة باهرة منها..
وهكذا سار الأمر بهم حتى افترقت أذهانُهم فداروا حيث دار اللفظ بعد تصور المعاني، بل حتى غلب اللفظُ المعنى وسخّره لنفسه، فاتسعت المسافةُ بين طبيعة البلاغة -وهي كون اللفظ خادماً للمعنى- وصنعةِ العاشقين للفظ.
فإن شئت فادخل في «مقامات الحريري» فإنه مع جلالة قدره في الأدب، فقد استهواه حبُّ اللفظ وبذلك أخلّ بأدبه الرفيع، فأصبح قدوة للمغرَمين باللفظ، حتى خصص الجرجاني -ذلك العملاق- ثلث كتابيه دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة دواءً لعلاج هذا الداء.
نعم، إن حب اللفظ داء، ولكن لا يعرف أنه داء!
تنبيه:
كما أن حب اللفظ مرضٌ، كذلك حب التصوير (الفني)، وحب الأسلوب، وحب التشبيه، وحب الخيال، وحب القافية مرض مثله. بل ستكون هذه الأمراض بالإفراط أمراضاً مزمنة في المستقبل، كما تبدو البوادر من الآن. حتى يُضحَّى بالمعنى في سبيل ذلك الحب، بل بدأ كثير من الأدباء بإساءة الأدب والأخلاق لأجل نادرة ظريفة، أو لإتمام قافية رنانة.
نعم، اللفظ يُزيَّن ولكن إذا اقتضته طبيعةُ المعنى وحاجتُه..
وصورةُ المعنى تُعظّم وتعطى لها مهابةٌ ولكن إذا أذِن بها المعنى...
والأسلوبُ يُنوَّر ويلمَّع ولكن إذا ساعده استعدادُ المقصود...
والتشبيه يلطَّف ويجمَّل ولكن إذا تأسس على علاقة المقصود وارتضى به المطلوب...
والخيالُ يُنشط ويسيّح ولكن إذا لم يؤلِم الحقيقة، ولم يثقل عليها، وأن يكون مثالاً للحقيقة متسنبلاً عليها.
المسألة الثانية
إن حيـاة الكلام ونموَّه: بتجسّم المعاني وبنفخ الـروح في الجمادات. وذلك بإلقاء الحوار فيما بينها بالسحر البياني الحاصل بقوة الخيال؛
المبنية على المغالطة الوهمية، المؤسسة على الدوران -أي ظن أحد الشيئين علّة للآخر في الوجود والعدم كما هو الاعتقاد العرفي-... فالسحر البياني إذا تجلى في الكلام بَعَثَ الحياة في الجمادات كالساحر، ويوقع بينها محاورة قد تنجرّ إلى المحبة أو المخاصمة، فيجسِّم المعاني ويحييها ويدرِج فيها الحرارةَ الغريزية.
فإذا شئت فادخل في البيت الصاخب:
يناجيني الإخلافُ من تحت مَطْلِهِ فتختصم الآمالُ واليأس في صدري ([1])
أي: إن خلف الوعد يحاورني من تحت ستار المماطلة في الحق، ويقول: لا تنخدع. فتتخاصم الآمال واليأس ويهدّان منزل صدري المتزلزل.
فترى كيف مثّل الشاعر الساحر المحاربةَ والمخاصمة بتجسيمه الأمل واليأس وبعثه الحياة فيهما، وجعلهما في صراع مع مثير الفتن: إخلاف الوعد، حَتى جعل البيتَ كأنه مشهد سينمائي يتراءى أمام عقلك. نعم، إن هذا السحر البياني نوع من التنويم.
أو استمع إلى شكوى الأرض وعشقها إلى المطر في هذا البيت:
تشكّى الأرض غَيْـبتـه إليه وترشُف ماءَه رشفَ الرضاب ([2])
يضع أمام خيالك حالة قيس وليلى، فالأرض قيس ومعشوقها السحاب ليلى!
تنبيه:
إن الذي جمّل هذا الشعر هو مشابهة ما فيه من الخيال إلى حدٍ ما بالحقيقة؛ إذ الأرض تُحدث صوتاً وأزيزاً إذا تأخر عنها المطر فتمص ماءه مصاً. والذي يشاهِد عنها هذه الحالةَ ينتقل خياله إلى تأخر المطر وشدةِ حاجة الأرض إليه، وبسر الدوران المعلوم وبتصرف الوهم يُفرغ الخيالُ نفسَه في صورةِ عشق وحوارٍ بينهما.
إشارة:
لابد في كل خيال من نواة من حقيقة، مثل هذه النوية.
المسألة الثالثة
إن حلل الكلام أو جماله وصورته: بأسلوبه، أي بقالب الكلام؛
إذ الأسلوب يتنور ويتشرب ويتشكل باتخاذه تلاحق قطعات الاستعارة التمثيلية، المتركبةِ من الصور، الحاصلة بخصوصيات من تمايلات الخيال، المتولدة بسبب تلقيح الصنعة (البيانية) أو المباشرة أو التوغل أو دقة الملاحظة. فالأسلوب بهذا قالب الكلام كما هو معدن جماله ومصنع حلله الفاخرة.
فكأن المتكلم ينادي بإرادته -التي تنبه العقل- فيوقظ المعاني الراقدة في زوايا القلب المظلمة، فتَخرج حفاةً عراةً وتَدخل الخيال الذي هو محل الصور، فتلبس (المعاني) ما تجده من صور في خزينة الخيال تلك، فتَخرج بعلامة مهما قلت، حتى قد تلفّ على رأسها منديلاً أو تَخرج لابسة نعلاً، أو تخرج بأزرار أو بكلمة تدل على أنها تربّت هناك.
فإذا أنعمتَ النظر في أسلوب الكلام -الكلام الطبيعي الفطري- ترى المتكلم في مرآة الأسلوب، حتى كأن نَفْسَه في أنفاسه ونبراته، وماهيتَه في نفثاته، وصنعتَه ومزاجه ممتزجان في كلامه، فلو تخيلتَ الأمر هكذا لما عوتبت في مذهب الخياليين.
فإن كان في خيالك مرض من الشك في هذا، فزُر مستشفى قصيدة «بردة المديح»، وانظر كيف كَتب الحكيمُ البوصيري(∗) وَصْفَته الطبية باستفراغ الدمع وحمية الندم:
وَاسْتَفْرغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قَدِ امْتَلأَتْ مِنَ الْمَحَارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَّدَمِ
وإن اشتهيت شرب زلال المعنى من زجاج الحقيقة -أي الأسلوب- وترى امتزاجهما فاذهب إلى الخمّار واسأله:
ما الكلام البليغ؟
فسيقول لك بدافع من صنعته: الكلام البليغ ما طبخته مراجل العلم وبقي في دِنان الحكمة وصفّته مصفاة الفهم، فدار به الساقون الظرفاء، فشربتْه الأفكار، وتمشّى فيه الأسرار، فاهتزت به الأحاسيس.
وإن لم يَرُق لك كلام هؤلاء السكارى، فاستمع إلى مهندس الماء، هدهدِ سليمان عليه السلام، في النبأ الذي أتى به من سبأ، كيف وصف الذي علّم القرآن وأبدع السماوات والأرض، إذ يقول الهدهد: إني رأيت قوماً لا يسجدون لله: ﴿ الَّذ۪ي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ ﴾ (النمل:٢٥) فانظر، كيف اختار من بين الأوصاف الكمالية ما يشير إلى هندسة الهدهد.
إشارة:
مرادي بالأسلوب: قالب الكلام وصورته، وآخرون يقولون غير هذا.
وفائدته البلاغية: التحام تفاريق القصة وقِطَعِها المشتتة، لتهتزّ القصة كلها بتحريك جزء منها حسب القاعدة: «إذا ثبت الشيء ثبت بلوازمه»؛ إذ لو وَضع المتكلم بيد السامع طَرفاً من الأسلوب فالمخاطب يمكن أن يرى تمامه بنفسه ولو مع شيء من الظلمة.
فانظر أينما كان لفظ «بارز» فانه كالنافذة تريك ميدان الحرب.
نعم، هناك كثير من أمثال هذه الكلمات لو قيل إنها مَشاهد سينما الخيال فلا حرج.
تنبيه:
إن مراتب الأسلوب متفاوتة جداً؛ بعضها أرق من النسيم إذا سرى في السَّحر، وبعضها أخفى من دسائس دهاة الحرب في هذا الزمان، لا يشمّه إلّا ذوو الدهاء،
كاستشمام الزمخشري(∗) من الآية الكريمة ﴿ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَم۪يمٌ ﴾ (يس:٧٨) أسلوبَ مَن يبرز إلى الميدان!
نعم، إن العاصي لله إنما يبارز خالقه ويحاربه معنىً.
المسألة الرابعة
إن قوة الكلام وقدرته: أن تتجاوب قيوده، وتتعاون كيفياته، ويمد كلٌ بقدره مشيراً إلى الغرض الأصلي ويضع إصبعه على المقصد. فيكون مثالاً ومصداقاً لدستورِ:
عِبَارَاتُنَا شَتَّى وَحُسْنُكَ وَاحِدٌ وَكُلٌّ إلى ذَاكَ الْـجَمَال يُشِيرُ ([3])
وكأن القيود مسيل ووديان، والمقاصد حوض في وسطها يستمد منها.
حاصل الكلام: يلزم التجاوب والتعاون والاستمداد، لئلا تتشوش صورة الغرض المرتسمة على شبكة الذهن والملتقطة بنظر العقل.
إشارة:
ينشأ التناسب ويتولد الحسن ويلمع الجمال بنشوء الانتظام من هذه النقطة.
فتأمل في كلام رب العزة ﴿ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ ﴾ ([4]) (الأنبياء:٤٦) المسوقةِ للتهويل، وتخويف الإنسان، وتعريفِه بعجزه وضعفه. فبناءً على القاعدة البيانية:
«ينعكس الضد من الضد» ترى الآية الكريمة تُبين تأثير القليل من العذاب بقصد التهويل والتخويف، فكل طَرَف من الكلام يُمِدّ المقصد -وهو التقليل- عن جهته وذلك بـ:
التشكيكِ والتخفيف في لفظ «إنْ».
والمسِّ وحده دون الإصابة في «مسّت».
والتقليلِ والتحقير في مادةِ «نفحةٌ» وصيغتِها وتنكيرها.
والتبعيضِ في «مِن».
والتهوين في «عذاب» بدلاً من نكال.
وإيماء الرحمة في «ربك».
كل ذلك يهول العذاب ويعظمه بإراءة القليل،
إذ إنْ كان قليلُه هكذا فكيف بعظيمه.. نسأل الله العافية!
تنبيه:
هذا نموذج نسوقه لك، إن قدرت فقس عليه؛ فإن جميع الآيات القرآنية يتلألأ عليها هذا الانتظام والتناسب والحسن. ولكن قد تتداخل المقاصد وتتسلسل، وتصبح توابع، كل منها مقارنة مع الأخرى دون اختلاط. فلابد من الحذر والانتباه، لأن النظرة العابرة كثيراً ما تَزِلّ في هذه المواضع.
المسألة الخامسة
إن أصل الكلام وصورة تركيبه يفيد المقصد نفسه، كما أن غناه وثروته وسعته هو في بيان لوازم الغرض وتوابعه وهزّه بتلميحاتِ مستتبعاته وبإشارات الأساليب؛
إذ التلميح أو الإشارة أساس مهم يهزّ عطف الخيالات الساكنة ويستنطق جوانبها الساكتة، فيهيّج الاستحسان في أقصى زوايا القلب.
نعم، إن التلميح أو الإشارة إنما هو لمشاهدة أطراف الطريق ومطالعتها، وليس للقصد والطلب والتصرف، بمعنى أن المتكلم لا يكون مسؤولاً فيه.
فإن أحببت فادخل في هذه الأبيات لترى ما يستحق المشاهدة:
فانظر إلى شعرات لحية الشيخ الذي اعتلى فرسه وأراد أن يعرض فتوته تجاه حسناء، تجد فيها مفاتيح بلاغة كثيرة..
فدونك الأبواب افتحها:
قالتْ كبرتَ وشِبتَ قلتُ لها هذا غبارُ وقايع الدهر ([5])
وأيضاً:
ولا يروّعك إيماض القتير به فإن ذاك ابتسام الرأي والأدب ([6])
أي لا يخوّفك ابيضاض شعرات فإن نور العقل والأدب قد سالا من الدماغ إلى اللحية.
وأيضاً:
وعينُك قد نامتْ بليلِ شبيبةٍ فلم تنتبه إلّا بصبح مشيب
وأيضاً:
وكأنما لَطَم الصباح جبـينه فاقتصّ منه وخاض في أحشائه ([7])
يصف الشاعر فرسه فيريد: أن غرّته إنما هي أثر من لطمة الصباح على جبينه، وتحجيلَه إنما هو من خوضِ قوائمه الأربع في أحشاء الصباح.
وأيضاً:
كأن قلبي وشاحاها إذا خطرتْ وقَلْبَها قُلْبُها في الصمت والخرس ([8])
أي يتحرك قلب الشاعر كوشاح في خصر المعشوق، بينما قلبها في سكون وصمت كسوارها. فلئن اشتاق قلبي إلى ذلك الزند القوي والخصر النحيف فإن قلبها مستغن عني...
فالشاعر جمع في البيت الواحد الحسن والعشق والاستغناء والاشتياق.
وأيضاً:
وألقى بصحراء الغبـيط بعاعه نـزولَ اليمانِي ذي العياب المحمّل ([9])
أي إن السيل القادم من المطر، ألقى بضاعته كالتاجر اليماني في صحراء الغبيط، فأخذت الأزاهير تتلون بتلك الأخلاط التجارية الممزوجة بالأصباغ والألوان وتلبس الحلل الزاهية حتى تحمر رؤوسها، مثلما لو نزل تاجر في قرية مساءً واشترى منه أهلها بضاعته المتلونة المتنوعة، يخرج في الصباح كلٌ من بيته في زينة وجمال وحتى راعي القوم يعصب رأسه بعصابة حمراء.
وأيضاً:
غَارَ الوفاءُ وفاض الغدرُ وانفرجتْ مسافةُ الخلف بين القول والعمل ([10])
فإن شئت فالتفِتْ إلى ما قبل هذه المقالة، تجد أمثلة كثيرة حول هذه المسألة.
منها: «إن مفتاح دلائل إعجاز الآيات وكشاف أسرار بلاغتها، البلاغة العربية لا الفلسفة اليونانية».
أو راجع الإشارة التي هي في خاتمة المسألة الأولى من المقالة الأولى، فإن فيها: «إن شريعة الخليقة أو الشريعة الفطرية قد فَرضت على الأرض المجذوبة السائحة ألّا تشذ عن صف النجوم المقتدية بالشمس».
نعم، إن الأرض مع قرينتها ﴿ قَالَتَٓا اَتَيْنَا طَٓائِع۪ينَ ﴾ (فصلت:١١) والطاعة في الجماعة أفضل.
فتأمل الآن في هذه الأمثلة، فإن كل مثال يُريك مِن أمامه ومن خلفه مقاماتٍ، بحيث تبرز مقامات أخرى خلفها.
المسألة السادسة
إن ثمرات الكلام هي: المعاني المتولدة في صور متعددة والمتفجرة في طبقات متفاوتة.
فكما هو معلوم لدى الكيمياويين: إن الذهب عند استحصاله، يمرر في أنابيبِ معامل متعددة ويرسب ترسبات مختلفة في طبقات متفاوتة ويشكل بأشكال متنوعة. وفي الختام يحصل على قسم من الذهب. كذلك الكلام الذي هو خريطة مختصرة أُخذت من صورة المعاني المتفاوتة، فالمفاهيم المتفاوتة تتشكل صورُها كالآتي:
إنه باهتزاز قسم من أحاسيس القلب بتأثيرات خارجية تتولد الميول، وبتكّون معان هوائية منها وتعلّقها بنظر العقل توجِّه العقل إلى نفسها.. ثم بتكاثف قسم من ذلك المعنى البخاري يبقى قسم من الميول والتصورات معلقة.. ثم بتقطر قسم آخر يرغب فيه العقل.. ثم القسم المائع يتحصل منه ويُصلّب، فيضمه العقل ضمن الكلام.. ثم ذلك المتصلب لأنه يتجلى ويتمثل برسم خاص به، يُظهره العقل بكلام خاص حسب قامته المخصوصة.
بمعنى أن المتشخص من المعنى يأخذه العقل ضمن صورة خاصة للكلام.
وما لم يصلّب يسلّمه ليد الفحوى، وما لم يتحصل يحمله على إشارات الكلام وكيفياته، وما لم يتقطر يحيله إلى مستتبعات الكلام، وما لم يتبخر يربطه باهتزازات الأسلوب وأطوار المتكلم التي ترافق الكلام.
ومن هذا النبع ينفجر مسمّى «الاسم»، ومعنى «الفعل»، ومدلول «الحرف» ومظروف «النظم»، ومفهوم «الهيئة»، ومرموز «الكيفية»، ومشار «المستتبعات» ومحرك «الأطوار المشايعة للخطاب» ومقصود «الدال بالعبارة» ومدلول «الدال بالاشارة» والمفهوم القياسي لـ«لدال بالفحوى» والمعنى الضروري لـ«لدال بالاقتضاء» وأمثالها من المفاهيم كل منها ينعقد في طبقة من طبقات هذه السلسلة.
فإن اشتقت فتطلع في وجدانك تشاهد هذه المراتب، وذلك إذا ما ألقى محبوبك شعاع حسنه وبريقه من نافذة العين إلى الوجدان؛ فذلك العشق المسمى بالنار الموقدة، يحرق مباشرة الحسياتِ ويلهبها، فتتهيج الآمال والميول، فتثقب تلك الآمالُ مباشرة سقفَ ذلك الخيال الذي في الطبقة العليا، ويستغيث فتسعى إلى تلك الآمال الخيالاتُ الممسكة بيدها محاسنَ المحبوب أو المشبعة بمحاسن غيرها، فتهاجم معاً وتنطلق من تلك الخيالات إلى اللسان وتستردف ميل زلال الوصال، وتضع على يمينها آلام الفراق، وتضع في يسارها التعظيم والتأدب والاشتياق، وتضع أمامها محاسن المحبوب المقتضي للعطف والترحم، فتنشر تحية ثنائها، وتنظم قلائد مدحها، المتجلية من الكل بوصف الفضائل المستجلِب لزلال الوصال، المطفِئ للنار الموقدة على الأفئدة.
فانظر كم من المعاني ترفع رأسها من غير الطبقات التي تعرفها.
فإن لم تخف فانظر إلى وجدان كل من ابن الفارض وأبي الطيب المنبهر أكثر من عيونهما، وتأمل في ترجمان الوجدان في:
غرستُ باللحـظ ورداً فوق وجنتها حقٌ لطرفيَ أن يجنِي الذي غرسا ([11])
وأيضاً:
فللعين والأحشاء أول هل أتى تلا عائدي الآسي وثالث تبت ([12])
وأيضاً:
صدٌّ حَمى ظمئي لُماكَ لماذا وهواك قلبي صار منه جُذاذاً ([13])
وأيضاً:
حشايَ على جَمر ذكيّ من الغضا وعينايَ في روضٍ من الحُسن ترتعُ ([14])
فشاهد واستمع كيف أن عيونهم تتجول في جنة وسعيرُ وجدانهم تُعذِّب.
ولقد بيّن الشعراء خيالات رقيقة جداً بالإشارة إلى محاسن المحبوب، وبالرمز إلى استغنائه، وبالإيماء إلى التألم من فراقه، وبالتصريح بالشوق إليه، وبالتلويح بطلب الوصال، وبالنص على الحسن الجالب للعطف.. مع ما يحرك الحسيات من أطوار.
إشارة:
كما يلزم في نظام أية دولة كانت، أن يكون أجر الموظف حسب وظيفته وبمقدار خدماته وعلى وفق قابليته واستعداده، كذلك يلزم تقسيم العناية وتوزيع الاهتمام توزيعاً عادلاً، بحيث تأخذ كلُّ معنى من المعاني المتزاحمةِ في مثل هذه المراتب المتفاوتة نصيبَه وحظه بنسبة قربه من مركز الغرض الكلي الذي سيق له الكلام، وبنسبة خدمته للمقصود الأساس، وذلك ليحصل بتلك المعادلـة: الانتظامُ، ومـن الانتظام: التناسبُ، ومن التناسب: حسن الوفاق، ومن حسن الوفاق: حُسنُ المعاشرة، ومن حسن المعاشرة: ميزان التعديل لكمال الكلام.
وبخلاف هذا فإن مَن هو خادم وظيفةً وصبي طبعاً إذا دخل في مراتب كبيرة يتكبر فيفسد التناسب ويشوش المعاشرة. أي يلزم أخذ استعداد قيود الكلام بنظر الاعتبار.
نعم، يجب أن يرفع مقام كل شيء بقدر استعداده؛ إذ العين والأنف وما شابههما من الأعضاء مهما كانت جميلة فإنها تتشوه إذا جاوزت الحد ولو كانت ذهباً.
تنبيه:
قد يذهب جندي بسيط إلى مواضع من العدو لاستكشاف مالا يقدر عليه المشير، أو يؤدي تلميذ صغير من العمل ما لا يؤديه عالم كبير، إذ الكبير لا يلزم أن يكون كبيراً في كل أمر، بل كلٌّ كبيرٌ في صنعته.
وكذلك قد يترأس معنى صغيرٌ بين تلك المعاني المتزاحمة، فيأخذ قيمةً أعلى، لأن وظيفته ذات أهمية كما سنبينها.
والذي يشير إلى تلك المعاني المتزاحمة، والمنارُ على قيمتها عدمُ صلاحية صريح الحكم المنصوص ولازمه القريب لسفارة الكلام وسَوقِ الخطاب وإرسالِ اللفظ لأجله؛
إما لكونه بديهياً معلوماً مشهوداً.. أو خفيفاً وضعيفاً لا يُهتم به في الغرض الأساس.. أو لفقدان من يتقبله و يستمع إليه.. أو لا يوافق حال المتكلم ولا يفي بداعي الرغبة في التكلم.. أو لا يمتزج ولا يقبل الامتزاج مع شرف المخاطب ومنزلته.. أو يبدو غريباً في مقام الكلام وتوابع المستتبعات.. أو ليس له استعداد للحفاظ على الغرض وتهيئة لوازمه.
بمعنى: أن كل مقام يستمع إلى سبب واحد من بين هذه الأسباب. ولكن لو اتحدت عموماً ترفع الكلام إلى أعلى طبقة.
خاتمة:
هناك معان معلقة، ليس لها شكل مخصوص ولا وطن معين. فهي كالمفتش الذي يمكنه الدخول إلى أية دائرة كانت، وبعضها يقلّد لفظاً خاصاً بها. هذه المعاني المعلقة قسم منها معان حرفية هوائية، قد تستتر في كلمة، أو يتشربها كلام أو تتداخل في جملة أو قصة، فإن عصرت تقطّر ذلك المعنى كالروح فيها كما في معاني «التحسر» و«الاشتياق» و«التمدح» و«التأسف» وغير ذلك.
المسألة السابعة
إن العقدة الحياتية للبلاغة، أو بتعبير آخر «فلسفة البيان» أو «حكمة الشعر» هي التمثل بنواميس الحقائق الخارجية ومقاييسها.
أي تمكين قوانين الحقائق الخارجية في المعنويات والأحوال الشاعرة من حيث القياس التمثيلي وبطريق الدوران وبتصرف الوهم. أي أن البليغ يتمثل أشعة الحقائق المنعكسة من الخارج كالمرآة وكأنه يقلّد الخلقة ويحاكي الطبيعة بصنعته الخيالية وبنقش كلامه.
نعم، لو لم تكن في الكلام حقيقة، ففي الأقل لابد فيه من شبيه للحقيقة وما يستمد من نظامها والتسنبل على نواتها. ولكن لكل حبة سنبلها الخاص فلا تتسنبل الحنطة شجرة.
فإن لم تؤخذ فلسفة البيان بنظر الاعتبار، فالبلاغة تكون كالخرافة لا تغني السامعَ غير الحيرة.
إشارة:
إن للنحو فلسفته كما للبيان فلسفته. هذه الفلسفة تبين حكمة الواضع وهي مؤسسة على المناسبات المشهودة المشحونة بها كتب النحو؛ فمثلاً: لا يدخل عاملان على معمول واحد. وإن لفظ «هل» ما إن يرى الفعل إلّا ويطلب الوصال بلا صبر، وإن الفاعل قوي، والقويّ يضم الضمة لنفسه. فهذه وأمثالها نظائر القوانين الجارية في الكائنات وفي الخارج.
تنبيه:
إن هذه المناسبات النحوية والصرفية -التي هي حكمة الواضع- وإن كانت لا تبلغ درجة فلسفة البيان إلّا أن لها قيمة رفيعة جداً. فمثلاً: تتحول العلوم النقلية الثابتة بالاستقراء إلى صور العلوم العقلية.
المسألة الثامنة
إن تلقيح المعاني البيانية وتبادل مواضعها وانقلاباتها، إنما هو: بتشرب معنى الكلمة الحقيقي بغرض الكلام أو جذبه بمعنى من المعاني المعلقة إلى جوفه، وحالَمَا يدخل فيه يرجع المعنى إلى الحقيقة والأساس التي هي صاحب البيت. أما المعنى الذي هو صاحب اللفظ الأصلي فيرجع إلى صورة حياتية تمدّه، وتستمد من المستتبعات. هذا هو السر في وجود معان عدة لكلمة واحدة ومنه ينبع التلقيح والتبادل والانقلاب.
فمن لم يفهم هذه النقطة فاتته بلاغة عظيمة.
إشارة:
وكم من شيء يُرْكَب عليه فيستحق لفظ «على»، ولكن ما إن يكون ظرفاً، فإنه يستدعي لفظ «في» كـ: «تجري في البحر».. أو آلةً فتستلزم لفظ «باء» كـ: «صعدت السطح بالسلم»، ولكن لكونها مكاناً أو مركوباً تقتضي أيضاً «في» و«على».. أو يكون غاية فيطلب «الى» و«حتى» ولكن لكونه علةً وظرفاً يناسبه «اللام» و«في» كـ ﴿ وَالشَّمْسُ تَجْر۪ي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ﴾. فقس.
تنبيه:
قَدِّم ضمن هذه المعاني المتداخلة وصرِّح ما كان أَمَسّ غرضك وأقرب رُحماً إلى القصد، وشيِّع الباقي وضمِّنه. وإلّا كان المعنى عرياناً عاطلاً من حلّة البيان.
المسألة التاسعة
إن أعلى مراتب الكلام وكمالِه الذي يُعجز الإرادة الجزئية والتصور البسيط للإنسان هو: تضمن الكلام واستعداده بتعدد المقاصد المتداخلة المتسلسلة، وبتسلسل المطالب المرتبطة المتناسلة، وباجتماع الأصول المولدة لنتيجة واحدة، وباستنباط الفروع الكثيرة المولدة لثمرات متباينة.
وذلك: أن الذي يعطي الكلام عظمة وَسعةً هو: أن المقاصد القادمة من أبعد هدف وأعلاه -وهو مقصد المقاصد- يرتبط بعضها ببعض، ويكمل أحدها نقصان الآخر، ويؤدي الواحدُ منها حق جاره، حتى كأن وَضْعَ هذا في موضعه يمكّن الآخر في مكانه، ويقرّ الآخر في مستقره.. وهكذا كلٌّ يأخذ محله الملائم له؛ فتنصب تلك المقاصد في قَصْر الكلام المشيد بملاحظةِ نِسَب يمين هذا وشماله وكل جهاته، وكأن المتكلم استعار عقولاً إلى عقله للتعاون، وغدا كلُّ مقصد من تلك المقاصد جزءاً تشترك فيه التصاوير المتداخلة، بمثل ما إذا وَضع رسام نقطةً سوداء في صور متداخلة، فإنها تكون عين هذا ومنخر ذاك وفم هذا وشامة ذلك.. وهكذا ففي الكلام الرفيع نقاط أمثال هذه ..
النقطة الثانية:
إن المطالب تتسلسل وتتناسل بسر القياس المركب المتشعب حتى كأن المتكلم يشير إلى شجرة النَسبِ لبقاء المطالب وتناسلها.
فمثلاً: العالَم جميل، فصانعه إذاً حكيم، لا يخلق عبثاً، ولا يسرف في شيء، ولا يهمل الاستعداداتِ والقابليات، أي سيكمّل الانتظامَ دوماً. أي لا يسلط على الإنسان الهجرانَ الأبدي والعدمَ الذي يمحي الكمالات ويقتل الأمل.. فلا بد إذاً من سعادة أبدية.
وأفضل مثال لهذا: الجهة الثالثة من الفرق بين الإنسان والحيوان من مباحث النبوة في مقدمة الشهادة الثانية من المقالة الثالثة.
النقطة الثالثة:
إن الذي يجعل النتيجة الواحدة تولِد نتائج متعاقبة هو: جمع الأصول المتعددة وذكرها، لأن لكل أصل من الأصول، إن لم يكن له ارتباط بالذات وقصدٌ بالنتيجة الرفيعة، ففي الأقل يهزها ويكشفها إلى حد ما. فكأن الكلام يشير بتباين الأصول -التي هي مظاهر ومرايا- وبوحدة النتيجة والمتجلّي، إلى تجرد المقصد وسموّه، واتصال قوته الحياتية بحقيقة الحياة الكلية، حياةِ العالم المسماة بالدوران العمومي.
فالمقصد الأول من المقاصد الثلاثة التي في ختام المقالة الثالثة مثال لهذا؛ وكذلك الإشارة والإرشاد والتنبيه ومسلك المحاكمة العقلية التي في المسالة الرابعة من المقالة الثالثة مثال جيد لهذا أيضاً..
فانظر إلى كلام الرحمن الذي علم القرآن. فبأي آيات ربك لا تتجلى هذه الحقيقة؟ فويل حينئذٍ للظاهريين الذين يحملون ما لا يفهمون على التكرار.
النقطة الرابعة:
هي إفراغ الكلام إفراغاً تاماً، ومنحه استعداداً كاملاً، بحيث يتضمن بذورَ كثير من الفـروع، ويكون مصدر كثير من الأحكام، ويصبح دليـلاً على وجـوه عديـدة ومعاني مختلفة. وكأن الكلام بتضمنه هذا الاستعداد يلوّح إلى ما فيه من قوة للنمو، ويبين كثرة غلته ومحصوله. إذ يجمع في المـسألة تلك الفروع والوجـوه ليوازن بين مزايـاه ومحاسـنها، ويسوق كل فرع إلى غرض، ويعيّن كل وجـه في وظيفة:
فانظر إلى قصة موسى فإنها أجدى من تفاريق العصا، ([15]) أخذها القرآن بيده البيضاء، فخرّت سَحَرةُ البيان ساجدين لبلاغته.
أيها الأخ!
إن الخيال البلاغي الموجود في هذه المسالة يرسم لك -بمثل هذه الأساليب- شجرةَ حقيقةٍ عظيمة، عروقُها الجسيمة متشابكة، وعُقَدها الطويلة متناسقة، وأغصانها المتشعبة متعانقة، وثمراتها وفواكهها متنوعة. فتأمل في المسألة السادسة فهي مثال لهذه المسألة وإن كانت مشوشة.
تنبيه واعتذار:
أيها الأخ!
اعلم يقيناً أن هذه المقالة تبدو لك غامضةً مغلقةً، ولكن ما الحيلة فإن شأن المقدمة الإجمال والإيجاز. وسيتجلى لك الأمر في الكتب الثلاثة.
المسألة العاشرة
إن سلاسة الكلام، بعدم التشابك، وعدم الطفر من حسّ إلى آخر، مع تقليد الطبيعة وتمثل الخارجيات، والسداد إلى مسيل الغرض، وتميّز المقصد والمستقر، كالآتي:
إن الوثوب من حسّ إلى آخر قبل أن يتم الأول، ومن بعد ذلك مزجه مع الآخر يخل بالسلاسة ويغيرها، فيلزم التدرج في المعاني المتسلسلة والحذر من الاشتباك العشوائي بدون نظام.
وينبغي أيضاً مساوقة الطبيعة والتتلمذ عليها بصنعة المتكلم الخيالية، كي تنعكس قوانينها في صنعته.
وكذا يجب محاكاة تصوراته مع الخارجيات ومشاكلتها معها، بحيث إذا تجسمت تصورات المتكلم في الخارج -هاربة من الدماغ- فلا يردّه الخارج ولا يستلحقها إلى المتكلم، ولا ينكر نَسَبها إليه. بل يقول: هي أنا، أو كأنها أنا أو هي من صلبي.
وكذا يجب السداد وعدم التمايل يميناً وشمالاً، للحيلولة دون التفرق في مسيل الغرض والتشتتِ في مجرى القصد، وذلك لئلا تهون الجوانب من الغرض بتشرب قوته، بل تمده الجوانب -كالحوض- بما تتضمنه من الطراوة واللطافة.
ويلزم أيضاً -لسلامة السلاسة- تميّز مستقر القصد، وتعيّن ملتقى الغرض.
المسألة الحادية عشرة
إن سلامة البيان وصحته: إثبات الحكم بلوازمه ومباديه وبآلات دفاعه، كالآتي:
يجب عدم الإخلال بلوازم الحكم، وعدم إفساد راحته، مع رعايته، والرجوع إلى مبادئه لاستمداد الحياة.. وذلك بالتقلد بقيود الإجابة عن كل سؤال مقدر في ردّ الأوهام ودفع الشبهات..
أي إن الكلام شجرة مثمرة نضدت فيها أشواكها لحمايتها من اجتناء ثمراتها والتجني عليها.
فكأن الكلام نتيجة لكثير من المناظرات والمناقشات وزبدة كثير من المحاكمات العقلية. فلا يسترق منه السمعَ شياطينُ الأوهام ولا يسعهم النظر إليه نظرة سوء، لأن المتكلم قد أحاط بجهات كلامه الستِ وشيّد حوله سُوراً، أي جهّزه بتقييد الموضوع أو المحمول أو بالتوصيف أو بجهة أخرى دفاعاً عن كل سؤال مقدر ووضعها في نقاط يتوقع هجوم الأوهام منها.
وإن شئت مثالاً لهذا، فهذا الكتاب كله مثال طويل له، ولاسيما المقالة الثالثة فهي مثاله الساطع.
المسألة الثانية عشرة
إن سلامة الكلام وملاسته واعتدال مزاجه: بتقسيم العناية وتوزيع خلع الأساليب حسب ما يستحقه كل قيد، فإن كان الكلام حكاية، فيجب على المتكلم فرض نفسه في موضع المحكي عنه،
إذ لا بد من الحلول في المحكي عنه والنزولِ ضيفاً إلى قلبه والتكلمِ بلسانه لدى تصوير أفكاره وحسياته.
وإذا تصرف في ماله فيجب العدالة في تقسيم الرعاية والاهتمام -الدالين على القيمة والمكانة- بأخذ كل قيدٍ للكلام واستعداده ورتبته بنظر الاعتبار، وإلباس الأساليب على قامة استعداد كل قيد، حتى يتحلى المقصد بما يناسبه من أسلوب، إذ أسس الأساليب ثلاثة:
الأول: الأسلوب المجرد، كالأسلوب السلس للسيد الشريف الجرجاني(∗) ونصير الدين الطوسي.(∗)
الثاني: الأسلوب المزين، كالأسلوب الباهر الساطع لعبد القاهر الجرجاني في دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة.
الثالث: الأسلوب العالي، كبعض الكلام المهيب للسكاكي والزمخشري وابن سينا(∗) أو بعض الفقرات العربية لهذا الكتاب، ولاسيما في المقالة الثالثة، فهي تبدو مشوشة إلّا أنها تحوي فقرات رصينة، ذلك لأن علو الموضوع قد أفرغ هذا الكتابَ في أسلوب عالٍ. وما صنعتي أنا إلّا جزئية فيه.
الخلاصة: إن كنتَ في بحث الإلهيات وتصوير الأصول، فعليك بالأسلوب العالي، ففيه الشدة والقوة والهيبة، بل عليك ألّا تغادر هذا الأسلوب.
وإن كنت في بحث الخطاب والإقناع، فعليك بالأسلوب المزيّن ذي الحلي والحلل والترغيب والترهيب؛ لا تدع هذا الأسلوب ما استطعت، بشرط ألّا يداخله التصنع والتظاهر، وما يثير العوام.
وإن كنت في المعاملات والمحاورات وفي العلوم الآلية، فعليك بالأسلوب المجرد وحده فهو الذي يحقق وفاء الموضوع واختصار البحث وسلامة القصد ويجري على وفق السليقة، حتى إنه يبين جماله الذاتي بسلاسته.
خاتمة هذه المسالة:
اعلم أن قناعة الكلام واستغناءه وعصبيته، أن لا تمدّ عينيك إلى أسلوب خارج المقصد؛
فاذا أردت أن تفصّل أسلوباً على قامة معنى من المعاني، فالمعنى نفسه والمقام والصنعة والقصة والصفة يعينك بتفاريق لوازمها وتوابعها، فتخيط من تلك التفاريق لباسَ أسلوبك. فلا تمد نظرك إلى الخارج الّا مضطراً.
أو بتعبير آخر قَاطِعْ أموالَ الأجانب، فهو أساس مهم للحيلولة دون تبعثر ثروة البلاد.
فمقاطعة الأجانب تزيد قوة الكلام، أي إن المعنى والمقام والصنعة يفيد الكلام بدلالته الوضعية، إذ كما يُظهر الكلام المعنى بدلالته الوضعية، فمثل هذا الأسلوب يشير بطبيعته إلى المعنى.
وإن شئت مثالاً فانظر في المسألة التاسعة إلى:
(فانظر إلى كلام الرحمن الذي علّم القرآن، فبأي آيات ربك لا تتجلى هذه الحقيقة؟ فويل حينئذ للظاهريين الذين يحملون ما لا يفهمون على التكرار) وفيها أيضاً: (فانظر إلى قصة موسى، فإنها أجدى من تفاريق العصا، أخذها القرآن بيده البيضاء فخرّت سحرة البيان ساجدين لبلاغته).
وإن شئت فانظر إلى ديباجة كتب العلوم الآلية، فإن ما فيها من براعة الاستهلال -وإن لم يكن بلاغتها دقيقة ولطيفة- براعةُ استهلال لهذه الحقيقة.
وأيضاً ففي ديباجة هذا الكتاب أمثلة: إذ أظهر النبيّ الكريم معجزة لنبوته.. وفي ديباجة المقالة الثالثة: قد بُينت جملتا كلمة الشهادة، كل منها شاهدة على الأخرى.. وكذا قيل في المقدمة السابعة لأولئك الذين قالوا بنزول القمر إلى الأرض بعد انشقاقه: لقد أصبحتم سبباً لخسف معجزة القمر الظاهر كالشمس الساطعة برهاناً على النبوة وجعلتم تلك المعجزة الظاهرة مخفية كنجم السهى!
وقياساً على هذا تجد أمثلة كثيرة لهذه الحقيقة، لأن مسلك هذا الكتاب مقاطعة أموال الخارج، وعدمُ الأخذ منها إلّا للضرورة كما هو حالي أنا. بل مقاطعتها في المسائل والأمثلة والأساليب، لكن ربما يرد توافق في الخواطر. إذ الحقيقة واحدة، فمن أي باب دخلتَ عليها تجدها تجاهك.
خاتمة:
لقد قيل: انظر إلى القول دون القائل! ولكني أقول: انظر إلى مَن قال؟ ولمن قال؟ وفيمَ قال؟ ولِمَ قال؟ إذ يلزم مراعاة هذه الأمور كمراعاة القول نفسه في نظر البلاغة بل هذا هو الألزم.
إشارة:
اعلم أن شرطاً مهماً لمزايا علم المعاني وفن البيان -من حيث البلاغة- هو: القصد والعمد، بنصب الأمارات والإشارات الدالة على جهة الغرض، فلا تقام للعفوية وزنٌ.
أما شرط علم البديع والمحسنات اللفظية فهو عدم القصد، والعفويةُ، أو القرب من طبيعة المعنى الشبيهة بالعفوية.
تلويح:
لا يخفى أن شأن الآلات التي تثقب السطح نافذة إلى الحقيقة، وتدل على الطبيعة والحقيقة الخارجية، وتربط الحكم الذهني بالقانون الخارجي، بل أنفذ تلك الآلات هي «إنّ» التحقيقية. نعم، إن «إنّ» بناءً على خاصيته هذه استُعملت كثيراً في القرآن الكريم.
تنبيه:
أيها الأخ!
إن القوانين اللطيفة التي تضمها هذه المقالة لا تورطك في مغالطة، لتبرُئِها ونفورها عن هذه الأساليب الخشنة الواهية! فلا يذهبْ بك الظن إلى القول: لو كانت هذه القوانين صالحة وصائبة لكانت تلقِّن واضعَها درساً قوياً في البلاغة فكانت تلبس أساليب جميلة، بينما الذي وضعها أميّ وأساليبه متهرئة..
دع عنك هذا الظن، لأنه لا يلزم لكل علم أن يكون كلُ عالم ماهراً فيه. فضلاً عن أن القوة المركزية الجاذبة أقوى من القوة الدافعة، ولأن للأذن قرابة مع الدماغ وصلةَ رحمٍ مع العقل، بينما القلب الذي هو منبع الكلام ومعدنه بعيد عن اللسان وغريب عنه. وكثيراً ما لا يفهم اللسانُ فهماً تاماً لغةَ القلب، وبخاصة إن كان القلب يئن في غور المسائل وفي أعماق بعيدة كغيابة الجب فلا يسمعه اللسان، وكيف يترجمه؟
وحاصل الكلام: الفهم أسهل من الإفهام .... والـسلام
اعتذار:
أيها الأخ الصابر الجلد! ويا من يرافقني في هذه المسالك الضيقة المظلمة! لا أحسبك إلّا متفرجاً حائراً في هذه المقالة الثانية، ولم تك مستمعاً لأنك لم تفهمها، ولك الحق في ذلك؛ إذ المسائل عميقة جداً، وجداولها طويلة جداً. بينما العبارات غامضة مختصرة. ولغتي التركية مشوشة وقاصرة ووقتي ضيق، وأنا أكتب باستعجال، وصحتي معتلة؛ فأنا مصاب بالزكام. ففي مثل هذه الأحوال لا يصدر إلّا مثل هذه الوُريقات..
(والعذر عند كرام الناس مقبول).
أيها الأخ!
امزجْ عنصرَ الحقيقة (القوة الكبرى) وعنصر البلاغة (القوة الصغرى) وأمرر في المزيج الحدسَ الصادق الذي هو كشعاع الكهرباء، لينتجَ لك عنصرَ العقيدة المضيئة، وليمنحَ ذهنَك استعداداً لفهمها.
سنبحث عن عنصر العقيدة في المقالة الثالثة.
فأشرع وأقول: نخو ([16])
- ↑ لابن المعتز (دلائل الإعجاز ٦١) وفي ديوان ابن المعتز: تُجاذبني الأطراف بالوصل والقلى..ص٢٢٦.
- ↑ لأبي الطيب المتنبي في ديوانه ١/ ٢٦٣.
- ↑ لم ينسب إلى قائله: انظر تفسير الآلوسي ٨/ ٤١٧؛ البحر المديد لابن عجيبة ٤/ ١١٣؛ البرهان للزركشي ٢/ ١٦٠.
- ↑ ﴿ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَٓا اِنَّا كُنَّا ظَالِم۪ينَ ﴾ (الأنبياء:٤٦)
- ↑ قول ابن المعتز (أسرار البلاغة ٣٢٢).
- ↑ وفـي رواية الـديوان: فلا يؤرقك إيماض القتير... والقتير: الشـيب. والبيت للطائي الكبير يمدح الحسن بن سهل.
- ↑ قاله ابن نباتة السعدي في وصف فرس أهداه إياه سيف الدولة. (انظر الديوان ١/ ٢٧٣ وأسرار البلاغة ٣٢٥).
- ↑ للشاعر صريع الغواني (ت ٢٠٨هـ/ ٨٢٣م) مسلم بن الوليد الأنصاري؛ انظر: العاملي، الكشكول، ١٥٩. وأسامة بن منقذ، البديع في نقد الشعر ١/ ٤٥.
- ↑ صحراء الغبيط: الحزن، وهي أرض بني يربوع. بعاعه: ثقله، وما معه من متاع. والمعنى: أرسل السحاب ماءه وثقله كهذا التاجر اليماني حين ألقى متاعه في الأرض ونشر ثيابه، فكان بعضها أحمر وبعضها أصفر وبعضها أخضر، كذلك ما أخرج المطر من النبات والزهر فألوانه مختلفة كاختلاف ألوان الثياب اليمانية (شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات لابن الأنباري. تحقيق: عبد السلام هارون - دار المعارف ص١٠٨)
- ↑ في ديوان الطغرائي: غاض الوفاء... الخ (الغيث المسجم في شرح لامية العجم ٢/ ٣٤٣ شرح صلاح الصفدي، دار الكتب العلمية بيروت ١٩٧٥).
- ↑ وفي رواية ديوان لابن الفارض: غرست باللحظ ورداً فوق وجنته... ص١٧٧ دار صادر، بيروت.
- ↑ أول هل أتى: أراد به سورة من القرآن الكريم أولها (هل أتى...) تلا: من التلاوة، والقراءة. وثالث تبت: أراد بها ثالث لفظة من سورة (تبت يدا أبى لهب...) وهي: أبو لهب. يريد الشاعر: أنه أصبح كأنه لم يكن شيئاً مذكوراً، وصارت أحشاؤه تكنى بأبي لهب، لشدة اشتعالها بنار الوجد (ص٤٢ من الديوان).
- ↑ الصدّ: الإعراض. حمى: منع. لُماك: سمرةُ شفتيك. وهواك: أي قَسَماً بهواك. منه: أي من صدك. جذاذاً: قِطَعاً.
- ↑ وفي رواية ديوان المتنبي: حشاي على جمر ذكيٍ من الهوى...
- ↑ «إنك خير من تفاريق العصا»، مثل يُضرب فيمن نفعُه أعمُّ من نفع غيره (مجمع الأمثال للميداني).
- ↑ كلمة كردية باللهجة الكرمانجية الشمالية، تعني: إذن.