64.622
düzenleme
("ثانيا: لقد كتبتُ لمدير هذه «المدرسة اليوسفية»: عندما كنت أسيرا في «روسيا» قامت الثورة البلشفية أولَ ما قامت من السجون، كما أن الثورة الفرنسية قد اندلعت من السجون أيضا، وحملها أولئك المسجونون المذكورون في التاريخ باسم الفوضويين. لذا نحن طلاب النور قد س..." içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu) |
Değişiklik özeti yok |
||
(Aynı kullanıcının aradaki diğer 110 değişikliği gösterilmiyor) | |||
87. satır: | 87. satır: | ||
</div> | </div> | ||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== | === أيها الإخوة الأعزاء الأوفياء! === | ||
لقد رأيت أنوار سُلوان ثلاثة، أبينها في نقاط ثلاث للذين ابتُلوا بالسجن ومن يقوم بنظارتهم ورعايتهم ومن يعينهم في أعمالهم وأرزاقهم. | |||
النقطة الأولى: أن كل يوم من أيام العمر التي تمضي في السجن، يمكن أن يُكسِب المرءَ ثوابَ عبادة عشرة أيام، ويمكن أن يحوّل ساعاته الفانية -من حيث النتيجة- إلى ساعات باقية خالدة.. بل يمكن أن يكون قضاء بضع سنين في السجن وسيلة نجاة من سجن أبدي لملايين السنين. | |||
فهذا الربح العظيم مشروط لأهل الإيمان بأداء الفرائض، والتوبة إلى الله من الذنوب والمعاصي التي دفعته إلى السجن، والتوجه إليه تعالى بالشكر صابرا محتسبا. علما أن السجن نفسَه يحول بينه وبين كثير من الذنوب. | |||
النقطة الثانية: أن زوال الألم لذةٌ، كما أن زوال اللذة ألمٌ. | |||
نعم، إن كل من يفكر في الأيام التي قضاها بالهناء والفرح يشعر في روحه بحسرة وأسف عليها، حتى ينطلق لسانُه بكلمات الحسرات: أواه.. آه.. بينما إذا تفكر في الأيام التي مرت بالمصائب والبلايا فإنّه يشعر في روحه وقلبه بفرح وبهجة من زوالها حتى ينطلق لسانه بـ: «الحمد لله والشكر له، فقد ولّت البلايا تاركةً ثوابَها». فينشرح صدره ويرتاح. | |||
أي إنّ ألما موقتا لساعة من الزمان يترك لذة معنوية في الروح، بينما لذةٌ موقتة لساعة من الزمان تترك ألما معنويا في الروح، خلافا لذلك. | |||
فما دامت الحقيقة هذه، وساعاتُ المصائب التي ولّت مع آلامها أصبحت في عِداد المعدوم، وأنّ أيام البلايا لم تأتِ بعدُ، فهي أيضا في حكم المعدوم.. وإنّه لا ألمَ من غير شيء.. ولا يَرِدُ من العدم ألمٌ.. فمن البلاهة إذن إظهار الجزَع ونفاد الصبر الآن، من ساعات آلامٍ ولّتْ، ومن آلامٍ لم تأتِ بعدُ، علما أنها جميعا في عِداد المعدوم. | |||
ومن الحماقة أَيضا إظهار الشكوى من الله وتركُ النفس الأمارة المقصّرة من المحاسبة، ومن بعد ذلك قضاءُ الوقت بالحسرات والزفرات. أَوَ ليس من يفعل هذا أَشدَّ بلاهة ممن يداوم على الأكل والشرب طَوالَ اليوم خشيةَ أَنْ يجوع أو يعطش بعد أيام؟ | |||
نعم، إنّ الإنسان إن لم يُشتِّتْ قوة صبره يمينا وشمالا -إلى الماضي والمستقبل- وسدَّدَها إلى اليوم الذي هو فيه، فإنها كافيةٌ لتحل له حبالَ المضايقات. | |||
حتى إنني أَذكر -ولا أَشكو- أَنّ ما مرَّ عليَّ في هذه المدرسة اليوسفية الثالثة (<ref>المقصود: سجن «أفيون» حيث دخله الأستاذ النورسي وطلاب النور سنة ١٩٤٨.</ref>) في غضون أيام قلائل من المضايقات المادية والمعنوية لم أَرها طوال حياتي، ولاسيّما حرماني من القيام بخدمة النور مع ما فيّ من أمراض. وبينما كان قلبي وروحي يعتصران معا من الضيق واليأس إذا بالعناية الإلهية تمدني بالحقيقة السابقة، فانشرح صدري أيّما انشراح وولّت تلك المضايقات فرضيتُ بالسجن وآلامه والمرض وأَوجاعه. إذ من كان مثلي على شفير القبر يُعدّ ربحا عظيما له أن تتحول ساعةٌ من ساعاته التي يمكن أن تمر بغفلة إلى عشر ساعات من العبادة.. فشكرت الله كثيرا. | |||
</ | |||
النقطة الثالثة: إن القيام بمعاونة المسجونين بشفقة ورأفة وإعطاءهم أرزاقهم التي يحتاجون إليها وضماد جراحاتهم المعنوية ببلسم التسلّي والعزاء، مع أنه عمـل بسيـط إلّا أَنّه يحمل في طياته ثوابا جزيلا وأجرا عظيما. حيث إن تسليم أرزاقهم التي تُرسل إليهم من الخارج يكون بحكم صَدقة، وتُكتب في سجل حسنات كل مَن قام بهذا العمل، سواءً الذين أَتوا بها من الخارج أو الحراس أو المراقبون الذين عاونوهم، ولاسيّما إن كان المسجون شيخا كبيرا أو مريضا أو غريبا عن بلده أو فقيرا معدما، فإن ثواب تلك الصدقة المعنوية يزداد كثيرا. | |||
وهذا الربح العظيم مشروط بأداء الفرائض من الصلوات لتُصبح تلك الخدمة لوجه الله.. مع شرط آخر هو أن تكون الخدمة مقرونة بالشفقة والرحمة والمحبة من دون أَن يحمّل شيئا من المنّة. | |||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
139. satır: | 126. satır: | ||
</div> | </div> | ||
< | <span id="Gençlik_Rehberi’nin_Küçük_Bir_Hâşiyesi"></span> | ||
=== | === حاشية صغيرة لرسالة «مرشد الشباب» === | ||
باسمه سبحانه | |||
إن المسجونين هم في أمسّ الحاجة إلى ما في رسائل النور من سلوان حقيقي وعزاء خالص. ولاسيما أولئك الشبان الذين تلقَّوا صفعات التأديب ولطمات التأنيب بنَـزواتهم وأهوائهم. فقضوا نضارةَ عمرهم في السجن، فحاجة هؤلاء إلى النور كحاجتهم إلى الخبز. | |||
إن عروق الشباب تنبض لهوى المشاعر، وتستجيب لها أكثرَ مما تستجيب للعقل وترضخ له. وسَورات الهوى -كما هو معلوم- لا تبصر العقبى، فتفضّل درهما من لذة حاضرة عاجلة على طنٍ من لذة آجلة، فيُقْدِم الشابُّ بدافع الهوى على قتل إنسان بريء للتلذذ بدقيقة واحدة من لذة الانتقام، ثم يقاسي من جرائها ثمانيةَ آلاف ساعة من آلام السجن.. والشاب ينساق إلى التمتع لساعة واحدة في اللهو والعبث -في قضية تخص الشرف- ثم يتجرع من ورائها آلام ألوف الأيام من سجن وخوف وتوجس من العدو المتربص به.. وهكذا تضيع منه سعادةُ العمر بين قلق واضطراب وخوف وآلام. | |||
وعلى غرار هذا يقع الشباب المساكين في ورطات ومشاكل عويصة كثيرة حتى تحوّل ألطفَ أيام حياتهم وأحلاها إلى أمرّ الأيام وأقساها، | |||
وفي حالة يرثى لهم ولاسيما بعد أن هبّت عواصفٌ هوجاء من الشمال تحمل فتنا مدمّرة لهذا العصر؛ إذ تستبيح لهوى الشباب الذي لا يرى العقبى أعراضَ النساء والعذارى الفاتنات وتدفعهم إلى الاختلاط الماجن البذيء، فضلا عن إباحتها أموالَ الأغنياء لفقراء سفهاء. | |||
إن فرائص البشرية كلَها لترتعد أمام هذه الجرائم المنكرة التي تُرتكب بحقها. | |||
فعلى الشباب المسلم في هذا العصر العصيب أن يشمّروا عن سواعد الجد لينقذوا الموقف، ويَسُلُّوا السيوفَ الألماسية لحجج رسائل النور وبراهينها الدامغة -التي في رسالة «الثمرة» و«مرشد الشباب» وأمثالهما- ويدافعوا عن أنفسهم، ويصدّوا هذا الهجوم الكاسح الذي شُنّ عليهم من جهتين.. وإلّا فسيضيع مستقبلُ الشباب في العالم، وتذهب حياتُه السعيدة، ويفقد تنعّمه في الآخرة، فتنقلب كلُها إلى آلامٍ وعذاب؛ إذ سيكون نـزيلَ المستشفيات، بما كَسبت يداه من إسراف وسفاهة.. ونـزيلَ السجون، بطيشه وغيّه.. وستبكي أيامُ شيخوخته بكاءً مرا ويزفر زفرات ملؤها الحسرات والآلام. | |||
ولكن إذا ما صان نفسه بتربية القرآن، ووقاها بحقائق رسائل النور فسيكون شابا رائدا حقا، وإنسانا كاملا، ومسلما صادقا سعيدا، وسلطانا على سائر المخلوقات. | |||
نعم، إن الشاب إذا دفع ساعة واحدة من أربع وعشرين ساعة من يومه في السجن إلى إقامة الفرائض، وتاب عن سيئاته ومعاصيه التي دفَعَتْه إلى السجن، وتجنّب الخطايا والذنوب مثلما يجنّبه السجنُ إياها.. فإنه سيعود بفوائدَ جمّة إلى حياته وإلى مستقبله وإلى بلاده وإلى أمته وإلى أحبّائه وأقاربه، فضلا عن أنه يكسب شبابا خالدا في النعيم المقيم بدلا من هذا الذي لا يدوم خمسَ عشرة سنة. | |||
هذه الحقيقة يُبشِّر بها ويخبر عنها عن يقين جازم جميعُ الكتب السماوية وفي مقدمتها القرآنُ الكريم. | |||
نعم، إذا ما شكر الشاب على نعمة الشباب -ذلك العهدِ الجميل الطيب- بالاستقامة على الصراط السوي، وأداء العبادات، فإن تلك النعمة المهداة تزداد ولا تنقص، وتبقى من دون زوال، وتصبح أكثر متعةً وبهجة.. وإلّا فإنها تكون بلاء ومصيبة مؤلمة ومغمورة بالغم والحزن والمضايقات المزعجة حتى تذهب هباءً فيكون عهدُ الشباب وبالا على نفسه وأقاربه وعلى بلاده وأمته. | |||
هذا وإن كلَّ ساعة من ساعات المسجون الذي حُكم عليه ظلما تكون كعبادة يومٍ كامل له، إن كان مؤديا للفرائض، ويكونُ السجن بحقه موضعَ انـزواء واعتزال من الناس كما كان الزهّاد والعُبّاد ينـزوون في الكهوف والمغارات ويتفرغون للعبادة. أي يمكن أن يكون هو مثل أولئك الزهاد. | |||
وستكون كل ساعة من ساعاته إن كان فقيرا ومريضا وشيخا متعلقا قلبُه بحقائق الإيمان وقد أناب إلى الله وأدّى الفرائض، في حُكم عبادة عشرين ساعة له، ويتحوّل السجنُ بحقّه إلى مدرسة تربوية إرشادية، وموضعِ تحابب ومكان تعاطف، حيث يقضي أيامَه مع زملائه في راحة فضلا عن راحته وتوجه الأنظار إليه بالرحمة، بل لعله يفضّل بقاءَه في السجن على حريته في الخارج التي تنثال إليه الذنوب والخطايا من كل جانب، ويأنس بما يتلقى من دروس التربية والتزكية فيه. وحينما يغادره لا يغادره قاتلا ولا حريصا على أخذ الثأر، وإنما يخرج رجلا صالحا تائبا إلى الله، قد غنم تجاربَ حياتية غزيرة. | |||
فيُصبح عضوا نافعا للبلاد والعباد، حتى حدا الأمر بجماعة كانوا معنا في سجن «دنيزلي» إلى القول، بعدما أخذوا دروسا إيمانية في سمو الأخلاق ولو لفترة وجيزة من رسائل النور: | |||
«لو تلقّى هؤلاء دروسَ الإيمان من رسائل النور في خمسةِ أسابيع، فإنه أجدى لإصلاحهم من إلقائهم إلى السجن خمس عشرة سنة». | |||
فما دام الموتُ لا يفنى من الوجود، والأجلُ مستورٌ عنا بستار الغيب، ويمكنه أن يحلّ بنا في كل وقت.. وأن القبر لا يُغلق بابُه.. وأن البشرية تغيب وراءه قافلة إثر قافلة.. وأن الموت نفسه بحق المؤمنين ما هو إلّا تذكرة تسريح وإعفاء من الإعدام الأبدي -كما وضّح ذلك بالحقيقة القرآنية- وأنه بحق الضالين السفهاء إعدام أبدي كما يشاهدونه أمامهم؛ إذ هو فراق أبدي عن جميع أحبتهم وأقاربهم بل الموجودات قاطبة.. | |||
فلابد ولا شك بأن أسعد إنسان هو مَن يشكر ربه صابرا محتسبا في سجنه مستغلا وقته أفضل استغلال، ساعيا لخدمة القرآن والإيمان مسترشدا برسائل النور. | |||
أيها الإنسان المبتلَى بالملذات والمُتع! | |||
لقد علمتُ يقينا طوال خمس وسبعين سنة من العمر، وبألوفِ التجارب التي كسبتُها في حياتي، | |||
ومثلها من الحوادث التي مرت عليّ أن الذوقَ الحقيقي، واللذةَ التي لا يشوبها ألم، والفرحَ الذي لا يكدّره حُزن، والسعادةَ التامة في الحياة إنما هي في الإيمان، وفي نطاق حقائقه ليس إلّا. ومن دونه فإن لذةً دنيوية واحدة تحمل آلاما كثيرة كثيرة. وإذ تقدِّم إليك الدنيا لذة بقدر ما في حَبَّةِ عنب تصفعك بعشر صفعات مؤلمات، سالبةً لذةَ الحياة ومتاعَها. | |||
أيها المساكين المبتلَون بمصيبة السجن! | |||
ما دامت دنياكم حزينة باكية، وأن حياتكم قد تعكرت بالآلام والمصائب، فابذلوا ما في وسعكم كيلا تبكي آخرتُكم، ولتفرح وتحلو وتسعد حياتكم الأبدية. فاغتنموا يا إخوتي هذه الفرصة، إذ كما أن مرابطةَ ساعة واحدة أمام العدو ضمن ظروف شاقة يمكن أن تتحول إلى سنة من العبادة، فإن كل ساعة من ساعاتكم التي تقاسونها في السجن تتحول إلى ساعات كثيرة هناك إذا ما أديتم الفرائض، وعندها تتحول المشقات والمصاعب إلى رحماتٍ وغفران. | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== | === إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | ||
لا أعزيكم بل أهنئكم، إذ مادام القدر الإلهي قد ساقنا إلى هذه المدرسة اليوسفية الثالثة لحكمة اقتضاها، وأنه سيطعمنا قسما من أرزاقنا دعتنا إلى هنا، ومادامت تجاربنا القاطعة قد علّمتنا -لحد الآن- أن العناية الإلهية لطيفة بنا وقد جعلتنا ننال سر الآية الكريمة: ﴿ وَعَسٰٓى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْـًٔا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ (البقرة:٢١٦)، وأن إخواننا الحديثي العهد في المدرسة اليوسفية هم أحوج الناس إلى السلوان الذي تورثه رسائل النور، وأن العاملين في دوائر العدل هم أشد حاجة من الموظفين الآخرين إلى القواعد والدساتير السامية التي تتضمنها رسائل النور، وأن أجزاء هذه الرسائل تؤدي لكم مهمتكم خارج السجن وبكثرة كاثرة، وأن فتوحاتها لا تتوقف، وأن كل ساعة فانية هنا في السجن تصبح بمثابة ساعات من العبادة الباقية... | |||
ينبغي لنا -وفق النقاط المذكورة- أن نتجمل بالصبر والثبات شاكرين خالقنا مستبشرين إزاء هذه الحادثة. | |||
أُعيد إليكم الرسائلَ الصغيرة المسلية كلها، والتي كتبناها في سجن «دنيزلي». | |||
نسأل الله أن تسليكم أيضا تلك الفقرات المشحونة بالحقائق. | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | |||
</ | |||
أولا: حمدا لله بما لا يحدّ من الحمد لله، لقد ظهر في الساحة روّادٌ معنويون من المفتين والوعاظ والأئمة والعلماء، الذين هم الأصحاب الحقيقيون لرسائل النور، حيث كان الشباب والمعلمون والطلاب هم طلبة النور الغيارى لحد الآن. | |||
فألف ألف تهنئة وبارك الله فيكم يا أدهم وإبراهيم وعلي وعثمان.. فلقد بيّضتم وجوه أهل المدارس الشرعية، وحوّلتم إحجامهم وترددهم إلى شجاعة وإقدام. | |||
ثانيا: ما ينبغي أن يتأسف ويندَم أولئك الذين ولّدوا هذه الحادثة من جراء فعالياتهم وانفعالاتهم الخالصة لله. لأن سجن «دنيزلي» قد بارك الذين لم يأخذوا الحذر في أعمالهم من حيث النتيجة، حيث التعب قليل والفائدة المعنوية عظيمة جدا. نسأل الله أن لا تكون هذه «المدرسة اليوسفية الثالثة» قاصرة عن التي قبلها. | |||
ثالثا: علينا الشكر لله على ظروفنا العصيبة هذه في السجن وذلك لما فيها من زيادة الثواب حسب المشقة. ونسعى في الوقت نفسه لأداء وظيفتنا التي هي خدمة الإيمان بإخلاص. أما التوفيق في أعمالنا أو الحصول على نتائج خيّرة فيها فموكولة إلى الله سبحانه وتعالى ولا نتدخل فيها، بل نظل صابرين شاكرين لله إزاء هذه المعتكفات قائلين: خير الأمور أحمزها. | |||
وعلينا أن نعلم أن هذه الحادثة ما هي إلّا علامة على قبول أعمالنا، وهي وثيقة وأمارة على اجتيازنا الامتحان في جهادنا المقدس. | |||
< | <span id="Başta_müdür_olarak_hapsin_heyet-i_idaresine_sureten_ehemmiyetsiz_fakat_bence_çok_ehemmiyetli_bir_maruzatım_var."></span> | ||
=== إلى السيد مدير السجن والهيئة الإدارية: === | |||
</ | |||
طلبٌ بسيط لا أهميةَ له ظاهرا إلّا أن له أهمية قصوى بالنسبة لي: | |||
إن حياتي التي مضت في السجن الانفرادي والتجريد المطلق وعمري الذي ناهز الخامسة والسبعين قد أوهَنا جسدي، بحيث أصبح لا يطيق اللقاحات ضد الأمراض. وقد أُجري عليَّ قبل مدة مديدة اللقاح، ودام جراحُه طوال عشرين سنة، حتى أصبح بمثابة سم ملازم. يعرف ذلك الطبيبان الصديقان في «أميرداغ». وقبل أربع سنوات أجروا عليَّ اللقاح مع المحكومين في سجن «دنيزلي» فلازمتُ الفراش عشرين يوما، علما بأنه لم يُلحق الضررَ بأيٍّ منهم، وقد كفاني حفظُ الله وعنايته فلم أضطر إلى الذهاب إلى المستشفى. | |||
بمعنى أن جسدي لا يتحمل اللقاح قطعا، فضلا عن أن عذري شديد، إذ قد بلغتُ من العمر الخامسة والسبعين ونحل جسمي وربما لا يتحمل سوى لقاحِ طفل في العاشر من العمر. فضلا عن أنني أقضي حياتي منفردا في تجريد مطلق ولا أختلط مع أحد من الناس. وقبل شهرين أَرسل الوالي طبيبين إلى «أميرداغ» وكشفوا عليَّ كشفا كاملا ولم يجدوا أي مرض سارٍ إلّا الضعف الشديد والتشنج الظهري. | |||
فحالتي هذه لا تَحمِلني قطعا على إجراء التلقيح، وأرجوكم رجاءً حارا لا ترسلوني إلى المستشفى فلا تلجئوني إلى البقاء تحت تحكم الأطباء ومن لا أعرفهم، فإني لا أستطيع البقاء في هذا الوضع ولم أُطقه طوال حياتي. ولاسيما في هذه السنوات العشرين التي قضيتُها في التجريد المطلق. | |||
وعلى الرغم من أنني بدأت أجد الراحة في دخولي القبر في هذه الفترة إلّا أنني فضلت السجن حاليا على القبر لِمَا وجدت من معاملةٍ إنسانية في هذا السجن ولكيلا أمس مشاعر الهيئة الإدارية، فضلا عن القيام ببث العزاء والسلوان في قلوب المسجونين. | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | |||
</ | |||
أولا: لا تتألموا على الإهانات والأذى التي ينـزلونها بشخصي بالذات، لأنهم لا يستطيعون أن يجدوا نقصا في رسائل النور، فينشغلون بشخصي الاعتيادي المقصّر كثيرا. فأنا راضٍ عن هذا الوضع. بل لو وجدت ألوفا من الإهانات والتحقير والآلام والبلايا الشخصية لأجل سلامة رسائل النور وظهور قيمتها لشكرت الله شكرا مكللا بالفخر، وذلك مقتضى ما تعلمته من درس النور. لذا لا تتألموا عليّ من هذه الناحية. | |||
ثانيا: إن هذا التعدي السافر الواسع النطاق والهجوم الشديد الظالم، قد خف حاليا من العشرين إلى الواحد فلقد جمعوا بضعة أشخاص بدلا من ألوف الخواص -من طلاب النور- وجمعوا عددا محدودا من إخوة جدد بدلا من مئات الألوف من المهتمين بالرسائل المرتبطين بها. مما يعني أن المصيبة قد تحولت إلى أخف حالاتها بالعناية الإلهية. | |||
ثالثا: لا تقلقوا يا إخوتي ولا تيأسوا فإن الوالي السابق الذي كان يحيك المؤامرات ويدبر الدسائس ضدنا طوال سنتين قد ولّى بفضل العناية الإلهية. | |||
ولربما قد خفف وزير الداخلية الهجوم علينا لسببين: أنه من بلدتي. وأن أجداده أهل دين حقا. | |||
رابعا: لقد أثبتتْ تجاربُ كثيرة وحوادث عديدة، بما يورث القناعة التامة؛ أن الأرض تهتز والسماء تبكى ببكاء رسائل النور وحزنها. ولقد شاهدنا هذا مرارا بأم أعيننا وأثبتناه كذلك في المحكمة. | |||
وأعتقد أنّ تَوافق ابتهاج الصيف -في بدايته- في هذه السنة بانتشار رسائل النور سرا وتبسمَها باستنساخها بالرونيو، وتطابقَ حدّة الشتاء وغضبه وبكائه بالقلق على مصادرة الرسائل والتحريات الكثيرة في كل مكان وتوقفِ نشاطها، ما هو إلّا أمارة قوية على أن رسائل النور معجزة كبرى ساطعة لحقائق القرآن العظيم تتجلى في هذا العصر. حيث الأرض والسماء ذات علاقة معها. | |||
سعيد النورسي | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | |||
</ | |||
لقد خطر لي اليوم فجأة أن أهنئ القادمين إلى هذه المدرسة بدلا من تقديم التعازي لهم -بمناسبة قضية رسائل النور- بسَوقٍ من القدر الإلهي والرزق المقسوم فيها، لأن كل واحد من الأكثرية ينقذ إلى حدٍ ما في عشرين سنة أو ثلاثين سنة بل مائة سنة من الأتعاب والمشاق، بديلا عن ألف من إخواننا الأبرياء. | |||
وكذا فإن دوام عملكم في سبيل الإيمان بوساطة رسائل النور، يعني أن كل واحد منكم يؤدى عملا كبيرا في وقت قليل، نظير ما ينجزه البعض في عشر سنوات من أعمال تنجز في مائة سنة. | |||
وكذا فإن الداخلين في هذه المجاهدة المرهقة، والحاضرين هذا الامتحان الجاري في هذه «المدرسة اليوسفية» الحديثة، وأخْذَهم حظهم فعلا من نتائجه القيمة الكلية، وملاقاتَهم بيُسر إخوتهم الخالصين المخلصين المشتاقين إلى رؤيتهم وتَبَادُلَهم أبحاث درس ممتع لذيذ، | |||
وكذا عدمُ دوام أوقات الراحة في الدنيا بل ذهابُها هباءً منثورا. أقول: إن الذين يكسبون مغانم عظيمة إلى هذا الحد، وبمثل هذه الأتعاب القليلة يستحقون التهنئة حقا. | |||
إخوتي! | |||
إن هذا الهجوم الواسع الذي شُن علينا، إنما هو لصدّ فتوحات رسائل النور وغزوها القلوب. إلّا أنهم أدركوا أنهم كلما تعرضوا لرسائل النور ازدادت سطوعا وكسبت أهمية أكثر وتوسعت دائرة الدروس. فلا تُغلب رسائل النور. إلّا أنها تنضوي تحت ستار «سرا تنورت» ولأجل هذا بدّلوا خطتهم، فلا يتعرضون للأنوار ظاهرا. | |||
وحيث إننا تحت العناية الإلهية فعلينا الشكر العظيم لربنا الجليل مع التجمل بكمال الصبر. | |||
باسمه سبحانه | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | |||
لقد آن أوان بيان حالتين غريبتين من أحوالي: | |||
أولاها | |||
أُخطِرَ إلى قلبي: أن في عدم لقائنا -في سجن التجريد المطلق- لقاءً حرا بإخوتي الذين أُحبهم أكثر من روحي، فيه مصلحةٌ وعناية إلهية. ذلك لأن كثيرا من إخواننا في الآخرة ممن كان يصرف خمسين ليرة للمجيء إلى «أميرداغ» لأجل لقاء يدوم خمسين دقيقة وأحيانا عشر دقائق وأحيانا يرجع خائبا دون لقاء.. كانوا يُلْقُون أنفسهم إلى هذه «المدرسة اليوسفية» بحجة بسيطة. | |||
فلو كان وقتي الضيق وحالتي الروحية النابعة من الانزواء يسمحان بذلك فإن الخدمة النورية ما كانت لتسمح بالمجالسة التامة والمحاورة الكاملة مع أولئك الأصحاب الأوفياء. | |||
ثانيتها | |||
لقد شاهد المجاهدون في جبهات متعددة من الحرب عالِما جليلا فاضلا، وذكروا له مشاهدتهم، فقال: إن بعض الأولياء قد ظهروا بمظهري وأدّوا بدلا عني في موضعي أعمالا لأجل إكسابي ثوابا وليستفيد أهل الإيمان من دروسي. | |||
ومثل هذا تماما، فقد شاهدوني في جوامع «دنيزلي» وأنا نزيلُ سجنِها، حتى أبلغوا ذلك إلى الجهات المسؤولة وإلى المدير والحرّاس، وقال بعضهم في قلق واضطراب: «من يفتح له باب السجن!» فالأمر نفسه يحدث هنا تماما. | |||
والحال أنه بدلا من إسناد حادثة جزئية خارقة إلى شخصي المقصر جدا فإن رسالة «ختم التصديق الغيبي» تثبت خوارق لرسائل النور وتبينها كاسبةً ثقة أهل الإيمان برسائل النور أكثر بكثير من تلك الحادثة بمائة مرة بل بألف مرة. فضلا عن تصديق أبطال النور بأحوالهم الخارقة وكتاباتهم الرائعة لمقبولية رسائل النور. | |||
سعيد النورسي | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | |||
</ | |||
لا تقلقوا عليّ، فإنني سعيد ومحظوظ لأني معكم في بناية واحدة، فأنا راضٍ ومسرور. | |||
إن وظيفتنا الحالية إرسالُ نسخة من «الدفاع» إلى «إسبارطة». وإن أمكن كتابةُ عشرين نسخة منه بالآلة الطابعة بالحروف القديمة والحروف الجديدة، كي يُبرز إلى المدعى العام هناك وتعطى نسخةٌ منه إلى محامينا، ونسخة أخرى إلى المدير كي يسلمه هو إلى وكيل دعوانا. وليرسل إلى المسؤولين في «أنقرة» بالحروف الجديدة والقديمة كما كان في «دنيزلي». | |||
وإن أمكن تهيئةُ خمسة نسخ للدوائر المسؤولة، لأن رسائل النور المصادَرة قد أُرسلت بالحروف القديمة إلى تلك الدوائر ولاسيما إلى هيئة ديوان رئاسة الشؤون الدينية وأعيدت إلى هنا. | |||
ثم أبلغوا وكيلنا السيد أحمد، أنه عند طبعه الدفاع بالآلة الطابعة عليه أن يلاحظ بدقة صحةَ العبارات والكلمات. لأن إفادتي لا تشبه إفادات الآخرين فإن خطأً في حرف واحد وأحيانا في نقطة واحدة يغيِّر المسألة، ويفسد المعنى. وكذا أعيدوا آلتي الطابعة بالحروف القديمة والجديدة إنْ لم يسمحوا بهما. | |||
وكذا لا تضجروا يا إخوتي ولا تقلقوا ولا تيأسوا فإن العناية الإلهية ستسعفنا سريعا بمضمون الآية الكريمة: ﴿ اِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ (الشرح:٦). | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | |||
</ | |||
إن رسائل النور تواجهكم وتقابلكم بدلا مني، فهي ترشد وتعلّم تعليما جيدا إخواننا الجدد المشتاقين لدروس النور. ولقد ثبت بالتجارب أن الانشغال برسائل النور سواء قراءتها أو استقراءها أو كتابتها يورث الفرح للقلب والراحة للروح والبركة في الرزق والصحة للجسد. | |||
وقد أنعم الله عليكم حاليا ببطل من أبطال النور وهو «خسرو» وستكون المدرسة اليوسفية أيضا موضع دراسة مباركة لمدرسة الزهراء إن شاء الله. إنني كنت إلى الآن أُخفي خسرو ولا أظهره إلى أهل الدنيا، إلّا أن المجموعات التي نشرت قد أظهرته إظهارا لا لبس فيه لأهل الدنيا، فلم يبق شيء للإخفاء. ولهذا أظهرتُ بضعا من خدماته إلى بعض الإخوة الخواص. وسوف نبين -أنا وهو- الحقيقة إن لزم الأمر بعينها ولا نخفى شيئا. | |||
ولكن الآن يواجهنا شخصان عنيدان رهيبان من بين الذين يستمعون إلى الحقيقة، وقد ظهر أنهما يعملان لصالح الزندقة والشيوعية -أحدهما معروف في «أميرداغ» والآخر معروف هنا- وهما يحاولان نشر الشبهات ضدنا بمنتهى المكر والدسيسة وذلك لقذف الرعب في قلوب الموظفين. | |||
لذا علينا الأخذ بالحذر الشديد وعدمُ إبداء القلق وانتظارُ العناية الإلهية بالتوكل لتمدنا. | |||
< | <span id="Ey_hapis_arkadaşlarım_ve_din_kardeşlerim!"></span> | ||
=== يا إخوتي في الدين ويا زملائي في السجن! === | |||
</ | |||
لقد أُخطر لقلبي أن أبين لكم حقيقة مهمة، تنقذكم بإذن الله من عذاب الدنيا والآخرة، وهي كما أُوَضِّحُها بمثال: | |||
إنّ أحدا قد قتل شقيقَ شخص آخر أو أحد أقربائه. فهذا القتل الناجم من لذةِ غرورِ الانتقام التي لا تستغرق دقيقة واحدة تورثه مقاساة ملايين الدقائق من ضيق القلب وآلام السجن. وفي الوقت نفسه يظل أقرباء المقتول أيضا في قلق دائم وتحيّن الفرص لأخذ الثأر، كلما فكروا بالقاتل ورأوا ذويه. فتضيع منهم لذةُ العمر ومتعة الحياة بما يكابدون من عذاب الخوف والقلق والحقد والغضب. | |||
ولا علاج لهذا الأمر ولا دواء له إلّا الصلح والمصالحة بينهما، ذلك الذي يأمر به القرآن الكريم، ويدعو إليه الحق والحقيقة، وفيه مصلحة الطرفين، وتقتضيه الإنسانية، ويحث عليه الإسلام. | |||
نعم، إن المصلحة والحقيقة في الصلح، (والصلح خير)؛ لأن الأجل واحد لا يتغير، فذلك المقتول على كل حال ما كان ليظل على قيد الحياة ما دام أجلُه قد جاء. أما ذلك القاتل فقد أصبح وسيلة لذلك القضاء الإلهي، فإن لم يحل بينهما الصلحُ فسيظلان يعانيان الخوف وعذاب الانتقام مدة مديدة؛ لذا يأمر الإسلام بعدم هجر المسلم أخاه فوق ثلاثة أيام. | |||
فإن لم يكن ذلك القتلُ قد نجم من عداء أصيل ومن حقد دفين، وكان أحد المنافقين سببا في إشعال نار الفتنة، فيلزم الصلح فورا، لأنه لولا الصلح لعظمت تلك المصيبة الجزئية ودامت، | |||
بينما إذا ما تَصالح الطرفان وتاب القاتل عن ذنبه، واستمر على الدعاء للمقتول، فإن الطرفين يكسبان الكثير، حيث يدب الحب والتآلف بينهما، فيصفح هذا عن عدوه ويعفو عنه واجدا أمامه إخوة أتقياءَ أبرارا بدلا من شقيق واحد راحل، ويستسلمان معا لقضاء الله وقدره، ولاسيما الذين استمعوا إلى دروس النور، فهم مدعوون لهجر كل ما يفسد بين اثنين، إذ الأخوّة التي تربطهم ضمن نطاق النور، والمصلحة العامة، وراحة البال وسلامة الصدر التي يستوجبها الإيمان.. تقتضي كلُّها نبذَ الخلافات وإحلال الوفاق والوئام. | |||
ولقد حصل هذا فعلا بين مسجونِين يعادي بعضهم بعضا في سجن «دنيزلي» فأصبحوا بفضل الله إخوة متحابين بعد أن تلقّوا دروسا من رسائل النور، بل غدَوا سببا من أسباب براءتنا، حتى لم يجد الملحدون والسفهاء من الناس بدا أمام هذا التحابب الأخروي، فقالوا مضطرين: «ما شاء الله.. بارك الله!!» وهكذا انشرحت صدورُ السجناء جميعا وتنفسوا الصعداء بفضل الله. | |||
إذ إني أرى هنا مدى الظلم الواقع على المسجونين، حيث يشدد الخناق على مائة منهم بجريرة شخص واحد، حتى إنهم لا يخرجون معه إلى فِناء السجن في أوقات الراحة.. إلّا أن المؤمن الغيور لا تسعه شهامتُه أن يؤذي المؤمن قط، فكيف يسبب له الأذى لمنفعته الجزئية الخاصة، فلابد أن يسارع إلى التوبة والإنابة إلى الله حَالَما يشعر بخطئه وتسبّبه في أذى المؤمن. | |||
باسمه سبحانه | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | |||
</ | |||
إني أهنئ رسائل النور وأهنئكم وأهنئ نفسي بالبشارات القيّمة التي زفّها خسرو وحفظي والسيد من «بَارْطِنْ». | |||
نعم، إن الذين سافروا إلى الحج في هذه السنة مثلما وجدوا علماء أجلاء في مكة المكرمة يسعون إلى ترجمة مجموعات من رسائل النور إلى العربية والهندية، كذلك وجدوا المدينة المنورة قبِلَتها ورضيَت عنها بحيث وضعوها في الروضة المطهرة لدى الحجرة الشريفة للقبر النبوي المبارك ﷺ. بمعنى أن تلك الرسائل قد نالت القبول النبوي ودخلت ضمن رضى الرسول الكريم محمد ﷺ. | |||
فلقد زارت رسائلُ النور تلك الأماكنَ المقدسة بدلا عنا كما هي نيتنا وكما أبلغنا المسافرون إلى الحج. | |||
وإن فائدة أخرى من الفوائد الكثيرة جدا لِمَا ينشره أبطال النور من هذه المجموعات المصحَّحة أنهم أنقذوني من مهمة التصحيح والقلق عليه وأصبحوا بمثابة مائة مصححٍ بما أوجدوا من المصادِر المصحِحة، فشكرا لله بما لا يتناهى من الحمد والشكر. | |||
أسأل الله تعالى أن يكتب ألف حسنة في سجل حسناتهم لكل حرف من حروف تلك المجموعات. آمين. آمين. آمين. | |||
< | <span id="Müjdeli_ve_tabiri_çıkmış_latîf_bir_rüya:"></span> | ||
=== رؤيا لطيفة ذات بشارة ظهر تأويلها === | |||
</ | |||
أتاني «علي» الذي يعاونني في الأمور وقال: لقد رأيت فيما يرى النائم أنك و«خسرو» قد قبّلتما يدَ الرسول الكريم ﷺ. وإذا بي أستلم رسالة تتضمن أن مجموعةَ «عصا موسى» المكتوبة بخط «خسرو» قد شاهدها الحُجاج في الروضة المطهرة. بمعنى أن تلك المجموعة قد قَبّلت اليدَ المعنوية للرسول الكريم ﷺ ونالت رضاه. | |||
باسمه سبحانه | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim_ve_hapis_arkadaşlarım!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء وزملائي في السجن! === | |||
</ | |||
أولا: لا تقلقوا من عدم التقاء بعضنا بالبعض الآخر، فنحن نتواجه معنىً في كل وقت. فإن قرأتم أيّةَ رسالة تحصلون عليها أو تستمعون إليها، فإنكم تشاهدونني وتتحاورون معي خلال تلك الرسالة بصفةِ خادم القرآن العظيم بدلا من شخصي الاعتيادي. علما أنني كذلك أواجهكم خيالا في جميع أدعيتي وفي كتاباتكم وعلاقاتكم. وحيث إننا معا ونعمل ضمن دائرة واحدة، فكأننا نتقابل دائما. | |||
ثانيا: نقول للقادمين الجدد من طلاب رسائل النور في هذه المدرسة اليوسفية الحديثة: | |||
لقد ثبت بحجج قوية وبإشارات قرآنية أوقفت الخبراء وألجأتهم إلى الاستسلام: «أن طلاب النور الصادقين ستختم حياتهم بالحسنى ويدخلون القبر بالإيمان.. | |||
وأن كل طالب -حسب درجته- يكون شريكا لمكاسبِ جميع إخوانه المعنوية ولأدعيتهم، وذلك بفيض أنوار الاشتراك المعنوي النوري، كأنه يؤدي العبادة ويستغفر بألف لسان». | |||
فهاتان الفائدتان والنتيجتان المهمتان، وفي هذا الزمان العجيب تزيلان جميع الصعاب والمشقات. وهكذا تربح رسائل النور طلابها هذين الربحين العظيمين بثمن زهيد جدا. | |||
سعيد النورسي | |||
باسمه سبحانه | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | |||
</ | |||
إن الدفاعات المرفوعة في محكمة «أفيون» تتضمن حقائق جليلة ذات علاقة بنا وبرسائل النور وبهذه البلاد وبالعالم الإسلامي. | |||
فلا بد أن تُستنسخ منها ما يقرب من عشر نسخ بالحروف الجديدة لترسل إلى الدوائر العليا في «أنقرة». إن وظيفتنا الآن هي تبليغ تلك الحقائق إلى أركان الحكومة وإلى دوائر العدل وإلى الأمة، ولا أهتم قطعا لو أبرؤوا ساحتنا أو عاقبونا. ولربما هذه الوظيفة هي إحدى الحِكم المقدّرة بالقدر الإلهي فساقنا إلى هذه المدرسة. | |||
أسرِعوا على قدر الإمكان في استنساخها بآلة الرونيو، فنحن مضطرون إلى إبلاغها تلك الدوائر العليا حتى لو أخلو سبيلَنا اليوم. فلا يغرركم أحد بتأخيرها، كفى التأخير والتأجيل، وليكن هذا الدفاع مسكَ الختام لدفاعات قُدّمت طوال خمس عشرة سنة إزاء مسألة واحدة وتجاه الظلم القاسي والعذاب الأليم الذي لا نظير له والحجج التافهة المختلقة. | |||
فما دمنا قد حصلنا على صلاحيةِ استنساخِ دفاعاتِنا بالرونيو حسب القانون، ومن المحاكم السابقة، فلا يستطيع أحد أن يمنعنا من استعمال حقنا هذا قانونا. وإن لم تجدوا حلا للأمر رسميا فليستنسخ محامينا حوالي خمس نسخ وليكن أمينا على الحفاظ على سلامتها وصحتها. | |||
سعيد النورسي | |||
< | <span id="Aziz_yeni_kardeşlerim_ve_eski_mahpuslar!"></span> | ||
=== | === إخوتي المسجونين الأعزاء الجدد والقدامى! === | ||
لقد بتُّ على قناعة تامة من أن العناية الإلهية هي التي ألقَت بنا إلى ههنا وذلك لأجلكم أنتم، أي إن مجيئنا إلى هنا إنما هو لبث السلوان والعزاء الذي تحمله رسائل النور إليكم.. وتخفيفِ مضايقات السجن عنكم بحقائق الإيمان.. وصونِكم من كثير من بلايا الدنيا ولأوائها.. وانتشالِ حياتكم المليئة بالأحزان والهموم من العبثية وعدم الجدوى.. وإنقاذِ آخرتكم من أن تكون كدنياكم حزينة باكية. | |||
فما دامت الحقيقة هي هذه، فعليكم أن تكونوا إخوة متحابين كطلاب النور وكأولئك الذين كانوا معنا في سجن «دنيزلي». | |||
فها أنتم أولاء ترون الحراس الذين يحرصون على القيام بخدماتكم يعانون الكثير من المشقات في التفتيش، بل حتى إنهم يفتشون طعامكم لئلا تكون فيه آلة جارحة، ليَحُولوا دون تجاوزِ بعضكم على بعض، وكأنكم وحوش مفترسة يقضي الواحد على الآخر ليقتله، فضلا عن أنكم لا تستمتعون بالفرص التي تتاح لكم للتفسح والراحة خوفا من نشوب العراك فيما بينكم. | |||
ألا فقولوا مع هؤلاء الإخوة حديثي العهد بالسجن الذين يحملون مثلكم بطولة فطرية وشهامة وغيرة. قولوا أمام الهيئة ببطولة معنوية عظيمة في هذا الوقت: | |||
«ليست الآلات الجارحة البسيطة وحدها، بل لو سلّمتم إلى أيدينا أسلحة نارية أيضا فلا نتعدى على أصدقائنا وأحبابنا هؤلاء الذين نُكبوا معنا، حتى لو كان بيننا عداءٌ أصيل سابق. فقد عفونا عنهم جميعا، وسنبذل ما في وسعنا أن لا نجرح شعورهم ونكسر خاطرهم، هذا هو قرارنا الذي اتخذناه بإرشاد القرآن الكريم وبأمر أخوّة الإسلام وبمقتضى مصلحتنا جميعا». | |||
وهكذا تُحَوّلون هذا السجن إلى مدرسة طيبة مباركة. | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء: === | |||
</ | |||
إن الذين هم في سياسة واحدة أو مهنة واحدة، أو وظيفة واحدة أو في خدمة تتعلق بالحياة الاجتماعية أو لهم نوع من تجارة خاصة.. كل طائفة من طوائف أهل الدنيا هؤلاء لهم اجتماع عام يخصهم يتذاكرون فيه أمورهم. كذلك طلاب النور العاملون في الخدمة المقدسة للإيمان التحقيقي، فإن مجيئَهم إلى الاجتماع العام في هذه «المدرسة اليوسفية» بأمر القدر الإلهي وباقتضاء العناية الربانية وسَوقِها، لا شك أنه يحمل فوائد معنوية جليلة جدا وسينعمون بتلك الفوائد والنتائج القيمة إن شاء الله، وأن كل واحد من أركان طلاب النور سيكون بمثابة حرفِ أَلِفْ، حيث إن «حرف ألف» قيمتُها واحدة إن كانت بمفردها ولكنها مع أخواتها، أي ثلاث ألفات معا متكاتفة ومتواجهة بأحوالها تصبح قيمتُها ألفا ومائة وواحدا، وكذلك سيكون ثواب ذلك الأخ المنخرط في هذا الاجتماع وقيمته وخدمته السامية ألفا بإذن الله. | |||
< | باسمه سبحانه | ||
</ | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | |||
إن سبب سدّهم اليوم نوافذي ودقِّها بالمسامير هو عزلي عن المسجونين وقطعُ تبادل السلام والتحيات فيما بيننا، إلّا أنهم أبدَوا حجة تافهة ظاهرية أخرى، فلا تقلقوا. بل إن انشغالهم بشخصي الذي لا أهمية له، وانصرافَهم عن شد الخناق على رسائل النور وطلابها، وإنزالَهم الإهانات والعذاب بي، وإيلامي قلبا وحقيقةً مع عدم تعرضهم لرسائل النور يجعلني في رضىً عن هذا الوضع بل أشكر ربي صابرا فلا أضطرب ولا أقلق أبدا وأنتم كذلك لا تتألموا. فإني على قناعة من أنّ صرفَ أعدائِنا المتسترين أنظارَ الموظفين في السجن إلىّ فيه عناية إلهية وخير من حيث سلامةُ ومصلحةُ رسائل النور وطلابها. | |||
فعلى بعض الإخوة ألّا يحتدّوا ولا يتفوّهوا بكلام جارح يمسّ شعورهم، وليأخذوا حذرهم في حركاتهم وسكناتهم، دون إبداء القلق والاضطراب. ولا يفتحوا الموضوع عن هذه المسألة أمام كل أحد، لأن هناك جواسيس يحرّفون كلام إخوتنا السذج والجدد الذين لم يتعلموا بعدُ أخذَ الحذر ويصرفون كلامهم إلى معاني مغايرة ويستهولون الأمور التافهة، ويخبرون المسؤولين بها. إنّ وضعنا الحاضر كله جدّ لا هزل فيه. | |||
ومع هذا فلا تضطربوا قطعا واعلموا أننا تحت رعاية العناية الإلهية، وقد عزمنا على مجابهة جميع المشقات بالصبر الجميل بل بالشكر العظيم لله. فنحن مكلفون بالشكر لأن درهما من التعب والمشقة يورث طنا من الثواب والرحمة. | |||
سعيد النورسي | |||
باسمه سبحانه | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | |||
</ | |||
لقد أودعتُ جميع أعمال الدفاع إلى طلاب النور الأركان الذين قَدِموا والذين سيقدمون إلى هنا وذلك بناء على سببين مهمين وبإخطار قوي، فاضطررت إلى هذا الأمر قلبا. أُودِعُها بخاصة إلى كل من خسرو، رأفت، طاهر، فيضي، صبرى. | |||
السبب الأول: لقد علمت قطعا من دائرة التحقيق، ومن أمارات عديدة، أنهم يحاولون إحداث مشكلات ضدي، بكل ما لديهم من قوة، والتهرب من ظهوري وغلبتي عليهم فكرا، ولهم في ذلك إشعار رسمي. فكأنني إذا تكلمت بشيء فسأبين قدرة علمية وقابلية سياسية بحيث أُلْزِمُ المحاكمَ الحجةَ وأُسكتُ السياسيين، لأجل ذلك يمنعونني عن الكلام بمعاذير واهية. حتى إنني أثناء التحقيق أجبت عن أحد الأسئلة قائلا: لا أتذكر. فتعجب الحاكم وحار في الأمر وقال: كيف ينسى شخص مثلك يملك ذكاءً وعلما فوق المعتاد؟ | |||
نعم، إنهم يعتقدون أن رفعة شأن رسائل النور وتحقيقاتها العلمية الدقيقة من بنات أفكاري. ومن هنا يأخذهم العجب والحيرة، فلا يريدونني أن أتكلم مع أحد، وكأن كل من يقابلني ويواجهني سيكون مباشرة طالبا غيورا من طلاب النور! ولهذا يمنعونني من المقابلة مع أي أحد كان. حتى إن رئيس الشؤون الدينية قال: «كل من يقابله ينجذب إليه، إن جاذبيته قوية». | |||
بمعنى أن مصلحتنا تقتضي أن أُودِع شؤوني إليكم الآن. وما لديكم من دفاعاتي القديمة والجديدة تشترك بدلا عني في مشاوراتكم بعضكم مع بعض، فهي كافية لهذا الأمر. | |||
السبب الثاني: أُجّل إلى وقت آخر بمشيئة الله. | |||
أما الإشارة القصيرة إلى الإخطار المعنوي فهي: أن الذي جعلني أترك السياسة وقراءة الجرائد وأمثالها من الأمور الفانية خلال خمسة وعشرين عاما ومَنعني من الاشتغال بها، هو واجب أخروي جليل جدا، مع حالة روحية ذات أثر فعال. فهذان السببان أيضا يمنعانني كليا عن الاشتغال بهذه المسألة بتفرعاتها الدقيقة. فأنتم تؤدون أيضا مهمتي بالاستشارة أحيانا مع موكلَيكم الاثنين. | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | |||
</ | |||
لقد ورد الآن في الصلاة إلى القلب الآتي: | |||
إنه بناء على حُسن الظن المفرط الذي يحمله الإخوة الأعزاء ينتظرون منك درسا وإرشادا لهم، وهمّة ومددا ماديا ومعنويا. فمثلما وكّلتَ الإخوة الخواص في أمورك الدنيوية وأودعتها إلى الشورى فيما بين الأركان، وحَسَناً فعلتَ. كذلك بتوكيلك الشخص المعنوي للخواص الخالصين في أعمالك الأخروية والقرآنية والإيمانية والعلمية فإنهم يؤدون تلك الوظيفة مع وظيفتهم وعلى أفضل وجه وأكمله. وهم فعلا يؤدونها الآن وعلى الدوام. | |||
مثلا: إن كان الذي يواجهك ويسترشد بنصيحةٍ ودرسٍ منك مُوَقّتاً بمقدار درهم، فإنه يستطيع أن يأخذ مائة درهم من النصيحة والدرس والإرشاد من جزء من أجزاء رسائل النور فضلا عن أنه يصاحبها وينتصح منها بدلا منك. | |||
ثم إن الخواص من طلاب النور يؤدون وظيفتك هذه كل وقت. ونسأل الله أن يكون شخصهم المعنوي المالك لمقام رفيع والدعاء المقبول ظهيرا لهم وأستاذا ومعينا. هكذا ورد الإخطار فأَوْرَثَ السلوان لروحي وزفَّ لها البشرى والراحة. | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء: === | |||
إن وقوع حادثتَي الانفجار في غضون اليومين الماضين من دون أن يكون هناك سبب ظاهري، لا تشبهان المصادفة وتنمان عن مغزى عميق. | |||
أولاها: انفجار المدفأة الحديدية القوية الموجودة في ردهتي فجأة، وأحدثت صوتا قويا حطمت القطعة الفولاذية التي تحتها، فهلع منها «الخياط حمدي»، وأوقعنا في حيرة. علما أنها تتحمل حرارة الفحم الحجري في عزّ الشتاء. | |||
ثانيتها: تهشم القدح الموضوع على مشربة الماء تهشما عجيبا في ردهةِ «فيضي» من دون سبب ظاهري وذلك في اليوم التالي لانفجار المدفأة. | |||
والذي يرد إلى الخاطر أن القنابل الموضوعة لِتنفجرَ علينا قد فجرتها نُسَخُ الدفاع المرسلةُ إلى دواوين المسؤولين الستة في «أنقرة». وأن مدفأة الغضب التي تستعر لِتَحْرِقَنا بنارها قد تحطمت دون أن يُلحقَ بنا الضرر. | |||
ولعل تلك المدفأة المباركة التي كانت أنيسة نافعة وتستمع إلى آهاتي وتضرعاتي تخبرني قائلةً: لا حاجة إليّ وسترحل من هذا السجن. | |||
باسمه سبحانه | |||
<span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | |||
=== إخوتي الأعزاء الصديقين! === | |||
انتابني اليوم قلق وحزن لأجلكم بإخطار معنوي ورَدَ إلى القلب، فلقد حزنت لأحوال إخواننا الذين يرغبون في الخروج حالا من السجن من جراء قلقهم على هموم العيش. وفي الدقيقة التي فكرت في هذا، وردت خاطرة ميمونة إلى القلب مع حقيقة وبشرى هي أنه: | |||
ستحل الشهور الثلاثة المباركة جدا الحاملة لأثوبة عظيمة بعد خمسة أيام فالعبادات مثابة فيها بأضعافها، إذ الحسنة إن كانت بعشر أمثالها في سائر الأوقات ففي شهر رجب تتجاوز مائة حسنة وفي شهر شعبان تزيد على ثلاثمائة حسنة، وفي شهر رمضان المبارك ترتفع إلى الألف حسنة، وفي ليالي الجمع فيه إلى الآلاف، وفي ليلة القدر تصبح ثلاثين ألف حسنة. نعم، إن الشهور الثلاثة سُوق أخروية سامية رفيعة للتجارة، بحيث تُكسِب المرء هذه الأرباحَ والفوائد الأخروية الكثيرة جدا.. وهي مشهر عظيم ومعرض ممتاز لأهل الحقيقة والعبادة.. وهي التي تَضْمن عمرا لأهل الإيمان بثمانين سنة خلال ثلاثة شهور.. فقضاء هذه الشهور الثلاثة في المدرسة اليوسفية التي تُكسب ربحا بعشرة أمثالها. لا شك أنه ربح كبير وفوز عظيم. فمهما كانت المشقات فهي عين الرحمة. | |||
فكما أن الأمر هكذا من حيث العبادة، فهي كذلك من حيث الخدمة النورية والعملِ لنشر رسائل النور، إذ تتضاعف الخدمات إلى خمسة أضعافها باعتبار النوعية إن لم تكن باعتبار الكمية، لأن القادمين والمغادرين لدار الضيافة هذه (السجن) يصبحون وسائط لنشر دروس النور، وقد ينفع أحيانا إخلاصُ شخص واحد بمقدار عشرين شخصا. ثم إن كان هناك شيء من المشقات والمضايقات فلا أهمية له إزاء انتشار سر الإخلاص الموجود في رسائل النور بين صفوف المسجونين الذين هم أحوج الناس إلى ما في الرسائل من سلوان ولاسيما ممن تسري في عروقهم بطولات سياسية. | |||
أما من حيث هموم العيش، فمن المعلوم أن هذه الشهور هي سُوق الآخرة وقد دخل بعضكم هذا السجن بدلا عن الكثيرين من الطلاب، بل إن بعضكم قد دخله بدلا عن الألف. فلا شك أنه ستكون لهم مساعدات وإمدادات لأعمالكم الخارجية. | |||
هكذا وردت الخاطرة وفرحتُ بها فرحا تاما وعلمت أن البقاء هنا إلى العيد نعمة إلهية عظيمة. | |||
سعيد النورسي | |||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
=== Aziz, sıddık kardeşlerim! === | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
'''Evvela:''' Receb-i şerifinizi ve yarınki Leyle-i Regaibinizi ruh-u canımızla tebrik ederiz. | |||
''' | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
'''Sâniyen:''' Meyus olmayınız hem merak ve telaş etmeyiniz, inayet-i Rabbaniye inşâallah imdadımıza yetişir. Bu üç aydan beri aleyhimizde ihzar edilen bomba patladı. Benim sobam ve Feyzilerin su bardağı ve Hüsrev’in iki su bardaklarının verdikleri haber doğru çıktı. Fakat dehşetli değil, hafif oldu. İnşâallah o ateş tamamen sönecek. Bütün hücumları, şahsımı çürütmek ve Nur’un fütuhatına bulantı vermektir. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Emirdağı’ndaki malûm münafıktan daha muzır ve gizli zındıkların elinde âlet bir adam ve bid’atkâr bir yarım hoca ile beraber bütün kuvvetleriyle bize vurmaya çalıştıkları darbe, yirmiden bire inmiş. İnşâallah o bir dahi bizi mecruh ve yaralı etmeyecek ve düşündükleri ve kasdettikleri bizi birbirinden ve Nurlardan kaçırmak planları dahi akîm kalacak. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Bu mübarek ayların hürmetine ve pek çok sevap kazandırmalarına itimaden sabır ve tahammül içinde şükür ve tevekkül etmek ve مَن۟ اٰمَنَ بِال۟قَدَرِ اَمِنَ مِنَ ال۟كَدَرِ düsturuna teslim olmak elzemdir, vazifemizdir. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
''' | '''Said Nursî''' | ||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
=== Ankara’nın altı makamatına ve Afyon Ağır Ceza Mahkemesine verilen müdafaanın itirazname tetimmesi ve lâhikasıdır === | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Afyon Mahkemesine beyan ediyorum ki: Artık yeter, sabır ve tahammülüm kalmadı! Yirmi iki sene sebepsiz bir nefiy içinde daimî tarassudlarla hem tecrid-i mutlak ve haps-i münferid tarzında beni sıkmakla beraber altı mahkeme iki üç meseleden başka Risale-i Nur’un yüz kitabında medar-ı mes’uliyet bulmadığı halde evham yüzünden ve imkânatı vukuat yerinde istimal etmek cihetiyle kanunsuz bizi üç defa hapse sokup yüz binler lira Nur şakirdlerine zarar vermek, dünyada emsali hiç vuku bulmamış bir gadirdir ki istikbal ve nesl-i âti –pek şiddetli olarak– bunun o zalim müsebbiblerini lanetle yâd edecekleri gibi mahkeme-i kübrada dahi cehennemin esfel-i safilînine atmakla o zalimleri mahkûm edeceklerine kat’î kanaatimizle şimdiye kadar bir derece teselli bulup sükût ederek tahammül ediyorduk. Yoksa hakkımızı tam müdafaa edebilirdik. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
İşte on beş sene zarfında altı mahkeme, yirmi sene Nur risalelerini ve mektuplarımızı tetkik edip beşi bize her cihetle beraet vermek manasıyla ilişmediler. Yalnız Eskişehir Mahkemesi tek bir mesele olan tesettür-ü nisa hakkındaki bir küçük risalenin beş on kelimesini bahane ederek lastikli bir kanun ile hafif bir ceza verdiği zaman Mahkeme-i Temyizden sonra lâyiha-yı tashihimde kanunsuzluğun yalnız tek bir numunesi olarak resmen Ankara’ya yazdım ki: | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Bin üç yüz elli senede, üç yüz elli milyonun kudsî bir düsturuyla daimî ve kuvvetli bir âdet-i İslâmiyeyi ders veren ve emreden tesettür âyetini, eskide bir zındığın Kur’an’ın bu âyetine itirazına ve medeniyetin tenkidine karşı müdafaa için üç yüz elli bin tefsirin icmaına ve hükümlerine ittiba ederek o âyeti tefsir edip bin üç yüz elli senede geçen ecdadımızın mesleğine iktida eden bir adama, o tefsiri için verilen ceza ve mahkûmiyeti, dünyada adalet varsa elbette o hükmü nakzedecek ve bu acib lekeyi bu hükûmet-i İslâmiyedeki adliyeden silecek diye lâyiha-yı tashihimde yazdım, oranın müddeiumumîsine gösterdim. Ondan dehşet aldı, dedi: “Aman buna lüzum kalmadı. Cezanız az hem pek az kaldı. Bunu vermeye lüzum kalmadı.” | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
İşte bu numune gibi size ve Ankara makamatına takdim edilen itirazname ve müdafaanamemde böyle acib çok numuneleri elbette anlamışsınız. Ben Afyon Mahkemesinden talep ve ümit ederim ki bu milletin ve bu vatanın menfaatine bir ordu kadar hizmeti ve bereketi bulunan Risale-i Nur’un tam serbestiyetine karar vermenizi, hakikat-i adalet namına sizden bekliyoruz. Yoksa münasebetimle hapse giren beş on adam arkadaşımın gitmesiyle beraber size haber veriyorum ki beni en büyük cezaya çarpacak bir suç işleyip bu çeşit hayattan veda edeceğime mecbur eden bir fikir kalbime gelmiş. Şöyle ki: | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Hükûmet beni tam himaye ve bana yardım etmek, milletin maslahatına ve vatanın menfaatine çok lüzumu varken beni sıkması îma eder ki kırk seneden beri benim ile mücadele eden gizli zındıka komitesiyle şimdi onlara iltihak eden komünist komitesinden bir kısmı, ehemmiyetli birer resmî makam elde ederek karşıma çıkıyorlar. Hükûmet ise ya bilmiyor veya müsaade ediyor diye çok emareler bana endişe veriyor. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Reis Bey! Müsaadenizle çok hayret ettiğim bir şeyi soracağım. Neden hiç siyasete karışmadığım halde, ehl-i siyaset beni bütün hukuk-u medeniyeden ve hukuk-u hürriyetten belki hukuk-u hayattan ıskat ediyorlar? Hattâ yüz cinayeti bulunan gibi beni üç buçuk ay tecrid-i mutlak içinde hayatıma suikast edenler; on bir defa zehirleyen gizli düşmanlarımın şerrinden beni muhafazaya çalışan çok dikkatli kardeşlerimin ve sadık hizmetçilerimin de benim ile temaslarını yasak etmişler ve ihtiyarlık ve gurbet ve hastalık içinde, yalnızlığımdan daimî ünsiyet ettiğim mübarek ve zararsız kitaplarımın mütalaasından dahi beni mahrum etmişler? | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Müddeiumuma çok rica ettim ki bana bir kitabımı ver. Vaad ettiği halde vermedi. Yalnız olarak büyük, kilitli, soğuk bir koğuşta meşgalesiz durmaya mecbur edip alâkadar memurları ve hademeleri bana karşı dostluk ve teselli vermek yerinde âdeta adâvetkârane bakmaya teşvik ediyorlar. Bir küçük numunesi şudur: | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Müdüre, müddeiumuma, mahkeme reisine bir istida yazdım. Bir kardeşime gönderdim tâ bilmediğim yeni hurufla yazsın ve yazıldı, onlara verildi. Güya büyük bir suç işlemişim diye benim pencerelerimi mıhladılar. Ve duman beni sıkıyordu, bir pencereyi bırakmadım ki mıhlansın. Şimdi onu da mıhladılar. Hem hapis usûlü tecrit, on beş gün kadar olduğu halde beni üç buçuk ay tecrid-i mutlakta hiçbir arkadaşımla temas ettirmediler. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Hem | Hem üç aydan beri benim aleyhimde kırk sahifelik bir iddianame yazılıp bana gösterildi. Yeni hurufu bilmediğimden hem rahatsız ve hattım çok noksan olmasından çok rica ettim ki “Bana biri iddianameyi okuyacak ve dilimi bilen talebelerimden benim itiraznamemi yazacak iki adama izin veriniz.” dedim, izin vermediler. Dediler: “Avukat gelsin, okusun.” Sonra onu da bırakmadılar. Yalnız bir kardeşe dediler ki: “Eski hurufa çevir, ona ver.” Halbuki o kırk sahifeyi yazmak, altı yedi günde ancak olur. Bir saatte bana okumak işini, altı yedi güne kadar uzatmak, tâ benimle kimse temas etmesin fikri ise pek dehşetli bir istibdat ile benim bütün hukuk-u müdafaamı ıskat etmektir. Dünyada, yüz cinayeti bulunan ve asılacak bir adam dahi böyle muamele göremez. | ||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Ben hakikaten bu emsalsiz işkencenin hiçbir sebebini bilmediğimden çok azap çekiyorum. Ben haber aldım ki mahkeme reisi vicdanlı ve merhametlidir. Bu kanaate binaen, ilk ve son bir tecrübe olarak makamınıza bu istirhamname ve şekvayı yazdım. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Tecrid-i mutlakta hasta ve perişan | |||
'''Said Nursî''' | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
=== İddianamede benim hakkımda dört esas var: === | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
'' | '''Birinci Esas:''' Güya bende tefahur ve hodfüruşluk var ve kendimi müceddid biliyorum. | ||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Ben bütün kuvvetimle bunu reddederim. Hem mehdilik isnadını hiç kabul etmediğime bütün kardeşlerim şehadet ederler. Hattâ Denizli’deki ehl-i vukuf “Eğer Said mehdiliğini ortaya atsa bütün şakirdleri kabul edecek.” dediklerine mukabil, Said itiraznamesinde demiş ki: “Ben seyyid değilim. Mehdi seyyid olacak.” diye onları reddetmiş. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
'''İkinci Esas:''' Neşriyatı gizlemesi. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Hem | Gizli düşmanlar yanlış mana verdirmesin. Yoksa siyasete ve dünya asayişine temas cihetiyle değildir. Hem eski harf ile teksir makinesini bir bahane bulmasınlar. Mustafa Kemal’e karşı Nur’un tokadı ise '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' İddianamede yanlış bir mana verip Nur’un kerametlerinden tokat tarzındaki bir kısmını, medar-ı ittiham saymış. Güya Nurlara hücum zamanında gelen zelzele gibi belalar Nur’un tokatlarıdır. Hâşâ sümme hâşâ!.. Biz öyle dememişiz ve yazmamışız. Belki mükerrer yerlerde hüccetleriyle demişiz ki: Nurlar makbul sadaka gibi belaların def’ine vesiledir. Ne vakit Nurlara hücum edilse Nurlar gizlenir, musi- betler fırsat bulup başımıza geliyorlar. <br> | ||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Evet, Nur’un binler şakirdlerinin tasdik ve müşahedeleriyle, yüzler vukuat ve hâdisat ile tesadüf ihtimali olmayan o hâdisatın tevafukları ve kur’an’ın müteaddid işarat ve tevafukatıyla, hattâ mahkemelerde kısmen gösterildiği cihetle kat’î kanaatimiz var ki o tevafukat Risale-i Nur’un makbuliyetine bir ikram-ı İlahîdir ve kur’an hesabına Nurlara bir nevi kerametlerdir. </ref>)''' altı mahkeme ve Ankara makamatı bilmiş, ilişmemişler ve bize beraet verdiler ve Beşinci Şuâ ile beraber bütün kitaplarımızı iade ettiler. Hem onun fenalığını göstermek, ordunun kıymetini muhafaza etmek içindir. Bir şahsı sevmemesi, orduyu muhabbetkârane sena içindir. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
'''Üçüncüsü:''' “Emniyeti ihlâle teşvik ediyor.” demesine mukabil; yirmi sene zarfında, yüz bin adam Nurcuların, yüz bin nüsha Nur risalelerinin altı mahkemede ve on vilayette emniyeti ihlâle ve asayişi bozmaya dair, on vilayetin zabıtaları ve altı mahkeme hiçbir maddeyi kaydetmemesi ve bulmaması, bu acib ittihamı çürütüyor. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Bu yeni iddianamede üç mahkemenin bize beraet verdikleri aynı noktalara ait ve cevapları mükerreren verilmiş ehemmiyetsiz birkaç meseleye cevap vermek manasızdır. O meselelerle bizi ittiham etmek, ondan bize beraet veren Ankara Ağır Ceza ve Denizli ve Eskişehir Mahkemelerini ittiham etmek hükmünde olmasından cevabını onlara bırakıyorum. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Ve ondan başka da iki üç mesele var: | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
'''Birisi:''' İki sene Denizli ve Ankara Ağır Ceza Mahkemelerinde inceden inceye tetkikten sonra, bize beraet verip o kitabı bize iade ettikleri halde, o Beşinci Şuâ’nın bir iki meselesini, ölmüş gitmiş bir kumandana tatbik edip bize suç gösteriyor. Biz dahi deriz: Ölmüş gitmiş, hükûmetten alâkası kesilmiş bir şahıs aleyhinde tatbik edilebilen küllî bir haklı tenkidi, hiçbir kanun suç saymaz. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Hem küllî bir tevil manasından makam-ı iddia cerbezesiyle o kumandana bir hisse çıkarıp ona tatbik etmiş. Böyle yüzde bir adam ancak fehmeden bir mana, mahrem ve gizli bir risalede bulunmasını hiçbir kanun suç sayamaz. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Hem o risale hârika bir tarzda müteşabih hadîslerin tevillerini beyan etmiş. O beyan, otuz kırk sene evvel olduğu ve üç mahkemeye ve mahkemenize ve Ankara’nın altı makamatına üç sene zarfında iki defa takdim edilip tenkit görmeyen müdafaa ve itiraznamemde kat’î cevap verildiği halde, o hadîsin hakikatini beyan sadedinde bir kusurlu şahsa mutabık çıkmasını hiçbir kanun suç sayamaz. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Hem o şahsı tenkit, o içinde bulunduğu ve kusurlara sebep olduğu bir inkılabın hasenatı yalnız onun değil belki ordunun ve hükûmetindir. Onun da yalnız bir hissesi var. Onun kusurları için onu tenkit etmek, elbette bir suç olmadığı gibi inkılaba hücum ediyor, denilemez. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Hem bu kahraman milletin ebedî bir medar-ı şerefi ve Kur’an ve cihad hizmetinde dünyada pırlanta gibi pek büyük bir nişanı ve kılınçlarının pek büyük ve antika bir yadigârı olan Ayasofya Camii’ni puthaneye ve Meşihat Dairesini kızların lisesine çeviren bir adamı sevmemek bir suç olması imkânı var mı? | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
'''İddianamede sebeb-i ittiham İkinci Mesele:''' | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Üç mahkemede ondan beraet kazandığımız ve kırk sene evvel bir hadîsin hârika tevilini beyan ederken, cin ve insin şeyhülislâmı Zembilli Ali Efendi’nin “Şapkayı şaka ile dahi başa koymaya hiçbir cevaz yok.” demesiyle beraber bütün şeyhülislâmlar ve bütün ulema-i İslâm cevazına müsaade etmedikleri halde, avam-ı ehl-i iman onu giymeye mecbur olduğu zaman, o büyük allâmelerin adem-i müsaadeleri ile onlar tehlikede yani ya dinini bırakmak ya isyan etmek vaziyetinde iken, kırk sene evvel Beşinci Şuâ’nın bir fıkrası: “Şapka başa gelecek, secdeye gitme diyecek. Fakat baştaki iman o şapkayı da secdeye getirecek, inşâallah Müslüman edecek.” demesiyle avam-ı ehl-i imanı hem isyan ve ihtilalden hem ihtiyarıyla imanını ve dinini bırakmaktan kurtardığı ve hiçbir kanun münzevilere böyle şeyleri teklif etmediği ve yirmi senede altı hükûmet beni onu giymeye mecbur etmediği ve bütün memurlar dairelerinde ve kadınlar ve çocuklar ve camidekiler ve ekser köylüler onu giymeye mecbur olmadıkları ve şimdi resmen askerin başından kalktığı ve örme ve bere çok vilayetlerde yasak olmadığı halde hem benim hem kardeşlerimin bir sebeb-i ittihamımız gösterilmiş. Acaba dünyada hiçbir kanun, hiçbir maslahat, hiçbir usûl bu pek manasız ittihamı bir suç sayabilir mi? | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
'''Üçüncü medar-ı ittiham:''' Emirdağı’nda emniyeti ihlâle teşviktir. Buna karşı itiraz ise: | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
''Evvela:'' Buradaki mahkemeye hem Ankara’nın altı makamatına bu mahkemenin malûmat ve müsaadesiyle verilen ve cerh edilmeyen itiraznamedir. Onu aynen şimdi iddianameye karşı itiraz olarak izhar ediyorum. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
''Sâniyen:'' Emirdağı’nda orada bütün benim ile konuşan zatların şehadetleriyle ve ahalinin ve zabıtanın tasdikiyle beraetimden sonra bütün kuvvetimle inzivamda dünya siyasetine karışmaktan çekinmişim. Hattâ telifi ve muhabereyi de bırakmıştım. Yalnız tekrarat-ı Kur’aniye ve meleklere dair iki nükteden başka telif etmedim. Ve haftada bir mektup bir yere Nurlara teşvik için yazardım. Hattâ müftü olan öz kardeşime ve yirmi sene yanımda talebelik eden ve beni çok merak eden ve bayram tebrikleri yazan o biraderime üç senede üç dört mektup yazdım. Memleketimdeki biraderime yirmi senede hiç yazmadığım halde iddianamede beni emniyeti ihlâl suçu ile ittiham edip ve cerbeze ile eski nakaratı tazeleyerek “İnkılaba karşı geliyor.” demiş. Buna karşı deriz: | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Yirmi sene zarfında yirmi bin Nur nüshalarını merak ve kabul ile okuyan yirmi bin, belki yüz bin adamdan altı mahkeme ve alâkadar on vilayetin zabıtaları emniyeti ihlâle dair hiçbir maddeyi kaydetmemesi gösteriyor ki hakkımızda binler ihtimalden ancak bir tek ihtimal ile bir imkâna kat’î vukuat nazarıyla bakıyor. Halbuki iki üç ihtimalden bir ihtimal olsa, eseri görülmezse hiçbir suç olmaz. Hem binler ihtimalden bir ihtimal değil belki her adam hem aleyhime hücum eden müddeî çok adamları öldürebilir. Anarşist ve komünist hesabına emniyeti, asayişi bozabilir, emniyeti ihlâl edebilir. Demek, böyle pek acib ve ifratkârane imkânatı vukuat yerinde istimal etmek, adliyeye ve kanuna karşı ihanettir. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Hem her hükûmette muhalifler bulunur. Yalnız fikren muhalefet bir suç olmaz. Hükûmet ele bakar, kalbe bakmaz. Ve bilhassa vatan ve millete zararsız, çok hizmeti ve faydası bulunan ve sonra hayat-ı içtimaiyeye karışmayan ve tecrid-i mutlakta yaşattırılan ve eserleri âlem-i İslâm’ın en mühim merkezlerinde kemal-i takdir ve tahsin ile karşılanan '''(Hâşiye<ref>'''Haşiye:''' Bu eserleri hakkında makam-ı iddia, iddianâmesinde yüz yanlışından, sekseninci yanlışında demiş ki: "Beşinci Şuâ'daki te'viller yanlıştır."<br> '''Elcevab:''' Beşinci Şuâ'da; "Allâhu a'lem bir te'vili budur" cümlesi denildiğinden mânâsı budur ki: "Bu hadîsin bir ihtimal ile mânâsı bu olmak mümkündür" demektir. Bu ise mantıkça tekzîbi kàbil değil. Yalnız muhâliyetini isbât ile tekzîb edilebilir.<br> '''Sâniyen:''' Yirmi seneden beri, belki kırk seneden beri benim muârızlarım ve Risale-i Nura i'tirâza çalışanlar, hiçbir te'vilimizi ilmen, mantıken reddetmedikleri ve o muârız ulemâlarla beraber Nur Şâkirdlerinin binler âlimleri tasdik edip, "fîhi nazarun" demedikleri hâlde, Kur'ânın kaç sûre olduğunu bilmeyen, bunu inkâr ile karşılasa ne kadar insaf haricinde olduğunu, insafınıza havâle ediyorum. <br> '''Elhâsıl,''' te'vilin mânâsı hadîsin veyâhut âyetin birçok mânâlarından bir mümkün ve muhtemel mânâsı demektir.</ref>)''' bir adam hakkında bu pek acib ve asılsız ittihamları yapanlar, anarşilik belki komünistlik hesabına bilmeyerek istimal ediliyor diye endişe ediyoruz. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Bazı emarelerle bildim ki gizli düşmanlarımız Nurların kıymetini düşürmek fikriyle siyaset manasını hatırlatan mehdilik davasını tevehhüm ile güya Nurlar buna bir âlettir diye çok asılsız bahaneleri araştırıyorlar. Belki benim şahsıma karşı bu işkenceler, bu evhamlarından ileri geliyor. O gizli zalim düşmanlara ve onları aleyhimizde dinleyenlere deriz: | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Hâşâ sümme hâşâ! Hiçbir vakit böyle haddimden tecavüz edip iman hakikatlerini şahsiyetime bir makam-ı şan ve şeref kazandırmaya âlet etmediğime bu yetmiş beş, hususan otuz senelik hayatım ve yüz otuz Nur risaleleri ve benim ile tam arkadaşlık eden binler zatlar şehadet ederler. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Evet, Nur şakirdleri biliyorlar ve mahkemelerde hüccetlerini göstermişim ki şahsıma değil bir makam-ı şan ve şeref ve şöhret vermek ve uhrevî ve manevî bir mertebe kazandırmak, belki bütün kanaat ve kuvvetimle ehl-i imana bir hizmet-i imaniye yapmak için değil yalnız dünya hayatımı ve fâni makamatını belki –lüzum olsa– âhiret hayatımı ve herkesin aradığı uhrevî bâki mertebeleri feda etmeyi; hattâ cehennemden bazı bîçareleri kurtarmaya vesile olmak için –lüzum olsa– cenneti bırakıp cehenneme girmeyi kabul ettiğimi hakiki kardeşlerim bildikleri gibi mahkemelerde dahi bir cihette ispat ettiğim halde, beni bu ittihamla Nur ve iman hizmetime bir ihlassızlık isnad etmekle ve Nurların kıymetlerini tenzil etmekle milleti onun büyük hakikatlerinden mahrum etmektir. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Acaba, bu bedbahtlar dünyayı ebedî ve herkesi kendileri gibi dini ve imanı dünyaya âlet ediyor tevehhümüyle; dünyadaki ehl-i dalalete meydan okuyan ve hizmet-i imaniye yolunda hem dünyevî hem –lüzum olsa– uhrevî hayatlarını feda eden ve mahkemelerde dava ettiği gibi bir tek hakikat-i imaniyeyi dünya saltanatıyla değiştirmeyen ve siyasetten ve siyasî manasını işmam eden maddî ve manevî mertebelerden ihlas sırrı ile bütün kuvvetiyle kaçan ve yirmi sene emsalsiz işkencelere tahammül edip siyasete –meslek itibarıyla– tenezzül etmeyen ve kendini nefsi itibarıyla talebelerinden çok aşağı bilen ve onlardan daima himmet ve dua bekleyen ve kendi nefsini çok bîçare ve ehemmiyetsiz itikad eden bir adam hakkında bazı hâlis kardeşleri, Risale-i Nur’dan aldıkları fevkalâde kuvve-i imaniyeye mukabil onun tercümanı olan o bîçareye –tercümanlık münasebetiyle– Nurların bazı faziletlerini hususi mektuplarında ona isnad etmeleri ve hiçbir siyaset hatırlarına gelmeyerek âdete binaen, insanlar sevdiği âdi bir adama da “Sultanımsın, velinimetimsin.” demeleri nevinden yüksek makam vermeleri ve haddinden bin derece ziyade hüsn-ü zan etmeleri ve eskiden beri üstad ve talebeler mabeyninde cari ve itiraz edilmeyen makbul bir âdet ile teşekkür manasında pek fazla medh ü sena etmeleri ve eskiden beri makbul kitapların âhirlerinde mübalağa ile medhiyeler ve takrizler yazılmasına binaen, hiçbir cihetle suç sayılabilir mi? | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
Gerçi mübalağa itibarıyla hakikate bir cihette muhaliftir fakat kimsesiz, garib ve düşmanları pek çok ve onun yardımcılarını kaçıracak çok esbab varken, insafsız çok muterizlere karşı sırf yardımcılarının kuvve-i maneviyelerini takviye etmek ve kaçmaktan kurtarmak ve mübalağalı medhedenlerin şevklerini kırmamak için onların bir kısım medihlerini Nurlara çevirip bütün bütün reddetmediği halde onun bu yaşta ve kabir kapısındaki hizmet-i imaniyesini dünya cihetine çevirmeye çalışan bazı resmî memurların ne derece haktan, kanundan, insaftan uzak düştükleri anlaşılır. | |||
</div> | </div> | ||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
'''Said Nursî''' | |||
</div> | </div> | ||
=== إلى رئاسة الوزارة ووزارة العدل ووزارة الداخلية (<ref>كتب هذه العريضة محامو الأستاذ وبإذنه وأُرسلت إلى الدوائر العليا المذكورة.- (صونغور).</ref>) === | |||
إن جميع رجال الدولة يعرفونني عن كثب، ولاسيما أولئك الذين عاصروا الظروف الجسام التي مرت على البلاد منذ إعلان الحرية (الدستور) وفي أثناء الحرب العالمية الأولى، وخلال غزو الحلفاء للبلاد ودخولهم «إسطنبول»، وما أعقبته من أحداث لحين تشكلِ الحكومة الوطنية، وفترة إعلان الجمهورية.. فالذين يحيطون علما بتلك الظروف ممن يتولون الآن مناصب في الدولة يعرفونني معرفة جيدة.. ومع هذا فاسمحوا لي أن أعرض مَشاهِدَ من حياتي أمامكم عرضا سريعا: | |||
«ولدتُ في قرية «نورس» التابعة لولاية «بتليس»، وطوالَ فترة حياة التلمذة وتحصيلِ العلوم دخلتُ في مناقشات علمية حادة مع كل مَن قابلته من العلماء، كنت أتغلب عليهم بفضل العناية الربانية. حتى بلغتُ «إسطنبول». وهناك في جوها المشوب بآفة الشهرة والصيت لم أنقطع عن مناظراتي العلمية. إلا أن وشاية الحاسدين والخُصَماء، أدّت بي أن أُساق إلى مستشفى المجاذيب بأمر السلطان عبد الحميد -رحمه الله رحمة واسعة- ثم استقطبتُ نظر حكومة الاتحاد والترقي، بناءً على خدماتي أثناء إعلان الدستور وحادثة ٣١ مارت. طرحتُ عليهم مشروع بناء جامعة في مدينة «وان» باسم «مدرسة الزهراء» على غرار الأزهر الشريف.. حتى إنني وضعت حجرها الأساس بنفسي، | |||
ولكن ما إن اندلعت الحرب العالمية الأولى حتى شكلتُ من طلابي والمتطوعين «فرق الأنصار» وتوليت قيادتهم، فخضنا معارك ضارية في جبهة القفقاس مع الروس المعتدين في «بتليس».. وقعت أسيرا بيدهم، إلّا أن العناية الربانية أنجتني من الأسر. وأتيت «إسطنبول». وعُينتُ فيها عضوا في «دار الحكمة الإسلامية»، وبادرت إلى مجاهدة الغزاة المحتلين لإسطنبول في تلك الظروف الحرجة، وبكل ما وهبني الله من طاقة.. إلى أن انتهت حروب الاستقلال وتشكلت الحكومة الوطنية في «أنقرة»، فنظرتْ من جديد -تثمينا لخدماتي تلك- إلى مشروع تأسيس الجامعة في «وان». | |||
إلى هنا كانت حياتي طافحة بخدمة البلاد، وفق ما كنت أحمله من فكرة خدمة الدين عن طريق السياسة. ولكن بعد هذه الفترة وَلَّيْتُ وجهي كليا عن الدنيا، وأقبرتُ «سعيدا القديم» -حسب اصطلاحي- وأصبحت «سعيدا جديدا» يعيش كليا للآخرة، فانسللت من حياة المجتمع ونفضتُ يدي عن كل ما يخصهم فاعتزلت الناس تماما واعتكفت في «تل يوشع» في «إسطنبول» | |||
ومن ثم في مغارات في جبال «وان» و«بتليس». بتُّ في مجاهدة مستديمة مع روحي ووجداني. | |||
انفردت إلى عالمي الروحي رافعا شعار «أعوذ بالله من الشيطان والسياسة». صرفت كل همي ووقتي إلى تدبّر معاني القرآن الكريم. وبدأت أعيش حياة «سعيد الجديد».. | |||
أخذتني الأقدار نفيا من مدينة إلى أخرى.. وفي هذه الأثناء تولدتْ من صميم قلبي معانٍ جليلة نابعة من فيوضات القرآن الكريم.. أمليتها على مَن حولي من الأشخاص، تلك الرسائل التي أطلقت عليها اسم «رسائل النور». إنها انبعثت حقا من نور القرآن الكريم. لذا نبع هذا الاسم من صميم وجداني، فأنا على قناعة تامة ويقين جازم بأن هذه الرسائل ليست مما مضغته أفكاري وإنما هي إلهام إلهيّ أفاضه الله سبحانه على قلبي من نور القرآن الكريم، فباركتُ كل من استنسخها، لأنني على يقين أن لا سبيل إلى حفظ إيمان الآخرين غير هذه السبيل فلا تُمنَع تلك الفيوضات عن المحتاجين إليها. | |||
وهكذا تلقفتْها الأيدي الأمينة بالاستنساخ والنشر، فأيقنت أن هذا تسخير رباني وسَوق إلهي لحفظ إيمان المسلمين. فلا يستطيع أحد أن يمنع ذلك التسخير والسوق الإلهي، فاستشعرت بضرورة تشجيع كل مَن يعمل في هذه السبيل امتثالا بما يأمرني به ديني. فهذه الرسائل التي تربو على المائة والثلاثين رسالة لا تبحث بحثا مقصودا عن أمور الدنيا والسياسة، وإنما تخص كليا أمور الآخر ة والإيمان. | |||
وعلى الرغم من كل هذا فقد أصبحت الشغل الشاغل للانتهازيين والمتصيدين في الماء العكر حتى أوقفتني السلطات في كل من «أسكي شهر» و«قسطموني» و«دنيزلي».. وأجرت المحاكمُ تدقيقات علمية على الرسائل. قام بها خبراء متخصصون، إلّا أن الحقيقة -بفضل الله سبحانه- كانت تتجلى بنصاعتها دوما، وتتبوأ العدالة مكانتها اللائقة بها. بيد أن هؤلاء المتربصين للفرص المتصيدين في الماء العكر لم يسأموا أبدا، بل تسببوا في اعتقالي في هذه المرة، وأتوا بي إلى «أفيون» يسندون إليَّ التهم الآتية وأنا رهن التوقيف للاستجواب: | |||
١- إنك قد شكلت جمعية سياسية. | |||
٢- إنك تنشر أفكارا تعادى النظام. | |||
٣- إنك تستهدف غاية سياسية. | |||
والأسباب الموجبة لهذه الاتهامات ودلائلها هي بضع عشرة جملة في عدد من رسائلي. | |||
أيها الوزير المحترم! | |||
«آتوني جملة لا يمكن تأويلها، وأنا أحكم بها عليكم بالإعدام». قالها نابليون. تُرى أية جملة يتفوّه بها الإنسان لا تكون سببا للتأويلات والجرم والذنب؟ ولاسيما من كان مثلي بالغا الخمس والسبعين من العمر وقد تخلى عن أمور الدنيا ونفض يده عنها كليا وحصر حياته كلَها للآخرة. فلا بد أن تكون كتاباتُ مثل هذا الشخص حرة طليقة، لأنها مقرونة بحُسن النية وحُسن الظن، فليس فيها تردد ولا تحرّج. لذا فإنّ تحري الجرم والتنقيب عن التهمة بالتدقيق تحت سطور هذه الكتابات، ظلم واضح فاضح لا غير. | |||
وبناءً على هذا فإن رسائل النور البالغة ثلاثين ومائة رسالة، لا تتضمن -قصدا- ما يتعلق بأمور الدنيا قط، بل كلها تتعلق بالآخرة والإيمان، فلا غرو أنها مقتبسةٌ من فيض نور القرآن الكريم، وليس فيها أية غاية وقصد دنيوي ولا سياسي قط. فما من محكمة تناولت أمور هذه الرسائل إلّا وقررت تبرئتها بالقناعة نفسها. ولهذا فإن إشغال المحاكم بما ليس ضروريا لها ولا يلزمها وعزلَ أهل العمل المؤمنين الأبرياء عن أعمالهم وأشغالهم أمر مؤسف بحق البلاد والعباد. | |||
نعم، إن «سعيدا القديم» الذي بذل كل حياته في سبيل إسعاد هذه الأمة ونشرِ الأمن والسعادة في ربوع البلاد، وانسحب انسحابا كليا عن الدنيا بأسرها وكفّ يده عن أمورها كليا، أيمكن له أن يشتغل بالسياسة بعد أن أصبح «سعيدا جديدا» وبلغ من العمر الخامسة والسبعين؟ أعتقد أنكم مقتنعون كذلك بهذا قناعة تامة. | |||
لي غاية واحدة وهي: | |||
أنني في هذا الوقت الذي أتقرب فيه إلى القبر.. وفي هذا الوطن الذي هو بلاد إسلامية، نسمع نعيق أبوام البلاشفة.. هذا النعيق يهدد أسس الإيمان في العالم الإسلامي، ويشدّ الشعب ولاسيما الشباب إليه، بعد سلب الإيمان منهم. | |||
إنني بكل ما أملك من وجود، أُجاهد هؤلاء، وأدعو المسلمين وبخاصة الشباب إلى الإيمان، فأنا في جهاد دائم مع هذه المجموعة الملحدة. وسأمثل إن شاء الله في ديوان حضوره سبحانه وأنا رافع راية هذا الجهاد. وكل عملي ينحصر في هذا. وأخشى ما أخشاه أن يكون الذين يحولون بيني وبين غايتي هذه هم بلاشفة أيضا. | |||
فغايتي المقدسة هي التكاتف والتساند والترابط مع كل من يجاهد أعداء الإيمان هؤلاء. أعطُوني حريتي وأطلِقوا يديّ كي أعمل بالتكاتف مع القوى المجاهدة في سبيل إعلان التوحيد وترسيخ الإيمان في هذه البلاد وإصلاح الشباب المتسمم بالشيوعية. | |||
الموقوف | |||
سعيد النورسي | |||
باسمه سبحانه | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الصدّيقين! === | |||
</ | |||
إن أنجع علاج في هذه الدنيا، ولا سيما في هذا الزمان، وبخاصة للمبتلَين بالمصائب، ولطلاب النور الذين انتابهم ضجر شديد ويأس قاتم هو تسلية أحدهم الآخر، وإدخال السرور في قلبه، وإمداد قوته المعنوية وضماد جراحات الضيق والحزن والسأم، وتلطيف قلبه المغموم، كأخ حقيقي مضح. إذ الأخوة الحقة والأخروية التي تربطكم لا تتحمل التحيز والإغاظة. | |||
فأنا أعتمد عليكم كليا وأستند إليكم، وأنتم على علم بقراري وعزمي بأنني عازم على أن أضحى مسرورا لأجلكم أنتم بروحي، لا براحتي وشرفي فحسب، بل قد تشاهدون هذا مني فعلا، حتى إنني أقسم لكم: إنه منذ ثمانية أيام يتألم قلبي من عذاب شديد، من جراء حادثة تافهة سببت دلالا ظاهريا بين ركنين من أركان النور فأحزن أحدُهما الآخرََ بدلا من أن يكونا مبعث سلوان. فصرختْ روحي وقلبي وعقلي معا، وبكت قائلة: «أواه! أواه! الغوث الغوث يا أرحم الراحمين، احفظنا وأجرنا من شياطين الجن والإنس، واملأ قلوب إخواني بالوفاء التام والمحبة الخالصة والأخوّة الصادقة والشفقة الكاملة». | |||
فيا إخوتي الثابتين الصلبين صلابة الحديد! أعينوني في مهمتي! فإن قضيتنا في منتهى الدقة والحساسية، فلقد سلمتُ إلى شخصكم المعنوي جميعَ مهماتي، لشدة ثقتي واطمئناني بكم، فعليكم إذن أن تسعوا -ما وسعكم- لإمدادي وعوني، | |||
فعلى الرغم من أن الحادثة تافهة جزئية، فإن وقوع شعرة، مهما كانت صغيرة في عيننا تؤلم، وفي ساعتنا توقفها إن هذه الحادثة الجزئية تعد كبيرة حيث أخبرتْ عنها الانفجاراتُ الثلاثة المادية والمُشاهَدات الثلاث المعنوية. | |||
سعيد النورسي | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== | === إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | ||
إن انفجار مدفأتي وتهشّم أقداح «فيضي» و«خسرو» ينبئان عن وقوع مصيبة ستحل بنا. | |||
نعم، إنه ينبغي التساند الحقيقي والترابط الصادق الذي هو أقوى مرتكز ونقطة استناد لنا مع غض النظر عن أخطاء بعضنا البعض وعدمُ الاستياء من «خسرو» الذي هو بطل النور والممثل لشخصه المعنوي وفي موقعي أنا. | |||
وقد كنت أشعر قبل بضعة أيام ضيقا شديدا في صدري وأقول في قلق: «لقد وجد أعداؤنا وسيلة للتغلب علينا».. | |||
حذار..! حذار..! حذار..! اعملوا فورا على رأب الصدع في ترابطكم الوثيق الفولاذي.. أُقسم بالله إن هذه الحادثة -ولاسيما في هذه الفترة- تُلحق الضرر بالعمل للقرآن وخدمة الإيمان أكثر من دخولنا السجن. | |||
سعيد النورسي | |||
باسمه سبحانه | |||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الصديقين! === | |||
</ | |||
< | إن «ليلة المعراج» بمثابة «ليلة قدر» ثانية. فكسب الثواب بالعمل المتواصل -كلما أمكن- يرتفع في هذه الليلة من الواحد إلى الألف. وكذا بالسر الكامن في الاشتراك المعنوي ستؤدون عبادات وتدعون دعوات في هذه الليلة المباركة، ولاسيما في هذا المعكتف المُثاب عليه كثيرا، بأربعين ألف لسان كبعض الملائكة المسبّحة بأربعين ألف لسان. ومن ثم تشكرون ربكم بعبادات هذه الليلة، إزاء عدم تضررنا بواحد من ألف من الأضرار التي كانت تلحق بنا نتيجة العاصفة المقبلة. | ||
إننا نبارك أخذكم الحذر التام، ونبشركم في الوقت نفسه أن العناية الربانية قد تجلت بحقنا تجليا واضحا. | |||
< | سعيد النورسي | ||
<span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | |||
=== إخوتي الأعزاء الصديقين! === | |||
< | |||
أولا: أبارك ليلتكم، ليلةَ المعراج، بكل ما أملك من روح وجسد. | |||
ثانيا: إن دعوانا منذ عشرين سنة هي أن طلاب النور لا يتعرضون -ما أمكن- لنظام البلاد ولا يمسّون أمنَها بسوء. إلّا أن قضية سجننا هذه يمكن أن تُعد أمارة قوية وحُجة على جرح دعوانا تلك، حيث إن الذين يهاجموننا يزعمون أننا نخلّ بأمن البلاد ونظامِها أولا. إلّا أن العناية الإلهية قد ظهرت بشكل خارق بكرامة إخلاصكم ووفائكم، إذ قد خَفَّت شدة المصيبة من المائة إلى الواحد وغدت القُبة حَبة بفضله تعالى. وإلّا فإن الذين يستهولون الأمور ويجعلون الحَبة قُبة بحقنا يستغلون هذه الفرصة لبثّ الافتراءات ضدَّنا وربما يحملون الناس على تصديقها. | |||
باسمه سبحانه | |||
ثالثا: لا تفكروا فيّ ولا تقلقوا عليّ أبدا. فإن وجودي معكم في بناية واحدة يزيل كل صعابي ومشقاتي ومضايقاتي.. وحقا إن اجتماعنا هنا له أهمية عظيمة من جهات شتى، وفوائد جمة لخدمة الإيمان حتى إن إرسال تلك الحقائق المهمة التي تتضمنها «تتمة الاعتراض» إلى الدوائر العليا الست هذه المرة، وجلبَها أنظارهم وإجرائَها حكمها فيهم -إلى حدّ ما- أزال جميعَ مشقاتنا وأتعابنا. | |||
<span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | |||
=== إخواني الأعزاء الصادقين. === | رابعا: إن الانشغال برسائل النور -حسب الإمكان- يزيل الضجر والضيق، ويمكن أن يعدّ خمسة أنواع من العبادة. | ||
أولا: إن في تأجيل موعد محاكمتنا وحضور إخواننا الذين أُخلُوا منها هنا يوم المحاكمة، فيه خير كثير.. والخير فيما اختاره الله. | خامسا: لقد خفّت المصيبة السابقة من شدتها من المائة إلى الواحد بفضل دروس رسائل النور، وإلّا لكانت تصبح -من حيث الظرف الدقيق زمانا ومكانا- الحبةُ قبابا كثيرة، أي هي بمثابة إلقاء الشرارة في البارود. حتى إن فريقا من الموظفين الرسميين قالوا: «إن الذين استمعوا إلى دروس النور لم يتدخلوا في الأمر» فلو كان الجميع يستمعون إليها لمَا حدث شيء قط. | ||
نعم، لما كانت قضية رسائل النور تهم العالم الإسلامي كله وبخاصة هذا البلد، لذا تستدعي أمثال هذه الاجتماعات الصاخبة المثيرة الجالبة لأنظار الناس عامة إلى حقائق رسائل النور. وهكذا تلقي رسائل النور دروسَها الرائعة وبصراحة تامة على الأصدقاء والأعداء، حتى أظهرت أخفى أسرارها إلى أعدى أعدائها دون إحجام ولا تردد، في مثل هذه الاجتماعات التي هي فوق حسباننا وخارج حذرنا وخلاف إخفائنا للرسائل وتضادد تهوين معارضينا لشأنها، فضلا عن أنها خارج طوقنا وإرادتنا. | فلا تفسحوا يا إخوتي المجال -قدر المستطاع- إلى الثنائية والتفرقة، لئلا يُضاف شيء آخر إلى ضيق السجن وضجره. وليكن المسجونون أيضا إخوة متحابين كطلاب النور ولا يهجرنّ بعضهم بعضا. | ||
فمادامت الحقيقة هذه، فينبغي لنا أن نعدّ مضايقاتنا التي نعانيها هنا -وهي جزئية وقليلة جدا- علاجا مرا نتناوله بالصبر والشكر قائلين: «كل حال يزول». | سعيد النورسي | ||
ثانيا: لقد كتبتُ لمدير هذه «المدرسة اليوسفية»: | <span id="Aziz,_sıddık,_muhlis_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخواني الأوفياء المخلصين! === | |||
عندما كنت أسيرا في «روسيا» قامت الثورة البلشفية أولَ ما قامت من السجون، كما أن الثورة الفرنسية قد اندلعت من السجون أيضا، وحملها أولئك المسجونون المذكورون في التاريخ باسم الفوضويين. لذا نحن طلاب النور قد سعينا في كل مرة في سجن «أسكي شهر» و«دنيزلي»، وكذلك هنا (في أفيون) قدر المستطاع لإصلاح المسجونين، وقد تكلل ذلك السعيُ الجميل في «أسكي شهر» و«دنيزلي» بالثمرات الطيبة وستثمر هنا إن شاء الله فوائدَ أكثر. حتى إنه في هذا الوقت الدقيق والمكان الحرج مضت تلك الزوبعة (<ref>المقصود العصيان الذي دب في صفوف المسجونين في سجن «أفيون» ولم يشترك فيه طلاب النور قط. (المؤلف).</ref>) وخفت شدتها من المائة إلى الواحد بفضل دروس النور. إذ لولا ذلك لكانت التيارات الخارجة المفسدة تتمنى الفرصَ لتستغل الاختلافات وأمثالَ هذه الحوادث. ولكانت تلقي الشرارة في البارود وتشب الحريق.. | |||
لقد تَحتّم علينا بدرجة الوجوب استعمالُ دساتيرِ لمعةِ الإخلاص وسرِ الإخلاص الحقيقي فيما بيننا وتجاه بعضنا للبعض الآخر، ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وبكل ما نملك من قوة. | |||
إذ علمتُ بخبر يقينيّ أنه قد عُيّن ثلاثة أشخاص، منذ ثلاثة شهور، ليُلقوا الفتور فيما بين الإخوة الأوفياء هنا باستغلال اختلاف الأفكار والمشارب فيما بينهم، وعاملين على تثبيط عزائم الأقوياء منكم، وبث الشبهات والأوهام والخوف في قلوب الرقيقين منهم، القليلي الصبر والتحمل، لِجَعْلِهم يتخلون عن القيام بخدمة النور ليمددوا مدةَ محاكمتنا دون سبب. | |||
فحذار.. حذار! وإياكم أن تهتز تلك المحبة الصميمية الصادقة التي ربطت قلوبكم، إذ إن اهتزازا طفيفا في الأخوّة والمحبة بقدر ذرة واحدة تضرنا أيّما ضرر. لأن بعض علماء الدين في «دنيزلي» قد ابتعدوا عنا بسبب تزعزع طفيف | |||
ونحن نضحي بأرواحنا رخيصةً في سبيل أخوّتنا إن استوجب الأمر، وهذا ما تقتضيه خدمتنا القرآنية والإيمانية. لذا فلا يضجرنّ أحد من الآخر مما يسببه توتر الأعصاب الناجم عن الضيق الشديد ومن أي سبب آخر، بل ليسعَ كل منكم بزيادة محبته لأخيه وزيادة صميميته وإخلاصه له وليحمّل نفسه التقصيرَ بكمال التواضع والتسليم، وإلا فسوف نتضرر عظيمَ الضرر، إذ تصبح الحبة الصغيرة قبة عظيمة تستعصي على الإصلاح. أختصر الكلام هنا مُحيلاً الموضوعَ إلى فراستكم. | |||
سعيد النورسي | |||
<span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | |||
=== إخوتي الأعزاء الصديقين! === | |||
بناءً على إخطار معنوي مهم، إنّ لكم مهمة أو مهمتين نوريتين، تلك هي السعي بكل ما أوتيتم من قوة بدروس رسائل النور، لئلا يحدث بين المسجونين المبتلين المساكين في هذه «المدرسة اليوسفية الثالثة»، الانحيازُ إلى جهة والانشقاق، حيث إن مفسدين خطرين يتربصون تحت الستار ليستغلوا الاختلاف والأغراض الشخصية والحقد والعناد. | |||
فما دام معظم أصحابنا في السجن يحملون روح البطولة والتضحية بروحهم لأجل بلادهم وأمتهم وأحبتهم إن استوجب الأمر، فلاشك أن الواجب على أولئك الرجال الشهام أن يضحّوا بعنادهم وأغراضهم الشخصية وعداواتهم لأجل سلامة الأمة وراحة المسجونين والنجاة من إفساد المتسترين الذين يعملون بخفاء لصالح الفوضى والإرهاب ويلقحون أفكار الناس بالشيوعية، فيضحون بتلك العداوة التي لا فائدة فيها قطعا بل فيها ضرر كبير ولاسيما في هذا الوقت العجيب. | |||
وإلّا، (أي بخلاف هذا)، سيكون الأمر في هذا الوقت العصيب كمن يُلقي الشرارة في البارود وسيلحق الضرر بمائة سجين ضعفاء وبطلاب النور الأبرياء، وبولاية «أفيون» هذه، بل ربما يكون وسيلة لطرف أصابع منظمة أجنبية دخلت البلاد. | |||
وحيث إننا قد دخلنا السجن لأجل أولئك بالقدر الإلهي، بل قِسمٌ منا لا يريد مغادرةَ السجن، لاستدامة سعادتهم وراحتهم المعنوية، ونحن مستعدون للتضحية براحتنا وهنائنا في سبيل راحة الآخرين من إخواننا، وتحمُّلِ كل ضيق وضجر بالصبر الجميل، فلابد أن إخواننا الجدد أولئك أيضا يصبحون كمسجونِي سجن «دنيزلي»، فلا يضجر بعضهم من بعض ولا يهجره ولا يسأم منه ويستاء، بل عليهم -وهذا ضروري- أن يتصالحوا فيما بينهم إخوانا متحابين تلطيفا لمشاعر إخواننا ولأجل حرمة شهر شعبان وشهر رمضان المبارك. | |||
وبدورنا نحن جميعا -وأنا كذلك- نعدّهم ضمن دائرة طلاب النور حتى إنهم قد دخلوا ضمن دعواتنا. | |||
سعيد النورسي | |||
باسمه سبحانه | |||
<span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | |||
=== إخواني الأعزاء الصادقين. === | |||
أولا: إن في تأجيل موعد محاكمتنا وحضور إخواننا الذين أُخلُوا منها هنا يوم المحاكمة، فيه خير كثير.. والخير فيما اختاره الله. | |||
نعم، لما كانت قضية رسائل النور تهم العالم الإسلامي كله وبخاصة هذا البلد، لذا تستدعي أمثال هذه الاجتماعات الصاخبة المثيرة الجالبة لأنظار الناس عامة إلى حقائق رسائل النور. وهكذا تلقي رسائل النور دروسَها الرائعة وبصراحة تامة على الأصدقاء والأعداء، حتى أظهرت أخفى أسرارها إلى أعدى أعدائها دون إحجام ولا تردد، في مثل هذه الاجتماعات التي هي فوق حسباننا وخارج حذرنا وخلاف إخفائنا للرسائل وتضادد تهوين معارضينا لشأنها، فضلا عن أنها خارج طوقنا وإرادتنا. | |||
فمادامت الحقيقة هذه، فينبغي لنا أن نعدّ مضايقاتنا التي نعانيها هنا -وهي جزئية وقليلة جدا- علاجا مرا نتناوله بالصبر والشكر قائلين: «كل حال يزول». | |||
ثانيا: لقد كتبتُ لمدير هذه «المدرسة اليوسفية»: | |||
عندما كنت أسيرا في «روسيا» قامت الثورة البلشفية أولَ ما قامت من السجون، كما أن الثورة الفرنسية قد اندلعت من السجون أيضا، وحملها أولئك المسجونون المذكورون في التاريخ باسم الفوضويين. لذا نحن طلاب النور قد سعينا في كل مرة في سجن «أسكي شهر» و«دنيزلي»، وكذلك هنا (في أفيون) قدر المستطاع لإصلاح المسجونين، وقد تكلل ذلك السعيُ الجميل في «أسكي شهر» و«دنيزلي» بالثمرات الطيبة وستثمر هنا إن شاء الله فوائدَ أكثر. حتى إنه في هذا الوقت الدقيق والمكان الحرج مضت تلك الزوبعة (<ref>المقصود العصيان الذي دب في صفوف المسجونين في سجن «أفيون» ولم يشترك فيه طلاب النور قط. (المؤلف).</ref>) وخفت شدتها من المائة إلى الواحد بفضل دروس النور. إذ لولا ذلك لكانت التيارات الخارجة المفسدة تتمنى الفرصَ لتستغل الاختلافات وأمثالَ هذه الحوادث. ولكانت تلقي الشرارة في البارود وتشب الحريق.. | |||
سعيد النورسي | |||
باسمه سبحانه | باسمه سبحانه | ||
2.548. satır: | 2.302. satır: | ||
إنه لا يتلاءم مع شرف العدالة إهدارُ وإفناءُ حياةِ «بديع الزمان» الذي كَسَب حُسنَ ظننا المفرط وتوجهَنا نحوه وارتباطنا الوثيق به، وإفناءُ ضعفاءَ أصبحوا طلابا له بنية خالصة. | إنه لا يتلاءم مع شرف العدالة إهدارُ وإفناءُ حياةِ «بديع الزمان» الذي كَسَب حُسنَ ظننا المفرط وتوجهَنا نحوه وارتباطنا الوثيق به، وإفناءُ ضعفاءَ أصبحوا طلابا له بنية خالصة. | ||
الموقوف في السجن | الموقوف في السجن | ||
مصطفى آجت من أميرداغ | مصطفى آجت من أميرداغ | ||
<span id="Halil_Çalışkan’ın_Müdafaasıdır"></span> | <span id="Halil_Çalışkan’ın_Müdafaasıdır"></span> | ||
2.577. satır: | 2.329. satır: | ||
إننا نعتقد بأنكم اقتنعتم بماهية أهدافنا وغايتنا نحن طلاب النور، واقتنعتم بعدم وجود أية علاقة لنا بالتهم التي أوردها المدعي العام، لذا فإننا نطلب من محكمتكم الموقرة ومن ضمائركم أن تعيدوا لنا كتبنا وتسمحوا بكونها حرة وتصدروا قراركم ببراءتنا. | إننا نعتقد بأنكم اقتنعتم بماهية أهدافنا وغايتنا نحن طلاب النور، واقتنعتم بعدم وجود أية علاقة لنا بالتهم التي أوردها المدعي العام، لذا فإننا نطلب من محكمتكم الموقرة ومن ضمائركم أن تعيدوا لنا كتبنا وتسمحوا بكونها حرة وتصدروا قراركم ببراءتنا. | ||
خليل جالشقان | خليل جالشقان | ||
2.583. satır: | 2.334. satır: | ||
الموقوف في سجن أفيون | الموقوف في سجن أفيون | ||
<span id="Mustafa_Gül’ün_Müdafaasıdır"></span> | <span id="Mustafa_Gül’ün_Müdafaasıdır"></span> | ||
2.629. satır: | 2.379. satır: | ||
وسيجعلون الأمة التركية المسلمة التي تنتظر هذه القرارات بكل اهتمام في جميع أرجاء هذا الوطن.. ممتنة وشاكرة لهم. | وسيجعلون الأمة التركية المسلمة التي تنتظر هذه القرارات بكل اهتمام في جميع أرجاء هذا الوطن.. ممتنة وشاكرة لهم. | ||
إبراهيم فاقازلي | إبراهيم فاقازلي | ||
الموقوف في سجن أفيون | الموقوف في سجن أفيون | ||
------ | ------ | ||
<center> [[On Üçüncü Şuâ]] | <center> ⇐ [[On Üçüncü Şuâ/ar|الشعاع الثالث عشر]] | [[Şualar/ar|الشعاعات]] | [[Beşinci Şuâ/ar|الشعاع الخامس]] ⇒ </center> | ||
------ | ------ | ||
düzenleme