Yirmi Dokuzuncu Söz/ar: Revizyonlar arasındaki fark

    Risale-i Nur Tercümeleri sitesinden
    ("إذا ادّعى أحد أن هذه المدينة أو القصر سيُدمَّر، ويُبنى ويُعمَّر من جديد عمرانا مُحكما رصينا، فلاشك أنه يترتب على دعواه هذه ستةُ أسئلة:" içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu)
    Etiketler: Mobil değişiklik Mobil ağ değişikliği
    (Kaynak sayfanın yeni sürümü ile eşleme için güncelleniyor)
     
    (Bir diğer kullanıcıdan 167 ara revizyon gösterilmiyor)
    1. satır: 1. satır:
    <languages/>
    <languages/>
       
       
    <span id="Yirmi_Dokuzuncu_Söz"></span>
    = الكلمة التاسعة والعشرون =


    تخص بقاء الروح والملائكة والحشر
    تخص بقاء الروح والملائكة والحشر
    231. satır: 229. satır:
    إذا ادّعى أحد أن هذه المدينة أو القصر سيُدمَّر، ويُبنى ويُعمَّر من جديد عمرانا مُحكما رصينا، فلاشك أنه يترتب على دعواه هذه ستةُ أسئلة:
    إذا ادّعى أحد أن هذه المدينة أو القصر سيُدمَّر، ويُبنى ويُعمَّر من جديد عمرانا مُحكما رصينا، فلاشك أنه يترتب على دعواه هذه ستةُ أسئلة:


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الأول: لماذا يدمَّر؟. وهل هناك من مبرّر؟ فإذا أثبتَ أنْ نعم، فهنا يردُ:
    '''Birincisi:''' “Niçin tahrip edilecek? Sebep ve muktezî var mıdır?” Eğer “Evet var.” diye ispat etti:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    السؤال الثاني: هل الذي يهدم ثم يبنى ويُعمِّر قادر على عمله؟ وإذا أثبتَ هذا أيضا، فسيلي:
    '''İkincisi''' şöyle bir sual gelir ki: “Bunu tahrip edip, tamir edecek usta muktedir midir? Yapabilir mi?” Eğer “Evet yapabilir.” diye ispat etti:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    السؤال الثالث هكذا: وهل يمكن هدمُها؟
    '''Üçüncüsü''' şöyle bir sual gelir ki: “Tahribi mümkün müdür?”
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وسؤال آخر: وهل تُهدَم فعلا؟ فإذا أثبتَ أنه يمكن هدمُها وأنه سوف يهدمها فعلا فسيَرِدُ هنا سؤالان؟
    “'''Hem sonra''' tahrip edilecek midir?” Eğer “Evet” diye imkân-ı tahribi hem vukuunu ispat etse iki sual daha ona vârid olur ki:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    هل يمكن إعمارُ هذه المدينة الرائعة أو القصر من جديد؟
    “'''Acaba''' şu acib saray veya şehrin yeniden tamiri mümkün müdür?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فإن كان الجواب: نعم، إنه ممكن،
    Mümkün olsa:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فسيرد السؤال: وهل يعمرّها فعلا ؟.
    '''Acaba''' tamir edilecek midir?”
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فإذا كان الجواب: نعم وأثبتَ كل ذلك، عندئذ لا تبقى أيةُ ثغرةٍ في جميع جوانب هذه المسألة لدخول أيةُ شبهة أو شك أو وهم فيها.
    Eğer “Evet” diye bunları da ispat etse o vakit bu meselenin hiçbir cihette hiçbir köşesinde bir delik, bir menfez kalmaz ki şek ve şüphe ve vesvese girebilsin.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا على غرار هذا المثال، فهناك مبرّر لهدم قصر الدنيا ومدينةِ هذه الكائنات وتخريبِها وتدميرها، ومن ثم تعميرها وبناؤها، وأن هناك مَن هو قادر ومهيمن على ذلك، وبالتالي فهو يمكنه هدمُها، وسيهدمُها فعلا، ومن ثم فهو يمكنه تعميرُها، وسيعمّرها فعلا من جديد. وستثبُت لدينا هذه المسائل بعد الأساس الأول.
    İşte şu temsil gibi dünya sarayının, şu kâinat şehrinin tahrip ve tamiri için muktezî var. Fâil ve ustası muktedir. Tahribi mümkün ve vaki olacak. Tamiri mümkün ve vaki olacaktır. İşte şu meseleler, birinci esastan sonra ispat edilecektir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    <span id="BİRİNCİ_ESAS"></span>
    === BİRİNCİ ESAS ===
    === الأساس الأوّل ===
    </div>
     
    إنّ الروحَ باقية قطعا.
     
    إذ إن الدلائل التي دلّت على وجود الملائكة والروحانيات في «المقصد الأول» هي نفسُها دلائل مسألتنا (بقاء الروح) هذه. وعندي أن هذه المسألة ثابتة إلى درجة بحيث يكون من العبث أن نخوض في توضيحها.
     
    نعم، إنها قصيرة ودقيقة تلك المسافة التي بيننا وبين القوافل التي لا تعدّ ولا تحصى من الأرواح الباقية في عالم البرزخ وعالم الأرواح والمنتظرة للرحيل إلى الآخرة، بحيث لا نحتاج إلى برهان لإيضاحها؛ فاللقاءات التي بينها وبين ما لا يعدّون من أهل الكشف والشهود، ورؤيةُ أهل كشف القبور لهم، وعلاقات عامة الناس وارتباطهم معهم في الرؤى الصادقة، ومحاورات قسم من العوام معهم.. كلُّ ذلك جعل الروح وبقاءها -لكثرة التواتر- من المفاهيم المعروفة للبشرية.
     
    بيد أن الفكرَ المادي في عصرنا هذا قد أسكر كثيرا من الناس فأوغل الوهمَ والشبهةَ في أبسط الأمور البديهية. فلأجل إزالة هذه الأوهام والوساوس، سنشير إلى «أربعة منابع» فقط، من بين تلك المنابع الغزيرة للحدس القلبي والإذعان العقلي ممهّدين لها «بمقدمة».
     
    المقدمة
     
    كما أثبت في الحقيقة الرابعة من «الكلمة العاشرة» أنّ الجمالَ البديع الخالد الأبدي الذي ليس له مثيل يطلب خلودَ مشتاقيه وبقاءهم وهم كالمرآة العاكسة لذلك الجمال. وأن الصنعة الكاملة الخالدة غير الناقصة تستدعي دوام مناديها المتفكرين. وأن الرحمة والإحسان غير النهائي يقتضيان دوامَ تنعّم شاكريهما المحتاجين..
     
    فذلك المشتاق الذي هو كالمرآة المصقولة.. وذلك المنادي المتفكر.. وذلك الشاكر المحتاج، إنْ هو إلّا روحُ الإنسان أولا؛ لذا فالروح باقية بصحبة ذلك الجمال وذلك الكمال وتلك الرحمة.. في طريق الخلود والأبدية.
     
    وأثبتنا كذلك في الحقيقة السادسة من «الكلمة العاشرة» أنه ليست الروحُ البشرية وحدَها لم تُخلَق للفناء، بل حتى أبســطُ المخــلوقـات كذلك لم تُخلق للفناء بل لها نوع من البقاء. فالزهرةُ البسيطة -مثلا- التي لا تملك روحا مثلنا، هي أيضا عندما ترحل ظاهرا من الوجود تبقى صورتُها محفوظةً في كثير من الأذهان، كما يدوم قانونُ تراكيبها في مئات من بُذيراتها المتناهية في الصغر، فتمثّل بذلك نموذجا لنوع من البقاء بآلاف من الأوجه.
     
    وما دام نموذجُ صورة الزهرة وقانونُ تركيبها، الشبيه جزئيا بالروح، باقيا ومحفوظا من قبل الحفيظ الحكيم في بُذيراتها الدقيقة بكل انتظام في خضم التقلبات الكثيرة، فلاشك أن روحَ البشر -التي هي قانون أمري نوراني تملك ماهيةً ساميةً، وهي ذاتُ حياةٍ وشعور، وخصائصَ جامعة شاملة جدا وعالية جدا، وقد ألبست وجودا خارجيا- لابدّ أنها باقية للأبد، ومشدودة بالسرمدية، وذات ارتباط مع الخلود دون أدنى شك. وكيف تدّعي إن لم تفهم هذا: 
إنني إنسان واعٍ..؟.
     
    فهل يمكن أن يُسأل الحكيمُ ذو الجلال والحفيظُ الباقي الذي أدرج تصميمَ الشجرة الباسقة وحفِظَ قانونَ تركيبها الشبيه بالروح في بذرة متناهية في الصغر: كيف يُحافظ على أرواح البشر بعد موتهم؟.
     
    المنبع الأول: أنفسيّ
     
    أي إنّ كلَّ من يدقّق النظر في حياته ويفكّر مليّا في نفسه يُدرك أن هناك روحا باقيةً.
     
    نعم، إنه بديهي أن كلَّ روحٍ رغم التبدل والتغير الجاري على الجسم عبرَ سني العمر تظلُّ باقيةً بعينها دون أن تتأثر، لذا فما دام الجسدُ يزول ويستحدث، مع ثبات الروح، فلابدّ أنّ الروح حتى عند انسلاخِها بالموت انسلاخا تاما، وزوال الجسد كلّه، لا يتأثر بقاؤها ولا تتغير ماهيتُها.. أي إنها باقية ثابتة رغم هذه التغيرات الجسدية. وكل ما هنالك أن الجسد يبدّل أزياءه تدريجيا طوال حياته مع بقاء الروح، أما عند الموت فيُجرَّدُ نهائيا وتثبت الروحُ.
     
    فبالحدس القطعي بل بالمشاهدة نرى أن الجسد قائم بالروح، أي ليست الروحُ قائمةً بالجسد، وإنما الروح قائمة ومسيطرة بنفسها. ومن ثم فتفرّق الجسدِ وتبعثرُه بأي شكل من الأشكال وتجمّعُه لا يضرّ باستقلالية الروح ولا يخـل بها أصلا. فالجسد عشّ الروح ومسكنُها وليس بردائها. وإنما رداءُ الروح غلاف لطيف وبدن مثالي ثابت إلى حدٍّ ما ومتناسب بلطافته معها. لذا لا تتعرّى الروحُ تماما حتى في حالة الموت، بل تخرج من عشّها لابسةً بدنَها المثالي وأرديتَها الخاصة بها.
     
    المنبع الثاني: آفاقي
     
    وهو حُكم نابع من المشاهدات المتكررة والوقائع المتعددة ومن التجارب الكثيرة.
     
    نعم، إذا ما فُهم بقاءُ روحٍ واحدة بعد الممات، يستلزم ذلك بقاءَ «نوع» تلك الروح عامة. إذ المعلوم في علم المنطق أنه إذا ظهرت خاصّة «ذاتية» في فردٍ واحد، يُحكَم على وجود تلك الخاصة في جميع الأفراد؛ لأنها خاصة ذاتية، فلابدّ من وجودها في كل فرد.
     
    والحال أنّ بقاءَ الروح لم يظهر في فرد واحد فحسب، بل إن الآثار التي تستند إلى المشاهدات التي لا تعدّ ولا تحصى والأمارات التي تدل على بقائها ثابتة بصورة قطعية إلى درجة أنه كما لا يساورنا الشكُّ ولا يأخذنا الريبُ أبدا في وجود القارة الأمريكية المكتشَفة حديثا واستيطانها بالسكان، كذلك لا يمكن الشكّ أن في عالم الملكوت والأرواح الآن أرواحا غفيرة للأموات، لها علاقات معنا، إذ إن هدايانا المعنوية تمضي إليها، وتأتينا منها فيوضاتُها النورانية.
     
    وكذلك يمكن الإحساس -وجدانا بالحدس القطعي- بأن ركنا أساسا في كيان الإنسان يظلُّ باقيا بعد موته. وهذا الركن الأساس هو الروح، حيث إن الروح ليست معرَّضة للانحلال والخراب؛ لأنها بسيطة ولها صفة الوحدة. إذ الانحلال والفساد هما من شأن الكثرة والأشياء المركّبة. وكما بيّنا سابقا فإن الحياة تؤمّن طرزا من الوحدة في الكثرة، فتكون سببا لنوعٍ من البقاء.
     
    أي إنّ الوحدةَ والبقاء هما أساسا الروح حيث تسري منهما إلى الكثرة. لذلك فإن فناءَ الروح إما أن يكون بالهدم والتحلّل أو بالإعدام؛ فأما الهدم والتحلّل فلا تسمح لهما الوحدةُ والتفردُ بالولوج، ولا تتركهما البساطةُ للإفساد، وأما الإعدام فلا تسمح به الرحمةُ الواسعة للجواد المطلق، ويأبى جُودُه غير المحدود أن يستردّ ما أعطى من نعمةِ الوجود لروح الإنسان اللائقة والمشتاقة إلى ذلك الوجود.
     
    المنبع الثالث
     
    الروح قانون أمري، حيّ، ذو شعور، نوراني، وذات حقيقة جامعة، مُعدّة لاكتساب الكلية والماهية الشاملة، وقد ألبست وجودا خارجيا؛ إذ من المعلوم أن أضعفَ الأوامر القانونية يظهر عليها الثباتُ والبقاء، لأنه إذا أمعنا النظر نرى بأن هناك «حقيقة ثابتة» في جميع الأنواع المعرّضة للتغيّر، حيث تتدحرج ضمن التغيرات والتحولات وأطوار الحياة مُبدِّلةً صورا وأشكالا مختلفة، ولكنها تظل هي باقيةً حيةً ولا تموت أبدا.
     
    فالقانون الذي يسري على «نوعٍ» من الأحياء الأخرى يكون جاريا أيضا على الشخص «الفرد» للإنسان؛ إذ الإنسان «الفرد» حسب شمولِ ماهيته، وكلّيةِ مشاعره وأحاسيسه، وعموم تصوّراته، قد أصبح في حُكم «النوع» وإن كان بعدُ فردا واحدا؛
     
    لأن الفاطر الجليل قد خلق هذا الإنسان مرآةً جامعة، وشاملة، مع عبوديةٍ تامة، وماهيةٍ راقية. فحقيقتُه الروحية في كل فرد لا تموت أبدا -بإذن الله- وإن بدّلت مئاتِ الآلاف من الصور، فتستمر روحُه حيةً كما بدأت حيةً؛ لذا فإن الروح التي هي حقيقةُ شعورِ ذلك الشخص وعنصرُ حياتِه باقية دائما وأبدا بإبقاء الله لها وبأمره وإذنه تبارك وتعالى.
     
    المنبع الرابع
     
    إنّ القوانين المتحكّمة والسارية في الأنواع تتشابه مع الروح إلى حدّ ما، إذ إن كليهما آتيان من عالم «الأمر والإرادة». فهي تتوافق مع الروح بدرجة جزئية معيّنة لصدورهما من المصدر نفسه. فلو دققنا النظر في تلك النواميس والقوانين النافذة في الأنواع التي ليس لها إحساس ظاهر، يظهر لنا أنه لو ألبسَت هذه القوانينُ الأمرية وجودا خارجيا لكانت إذن بمثابة الروح لهذه الأنواع، إذ إن هذه القوانينَ ثابتة ومستمرة وباقية دائما. فلا تؤثر في وحدتها التغيراتُ ولا تُفسدُها الانقلابات. فمثلا: إذا ماتت شجرةُ تينٍ وتبعثرت، فإن قانون تركيبها ونشأتها الذي هو بمثابة روحِها يبقى حيّا في بذرتها المتناهية في الصغر.
     
    أي إنّ وحدة تلك القوانين لا تفسد ولا تتأثر ضمن جميع التغيرات والتقلبات.
     
    وطالما أن أبسط الأوامر القانونية السارية وأضعفَها مرتبطة بالدوام والبقاء، فيلزم أنّ الروحَ الإنسانية لا ترتبط مع البقاء فحسب بل مع أبدِ الآباد؛ لأن الروح بنص القرآن الكريم: ﴿ مِنْ اَمْرِ رَبّ۪ي ﴾ آتٍ من عالَم الأمر، فهو قانون ذو شعورٍ وناموسٌ ذو حياة، قد ألبسته القدرةُ الإلهية وجودا خارجيا.
     
    إذن فكما أن القوانين غيرَ ذات الشعور الآتية من عالم «الأمر» وصفة «الإرادة» تظلُّ باقيةً دائما أو غالبا، فكذلك الروحُ، التي هي صنوُها، آتية من عالم «الأمر». وهي تجلٍّ لصفة «الإرادة». فهي أليقُ بالبقاء وأصلحُ له. أي إنّ بقاءها أولى بالثبوت والقطعية؛ لأن لها وجودا وامتلاكا للحقيقة الخارجية، وهي أقوى من جميع القوانين وأعلى مرتبةً منها، ذلك لأن لها شعورا، وهي أدوَم وأثمنُ قيمةً منها لأنها تمتلك الحياة.
     
    <span id="İKİNCİ_ESAS"></span>
    === الأساس الثاني ===
     
    إنّ هناك ضرورةً ومقتضىً للحياة الأخرى.. وإن الذي يهب تلك الحياة والسعادة الأبدية قادر مقتدر.. وإن دمارَ العالم وموتَ الدنيا ممكن.. وإنه سيقع فعلا.. وإن الحشرَ وبعثَ العالم من جديد ممكن أيضا.. وإنه ستقع هذه الواقعة فعلا.
     
    فهذه ستُّ مسائل. سنبيّنها بالتعاقب باختصار يقنع العقلَ، علما أننا قد سقنا في «الكلمة العاشرة» براهينَ جعلت القلوبَ ترقى إلى مرتبة الإيمان الكامل. ولكننا هنا نتناولها فحسب بما يقنع العقل ويبهتُه، كما فعل «سعيد القديم» في رسالة «نقطة من نور معرفة الله جلّ جلالُه».
     
    نعم، إن هناك ما يقتضي الحياةَ الأخرى،
     
    وإن هناك مبررا للسعادة الأبدية، وإن البرهان القاطع الدّال على هذه الضرورة حدس يترشح من عشرة ينابيعَ ومداراتٍ:
     
    المدار الأول
     
    إذا تأملنا في أرجاء الكون نرى أن هناك نظاما كاملا وتناسقا بديعا مقصودا في جميع أجزائه. فنشاهد رشحاتِ الإرادة والاختيار، ولمعاتِ القصد في كل جهة.. حتى نبصر نورَ «القصد» في كل شيء، وضياءَ «الإرادة» في كل شأن، ولمعانَ «الاختيار» في كل حركة، وشعلةَ «الحكمة» في كل تركيب.
     
    فشهادةُ ثمرات كل ما سبق تلفتُ الأنظار. وهكذا إن لم يكن هناك حياة أخرى وسعادة خالدة، فماذا يعنى هذا النظام الرصين؟ إنه سيبقى مجرّدَ صورةٍ ضعيفة باهتة واهية، وسيكون نظاما كاذبا دون أساس، وستذهب المعنوياتُ والروابط والنِسب -التي هي روح ذلك النظام والتناسق البديع- هباءً منثورا.. أي إن الحياةَ الأخرى والسعادةَ الأبدية، هي التي جعلت هذا «النظام» نظاما فعلا وأعطت له معنىً، لذا فنظامُ العالم هذا يشير إلى تلك السعادة الأبدية وحياة الخلود.
     
    المدار الثاني
     
    إنّ في خلق الكائنات تتضح حكمة جليّة. نعم، إن الحكمة الإلهية التي ترمز إلى عنايته الأزلية واضحة وضوحا تاما؛ فرعايةُ مصالح كل كائن، والتزامُ الفوائد والحِكَم فيها ظاهرة جلية في الجميع، وهي تعلن، بلسان حالها، أنّ السعادة الأبدية موجودة؛
     
    ذلك إن لم تكن هناك حياة أخرى أبدية فيجب أن ننكر -مكابرين ومعاندين- كلَّ ما في هذه الكائنات من الحِكَم والفوائد الثابتة البديهية.
     
    نقتصر على هذا مكتفين بالحقيقة العاشرة «للكلمة العاشرة» فقد أظهرت هذه الحقيقةَ كالشمس.
     
    المدار الثالث
     
    لقد ثبت عقلا وحكمةً واستقراءً وتجربةً: أنه لا عبثيةَ ولا إسرافَ في خلق الموجودات، وأنّ عدمَهما يشير إلى السعادة الأبدية والدار الآخرة. والدليلُ على أنه ليس في الفطرة إسراف ولا في الخلق عبث، هو أن الخالقَ سبحانه وتعالى قد اختار لخلق كلِّ شيء أقربَ طريق، وأدنى جهةٍ، وأرقَّ صورة، وأجملَ كيفية. فقد يسند إلى شيء واحد مائةَ وظيفة، وقد يعلّق على شيء دقيق واحد ألفا من الغايات والنتائج.
     
    فما دام ليس هناك إسراف، ولا يمكن أن يكون هناك عبث، فلابدّ أن تتحقق تلك الحياةُ الأخرى الأبدية. وذلك إن لم يكن هناك رجوع إلى الحياة من جديد، فإنّ العدمَ يحوّل كلَّ شيء إلى عبث، بمعنى أنّ كلَّ شيء كان إسرافا وهدرا. إلّا أن عدمَ الإسراف الثابت حسب علم وظائف الأعضاء في الفطرة جميعِها، ومنها الإنسان، لَيبيّن لنا أنه لا يمكن أن تذهب هباءً، فيكون إسرافا جميعُ الاستعداداتِ المعنوية، والآمالِ غير النهائية، والأفكارِ والميول..
     
    حيث إن الميلَ الأصيل إلى التكامل المغروس في أعماق الإنسان يُفصح عن وجودِ كمالٍ معين، وأن ميلَه وتطلّعه إلى السعادة يعلن إعلانا قاطعا عن وجودِ سعادة خالدة وأنه المرشّح لهذه السعادة.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فإن لم يكن الأمر هكذا، فالمعنوياتُ الرصينة والآمالُ الراقية السامية التي تؤسس ماهيةَ الإنسان الحقيقية تكون كلُّها -حاشَ لله- إسرافا وعبثا وتذهبُ هباءً، خلافا للحكمة الموجودة في جميع الخلق.
    '''Ruh, kat’iyen bâkidir.'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نكتفي هنا بهذا القدر لأننا قد أثبتناها سابقا في الحقيقة الحادية عشرة من «الكلمة العاشرة».
    Birinci maksattaki melâike ve ruhanîlerin vücudlarına delâlet eden hemen bütün deliller, şu meselemiz olan beka-i ruha dahi delildirler. Bence mesele o kadar kat’îdir ki fazla beyan abes olur. Evet, şu âlem-i berzahta, âlem-i ervahta bulunan ve âhirete gitmek için bekleyen hadsiz ervah-ı bâkiye kafileleri ile bizim mabeynimizdeki mesafe o kadar ince ve kısadır ki bürhan ile göstermeye lüzum kalmaz. Hadd ü hesaba gelmeyen ehl-i keşfin ve şuhudun onlarla temas etmeleri, hattâ ehl-i keşfe’l-kuburun onları görmeleri, hattâ bir kısım avamın da onlarla muhabereleri ve umumun da rüya-yı sadıkada onlarla münasebet peyda etmeleri, muzaaf tevatürler suretinde âdeta beşerin ulûm-u mütearifesi hükmüne geçmiştir. Fakat şu zamanda maddiyyun fikri herkesi sersem ettiğinden, en bedihî bir şeyde zihinlere vesvese vermiş.İşte şöyle vesveseleri izale için; hads-i kalbînin ve iz’an-ı aklînin pek çok menbalarından, '''bir mukaddime''' ile '''dört menbaına''' işaret edeceğiz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المدار الرابع
    '''Mukaddime'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنّ التبدلات والتحولات التي تحدث في كثير من الأنواع، حتى في الليل والنهار، وفي الشتاء والربيع، وفي الهواء، وحتى في جسد الإنسان خلال حياته، و النومِ الذي هو أخو الموت.. تشابه الحشر والنشر، وهي نوع من القيامة لكلٍّ منها، وتُشعِر بحدوث القيامة الكبرى وتُخبر عنها رمزا.
    Onuncu Söz’ün Dördüncü Hakikati’nde ispat edildiği gibi ebedî, sermedî, misilsiz bir cemal, elbette âyinedar müştakının ebediyetini ve bekasını ister. Hem kusursuz, ebedî bir kemal-i sanat, mütefekkir dellâlının devamını talep eder. Hem nihayetsiz bir rahmet ve ihsan, muhtaç müteşekkirlerinin devam-ı tena’umlarını iktiza eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فمثلما ساعاتُنا تعدُّ اليوم، والساعة، والدقيقة، والثانية بحركة تروسها فتُخبر عقاربُها بحركتها عن كل واحدة منها، وبالتي تليها -أي إنّ كلّ واحدة منها مقدمة للتي تليها- كذلك هذه الدنيا فهي كساعة إلهيةٍ عظيمة، تعمل بدورانِها وتعاقبها على عدّ الأيام والسنين فتُخبر كلّ منها عن التي تليها وهي مقدمة لها. فكما أنها تُحدث الصبحَ بعد الليل، والربيعَ بعد الشتاء، كذلك تُخبرنا رمزا عن حدوث صبحِ القيامة بعد الموت وصدورِها من تلك الساعة العظمى.
    İşte o âyinedar müştak, o dellâl mütefekkir, o muhtaç müteşekkir; en başta ruh-u insanîdir. Öyle ise ebedü’l-âbâd yolunda; o cemal, o kemal, o rahmete refakat edecek, bâki kalacaktır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهناك أشكال مختلفة كثيرة من أنواع القيامة يـمرّ بها الإنسانُ في فترة حياته، ففي كل ليلة هناك نوع من الموت وفي الصباح يرى نوعا من البعث، أي إنه يرى ما يشبه أمارات الحشر، بل إنه يرى كيف تتبدّل جميعُ ذرات جسمه في بضع سنين، حتى إنه يرى نموذجَ قيامةٍ وحشرٍ تدريجيين مرتين في السنة الواحدة من تلك التبدلات التي تحصل في أجزاء جسمه جميعها.
    Yine Onuncu Söz’ün Altıncı Hakikati’nde ispat edildiği gibi değil ruh-u beşer, hattâ en basit tabakat-ı mevcudat dahi fena için yaratılmamışlar; bir nevi bekaya mazhardırlar. Hattâ ruhsuz, ehemmiyetsiz bir çiçek dahi vücud-u zâhirîden gitse bin vecihle bir nevi bekaya mazhardır. Çünkü sureti, hadsiz hâfızalarda bâki kalır. Kanun-u teşekkülatı, yüzer tohumcuklarında beka bulup devam eder. Madem bir parçacık ruha benzeyen o çiçeğin kanun-u teşekkülü, timsal-i sureti, bir Hafîz-i Hakîm tarafından ibka ediliyor. Dağdağalı inkılablar içinde kemal-i intizam ile zerrecikler gibi tohumlarında muhafaza ediliyor, bâki kalır. Elbette gayet cem’iyetli ve gayet yüksek bir mahiyete mâlik ve haricî vücud giydirilmiş ve zîşuur ve zîhayat ve nurani kanun-u emrî olan ruh-u beşer, ne derece kat’iyetle bekaya mazhar ve ebediyetle merbut ve sermediyetle alâkadar olduğunu anlamazsan, nasıl “Zîşuur bir insanım.” diyebilirsin?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ويشاهد كذلك الحشرَ والنشور والقيامة النوعية في كلِّ ربيع في أكثر من ثلاثمائة ألف من أنواع النباتات والحيوانات.. فهذا الحشدُ من الأمارات والإشارات التي لا تحدّ على الحشر، وهذا الحدّ من العلامات والرموز التي لا تحصى على النشور.. ما هو إلّا بمثابة ترشحات للقيامة الكبرى تشير إلى الحشر الأكبر. فحدوث مثل هذه القيامة النوعية وما يشبه الحشر والنشور في الأنواع، من قِبَل الخالق الحكيم، بإحيائه جميعَ الجذور وقسما من الحيوانات بعينِها، وإعادته سبحانه سائرَ الأشياء والأوراق والأزهار والأثمار بمثلِها، يمكن أن يكون دليلا على القيامة الشخصية لكلِّ فردٍ إنساني ضمن القيامة العامة.
    Evet, koca bir ağacın bir derece ruha benzeyen programını ve kanun-u teşekkülatını, bir nokta gibi en küçük çekirdekte dercedip muhafaza eden bir Zat-ı Hakîm-i Zülcelal, bir Zat-ı Hafîz-i Bîzeval hakkında “Vefat edenlerin ruhlarını nasıl muhafaza eder?” denilir mi?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    حيث إن «الفرد» الإنساني يقـابل «النوع» من الكائنات الأخرى؛ لأن نورَ الفكر أعطى من السعة العظيمة لآماله وأفكاره بحيث يتمكن أن يحيطَ بالماضي والمستقبل، بل إذا ابتلع الدنيا لا يشبعُ.. أما في الأنواع الأخرى فماهيّة الفرد جزئية، وقيمتُه شخصية، ونظرُه محدود، وعقلُه محصور، وألمُه آني، ولذته وقتية، بينما البشر ماهيتُه سامية، وميزاتُه راقية وقيمته غالية، ونظره شامل عام، وكماله لا يحدّه شيء، وقسم من آلامه ولذاته المعنوية دائمة؛
    '''BİRİNCİ MENBA'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولهذا فإن ما يشاهَد من تكرار أشكال القيامة والحشر في سائر الأنواع يُخبر ويرمز إلى أن كلَّ فرد إنساني يُعاد بعينه ويُحشَر في القيامة الكبرى العامة.
    Enfüsîdir. Yani, herkes hayatına ve nefsine dikkat etse bir ruh-u bâkiyi anlar. Evet her bir ruh, kaç sene yaşamış ise o kadar beden değiştirdiği halde, bilbedahe aynen bâki kalmıştır. Öyle ise madem ceset gelip geçicidir. Mevt ile bütün bütün çıplak olmak dahi ruhun bekasına tesir etmez ve mahiyetini de bozmaz. Yalnız müddet-i hayatta tedricî ceset libasını değiştiriyor. Mevtte ise birden soyunur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولما كنا قد أثبتنا هذا في الحقيقة التاسعة من «الكلمة العاشرة» بشكل قطعي كمن يثبت حاصل ضرب الاثنين في اثنين يساوي أربعا فقد أوجزناه هنا.
    Gayet kat’î bir hads ile belki müşahede ile sabittir ki ceset ruh ile kaimdir. Öyle ise ruh, onun ile kaim değildir. Belki ruh, binefsihi kaim ve hâkim olduğundan; ceset istediği gibi dağılıp toplansın, ruhun istiklaliyetine halel vermez. Belki ceset, ruhun hanesi ve yuvasıdır, libası değil. Belki ruhun libası bir derece sabit ve letafetçe ruha münasip bir gılaf-ı latîfi ve bir beden-i misalîsi vardır. Öyle ise mevt hengâmında bütün bütün çıplak olmaz, yuvasından çıkar, beden-i misalîsini giyer.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المدار الخامس
    '''İKİNCİ MENBA'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    يرى العلماء المحققون أن أفكار البشر وتصوراتِه الإنسانيةَ التي لا تتناهى المتولّدةَ من آماله غير المتناهية، الحاصلةَ من ميوله التي لا تُحد، الناشئةَ من قابلياته غير المحصورة، المندمجةَ في استعداداته الفطرية غير المحدودة، المندرجةَ في جوهر روحه، كلُّ منها تمدّ أصابعَها فتشير وتحدُق ببصرِها فتتوجّه إلى عالم السعادة الأبدية وراء عالم الشهادة هذا.
    Âfakîdir. Yani, mükerrer müşahedat ve müteaddid vakıat ve kerrat ile münasebattan neş’et eden bir nevi hükm-ü tecrübîdir. Evet, tek bir ruhun ba’de’l-memat bekası anlaşılsa şu ruh nevinin külliyetle bekasını istilzam eder. Zira fenn-i mantıkça kat’îdir ki: Zatî bir hâssa, bir tek fertte görünse bütün efradda dahi o hâssanın vücuduna hükmedilir. Çünkü zatîdir. Zatî olsa, her fertte bulunur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالفطرةُ التي لا تكذب أبدا والتي فيها ما فيها من ميلٍ شديد قطعي لا يتزحزحُ إلى السعادة الأخروية الخالدة تعطي للوجدان حدسا قطعيا على تحقق الحياةِ الأخرى والسعادة الأبدية.
    Halbuki değil bir fert, belki o kadar hadsiz, o kadar hesaba, hasra gelmez müşahedata istinad eden âsâr ve beka-i ervaha delâlet eden emarat, o derece kat’îdir ki bize nasıl Yeni Dünya, yani Amerika var ve orada insanlar bulunur; o insanların vücudlarına hiç vehim hatıra gelmez. Öyle de şüphe kabul etmez ki şimdi âlem-i melekût ve ervahta; ölmüş, vefat etmiş insanların ervahı pek çok kesretle vardır ve bizimle münasebettardırlar. Manevî hedâyâmız onlara gidiyor, onların nurani feyizleri de bizlere geliyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نكتفي هنا بهذا القدر حيث أظهرت الحقيقةُ الحادية عشرة من «الكلمة العاشرة» هذه الحقيقة واضحة كالنهار.
    Hem hads-i kat’î ile vicdanen hissedilebilir ki insan öldükten sonra esaslı bir ciheti bâkidir. O esas ise ruhtur. Ruh ise tahrip ve inhilale maruz değil. Çünkü basittir, vahdeti var. Tahrip ve inhilal ve bozulmak ise kesret ve terkip edilmiş şeylerin şe’nidir. Sâbıkan beyan ettiğimiz gibi hayat, kesrette bir tarz-ı vahdeti temin eder, bir nevi bekaya sebebiyet verir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المدار السادس
    Demek vahdet ve beka, ruhta esastır ki ondan kesrete sirayet eder. Ruhun fenası, ya tahrip ve inhilal iledir. O tahrip ve inhilal ise vahdet yol vermez ki girsin, besatet bırakmaz ki bozsun. Veyahut idam iledir. İdam ise Cevvad-ı Mutlak’ın hadsiz merhameti müsaade etmez ve nihayetsiz cûdu bırakmaz ki verdiği nimet-i vücudu o nimet-i vücuda pek müştak ve lâyık olan ruh-u insanîden geri alsın.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنّ رحمة خالق الكون وهو الرحمنُ الرحيم تدل على السعادة الأبدية، نعم، إنّ التي جعلت النعمةَ نعمةً فعلا وأنقذَتها من النقمة، ونجَّت الموجودات من نحيب الفراق الأبدي.. هي السعادةُ الخالدة ودارُ الخلود. وهي من شأن تلك الرحمة التي لا تَحرم البشرَ منها، إذ لو لم توهَب تلك السعادةُ ودارُ الخلود التي هي رأسُ كل نعمة وغايتُها ونتيجتُها الأساس، أي إن لم تُبعَث الدنيا بعد موتها بصورة « آخرة ».. لتحولت جميعُ النِعَم إلى نقَم.. وهذا يستلزم إنكارَ الرحمة الإلهية المشهودة الظاهرة بداهة وبالضرورة في الكون، والثابتةِ بشهادة جميع الكائنات والتي هي الحقيقةُ الثابتة الواضحة وضوحا أسطعَ من الشمس.
    '''ÜÇÜNCÜ MENBA'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فإذا ما افترضتَ أنّ نهايةَ الحياة الإنسانية تصيرُ إلى الفراق الأبدي وإلى العدم، ثم دققّتَ النظر في بعض الآثار اللطيفة لتلك «الرحمة» وأنوارِها في نعمة الحب والحنان والعقل.. فإنك ترى أن تلك المحبةَ تُصبح مصيبةً كبرى.. وذلك الحنانَ اللذيذ يكون داءً وبيلا.. وذلك العقلَ النوراني يكون بلاءً عظيما..
    Ruh; zîhayat, zîşuur, nurani, vücud-u haricî giydirilmiş, câmi’, hakikattar, külliyet kesbetmeye müstaid bir kanun-u emrîdir. Halbuki en zayıf olan kavanin-i emriye, sebat ve bekaya mazhardırlar. Çünkü dikkat edilse maruz-u tagayyür olan bütün nevilerde birer hakikat-i sabite vardır ki bütün tagayyürat ve inkılabat ve etvar-ı hayat içinde yuvarlanarak suretler değiştirip, ölmeyerek, yaşayarak bâki kalıyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالرحمةُ إذن -لأنها رحمةُ- لا يمكن أن تقابِل المحبةَ الحقيقية بذلك الفراق الأبدي والعدم. أي لابد من حياة أخرى..
    İşte her bir şahs-ı insanî, mahiyetinin câmiiyetiyle ve küllî şuuruyla ve umumî tasavvuratıyla bir şahıs iken bir nevi hükmüne geçmiştir. Bir nev’e gelen ve cari olan kanun, o şahs-ı insanîde dahi caridir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    لخّصنا هذه الحقيقة هنا حيث إن الحقيقة الثانية من «الكلمة العاشرة» قد أوضحتها بكل جمال ووضوح.
    Madem Fâtır-ı Zülcelal, insanı câmi’ bir âyine ve küllî bir ubudiyetle ve ulvi bir mahiyetle yaratmıştır. Her fertteki hakikat-i ruhiye, yüz binler suret değiştirse izn-i Rabbanî ile ölmeyecek, yaşayarak geldiği gibi gidecek. Öyle ise o şahs-ı insanînin hakikat-i zîşuuru ve unsur-u zîhayatı olan ruhu dahi Allah’ın emriyle, izniyle ve ibkasıyla daima bâkidir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المدار السابع
    '''DÖRDÜNCÜ MENBA'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنّ جميعَ المحاسن وجميع الكمالات وجميع الأشواق واللطائف وجميع الانجذابات والترحّمات التي نعلمها ونراها في هذه الكائنات ما هي إلّا معانٍ، ومضامينُ، وكلمات معنوية، تبيّن للقلب بكل وضوح وتُظهر للعقل بكل جلاء، أنها تجلياتُ كرمِ الخالق الجليل وإحسانِه، وأنها تجلياتُ رحمتِه الخالدة ولطفه الدائم سبحانه.
    Ruha bir derece müşabih ve ikisi de âlem-i emirden ve iradeden geldiklerinden masdar itibarıyla ruha bir derece muvafık fakat yalnız vücud-u hissî olmayan nevilerde hükümran olan kavanine dikkat edilse ve o namuslara bakılsa görünür ki eğer o kanun-u emrî, vücud-u haricî giyse idi o nevilerin birer ruhu olurdu. Halbuki o kanun daima bâkidir. Daima müstemir, sabittir. Hiçbir tagayyürat ve inkılabat, o kanunların vahdetine tesir etmez, bozmaz. Mesela, bir incir ağacı ölse, dağılsa onun ruhu hükmünde olan kanun-u teşekkülatı, zerre gibi bir çekirdeğinde ölmeyerek bâki kalır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولما كانت هناك «حقيقة» ثابتة في عالمنا، ورحمة حقيقية واضحة بالبداهة، فلابد أن ستكون السعادةُ الأبدية. وقد أوضحت الحقيقة الرابعة مع الثانية من «الكلمة العاشرة» هذه الحقيقة كالشمس.
    İşte madem en âdi ve zayıf emrî kanunlar dahi böyle beka ile devam ile alâkadardır. Elbette ruh-u insanî, değil yalnız beka ile belki ebedü’l-âbâd ile alâkadar olmak lâzım gelir. Çünkü ruh dahi Kur’an’ın nassı ile   قُلِ الرُّوحُ مِن۟ اَم۟رِ رَبّٖى   ferman-ı celili ile âlem-i emirden gelmiş bir kanun-u zîşuur ve bir namus-u zîhayattır ki kudret-i ezeliye, ona vücud-u haricî giydirmiş.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المدار الثامن
    Demek, nasıl ki sıfat-ı iradeden ve âlem-i emirden gelen şuursuz kavanin, daima veya ağleben bâki kalıyor. Aynen onların bir nevi kardeşi ve onlar gibi sıfat-ı iradenin tecellisi ve âlem-i emirden gelen ruh, bekaya mazhar olmak daha ziyade kat’îdir, lâyıktır. Çünkü zîvücuddur, hakikat-i hariciye sahibidir. Hem onlardan daha kavîdir, daha ulvidir. Çünkü zîşuurdur. Hem onlardan daha daimîdir, daha kıymettardır. Çünkü zîhayattır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنّ الوجدان الشاعر للإنسان الذي هو فطرتُه، يدلّ على الحياة الأخرى ويرنو إلى السعادة الأبدية.
    === İKİNCİ ESAS ===
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إنّ الذي يصغي إلى وجدانه اليقظ فإنه يسمع حتما صوت «الأبد.. الأبد» حتى إذا ما أعطي كلُّ ما في الكائنات لذلك الوجدان فإنه لا يسدّ حاجتَه إلى الأبد.
    Saadet-i ebediyeye muktezî vardır. Ve o saadeti verecek Fâil-i Zülcelal de muktedirdir. Hem harab-ı âlem, mevt-i dünya mümkündür. Hem vaki olacaktır. Yeniden ihya-yı âlem ve haşir, mümkündür. Hem vaki olacaktır. İşte bu altı meseleyi, birer birer aklı ikna edecek muhtasar bir tarzda beyan edeceğiz. Zaten Onuncu Söz’de kalbi, iman-ı kâmil derecesine çıkaracak derecede bürhanlar zikredilmiştir. Şurada ise yalnız aklı ikna edecek, susturacak, Eski Said’in Nokta Risalesi’ndeki beyanatı tarzında bahsedeceğiz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بمعنى أن ذلك الوجدان مخلوق لذلك الأبد، وأن هذا الجذب والانجذاب الوجداني لا يكون إلّا بجذبٍ من غاية حقيقية وبجاذب حقيقي.
    '''Evet, saadet-i ebediyeye muktezî mevcuddur.'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وقد أظهرت خاتمةُ الحقيقة الحادية عشرة من «الكلمة العاشرة» هذه الحقيقة.
    O muktezînin vücuduna delâlet eden bürhan-ı kat’î on menba ve medardan süzülen bir hadstir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المدار التاسع
    '''BİRİNCİ MEDAR'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنّ كلام النبي الصادق المصدَّق المصدوق محمد العربي الهاشمي عليه أفضل الصلاة والسلام قد فتح أبوابَ السعادة الأبدية، وإن أحاديثَه الشريفة نوافذُ مفتّحة على تلك السعادة الخالدة تطلّ عليها،
    Dikkat edilse şu kâinatın umumunda bir nizam-ı ekmel, bir intizam-ı kasdî vardır. Her cihette reşehat-ı ihtiyar ve lemaat-ı kasd görünür. Hattâ her şeyde bir nur-u kasd, her şe’nde bir ziya-yı irade, her harekette bir lem’a-i ihtiyar, her terkipte bir şule-i hikmet, semeratının şehadetiyle nazar-ı dikkate çarpıyor. İşte eğer saadet-i ebediye olmazsa şu esaslı nizam, bir suret-i zaîfe-i vâhiyeden ibaret kalır. Yalancı, esassız bir nizam olur. Nizam ve intizamın ruhu olan maneviyat ve revabıt ve niseb, heba olup gider. Demek nizamı nizam eden, saadet-i ebediyedir. Öyle ise nizam-ı âlem, saadet-i ebediyeye işaret ediyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهو إذ يملك قوةَ إجماع الأنبياء عليهم السلام جميعهِم وتواترَ الأولياء الصادقين كلّهِم، فقد رَكّز بيقين راسخ كلَّ دعواه، بكل قواه، بعد توحيد الله، على هذه النقطة الأساس، وهي الحشرُ والحياةُ الآخرة. فهل هناك شيء يمكن أن يزحزح هذه القوة الصامدة؟.
    '''İKİNCİ MEDAR'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وقد أوضحت الحقيقة الثانية عشرة من «الكلمة العاشرة» هذه الحقيقة بوضوح تام.
    Hilkat-i kâinatta bir hikmet-i tamme görünüyor. Evet, inayet-i ezeliyenin timsali olan hikmet-i İlahiye, kâinatın umumunda gösterdiği maslahatların riayeti ve hikmetlerin iltizamı lisanı ile saadet-i ebediyeyi ilan eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المدار العاشر
    Çünkü saadet-i ebediye olmazsa şu kâinatta bilbedahe sabit olan hikmetleri, faydaları, mükâbere ile inkâr etmek lâzım gelir. Onuncu Söz’ün Onuncu Hakikati, bu hakikati güneş gibi gösterdiğinden, ona iktifaen burada ihtisar ederiz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهو البلاغ المُبين للقرآن الكريم الذي حافظ على إعجازه -بسبعة أوجه- طوال ثلاثة عشر قرنا وما زال، كما أثبتنا أربعين نوعا من إعجازه في «الكلمة الخامسة والعشرين».
    '''ÜÇÜNCÜ MEDAR'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إنّ إخبارَ القرآن نفسِه عن الحشر الجسماني هو تنوير كافٍ وكشف بيّن له، فهو المفتاح للحكمة المُودَعة في الكائنات وللسرّ المغلق للعالم. ولقد دعا هذا القرآنُ العظيم مرارا إلى التفكر ولَفت الأنظار إلى آلافٍ من البراهين العقلية القطعية.
    Akıl ve hikmet ve istikra ve tecrübenin şehadetleri ile sabit olan hilkat-i mevcudattaki adem-i abesiyet ve adem-i israf, saadet-i ebediyeye işaret eder. Fıtratta israf ve hilkatte abesiyet olmadığına delil, Sâni’-i Zülcelal’in her şeyin hilkatinde en kısa yolu ve en yakın ciheti ve en hafif sureti ve en güzel keyfiyeti ihtiyar ve intihab etmesidir ve bazen bir şeyi, yüz vazife ile tavzif etmesidir ve bir ince şeye bin meyve ve gayeleri takmasıdır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالآيات الكريمة مثلا: ﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ اَطْوَارًا ﴾ (نوح:١٤) ﴿ قُلْ يُحْي۪يهَا الَّذ۪ٓي اَنْشَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍۜ  ﴾ (يس:٧٩) إنما هي نماذج للقياس التمثيلي. وإن ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَب۪يدِ ﴾ (فصلت:٤٦) نموذج آخر يشير إلى دليل العدالة في الكون، وآيات كثيرة أخرى قد وضعت فيها نظاراتُ «مراصد» ذات عدسات مكبّرة كثيرة كي تنظر بإمعان من خلالها إلى السعادة الأبدية في الحشر الجسماني.
    Madem israf yok ve abesiyet olmaz, elbette saadet-i ebediye olacaktır. Çünkü dönmemek üzere adem, her şeyi abes eder, her şey israf olur. Umum fıtratta, ezcümle insanda, fenn-i menafiü’l-aza şehadetiyle sabit olan adem-i israf gösteriyor ki insanda olan hadsiz istidadat-ı maneviye ve nihayetsiz âmâl ve efkâr ve müyulat dahi israf edilmeyecektir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وقد أوضحنا في رسالة «النقطة» القياس التمثيلي الموجود في الآيتين الأوليين مع سائر الآيات الأخرى، وخلاصته:
    Öyle ise insandaki o esaslı meyl-i tekemmül, bir kemalin vücudunu gösterir ve o meyl-i saadet, saadet-i ebediyeye namzet olduğunu kat’î olarak ilan eder. Öyle olmazsa insanın mahiyet-i hakikiyesini teşkil eden o esaslı maneviyat, o ulvi âmâl, hikmetli mevcudatın hilafına olarak israf ve abes olur, kurur, hebaen gider. Şu hakikat, Onuncu Söz’ün On Birinci Hakikati’nde ispat edildiğinden kısa kesiyoruz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أنّ الإنسان كلّما انتقل من طورٍ إلى طور مرّ بانقلاباتٍ منتظمة عجيبة، فمن النطفة إلى العلقة ومن العلقة إلى المضغة ومن المضغة إلى العظم ثم اللحم، ومن ثم إلى خلق جديد، أي إن انقلابه إلى صورةِ إنسان يتبَع دساتيرَ دقيقة. فكلُّ طور منها له من القوانين الخاصة والأنظمة المعيّنة والحركات المطّردة، بحيث يشفّ عما تحته من أنوار القصد والإرادة والاختيار والحكمة.
    '''DÖRDÜNCÜ MEDAR'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وعلى الطريقة نفسها فإن الخالق الحكيم يُبدّل هذا الجسد سنويا كتبديل الثياب، فيكون هذا الجسدُ بحاجة إلى تركيب جديد كي يتبدّل ويبقى حيّا، وبحاجة إلى إحلال ذراتٍ فعّالة جديدة محلَّ ما انحلّ من الأجزاء؛ لذا فكما أن الجسد تنهدم حجيراتُه بقانون إلهي منتظم، كذلك يحتاج إلى مادة لطيفةٍ باسم «الرزق» كي يعمر من جديد بقانون إلهي ربّاني دقيق.. فالرزّاق الحقيقي يوزع ويقسم، بقانون خاص، لكل عضو من أعضاء الجسد المختلفة، وبنسبة معينة، ما يحتاجه من المواد المتباينة.
    Pek çok nevilerde, hattâ gece ve gündüzde, kış ve baharda ve cevv-i havada hattâ insanın şahıslarında, müddet-i hayatında değiştirdiği bedenler ve mevte benzeyen uyku ile haşir ve neşre benzer birer nevi kıyamet, bir kıyamet-i kübranın tahakkukunu ihsas ediyor, remzen haber veriyorlar.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    والآن انظر إلى أطوار تلك المادة اللطيفة المرسَلة من قِبل الرزاق الحكيم تَرَ أن ذرّات تلك المادة هي كقافلةٍ منتشرة في الغلاف الجوّي.. في الأرض.. في الماء.. فبينما هي مبعثرة هنا وهناك، إذا بها تُستَنفر فتتجمع بكيفيةٍ خاصة، وكأن كلَّ ذرة منها هي مسؤولة عن وظيفة أرسلت إلى مكان معيّن بواجب رسمي، فتجتمع مع بعضها في غاية الانتظام، مما يوحي بأنها حركة مقصودة، فسلوكُها هذا يبيّن:
    Evet mesela, haftalık bizim saatimizin saniye ve dakika ve saat ve günlerini sayan çarklarına benzeyen; Allah’ın dünya denilen büyük saatindeki yevm, sene, ömr-ü beşer, deveran-ı dünya, birbirine mukaddime olarak birbirinden haber veriyor, döner işlerler. Geceden sonra sabahı, kıştan sonra baharı işledikleri gibi mevtten sonra subh-u kıyamet, o destgâhtan, o saat-i uzmadan çıkacağını remzen haber veriyorlar.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أنّ فاعلا ذا إرادة يسوق تلك الذرات، بقانونه الخاص، من عالم الجمادات إلى عالم الأحياء. وهنا بعد أن دخلت جسما معينا، رزقا له، تسير وفقَ نُظُم معينةٍ وحركات مطردةٍ وحسب دساتيرَ خاصة، إذ بعد أن تنضج في أربعة مطابخ وتُمرّر بأربعة انقلابات عجيبة وتصفّى بأربعة مصاف، تُهيّأ للتوزيع إلى أقطار الجسم وأعضائه المختلفة حسب الحاجات المتباينة لكل عضو، وتحت رعاية الرزاق الحقيقي وعنايته وبقوانينه المنتظمة.
    Bir şahsın müddet-i ömründe başına gelmiş birçok kıyamet çeşitleri vardır. Her gece bir nevi ölmekle, her sabah bir nevi dirilmekle emarat-ı haşriye gördüğü gibi beş altı senede bi’l-ittifak bütün zerratını değiştirerek, hattâ bir senede iki defa tedricî bir kıyamet ve haşir taklidini görmüş. Hem hayvan ve nebat nevilerinde üç yüz binden ziyade haşir ve neşir ve kıyamet-i neviyeyi her baharda müşahede ediyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فإذا تأملت بعين الحكمة أية ذرّةٍ من تلك الذرات فإنك سترى أن الذي يسوق تلك الذرّة ويسيّرُها إنما يسوقُها بكل بصيرة، وبكل نظام، وبملء السمع والعلم المحيط.. فلا يمكن بحال من الأحوال أن يتدخل فيه «الاتفاقُ الأعمى» و«الصدفةُ العشواء» و«الطبيعة الصمّاء» و«الأسباب غير الواعية»؛ لأن كل ذرة من الذرات عندما دخلت إلى أي طور من الأطوار، ابتداءً من كونها عنصرا في المحيط الخارجي وانتهاءً إلى داخل الخلية الصغيرة من الجسم، كأنما تعمل بإرادة وباختيار حسب القوانين المعيّنة في كل طور من تلك الأطوار. إذ هي حينما تدخل فإنها تدخل بنظام، وعندما تسير في أية مرتبة من المراتب فإنها تسير بخطواتٍ منتظمة إلى درجة تظهر جليا كأن أمرَ سائقٍ حكيمٍ يسوقها.
    İşte bu kadar emarat ve işarat-ı haşriye ve bu kadar alâmat ve rumuzat-ı neşriye elbette kıyamet-i kübranın tereşşuhatı hükmünde, o haşre işaret ediyorlar. Bir Sâni’-i Hakîm tarafından nevilerde böyle kıyamet-i neviyeyi yani bütün nebatat köklerini ve bir kısım hayvanları aynen baharda ihya etmek ve yaprakları ve çiçekleri ve meyveleri gibi sair bir kısım şeyleri aynıyla değil, misliyle iade ederek bir nevi haşir ve neşir yapmak; her bir şahs-ı insanîde kıyamet-i umumiye içinde bir kıyamet-i şahsiyeye delil olabilir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا وبكل انتظام، كلّما سارت الذرةُ من طور إلى طور ومن مرتبة إلى أخرى لا تحيد عن الهدف المقصود، حتى تصل إلى المقام المخصّص لها بأمرٍ ربّاني في قزحيةِ عين «توفيق» (<ref>
    Çünkü insanın bir tek şahsı, başkasının bir nev’i hükmündedir. Zira fikir nuru, insanın âmâline ve efkârına öyle bir genişlik vermiş ki mazi ve müstakbeli ihata eder. Dünyayı dahi yutsa tok olmaz. Sair nevilerde fertlerin mahiyeti cüz’iyedir, kıymeti şahsiyedir, nazarı mahduddur, kemali mahsurdur, lezzeti ve elemi ânidir. Beşerin ise mahiyeti ulviyedir, kıymeti gâliyedir, nazarı âmmdır, kemali hadsizdir, manevî lezzeti ve elemi kısmen daimîdir.
    من تلاميذ الأستاذ النورسي الأوائل، وأحد كتّاب رسائل النور.
    </div>
    </ref>) مثلا.. وهناك تقف لتُنجز وظائفَها الخاصة وتؤدي ما أنيط بها من أعمال.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا فإن تجلّى الربوبية في الأرزاق، يبيّن أن تلك الذرات، منذ البداية، كانت معيّنةً ومأمورةً، وكانت مسؤولةً عن وظيفة، وكانت مهيّأةً مستعدةً للوصول إلى تلك المراتب المخصصة لها. وكأن كلّ ذرة مكتوب على جبينها ما ستؤولُ إليها، أي أنها ستكون رزقا للخلية الفلانية.
    Öyle ise bilmüşahede sair nevilerde tekerrür eden bir çeşit kıyametler ve haşirler; şu kıyamet-i kübra-yı umumiyede, her şahs-ı insanî aynıyla iade edilerek haşredilmesine remzeder, haber verir. Onuncu Söz’ün Dokuzuncu Hakikati’nde iki kere iki dört eder derecesinde kat’iyet ile ispat edildiğinden burada ihtisar ederiz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    مما يشير لنا هذا النظامُ الرائع إلى أن اسمَ كلِّ إنسان مكتوب على رزقه، كما أن رزقَه مكتوب على جبينه بقلم القدر. فهل من الممكن أنّ الربّ الرحيم ذا القدرةِ المطلقة والحكمةِ المحيطة ألّا يُنشئ «النشأةَ الأخرى»؟
    '''BEŞİNCİ MEDAR'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أو يعجِز عنها؟ وهو الذي له مُلك السماوات والأرض وهنّ مطويات بيمينه من الذرات إلى المجرات ويديرُها جميعا ضمن نظام مُحكم وميزان دقيق.. فسبحان الله عما يصفون.
    Beşerin cevher-i ruhunda derc edilmiş gayr-ı mahdud istidadat ve o istidadatta mündemic olan gayr-ı mahsur kabiliyetler ve o kabiliyetlerden neş’et eden hadsiz meyiller ve o hadsiz meyillerden hasıl olan nihayetsiz emeller ve o nihayetsiz emellerden tevellüd eden gayr-ı mütenahî efkâr ve tasavvurat-ı insaniye, şu âlem-i şehadetin arkasında bulunan saadet-i ebediyeye elini uzatmış, ona gözünü dikmiş, o tarafa müteveccih olmuş olduğunu ehl-i tahkik görüyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    لذلك فإن كثيرا من آيات القرآن الكريم تُلفت نظرَ الإنسان إلى «النشأة الأولى» الحكيمة كمَثَلٍ قياسي لـ«لنشأة الأخرى» في الحشر والقيامة، وذلك كي تستبعد إنكارَها من ذهن الإنسان فتقول: ﴿ قُلْ يُحْي۪يهَا الَّذ۪ٓي اَنْشَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍۜ .. ﴾ (يس:٧٩) أي إن الذي أنشأكم -ولم تكونوا شيئا يذكر- على هذه الصورة الحكيمة هو الذي يحييكم في الآخرة.
    İşte hiç yalan söylemeyen fıtrat ve fıtrattaki şu kat’î ve şedit ve sarsılmaz meyl-i saadet-i ebediye, saadet-i ebediyenin tahakkukuna dair vicdana bir hads-i kat’î veriyor. Onuncu Söz’ün On Birinci Hakikati, bu hakikati gündüz gibi gösterdiğinden kısa kesiyoruz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وتقول: ﴿ وَهُوَ الَّذ۪ي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُع۪يدُهُ وَهُوَ اَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ (الروم:٢٧) أي إنّ إعادَتكم وإحياءَكم في الآخرة هي أسهلُ من خلقكم في الدنيا، إذ كما أن الجنود إذا ما انتشروا وتفرّقوا للاستراحة، يمكن إرجاعهم إلى أماكنهم تحت راية الفرقة بنفخةٍ من البوق العسكري، فجَمعُهم هكذا من الاستراحة في مكان معين أسهلُ بكثير من تكوين فرقةٍ جديدة من الجنود. كذلك فإن الذرات الأساس التي استَأنستْ وارتبط بعضُها بالبعض الآخر بامتزاجها في جسم معين عندما ينفخُ إسرافيل عليه السّلام في صُورِهِ نفخةً واحدةً تهبّ قائلةً: لبّيك لأمر الخالق العظيم، وتجتمع. فاجتماعها بعضها مع البعض الآخر مرة أخرى لا ريب أسهل وأهون عقلا، من إيجاد تلك الذرات أول مرّةً.
    '''ALTINCI MEDAR'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    هذا وقد لا يكون ضروريا اجتماع جميعِ الذرات، وإنما تكفي الذراتُ الأساسُ التي هي بمثابة البذور والنوى للأجسام. كما عبّر عنها الحديثُ الشريف «عَجْب الذنب» (<ref>
    “Rahmanu’r-Rahîm” olan şu mevcudatın Sâni’-i Zülcemal’inin rahmeti, saadet-i ebediyeyi gösteriyor. Evet, nimeti nimet eden, nimeti nıkmetlikten halâs eden ve mevcudatı, firak-ı ebedîden hasıl olan vaveylâlardan kurtaran saadet-i ebediyeyi; o rahmetin şe’nindendir ki beşerden esirgemesin. Çünkü bütün nimetlerin re’si, reisi, gayesi, neticesi olan saadet-i ebediye verilmezse, dünya öldükten sonra âhiret suretinde dirilmezse bütün nimetler nıkmetlere tahavvül ederler. O tahavvül ise bilbedahe ve bizzarure ve umum kâinatın şehadetiyle muhakkak ve meşhud olan rahmet-i İlahiyenin vücudunu inkâr etmek lâzım gelir. Halbuki rahmet, güneşten daha parlak bir hakikat-i sabitedir.
    انظر: البخاري، تفسير سورة الزمر ٣؛ مسلم، الفتن ١٤١-١٤٣؛ أبو داود، السنن ٢٢؛ النسائي، الجنائز ١١٧؛ ابن ماجه، الزهد ٣٢؛ الإمام مالك، الموطأ، الجنائز ٤٨؛ أحمد بن حنبل، المسند ٣٢٢/٢.
    </div>
    </ref>) الذي هو الجزء الأساس والذرة الأصيلة الكافية وحدها أن تكون أساسا لإنشاء النشأة الآخرة عليها، فالخالق الحكيم يبني من جديد جسدَ الإنسان على ذلك الأساس.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وأما القياس العدلي الذي تشير إليه الآية الكريمة: ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَب۪يدِ ﴾ (فصلت:٤٦) فخلاصته:
    Bak, rahmetin cilvelerinden ve latîf âsârından olan aşk ve şefkat ve akıl nimetlerine dikkat et. Eğer firak-ı ebedî ve hicran-ı lâyezalîye, hayat-ı insaniye incirar edeceğini farz etsen görürsün ki o latîf muhabbet, en büyük bir musibet olur. O leziz şefkat, en büyük bir illet olur. O nurani akıl, en büyük bir bela olur. Demek rahmet, (çünkü rahmettir) hicran-ı ebedîyi, muhabbet-i hakikiyeye karşı çıkaramaz. Onuncu Söz’ün İkinci Hakikati, bu hakikati gayet güzel bir surette gösterdiğinden burada ihtisar edildi.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أننا نرى كثيرا في عالمنا، أن الظالمينَ والفجّار يقضون حياتَهم في رفاه وراحة تامة، أما المظلومون والمتدينون فيقضونها في شظفٍ من العيش بكل مشقة وإرهاق.. ومن ثم يأتي الموتُ فيحصد الاثنين معا دون تمييز، فلو لم تكن هناك نهاية مقصودة ومعينة لظهر الظلم إذن في المسألة؛ لذا فلابدّ من الاجتماع الأخروي بينهما حتى ينال الأولُ عقابَه وينال الثاني ثوابَه؛ إذ المنـزّه عن الظلم سبحانه وتعالى وهو العادل الحكيم، بشهادة الكائنات قاطبةً، لا يمكن بحال من الأحوال أن تقبل عدالتُه وحكمتُه هذا الظلم ولا يمكن أن ترضَيا به. فالنهايةُ المقصودة إذن حتميّـة؛ لأن رؤيةَ هذا الإنسان الكادح المنهوك جزاءه وثوابه -حسب استعداده- يجعله رمزا للعدالة المحضة ومدارا لها، ومظهرا للحكمة الربّانية، ومنسجما مع الموجودات الحكيمة في الكون وأخا كبيرا لها.
    '''YEDİNCİ MEDAR'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إنّ دارَ الدنيا القصيرة هذه لا تكفي -كما أنها ليست ظرفا- لإظهار ما لا يحدّ من الاستعدادات المندمجة في روح الإنسان وإثمارِها، فلابدّ أن يُرسَل هذا الإنسان إلى عالم آخر.. نعم، إنّ جوهر الإنسان عظيم، لذا فهو رمز للأبدية ومرشّح لها. وإنّ ماهيتَه عالية وراقية؛ لذا أصبحت جنايتُه عظيمة؛ فلا يشبه الكائنات الأخرى، وإن نظامَه دقيق ورائع، فلن تكونَ نهايتُه دون نظام، ولن يُهمَل ويذهب عبثا، ولن يُحكم عليه بالفناء المطلق ويهرب إلى العدم.
    Şu kâinatta görünen ve bilinen bütün letaif, bütün mehasin, bütün kemalât, bütün incizabat, bütün iştiyakat, bütün terahhumat; birer manadır, birer mazmundur, birer kelime-i maneviyedir ki şu kâinatın Sâni’-i Zülcelal’inin lütuf ve merhametinin tecelliyatını, ihsan ve kereminin cilvelerini bizzarure, bilbedahe kalbe gösterir, aklın gözüne sokuyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإنما تفتح جهنمُ أفواهَها فاغرةً.. تنتظره..
    Madem şu âlemde bir hakikat vardır. Bilbedahe hakiki rahmet vardır. Madem hakiki rahmet vardır, saadet-i ebediye olacaktır. Onuncu Söz’ün Dördüncü Hakikati, İkinci Hakikati ile beraber şu hakikati gündüz gibi aydınlatmıştır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    والجنة تبسط ذراعيها لاحتضانه..
    '''SEKİZİNCİ MEDAR'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أوجزنا هنا حيث إن الحقيقة الثالثة من «الكلمة العاشرة» قد أوضحت هذه الحقيقة بجلاء.
    İnsanın fıtrat-ı zîşuuru olan vicdanı, saadet-i ebediyeye bakar, gösterir. Evet, kim kendi uyanık vicdanını dinlerse “Ebed! Ebed!” sesini işitecektir. Bütün kâinat o vicdana verilse ebede karşı olan ihtiyacının yerini dolduramaz. Demek o vicdan, o ebed için mahluktur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا، أوردنا هاتين الآيتين مثالا، وعليك أن تقيس وتتتبع مثلها في سائر الآيات الكريمة التي تتضمن براهين عقلية لطيفة كثيرة.
    Demek, bu vicdanî olan incizab ve cezbe, bir gaye-i hakikiyenin ve bir hakikat-i cazibedarın yalnız cezbi ile olabilir. Onuncu Söz’ün On Birinci Hakikatinin hâtimesi bu hakikati göstermiştir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فتلك عشرة كاملة من المنابع والمدارات التي تنتج حدسا صادقا وبرهانا قاطعا على الحشر. وكما أن الحدس الثابت والبرهان القوي دليل قطعي على حدوث القيامة والحشر الجسماني ويقتضيه، كذلك الأسماءُ الإلهية الحسنى: الحكيم، الرحيم، الحفيظ، العادل، وأغلب الأسماء الحسنى تقتضي يومَ القيامة والسعادة الخالدة، وتدلّ على تحققها ووقوعها قطعا، كما أثبتناها في «الكلمة العاشرة».
    '''DOKUZUNCU MEDAR'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    لذا فمقتضياتُ الحشر والقيامة أصبحت لدينا قويةً ومتينةً إلى درجة لا يمكن أن تنفُذ إليها شبهة ولا شكٌ مطلقا.
    Sadık, masduk, musaddak olan Muhammed-i Arabî aleyhissalâtü vesselâmın ihbarıdır. Evet, o zatın (asm) sözleri, saadet-i ebediyenin kapılarını açmıştır ve onun (asm) kelâmları saadet-i ebediyeye karşı birer penceredir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    <span id="ÜÇÜNCÜ_ESAS"></span>
    Zaten bütün enbiyanın (aleyhimüsselâm) icmaını ve bütün evliyanın tevatürünü elinde tutmuş, bütün kuvvetiyle bütün davaları; tevhid-i İlahîden sonra şu haşir ve saadet noktasında temerküz ediyor. Acaba, şu kuvveti sarsacak bir şey var mıdır? Onuncu Söz’ün On İkinci Hakikati, şu hakikati pek zâhir bir surette göstermiştir.
    === الأساس الثالث ===
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الفاعل،  قادر مقتدر
    '''ONUNCU MEDAR'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، كما أنه لاشك مطلقا في مقتضيات الحشر، كذلك لا ريب أبدا في القدرة المطلقة للذي يحدث الحشر، فلا نقصَ في قدرته، إذ يستوي عنده كلُّ عظيمٍ وصغير، وسواء عنده خلقُ ربيع كامل وخلقُ زهرة واحدة.
    On üç asırda yedi vecihle i’cazını muhafaza eden ve Yirmi Beşinci Söz’de ispat edildiği üzere kırk adet enva-ı i’cazıyla mu’cize olan Kur’an-ı Mu’cizü’l-Beyan’ın ihbarat-ı kat’iyesidir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن قديرا يشهد بعظمته وقدرته هذا الكونُ بألسنةِ شموسِه ونجومِه وعوالمه حتى بألسنة ذرّاته وما فيها، هل يحق لأيّ وَهمٍ أو وسوسة أن يستبعد عن تلك القدرة المطلقة الحشرَ الجسماني؟.
    Evet, o Kur’an’ın nefs-i ihbarı, haşr-i cismanînin keşşafıdır ve şu tılsım-ı muğlak-ı âlemin ve şu remz-i hikmet-i kâinatın miftahıdır. Hem o Kur’an-ı Mu’cizü’l-Beyan’ın tazammun ettiği ve mükerreren tefekküre emredip nazara vaz’eylediği berahin-i akliye-i kat’iye binlerdir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إن قديرا ذا جلال يخلق أكوانا جديدةً منتظمة في كل عصر ضمن هذا الكون الهائل، بل يخلق في كلّ سنة دنىً سيارةً جديدة منتظمة، بل يخلق في كلّ يوم عوالمَ جديدة منتظمة، فيخلق باستمرار عوالمَ ودنىً وأكوانا زائلة متعاقبة، ويبدّلها بكل حكمة على وجه الأرض والسماوات، ناشرا ومعلقا على مسار الزمن عوالمَ منتظمة بعدد العصور والسنين بل بعدد الأيام. فيُري بها عظمةَ قدرته جلّ وعلا، وهو الذي زيّن بستانَ الربيع العظيم الواسع بمئات الآلاف من نقوش الحشر يتوّج بها هامةَ الكرة الأرضية كأنها زهرة واحدة، فيُظهر لنا جمالَ صنعته وكمالَ حكمته. فهل يمكن أن يجرؤ أحد ليقول لهذا القدير ذي الجلال: كيف يُحدِث القيامة؟ أو كيف يبدّل هذه الدنيا بآخرة؟
    Ezcümle: Bir kıyas-ı temsilîyi tazammun eden   وَ قَد۟ خَلَقَكُم۟ اَط۟وَارًا   ve    قُل۟ يُح۟يٖيهَا الَّذٖٓى اَن۟شَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍ    ve bir delil-i adalete işaret eden وَ مَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِل۟عَبٖيدِ    gibi pek çok âyât ile haşr-i cismanîdeki saadet-i ebediyeyi gösterecek pek çok dürbünleri, nazar-ı beşerin dikkatine vaz’etmiştir. Kur’an’ın sair âyetler ile izah ettiği şu   وَ قَد۟ خَلَقَكُم۟ اَط۟وَارًا ve   قُل۟ يُح۟يٖيهَا الَّذٖٓى اَن۟شَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍ   deki kıyas-ı temsilînin hülâsasını Nokta Risalesi’nde şöyle beyan etmişiz ki:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالآية الكريمة:
    Vücud-u insan, tavırdan tavıra geçtikçe acib ve muntazam inkılablar geçiriyor. Nutfeden alakaya, alakadan mudgaya, mudgadan azm ve lahme, azm ve lahmden halk-ı cedide yani insan suretine inkılabı, gayet dakik düsturlara tabidir. O tavırların her birisinin öyle kavanin-i mahsusa ve öyle nizamat-ı muayyene ve öyle harekât-ı muttarideleri vardır ki cam gibi altında bir kasd, bir irade, bir ihtiyar, bir hikmetin cilvelerini gösterir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ اِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ اِنَّ اللّٰهَ سَم۪يعٌ بَص۪يرٌ ﴾ (لقمان:٢٨) تعلن أن هذا القدير جل وعلا لا يصعب عليه شيء، فكل شيء أعظمهُ وأصغرُه يسير عنده، والجموعُ الهائلة بأعدادها غير المتناهية كفردٍ واحد عنده..
    İşte şu tarzda o vücudu yapan Sâni’-i Hakîm, her sene bir libas gibi o vücudu değiştirir. O vücudun değiştirilmesi ve bekası için inhilal eden eczaların yerini dolduracak, çalışacak yeni zerrelerin gelmesi için bir terkibe muhtaçtır. İşte o beden hüceyreleri, muntazam bir kanun-u İlahî ile yıkıldığından yine muntazam bir kanun-u Rabbanî ile tamir etmek için rızık namıyla bir madde-i latîfeyi ister ki o beden uzuvlarının ayrı ayrı hâcetleri nisbetinde Rezzak-ı Hakiki, bir kanun-u mahsus ile taksim ve tevzi ediyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وقد أوضحنا حقيقة هذه الآية في خاتمة «الكلمة العاشرة» مجملةً، وفي رسالة «نقطة من نور معرفة الله جل جلاله» و«المكتوب العشرين»، أما هنا فسنوضحها بإيجاز في ثلاث مسائل:
    Şimdi o Rezzak-ı Hakîm’in gönderdiği o madde-i latîfenin etvarına bak, göreceksin ki o maddenin zerratı bir kafile gibi küre-i havada, toprakta, suda dağılmış iken birden hareket emrini almışlar gibi bir hareket-i kasdîyi işmam eden bir keyfiyet ile toplanıyorlar. Güya onlardan her bir zerre, bir vazife ile bir muayyen mekâna gitmek için memurdur gibi gayet muntazam toplanıyorlar.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إن القدرة الإلهية ذاتية؛ فلا يمكن أن يتخللها العجزُ..
    Hem gidişatından görünüyor ki bir Fâil-i Muhtar’ın bir kanun-u mahsusu ile sevk edilip, cemadat âleminden mevalide, yani zîhayat âlemine girerler. Sonra nizamat-ı muayyene ve harekât-ı muttaride ile ve desatir-i mahsusa ile rızık olarak bir bedene girip; o beden içinde dört matbahta pişirildikten sonra ve dört inkılabat-ı acibeyi geçirdikten sonra ve dört süzgeçten süzüldükten sonra bedenin aktarına yayılarak bütün muhtaç olan azaların muhtelif, ayrı ayrı derece-i ihtiyaçlarına göre Rezzak-ı Hakiki’nin inayetiyle ve muntazam kanunları ile inkısam ederler.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإنها تتعلّق بملكوتية الأشياء، فلا تتداخل الموانعُ فيها مطلقا..
    İşte o zerrattan hangi zerreye bir nazar-ı hikmetle baksan göreceksin ki basîrane, muntazamane, semîane, alîmane sevk olunan o zerreye, kör ittifak, kanunsuz tesadüf, sağır tabiat, şuursuz esbab, hiç ona karışamaz. Çünkü her birisi unsur-u muhitten tut, tâ beden hüceyresine kadar hangi tavra girmiş ise o tavrın kavanin-i muayyenesi ile güya ihtiyaren amel ediyor, muntazaman giriyor. Hangi tabakaya sefer etmiş ise öyle muntazam adım atıyor ki bilbedahe bir Sâik-i Hakîm’in emriyle gidiyor gibi görünüyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإن نسبتَها قانونية؛ فالجزءُ يتساوى مع الكل والجزئي يصبح بحكم الكلّي..
    İşte böyle muntazam tavırdan tavıra, tabakadan tabakaya gitgide hedef ve maksadından ayrılmayarak tâ makam-ı lâyıkına, mesela, Tevfik’in göz bebeğine emr-i Rabbanî ile girer, oturur, çalışır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وسنثبت ونوضح هذه المسائل الثلاث:
    İşte bu halde, yani erzaktaki tecelli-i rububiyet gösteriyor ki iptida o zerreler muayyen idiler, muvazzaf idiler, o makamlar için namzet idiler. Güya her birisinin alnında ve cephesinde “Filan hüceyrenin rızkı olacak.” yazılı gibi bir intizamın vücudu, her adamın alnında kalem-i kader ile rızkı yazılı olduğuna ve rızkı üstünde isminin yazılı olmasına işaret eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المسألة الأولى:
    Acaba mümkün müdür ki bu derece nihayetsiz bir kudret ve muhit bir hikmet ile rububiyet eden ve zerrattan tâ seyyarata kadar bütün mevcudatı kabza-i tasarrufunda tutmuş ve intizam ve mizan dairesinde döndüren Sâni’-i Zülcelal “neş’e-i uhra”yı yapmasın veya yapamasın!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إن القدرة الإلهية الأزلية ضرورية للذات الجليلة المقدسة.  
    İşte çok âyât-ı Kur’aniye, şu hikmetli “neş’e-i ûlâ”yı nazar-ı beşere vaz’ediyor. Haşir ve kıyametteki “neş’e-i uhra”yı ona temsil ederek istib’adı izale eder. Der:    قُل۟ يُح۟يٖيهَا الَّذٖٓى اَن۟شَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍ    Yani “Sizi hiçten bu derece hikmetli bir surette kim inşa etmiş ise odur ki sizi âhirette diriltecektir.”
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أي إنها بالضرورة لازمة للذات المقدسة، فلا يمكن أن يكون للقدرة منها فكاك مطلقا، لذا فمن البديهي أن العجز الذي هو ضدُّ القدرة لا يمكن أن يَعرِض للذات الجليلة التي استلزمت القدرةَ، لأنه عندئذ سيجتمع الضدان، وهذا محال.
    Hem der ki:     وَهُوَ الَّذٖى يَب۟دَؤُا ال۟خَل۟قَ ثُمَّ يُعٖيدُهُ وَهُوَ اَه۟وَنُ عَلَي۟هِ   Yani “Sizin haşirde iadeniz, dirilmeniz, dünyadaki hilkatinizden daha kolay, daha rahattır.” Nasıl ki bir taburun askerleri, istirahat için dağılsa, sonra bir boru ile çağrılsa kolay bir surette tabur bayrağı altında toplanmaları; yeniden bir tabur teşkil etmekten çok kolay ve çok rahattır. Öyle de bir bedende birbiriyle imtizaç ile ünsiyet ve münasebet peyda eden zerrat-ı esasiye, Hazret-i İsrafil aleyhisselâmın Sûr’u ile Hâlık-ı Zülcelal’in emrine “Lebbeyk!” demeleri ve toplanmaları; aklen birinci icaddan daha kolay, daha mümkündür.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فما دام العجزُ لا يمكن أن يكون عارضا للذات، فمن البديهي أنه لا يمكن أن يتخلل القدرةَ اللازمةَ للذات أيضا، ومادام العجزُ لا يمكنه أن يدخل في القدرة قطعا، فبديهي إذن أن القدرة الذاتية ليست فيها مراتب، لأن وجود المراتب في كل شيء يكون بتداخُل أضدادِه معه، كما هو في مراتب الحرارة التي تكون بتخلل البرودة، ودرجات الحُسن التي تكون بتداخل القُبح.. وهكذا فقس.
    Hem bütün zerrelerin toplanmaları belki lâzım değil. Nüveler ve tohumlar hükmünde olan ve hadîste “Acbü’z-zeneb” tabir edilen ecza-i esasiye ve zerrat-ı asliye, ikinci neş’e için kâfi bir esastır, temeldir. Sâni’-i Hakîm, beden-i insanîyi onların üstünde bina eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أما في الممكنات فلأنه ليس هناك لزوم ذاتي حقيقي أو تابع؛ أصبحت الأضدادُ متداخلةً بعضُها مع البعض الآخر، فتولّدت المراتبُ ونتجت عنها الاختلافات، فنشأت منها تغيرات العالم. وحيث إنه ليست هناك مراتب قط في القدرة الإلهية الأزلية، لذا فالمقدّراتُ هي حتما واحدة بالنسبة إلى تلك القدرة، فيتساوى العظيمُ جدا مع المتناهي في الصغر، وتتماثل النجومُ مع الذرات، وحشرُ جميع البشر كبعث نفس واحدة.. وكذا خلق الربيع كخلق زهرة واحدة سهل هيّن أمام تلك القدرة.. ولو أسند الخلقُ إلى الأسباب المادية دون القدرة المطلقة عند ذاك يكون إحياءُ زهرة واحدة عسيرا وصعبا مثل إحياء الربيع.
    Üçüncü âyet olan   وَ مَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِل۟عَبٖيدِ   gibi âyetlerin işaret ettikleri kıyas-ı adlînin hülâsası şudur ki:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وقد أثبتنا بالبراهين الدامغة في حاشية الفقرة الأخيرة من المرتبة الرابعة لمراتب «الله أكبر» من المقام الثاني لهذه الكلمة، وفي «الكلمة الثانية والعشرين» و«المكتوب العشرين وذيله»، أنه عند إسناد خلقِ الأشياء إلى الواحدِ الأحد يسهل خلقُ الجميع كخلق شيء واحد، وإذا أسند خلق شيءٍ واحد إلى الأسباب المادية فيكون صعبا جدا ومعضلا كخلق الجميع.
    Âlemde çok görüyoruz ki: Zalim, fâcir, gaddar insanlar gayet refah ve rahatla ve mazlum ve mütedeyyin adamlar gayet zahmet ve zillet ile ömür geçiriyorlar. Sonra ölüm gelir, ikisini müsavi kılar. Eğer şu müsavat nihayetsiz ise bir nihayeti yoksa zulüm görünür. Halbuki zulümden tenezzühü, kâinatın şehadetiyle sabit olan adalet ve hikmet-i İlahiye, bu zulmü hiçbir cihetle kabul etmediğinden bilbedahe bir mecma-ı âheri iktiza ederler ki birinci, cezasını; ikinci, mükâfatını görsün. Tâ şu intizamsız, perişan beşer, istidadına münasip tecziye ve mükâfat görüp adalet-i mahzaya medar ve hikmet-i Rabbaniyeye mazhar ve hikmetli mevcudat-ı âlemin bir büyük kardeşi olabilsin.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المسألة الثانية:
    Evet şu dâr-ı dünya, beşerin ruhunda mündemic olan hadsiz istidatların sümbüllenmesine müsait değildir. Demek, başka âleme gönderilecektir. Evet, insanın cevheri büyüktür. Öyle ise ebede namzettir. Mahiyeti âliyedir, öyle ise cinayeti dahi azîmdir. Sair mevcudata benzemez. İntizamı da mühimdir. İntizamsız olamaz, mühmel kalamaz, abes edilmez, fena-yı mutlak ile mahkûm olamaz, adem-i sırfa kaçamaz. Ona cehennem ağzını açmış, bekliyor. Cennet ise âğuş-u nazdaranesini açmış, gözlüyor. Onuncu Söz’ün Üçüncü Hakikati bu ikinci misalimizi gayet güzel gösterdiğinden burada kısa kesiyoruz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إن القدرة الإلهية تتعلق بملكوتية الأشياء
    İşte misal için şu iki âyet-i kerîme gibi pek çok berahin-i latîfe-i akliyeyi tazammun eden sair âyetleri dahi kıyas eyle, tetebbu et. İşte menabi-i aşere ve on medar; bir hads-i kat’î, bir bürhan-ı kātı’ı intac ediyorlar ve o pek esaslı hads ve o pek kuvvetli bürhan, haşir ve kıyamete dâî ve muktezînin vücuduna kat’iyen delâlet ettikleri gibi; Sâni’-i Zülcelal’in dahi –Onuncu Söz’de kat’iyen ispat edildiği üzere– Hakîm, Rahîm, Hafîz, Âdil gibi ekser esma-i hüsnası, haşir ve kıyametin gelmesini ve saadet-i ebediyenin vücudunu iktiza ederler ve saadet-i ebediyenin tahakkukuna kat’î delâlet ederler.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن لكل شيء في الكون وجهَين كالمرآة: أحدهما: جهةُ الـمُلك وهي كالوجه المطلي الملوّن من المرآة. والآخر هي جهة المَلكوت وهي كالوجه الصقيل للمرآة.
    Demek, haşir ve kıyamete muktezî o derece kuvvetlidir ki hiçbir şek ve şüpheye medar olamaz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فجهة الملك، هي مجالُ وميدان تجوّل الأضداد ومحل ورود أمور الحُسن والقُبح والخير والشر والصغير والكبير والصعب والسهل وأمثالها.. لذا وضعَ الخالقُ الحكيم الأسبابَ الظاهرة ستارا لتصرفات قدرته، لئلا تظهر مباشرةُ يد القدرة الحكيمة بالذات على الأمور الجزئية التي تظهر للعقول القاصرة التي ترى الظاهر، كأنها خسيسة غير لائقة، إذ العظمةُ والعزّة تتطلب هكذا.. إلّا أنه سبحانه لم يعطِ التأثير الحقيقي لتلك الأسباب والوسائط؛ إذ وحدةُ الأحدية تقتضي هكذا أيضا.
    === ÜÇÜNCÜ ESAS ===
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أما جهة الملكوت، فهي شفافة، صافية، نزيهة، في كل شيء، فلا تختلط معها ألوان ومزخرفاتُ التشخصات.. هذه الجهة متوجهة إلى بارئها دون وساطة، فليس فيها ترتّب الأسباب والمسبّبات ولا تسلسل العلل، ولا تدخل فيها العليّة والمعلولية، ولا تتداخل الموانع. فالذرةُ فيها تكون شقيقةَ الشمس.
    '''Fâil, muktedirdir.'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نخلص مما سبق: أن تلك القدرة هي مجردة، أي ليست مؤلّفة ومركّبة، وهي مطلقة غير محدودة، وهي ذاتية أيضا. أما محل تعلّقها بالأشياء فهي دون وساطة، صافية دون تعكر، ودون ستار ودون تأخير، لذا لا يستكبر أمامَها الكبيرُ على الصغير، ولا تُرجّح الجماعةُ على الفرد، ولا يتبجّح الكلّ أمام الجزء ضمن تلك القدرة.
    Evet, nasıl haşrin muktezîsi, şüphesiz mevcuddur. Haşri yapacak zat da nihayet derecede muktedirdir. Onun kudretinde noksan yoktur. En büyük ve en küçük şeyler, ona nisbeten birdirler. Bir baharı halk etmek, bir çiçek kadar kolaydır. Evet, bir Kadîr ki şu âlem; bütün güneşleri, yıldızları, avâlimi, zerratı, cevahiri nihayetsiz lisanlarla onun azametine ve kudretine şehadet eder. Hiçbir vehim ve vesvesenin hakkı var mıdır ki haşr-i cismanîyi o kudretten istib’ad etsin.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المسألة الثالثة:
    Evet, bilmüşahede bir Kadîr-i Zülcelal şu âlem içinde, her asırda birer yeni ve muntazam dünyayı halk eden, hattâ her senede birer yeni seyyar, muntazam kâinatı icad eden, hattâ her günde birer yeni muntazam âlem yapan; daima şu semavat ve arz yüzünde ve birbiri arkasında geçici dünyaları, kâinatları kemal-i hikmet ile halk eden, değiştiren ve asırlar ve seneler, belki günler adedince muntazam âlemleri zaman ipine asan ve onunla azamet-i kudretini gösteren ve yüz bin çeşit haşrin nakışlarıyla tezyin ettiği koca bahar çiçeğini küre-i arzın başına bir tek çiçek gibi takan ve onunla kemal-i hikmetini, cemal-i sanatını izhar eden bir zat, “Nasıl kıyameti getirecek, nasıl bu dünyayı âhiretle değiştirecek?” denilir mi?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نسبة القدرة قانونية
    Şu Kadîr’in kemal-i kudretini ve hiçbir şey ona ağır gelmediğini ve en büyük şey en küçük şey gibi onun kudretine ağır gelmediğini ve hadsiz efrad, bir tek fert gibi o kudrete kolay geldiğini, şu âyet-i kerîme ilan ediyor:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أي إنها تنظر إلى القليل والكثير والصغير والكبير نظرةً واحدةً متساويةً. فهذه المسألة الغامضة سنقرّبها إلى الذهن ببعض الأمثلة.
    مَا خَل۟قُكُم۟ وَلَا بَع۟ثُكُم۟ اِلَّا كَنَف۟سٍ وَاحِدَةٍ   
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالشفافية، والمقابلة، والموازنة، والانتظام، والتجرّد، والطاعة.. كلّ منها أمر في هذا الكون يجعل الكثيرَ مساويا للقليل، والكبيرَ مساويا للصغير.
    Şu âyetin hakikatini Onuncu Söz’ün Hâtimesi’nde icmalen ve Nokta Risalesi’nde ve Yirminci Mektup’ta izahen beyan etmişiz. Şu makam münasebetiyle üç mesele suretinde bir parça izah ederiz:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المثال الأول:الشفافية
    İşte kudret-i İlahiye zatiyedir. Öyle ise acz tahallül edemez.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنّ تجلّي ضوء الشمس يُظهر الهويةَ نفسَها على سطح البحر أو على كل قطرة من البحر. فلو كانت الكرةُ الأرضية مركّبةً من قطع زجاجية صغيرة شفافة مختلفة تقابل الشمس دون حاجز يحجزها، فضوءُ الشمس المتجلي على كل قطعة على سطح الأرض وعلى سطح الأرض كلها يتشابه ويكون مساويا دون مزاحمة ودون تجزؤ ودون تناقص.. فإذا افترضنا أن الشمس فاعل ذو إرادة وأعطت فيضَ نورها وإشعاعَ صورتها بإرادتها على الأرض، فلا يكون عندئذٍ نشرُ فيضِ نورها على جميع الأرض أكثَر صعوبة من إعطائها على ذرة واحدة.
    Hem melekûtiyet-i eşyaya taalluk eder. Öyle ise mevani tedahül edemez.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المثال الثاني: المقابلة
    Hem nisbeti kanunîdir. Öyle ise cüz, külle müsavi gelir ve cüz’î, küllî hükmüne geçer.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    هب أنه كانت هناك حلقة واسعة من البشر يحمل كلُّ واحد منهم مرآةً بيده، وفي مركز الدائرة رجل يحمل شمعةً مشتعلة، فإن الضوء الذي يرسله المركزُ إلى المرايا في المحيط واحد، ويكون بنسبة واحدة، دون تناقص ودون مزاحمة ودون تشتّت.
    İşte şu '''üç mesele'''yi ispat edeceğiz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المثال الثالث: الموازنة
    '''Birinci Mesele'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إن كان لدينا ميزان حقيقي عظيم وحساس جدا وفي كفتيه شمسان أو نجمان، أو جبلان، أو بيضتان، أو ذرتان.. فالجهدُ المبذول هو نفسُه الذي يمكن أن يرفع إحدى كفتيه إلى السماء ويخفض الأخرى إلى الأرض.
    ''Kudret-i ezeliye, Zat-ı Akdes-i İlahiye’nin lâzıme-i zaruriye-i zatiyesidir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المثال الرابع: الانتظام
    Yani, bizzarure zatın lâzımesidir. Hiçbir cihet-i infikâki olamaz. Öyle ise kudretin zıddı olan acz, o kudreti istilzam eden zata bilbedahe ârız olamaz. Çünkü o halde cem’-i zıddeyn lâzım gelir. Madem acz, zata ârız olamaz; bilbedahe o zatın lâzımı olan kudrete tahallül edemez. Madem acz, kudretin içine giremez; bilbedahe o kudret-i zatiyede meratib olamaz. Çünkü her şeyin vücud meratibi, o şeyin zıtlarının tedahülü iledir. Mesela, hararetteki meratib, bürudetin tahallülü iledir; hüsündeki derecat, kubhun tedahülü iledir ve hâkeza kıyas et…
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    يمكن إدارةُ أعظمَ سفينةٍ لأنها منتظمة جدا، كأصغر دمية للأطفال.
    Fakat mümkinatta, hakiki ve tabiî lüzum-u zatî olmadığından mümkinatta zıtlar birbirine girebilmiş. Mertebeler tevellüd ederek ihtilafat ile tagayyürat-ı âlem neş’et etmiştir. Mademki kudret-i ezeliyede meratib olamaz. Öyle ise makdûrat dahi bizzarure kudrete nisbeti bir olur. En büyük en küçüğe müsavi ve zerreler, yıldızlara emsal olur. Bütün haşr-i beşer, bir tek nefsin ihyası gibi bir baharın icadı, bir tek çiçeğin sun’u gibi o kudrete kolay gelir. Eğer esbaba isnad edilse o vakit bir tek çiçek, bir bahar kadar ağır olur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المثال الخامس: التجرد
    Şu Söz’ün İkinci Makamı’nın Dördüncü “Allahu ekber” mertebesinin âhir fıkrasının hâşiyesinde hem Yirmi İkinci Söz’de hem Yirminci Mektup’ta ve zeylinde ispat edilmiş ki: Hilkat-i eşya Vâhid-i Ehad’e verilse bütün eşya, bir şey gibi kolay olur. Eğer esbaba verilse bir şey, bütün eşya kadar külfetli, ağır olur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنّ الميكروب مثلا كالكركدن يحمل الماهية الحيوانية وميزاتِها، والسمكُ الصغير جدا يملك تلك الميزة والماهية المجردة كالحوت الضخم، لأن الماهية المجرَّدة من الشكل والتجسّم تدخل في جميع جزئيات الجسم من أصغر الصغير إلى أكبر الكبير، وتتوجه إليها دون تناقص ودون تجزؤ. فخواص التشخصات والصفات الظاهرية للجسم لا تشوّش ولا تتداخل مع الماهيّة والخاصة المجرّدة، ولا تغيّر نظرة تلك الخاصة المجردة.
    '''İkinci Mesele ki'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المثال السادس: الطاعة
    ''Kudret, melekûtiyet-i eşyaya taalluk eder.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنّ قائد الجيش بأمره « تَقَدّمْ » مثلما يحرّك الجنديَ الواحد فإنه يحرّك الجيشَ بأكمله كذلك بالأمر نفسه.
    Evet, kâinatın âyine gibi iki yüzü var. Biri, mülk ciheti ki âyinenin renkli yüzüne benzer. Diğeri, melekûtiyet ciheti ki âyinenin parlak yüzüne benzer.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فحقيقةُ سر الطاعة هي أنّ لكل شيء في الكون -كما يشاهد بالتجربة- نقطةَ كمالٍ، وله ميل إليها، فتَضاعُفُ الميل يولّد الحاجةَ، وتضاعفُ الحاجة يتحول إلى شوقٍ، وتضاعفُ الشوق يكوّن الانجذاب، فالانجذاب والشوق والحاجة والميل.. كلُّها نوىً لامتثال الأوامر التكوينية الرّبانية وبذورُها من حيث ماهية الأشياء.
    Mülk ciheti ise zıtların cevelangâhıdır. Güzel çirkin, hayır şer, küçük büyük, ağır kolay gibi emirlerin mahall-i vürûdudur. İşte şunun içindir ki Sâni’-i Zülcelal esbab-ı zâhiriyeyi, tasarrufat-ı kudretine perde etmiştir. Tâ dest-i kudret, zâhir akla göre hasis ve nâ-lâyık emirlerle bizzat mübaşereti görünmesin. Çünkü azamet ve izzet, öyle ister. Fakat o vesait ve esbaba hakiki tesir vermemiştir. Çünkü vahdet-i ehadiyet öyle ister.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالكمال المطلق لماهيات الممكنات هو الوجود المطلق، ولكن الكمالَ الخاص بها هو وجود خاص لها، يُخرِج كوامنَ استعداداتها الفطرية من طور القوة إلى طور الفعل.
    Melekûtiyet ciheti ise her şeyde parlaktır, temizdir. Teşahhusatın renkleri, muzahrefatları, ona karışmaz. O cihet, vasıtasız kendi Hâlık’ına müteveccihtir. Onda terettüb-ü esbab, teselsül-ü ilel yoktur. Ona illiyet, ma’luliyet giremez. Eğri büğrüsü yoktur. Maniler müdahale edemezler. Zerre, şemse kardeş olur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فإطاعة الكائنات لأمر «كُن» كإطاعةِ ذرةٍ واحدة التي هي بحكم جندي مطيع. وعند امتثال الممكنات وطاعتِها للأمر الأزلي «كُن» الصادر عن الإرادة الإلهية تندمج كليّا الميولُ والأشواقُ والحاجاتُ جميعها، وكلّ منها هو تجلٍّ من تجلّيات تلك الإرادة أيضا. حتى إن الماء الرقراق عندما يأخذ -بميل لطيف منه- أمرا بالانجماد، يُظهر سرَّ قوةِ الطاعة بتحطيمِها الحديد.
    '''Elhasıl:''' O kudret hem basittir hem nâmütenahîdir hem zatîdir. Mahall-i taalluk-u kudret ise hem vasıtasız hem lekesiz hem isyansızdır. Öyle ise o kudretin dairesinde büyük küçüğe karşı tekebbürü yok. Cemaat ferde karşı rüçhanı olamaz. Küll cüze nisbeten, kudrete karşı fazla nazlanamaz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فإن كانت هذه الأمثلة الستة تظهر لنا في قوة الممكنات المخلوقات وفي فعلها وهي ناقصة ومتناهية وضعيفة وليست ذاتَ تأثير حقيقى، فينبغي إذن أن تتساوى جميعُ الأشياء أمام القدرة الإلهية المتجلّية بآثار عظمتها.. وهي غير متناهية وأزلية وهي التي أوجدتْ جميعَ الكائنات من العدم البحت وحيّرت العقول جميعها، فلا يصعب عليها شيء إذن.
    '''Üçüncü Mesele ki'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولا ننسى أنّ القدرة الإلهية العظمى لا توزَن بموازيننا الضعيفة الهزيلة هذه، ولا تتناسب معها، ولكنها تُذكَر تقريبا للأذهان وإزالةً للاستبعاد ليس إلَّا.
    ''Kudretin nisbeti kanunîdir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نتيجة الأساس الثالث وخلاصته:
    Yani çoğa aza, büyüğe küçüğe bir bakar. Şu mesele-i gamızayı birkaç temsil ile zihne takrib edeceğiz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ما دامت القدرةُ الإلهية مطلقة غير متناهية، وهي لازمة ضرورية للذات الجليلة المقدسة، وأن جهةَ الملكوت لكل شيء تقابلها ومتوجهة إليها دون ستار ودون شائبة، وأنها متوازنة بالإمكان الاعتباري الذي هو تساوي الطرفين، وأن النظام الفطري الذي هو شريعةُ الفطرة الكبرى مطيع للفطرة وقوانين الله ونواميسه، وأن جهةَ الملكوت مجرّدة وصافية من الموانع والخواص المختلفة.
    İşte kâinatta “şeffafiyet”, “mukabele”, “muvazene”, “intizam”, “tecerrüd”, “itaat” birer emirdir ki çoğu aza, büyüğü küçüğe müsavi kılar.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    لذا فإن أكبر شيء كأصغره أمام تلك القدرة. فلا يمكن أن يحجم شيء أيّا كان أو يتمرّد عليها. فإحياءُ جميع الأحياء يومَ الحشر هينّ عليه كإحياء ذبابة في الربيع. ولهذا فالآية الكريمة: ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ اِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ اِنَّ اللّٰهَ سَم۪يعٌ بَص۪يرٌ ﴾ (لقمان:٢٨) أمر حق وصدق جليّ لا مبالغة فيه أبدا.
    '''Birinci Temsil:''' “'''Şeffafiyet sırrı'''”nı gösterir. Mesela, şemsin feyz-i tecellisi olan timsali ve aksi, denizin yüzünde ve denizin her bir katresinde aynı hüviyeti gösterir. Eğer küre-i arz, perdesiz güneşe karşı muhtelif cam parçalarından mürekkeb olsa; şemsin aksi, her bir parçada ve bütün zemin yüzünde müzahametsiz, tecezzisiz, tenakussuz bir olur. Eğer faraza şems, fâil-i muhtar olsa idi ve feyz-i ziyasını, timsal-i aksini iradesiyle verse idi bütün zemin yüzüne verdiği feyzi, bir zerreye verdiği feyizden daha ağır olamazdı.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا يتحقق عندنا أن الفاعل، الذي نحن بصدده، قادر مقتدر ولا يمنعه شيء.
    '''İkinci Temsil:''' “'''Mukabele sırrı'''”dır. Mesela, zîhayat fertlerden (yani insanlardan) terekküp eden bir daire-i azîmenin nokta-i merkeziyesindeki ferdin elinde bir mum ve daire-i muhitteki fertlerin ellerinde de birer âyine farz edilse; nokta-i merkeziyenin muhit âyinelerine verdiği feyiz ve cilve-i akis, müzahametsiz, tecezzisiz, tenakussuz, nisbeti birdir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    <span id="DÖRDÜNCÜ_ESAS"></span>
    '''Üçüncü Temsil:''' “'''Muvazene sırrı'''”dır. Mesela, hakiki ve hassas ve çok büyük bir mizan bulunsa; iki gözünde iki güneş veya iki yıldız veya iki dağ veya iki yumurta veya iki zerre herhangisi bulunursa bulunsun, sarf olunacak aynı kuvvet ile o hassas azîm terazinin bir gözü göğe, biri zemine inebilir.
    === الأساس الرابع ===
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    كما أن هناك مقتضى ومبرّرا للقيامة والحشر، وأن الفاعل الذي يُحدث الحشرَ قادر مقتدر، كذلك فإن هذه الدنيا لها القابليةُ على القيامة والحشر أيضا، فدعوانا «قابلية الدنيا» هذه فيها أربع مسائل:
    '''Dördüncü Temsil:''' “'''İntizam sırrı'''”dır. Mesela, en azîm bir gemi, en küçük bir oyuncak gibi çevrilebilir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الأولى: إن موتَ هذا العالم ممكن وليس ذلك محالا.
    '''Beşinci Temsil:''' “'''Tecerrüd sırrı'''”dır. Mesela, teşahhusattan mücerred bir mahiyet, bütün cüz’iyatına en küçüğünden en büyüğüne tenakus etmeden, tecezzi etmeden bir bakar, girer. Teşahhusat-ı zâhiriye cihetindeki hususiyetler, müdahale edip şaşırtmaz. O mahiyet-i mücerredenin nazarını tağyir etmez. Mesela, iğne gibi bir balık, balina balığı gibi o mahiyet-i mücerredeye mâliktir. Bir mikrop, bir gergedan gibi mahiyet-i hayvaniyeyi taşıyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الثانية: وقوعُ ذلك الموت فعلا.
    '''Altıncı Temsil:''' “'''İtaat sırrı'''”nı gösterir. Mesela, bir kumandan “Arş!” emri ile bir neferi tahrik ettiği gibi aynı emir ile bir orduyu tahrik eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الثالثة: من الممكن بعثُ الدنيا المندثرة وعمارتُها بصورة «آخرة».
    Şu temsil-i itaat sırrının hakikati şudur ki: Kâinatta, bi’t-tecrübe her şeyin bir nokta-i kemali vardır. O şeyin, o noktaya bir meyli vardır. Muzaaf meyil, ihtiyaç olur. Muzaaf ihtiyaç, iştiyak olur. Muzaaf iştiyak, incizab olur. Ve incizab, iştiyak, ihtiyaç, meyil; Cenab-ı Hakk’ın evamir-i tekviniyesinin, mahiyet-i eşya tarafından birer habbe ve nüve-i imtisalidirler. Mümkinat mahiyetlerinin mutlak kemali, mutlak vücuddur. Hususi kemali, istidatlarını kuvveden fiile çıkaran ona mahsus bir vücuddur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الرابعة: وقوع هذا البعث وهذه العمارة فعلا.
    İşte bütün kâinatın “Kün” emrine itaati, bir tek nefer hükmünde olan bir zerrenin itaati gibidir. İrade-i ezeliyeden gelen “Kün” emr-i ezelîsine mümkinatın itaati ve imtisalinde, yine iradenin tecellisi olan meyil ve ihtiyaç ve şevk ve incizab; birden, beraber mündemicdir. Latîf su, nazik bir meyille incimad emrini aldığı vakit demiri parçalaması, itaat sırrının kuvvetini gösterir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المسألة الأولى
    Şu altı temsil hem nâkıs hem mütenahî hem zayıf hem tesir-i hakikisi yok olan mümkinat kuvvetinde ve fiilinde bilmüşahede görünse, elbette hem gayr-ı mütenahî hem ezelî hem ebedî hem bütün kâinatı adem-i sırftan icad eden ve bütün ukûlü hayrette bırakan hem âsâr-ı azametiyle tecelli eden kudret-i ezeliyeye nisbeten şüphesiz her şey müsavidir. Hiçbir şey ona ağır gelmez (Gaflet olunmaya). Şu altı sırrın küçük mizanlarıyla o kudret tartılmaz ve münasebete giremez. Yalnız fehme takrib ve istib’adı izale için zikredilir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    من الممكن أن يموت هذا العالمُ وتندثر هذه الكائناتُ.
    '''Üçüncü Esas’ın netice ve hülâsası'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ذلك إن كان الشيءُ داخلا في قانون التكامل، ففي كل حالة إذن هناك نشوء ونماء، وإن النشوء والنماء هذا يعني أن له عمرا فطريا في كل حالة، وأن العمر الفطري يعني أنّ له على كل حالةٍ أجلا فطريا، وهذا يعنى أن جميعَ الأشياء لا يمكن أن تنجو من الموت، وهذا ثابت بالاستقراء العام والتتبع الواسع.
    Madem kudret-i ezeliye gayr-ı mütenahîdir. Hem Zat-ı Akdes’e lâzıme-i zaruriyedir. Hem her şeyin lekesiz, perdesiz melekûtiyet ciheti, ona müteveccihtir. Hem ona mukabildir. Hem tesavi-i tarafeynden ibaret olan imkân itibarıyla muvazenettedir. Hem şeriat-ı fıtriye-i kübra olan nizam-ı fıtrata ve kavanin-i âdetullaha mutîdir. Hem manilerden ve ayrı ayrı hususiyetlerden melekûtiyet ciheti mücerred ve safidir. Elbette en büyük şey, en küçük şey gibi o kudrete ziyade nazlanmaz, mukavemet etmez.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، فكما أن الإنسان هو عالم مصغّر لا خلاص له من الانهيار، كذلك العالمُ فإنّه إنسان كبير لا فكاك له من قبضةِ الموت، فلابدّ أنه سيموت، ثم يُبعَث، أو ينام ويفتح عينيه فجرَ الحشر.
    Öyle ise haşirde bütün zevi’l-ervahın ihyası, bir sineğin baharda ihyasından daha ziyade kudrete ağır olmaz. Öyle ise مَا خَل۟قُكُم۟ وَلَا بَع۟ثُكُم۟ اِلَّا كَنَف۟سٍ وَاحِدَةٍ   fermanı mübalağasızdır, doğrudur, haktır. Öyle ise müddeamız olan “Fâil muktedirdir, o cihette hiçbir mani yoktur.” kat’î bir surette tahakkuk etti.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكما أن الشجرة وهي نسخة مصغرة للكائنات لا يمكنها النجاةُ من التلاشي والتهدم، كذلك سلسلةُ الكائنات المتشعبة من شجرة الخليقة لا يمكنها أن تنجو من التمزّق والاندثار لأجل التعمير والتجديد.
    === DÖRDÜNCÜ ESAS ===
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولئن لم تحدث للدنيا قبلَ أجلها الفطري، وبإذن إلهي، حادثة مدمرّة أو مرض خارجي، أو لم يُخِلَّ بنظامها خالقُها الحكيم، فلاشك -بحساب علمي- أنه سيأتي يوم يتردد فيه صدى:
    Nasıl kıyamet ve haşre muktezî var ve haşri getirecek fâil dahi muktedirdir. Öyle de '''şu dünyanın kıyamet ve haşre kabiliyeti vardır.''' İşte şu mahal kabildir olan müddeamızda dört mesele vardır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ﴿ اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ❀ وَاِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ❀ وَاِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ﴾(التكوير:١-٣) ﴿ اِذَا السَّمَآءُ اْنْفَطَرَتْ ❀ وَاِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ ❀ وَاِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾ (الانفطار:١-٣).
    '''Birincisi:''' Şu âlem-i dünyanın imkân-ı mevtidir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    عندئذ تظهر معاني هذه الآيات وأسرارُها بإذن القدير الأزلي. وإن هذه الدنيا، التي هي كإنسان ضخم، ستبدأ بالسكَرات وتتمَلمل وتشخرُ بصوت غريب وتحشرج ثم تصيح بصوت مدوٍ هائل يملأ الفضاء.. ثم تموت ثم تُبعث بأمر إلهي..
    '''İkincisi:''' O mevtin vukuudur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    مسألة رمزية دقيقة
    '''Üçüncüsü:''' O harap olmuş, ölmüş dünyanın, âhiret suretinde tamir ve dirilmesinin imkânıdır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    كما أنّ اللفظَ يغلظ مضرا بالمعنى، واللبَّ على حساب القشر يقوى، والروحَ تضعف لأجل الجسد، والجسدَ يضعف ويهزُل لأجل قوة الروح.. كذلك عالَمُنا الكثيف هذا كلما عملتْ فيه دواليبُ الحياة شفّت ورقّتْ في سبيل العالم اللطيف.. وهو الآخرة..
    '''Dördüncüsü:''' O mümkün olan tamir ve ihyanın vuku bulmasıdır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالقدرة الفاطرة بفعاليتها المحيّرة تنشر نورَ الحياة على الأجزاء الميتة الجامدة الكثيفة المنطفئة فتُذَوِّب وتُلَيّن وتضيء وتنير تلك الأجزاءَ بنور تلك الحياة لتتقوى حقيقتُها وتكون جاهزةً للعالم اللطيف الرائع.. أعني الآخرة.
    '''Birinci Mesele'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، فالحقيقةُ مهما كانت ضعيفة فإنها لا تموت أبدا ولا يمكن أن تُمحى كالصورة، بل تسير وتجول في الصوَر والتشخّصات والأشكال المختلفة، إذ تكبُر وتظهر كلّما تقدمت، بعكس القشر والصورة، فإنها تتهرأ وتهزُل وتتمزّق وتتجدد لتظهر بحلّةٍ جميلة جديدة تلائم قوامَ الحقيقة الثابتة النامية الكبيرة.
    ''Şu kâinatın mevti, mümkündür.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالحقيقةُ والصورة تتناسبان إذن عكسيا زيادةً ونقصانا. أي كلما اخشوشنت الصورةُ رقّت الحقيقةُ، وكلما ضعُفَت الصورة تقوّت الحقيقةُ بالنسبة نفسها. وهذا قانون شامل لجميع الأشياء الداخلة في قانون التكامل.
    Çünkü bir şey kanun-u tekâmülde dâhil ise o şeyde alâküllihal neşv ü nema vardır. Neşv ü nema ve büyümek varsa ona alâküllihal bir ömr-ü fıtrî vardır. Ömr-ü fıtrîsi var ise alâküllihal bir ecel-i fıtrîsi vardır. Gayet geniş bir istikra ve tetebbu ile sabittir ki öyle şeyler mevtin pençesinden kendini kurtaramaz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فلَيأتينّ ذلك الزمن الذي يتمزّق فيه -بإذن الفاطر الجليل- عالمُ الشهادة الذي هو صورة لحقيقة الكائنات العظمى وقشر لها، ومن ثم يتجدد بصورةٍ أجمل، وعندئذ تتحقق حكمةُ الآية الكريمة:
    Evet, nasıl ki insan küçük bir âlemdir, yıkılmaktan kurtulamaz. Âlem dahi büyük bir insandır, o dahi ölümün pençesinden kurtulamaz. O da ölecek, sonra dirilecek veya yatıp sonra subh-u haşirle gözünü açacaktır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْاَرْضُ غَيْرَ الْاَرْضِ.. ﴾ (إبراهيم:٤٨).
    Hem nasıl ki kâinatın bir nüsha-i musağğarası olan bir şecere-i zîhayat, tahrip ve inhilalden başını kurtaramaz. Öyle de şecere-i hilkatten teşaub etmiş olan silsile-i kâinat tamir ve tecdid için tahripten, dağılmaktan kendini kurtaramaz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نخلص مما سبق: أنّ موت الدنيا وخرابَها ممكن، ولا شك فيه مطلقا.
    Eğer dünyanın ecel-i fıtrîsinden evvel irade-i ezeliyenin izni ile haricî bir maraz veya muharrib bir hâdise başına gelmezse ve onun Sâni’-i Hakîm’i dahi ecel-i fıtrîden evvel onu bozmazsa, herhalde hattâ fennî bir hesap ile bir gün gelecek ki:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المثال الثاني
    اِذَا الشَّم۟سُ كُوِّرَت۟ ۝ وَاِذَا النُّجُومُ ان۟كَدَرَت۟ ۝ وَاِذَا ال۟جِبَالُ سُيِّرَت۟ ۝ اِذَا السَّمَٓاءُ ان۟فَطَرَت۟ ۝ وَاِذَا ال۟كَوَاكِبُ ان۟تَثَرَت۟ ۝ وَاِذَا ال۟بِحَارُ فُجِّرَت۟ manaları ve sırları, Kadîr-i Ezelî’nin izni ile tezahür edip, o dünya olan büyük insan sekerata başlayıp acib bir hırıltı ile ve müthiş bir savt ile fezayı çınlatıp dolduracak, bağırıp ölecek; sonra emr-i İlahî ile dirilecektir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وقوعُ موت الدنيا فعلا.
    '''İnce Remizli Bir Mesele'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    والدليلُ على هذه المسألة: إجماعُ جميع الأديان السماوية، وشهادةُ كلِّ فطرةٍ سليمة، وما يشير إليه تبدلاتُ هذه الكائنات وتحولاتُها وتغيراتُها، وموتُ عوالمَ ذات حياةٍ وسياراتٍ، وهي بعدد العصور والسنين، في دار ضيافة الدنيا هذه.. كلُّ ذلك إشارات ودلالات على موت دنيانا نفسها.
    Nasıl ki su, kendi zararına olarak incimad eder. Buz, buzun zararına temeyyu eder. Lüb, kışrın zararına kuvvetleşir. Lafız, mana zararına kalınlaşır. Ruh, ceset hesabına zayıflaşır. Ceset, ruh hesabına inceleşir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإن شئت أن تتصور سكرات الدنيا، كما تشير إليها الآياتُ الكريمة، فتأمل في أجزاء هذا الكون التي هي مرتبطة بعضُها بالبعض الآخَر بنظام علوي دقيق، ومتماسكة برابطة لطيفة خفية رقيقة، فهي مُحكَمة النظام بحيث إنّ جرما واحدا إن تسلَّمَ أمرَ «كُن» أو «اخرجْ من محوَرك» فالعالَم كلُّه يعاني السكرات، فتتصادم النجومُ وتتلاطم الأجرامُ وتدوّي وترعد بأصداء ملايين المدافع، وترمي بشَرَر كأرضنا هذه، بل أكبر منها في الفضاء الواسع وتتطاير الجبالُ وتُسجَّر البحار.. فتستوي الأرضُ.
    Öyle de âlem-i kesif olan dünya, âlem-i latîf olan âhiret hesabına, hayat makinesinin işlemesiyle şeffaflaşır, latîfleşir. Kudret-i Fâtıra, gayet hayret verici bir faaliyetle kesif, camid, sönmüş, ölmüş eczalarda nur-u hayatı serpmesi, bir remz-i kudrettir ki âlem-i latîf hesabına şu âlem-i kesifi nur-u hayat ile eritiyor, yandırıyor, ışıklandırıyor, hakikatini kuvvetleştiriyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا يرجّ القادر الأزلي ويحرك الكونَ بهذا الموات، ويمزجُه بهذه السكرات فتتمخّض الخلقةُ كلُّها وتتميز الكائناتُ بعضُها عن بعض.. فتمتاز جهنمُ وتسعّر بعشيرتها ومادتِها. وتتجلى الجنةُ وتُزلَفُ جامعةً لطائفها مستمدةً من عناصرها الملائمة لها.. ويبرز عالمُ الآخرة للوجود الأبدي.
    Evet, hakikat ne kadar zayıf ise de ölmez, suret gibi mahvolmaz. Belki teşahhuslarda, suretlerde seyr ü sefer eder. Hakikat büyür, inkişaf eder, gittikçe genişlenir. Kışır ve suret ise eskileşir, inceleşir, parçalanır. Sabit ve büyümüş hakikatin kametine yakışmak için daha güzel olarak tazeleşir. Ziyade ve noksan noktasında hakikatle suret, makûsen mütenasiptirler. Yani suret kalınlaştıkça hakikat inceleşir. Suret inceleştikçe hakikat o nisbette kuvvet bulur. İşte şu kanun, kanun-u tekâmüle dâhil olan bütün eşyaya şâmildir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المسألة الثالثة
    Demek, herhalde bir zaman gelecek ki kâinat hakikat-i uzmasının kışır ve sureti olan âlem-i şehadet, Fâtır-ı Zülcelal’in izniyle parçalanacak. Sonra daha güzel bir surette tazelenecektir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إمكانُ بعثِ العالَم الذي سيموت.  
    يَو۟مَ تُبَدَّلُ ال۟اَر۟ضُ غَي۟رَ ال۟اَر۟ضِ   sırrı tahakkuk edecektir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فكما أثبتنا آنفا في الأساس الثاني أنه لا نقص مطلقا في القدرة الإلهية، وأن المبرّر قويّ جدا للآخرة، وأن المسألة بحدّ ذاتها من الممكنات. فإذا كان للمسألة الممكنة مبرر قوي، وأن الفاعلَ قادر مقتدر مطلقُ القدرة، فلا يُنظر إليها بأنها في حدود الإمكان، وإنما هي أمر واقع.
    '''Elhasıl:''' Dünyanın mevti mümkün hem hiç şüphe getirmez ki mümkündür.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نكتة رمزية
    '''İkinci Mesele'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إذا نظرنا بتدبر وإمعان إلى هذا الكون، نلاحظ أنّ فيه عنصرين ممتدَين إلى جميع الجهات، بجذور متشعبة؛ كالخير والشر، والحُسن والقبح، والنفع والضرّ، والكمال والنقص، والضياء والظلمة، والهداية والضلال، والنور والنار، والإيمان والكفر، والطاعة والعصيان، والخوف والمحبة.. فتصطدم هذه الأضدادُ بعضُها بالبعض الآخر، بنتائجها وآثارها مظهرةً التغيرات والتبدلات باستمرار وكأنما تستعد وتتهيّأ لعالم آخر. فلابدّ أن نتائج ونهايات هذين العنصرَين المتضادَّين سوف تصل إلى الأبد وتتميز فيفترق بعضُها عن بعضٍ هناك. وعندئذ تظهر على شكل جنةٍ ونار..
    ''Mevt-i dünyanın vuku bulmasıdır.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولمّا كان عالمُ البقاء سيُبنى من عالم الفناء هذا، فالعناصرُ الأساسية لعالَمنا إذن ستُساق وتُرسل حتما إلى البقاء والأبد.
    Şu meseleye delil: Bütün Edyan-ı Semaviyenin icmaıdır ve bütün fıtrat-ı selimenin şehadetidir ve şu kâinatın bütün tahavvülat ve tebeddülat ve tagayyüratının işaretidir. Hem asırlar, seneler adedince zîhayat dünyaların ve seyyar âlemlerin, şu dünya misafirhanesinde mevtleriyle, asıl dünyanın da onlar gibi ölmesine şehadetleridir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن النار والجنة هما ثمرتا الغصن المتدلي الممتد إلى الأبد من شجرة الخليقة، وهما نتيجتا سلسلة الكائنات هذه، وهما مخزنا سيل الشؤون الإلهية، وهما حوضا أمواج الموجودات المتلاطمة الجارية إلى الأبد، وهما تجلّيان من تجليات اللُّطف والقهر.
    Şu dünyanın sekeratını, âyât-ı Kur’aniyenin işaret ettiği surette tahayyül etmek istersen bak: Şu kâinatın eczaları, dakik, ulvi bir nizam ile birbirine bağlanmış. Hafî, nazik, latîf bir rabıta ile tutunmuş ve o derece bir intizam içindedir ki eğer ecram-ı ulviyeden tek bir cirm “Kün” emrine veya “Mihverinden çık.” hitabına mazhar olunca şu dünya sekerata başlar. Yıldızlar çarpışacak, ecramlar dalgalanacak, nihayetsiz feza-yı âlemde milyonlar gülleleri, küreler gibi büyük topların müthiş sadâları gibi vaveylâya başlar. Birbirine çarpışarak, kıvılcımlar saçarak, dağlar uçarak, denizler yanarak yeryüzü düzlenecek.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فعندما ترجُّ يدُ القُدرة وتمخِّض بحركة عنيفة هذا الكونَ، يمتلئ الحوضان بما يناسب كلا منهما من مواد وعناصر..
    İşte şu mevt ve sekerat ile Kadîr-i Ezelî kâinatı çalkalar; kâinatı tasfiye edip cehennem ve cehennemin maddeleri bir tarafa, cennet ve cennetin mevadd-ı münasibeleri başka tarafa çekilir, âlem-i âhiret tezahür eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إيضاح هذه النكتة الرمزية:
    '''Üçüncü Mesele'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنّ الحكيم الأزلي بمقتضى حكمته الأزلية وعنايته السرمدية، خلقَ هذا العالم ليكون محلا للاختبار وميدانا للامتحان، ومرآةً لأسمائه الحسنى وصحيفةً لقلم قُدرته وقَدَره.
    ''Ölecek âlemin dirilmesi mümkündür.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالابتلاء والامتحان سببُ النشوء والنماء، والنشوءُ والنماء سبب لانكشاف الاستعدادات الفطرية، وتكشّف الاستعدادات سبب لظهور القابليات، وظهورُ القابليات سبب لظهور الحقائق النسبيّة، وهذه الحقائق النسبية سبب لإظهار تجلّيات نقوش الأسماء الحسنى للخالق الجليل وتحويل الكائنات إلى صورة كتابات صمدانيّة ربّانية.
    Çünkü İkinci Esas’ta ispat edildiği gibi; kudrette noksan yoktur. Muktezî ise gayet kuvvetlidir. Mesele ise mümkinattandır. Mümkün bir meselenin gayet kuvvetli bir muktezîsi var ise fâilin kudretinde noksaniyet yok ise ona mümkün değil belki vaki suretiyle bakılabilir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا فإنّ سرّ التكليف هذا وحكمةَ الامتحان يؤدي إلى تصفية جواهر الأرواح العالية التي هي كالماس، من مواد الأرواح السافلة التي هي كالفحم، وتمييزِها بعضها عن بعض.
    '''Remizli Bir Nükte'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فبمثل هذه الأسرار السابقة، ومما لا نعلم من الحِكَم الدقيقة الرائعة، أوجدَ الحكيمُ القدير العالَمَ بصورته هذه، وأراد تغيّره وتحوّله، لتلك الحِكَم والأسباب. ولأجل التحوّل والتغيّر مزجَ الأضداد بحكمةٍ بعضها مع البعض الآخر، وجعلها تتقابل ببعضها، فالمضارُّ ممزوجة بالمنافع والشرورُ متداخلة بالخيرات، والقبائحُ مجتمعة مع المحاسن.. وهكذا عَجَنَتْ يدُ القُدرة الأضدادَ، وصيّرت الكائنات تابعةً لقانون التبدل والتغيّر ودستورِ التحوّل والتكامل.
    Şu kâinata dikkat edilse görünüyor ki: İçinde iki unsur var ki her tarafa uzanmış, kök atmış. Hayır şer, güzel çirkin, nef’ zarar, kemal noksan, ziya zulmet, hidayet dalalet, nur nâr, iman küfür, taat isyan, havf muhabbet gibi âsârlarıyla, meyveleriyle şu kâinatta ezdad birbiriyle çarpışıyor. Daima tagayyür ve tebeddülata mazhar oluyor. Başka bir âlemin mahsulatının tezgâhı hükmünde çarkları dönüyor. Elbette o iki unsurun birbirine zıt olan dalları ve neticeleri, ebede gidecek; temerküz edip birbirinden ayrılacak. O vakit, cennet-cehennem suretinde tezahür edecektir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ثم لـمّا انقضى مجلسُ الامتحان، وانتهى وقتُ الاختبار، وأظهرت الأسماءُ الحسنى حُكمَها، وأتمّ قلمُ القَدَر كتابتَه، وأكملت القدرةُ نقوشَ إبداعها، ووفّت الموجوداتُ وظائفَها، وأنهت المخلوقاتُ مهامّها، وعبّر كلُّ شيءٍ عن معناه ومغزاه، وأنبتت الدنيا غراسَ الآخرة، وكشفت الأرضُ جميعَ معجزات القدرة وخوارق الصنعة للخالق القدير، وثبّت هذا العالمُ الفاني لوحاتِ المناظر الخالدة على شريط الزمان..
    Madem âlem-i beka, şu âlem-i fenadan yapılacaktır. Elbette anâsır-ı esasiyesi, bekaya ve ebede gidecektir. Evet cennet-cehennem, şecere-i hilkatten ebed tarafına uzanıp eğilerek giden dalının iki meyvesidir ve şu silsile-i kâinatın iki neticesidir ve şu seyl-i şuunatın iki mahzenidir ve ebede karşı cereyan eden ve dalgalanan mevcudatın iki havuzudur ve lütuf ve kahrın iki tecelligâhıdır ki dest-i kudret, bir hareket-i şedide ile kâinatı çalkaladığı vakit, o iki havuz münasip maddelerle dolacaktır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    عندئذٍ تقتضي الحكمةُ السرمدية والعنايةُ الأزلية لذي الجلال والإكرام أن تَظهَر حقائقُ نتائج ذلك الامتحان ونتائجُ ذلك الاختبار، وحقائقُ تجلّيات تلك الأسماء الحسنى، وحقائقُ كتابات قلم القدر تلك، وأصولُ تلك النماذج لإبداعات صنعتِه سبحانه، وفوائدُ وغاياتُ تلك الوظائف للموجودات، وجزاءُ تلك الخدمات والمهام للمخلوقات، وحقائقُ معاني تلك الكلمات التي أفادها كتابُ الكون، وظهورُ سنابل بذور الاستعدادات الفطرية، وفتحُ أبواب محكمة كبرى، وإظهار المناظر المثالية التي التُقطت في الدنيا، وتمزيقُ ستار الأسباب الظاهرة، واستسلامُ كلِّ شيء إلى أمر خالقه ذي الجلال مباشرة..
    '''Şu Remizli Nükte’nin sırrı şudur ki:'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ويومَ تتوجّه إرادتُه لإظهار تلك الحقائق المذكورة لِتُنَجِّيَ الكائناتِ من تقلّبات التغيّر والتحوّل والفناء وتهبَ لها الخلود، ولتميّز بين تلك الأضداد وتُفرِّقَ بين أسباب التغيّر ومواد الاختلاف، سيقيمُ سبحانه القيامةَ حتما مقضيّا، وسيصفّي الأمورَ لإظهار تلك النتائج،
    Hakîm-i Ezelî inayet-i sermediye ve hikmet-i ezeliyenin iktizasıyla, şu dünyayı tecrübeye mahal ve imtihana meydan ve esma-i hüsnasına âyine ve kalem-i kader ve kudretine sahife olmak için yaratmış. Ve tecrübe ve imtihan ise neşv ü nemaya sebeptir. O neşv ü nema ise istidatların inkişafına sebeptir. O inkişaf ise kabiliyetlerin tezahürüne sebeptir. O kabiliyetlerin tezahürü ise hakaik-i nisbiyenin zuhuruna sebeptir. Hakaik-i nisbiyenin zuhuru ise Sâni’-i Zülcelal’in esma-i hüsnasının nukuş-u tecelliyatını göstermesine ve kâinatı mektubat-ı Samedaniye suretine çevirmesine sebeptir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وستأخذ جهنمُ في ختامها صورةً أبدية بشعةً مريعة وسيُهدِّد روّادَها بـ ﴿ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ اَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ﴾ (يس:٥٩).
    İşte şu sırr-ı imtihan ve sırr-ı teklif iledir ki ervah-ı âliyenin elmas gibi cevherleri, ervah-ı safilenin kömür gibi maddelerinden tasaffi eder, ayrılır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وتتجلى الجنةُ بروعتها وأبّهتها الجمالية الخالدة ويقول خزَنتُها لأهلها وأصحابِها: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِد۪ينَ ﴾ (الزمر:٧٣) وسيمنح القديرُ الحكيم بقدرته الكاملة أهلَ هذين الدارين الخالدين وجودا ثابتا أبديا خالدا لا يعتريه تغيّر ولا انحلال ولا شيب ولا انقراض. فليس هناك أسباب ومبررات للتغير المؤدي إلى الانقراض، كما بُرهن ذلك في «الكلمة الثامنة والعشرين، المقام الأول، السؤال الثاني».
    İşte bu mezkûr sırlar gibi daha bilmediğimiz çok ince, âlî hikmetler için âlemi bu surette irade ettiğinden şu âlemin tagayyür ve tahavvülünü dahi o hikmetler için irade etti. Tahavvül ve tagayyür için zıtları birbirine hikmetle karıştırdı ve karşı karşıya getirdi. Zararları menfaatlere mezcederek, şerleri hayırlara idhal ederek, çirkinlikleri güzelliklerle cem’ederek, hamur gibi yoğurarak şu kâinatı tebeddül ve tagayyür kanununa ve tahavvül ve tekâmül düsturuna tabi kıldı.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المسألة الرابعة
    Vaktâ ki meclis-i imtihan kapandı. Tecrübe vakti bitti. Esma-i hüsna hükmünü icra etti. Kalem-i kader, mektubatını tamamıyla yazdı. Kudret, nukuş-u sanatını tekmil etti. Mevcudat, vezaifini îfa etti. Mahlukat, hizmetlerini bitirdi. Her şey, manasını ifade etti. Dünya, âhiret fidanlarını yetiştirdi. Zemin, Sâni’-i Kadîr’in bütün mu’cizat-ı kudretini, umum havârık-ı sanatını teşhir edip gösterdi. Şu âlem-i fena, sermedî manzaraları teşkil eden levhaları zaman şeridine taktı.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنّ البعثَ سيقع حتما.  
    O Sâni’-i Zülcelal’in hikmet-i sermediyesi ve inayet-i ezeliyesi; o imtihan neticelerini, o tecrübenin neticelerini, o esma-i hüsnanın tecellilerinin hakikatlerini, o kalem-i kader mektubatının hakaikini, o numune-misal nukuş-u sanatının asıllarını, o vezaif-i mevcudatın faydalarını, gayelerini, o hidemat-ı mahlukatın ücretlerini ve o kelimat-ı kitab-ı kâinatın ifade ettikleri manaların hakikatlerini ve istidat çekirdeklerinin sümbüllenmesini ve bir mahkeme-i kübra açmasını ve dünyadan alınmış misalî manzaraların göstermesini ve esbab-ı zâhiriyenin perdesini yırtmasını ve her şey doğrudan doğruya Hâlık-ı Zülcelal’ine teslim etmesi gibi hakikatleri iktiza etti. Ve o mezkûr hakikatleri iktiza ettiği için kâinatı dağdağa-i tagayyür ve fenadan, tahavvül ve zevalden kurtarmak ve ebedîleştirmek için o zıtların tasfiyesini istedi ve tagayyürün esbabını ve ihtilafatın maddelerini tefrik etmek istedi. Elbette kıyameti koparacak ve o neticeler için tasfiye edecek.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن الدنيا بعد دمارها وموتها ستُبعث « آخرة »، وإن الخالق القدير الذي بناها لأول مرة سيعمّرها تعميرا أجملَ من عمارتها الأولى بعد هدمها، وسيجعلُها منـزلا من منازل الآخرة. وأدلّ دليل على هذا هو القرآنُ الكريم أولا، بجميع آياته التي تضمّ آلافا من البراهين العقلية، وجميعُ الكتب السماوية المتفقة مع القرآن الكريم في هذه المسألة، وكذا أوصافُ الجلال والجمال الإلهية وجميعُ الأسماء الحسنى للذات الجليلة، تدلّ كلُّها دلالةً قاطعة على وقوع البعث هذا، وكذا جميعُ أوامره سبحانه الموحَى بها إلى جميع الأنبياء والمرسلين عليهم السلام والتي وَعد بها وقوعَ البعث والقيامة. فلأنه وعَدَ فسيَفي بالوعد حتما. (راجع الحقيقة الثامنة من الكلمة العاشرة)، وكذا جميعُ ما أخبر به النبيُّ الأمي محمد ﷺ ومعه آلافُ المعجزات، عن حدوث البعث ويتفق معه جميعُ الأنبياءِ والمرسلين والأصفياء والأولياء والصديقين في وقوع هذا البعث. هذا فضلا عمّا تُخبرنا به جميعُ الآيات التكوينية في هذا الكون العظيم عن وقوع البعث هذا.
    İşte şu tasfiyenin neticesinde cehennem ebedî ve dehşetli bir suret alıp, taifeleri   وَام۟تَازُوا ال۟يَو۟مَ اَيُّهَا ال۟مُج۟رِمُونَ   tehdidine mazhar olacak. Cennet ebedî, haşmetli bir suret giyerek ehil ve ashabı سَلَامٌ عَلَي۟كُم۟ طِب۟تُم۟ فَاد۟خُلُوهَا خَالِدٖينَ   hitabına mazhar olacak. Yirmi Sekizinci Söz’ün Birinci Makamı’nın İkinci Suali’nde ispat edildiği gibi Hakîm-i Ezelî, şu iki hanenin sekenelerine, kudret-i kâmilesiyle ebedî ve sabit bir vücud verir ki hiç inhilal ve tagayyüre ve ihtiyarlığa ve inkıraza maruz kalmazlar. Çünkü inkıraza sebebiyet veren tagayyürün esbabı bulunmaz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الحاصل: إن جميعَ حقائق «الكلمة العاشرة»، وجميعَ براهين «لاسيما» في «المقام الثاني من الكلمة الثامنة والعشرين» الذي كُتب باللغة العربية في «المثنوي العربي النوري»؛ أظهرتا بكل ثبوت وقطعية، كبزوغ الشمس بعد غروبها، أن ستشرق شمسُ الحقيقة بصورةِ حياةٍ أخروية بعد غروب الحياة الدنيوية.
    '''Dördüncü Mesele'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا فإن كلَّ ما بيّناه منذ البداية في الأسس الأربعة، إنما كان استمدادا من اسم «الحكيم» واستفادةً من فيض القرآن الكريم، كي تُعدّ القلبَ للقبول وتُهَيِّءَ النفسَ للتسليم وتُحضرَ القلب للإذعان.
    ''Şu mümkün, vaki olacaktır.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ومَن نكون نحن حتى نتكلم في أمر كهذا، فالقولُ الفصل هو ما يقولُه مالكُ هذه الدنيا، وخالقُ هذا الكون، وربُّ هذه الموجودات؟! أما نحن فلا يسعنا إلّا الخضوعُ والإنصاتُ والإذعان.. فحينما يتكلم ربُّ السماوات والأرض، فمَن ذا أحقُّ منه بالكلام سبحانه وتعالى؟!
    Evet dünya, öldükten sonra âhiret olarak diriltilecektir. Dünya harap edildikten sonra, o dünyayı yapan zat, yine daha güzel bir surette onu tamir edecek, âhiretten bir menzil yapacaktır. Şuna delil başta Kur’an-ı Kerîm binler berahin-i akliyeyi tazammun eden umum âyâtıyla ve bütün kütüb-ü semaviye bunda müttefik bulunduğu gibi; Zat-ı Zülcelal’in evsaf-ı celaliyesi ve evsaf-ı cemaliyesi ve esma-i hüsnası, bunun vukuuna kat’î surette delâlet ederler ve enbiyaya gönderdiği bütün semavî fermanları ile kıyameti ve haşrin icadını vaad etmiş. İşte madem vaad etmiş, elbette yapacaktır. Onuncu Söz’ün Sekizinci Hakikati’ne müracaat et. Hem başta Muhammed-i Arabî aleyhissalâtü vesselâmın bin mu’cizatının kuvvetiyle, bütün enbiya ve mürselînin ve evliya ve sıddıkînin, vukuunda müttefik olup haber verdikleri gibi; şu kâinat bütün âyât-ı tekviniyesiyle, vukuundan haber veriyor.
     
    </div>
    فهذا الخالقُ الكريم يوجّه خطابا أزليا إلى جميع صفوف طوائف الكائنات في باحة مسجد الدنيا ومدرسة الأرض القابعين وراء العصور والذي يزلزل الكون بأجمعه:
     
    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ﴿ اِذَا زُلْزِلَتِ الْاَرْضُ زِلْزَالَهَا ❀ وَاَخْرَجَتِ الْاَرْضُ اَثْقَالَهَاۙ ❀ وَقَالَ الْاِنْسَانُ مَا لَهَاۚ ❀ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ اَخْبَارَهَاۙ ❀ بِاَنَّ رَبَّكَ اَوْحٰى لَهَاۜ ❀ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ اَشْتَاتًاۙ لِيُرَوْا اَعْمَالَهُمْۜ ❀ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُۜ ❀ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ  ﴾ (سورة الزلزلة)
    '''Elhasıl:''' Onuncu Söz bütün hakaikiyle, Yirmi Sekizinci Söz İkinci Makamı’nda Lâsiyyemalardaki bütün berahiniyle, gurûb etmiş güneşin sabahleyin yeniden tulû edeceği derecesinde bir kat’iyetle göstermiştir ki: Hayat-ı dünyeviyenin gurûbundan sonra şems-i hakikat, hayat-ı uhreviye suretinde çıkacaktır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وخطابا أبهجَ جميعَ المخلوقات وأثارَ فيهم الشوق: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ اَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْر۪ي مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهَارُۜ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًاۙ قَالُوا هٰذَا الَّذ۪ي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَاُتُوا بِه۪ مُتَشَابِهًاۜ وَلَهُمْ ف۪يهَٓا اَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ ف۪يهَا خَالِدُونَ ﴾ (البقرة:٢٥).
    İşte baştan buraya kadar beyanatımız, ism-i Hakîm’den istimdad ve feyz-i Kur’an’dan istifade suretinde kalbi kabule, nefsi teslime, aklı iknaya ihzar için dört esas söyledik. Fakat biz neyiz ki buna dair söz söyleyeceğiz. Asıl şu dünyanın sahibi, şu kâinatın Hâlık’ı, şu mevcudatın Mâlik’i ne söylüyor; onu dinlemeliyiz. Mülk sahibi söz söylerken başkalarının ne haddi var ki fuzuliyane karışsın.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فعلينا السمعُ والإنصاتُ إلى ذلك الخطاب الصادر من مالك الملك وربّ الدنيا والآخرة ونقول: آمنّا وصدّقنا.
    İşte o Sâni’-i Hakîm, dünya mescidinde ve arz mektebinde, asırlar arkasında oturan taifelerin umum saflarına hitaben îrad ettiği hutbe-i ezeliyesinde, kâinatı zelzeleye veren
    اِذَا زُل۟زِلَتِ ال۟اَر۟ضُ زِل۟زَالَهَا ۝ وَاَخ۟رَجَتِ ال۟اَر۟ضُ اَث۟قَالَهَا ۝ وَ قَالَ ال۟اِن۟سَانُ مَالَهَا ۝ يَو۟مَئِذٍ تُحَدِّثُ اَخ۟بَارَهَا ۝ بِاَنَّ رَبَّكَ اَو۟حٰى لَهَا ۝ يَو۟مَئِذٍ يَص۟دُرُ النَّاسُ اَش۟تَاتًا لِيُرَو۟ا اَع۟مَالَهُم۟ ۝ فَمَن۟ يَع۟مَل۟ مِث۟قَالَ ذَرَّةٍ خَي۟رًا يَرَهُ ۝ وَمَن۟ يَع۟مَل۟ مِث۟قَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
    ve bütün mahlukatı neşelendiren, şevke getiren
    وَبَشِّرِ الَّذٖينَ اٰمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ اَنَّ لَهُم۟ جَنَّاتٍ تَج۟رٖى مِن۟ تَح۟تِهَا ال۟اَن۟هَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِن۟هَا مِن۟ ثَمَرَةٍ رِز۟قًا قَالُوا هٰذَا الَّذٖى رُزِق۟نَا مِن۟ قَب۟لُ وَاُتُوا بِهٖ مُتَشَابِهًا وَلَهُم۟ فٖيهَٓا اَز۟وَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُم۟ فٖيهَا خَالِدُونَ
    gibi binler fermanları, Mâlikü’l-mülk’ten, Sahib-i Dünya ve Âhiret’ten dinlemeliyiz. “Âmennâ ve Saddaknâ” demeliyiz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّمْتَنَاۜ اِنَّكَ اَنْتَ الْعَل۪يمُ الْحَك۪يمُ
    سُب۟حَانَكَ لَا عِل۟مَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّم۟تَنَٓا اِنَّكَ اَن۟تَ ال۟عَلٖيمُ ال۟حَكٖيمُ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَٓا اِنْ نَس۪ينَٓا اَوْ اَخْطَأْنَا
    رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذ۟نَٓا اِن۟ نَسٖينَٓا اَو۟ اَخ۟طَا۟نَا
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    اَللّهمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إبرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا إبرَاهِيمَ اِنّكَ حَمِيد مَجِيد.
    اَللّٰهُمَّ صَلِّ عَلٰى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلٰى اٰلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّي۟تَ عَلٰى سَيِّدِنَا اِب۟رَاهٖيمَ وَ عَلٰى اٰلِ سَيِّدِنَا اِب۟رَاهٖيمَ اِنَّكَ حَمٖيدٌ مَجٖيدٌ
    </div>




    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ------
    ------
    <center> [[Yirmi Sekizinci Söz]] | [[Sözler]] | [[Otuzuncu Söz]] </center>
    <center>[[Yirmi_Sekizinci_Söz/ar|الكلمة الثامنة والعشرون]] | [[Sözler/ar|الكلمات]] | [[Otuzuncu_Söz/ar|الكلمة الثلاثون]] </center>
    ------
    ------
    </div>

    19.40, 9 Mayıs 2024 itibarı ile sayfanın şu anki hâli

    Diğer diller:


    تخص بقاء الروح والملائكة والحشر

    اَعُوذُ بِاللّٰهِ مِنَ الشَّي۟طَانِ الرَّجٖيمِ

    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ

    ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلٰٓئِكَةُ وَالرُّوحُ ف۪يهَا بِاِذْنِ رَبِّهِمْۚ مِنْ كُلِّ اَمْرٍۙ ﴾ (القدر:٤)

    ﴿ قُلِ الرُّوحُ مِنْ اَمْرِ رَبّ۪ي ﴾ (الإسراء:٨٥)

    هذا المقام عبارة عن مقصدين أساسين مع مقدمة

    المقدمة

    يصحّ القول بأن وجودَ الملائكة والعالم الروحاني ثابت كثبوت وجود الإنسان والحيوان، فكما بَيّنا في المرتبة الأولى من «الكلمة الخامسة عشرة»: أنّ الحقيقةَ تقتضي قطعا، والحكمةَ تستدعي يقينا أن تكون للسماوات -كما هي للأرض- من ساكنين. ولا بدّ أنهم ذوو شعور، وهم متلائمون معها كل التلاؤم. وفي مصطلح الدين يسمّى أولئك الساكنون من ذوي الأجناس المختلفة بـ«الملائكة» و«الروحانيات».

    نعم، إنّ الحقيقة تقتضي هكذا.. فرغم ضآلة كرتِنا الأرضية وصغرِها قياسا إلى السماء فإن ملأها بمخلوقات ذوات مشاعر، بين حين وآخر، وإخلاءها منهم وتزيينها بآخرين جُدد يشير، بل يصرّح: أنّ السماواتِ ذاتَ البروج المشيدة وكأنها قصور مزيّنة، لابد أنها ملآى أيضا، بذوي حياةٍ مُدركين واعين، الذين هم نورُ الوجود، ومن ذوي الشعور الذين هم ضياءُ الأحياء، وأن تلك المخلوقات -كالأنس والجن- هم كذلك، مشاهدو قصرِ هذا العالم الفخم.. ومطالعو كتابَ الكون هذا.. والداعون الأدلّاء إلى سلطان الربوبية.. ويمثِلون بعبوديتهم الكلية الشاملة، تسابيحَ الكائنات، وأورادَ الموجودات الضخمة.

    أجل، إنّ تنوّع هذه الكائنات يدلّ على وجود الملائكة؛ لأن تزيينَ الكائنات بدقائق الصنعة المبدعة التي لا تعدّ ولا تحصى، وبمحاسنَ ذاتِ معانٍ ونقوش حكيمة، يتطلب بالبداهة، أنظار متفكرين ومستحسِنين، ومعجَبين مقدّرين.. أي يستدعي وجودَهم.

    نعم، كما أنّ الجمال يطلب العاشقَ.. والطعامَ يُعطى للجائع.. فلابد أنّ غذاءَ الأرواح وقوتَ القلوب في هذه الصنعة الإلهية الجميلة الرائعة يدل على وجود الملائكة والعالم الروحاني ويتوجّه إليهم. ولما كانت هذه التزيينات غير النهائية في الكون تتطلب تأملا وعبودية غير محدودة، وأن الأنس والجن لا يمكنهما القيامُ إلّا بقسط ضئيل جدا -واحد من مليون- من هذه الوظيفة غير النهائية، ومن هذه الرؤية الحكيمة، ومن هذه العبودية الواسعة..

    فلابد أن تكون لهذه الوظائف غير النهائية والعبادات المتنوعة، أنواع غير نهائية أيضا من «الملائكة» وأجناس غير محدودة من «الروحانيات»، كي يعمّروا بصفوفهم المتراصّة ويملؤوا هذا المسجد الكبير.. هذا العالم.. هذا الكون..

    أجل، ففي كل جهةٍ من هذا الكون، وفي كل دائرةٍ من دوائره، هناك «موظفون» من طبقة «الملائكة والروحانيات» قد أسند إليهم واجبُ القيام بعبوديةٍ مخصوصة.. فاستنادا إلى إشارات بعض الأحاديث النبوية الشريفة من جهة، واستلهاما من حكمةِ انتظام هذا العالم من جهة أخرى، يصح القول: إنّ بعضا من الأجسام الجامدة السيّارة، ابتداءا من النجوم وانتهاءً بقطرات المطر، إنما هي سُفن ومراكبُ لقسم من الملائكة، فهم يركبونَها بإذن إلهي، ويشاهدون عالَم الشهادة سائحين فيه.. ويمثّلون «تسبيحات» تلك المراكب..

    وحيث إنّ الشهداء «أرواحهم في جوف طير خضر تسرح من الجنّة»، ([1]) كما جاء في حديث نبوي شريف، لذا يصح القول: إنه ابتداءً مما أشار الحديث الشريف من «طير خضر» إلى النحل من الأجسام الحية، هي طائرات لأجناسٍ من الأرواح، فهي تحلّ في أجساد تلك الأحياء، بأمر الله الحق، وتشاهد العالَم المادي من خلال حواسها كالأعين والآذان، وتتفرج على روائع المعجزات الفطرية فيه، وبذلك تؤدي تسبيحاتِها المخصوصة..

    وهكذا، فكما اقتضت الحقيقة وجود الملائكة والروحانيات، كذلك تقتضيه الحكمة:

    لأنّ الفاطر الحكيم الذي يخلق باستمرار وبفعالية جادة حياةً لطيفةً ذات إدراك متنّور، من هذا التراب الكثيف على ضآلة علاقته بالروح، ومن الماء العكر على جزئية تعلّقه بنور الحياة. لابدّ أن يكون له أيضا مخلوقات كثيرة جدا ذوات شعور، قد خُلقت من بحر النور، وحتى من محيط الظلمة، ومن الهواء، ومن الكهرباء ومن سائر المواد اللطيفة التي هي أليقُ بالروح وأنسبُ للحياة وأقربُ إليها.

    المقصد الأول

    «التصديق بالملائكة ركن من أركان الإيمان»

    في هذا المقصد أربع نكات أساسية

    الأساس الأوّل

    إنّ كمالَ الوجود مع الحياة، بل إن الوجودَ الحقيقي للوجود كائن مع الحياة. فالحياة نورُ الوجود، والشعور ضياءُ الحياة.. والحياة رأسُ كل شيء وأساسُه.. وهي التي تجعل كلَّ شيء ملكا لكل كائن حيّ، فتجعل الشيءَ الحيّ الواحدَ بحُكم المالك لجميع الأشياء. فبالحياة يتمكن الشيءُ الحيّ أن يقول: «إنّ هذه الأشياء مُلكي، والدنيا مسكني، والكائنات كلَّها مُلك أعطانيه مالكي».. وكما أن الضوء سبب لرؤية الأجسام وسبب لظهور الألوان -على قول- كذلك الحياةُ هي كشّافة للموجودات، وسبب لظهورها، وسبب لتحقق النوعيات.. وهي التي تجعل جزءَ الجزئي بحُكم الكلّ والكلّي، وسبب لحَصر الأشياء الكلية في الجزء، وسبب لجميع كمالات الوجود؛ كإشراكها وتوحيدها الأشياءَ الوفيرة، وجعلها مدارا لوحدة واحدة ومَظهرا لروح واحدة.. حتى إن الحياة نوع من تجلّي الوحدة في طبقات الكثرة من المخلوقات، فهي مرآة للأحدية في الكثرة..

    والآن لنوضح:

    انظر إلى الجسم الجامد، وإن كان جبلا شاهقا، فهو غريب.. يتيم.. وحيد.. إذ تنحصر علاقتُه وصلتُه بمكانه، وما يتصل به من أشياء فقط، وما يوجد في الكائنات الأخرى معدوم بالنسبة إليه، وذلك لأنه ليس له «حياة» حتى يتصل بها، ولا «شعور» حتى يتعلق به.

    ثم انظر إلى جسم صغير حيّ كالنحل مثلا، ففي الوقت الذي تدخل فيه «الحياةُ» فإنه يقيم عقدا تجاريا وصِلةً مع جميع الكائنات والموجودات، وخاصةً مع نباتات الأرض وأزهارِها بحيث يمكنه القول: «إن جميع الأرض هي حديقتي ومتجري.»..

    فهناك إذن، عدا الحواسِ المعروفة الظاهرة والباطنة في الأحياء، دوافعُ فطرية أخرى غير معروفة كأحاسيسَ سائقةٍ ومشوّقةٍ تُعطي للنحل فرصةَ التصرف وإمكانية الاختصاص والأنس والتبادل مع أكثر أنواع الموجودات في الدنيا.

    ولئن كانت الحياةُ تُظهر تأثيرَها هكذا في كائن حيّ صغير، فلابد أنها كلّما عَلَتْ وارتقتْ إلى مرتبة عليا وهي المرتبة الإنسانية، فإن تأثيرها يتسعُ ويكبرُ ويتنوّر، بحيث يجول هذا الإنسانُ بعقله وشعوره -الذي هو ضياء الحياة- في العوالم العلوية والروحية والمادية كما يجول في غرف داره. وهذا يعني أنه مثلما يسافر ذلك الكائنُ الحيّ ذو الشعور إلى تلك العوالم معنويا، فإن تلك العوالم تأتي وتكون ضيوفا على مرآة روحه بارتسامها وتمثّلها فيها.

    والحياة بحدّ ذاتها أسطعُ برهانٍ لوحدانية الله سبحانه وتعالى، وأوسعُ مجال لنعمته العظيمة، وألطفُ تجلٍّ من تجليات رحمته، وأدقُّ نقش من نقوش صنعته الخفية النـزيهة.

    نعم، إنها خفية ودقيقة؛ لأن تنبّه «العقدة الحياتية» أي تفتحَها ونموَّها في البذرة -التي هي أولى مراتب الحياة في النبات الذي يمثل أدنى أنواع الحياة- بقي مستورا عن أنظار علم البشر منذ زمن آدم عليه السلام، رغمَ شدة ظهورِه وكثرته والإلفة به. ولم تنكشف حقيقتُه الصائبة لعقل البشر لحدّ الآن بجلاء.

    والحياة نزيهـة نقية بحيث إن وجهَيها -الـمُلك والملكوت- صافيان وشفافان؛ إذ إن يدَ القدرة تباشر أعمالَها فيها دون وضعٍ لستار الأسباب، في حين أنها جعلت الأسبابَ الظاهرية حجابا لتصرّفها في سائر الأمور الأخرى. كي تكون منشأً للأمور الخسيسة وللكيفيات غير النـزيهة التي تنافي عزةَ القدرة في ظاهر الأمر.

    والخلاصة: يصح القول: إن لم تكن هناك حياة فالوجودُ ليس بوجود، ولا يختلف عن العدم، فالحياةُ ضياءُ الروح والشعورُ نور الحياة.

    ولما كانت الحياةُ والشعور لهما هذه الأهمية، وما دمنا نشاهد كل هذا النظام المُتقن في هذا العالم، ونرى هذه الدقة والإتقان والإحكام التام والانسجام الكامل في الكون، وما دامت كرتُنا الأرضية -وهي كذرة بالنسبة إلى الكون- تزخرُ بما لا يُعدّ ولا يحصى من ذوي الأرواح وذوي المشاعر والإدراك، فلابد أن يُحكم بحَدسٍ صادق ويُقرَّر بيقين قاطع أنّ جوانب هذه القصور السماوية والبروج الشاهقة تدبّ فيها سَكَنةٌ من الأحياء وذوي المشاعر بما يلائمها ويتجاوب معها، إذ كما أن السمك يعيش في الماء، كذلك من الممكن أن يوجد سكنة نورانيون في لهيب الشمس ممن يتلاءمون معها، لأن النار لا تُحرق النور بل تمدّه وتديمه.

    وما دامت القدرةُ الإلهية تخلق أحياءً وذوي أرواح لا تعدّ ولا تحصى من مواد عادية جدا، بل من أكثف العناصر، وتبدّل المادة الكثيفة الغليظة بالحياة إلى مادةٍ لطيفة بكلِّ عناية وإتقان، وتنشُرُ نورَ الحياة في كل شيء بغزارة، وترصّع أغلبَ الأشياء بضياءِ الشعور، فلابد أن ذلك القدير الحكيم لن يهمل بقدرته الكاملة وبحكمته التامة، النورَ والأثيرَ وأمثالَهما من السيالات اللطيفة والقريبة، بل الملائمة للروح، دون حياة. ولن يتركه جامدا ولن يدعه دون شعور. وإنما الأَولى أن يَخلق جلّت قدرتُه وحكمتُه أحياءً وذوي شعور من تلك المواد السيّالة اللطيفة، من مادة النور وحتى من الظلام وحتى من مادة الأثير وحتى من المعاني وحتى من الهواء وحتى من الكلمات، فيَخلق كثرةً كاثرة من المخلوقات ذوات الأرواح المختلفة -كالأجناس الكثيرة المختلفة للحيوانات- فيصير قسم منها الملائكة وقسم آخر أجناس الجنّ وعالم الروح.

    وفي المثال الآتي يتبيّن لك؛ كم تكونُ فكرةُ وجود الملائكة والروحانيات بكثرة، كما بيّنه القرآنُ الكريم، حقيقةً وبداهة وأمرا معقولا، وكم يكون الرفضُ وعدمُ القبول خلافا للحقيقة والحكمة، بل خرافةً وضلالة وهذيانا وبلاهة:

    يتصادق اثنان أحدهما بدوي وآخرُ حضري، كانا يسيران معا إلى مدينة عظيمة –كإسطنبول- وقبل دخولهما المدينةَ وفي زاوية من زواياها يصادفان مبنىً صغيرا وورشةً قذرة، فيبصران المبنى مملوءً برجال مساكين يعملون منهوكين في هذا المعمل الغريب، ويلاحظان حولَ المعمل حيواناتٍ وأحياءً أخرى أيضا تقتات كلّ بطريقتها الخاصة حسب شرائط حياتها. فمنها ما يأكل النبات وأخرى تأكل الأسماك فقط، وهكذا.. وفيما هما يراقبان أحوالَ هؤلاء إذا بهما يريان على بُعدٍ منهما آلافا من العمارات المزيّنة والقصور العالية تفصل بينها ميادينُ وفسحُ واسعة، إلّا أن سكان تلك العمارات الرائعة لا يَظهرون لهما، إما لبُعدهما عنهم، أو لضعف نظرهما، أو لاختفاء سكنةِ تلك القصور أنفسهم، ولا توجد شرائطُ الحياة التي في هذه الورشة القذرة في تلك القصور العالية.

    فالبدوي الذي لم يرَ المدينة في حياته قال: «إن تلك العمارات خالية من أهلها ولا أحدَ فيها من الأحياء، إذ إنني لا أراهم، وليس هناك ما يشير إلى الحياة كحياتنا أصلاً »، فأظهرَ بهذيانه هذا حماقتَه الشديدة.

    أجابه صديقُه العاقل الرزين: يا هذا! أما ترى أن هذا المسكنَ البسيط الحقير مليء بالأحياء وليس هناك شبر من فراغ حولَنا لم يُملأ بالأحياء والعاملين، فهناك من يبدّلهم ويجدّدهم دائما ويستخدمهم أبدا. فانظر الآن هل من الممكن أن تكون تلك العماراتُ الرائعة المنتظمة والتزييناتُ الحكيمة، والقصور الباذخة على بُعدها عنّا خاليةً من أهلها المتلائمين معها؟. إنها لابدّ قد مُلئت جميعا بذوي أرواح، لهم شرائطُ حياة أخرى خاصة بهم، فلربما يأكلون -بدلا من الأعشاب والأسماك- شيئا آخر، فإنّ عدمَ رؤيتهم -لبُعدهم أو لقُصر النظر أو اختفائهم- لا يقيم دليلا أبدا على عدم وجودهم، إذ إن عدم الرؤية لا يدل مطلقا على عدم الوجود.

    وليس عدم الظهور بحجةٍ قطعا على عدم الوجود.

    وقياسا على هذا المثال البسيط الواضح؛ إنّ الكرة الأرضية وهي واحدة من الأجرام السماوية، على كثافتها وضآلة حجمها، قد أصبحت موطنا لما لا يحدّ من الأحياء وذوي المشاعر، حتى لقد أصبحتْ أقذرُ وأخسُّ الأماكن فيها منابعَ ومواطنَ لكثير من الأحياء، ومحشرا ومعرضا للكائنات الدقيقة.

    فالضرورة والبداهة والحدس الصادق واليقين القاطع جميعا تدل وتشهد بل تعلن أنّ هذا الفضاءَ الواسع والسماوات ذات البروج والأنجمَ والكواكب كلَّها مليئة بالأحياء وبذوي الإدراك والشعور. ويطلق القرآن الكريم والشريعةُ الغرّاء على أولئك الأحياء الشاعرين والذين خُلقوا من النور والنار ومن الضوء والظلام والهواء ومن الصوت والرائحة ومن الكلمات والأثير وحتى من الكهرباء وسائر السيالات اللطيفة الأخرى بأنهم: ملائكة.. وجان.. وروحانيات.

    ولكن كما أن الأجسام أجناس مختلفة كذلك الملائكة؛ إذ ليس المَلَك الموكّل على قطرة المطر من جنس المَلَك الموكّل على الشمس. وكذلك الجن والروحانيات لهم أجناس مختلفة كثيرة.

    خاتمة هذه النكتة الأساس

    لقد ثبت بالتجربة أن المادة ليست أساسا وأصلا ليبقى الوجودُ مسخّرا من أجلها وتابعا لها، بل هي قائمة بـ«معنى»، وهذا المعنى هو الحياة.. هو الروح..

    وتُرينا المشاهدة والملاحظة كذلك أن المادة لا تكون مُطاعةً حتى يُرجَّع إليها كلُّ شيء، وإنما هي وسيلة مطيعة خادمة لإكمال حقيقة معينة.. هذه الحقيقة هي الحياة.. وأساسها.. هو الروح.

    ومن البديهي أن المادة ليست هي الحاكمة حتى يُستجدى على بابها وتُطلبَ أو تُنتَظرَ منها الكمالات والـمُثُل، بل هي محكومة تسير وفق أساس معيّن وتتحرك بإشارته.. هذا الأساس هو الحياة، هو الروح، هو الشعور.

    وتقتضي الضرورة كذلك أن لا ترتبط بالمادة الأعمالُ والـمُثُل ولا تُبنى على ضوئها، إذ إنها ليست لبّا ولا أصلا ولا أساسا ولا ثابتا مستقرا. وإنما هي قشرة وغلاف وزَبَد وصورة مهيأة للتشقّق والذوبان والتمزق.

    ألا يُشاهَد كيف أن الحيوانات الدقيقة التي لا يمكن رؤيتُها بالعين المجردة تملك إحساسات حادّة وقوية حتى إنها تسمع همسات بنى جنسها وترى موادَّ رزقهم!!. إن هذا يبيّن لنا بوضوح أنّ المادة كلّما صغُرت ودقّت ازداد انطباعُ ملامح الحياة وآثارها عليها، واشتدّ نورُ الروح فيها، أي إن المادة كلما دقت وابتعدت عن ماديتها كأنها تقترب أكثر من عالم الروح، وعالم الحياة، وعالم الشعور، فيتجلّى نورُ الحياة وحرارةُ الروح بشدّة أكثر..

    فهل من الممكن أن يترشح كلُّ ما نرى من ترشحات الحياة والمشاعر والروح وتنسابُ رقراقةً من أغطية المادّة، ولا يكون العالمُ الباطن الكائن تحت ستار المادة مملوءا بذوي المشاعر وبذوي الأرواح؟ وهل من الممكن أن يرجع إلى المادة ويُسند إليها وإلى حركتها كلُّ ما في عالم الشهادة من ترشحات غير محدودة للمعاني والروح والحقيقة ومنابع لمعاتها وثمراتها، وتتوضحَ بها وحدها!؟.. كلّا ثم كلّا.. بل إن هذه المظاهر غير المحدودة المترشحة، ولمعاتها تُظهر لنا أنّ عالم الشهادة المادي هذا إنما هو ستار منقّش مزركش ملقىً على عالم الملكوت والأرواح.

    الأساس الثاني

    يصح القول بأن هناك إجماعا ضمنيا -مع تباين التعبير- على وجود حقيقة الملائكة وثبوت العالم الروحاني، بين أهل العقل والنقل كافةً سواء علموا أم لم يعلَموا..

    فلم يُنكر «معنى» الملائكة حتى المشّاؤون من الفلاسفة الإشراقيين الذين أوغلوا في الماديات؛ إذ عبّروا عن «معنى» الملائكة بقولهم: «إن هناك ماهية مجردة روحية لكل نوع».

    والآخرون من الإشراقيين عندما اضطروا لقبول معنى الملائكة أطلقوا عليهم خطأً: «العقول العشرة وأرباب الأنواع».

    ومن المعلوم أنّ جميع أهل الأديان مؤمنون أنّ لكل نوع من أنواع الموجودات مَلَكا موكّلا به يستهلم من الوحي الإلهي وإرشاده، فيعبّرون عنهم بأسماء: مَلَك الجبال، ومَلك البحار، ومَلَك الأمطار..

    وحتى المادّيون والطبيعيون، الذين تحدّرت عقولُهم إلى عيونهم، والمتجرّدون معنويا من الإنسانية، الساقطون إلى درجة الجمادات، لم يَسَعْهم إنكارُ «معنى» الملائكة وحقيقةِ الروح. فأطلقوا على القوى الجارية في نواميس الفطرة اسم «القوى السارية» فكان هذا تصديقا اضطراريا منهم -ولو بصورة مشوّهة- لمعنى الملائكة.

    فيا أيها الإنسان المسكين المتردد في قبول وجود الملائكة والعالَم الروحاني! علَامَ تستند؟ وبأيّ حقيقةٍ تفتخر؟ حتى تواجه ما اتفق عليه جميعُ أهل العقل، سواء علموا أم لم يعلموا، من ثبوت معنى وحقيقة وجود الملائكة وتحقق العالم الروحاني؟

    فما دامت الحياةُ -كما أثبتنا في الأساس الأول- كشافةً للموجودات بل نتيجتَها وزبدتَها.. وإن جميعَ أهل العقل قد اتفقوا ضمنيا، وإن اختلفوا في التعبير، على معنى الملائكة.. وأن أرضنا هذه معمورة بكل هذه الأحياء وذوي الأرواح، فكيف يمكن إذن أن يخلو هذا الفضاءُ الواسع من ساكنيه، وتلك السماواتُ البديعة اللطيفة من عامريها؟!.

    ولا يخطرنّ ببالك أنّ النواميسَ والقوانينَ الجارية في العالم كافية أن تجعل الكائنات ذات حياة.. لأن تلك النواميس الجارية والقوانين الحاكمة أوامرُ اعتبارية، ودساتيرُ وهمية، لا يُعتدّ بها، ولا تُعدّ شيئا أصلا.

    فإن لم يكن هناك عبادُ الله المسمّون بـ«الملائكة» يأخذون بزمام هذه القوانين ويظهرونَها ويمثلونها، فلا يتعين لتلك القوانين والنواميس أيُّ وجود كان، ولا تُعرف لها هوية. فهي ليست حقيقةً خارجيةً قط، والحال أن الحياة حقيقة خارجية. والأمرُ الوهمي لا يمكن أن تُحمل عليه حقيقة خارجية.

    نخلص من هذا أنه: مادام أهلُ الحكمة وأهل الدين وأصحاب العقل والنقل متفقين ضمنيا على أن الموجودات لا تنحصر في عالم الشهادة هذا، وأن عالم الشهادة الظاهر الجامد الذي لا يكاد يتفق مع إقامة الأرواح وتشكّلها قد تزين بهذا العدد الهائل من ذوي الأرواح والأنسام؛ لذا فالوجود لا يمكن أن يكونَ منحصرا فيه. بل هناك طبقات أخرى كثيرة من الوجود، بحيث يُصبح عالمُ الشهادة بالنسبة لها ستارا مزركشا.

    وما دام عالمُ الغيب وعالم المعنى ملائمَين للأرواح -كملاءمة البحار للأسماك- فلابدّ أنهما يزخران بأرواح ملائمةٍ لهما.

    ولما كانت جميعُ الأمور قد شهدت على وجود معنى الملائكة، لذلك فلا ريب أنّ أحسنَ صورة لوجود الملائكة والحقائق الروحانية، وأفضلَ حال وكيفيةٍ لها، بحيث تستسيغها العقولُ السليمة وتستحسنها، هو بلا شك ما شرَحه القرآنُ الكريم وبيّنه بوضوح.

    فالقـرآن الكـريـم يذكر المـلائكـة بأنـهم: ﴿ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ﴾ (الأنبياء:٢٦) ﴿ لَا يَعْصُونَ اللّٰهَ مَٓا اَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ (التحريم:٦).

    فهم أجسام نورانية لطيفة تنقسم إلى أنواع مختلفة.

    نعم، فكما أن البشر هم أمة يحملون ويمثّلون وينفّذون الشريعة الإلهية الآتية من صفة «الكلام»، كذلك الملائكةُ أمة عظيمة جدا بحيث إن قسم العاملين منهم يحملون ويمثّلون وينفّذون الشريعة التكوينية الآتية من صفة «الإرادة». وهم نوع من عباد الله الطائعين لأوامر المؤثّر الحقيقي الذي هو القدرةُ الفاطرة والإرادةُ الإلهية طاعةً كاملةً، حتى جعلوا كل جرم من الأجرام السماوية العلوية بمثابة مسجدٍ ومعبدٍ لهم.

    الأساس الثالث

    إنّ مسألة ثبوت الملائكة والعالَم الروحاني من المسائل التي تنطبق عليها القاعدة المنطقية: « يُدرَك تحقق الكلّ بثبوت جزء واحد». أي إنه برؤية شخصٍ واحد للملائكة يُعرَف وجود النوع عامةً؛ لأن الذي ينكر الواحد ينكر الكلّ قاطبةً. فإذا ما قَبِل فردا واحدا من ذلك النوع، فعليه أن يقبل النوعَ جميعا، إذن تأمّل:

    ألَا ترى وتسمع بأنّ جميعَ أهل الأديان، في جميع العصور، منذ زمن سيدنا آدم عليه السلام إلى يومنا هذا، قد اتفقوا على وجود الملائكة وثبوت العالم الروحاني، وأن طوائف من البشر قد أجمعوا على إمكان محادثة الملائكة ومشاهدَتهم والرواية عنهم مثلما يتحاورون ويشاهدون ويروون الروايات فيما بينهم.

    فيا تُرى هل يمكن أن يحصل مثلُ هذا الإجماع، ويدومَ هذا الاتفاق، بهذا الشكل المتواتر المستمر في أمر وجوديّ، إيجابي، مستند إلى الشهود، إن لم يكن قد شوهد أحد من الملائكة عيانا وبداهةً؟ أو لم يُعرف وجودُ شخص أو أشخاص منهم بصورة قاطعة بالمشاهدة؟

    أو لم يُشعر بوجودهم بالبداهة والمشاهدة؟. وهل من الممكن ألّا يكون منشأ هذا الاعتقاد العام مبادئَ ضروريةً وأمورا بديهية؟ وهل من الممكن أن يستمر ويبقى وَهْم لا حقيقةَ له في جميع العقائد الإنسانية وفي خضم التقلبات البشرية؟. وهل من الممكن أن الإجماع العظيم لأهل الأديان هذا، لا يستند إلى حدسٍ قطعي وعلى يقين شهودي؟. وهل من الممكن أنّ هذا الحدسَ القطعي واليقينَ الشهودي لا يستندان إلى ما لا يعدّ ولا يحصى من الأمارات والعلامات؟ وأن هذه الأمارات لا تستند على مشاهدات واقعية؟ وأن هذه المشاهدات الواقعية لا تستند إلى مبادئ ضرورية لا شك فيها ولا شبهة؟

    ولما كان الأمر كذلك، فإن أسس ومستندات الاعتقادات العامة في أهل الأديان هي مبادئ ضرورية، نتجت بالتواتر المعنوي النابع من رؤية الروحانيات ومشاهدة الملائكة مرارا وتكرارا، فهي أسس قطعية الثبوت.

    وهل من الممكن أو المعقول أن تدخل الشبهةُ في وجود الملائكة وعالَم الروح ومشاهدتهم الذي أخبر عنه وشهدَ به الأنبياءُ والأولياءُ، شهودا متواترا وبقوة الإجماع الضمني. وهم شموسُ الحياة الاجتماعية البشرية ونجومُها وأقمارُها، وبخاصةٍ أنهم «أهلُ الاختصاص» في هذه المسألة؛ إذ من المعلوم أن اثنين من أهل الاختصاص يرجَّحان على آلاف من غيرهم. وهم كذلك «أهلُ الإثبات» في هذه المسألة، ومن المعلوم أن اثنين من أهل الإثبات يرجَّحان كذلك على آلافٍ من «أهل النفي».

    وهل من الممكن أن تدخل أيةُ شبهة وبخاصة فيما ذكره القرآنُ الحكيم المعجِز الذي يتلألأ في سماء الكائنات دائما دون أفول، فهو شمسُ شموسِ عالم الحقيقة، وبما شهده وشاهده النبيُ الكريم عليه الصلاة والسلام وهو شمسُ الرسالة؟.

    ولما كان تحقق وجود كائن روحاني واحد -في وقت ما- يُظهر حقيقةَ وجودِ جميع نوعه، وقد تحقق هذا فعلا. فلابدّ أن أفضلَ صورةٍ معقولة ومقبولة لحقيقة وجودهم هو مثلما شرحتْها الشريعةُ الغرّاء، وأظهرَها القرآنُ الكريم، وشاهدها صاحبُ المعراج عليه أفضل الصلاة والسلام.

    الأساس الرابع

    إذا أمعنا النظر في موجودات الكون نلاحظ أن: «للكلّـيّات، كما هي للجزئيات، شخصيةً معنوية، بحيث تُظهر لها وظيفةً كليّةً».

    فكما أنّ الزهرة -مثلا- بإظهارها دقةَ الصنعة فيها تسبّح بلسان حالها بأسماء فاطرها، فرياضُ الأرض كلُّها أيضا هي بحُكم تلك الزهرة، لها وظيفة تسبيحية كلّية في غاية الانتظام.

    وكما أنّ الثمرة تعبّر وتُعلن بنظامها البديع المنسق عن تسبيحاتها، كذلك الشجرةُ الباسقة بكليتها، لها عبادة ووظيفة فطرية في أتمّ نظام.

    وكما أن للشجرة الباسقة تسابيحَ بحَمد ربِّها بكلماتِ أوراقِها وأزهارها وأثمارها، فإن لآفاق السماوات الشاسعة تسابيحَها للفاطر الحكيم بكلماتِ شموسها ونجومها وأقمارها، وهي تحمد وتمجّد صانعَها جلّ جلالُه.

    وهكذا الموجودات الخارجية كلها -رغم أنها جامدة ودون شعورٍ ظاهرا- فلها واجبات وتسابيح بحمد ربّها في منتهى الإحساس والحيوية.

    فالملائكة إذ يمثلون الموجودات ويعبّرون عن تسبيحاتها في عالم المَلكوت، فالموجوداتُ بدورها هي بحكم المساكن والمساجد للملائكة في عالم المُلك والشهادة.

    ولقد بيّنا في «الكلمة الرابعة والعشرين» في الغصن الرابع منها أن مالكَ قصرِ هذا العالم الفخم وصانعَه جلّ جلالُه يستخدم في إعمار مملكته أربعةَ أقسام من العاملين، وفي مقدمتهم الملائكةُ والروحانيات.

    «فالنباتات والجمادات» تقوم بعملها دون درايةٍ لقصدِ الصانع الحكيم، ودون أن تأخذ أجرةً لقاء خدماتها العظيمة، ولكن تقوم بها بإمرةِ مَن يعلمُ بقصد المالك. و«الحيوانات» تقوم بخدمات عظيمة كلّية دون دراية أيضا، ولكن بأجرةٍ جزئية. و«الإنسان» يُستخدم في أعمال موافقة لما يعلم من مقاصد الصانع ذي الجلال مقابل أجرتين: آجلة وعاجلة، مع أخذٍ لنصيب نفسه أيضا من كل شيء، ورعايتِه العمالَ الآخرين: النباتات والحيوانات..

    نعم، فما دام استخدام هذه الأنواع مشاهَدا عيانا، فلابدّ أن هناك قسما رابعا.

    بل هم مقدمةُ صفوف الخَدَمة والعمال، فهم يتشابهون مع الإنسان من ناحية، حيث يعلَمون المقاصد العامة للصانع ذي الجلال، فيعبدونَه بحركاتهم المنسجمة مع أوامره، ولكنهم يختلفون عن الإنسان من ناحية أخرى وهي أنهم مجرّدون من حظوظ النفس وأخذ الأجرة الجزئية، إذ يكتفون بما يحصلونه من اللذة والذوق والكمال والسعادة بمجرّد نظره سبحانه إليهم، ومن أوامره لهم، وتوجّهه إليهم، وقُربهم منه، وانتسابهم إليه.

    فيسْعون لأجله، وباسمه، فيما يخصهم من أعمال بكل إخلاص.. وأولئك هم الملائكة، فتتنوع وظائفُ عبوديتهم حسب أجناسهم، وحسب أنواع الموجودات في الكون؛ إذ كما أن للحكومة موظفِين مختلفين حسب اختلاف وتنوع دوائرها، كذلك تتنوع تسبيحاتُ ووظائفُ العبودية باختلاف الدوائر في سلطنة الربوبية.

    فمثلا: سيدُنا ميكائيل عليه السلام بأمر من الله ولأجله، وبحَوله وقوته، هو كالمشرِف العام -إذا جاز التعبير- على جميع المخلوقات الإلهية المزروعة في حقل الأرض، أي هو رئيسُ جميع مَن هم بحكم المُزارع من الملائكة. وللفاطر الحكيم جلّ جلالُه كذلك مَلَك موكّل عظيم يتولّى بإذنه وأمره وبقوّته وحكمته رئاسة جميع الرعاة المعنويين للحيوانات جميعا.

    فما دام على كل موجود من الموجودات الظاهرة مَلَك موكّل، يمثل ما تُظهر تلك الموجوداتُ من وظائف العبودية والتسبيح في عالم الملكوت ويقدّمه بعلمٍ، إلى الحضرة الإلهية المقدّسة الجليلة. فلابدّ أن نفهم أن ما رُوي عن المُخبر الصادق ﷺ حول الملائكة من صوَر هي أحسنُ تصويرٍ وأقربُ إلى العقل وبشكل جدّ مناسب ولائق.

    فمثلا: روي أن الرسول ﷺ قال: «إن لله ملائكة لها أربعون -أو أربعون ألف- رأسٍ، في كل رأس أربعون ألف فمٍ، وفي كل فم أربعون ألف لسانٍ يُسبّح أربعين ألف تسبيحة» ([2]) أو كمال قال.. فحقيقة هذا الحديث لها معنى، ولها صورة.

    أما معناها فهي: أن عبادة الملائكة في غاية الانتظام والكمال، وهي في منتهى السعة والكليّة أيضا.

    وأما صورتُها فهي: أنّ هناك بعض الموجودات الجسمانية الضخمة تُنجز وظائفَ عبوديتها بأربعين ألف رأس وبأربعين ألف نمط وشكل. فالسماءُ مثلا تسبّح بالشموس والنجوم، والأرضُ أيضا مع أنها واحدة من المخلوقات، فإنها تقوم بوظائف عبوديتها وتسبيحاتها لربّها بمائةِ ألف رأس، وفي كل رأس مئاتُ الألوف من الأفواه، وفي كل فم مئاتُ الألوف من الألسنة، فلأجل أن يُظهر المَلك الموكّل بكرة الأرض هذا المعنى في عالم الملكوت، لابدّ أن يَظهر هو الآخر بتلك الهيئة والصورة.

    حتى إنني رأيت ما يقارب الأربعين غصنا -بما يشبه الرأس- لشجرة متوسطة من أشجار اللوز، ومن ثم نظرت إلى أحد أغصانِها فكان له ما يقارب الأربعين من الأغصان الصغيرة بمثابة الألسنة، ورأيت هناك أربعين زهرة قد تفتحتْ من أحد تلك الألسنة. فنظرتُ بدقة وأمعنت بحكمة إلى تلك الأزهار، فإذا في كل زهرة ما يقارب الأربعين من الخيوط الدقيقة المنتظمة ذات الألوان البديعة والدقة الرائعة، بحيث إن كلّ خيط من تلك الخيوط يُظهر تجلّيا من تجلّيات أسماء الصانع ذي الجلال ويستنطق اسما من أسمائه الحسنى.

    فهل من الممكن أن صانع شجرة اللوز ذا الجلال، وهو الحكيم ذو الجمال، الذي حمّل تلك الشجرة الجامدة جميعَ تلك الوظائف ثم لا يركّب عليها مَلَكا موكلا، يناسبها، وبمثابة الروح لها، ويفهم معنى وجودها، ويعبّر عن ذلك المعنى ويعلنه للكائنات ويرفعه إلى الحضرة المقدسة؟.

    أيها الصديق! إنّ ما بينّاه حتى الآن، إنما كان تمهيدا كي يُحضر القلبَ للقبول، ويلزم النفسَ بالتسليم، ويهيـئ العقلَ إلى الإذعان. فإن كنتَ قد فهمتَه، وكنت ترغب في مقابلة الملائكة حقا، فتهيأ وتطهّر من الأوهام الرديئة. فدونَك عالَم القرآن الكريم مفتّحةً أبوابه. فإن جنّة القرآن مفتّحةُ الأبواب دائما.. فادخل.. وانظر إلى أجمل صورة للملائكة في فردوس القرآن.. فكل آية من آيات التنزيل شُرفة.. ومن هذه الشُرفات.. قف.. وانظر.. وتمتع:

    ﴿ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًاۙ ❀ فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًاۙ ❀ وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًاۙ ❀ فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًاۙ ❀ فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا ﴾ (المرسلات:١-٥).

    ﴿ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًاۙ ❀ وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًاۙ ❀ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًاۙ ❀ فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًاۙ ❀ فَالْمُدَبِّرَاتِ اَمْرًا ﴾ (النازعات:١-٥).

    ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلٰٓئِكَةُ وَالرُّوحُ ف۪يهَا بِاِذْنِ رَبِّهِمْۚ مِنْ كُلِّ اَمْرٍۙ ﴾ (القدر:٤).

    ﴿ عَلَيْهَا مَلٰٓئِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللّٰهَ مَٓا اَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ (التحريم:٦).

    ثم أنصت إلى الثناء عليهم:

    ﴿ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَۙ ❀ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِاَمْرِه۪ يَعْمَلُونَ ﴾ (الأنبياء:٢٦-٢٧)

    وإن كنت ترغب في مقابلة الجن فادخل حصن سورة:

    ﴿ قُلْ اُو۫حِيَ اِلَيَّ اَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُٓوا .. ﴾ (الجن:١).

    ثم أنصت إليهم ماذا يقولون.. واعتبر.. إنهم يقولون:

    ﴿ اِنَّا سَمِعْنَا قُرْاٰنًا عَجَبًاۙ ❀ يَهْد۪ٓي اِلَى الرُّشْدِ فَاٰمَنَّا بِه۪ۜ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَٓا اَحَدًا ﴾ (الجن:١-٢).


    المقصد الثاني

    القيامة ودمار الدنيا والحياة الآخرة

    فيه أربعةُ أسس مع مقدمة

    المقدمة

    إذا ادّعى أحد أن هذه المدينة أو القصر سيُدمَّر، ويُبنى ويُعمَّر من جديد عمرانا مُحكما رصينا، فلاشك أنه يترتب على دعواه هذه ستةُ أسئلة:

    الأول: لماذا يدمَّر؟. وهل هناك من مبرّر؟ فإذا أثبتَ أنْ نعم، فهنا يردُ:

    السؤال الثاني: هل الذي يهدم ثم يبنى ويُعمِّر قادر على عمله؟ وإذا أثبتَ هذا أيضا، فسيلي:

    السؤال الثالث هكذا: وهل يمكن هدمُها؟

    وسؤال آخر: وهل تُهدَم فعلا؟ فإذا أثبتَ أنه يمكن هدمُها وأنه سوف يهدمها فعلا فسيَرِدُ هنا سؤالان؟

    هل يمكن إعمارُ هذه المدينة الرائعة أو القصر من جديد؟

    فإن كان الجواب: نعم، إنه ممكن،

    فسيرد السؤال: وهل يعمرّها فعلا ؟.

    فإذا كان الجواب: نعم وأثبتَ كل ذلك، عندئذ لا تبقى أيةُ ثغرةٍ في جميع جوانب هذه المسألة لدخول أيةُ شبهة أو شك أو وهم فيها.

    وهكذا على غرار هذا المثال، فهناك مبرّر لهدم قصر الدنيا ومدينةِ هذه الكائنات وتخريبِها وتدميرها، ومن ثم تعميرها وبناؤها، وأن هناك مَن هو قادر ومهيمن على ذلك، وبالتالي فهو يمكنه هدمُها، وسيهدمُها فعلا، ومن ثم فهو يمكنه تعميرُها، وسيعمّرها فعلا من جديد. وستثبُت لدينا هذه المسائل بعد الأساس الأول.

    الأساس الأوّل

    إنّ الروحَ باقية قطعا.

    إذ إن الدلائل التي دلّت على وجود الملائكة والروحانيات في «المقصد الأول» هي نفسُها دلائل مسألتنا (بقاء الروح) هذه. وعندي أن هذه المسألة ثابتة إلى درجة بحيث يكون من العبث أن نخوض في توضيحها.

    نعم، إنها قصيرة ودقيقة تلك المسافة التي بيننا وبين القوافل التي لا تعدّ ولا تحصى من الأرواح الباقية في عالم البرزخ وعالم الأرواح والمنتظرة للرحيل إلى الآخرة، بحيث لا نحتاج إلى برهان لإيضاحها؛ فاللقاءات التي بينها وبين ما لا يعدّون من أهل الكشف والشهود، ورؤيةُ أهل كشف القبور لهم، وعلاقات عامة الناس وارتباطهم معهم في الرؤى الصادقة، ومحاورات قسم من العوام معهم.. كلُّ ذلك جعل الروح وبقاءها -لكثرة التواتر- من المفاهيم المعروفة للبشرية.

    بيد أن الفكرَ المادي في عصرنا هذا قد أسكر كثيرا من الناس فأوغل الوهمَ والشبهةَ في أبسط الأمور البديهية. فلأجل إزالة هذه الأوهام والوساوس، سنشير إلى «أربعة منابع» فقط، من بين تلك المنابع الغزيرة للحدس القلبي والإذعان العقلي ممهّدين لها «بمقدمة».

    المقدمة

    كما أثبت في الحقيقة الرابعة من «الكلمة العاشرة» أنّ الجمالَ البديع الخالد الأبدي الذي ليس له مثيل يطلب خلودَ مشتاقيه وبقاءهم وهم كالمرآة العاكسة لذلك الجمال. وأن الصنعة الكاملة الخالدة غير الناقصة تستدعي دوام مناديها المتفكرين. وأن الرحمة والإحسان غير النهائي يقتضيان دوامَ تنعّم شاكريهما المحتاجين..

    فذلك المشتاق الذي هو كالمرآة المصقولة.. وذلك المنادي المتفكر.. وذلك الشاكر المحتاج، إنْ هو إلّا روحُ الإنسان أولا؛ لذا فالروح باقية بصحبة ذلك الجمال وذلك الكمال وتلك الرحمة.. في طريق الخلود والأبدية.

    وأثبتنا كذلك في الحقيقة السادسة من «الكلمة العاشرة» أنه ليست الروحُ البشرية وحدَها لم تُخلَق للفناء، بل حتى أبســطُ المخــلوقـات كذلك لم تُخلق للفناء بل لها نوع من البقاء. فالزهرةُ البسيطة -مثلا- التي لا تملك روحا مثلنا، هي أيضا عندما ترحل ظاهرا من الوجود تبقى صورتُها محفوظةً في كثير من الأذهان، كما يدوم قانونُ تراكيبها في مئات من بُذيراتها المتناهية في الصغر، فتمثّل بذلك نموذجا لنوع من البقاء بآلاف من الأوجه.

    وما دام نموذجُ صورة الزهرة وقانونُ تركيبها، الشبيه جزئيا بالروح، باقيا ومحفوظا من قبل الحفيظ الحكيم في بُذيراتها الدقيقة بكل انتظام في خضم التقلبات الكثيرة، فلاشك أن روحَ البشر -التي هي قانون أمري نوراني تملك ماهيةً ساميةً، وهي ذاتُ حياةٍ وشعور، وخصائصَ جامعة شاملة جدا وعالية جدا، وقد ألبست وجودا خارجيا- لابدّ أنها باقية للأبد، ومشدودة بالسرمدية، وذات ارتباط مع الخلود دون أدنى شك. وكيف تدّعي إن لم تفهم هذا: 
إنني إنسان واعٍ..؟.

    فهل يمكن أن يُسأل الحكيمُ ذو الجلال والحفيظُ الباقي الذي أدرج تصميمَ الشجرة الباسقة وحفِظَ قانونَ تركيبها الشبيه بالروح في بذرة متناهية في الصغر: كيف يُحافظ على أرواح البشر بعد موتهم؟.

    المنبع الأول: أنفسيّ

    أي إنّ كلَّ من يدقّق النظر في حياته ويفكّر مليّا في نفسه يُدرك أن هناك روحا باقيةً.

    نعم، إنه بديهي أن كلَّ روحٍ رغم التبدل والتغير الجاري على الجسم عبرَ سني العمر تظلُّ باقيةً بعينها دون أن تتأثر، لذا فما دام الجسدُ يزول ويستحدث، مع ثبات الروح، فلابدّ أنّ الروح حتى عند انسلاخِها بالموت انسلاخا تاما، وزوال الجسد كلّه، لا يتأثر بقاؤها ولا تتغير ماهيتُها.. أي إنها باقية ثابتة رغم هذه التغيرات الجسدية. وكل ما هنالك أن الجسد يبدّل أزياءه تدريجيا طوال حياته مع بقاء الروح، أما عند الموت فيُجرَّدُ نهائيا وتثبت الروحُ.

    فبالحدس القطعي بل بالمشاهدة نرى أن الجسد قائم بالروح، أي ليست الروحُ قائمةً بالجسد، وإنما الروح قائمة ومسيطرة بنفسها. ومن ثم فتفرّق الجسدِ وتبعثرُه بأي شكل من الأشكال وتجمّعُه لا يضرّ باستقلالية الروح ولا يخـل بها أصلا. فالجسد عشّ الروح ومسكنُها وليس بردائها. وإنما رداءُ الروح غلاف لطيف وبدن مثالي ثابت إلى حدٍّ ما ومتناسب بلطافته معها. لذا لا تتعرّى الروحُ تماما حتى في حالة الموت، بل تخرج من عشّها لابسةً بدنَها المثالي وأرديتَها الخاصة بها.

    المنبع الثاني: آفاقي

    وهو حُكم نابع من المشاهدات المتكررة والوقائع المتعددة ومن التجارب الكثيرة.

    نعم، إذا ما فُهم بقاءُ روحٍ واحدة بعد الممات، يستلزم ذلك بقاءَ «نوع» تلك الروح عامة. إذ المعلوم في علم المنطق أنه إذا ظهرت خاصّة «ذاتية» في فردٍ واحد، يُحكَم على وجود تلك الخاصة في جميع الأفراد؛ لأنها خاصة ذاتية، فلابدّ من وجودها في كل فرد.

    والحال أنّ بقاءَ الروح لم يظهر في فرد واحد فحسب، بل إن الآثار التي تستند إلى المشاهدات التي لا تعدّ ولا تحصى والأمارات التي تدل على بقائها ثابتة بصورة قطعية إلى درجة أنه كما لا يساورنا الشكُّ ولا يأخذنا الريبُ أبدا في وجود القارة الأمريكية المكتشَفة حديثا واستيطانها بالسكان، كذلك لا يمكن الشكّ أن في عالم الملكوت والأرواح الآن أرواحا غفيرة للأموات، لها علاقات معنا، إذ إن هدايانا المعنوية تمضي إليها، وتأتينا منها فيوضاتُها النورانية.

    وكذلك يمكن الإحساس -وجدانا بالحدس القطعي- بأن ركنا أساسا في كيان الإنسان يظلُّ باقيا بعد موته. وهذا الركن الأساس هو الروح، حيث إن الروح ليست معرَّضة للانحلال والخراب؛ لأنها بسيطة ولها صفة الوحدة. إذ الانحلال والفساد هما من شأن الكثرة والأشياء المركّبة. وكما بيّنا سابقا فإن الحياة تؤمّن طرزا من الوحدة في الكثرة، فتكون سببا لنوعٍ من البقاء.

    أي إنّ الوحدةَ والبقاء هما أساسا الروح حيث تسري منهما إلى الكثرة. لذلك فإن فناءَ الروح إما أن يكون بالهدم والتحلّل أو بالإعدام؛ فأما الهدم والتحلّل فلا تسمح لهما الوحدةُ والتفردُ بالولوج، ولا تتركهما البساطةُ للإفساد، وأما الإعدام فلا تسمح به الرحمةُ الواسعة للجواد المطلق، ويأبى جُودُه غير المحدود أن يستردّ ما أعطى من نعمةِ الوجود لروح الإنسان اللائقة والمشتاقة إلى ذلك الوجود.

    المنبع الثالث

    الروح قانون أمري، حيّ، ذو شعور، نوراني، وذات حقيقة جامعة، مُعدّة لاكتساب الكلية والماهية الشاملة، وقد ألبست وجودا خارجيا؛ إذ من المعلوم أن أضعفَ الأوامر القانونية يظهر عليها الثباتُ والبقاء، لأنه إذا أمعنا النظر نرى بأن هناك «حقيقة ثابتة» في جميع الأنواع المعرّضة للتغيّر، حيث تتدحرج ضمن التغيرات والتحولات وأطوار الحياة مُبدِّلةً صورا وأشكالا مختلفة، ولكنها تظل هي باقيةً حيةً ولا تموت أبدا.

    فالقانون الذي يسري على «نوعٍ» من الأحياء الأخرى يكون جاريا أيضا على الشخص «الفرد» للإنسان؛ إذ الإنسان «الفرد» حسب شمولِ ماهيته، وكلّيةِ مشاعره وأحاسيسه، وعموم تصوّراته، قد أصبح في حُكم «النوع» وإن كان بعدُ فردا واحدا؛

    لأن الفاطر الجليل قد خلق هذا الإنسان مرآةً جامعة، وشاملة، مع عبوديةٍ تامة، وماهيةٍ راقية. فحقيقتُه الروحية في كل فرد لا تموت أبدا -بإذن الله- وإن بدّلت مئاتِ الآلاف من الصور، فتستمر روحُه حيةً كما بدأت حيةً؛ لذا فإن الروح التي هي حقيقةُ شعورِ ذلك الشخص وعنصرُ حياتِه باقية دائما وأبدا بإبقاء الله لها وبأمره وإذنه تبارك وتعالى.

    المنبع الرابع

    إنّ القوانين المتحكّمة والسارية في الأنواع تتشابه مع الروح إلى حدّ ما، إذ إن كليهما آتيان من عالم «الأمر والإرادة». فهي تتوافق مع الروح بدرجة جزئية معيّنة لصدورهما من المصدر نفسه. فلو دققنا النظر في تلك النواميس والقوانين النافذة في الأنواع التي ليس لها إحساس ظاهر، يظهر لنا أنه لو ألبسَت هذه القوانينُ الأمرية وجودا خارجيا لكانت إذن بمثابة الروح لهذه الأنواع، إذ إن هذه القوانينَ ثابتة ومستمرة وباقية دائما. فلا تؤثر في وحدتها التغيراتُ ولا تُفسدُها الانقلابات. فمثلا: إذا ماتت شجرةُ تينٍ وتبعثرت، فإن قانون تركيبها ونشأتها الذي هو بمثابة روحِها يبقى حيّا في بذرتها المتناهية في الصغر.

    أي إنّ وحدة تلك القوانين لا تفسد ولا تتأثر ضمن جميع التغيرات والتقلبات.

    وطالما أن أبسط الأوامر القانونية السارية وأضعفَها مرتبطة بالدوام والبقاء، فيلزم أنّ الروحَ الإنسانية لا ترتبط مع البقاء فحسب بل مع أبدِ الآباد؛ لأن الروح بنص القرآن الكريم: ﴿ مِنْ اَمْرِ رَبّ۪ي ﴾ آتٍ من عالَم الأمر، فهو قانون ذو شعورٍ وناموسٌ ذو حياة، قد ألبسته القدرةُ الإلهية وجودا خارجيا.

    إذن فكما أن القوانين غيرَ ذات الشعور الآتية من عالم «الأمر» وصفة «الإرادة» تظلُّ باقيةً دائما أو غالبا، فكذلك الروحُ، التي هي صنوُها، آتية من عالم «الأمر». وهي تجلٍّ لصفة «الإرادة». فهي أليقُ بالبقاء وأصلحُ له. أي إنّ بقاءها أولى بالثبوت والقطعية؛ لأن لها وجودا وامتلاكا للحقيقة الخارجية، وهي أقوى من جميع القوانين وأعلى مرتبةً منها، ذلك لأن لها شعورا، وهي أدوَم وأثمنُ قيمةً منها لأنها تمتلك الحياة.

    الأساس الثاني

    إنّ هناك ضرورةً ومقتضىً للحياة الأخرى.. وإن الذي يهب تلك الحياة والسعادة الأبدية قادر مقتدر.. وإن دمارَ العالم وموتَ الدنيا ممكن.. وإنه سيقع فعلا.. وإن الحشرَ وبعثَ العالم من جديد ممكن أيضا.. وإنه ستقع هذه الواقعة فعلا.

    فهذه ستُّ مسائل. سنبيّنها بالتعاقب باختصار يقنع العقلَ، علما أننا قد سقنا في «الكلمة العاشرة» براهينَ جعلت القلوبَ ترقى إلى مرتبة الإيمان الكامل. ولكننا هنا نتناولها فحسب بما يقنع العقل ويبهتُه، كما فعل «سعيد القديم» في رسالة «نقطة من نور معرفة الله جلّ جلالُه».

    نعم، إن هناك ما يقتضي الحياةَ الأخرى،

    وإن هناك مبررا للسعادة الأبدية، وإن البرهان القاطع الدّال على هذه الضرورة حدس يترشح من عشرة ينابيعَ ومداراتٍ:

    المدار الأول

    إذا تأملنا في أرجاء الكون نرى أن هناك نظاما كاملا وتناسقا بديعا مقصودا في جميع أجزائه. فنشاهد رشحاتِ الإرادة والاختيار، ولمعاتِ القصد في كل جهة.. حتى نبصر نورَ «القصد» في كل شيء، وضياءَ «الإرادة» في كل شأن، ولمعانَ «الاختيار» في كل حركة، وشعلةَ «الحكمة» في كل تركيب.

    فشهادةُ ثمرات كل ما سبق تلفتُ الأنظار. وهكذا إن لم يكن هناك حياة أخرى وسعادة خالدة، فماذا يعنى هذا النظام الرصين؟ إنه سيبقى مجرّدَ صورةٍ ضعيفة باهتة واهية، وسيكون نظاما كاذبا دون أساس، وستذهب المعنوياتُ والروابط والنِسب -التي هي روح ذلك النظام والتناسق البديع- هباءً منثورا.. أي إن الحياةَ الأخرى والسعادةَ الأبدية، هي التي جعلت هذا «النظام» نظاما فعلا وأعطت له معنىً، لذا فنظامُ العالم هذا يشير إلى تلك السعادة الأبدية وحياة الخلود.

    المدار الثاني

    إنّ في خلق الكائنات تتضح حكمة جليّة. نعم، إن الحكمة الإلهية التي ترمز إلى عنايته الأزلية واضحة وضوحا تاما؛ فرعايةُ مصالح كل كائن، والتزامُ الفوائد والحِكَم فيها ظاهرة جلية في الجميع، وهي تعلن، بلسان حالها، أنّ السعادة الأبدية موجودة؛

    ذلك إن لم تكن هناك حياة أخرى أبدية فيجب أن ننكر -مكابرين ومعاندين- كلَّ ما في هذه الكائنات من الحِكَم والفوائد الثابتة البديهية.

    نقتصر على هذا مكتفين بالحقيقة العاشرة «للكلمة العاشرة» فقد أظهرت هذه الحقيقةَ كالشمس.

    المدار الثالث

    لقد ثبت عقلا وحكمةً واستقراءً وتجربةً: أنه لا عبثيةَ ولا إسرافَ في خلق الموجودات، وأنّ عدمَهما يشير إلى السعادة الأبدية والدار الآخرة. والدليلُ على أنه ليس في الفطرة إسراف ولا في الخلق عبث، هو أن الخالقَ سبحانه وتعالى قد اختار لخلق كلِّ شيء أقربَ طريق، وأدنى جهةٍ، وأرقَّ صورة، وأجملَ كيفية. فقد يسند إلى شيء واحد مائةَ وظيفة، وقد يعلّق على شيء دقيق واحد ألفا من الغايات والنتائج.

    فما دام ليس هناك إسراف، ولا يمكن أن يكون هناك عبث، فلابدّ أن تتحقق تلك الحياةُ الأخرى الأبدية. وذلك إن لم يكن هناك رجوع إلى الحياة من جديد، فإنّ العدمَ يحوّل كلَّ شيء إلى عبث، بمعنى أنّ كلَّ شيء كان إسرافا وهدرا. إلّا أن عدمَ الإسراف الثابت حسب علم وظائف الأعضاء في الفطرة جميعِها، ومنها الإنسان، لَيبيّن لنا أنه لا يمكن أن تذهب هباءً، فيكون إسرافا جميعُ الاستعداداتِ المعنوية، والآمالِ غير النهائية، والأفكارِ والميول..

    حيث إن الميلَ الأصيل إلى التكامل المغروس في أعماق الإنسان يُفصح عن وجودِ كمالٍ معين، وأن ميلَه وتطلّعه إلى السعادة يعلن إعلانا قاطعا عن وجودِ سعادة خالدة وأنه المرشّح لهذه السعادة.

    فإن لم يكن الأمر هكذا، فالمعنوياتُ الرصينة والآمالُ الراقية السامية التي تؤسس ماهيةَ الإنسان الحقيقية تكون كلُّها -حاشَ لله- إسرافا وعبثا وتذهبُ هباءً، خلافا للحكمة الموجودة في جميع الخلق.

    نكتفي هنا بهذا القدر لأننا قد أثبتناها سابقا في الحقيقة الحادية عشرة من «الكلمة العاشرة».

    المدار الرابع

    إنّ التبدلات والتحولات التي تحدث في كثير من الأنواع، حتى في الليل والنهار، وفي الشتاء والربيع، وفي الهواء، وحتى في جسد الإنسان خلال حياته، و النومِ الذي هو أخو الموت.. تشابه الحشر والنشر، وهي نوع من القيامة لكلٍّ منها، وتُشعِر بحدوث القيامة الكبرى وتُخبر عنها رمزا.

    فمثلما ساعاتُنا تعدُّ اليوم، والساعة، والدقيقة، والثانية بحركة تروسها فتُخبر عقاربُها بحركتها عن كل واحدة منها، وبالتي تليها -أي إنّ كلّ واحدة منها مقدمة للتي تليها- كذلك هذه الدنيا فهي كساعة إلهيةٍ عظيمة، تعمل بدورانِها وتعاقبها على عدّ الأيام والسنين فتُخبر كلّ منها عن التي تليها وهي مقدمة لها. فكما أنها تُحدث الصبحَ بعد الليل، والربيعَ بعد الشتاء، كذلك تُخبرنا رمزا عن حدوث صبحِ القيامة بعد الموت وصدورِها من تلك الساعة العظمى.

    وهناك أشكال مختلفة كثيرة من أنواع القيامة يـمرّ بها الإنسانُ في فترة حياته، ففي كل ليلة هناك نوع من الموت وفي الصباح يرى نوعا من البعث، أي إنه يرى ما يشبه أمارات الحشر، بل إنه يرى كيف تتبدّل جميعُ ذرات جسمه في بضع سنين، حتى إنه يرى نموذجَ قيامةٍ وحشرٍ تدريجيين مرتين في السنة الواحدة من تلك التبدلات التي تحصل في أجزاء جسمه جميعها.

    ويشاهد كذلك الحشرَ والنشور والقيامة النوعية في كلِّ ربيع في أكثر من ثلاثمائة ألف من أنواع النباتات والحيوانات.. فهذا الحشدُ من الأمارات والإشارات التي لا تحدّ على الحشر، وهذا الحدّ من العلامات والرموز التي لا تحصى على النشور.. ما هو إلّا بمثابة ترشحات للقيامة الكبرى تشير إلى الحشر الأكبر. فحدوث مثل هذه القيامة النوعية وما يشبه الحشر والنشور في الأنواع، من قِبَل الخالق الحكيم، بإحيائه جميعَ الجذور وقسما من الحيوانات بعينِها، وإعادته سبحانه سائرَ الأشياء والأوراق والأزهار والأثمار بمثلِها، يمكن أن يكون دليلا على القيامة الشخصية لكلِّ فردٍ إنساني ضمن القيامة العامة.

    حيث إن «الفرد» الإنساني يقـابل «النوع» من الكائنات الأخرى؛ لأن نورَ الفكر أعطى من السعة العظيمة لآماله وأفكاره بحيث يتمكن أن يحيطَ بالماضي والمستقبل، بل إذا ابتلع الدنيا لا يشبعُ.. أما في الأنواع الأخرى فماهيّة الفرد جزئية، وقيمتُه شخصية، ونظرُه محدود، وعقلُه محصور، وألمُه آني، ولذته وقتية، بينما البشر ماهيتُه سامية، وميزاتُه راقية وقيمته غالية، ونظره شامل عام، وكماله لا يحدّه شيء، وقسم من آلامه ولذاته المعنوية دائمة؛

    ولهذا فإن ما يشاهَد من تكرار أشكال القيامة والحشر في سائر الأنواع يُخبر ويرمز إلى أن كلَّ فرد إنساني يُعاد بعينه ويُحشَر في القيامة الكبرى العامة.

    ولما كنا قد أثبتنا هذا في الحقيقة التاسعة من «الكلمة العاشرة» بشكل قطعي كمن يثبت حاصل ضرب الاثنين في اثنين يساوي أربعا فقد أوجزناه هنا.

    المدار الخامس

    يرى العلماء المحققون أن أفكار البشر وتصوراتِه الإنسانيةَ التي لا تتناهى المتولّدةَ من آماله غير المتناهية، الحاصلةَ من ميوله التي لا تُحد، الناشئةَ من قابلياته غير المحصورة، المندمجةَ في استعداداته الفطرية غير المحدودة، المندرجةَ في جوهر روحه، كلُّ منها تمدّ أصابعَها فتشير وتحدُق ببصرِها فتتوجّه إلى عالم السعادة الأبدية وراء عالم الشهادة هذا.

    فالفطرةُ التي لا تكذب أبدا والتي فيها ما فيها من ميلٍ شديد قطعي لا يتزحزحُ إلى السعادة الأخروية الخالدة تعطي للوجدان حدسا قطعيا على تحقق الحياةِ الأخرى والسعادة الأبدية.

    نكتفي هنا بهذا القدر حيث أظهرت الحقيقةُ الحادية عشرة من «الكلمة العاشرة» هذه الحقيقة واضحة كالنهار.

    المدار السادس

    إنّ رحمة خالق الكون وهو الرحمنُ الرحيم تدل على السعادة الأبدية، نعم، إنّ التي جعلت النعمةَ نعمةً فعلا وأنقذَتها من النقمة، ونجَّت الموجودات من نحيب الفراق الأبدي.. هي السعادةُ الخالدة ودارُ الخلود. وهي من شأن تلك الرحمة التي لا تَحرم البشرَ منها، إذ لو لم توهَب تلك السعادةُ ودارُ الخلود التي هي رأسُ كل نعمة وغايتُها ونتيجتُها الأساس، أي إن لم تُبعَث الدنيا بعد موتها بصورة « آخرة ».. لتحولت جميعُ النِعَم إلى نقَم.. وهذا يستلزم إنكارَ الرحمة الإلهية المشهودة الظاهرة بداهة وبالضرورة في الكون، والثابتةِ بشهادة جميع الكائنات والتي هي الحقيقةُ الثابتة الواضحة وضوحا أسطعَ من الشمس.

    فإذا ما افترضتَ أنّ نهايةَ الحياة الإنسانية تصيرُ إلى الفراق الأبدي وإلى العدم، ثم دققّتَ النظر في بعض الآثار اللطيفة لتلك «الرحمة» وأنوارِها في نعمة الحب والحنان والعقل.. فإنك ترى أن تلك المحبةَ تُصبح مصيبةً كبرى.. وذلك الحنانَ اللذيذ يكون داءً وبيلا.. وذلك العقلَ النوراني يكون بلاءً عظيما..

    فالرحمةُ إذن -لأنها رحمةُ- لا يمكن أن تقابِل المحبةَ الحقيقية بذلك الفراق الأبدي والعدم. أي لابد من حياة أخرى..

    لخّصنا هذه الحقيقة هنا حيث إن الحقيقة الثانية من «الكلمة العاشرة» قد أوضحتها بكل جمال ووضوح.

    المدار السابع

    إنّ جميعَ المحاسن وجميع الكمالات وجميع الأشواق واللطائف وجميع الانجذابات والترحّمات التي نعلمها ونراها في هذه الكائنات ما هي إلّا معانٍ، ومضامينُ، وكلمات معنوية، تبيّن للقلب بكل وضوح وتُظهر للعقل بكل جلاء، أنها تجلياتُ كرمِ الخالق الجليل وإحسانِه، وأنها تجلياتُ رحمتِه الخالدة ولطفه الدائم سبحانه.

    ولما كانت هناك «حقيقة» ثابتة في عالمنا، ورحمة حقيقية واضحة بالبداهة، فلابد أن ستكون السعادةُ الأبدية. وقد أوضحت الحقيقة الرابعة مع الثانية من «الكلمة العاشرة» هذه الحقيقة كالشمس.

    المدار الثامن

    إنّ الوجدان الشاعر للإنسان الذي هو فطرتُه، يدلّ على الحياة الأخرى ويرنو إلى السعادة الأبدية.

    نعم، إنّ الذي يصغي إلى وجدانه اليقظ فإنه يسمع حتما صوت «الأبد.. الأبد» حتى إذا ما أعطي كلُّ ما في الكائنات لذلك الوجدان فإنه لا يسدّ حاجتَه إلى الأبد.

    بمعنى أن ذلك الوجدان مخلوق لذلك الأبد، وأن هذا الجذب والانجذاب الوجداني لا يكون إلّا بجذبٍ من غاية حقيقية وبجاذب حقيقي.

    وقد أظهرت خاتمةُ الحقيقة الحادية عشرة من «الكلمة العاشرة» هذه الحقيقة.

    المدار التاسع

    إنّ كلام النبي الصادق المصدَّق المصدوق محمد العربي الهاشمي عليه أفضل الصلاة والسلام قد فتح أبوابَ السعادة الأبدية، وإن أحاديثَه الشريفة نوافذُ مفتّحة على تلك السعادة الخالدة تطلّ عليها،

    وهو إذ يملك قوةَ إجماع الأنبياء عليهم السلام جميعهِم وتواترَ الأولياء الصادقين كلّهِم، فقد رَكّز بيقين راسخ كلَّ دعواه، بكل قواه، بعد توحيد الله، على هذه النقطة الأساس، وهي الحشرُ والحياةُ الآخرة. فهل هناك شيء يمكن أن يزحزح هذه القوة الصامدة؟.

    وقد أوضحت الحقيقة الثانية عشرة من «الكلمة العاشرة» هذه الحقيقة بوضوح تام.

    المدار العاشر

    وهو البلاغ المُبين للقرآن الكريم الذي حافظ على إعجازه -بسبعة أوجه- طوال ثلاثة عشر قرنا وما زال، كما أثبتنا أربعين نوعا من إعجازه في «الكلمة الخامسة والعشرين».

    نعم، إنّ إخبارَ القرآن نفسِه عن الحشر الجسماني هو تنوير كافٍ وكشف بيّن له، فهو المفتاح للحكمة المُودَعة في الكائنات وللسرّ المغلق للعالم. ولقد دعا هذا القرآنُ العظيم مرارا إلى التفكر ولَفت الأنظار إلى آلافٍ من البراهين العقلية القطعية.

    فالآيات الكريمة مثلا: ﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ اَطْوَارًا ﴾ (نوح:١٤) ﴿ قُلْ يُحْي۪يهَا الَّذ۪ٓي اَنْشَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍۜ ﴾ (يس:٧٩) إنما هي نماذج للقياس التمثيلي. وإن ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَب۪يدِ ﴾ (فصلت:٤٦) نموذج آخر يشير إلى دليل العدالة في الكون، وآيات كثيرة أخرى قد وضعت فيها نظاراتُ «مراصد» ذات عدسات مكبّرة كثيرة كي تنظر بإمعان من خلالها إلى السعادة الأبدية في الحشر الجسماني.

    وقد أوضحنا في رسالة «النقطة» القياس التمثيلي الموجود في الآيتين الأوليين مع سائر الآيات الأخرى، وخلاصته:

    أنّ الإنسان كلّما انتقل من طورٍ إلى طور مرّ بانقلاباتٍ منتظمة عجيبة، فمن النطفة إلى العلقة ومن العلقة إلى المضغة ومن المضغة إلى العظم ثم اللحم، ومن ثم إلى خلق جديد، أي إن انقلابه إلى صورةِ إنسان يتبَع دساتيرَ دقيقة. فكلُّ طور منها له من القوانين الخاصة والأنظمة المعيّنة والحركات المطّردة، بحيث يشفّ عما تحته من أنوار القصد والإرادة والاختيار والحكمة.

    وعلى الطريقة نفسها فإن الخالق الحكيم يُبدّل هذا الجسد سنويا كتبديل الثياب، فيكون هذا الجسدُ بحاجة إلى تركيب جديد كي يتبدّل ويبقى حيّا، وبحاجة إلى إحلال ذراتٍ فعّالة جديدة محلَّ ما انحلّ من الأجزاء؛ لذا فكما أن الجسد تنهدم حجيراتُه بقانون إلهي منتظم، كذلك يحتاج إلى مادة لطيفةٍ باسم «الرزق» كي يعمر من جديد بقانون إلهي ربّاني دقيق.. فالرزّاق الحقيقي يوزع ويقسم، بقانون خاص، لكل عضو من أعضاء الجسد المختلفة، وبنسبة معينة، ما يحتاجه من المواد المتباينة.

    والآن انظر إلى أطوار تلك المادة اللطيفة المرسَلة من قِبل الرزاق الحكيم تَرَ أن ذرّات تلك المادة هي كقافلةٍ منتشرة في الغلاف الجوّي.. في الأرض.. في الماء.. فبينما هي مبعثرة هنا وهناك، إذا بها تُستَنفر فتتجمع بكيفيةٍ خاصة، وكأن كلَّ ذرة منها هي مسؤولة عن وظيفة أرسلت إلى مكان معيّن بواجب رسمي، فتجتمع مع بعضها في غاية الانتظام، مما يوحي بأنها حركة مقصودة، فسلوكُها هذا يبيّن:

    أنّ فاعلا ذا إرادة يسوق تلك الذرات، بقانونه الخاص، من عالم الجمادات إلى عالم الأحياء. وهنا بعد أن دخلت جسما معينا، رزقا له، تسير وفقَ نُظُم معينةٍ وحركات مطردةٍ وحسب دساتيرَ خاصة، إذ بعد أن تنضج في أربعة مطابخ وتُمرّر بأربعة انقلابات عجيبة وتصفّى بأربعة مصاف، تُهيّأ للتوزيع إلى أقطار الجسم وأعضائه المختلفة حسب الحاجات المتباينة لكل عضو، وتحت رعاية الرزاق الحقيقي وعنايته وبقوانينه المنتظمة.

    فإذا تأملت بعين الحكمة أية ذرّةٍ من تلك الذرات فإنك سترى أن الذي يسوق تلك الذرّة ويسيّرُها إنما يسوقُها بكل بصيرة، وبكل نظام، وبملء السمع والعلم المحيط.. فلا يمكن بحال من الأحوال أن يتدخل فيه «الاتفاقُ الأعمى» و«الصدفةُ العشواء» و«الطبيعة الصمّاء» و«الأسباب غير الواعية»؛ لأن كل ذرة من الذرات عندما دخلت إلى أي طور من الأطوار، ابتداءً من كونها عنصرا في المحيط الخارجي وانتهاءً إلى داخل الخلية الصغيرة من الجسم، كأنما تعمل بإرادة وباختيار حسب القوانين المعيّنة في كل طور من تلك الأطوار. إذ هي حينما تدخل فإنها تدخل بنظام، وعندما تسير في أية مرتبة من المراتب فإنها تسير بخطواتٍ منتظمة إلى درجة تظهر جليا كأن أمرَ سائقٍ حكيمٍ يسوقها.

    وهكذا وبكل انتظام، كلّما سارت الذرةُ من طور إلى طور ومن مرتبة إلى أخرى لا تحيد عن الهدف المقصود، حتى تصل إلى المقام المخصّص لها بأمرٍ ربّاني في قزحيةِ عين «توفيق» ([3]) مثلا.. وهناك تقف لتُنجز وظائفَها الخاصة وتؤدي ما أنيط بها من أعمال.

    وهكذا فإن تجلّى الربوبية في الأرزاق، يبيّن أن تلك الذرات، منذ البداية، كانت معيّنةً ومأمورةً، وكانت مسؤولةً عن وظيفة، وكانت مهيّأةً مستعدةً للوصول إلى تلك المراتب المخصصة لها. وكأن كلّ ذرة مكتوب على جبينها ما ستؤولُ إليها، أي أنها ستكون رزقا للخلية الفلانية.

    مما يشير لنا هذا النظامُ الرائع إلى أن اسمَ كلِّ إنسان مكتوب على رزقه، كما أن رزقَه مكتوب على جبينه بقلم القدر. فهل من الممكن أنّ الربّ الرحيم ذا القدرةِ المطلقة والحكمةِ المحيطة ألّا يُنشئ «النشأةَ الأخرى»؟

    أو يعجِز عنها؟ وهو الذي له مُلك السماوات والأرض وهنّ مطويات بيمينه من الذرات إلى المجرات ويديرُها جميعا ضمن نظام مُحكم وميزان دقيق.. فسبحان الله عما يصفون.

    لذلك فإن كثيرا من آيات القرآن الكريم تُلفت نظرَ الإنسان إلى «النشأة الأولى» الحكيمة كمَثَلٍ قياسي لـ«لنشأة الأخرى» في الحشر والقيامة، وذلك كي تستبعد إنكارَها من ذهن الإنسان فتقول: ﴿ قُلْ يُحْي۪يهَا الَّذ۪ٓي اَنْشَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍۜ .. ﴾ (يس:٧٩) أي إن الذي أنشأكم -ولم تكونوا شيئا يذكر- على هذه الصورة الحكيمة هو الذي يحييكم في الآخرة.

    وتقول: ﴿ وَهُوَ الَّذ۪ي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُع۪يدُهُ وَهُوَ اَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ (الروم:٢٧) أي إنّ إعادَتكم وإحياءَكم في الآخرة هي أسهلُ من خلقكم في الدنيا، إذ كما أن الجنود إذا ما انتشروا وتفرّقوا للاستراحة، يمكن إرجاعهم إلى أماكنهم تحت راية الفرقة بنفخةٍ من البوق العسكري، فجَمعُهم هكذا من الاستراحة في مكان معين أسهلُ بكثير من تكوين فرقةٍ جديدة من الجنود. كذلك فإن الذرات الأساس التي استَأنستْ وارتبط بعضُها بالبعض الآخر بامتزاجها في جسم معين عندما ينفخُ إسرافيل عليه السّلام في صُورِهِ نفخةً واحدةً تهبّ قائلةً: لبّيك لأمر الخالق العظيم، وتجتمع. فاجتماعها بعضها مع البعض الآخر مرة أخرى لا ريب أسهل وأهون عقلا، من إيجاد تلك الذرات أول مرّةً.

    هذا وقد لا يكون ضروريا اجتماع جميعِ الذرات، وإنما تكفي الذراتُ الأساسُ التي هي بمثابة البذور والنوى للأجسام. كما عبّر عنها الحديثُ الشريف «عَجْب الذنب» ([4]) الذي هو الجزء الأساس والذرة الأصيلة الكافية وحدها أن تكون أساسا لإنشاء النشأة الآخرة عليها، فالخالق الحكيم يبني من جديد جسدَ الإنسان على ذلك الأساس.

    وأما القياس العدلي الذي تشير إليه الآية الكريمة: ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَب۪يدِ ﴾ (فصلت:٤٦) فخلاصته:

    أننا نرى كثيرا في عالمنا، أن الظالمينَ والفجّار يقضون حياتَهم في رفاه وراحة تامة، أما المظلومون والمتدينون فيقضونها في شظفٍ من العيش بكل مشقة وإرهاق.. ومن ثم يأتي الموتُ فيحصد الاثنين معا دون تمييز، فلو لم تكن هناك نهاية مقصودة ومعينة لظهر الظلم إذن في المسألة؛ لذا فلابدّ من الاجتماع الأخروي بينهما حتى ينال الأولُ عقابَه وينال الثاني ثوابَه؛ إذ المنـزّه عن الظلم سبحانه وتعالى وهو العادل الحكيم، بشهادة الكائنات قاطبةً، لا يمكن بحال من الأحوال أن تقبل عدالتُه وحكمتُه هذا الظلم ولا يمكن أن ترضَيا به. فالنهايةُ المقصودة إذن حتميّـة؛ لأن رؤيةَ هذا الإنسان الكادح المنهوك جزاءه وثوابه -حسب استعداده- يجعله رمزا للعدالة المحضة ومدارا لها، ومظهرا للحكمة الربّانية، ومنسجما مع الموجودات الحكيمة في الكون وأخا كبيرا لها.

    نعم، إنّ دارَ الدنيا القصيرة هذه لا تكفي -كما أنها ليست ظرفا- لإظهار ما لا يحدّ من الاستعدادات المندمجة في روح الإنسان وإثمارِها، فلابدّ أن يُرسَل هذا الإنسان إلى عالم آخر.. نعم، إنّ جوهر الإنسان عظيم، لذا فهو رمز للأبدية ومرشّح لها. وإنّ ماهيتَه عالية وراقية؛ لذا أصبحت جنايتُه عظيمة؛ فلا يشبه الكائنات الأخرى، وإن نظامَه دقيق ورائع، فلن تكونَ نهايتُه دون نظام، ولن يُهمَل ويذهب عبثا، ولن يُحكم عليه بالفناء المطلق ويهرب إلى العدم.

    وإنما تفتح جهنمُ أفواهَها فاغرةً.. تنتظره..

    والجنة تبسط ذراعيها لاحتضانه..

    أوجزنا هنا حيث إن الحقيقة الثالثة من «الكلمة العاشرة» قد أوضحت هذه الحقيقة بجلاء.

    وهكذا، أوردنا هاتين الآيتين مثالا، وعليك أن تقيس وتتتبع مثلها في سائر الآيات الكريمة التي تتضمن براهين عقلية لطيفة كثيرة.

    فتلك عشرة كاملة من المنابع والمدارات التي تنتج حدسا صادقا وبرهانا قاطعا على الحشر. وكما أن الحدس الثابت والبرهان القوي دليل قطعي على حدوث القيامة والحشر الجسماني ويقتضيه، كذلك الأسماءُ الإلهية الحسنى: الحكيم، الرحيم، الحفيظ، العادل، وأغلب الأسماء الحسنى تقتضي يومَ القيامة والسعادة الخالدة، وتدلّ على تحققها ووقوعها قطعا، كما أثبتناها في «الكلمة العاشرة».

    لذا فمقتضياتُ الحشر والقيامة أصبحت لدينا قويةً ومتينةً إلى درجة لا يمكن أن تنفُذ إليها شبهة ولا شكٌ مطلقا.

    الأساس الثالث

    الفاعل، قادر مقتدر

    نعم، كما أنه لاشك مطلقا في مقتضيات الحشر، كذلك لا ريب أبدا في القدرة المطلقة للذي يحدث الحشر، فلا نقصَ في قدرته، إذ يستوي عنده كلُّ عظيمٍ وصغير، وسواء عنده خلقُ ربيع كامل وخلقُ زهرة واحدة.

    نعم، إن قديرا يشهد بعظمته وقدرته هذا الكونُ بألسنةِ شموسِه ونجومِه وعوالمه حتى بألسنة ذرّاته وما فيها، هل يحق لأيّ وَهمٍ أو وسوسة أن يستبعد عن تلك القدرة المطلقة الحشرَ الجسماني؟.

    إن قديرا ذا جلال يخلق أكوانا جديدةً منتظمة في كل عصر ضمن هذا الكون الهائل، بل يخلق في كلّ سنة دنىً سيارةً جديدة منتظمة، بل يخلق في كلّ يوم عوالمَ جديدة منتظمة، فيخلق باستمرار عوالمَ ودنىً وأكوانا زائلة متعاقبة، ويبدّلها بكل حكمة على وجه الأرض والسماوات، ناشرا ومعلقا على مسار الزمن عوالمَ منتظمة بعدد العصور والسنين بل بعدد الأيام. فيُري بها عظمةَ قدرته جلّ وعلا، وهو الذي زيّن بستانَ الربيع العظيم الواسع بمئات الآلاف من نقوش الحشر يتوّج بها هامةَ الكرة الأرضية كأنها زهرة واحدة، فيُظهر لنا جمالَ صنعته وكمالَ حكمته. فهل يمكن أن يجرؤ أحد ليقول لهذا القدير ذي الجلال: كيف يُحدِث القيامة؟ أو كيف يبدّل هذه الدنيا بآخرة؟

    فالآية الكريمة:

    ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ اِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ اِنَّ اللّٰهَ سَم۪يعٌ بَص۪يرٌ ﴾ (لقمان:٢٨) تعلن أن هذا القدير جل وعلا لا يصعب عليه شيء، فكل شيء أعظمهُ وأصغرُه يسير عنده، والجموعُ الهائلة بأعدادها غير المتناهية كفردٍ واحد عنده..

    وقد أوضحنا حقيقة هذه الآية في خاتمة «الكلمة العاشرة» مجملةً، وفي رسالة «نقطة من نور معرفة الله جل جلاله» و«المكتوب العشرين»، أما هنا فسنوضحها بإيجاز في ثلاث مسائل:

    إن القدرة الإلهية ذاتية؛ فلا يمكن أن يتخللها العجزُ..

    وإنها تتعلّق بملكوتية الأشياء، فلا تتداخل الموانعُ فيها مطلقا..

    وإن نسبتَها قانونية؛ فالجزءُ يتساوى مع الكل والجزئي يصبح بحكم الكلّي..

    وسنثبت ونوضح هذه المسائل الثلاث:

    المسألة الأولى:

    إن القدرة الإلهية الأزلية ضرورية للذات الجليلة المقدسة.

    أي إنها بالضرورة لازمة للذات المقدسة، فلا يمكن أن يكون للقدرة منها فكاك مطلقا، لذا فمن البديهي أن العجز الذي هو ضدُّ القدرة لا يمكن أن يَعرِض للذات الجليلة التي استلزمت القدرةَ، لأنه عندئذ سيجتمع الضدان، وهذا محال.

    فما دام العجزُ لا يمكن أن يكون عارضا للذات، فمن البديهي أنه لا يمكن أن يتخلل القدرةَ اللازمةَ للذات أيضا، ومادام العجزُ لا يمكنه أن يدخل في القدرة قطعا، فبديهي إذن أن القدرة الذاتية ليست فيها مراتب، لأن وجود المراتب في كل شيء يكون بتداخُل أضدادِه معه، كما هو في مراتب الحرارة التي تكون بتخلل البرودة، ودرجات الحُسن التي تكون بتداخل القُبح.. وهكذا فقس.

    أما في الممكنات فلأنه ليس هناك لزوم ذاتي حقيقي أو تابع؛ أصبحت الأضدادُ متداخلةً بعضُها مع البعض الآخر، فتولّدت المراتبُ ونتجت عنها الاختلافات، فنشأت منها تغيرات العالم. وحيث إنه ليست هناك مراتب قط في القدرة الإلهية الأزلية، لذا فالمقدّراتُ هي حتما واحدة بالنسبة إلى تلك القدرة، فيتساوى العظيمُ جدا مع المتناهي في الصغر، وتتماثل النجومُ مع الذرات، وحشرُ جميع البشر كبعث نفس واحدة.. وكذا خلق الربيع كخلق زهرة واحدة سهل هيّن أمام تلك القدرة.. ولو أسند الخلقُ إلى الأسباب المادية دون القدرة المطلقة عند ذاك يكون إحياءُ زهرة واحدة عسيرا وصعبا مثل إحياء الربيع.

    وقد أثبتنا بالبراهين الدامغة في حاشية الفقرة الأخيرة من المرتبة الرابعة لمراتب «الله أكبر» من المقام الثاني لهذه الكلمة، وفي «الكلمة الثانية والعشرين» و«المكتوب العشرين وذيله»، أنه عند إسناد خلقِ الأشياء إلى الواحدِ الأحد يسهل خلقُ الجميع كخلق شيء واحد، وإذا أسند خلق شيءٍ واحد إلى الأسباب المادية فيكون صعبا جدا ومعضلا كخلق الجميع.

    المسألة الثانية:

    إن القدرة الإلهية تتعلق بملكوتية الأشياء

    نعم، إن لكل شيء في الكون وجهَين كالمرآة: أحدهما: جهةُ الـمُلك وهي كالوجه المطلي الملوّن من المرآة. والآخر هي جهة المَلكوت وهي كالوجه الصقيل للمرآة.

    فجهة الملك، هي مجالُ وميدان تجوّل الأضداد ومحل ورود أمور الحُسن والقُبح والخير والشر والصغير والكبير والصعب والسهل وأمثالها.. لذا وضعَ الخالقُ الحكيم الأسبابَ الظاهرة ستارا لتصرفات قدرته، لئلا تظهر مباشرةُ يد القدرة الحكيمة بالذات على الأمور الجزئية التي تظهر للعقول القاصرة التي ترى الظاهر، كأنها خسيسة غير لائقة، إذ العظمةُ والعزّة تتطلب هكذا.. إلّا أنه سبحانه لم يعطِ التأثير الحقيقي لتلك الأسباب والوسائط؛ إذ وحدةُ الأحدية تقتضي هكذا أيضا.

    أما جهة الملكوت، فهي شفافة، صافية، نزيهة، في كل شيء، فلا تختلط معها ألوان ومزخرفاتُ التشخصات.. هذه الجهة متوجهة إلى بارئها دون وساطة، فليس فيها ترتّب الأسباب والمسبّبات ولا تسلسل العلل، ولا تدخل فيها العليّة والمعلولية، ولا تتداخل الموانع. فالذرةُ فيها تكون شقيقةَ الشمس.

    نخلص مما سبق: أن تلك القدرة هي مجردة، أي ليست مؤلّفة ومركّبة، وهي مطلقة غير محدودة، وهي ذاتية أيضا. أما محل تعلّقها بالأشياء فهي دون وساطة، صافية دون تعكر، ودون ستار ودون تأخير، لذا لا يستكبر أمامَها الكبيرُ على الصغير، ولا تُرجّح الجماعةُ على الفرد، ولا يتبجّح الكلّ أمام الجزء ضمن تلك القدرة.

    المسألة الثالثة:

    نسبة القدرة قانونية

    أي إنها تنظر إلى القليل والكثير والصغير والكبير نظرةً واحدةً متساويةً. فهذه المسألة الغامضة سنقرّبها إلى الذهن ببعض الأمثلة.

    فالشفافية، والمقابلة، والموازنة، والانتظام، والتجرّد، والطاعة.. كلّ منها أمر في هذا الكون يجعل الكثيرَ مساويا للقليل، والكبيرَ مساويا للصغير.

    المثال الأول:الشفافية

    إنّ تجلّي ضوء الشمس يُظهر الهويةَ نفسَها على سطح البحر أو على كل قطرة من البحر. فلو كانت الكرةُ الأرضية مركّبةً من قطع زجاجية صغيرة شفافة مختلفة تقابل الشمس دون حاجز يحجزها، فضوءُ الشمس المتجلي على كل قطعة على سطح الأرض وعلى سطح الأرض كلها يتشابه ويكون مساويا دون مزاحمة ودون تجزؤ ودون تناقص.. فإذا افترضنا أن الشمس فاعل ذو إرادة وأعطت فيضَ نورها وإشعاعَ صورتها بإرادتها على الأرض، فلا يكون عندئذٍ نشرُ فيضِ نورها على جميع الأرض أكثَر صعوبة من إعطائها على ذرة واحدة.

    المثال الثاني: المقابلة

    هب أنه كانت هناك حلقة واسعة من البشر يحمل كلُّ واحد منهم مرآةً بيده، وفي مركز الدائرة رجل يحمل شمعةً مشتعلة، فإن الضوء الذي يرسله المركزُ إلى المرايا في المحيط واحد، ويكون بنسبة واحدة، دون تناقص ودون مزاحمة ودون تشتّت.

    المثال الثالث: الموازنة

    إن كان لدينا ميزان حقيقي عظيم وحساس جدا وفي كفتيه شمسان أو نجمان، أو جبلان، أو بيضتان، أو ذرتان.. فالجهدُ المبذول هو نفسُه الذي يمكن أن يرفع إحدى كفتيه إلى السماء ويخفض الأخرى إلى الأرض.

    المثال الرابع: الانتظام

    يمكن إدارةُ أعظمَ سفينةٍ لأنها منتظمة جدا، كأصغر دمية للأطفال.

    المثال الخامس: التجرد

    إنّ الميكروب مثلا كالكركدن يحمل الماهية الحيوانية وميزاتِها، والسمكُ الصغير جدا يملك تلك الميزة والماهية المجردة كالحوت الضخم، لأن الماهية المجرَّدة من الشكل والتجسّم تدخل في جميع جزئيات الجسم من أصغر الصغير إلى أكبر الكبير، وتتوجه إليها دون تناقص ودون تجزؤ. فخواص التشخصات والصفات الظاهرية للجسم لا تشوّش ولا تتداخل مع الماهيّة والخاصة المجرّدة، ولا تغيّر نظرة تلك الخاصة المجردة.

    المثال السادس: الطاعة

    إنّ قائد الجيش بأمره « تَقَدّمْ » مثلما يحرّك الجنديَ الواحد فإنه يحرّك الجيشَ بأكمله كذلك بالأمر نفسه.

    فحقيقةُ سر الطاعة هي أنّ لكل شيء في الكون -كما يشاهد بالتجربة- نقطةَ كمالٍ، وله ميل إليها، فتَضاعُفُ الميل يولّد الحاجةَ، وتضاعفُ الحاجة يتحول إلى شوقٍ، وتضاعفُ الشوق يكوّن الانجذاب، فالانجذاب والشوق والحاجة والميل.. كلُّها نوىً لامتثال الأوامر التكوينية الرّبانية وبذورُها من حيث ماهية الأشياء.

    فالكمال المطلق لماهيات الممكنات هو الوجود المطلق، ولكن الكمالَ الخاص بها هو وجود خاص لها، يُخرِج كوامنَ استعداداتها الفطرية من طور القوة إلى طور الفعل.

    فإطاعة الكائنات لأمر «كُن» كإطاعةِ ذرةٍ واحدة التي هي بحكم جندي مطيع. وعند امتثال الممكنات وطاعتِها للأمر الأزلي «كُن» الصادر عن الإرادة الإلهية تندمج كليّا الميولُ والأشواقُ والحاجاتُ جميعها، وكلّ منها هو تجلٍّ من تجلّيات تلك الإرادة أيضا. حتى إن الماء الرقراق عندما يأخذ -بميل لطيف منه- أمرا بالانجماد، يُظهر سرَّ قوةِ الطاعة بتحطيمِها الحديد.

    فإن كانت هذه الأمثلة الستة تظهر لنا في قوة الممكنات المخلوقات وفي فعلها وهي ناقصة ومتناهية وضعيفة وليست ذاتَ تأثير حقيقى، فينبغي إذن أن تتساوى جميعُ الأشياء أمام القدرة الإلهية المتجلّية بآثار عظمتها.. وهي غير متناهية وأزلية وهي التي أوجدتْ جميعَ الكائنات من العدم البحت وحيّرت العقول جميعها، فلا يصعب عليها شيء إذن.

    ولا ننسى أنّ القدرة الإلهية العظمى لا توزَن بموازيننا الضعيفة الهزيلة هذه، ولا تتناسب معها، ولكنها تُذكَر تقريبا للأذهان وإزالةً للاستبعاد ليس إلَّا.

    نتيجة الأساس الثالث وخلاصته:

    ما دامت القدرةُ الإلهية مطلقة غير متناهية، وهي لازمة ضرورية للذات الجليلة المقدسة، وأن جهةَ الملكوت لكل شيء تقابلها ومتوجهة إليها دون ستار ودون شائبة، وأنها متوازنة بالإمكان الاعتباري الذي هو تساوي الطرفين، وأن النظام الفطري الذي هو شريعةُ الفطرة الكبرى مطيع للفطرة وقوانين الله ونواميسه، وأن جهةَ الملكوت مجرّدة وصافية من الموانع والخواص المختلفة.

    لذا فإن أكبر شيء كأصغره أمام تلك القدرة. فلا يمكن أن يحجم شيء أيّا كان أو يتمرّد عليها. فإحياءُ جميع الأحياء يومَ الحشر هينّ عليه كإحياء ذبابة في الربيع. ولهذا فالآية الكريمة: ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ اِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ اِنَّ اللّٰهَ سَم۪يعٌ بَص۪يرٌ ﴾ (لقمان:٢٨) أمر حق وصدق جليّ لا مبالغة فيه أبدا.

    وهكذا يتحقق عندنا أن الفاعل، الذي نحن بصدده، قادر مقتدر ولا يمنعه شيء.

    الأساس الرابع

    كما أن هناك مقتضى ومبرّرا للقيامة والحشر، وأن الفاعل الذي يُحدث الحشرَ قادر مقتدر، كذلك فإن هذه الدنيا لها القابليةُ على القيامة والحشر أيضا، فدعوانا «قابلية الدنيا» هذه فيها أربع مسائل:

    الأولى: إن موتَ هذا العالم ممكن وليس ذلك محالا.

    الثانية: وقوعُ ذلك الموت فعلا.

    الثالثة: من الممكن بعثُ الدنيا المندثرة وعمارتُها بصورة «آخرة».

    الرابعة: وقوع هذا البعث وهذه العمارة فعلا.

    المسألة الأولى

    من الممكن أن يموت هذا العالمُ وتندثر هذه الكائناتُ.

    ذلك إن كان الشيءُ داخلا في قانون التكامل، ففي كل حالة إذن هناك نشوء ونماء، وإن النشوء والنماء هذا يعني أن له عمرا فطريا في كل حالة، وأن العمر الفطري يعني أنّ له على كل حالةٍ أجلا فطريا، وهذا يعنى أن جميعَ الأشياء لا يمكن أن تنجو من الموت، وهذا ثابت بالاستقراء العام والتتبع الواسع.

    نعم، فكما أن الإنسان هو عالم مصغّر لا خلاص له من الانهيار، كذلك العالمُ فإنّه إنسان كبير لا فكاك له من قبضةِ الموت، فلابدّ أنه سيموت، ثم يُبعَث، أو ينام ويفتح عينيه فجرَ الحشر.

    وكما أن الشجرة وهي نسخة مصغرة للكائنات لا يمكنها النجاةُ من التلاشي والتهدم، كذلك سلسلةُ الكائنات المتشعبة من شجرة الخليقة لا يمكنها أن تنجو من التمزّق والاندثار لأجل التعمير والتجديد.

    ولئن لم تحدث للدنيا قبلَ أجلها الفطري، وبإذن إلهي، حادثة مدمرّة أو مرض خارجي، أو لم يُخِلَّ بنظامها خالقُها الحكيم، فلاشك -بحساب علمي- أنه سيأتي يوم يتردد فيه صدى:

    ﴿ اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ❀ وَاِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ❀ وَاِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ﴾(التكوير:١-٣) ﴿ اِذَا السَّمَآءُ اْنْفَطَرَتْ ❀ وَاِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ ❀ وَاِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾ (الانفطار:١-٣).

    عندئذ تظهر معاني هذه الآيات وأسرارُها بإذن القدير الأزلي. وإن هذه الدنيا، التي هي كإنسان ضخم، ستبدأ بالسكَرات وتتمَلمل وتشخرُ بصوت غريب وتحشرج ثم تصيح بصوت مدوٍ هائل يملأ الفضاء.. ثم تموت ثم تُبعث بأمر إلهي..

    مسألة رمزية دقيقة

    كما أنّ اللفظَ يغلظ مضرا بالمعنى، واللبَّ على حساب القشر يقوى، والروحَ تضعف لأجل الجسد، والجسدَ يضعف ويهزُل لأجل قوة الروح.. كذلك عالَمُنا الكثيف هذا كلما عملتْ فيه دواليبُ الحياة شفّت ورقّتْ في سبيل العالم اللطيف.. وهو الآخرة..

    فالقدرة الفاطرة بفعاليتها المحيّرة تنشر نورَ الحياة على الأجزاء الميتة الجامدة الكثيفة المنطفئة فتُذَوِّب وتُلَيّن وتضيء وتنير تلك الأجزاءَ بنور تلك الحياة لتتقوى حقيقتُها وتكون جاهزةً للعالم اللطيف الرائع.. أعني الآخرة.

    نعم، فالحقيقةُ مهما كانت ضعيفة فإنها لا تموت أبدا ولا يمكن أن تُمحى كالصورة، بل تسير وتجول في الصوَر والتشخّصات والأشكال المختلفة، إذ تكبُر وتظهر كلّما تقدمت، بعكس القشر والصورة، فإنها تتهرأ وتهزُل وتتمزّق وتتجدد لتظهر بحلّةٍ جميلة جديدة تلائم قوامَ الحقيقة الثابتة النامية الكبيرة.

    فالحقيقةُ والصورة تتناسبان إذن عكسيا زيادةً ونقصانا. أي كلما اخشوشنت الصورةُ رقّت الحقيقةُ، وكلما ضعُفَت الصورة تقوّت الحقيقةُ بالنسبة نفسها. وهذا قانون شامل لجميع الأشياء الداخلة في قانون التكامل.

    فلَيأتينّ ذلك الزمن الذي يتمزّق فيه -بإذن الفاطر الجليل- عالمُ الشهادة الذي هو صورة لحقيقة الكائنات العظمى وقشر لها، ومن ثم يتجدد بصورةٍ أجمل، وعندئذ تتحقق حكمةُ الآية الكريمة:

    ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْاَرْضُ غَيْرَ الْاَرْضِ.. ﴾ (إبراهيم:٤٨).

    نخلص مما سبق: أنّ موت الدنيا وخرابَها ممكن، ولا شك فيه مطلقا.

    المثال الثاني

    وقوعُ موت الدنيا فعلا.

    والدليلُ على هذه المسألة: إجماعُ جميع الأديان السماوية، وشهادةُ كلِّ فطرةٍ سليمة، وما يشير إليه تبدلاتُ هذه الكائنات وتحولاتُها وتغيراتُها، وموتُ عوالمَ ذات حياةٍ وسياراتٍ، وهي بعدد العصور والسنين، في دار ضيافة الدنيا هذه.. كلُّ ذلك إشارات ودلالات على موت دنيانا نفسها.

    وإن شئت أن تتصور سكرات الدنيا، كما تشير إليها الآياتُ الكريمة، فتأمل في أجزاء هذا الكون التي هي مرتبطة بعضُها بالبعض الآخَر بنظام علوي دقيق، ومتماسكة برابطة لطيفة خفية رقيقة، فهي مُحكَمة النظام بحيث إنّ جرما واحدا إن تسلَّمَ أمرَ «كُن» أو «اخرجْ من محوَرك» فالعالَم كلُّه يعاني السكرات، فتتصادم النجومُ وتتلاطم الأجرامُ وتدوّي وترعد بأصداء ملايين المدافع، وترمي بشَرَر كأرضنا هذه، بل أكبر منها في الفضاء الواسع وتتطاير الجبالُ وتُسجَّر البحار.. فتستوي الأرضُ.

    وهكذا يرجّ القادر الأزلي ويحرك الكونَ بهذا الموات، ويمزجُه بهذه السكرات فتتمخّض الخلقةُ كلُّها وتتميز الكائناتُ بعضُها عن بعض.. فتمتاز جهنمُ وتسعّر بعشيرتها ومادتِها. وتتجلى الجنةُ وتُزلَفُ جامعةً لطائفها مستمدةً من عناصرها الملائمة لها.. ويبرز عالمُ الآخرة للوجود الأبدي.

    المسألة الثالثة

    إمكانُ بعثِ العالَم الذي سيموت.

    فكما أثبتنا آنفا في الأساس الثاني أنه لا نقص مطلقا في القدرة الإلهية، وأن المبرّر قويّ جدا للآخرة، وأن المسألة بحدّ ذاتها من الممكنات. فإذا كان للمسألة الممكنة مبرر قوي، وأن الفاعلَ قادر مقتدر مطلقُ القدرة، فلا يُنظر إليها بأنها في حدود الإمكان، وإنما هي أمر واقع.

    نكتة رمزية

    إذا نظرنا بتدبر وإمعان إلى هذا الكون، نلاحظ أنّ فيه عنصرين ممتدَين إلى جميع الجهات، بجذور متشعبة؛ كالخير والشر، والحُسن والقبح، والنفع والضرّ، والكمال والنقص، والضياء والظلمة، والهداية والضلال، والنور والنار، والإيمان والكفر، والطاعة والعصيان، والخوف والمحبة.. فتصطدم هذه الأضدادُ بعضُها بالبعض الآخر، بنتائجها وآثارها مظهرةً التغيرات والتبدلات باستمرار وكأنما تستعد وتتهيّأ لعالم آخر. فلابدّ أن نتائج ونهايات هذين العنصرَين المتضادَّين سوف تصل إلى الأبد وتتميز فيفترق بعضُها عن بعضٍ هناك. وعندئذ تظهر على شكل جنةٍ ونار..

    ولمّا كان عالمُ البقاء سيُبنى من عالم الفناء هذا، فالعناصرُ الأساسية لعالَمنا إذن ستُساق وتُرسل حتما إلى البقاء والأبد.

    نعم، إن النار والجنة هما ثمرتا الغصن المتدلي الممتد إلى الأبد من شجرة الخليقة، وهما نتيجتا سلسلة الكائنات هذه، وهما مخزنا سيل الشؤون الإلهية، وهما حوضا أمواج الموجودات المتلاطمة الجارية إلى الأبد، وهما تجلّيان من تجليات اللُّطف والقهر.

    فعندما ترجُّ يدُ القُدرة وتمخِّض بحركة عنيفة هذا الكونَ، يمتلئ الحوضان بما يناسب كلا منهما من مواد وعناصر..

    إيضاح هذه النكتة الرمزية:

    إنّ الحكيم الأزلي بمقتضى حكمته الأزلية وعنايته السرمدية، خلقَ هذا العالم ليكون محلا للاختبار وميدانا للامتحان، ومرآةً لأسمائه الحسنى وصحيفةً لقلم قُدرته وقَدَره.

    فالابتلاء والامتحان سببُ النشوء والنماء، والنشوءُ والنماء سبب لانكشاف الاستعدادات الفطرية، وتكشّف الاستعدادات سبب لظهور القابليات، وظهورُ القابليات سبب لظهور الحقائق النسبيّة، وهذه الحقائق النسبية سبب لإظهار تجلّيات نقوش الأسماء الحسنى للخالق الجليل وتحويل الكائنات إلى صورة كتابات صمدانيّة ربّانية.

    وهكذا فإنّ سرّ التكليف هذا وحكمةَ الامتحان يؤدي إلى تصفية جواهر الأرواح العالية التي هي كالماس، من مواد الأرواح السافلة التي هي كالفحم، وتمييزِها بعضها عن بعض.

    فبمثل هذه الأسرار السابقة، ومما لا نعلم من الحِكَم الدقيقة الرائعة، أوجدَ الحكيمُ القدير العالَمَ بصورته هذه، وأراد تغيّره وتحوّله، لتلك الحِكَم والأسباب. ولأجل التحوّل والتغيّر مزجَ الأضداد بحكمةٍ بعضها مع البعض الآخر، وجعلها تتقابل ببعضها، فالمضارُّ ممزوجة بالمنافع والشرورُ متداخلة بالخيرات، والقبائحُ مجتمعة مع المحاسن.. وهكذا عَجَنَتْ يدُ القُدرة الأضدادَ، وصيّرت الكائنات تابعةً لقانون التبدل والتغيّر ودستورِ التحوّل والتكامل.

    ثم لـمّا انقضى مجلسُ الامتحان، وانتهى وقتُ الاختبار، وأظهرت الأسماءُ الحسنى حُكمَها، وأتمّ قلمُ القَدَر كتابتَه، وأكملت القدرةُ نقوشَ إبداعها، ووفّت الموجوداتُ وظائفَها، وأنهت المخلوقاتُ مهامّها، وعبّر كلُّ شيءٍ عن معناه ومغزاه، وأنبتت الدنيا غراسَ الآخرة، وكشفت الأرضُ جميعَ معجزات القدرة وخوارق الصنعة للخالق القدير، وثبّت هذا العالمُ الفاني لوحاتِ المناظر الخالدة على شريط الزمان..

    عندئذٍ تقتضي الحكمةُ السرمدية والعنايةُ الأزلية لذي الجلال والإكرام أن تَظهَر حقائقُ نتائج ذلك الامتحان ونتائجُ ذلك الاختبار، وحقائقُ تجلّيات تلك الأسماء الحسنى، وحقائقُ كتابات قلم القدر تلك، وأصولُ تلك النماذج لإبداعات صنعتِه سبحانه، وفوائدُ وغاياتُ تلك الوظائف للموجودات، وجزاءُ تلك الخدمات والمهام للمخلوقات، وحقائقُ معاني تلك الكلمات التي أفادها كتابُ الكون، وظهورُ سنابل بذور الاستعدادات الفطرية، وفتحُ أبواب محكمة كبرى، وإظهار المناظر المثالية التي التُقطت في الدنيا، وتمزيقُ ستار الأسباب الظاهرة، واستسلامُ كلِّ شيء إلى أمر خالقه ذي الجلال مباشرة..

    ويومَ تتوجّه إرادتُه لإظهار تلك الحقائق المذكورة لِتُنَجِّيَ الكائناتِ من تقلّبات التغيّر والتحوّل والفناء وتهبَ لها الخلود، ولتميّز بين تلك الأضداد وتُفرِّقَ بين أسباب التغيّر ومواد الاختلاف، سيقيمُ سبحانه القيامةَ حتما مقضيّا، وسيصفّي الأمورَ لإظهار تلك النتائج،

    وستأخذ جهنمُ في ختامها صورةً أبدية بشعةً مريعة وسيُهدِّد روّادَها بـ ﴿ وَامْتَازُوا الْيَوْمَ اَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ﴾ (يس:٥٩).

    وتتجلى الجنةُ بروعتها وأبّهتها الجمالية الخالدة ويقول خزَنتُها لأهلها وأصحابِها: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِد۪ينَ ﴾ (الزمر:٧٣) وسيمنح القديرُ الحكيم بقدرته الكاملة أهلَ هذين الدارين الخالدين وجودا ثابتا أبديا خالدا لا يعتريه تغيّر ولا انحلال ولا شيب ولا انقراض. فليس هناك أسباب ومبررات للتغير المؤدي إلى الانقراض، كما بُرهن ذلك في «الكلمة الثامنة والعشرين، المقام الأول، السؤال الثاني».

    المسألة الرابعة

    إنّ البعثَ سيقع حتما.

    نعم، إن الدنيا بعد دمارها وموتها ستُبعث « آخرة »، وإن الخالق القدير الذي بناها لأول مرة سيعمّرها تعميرا أجملَ من عمارتها الأولى بعد هدمها، وسيجعلُها منـزلا من منازل الآخرة. وأدلّ دليل على هذا هو القرآنُ الكريم أولا، بجميع آياته التي تضمّ آلافا من البراهين العقلية، وجميعُ الكتب السماوية المتفقة مع القرآن الكريم في هذه المسألة، وكذا أوصافُ الجلال والجمال الإلهية وجميعُ الأسماء الحسنى للذات الجليلة، تدلّ كلُّها دلالةً قاطعة على وقوع البعث هذا، وكذا جميعُ أوامره سبحانه الموحَى بها إلى جميع الأنبياء والمرسلين عليهم السلام والتي وَعد بها وقوعَ البعث والقيامة. فلأنه وعَدَ فسيَفي بالوعد حتما. (راجع الحقيقة الثامنة من الكلمة العاشرة)، وكذا جميعُ ما أخبر به النبيُّ الأمي محمد ﷺ ومعه آلافُ المعجزات، عن حدوث البعث ويتفق معه جميعُ الأنبياءِ والمرسلين والأصفياء والأولياء والصديقين في وقوع هذا البعث. هذا فضلا عمّا تُخبرنا به جميعُ الآيات التكوينية في هذا الكون العظيم عن وقوع البعث هذا.

    الحاصل: إن جميعَ حقائق «الكلمة العاشرة»، وجميعَ براهين «لاسيما» في «المقام الثاني من الكلمة الثامنة والعشرين» الذي كُتب باللغة العربية في «المثنوي العربي النوري»؛ أظهرتا بكل ثبوت وقطعية، كبزوغ الشمس بعد غروبها، أن ستشرق شمسُ الحقيقة بصورةِ حياةٍ أخروية بعد غروب الحياة الدنيوية.

    وهكذا فإن كلَّ ما بيّناه منذ البداية في الأسس الأربعة، إنما كان استمدادا من اسم «الحكيم» واستفادةً من فيض القرآن الكريم، كي تُعدّ القلبَ للقبول وتُهَيِّءَ النفسَ للتسليم وتُحضرَ القلب للإذعان.

    ومَن نكون نحن حتى نتكلم في أمر كهذا، فالقولُ الفصل هو ما يقولُه مالكُ هذه الدنيا، وخالقُ هذا الكون، وربُّ هذه الموجودات؟! أما نحن فلا يسعنا إلّا الخضوعُ والإنصاتُ والإذعان.. فحينما يتكلم ربُّ السماوات والأرض، فمَن ذا أحقُّ منه بالكلام سبحانه وتعالى؟!

    فهذا الخالقُ الكريم يوجّه خطابا أزليا إلى جميع صفوف طوائف الكائنات في باحة مسجد الدنيا ومدرسة الأرض القابعين وراء العصور والذي يزلزل الكون بأجمعه:

    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ

    ﴿ اِذَا زُلْزِلَتِ الْاَرْضُ زِلْزَالَهَا ❀ وَاَخْرَجَتِ الْاَرْضُ اَثْقَالَهَاۙ ❀ وَقَالَ الْاِنْسَانُ مَا لَهَاۚ ❀ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ اَخْبَارَهَاۙ ❀ بِاَنَّ رَبَّكَ اَوْحٰى لَهَاۜ ❀ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ اَشْتَاتًاۙ لِيُرَوْا اَعْمَالَهُمْۜ ❀ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُۜ ❀ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ (سورة الزلزلة)

    وخطابا أبهجَ جميعَ المخلوقات وأثارَ فيهم الشوق: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ اَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْر۪ي مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهَارُۜ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًاۙ قَالُوا هٰذَا الَّذ۪ي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَاُتُوا بِه۪ مُتَشَابِهًاۜ وَلَهُمْ ف۪يهَٓا اَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ ف۪يهَا خَالِدُونَ ﴾ (البقرة:٢٥).

    فعلينا السمعُ والإنصاتُ إلى ذلك الخطاب الصادر من مالك الملك وربّ الدنيا والآخرة ونقول: آمنّا وصدّقنا.

    سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّمْتَنَاۜ اِنَّكَ اَنْتَ الْعَل۪يمُ الْحَك۪يمُ

    رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَٓا اِنْ نَس۪ينَٓا اَوْ اَخْطَأْنَا

    اَللّهمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إبرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا إبرَاهِيمَ اِنّكَ حَمِيد مَجِيد.



    الكلمة الثامنة والعشرون | الكلمات | الكلمة الثلاثون

    1. تقدم تخريجه في الذيل الأول للكلمة العاشرة.
    2. سبق تخريجه في الكلمة الرابعة عشرة.
    3. من تلاميذ الأستاذ النورسي الأوائل، وأحد كتّاب رسائل النور.
    4. انظر: البخاري، تفسير سورة الزمر ٣؛ مسلم، الفتن ١٤١-١٤٣؛ أبو داود، السنن ٢٢؛ النسائي، الجنائز ١١٧؛ ابن ماجه، الزهد ٣٢؛ الإمام مالك، الموطأ، الجنائز ٤٨؛ أحمد بن حنبل، المسند ٣٢٢/٢.