On Altıncı Mektup/ar: Revizyonlar arasındaki fark
Değişiklik özeti yok |
(Kaynak sayfanın yeni sürümü ile eşleme için güncelleniyor) |
||
1. satır: | 1. satır: | ||
<languages/> | <languages/> | ||
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ | بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ |
13.00, 12 Mayıs 2024 itibarı ile sayfanın şu anki hâli
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ
﴿اَلَّذ۪ينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ اِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ ا۪يمَانًاۗ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ﴾ (آل عمران: ١٧٣)
لقد نال هذا المكتوب سراً من أسرار الآية الكريمة: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا﴾ (طه: ٤٤) فلم يُكتب بلهجة شديدة.
وهو جواب عن سؤال يُورده الكثيرون صراحة أو ضمناً.
«إنني لا أرغب قط في أَنْ أُسجّل هذه الإجابة، ولا أَرتاح إليها. فلقد فوّضت أَمري كلَّه إلى المولى القدير، وتوكلتُ عليه وحده، ولكني لا أُترك وشأني لأجد الراحة في عالمي، فيلفتون نظري إلى الدنيا، لذا أَقول مضطراً لا بلسان «سعيد الجديد» بل بلسان «سعيد القديم». ولا أقول إنقاذاً لشخصي بالذات، بل إنقاذاً لأصدقائي و «الكلمات» من شبهات ينثرها أهلُ الدنيا ومن أَذاهم. فأذكر واقعَ حالي على حقيقته إلى أصدقائي وإلى أهل الدنيا وإلى المسؤولين في الحكم، وذلك في خمس نقاط».
النقطة الأولى
قيل: لِمَ انسحبتَ من ميدان السياسة ولا تتقربُ إليها قط؟.
الجواب: لقد خاض «سعيد القديم» غمار السياسة ما يقارب عشر السنوات علَّه يخدم الدين والعلم عن طريقها. فذهبتْ محاولتُه أدراجَ الرياح، إذ رأى أن تلك الطريق ذاتُ مشاكل، ومشكوكٌ فيها. وأن التدخل فيها فضول -بالنسبة إليّ- فهي تحُول بيني وبين القيام بأَهم واجب. وهي ذاتُ خطورة. وأَنَّ أَغلبَها خداع وأكاذيب. وهناك احتمال أن يكون الشخص آلةً بيد الأَجنبي دون أن يشعر.
وكذا فالذي يخوض غمار السياسة إما أن يكونَ موافقاً لسياسة الدولة أو معارضاً لها، فإن كنتُ موافقاً فالتدخل فيها بالنسبة إليّ فضول ولا يعنيني بشيء، حيث إنني لست موظفاً في الدولة ولا نائباً في برلمانها، فلا معنى عندئذٍ لممارستي الأمور السياسية، وهم ليسوا بحاجة إليّ لأَتدخل فيها. وإذا دخلتُ ضمن المعارضة أو السياسة المخالفة للدولة، فلابد أن أتدخل إما عن طريق الفكر أو عن طريق القوة. فإن كان التدخل فكرياً فليس هناك حاجة إليّ أيضاً، لأن الأمور واضحة جداً، والجميعُ يعرفون المسائل مثلي، فلا داعي إلى الثرثرة. وإن كان التدخل بالقوة، أي بأن أُظهر المعارضة بإحداث المشاكل لأجل الوصول إلى هدف مشكوك فيه. فهناك احتمال الولوج في آلاف من الآثام والأوزار، حيث يبتلي الكثيرون بجريرة شخص واحد. فلا يرضى وجداني الولوجَ في الآثام وإلقاءَ الأبرياء فيها بناءً على احتمال أو احتمالين من بين عشرة احتمالات. لأجل هذا فقد ترك «سعيد القديم» السياسةَ ومجالسَها الدنيوية وقراءة الجرائد مع تركه السيجارة.
والشاهد الصادق القاطع على هذا: إنني منذ ثماني سنوات لم أَقرأ جريدة واحدة ولم استمع إليها من أحد قط، فليبرز أحدُهم ويدّعى أنني قد قرأتُ أو استمعت إلى جريدة من أحد. بينما كان «سعيد القديم» يقرأ حوالي ثماني جرائد يومياً قبل ثماني سنوات.
ثم إنه منذ خمس سنوات تُراقَب أحوالي بدقائقها. فليدّع أحد أنه قد بدر مني ما يُشم منه شيءٌ من السياسة. علماً أنَّ شخصاً ذا أعصاب متوفزة مثلي، ولا علاقة له مع أحد، ويجد أعظمَ الحِيل في ترك الحِيلة حسب القاعدة: «إنما الحِيلة في ترك الحِيل» فمَنْ كان حالُه هكذا لا يمكن أن يستر فكره ثمانية أيام، وليست ثمانيةَ أعوام. إذ لو كانت له رغبة ولهفة في السياسة لكانت تدوي دويَّ المدافع، ولا تدع حاجةً إلى تحريات أو تدقيقات.
النقطة الثانية
لِمَ يتجنب «سعيد الجديد» تجنباً شديداً وإلى هذا الحد من السياسة؟
الجواب: لئلا يُضَحّي بسعيه وفوزِه لأكثر من مليارات من السنين لحياة خالدة، من جراء تدخل فضولي لا يستغرق سنة أو سنتين من حياة دنيوية مشكوكٍ فيها. ثم إنه يفرّ فراراً شديداً من السياسة، خدمةً للقرآن والإيمان والتي هي أَجلُّ خدمةٍ وأَلزمُها وأَخلصُها وأَحقُّها. لأنه يقول:
إنني أتقدم في الشيب، ولا علم لي كم سأعيش بعد هذا العمر. لذا فالأَولى لي العمل لحياةٍ أبدية. وهذا هو الألزم. وحيث إن الإيمان وسيلةُ الفوز بالحياة الأبدية ومفتاحُ السعادة الخالدة، فينبغي إذن السعي لأجله.
بيد أني عالمٌ ديني، مكلّف شرعاً بإفادة الناس، لذا أُريد أن أَخدمَهم من هذه الناحية أيضاً. إلّا أن هذه الخدمة تعود بالنفع إلى الحياة الاجتماعية والدنيوية، وهذه ما لا أقدر عليها، فضلاً عن أنه يتعذر القيام بعمل سليم صحيح في زمن عاصف. لذا تخليت عن هذه الجهة وفضّلت عليها العملَ في خدمة الإيمان التي هي أهمُ خدمة وألزمُها وأسلمُها. وقد تركتُ الباب مفتوحاً ليصل إلى الآخرين ما كسبتُه لنفسي من حقائق الإيمان وما جربتُه في نفسي من أدوية معنوية. لعلَّ الله يقبل هذه الخدمة ويجعلها كفّارةً لذنوب سابقة.
وليس لأحد سوى الشيطان الرجيم أن يعترضَ على هذه الخدمة، سواءً كان مؤمناً أو كافراً أو صدّيقاً أو زنديقاً. لأن عدم الإيمان لا يشبهه أمر، فلربما توجد لذةٌ شيطانية منحوسة في ارتكاب الظلم والفسق والكبائر، إلّا أن عدمَ الإيمان لا لذةَ فيه إطلاقاً، بل هو ألمٌ في ألم، وعذابٌ في عذاب، وظلمات بعضها فوق بعض.
وهكذا فإن تركَ السعي لحياة أبدية، وتركَ العمل لنور الإيمان المقدس، والدخولَ في ألاعيب السياسة الخطرة وغير الضرورية، في زمن الشيخوخة، إنما هو خلاف للعقل ومجانبةٌ للحكمة لشخص مثلي لا صلة له مع أحد، ويعيش منفرداً، ومضطر إلى التحري عن كفاراتٍ لذنوبه السابقة. بل يعدّ ذلك جنوناً وبلاهة، بل حتى البلهاء يفهمون ذلك.
أما إن قلتَ: كيف تمنعك خدمةُ القرآن والإيمان عن السياسة؟
فأقول: إن الحقائق الإيمانية والقرآنية ثمينةٌ غالية كغلاء جواهر الألماس، فلو انشغلتُ بالسياسة، لخطر بفكر العوام: أيريدُ هذا أن يجعلنا منحازين إلى جهة سياسية؟ أليس الذي يدعو إليه دعايةً سياسية لجلب الاتباع؟ بمعنى أنهم ينظرون إلى تلك الجواهر النفيسة أنها قطعٌ زجاجية تافهة، وحينها أكون قد ظلمتُ تلك الحقائق النفيسة، وبخَستُ قيمتَها الثمينة، بتدخلي في السياسة.
فيا أهل الدنيا! لِمَ لا تدَعوني وشأني، وتضايقونني بطرقٍ شتى؟
وإن قلتم: يتدخل شيوخ الصوفية أحياناً في أمورنا، والناس يطلقون عليك في بعض الأحيان اسم الشيخ!
أقول: أيها السادة! إنني لست شيخاً صوفياً، وإنما أنا عالم ديني. والدليل على هذا، إنني لو كنت قد علّمت أحداً من الناس الطريقةَ الصوفية، طوال هذه السنوات الأربع التي قضيتُها هنا، لكان لكم الحق في الارتياب والوقوع في الشكوك. ولكني لم أقل لمن أتاني إلّا أنَّ الزمانَ ليس زمانَ الطريقة. الإيمانُ ضروري، والإسلام ضروري.
وإن قلتم: يطلقون عليك اسمَ «سعيد الكردي» فلربما تحمل فكرَ العنصرية والدعوة إليها. وهذا ما لا يتفق وشأنَنا ولا طائل لنا به.
وأنا أقول: أيها السادة! إن ما كتبه «سعيد القديم» و «سعيد الجديد» في متناول اليد. أُبينه شاهداً ولقد نظرت -منذ السابق- إلى القومية السلبية والدعوة إلى العنصرية نظرةَ السمّ القاتل، لأنها مرضٌ أوروبي خبيثٌ سار. وذلك حسب الأمر النبوي الجازم بأنَّ الإسلام يَجُبُّ العصبية الجاهلية. ([1]) ولقد ألقت أوروبا بذلك المرض الوبيل بين المسلمين ليمزّقَهم ويفرّقَهم شَذر مَذر ليسهل عليها ابتلاعَهم قِطعاً متناثرة. ولقد بذلتُ ما وسعني الجهد لعلاج هذا الداء الخبيث، ويشهد طلابي ومن له علاقة معي بذلك.
ولما كان الأمر هكذا، فيا أيها السادة! ما الداعي وراء التشبث بكل حادثة لإيذائي والتضييق عليّ؟ والذي هو من قبيل إدانة جندي في الغرب لخطأ ارتكبه جنديٌ في الشرق، لكونهما جنديين، أو أخذ حانوتي في بغداد، لأنه حانوتي، بجريرة حانوتي في استانبول ! فهذا هو شأنكم في كل حادثة دنيوية تتخذونها وسيلة للتضييق عليّ. أيُّ وجدانٍ يحكم بهذا؟ وأيةُ مصلحة تقتضيه؟
النقطة الثالثة
إنَّ أصدقائي وأحبابي الذين يلاحظون راحتي وأحوالي، يستغربون من إيثاري الصمتَ وتجمّلي بالصبر تجاه كل مصيبة تنـزل بي، فيتساءلون: كيف تتحمل الضيقَ والمشاق التي تنـزل بك؟ فلقد كنتَ من قبل شديدَ الغضب، لا ترضى أن يمسّ أحد عزتَك. وكنتَ لا تتحمل أدنى إهانة؟
الجواب: استمعوا إلى هاتين الحادثتين والحكايتين. وخذوا الجواب منهما!
الحكاية الأولى:
قبل سنتين ذكر مديرٌ مسؤول في غيابي كلماتٍ ملفقةً فيها إهانة وتحقير لي، دون سبب ومبرر. ونُقل الكلامُ إليّ، تألمتُ ما يقرب من ساعة بأحاسيس «سعيد القديم». ثم وردت برحمته سبحانه وتعالى إلى القلب حقيقةٌ أزالت ذلك الضيق، ودفعتني لأصفحَ عن ذلك الشخص. والحقيقة هي:
قلت لنفسي: إن كان تحقيرُه وما أورده من نقائص تخصّ شخصي ونفسي بالذات، فليرضَ الله عنه إذ أطلعني على عيوب نفسي. فإن كان صادقاً، فسوف يسوقني اعتراضُه إلى تربية نفسي الأمارة وتأديبِها، فهو إذن يعاونني في النجاة من الغرور. وإنْ كان كاذباً، فهو عَونٌ لي أيضاً للخلاص من الرياء، ومن الشهرة الكاذبة التي هي أساسُ الرياء. نعم! إنني لم أصالح نفسي قط؛ لأنني لم أربِّها. فإن نبّهني أحدٌ على وجود عقرب في أي جزء من جسمي، عليّ أن أرضى عنه، لا امتعضَ منه.
أما إن كانت إهاناتُه تعود لصفة كوني خادماً للإيمان والقرآن، فتلك لا تعود لي، فأُحيل ذلك الشخص إلى صاحب القرآن الذي استخدمني في هذه المهمة، فهو عزيز حكيم.
وإن كان كلامه لأجل تحقيري وإهانة شخصي بالذات والحط من شأني، فهذا أيضاً لا يخصني، لأنني أسيرٌ مكبّل وغريب في هذا البلد، فالدفاع عن كرامتي ليس لي فيه نصيب، بل يخص من يحكم هذه القرية ثم القضاء ثم المحافظة التي أنا ضيف لديهم. إذ إن إهانة أسير تعود إلى مالكه، فهو الذي يدافع عنه.
فاطمأن القلبُ بهذه الحقيقة، وتلوتُ: ﴿وَاُفَوِّضُ اَمْر۪ٓي اِلَى اللّٰهِۜ اِنَّ اللّٰهَ بَص۪يرٌ بِالْعِبَادِ﴾ (غافر: ٤٤) وأهملتُ الحادثةَ واعتبرتها لم تقع، ونسيتُها. ولكن تبين بعدئذٍ -مع الأسف- أن القرآن لم يتجاوز عنه، فعاقبَه.
الحكاية الثانية:
طرق سمعي في هذه السنة أن حادثةً وقعت، وقد سمعتُها بعد وقوعها إجمالاً فحسب، لكني لقيت معاملة كأنني ذو علاقة قوية بالحادثة. علماً أنني ما كنت أراسل أحداً، وما كنت أكتب رسالة إلّا نادراً إلى صديق وحول مسألة إيمانية، بل لم أكتب حتى لشقيقي إلّا رسالة واحدة خلال أربع سنوات. فكنت أمنع نفسي عن مخالطة الناس والاتصال بهم، فضلاً عن أن أهل الدنيا كانوا يمنعونني عن ذلك. فما كنت ألقى إلّا واحداً أو اثنين من الأحباب خلال أسبوع، مرة أو مرتين. أما الضيوفُ القادمون إلى القرية، وهم آحاد لا يزيدون عن واحد أو اثنين فكانوا يلقونني دقيقة أو دقيقتين، خلال شهر، ولمسألة أخروية..
كنت على هذه الحالة من الاغتراب، وقد مُنعت عن كل الناس، عن كل شيء، وبقيتُ وحيداً غريباً، لا قريب لي، في قرية ليس فيها ما يلائم مكسب نفقتي. حتى إنني قبل أربعِ سنوات، عمّرت مسجداً خرباً وقمت فيه بالإمامة لأربع سنوات (نسأل الله القبول) حيث أحمل شهادةَ الإمامة والوعظ، من بلدي. ومع هذا لم استطع الذهابَ إلى المسجد في شهر رمضان الفائت. فصليتُ أحياناً منفرداً وحُرمت من ثواب الجماعة البالغ خمساً وعشرين ضعفاً.
فتجاه هاتين الحادثتين اللتين مرّتا بي أظهرتُ صبراً وتحملاً مثلما أظهرتُه قبل سنتين إزاء معاملة ذلك المسؤول. وسأستمر على هذا الصبر والتحمل بإذن الله.
والذي يدور في خلَدي وأريد أن أقولَه هو أن العنتَ الذي يذيقني إياه أهلُ الدنيا، والأذى والتضييق عليّ منهم، إنْ كان تجاه نفسي القاصرة الملطخة بالعيوب فإني أعفو عنهم، لعلّ نفسي تصلح من شأنها بهذا التعذيب فيكون كفارةً لذنوبها. فلئن قاسيتُ من أذىً في هذه الدنيا المضيفة، فأنا شاكرٌ ربي، إذ قد رأيت بهجتها ومتعتها.
ولكن إن كان أهل الدنيا يذيقونني العذابَ لقيامي بخدمة الإيمان والقرآن، فالدفاع عن هذا ليس من شأني وإنما أُحيلُه إلى العزيز الجبار.
وإن كان المرادُ من ذلك التضييق إفسادَ توجّه الناس إليّ والحيلولة دون إقبالهم عليّ، أي للحدّ من الشهرة الكاذبة، التي لا أساس لها، بل هي السبب في الرياء وإفساد الإخلاص.. فعليهم إذن رحمةُ الله وبركاته؛ لأني اعتقد أن كسب الشهرة وإقبالَ الناس ضار لأشخاص مثلي. والذين لهم علاقة معي يعرفونني جيداً: أنني لا أقبل الاحترام لنفسي، بل أنفر منه، حتى إن صديقاً فاضلاً عزيزاً عليّ قد نهرتُه أكثر من خمسين مرة لشدة احترامه لي.
ولكن إن كان قصدُهم من التهوين من شأني وإسقاطي في أعين الناس يخص الحقائقَ الإيمانية والقرآنية التي أقوم بتبليغها، فعبثاً يحاولون لأن نجوم القرآن لا تُسدَل بشيء. فمن يغمض عينه يجعل نهارَه ليلاً لا نهار غيره.
النقطة الرابعة
جواب عن بضعة أسئلة مريبة.
السؤال الأول المريب:
يسأل أهل الدنيا ويقولون لي: بماذا تعيش؟ وكيف تُدار معيشتُك دون عمل؟ نحن لا نقبل في بلادنا المتقاعدين الكسالى الذين يقتاتون على سعي الآخرين وعملهم؟
الجواب: إنني أعيش بالاقتصاد والبركة. لا أقبل من غير رزاقي الله منّةً من أحد، وقررت أن لا أقبلها طوال حياتي.
نعم، إن الذي يعيش بمائة بارة ([2]) بل بأربعين بارة يأبى أن يدخلَ تحت منّة الآخرين.
إنني ما كنت أرغب مطلقاً أن أوضح هذه المسألة خشية الإشعار بالغرور والأنانية، وأكره أن أبوحَ بها فهي ثقيلة عليَّ، ولكن لأن أهل الدنيا تدور الأوهامُ والشبهات في نفوسهم لدى سؤالهم هذا، فأقول:
- إن دستور حياتي كلها هو عدمُ قبول شيء من الآخرين، فمنذ نعومة أظفاري لم أقبل شيئاً من أحد حتى لو كان زكاة أموالهم.
ثم إن رفضي للمرتّب الحكومي -إلاّ ما عينَته الدولةُ لي لسنتين حينما كنت في دار الحكمة الإسلامية وبعد إلحاح أصدقائي وإصرارهم اضطررت إلى قبوله- وإن عدم قبولي لمنّة الآخرين في دفع ضرورات المعيشة الحياتية.. كل ذلك يبين دستور حياتي. فالناس في مدينتي وكل من يعرفني في المدن الأخرى يعرفون هذا مني جيداً. ولقد حاول أصدقاء كثيرون بمحاولات شتى أن أقبل هداياهم في غضون هذه السنوات الخمس التي مرت بالنفي، إلا أنني رفضت.
فإذا قيل: فكيف إذن تعيش؟
أقول: أعيش بالبركة والإكرام الإلهي. فإنَّ نفسي الأمارة مع أنها تستحق كلَّ إهانة وتحقير، إلّا أنني -في الإرزاق- أحظى بالبركة التي هي إكرام إلهي يُمنح كرامةً من كرامات خدمة القرآن.
سأورد نماذج منها، وذلك قياماً بأداء الشكر المعنوي تجاه تلك النعم التي أكرمني الله بها وعملا بالآية الكريمة: ﴿وَاَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ (الضحى: ١١) ولكني رغم هذا أخشى أن يداخلَ هذا الشكرَ المعنوي شيءٌ من الرياء والغرور فتمحَق تلك البركة الربانية الطيبة، إذ إن إظهار البركة المخفية بافتخارٍ مدعاةٌ لانقطاعها. ولكن ما حيلتي فإني اضطررتُ إلى ذكر تلك البركة اضطراراً.
فالأول: لقد كفاني في هذه الشهور الستة الماضية ستةٌ وثلاثون رغيفاً قد خُبز من كيلة ([3]) من الحنطة، ولا زال الخبز باقياً، ولا أعرف متى ينفد. ([4])
ثانيها: في هذا الشهر المبارك شهر رمضان لم يأتني طعامٌ إلّا من بيتين اثنين، وقد أمرضاني كلاهما. ففهمتُ من هذا أنه ممنوع عليّ طعامُ الآخرين!. ولقد كفتني أوقية واحدة ([5]) من الرز وثلاثة أرغفة من الخبز بقية أيام شهر رمضان. فالصديق الصادق «عبد الله جاويش»(∗) صاحب البيت المبارك الذي يهيئ لي الطعام يشهد بهذا ويخبر به، بل إن الرز قد استمر خمسة عشر يوماً آخر بعد شهر رمضان.
ثالثها: لقد كفتنا أنا وضيوفي الكرام أوقيةٌ واحدة من الزبد رغم تناوله يومياً مع الخبز طوال ثلاثة أشهر في الجبل. حتى كان لي ضيف مبارك وهو «سليمان»(∗) وقد أوشك خبزنا على النفاد، وكنا في يوم الأربعاء، فقلت له: اذهب إلى القرية وآت بالخبز، إذ ليس حوالينا أحد حتى مسافة ساعتين لنبتاع منه. فقال: إني أرغب أن أبيت معك ليلة الجمعة المباركة على قمة هذا الجبل، لأتضرع معك إلى الله.
فقلت: توكلنا على الله. إذن ابقَ معي.
ثم بدأنا بالسير معاً حتى صعدنا قمة جبل رغم أنه لا داعي ولا مناسبة لذلك. وكان لدينا قليل من الماء مع شيء من الشاي والسكر.
قلت: يا أخي اعمل لنا قليلاً من الشاي. وبدأ بالعمل.
وجلست أنا تحت شجرة قطران أتأمل في مشاهدة وادٍ عميق، وأفكر بأسف وأسى: ليس لدينا إلّا كسرة من خبز متعفن ربما يكفينا كلينا هذا المساء. ولكن كيف باليومين التاليين. فماذا أقول لهذا الرجل الطيب النقي السريرة!
وبينما أنا غارق في هذا إذا برأسي كأنه يُدار إلى الشجرة فالتفتُّ وإذا بي أرى رغيفاً كبيراً فوق شجرة القطران ينظر إلينا بين أغصانها، قلت: أبشر يا سليمان فقد أنعم الله سبحانه علينا برزق. فأخذنا الخبز من الشجرة وفتشنا عن أثر من آثار الحيوانات والطيور عليه. وإذا به سالمٌ من أي تعرض كان من الحيوانات. فضلاً عن أنه لم يصعد هذا الجبل منذ ثلاثين يوماً أحد من الناس. فكفانا ذلك الرغيف يومين. وما أن أوشك على النفاد إذا بالرجل الصادق «سليمان»(∗) الذي كان صديقاً صادقاً طوال أربع سنوات يصعد الجبل متوجهاً نحونا آتياً لنا بالخبز.
رابعها: إن هذه السترةَ (الجاكيت) قد اشتريتُها مستعملةً قبل سبع سنوات. وكفَت أربعُ ليرات ونصف الليرة لمصاريف خمس سنوات مضت للملابس والحذاء والجوارب، فلقد كفتني البركةُ والاقتصاد والرحمة الإلهية.
وهناك أمثلة كثيرة شبيهة بهذا، إذ إن للبركة الإلهية جهات شتى. وأن أهالي هذه القرية يعرفون كثيراً من أمثلة البركة. ولكن حذار حذار أن يذهب بكم الظن أنني أذكر هذه الأمثلة افتخاراً، وإنما اضطررت إلى ذكرها اضطراراً. ولا يردنّ في خاطركم أنها أمثلة تدل على صلاحي، وإنما هذه البركات هي إحسان إلهي إلى أصدقائي الضيوف المخلصين القادمين إليّ. أو أنها إكرام إلهي لخدمة القرآن الكريم، أو أنها منافع مباركة للالتزام بالإقتصاد، أو أنها رزق للقطط الأربع التي تلازمني هنا وهي التي تذكر في هريرها: يا رحيم يا رحيم يا رحيم.. فهي أرزاقُها تأتيها على صورة بركة، وأنا بدوري استفيد منها.
نعم، إذا أنصتّ إلى هريرها الحزين تدركُ جيداً أنها تذكر: يا رحيم يا رحيم يا رحيم.
وعلى ذكر القطط يرد بالبال ذكرُ الدجاج.
كانت لي دجاجة تجلب لي من خزينة الرحمة الإلهية بيضةً واحدة يومياً في هذا الشتاء بانقطاع قليل جداً. وذات يوم وضعت بيضتين معاً، فاحترتُ منها، واستفسرت عن أحبابي: هل يحدث مثل هذا في هذا الشتاء؟ قالوا: ربما هي إحسان إلهي.
كان لهذه الدجاجة فرخ في الصيف. بدأ الفرخ بوضع البيض بدايةَ شهر رمضان المبارك، واستمر الوضع طوال أربعين يوماً. فلم تبق لدي شبهة ولا لدى إخوتي الذين يقومون بخدمتي من أن هذا الوضع المبارك للبيض في هذا الشتاء ومن فرخ صغير، في شهر رمضان، إنما هو إكرام إلهي ليس إلّا. ثم إن الفرخ بدأ بالوضع حالما قطعَته الأم. فلم يدَعني دون بيضة والحمد لله.
السؤال الثاني المريب:
يقول أهل الدنيا: كيف نثق بك ونطمئن إليك بأنك لا تتدخل في أمور دنيانا؟ فلربما لو أطلقنا سراحَك تتدخل في أمورها؟ ثم كيف نعرف أنك لا تخدعنا ولا تكيدُ بنا، إذ تظهر نفسَك بمظهر التارك للدنيا الذي لا يأخذ أموالَ الناس ظاهراً، وربما يأخذها خفيةً، فكيف نعرف أن ذلك ليس مَكراً؟
الجواب: إن أحوالي قبل عشرين سنة في المحكمة العسكرية العرفية، وأطواري قبل إعلان الدستور، ([6]) وفي الدفاع الذي صدر في كتاب «شهادة مدرستي المصيبة» معروفة لدى الذين يعرفونني.. كل ذلك يبين بياناً شافياً: أنني قد أمضيت حياتي لم أتنازل إلى شيء من الخديعة بل حتى إلى أدنى حيلة،
فلو كانت ثمةَ حِيلٌ لحصلت المراجعةُ واللجوء إليكم مع تزلّف وتملق خلال هذه السنوات الخمس. إذ المحتال يحاول أن يحبّبَ نفسَه إلى الناس دوماً بل يسعى إلى إغفالهم وخداعهم، وليس من شأنه تجنُّبهم والابتعادُ عنهم. والحال أنني لم أتنازل إلى التذلل للآخرين على الرغم من جميع الهجمات النازلة بيَّ والانتقادات الموجهة إليّ، بل أعرضتُ عن أهل الدنيا متوكلاً على المولى القدير وحده.
ثم إنَّ الذي عرف حقيقةَ الآخرة وكشفَ عن حقيقة الدنيا لا يندم أبداً، إن كان ذا لب. ولا يتشبث بالعودة إلى الدنيا مرة أخرى. ثم إن من كان وحيداً فريداً لا علاقة له مع أحد، لا يضحّي بحياته الأبدية لثرثرة دنيوية وتهريجاتها بعد قضاء خمسين سنة من العمر. بل لو ضحّى بها، لا يكون حيّالاً بل مجنوناً، وماذا عسى أن يفعل المجنونُ حتى يُهتم به؟
أما الشبهة الواردة حول كوني طالباً للدنيا باطناً وعازفاً عنها ظاهراً. فأقول:
بمضمون الآية الكريمة: ﴿وَمَٓا اُبَرِّئُ نَفْس۪يۚ اِنَّ النَّفْسَ لَاَمَّارَةٌ بِالسُّٓوءِ ﴾ (يوسف: ٥٣).
إنني ما أبرئ نفسي أبداً، إنها تروم كلَّ فساد. ولكن خسران حياة دائمة وسعادة خالدة لأجل لذة قليلة، في هذه الدنيا الفانية، في هذا المضيف المؤقت، في زمن الشيخوخة، في عمر قصير.. ليس من شأن العقلاء ولا يليق بذوي الشعور؛ لذا انقادت نفسي الأمارة، شاءت أم أبت، للعقل ورضخت له.
السؤال الثالث المريب:
يقول أهل الدنيا: أتحبُّنا؟ أترضى عنا وتعجب بنا؟ فإن كنت تحبنا فلماذا إذن أعرضتَ عنا ولا تخالطُنا،
وإن لم تكن تعجب ولا ترضى عنا فأنت إذن تعارضنا، ونحن نسحق معارضينا!
الجواب: إنني لو كنت مُحبَّاً لدنياكم، فضلاً عنكم لما انسحبتُ منها وأعرضت عنها. فأنا لا أعجب بكم ولا بدنياكم، ولكن لا أتدخل أيضاً بها ولا أخالطكم. لأنني أصبو إلى قصد غير قصدكم، فقد ملأتْ قلبي أمورٌ لم تُبق موضعاً لغيرها كي أفكرَ فيها. وأنتم مأمورون بالحكم على ظاهر الحال لا على باطن القلب. لأنكم تريدون إدامةَ النظام وإرساءَ الحكم، وحيث إني لا أتدخل بهما، فليس لكم أن تقولوا: ليحبنا القلب كذلك، فأنتم لستم أهلاً لذلك الحب أصلاً.
وإن تدخلتم في أمر القلب، أقول: كما أنني أتمنى مجيء الربيع وسط هذا الشتاء، ولكني لا أستطيع إتيانه، كذلك أتمنى صلاح أحوال العالم وأدعو لذلك، وأسأل الله أن يصلح أهلَ الدنيا، ولكن ذلك فوقَ إرادتي ووسعي فلا أستطيع عليه. لذا لا أتدخلُ فعلاً، فهي ليست من وظيفتي ولا ضمن اقتداري وطاقتي.
السؤال الرابع المريب:
يقول أهل الدنيا: لقينا بلايا ونـزلت بنا مصائبٌ، فلم نعد نثق بأحد من الناس، فكيف نثق بك؟ ولو سنَحت لك الفرصةُ ألَا تتدخل في أمورنا بالشكل الذي يروق لك؟
الجواب: إن النقاط المذكورة سابقاً رغم أنها كافية لإقناعكم وبث الاطمئنان في نفوسكم إلّا أنني أقول:
في الوقت الذي لم أتدخل في دنياكم وأنا في مدينتي وحولي طلابي وأقربائي، وأعيش في وسط من يصغي إليّ ويستشيرني، بل لم أتدخل في دنياكم حتى في خضم تلك الحوادث المثيرة، أفيمكن أن يتدخلَ فيها مَنْ هو في دار الغربة، وهو وحيد منفرد وضعيف عاجز، متوجّه بكل وسعه للآخرة، منقطع عن الاختلاط والمراسلات، ولم يجد إلّا بضع أصدقاء في طريق الآخرة، وهو الغريب عن الناس، كما أن الناس أصبحوا غرباء عنه، بل ينظر إليهم هكذا.. هذا الإنسان إذا تدخّل في دنياكم العقيمة والخطرة ينبغي له أن يكون مجنوناً مضاعفاً.
النقطة الخامسة
تخص خمسَ مسائلَ صغيرة:
أولاها:
يقول لي أهلُ الدنيا: لِمَ لا تطبّق على نفسك أصولَ مدنيتنا وآدابها، ولا تعيشُ على وفق طراز حياتنا، ولا تلبس هيئةَ ملابسنا؟ بمعنى أنك معارض لنا؟.
وأنا أقول: أيها السادة! بأيّ حق تكلفونني أن أطبقَ آداب مدنيتكم؟ فأنتم قد أجبرتموني على الإقامة ظلماً في قرية طوال خمس سنوات، ومنعتموني حتى عن المراسلات والاختلاط مع الناس، وكأنكم قد أسقطتموني من الحقوق المدنية، فضلاً عن أنكم جردتموني بغير سبب من كل شيء، ولم تسمحوا لي أن أقابلَ أهلَ مدينتي، سوى واحد أو اثنين. علماً أنكم قد أطلقتم سراحَ جميع المنفيين، وسمحتم لهم بالإقامة بين أهليهم وذويهم في المدن ومنحتموهم شهاداتِ ترخيص بذلك.. فهذه المعاملات تعني أنكم لا تعدونني من أفراد الأمة ولا من رعايا هذا الوطن، فكيف إذن تكلفونني بتطبيق قوانين مدنيتكم؟
وأنتم قد ضيّقتم عليّ الدنيا على سعتها وجعلتموها لي سجناً، أفيكلَّف من هو في السجن بمثل هذه الأمور؟.
وأنتم قد أقفلتم عليّ بابَ الدنيا، وأنا بدوري طرقتُ باب الآخرة، ففتحتْه الرحمةُ الإلهية، فكيف يطالَب من هو واقف في باب الآخرة أن يطبق عاداتِ أهل الدنيا وآدابَها المشوشة؟
فمتى ما أطلقتموني حراً، وأعدتموني إلى مدينتي وموطني، وأعطيتموني حقوقي كاملة، فلكم عندها أن تطالبوا بتطبيق آدابكم!
المسألة الثانية:
يقول أهل الدنيا: لدينا مؤسسة حكومية، تقوم بتعليم أحكام الدين وحقائق الإسلام، فبأيّ صلاحية تقوم أنت بنشر رسائل دينية؟ فلا يحق لك مزاولة مثل هذه الأمور وأنت محكوم بالنفي.
الجواب: إن الحق والحقيقة لا تقيَّدان بشيء ولا تنحصران (في مكان وزمان معينين) فكيف ينحصر الإيمانُ ويتقيد القرآنُ في مؤسسة رسمية؟ فأنتم تستطيعون أن تحصروا تطبيق قوانينكم وآدابكم (في مؤسساتكم) أما الحقائق الإيمانية والأسس القرآنية فلا تُقحَمان في المعاملات الدنيوية، ولا تحصَران في مؤسسة رسمية يؤدَّى فيها العملُ بأجرة. بل إن تلك الأسرار والفيوضات التي هي موهبة إلهية، لا تتأتى إلّا بوساطة النية الخالصة والتجرد من الدنيا والعزوف عن حظوظ النفس.
هذا فضلاً عن أن دائرتكم الرسمية قد قبلتني واعظاً وأنا في مدينتي، وعينتني في تلك الوظيفة، وقد قمت بتلك الوظيفة، وظيفة الوعظ. إلّا أنني تركتُ مرتَّبها، محتفظاً لدي بشهادتها. أي أنا أستطيع أن أؤدي بتلك الشهادة مهمةَ الوعظ والإمامة في أي مكان كان، لأن نفيي ظلمٌ واضح.
ثم إن المنفيين قد أُعيدوا إلى أهليهم، فشهادتي السابقة إذن ساريةُ المفعول.
ثانياً: إن الحقائق الإيمانية التي كتبتُها، خاطبت بها نفسي مباشرة، ولا أدعو إليها الناس جميعاً، بل الذين أرواحُهم محتاجة وقلوبُهم مجروحة يتحرَّون عن تلك الأدوية القرآنية، فيجدونها. يُستثنى من هذا تكليفي أحدَ الأفاضل بطبع رسالتي التي تخص الحشر، قبل تنفيذ الحروف الحديثة، وذلك لكسب قوتي وتأمين معيشتي، ولكن الوالي السابق الظالم تجاهي دقق تلك الرسالة، وعندما لم يجد ما ينتقده لم يتعرض لها.
المسألة الثالثة:
إن بعض أصدقائي يتبرأون مني ظاهراً، بل ينتقدونني، ليحببوا أنفسَهم إلى أهل الدنيا المرتابين مني؛ بينما أهلُ الدنيا وهم الدساسون قد حملوا تبرئة هؤلاء واجتنابهم عني محمَل الرياء وانعدام الوجدان بدلاً من أن يحملوها محمل الحب والإخلاص لهم. لذا بدأوا ينظرون إليهم نظر الريب.
وأنا أقول: يا رفقائي في الآخرة!
لا تهربوا من خدمتي للقرآن العظيم؛ لأنه لا يلحقكم ضررٌ مني بإذن الله. حتى لو وقع عليَّ الظلم، وأتت المصيبةُ، فلا يمكنكم أن تنجوا منها بالبراءة مني، بل تستأهلون أكثر لأن تنـزلَ بكم مصيبة أو تداهمَكم لطمةُ تأديب.. ثم ماذا حدث حتى تنتابكم الريوب والأوهام؟.
المسألة الرابعة:
في أيام منفاي هذه.. أرى أناساً ممن سقطوا في حمأة السياسة وابتُلوا بالإعجاب بالنفس، ينظرون إليّ نظرةً تتسم بالمنافسة والانحياز إلى جهة. وكأنني مثلهم ذو علاقة مع تيارات دنيوية.
فيا أيها السادة! اعلموا أنني في صف الإيمان وفي تياره وحده، ويواجهني تيارُ الإلحاد. ولا علاقة لي أصلاً بأي تيار آخر.
فالذي يتخذ وضع المنافس والمخالف لي، ويتعرض لي ويسبب إيلامي، إن كان ممن يعمل لقاء أجرة، ربما يجد شيئاً من العذر في تصرفاته هذه. ولكن الذي لا يعمل لقاء أجرة، وإنما يقوم بمثل هذه المعاملات باسم الغيرة والحمية، فليعلم أنه يرتكب خطأ أيّما خطأ، لأنه -كما أثبتناه سابقاً- لا علاقة لي قطعاً بالسياسة الجارية في الدنيا، فلقد نذرت حياتي وحصرت وقتي كلَّه لنشر حقائق الإيمان والقرآن، لذا فليفكر جيداً من يتعرض لي ويتخذ موقف المنافس، إنه في حكم المتعرض للإيمان في سبيل الزندقة والإلحاد.
المسألة الخامسة:
لما كانت الدنيا فانيةً..
والعمرُ قصيراً..
والواجبات كثيرةً..
وأن الحياة الأبدية تُكسب هنا، في الدنيا..
وهي ليست بلا مولى..
فللمضيف ربٌ كريم حكيم..
لا يضيّع جزاء السيئة ولا الحسنة..
و ﴿لَا يُكَلِّفُ اللّٰهُ نَفْسًا اِلَّا وُسْعَهَا﴾ ..
وحيث إن السبيل السوي وما فيه أذى لا يستويان..
ولا يجاوز بابَ القبر أخلاّءُ الدنيا وجاهُها..
فلابد أن أسعدَ إنسان هو مَن: لا ينسى الآخرة لأجل الدنيا.. ولا يُضحّي بآخرته للدنيا.. ولا يفسد حياته الأبدية لأجل حياة دنيوية.. ولا يهدر عمره بما لا يعنيه.. ينقاد للأوامر انقيادَ الضيف للمضيّف. ليفتحَ باب القبر بأمان.. ويدخلَ دار السعادة بسلام. ([7])
ذيل المكتوب السادس عشر
بِاسْمِهِ سُبحَانَهُ
﴿وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪﴾
إن أصحاب الدنيا المتكالبين على متاعها الزائف قد توهموا عبثاً أن رجلاً عاجزاً غريباً في هذه الدنيا مثلي له من القوة ما لآلاف الرجال. وقد دفعهم هذا الوهمُ إلى وضعي تحت قيود صارمة مشددة؛ فلم يسمحوا لي مثلاً بالإقامة ليلةً أو ليلتين في «بدرة» وهي كحي من أحياء «بارلا» أو حتى على جبل من الجبال القريبة منها. وقد سمعتُهم يقولون:
«إن لسعيد من القوة ما لخمسين ألف رجل لذا فلا يمكننا إطلاق سراحه»!.
وأنا أقول: يا طلابَ الدنيا التعساء! مع أنكم تعملون للدنيا بكل ما أوتيتم من قوة وجهد فلِمَ لا تعلمون شؤونَها أيضاً فتحكمون كالمجانين. فإذا كان خوفُكم من شخصي الفاني، فهو خوف زائف، لا مبررَ له إطلاقاً، إذ يستطيع أي إنسان، وليس خمسين ألفاً، أن يعملَ ضعف عملي خمسين مرة. يستطيع في الأقل أن يقفَ على باب غرفتي ويقول: «لن تخرج».. فينتهي الأمر.
أما إذا كان خوفُكم من مهنتي التي هي الدعوة إلى القرآن، ومن قوة الإيمان التي أتسلَّحُ بها. ألَا فلتعلموا جيداً بأنني لست في قوة خمسين ألف رجل.. كلا.. إنكم مخطؤون. إنني بفضل الإيمان وبحكم مهنتي في قوة خمسين مليون شخص! إنني بقوة القرآن الكريم أتحدى أوروبا كلَّها بما في ذلك ملاحدتكم.. لقد اقتحمتُ قلاعَهم الحصينة التي يسمونها «العلوم الطبيعية أو الحديثة».. وذلك بفضل ما نشرتُ من الحقائق الإيمانية والبراهين القرآنية الدامغة التي أنـزلتُ بها أكبرَ فلاسفتهم إلى رتبة هي أدنى مائة مرة من رتبة الأنعام! ولو اجتمعت أوروبا بأسرها بما في ذلك ملاحدتكم، فلن تستطيعَ أن تحُولَ دون مسألةٍ واحدة من مسائل مهنتي ولا أن تغلبني بإذن الله وتوفيقه.
ومجمل الكلام: فكما لا أتدخلُ في شؤون دنياكم لا يحق لكم أن تتدخلوا في شؤون أُخراي كذلك.. ولا تحاولوا.. أما إذا ركبتم رأسكم وحاولتم التدخل، ألَا فلتعلموا يقيناً بأنكم لن تجنوا من وراء ذلك شيئاً، وسيكون سعيُكم عبثاً.
قوةُ العضد لا تردّ تقديرَ اللّه
وشمعةٌ أوقدها المولى لا تطفئها الأفواه
إنَّ أهل الدنيا تدور شكوكُهم وأوهامُهم حولي بوجه خاص وكأنهم يتوجسون مني خيفة، إذ يتخيلون وجود أمور لا أملكها، بل لو وجدت فلا تكون موضعَ ريوب سياسية واتهامات، كالمشيخة، والرئاسة، والحسب والنسب، والنفوذِ في العشيرة، وكثرة الأتباع، واللقاء مع المواطنين، والتعلق بأمور الدنيا، بل حتى يتصورون وجود الدخول في أمور السياسة بل حتى المعارضة للدولة.. وأمثالها من الأمور التي ليست موجودة عندي، فيقعون في شكوك وأوهام من جراء تخيلاتهم. حتى إنهم حرموني من كل شيء عندما تذاكروا أُمور العفو لمَن في السجن أو في خارجه، أي مَن لا يشملهم العفو في نظرهم.
هناك كلام جميل خالد قاله رجلٌ فاسد فانٍ:
إن كان للظلم مدفعٌ وبندقية وقلعة
فللحق ساعدٌ لا ينثني ووجهٌ لا يتراجع.
وأنا أقول:
إن كان لأهل الدنيا حكمٌ وسطوة وقوة..
ففي خادمه بفيض القرآن:
علمٌ لا يلتبس، وكلام لا يسكت،
وقلبٌ لا ينخدع، ونور لا ينطفئ.
لقد سألني الآمر العسكري المسؤول عن مراقبتي، وكثيرٌ من الأصدقاء هذا السؤال مكرراً:
لِمَ لا تراجع الجهات الرسمية؟ ولِمَ لا تقدم طلباً للحصول على شهادة ووثيقة رخصة؟.
الجواب: هناك أسباب عدة تحُول بيني وبين مراجعتهم، بل تجعلني لا أستطيع مراجعتَهم.
السبب الأول: إنني لم أتدخل في شؤون أهل الدنيا ولا في دنياهم، كي أكون محكوماً من قبلهم، ومن ثم أراجعهم في هذا الشأن، بل أراجعُ القدَر الإلهي، لأنه هو الذي حكم عليّ لتقصيراتي تجاهه.
السبب الثاني: لقد تيقنتُ أن هذه الدنيا دارُ ضيافة، تتبدل بسرعة وتتغير على الدوام، فهي ليست دارَ قرار ولا موطناً حقيقياً، لذا فإن نواحيها كافة على حدّ سواء. فما دمت لا أظل في موطني، ولا قرار لي فيه، فإن محاولة الرجوع إليه عبثٌ لا طائل وراءه، ولا يعني شيئاً الذهاب إليه. وما دام كل ناحية من نواحي الدنيا دارَ ضيافة. فإن كلَّ إنسان صديقٌ وكل مكان نافعٌ ومفيد إن كانت رحمةُ صاحب الدار ورحمةُ رب البيت رفيقةً لك، وإلّا فكل إنسان عدو وكل مكان حملٌ ثقيل وضيق شديد.
السبب الثالث: المراجعة إنما تكون ضمن نطاق القانون، بينما المعاملة التي أُعامَل بها طوال هذه السنوات الست معاملةٌ اعتباطية وغير قانونية، إذ لم يعاملوني معاملة قانونية على وفق قانون المنفيين، بل نظروا إليّ نظرةَ الساقط من الحقوق المدنية، بل حتى من الحقوق الدنيوية، فلا معنى إذن من مراجعةٍ قانونية لمن يُعامِل معاملةً غيرَ قانونية.
السبب الرابع: راجع أحدُهم باسمي هذه السنة مديرَ هذه الناحية «بارلا» للسماح لي بالذهاب إلى قرية «بدرة» القريبة جداً منها -حتى تعدّ أحدَ أحيائها- لقضاء بضعة أيام للفسحة هناك، ولم يسمح لي بذلك. فكيف يراجَع هؤلاء الذين يرفضون مثل هذه الحاجة البسيطة التي أشعر بها؟ فمراجعتُهم إذن ليس إلا تذلل وخنوع غير مُجدٍ.
السبب الخامس: إن طلبَ الحق من مدّعي الحق زوراً ومراجعتَهم ظلمٌ وبخس للحق وقلةُ توقير له، فلا أريد أن أرتكبَ هذا الظلم، ولا هذا التهوين من شأن الحق. والسلام.
السبب السادس: إن مضايقة أهل الدنيا لي، ليست ناشئةً من انشغالي بالسياسة، لأنهم يعرفون جيداً أنني لا أتدخل في الأمور السياسية، بل أنفر منها، فهم يعذبونني بسبب ارتباطي بالدين وتمسكي بأهدابه، أي أنهم يعذبونني -بشعور وبغير شعور- إرضاءً للزندقة.
لذا فإن مراجعتهم تعني إبداءَ ندامةٍ عن الدين وملاطفةٍ لمسلك الزندقة، فضلاً عن أن القدر الإلهي العادل سيعذبني بأيديهم الأثيمة إن التجأتُ إليهم أو راجعتُهم، لأنهم يضايقونني لتمسكي بالدين، بينما القدر الإلهي يضايقني لنقائصي وقصوري في التقوى والإخلاص ولتزلفي أحياناً إلى أهل الدنيا.
فلا نجاةَ لي إذن من هذه المضايقات في الوقت الحاضر. إذ لو راجعتُ أهلَ الدنيا لقال القدَر: أيها المرائي! ذق جزاء مراجعتك هذه. وإن لم أراجع أهل الدنيا لقالوا: إنك لا تعترف بنا، فلازِم المضايقات.
السبب السابع: من المعلوم أن وظيفة أي موظف كان هي الأخذُ على يد مَن يلحق الضرر بالمجتمع ومعاونة النافعين لهم. فعندما كنت أوضّح ذوقاً لطيفاً في كلمة «لا إله إلّا الله» لشيخ هرم اقترب من باب القبر، أتاني الموظف المسؤول عن مراقبتي وكأنه يريد القبض عليّ وأنا متلبّس بجريمة نكراء. علماً أنه ما كان يأتيني في أغلب الأحيان، ولكنه حضر في ذلك الوقت وكأنني أقترف جريمة، فحرم ذلك المستمع إلى الموضوع بإخلاص، وأثار غضبي. علماً أنه ما كان يلتفت إلى أشخاص في القرية بل بدأ يلاطف ويقدّر أولئك الذين يعربدون ويبثون سموماً في المجتمع.
ومن المعلوم كذلك لو أن مجرماً، ارتكب مائة جريمة، يستطيع أن يقابل مسؤوليه في السجن سواءً أكانوا من الجنود أو الضباط أو الآخرين. بينما المسؤول عن مراقبتي، واثنان من ذوي الشأن لدى الحكومة، لم يسألوا عن حالي ولم يقابلوني قطعاً طوال سنة من الزمان، رغم أنهم مرّوا مراراً أمام غرفتي. فقد كنت أظن أنهم لا يتقربون مني بسبب العداء، ولكن تحقق بالتالي، أن ذلك نابع مما كان يساورهم من شكوك وريوب، فهم يفرّون مني وكأنني سأبتلعهم.
فمراجعةُ حكومةٍ، رجالُها وموظفوها أمثالُ هؤلاء ليس من العقل في شيء، بل ما هي إلّا ذلة وخنوع لا طائل وراءه.
فلو كان سعيد القديم موجوداً لقال مثلما قال «عنترة»:
ماءُ الحياة بذلةٍ كجهنم وجهنم بالعزّ أفـخرُ منـزلِ
ولكن لا وجود لـ «سعيد القديم». أما «سعيد الجديد» فيرى أنه لا معنى حتى في التكلم مع أهل الدنيا. فليهلكهم الله بدنياهم، وليقضوا ما يقضون، سنتحاكم في المحكمة الكبرى بإذن الله.
هذا ما يقوله «سعيد الجديد»، ثم يسكت.
ومن الأسباب الداعية لعدم مراجعتي:
السبب الثامن: أن القدر الإلهي يعذبني بالأيدي الظالمة لأهل الدنيا هؤلاء. وذلك بسبب ما لا يستحقونه من ميلي إليهم، وفق القاعدة: «إن نتيجةَ محبةٍ غيرِ مشروعة عداوةٌ ظالمة».
وقد كنت أؤثر الصمتَ، لعلمي أني أستحق هذا العذاب، حيث إنني قد خدمت بصفة قائد للمتطوعين في الحرب العالمية الأولى، وخضت المعارك، وضحيت بخيرة طلابي وأحبّائي مع نيل تقدير القائد العام للجيش، أنور باشا. وسقطت جريحاً، وأُسرت. وبعد مجيئي من الأسر ألقيت بنفسي في المهالك، بتأليفي كتاب «الخطوات الست» الذي تحديتُ به الإنكليز وهم يحتلون استانبول. فعاونت هؤلاء الأصدقاء الذين ألقوني في عذاب الأسر بغير سبب. وكان هذا جزائي نظيرَ معاونتي لهم، فأذاقني هؤلاء من المصاعبَ والمتاعبَ في ثلاثة شهور ما يفوق المصاعب والمتاعب التي قاسيت منها في روسيا طوال ثلاث سنوات.
وعلى الرغم من أن الروس كانوا ينظرون إليّ بصفة قائد للمتطوعين الأكراد والظالم الذي يذبح الأسرى والقازاق، إلّا أنهم لم يمنعوني من إلقاء الدروس. فكنت أُلقيها على معظم زملائي الأسرى من الضباط البالغ عددهم تسعين ضابطاً، حتى إن القائد الروسي استمع مرة إلى الدرس، فحسبه درساً سياسياً، لجهله باللغة التركية، ومنعني مرة واحدة فقط ولكنه سمح لي بعد ذلك. ثم إننا جعلنا غرفةً في الثكنة التي كنا فيها مسجداً لأداء الصلاة جماعةً، وكنت أؤم الجماعة، ولم يتدخلوا في ذلك قط. ولم يمنعونا من الاختلاط والاتصال بعضنا مع البعض ولم يقطعوا عنا المراسلات.
بينما أرى هؤلاء الذين يُفترض فيهم أنهم إخواني في الدين وفي الوطن يمنعونني من الدرس بغير سبب مع أنني أحاول أن أفيدَهم في الإيمان، وهم يعلمون أنني قد قطعت علاقتي مع الدنيا والسياسة. حتى إنهم وضعوني في الأسر طوال ست سنوات -وليس ثلاث سنوات- بل في أسر مشدّد، إذ منعوني من الاختلاط بالناس، ومن إلقاء الدروس، بل حتى من إلقاء الدروس الخاصة في غرفتي الخاصة. علماً أنني أحمل شهادةً في ذلك، وحالوا بيني وبين المراسلات، بل منعوني حتى عن الإمامة في المسجد الذي عمّرتُه بنفسي، والذي كنت أؤمُّ الجماعة فيه طوال أربع سنوات. فحرموني من ثواب الجماعة، بل منعوني عن أن أؤمَّ جماعة مكونة من ثلاثة أخوة في الآخرة كنت أؤمُّهم دوماً.
فضلاً عن ذلك لو ذكرني أحدُهم بخير، يغضب الموظف المراقب عليّ، ويحاول بشتى الوسائل أن يهوّن من شأني، ويشدّد من المضايقات كي يحصل على تكريم من آمريه والتفاتهم إليه.
فقل لي بنفسك واحكم بما شئت أيها الأخ السائل: إنّ من كان هذا وضعُه، هل يراجع غير الله سبحانه وتعالى؟ فلمن يقدّم الشكوى إن كان الحاكم هو المدّعي؟ ثم قل ما شئت أن تقوله في هذه الأحوال المحيطة بنا.
ولكني أقول: إن كثيراً من المنافقين قد اندسوا بين أصدقائي هؤلاء. وحيث إن المنافق أشدُّ من الكافر وأخبثُ منه، فلهذا يذيقونني من العذاب ما لم يذقني إياه كفار الروس.
أيها التعساء! ماذا فعلت بكم، وما الذي أفعله بحقكم؟ إنني أسعى لإنقاذ إيمانكم وإبلاغكم السعادةَ الأبدية. يبدو أن خدمتي لم تخلُص بعدُ لله، لذا يولَد خلافُ المأمول. وأنتم نظير ذلك تؤذونني في كل فرصة سانحة. فلا ريب أننا سنتحاكم في المحكمة الكبرى.. أقول:
﴿حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ﴾ ﴿نِعْمَ الْمَوْلٰى وَنِعْمَ النَّص۪يرُ﴾
الباقي هو الباقي
سعيد النورسي
- ↑ سبق تخريجه في المكتوب الخامس عشر.
- ↑ أربعون بارة قرش واحد، وعشرة قروش تعادل ليرة تركية واحدة.
- ↑ كيلة: مقياس قديم للوزن والحجم وهي تساوي (٤٠ لتراً من الحبوب).
- ↑ وقد دام سنة كاملة.(المؤلف)
- ↑ معيار قديم أيضاً تساوي ٢١٨٢ غم.
- ↑ أي إعلان النظام البرلماني في الدولة العثمانية وذلك في ٢٣ تموز ١٩٠٨م.
- ↑ بناءً على هذه الأسباب لا أبالي بالمظالم التي نزلت بي شخصياً ولا أعير بالاً للمضايقات التي تحيط بي وأقول: إنها لا تستحق الاهتمام، فلا أتدخل بأمور الدنيا. (المؤلف).