Yirmi Üçüncü Lem'a/ar: Revizyonlar arasındaki fark
("بينما إذا ما قُطع ذلك الانتساب، وانقلب الاستخدام والتوظيف والطاعة إلى الانفلات من الأوامر والعصيان، وترك كل موجود طليقاً يسرح كيفما يشاء، أو أُسند الأمر إلى الطبيعة، فستظهر مئاتُ الألوف من المشكلات والمعضلات بدرجة الامتناع، حتى نرى أن خلق ذبابة صغير..." içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu) |
Değişiklik özeti yok |
||
223. satır: | 223. satır: | ||
أيهما أسهل على الفهم، وأقرب معقوليةً إلى الذهن: تصور «ساعاتي» يصنع تروس الساعة ومعداتها، ثم ينظمها على وفق ترتيب تروسها، ويوازن بين حركات عقاربها بدقة متناهية، أم أن نتصور الساعاتي يصنع في تروس الساعة وعقاربها ودقيق آلاتها ماكنة خارقة الفِعال يُسلّمُ صنع الساعة إلى جمادية أيديها؟! قل معي: أليس هذا كلاماً فارغاً ومحالاً وخارجاً عن حدود الإمكان؟ فهيا خاطب أنت عقلك المجحف وكُنْ أنت القاضي والحَكم. | أيهما أسهل على الفهم، وأقرب معقوليةً إلى الذهن: تصور «ساعاتي» يصنع تروس الساعة ومعداتها، ثم ينظمها على وفق ترتيب تروسها، ويوازن بين حركات عقاربها بدقة متناهية، أم أن نتصور الساعاتي يصنع في تروس الساعة وعقاربها ودقيق آلاتها ماكنة خارقة الفِعال يُسلّمُ صنع الساعة إلى جمادية أيديها؟! قل معي: أليس هذا كلاماً فارغاً ومحالاً وخارجاً عن حدود الإمكان؟ فهيا خاطب أنت عقلك المجحف وكُنْ أنت القاضي والحَكم. | ||
وأيهما يكون مُستساغاً ومقبولاً في منطق العقل: تصور كاتب يخط كتاباً بنفسه بعد أن يحضر لوازم الكتابة؛ من مِداد وقلم وورق، أم تصور إيجاد ذلك الكاتب مطبعة خاصة بذلك الكتاب وهي أعقد وأدق من الكتاب نفسه يترك لها أمر كتابة هذا الكتاب فيخاطبها قائلاً: هيا اشرعي أنت بكتابة الكتاب.. من دون تدخل من قبله؟ | |||
أليس مثل هذا التصور السقيم مُعضلاً عقلاً؟ ومشكلاً بأضعاف أمر الكتابة نفسها؟! | |||
وإذا قلت: إنَّ إيجاد مطبعة لطبع الكتاب أعقد وأصعب من الكتاب نفسه، إلّا أنّ ماكنة المطبعة، قادرة على إصدار آلاف النسخ من الكتاب في مدة قصيرة. وهذا وسيلة التيسير. | |||
الجواب: إن البارئ المصور سبحانه قد خلق بقدرته المطلقة، بتجديد تجليات أسمائه الحسنى وإظهارها على أشكال مختلفة، تشخصات الأشياء وملامحها، الخاصة بها، بحيث لا يشبه مخلوق مخلوقاً آخر تشابهاً تاماً ومتطابقاً قط، وهو كتابٌ صمداني، ومكتوبٌ رباني. | |||
نعم، إنه لأجل أن يفي كل مخلوق بمعاني وجوده، لابدّ أن يملك سيماءً يُعرف بها ويخالف بها الآخرين، وملامحَ تباين ملامح غيره. | |||
فانظر ودقق النظر في وجه الإنسان ترَ أن علاماتٍ فارقة قد احتشدت في هذا الوجه الصغير، بحيث تميز هذه العلامات صاحبها عن جميع الوجوه الأخرى المتتابعة منذ زمن آدم عليه السلام حتى اليوم، وإلى الأبد، رغم التشابه والاتفاق في الماهية الإنسانية، والكينونة البشرية، وهذا واضح جلي وثابت قطعاً. | |||
فملامح كلّ وجهٍ كتابٌ خاص بالوجه نفسه، وهو كتابٌ مستقلٌ بذاته عن غيره.. فلأجل إخراج هذا الكتاب الخاص، وإتقان صنعه وتنظيمه، يستوجب الأمر وجودَ مجموعة أبجدية كاملة من الحروف، ومناسِبة حجماً له، ويتطلب تنضيد هذه الحروف في مواضعها من لوحة التنضيد، ليتم بعد ذلك مؤلف خاص بهذا الوجه يخالف تأليف الآخرين. | |||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> |
10.02, 26 Nisan 2024 tarihindeki hâli
«رسالة الطبيعة»
كانت هذه الرسالة هي المذكّرة السادسة عشرة من «اللمعة السابعة عشرة» إلّا أن أهميتها الفائقة جعلَتها «اللمعة الثالثة والعشرين» فهي تُبيد تيار الكفر النابع من مفهوم «الطبيعة» إبادة تامة وتُفتّت حجر زاوية الكفر وتحطّم ركيزته الأساس.
تنبيه
لقد بيَّنَت هذه المذكرة ماهيةَ المذهب الذي يسلكه الجاحدون من الطبيعيين، وأوضحَت مدى بُعد مسلكهم عن موازين العقل، ومدى سماجته وخرافيته، وذلك من خلال تسعة محالات مستخلَصة من تسعين محالاً في الأقل. ولما كان قسمٌ من تلك المحالات قد وضّح في رسائل أخرى فقد جاء هنا مدرجاً ضمن محالات أخرى، أو جاء مختصراً بعضَ الشيء.
والسؤال الذي يرد للخاطر هو: كيف ارتضى فلاسفةٌ مشهورون وعلماء معروفون بهذه الخرافة الفاضحة وسلّموا لها زمام عقولهم؟!
والجواب: إنَّ أولئك لم يتبينوا حقيقةَ مسلكهم،([1]) ولا باطنَ مذهبهم، ولم يدركوا ما يقتضيه مسلكهم من «محالات» وما يستلزمه مذهبهم من أمور فاسدة وممتنعة عقلاً، والتي ذكرت في بداية كل محال يرد في هذه الرسالة.
وأنا على استعداد كامل لإقامة البراهين الدامغة ونصب الحجج البديهية الواضحة لإثبات ذلك لكل مَن يساوره الشك، وأبينها لهم بإسهاب وتفصيل.
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ
﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ اَفِي اللّٰهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ ﴾ (إبراهيم: ١٠).
هذه الآية الكريمة بما فيها من استفهام إنكاري تدل دلالة قاطعة على وجود الله ووحدانيته بوضوح وجلاء بدرجة البداهة.
وقبل أن نوضح هذا السرّ نودّ أن ننبه إلى ما يأتي:
دعيتُ لزيارة «أنقرة» سنة ١٣٣٨(١٩٢٢م) وشاهدت فرح المؤمنين وابتهاجهم باندحار اليونان أمام الجيش الإسلامي، إلّا أنني أبصرتُ -خلال موجة الفرح هذه- زندقةً رهيبة تدبّ بخبثٍ ومكرٍ، وتتسلل بمفاهيمها الفاسدة إلى عقائد أهل الإيمان الراسخة بغية إفسادها وتسميمها.. فتأسفتُ من أعماق روحي، وصرختُ مستغيثاً بالله العلي القدير ومعتصماً بسُور هذه الآية الكريمة، من هذا الغول الرهيب الذي يريد أن يتعرض لأركان الإيمان، فكتبتُ برهاناً قوياً حاداً يقطع رأس تلك الزندقة، في رسالة باللغة العربية واستقيت معانيها وأفكارها من نور هذه الآية الكريمة لإثبات بداهة وجود الله سبحانه ووضوح وحدانيته، وقد طبعتها في مطبعة «يَني كون» في أنقرة.. إلّا أنني لم ألمس آثار البرهان الرصين في مقاومة الزندقة وإيقاف زحفها إلى أذهان الناس. وسبب ذلك كونه مختصراً ومجملاً جداً، فضلاً عن قلة الذين يُتقنون العربية في تركيا وندرة المهتمين بها آنذاك، لذا فقد انتشرت أوهامُ ذلك الإلحاد واستشرت في صفوف الناس مع الأسف الشديد، مما اضطرني إلى إعادة كتابة تلك الرسالة ببراهينها بالتركية، مع شيء من البيان والتوضيح فكانت هذه الرسالة.
ولما كان بعض أقسام تلك البراهين قد وضّحت توضيحاً كافياً في بعض «رسائل النور» فسنذكرها هنا مجملة، كما أن البعض من البراهين الأخرى المبثوثة في ثنايا رسائل أخرى تبدو مندرجةً في هذه الرسالة، وكأن كل برهان منها جزء من هذه الرسالة.
المقدمة
أيها الإنسان!
اعلم أن هناك كلماتٍ رهيبة تفوح منها رائحةُ الكفر النتنة، تخرج من أفواه الناس، وترددها ألسنةُ أهل الإيمان دون علمهم بخطورة معنى ما يقولون، وسنبين ثلاثاً منها هي الغاية في الخطورة:
أولاها: قولهم عن الشيء: «أوجدته الأسباب» أي إن الأسباب هي التي توجِدُ الشيء المعين.
ثانيتها: قولهم عن الشيء: «تشكّل بنفسه» أي إن الشيء يتشكل من تلقاء نفسه، ويوجِد نفسَهُ، بنفسه وينتهي إلى صورته التي انتهى إليها كما هي.
ثالثتها: قولهم عن الشيء: «اقتضته الطبيعة» أي إن الشيء طبيعي، والطبيعة هي التي أوجدته واقتضته.
نعم، مادامت الموجوداتُ موجودةً وقائمة أمامنا بما لا يمكن إنكارها مطلقاً، وأن كل موجود يأتي إلى الوجود في غاية الإتقان والحكمة، وهو ليس بقديم أزلي، بل هو محدَث جديد.
فيا أيها الملحد! إما أنك تقول أن هذا الموجود -وليكن هذا الحيوان مثلاً- توجِده أسبابُ العالم، أي إنه يكتسب الوجود نتيجة اجتماع الأسباب المادية، أو إنه تشكّل بنفسه، أو أنه يرد إلى الوجود بمقتضى الطبيعة ويظهر بتأثيرها! أو عليك أن تقول:
إنَّ قدرة الخالق القدير ذي الجلال هي التي توجِده؛
لأنه لا سبيل إلى حدوثه غير هذه الطرق الأربعة، حسب موازين العقل، فإذا ما أُثبت -إثباتاً قاطعاً- أن الطرق الثلاثة الأولى محالةٌ، باطلة ممتنعة، غير ممكنة، فبالضرورة والبداهة يثبت الطريقُ الرابع، وهو طريق وحدانية الخالق بيقين جازم لا ريب فيه.
Amma Birinci Yol ki:
وهو القول بأن: «اجتماع أسبابِ العالم يخلق الموجودات ويوجدُها، ويؤدي إلى تشكيل الأشياء»
نذكر منه ثلاثة محالات فقط، من بين محالاته الكثيرة جداً.
المحال الأول: ولنوضحه بهذا المثال:
تحوي الصيدلية مئات الدوارق والقناني المملوءة بموادَّ كيمياوية متنوعة، وقد احتجنا -لسبب ما- إلى معجون حيوي من تلك الأدوية والمواد لتركيب مادة حيوية خارقة مضادة للسموم.. فلما دخلنا الصيدلية وجدنا فيها أعداداً هائلة من أنواع ذلك المعجون الحيوي، ومن تلك المادة الحيوية المضادة للسموم، وعندما بدأنا بتحليل كل معجون رأيناه مركباً مستحضراً بدقة متناهية من موادَّ مختلفة طبق موازين محسوبة، فقد أُخذ من تلك القناني درهم (غرام واحد) من هذه.. وثلاثة غرامات من تلك.. وعشرة غرامات من الأخرى.. وهكذا فقد أُخِذَ من كل منها مقاديرُ مختلفة، بحيث لو كان ما أُخِذَ من هذه المقادير أقل منها بجزء من الغرام، أو أزيد، لفَقد المعجون خواصه الحيوية...
والآن جئنا إلى «المادة الحيوية المضادة للسموم» ودققنا فيها نظراً كيمياوياً، فرأيناها قد ركّبت بمقادير معينة أُخذت من تلك القناني على وفْق موازين حساسة بحيث إنها تفقد خاصيتها لو غلطنا في الحساب فزادت المواد المركبة منها أو نقصت بمقدار ذرة واحدة.
نخلص من هذا: أنَّ المواد المتنوعة قد استُحضرت بمقادير مختلفة، على وفق موازين دقيقة. فهل يمكن أو يُعقل أن يتكون ذلك المعجونُ المحسوب كلُّ جزء من أجزائه حساباً دقيقاً من جرّاء مصادفة غريبة، أو من نتيجة تصادم القناني بحدوث زلزالٍ عاصف في الصيدلية يؤدي إلى سيلان تلك المقادير بموازينها المعينة، واتحادها بعضها بالبعض الآخر مكوناً معجوناً حيوياً؟!. فهل هناك محالٌ أغرب من هذا وأكثر بعداً عن العقل والمنطق؟! وهل هناك خرافة أخرق منها؟! وهل هناك باطل أوضح بطلاناً من هذا؟! و الحمار نفسه لو تضاعفت حماقته ونطق لقال: يا لحماقة مَن يقول بهذا القول!.
وفي ضوء هذا المثال نقول: إنَّ كل كائن حي هو مركبٌ حيوي، ومعجون ذو حياة. وإن كل نبات شبيه بترياق حيوي مضاد للسموم إذ ركّب من أجزاء مختلفة ومن مواد متباينة، على وفق موازين دقيقة في منتهى الحساسية.. فلا ريب أنَّ إسناد خلقِ هذا الكائن البديع إلى الأسباب المادية والعناصر، والقول بأن «الأسباب أوجدَته» باطلٌ ومحالٌ وبعيد عن موازين العقل بمثل بُعدِ وبطلان ومحالية تكوّن المعجون الحيوي بنفسه من سيلان تلك المواد من القناني.
وحصيلة الذي قلناه آنفاً: هي أنَّ المواد الحيوية المستحضرة بميزان القضاء والقدر للحكيم العليم في هذا العالم الكبير الذي هو صيدليةٌ ضخمة رائعة لا يمكن أن توجد إلّا بحكمةٍ لا حدّ لها، وبعلم لانهاية له، وبإرادة تشمل كل شيء وتحيط بكل شيء، وإلّا فما أشقاه من يتوهم «أن هذه الموجودات هي نتاج عناصر الكون الكلية» وهي العمياء الصماء في جريانها وتدفقها، أو هي «من شؤون طبائع المواد» أو «من عمل الأسباب المادية»!.
لاشك أن صاحب هذا الوهم هو أشقى أشقياء العالم، وأعظمُهم حماقة، وأشدّ هذياناً من هذيان مخمور فاقد للوعي عندما يخطر بباله أن ذلك الترياق العجيب قد أوجد نفسه بنفسه من جراء تصادم القناني وسيلان ما فيها!
نعم، إنَّ ذلك الكفر هذيانُ أحمقَ وجنونُ سكرانٍ.
المحال الثاني: هو أنه إنْ لم يُسنَد خلقُ كل شيء إلى الواحد الأحد القدير ذي الجلال، وأُسند إلى الأسباب المادية، يلزم عندئذ أن يكون لأغلب عناصر العالم وأسبابه دخلٌ وتأثير في وجود كل ذي حياة.
والحال أن اجتماع الأسباب المتضادّة والمتباينة فيما بينها، بانتظام تام، وبميزان دقيق وباتفاق كامل في جسم مخلوق صغير -كالذباب مثلاً- هو محال ظاهر إلى حد يرفضه مَن له عقل بمقدار جناح ذبابة، ويُردّه قائلاً: هذا محال.. هذا باطل.. هذا غير ممكن..!
ذلك لأنَّ جسم الذباب الصغير ذو علاقة مع أغلب عناصر الكائنات، ومع مظاهرها وأسبابها المادية، بل هو خلاصة مستخلصة منها، فإن لم يُسنَد إيجادُه إلى القدرة الإلهية المطلقة، يلزم أن تكون تلك الأسبابُ المادية حاضرةً ومحتشدة جَنبَ ذلك الجسم مباشرة عند إيجاده، بل يلزم أن تدخل في جسمه الضئيل، بل يجب دخولُها في حجيرة العين التي تمثل نموذج الجسم، ذلك لأنَّ الأسباب إنْ كانت ماديةً يلزم أنْ تكون قرب المسبَّب وداخلةً فيه، وعندئذٍ يقتضي قبولُ دخول جميع العناصر في جميع أركان العالم مع طبائعها المتباينة في ذلك المسبّب دخولاً مادياً، وعملها في تلك الحجيرة المتناهية في الصغر بمهارة وإتقان
أفلا يخجل ويستحي من هذا القول حتى أشد السوفسطائيين بلاهةً؟
المحال الثالث: هو أنَّ الموجود إنْ كانت له وحدة واحدة، فلابدّ أن يكون صادراً من مؤثر واحد، ومن يدٍ واحدة، حسب مضمون القاعدة البديهية المقررة: «الواحد لا يصدر إلّا عن الواحد». فإن كان ذلك الموجود في غاية الانتظام والميزان، وفي منتهى الدقة والإتقان، وكان مالكاً لحياة جامعة، فمن البداهة أنه لم يصدر من أيدٍ متعددة قط -التي هي مدعاة الاختلاف والمنازعة- بل لابد أنه صادر من يد واحدة لواحد أحد قدير حكيم؛ لذا فإن إسناد الموجود، المنتظم، المتناسق، الموزون، الواحد، إلى أيدي الأسباب الطبيعية العمياء الصمّاء الجامدة غير المنضبطة، والتي لا شعور لها ولا عقل، وهي في اختلاط شديد يزيد من عماها وصممها، ثم الإدعاء بأن تلك الأسباب هي التي تقوم بخلق ذلك الموجود البديع واختياره من بين إمكاناتٍ واحتمالات لا حدّ لها، أقول إنَّ قبول هذا الإسناد والإدعاء هو -في الحقيقة- قبول لمائة محال ومحال، إذ هو بعيد كل البُعد عن جميع مقاييس العقل وموازينه..
دعنا نترك هذا المحال ونتجاوزه مؤقتاً، لننظر إلى تأثير «الأسباب المادية» الذي يتم بالتّماس والمباشرة. فبينما نرى أن تماسَّ تلك الأسباب الطبيعية هو تماسٌّ بظاهر الكائن الحي فحسب، ونرى أن باطن ذلك الكائن الذي لا تصل إليه أيدي تلك الأسباب المادية ولا يمكنها أن تمسّه بشيء، هو أدق نظاماً، وأكثر انسجاماً، من الظاهر، بل ألطفُ منه خلقاً وأكمل إتقاناً.
بل الأحياء الصغيرة والمخلوقات الدقيقة التي لا يمكن أن تستوعب تلك الأسباب المادية قطعاً ولا تصل إليها أيديها ولا وسائلُها هي أعجبُ إتقاناً من أضخم المخلوقات وأبدع خلقاً منها.
فلا يكون إذن إسناد خلقها إلى تلك الأسباب العمياء الصماء الجامدة الجاهلة الغليظة المتباعدة المتضادّة إلّا عمىً ما بعده عمىً، وصمماً ليس وراءه صمم.
أما المسألة الثانية:
وهي قولهم عن الشيء: «تشكّل بنفسه».
فهي تنطوي على محالات كثيرة، ويتضح بطلانُها ومحاليتها من نواح كثيرة جداً إلّا أننا نتناول هنا ثلاثة محالات منها كنماذج ليس إلّا:
المحال الأول: أيها الجاحد العنيد! إنَّ طغيان غرورك، جعلك تتردى في أحضان حماقة متناهية، فتقدِمُ على قبول مائة محال ومحال!
إنك أيها الجاحد العنيد موجودٌ بلا شك، وإنك لست من مادة بسيطة وجامدة تأبى التغيّر، بل أنت معمل عظيم متقن الصنع، أجهزتُه دائمة التجدد. وأنت كالقصر المنيف، أنحاؤه دائمة التحول.. فذراتُ وجودك أنت تعمل دوماً وتسعى دون توقف، وترتبط بوشائج وأواصر مع مظاهر الوجود في الكون من حولك، فهي في أخذ وعطاء مع الكائنات، وبخاصة من حيث الرزق، ومن حيث بقاء النوع.
إنَّ الذرات العاملة في جسدك تحتاط من أن تخل بتلك الروابط، وتتحاشى أن تنفصم تلك العلاقات، فهي حذرة في تصرفها هذا، وتتخذ موقفاً ملائماً لها على وفق تلك العلاقات كأنها تنظر إلى جميع الكائنات وتشاهدها، ثم تراقب موقعك أنت منها، وأنت بدورك تستفيد حسب ذلك الوضع الخارق لتلك الذرات وتنتفع وتتمتع بمشاعرك وحواسك الظاهرة والباطنة.
فإن لم تعتقد أن تلك الذرات موظفاتٌ صغيرات لدى القدير الأزلي، ومأموراتٌ مسخرات منقادات لقوانينه سبحانه، أو هي جنود مجندة في جيشه المنظم، أو هي نهاياتُ قلم القدر الإلهي، أو هي نقاط ينقطها قلم القدرة الإلهية.. لزمك أن تقول إنَّ لكل ذرة عاملة -في عينك مثلاً- عيناً واسعة بصيرة، ترى جميعَ أجزاء جسدك ونواحيه، وتشاهد جميعَ الكائنات التي ترتبط بها، وتعلم جميعَ ماضيك ومستقبلك، وتعرف أصلك وآباءك وأجدادك مع نسلك وأحفادك وتدرك منابع عناصرك، وكنوز رزقك.. فهي إذن ذات عقل جبار!!
فيا معطّل عقله في مثل هذه المسائل! أليس في إسناد هذا العلم والشعور والعقل الذي يسع ألفاً من مثل «أفلاطون» إلى ذرة في عقل مَن لا يملكه مثلك، خرافة خرقاء، وبلاهة بلهاء؟!.
المحال الثاني: إنَّ جسمك أيها الإنسان يشبه قصراً فخماً عامراً، له من القباب ألف قُبَّةٍ وقُبَّة، وكل قُبَّةٍ من قبابه مُعَلقة فيها الأحجارُ، ومرصوصة بعضها إلى البعض الآخر في بناء محكَم دون عمد. بل إن وجودك -لو فكرت- هو أعجبُ من هذا القصر بألوف المرات، لأنَّ قصر جسمك أنت في تجدد مستمر يبلغ الكمال في الانتظام والروعة.
فلو صرفنا النظر عما تحمله من روح ومن قلب ومن لطائف معنوية وهي معجزةٌ بذاتها، وأخذنا بنظر الاعتبار والتفكر عضواً واحداً فقط من أي عضو كان من بين أعضاء جسدك نراه شبيهاً بمنزلٍ ذي قباب. فالذرات التي فيه قد تعاونَت وتعانقت بعضها مع البعض الآخر، في انتظام تام، وموازنة كاملة -كالأحجار في تلك القباب- وكونت بناءً خارقاً، وصنعة رائعة بديعة، فأظهرت للعيان معجزة عجيبة من معجزات القدرة الإلهية «كالعين واللسان» مثلاً.
فلو لم تكن هذه الذرات مأمورةً منقادة لأمر الصانع القدير، فإن كل ذرة منها إذن لابد أن تكون حاكمةً حُكماً مطلقاً على بقية ذرات الجسد ومحكومةً لها حُكماً مطلقاً كذلك، وأن تكون مثل كلٍ منها، وضدّ كل منها -من حيث الحاكمية- في الوقت نفسه وأن تكون مناط أغلب الصفات الجليلة التي لا يتصف بها إلّا الله سبحانه وتعالى، وأن تكون مقيدةً كلياً، وطليقةً كلياً في الوقت نفسه...
فالمصنوع الواحد المنتظم والمنسق الذي لا يمكن أن يكون -بسر الوحدانية- إلّا أثراً من آثار الواحد الأحد محالٌ أن يُسند إلى تلك الذرات غير المحدودة، بل هو مائة محال في محال...! يدرك ذلك كل من له مِسكةٌ من عقل!
المحال الثالث: إنْ لم يكن وجودُك هذا قد كتب بقلم الواحد الأحد القدير الأزلي، وكان مطبوعاً بمطابع الطبيعة والأسباب، فيلزم عندئذٍ وجود قوالب طبيعية بعددِ ألوف الألوف من المركبات المنتظمة العاملة في جسمك، والتي لا يحصرها العد، ابتداءً من أصغر الخلايا العاملة بدقة متناهية وانتهاءً بأوسع الأجهزة العاملة فيه.
ولفهم هذا المحال نأخذ الكتاب الذي بين أيدينا مثالاً، فنقول:
إنْ اعتقدتَ أنَّ هذا الكتاب مستنسخ باليد، فيكفي إذن لاستنساخه قلمٌ واحد، يُحرِكه علمُ كاتبه ليدوّن به ما يشاء، ولكن إن لم يُعتقد أنه مستنسخ باليد ولم يُسند إلى قلم الكاتب، وافتُرِض أنه قد تشكّل بنفسه، أو أُسندت كتابتُه إلى الطبيعة، فيلزم عندئذٍ أن يكون لكل حرفٍ من حروفه قلمٌ معدني خاص به، ويكون عدد الأقلام بعدد تلك الحروف -بمثل وجود الحروف المعدنية في المطبعة والتي هي بعدد الحروف وأنماطها- أي يلزم وجودُ أقلام بعدد الحروف بدلاً من قلم واحد للاستنساخ، وقد يكون هناك في تلك الحروف، حروفٌ كبيرة مكتوب فيها بخط دقيق ما في صحيفة كاملة، فيلزم إذن لكتابة مثل هذه الحروف الكبيرة ألوف الأقلام الدقيقة.
والآن ماذا تقول لو كانت تلك الحروف متداخلةً بعضها بالبعض الآخر بانتظام كامل متخذةً هيأة جسدك وشكله؟! فيلزم عندئذٍ أن يكون لكل جزء من أجزاء كل دائرة من دوائره المذكورة قوالبُ عديدةٌ بعدد تلك المركبات التي لا يحصرها العدّ!
هَبْ أنك تقول لهذه الحالة المتضمنة لمائة محال في محال، أنها ممكنةَ الحدوث! فحتى في هذه الحالة -على فرض إمكانها- أفلا يلزم لصنع تلك الأقلام وعمل تلك القوالب والحروف المعدنية أقلامٌ وقوالب وحروفٌ بعددها لتصبّ وتسكب فيها إنْ لم يُسند صنعُها جميعاً إلى قلم واحد؟ ذلك لأنَّ جميعها مصنوعة ومحدثة منتظمة، ومفتقرة إلى صانع ليصنعها، ومُحدِثٍ ليحدثها، وهكذا الأمر يتسلسل كلما أوغلت فيه.
فافهم من هذا مدى سقم هذا الفكر الذي يتضمن محالات وخرافات بعدد ذرات جسمك!
فيا أيها الجاحد... عُد إلى عقلك وانبذ هذه الضلالة المشينة!
الكلمة الثالثة:
والتي هي قولهم عن الشيء: «اقتضته الطبيعة».
فهذا الحُكم له محالاتٌ كثيرة جداً، نذكر ثلاثة منها على سبيل المثال:
المحال الأول: هو الإتقان والإيجاد المتَّسمَين بالبصيرة والحكمة الظاهرَين في الموجودات ظهوراً جلياً، ولاسيما في الأحياء، إنْ لم يُسندا إلى قلم «القدر الإلهي» وإلى قدرته المطلقة، وأسندا إلى «الطبيعة» العمياء الصماء الجاهلة وإلى «القوة» يلزم أن توجِدَ الطبيعةُ -من أجل الخلق- مطابعَ ومكائنَ معنوية لا حد لها في كل شيء أو تدرجَ في كل شيء قدرةً قادرة على خلق الكون كله، وحكمةً مدبرة لإدارة شؤونه كلها.
مثال ذلك: إنَّ تجلياتِ الشمس وانعكاساتِها الضوئية، وبريقَ لمعانها المشاهَد على قطرات الماء الرقراقة المتلألئة، أو على القطع الزجاجية المتناثرة هنا وهناك على سطح الأرض، مما يخيل للناظر السطحي النظر أنها صورٌ لشُميسات مثالية. فإن لم تُنسَب هذه الانعكاسات واللمعات إلى الشمس الحقيقية التي تطالعنا بشعاعها الغامر يلزم الاعتقاد بشمس طبيعية فطرية صغيرة ظاهرية تملك صفاتِ الشمس نفسها وتتصف بخصائصها، موجودةٍ وجوداً فعلياً في تلك القطعة الزجاجية الصغيرة -التي لا تسع لأدنى شيء- أي يلزم الاعتقاد بوجود شموس بعدد ذرات القطع الزجاجية.
وفي ضوء هذا المثال نقول: إنْ لم يُسنَد خلقُ الموجودات والأحياء إسناداً مباشراً إلى تجليات أسماء الله الحسنى الذي هو نور السماوات والأرض يلزم الاعتقاد إذن بوجود طبيعةٍ وقوة تملكان قدرةً مطلقة وإرادة مطلقة مع علم مطلق وحكمةٍ مطلقة في كل موجود من الموجودات، ولاسيما الأحياء، أي يلزم قبولُ ألوهية وربوبية في كل موجود.
فهذا النمط من التفكير المعوج لهو أشد بطلاناً من أي محال آخر، وأكثر خرافة منه، فالذي يسند ما أبدعه الخالقُ العظيم من صنعة رائعة دقيقة، ظاهرة جلية حتى في أصغر مخلوق إلى يدِ الطبيعة الموهومة، التافهة التي لا تملك شعوراً لا شك أنه يتردى بفكره إلى درك أضل من الحيوان.
المحال الثاني: هو أنَّ هذه الموجودات التي هي في غاية الانتظام، وفي منتهى الروعة والميزان، وفي تمام الإتقان، وكمال الحكمة والاتّزان؛ إنْ لم تُسند إلى من هو قديرٌ مطلق القدرة، وحكيمٌ مطلق الحكمة، وأُسندت إلى الطبيعة، يلزم الطبيعة أنْ تحضر في كل حفنة تراب، معاملَ ومطابع بعددِ معامل أوروبا ومطابعها، كي تتمكن تلك الحفنة من أن تكون منشأ الأزهار والأثمار الجميلة اللطيفة؛
لأنَّ تلك الحفنة من التراب التي تقوم بمهمة مشتل صغير للأزهار تظهر قابلية فعلية لاستنبات وتصوير ما يلقى فيها بالتناوب من بذور جميع أزهار العالم وثماره، وبأشكالها، وهيئاتها المتنوعة، وألوانها الزاهية.
فإن لم تسند هذه القابلية إلى قدرة الفاطر الجليل القادر على كل شيء.. فلابد إذن أن توجد في تلك الحفنة ماكنة معنوية طبيعية خاصة لكل زهرة من أزهار العالم وإلّا لا يمكن أن يظهر ما نشاهده من أنواع الأزهار والثمار إلى الوجود! إذ البذور -كالنطف والبيوض أيضاً- موادُّها متشابهة اختلط وعُجن بعضها ببعض بلا شكل معين وهي مولد الماء ومولد الحموضة والكربون والآزوت. علماً أنَّ كلاً من الهواء والماء والحرارة والضوء أشياء بسيطة لا تملك عقلاً أو شعوراً، وهي تتدفق كالسيل في كل شيء دونما ضابط. فتشكيل تلك الأزهار التي لا تحد من تلك الحفنة من التراب بصورها المتنوعة البديعة وأشكالها المختلفة الزاهية وبهيئاتها المتباينة الرائعة وهي في منتهى الانتظام والإتقان تقتضي بالبداهة وبالضرورة أنْ توجد في تلك الحفنة من التراب مصانعُ ومطابعُ معنوية بمقاييس صغيرة جداً أكثر مما في أوروبا من مصانع ومطابع، كي تتمكن أن تنسج تلك المنسوجات الحية التي لا تعد، وتطرز تلك النقوش الزاهية المتنوعة التي لا تحصى.
فيا لبُعد ما يحمله الطبيعيون من فكرٍ إلحادي عن جادة العقل السليم! اعلم هذا، وقِسْ مدى بُعد أولئك الذين يدّعون أنهم عقلاء وعلميون عن موازين العقل والعلم بتوهمهم أنَّ الطبيعة موجِدةٌ للأشياء.. أولئك الذين اتخذوا خرافةً ممتنعة وغير ممكنة إطلاقاً، مسلكاً لهم، فاسخر منهم، واحتقرهم.
ولسائل أنْ يسأل: صحيح أنَّ محالات كثيرة، ومعضلات عظيمة تنجم عندما يُسند خلق الموجودات إلى الطبيعة، ولكن كيف تزول هذه المشكلات، وتنحل هذه المعضلات عندما نسند عملية الخلق برمتها إلى الواحد الأحد الفرد الصمد؟ وكيف ينقلب ذلك الامتناع الصعب إلى الوجوب السهل؟
الجواب: إنَّ تجليات الشمس وانعكاساتها -كما ذُكرَ في المحال الأول- أظهرت نفسها بكل سهولة، ومن دون تكلف أو صعوبة في جميع المواد ابتداءً من الجامد الصغير المتناهي في الصغر -كقطع الزجاج- إلى أوسع السطوح للبحار والمحيطات، فأظهرت على الكل فيضَها وأثرها في منتهى السهولة، وكأن كلاً منها شُميسات مثالية. فلو قُطعَت نسبةُ تلك الانعكاسات إلى الشمس الحقيقية، فلابد من الاعتقاد بوجود شمس طبيعية في كل ذرة من الذرات وجوداً ذاتياً خارجياً. وهذا ما لا يقبله عقل، بل هو ممتنع ومحال.
فكما أنَّ الأمر في المثال هو هكذا، كذلك إسنادُ خلق كل موجود إسناداً مباشراً إلى الواحد الأحد الفرد الصمد فيه من السهولة المتناهية بدرجة الوجوب، إذ يمكن إيصال ما يلزم أي موجود إليه، بكل سهولة ويسر، وذلك بالانتساب وبالتجلي.
بينما إذا ما قُطع ذلك الانتساب، وانقلب الاستخدام والتوظيف والطاعة إلى الانفلات من الأوامر والعصيان، وترك كل موجود طليقاً يسرح كيفما يشاء، أو أُسند الأمر إلى الطبيعة، فستظهر مئاتُ الألوف من المشكلات والمعضلات بدرجة الامتناع، حتى نرى أن خلق ذبابة صغيرة يقتضي أنْ تكون الطبيعةُ العمياء التي فيها مالكةً لقدرة مطلقة تتمكن بها من خلق الكون كله، وأن تكون -مع ذلك- ذات حكمةٍ بالغة تتمكن بها من إدارته، حيث إن الذبابة -رغم صغرها- بديعةُ الصنع، تنطوي على أغلب مكونات الكائنات وكأنها فهرس مختصر لها..
وهذا ليس بمحال واحد فحسب بل ألف محال ومحال..!
الخلاصة: كما أنه محالٌ وممتنعٌ وجودُ نظيرٍ أو شريك لله سبحانه وتعالى في ألوهيته، كذلك ممتنعٌ ومحال مثله أنْ تكون هناك مداخلةٌ من غيره في ربوبيته، أو مشاركة له من أحد في إيجاده الأشياء وخلقها..
أما المشكلات التي في «المحال الثاني» التي أثبتناها في عديد من الرسائل؛ فهي: أنه إذا ما نُسِبَ خلقُ جميع الأشياء إلى الواحد الأحد، يسهل ذلك الخلق كما يسهل خلقُ شيء واحد. بينما إذا ما نُسِبَ الخلق إلى الأسباب وإلى الطبيعة يصبح خلقُ الشيء الواحد وإيجادُه مُشكلاً وصعباً، كخلق الجميع. وحيث إننا سبق أن أثبتنا هذا ببراهين دامغة، نورد هنا ملخص برهان واحد فقط:
إذا انتسب أحدٌ إلى السلطان بالجندية أو بالوظيفة الحكومية، فإنه يتمكن من أن ينجز من الأمور والأعمال أضعاف أضعاف ما يمكنه إنجازُه بقدرته الشخصية، وذلك بقوة ذلك الانتساب السلطاني. فمثلاً يستطيع أن يأسر قائداً كبيراً باسم سلطانه، مع أنه جندي. حيث تحمل خزائنُ السلطان وقطعاتُ الجيش الأجهزةَ والأعتدة لما يقوم به من أعمال، فلا يحملها هو وحده، كما أنه ليس مضطراً إلى حملها. كل ذلك بفضل انتسابه إلى السلطان، لذا تظهر منه أعمالٌ خارقة كأنها أعمال سلطان عظيم، وتبدو له آثار -فوق ما تبدو منه عادةً- وكأنها آثارُ جيش كبير رغم أنه فرد.
فالنملة -من حيث تلك الوظيفة- تتمكن من تدمير قصر فرعون طاغٍ، والبعوضةُ تستطيع أن تهلك نمروداً جباراً بقوة ذلك الانتساب.. والبذرة الصغيرة للصنوبر الشبيهة بحبة الحنطة تنشئ بذلك الانتساب جميعَ أجهزة شجرة الصنوبر الضخمة. ([2])
فلو انقطع ذلك الانتساب، وأُعفي الموجود من تلك الوظيفة، فعليه أنْ يحمل على كتفه قوة ما ينجزه من أعمال وينوء كاهله بلوازمها ومعداتها. وبذلك لا يمكنه القيام بأعمال سوى أعمال تتناسب مع تلك القوة الضئيلة المحدودة المحمولة على ذراعه، بما يناسب كميةَ المُعدات واللوازم البسيطة التي يحملها على ظهره، فلو طلب منه أنْ يقوم بأعمالٍ كان يقوم بها بسهولة ويسر في الحالة الأولى لأظهر عجزه، إلّا إذا استطاع أنْ يُحمّل ذراعَه قوة جيش كامل، ويردف على ظهره معامل أعتدة الدولة الحربية!!
إنَّ صاحب هذا الخيال السابح في فضاء الوهم والخرافة يتوارى خجلاً مما يقول.
نخلص من كل ما تقدم إلى:
أنَّ تسليمَ أمرِ كل موجود وتنسيبه إلى واجب الوجود سبحانه فيه السهولة التامة بدرجة الوجوب. أما إسنادُ إيجاده إلى الطبيعة فهو معضل إلى حد الامتناع وخارج عن دائرة العقل.
المحال الثالث: نوضح هذا المحال بمثالين قد بيّناهما في بعض الرسائل؛ هما:
المثال الأول: يدخل إنسان بدائي ساذج التفكير، لم يكن يملك أي تصوّر حضاري مسبَقٍ؛ يدخل هذا الشخص قصراً فخماً بديعاً، يزهو بزينته، ويختال بأرقى ما وصلت إليه الحضارة من وسائل الأبَّهة والراحة، ويتلألأ بأضوائه في عتمة فلاةٍ خاليةٍ موحشة، فيدلف إليه، ويدور في أرجائه، فتشدَهُه براعةُ بنائه، ونقوش جدرانه، وروعة إتقانه.. وبكل سذاجة تصوره وبلاهته يمنح القصر حياةً، ويعطيه قدرةَ تشييد نفسه بغُرفه وأبهائه، وصوره الجميلة، ونقوشه الأخّاذة، لا لشيء إلّا لكونه قاصراً عن تصور وجود أحد -خارج هذا القصر- وفي هذه الفلاة يمكنه أن ينسب إليه بناء هذا القصر، لذا فقد طفق يتحرى عن «الباني» داخل القصر لعله يعثر عليه بين أشياء القصر، فما من شيء وقع عليه بصرُه إلّا وتردد فيه وشكّ في كونه قادراً على إيجاد مثل هذا القصر الذي يملأ أقطار النفس والعقل بروعة صنعه، وجمال بنائه.
وتقوده قدماه إلى زاوية من زوايا القصر ويعثر فيها فجأةً على دفتر ملاحظات كان قد دونت فيه خطة مفصلة لعملية بناء القصر، وخُطّ فيه أيضاً فهرس موجوداته وقوانين إدارة ممتلكاته. ورغم أن ذلك الدفتر كمحتوياته، ليس من شأنه تشييد القصر وتزيينه، إذ لا يملك يداً يعمل بها، ولا بصيرةً يبصر بها، إلّا أنه تعلق به إذ وجده متطابقاً بمحتوياته، مع مجاميع أشياء القصر، ومنسجماً مع سير العمل فيه -إذ هو عنوان قوانين الله العلمية- لذا قال مضطراً: «إن هذا الدفتر هو الذي شيّد هذا القصر ونظّمه وزيّنه، وهو الذي أوجد الأشياء فيه ورتبها هذا الترتيب ونسقها هذا التنسيق»... فكشف بهذا الكلام عن مدى عُمق جهله، وتأصل حماقته.
وعلى غرار هذا المثال تماماً، يدلف إلى قصر العالم العظيم -الذي هو أدق نظاماً وأكملُ إتقاناً، وأجمل صُنعاً، وأزهى جمالاً، من ذلك القصر الصغير المحدود المذكور آنفاً في المثال، حيث لا يقبل المقايسة والموازنة معه، فكل ناحية من نواحيه تشع معجزاتٍ بديعةً وحكماً ساميةً- يدلف واحد ممّن يدينون بفكرة الطبيعة وينكرون عظمة الألوهية إلى هذا القصر، واضعاً في ذهنه -مُسبَقاً- الإعراض عما هو مبثوث أمامه من آثار صنعة الله سبحانه المنزّه عن المخلوقات، المتعالي عن الممكنات.. ويبدأ بالبحث والتحري عن السبب «الموجد» ضمن الممكنات والمخلوقات! فيرى قوانينَ السنن الإلهية، وفهارسَ الصنعة الربانية. والتي يطلق عليها خطأً -وخطأً جسيماً- اسمَ الطبيعة التي يمكن أن تكون شبيهةً بصفحة من كراسة «التغيير والتبديل» لقوانين إجراءات القدرة الإلهية، وبمثابة لوحة «المحو والإثبات» للقدر الإلهي، ولكنه ينبري إلى القول:
مادامت هذه الأشياء مفتقرةً إلى علّةٍ موجِدةٍ، ولا شيء أعظم ارتباطاً بها، من هذه «الكراسة» فأني أخلُص من ذلك إلى أن هذه «الكراسة» -بما تتضمنه من قوانين المحو والإثبات- هي التي أوجدت الأشياء، مادام لا يطيبُ لي الاعتقاد والإيمان بالصانع الجليل سبحانه. برغم أنَّ العقل المنزّه عن الهوى يرفض كلياً -ضمن منطقه- أن ينسب شؤون الربوبية المطلقة -والتي تقتضي قدرةً مطلقةً- إلى هذه «الكراسة» العمياء الصماء العاجزة.
ونحن نقول:
يا أحمقَ من «هَبَنَّقة»! ([3]) أطِلَّ برأسك من تحت مستنقع الطبيعة.. لترى الصانع الجليل الذي تشهد له جميعُ الموجودات، من الذرات إلى المجرات، بألسنة متنوعة، وتشير إليه إشارات مختلفة.. وشاهد تجليات ذلك المصوّر الجليل الذي شيّد قصر العالم الباذخ، ودوّن خطته وبرنامجه وقوانينه في تلك الكراسة.. وأنقذ نفسك من ذلك الهذيان الآثم الرخيص!
المثال الثاني: يدخل إنسانٌ معزولٌ عن عالم المدنية والحضارة، وسط معسكر مهيب، فيبهرُه ما يشاهد من تدريبات متنوعة يؤديها -بغاية الانتظام والإتقان ومنتهى الطاعة والانقياد- جنودُ هذا المعسكر، فيلاحظ حركاتهم المنسقةَ وكأنها حركة واحدة يتحرك الجميع -فوجاً ولواءً وفرقةً- بحركةِ فرد واحد منهم، ويسكن الجميعُ بسكونه، يطلق الجميع النار إطلاقاً واحداً إثر أمر يصدره ذلك الفرد.. فحارَ في أمره، ولم يكن عقله الساذج ليدرك أنَّ قيادة قائد عظيم هو الذي ينفذ أوامره بأنظمة الدولة وأوامر السلطان، فتخيل حبلاً يربط أولئك الجنود بعضهم بالبعض الآخر.. ثم بدأ يتأمل خيالاً، مدى أعجوبة هذا الحبل الموهوم. فزادت حيرتُه واشتدّ ارتباكه. ثم يمضي إلى شأنه.
ويدخل جامع «آيا صوفيا» العظيم، يوم الجمعة ويشاهد جموعَ المصلّين خلف رجل واحد يمتثلون لندائه في قيامهم وقعودهم وسجودهم وركوعهم، ولمّا لم يكن يعرف شيئاً عن الشريعة الإلهية، والدساتير المعنوية لأوامر صاحب الشريعة، فإنه يتصور، بأن هذه الجماعة مرتبطة ببعضها البعض بحبال مادية، وأن هذه الحبال قد قيدت حركة الجماعة وأسَرتهم، وهي التي تحركهم وتوقفهم عن الحركة.
وهكذا يمضي إلى سبيله وقد امتلأ ذهنُه بأخطاء تصوراته، التي تكاد تثير الهزء والسخرية حتى لدى أشد الناس وحشية وهمجية.
ففي ضوء هذا المثال: يأتي ملحدٌ إلى هذا العالم الذي هو معسكر مهيب رائع لجنود السلطان الجليل، وهو مسجد عظيم بارع يعظَّم فيه ذلك المعبود الأزلي ويقدَّس؛ يأتيه وهو يحمل فكرة «الطبيعة» الجاحدة ذلك الجهل المطبق..
فيتصور «القوانين المعنوية» التي يشاهد آثارَها في ربط أنظمة الكون البديع، والنابعة من «الحكمة» البالغة للبارئ المصور سبحانه، يتصورها كأنها قوانين مادية، فيتعامل معها في أبحاثه كما يتعامل مع المواد، والأشياء الجامدة..
ويتخيل أحكام قوانين الربوبية التي هي قوانين اعتبارية ودساتير الشريعة الفطرية الكونية للمعبود الأزلي، والتي هي بمجموعها معنوية بحتة، وليس لها وجود سوى وجود علمي، يتخيلها وكأنها موجودات خارجية ومواد مادية..
ويقيم تلك القوانين الصادرة من العلم الإلهي والكلام الرباني التي لها وجود علمي فقط مقام القدرة الإلهية، ويملّكها الخلق والإيجاد، ويطلق عليها اسم «الطبيعة»، متصوراً القوة التي هي تجلٍ من تجليات القدرة الربانية، أنها صاحبة قدرة فاعلة، وقديراً مستقلة القدرة بذاتها:
أ فبعد هذا جهالة وغباء؟ أوَ ليس هذا جهلاً بأضعاف أضعاف ما في المثال؟!
الخلاصة: إنَّ الطبيعة التي يتعلق بها الطبيعيون ذلك الأمر الموهوم الذي ليس له حقيقة، إنْ كان ولابد أنها مالكة لوجود حقيقي خارجي فإن هذا «الوجود» إنما هو صنعةُ صانعٍ ولن يكون صانعاً، وهو نقشٌ ولن يكون نقاشاً، ومجموعة أحكام ولن يكون حاكماً، وشريعة فطرية ولن يكون شارعاً، وستار مخلوق للعزة، ولن يكون خالقاً، وفطرة منفعلة ولن يكون فاطراً فاعلاً، ومجموعةُ قوانين ولن يكون قادراً، ومِسطَر ولن يكون مصدراً.
وحاصل الكلام: مادامت الموجودات موجودةً فعلاً، والعقل يعجز عن تصور أكثر من أربعة طرق للوصول إلى حدوث الموجود -كما ذكرنا ذلك في المقدمة- وقد أثبتَ إثباتاً قاطعاً بطلان ثلاثة من تلك الطرق الأربعة، وذلك ببيان ثلاثة محالات ظاهرة جلية في كل منها، فلابد وبالضرورة والبداهة أن يثبت بيقين لا سبيل مطلقاً إلى الشك فيه الطريق الرابع، وهو طريق الوحدانية ذلك الطريق الذي تنيره الآية الكريمة: ﴿ اَفِي اللّٰهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ.. ﴾ (إبراهيم: ١٠). والتي تدل بداهةً ويقيناً على وجود واجب الوجود، وعلى ألوهيته المهيمنة، وعلى صدور كل شيء من يد قدرته، وعلى أن مقاليد السماوات والأرض بيده سبحانه وتعالى.
فيا عابد الأسباب! أيها المسكين المفتون بالطبيعة!
ما دامت طبيعةُ كل شيء مخلوقة كالشيء نفسه، لأن تكونَها محدَثٌ -غير قديم- وعليها علامةُ الصنعة والإتقان، وأن سبب وجود هذا الشيء الظاهري هو أيضاً مصنوعٌ حادثٌ. ولما كان وجود أي شيء مفتقراً إلى وسائلَ وآلات وأجهزة كثيرة جداً..
فلابُدّ من قدير مطلق القدرة ليخلق تلك الطبيعة في الشيء، ويُوجِد ذلك السبب له، ولا بد أن يكون -هذا القدير المطلق القدرة- مستغنياً غناءً مطلقاً، فلا يشرك الوسائط العاجزة في إيجاده للشيء وفي هيمنة ربوبيته عليه.
فحاشَ لله أنْ يكون سواهُ القدير المستغني المتعال، بل هو سبحانه وتعالى يخلق المسبّب والسبب معاً من علوّه خلقاً مباشراً، ويوجِد بينهما سببية ظاهرية وصورية، ويقرن بينهما من خلال ترتيب وتنظيم، جاعلاً من الأسباب والطبيعة ستاراً ليد قدرته الجليلة، وحجاباً لعظمته وكبريائه، ولتبقى عزتُه منزّهةً مقدسة في عليائها، ويجعل تلك الأسباب موضعَ الشكوى لما يتراءى من نقائص، ولما يتصور من ظلم ظاهري في الأشياء.
أيهما أسهل على الفهم، وأقرب معقوليةً إلى الذهن: تصور «ساعاتي» يصنع تروس الساعة ومعداتها، ثم ينظمها على وفق ترتيب تروسها، ويوازن بين حركات عقاربها بدقة متناهية، أم أن نتصور الساعاتي يصنع في تروس الساعة وعقاربها ودقيق آلاتها ماكنة خارقة الفِعال يُسلّمُ صنع الساعة إلى جمادية أيديها؟! قل معي: أليس هذا كلاماً فارغاً ومحالاً وخارجاً عن حدود الإمكان؟ فهيا خاطب أنت عقلك المجحف وكُنْ أنت القاضي والحَكم.
وأيهما يكون مُستساغاً ومقبولاً في منطق العقل: تصور كاتب يخط كتاباً بنفسه بعد أن يحضر لوازم الكتابة؛ من مِداد وقلم وورق، أم تصور إيجاد ذلك الكاتب مطبعة خاصة بذلك الكتاب وهي أعقد وأدق من الكتاب نفسه يترك لها أمر كتابة هذا الكتاب فيخاطبها قائلاً: هيا اشرعي أنت بكتابة الكتاب.. من دون تدخل من قبله؟
أليس مثل هذا التصور السقيم مُعضلاً عقلاً؟ ومشكلاً بأضعاف أمر الكتابة نفسها؟!
وإذا قلت: إنَّ إيجاد مطبعة لطبع الكتاب أعقد وأصعب من الكتاب نفسه، إلّا أنّ ماكنة المطبعة، قادرة على إصدار آلاف النسخ من الكتاب في مدة قصيرة. وهذا وسيلة التيسير.
الجواب: إن البارئ المصور سبحانه قد خلق بقدرته المطلقة، بتجديد تجليات أسمائه الحسنى وإظهارها على أشكال مختلفة، تشخصات الأشياء وملامحها، الخاصة بها، بحيث لا يشبه مخلوق مخلوقاً آخر تشابهاً تاماً ومتطابقاً قط، وهو كتابٌ صمداني، ومكتوبٌ رباني.
نعم، إنه لأجل أن يفي كل مخلوق بمعاني وجوده، لابدّ أن يملك سيماءً يُعرف بها ويخالف بها الآخرين، وملامحَ تباين ملامح غيره.
فانظر ودقق النظر في وجه الإنسان ترَ أن علاماتٍ فارقة قد احتشدت في هذا الوجه الصغير، بحيث تميز هذه العلامات صاحبها عن جميع الوجوه الأخرى المتتابعة منذ زمن آدم عليه السلام حتى اليوم، وإلى الأبد، رغم التشابه والاتفاق في الماهية الإنسانية، والكينونة البشرية، وهذا واضح جلي وثابت قطعاً.
فملامح كلّ وجهٍ كتابٌ خاص بالوجه نفسه، وهو كتابٌ مستقلٌ بذاته عن غيره.. فلأجل إخراج هذا الكتاب الخاص، وإتقان صنعه وتنظيمه، يستوجب الأمر وجودَ مجموعة أبجدية كاملة من الحروف، ومناسِبة حجماً له، ويتطلب تنضيد هذه الحروف في مواضعها من لوحة التنضيد، ليتم بعد ذلك مؤلف خاص بهذا الوجه يخالف تأليف الآخرين.
Haydi, farz-ı muhal olarak tabiata bir matbaa nazarıyla baktık. Fakat bir matbaaya ait olan tanzim ve basmak, yani muayyen intizamını kalıba sokmaktan başka, o tanzimin icadından, icadları yüz derece daha müşkül bir zîhayatın cismindeki maddeleri, aktar-ı âlemden mizan-ı mahsusla ve has bir intizamla icad etmek ve getirmek ve matbaa eline vermek için yine o matbaayı icad eden Kadîr-i Mutlak’ın kudret ve iradesine muhtaçtır. Demek, bu matbaalık ihtimali ve farzı, bütün bütün manasız bir hurafedir.
İşte bu saat ve kitap misalleri gibi Sâni’-i Zülcelal, Kādir-i külli şey’, esbabı halk etmiş; müsebbebatı da halk ediyor. Hikmetiyle, müsebbebatı esbaba bağlıyor. Kâinatın harekâtının tanzimine dair kavanin-i âdetullahtan ibaret olan şeriat-ı fıtriye-i kübra-yı İlahiyenin bir cilvesini ve eşyadaki o cilvesine yalnız bir âyine ve bir ma’kes olan tabiat-ı eşyayı, iradesiyle tayin etmiştir. Ve o tabiatın vücud-u haricîye mazhar olan vechini, kudretiyle icad etmiş ve eşyayı o tabiat üzerinde halk etmiş, birbirine mezcetmiş. Acaba gayet derecede makul ve hadsiz bürhanların neticesi olan bu hakikatin kabulü mü daha kolaydır? –Acaba vücub derecesinde lâzım değil midir?– Yoksa camid, şuursuz, mahluk, masnû, basit olan o sebep ve tabiat dediğiniz maddelere, her bir şeyin vücuduna lâzım hadsiz cihazat ve âlâtı verip hakîmane, basîrane olan işleri kendi kendilerine yaptırmak mı daha kolaydır? –Acaba imtina derecesinde, imkân haricinde değil midir?– Senin, o insafsız aklının insafına havale ediyoruz.
Münkir ve tabiat-perest diyor ki:
Madem beni insafa davet ediyorsun. Ben de diyorum ki şimdiye kadar yanlış gittiğimiz yol hem yüz derece muhal hem gayet zararlı ve nihayet derecede çirkin bir meslek olduğunu itiraf ediyorum. Sâbık tahkikatınızdan zerre miktar şuuru bulunan anlayacak ki esbaba, tabiata icad vermek mümtenidir, muhaldir. Ve her şeyi doğrudan doğruya Vâcibü’l-vücud’a vermek vâcibdir, zarurîdir. Elhamdülillahi ale’l-iman deyip iman ediyorum.
Yalnız bir şüphem var: Cenab-ı Hakk’ın Hâlık olduğunu kabul ediyorum fakat bazı cüz’î esbabın ehemmiyetsiz şeylerde icada müdahaleleri ve bir parça medh ü sena kazanmaları, saltanat-ı rububiyetine ne zarar verir? Saltanatına noksaniyet gelir mi?
Elcevap: Bazı risalelerde gayet kat’î ispat ettiğimiz gibi; hâkimiyetin şe’ni, müdahaleyi reddetmektir. Hattâ en edna bir hâkim, bir memur; daire-i hâkimiyetinde oğlunun müdahalesini kabul etmiyor. Hattâ hâkimiyetine müdahale tevehhümüyle, bazı dindar padişahlar –halife oldukları halde– masum evlatlarını katletmeleri, bu “redd-i müdahale kanunu”nun hâkimiyette ne kadar esaslı hükmettiğini gösteriyor. Bir nahiyede iki müdürden tut tâ bir memlekette iki padişaha kadar, hâkimiyetteki istiklaliyetin iktiza ettiği “men’-i iştirak kanunu” tarih-i beşerde çok acib herc ü merc ile kuvvetini göstermiş.
Acaba âciz ve muavenete muhtaç insanlardaki âmiriyet ve hâkimiyetin bir gölgesi, bu derece müdahaleyi reddetmeyi ve başkasının müdahalesini men’etmeyi ve hâkimiyetinde iştirak kabul etmemeyi ve makamında istiklaliyetini nihayet taassupla muhafazaya çalışmayı gör, sonra hâkimiyet-i mutlaka rububiyet derecesinde ve âmiriyet-i mutlaka uluhiyet derecesinde ve istiklaliyet-i mutlaka ehadiyet derecesinde ve istiğna-yı mutlak kādiriyet-i mutlaka derecesinde bir Zat-ı Zülcelal’de, bu redd-i müdahale ve men’-i iştirak ve tard-ı şerik, ne derece o hâkimiyetin zarurî bir lâzımı ve vâcib bir muktezası olduğunu kıyas edebilirsen et.
Amma ikinci şık şüphen ki: Bazı esbab, bazı cüz’iyatın bazı ubudiyetlerine merci olsa, o Mabud-u Mutlak olan Zat-ı Vâcibü’l-vücud’a müteveccih zerrattan seyyarata kadar mahlukatın ubudiyetlerinden ne noksan gelir?
Elcevap: Şu kâinatın Hâlık-ı Hakîm’i, kâinatı bir ağaç hükmünde halk edip en mükemmel meyvesini zîşuur ve zîşuurun içinde en câmi’ meyvesini insan yapmıştır. Ve insanın en ehemmiyetli, belki insanın netice-i hilkati ve gaye-i fıtratı ve semere-i hayatı olan şükür ve ibadeti; o Hâkim-i Mutlak ve Âmir-i Müstakil, kendini sevdirmek ve tanıttırmak için kâinatı halk eden o Vâhid-i Ehad, bütün kâinatın meyvesi olan insanı ve insanın en yüksek meyvesi olan şükür ve ibadetini başka ellere verir mi? Bütün bütün hikmetine zıt olarak, netice-i hilkati ve semere-i kâinatı abes eder mi? Hâşâ ve kellâ… Hem hikmetini ve rububiyetini inkâr ettirecek bir tarzda mahlukatın ibadetlerini başkalara vermeye rıza gösterir mi, hiç müsaade eder mi? Ve hem hadsiz bir derecede kendini sevdirmeyi ve tanıttırmayı ef’aliyle gösterdiği halde, en mükemmel mahlukatının şükür ve minnettarlıklarını, tahabbüb ve ubudiyetlerini başka esbaba vermekle kendini unutturup kâinattaki makasıd-ı âliyesini inkâr ettirir mi? Ey tabiat-perestlikten vazgeçen arkadaş! Haydi sen söyle!
O diyor: Elhamdülillah, bu iki şüphem hallolmakla beraber, vahdaniyet-i İlahiyeye dair ve Mabud-u Bi’l-hak o olduğuna ve ondan başkaları ibadete lâyık olmadığına o kadar parlak ve kuvvetli iki delil gösterdin ki onları inkâr etmek, güneşi ve gündüzü inkâr etmek gibi bir mükâberedir.
Hâtime
Tabiat fikr-i küfrîsini terk eden ve imana gelen zat diyor ki: Elhamdülillah, benim şüphelerim kalmadı; yalnız merakımı mûcib olan birkaç sualim var.
Birinci Sual: Çok tembellerden ve târikü’s-salâtlardan işitiyoruz, diyorlar ki: Cenab-ı Hakk’ın bizim ibadetimize ne ihtiyacı var ki Kur’an’da çok şiddet ve ısrar ile ibadeti terk edeni zecredip cehennem gibi dehşetli bir ceza ile tehdit ediyor. İtidalli ve istikametli ve adaletli olan ifade-i Kur’aniyeye nasıl yakışıyor ki ehemmiyetsiz bir cüz’î hataya karşı, nihayet şiddeti gösteriyor?
Elcevap: Evet, Cenab-ı Hak senin ibadetine, belki hiçbir şeye muhtaç değil. Fakat sen ibadete muhtaçsın, manen hastasın. İbadet ise manevî yaralarına tiryaklar hükmünde olduğunu çok risalelerde ispat etmişiz. Acaba bir hasta, o hastalık hakkında, şefkatli bir hekimin ona nâfi’ ilaçları içirmek hususunda ettiği ısrara mukabil, hekime dese: “Senin ne ihtiyacın var, bana böyle ısrar ediyorsun?” Ne kadar manasız olduğunu anlarsın.
Amma Kur’an’ın terk-i ibadet hakkında şiddetli tehdidatı ve dehşetli cezaları ise nasıl ki bir padişah, raiyetinin hukukunu muhafaza etmek için âdi bir adamın, raiyetinin hukukuna zarar veren bir hatasına göre, şiddetli cezaya çarpar.
Öyle de ibadeti ve namazı terk eden adam, Sultan-ı ezel ve ebed’in raiyeti hükmünde olan mevcudatın hukukuna ehemmiyetli bir tecavüz ve manevî bir zulmeder. Çünkü mevcudatın kemalleri, Sâni’e müteveccih yüzlerinde tesbih ve ibadet ile tezahür eder. İbadeti terk eden, mevcudatın ibadetini görmez ve göremez, belki de inkâr eder. O vakit ibadet ve tesbih noktasında yüksek makamda bulunan ve her biri birer mektub-u Samedanî ve birer âyine-i esma-i Rabbaniye olan mevcudatı; âlî makamlarından tenzil ettiğinden ve ehemmiyetsiz, vazifesiz, camid, perişan bir vaziyette telakki ettiğinden mevcudatı tahkir eder; kemalâtını inkâr ve tecavüz eder.
Evet herkes, kâinatı kendi âyinesiyle görür. Cenab-ı Hak insanı kâinat için bir mikyas, bir mizan suretinde yaratmıştır. Her insan için bu âlemden hususi bir âlem vermiş. O âlemin rengini, o insanın itikad-ı kalbîsine göre gösteriyor.
Mesela, gayet meyus ve matemli olarak ağlayan bir insan, mevcudatı ağlar ve meyus suretinde görür; gayet sürurlu ve neşeli, müjdeli ve kemal-i neşesinden gülen bir adam, kâinatı neşeli, güler gördüğü gibi; mütefekkirane ve ciddi bir surette ibadet ve tesbih eden adam, mevcudatın hakikaten mevcud ve muhakkak olan ibadet ve tesbihatlarını bir derece keşfeder ve görür. Gafletle veya inkârla ibadeti terk eden adam; mevcudatı, hakikat-i kemalâtına tamamıyla zıt ve muhalif ve hata bir surette tevehhüm eder ve manen onların hukukuna tecavüz eder.
Hem o târikü’s-salât, kendi kendine mâlik olmadığı için kendi mâlikinin bir abdi olan kendi nefsine zulmeder. Onun mâliki, o abdinin hakkını, onun nefs-i emmaresinden almak için dehşetli tehdit eder. Hem netice-i hilkati ve gaye-i fıtratı olan ibadeti terk ettiğinden, hikmet-i İlahiye ve meşiet-i Rabbaniyeye karşı bir tecavüz hükmüne geçer. Onun için cezaya çarpılır.
Elhasıl: İbadeti terk eden hem kendi nefsine zulmeder –nefsi ise Cenab-ı Hakk’ın abdi ve memlûküdür– hem kâinatın hukuk-u kemalâtına karşı bir tecavüz, bir zulümdür. Evet nasıl ki küfür, mevcudata karşı bir tahkirdir; terk-i ibadet dahi kâinatın kemalâtını bir inkârdır. Hem hikmet-i İlahiyeye karşı bir tecavüz olduğundan, dehşetli tehdide, şiddetli cezaya müstahak olur.
İşte bu istihkakı ve mezkûr hakikati ifade etmek için Kur’an-ı Mu’cizü’l-Beyan, mu’cizane bir surette o şiddetli tarz-ı ifadeyi ihtiyar ederek, tam tamına hakikat-i belâgat olan mutabık-ı mukteza-yı hale mutabakat ediyor.
İkinci Sual: Tabiattan vazgeçen ve imana gelen zat diyor ki:
Her mevcud, her cihette, her işinde ve her şeyinde ve her şe’ninde meşiet-i İlahiyeye ve kudret-i Rabbaniyeye tabi olması, çok azîm bir hakikattir. Azameti cihetinde dar zihinlerimize sıkışmıyor. Halbuki gözümüzle gördüğümüz bu nihayet derecede mebzuliyet hem hilkat ve icad-ı eşyadaki hadsiz suhulet hem sâbık bürhanlarınızla tahakkuk eden vahdet yolundaki icad-ı eşyada nihayet derecede kolaylık ve suhulet hem nass-ı Kur’an ile beyan edilen مَا خَل۟قُكُم۟ وَلَا بَع۟ثُكُم۟ اِلَّا كَنَف۟سٍ وَاحِدَةٍ وَمَٓا اَم۟رُ السَّاعَةِ اِلَّا كَلَم۟حِ ال۟بَصَرِ اَو۟ هُوَ اَق۟رَبُ gibi âyetlerin sarahaten gösterdikleri nihayet derecede kolaylık, o hakikat-i azîmeyi, en makbul ve en makul bir mesele olduğunu gösteriyorlar. Bu kolaylığın sırrı ve hikmeti nedir?
Elcevap: Yirminci Mektup’un Onuncu Kelimesi olan وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَى۟ءٍ قَدٖيرٌ beyanında, o sır gayet vâzıh ve kat’î ve mukni bir tarzda beyan edilmiş. Hususan o mektubun zeylinde daha ziyade vuzuh ile ispat edilmiş ki bütün mevcudat, Sâni’-i Vâhid’e isnad edildiği vakit, bir tek mevcud hükmünde kolaylaşır. Eğer Vâhid-i Ehad’e verilmezse bir tek mahlukun icadı, bütün mevcudat kadar müşkülleşir ve bir çekirdek, bir ağaç kadar suubetli olur.
Eğer Sâni’-i Hakiki’sine verilse kâinat bir ağaç gibi ve ağaç bir çekirdek gibi ve cennet bir bahar gibi ve bahar bir çiçek gibi kolaylaşır, suhulet peyda eder. Ve bilmüşahede görünen hadsiz mebzuliyet ve ucuzluğun ve her nev’in suhuletle kesret-i efradı bulunmasının ve kesret-i suhulet ve süratle muntazam, sanatlı, kıymetli mevcudatın kolayca vücuda gelmesinin sırlarına medar olan ve hikmetlerini gösteren yüzer delillerinden ve başka risalelerde tafsilen beyan edilen bir ikisine muhtasar bir işaret ederiz.
Mesela, nasıl ki yüz nefer, bir zabitin idaresine verilse; bir neferin, yüz zabitin idarelerine verilmesinden yüz derece daha kolay olduğu gibi; bir ordunun teçhizat-ı askeriyesi bir merkez, bir kanun, bir fabrika ve bir padişahın emrine verildiği vakit, âdeta kemiyeten bir neferin teçhizatı kadar kolaylaştığı gibi; bir neferin teçhizat-ı askeriyesi müteaddid merkezlere, müteaddid fabrikalara, müteaddid kumandanlara havalesi de âdeta bir ordunun teçhizatı kadar kemiyeten müşkülatlı oluyor. Çünkü bir tek neferin teçhizatı için bütün orduya lâzım olan fabrikaların bulunması gerektir.
Hem bir ağacın sırr-ı vahdet cihetiyle, bir kökte, bir merkezde, bir kanun ile mevadd-ı hayatiyesi verildiğinden binler meyve veren o ağaç, bir meyve kadar suhuletli olduğu bilmüşahede görünür. Eğer vahdetten kesrete gidilse, her bir meyveye lâzım mevadd-ı hayatiye başka yerden verilse her bir meyve, bir ağaç kadar müşkülat peyda eder. Belki ağacın bir enmuzeci ve fihristesi olan bir tek çekirdek dahi o ağaç kadar suubetli olur. Çünkü bir ağacın hayatına lâzım olan bütün mevadd-ı hayatiye, bir tek çekirdek için de lâzım oluyor.
İşte bu misaller gibi yüzler misaller var gösteriyorlar ki vahdette, nihayet derecede suhuletle vücuda gelen binler mevcud, şirkte ve kesrette, bir tek mevcuddan daha ziyade kolay olur.
Sair risalelerde bu hakikat iki kere iki dört eder derecede ispat edildiğinden, onlara havale edip, burada yalnız bu suhulet ve kolaylığın ilim ve kader-i İlahî ve kudret-i Rabbaniye nokta-i nazarında gayet mühim bir sırrını beyan edeceğiz. Şöyle ki:
Sen bir mevcudsun. Eğer Kadîr-i Ezelî’ye kendini versen; bir kibrit çakar gibi hiçten, yoktan, bir emirle, hadsiz kudretiyle, seni bir anda halk eder. Eğer sen kendini ona vermezsen, belki esbab-ı maddiyeye ve tabiata isnad etsen o vakit sen, kâinatın muntazam bir hülâsası, meyvesi ve küçük bir fihristesi ve listesi olduğundan; seni yapmak için kâinatı ve anâsırı ince elek ile eleyip hassas ölçülerle aktar-ı âlemden senin vücudundaki maddeleri toplamak lâzım gelir.
Çünkü esbab-ı maddiye yalnız terkip eder, toplar. Kendilerinde bulunmayanı; hiçten, yoktan yapamadıkları, bütün ehl-i akıl yanında musaddaktır. Öyle ise küçük bir zîhayatın cismini aktar-ı âlemden toplamaya mecbur olurlar.
İşte vahdette ve tevhidde ne kadar kolaylık ve şirkte ve dalalette ne kadar müşkülat var olduğunu anla!
İkincisi, ilim noktasında hadsiz bir suhulet vardır. Şöyle ki:
Kader, ilmin bir nev’idir ki her şeyin manevî ve mahsus kalıbı hükmünde bir miktar tayin eder. Ve o miktar-ı kaderî, o şeyin vücuduna bir plan, bir model hükmüne geçer. Kudret icad ettiği vakit, gayet suhuletle o kaderî miktar üstünde icad eder.
Eğer o şey muhit ve hadsiz ve ezelî bir ilmin sahibi olan Kadîr-i Zülcelal’e verilmezse –sâbıkan geçtiği gibi– binler müşkülat değil belki yüz muhalat ortaya düşer. Çünkü o miktar-ı kaderî ve miktar-ı ilmî olmazsa binler haricî ve maddî kalıplar, küçücük bir hayvanın cesedinde istimal edilmek lâzım gelir.
İşte vahdette nihayetsiz kolaylık ve dalalette ve şirkte hadsiz müşkülatın bir sırrını anla وَمَٓا اَم۟رُ السَّاعَةِ اِلَّا كَلَم۟حِ ال۟بَصَرِ اَو۟ هُوَ اَق۟رَبُ âyeti, ne kadar hakikatli ve doğru ve yüksek bir hakikati ifade ettiğini bil!
Üçüncü Sual: Eskiden düşman, şimdi dost olan mühtedi diyor ki: Şu zamanda çok ileri giden feylesoflar diyorlar ki: “Hiçten hiçbir şey icad edilmiyor ve hiçbir şey idam edilmiyor yalnız bir terkip bir tahlildir ki kâinat fabrikasını işlettiriyor.”
Elcevap: Nur-u Kur’an ile mevcudata bakmayan feylesofların en ileri gidenleri bakmışlar ki tabiat ve esbab vasıtasıyla bu mevcudatın teşekkülat ve vücudlarını –sâbıkan ispat ettiğimiz tarzda– imtina derecesinde müşkülatlı gördüklerinden, iki kısma ayrıldılar.
Bir kısmı sofestaî olup, insanın hâssası olan akıldan istifa ederek, ahmak hayvanlardan daha aşağı düşerek, kâinatın vücudunu inkâr etmeyi; hattâ kendilerinin vücudlarını dahi inkâr etmesini; dalalet mesleğinde esbab ve tabiatın icad sahibi olmalarından daha ziyade kolay gördüklerinden hem kendilerini hem kâinatı inkâr edip, cehl-i mutlaka düşmüşler.
İkinci güruh bakmışlar ki dalalette, esbab ve tabiat mûcid olmak noktasında, bir sinek ve bir çekirdeğin icadı, hadsiz müşkülatı var ve tavr-ı aklın haricinde bir iktidar iktiza ediyor. Onun için bilmecburiye icadı inkâr ediyorlar “Yoktan var olmaz.” diyorlar ve idamı da muhal görüyorlar “Var yok olmaz.” hükmediyorlar. Yalnız harekât-ı zerrat ile tesadüf rüzgârlarıyla bir terkip ve tahlil ve dağılmak ve toplanmak suretinde bir vaziyet-i itibariye tahayyül ediyorlar.
İşte sen gel, ahmaklığın ve cehaletin en aşağı derecesinde, en yüksek akıllı kendini zanneden adamları gör ve dalalet, insanı ne kadar maskara ve süflî ve echel yaptığını bil, ibret al!
Acaba her senede, dört yüz bin envaı birden zemin yüzünde icad eden ve semavat ve arzı altı günde halk eden ve altı haftada, her baharda, kâinattan daha sanatlı, hikmetli zîhayat bir kâinatı inşa eden bir kudret-i ezeliye, bir ilm-i ezelînin dairesinde, planları ve miktarları taayyün eden mevcudat-ı ilmiyeyi göze göstermeyen bir ecza ile yazılan ve görünmeyen bir yazıyı göstermek için sürülen bir ecza misillü, gayet kolay o ma’dumat-ı hariciye olan mevcudat-ı ilmiyeye vücud-u haricî vermeyi o kudret-i ezeliyeden uzak görmek ve icadı inkâr etmek; evvelki güruh olan sofestaîlerden daha ziyade ahmakane ve cahilanedir.
Bu bedbahtlar, âciz-i mutlak ve yalnız bir cüz-i ihtiyarîden başka ellerinde olmayan firavunlaşmış kendi nefisleri, hiçbir şeyi idam ve yok edemediklerinden ve hiçbir zerreyi, bir maddeyi, hiçten, yoktan icad edemediklerinden ve güvendikleri esbab ve tabiatın ellerinde hiçten icad gelmediği cihetle, ahmaklıklarından diyorlar: “Yoktan var olmaz, var da yok olmaz.” deyip bu bâtıl ve hata düsturu, Kadîr-i Mutlak’a teşmil etmek istiyorlar.
Evet, Kadîr-i Zülcelal’in iki tarzda icadı var. Biri, ihtira ve ibda iledir. Yani hiçten, yoktan vücud veriyor ve ona lâzım her şeyi de hiçten icad edip eline veriyor. Diğeri, inşa ile sanat iledir. Yani kemal-i hikmetini ve çok esmasının cilvelerini göstermek gibi çok dakik hikmetler için kâinatın anâsırından bir kısım mevcudatı inşa ediyor. Her emrine tabi olan zerratları ve maddeleri, rezzakıyet kanunuyla onlara gönderir ve onlarda çalıştırır.
Evet, Kādir-i Mutlak’ın iki tarzda hem ibda hem inşa suretinde icadı var. Varı yok etmek ve yoğu var etmek; en kolay en suhuletli, belki daimî, umumî bir kanunudur. Bir baharda, üç yüz bin enva-ı zîhayat mahlukatın şekillerini, sıfatlarını, belki zerratlarından başka bütün keyfiyat ve ahvallerini hiçten var eden bir kudrete karşı “Yoğu var edemez!” diyen adam, yok olmalı!
Tabiatı bırakan ve hakikate geçen zat diyor ki: Cenab-ı Hakk’a zerrat adedince şükür ve hamd ü sena ediyorum ki kemal-i imanı kazandım, evham ve dalaletlerden kurtuldum ve hiçbir şüphem de kalmadı.
اَل۟حَم۟دُ لِلّٰهِ عَلٰى دٖينِ ال۟اِس۟لَامِ وَ كَمَالِ ال۟اٖيمَانِ
سُب۟حَانَكَ لَا عِل۟مَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّم۟تَنَٓا اِنَّكَ اَن۟تَ ال۟عَلٖيمُ ال۟حَكٖيمُ
- ↑ إنَّ الداعي الأشد إلحاحاً إلى تأليف هذه الرسالة هو ما لمسته من هجوم صارخ على القرآن الكريم، والتجاوز الشنيع على الحقائق الإيمانية بتزييفها، وربط أواصر الإلحاد بالطبيعة، وإلصاق نعت «الخرافة» على كل ما لا تدركه عقولهم القاصرة العفنة... وقد أثار هذا الهجوم غيظاً شديداً في القلب ففجر فيه حمماً سرت إلى أسلوب الرسالة، فأنزلت هذه الحمم والصفعات على أولئك الملحدين وذوي المذاهب الباطلة المعرضين عن الحق، وإلّا فليس من دأب «رسائل النور» إلّا القول الليّن في الخطاب والرفق في الكلام. (المؤلف).
- ↑ نعم، إذا حصل الانتساب، فإن تلك البذرة تتسلم أمراً من القدر الإلهي، وتنال شرف النهوض بتلك الأعمال الخارقة، ولكن إذا انقطع ذلك الانتساب فإن خلق تلك البذرة يقتضي أجهزةً وقدرةً ومهارةً هي أكثر بكثير مما يحتاج خلق شجرة الصنوبر الضخمة، وذلك لان جميع أعضاء شجرة الصنوبر التي تكسو الجبال وتضفي عليها الجمال والروعة والتي تمثل أثراً مجسماً واضحاً للقدرة الإلهية، يلزم أن تكون موجودة في الشجرة المعنوية التي هي أثر القَدر والمندمجة في تلك البذرة، لأن مصنع تلك الشجرة الضخمة يكمن في تلك البذرة، وأن ما في تلك البذرة من شجرة قدرية تتظاهر بالقدرة الإلهية في الخارج خارج البذرة وتتشكل شجرة صنوبر مجسمة. (المؤلف).
- ↑ مثل يضرب لشدة الغباء والحماقة. ومن حُمْقه أنه جعل في عُنُقه قِلادة من وَدَع وعِظامٍ وخَزَف، وهو ذو لحية طويلة، فسُئِل عن ذلك، فقال: لأعرف بها نفسي، ولئلا أضل، فبات ذات ليلة وأخَذَ أخوه قلادتَه فتقلَّدها، فلما أصبح ورأى القلادة في عنق أخيه قال: يا أخي أنت أنا فمن أنا؟. (الميداني، مجمع الأمثال ١١٦٩؛ العسكري، جمهرة الأمثال ٣٨٥/١ ؛ الزمخشري، المستقصى ٨٥/١).