Altıncı Mektup/ar: Revizyonlar arasındaki fark
("سلام الله ورحمته وبركاته عليكما وعلى إخوانكما ما دام الملَوانِ (<ref> الملوان: الليل والنهار وطرفاهما.. </ref>) وتعاقب العَصرانِ (<ref>العصران : الليل والنهار وهما الغداة والعشي. </ref>) وما دام القمرانِ (<ref>القمران: الشمس والقمر. </ref>) واستقبل الفرقدانِ. (<ref>الفرقدا..." içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu) |
(Kaynak sayfanın yeni sürümü ile eşleme için güncelleniyor) Etiketler: Mobil değişiklik Mobil ağ değişikliği |
||
1. satır: | 1. satır: | ||
<languages/> | <languages/> | ||
بِاسْمِهِ سُبحَانَهُ | بِاسْمِهِ سُبحَانَهُ |
12.39, 12 Mayıs 2024 itibarı ile sayfanın şu anki hâli
بِاسْمِهِ سُبحَانَهُ
﴿وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪﴾
سلام الله ورحمته وبركاته عليكما وعلى إخوانكما ما دام الملَوانِ ([1]) وتعاقب العَصرانِ ([2]) وما دام القمرانِ ([3]) واستقبل الفرقدانِ. ([4])
أَخَويَّ الغيورَينِ، زميلَيَّ الشهمينِ، يا مبعثَي سُلواني في دار الغربة، الدنيا.
لما كان المولى الكريم سبحانه وتعالى قد جعلكما مشاركَين لي في المعاني التي أَنعمها على فكري، فمن حقكما إذن مشاركتي في مشاعري وأَحاسيسي.
سأَحكي لكما بعضاً مما كنت أُقاسيه من أَلم الفراق في غربتي هذه، طاوياً ما هو أَكثرُ إيلاماً منه لئلا أَجعلكما تتأَلَّمانِ كثيراً.
لقد بقيتُ منذ شهرين أَو ثلاثة وحيداً فريداً، وربما يأتيني ضيفٌ في كل عشرين يوماً أو ما يقرب من ذلك، فأَظلُّ وحيداً في سائر الأوقات. ومنذ ما يقرب من عشرين يوماً ليس حولي أحد من أهل الجبل، فلقد تفرَّقوا.
ففي هذه الجبال المُوحِيَةِ بالغربة، وعندما يرخي الليلُ سدُولَه، فلا صوتَ ولا صدى، إلَّا حفيف الأَشجار الحزين.. رأَيتُني وقد غمرَتني خمسةُ أَلوان من الغربة.
أولها: أني بقيت وحيداً غريباً عن جميع أَقراني وأَحبابي وأَقاربي، فيما أَخذتِ الشيخوخةُ مني مأخذاً، فشعرتُ بغربة حزينة من جرَّاء تركهم لي ورحيلهم إلى عالم البرزخ.
ومن هذه الغربة انفتحت دائرة غربة أُخرى، وهي أنني شعرت بغربة مشوبةٍ بأَلم الفراق حيث تركتني أكثرُ الموجودات التي أتعلَّق بها كالربيع الماضي.
ومن خلال هذه الغربة انفتحت دائرة غربة أخرى، وهي الغربة عن موطني وأَقاربي، فشعرت بغربة مفعمة بألم الفراق، إذ بقيت وحيداً بعيداً عنهم.
ومن خلال هذه الغربة أَلقتْ عليَّ أَوضاعُ الليل البهيم والجبالُ الشاخصة أمامي،
غربةً فيها من الحزن المشوب بالعطف ما أَشعرني أَنَّ ميدان غربة أخرى انفتحت أَمام روحي المشرفة على الرحيل عن هذا المضيف الفاني متوجهةً نحو أَبد الآباد، فضمَّتني غربةٌ غير معتادة، وأَخذني التفكير،
فقلت فَجأةً: سبحان الله! وفكرت كيف يمكن أَنْ تُقاوَم كل هذه الظلمات المتراكبة وأَنواع الغربة المتداخلة!.
فاستغاث قلبي قائلاً:
يا ربُّ! أَنا غريب وحيد، ضعيف غير قادر، عليل عاجز، شيخ لا خيار لي.
فأقول: الغوثَ الغوثَ. أَرجو العفو، وأستمدُّ القوة من بابك يا إلهي!.
وإذا بنور الإيمان وفيض القرآن ولطف الرحمن يمدّني من القوة ما يُحوِّلُ تلك الأنواع الخمسة من الغربة المظلمة، إلى خمس دوائرَ نورانية من دوائر الأُنس والسُّرور. فبدأَ لساني يُردِّدُ: ﴿حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ﴾ (آل عمران: ١٧٣) وتلا قلبي الآية الكريمة:
﴿فَاِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللّٰهُ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظ۪يمِ﴾ (التوبة: ١٢٩).
وخاطب عقلي كذلك نفسي القلقةَ المضطربة المستغيثة قائلاً:
دَعِ الصُراخَ يا مسكين، وتوكَّلْ على اللّه في بلواك.
إنَّما الشَّـكوى بَلاء.
بل بَلاءٌ في بَلاء، وأَثام في أَثام في بلاء.
إذا وجدتَ مَن ابتلاك،
عاد البلاءُ عطاءً في عطاء، وصفاءً في صفاء، ووفاءً في بلاء.
دَعِ الشَّكوى، واغْنَمْ الشُّكر كالبلابلِ؛ فالأَزهارُ تبتسم من بهجة عاشقها البلبل.
فبغير اللّه دنياكَ آلام وعذاب، وفناء وزوال، وهباء في بلاء.
فتعالَ، تَوكّلْ عليه في بلواك!
ما لكَ تصرخ من بلية صغيرة، وأنت مثقل ببلايا تسع الدنيا.
تَبسَّمْ بالتوكُّلِ في وجه البلاء، ليبتسمَ البلاء.
فكُلَّما تبسّم صَغُر وتَضَاءَلَ حتى يَزول.
وقلت كما قال أَحدُ أساتذتي مولانا جلال الدين الرومي(∗) مخاطباً نفسه:
اُو گُفْتِ : «أَلَسْتُ» وَتُوگُفْتِى: «بَلى»
شُكْرِ «بَلى» چِيسْتْ؟ كَشِيدَنْ بَلَا
سِرِّ بَلَا چِيسْتْ كِه يَعْنِى
مَنَمْ حَلْقَه زَنِ دَرْگَهِ فَقْرُ وفَنَا ([5])
«أتدري ما سر دفع البلاء؟.. إنه طَرقُ باب الفقر والاستغناء عن الناس».
وحينئذٍ قالت نفسي: أجل! أجل!. إن الظلمات لتتبددُ وبابَ النور لينفتح بالعجز والتوكل والفقر والالتجاء . فالحمد لله على نور الإيمان والإسلام.
وقد رأيت هذه الفقرة من «الحكم العطائية» المشهورة تنطوي على حقيقة جليلة وهي قوله:
«ماذا وجَدَ من فَقَدَهُ وماذا فَقَدَ مَن وَجَدَهُ»؟ ([6])
أي أن الذي وجده فقد وجدَ كل شيء، ومن فقدَه لا يجد شيئاً سوى البلاء.
وفهمت سراً من أسرار الحديث الشريف «... طوبى للغرباء...» ([7]) فشكرت الله.
فيا أَخويَّ!
إنَّ ظلمات أَنواع الغربة هذه، وإنْ تبددت بنور الإيمان، إلّا أنها تركت فيَّ شيئاً من بصمات أحكامها، وأَوحت بهذه الفكرة:
ما دمتُ غريباً وأعيش في الغربة وراحلاً إلى الغربة، فهل انتهتْ مهمتي في هذا المضيف، كي أوكِّلَكم و «الكلمات» عني. وأقطع حبالَ العلاقات عن الدنيا قطعاً كلياً؟
وحيث إن هذه الفكرة وردتْ على البال بهذه الصورة، فكنت أَسأَلكم:
هل «الكلمات» المؤلفة كافية؟ وهل فيها نقص؟ وأعني بهذا السؤال: هل انتهت مهمّتى كي أَنسى الدنيا وأُلقي بنفسي في أحضان غربةٍ نورانية لذيذة حقيقية باطمئنان قلب. وأقول كما قال مولانا جلال الدين:
دَانِى سَمَاع چِه بُودْ؟ بِى خُودْ شُدَنْ زِ هَسْتِى
أَنْدَرْ فَنَاىْ مُطْلَقْ ذَوْقِ بَقَا چِشيدنْ ([8])
ليت شعري هل لي أَنْ أَبحثَ عن غربة رفيعة سامية!.
ولأجل هذا كنت أجابهكم بتلك الأسئلة.
الباقي هو الباقي
سعيد النورسي
- ↑ الملوان: الليل والنهار وطرفاهما..
- ↑ العصران : الليل والنهار وهما الغداة والعشي.
- ↑ القمران: الشمس والقمر.
- ↑ الفرقدان: نجمان منيران في السماء.
- ↑ يعني: لما قال سبحانه: «ألست بربكم» قلتَ: «بلى»!. فأين الشكر على قولك بلى؟ إنه مقاساة البلاء! أتدري ما سر البلاء؟ إنه طرق باب الفقر والفناء في الله. (انظر: ديوان كبير ١٥٧، غزل ٢٥١)
- ↑ هذه الفقرة (ماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك) هي من مناجاة ابن عطاء الله السكندري، المذكورة في ختام «الحكم العطائية» التي عرّفها صاحب كشف الظنون بأنها: حكم منثورة على لسان أهل الطريقة، لما صنّفها عرضها على شيخه أبي العباس المرسي، فتأملها وقال له: لقد أتيت يا بني في هذه الكراسة بمقاصد الإحياء وزيادة. ولذلك تعشّقها أرباب الذوق، لما رقّ لهم من معانيها وراق - وابن عطاء الله السكندري هو العارف بالله، العالم الجامع لعلوم التفسير والحديث والفقه، مرشد السالكين، لازم شيخه المرسي اثني عشر عاماً وفُتح عليه على يديه. توفي رحمه الله تعالى سنة (٧٠٩هـ ١٣٠٩م) .
- ↑ مسلم، الإيمان ٢٣٢؛ الترمذي، الإيمان ١٣؛ ابن ماجه، الفتن ١٥؛ الدارمي، الرقاق ٤٢؛ المسند ٣٩٨/١، ١٧٧/٢، ٢٢٢، ٣٨٩.
- ↑ أي هل تعلم ما السّماع؟ هو أن تفنى عن الوجود وتذوق البقاء في الفناء المطلق.