المقالة الثانية

    Risale-i Nur Tercümeleri sitesinden
    06.11, 20 Mayıs 2024 tarihinde Said (mesaj | katkılar) tarafından oluşturulmuş 111738 numaralı sürüm ("وذلك: أن الذي يعطي الكلام عظمة وَسعةً هو: أن المقاصد القادمة من أبعد هدف وأعلاه -وهو مقصد المقاصد- يرتبط بعضها ببعض، ويكمل أحدها نقصان الآخر، ويؤدي الواحدُ منها حق جاره، حتى كأن وَضْعَ هذا في موضعه يمكّن الآخر في مكانه، ويقرّ الآخر في مستقره.. وهكذا كلٌّ..." içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu)
    Diğer diller:

    عنصر البلاغة

    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ

    الطيبات لله والصلوات على نبيه

    المقالة الثانية

    هذه المقالة تبّين بضع مسائل تتعلق بروح البلاغة

    المسألة الأولى

    يخبرنا التاريخ بأسفٍ بالغ أنه لمّا انجذب الأعاجم بجاذبة سلطنة العرب فَسَد بالاختلاط مَلَكةُ الكلام المُضَري، التي هي أساسُ بلاغة القرآن؛ إذ لما تعاطى الأعاجمُ والدُخلاء صنعةَ البلاغة العربية حوّلوا الذوقَ البلاغي من مجراه الطبيعي للفكر، وهو نظمُ المعاني، إلى صنعة اللفظ.

    وذلك أن المجرى الطبيعي لأنهار الأفكار والمشاعر والأحاسيس إنما هو نظم المعاني.. ونظمُ المعاني هو الذي يشيَّد بقوانين المنطق.. وأسلوبُ المنطق متوجّهٌ إلى الحقائق المتسلسلة.. والفكرُ الواصل إلى الحقائق هو الذي ينفُذ في دقائق الماهيات ونِسَبها.. ودقائقُ الماهيات ونِسبُها هي الروابط للنظام الأكمل في العالم.. والنظامُ الأكمل هو المندمِج فيه الحسنُ المجرد الذي هو منبع كل حسن.. والحسن المجردُ هو روضةُ أزاهيرِ البلاغة التي تسمى لطائفَ ومزايا.. وتلك الجنةُ المزهرة ودقائق الماهيات ونسبها هي التي تَجول فيها بلابلُ عاشقةٌ للأزاهير المسماة بالشعراء والبلغاء وعشاقِ الفطرة.. ونغماتُ تلك البلابل يمدّها صدىً روحاني هو نظم المعاني.

    ولكن لما حاول الدُخَلاء والأعاجم الدخولَ في صفوف الأدباء، فلَتَ الأمرُ. لأن مزاج الأمة مثلما أنه منشأ أحاسيسها ومشاعرها، فإن لسانها القومي يعبّر عن تلك المشاعر ويعكس تلك الأحاسيس. وحيث إن أمزجه الأمة مختلفةٌ، فاستعداد البلاغة في ألسنتها متفاوت أيضاً، ولا سيما اللغة العربية الفصحى المبنية على قواعد النحو.

    وبناء على هذا فإنّ نظمَ اللفظ -الذي هو أرض قاحلة جرداء لا تصلح لأن تكون مَسِيلاً لجريان الأفكار ومَنبتاً لأزاهير البلاغة- اعترض مجرى البلاغة الطبيعي، وهو نظمُ المعنى فشَوّش البلاغةَ.

    وحيث إن المبتدئين ومَن لا مهارة لهم أحوجُ من غيرهم إلى ترتيب اللفظ وتحسينه وتحصيلِ المعاني اللغوية -بسوء اختيارهم أو بسَوق الحاجة- فقد صرفوا جلَّ اهتمامهم إلى اللفظ ورغبوا فيما هو أسهلُ مجرىً وأظهرُ للنظر العابر وآنَسُ للعوام وأَولى بأن ينجذبوا إليه وينفعلوا به ويجتمعوا حوله، لذا انجذبوا إلى تنميق الألفاظ صارفين أذهانَهم عن تنسيق المعاني والتغلغل فيها، تلك المعاني التي كلما قطعت بها مفازة تراءت صحارى شاسعة باهرة منها..

    وهكذا سار الأمر بهم حتى افترقت أذهانُهم فداروا حيث دار اللفظ بعد تصور المعاني، بل حتى غلب اللفظُ المعنى وسخّره لنفسه، فاتسعت المسافةُ بين طبيعة البلاغة -وهي كون اللفظ خادماً للمعنى- وصنعةِ العاشقين للفظ.

    فإن شئت فادخل في «مقامات الحريري» فإنه مع جلالة قدره في الأدب، فقد استهواه حبُّ اللفظ وبذلك أخلّ بأدبه الرفيع، فأصبح قدوة للمغرَمين باللفظ، حتى خصص الجرجاني -ذلك العملاق- ثلث كتابيه دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة دواءً لعلاج هذا الداء.

    نعم، إن حب اللفظ داء، ولكن لا يعرف أنه داء!

    تنبيه:

    كما أن حب اللفظ مرضٌ، كذلك حب التصوير (الفني)، وحب الأسلوب، وحب التشبيه، وحب الخيال، وحب القافية مرض مثله. بل ستكون هذه الأمراض بالإفراط أمراضاً مزمنة في المستقبل، كما تبدو البوادر من الآن. حتى يُضحَّى بالمعنى في سبيل ذلك الحب، بل بدأ كثير من الأدباء بإساءة الأدب والأخلاق لأجل نادرة ظريفة، أو لإتمام قافية رنانة.

    نعم، اللفظ يُزيَّن ولكن إذا اقتضته طبيعةُ المعنى وحاجتُه..

    وصورةُ المعنى تُعظّم وتعطى لها مهابةٌ ولكن إذا أذِن بها المعنى...

    والأسلوبُ يُنوَّر ويلمَّع ولكن إذا ساعده استعدادُ المقصود...

    والتشبيه يلطَّف ويجمَّل ولكن إذا تأسس على علاقة المقصود وارتضى به المطلوب...

    والخيالُ يُنشط ويسيّح ولكن إذا لم يؤلِم الحقيقة، ولم يثقل عليها، وأن يكون مثالاً للحقيقة متسنبلاً عليها.

    المسألة الثانية

    إن حيـاة الكلام ونموَّه: بتجسّم المعاني وبنفخ الـروح في الجمادات. وذلك بإلقاء الحوار فيما بينها بالسحر البياني الحاصل بقوة الخيال؛

    المبنية على المغالطة الوهمية، المؤسسة على الدوران -أي ظن أحد الشيئين علّة للآخر في الوجود والعدم كما هو الاعتقاد العرفي-... فالسحر البياني إذا تجلى في الكلام بَعَثَ الحياة في الجمادات كالساحر، ويوقع بينها محاورة قد تنجرّ إلى المحبة أو المخاصمة، فيجسِّم المعاني ويحييها ويدرِج فيها الحرارةَ الغريزية.

    فإذا شئت فادخل في البيت الصاخب:

    يناجيني الإخلافُ من تحت مَطْلِهِ فتختصم الآمالُ واليأس في صدري ([1])

    أي: إن خلف الوعد يحاورني من تحت ستار المماطلة في الحق، ويقول: لا تنخدع. فتتخاصم الآمال واليأس ويهدّان منزل صدري المتزلزل.

    فترى كيف مثّل الشاعر الساحر المحاربةَ والمخاصمة بتجسيمه الأمل واليأس وبعثه الحياة فيهما، وجعلهما في صراع مع مثير الفتن: إخلاف الوعد، حَتى جعل البيتَ كأنه مشهد سينمائي يتراءى أمام عقلك. نعم، إن هذا السحر البياني نوع من التنويم.

    أو استمع إلى شكوى الأرض وعشقها إلى المطر في هذا البيت:

    تشكّى الأرض غَيْـبتـه إليه وترشُف ماءَه رشفَ الرضاب ([2])

    يضع أمام خيالك حالة قيس وليلى، فالأرض قيس ومعشوقها السحاب ليلى!

    تنبيه:

    إن الذي جمّل هذا الشعر هو مشابهة ما فيه من الخيال إلى حدٍ ما بالحقيقة؛ إذ الأرض تُحدث صوتاً وأزيزاً إذا تأخر عنها المطر فتمص ماءه مصاً. والذي يشاهِد عنها هذه الحالةَ ينتقل خياله إلى تأخر المطر وشدةِ حاجة الأرض إليه، وبسر الدوران المعلوم وبتصرف الوهم يُفرغ الخيالُ نفسَه في صورةِ عشق وحوارٍ بينهما.

    إشارة:

    لابد في كل خيال من نواة من حقيقة، مثل هذه النوية.

    المسألة الثالثة

    إن حلل الكلام أو جماله وصورته: بأسلوبه، أي بقالب الكلام؛

    إذ الأسلوب يتنور ويتشرب ويتشكل باتخاذه تلاحق قطعات الاستعارة التمثيلية، المتركبةِ من الصور، الحاصلة بخصوصيات من تمايلات الخيال، المتولدة بسبب تلقيح الصنعة (البيانية) أو المباشرة أو التوغل أو دقة الملاحظة. فالأسلوب بهذا قالب الكلام كما هو معدن جماله ومصنع حلله الفاخرة.

    فكأن المتكلم ينادي بإرادته -التي تنبه العقل- فيوقظ المعاني الراقدة في زوايا القلب المظلمة، فتَخرج حفاةً عراةً وتَدخل الخيال الذي هو محل الصور، فتلبس (المعاني) ما تجده من صور في خزينة الخيال تلك، فتَخرج بعلامة مهما قلت، حتى قد تلفّ على رأسها منديلاً أو تَخرج لابسة نعلاً، أو تخرج بأزرار أو بكلمة تدل على أنها تربّت هناك.

    فإذا أنعمتَ النظر في أسلوب الكلام -الكلام الطبيعي الفطري- ترى المتكلم في مرآة الأسلوب، حتى كأن نَفْسَه في أنفاسه ونبراته، وماهيتَه في نفثاته، وصنعتَه ومزاجه ممتزجان في كلامه، فلو تخيلتَ الأمر هكذا لما عوتبت في مذهب الخياليين.

    فإن كان في خيالك مرض من الشك في هذا، فزُر مستشفى قصيدة «بردة المديح»، وانظر كيف كَتب الحكيمُ البوصيري(∗) وَصْفَته الطبية باستفراغ الدمع وحمية الندم:

    وَاسْتَفْرغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قَدِ امْتَلأَتْ مِنَ الْمَحَارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَّدَمِ

    وإن اشتهيت شرب زلال المعنى من زجاج الحقيقة -أي الأسلوب- وترى امتزاجهما فاذهب إلى الخمّار واسأله:

    ما الكلام البليغ؟

    فسيقول لك بدافع من صنعته: الكلام البليغ ما طبخته مراجل العلم وبقي في دِنان الحكمة وصفّته مصفاة الفهم، فدار به الساقون الظرفاء، فشربتْه الأفكار، وتمشّى فيه الأسرار، فاهتزت به الأحاسيس.

    وإن لم يَرُق لك كلام هؤلاء السكارى، فاستمع إلى مهندس الماء، هدهدِ سليمان عليه السلام، في النبأ الذي أتى به من سبأ، كيف وصف الذي علّم القرآن وأبدع السماوات والأرض، إذ يقول الهدهد: إني رأيت قوماً لا يسجدون لله: ﴿ الَّذ۪ي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ ﴾ (النمل:٢٥) فانظر، كيف اختار من بين الأوصاف الكمالية ما يشير إلى هندسة الهدهد.

    إشارة:

    مرادي بالأسلوب: قالب الكلام وصورته، وآخرون يقولون غير هذا.

    وفائدته البلاغية: التحام تفاريق القصة وقِطَعِها المشتتة، لتهتزّ القصة كلها بتحريك جزء منها حسب القاعدة: «إذا ثبت الشيء ثبت بلوازمه»؛ إذ لو وَضع المتكلم بيد السامع طَرفاً من الأسلوب فالمخاطب يمكن أن يرى تمامه بنفسه ولو مع شيء من الظلمة.

    فانظر أينما كان لفظ «بارز» فانه كالنافذة تريك ميدان الحرب.

    نعم، هناك كثير من أمثال هذه الكلمات لو قيل إنها مَشاهد سينما الخيال فلا حرج.

    تنبيه:

    إن مراتب الأسلوب متفاوتة جداً؛ بعضها أرق من النسيم إذا سرى في السَّحر، وبعضها أخفى من دسائس دهاة الحرب في هذا الزمان، لا يشمّه إلّا ذوو الدهاء،

    كاستشمام الزمخشري(∗) من الآية الكريمة ﴿ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَم۪يمٌ ﴾ (يس:٧٨) أسلوبَ مَن يبرز إلى الميدان!

    نعم، إن العاصي لله إنما يبارز خالقه ويحاربه معنىً.

    المسألة الرابعة

    إن قوة الكلام وقدرته: أن تتجاوب قيوده، وتتعاون كيفياته، ويمد كلٌ بقدره مشيراً إلى الغرض الأصلي ويضع إصبعه على المقصد. فيكون مثالاً ومصداقاً لدستورِ:

    عِبَارَاتُنَا شَتَّى وَحُسْنُكَ وَاحِدٌ وَكُلٌّ إلى ذَاكَ الْـجَمَال يُشِيرُ ([3])

    وكأن القيود مسيل ووديان، والمقاصد حوض في وسطها يستمد منها.

    حاصل الكلام: يلزم التجاوب والتعاون والاستمداد، لئلا تتشوش صورة الغرض المرتسمة على شبكة الذهن والملتقطة بنظر العقل.

    إشارة:

    ينشأ التناسب ويتولد الحسن ويلمع الجمال بنشوء الانتظام من هذه النقطة.
    

    فتأمل في كلام رب العزة ﴿ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ ﴾ ([4]) (الأنبياء:٤٦) المسوقةِ للتهويل، وتخويف الإنسان، وتعريفِه بعجزه وضعفه. فبناءً على القاعدة البيانية:

    «ينعكس الضد من الضد» ترى الآية الكريمة تُبين تأثير القليل من العذاب بقصد التهويل والتخويف، فكل طَرَف من الكلام يُمِدّ المقصد -وهو التقليل- عن جهته وذلك بـ:

    التشكيكِ والتخفيف في لفظ «إنْ».

    والمسِّ وحده دون الإصابة في «مسّت».

    والتقليلِ والتحقير في مادةِ «نفحةٌ» وصيغتِها وتنكيرها.

    والتبعيضِ في «مِن».

    والتهوين في «عذاب» بدلاً من نكال.

    وإيماء الرحمة في «ربك».

    كل ذلك يهول العذاب ويعظمه بإراءة القليل،

    إذ إنْ كان قليلُه هكذا فكيف بعظيمه.. نسأل الله العافية!

    تنبيه:

    هذا نموذج نسوقه لك، إن قدرت فقس عليه؛ فإن جميع الآيات القرآنية يتلألأ عليها هذا الانتظام والتناسب والحسن. ولكن قد تتداخل المقاصد وتتسلسل، وتصبح توابع، كل منها مقارنة مع الأخرى دون اختلاط. فلابد من الحذر والانتباه، لأن النظرة العابرة كثيراً ما تَزِلّ في هذه المواضع.

    المسألة الخامسة

    إن أصل الكلام وصورة تركيبه يفيد المقصد نفسه، كما أن غناه وثروته وسعته هو في بيان لوازم الغرض وتوابعه وهزّه بتلميحاتِ مستتبعاته وبإشارات الأساليب؛

    إذ التلميح أو الإشارة أساس مهم يهزّ عطف الخيالات الساكنة ويستنطق جوانبها الساكتة، فيهيّج الاستحسان في أقصى زوايا القلب.

    نعم، إن التلميح أو الإشارة إنما هو لمشاهدة أطراف الطريق ومطالعتها، وليس للقصد والطلب والتصرف، بمعنى أن المتكلم لا يكون مسؤولاً فيه.

    فإن أحببت فادخل في هذه الأبيات لترى ما يستحق المشاهدة:

    فانظر إلى شعرات لحية الشيخ الذي اعتلى فرسه وأراد أن يعرض فتوته تجاه حسناء، تجد فيها مفاتيح بلاغة كثيرة..

    فدونك الأبواب افتحها:

    قالتْ كبرتَ وشِبتَ قلتُ لها هذا غبارُ وقايع الدهر ([5])

    وأيضاً:

    ولا يروّعك إيماض القتير به فإن ذاك ابتسام الرأي والأدب ([6])

    أي لا يخوّفك ابيضاض شعرات فإن نور العقل والأدب قد سالا من الدماغ إلى اللحية.

    وأيضاً:

    وعينُك قد نامتْ بليلِ شبيبةٍ فلم تنتبه إلّا بصبح مشيب

    وأيضاً:

    وكأنما لَطَم الصباح جبـينه فاقتصّ منه وخاض في أحشائه ([7])

    يصف الشاعر فرسه فيريد: أن غرّته إنما هي أثر من لطمة الصباح على جبينه، وتحجيلَه إنما هو من خوضِ قوائمه الأربع في أحشاء الصباح.

    وأيضاً:

    كأن قلبي وشاحاها إذا خطرتْ وقَلْبَها قُلْبُها في الصمت والخرس ([8])

    أي يتحرك قلب الشاعر كوشاح في خصر المعشوق، بينما قلبها في سكون وصمت كسوارها. فلئن اشتاق قلبي إلى ذلك الزند القوي والخصر النحيف فإن قلبها مستغن عني...

    فالشاعر جمع في البيت الواحد الحسن والعشق والاستغناء والاشتياق.

    وأيضاً:

    وألقى بصحراء الغبـيط بعاعه نـزولَ اليمانِي ذي العياب المحمّل ([9])

    أي إن السيل القادم من المطر، ألقى بضاعته كالتاجر اليماني في صحراء الغبيط، فأخذت الأزاهير تتلون بتلك الأخلاط التجارية الممزوجة بالأصباغ والألوان وتلبس الحلل الزاهية حتى تحمر رؤوسها، مثلما لو نزل تاجر في قرية مساءً واشترى منه أهلها بضاعته المتلونة المتنوعة، يخرج في الصباح كلٌ من بيته في زينة وجمال وحتى راعي القوم يعصب رأسه بعصابة حمراء.

    وأيضاً:

    غَارَ الوفاءُ وفاض الغدرُ وانفرجتْ مسافةُ الخلف بين القول والعمل ([10])

    فإن شئت فالتفِتْ إلى ما قبل هذه المقالة، تجد أمثلة كثيرة حول هذه المسألة.

    منها: «إن مفتاح دلائل إعجاز الآيات وكشاف أسرار بلاغتها، البلاغة العربية لا الفلسفة اليونانية».

    أو راجع الإشارة التي هي في خاتمة المسألة الأولى من المقالة الأولى، فإن فيها: «إن شريعة الخليقة أو الشريعة الفطرية قد فَرضت على الأرض المجذوبة السائحة ألّا تشذ عن صف النجوم المقتدية بالشمس».

    نعم، إن الأرض مع قرينتها ﴿ قَالَتَٓا اَتَيْنَا طَٓائِع۪ينَ ﴾ (فصلت:١١) والطاعة في الجماعة أفضل.

    فتأمل الآن في هذه الأمثلة، فإن كل مثال يُريك مِن أمامه ومن خلفه مقاماتٍ، بحيث تبرز مقامات أخرى خلفها.

    المسألة السادسة

    إن ثمرات الكلام هي: المعاني المتولدة في صور متعددة والمتفجرة في طبقات متفاوتة.

    فكما هو معلوم لدى الكيمياويين: إن الذهب عند استحصاله، يمرر في أنابيبِ معامل متعددة ويرسب ترسبات مختلفة في طبقات متفاوتة ويشكل بأشكال متنوعة. وفي الختام يحصل على قسم من الذهب. كذلك الكلام الذي هو خريطة مختصرة أُخذت من صورة المعاني المتفاوتة، فالمفاهيم المتفاوتة تتشكل صورُها كالآتي:

    إنه باهتزاز قسم من أحاسيس القلب بتأثيرات خارجية تتولد الميول، وبتكّون معان هوائية منها وتعلّقها بنظر العقل توجِّه العقل إلى نفسها.. ثم بتكاثف قسم من ذلك المعنى البخاري يبقى قسم من الميول والتصورات معلقة.. ثم بتقطر قسم آخر يرغب فيه العقل.. ثم القسم المائع يتحصل منه ويُصلّب، فيضمه العقل ضمن الكلام.. ثم ذلك المتصلب لأنه يتجلى ويتمثل برسم خاص به، يُظهره العقل بكلام خاص حسب قامته المخصوصة.

    بمعنى أن المتشخص من المعنى يأخذه العقل ضمن صورة خاصة للكلام.

    وما لم يصلّب يسلّمه ليد الفحوى، وما لم يتحصل يحمله على إشارات الكلام وكيفياته، وما لم يتقطر يحيله إلى مستتبعات الكلام، وما لم يتبخر يربطه باهتزازات الأسلوب وأطوار المتكلم التي ترافق الكلام.

    ومن هذا النبع ينفجر مسمّى «الاسم»، ومعنى «الفعل»، ومدلول «الحرف» ومظروف «النظم»، ومفهوم «الهيئة»، ومرموز «الكيفية»، ومشار «المستتبعات» ومحرك «الأطوار المشايعة للخطاب» ومقصود «الدال بالعبارة» ومدلول «الدال بالاشارة» والمفهوم القياسي لـ«لدال بالفحوى» والمعنى الضروري لـ«لدال بالاقتضاء» وأمثالها من المفاهيم كل منها ينعقد في طبقة من طبقات هذه السلسلة.

    فإن اشتقت فتطلع في وجدانك تشاهد هذه المراتب، وذلك إذا ما ألقى محبوبك شعاع حسنه وبريقه من نافذة العين إلى الوجدان؛ فذلك العشق المسمى بالنار الموقدة، يحرق مباشرة الحسياتِ ويلهبها، فتتهيج الآمال والميول، فتثقب تلك الآمالُ مباشرة سقفَ ذلك الخيال الذي في الطبقة العليا، ويستغيث فتسعى إلى تلك الآمال الخيالاتُ الممسكة بيدها محاسنَ المحبوب أو المشبعة بمحاسن غيرها، فتهاجم معاً وتنطلق من تلك الخيالات إلى اللسان وتستردف ميل زلال الوصال، وتضع على يمينها آلام الفراق، وتضع في يسارها التعظيم والتأدب والاشتياق، وتضع أمامها محاسن المحبوب المقتضي للعطف والترحم، فتنشر تحية ثنائها، وتنظم قلائد مدحها، المتجلية من الكل بوصف الفضائل المستجلِب لزلال الوصال، المطفِئ للنار الموقدة على الأفئدة.

    فانظر كم من المعاني ترفع رأسها من غير الطبقات التي تعرفها.

    فإن لم تخف فانظر إلى وجدان كل من ابن الفارض وأبي الطيب المنبهر أكثر من عيونهما، وتأمل في ترجمان الوجدان في:

    غرستُ باللحـظ ورداً فوق وجنتها حقٌ لطرفيَ أن يجنِي الذي غرسا ([11])

    وأيضاً:

    فللعين والأحشاء أول هل أتى تلا عائدي الآسي وثالث تبت ([12])

    وأيضاً:

    صدٌّ حَمى ظمئي لُماكَ لماذا وهواك قلبي صار منه جُذاذاً ([13])

    وأيضاً:

    حشايَ على جَمر ذكيّ من الغضا وعينايَ في روضٍ من الحُسن ترتعُ ([14])

    فشاهد واستمع كيف أن عيونهم تتجول في جنة وسعيرُ وجدانهم تُعذِّب.

    ولقد بيّن الشعراء خيالات رقيقة جداً بالإشارة إلى محاسن المحبوب، وبالرمز إلى استغنائه، وبالإيماء إلى التألم من فراقه، وبالتصريح بالشوق إليه، وبالتلويح بطلب الوصال، وبالنص على الحسن الجالب للعطف.. مع ما يحرك الحسيات من أطوار.

    إشارة:

    كما يلزم في نظام أية دولة كانت، أن يكون أجر الموظف حسب وظيفته وبمقدار خدماته وعلى وفق قابليته واستعداده، كذلك يلزم تقسيم العناية وتوزيع الاهتمام توزيعاً عادلاً، بحيث تأخذ كلُّ معنى من المعاني المتزاحمةِ في مثل هذه المراتب المتفاوتة نصيبَه وحظه بنسبة قربه من مركز الغرض الكلي الذي سيق له الكلام، وبنسبة خدمته للمقصود الأساس، وذلك ليحصل بتلك المعادلـة: الانتظامُ، ومـن الانتظام: التناسبُ، ومن التناسب: حسن الوفاق، ومن حسن الوفاق: حُسنُ المعاشرة، ومن حسن المعاشرة: ميزان التعديل لكمال الكلام.

    وبخلاف هذا فإن مَن هو خادم وظيفةً وصبي طبعاً إذا دخل في مراتب كبيرة يتكبر فيفسد التناسب ويشوش المعاشرة. أي يلزم أخذ استعداد قيود الكلام بنظر الاعتبار.

    نعم، يجب أن يرفع مقام كل شيء بقدر استعداده؛ إذ العين والأنف وما شابههما من الأعضاء مهما كانت جميلة فإنها تتشوه إذا جاوزت الحد ولو كانت ذهباً.

    تنبيه:

    قد يذهب جندي بسيط إلى مواضع من العدو لاستكشاف مالا يقدر عليه المشير، أو يؤدي تلميذ صغير من العمل ما لا يؤديه عالم كبير، إذ الكبير لا يلزم أن يكون كبيراً في كل أمر، بل كلٌّ كبيرٌ في صنعته.

    وكذلك قد يترأس معنى صغيرٌ بين تلك المعاني المتزاحمة، فيأخذ قيمةً أعلى، لأن وظيفته ذات أهمية كما سنبينها.

    والذي يشير إلى تلك المعاني المتزاحمة، والمنارُ على قيمتها عدمُ صلاحية صريح الحكم المنصوص ولازمه القريب لسفارة الكلام وسَوقِ الخطاب وإرسالِ اللفظ لأجله؛

    إما لكونه بديهياً معلوماً مشهوداً.. أو خفيفاً وضعيفاً لا يُهتم به في الغرض الأساس.. أو لفقدان من يتقبله و يستمع إليه.. أو لا يوافق حال المتكلم ولا يفي بداعي الرغبة في التكلم.. أو لا يمتزج ولا يقبل الامتزاج مع شرف المخاطب ومنزلته.. أو يبدو غريباً في مقام الكلام وتوابع المستتبعات.. أو ليس له استعداد للحفاظ على الغرض وتهيئة لوازمه.

    بمعنى: أن كل مقام يستمع إلى سبب واحد من بين هذه الأسباب. ولكن لو اتحدت عموماً ترفع الكلام إلى أعلى طبقة.

    خاتمة:

    هناك معان معلقة، ليس لها شكل مخصوص ولا وطن معين. فهي كالمفتش الذي يمكنه الدخول إلى أية دائرة كانت، وبعضها يقلّد لفظاً خاصاً بها. هذه المعاني المعلقة قسم منها معان حرفية هوائية، قد تستتر في كلمة، أو يتشربها كلام أو تتداخل في جملة أو قصة، فإن عصرت تقطّر ذلك المعنى كالروح فيها كما في معاني «التحسر» و«الاشتياق» و«التمدح» و«التأسف» وغير ذلك.

    المسألة السابعة

    إن العقدة الحياتية للبلاغة، أو بتعبير آخر «فلسفة البيان» أو «حكمة الشعر» هي التمثل بنواميس الحقائق الخارجية ومقاييسها.

    أي تمكين قوانين الحقائق الخارجية في المعنويات والأحوال الشاعرة من حيث القياس التمثيلي وبطريق الدوران وبتصرف الوهم. أي أن البليغ يتمثل أشعة الحقائق المنعكسة من الخارج كالمرآة وكأنه يقلّد الخلقة ويحاكي الطبيعة بصنعته الخيالية وبنقش كلامه.

    نعم، لو لم تكن في الكلام حقيقة، ففي الأقل لابد فيه من شبيه للحقيقة وما يستمد من نظامها والتسنبل على نواتها. ولكن لكل حبة سنبلها الخاص فلا تتسنبل الحنطة شجرة.

    فإن لم تؤخذ فلسفة البيان بنظر الاعتبار، فالبلاغة تكون كالخرافة لا تغني السامعَ غير الحيرة.

    إشارة:

    إن للنحو فلسفته كما للبيان فلسفته. هذه الفلسفة تبين حكمة الواضع وهي مؤسسة على المناسبات المشهودة المشحونة بها كتب النحو؛ فمثلاً: لا يدخل عاملان على معمول واحد. وإن لفظ «هل» ما إن يرى الفعل إلّا ويطلب الوصال بلا صبر، وإن الفاعل قوي، والقويّ يضم الضمة لنفسه. فهذه وأمثالها نظائر القوانين الجارية في الكائنات وفي الخارج.

    تنبيه:

    إن هذه المناسبات النحوية والصرفية -التي هي حكمة الواضع- وإن كانت لا تبلغ درجة فلسفة البيان إلّا أن لها قيمة رفيعة جداً. فمثلاً: تتحول العلوم النقلية الثابتة بالاستقراء إلى صور العلوم العقلية.

    المسألة الثامنة

    إن تلقيح المعاني البيانية وتبادل مواضعها وانقلاباتها، إنما هو: بتشرب معنى الكلمة الحقيقي بغرض الكلام أو جذبه بمعنى من المعاني المعلقة إلى جوفه، وحالَمَا يدخل فيه يرجع المعنى إلى الحقيقة والأساس التي هي صاحب البيت. أما المعنى الذي هو صاحب اللفظ الأصلي فيرجع إلى صورة حياتية تمدّه، وتستمد من المستتبعات. هذا هو السر في وجود معان عدة لكلمة واحدة ومنه ينبع التلقيح والتبادل والانقلاب.

    فمن لم يفهم هذه النقطة فاتته بلاغة عظيمة.

    إشارة:

    وكم من شيء يُرْكَب عليه فيستحق لفظ «على»، ولكن ما إن يكون ظرفاً، فإنه يستدعي لفظ «في» كـ: «تجري في البحر».. أو آلةً فتستلزم لفظ «باء» كـ: «صعدت السطح بالسلم»، ولكن لكونها مكاناً أو مركوباً تقتضي أيضاً «في» و«على».. أو يكون غاية فيطلب «الى» و«حتى» ولكن لكونه علةً وظرفاً يناسبه «اللام» و«في» كـ ﴿ وَالشَّمْسُ تَجْر۪ي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ﴾. فقس.

    تنبيه:

    قَدِّم ضمن هذه المعاني المتداخلة وصرِّح ما كان أَمَسّ غرضك وأقرب رُحماً إلى القصد، وشيِّع الباقي وضمِّنه. وإلّا كان المعنى عرياناً عاطلاً من حلّة البيان.

    المسألة التاسعة

    إن أعلى مراتب الكلام وكمالِه الذي يُعجز الإرادة الجزئية والتصور البسيط للإنسان هو: تضمن الكلام واستعداده بتعدد المقاصد المتداخلة المتسلسلة، وبتسلسل المطالب المرتبطة المتناسلة، وباجتماع الأصول المولدة لنتيجة واحدة، وباستنباط الفروع الكثيرة المولدة لثمرات متباينة.

    وذلك: أن الذي يعطي الكلام عظمة وَسعةً هو: أن المقاصد القادمة من أبعد هدف وأعلاه -وهو مقصد المقاصد- يرتبط بعضها ببعض، ويكمل أحدها نقصان الآخر، ويؤدي الواحدُ منها حق جاره، حتى كأن وَضْعَ هذا في موضعه يمكّن الآخر في مكانه، ويقرّ الآخر في مستقره.. وهكذا كلٌّ يأخذ محله الملائم له؛ فتنصب تلك المقاصد في قَصْر الكلام المشيد بملاحظةِ نِسَب يمين هذا وشماله وكل جهاته، وكأن المتكلم استعار عقولاً إلى عقله للتعاون، وغدا كلُّ مقصد من تلك المقاصد جزءاً تشترك فيه التصاوير المتداخلة، بمثل ما إذا وَضع رسام نقطةً سوداء في صور متداخلة، فإنها تكون عين هذا ومنخر ذاك وفم هذا وشامة ذلك.. وهكذا ففي الكلام الرفيع نقاط أمثال هذه ..

    İkinci Nokta: Kıyas-ı mürekkeb ve müteşaab sırrıyla metalib tenasül edip teselsül etmektir. Güya mütekellim, o metalibin beka ve tenasülünün bir tarih-i tabiîsine işaret eder. Mesela, âlem güzeldir. Demek sâni’i, hakîmdir. Abes yaratmaz, israf etmez, istidadatı mühmel bırakmaz. Demek intizamı daima tekmil edecek. Ciğer-şikâf ve tahammülsûz ve emel öldürücü, bütün kemalâtı zîr ü zeber eden hicran-ı ebedî olan ademi, insana musallat etmez. Demek saadet-i ebediye olacaktır. Üçüncü Makale’nin ikinci şehadetinin mukaddimesinde nübüvvet-i mutlakanın mebhasında insanın hayvandan üçüncü cihet-i farkı, buna iyi bir misaldir.

    Üçüncü Nokta: Netice-i vâhideyi tenatüc eden usûl-ü müteaddideyi cem’ ve zikretmektir. Zira her bir aslın yüksek netice ile kasden ve bizzat irtibatı olmaz ise lâekall bir derece ihtizaza ve inkişafa getirir. Güya usûl denilen mezâhir ve âyinelerin ihtilafıyla ve netice ve mütecellinin vahdetiyle maksadın tecerrüdüne ve ulviyetine ve hayat-ı âlem denilen deveran-ı umumî tesmiye olunan hayat-ı külliye ile yâd edilen hakikatiyle kelâmın kuvve-i hayatiyesinin ittisaline işarettir. Üçüncü Makale’nin âhirindeki Üçüncü Maksat’ta olan Birinci Maksat buna bir derece misaldir. Hem de Üçüncü Makale’de Dördüncü Mesele ve Meslek’ten olan işaret ve irşad ve tenbih ve muhakeme buna misaldir.

    فَان۟ظُر۟ اِلٰى كَلَامِ الرَّح۟مٰنِ الَّذٖى عَلَّمَ ال۟قُر۟اٰنَ فَبِاَىِّ اٰيَاتِ رَبِّكَ لَا تَتَجَلّٰى هٰذِهِ ال۟حَقٖيقَةُ فَوَي۟لٌ حٖينَئِذٍ لِلظَّاهِرِيّٖينَ الَّذٖينَ يَح۟مِلُونَ مَا لَا يَف۟هَمُونَ عَلَى التَّك۟رَارِ

    Evet, Rabb-i İzzet’in kelâmına dikkat edilse bu hakikat her yerde nur gibi parlar. Evet, nur gibi köşelerinde ve mekatı’larında içtima edip zülâl-i belâgat fışkırıyor. Nefrin o zâhir-perestlere ki bu hakikatten gaflet edip tekrara hamlediyorlar.

    Dördüncü Nokta: Kelâmı öyle ifrağ etmek ve istidat vermektir ki: Pek çok füru’ların tohumlarını mutazammın ve pek çok ahkâma me’haz ve pek çok maânîye ve vücuh-u muhtelifeye delâlet etmektir. Güya bu istidadı tazammun ile kelâmın kuvve-i namiyesinin kuvvetine telvih eder ve hasılatının kesretini gösterir. Sanki o füru’ ve vücuhların mahşeri olan meselede cem’eder, tâ ki mezaya ve mehasinini muvazenet edip her bir fer’i bir garaza sevk ve her bir vechi bir vazifeye tayin eder.

    فَان۟ظُر۟ اِلٰى قِصَّةِ مُوسٰى فَاِنَّهَا اَج۟دٰى مِن۟ تَفَارٖيقِ ال۟عَصَا اَخَذَهَا ال۟قُر۟اٰنُ بِيَدِهَا ال۟بَي۟ضَاءِ فَخَرَّت۟ سَحَرَةُ ال۟بَيَانِ سَاجِدٖينَ لِبَلَاغَتِهٖ

    Evet, kıssa-i Musa meşhur darb-ı meseldeki tefariku’l-asâdan daha nâfi’dir. Nasıl o asâ ne kadar parçalansa yine bir işe yarar. Kıssa-i Musa dahi öyledir. Bu hâsiyetine binaendir ki Kur’an, yed-i beyza-i mu’cizü’l-beyaniyle o kıssayı aldı. Ve suver-i müteaddidede gösterdi. Her bir ciheti hüsn-ü istimal etti. Fenn-i beyanın seharesi, belâgatına secde ber zemin-i hayret ve muhabbet ettiler.

    Ey birader! Bu meselede olan hayal meyal belâgat, bu esalib ile sana öyle bir şecereyi tersim eder ki cesîm urûku müteşâbike, uzun boğumları mütenasika ve müteşaib dalları müteanika, meyve ve semeratı mütenevvia olan bir şecere-i hakikat sana tasvir eder. Eğer istersen Altıncı Mesele’ye temaşa et. Zira çendan müşevveş ise bir derece bu meselenin bir parçasına misal olabilir.

    Tenbih ve İ’tizar:

    Ey birader! Bilirim ki şu makale sana gayet muğlak görünüyor. Fakat ne çare, mukaddimenin şe’ni icmal ve îcazdır. Kütüb-ü selâsede sana tecelli edecektir.

    ONUNCU MESELE

    Kelâmın selaseti ise bir derece hissiyattan tafralık ve iştibak etmemek ve tabiatı taklit ve harice temessül ve mesîl-i garazda sedad ve maksat ve müstekarrın temeyyüzüdür. Şöyle ki:

    Kelâmda hissiyatta tamam olmadan çifte atmak, başkasıyla mezcetmek, selasetini tağyir eder. Ve nizamsız iştibaktan tevakki ve maânî-i müteselsileden tederrüc lâzımdır.

    Hem de sanat-ı hayaliyesiyle tabiata şakirdlik etmek gerektir. Tâ tabiatın kavanini onun sanatında in’ikas edebilsin.

    Hem de tasavvuratını öyle hariciyata muhâkî ve müşakil etmek lâzımdır. Faraza tasavvuratı dimağdan kaçıp hariçte tecessüm etseler hariç onları istilhak ve neseblerini inkâr etmesin ve desin: “Onlar benim.” veyahut “Keennehu” veyahut “Benim veledimdir.”

    Hem de garazın mesîlinde ve kasdın mecrasında teferruk etmemek için sedad etmek, çeleçepe (*[15]) temayül etmemektir. Tâ canibler garazın kuvvetini teşerrüb etmekle ehemmiyetsiz etmesin. Belki köşeler, tazammun ettikleri taravet ve letafetiyle zenav gibi garaza imdat ve kuvvet vermek gerektir.

    Hem de kasdın müstekarrı temeyyüz ve ağrazın mültekası taayyün etmek, selasetin selâmetine lâzımdır.

    ON BİRİNCİ MESELE

    Beyanın selâmet ve sıhhati ise hükmü, levazım ve mebâdisiyle ve âlât-ı müdafaasıyla ispat etmektir. Şöyle ki:

    Bir hükmün levazımını ihlâl etmemek, rahatlığını bozmamak ve nazara almak ve mebâdisinden istimdad-ı hayat etmek için müracaat etmek ve hücum eden evhamın itirazatına mukabele edecek sual-i mukaddere cevap olan kuyudatıyla tekallüd etmek gerektir. Demek, kelâm meyvedar bir ağaçtır. Cinayet ve ictinadan himayet etmek için dikenleri ve süngüleri dizilmişler.

    Güya o kelâm, birçok münazaratın neticesi ve pek çok muhakematın zübdesi olduğundan gayet ulvi olarak evhamın şeyatîni, istirak-ı sem’ edemezler; eğri nazar ile bakamazlar. Güya mütekellim altı cihetini nazara alıp etrafına bir sur çekmiştir. Yani mevzu veyahut mahmulü takyid ile veyahut tavsif ile veyahut başka cihetle vehmin hücumuna müsait noktalarda birer müdafi müheyya ederek, baştan aşağıya kadar mukadder suallere cevap hükmünde olan kuyudatıyla mücehhez etmektir.

    Eğer buna misal istersen şu kitap bitamamihî buna uzunca bir misaldir. Lâsiyyema Makale-i Sâlise en parlak bir misaldir.

    ON İKİNCİ MESELE

    Kelâmın selâmet ve rendeçlenmesi ve itidal-i mizacı ise her kaydın istihkak ve istidadına göre inayeti taksim ve hil’at-ı üslubu tevzi ve giydirmektir. Hem de hikâyette olursa mütekellim kendini mahkiyyun anh yerinde farz etmek gerektir. Şöyle:

    Eğer başkasının hissiyat ve efkârının tasvirinde ise mahkiyyun anh’a hulûl etmek ve onun kalbinde misafir olmak ve lisanıyla tekellüm etmek gerektir.

    Eğer kendi malında tasarruf etse alâmet-i kıymet olan itibar ve ihtimamın taksiminde her kaydın istihkak ve istidat ve rütbesini nazara almak ile taksiminde adalet ve üsluplarda istidadın kametine göre kesmektir. Tâ her bir maksat onun münasibinde olan üsluptan cilveger olabilsin. Zira üslubun esasları üçtür:

    Birincisi: Üslub-u mücerreddir. Seyyid Şerif’in ve Nasîruddin-i Tûsî’nin sade olan ma’rez-i kelâmları gibi…

    İkincisi: Üslub-u müzeyyendir. Abdülkahir’in “Delailü’l-İ’caz” ve “Esrarü’l-Belâgat”taki müşa’şa ve parlak kelâmı gibi…

    Üçüncüsü: Üslub-u âlîdir. Sekkakî ve Zemahşerî ve İbn-i Sina’nın bazı muhteşem kelâmları gibi… Veyahut şu kitabın mealindeki Arabiyyü’l-ibare, lâsiyyema Makale-i Sâlise’deki müşevveş fakat muhkem parçaları gibi… Zira mevzuun ulviyeti şu kitabı üslub-u âlîye ifrağ etmiştir. Yoksa benim sanatımın tesiri cüz’îdir.

    Elhasıl: Eğer ilahiyat ve usûlün bahis ve tasvirinde isen şiddet ve kuvvet ve heybeti tazammun eden üslub-u âlîden ayrılmamak gerektir.

    Eğer hitabiyat ve iknaiyatta isen, ziynet ve parlaklık ve tergib ve terhibi tazammun eden üslub-u müzeyyeni elinden gelirse elden bırakma. Fakat gösteriş ve tasannu ve avam-perestane nümayiş etmemek gerektir.

    Eğer muamelat ve muhaverat ve âlet olan ilimlerde isen vefa ve ihtisar ve selâmet ve selaset ve tabiîliği tekeffül eden ve sadeliğiyle cemal-i zatiyeyi gösteren üslub-u mücerrede iktisar et.

    Bu meselenin hâtimesi:

    Kelâmın kanaat ve istiğnası ve asabiyeti ise makamın haricinde üslubu aramamaktır. Şöyle ki:

    Mananın kametine göre bir üslubu kestirmek istediğin vakit, dâhil-i makamda olan menbadan ve mevzuun fabrikasından lâekall kelâmın tazammun ettiği mevzuun veya kıssatın veya sanatın levazımının parça parçasından ve tevabiinin kıta kıtasından bir üslubu dikmek, zaruret olmadan harice medd-i nazar etmemek, tabir hata olmasa harice boykotaj etmek ile elbette kelâmın kuvveti tezayüd ettiği gibi servetin dağılmamasına en büyük esastır.

    Demek mana ve makam ve sanat ise kelâmın delâlet-i vaz’iyesine yardım edebilir. Nasıl kelâm, delâlet-i vaz’iye ile manayı gösterir, öyle de böyle üslup ise tabiatıyla manaya işaret eder. Eğer bir numune istersen Dokuzuncu Mesele’deki Arabî parçalarına bak. İşte:

    فَان۟ظُر۟ اِلٰى كَلَامِ الرَّح۟مٰنِ الَّذٖى عَلَّمَ ال۟قُر۟اٰنَ فَبِاَىِّ اٰيَاتِ رَبِّكَ لَا تَتَجَلّٰى هٰذِهِ ال۟حَقٖيقَةُ فَوَي۟لٌ حٖينَئِذٍ لِلظَّاهِرِيّٖينَ الَّذٖينَ يَح۟مِلُونَ مَا لَا يَف۟هَمُونَ عَلَى التَّك۟رَارِ فَاِن۟ شِئ۟تَ فَان۟ظُر۟ اِلٰى قِصَّةِ مُوسٰى فَاِنَّهَا اَج۟دٰى مِن۟ تَفَارٖيقِ ال۟عَصَا اَخَذَهَا ال۟قُر۟اٰنُ بِال۟يَدِ ال۟بَي۟ضَاءِ فَخَرَّت۟ سَحَرَةُ ال۟بَيَانِ مَحَبَّةً وَحَي۟رَةً سَاجِدٖينَ لِبَلَاغَتِهٖ

    Eğer istersen ulûm-u âliyenin ( اٰلِيَه ) kitaplarının dibacelerine bak. Eğer çendan o dibacelerde şu sanat-ı belâgat çok dakik ve latîf olmazsa da fakat ondaki beraatü’l-istihlal, bu hakikate bir beraatü’l-istihlaldir. Hem de şu kitabın dibacesinde mu’cizata işaret yolunda Peygamberimizin zatı, nübüvvetine mu’cize gösterilmiştir. Hem de Üçüncü Makale’nin dibacesinde kelime-i şehadetin iki cümlesi birbirine şahit gösterilmiştir. Hem de Yedinci Mukaddime’de, inşikak-ı kamere yere inmeyi ilâve edenlere denilmiş: Mu’cizenin kamerini münhasif ve şems gibi bürhan-ı nübüvveti Süha gibi mahfî olmasına sebep oldunuz.

    Buna kıyasen şu hakikate, şu kitapta birçok numune bulabilirsin. Zira bu kitabın mesleği, benim gibi harice boykotajdır. Hattâ zaruret olmazsa efkâr ve mesailde ve misallerde ve esalibde harice boykotaj etmektir. Fakat tevafuk-u hatır olabilir. Zira hakikat birdir. Hangi kapı ile girsen aynını göreceksin.

    Hâtime

    “Söylenene bak, söyleyene bakma.” söylenilmiştir. Fakat ben derim: “Kim söylemiş? Kime söylemiş? Ne içinde söylemiş? Ne için söylemiş?” Söylediği sözü gibi dikkat etmek, belâgat nokta-i nazarından lâzımdır belki elzemdir.

    İşaret:

    Malûm olsun ki fenn-i maânî ve beyanın mezayasının belâgatça mühim bir şartı, kasden ve amden garazın cihetine emarat ile işaret ve alâmatın nasbıyla kasd ve amdini göstermektir. Zira onda tesadüf bir para etmez.

    Fenn-i bedî’in ve tezyinat-ı lafziyenin şartı ise tesadüf ve adem-i kasddır. Veyahut tesadüfî gibi tabiat-ı manaya yakın olmaktır.

    Telvih:

    Pûşide olmasın ki tabiata ve hakikat-i hariciyeye delâlet eden ve hükm-ü zihnîyi kanun-u haricî ile rabteden, tabir caiz ise perdeyi delerek altındaki hakkı gösteren âletlerin en sekkabı اِنَّ -i tahkikiyedir. Evet, şu اِنَّ nin şu hâsiyetine binaendir ki Kur’an’da kesretle istimal olunmuştur.

    Tenbih:

    Ey birader! Bu makaledeki kavanin-i latîfe şu perişan esalibden teberri ve nefret etmesi seni tağlit etmesin. Mesela “Eğer bu kanunlar iyi olsaydılar, onları vaz’edene iyi bir ders-i belâgatı verecekler idi. Hem de güzel bir üslubu giyecekler idi. Halbuki onları vaz’eden ise ümmidir. Üslupları dahi perişandır.” gibi bir vehme zâhib olma.

    Yahu! Bu vehme ehemmiyet verme. Zira bir fende her bir ilim sahibi onda sanatkâr olmak lâzım gelmez. Hem de ile’l-merkeziye olan kuvve-i cazibe, ani’l-merkeziye olan kuvve-i dâfiaya galiptir. Çünkü kulağın dimağa karabeti ve akıl ile sıla-i rahmi vardır. Halbuki maden-i kelâm olan kalp ise lisandan uzak ve ecnebidir. Ve hem de çok defa lisan, kalbin dilini tamamen anlamıyor. Lâsiyyema kalp bazen meselenin derin yerlerinden –kuyu dibinde gibi– bir tın tın eder ise lisan işitemez, nasıl tercümanlık edecektir?

    Elhasıl: Fehim ifhamdan daha esheldir vesselâm!

    İ’tizar

    Ey şu dar ve ince ve karanlık olan yolda benim ile arkadaşlık eden sabırlı ve metanetli zat! Zannediyorum bu İkinci Makale’de yalnız hayretle seyirci oldun, müstemi olmadın. Çünkü anlamadın. Hakkınız var. Zira mesail gayet derin ve ırkları uzun ve ibare ise gayet muhtasar ve muğlak ve Türkçem de epeyce noksan ve müşevveş ve vaktim dahi dar, ben de acele, sıhhatim muhtel, başım nezlelidir. Şu karışık zeminde ancak şöyle bir varak-pare çıkabilir.

    وَال۟عُذ۟رُ عِن۟دَ كِرَامِ النَّاسِ مَق۟بُولٌ

    Ey birader!

    “Unsur-u Hakikat”ı kübra gibi ve “Unsur-u Belâgat”ı suğra gibi mezcet. Elektrik şuâı gibi olan hads-i sadıkı geçir. Tâ gayet hararetli ve parlak ziyalı olan “Unsur-u Akide”yi netice vermek için senin zihnine istidadat verebilsin.

    İşte “Unsur-u Akide”yi Üçüncü Makale’de arayacağız.

    İşte başlıyorum: “Nahu”… (*[16])

    1. لابن المعتز (دلائل الإعجاز ٦١) وفي ديوان ابن المعتز: تُجاذبني الأطراف بالوصل والقلى..ص٢٢٦.
    2. لأبي الطيب المتنبي  في ديوانه ١/ ٢٦٣.
    3. لم ينسب إلى قائله: انظر تفسير الآلوسي ٨/ ٤١٧؛ البحر المديد لابن عجيبة ٤/ ١١٣؛ البرهان للزركشي ٢/ ١٦٠.
    4. ﴿ وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَٓا اِنَّا كُنَّا ظَالِم۪ينَ ﴾ (الأنبياء:٤٦)
    5. قول ابن المعتز (أسرار البلاغة ٣٢٢).
    6. وفـي رواية الـديوان: فلا يؤرقك إيماض القتير... والقتير: الشـيب. والبيت للطائي الكبير يمدح الحسن بن سهل.
    7. قاله ابن نباتة السعدي في وصف فرس أهداه إياه سيف الدولة. (انظر الديوان ١/ ٢٧٣ وأسرار البلاغة ٣٢٥).
    8. للشاعر صريع الغواني (ت ٢٠٨هـ/ ٨٢٣م)  مسلم بن الوليد الأنصاري؛ انظر: العاملي، الكشكول، ١٥٩. وأسامة بن منقذ، البديع في نقد الشعر ١/ ٤٥.
    9. صحراء الغبيط: الحزن، وهي أرض بني يربوع. بعاعه: ثقله، وما معه من متاع. والمعنى: أرسل السحاب ماءه وثقله كهذا التاجر اليماني حين ألقى متاعه في الأرض ونشر ثيابه، فكان بعضها أحمر وبعضها أصفر وبعضها أخضر، كذلك ما أخرج المطر من النبات والزهر فألوانه مختلفة كاختلاف ألوان الثياب اليمانية (شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات لابن الأنباري. تحقيق: عبد السلام هارون - دار المعارف ص١٠٨)
    10. في ديوان الطغرائي: غاض الوفاء... الخ (الغيث المسجم في شرح لامية العجم ٢/ ٣٤٣ شرح صلاح الصفدي، دار الكتب العلمية بيروت ١٩٧٥).
    11. وفي رواية ديوان لابن الفارض: غرست باللحظ ورداً فوق وجنته... ص١٧٧ دار صادر، بيروت.
    12. أول هل أتى: أراد به سورة من القرآن الكريم أولها (هل أتى...) تلا: من التلاوة، والقراءة. وثالث تبت: أراد بها ثالث لفظة من سورة (تبت يدا أبى لهب...) وهي: أبو لهب. يريد الشاعر: أنه أصبح كأنه لم يكن شيئاً مذكوراً، وصارت أحشاؤه تكنى بأبي لهب، لشدة اشتعالها بنار الوجد (ص٤٢ من الديوان).
    13. الصدّ: الإعراض. حمى: منع. لُماك: سمرةُ شفتيك. وهواك: أي قَسَماً بهواك. منه: أي من صدك. جذاذاً: قِطَعاً.
    14. وفي رواية ديوان المتنبي: حشاي على جمر ذكيٍ من الهوى...
    15. * Bu kelime Kürtçedir.
    16. * Kürtçedir.