الشعاع الثاني
الثمرة الأخيرة لسجن «أسكي شــهر»
الشعاع الثاني للمعة الحادية والثلاثين
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد شاب هذا الشعاعَ شيءٌ من عدم التناسق وسوءِ الانتظام حيث أُلّف بقلمي القاصر في منتهى السرعة، وفي وضع كنت أُكابد فيه الضيقَ والعنت والإزعاج، بعدما بتّ وحيدا فريدا في سجن «أسكي شهر» عقب الإفراج عن أصدقائي.
وفي هذه الأيام (أي بعد ستة عشر عاما) ([1]) شرعتُ بتصحيحه، ووجدتُه في غاية الأهمية والقوة والقيمة من زاوية الإيمان والتوحيد.
سعيد النورسي
النكتة السابعة العظمى الخاصة بالاسم الأعظم «الله أحد».
وهي السابعة للنكات الست للاسم الأعظم.
تنبيه
هذه الرسالة في غاية الأهمية في نظري، حيث تنكشف فيها أسرارٌ إيمانية جليلة ومعانٍ إيمانيةٌ دقيقة. فمن يقرأها بتدبر وإمعان ينقذ إيمانَه بإذن الله. وحيث لا ألتقي أحدا مع الأسف في هذا السجن لم تبيَّض ولم تُكتب ثانية ولم أتمكن من أن أكلف أحدا للقيام بتبييضها.
فإن شئتَ أن تلمس مدى قيمة هذه الرسالة وعلو مزيّتها فاقرأ أولا الثمرةَ الثانية والثالثة الموجودتين في بداية الرسالة، ثم اقرأ الخاتمة والمسألة التي قبلها بدقة، ثم طالع الرسالة كاملة مطالعة متأنية.
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ
وبه نستعين
لقد أحسستُ بهذه النكتة إحساسا لطيفا غايةَ اللطف وجميلا غاية الجمال وحلوا لذيذا غاية الحلاوة واللذة، وذلك بفيض أنوار نكتةٍ باهرةٍ مُفاضةٍ من الآية الكريمة: ﴿ فَاعْلَمْ اَنَّهُ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا اللّٰهُ ﴾ (محمد : ١٩) وبإلهام وإشارة من قَسَم نبوي معروف.
هذه النكتة تضم ثلاثَ ثمرات للتوحيد، وثلاثةً من مقتضياته، وثلاثا من حججه.
نعم، لقد كان الرسول الأكرم ﷺ أكثر ما يكرره في قَسَمِهِ: «والذي نفسُ محمدٍ بيده..» ([2]) فهذا القَسَم النبوي الجليل يبين أن أوسعَ دائرة من دوائر شجرة الكون، وأقصى نهاية لها وأبعدَ فرع من فروعها هي أيضا ضمن قدرة الواحد الأحد سبحانه وتحت إرادته جلّ وعلا، إذ لو كان أفضلُ مخلوق وأكرمُهم وهو محمد ﷺ غيرَ مالك لنفسه وغيرَ حرّ طليقٍ في أفعاله، بل أفعالُه وحركاته وسكناته مقيدةٌ بإرادة غير إرادته واختياره، فلا شيءَ إذن في الوجود، ولا شأنَ ولا حال ولا كيفيةَ مهما كانت جزئيةً أم كلية، خارجَ دائرة تلك القدرة العظيمة المحيطة بكل شيء، ولا خارجَ تلك الإرادة الشاملة كلَ شيء. فهذا القَسَم النبوي البليغ ذو المغزى العميق إنما يعبّر عن توحيدِ ربوبية جليلة في منتهى العظمة والإحاطة.
نعم، لقد كان الرسول الأكرم ﷺ أكثر ما يكرره في قَسَمِهِ: «والذي نفسُ محمدٍ بيده..» ([3]) فهذا القَسَم النبوي الجليل يبين أن أوسعَ دائرة من دوائر شجرة الكون، وأقصى نهاية لها وأبعدَ فرع من فروعها هي أيضا ضمن قدرة الواحد الأحد سبحانه وتحت إرادته جلّ وعلا، إذ لو كان أفضلُ مخلوق وأكرمُهم وهو محمد ﷺ غيرَ مالك لنفسه وغيرَ حرّ طليقٍ في أفعاله، بل أفعالُه وحركاته وسكناته مقيدةٌ بإرادة غير إرادته واختياره، فلا شيءَ إذن في الوجود، ولا شأنَ ولا حال ولا كيفيةَ مهما كانت جزئيةً أم كلية، خارجَ دائرة تلك القدرة العظيمة المحيطة بكل شيء، ولا خارجَ تلك الإرادة الشاملة كلَ شيء. فهذا القَسَم النبوي البليغ ذو المغزى العميق إنما يعبّر عن توحيدِ ربوبية جليلة في منتهى العظمة والإحاطة.
ولقد بيّنّا في مجموعة «سراج النور» ([4]) من رسائل النور، مائةً من البراهين الباهرة، بل ألفا منها حول إثبات هذا التوحيد، لذا نحيل تفاصيلَ هذه الحقيقة السامية وإثباتَها إلى تلك المجموعة. إلّا أننا نوضح هنا في هذا «الشعاع الثاني» توضيحا مختصرا تلك الحقيقةَ الإيمانية الجليلة في ثلاثة مقامات:
ففي المقام الأول: نبين ثلاثَ ثمرات من الثمرات الوفيرة، لتلك الحقيقة التوحيدية التي لها ثمرات كلية في غاية اللطف واللذة والأهمية والنور. نبينها باختصار شديد، مع الإشارة إلى أذواقي ومشاعري التي ساقتني إلى تناول تلك الثمرات.
وفي المقام الثاني: تُوضَّح مقتضياتٌ ثلاثةٌ لهذه الحقيقة السامية، والأسبابُ الموجبة لها، فهي مقتضيات ثلاثة إلّا أنها بقوة ثلاثة آلاف مقتضىً وسبب.
وفي المقام الثالث: يُذكر ثلاثُ علامات لتلك الحقيقة التوحيدية الباهرة، فهي علاماتٌ ثلاث إلّا أنها بقوة ثلاثمائة علامة وأمارة ودليل.
المقام الأول
الثمرة الأولى
إن الجمال الإلهي والكمال الرباني يَظهران في التوحيد وفي الوحدانية، ولولا التوحيد لظل ذلك الكنـز الأزلي مخفيا.
نعم، إن الجمال الإلهي وكمالَه الذي لا يحد، والحسنَ الرباني ومحاسنه التي لا نهاية لها، والبهاءَ الرحماني وآلاءه التي لا تُعد ولا تحصى، والكمالَ الصمداني وجماله الذي لا منتهى له، لا يشاهَد إلّا في مرآة التوحيد؛ بوساطة التوحيد ونور تجليات الأسماء الإلهية المتمركزة في ملامح الجزئيات الموجودة في أقصى نهايات شجرة الكائنات.
فمثلا: إن إرسالَ اللبن الخالص السائغ إلى رضيعٍ صغير لا يملك حولا ولا قوة- ومن حيث لا يحتسب- من بين فرث ودم، فعلٌ جزئي. هذا الفعل الجزئي ما إن يُنظَر إليه بنظر التوحيد حتى يظهر الجمال السرمدي لرحمة الرحمن بأبهى كماله وبأجلى سطوعه في إعاشة جميع الصغار في العالم إعاشةً خارقة، وفي إحاطتهم بمنتهى الشفقة والحنان، بتسخيرِ والداتهم لهم. ولكن هذا الفعل، فعلَ إرسال اللبن إن لم يُنظر إليه بنظر التوحيد، لاختفى ذلك الجمالُ الباهر كليا ولما ظهر قطعا، إذ تُحال تلك الإعاشة الجزئية كذلك إلى الأسباب والمصادفة والطبيعة، فتفقد قيمتَها كليا بل تفقد ماهيتها.
ومثلا: ما إن يُنظر إلى الشفاء من مرض عضال، بنظر التوحيد حتى يتجلى جمالُ شفقة الرحيم تجليا باهرا كاملا على وجه إحسانِ الشفاء إلى جميع المرضى الراقدين في المستشفى الكبير المسمى بالأرض وإسعافِهم بأدوية ناجعة وإغاثتهم بعلاجاتٍ شافية تؤخذ من الصيدلية العظمى المسماة بالعالم. ولكن هذا الفعل الجزئي -منحة الشفاء- المتّسم بالعلم والبصيرة والشعور إن لم يُنظر إليه بنظر التوحيد، فإن الشفاء يُسند إلى خاصيات الأدوية الجامدة وإلى القوة العمياء والطبيعة الصماء. فتفقد تلك المنحةُ الرحمانية ماهيتَها وحكمتَها وقيمتها كليا.
ولمناسبة هذا المقام وردت إلى الخاطر نكتةٌ لطيفة من نكات الصلوات على الرسول الكريم ﷺ أُبيّنها هنا:
إن الصلوات الآتية مشهورة ومذكورة كثيرا لدى الشافعية، فهم يقرؤونها عقب أذكار الصلاة: «اللهم صلّ على سيدنا محمدٍ وعلى آل سيدنا محمدٍ بعدد كل داء ودواء وبارِكْ وسلِّم عليه وعليهم كثيرا كثيرا».
هذه الصلوات المباركة تَحوز أهميةً عظيمة؛ لأن حكمةَ خلق الإنسان وسرَّ جامعية استعداده هو الالتجاءُ إلى خالقه الكريم والتضرعُ إليه والقيامُ بحمده والشكر له، في كل وقت وحين، بل في كل دقيقة وآن، لذا فإن أقوى دافع مؤثر وسائق فعّال يحث الإنسانَ إلى الالتجاء إلى الحضرة الإلهية ويسوقه إليها هو الأمراضُ والأسقام، مثلما أن أنواع الشفاء وأجناسَ الأدوية وألوانَ العافية والمعافاة هي في مقدمة النعم اللذيذة والآلاء الطيبة التي تَبعث في الإنسان الشكرَ لله بشوق كامل وتدفعُه إلى الحمد والامتنان له بكامل معانيهما. ولأجل كل ذلك غدت هذه الصلواتُ الشريفة على الرسول الكريم ﷺ ذاتَ قيمة رفيعة ومغزى عميق.
حتى إنني كلما قلت: «بعدد كلِ داء ودواء» شعرت بجلاء تام بوجود الشافي الحقيقي وبشفقته الكاملة ورأفته التامة وبرحيميته السامية الواسعة في إحسانه الأدويةَ والعلاجات على جميع الأمراض المادية والأسقام المعنوية في أرجاء الأرض كافة التي أتصورها مستشفىً واسعا كبيرا.
ومثلا: إن إنزال سكينة الإيمان في قلب مَن يعاني آلاما معنوية رهيبة للضلالة إذا ما نُظر إليه بنظر التوحيد، يجعل ذلك الشخصَ الفرد العاجز الفاني عبدا مخاطبا لمعبوده العظيم، سلطانِ الكون ورب العالمين، ويمنح له بذلك الإيمانِ سعادةً أبدية ومُلكا خالدا جميلا في منتهى السعة والجمال ودارا باقية خالدة، بل يجعل جميع المؤمنين -كل حسب درجته- ينالون من ذلك اللطف العميم والكرم الدائم.. وهكذا يشاهَد في وجه هذا الإحسان الأعظم بل يُطالَع في سيماه جمالُ الكريم المطلق والمحسن المطلق، ذلك الجمالُ الأزلي الأبدي الذي لا يدنو منه الزوالُ والفناء، بل تجعل لمعةٌ من لمعاته الباهرة المؤمنينَ كافة في ولاءٍ لله وفي طاعة لأوامره، بل تجعل قسما منهم منجذبين إليه عُشاقا مولّهين. بينما إنْ لم يُنظَر إلى هذا الإحسان -إحسانِ الهداية لذلك الشخص- بنظر التوحيد، فإن ذلك الإيمان الجزئي لذلك الفرد يُحال إلى الإنسان نفسه -كما يدّعيه المعتزلة المتعسفون- أو إلى بعض الأسباب، فتنقلب تلك الجوهرةُ الرحمانية الغالية -التي لا تُثمَّن قيمتُها إلّا بالجنة الخالدة- إلى قطعة زجاج خسيسة تافهة بعد أن كانت تؤدي وظيفةَ مرآة تعكس لمعةَ جمال مقدس.
وهكذا قياسا على هذه الأمثلة الثلاثة.. فإن الألوفَ من أنواع الجمال الإلهي ومئاتِ الألوف من أضراب الكمال الرباني، تَظهر، وتُفهم، ويثبُت تحققُها من زاوية نظر التوحيد، وذلك بتمركز تلك الأنماط من الجمال الإلهي والكمال الرباني في تلك الأحوال الجزئية لأصغر الجزئيات التي هي في منتهى أقاصي دائرة الكثرة من الموجودات. فظهور هذا الجمال الإلهي وكمالُه للقلوب بالتوحيد، والاستشعارُ بهما روحا، هو الذي دفع جميعَ الأولياء والأصفياء أن يتلمسوا أحلى أذواقهم وألذَّ أرزاقهم المعنوية في ذكرِ وتكرار كلمة التوحيد، وهي: «لا إله إلّا الله».
وحيث إن عظمةَ الكبرياء الإلهي والجلالَ السبحاني وهيبةَ الربوبية الصمدانية تتحقق في كلمة التوحيد فقد قال النبي ﷺ:
«أفضلُ ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلّا الله». ([5])
نعم، إن ثمرةً واحدة، وزهرة واحدة، وضياءً واحدا، كلٌ منها يعكس كالمرآة الصغيرة رزقا بسيطا، ونعمة جزئية وإحسانا بسيطا. ولكن بسر التوحيد تتكاتف تلك المرايا الصغيرة مع مثيلاتها مباشرة، ويتصل بعضُها بالبعض الآخر، حتى يصبح ذلك النوعُ مرآةً واسعة كبيرة جدا تعكس ضرباً من جمالٍ إلهيّ يتجلى تجليا خاصا بذلك النوع. فيُظهِر سرُّ التوحيد حسنا سرمديا باقيا من خلال ذلك الجمال الفاني الموقت، بمعنى أن ذلك الشيء الجزئي يتحول بسر التوحيد إلى مرآة الجمال الإلهي، كما قال «مولانا جلال الدين الرومي»(∗):
آن خيالاتي كه دام أولياست ; عكس مهرويان بوستان خداست ([6])
بينما إنْ لم يُنظَر إلى ذلك الجمال بنظر التوحيد، أي لولا سرُّ التوحيد، لظلت تلك الثمرةُ الجزئية سائبةً، وحيدة فريدة معزولة عن مثيلاتها، فلا يظهر ذلك الجمالُ المقدس ولا يَبِين ذلك الكمال الرفيع، بل تنكسف حتى تلك اللمعةُ الجزئية المتلمعة منها، وتَضيع وتنتكس منقلبةً على عقبيها من نفاسة الألماس الثمين إلى خساسة قِطَع الزجاج المتكسر.
وكذا يظهر بسر التوحيد في ذوي الحياة تلك الثمار المتدلية من شجرة الخلقة، شخصيةٌ إلهية، وأحديةٌ ربانية، وسيماءٌ معنوي رحماني -باعتبار الصفات السبع- وتمركزٌ أسمائيّ، وجلوةُ تعيّنٍ وتشخصٍ لمن هو المخاطَب بـ ﴿ اِيَّاكَ نَعْبُدُ وَاِيَّاكَ نَسْتَع۪ينُ ﴾ (الفاتحة:٥). وبخلافه (أي دون سر التوحيد) فإن جلوةَ تلك الشخصية والأحدية والسيماء والتعيّن تتوسع وتتوسع منبسطة حتى تتسع سعة الكون برمته، فتتلاشى وتختفي، ولا تظهر إلّا للقلوب البصيرة والبصائر الواسعة جدا والمحيطة جدا؛ لأن عظمةَ الكبرياء تسدل ستارا دونه فلا يراه قلبُ كل فرد.
وكذا يُفهم بوضوح تام بسر التوحيد في تلك الأحياء الجزئية؛ أن صانعَها يراها ويعلم بحالها ويسمع نداءها ويصوّرها كيف يشاء. فيَظهر لبصيرة الإيمان وراء مصنوعية الكائن الحي، تشخصٌ معنوي وتعينٌ معنوي لمقتدر مختار سميع عليم بصير. وبخاصة وراء مخلوقية الإنسان -من بين ذوي الحياة- يُشاهَد بالإيمان وبسر التوحيد وبوضوح تام ذلك التشخصُ المعنوي والتعين السامي. لأن في الإنسان نماذجَ أُسسِ ذلك التشخص، تشخصِ الأحدية، وهي العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر وأمثالُها من المعاني، فتشير تلك النماذجُ إلى تلك الأسس، إذ الذي شقَّ البصر -مثلا- يرى البصرَ ويرى كذلك ما يراه البصرُ -وهو معنىً دقيق- ثم يمنح البصرَ. نعم، إن صاحب النظارات الذي يصنع لعينك نظارةً يرى ملاءَمةَ النظارة لعينك ثم يصنعها لك. وكذا الذي شقَّ السمعَ لا شك أنه يسمع ما تسمعه الأذن ثم يخلقها ويمنحها الإنسانَ. وهكذا قِس بقية الصفات على هذه.
وكذا في الإنسان نقوشُ الأسماء الحسنى وتجلياتها، فهو بهذه النقوش والجلوات يشهد على تلك المعاني المقدسة.
وكذا الإنسان بضعفه وعجزه وفقره وجهله يؤدي وظيفةَ المرآة -بشكل آخر- إذ يشهد بها على صفاتِ مَن يرحم ضعفَه وفقرَه، ومَـن يمدّ عجزَه. أي يشهد على قدرته جلَّ وعلا وعلى علمه وعلى إرادته، وهكذا على سائر صفاته الجليلة.
فبسر التوحيد إذن يتمركز ألفُ اسم واسم من الأسماء الحسنى في منتهى دائرة الكثرة وفي أكثر جزئياتها تشتتا، تتمركز في الرسائل الصغيرة المسماة بذوي الحياة، وتُقرأ بسر التوحيد بوضوح وجلاء، لذا فإن ذلك الصانع الحكيم يُكثر من نُسخ ذوي الحياة بكثرة كاثرة، ولاسيما طوائف صغارها يُكثرها بأشكالٍ شتى وينشرها إلى الأرجاء كافة.
إن الذي ساقني إلى حقيقة هذه الثمرة الأولى وأوصلني إليها هو استشعارٌ ذوقي يخصني، وهو على النحو الآتي:
لقد كنتُ أتألم لحال ذوي الحياة، ولاسيما لذوي الشعور منها، وبالأخص لحال الإنسان، وبخاصة المظلومين والمبتلِين بالمصائب منهم، لِما أحملُ من عطفٍ متزايد وشفقة مفرطة، فكانت أحوالُهم تمسّ عطفي وتثير شفقتي وتُوجع قلبي وتعصره.
فكنت أقول من أعماق قلبي: «إن القوانين المطّردة الساريةَ في العالم لا تسمع ما يعانيه هؤلاء البائسون الضعفاء العاجزون، وإن تلك العناصر والحوادث الصماء المستولية لا تسمع أنينَهم، أليس من أحدٍ يتدخل في شؤونهم الخاصة رحمةً بهم ورأفةً بأحوالهم التي يُرثى لها؟» فكانت روحي تصرخ من الأعماق. وكذا، «أليس من مالكٍ حقيقي ومولى كريم يرعى ويتولى أولئك العبيد الرائعين في الحسن وتلك الأموال القيمة الثمينة جدا، وهؤلاء الأحباب الأودّاء المشتاقين الممتنّين كثيرا؟» نعم، كان قلبي يصرخ بهذا بكل ما أوتى من قوة.
أما الجواب الكافي الوافي الذي يبعث الاطمئنان والسكينةَ والقناعة التامة ويهدئ استغاثة روحي وصراخَ قلبي فهو: أن أولئك العبيد المحبوبين الذين يئنّون تحت ضغوط القوانين العامة للرحمن الرحيم ذي الجلال، ويستغيثون تحت ضربات الحادثات وهجومها، يمنحهم سبحانه بسرّ التوحيد ما هو فوق تلك القوانين من إحسانات خصوصية وإمدادات خاصة وربوبية مخصوصة مباشرة لكل شيء، ويدبّر سبحانه أمورَ كل شيء بذاته الجليلة. ويستمع إلى شكاوى كلِ ذي مصيبة، وهو المالك الحقيقي لكل شيء ومولاه الحق.
فمذ عرفتُ هذا السر من القرآن ونور الإيمان شعرتُ بسرور يملأ كياني كلَه، وولّى عني ذلك اليأسُ القاتم.
وقد اكتسب في نظري كلُ كائن حي -من حيث انتسابه إلى المالك الجليل وعبديته له- ألوفَ الدرجات الراقية من الأهمية والقيمة، لأن كلَ أحد يفتخر ويزهو بشرف سيدِه وبمقامِ من ينتسب إليه ويعتزّ بشهرته وصِيته، مما يولِّد عزةً وفخرا لديه. فلا شك أن نورَ الإيمان الذي بسط ذلك الانتساب والعبدية هو الذي يجعل النمل يغلب فرعونا بقوة ذلك الانتساب، بل له أن يفتخر بذلك الانتساب فخرا يفوق ألفَ مرة فخرَ فرعون السادرِ في الغفلة الظانِّ نفسَه حرا سائبا، يفتخر بأجداده الفراعنة وبمُلك مصر، ذلك الفخر الذي ينكسف لدى باب القبر. وكذا البعوض يستطيع -بإراءة شرف انتسابه- إزالةَ فخرَ نمرود الذي انقلب في سكراته إلى خجل وعذاب.
وهكذا تُعلِّمنا الآيةُ الكريمة: ﴿ اِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظ۪يمٌ ﴾ (لقمان : ١٣) أنَّ الشرك يحمل ظلما فاضحا، لأنه جريمةٌ عظيمة نكراء لتعدّيه على حقوق كل مخلوق وإهانته لشرفه وكرامته. ولا يطهّر هذه الجريمة -جريمةَ الشرك- إلّا نارُ جهنم.
ثمرة التوحيد الثانية
هذه الثمرة تتوجه إلى ذات الكون وماهيته، كما كانت الثمرة الأولى متوجهةً إلى الذات المقدسة لرب العالمين جلّ وعلا.
نعم، إنه بسر التوحيد تتحقق مزايا الكون وكمالاته، وتُدرَك الوظائفُ الراقية للموجودات، وتتقرر نتيجةُ خلق المخلوقات، وتُعرَف أهميةُ المصنوعات. وتُبرَز ما في هذا العالم من مقاصد إلهية، وتَظهر حكمةُ خلق ذوي الحياة وسرُّ وجود ذوي المشاعر، وتبدو الوجوه المليحة البشوشة للرحمة والحكمة وراء السيماء الغاضبة الكالحة لهذه الحوادث القاهرة المدمِّرة ضمن التحولات المثيرة للدهشة، وتُعرَف أن الموجودات التي تغيب وراء الزوال والفناء وترحل من هذا العالم عالمِ الشهادة، تدَع أنواعا كثيرة من الوجود بدلا عنها، أمثالَ نتائجها وهوياتها وماهياتها وأرواحها وتسبيحاتها ثم ترحل من هذا العالم.
وبسر التوحيد يُفهم أن الكون برمّته كتاب صمداني ينطوي على معانيَ عميقة غزيرة، وأن الموجودات بأسرها مجموعةُ مكاتيبَ سبحانيةٍ في منتهى الإعجاز، وأن المخلوقات بجميع طوائفها جنودٌ ربانية في غاية الانتظام والهيبة، وأن المصنوعات بجميع قبائلها -ابتداء من الميكروب والنمل إلى الكركدن والنسر وإلى الكواكب السيارة- موظفاتٌ دؤوبات مأمورات جادات تأتمر بأمر السلطان الأزلي.
وبسرّ التوحيد يكتسب كلُّ شيء من حيث انتسابه وأداؤه لوظيفة المرآة قيمةً أعظمَ من قيمته الذاتية بألوف المرات، وينكشف السرُّ المغلق للأسئلة المحيّرة: من أين يأتي سيلُ الموجودات وقافلة المخلوقات، وإلى أين المصير، ولمَ جاء وماذا يعمل؟
كل ذلك لا يتم إلّا بسر التوحيد، إذ لولا التوحيد لانكسفت جميعُ مزايا الكون وكمالاته المذكورة آنفا، ولانقلبت تلك الحقائق السامية الراقية إلى أضدادها.
وهكذا، فالشرك والكفر جريمة بشعة تتعدى على جميع كمالات الكائنات وتتجاوز على جميع حقوقها الرفيعة وتتعرض لجميع حقائقها السامية. لذا تغضب الكائناتُ على أهل الشرك والكفر، وتستشيط السماواتُ والأرض غضبا عليهم، وتتفق عناصرُ الكون على إبادتهم، فتُغرِق قومَ نوح عليه السلام وتُهلِك قومَ عاد بالطاغية وثمود بالعاصفة وفرعونَ وأمثالَهم بالغرق..
بل تغضب جهنمُ عليهم غضبا شديدا حتى ﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ﴾ (الملك:٨) كما نصّت عليه الآية الكريمة.
نعم، إن الشرك استهانة بشعة بالكون، وتعدٍّ عظيم عليه، وحطٌّ من قيمته وتهوين من شأنه، لإنكاره حكمةَ الخلق وردّه وظائفَ المخلوقات، تلك الوظائف الجليلة.
نشير إلى هذه الحقيقة بمثالٍ واحد من بين أُلوف أمثلتها:
إن الكون -بسر التوحيد- هو بمثابة مَلَكٍ مجسّم عظيم جدا بحيث له مئاتُ الألوف من الرؤوس، بل بعدد أنواع الموجودات، في كل رأس مئاتُ الألوف من الأفواه، بل بعدد أفراد ذلك النوع، وفي كل فم مئاتُ الألوف من الألسنة، بل بعدد أجهزة ذلك الفرد وعدد أجزائه وأعضائه وحُجيراته. فهذا الكون الهائل والمخلوق العجيب، هذا المَلَك العظيم يقدّس الصانعَ الجليل بهذه الألسنة التي لا تعد ولا تحصى ويسبّحه بها جلّ وعلا. فهو إذن في مقام رفيع يتسربل عبوديةً عظيمةً شبيهة بعبودية إسرافيل عليه السلام.
وكذا الكون بسر التوحيد، بمثابة مزرعةٍ تهيئ محاصيلَ وفيرةً جدا لعالم الآخرة ومنازلها.. وهو بمثابة مصنعٍ عظيم يهيئ لوازمَ لطبقات دار السعادة من أعمال بشرية غنية بمحاصيلها.. وهو بمثابةِ جهازِ تصويرٍ سينمائي دائب عظيم يضم مئات الألوف من أجهزة الالتقاط لالتقاط صور من الدنيا، وعرضها مناظرَ سرمديةً لأهل عالَم البقاء ولأهل الشهود في الجنة.
فبينما الكون -بسر التوحيد- على هذه الهيئة العجيبة كملَك مطيع جسماني مالك للحياة، يحوّله الشركُ إلى أشتاتٍ واهية جامدة، لا روح لها ولا حياة، ولا بقاء لها ولا وظيفة، هالكةٍ لا معنى لها، تتدحرج في خضم ظلمات العدم وأهوال الأحداث التافهة والانقلابات. فالشركُ يجعل هذا المصنع العظيم -الذي يدرُّ النفعَ الكثير- شيئا لا فائدة له ولا يُكسَب منه شيء، معطَّلا عن كل عمل، مختلطا ومتشابكا تلعب به المصادفاتُ العشوائية والطبيعة الصماء والقوى العمياء، ومأتما حزينا لذوي الشعور كافة، ومذبحة ومسلخة أليمة لذوي الحياة كافة.
وهكذا كم يكون الشرك إذن مبعثَ جرائمَ كبرى وجناياتٍ عظمى! ألا يستحق عذابا أبديا في جهنم مع أنه سيئةٌ واحدة؟ وصدق الله العظيم: ﴿ اِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظ۪يمٌ ﴾ (لقمان:١٣).
وعلى كل حال، ففي مجموعةِ «سراج النور» إيضاحاتٌ أكثر لهذه الثمرة الثانية مع حججها المكررة. لذا اختصرنا هذه الحقيقة الطويلة.
والذي ساقني إلى هذه الثمرة الثانية وأوصلني إليها شعورٌ عجيب وذوق غريب، وهو على النحو الآتي:
عندما كنت أتأمل في يوم من أيام الربيع شاهدتُ أن الموجودات التي تملأ سطح الأرض وتسيل قافلةً إثر قافلة مُظهرةً مئات الألوف من نماذج الحشر والنشور.. هذه الموجودات ولاسيما المخلوقات الحية منها وبخاصة الأحياء الصغيرة منها، ما إن تظهر حتى تختفي عقِبه.. فتتعاقب مناظرُ الموت والزوال باستمرار وفي فعالية دائمة. وبدت أمامي حزينةً أليمةً مسّت أوتارَ عواطفي وأثارت رقّتي حتى دفعتني إلى البكاء. وكنت كلما شاهدتُ موت تلك الأحياء الصغيرة اللطيفة اعتصر قلبي ألما وتأففتُ قائلا: يا حسرتاه.. أواه.. آه.. فأستشعر ضراما روحيا منبعثا من الأعماق حتى رأيت الحياة التي تَؤول إلى هذه النتيجة عذابا أليما دونه الموت.
وكذا رأيت في عالم النباتات والحيوانات، أن تلك الأحياء الجميلة جدا والمحبوبة جدا وهي في أتم إتقان وإبداع، ما إن تفتح عينيها للحياة في لحظات وتشاهِد هذا المهرجان الكوني العظيم إلّا وتُمحى وتُفنى.
فكلما شاهدت هذه الحالة تَفطَّر كبدي حزنا وكمدا، وكأنه يشكو باكيا وهو يقول: لِمَ أتوا إذن إلى هذا العالم ولِمَ يرحلون دون أن يمكثوا فيه؟ فكان قلبي يطرح أسئلةً مخيفة إزاء الدهر والمقدّرات. إذ مثل هذه المصنوعات اللطيفة تذهب دون جدوى ولا غاية ولا نتيجة، وتُعدَم بسرعة متناهية، مع أننا نرى اهتماما عظيما بها ودقةً متناهية في صنعها وإتقانا في إبداعها، مع توفير الأجهزة اللازمة لها والرعاية التامة في تربيتها وتنشئتها والتدبيرِ الكامل لشؤونها وخلقها على أتم صورة. ولكن بعد كل هذا نرى تمزُّقَها وتشتّتها وفناءها ومحوها وقذفَها في ظلمات العدم.. هذا المنظرُ الأليم، كلما تأملتُه صرختْ جميعُ لطائفي المفتونةُ بأنواع الكمال والمبتلاة بأنماط الجمال، والعاشقةُ للأشياء النفيسة القيّمة، واستغاثت قائلة: لِمَ لا تُرحم هذه المخلوقات؟ يا لهفتاه! من أين يأتي هذا الفناءُ والزوال ضمن الدوران والتجوال المحيّر للعقول، ويسلط على هذه الصغار اللطاف؟.. وما إن بدأت الاعتراضاتُ المخيفة تتوجهُ نحو القَدر لما يُرى في ظاهر المقدّرات الحياتية من أحوال أليمة حزينة، إذا بنور القرآن والإيمان والتوحيد ولطفِ الرحمن يسعفني ويعينني؛ وينوِّر تلك الظلمات، ويَقلب بكائي ونحيبي وحَسَراتي إلى سرور وفرح وإلى النطق بـ«ما شاء الله، بارك الله»،
بدلا من التلهف والتحسر وإطلاق الزفرات، حتى دفعني إلى القول بـ: «الحمد لله على نور الإيمان» حيث رأيت -بسر التوحيد- أنَّ كلَ مخلوق -ولاسيما كل كائن حيٍّ- له نتائج كثيرة جدا ومنافع شتى.
فمثلا: إن كل ذي حياة -وليكن هذه الزهرة الزاهية، وهذه الحشرة الحلوياتي- هو قصيدة صغيرة إلهية تحمل من المعاني العميقة والغزيرة بحيث يطالعها ما لا يُحد من ذوي الشعور بمتعة كاملة.. وهو معجزة ثمينة قيّمة للقدرة الإلهية.. وهو لوحة تعلن عن حكمته تعالى حيث تَعرض إتقانَ الصانع الجليل في منتهى الجاذبية أمام أنظار من لا يحدّ من أهل التقدير والاستحسان.
وكذا فإن أجلَّ نتيجة لخلق الكائن الحي هو الحظوة بالظهور أمام نظر الفاطر الجليل الذي يريد أن يَرى -بذاته- جمالَ صنعته وجمالَ فطرته وجمالَ تجليات أسمائه في المرايا الصغيرة. زد على ذلك فإن وظيفةً سامية لفطرة الكائن الحي هي أداؤه بخمسة وجوه -كما ذُكر في «المكتوب الرابع والعشرين»- مهمةَ إظهار الربوبية المطلقة والكمال الإلهي الذي يقتضي هذه الفعاليةَ المطلقة في الكون.
ولكني رأيت أن الكائن الحي على الرغم مما له من مثل هذه الفوائد والنتائج فإنه يدَع روحَه في موضعه -إن كان ذا روح- ويترك صورتَه وهويته في الأذهان وسائر الألواح المحفوظة، ويضع قوانينَ ماهيته ونوعا من حياته المستقبلية في بذوره وبويضاته، ويُودع مزايا الكمال والجمال التي عَكَسها كالمرآة، يودعها في عالَم الغيب ودائرة الأسماء. وبعد كل هذا يدخل تحت ستار الزوال فرحا جذلا بموتٍ ظاهري -يعني التسريح من الوظائف- ويستتر عن الأنظار الدنيوية وحدَها!
نعم، هكذا رأيت ماهيةَ الكائن الحي فقلت من الأعماق: «الحمد لله..».
فهذه الأنواع من الجمال والضروبُ من الحسن المشاهَدة في جميع طبقات الكون وفي جميع أنواع الطوائف والممتدة عروقُها في كل الأرجاء والتي لها أسس عريقة قوية لا نقصَ فيها ولا قصورَ، وهي في منتهى السطوع والبهاء.. لاشك أنها تبين أن ما يقتضيه الشرك -كما هو في الوضع الأول- من قبح مشين ودمامةٍ مُنفرة محالٌ وموهومٌ قطعا. لأن جمالا بهذا العمق في وجود الكون لا يمكن أن يستتر تحتَه قبحٌ مشين إلى هذه الدرجة المخيفة، بل لا يمكن أن يوجد أصلا. ولو وُجد فذلك الجمالُ إذن لا حقيقة له ولا أصل، وهو واهٍ وهمي.
بمعنى أنه لا حقيقةَ للشرك إطلاقا، وطريقُه مسدود، بل لا يجد له موضعا إلّا في المستنقعات الآسنة، فحكمُه محالٌ وممتنع. وقد وضحت هذه الحقيقة الإيمانية المذكورة وهي حقيقة شعورية في عديد من رسائل «سراج النور» بالتفصيل. لذا نكتفي هنا بهذه الإشارة المختصرة.
ثمرة التوحيد الثالثة
هذه الثمرة متوجهة إلى ذوي الشعور، ولاسيما إلى الإنسان.
نعم، إن الإنسان بسر التوحيد، صاحبُ كمال عظيم بين جميع المخلوقات، وهو أثمنُ ثمراتِ الكون، وألطفُ المخلوقات وأكملُها، وأسعدُ ذوي الحياة ومخاطبُ رب العالمين وأهلٌ ليكون خليلَه ومحبوبه. حتى إن جميعَ المزايا الإنسانية وجميعَ مقاصد الإنسان العليا مرتبطةٌ بالتوحيد وتتحقق بسر التوحيد، فلولا التوحيد لأصبح الإنسان أشقى المخلوقات وأدنى الموجودات وأضعفَ الحيوانات وأشدَّ ذوي المشاعر حزنا وأكثرَهم عذابا وألما.
ذلك لأن الإنسان يحمل عَجزا غير متناه، وله أعداء لا نهاية لهم، وينطوي على فقر دائم لا حدود له وحاجات لا حدود لها. ومع هذا فإن ماهيتَه مجهّزة بآلاتٍ ومشاعرَ متنوعة وكثيرة إلى درجة يستطيع أن يستشعر بها مائة ألف نوع من الآلام وينشد مئات الألوف من أنواع اللذائذ. فضلا عن أن له من المقاصد والرغبات ما لا يمكن تلبيتُها إلّا من قِبَل مَن ينفذ حكمُه في الكون بأسره.
فمثلا: في الإنسان رغبةٌ ملحّةٌ شديدةٌ للبقاء. فلا يحقق له هذه الرغبة إلّا من يتصرف في الكون كله بسهولة مطلقة، يفتح بابَ دار الآخرة بعد أن يسد بابَ دار الدنيا كفتح بابِ منـزلٍ وغلقِ آخرَ.
ففي الإنسان أُلوفٌ من الرغبات الإيجابية والسلبية أمثال هذه الرغبة، رغبة البقاء. تلك الرغبات ممتدةٌ إلى جهة الأبد والخلود ومنتشرةٌ في أقطار العالم كله. فالذي يُطَمئِن هذه الرغباتِ ويهدهدُها ويضمد جرحَي الإنسان الغائرَين؛ العجزَ والفقر، ليس إلّا الواحد الأحد الذي بيده مقاليد كل شيء.
وكذا في الإنسان من المطالب الدقيقة الجزئية والخفية جدا تخص راحةَ قلبه وسلامته، وله أيضا من المقاصد الكلية المحيطة ما هو مدارٌ لبقاء روحه وسعادتها، بحيث لا يمكن أن يحققها له إلّا من يبصر ما لا يُرى من أرقِّ حجب القلب ويهتم بها، ويسمع ما لا يُسمَع من أخفى الأصوات ويستجيب لها، ومن له القدرةُ على تسخير السماوات والأرض في وظائفَ جليلة كتسخير الجندي المنقاد للأوامر.
وكذا فإن جميع أجهزة الإنسان ومشاعره تأخذ مكانةً رفيعة بسر التوحيد، في حين تسقط إلى هاوية سحيقة بالكفر والشرك.
فمثلا: العقل الذي هو أفضلُ أجهزة الإنسان وأرقاها، إنْ استُعمل بسر التوحيد، فإنه يصبح مفتاحا ثمينا بحيث يفتح الكنوزَ الإلهية السامية وألوفا من خزائن الكون؛ بينما إذا تخبّط ذلك العقل في وحل الضلالة والكفر فإنه يصبح آلةَ تعذيبٍ ووسيلةَ إزعاج، بما يجمع من آلام الماضي الحزينة ومخاوف المستقبل الرهيبة.
ومثلا: الشفقةُ والحنان، وهي ألطفُ سجية من سجايا الإنسان وأحلاها، إن لم يسعفها سرُّ التوحيد، تتحول إلى ألم الحُرقة وعذاب الفراق وجرح العطف، فتتحول إلى مصيبة كبرى تدفع بالإنسان إلى درك الشقاء.
نعم، إن الوالدة الغافلة عن الله والفاقدة لوحيدها إلى الأبد تستشعر هذه الحرقة شعورا كاملا.
ومثلا: المحبة التي هي ألذُّ شعور في الإنسان وأطيبُه وأسماه، إذا ما أعانها سرُّ التوحيد يجعل الإنسانَ الصغير واسعا سعةَ الكون وعظيما وكبيرا كبرَه حتى يجعله سلطانا محبوبا على المخلوقات كافة؛ بينما المحبةُ نفسها إذا ما تردت إلى الشرك والكفر -والعياذ بالله- فإنها تنقلب إلى مصيبة عظيمة بحيث تمزّق قلبَ الإنسان الضعيف كل حين وآن بفراق أحبته غير المعدودين فراقا أبديا حيث يمحوهم الزوالُ والفناء دائما. بيد أن أنواع اللهو والغفلة تحُول دون استشعار الإنسان بهذا الألم، إذ تُبطل شعورَه وحسّه مؤقتا وظاهرا.
فإذا ما قِسْتَ المئات من أجهزة الإنسان ومشاعره على هذه الأمثلة الثلاثة، تدرك عندئذٍ إلى أيّ مدى يكون التوحيدُ محورا للكمالات الإنسانية.
نكتفي بهذه الإشارة القصيرة إلى هذه الثمرة الثالثة حيث إنها فُصّلت تفصيلا وافيا مع دلائلها في أكثرَ من عشرين رسالة من مجموعة «سراج النور».
إن الذي أوصلني إلى هذه الثمرة وساقني إليها هو الشعور الآتي:
كنتُ يوما على قمة جبل، تراءى لي القبرُ بكل معناه، وبدا لي الموتُ بكل حقائقه، وظهر لي الزوالُ والفناء بلوحاته الحزينة المبكية، وذلك بوساطةِ يقظةٍ روحية بددت ظلمةَ الغفلة. فاحتدّ عشقُ البقاء المغروز في فطرتي -كما هو في الآخرين- احتدّ غاضبا أمام هذا المنظر، فشق عصا الطاعة إزاء الزوال. وفار ما فيّ من العطف على بني الجنس والرأفة على نوع البشر وطغى إزاء القبر وفناءِ الأنبياء المكرّمين وأهل الفضل الموقرين من الأولياء والأصفياء، الذين أكنّ لهم حبا شديدا وتبجيلا عظيما وتقديرا لائقا وأرتبط بهم بعلاقة وثيقة.
وإزاء هذا الأمر توجهتُ إلى الجهات الست لأستمدّ منها العونَ، فلم أجد ما يسلّيني أبدا؛ حيث إن جهة الماضي قد تحولت إلى مقبرة كبرى واسعة، وجهةَ المستقبل مظلم مخيف، وجهة الفوق مخيفةٌ رهيبة، وجهةَ الأسفل وكذا اليمين والشمال كلها جهاتٌ تورث حالات أليمة حزينة.
فرأيت كأن الأشياء المضرة التي لا تحد تَنقضّ عليّ انقضاضا، فأغاثني سرُّ التوحيد من حالتي التي كنت فيها ورَفَع السـتار من أمام بصيرتي وأراني حقيقةَ هذه الجهات قائلا: «انظر». فنظرتُ أولَ ما نظرت إلى وجه الموت المخيف، ورأيت أن الموت لأهل الإيمان تسريحٌ من الوظيفة، والأجَل هو بطاقته. فالموتُ إذن تبديلُ مكان، ومقدمةُ حياة باقية، وبابٌ إليها. وهو انطلاق من سجن الدنيا إلى بساتين الآخرة. وهو انتظارُ زمن الوصول إلى ديوان الرحمن الرحيم لاستلام أجرة العمل، وهو دعوة إلى دار السعادة..
ولمّا فهمتُ حقيقةَ الموت فهما يقينا أحببتُه.
ثم نظرت إلى الزوال والفناء، ورأيت أن زوالَ الأشياء إنما هو تجديدٌ لها ولأمثالها، فهو تجديد ممتعٌ ملذّ، شبيهٌ بتجدد مشاهد السينما، وشبيه بتجدد جمال حباب النهر الجاري تحت ضوء الشمس. لذا علمت يقينا أن زوال الأشياء وفناءها إنما هو تجديد للتجليات الجميلة للأسماء الحسنى، ووظيفة يؤديها ضمن سيرٍ وتجوال في عالم الشهادة بعد مجيئها من عالم الغيب، وهو مظاهر حكيمة لجمال الربوبية، فالموجودات تؤدي به وظيفةَ المرآة إزاء الحسن السرمدي.
ثم نظرت إلى الجهات الست ورأيت أنها نورانية بسرّ التوحيد بل نورانية إلى حد يكاد سنا نورِها يخطف الأبصار، حتى رأيت أن الزمان الماضي لم يعُد مقبرةً عظيمة بل انقلب إلى المستقبل ليكون مجالسَ نورانية ومجامعَ أحبابٍ ومناظرَ نورانيةً تزيد على الألوف.
وهكذا على غرار هاتين المادتين نظرت إلى الوجوه الحقيقية لألوف المواد، ورأيت أنها لا تورِث إلّا السرورَ والفرح.
إن شعوري هذا وتذوقي الروحيَّ هذا في الثمرة الثالثة قد وضّحا مع الدلائل القاطعة الكلية والجزئية في مجموعة «سراج النور» بل في أربعين من أجزائها ولا سيما في «اللمعة السادسة والعشرين» (رسالة الشيوخ) في رجاياها الثلاث عشرة. إذ قد وضّحتُ هناك وضوحا كافيا لا إيضاح فوقه، لذا اختصرت هذه المسألة الطويلة في هذا المقام.
المقام الثاني
إن الدلائل التي تقتضي -قطعا- التوحيدَ وتستلزم الوحدانيةَ وتوجب الوحدة وترفض الشرك وتردّ المشاركة ولا تسمح بهما قطعا.. لا تُعد ولا تحصى.
وحيث إن مئاتٍ بل ألوفا من تلك البراهين قد أثبتت إثباتا مفصلا في رسائل النور. يشار هنا إلى ثلاث فقط من المقتضيات إشارةً مجملة.
المقتضى الأول
هذه المصنوعات إنما تُخلق وتوجد بالصفات المطلقة لحاكم حكيم، كبير كامل، وبأسمائه المطلقة وبعلمه غير المحدود وبقدرته غير المتناهية. يشهد على هذا ما هو ماثلٌ أمامنا من الأفعال الحكيمة والتصاريف البصيرة للأمور الجارية في هذا الكون.
نعم، يُفهم ويُعلم قطعا بحدس قطعي من هذه الآثار بل يُشاهد: أن ذلك الصانع له حاكميةٌ وآمريةٌ بدرجة الربوبية العامة، وله كبرياءٌ وعظمة بدرجة الجبروتية المطلقة، وله كمال واستغناء عن غيره بدرجة الألوهية المطلقة، وله فعالية وسلطنة لا تتناهى ولا يحدّها حد ولا يقيدها قيد.
فالحاكمية والكبرياء والكمال والاستغناء عن الغير والإطلاقُ والإحاطة وعدم التناهي وعدم الحدّ، كلُها تستلزم الوحدانيةَ وتضادّ الشرك.
فشهادة الحاكمية والآمرية على التوحيد والوحدانية قد أُثبتت في مواضعَ كثيرة من رسائل النور، نورد زبدة خلاصتها على النحو الآتي:
إن شأنَ الحاكمية ومقتضاها الاستقلالُ والانفراد وردُّ مداخلة الآخرين، حتى إن الإنسان المحتاج -فطرةً- إلى معاونة الآخرين لعَجزه، يردُّ مداخلةَ غيره في شؤونه بظلٍ من تلك الحاكمية حفاظا على استقلاله؛ لذا فلا يوجد سلطانان في بلد، ولا واليان في ولاية، ولا مديران في ناحية، بل ولا مختاران في قرية. وإذا ما وُجد سلطانان في بلد فالأمور تضطرب ويختل النظام ويحدث الهرج والمرج.
فلئن كان ظلُّ حاكميةٍ في الإنسان العاجز المحتاج إلى المعاونة يردُّ مداخلة الآخرين ويرفض اشتراكَهم رفضا باتا إلى هذه الدرجة، فلا تَقبل -قطعا- حاكميةٌ في ربوبية مطلقة للقدير المطلق المنـزّه عن العجز مداخلةَ سواها واشتراكَه، بل تردّه ردّا قويا، وتطرد من ديوانها مَن يتوهم الشركَ ويعتقد به طردا عنيفا.
ومن هذه الحقيقة ينبثق الزجرُ العنيف الذي يزجر القرآنُ الكريم به المشركين ويردّهم.
أما شهادةُ الكبرياء والعظمة والجلال على الوحدانية، فهي الأخرى قد بُيّنت براهينُها الساطعة في رسائل النور. لذا يشار إلى فحواها في اختصار شديد.
مثال: كما أن عظمةَ نور الشمس، وكبرياءَ ضيائها لا تدعان حاجةً إلى أنوار ضعيفة أخرى بقربها وبلا حائل، ولا تمنح لها تأثيرا يذكر؛ كذلك عظمةُ القدرة الإلهية وكبرياؤها لا تدَعان حاجةً إلى أية قدرة أخرى وإلى أية قوة أخرى، ولا تفوّضان إليهما أيَّ إيجاد كان ولا أيَّ تأثير حقيقي كان، ولاسيما في ذوي الحياة والشعور من المخلوقات التي تتمركز فيها جميعُ المقاصد الربانية في الكون وتدور عليها. فلا يمكن أن تدع تلك العظمةُ والكبرياء شيئا منها إلى الأغيار قطعا.
وكذا الأحوالُ والثمرات والنتائج التي هي في جزئيات ذوي الحياة والتي تتظاهر فيها غاياتُ خلق الإنسان وغاياتُ إيجاد النعم التي لا تعد ولا تحصى، فلا يمكن إحالتها إلى يد الأغيار قطعا.
فمثلا: الامتنان الحقيقي والرضى الحقيقي الذي ينبعث من كائن حي نتيجةَ شفاءٍ جزئي من مرض، أو رزق جزئي أتاه، أو اهتداء إلى الله، لا يمكن أن يكون إلّا منه تعالى. لذا فتقديم الحمد والثناء إلى غيره تعالى يمسّ عظمةَ الربوبية وكبرياءَ الألوهية ويتجاوز على عزة المعبودية المطلقة والجلال.
أما إشارة الكمال إلى سر الوحدانية فهي الأخرى قد وُضّحت في رسائل النور ببراهينها الساطعة.
وخلاصة مختصرة لفحواها هي:
أنَّ خلق السماوات والأرض تقتضي بالبداهة قدرةً مطلقة في منتهى الكمال، بل إن الأجهزة العجيبة لكل كائن حي تقتضي كذلك قدرةً في كمال مطلق. والكمال الذي هو في القدرة المطلقة المنـزّهة عن العجز والمبرّأة عن القيد يستلزم الوحدانيةَ بلا شك. إذ بخلافه يعتري كمالَه النقصُ وإطلاقَه القيدُ، ويعني إنهاءَ لا تناهيه، وإسقاطَ أقوى قدرةٍ إلى أضعفِ عجز، ويستلزم إنهاءَ قدرةٍ لا تتناهى وفي لا تناهيه بشيء متناهٍ. وهذا محال في محال بخمسة وجوه.
أما شهادة الإطلاق والإحاطة وعدم التناهي على الوحدانية فهي الأخرى قد ذُكرت مفصلا في رسائل «سراج النور» ومضمونها المختصر هو:
أنَّ كل فعل من الأفعال الجارية في الكون، بانتشار أثره في جميع النواحي انتشارا مستوليا يبين أنه محيط وطليق ولا حدودَ له ولا قيدَ يقيده. وأن الشرك والاشتراك يجعل تلك الإحاطة تحت الانحصار وذلك الإطلاقَ تحت القيد وتلك اللامحدودية تحت الحد، فيفسد حقيقةَ الإطلاق وماهية الإحاطة.. فلابد أن الشرك محال في تلك الأفعال التي هي مطلقة ومحيطة بكل شيء، ولاوجود له حتما.
نعم، إن ماهيةَ الإطلاق ضدُّ الشرك، لأنَّ معنى الإطلاق حتى لو كان في شيء متناهٍ ومادي ومحدود، فإنه ينتشر انتشارَ استيلاءٍ واستقلال إلى جميع الأطراف. كالهواء والضياء والنور والحرارة بل حتى الماء، إذا ما نال أيٌّ من هذه الأشياء صفةَ الإطلاق فإنه ينتشر إلى جميع الأطراف والجهات.
فما دامت جهةُ الإطلاق -حتى لو كانت في الشيء الجزئي- تجعل الأشياءَ المادية والمحدودة مستوليةً على هذه الصورة، فلابد أن الإطلاقَ الحقيقي الكلي يمنح الصفات اللانهائية والمنـزّهة عن المادة والتي لا تحدّها حدود والمبرّأة عن القصور، يمنحها استيلاءً وإحاطةً كاملة إلى حد لا يمكن أن تقبل الشركَ والاشتراك بأية جهة كانت ولا يمكن أن يكون لهما احتمال قطعا.
حاصل الكلام: إن حاكميةَ ألوف الأفعال العمومية الجارية في الكون ومئاتِ الأسماء الإلهية المشهودةَ تجلياتُها وكبرياؤها وكمالُها وإحاطتها وإطلاقها ولا تناهيها، كلٌ منها برهان قوي للوحدانية والتوحيد.
فمثلا: كما أن قوة خارقة لدى شروعها بفعالية ما، تستولي على الجهات كلها، وتشتت القوى الأخرى. كذلك كلُ فعل من أفعال الربوبية وكلُ تجلٍّ من تجليات الأسماء الإلهية، تُظهر قوتَها الخارقة جدا في آثارها بحيث لو لم تكن حكمةٌ عامة وعدالةٌ مطلقة ولم توقِفها عن حدّها لكان كلٌ من تلك القوى يستولي على الموجودات قاطبة. فالقوة التي تخلق شجرة الحَور في الأرض عموما وتدبّر أمورَها، لا تدع قطعا هذه القوةُ الكليةُ أفراداً جزئية لأشجار الجوز والتفاح والمشمش المنتشرة بين أشجار الحَور والملاصقة لها، إلى قوى أخرى غيرها. ولا يمكن إلّا وتستولي عليها أيضا وتضمها بين تدبيرها للأمور.
نعم، إن مثل هذه القوة والقدرة المصرِّفة للأمور تُستَشعر في كل نوع من المخلوقات، بل في كل فرد من الأفراد، وتشاهَد أنها تتمكن من أن تستولي على الكائنات كلها وعلى الأشياء كلها، وتهيمن على الموجودات قاطبة.
فلاشك أن قوةً كهذه لا تقبل الاشتراك قطعا ولا تسمح بالشرك في أية جهة كانت.
وكذا إن أكثر ما يوليه صاحبُ شجرة مثمرة من اهتمام وأكثرَ ما يظهره من علاقة بها هو ثمراتُها المتدلية في نهايات أغصانها، ونواها الغائرة في قلب تلك الثمرات بل هي قلوبُها بالذات. ولا شك أنه لا يخل بمالكيته عبثا -إن كان راشدا- بتمليك تلك الثمرات المتدلية من الأغصان إلى الآخرين تمليكا دائميا.
كذلك الأمر في الشجرة المسماة بالكون، التي تمثل العناصرُ أغصانَها، وما في نهايات تلك العناصر من أوراق وأزاهير تمثل النباتات والحيوانات، وما في قمم تلك الأغصان وفي ذروة تلك الأوراق والأزاهير من ثمرات تمثل الإنسانَ. فإنّ أجلَّ نتائج سعي تلك الثمرات البديعة ونتيجة خلقته هي العبوديةُ لله وتقديم الشكر والحمد له وحده، ولاسيما ما ينطلق من النوى الجامعة لتلك الثمرات، تلك هي قلوب البشر وقواهم الحافظة المسماة بظهر القلب ([7]) ..لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يَدَعها سبحانه لاغتصاب الأغيار فيهوّن من شأن عظمة ربوبيته وعزتها مخلا به معبوديته. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وكذا، لما كانت مقاصدُ الربوبية قد تمركزت في الجزئيات التي هي في منتهى دائرة الممكنات والكثرة، بل تمركزت حتى في جزئيات أحوال تلك الجزئيات، وفي جزئيات أطوارها التي تمتد إلى المعبودية وتتوجه إلى المعبود سبحانه.. ولما كان جميعُ أنواع الامتنان والحمد والثناء وجميع أضراب الشكران والعبادات ناشئةً من تلك الجزئيات، فلا شك أنه سبحانه لا يسلّمها إلى الأغيار، فلا يفسد حكمتَه الجليلة بهذا التسليم، ولا يسقط ألوهيتَه المهيبة بهذا الإفساد. لأنَّ أهم المقاصد الربانية في خلق الموجودات هو تعريف وتحبيب نفسه سبحانه إلى ذوي الشعور، ودفعهم إلى تقديم حمدهم وشكرهم وثنائهم له وحده.
ولأجل هذا السر الدقيق فإن الأفعال والآلاء -الجزئية منها والكلية- المتمركزة في منتهى دائرة الكثرة، كالرزق والشفاء ولاسيما الاهتداء والإيمان وأمثالها من الأفعال والآلاء التي تُنتج الشكرَ وتبعث على العبادة والحمد والمحبة والعبودية والثناء؛ إنما هي إحسانٌ مباشر لرب العالمين وإنعامٌ مباشر لسلطان الموجودات وأثر مباشر لهدايته وفعله. ومن أجل إراءة ذلك يُسند القرآنُ الكريم مكررا الرزقَ والهداية والشفاء إلى الواجب الوجود، ويبين أن إحسانَ كلٍ منها إنما هو خاص به وحده ومنحصر به وحده، وفي الوقت نفسه يردّ ردا قويا تدخّلَ الأغيار في تلك الأفعال الجليلة. ([8])
نعم، إن نعمة الإيمان التي تُكسب دارَ سعادة أبدية لا تكون إلّا نعمةَ مَن خَلَق تلك الدار ومن جعل الإيمان مفتاحا لها، وهو الله ذو الجلال والإكرام، وليس غيرُه إطلاقا؛ إذ لا يمكن أن يكون غيرُه تعالى مُنعمَ مثلَ هذه النعمة العظمى، فيسد أعظم نافذة مطلة على المعبودية ويُغصب أجلّ وسيلة إليها.
حاصل الكلام: إن أدق الأحوال الجزئية والثمرات التي هي في أقصى نهايات شجرة الخلق تشهد وتشير إلى التوحيد والوحدانية بجهتين:
أولاها: لأنَّ مقاصدَ الربوبية في الكون تتجمع في الأحوال الجزئية، وغاياتها تتمركز فيها، وتجليات أكثر الأسماء الحسنى وظهورها وتعيناتها تجتمع فيها، ونتائج خلق الموجودات وفوائدها تبرز فيها؛ لذا فإن كلا منها تقول انطلاقا من نقطة التمركز والتجمع هذه: أنا مُلك مَن خلق الكون بأسره، أنا فِعلُه وأثره.
أما الجهة الثانية: فإن قلب تلك الثمرة الجزئية وذهنَ الإنسان المسمى حسب الحديث الشريف بظهر القلب، فهرسٌ مختصر لأكثر الأنواع، ونموذج مصغّر لخريطتها، وبذرة معنوية لشجرة الكون، ومرآة رقيقة لأكثر الأسماء الإلهية. فانتشارُ تلك القلوب والأذهان وأمثالها التي هي على نمط واحد انتشارا مستوليا ومهيمنا على وجه الكائنات كلها، يرنو بلا شك إلى مَن بيده مقاليد السماوات والأرض، فيقول كلٌ منها: أنا أثرُه وحدَه، أنا إتقانُه وحدَه.
زبدة الكلام: مثلما تتوجه الثمرة إلى مالك شجرتها من حيث كونها مفيدة، وترنو إلى جميع أجهزة تلك الشجرة وأغصانها وماهيتها من حيث نواها. وتنظر إلى جميع ثمار تلك الشجرة من حيث سكّتها المضروبة على وجهها والموجودة في مثيلاتها. فتقول جميعا: «نحن على نمط واحد، صَدَرْنا من يد واحدة، ونحن مُلك لمالك واحد، فالذي خلقَ واحدة منا هو خالقُ جميعنا بلا شك».
كذلك الأمر في الكائن الحي الذي هو في نهايات دائرة الكثرة، ولاسيما الإنسان، وبخاصة من حيث العلامات الفارقة الموجودة على وجهه، ومن حيث ما في قلبه من فهرس، ومن حيث ما في ماهيته من نتائج، تتوجه كلُها إلى الذي يمسك السماوات والأرضَ بربوبيته الجليلة وتشهد على وحدانيته جل وعلا.
المقتضى الثاني للوحدانية
هو أن في الوحدانية سهولةً ويسرا بدرجة الوجوب، وفي الشرك صعوبةً ومشكلاتٍ بدرجة الامتناع.
وقد أُثبتت هذه الحقيقة إثباتا قاطعا وأُظهرت ببراهينَ دامغةٍ في رسائل عديدة من مجموعة «سراج النور» ولاسيما في «المكتوب العشرين»، حيث وضّحت مفصلا، وفي «النكتة الرابعة من اللمعة الثلاثين»، حيث وضّحت مجملا، وعلى النحو الآتي:
إذا فُوّض أمرُ جميع الأشياء إلى ذات الواحد الأحد فإن خلقَ الكونِ كله وتدبيرَ أمره يكون سهلا كسهولة خلق شجرة، ويكون خلقُ الشجرة وإنشاؤها سهلا كسهولة خلق ثمرة واحدة، ويكون إبداعُ ربيع كامل وإدارتُه سهلا كسهولة إدارة زهرة واحدة، وتكون تربيةُ نوعٍ يضم ما لا يحد من الأفراد وتدبيرُ أمرها سهلاً وبلا مشكلات كسهولة إدارة فرد واحد.
بينما إذا فوّض في طريق الشرك خَلقُ فرد واحد إلى الأسباب والطبيعة فإنه يكون صعبا كصعوبة خلق النوع بل الأنواعِ، ويكون إيجادُ بذرة واحدة عسيرا كخلق الشجرة بل مائة شجرة، ويكون إيجاد شجرة وإنشاؤها وإحياؤها وإدارتها ورعايتها وتدبير أمورها ذاتَ مشكلاتٍ عويصة كإدارة الكون كله بل أكثر منها.
وحيث إن هذا الأمر قد أُثبت في «سراج النور» على هذه الصورة، ونحن نشاهد وفرةً في المخلوقات مع منتهى الإتقان والجودة، حتى إن كل ذي حياة وهي كماكنة خارقة تضم أجهزة كثيرة يُخلق بوفرة مطلقة وبسهولة متناهية بلا معالجة ولا تكلف وفي لمح البصر، مما يبين لنا بالضرورة وبالبداهة أن تلك الوفرة وتلك السهولة ناشئتان من الوحدانية، ومن كونهما أفعالَ واحدٍ أحد. إذ خلافَ ذلك لا ينعدم الرخص والوفرة والسرعة والسهولة والإتقان وحدها، بل لا يمكن أيضا شراءُ ثمرة قيمتها خمس بارات ([9]) فقط بخمسمائة ليرة، ([10]) بل تكون نادرة جدا إلى حد العدم.
وإن السهولة المشاهَدة في إيجاد الأحياء واليُسرَ في إيجادها المنظَّم كيُسرِ عمل الساعة وانتظامِها أو المكائن الكهربائية التي تعمل بمجرد مَسِّ مفتاحها.. أقول هذه السهولة المشاهَدة في إيجاد الأحياء ويسرُ إيجادها تصبح -في طريق الشرك- من الصعوبة والمشكلات بدرجة الامتناع.
وإن الأحياء التي تُولَد في يوم أو في ساعة بل في دقيقة واحدة، وتأتي إلى الحياة والدنيا مع كامل أجهزتها وشرائط حياتها، لا تأتي إلى الوجود -في طريق الشرك- في سنة بل ولا في عصر بل ولا تأتي إليه أصلا.
وقد أُثبت في «سراج النور» في أكثر من مائة موضع إثباتا جازما، يُلزِم حتى أعتى معاندٍ مكابر، أنه: إذا أُسنِدتْ جميعُ الأشياء إلى ذات الواحد الأحد جلّ وعلا، فإن الخلقَ والإيجاد يكون كخلق شيء واحد ويتم في سرعة فائقة وفي رخص وموفورية؛ بينما إذا أُسندت وأُعطيت حصةٌ إلى الأسباب والطبيعة، فإن إيجاد شيء واحد يكون صعبا معضلا وبطيئا وتافها لا أهمية له، باهظا غاليا، كجميع الأشياء.
وإنْ شئت أن ترى براهين هذه الحقيقة فانظر إلى «المكتوب العشــرين» و«المكتوب الثالث والثلاثين»، وانظر إلى «الكلمة الثانية والعشرين» و«الكلمة الثانية والثلاثين»، وانظر إلى «اللمعة الثالثة والعشــرين» الخاصة بالطبيعة و«اللمعة الثلاثين» الخاصة بتجليات الاســم الأعظم، ولاسيما النكتة الرابعة والسادسة منها الباحثة عن اســم «الفرد» واسم «القيوم»، تَــرَ أن هذه الحقيقة قد أُثبتت في تلك الرســـائل إثباتا يقينا كضرب الاثنين في اثنين يساوي أربعا.
أما هنا فسنشير إلى برهان واحد من تلك المئات من البراهين. وعلى النحو الآتي:
إن إيجاد الأشياء إما من العدم أو بالإنشاء أي بالتركيب، حيث تُجمع من العناصر وتجمع من الموجودات.
فإذا أُسند الإيجاد والخلق إلى الواحد الأحد، فلابد أن يكون للذات الجليلة علم محيط بكل شيء، وقدرة مهيمنة على كل شيء. لذا فإن إعطاءَ وجود خارجي للأشياء التي صورتُها ووجودها العلمي في علمه سبحانه، وإخراجَها من عدمٍ ظاهري أمرٌ سهل جدا، لا أسهلَ منه، كسهولة إمرار مادة كيمياوية على كتابة مخفية لأجل إظهارها أو نقلِ الصورة من عدسة الكاميرا إلى الورق الحساس. وهكذا الأشياء التي تصاميمُها وبرامجها ومقاديرُها المعنوية موجودة في علم الصانع الجليل يخرجها جل وعلا بأمرِ ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ من عدم ظاهري إلى وجود خارجي.
أما إن كان الخلقُ إنشاءً وتركيبا، وليس من العدم، فإن جمعَه من العناصر والموجودات هو الآخر سهل جدا، إذ كما أن اجتماع الجنود المتفرقين المنتمين لطابور معين بصوت من بوق، وأخْذَ كلٍ منهم وضعا منتظما أمر سهل، وأن الجنود كلهم يكونون بمثابة قوة ساندة لقائدهم وقانونِه النافذ وعينه الباصرة لأجل تسهيل عملية السَوق العسكري والحفاظِ على وضع معين.. كذلك تُساق الذراتُ المنضويةُ تحت قيادة رب العالمين بدساتيرِ قدَره وعلمه وبقوانين قدرته المهيمنة، وتصبح الموجوداتُ التي لها مساس مع تلك الذرات بمثابة قوة ذلك السلطان وقانونه وموظفيه وسائلَ تسهيل وتيسير. فتأتي تلك الذرات لتشكيل وجودِ كائن حي، فتدخل ضمن مقدارٍ معين كقالب معنوي علمي وقَدَري، وتقف هناك.
ولكن إذا أُسند خلقُ الأشياء إلى أيـدٍ متفرقة عديدة، وإلى أمثال الأسـباب والطبيعة، فإن أيَّ سبب كان لا يقدر على إيجاد شيء من العدم ومن أية جهة كانت. وهذا ما يتفق عليه جميعُ أهل العقل، لأن ذلك السبب لا يملك علما محيطا بكل شيء ولا قدرةً مهيمنة على كل شيء؛ لذا لا يكون ذلك العدمُ عدما ظاهريا وخارجيا وحده بل يكون أيضا عدما مطلقا. والعدم المطلق لا يكون -قطعا- منشأً لوجود، لذا لابد أن يُركّب.
والحال أن تركيب وإنشاءَ جسم ذبابة واحدة أو زهرةٍ واحدة يقتضي جمعَ جميع ذراته من سطح الأرض كافة بعد تصفيتها وتنقيتها بمصافٍ معينة دقيقة، ولا يمكن ذلك إلّا بعد مشكلات عديدة، وحتى بعد مجيئها فإن المحافظة عليها في وضع منتظم دون أن تتبعثر وتتشتت داخلَ ذلك الجسم أمرٌ عسير آخَر، لعدم وجود قوالب معنوية علمية، إذ يلزم وجود قوالب مادية وطبيعية بعدد أعضاء ذلك الكائن، كي يتشكل ذلك الجسم للكائن..
وهكذا فإن إسناد خلق جميع الأشياء إلى واحد أحد يولّد سهولة متناهية بدرجة الوجوب واللزوم، بعكس إسناده إلى الأسباب العديدة الذي يولّد مشكلات وصعوبات بدرجة المحال. فلو فُوّض أمرُ كل شيء إلى الواحد الأحد جل وعلا لأصبح الموجود في غاية النفاسة مع الوفرة المطلقة، وفي غاية الإتقان مع منتهى الحكمة والقوة، بينما لو أُسند في طريق الشرك إلى الأسباب المتعددة والطبيعة يكون الموجودُ في منتهى الغلاء مع أنه في منتهى التفاهة والتشوه والضعف. لأن شخصاً واحداً بصفة الجندية يحمل قوةً معنوية بانتسابه إلى قائد عظيم واستناده إليه، إذ يمكن أن يُحشِّد له جيشا عظيما إذا لزم الأمر. فضلا عن أن قوة ذلك القائد والجيش تكون قوة احتياطية له، فتتضاعف قوتُه الشخصية إلى ألوف الأضعاف فيكسب قدرة مادية علاوة على عدم اضطراره إلى حمل منابع تلك القوة التي انتسب إليها ولا إلى حمل مخازنِ عتادِه حيث الجيش ينقلها، لذا يستطيع ذلك الجندي أسر مشير لدى العدو، وعلى تهجير مدينة كاملة، وتسخير قلعة عظيمة، فيكون أثرُه خارقا وذا قيمة واعتبار. ولكن إذا ما تَرك ذلك الشخص الجندية وأصبح سائبا، فإنه يفقد -كليا- تلك القوةَ المعنوية الخارقة وتلك القدرة الخارقة والاقتدار الخارق، ويصبحُ إنسانا اعتياديا لا يقدر على شيء إلّا بقدر قوته الشخصية من أمور بسيطة جزئية لا أهميةَ لها، فيصغُر تأثيرُه بتلك النسبة.
وعلى غرار هذا تماما، ففي طريق التوحيد يستند كلُّ شيء وينتسب إلى القدير الجليل، لذا فكما تغلب نملةٌ فرعونا وبعوضةٌ نمرودا وجرثومةٌ جبارا عنيدا وكما تحمل بذيرةٌ صغيرةٌ على كتفها شجرةً ضخمة كالجبل، فضلا عن كونها منشأ ومخزنَ جميع آلات تلك الشجرة وأجهزتها، فإن كل ذرة أيضا يمكن أن تؤدي وظائفَ لا تحد بذلك الاستناد والانتساب كتشكيل الصور والأجسام التي تحمل مئات الألوف من الإتقان والأنواع والأنماط والأشكال. وتصبح الآثار التي تؤديها تلك المأمورات اللطيفات وهذه المجنّدات الصغيرات في منتهى الكمال والإتقان والنفاسة والجودة؛ لأن الذي يصنع تلك الآثار هو القدير ذو الجلال قد وضع في يد تلك الموظفات هذه الآثارَ وجعلهن ستارا لقدرته.
ولكن إذا ما أُسند الأمر إلى الأسباب -كما هو في طريق الشرك- فإن تأثير النملة يصبح تافها ضئيلا كالنملة نفسها وإتقانَ الذرة لا يعدّ شيئا كالذرة نفسها، بمعنى أن كل شيء يسقط معنىً كما يسقط مادةً أيضا بحيث لا تُشترى الدنيا عندئذٍ بشروى نقير.
فما دامت الحقيقة هي هذه، وأن كل شيء في غاية النفاسة والإبداع والقوة والمغزى العميق كما هو مشاهَد، فلا ريب أنه لا طريق غير طريق التوحيد. وإذا ما وجد طريقٌ غيره فيلزم تبديلُ الموجودات وإفراغُ الدنيا في العدم وإملاؤها مجددا بأمور تافهة بدلا منها، ليفتح طريقا أمام الشرك ليسلكه!!
وها قد سمعتَ مجمل برهان واحد يخص التوحيد من مئات البراهين الموضحة في رسائل النور.
TEVHİDİN ÜÇÜNCÜ MUKTEZÎSİ
Her şeyde, hususan zîhayat masnulardaki hilkat, fevkalâde sanatkârane olmakla beraber, bir çekirdek bir meyvenin ve bir meyve bir ağacın ve bir ağaç bir nev’in ve bir nevi bir kâinatın bir küçük numunesi, bir misal-i musağğarası, bir muhtasar fihristesi, bir mücmel haritası, bir manevî çekirdeği ve ilmî düsturlar ile ve hikmet mizanları ile kâinattan süzülmüş, sağılmış, toplanmış birer câmi’ noktası ve mâyelik birer katresi olduğundan onlardan birisini icad eden zat, herhalde bütün kâinatı icad eden aynı zattır. Evet bir kavun çekirdeğini halk eden zat, bilbedahe kavunu halk edendir; ondan başkası olamaz ve olması muhal ve imkânsızdır.
Evet biz bakıyoruz, görüyoruz ki kanda her bir zerre o kadar muntazam ve çok vazifeleri görüyor ki yıldızlardan geri kalmıyor. Ve kanda bulunan her bir küreyvat-ı hamra ve beyza, o derece şuurkârane ceset için muhafaza ve iaşe hususunda öyle işleri görüyor ki en mükemmel erzak memurlarından ve muhafaza askerinden daha mükemmeldir. Ve cisimdeki hüceyrelerinin her birisi, o derece muntazam muamelata ve vâridat ve sarfiyata mazhardır ki en mükemmel bir cesetten ve bir saraydan daha mükemmel idare edilir. Ve hayvanatın ve nebatatın her bir ferdi, yüzünde öyle bir sikkeyi ve içinde ve sinesinde öyle bir makineyi taşıyor ki bütün hayvanları ve nebatları icad eden bir zat, ancak o sikkeyi o yüzde ve o makineyi o sine içinde yapabilir. Ve zîhayattan her bir nevi, o derece zemin yüzünde muntazaman yayılmış ve sair nevilere münasebettarane karışmış ki bütün o envaı birden icad, idare, tedbir, terbiye etmeyen ve zemin yüzünü örten ve dört yüz bin nebatî ve hayvanî olan atkı ipleriyle dokunan gayet nakışlı ve sanatlı hayattar bir haliçeyi nesc ve icad edemeyen, o tek nev’i icad ve idare edemez. Daha bunlara başka şeyler kıyas edilse anlaşılır ki kâinat mecmuası, halk ve icad cihetinde tecezzi kabul etmez bir külldür ve tedbir ve rububiyet cihetinde inkısamı imkânsız bir küllîdir.
Bu üçüncü muktezî Siracünnur’un çok risalelerinde, hususan Otuz İkinci Söz’ün Birinci Mevkıf’ında o kadar kat’î ve parlak izah ve ispat edilmiştir ki güneşin akisleri gibi her şeyin âyinesinde bir bürhan-ı vahdet temessül ve bir hüccet-i tevhid in’ikas ediyor. Biz o izaha iktifaen burada o uzun kıssayı kısa kestik.
ÜÇÜNCÜ MAKAM
Bu makam, tevhidin üç küllî alâmetini icmalen beyan edecek.
Vahdetin tahakkukuna ve vücuduna delâlet eden deliller ve alâmetler ve hüccetler hadd ü hesaba gelmez. Onlardan binler bürhanlar Siracünnur’da tafsilen beyan edildiğinden bu Üçüncü Makam’da yalnız üç küllî hüccetlerin icmalen beyanıyla iktifa edildi.
BİRİNCİ ALÂMET VE HÜCCET ki وَح۟دَهُ kelimesi onun neticesidir. Her şeyde bir vahdet var. Vahdet ise bir vâhide delâlet ve işaret eder. Evet vâhid bir eser, bilbedahe vâhid bir sâni’den sudûr eder. Bir, elbette birden gelir. Her şeyde bir birlik bulunduğundan elbette bir tek zatın eseri ve sanatı olduğunu gösterir. Evet bu kâinat, bin birlikler perdeleri içinde sarılı bir gül goncası gibidir. Belki esma ve ef’al-i umumiye-i İlahiyenin adedince vahdetleri giymiş bir tek insan-ı ekberdir. Belki enva-ı mahlukat sayısınca dallarına vahdetler, birlikler asılmış bir şecere-i tûba-i hilkattir.
Evet kâinatın idaresi bir ve tedbiri bir ve saltanatı bir ve sikkesi bir... Bir, bir, bir tâ bin bir bir birler kadar… Hem bu kâinatı çeviren isimler ve fiiller bir iken her biri kâinatı veya ekserini ihata eder. Yani, içinde işleyen hikmeti bir ve inayeti bir ve tanzimatı bir ve iaşesi bir ve muhtaçlarının imdatlarına koşan rahmet bir ve o rahmetin bir şerbetçisi olan yağmur bir ve hâkeza bir bir bir tâ binler bir birler… Hem bu kâinatın sobası olan güneş bir, lambası olan kamer bir, aşçısı olan ateş bir, levazımat deposu ve hazineli direği olan dağ bir, sakacı ve sucusu bir ve bağları sulayan süngeri bir ve hâkeza bir bir bir tâ bin bir birler kadar…
İşte âlemin bu kadar birlikleri ve vahdetleri, güneş gibi zâhir bir tek Vâhid-i Ehad’e işaret ve delâlet eden bir hüccet-i bâhiredir. Hem kâinat unsurlarının ve nevilerinin her birisi bir olmasıyla beraber, zeminin yüzünü ihata etmesi ve birbirinin içine girmesi ve münasebettarane ve belki muavenetkârane birleşmesi, elbette mâlik ve sahip ve sâni’lerinin bir olmasına bir alâmet-i zâhiredir.
İKİNCİ ALÂMET VE HÜCCET ki لَا شَرٖيكَ لَهُ kelimesini intac ediyor. Bütün kâinatta zerrelerden tâ yıldızlara kadar her şeyde kusursuz bir intizam-ı ekmel ve noksansız bir insicam-ı ecmel ve zulümsüz bir mizan-ı âdilin bulunmasıdır. Evet kemal-i intizam, insicam-ı mizan ise yalnız vahdetle olabilir. Müteaddid eller bir tek işe karışırsa karıştırır.
Sen gel, bu intizamın haşmetine bak ki bu kâinatı gayet mükemmel öyle bir saray yapmış ki her bir taşı bir saray kadar sanatlı ve gayet muhteşem öyle bir şehir etmiş ki hadsiz olan vâridat ve sarfiyatı ve nihayetsiz kıymettar malları ve erzakı, bir perde-i gaybdan kemal-i intizamla vakti vaktine umulmadığı yerlerden geliyor. Ve gayet manidar öyle mu’cizane bir kitaba çevirmiş ki her bir harfi yüz satır ve her bir satırı yüz sahife ve her sahifesi yüz bab ve her babı yüz kitap kadar manaları ifade eder. Hem bütün babları, sahifeleri, satırları, kelimeleri, harfleri birbirine bakar, birbirine işaret ederler.
Hem sen gel, bu intizam-ı acib içinde şu tanzimin kemaline bak ki bu koca kâinatı tertemiz medeni bir şehir, belki temizliğine gayet dikkat edilen bir güzel kasır, belki yetmiş süslü hulleleri birbiri üstüne giymiş bir huri’l-în, belki yetmiş latîf ziynetli perdelere sarılmış bir gül goncası gibi pâk ve temizdir.
Hem sen gel, bu intizam ve nezafet içindeki bu mizanın kemal-i adaletine bak ki bin derece büyütmekle ancak görülebilen küçücük ve incecik mahlukları ve huveynatı ve bin defa küre-i arzdan büyük olan yıldızları ve güneşleri, o mizanın ve o terazinin vezniyle ve ölçüsüyle tartılır ve onlara lâzım olan her şeyleri noksansız verilir. Ve o küçücük mahluklar, o fevkalâde büyük masnûlar ile beraber, o mizan-ı adalet karşısında omuz omuzadırlar. Halbuki o büyüklerden öyleleri var ki eğer bir saniye kadar muvazenesini kaybetse muvazene-i âlemi bozacak ve bir kıyameti koparacak kadar bir tesir yapabilir.
Hem sen gel, bu intizam, nezafet, mizanın içinde, bu fevkalâde cazibedar cemale ve güzelliğe bak ki bu koca kâinatı gayet güzel bir bayram ve gayet süslü bir meşher ve çiçekleri yeni açılmış bir bahar şeklini vermiş ve koca baharı gayet güzel bir saksı, bir gül destesi yapmış ki her bahara, zeminin yüzünde mevsim be-mevsim açılan yüz binler nakışlı bir muhteşem çiçek suretini vermiş. Ve o baharda her bir çiçeği çeşit çeşit ziynetlerle güzelleştirmiş. Evet nihayet derecede hüsün ve cemalleri bulunan esma-i hüsnanın güzel cilveleriyle, kâinatın her bir nev’i, hattâ her bir ferdi, kabiliyetine göre öyle bir hüsne mazhar olmuşlar ki Hüccetü’l-İslâm İmam-ı Gazalî demiş: لَي۟سَ فِى ال۟اِم۟كَانِ اَب۟دَعُ مِمَّا كَانَ Yani “Daire-i imkânda bu mükevvenattan daha bedî’ daha güzel yoktur.”
İşte bu muhit ve cazibedar olan hüsün ve bu umumî ve hârikulâde nezafet ve bu müstevli ve şümullü ve gayet hassas mizan ve bu ihatalı ve her cihette mu’cizane intizam ve insicam, vahdete ve tevhide öyle bir hüccettir, bir alâmettir ki gündüzün ortasındaki ziyanın güneşe işaretinden daha parlaktır.
Bu makama ait gayet mühim, iki şıklı bir suale gayet muhtasar ve kuvvetli bir cevaptır.
Sualin birinci şıkkı: Bu makamda diyorsun ki kâinatı hüsün ve cemal ve güzellik ve adalet ihata etmiştir. Halbuki gözümüz önünde bu kadar çirkinliklere ve musibetlere ve hastalıklara ve beliyyelere ve ölümlere ne diyeceksin?
Elcevap: Çok güzellikleri intac veya izhar eden bir çirkinlik dahi dolayısıyla bir güzelliktir. Ve çok güzelliklerin görünmemesine ve gizlenmesine sebep olan bir çirkinliğin yok olması, görünmemesi; yalnız bir değil, belki müteaddid defa çirkindir. Mesela, vâhid-i kıyasî gibi bir kubuh bulunmazsa hüsnün hakikati bir tek nevi olur, pek çok mertebeleri gizli kalır. Ve kubhun tedahülü ile mertebeleri inkişaf eder. Nasıl ki soğuğun vücuduyla hararetin mertebeleri ve karanlığın bulunmasıyla ziyanın dereceleri tezahür eder. Aynen öyle de cüz’î şer ve zarar ve musibet ve çirkinliğin bulunmasıyla küllî hayırlar ve küllî menfaatler ve küllî nimetler ve küllî güzellikler tezahür ederler. Demek çirkinin icadı çirkin değil, güzeldir. Çünkü neticelerin çoğu güzeldir. Evet yağmurdan zarar gören tembel bir adam, yağmura rahmet namını verdiren hayırlı neticelerini hükümden ıskat etmez, rahmeti zahmete çeviremez.
Amma fena ve zeval ve mevt ise Yirmi Dördüncü Mektup’ta gayet kuvvetli ve kat’î bürhanlar ile ispat edilmiş ki onlar, umumî rahmete ve ihatalı hüsne ve şümullü hayra münafî değiller, belki muktezalarıdırlar. Hattâ şeytanın dahi manevî terakkiyat-ı beşeriyenin zembereği olan müsabakaya ve mücahedeye sebep olduğundan o nev’in icadı dahi hayırdır, o cihette güzeldir. Hem hattâ kâfir, küfür ile bütün kâinatın hukukuna bir tecavüz ve şerefini tahkir ettiğinden ona cehennem azabı vermek güzeldir. Başka risalelerde bu iki nokta tamamen tafsil edildiğinden burada bir kısa işaretle iktifa ediyoruz.
Sualin ikinci şıkkı: (Hâşiye[11]) Haydi şeytana ve kâfire ait bu cevabı umumî noktasında kabul edelim. Fakat Cemil-i Mutlak ve Rahîm-i Mutlak ve hayr-ı mutlak olan Zat-ı Ganiyy-i Ale’l-ıtlak, nasıl oluyor ki bîçare cüz’î fertleri ve şahısları musibete, şerre, çirkinliğe müptela ediyor?
Elcevap: Ne kadar iyilik ve güzellik ve nimet varsa doğrudan doğruya o Cemil ve Rahîm-i Mutlak’ın hazine-i rahmetinden ve ihsanat-ı hususiyesinden gelir. Ve musibet ve şerler ise saltanat-ı rububiyetin âdetullah namı altında ve küllî iradelerin mümessilleri olan umumî ve küllî kanunlarının çok neticelerinden tek tük, cüz’î neticeleri olmasından, o kanunlar cereyanının cüz’î muktezaları olduğundan, elbette küllî maslahatlara medar olan o kanunları muhafaza ve riayet etmek için o şerli, cüz’î neticeleri dahi halk eder.
Fakat o cüz’î ve elîm neticelere karşı, imdadat-ı hâssa-i Rahmaniye ve ihsanat-ı hususiye-i Rabbaniye ile musibete düşen efradın feryatlarına ve beliyyelere giriftar olan eşhasın istigaselerine yetişir. Ve fâil-i muhtar olduğunu ve her bir şeyin her bir işi, onun meşietine bağlı bulunduğunu ve umum kanunları dahi daima irade ve ihtiyarına tabi bulunmalarını ve o kanunların tazyikinden feryat eden fertleri, bir Rabb-i Rahîm dinlediğini ve imdatlarına ihsanıyla yetiştiğini göstermekle; esma-i hüsnanın kayıtsız ve hadsiz cilvelerine, hadsiz ve kayıtsız bir meydan açmak için o küllî âdetullah düsturlarının ve o umumî kanunların şüzuzatıyla ve hem şerli cüz’î neticeleriyle, hususi ihsanat ve hususi teveddüdat, yani sevdirmekle hususi tecelliyat kapılarını açmıştır.
Bu ikinci alâmet-i tevhid Siracünnur’un belki yüz yerlerinde beyan edildiğinden burada hafif bir işaretle iktifa ettik.
ÜÇÜNCÜ HÜCCET VE ALÂMET: لَهُ ال۟مُل۟كُ وَلَهُ ال۟حَم۟دُ ile işaret edilen hadd ü hesaba gelmeyen tevhid sikkeleridir. Evet her şeyin yüzünde, cüz’î olsun küllî olsun, zerrattan tâ seyyarata kadar öyle bir sikke var ki âyinede güneşin cilvesi güneşi gösterdiği gibi, öyle de o sikke âyinesi dahi Şems-i ezel ve ebed’e işaret ederek vahdetine şehadet eder. O hadsiz sikkelerden pek çokları Siracünnur’da tafsilen beyan edildiğinden burada yalnız kısa bir işaretle üç tanesine bakacağız. Şöyle ki:
Mecmu-u kâinatın yüzüne, envaın birbirine karşı gösterdikleri teavün, tesanüd, teşabüh, tedahülden mürekkeb geniş bir sikke-i vahdet konulduğu gibi, zeminin yüzüne de dört yüz bin hayvanî ve nebatî taifelerden mürekkeb bir ordu-yu Sübhanînin ayrı ayrı erzak, esliha, elbise, talimat, terhisat cihetinde gayet intizam ile hiçbirini şaşırmayarak, vakti vaktine verilmesiyle koyduğu o sikke-i tevhid misillü insanın yüzüne de her bir yüzün umum yüzlere karşı birer alâmet-i farika bulunmasıyla koyduğu sikke-i vahdaniyet gibi her bir masnûun yüzünde –cüz’î olsun küllî olsun– birer sikke-i tevhid ve her bir mahlukun başında –büyük olsun, küçük olsun, az ve çok olsun– birer hâtem-i ehadiyet müşahede edilir. Ve bilhassa zîhayat mahlukların sikkeleri çok parlaktırlar. Belki her bir zîhayat kendisi dahi birer sikke-i tevhid, birer hâtem-i vahdet, birer mühr-ü ehadiyet, birer turra-i samediyettirler.
Evet her bir çiçek, her bir meyve, her bir yaprak, her bir nebat, her bir hayvan; öyle birer mühr-ü ehadiyet, birer hâtem-i samediyettir ki her bir ağacı birer mektub-u Rabbanî ve her bir taife-i mahlukatı birer kitab-ı Rahmanî ve her bir bahçeyi, birer ferman-ı Sübhanî suretine çevirerek o ağaç mektubuna, çiçekleri adedince mühürler ve meyveleri sayısınca imzalar ve yaprakları miktarınca turralar basılmış ve o nevi ve taife kitabına dahi onun kâtibini göstermek, bildirmek için fertleri adedince hâtemler basılmış. Ve o bahçe fermanına, onun sultanını tanıttırmak, tarif etmek için o bağ içinde bulunan nebat, ağaç, hayvan sayısınca sikkeler basılmış.
Hattâ her bir ağacın mebdeinde ve müntehasında ve üstünde ve içinde هُوَ ال۟اَوَّلُ وَال۟اٰخِرُ وَالظَّاهِرُ وَال۟بَاطِنُ isimlerinin işaret ettikleri dört sikke-i tevhid var:
İsm-i Evvel ile işaret edildiği gibi: Her bir meyvedar ağacın menşe-i aslîsi olan çekirdek (Hâşiye[12]) öyle bir sandukçadır ki o ağacın programını ve fihristesini ve planını ve öyle bir tezgâhtır ki onun cihazatını ve levazımatını ve teşkilatını ve öyle bir makinedir ki onun iptidadaki incecik vâridatını ve latîfane masarifini ve tanzimatını taşıyor.
Ve ism-i Âhir’le işaret edildiği gibi: Her bir ağacın neticesi ve meyvesi öyle bir tarifenamedir ki o ağacın eşkâlini ve ahvalini ve evsafını ve öyle bir beyannamedir ki onun vazifelerini ve menfaatlerini ve hâssalarını ve öyle bir fezlekedir ki o ağacın emsalini ve ensalini ve nesl-i âtisini o meyvenin kalbinde bulunan çekirdekler ile beyan ediyor, ders veriyor.
Ve ism-i Zâhir’le işaret edildiği gibi: Her ağacın giydiği suret ve şekil öyle musanna ve münakkaş bir hulledir, bir libastır ki o ağacın dal ve budak ve aza ve eczasıyla tam kametine göre biçilmiş, kesilmiş, süslendirilmiş. Ve öyle hassas ve mizanlı ve manidardır ki o ağacı bir kitap, bir mektup, bir kaside suretine çevirmiştir.
Ve ism-i Bâtın ile işaret edildiği gibi: Her ağacın içinde işleyen tezgâh öyle bir fabrikadır ki o ağacın bütün ecza ve azasını teşkil ve tedvir ve tedbirini gayet hassas mizanla ölçtüğü gibi, bütün ayrı ayrı azalarına lâzım olan maddeleri ve rızıkları, gayet mükemmel bir intizam altında sevk ve taksim ve tevzi ile beraber akılları hayret içinde bırakan şimşek çakmak gibi bir sürat ve saati kurmak gibi bir suhulet ve bir orduya “Arş!” demek gibi bir birlik ve beraberlik ile o hârika fabrika işliyor.
Elhasıl: Her bir ağacın evveli, öyle bir sandukça ve program ve âhiri, öyle bir tarifename ve numune ve zâhiri, öyle bir musanna hulle ve bir münakkaş libas ve bâtını, öyle bir fabrika ve tezgâhtır ki bu dört cihet öyle birbirine bakıyorlar ve dördün mecmuundan öyle bir sikke-i a’zam, belki bir ism-i a’zam tezahür eder ki bilbedahe bütün kâinatı idare eden bir Sâni’-i Vâhid-i Ehad’den başkası o işleri yapamaz. Ve ağaç gibi her zîhayatın evveli, âhiri, zâhiri, bâtını birer sikke-i tevhid, birer hâtem-i vahdet, birer mühr-ü ehadiyet, birer turra-i vahdaniyet taşıyor.
İşte bu üç misaldeki ağaca kıyasen, bahar dahi çok çiçekli bir ağaçtır. Güz mevsiminin eline emanet edilen tohumlar, çekirdekler, kökler ism-i Evvel’in sikkesini ve yaz mevsiminin kucağına dökülen, eteğini dolduran meyveler, hububat ve sebzevatlar ism-i Âhir’in hâtemini ve bahar mevsimi, huri’l-în misillü birbiri üstüne giydiği sündüs-misal hulleler ve yüz bin nakışlar ile süslenmiş fıtrî libaslar ism-i Zâhir’in mührünü ve baharın içinde ve zeminin batnında işleyen Samedanî fabrikalar ve kaynayan Rahmanî kazanlar ve yemekleri pişirttiren Rabbanî matbahlar ism-i Bâtın’ın turrasını taşıyorlar.
Hattâ her bir nevi, mesela nev-i beşer dahi bir ağaçtır. Kökü ve çekirdeği mazide ve semereleri, neticeleri müstakbelde olarak hayat-ı cinsiye ve beka-yı nev’î içinde gayet muntazam kanunların bulunması gibi, hal-i hazır vaziyeti dahi hayat-ı şahsiye ve hayat-ı içtimaiye düsturlarının hükmü altında bir sikke-i tevhid ve zâhirî karışıklıklar altında gizli, muntazam bir hâtem-i vahdet ve müşevveş ahval-i beşeriye altında mukadderat-ı hayatiye denilen kaza ve kaderin düsturlarının hükmü altında bir mühr-ü vahdaniyet taşıyor.
HÂTİME
Sırr-ı tevhid içinde sair erkân-ı imaniyeye birer kelâmla kısacık birer işarettir.
Ey insan-ı gafil! Gel bir kere düşün ve bu risalenin üç makamında beyan edilen “Üç Meyve, Üç Muktezî, Üç Hücceti” nazara al, bak ki bu kâinatta tasarruf eden ve en cüz’î bir şifayı ve en küçük bir şükrü dahi nazara alan ve sinek kanadı gibi en az bir sanatı, başkalarına havale etmeyen ve vermeyen ve lâkayt kalmayan ve en basit bir tohuma bir ağaç kadar vazifeler ve hikmetler takan ve kendi rahmaniyetini ve rahîmiyetini ve hakîmliğini her bir sanatıyla ihsas eden ve kendini her bir vesile ile tanıttıran ve her bir nimetle sevdiren bir Sâni’-i Kadîr, Hakîm, Rahîm, Alîm hiç mümkün müdür ki ve hiçbir cihetle kabil midir ki kâinatı manen istila eden mehasin-i hakikat-i Muhammediyeye (asm) ve tesbihat-ı Ahmediyeye (asm) ve envar-ı İslâmiyeye karşı lâkayt kalsın?
Ve hiçbir cihetle mümkün müdür ki bütün masnuatını yaldızlayan ve bütün mahlukatını sevindiren ve kâinatı ışıklandıran ve semavat ve arzı velveleye veren ve küre-i arzın yarısını ve nev-i beşerin beşten birisini on dört asır bilâ-fâsıla saltanat-ı maddiye ve maneviyesi altına alan ve daima o muhteşem saltanatı Hâlık-ı kâinat hesabına ve namına süren risalet-i Ahmediye (asm) o Sâni’in en mühim bir maksadı, bir nuru, bir âyinesi olmasın? Hem Muhammed (asm) gibi aynı hakikate hizmet eden enbiyalar dahi o Sâni’in elçileri ve dostları ve memurları olmasın? Hâşâ, mu’cizat-ı enbiya adedince hâşâ ve kellâ!
Hem hiçbir cihetle mümkün müdür ki dal ve budak gibi en cüz’î bir şeye yüz hikmetleri ve meyveleri takan ve kendi rububiyetini fevkalâde hikmetleriyle ve umumî rahmaniyetiyle tanıttırıp sevdiren bir Hâlık-ı Hakîm-i Rahîm, kudretine nisbeten bir bahar kadar kolay olan haşri getirmeyerek bir dâr-ı saadet, bir menzil-i beka açmayıp bütün hikmetlerini ve rahmetlerini hattâ rububiyetini ve kemalâtını inkâr etsin ve ettirsin ve çok sevdiği bütün mahbub mahluklarını ebedî bir surette idam etsin? Hâşâ, yüz bin defa hâşâ! O Cemal-i Mutlak, böyle bir kubh-u mutlaktan yüz binler derece münezzeh ve mukaddestir.
UZUNCA BİR HÂŞİYE:
Haşir münasebetiyle bir sual:
Kur’an’da mükerreren اِن۟ كَانَت۟ اِلَّا صَي۟حَةً وَاحِدَةً hem وَمَٓا اَم۟رُ السَّاعَةِ اِلَّا كَلَم۟حِ ال۟بَصَرِ fermanları gösteriyor ki haşr-i a’zam bir anda, zamansız vücuda geliyor. Dar akıl ise bu hadsiz derece hârika ve emsalsiz olan meseleyi iz’an ile kabul etmesine medar olacak meşhud bir misal ister.
Elcevap: Haşirde, ruhların cesetlere gelmesi var. Hem cesetlerin ihyası var. Hem cesetlerin inşası var. Üç meseledir:
Birinci Mesele: Ruhların cesetlerine gelmesine misal ise, gayet muntazam bir ordunun efradı, istirahat için her tarafa dağılmış iken yüksek sadâlı bir boru sesiyle toplanmalarıdır. Evet, İsrafil’in borusu olan Sûr’u, ordunun borazanından geri olmadığı gibi, ebedler tarafında ve zerreler âleminde iken ezel canibinden gelen اَلَس۟تُ بِرَبِّكُم۟ hitabını işiten ve قَالُوا بَلٰى ile cevap veren ervahlar, elbette ordunun neferatından binler derece daha musahhar ve muntazam ve mutîdirler. Hem değil yalnız ruhlar, belki bütün zerreler dahi bir ordu-yu Sübhanî ve emirber neferleri olduğunu gayet kat’î bürhanlar ile Otuzuncu Söz ispat etmiş.
İkinci Mesele: Cesetlerin ihyası misali ise, çok büyük bir şehirde, şenlik bir gecede, bir tek merkezden, yüz bin elektrik lambaları, âdeta zamansız, bir anda canlanmaları ve ışıklanmaları gibi, bütün küre-i arz yüzünde dahi bir tek merkezden yüz milyon lambalara nur vermek mümkündür. Madem Cenab-ı Hakk’ın elektrik gibi bir mahluku ve bir misafirhanesinde bir hizmetkârı ve bir mumdarı, Hâlık’ından aldığı terbiye ve intizam dersiyle bu keyfiyete mazhar oluyor. Elbette elektrik gibi binler nurani hizmetkârlarının temsil ettikleri hikmet-i İlahiyenin muntazam kanunları dairesinde haşr-i a’zam, tarfetü’l-aynda vücuda gelebilir.
Üçüncü Mesele: Ecsadın def’aten inşasının misali ise, bahar mevsiminde birkaç gün zarfında nev-i beşerin umumundan bin derece ziyade olan umum ağaçların bütün yapraklarıyla beraber evvelki baharın aynı gibi birden, mükemmel bir surette inşaları; ve yine umum ağaçların umum çiçekleri ve meyveleri ve yaprakları, geçmiş baharın mahsulatı gibi, berk gibi bir süratle icadları; hem o baharın mebdeleri olan hadsiz tohumcukların, çekirdeklerin, köklerin, birden beraber intibahları ve inkişafları ve ihyaları; hem kemiklerden ibaret olarak ayakta duran emvat gibi bütün ağaçların cenazeleri bir emir ile def’aten “ba’sü ba’de’l-mevt” sırrına mazhariyetleri ve neşirleri; hem küçücük hayvan taifelerinin hadsiz efradlarının gayet derecede sanatlı bir surette ihyaları; hem bilhassa sinekler kabilelerinin haşirleri ve bilhassa daima yüzünü, gözünü, kanadını temizlemekle bize abdesti ve nezafeti ihtar eden ve yüzümüzü okşayan gözümüz önündeki kabilenin bir senede neşrolan efradı, benî-Âdem’in Âdem zamanından beri gelen umum efradından fazla olduğu halde, her baharda sair kabileler ile beraber birkaç gün zarfında inşaları ve ihyaları, haşirleri; elbette kıyamette ecsad-ı insaniyenin inşasına bir misal değil, belki binler misaldirler.
Evet, dünya dârü’l-hikmet ve âhiret dârü’l-kudret olduğundan dünyada Hakîm, Mürettib, Müdebbir, Mürebbi gibi çok isimlerin iktizasıyla, dünyada icad-ı eşya bir derece tedricî ve zaman ile olması; hikmet-i Rabbaniyenin muktezasıyla olmuş. Âhirette ise hikmetten ziyade kudret ve rahmetin tezahürleri için maddeye ve müddete ve zamana ve beklemeye ihtiyaç bırakmadan birden eşya inşa ediliyor. Burada bir günde ve bir senede yapılan işler, âhirette bir anda ve bir lemhada inşasına işareten Kur’an-ı Mu’cizü’l-Beyan وَمَٓا اَم۟رُ السَّاعَةِ اِلَّا كَلَم۟حِ ال۟بَصَرِ اَو۟ هُوَ اَق۟رَبُ ferman eder.
Eğer haşrin gelmesini, gelecek baharın gelmesi gibi kat’î bir surette anlamak istersen haşre dair Onuncu Söz ile Yirmi Dokuzuncu Söz’e dikkat ile bak, gör. Eğer baharın gelmesi gibi inanmaz isen, gel parmağını gözüme sok.
Amma bir dördüncü mesele olan mevt-i dünya ve kıyamet kopması ise, bir anda bir seyyare veya bir kuyruklu yıldızın emr-i Rabbanî ile küremize, misafirhanemize çarpması bu hanemizi harap edebilir. On senede yapılan bir saray, bir dakikada harap olması gibi…
Bu haşrin dört meselesinin icmali şimdilik yeter. Yine sadedimize dönüyoruz.
Hem hiç mümkün müdür ki kâinatın bütün hakiki ve âlî hakikatlerinin beliğ tercümanı ve Hâlık-ı kâinat’ın bütün kemalâtının mu’ciz lisanı ve bütün maksatlarının hârika mecmuası olan Kur’an-ı Mu’cizü’l-Beyan o Hâlık’ın kelâmı olmasın? Hâşâ, âyâtının esrarı adedince hâşâ!
Hem hiç mümkün müdür ki bir Sâni’-i Hakîm, bütün zîhayat, zîşuur masnûlarını birbiriyle konuştursun ve dillerinin binler çeşitleriyle birbiriyle söyleştirsin ve onların sözlerini ve seslerini bilsin ve işitsin ve ef’aliyle ve in’amıyla zâhir bir surette cevap versin, fakat kendisi konuşmasın ve konuşamasın? Hiç kabil midir ve hiç ihtimali var mı?
Madem bilbedahe konuşur ve madem konuşmasına karşı tam anlayışlı muhatap en başta insandır. Elbette başta Kur’an olarak meşhur kütüb-ü mukaddese onun konuşmalarıdır.
Hem hiç mümkün müdür ki bir Sâni’-i Hakîm, kendini tanıttırmak ve sevdirmek ve medh ü senasını ettirmek ve enva-ı ihsanatıyla zîhayatları mesrur ve memnun etmekle minnettarlıklarını ve şükürlerini rububiyetine mühim bir medar yapmak için; koca kâinatı envaıyla, erkânıyla, zîhayata musahhar bir hizmetkâr, bir mesken, bir meşher, bir ziyafetgâh yaptıktan sonra, zîhayatların çeşit çeşit, binlerce envalarının nüshalarını o derece teksirini istiyor ki kavak ve karaağaç gibi meyvesizlerin bir kısım yapraklarından her bir yaprağı, bir tabur sineklere yani havada zikreden zîhayatlara hem beşik, hem rahm-ı mader, hem erzaklarının mahzeni yaptığı halde; bu ziynetli semavatı ve bu nurani yıldızları sahipsiz, hayatsız, ruhsuz, sekenesiz, boş, hâlî, faydasız yani melâikesiz, ruhanîsiz bıraksın? Hâşâ, melekler ve ruhanîler adedince hâşâ ve kellâ!
Hem hiç mümkün müdür ki bir Sâni’-i Hakîm-i Müdebbir, en ehemmiyetsiz bir nebatın, en küçük bir ağacın mebdelerini ve müntehalarını kemal-i intizam içinde mukadderat-ı hayatiyesini çekirdeğinde ve meyvesinde kalem-i kader ile yazmakla beraber, koca baharı bir tek ağaç gibi mukaddimatını ve neticelerini, kemal-i imtiyaz ve intizam ile yazsa ve en ehemmiyetsiz şeylere de lâkayt kalmazsa; fakat kâinatın neticesi ve arzın halifesi ve enva-ı mahlukatın nâzırı ve zabiti olan insanın çok ehemmiyetli bulunan ef’alini ve harekâtını yazmasın, daire-i kaderine almasın, onlara lâkayt kalsın? Hâşâ, insanların mizana girecek olan amelleri adedince hâşâ ve kellâ!
Elhasıl: Kâinat bütün hakaikiyle bağırarak diyor:
اٰمَن۟تُ بِاللّٰهِ وَ مَلٰئِكَتِهٖ وَ كُتُبِهٖ وَ رُسُلِهٖ وَ بِال۟يَو۟مِ ال۟اٰخِرِ وَ بِال۟قَدَرِ خَي۟رِهٖ وَ شَرِّهٖ مِنَ اللّٰهِ تَعَالٰى وَ ال۟بَع۟ثُ بَع۟دَ ال۟مَو۟تِ حَقٌّ اَش۟هَدُ اَن۟ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا اللّٰهُ
وَ اَش۟هَدُ اَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَي۟هِ وَ عَلٰى اٰلِهٖ وَ صَح۟بِهٖ وَ اِخ۟وَانِهٖ وَ سَلَّمَ اٰمٖينَ
TEVHİDÎ BİR MÜNÂCAT VE MUKADDİMESİ
Hazret-i İmam-ı Ali radıyallahu anh ve kerremallahu vechehu Kaside-i Celcelutiye’sinde kerametkârane Risale-i Nur’dan haber verdiği yerde Risale-i Nur’u Siracünnur ve Siracüssürc namlarıyla tesmiye ederek Risale-i Nur’un üç ismine iki isim ilâve etmesi cihetiyle ve bu risalede Siracünnur namı tekrarı münasebetiyle, bu risalenin âhirinde İmam-ı Ali radıyallahu anhın en mühim bir münâcatını iki derece tevsi ederek onun ulvi lisanıyla ve dilimizi onun bir dili hesabıyla istimal edip bu gelen münâcatı dergâh-ı Vâhid-i Ehad’e takdim ederiz.
MÜNÂCAT
اَللّٰهُمَّ اِنَّهُ لَي۟سَ فِى السَّمٰوَاتِ دَوَرَاتٌ وَ نُجُومٌ مُحَرَّكَاتٌ سَيَّارَاتٌ وَ لَا فِى ال۟جَوِّ سَحَابَاتٌ وَ بُرُوقٌ مُسَبِّحَاتٌ وَ رَعَدَاتٌ وَ لَا فىِ ال۟اَر۟ضِ غَمَرَاتٌ وَ حَيَوَانَاتٌ وَ عَجَائِبُ مَص۟نُوعَاتٍ. وَ لَا فِى ال۟بِحَارِ قَطَرَاتٌ وَ سَمَكَاتٌ وَ غَرَائِبُ مَخ۟لُوقَاتٍ. وَ لَا فِى ال۟جِبَالِ حَجَرَاتٌ وَ نَبَاتَاتٌ وَ مُدَّخَرَاتُ مَع۟دَنِيَّاتٍ. وَ لَا فِى ال۟اَش۟جَارِ وَرَقَاتٌ وَ زَهَرَاتٌ مُزَيَّنَاتٌ وَ ثَمَرَاتٌ. وَ لَا فِى ال۟اَج۟سَامِ حَرَكَاتٌ وَ اٰلَاتٌ وَ مُنَظَّمَاتُ جِهَازَاتٍ. وَ لَا فِى ال۟قُلُوبِ خَطَرَاتٌ وَ اِل۟هَامَاتٌ وَ مُنَوَّرَاتُ اِع۟تِقَادَاتٍ اِلَّا وَ هِىَ كُلُّهَا عَلٰى وُجُوبِ وُجُودِكَ شَاهِدَاتٌ وَ عَلٰى وَح۟دَانِيَّتِكَ دَالَّاتٌ وَ فٖى مُل۟كِكَ مُسَخَّرَاتٌ فَبِال۟قُد۟رَةِ الَّتٖى سَخَّر۟تَ بِهَا ال۟اَرَضٖينَ وَ السَّمٰوَاتِ سَخِّر۟لٖى نَف۟سٖى وَ سَخِّر۟لٖى مَط۟لُوبٖى وَ سَخِّر۟ لِرَسَائِلِ النُّورِ لِخِد۟مَةِ ال۟قُر۟اٰنِ وَ ال۟اٖيمَانِ قُلُوبَ عِبَادِكَ وَ قُلُوبَ ال۟مَخ۟لُوقَاتِ الرُّوحَانِيَّاتِ مِنَ ال۟عُل۟وِيَّاتِ وَ السُّف۟لِيَّاتِ يَا سَمٖيعُ يَا قَرٖيبُ يَا مُجٖيبَ الدَّعَوَاتِ وَ ال۟حَم۟دُ لِلّٰهِ رَبِّ ال۟عَالَمٖينَ
سُب۟حَانَكَ لَا عِل۟مَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّم۟تَنَٓا اِنَّكَ اَن۟تَ ال۟عَلٖيمُ ال۟حَكٖيمُ
- ↑ أي في سنة ١٩٥٢ حيث إن سجن «أسكي شهر» كان في سنة ١٩٣٦
- ↑ انظر: أمثلة هذا القَسَم: البخاري، الصوم ٩، الهبة ٢٨، المناقب ٢٥، المغازي ٨؛ مسلم، الإيمان ١٨٣، ٢٤٠، ٣٢٧.
- ↑ انظر: أمثلة هذا القَسَم: البخاري، الصوم ٩، الهبة ٢٨، المناقب ٢٥، المغازي ٨؛ مسلم، الإيمان ١٨٣، ٢٤٠، ٣٢٧.
- ↑ مجموعة من رسائل النور هي: المناجاة، المرضى، الشيوخ، مراتب الآية الحسبية، حكمة الاستعاذة، النوافذ، دفاع الأستاذ النورسي في محكمة «دنيزلي» وأشراط الساعة وغيرها من المباحث المستلة من كليات رسائل النور.
- ↑ انظر: الترمذي، الدعوات ١٢٣؛ الموطأ، القرآن ٣٢، الحج ٢٤٦؛ عبد الرزاق، المصنف ٤/ ٣٧٨؛ البيهقي، السنن الكبرى ٤/ ٢٨٤.
- ↑ يعني: «إن الخيالات التي هي شراك الأولياء إنما هي مرآة عاكسة تعكس الوجوه النيرة في بستان الله».
- ↑ انظر: البخاري، فضائل القرآن ٢٢، النكاح ١٤، ٣٥؛ مسلم، النكاح ٧٦؛ النسائي، النكاح ٦٢؛ الدارمي، فضائل القرآن ٣٣.
- ↑ كقوله تعالى: ﴿ اِنَّ اللّٰهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَت۪ينُ ﴾ (الذاريات:٥٨) (المؤلف).
- ↑ بارة: كلمة معربة من الفارسية، وهي قطعة من النقد تساوي ربع من القرش، وهي نقد صغير من النحاس. (المعجم الاقتصادي الإسلامي).
- ↑ ليرة: عملة ذهبية مقسمة إلى مائة قرش (المعجم الاقتصادي الإسلامي).
- ↑ Hâşiye: Bu ikinci şıkkın cevabı çok mühimdir, çok evhamı izale eder.
- ↑ Hâşiye: Eski zamandan beri darb-ı mesel olarak umumun dilinde ve lisan-ı nâsta gezen şu “Çekirdekten yetişme” sözü bu risalenin müellifine bir işaret-i gaybiye-i örfiye denilebilir. Çünkü Risale-i Nur hâdimi olan şahıs kur’an’ın feyziyle, çekirdek ve çiçekte tevhid için iki mi’rac-ı marifet keşfederek tabiiyyunları boğan aynı yerde âb-ı hayat bulmuş ve çekirdekten hakikate ve nur-u marifete yetişmiş ve bu iki şeyin Risale-i Nur’da ziyade tekrarları bu hikmete binaendir.