مقدمة
([1])
إن الإنسان يحس في قرارة نفسه بالانتقال إلى عالمٍ آخر في أثناء قراءة سيرة العظماء والاستماع إلى مناقبهم السامية واستذكار مواقفهم البطولية، فتحرق النار السامية المنبثقة من تلك الأحاسيس النـزيهة غفلةَ قلبه، وتغمره بالفيض الإلهي. وفي هذا المضمار يسجّل لنا التاريخ رجالاً يصغر أمام عظمتهم العظماء.
وحينذاك تفلت الروح من قبضة طينة الأرض بذكر الموهوبين من أبطال التاريخ وتحلّق في أجواء العوالم الواسعة، وكأن شذى فيوضات ألف طيب تحيط بـها وهي تسلك طريقها بين رياحين رياض الجنان وعبير أزاهيرها.
وحينذاك تفلت الروح من قبضة طينة الأرض بذكر الموهوبين من أبطال التاريخ وتحلّق في أجواء العوالم الواسعة، وكأن شذى فيوضات ألف طيب تحيط بـها وهي تسلك طريقها بين رياحين رياض الجنان وعبير أزاهيرها.
وفي هذه المقدمة أحس بهذه الحقيقة السامية بكل عظمتها وأدركها بكامل معانيها. وذلك أن هذا الكتاب الذي نقدمه لقرائنا الأحبة بكل صدق وإخلاص، يتناول حياة «فاتح القلوب» الأستاذ العظيم سعيد النورسي عبر عمره الذي يقرب من قرن من الزمان، امتلأت كل صفحة من صفحاته بآلاف الخوارق والبطولات، كما يتناول مضمون رسائله البالغة مائة وثلاثين رسالة، وفضل طلبته الأماجد المتحلين بالإيمان والعلم والإخلاص والصدق، الذين غدوا أسوة حسنة ليس لبلد واحد فحسب، بل للإنسانية جمعاء.
نعم، تُعد المقدمة خلاصة للكتاب وزبدة لفحواه، بينما هذا الكتاب العظيم العميق في شعابه المستوعب كل موضوع من موضوعاته كتاباً مستقلاً بذاته يتأبى تعريف محتوياته في مقدمة تشتمل على صفحات عدة.
ولم أعجز وأتحير في كل ما كتبتُ من كتابات منظومة أو منثورة كما عجزت وتحيرت في هذه المقدمة، لذا فالمطلعون على هذا الكتاب والذين يقرؤونه بنشوة عميقة وجذبة سامية، يرون بإعجاب أن بديع الزمان شخصية ممتازة وعالم فريد قد ترعرعَ منذ صغره بشكل غريب تحت عناية إلهية فائقة.
وبعد أن أحدقتُ النظر في هذا العالِم الجليل ودققت كتبه بجدّ وعرفت طلابه عن كثب، وعشت في عالم النور هذا فكراً وشعوراً وروحاً، عرفتُ مدى حقيقة ما قيل:
ليس على اللّه بمستنكَر أن يجمع العالم في واحد
* * *
إن المرفرفين في حمى هذا القطب الإيماني والمنجذبين إليه لسمو غايته وجليل دعوته وعظمة إيمانه ونصاعة منهجه هم في ازدياد يوماً بعد يومٍ. فكما أن هذه الحادثة الجليلة المبهرة للألباب تغيظ المنكرين وتطفئ جذوة شوقهم، فهي أيضاً تمنح السرور والانشراح والسلوان للمؤمنين وتديم أفراحهم.
يعبر أحد المجاهدين الكبار عن هذه الحادثة الإلهية التي تديم حياتها وحيويتها في القلوب المؤمنة من العروة المعنوية، بأسلوب يسبغ على القلوب وجداً وطمأنينة بما يأتي:
«بينما الابتذال الخلقي المتفشي كطوفان عارم في أيام حالكة السواد بكل جهة وناحية، تكاد تخنق وتكبح كل فضيلة، نرى بسر إلهي سريان فيض الأستاذ بديع الزمان من قلب إلى قلب سريان السيل الذي لا يُقاوم، فنتسلّى وتقوى آمالنا... نعم، لقد أظلمت ليالينا بالسواد الداهم، فانجلاء الصبح إذن قريب.
أجل، إن الذين رأوا فيض هذا النور وتأثيره المنتشر بسر إلهي من قلب إلى قلب بشكل يستحيل مقاومته ومواجهته، في كل أرجاء البلاد، أحاطت بهم الحيرة، وبدءوا يتساءلون: «من هذا الرجل الذي أطبقت شهرته البلاد؟ وما سيرته وآثاره ومنهجه؟ وهل إن ما ينتهجه طريقة صوفية أم جمعية أو تحزب سياسي؟».
ولم ينحصر الأمر على هذا بل بدأت التحريات الحكومية الإدارية والعدلية، والتدقيقات الجادة، وأقيمت المحاكم الطويلة المتعاقبة، وظهر أخيراً أن هذا التجلي الإلهي ليس إلّا «مؤسسة إيمانية علمية» ضاربة أطنابها في عالم القلوب، وبهذا تحقق عدل القدر الإلهي على هذه الصورة: براءة بديع الزمان سعيد النورسي ورسائل النور كافة وأُعلن ذلك رسمياً، وسطعت حقيقة القوانين الإلهية الجارية منذ الأزل إلى الأبد ألا وهو غلبة الروح على المادة، وانتصار الحق على الباطل وانهزام الظلمة أمام النور، وانحسار الكفر أمام الإيمان.
يقال: إن أصح معيار وأدق ميزان في صدق أي مصلح يظهر بأية بقعة وجديته وحقيقته، يكمن في ثنايا التغييرات الحاصلة بعد إحرازه النصر في حياته الفردية والاجتماعية والروحية عما كان عليه في أيامه الأولى من دعوته.
فلننظر مثلا للذي ظهر بدعوته متواضعاً، وسيماً، نبيلاً، مضحياً، يُحْتَمى به، وقدوةً ألمعيةً ونموذجاً جاداً ممتازاً متحلياً بالأخلاق الحميدة والفضائل السامية وطاهراً طهر الثلجِ بكل معنى الكلمة، فلننظر إليه بعد وصوله الغاية ونيله النصر وتبوّئه المكانة المرموقة في الأحاسيس والقلوب، أيثبت على نصاعته وطهره، أم يصبح بنشوة الانتصار وسكر الرفعة والعلا متكبراً يخرق الجبال؟.
أجل، إن هذه المرآة هي أصقل المرايا وأجلاها لإظهار الوجهة الأصيلة لماهيةِ وحقيقةِ أصحاب الدعوات وكنه شخصيتهم.
والتاريخ يشهد بأحداثه الغابرة أن الأنبياء وفي مقدمتهم إمام المرسلين سيدنا محمد (ص) ومن ثم خلفاؤه وأصحابه الكرام ومن سار على هديهم واستنار بنورهم من العظماء، هم الأسوة الحسنة والنموذج الأمثل في نيل المنى وكسب القدح المعلّى في معترك هذا الامتحان المذهل.
* * *
يبين الرسول الكريم (ص) ببلاغته المعجزة في حديثه الشريف «العلماء ورثة الأنبياء» ([2]) ثقل مهام العلماء ومدى صعوبـة وظيفتهم.
ومادام هذا شأنـهم، إذن يستوجب عليهم في تبليغ الحق الأبلج والحقيقة السامية الامتثال بالأنبياء وسلوك طريقهم، مهما تخللها من الموانع، بل مكابدة التوقيف والاعتقال والنفي والسـجن الانفرادي، والتسميم، وحبال المشانق، وما لا يخطر بالبال من أساليب الظلم والتعذيب.
لقد قطع الأستاذ النورسي طوال حياته هذا الطريق الشاق لأكثر من نصف قرن بجهاده المقدس، واجتاز آلاف الموانع كالصاعقة، وأثبت فعلاً أنه بعلمه من «ورثة الأنبياء».
وقد شدّني من الأعماق من بين سعة علمه وسمو أدبه وحميد خلقه وفضائله الكثيرة، سعة إيمانه الثابت ثبات الرواسي الشم والعميق عمق البحار الغور.
فيا إلهي ما أعظمه من إيمان، وما أقواه من إرادة صلبة كالفولاذ، وما أعلاه من صبر لا يعرف النفاد إليه سبيلاً، وما أرفعه من رأس يتأبّى الخضوع للعبيد، وما أعلاه من صوت لا يـخفت ومن أنفاس لا تُخنق بالرغم من المضايقات والتهديدات التي تُرعد حتى الخيال وتُصبغ مشاهد الذكريات بالوجل والخوف!.
Büyük İkbal’in heyecanlı şiirlerinden aldığım coşkun bir ilham neşesi ile vaktiyle yazdığım “Mücahid” unvanını taşıyan bir manzumede, aşağıdaki mısraları okuyanlardan belki şairane bir mübalağada bulunduğumu söyleyenler olmuştur. Lâkin şu mukaddimesini yazmakla şeref duyduğum şaheseri okuyanlar, vecdle dolu bir hayranlıkla anlayacaklar ki Allah’ın ne kulları varmış. Eğer bir iman, kemalini bulursa neler yapar ve ne hârikalar doğururmuş.
Bir azm, eğer iman dolu bir kalbe girerse
İnsan da o imandaki son sırra ererse
En azgın ölümler ona zincir vuramazlar
Volkan gibi coşkun akıyor, durduramazlar
Rabb’imden iner azmine kuvvet veren ilham
Peygamber’i rüyada görür belki her akşam
Hep nur, onun iman dolu kalbindeki mihrab
Kandil olamaz ufkuna dünyadaki mehtap
Kar kış demez, irkilmez, üzülmez, acı duymaz
Mevsim bütün ömrünce ılık gölgeli bir yaz
Cennetteki âlemleri dünyada görür de
Mahvolsa eğilmez sıradağlar gibi derde
En sarp uçurumlar gelip etrafını sarsa
Ay batsa, güneş sönse, ufuklar da kararsa
Gökler yıkılıp çökse yolundan yine dönmez
Ruhundaki imanla yanan meşale sönmez
Kalbinde yanardağ gibi iman ne mukaddes
Vicdanına her an şunu haykırmada bir ses:
Ey yolcu! Şafaklar sökecek durma, ilerle
Zulmetlere kan ağlatacak meşalelerle
Yıldızlara bas, çık yüce âlemlere yüksel
İnsanlığı kurtarmaya cennetten inen el.
Sanki bu mısralar, iman kahramanı büyük mücahid Bediüzzaman Hazretleri için yazılmış. Zira bu yüksek sıfatlar, hep onun sıfatlarıdır. Cenab-ı Hak, şu âyet-i kerîmede bakınız mücahidlere neler vaad ediyor:
انظروا، ماذا يعد الله للمجاهدين في هذه الآية الكريمة: ﴿وَالَّذ۪ينَ جَاهَدُوا ف۪ينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَاِنَّ اللّٰهَ لَمَعَ الْمُحْسِن۪ينَ﴾ (العنكبوت:٦٩).
أجل، إن المجاهدين الذين باعوا أنفسهم ودنياهم لله في طريق الإيمان والقرآن يبشرهم بالهداية إلى سُبله، ولا شك أن الله لا يخلف وعده إذا تحقق ما يستوجب هذا الوعد الإلهي من الشروط.
فتغدو هذه الآية الكريمة مرشداً نورانياً في تحليل شخصية الأستاذ النورسي وسيرته، بحيث نتمكن من رؤية أدق القسمات وأصغر النقاط كأنها حزمة لامعة مضيئة. وحين يكون الإنسان محط نعمة الله في الحفظ والحماية، فلا يكون للخوف والترهيب والحزن والملل والنكوص وأمثالها من الأمور أهمية تذكر.
فأية غيوم قاتمة السواد تتمكن من إلقاء ظلها في قلب منوّر بنور الله، وأي أمل فانٍ ومطلب زائل والتفاتة غادية وتوجّه عاجز وغاية تافهة ومغانم سفلية نفسانية تستطيع تسكين وطمأنـة وتسلية روح عبدٍ تحظى بالصلة الربانية وتتشرف بالحضور السبحاني في كل آن ولحظة..
Allah’tır onun yârı, mürebbisi, velisi
Andıkça bütün nur oluyor duygusu, hissi
Yükselmededir marifet iklimine her an
Bambaşka ufuklar açıyor ruhuna Kur’an
Kur’an ona yâd ettiriyor “Bezm-i Elest”i
Âşık, o tecellinin ezelden beri mesti.
إن بديع الزمان شخصية تـمتاز بعناية ربانية خارقة، لذا غدت السجون، كرياض يشهد من خلالها الآفاق النورانية للعوالم الأبدية، وتعتبر أعواد المشانق ومنصة الإعدام محافل وعظه وكراسي إرشاده، فيلقي من فوقها دروس الصبر والثبات والمتانة والرجولة للإنسانية في سبيل غاية سامية. وتنقلب المعتقلات «مدارس يوسفية»، يدخلها كما يدخل الأساتذة الجامعات لإلقاء الدروس، لأن الموجودين فيها من المسجونين يعدّون تلامذة محتاجين إلى فيضه وإرشاده، ويعتبرُ إنقاذ بضع من المواطنين وإدخالهم إلى حظيرة الإيمان وجعل بعض الجناة إنساناً كالملك سعادةً لا تستبدل بشيء من متاع الدنيا الزائلة.
وإنسان يحمل في قلبه مثل هذا الإيمان والإخلاص ويستشعره في كينونته كل آن، لا بد أنه يدع تأثيـر البريق الكاذب الذي يخلفه مفهوما الزمان والمكان على أبناء الفناء القاصرين العاجزين في عالم الـمادة الكثيف، فينطلق بروحه إلى العالم المعنوي الشاسع آفاقه الفياض بالنور والهدى.
وإن ما يسميه ويصفه كبار أقطاب الصوفية من المرتبة الكبـرى، من الفناء في الله والبقاء بالله، ليست هي إلّا نيل هذا الشرف السامي العظيم.
أجل، إن لكل مؤمن حالاً يخصّه من الطمأنينة والحضور والخشوع والتجرد والفيض والاستغراق، والكل ينهل بقدر إيمانه وعلمه وتقواه وبنسبة استفاضته من هذه السكينة الإلهية. ولكن هذا الحال الندي بجماله، والوصال العذب بطراوته وهذه السكينة الفريدة بجدتها دائمة النـزول على أربابِ الإحسان، أولئك المجاهدين العظام المذكورين في الآية الكريمة السابقة. لذا فإنهم لا يقعون في غفلة نسيان المولى الكريم، فيبارزون ويصارعون كالأسود الضواري أنفسهم الأمارة بالسوء طوال حياتهم، وكل لحظة من لحظات عمرهم تسجل أروع ذكريات التكمل والترقي. فإنـهم ينصهرون بكل موجوديتهم وديمومتهم في رضا رب العالمين المتصف بصفات الجمال والجلال والكمال.
* * *
لقد بحثنا آنفاً عن عظمة إيمانه الذي ينجذب إليه الأحباب، ويرتعد منه الأعداء، فينبغي البحث أيضاً عن شخصيته ومزاياه وأخلاقه وكمالاته المحيطة به كهالة من نور.
وكما هو معلوم أن لكل عظيم ميّزات معينة تحيط به وله سمات خاصة تميّزه عن غيره، والأستاذ النورسي أيضاً في تكوين شخصيته يمتاز بالصفات الآتية:
التضحية
تعد التضحية من أهم شروط التوفيق والنجاح لدى أصحاب الدعوات. وذلك لأن القلوب تميل والعيون تترقب بكل حساسية رؤية هذه الصفة المهمة، وحياة الأستاذ النورسي تزخر وتجود بأروع أمثلة التضحية والفداء.
وقد سمعتُ من العلامة المرحوم شيخ الإسلام مصطفى صبري كلاماً يصف به التضحية قائلاً: «يقتضي على حملة لواء الجهاد الإسلامي المقدس في هذا العصر العصيب التضحية ليس بحياتهم الدنيوية فحسب بل بحياتهم الأخروية أيضاً».
إنني لم أستسغ هذا الكلام الثقيل في معناه والمشحون في مغزاه والصادر من إنسان عظيم، فأقرنه بكلام المتصوفة وألغازهم التي يطلقونـها في حالة من الاستغراق والنـزعة الروحية، وأخذت على نفسي عهداً ألّا أبوح به لإنسان وألّا أخوض فيه في مجلس.
وحينما قرأت الكلام نفسه في ثنايا العبارات الحماسية الهياجة للأستاذ النورسي، أدركت أن مقاييس التضحية تعظم بعظمة الفطاحل. نعم، «وتصغر في عين العظيم العظائم».
أجل، إن المجاهدين الذين يضحون بكل غال ونفيس ويتحملون المآسي الأليمة ويصبرون عليها، لن يتركهم المولى سبحانه على حالهم. وكيف يتركهم وهو المتعال القدوس الكريم في عليائه، وهو أرحم الراحمين. فتعالى الله الجليل علواً كبيراً أن يحرم رحمته وكرمه وعنايته عبدَه المضحي في سبيله.
وهكذا يعدّ بديع الزمان الأنموذج الأمثل لهذا التجرد الفريد؛ قضى عمره الزاخر متجرداً من كل متاع، محروماً من اللذائذ الدنيوية المشـروعة كافةً، فلم يجد الفرصة المتاحة ليتفكر في تكوين حياة عائلية سعيدة يجنح لظلها ويقضي حياة سعيدةً بكنفها. ولكن الله تعالى أحسن إليه إحساناً تعجز الأقلام عن تعريفه ووصف أمدائه.
فأي صاحب أسرة وأي ربِّ بيت أسعدُ اليومَ منه؟ وأي أب يُعدّ أبناؤه بالملايين؟ ويا لهم من أبناء بررة.. وأي معلم وأستاذ تتلمذ وتخرج على يديه هذا العدد الهائل من الطلاب؟.
وستدوم بإذن الله هذه العروة المقدسة ما دامت السماوات والأرض، وتسري كسيل من النور إلى أبد الآباد، فالدعوة الإلهية هذه نبعت من القرآن الكريم وتبلورت في بحر نوره، فمنه تستمد الوجود وبه تحيا.
الرأفة والشفقة
لقد وجد العارف بالله الأستاذ النورسي الحق والحقيقة منذ صغره، أيام لجوئه إلى المغارات للاستماع إلى أنين قلبه وآهاته وإنابة روحه ومناجاتها، حتى ذاق طعم الطاعة ورشف رحيق العبادة واستشم طيب التفكر، واستفاض في التربية الروحية والنفسية فوصل إلى الطمأنينة والسكينة.
وعندما أغار الكابوس الإلحادي وكأنه أمواج ليال مظلمة على العالم الإسلامي ولاسيما على بلدنا في تلك الأيام الخطرة التعسـة، وثب الأستاذ النورسي إلى ساحات الجهاد وثبة الأسد من عرينه، يتأجج وكأنه بركان منفجر، وفدى هذه الدعوة المقدسة بوجوده وكيانه. فغدت كل كلمة من كلماته وكل فكر من أفكاره منـذ ذلك اليوم وكأنها شواظ نار تتقد في القلوب وجمرة تستعر في الأحاسيس والأفكار.
يشبه رجوع الأستاذ النورسي إلى المجتمع للدعوة والإرشاد بعد الخلوة والعزلة والانزواء ما فعله الإمام الغزالي.
ولا شك أن الله تعالى يزكّي ويصفي الخلّص من عباده المصطفَينَ الأخيار والمرشدين العظام فترة من الزمان في الخـلوات، ثم يحملهم وظيفة الإرشاد والدعوة، فأنفاس هؤلاء العظماء حين تلامس القلوب تبعث فيها الحياة.
وقد قام الأستاذ النورسي بفتوحات في شعاب الإيمان والإخلاص، كما قام أستاذه الإمام الغزالي قبل تسعمائة سنة بفتوحات في ميادين الأخلاق والفضيلة.
أجل، إن شفقةَ الأستاذ النورسي ورأفته ساقتاه دوماً لميادين الجهاد المرعب هذه، ولنستمع إلى هذه الحقيقة منه:
«يقولون: لماذا تجرح فلاناً وعلاناً؟ لا أدري. لم أشعر ولم أتبين مما أرى أمامي من حريق هـائل يتصاعد لهيبه إلى الأعالي يحرق أبنائي ويضرم إيماني، وإذ أنا أسعى لإخماده وإنقاذ إيماني، يحاول أحدهم إعاقتي، فتـزل قدمي مصطدمةً به. فليس لهذه الحادثة الجزئية أهمية تذكر وقيمة أمام ضراوة النار؟ يا لها من عقول صغيرة ونظرات قاصرة!».
الاستغناء
قدم الأستاذ النورسي طوال حياته أروع نماذج الاستغناء عن الناس لمختلف طبقات مجتمعنا، حتى أصبحت تلك النماذج ملاحم تتناقلها الألسن.
فاستغنى بكل موجوديته وسعة روحه وشخصيته عما سوى الله استغناءً تاماً، ولاذ إلى كنف رب العالمين واحتسب بسعة خزائن رحمته التي لا تعرف النفاد، واتخذ الاستغناء ليس عادة له فحسب بل مشرباً ومسلكاً ومذهباً ينتهجه عبر سني عمره، ولا يزال ثابت الخُطى كل الثبات في هذا الدرب مهما كلّفه ذلك من المصاعب والمتاعب.
والملفت للنظر أن هذا المسلك لم ينحصر في شخصه، بل انتقل إلى طلابه وأصبح مُناهم وغايتهم المقدسة في الحياة. ولا يمتلك الإنسان نفسه من الشغف بطالب النور المغتسل في بحر النور والمرتشف من نبعه الصافي.
وانظروا كيف يوضح الأستاذ النورسي في المكتوب الثاني من كتابه «المكتوبات» هذه النقطة في ستة أوجه بشعور إيماني وحس علمي.
« الأول: إن أهل الضلال يتهمون العلماء باتخاذهم العلم مغنماً، فيهاجمونهم ظلماً وعدواناً بقولهم: «إنهم يجعلون العلم والدين وسيلة لكسب معيشتهم» فيجب تكذيب هؤلاء تكذيباً فعلياً.
الثاني: نحن مكلّفون باتباع الأنبياء -عليهم السلام- في نشر الحق وتبليغه، وإن القرآن الكريم يذكُر الذين نشروا الحق بأنهم أظهروا الاستغناء عن الناس بقولهم: ﴿اِنْ اَجْرِيَ اِلَّا عَلَى اللّٰهِ﴾ ﴿اِنْ اَجْرِيَ اِلَّا عَلَى اللّٰهِ﴾ (هود:٢٩). وإن الآية الكريمة: ﴿اِتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْـَٔلُكُمْ اَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (يس:٢١)، تفيد معاني جمّة، ومغزى عميقاً، فيما يخص مسألتنا هذه..».
وما التوفيق الإلهي في انتصارات رسائل النور إلّا ثمرة رجولة الثبات على منهج الرسل عليهم السلام واتخاذهم أسوة. ومن هذا المنطلق استطاع الأستاذ النورسي المحافظة على عزته العلمية التي لا تستبدل بملء الدنيا ذهباً.
وكيف لا يكون فاتحاً للقلوب من لا تعرف قيود الراتب والرتبة وأغلال المقام والثـروة وسلاسل المنافع الـمادية التي يلهث وراءها الناس إلى قلبه سبيلا، وكيف لا تمتلئ القلوب المؤمنة بنوره وفيضه.
الاقتصاد في المعيشة
الاقتصاد إن هو إلا إيضاح وتفسير لمعنى الاستغناء السالف ذكره، وللولوج إلى ديوانه ينبغي الدخول من باب الاستغناء، لذا إن عدّ أحدهما لازماً يعد الثاني ملزوماً له.
ومجاهد أغرّ مثل الأستاذ النورسي المتخذ الأنبياءَ عليهم السلام قدوة ورائداً في التجرد والاستغناء يلازمه الاقتصاد حتى يصبح شيمته الفطرية وخصلته العادية، فيكفيه من القوت اليومي قليلٌ من الحساء وكأسٌ من الماء وقطعة من الرغيف، ذلك أن هذا الإنسان العظيم كما يقول الشاعر الفرنسي الكبير المنصف «لامارتين»: «لا يعيش ليأكل، بل يسد رمقه ليديم الحياة».
فالأستاذ النورسي لم يحصر اقتصاده في المأكل والمشرب والملبس وما إليها من الأمور البسيطة، بل وسّعه بعدم الإسراف بالقيم الـمجردة والأمور المعنوية مثل الفكر والاستعداد والقابلية والوقت والزمن والنفْس والنفَس.
وقد ساغ أسلوب هذه المحاسبة الدقيقة التي عاشها طوال حياته وجعلها سجية من سجاياه لطلابه كافة.
وعلى هذا يصعب تلقين الأفكار أياً كانت، واستقراءُ الكتب كيفما اتفق لطالب النور. وذلك أن بؤرة قلبه المتضمن لكلمة «احذر!» هي أقوى محافظ له في مسيرته.
وهكذا أثبت النورسي بما أنشأ من رعيل طاهر أنه من نوادر الخلق وأنه مصلح قدير ومرب عليم بمداخل النفس الإنسانية ومساربها، وأضاف صحيفة واسعة مسطورة بنور لامع لتاريخ الاقتصاد.
التواضع والتجرد
هاتان الصفتان لهما تأثير بالغ الأهمية في انتشار رسائل النور في أرجاء المعمورة،
لأن الأستاذ النورسي لم يُحِطْ نفسه بهالة «قطب العارفين» ولا برونق «غوث الواصلين»، لذا أحبّته القلوب وَسَعت إليه بكل ودّ ودفءٍ وفتحت أبوابها على مصاريعها لتستقبل غايته السامية استقبالاً.
مثلاً: يوجه كثيراً من نصائحه وعظاته ودروسه في الأخلاق والفضائل والحكم والعبر إلى نفسه بشكل مباشر، ويضع نفسه موضع المخاطب الأول الوحيد لخطاباته القوية وكلماته الحادة الكاسحة، فينتشر النور من ذلك المركز إلى القلوب الظامئة للسلوان والأفئدة العطشى للسعادة والطمأنينة، كما تنتشر الأمواج الهائجة من المركز إلى المحيط.
الأستاذ النورسي متواضع وحليم في حياته الشخصية غاية التواضع والحلم، وهو يبذل كل ما في وسعه ليتجنب عن إيذاء الأفراد بل حتى أصغر الأحياء وأدناها. فيعاني ما لا يحصى من المشقات ويتجرع صنوفاً من المآزق ويكابد أنواعاً من المصاعب، شريطة أن لا يُتداخل بإيمانه ويمسّ كتابه المقدس القرآن الكريم مس سوء.
إذ عندها ترون أن هذا البحر الساكن قد هاج وتلاطمت أمواجه وفار تنوره بطوفان يلقي الدهشة والحيرة ويستفرغ الفزع والهلع على سواحله، فهو بطل وجندي مغوار يحمي حدود الإيمان، أليس هو خادماً أميناً للقرآن الكريم يذود عنه بكل صدق. يوضح الأستاذ هذه الحقيقة بنفسه كما يلي: «كما لا ينبغي للجندي الخفير الرابض أن يترك سلاحه وإن أتاه القائد العام، وأنا أيضاً جندي من جند القرآن وخادم من خدامه، أصدع بالحق في وجه أعتى العتاة دون أن أطأطئ رأسي أمامه...»
Vazife başında ve cihad meydanında iken şu mısralar, lisan-ı halidir:
Şahlanan bir ata benzer, kırarım kanlı gemi
Sinsi düşmanlara hâşâ satamam benliğimi
Benliğimden uzak olmaktır esaret bence
Böyle bir zillete düşmek ne hazîn işkence
Ebedî vuslatın aşkıyla geçer her ânım
Dest-i kudretle yapılmış kaledir imanım
Bu mukaddes emelimden ne kadar dilşâdım
Görmek ister beni cennette şehit ecdadım
Ruhum oldukça müebbed, ebedîdir ömrüm
En büyük vuslata, Allah’a çıkan yoldur ölüm.
* * *
كنت أتمنى أن أخوض الجانب العلمي والفكري والصوفي والأدبي للأستاذ بديع الزمان قبل استهلالي الكتاب، ولكني أدركت قطعاً أن هذه الموضوعات الشاملة والعميقة في فحواها لا يـمكن حصرها ضمن صفحات، لذا أكتفي بالإشارة إليها بعدة جمل:
علمه
يفيد الشاعر المرحوم «ضيا باشا» في بيت شعر له حقيقة عظمى تنتقل من جيل إلى جيل وهي:
العمل لا الأقوال مرآة الفرد
والأثر هو مقياس رتبة الـرجال
أجل، إن بديع الزمان سعيد النورسي الذي أتحف مكتبة العلم والإيمان «كليات رسائل النور» لشعبنا المسلم، والذي أسس مدرسة نورانية مقدسة في القلوب، شخصيةٌ فريدة ممتازة مستغنية عن البحث والإطناب في مقدرته العلمية، كما تستغني الشمس عن الوصف في رابعة النهار.
Yalnız yanık bir şairimizin:
Hüsn olur kim, seyrederken ihtiyar elden gider
dediği gibi hayatının her lahzasında İlahî tecellilere mazhar bulunan bu mübarek zatın; ilim ve irfanından, ahlâk ve kemalâtından bahsetmek, insana bambaşka bir zevk ve İlahî bir haz veriyor. Bunun için sözü uzatmaktan kendimi alamıyorum.
Üstad; Risale-i Nur Külliyatı’nda dinî, içtimaî, ahlâkî, edebî, hukukî, felsefî ve tasavvufî en mühim mevzulara temas etmiş ve hepsinde de hârikulâde bir surette muvaffak olmuştur.
İşin asıl hayret veren noktası; birçok ulemanın tehlikeli yollara saptıkları en çetin mevzuları, gayet açık bir şekilde ve en kat’î bir surette hallettiği gibi en girdaplı derinliklerden, Ehl-i Sünnet ve Cemaat’in tuttuğu nurlu yolu takip ederek sahil-i selâmete çıkmış ve eserlerini okuyanları da öylece çıkarmıştır.
Bu sebeple Risale-i Nur Külliyatı’nı aziz milletimizin her tabakasına kemal-i emniyet ve samimiyetle takdim etmekle şeref duyuyoruz. Nur risaleleri, Kur’an-ı Kerîm’in nur deryasından alınan berrak katreler ve hidayet güneşinden süzülen billur huzmelerdir.
Binaenaleyh her Müslüman’a düşen en mukaddes vazife, imanı kurtaracak olan bu nurlu eserlerin yayılmasına çalışmaktır. Zira tarihte pek çok defalar görülmüştür ki bir eser nice fertlerin, ailelerin, cemiyetlerin ve sayısız insan kitlelerinin hidayet ve saadetine sebep olmuştur. Âh! Ne bahtiyardır o insan ki bir mü’min kardeşinin imanının kurtulmasına sebep olur.
Üstadın Fikrî Cephesi
Malûm ya; her mütefekkirin kendine mahsus bir tefekkür sistemi, fikrî hayatında takip ettiği bir gayesi ve bütün gönlü ile bağlandığı bir ideali vardır. Ve onun tefekkür sisteminden, gaye ve idealinden bahsetmek için uzun mukaddimeler serdedilir. Fakat Bediüzzaman’ın tefekkür sistemi, gaye ve ideali, uzun mukaddimelerle filan yorulmaksızın bir cümle ile hülâsa edilebilir:
Bütün semavî kitapların ve bilumum peygamberlerin yegâne davaları olan “Hâlık-ı kâinat’ın uluhiyet ve vahdaniyetini ilan” ve bu büyük davayı da ilmî, mantıkî ve felsefî delillerle ispat eylemektir.
— O halde Üstadın mantık, felsefe ve müsbet ilimlerle de alâkası var?
— Evet mantık ve felsefe, Kur’an’la barışıp hak ve hakikate hizmet ettikleri müddetçe Üstad en büyük mantıkçı ve en kudretli bir feylesoftur. Mukaddes ve cihanşümul davasını ispat vâdisinde kullandığı en parlak delilleri ve en kat’î bürhanları, Kur’an-ı Kerîm’in Allah kelâmı olduğunu her gün bir kat daha ispat ve ilan eden “müsbet ilim”dir.
Zaten felsefe, aslında hikmet manasına geldikçe, Vâcibü’l-vücud Teâlâ ve Takaddes Hazretlerini, Zat-ı Bâri’sine lâyık sıfatlarla ispata çalışan her eser, en büyük hikmet ve o eserin sahibi de en büyük hakîmdir.
İşte Üstad böyle ilmî bir yolu, yani Kur’an-ı Kerîm’in nurlu yolunu takip ettiği için binlerle üniversitelinin imanını kurtarmak şerefine mazhar olmuştur. Hazretin bu hususta haiz olduğu ilmî, edebî ve felsefî daha pek çok meziyetleri vardır. Fakat onları, eserlerinden misaller getirerek inşâallah müstakil bir eserde arz etmek emelindeyim.
وَ مِنَ اللّٰهِ التَّو۟فٖيقُ
Tasavvuf Cephesi
Nakşibendî meşayihinden, her harekâtını Peygamber-i Zîşan Efendimiz Hazretlerinin harekâtına tatbik etmeye çalışan ve büyük bir âlim olan bir zata sordum:
— Efendi Hazretleri, ulema ile mutasavvıfe arasındaki gerginliğin sebebi nedir?
— Ulema, Resul-i Ekrem Efendimizin ilmine, mutasavvıflar da ameline vâris olmuşlar. İşte bu sebepten dolayıdır ki Fahr-i Cihan Efendimizin hem ilmine ve hem ameline vâris olan bir zata “zülcenaheyn” yani “iki kanatlı” deniliyor.
Binaenaleyh tarîkattan maksat, ruhsatlarla değil, azîmetlerle amel edip ahlâk-ı Peygamberî ile ahlâklanarak bütün manevî hastalıklardan temizlenip Cenab-ı Hakk’ın rızasında fâni olmaktır. İşte bu ulvi dereceyi kazanan kimseler, şüphesiz ki ehl-i hakikattirler. Yani tarîkattan maksud ve matlub olan gayeye ermişler demektir. Fakat bu yüksek mertebeyi kazanmak, her adama müyesser olamayacağı için büyüklerimiz matlub olan hedefe kolaylıkla erebilmek için muayyen kaideler vaz’eylemişlerdir. Hülâsa; tarîkat, şeriat dairesinin içinde bir dairedir. Tarîkattan düşen, şeriata düşer fakat –maazallah– şeriattan düşen, ebedî hüsranda kalır.
Bu büyük zatın beyanatına göre Bediüzzaman’ın açtığı nur yolu ile hakiki ve şaibesiz tasavvuf arasında cevherî hiçbir ihtilaf yoktur. Her ikisi de rıza-yı Bâri’ye ve bi’n-netice cennet-i a’lâya ve dîdar-ı Mevla’ya götüren yollardır.
Binaenaleyh bu asil gayeyi istihdaf eden herhangi mutasavvıf bir kardeşimizin, Risale-i Nur Külliyatı’nı seve seve okumasına hiçbir mani kalmadığı gibi bilakis Risale-i Nur tasavvuftaki “murakabe” dairesini, Kur’an-ı Kerîm yolu ile genişleterek ona bir de tefekkür vazifesini en mühim bir vird olarak ilâve etmiştir.
Evet, insanın gözüne gönlüne bambaşka ufuklar açan bu “tefekkür” sebebiyle sadece kalbinin murakabesi ile meşgul olan bir sâlik, kalbi ve bütün letaifi ile birlikte zerrelerden kürelere kadar bütün kâinatı azamet ve ihtişamı ile seyir ve temaşa, murakabe ve müşahede ederek Cenab-ı Hakk’ın o âlemlerde bin bir şekilde tecelli etmekte olan esma-i hüsnasını, sıfât-ı ulyâsını kemal-i vecd ile görerek, artık sonsuz bir mabedde olduğunu aynelyakîn, ilmelyakîn ve hakkalyakîn derecesinde hisseder. Çünkü içine girdiği “mabed” öyle ulu bir mabeddir ki milyarlara sığmayan cemaatin hepsi aşk ve şevk, huşû ve istiğraklar içinde Hâlık’ını zikrediyor. Yanık, tatlı ve güzel lisanları; şive, nağme, ahenk ve besteleri ile bir ağızdan سُب۟حَانَ اللّٰهِ وَال۟حَم۟دُ لِلّٰهِ وَلَٓا اِلٰهَ اِلَّا اللّٰهُ وَاللّٰهُ اَك۟بَرُ diyorlar.
Risale-i Nur’un açtığı iman ve irfan ve Kur’an yolunu takip eden, işte böyle muazzam ve muhteşem bir mabede girer. Ve herkes de iman ve irfanı, feyiz ve ihlası nisbetinde feyizyâb olur.
Edebî Cephesi
Eskiden beri lafız ve mana, üslup ve muhteva bakımından edibler ve şairler, mütefekkirler ve âlimler ikiye ayrılmışlardır. Bunlardan bazıları, sadece üslup ve ifadeye, vezin ve kafiyeye kıymet vererek manayı ifadeye feda etmişlerdir. Ve bu hal de kendini en çok şiirde gösterir.
Diğer zümre ise en çok mana ve muhtevaya ehemmiyet vererek özü söze kurban etmemişlerdir.
Artık Bediüzzaman gibi büyük bir mütefekkirin edebî cephesi bu küçük mukaddime ile kolayca anlaşılır sanırım. Zira Üstad o kıymetli ve bereketli ömrünü, kulaklarda kalacak olan sözlerin tanzim ve tertibi ile değil, bilakis kalplerde, ruhlarda, vicdan ve fikirlerde kudsî bir ideal halinde insanlıkla beraber yaşayacak olan din hissinin, iman şuurunun, ahlâk ve fazilet mefhumunun asırlara, nesillere telkini ile meşgul olan bir dâhîdir. Artık bu kadar ulvi bir gayenin tahakkuku için candan ve cihandan geçen bir mücahid, pek tabiîdir ki fâni şekillerle meşgul olamaz.
Bununla beraber Üstad; zevk inceliği, gönül hassasiyeti, fikir derinliği ve hayal yüksekliği bakımından hârikulâde denecek derecede edebî bir kudret ve melekeyi haizdir. Ve bu sebeple üslup ve ifadesi, mevzuya göre değişir.
Mesela, ilmî ve felsefî mevzularda mantıkî ve riyazî delillerle aklı ikna ederken gayet veciz terkipler kullanır. Fakat gönlü mest edip ruhu yükselteceği anlarda ifade o kadar berraklaşır ki tarif edilemez.
Mesela semalardan, güneşlerden, yıldızlardan, mehtaplardan ve bilhassa bahar âleminden ve Cenab-ı Hakk’ın o âlemlerde tecelli etmekte olan kudret ve azametini tasvir ederken üslup o kadar latîf bir şekil alır ki artık her teşbih, en tatlı renklerle çerçevelenmiş bir levhayı andırır ve her tasvir, hârikalar hârikası bir âlemi canlandırır.
İşte bu hikmete mebnidir ki bir Nur talebesi Risale-i Nur Külliyatı’nı mütalaası ile –üniversitenin herhangi bir fakültesine mensup da olsa– hissen, fikren, ruhen, vicdanen ve hayalen tam manasıyla tatmin edilmiş oluyor.
Nasıl tatmin edilmez ki Risale-i Nur Külliyatı, Kur’an-ı Kerîm’in cihanşümul bahçesinden derilen bir gül demetidir. Binaenaleyh onda, o mübarek ve İlahî bahçenin nuru, havası, ziyası ve kokusu vardır.
Ruhun bu ihtiyacını söyler akan sular
Kur’an’a her zaman beşerin ihtiyacı var.
Ali Ulvi Kurucu
- ↑ هذه المقدمة كتبها العالم الفاضل والشاعر التركي الكبير «علي علوي قوروجو» ساكن «المدينة المنورة»، وبعثها إلى الأستاذ النورسي، فأشار بوضعها في بداية كتاب «تاريخ الحياة» باللغة التركية. وقد تفضل مشكوراً الأخ «جميل شانلي» بترجمتها إلى العربية.
- ↑ أبو داود، العلم ١؛ الترمذي، العلم ١٩؛ ابن ماجه، المقدمة ١٧؛ أحمد بن حنبل، المسند، ٢٤١/٤.