Translations:Yirmi Üçüncü Söz/213/ar
والسرُّ في وَفْرَةِ الأجهزة التي مُنحت للإنسان وغِناها هو: أن حواسَّ الإنسان ومشاعرَه قد اكتسبت قوةً ونماءً وانكشافا وانبساطا أكثر؛ لما يملك من الفكر والعقل، فقد تبايَن كثيرا مدى استقطاب حواسه، نظرا لتباين وكثرة احتياجاته. لذا تنوعت أحاسيسُه وتعددت مشاعرُه.. ولأنه يملك فطرةً جامعةً فقد أصبح محورا لآمالٍ ورغباتٍ عدة ومدارا للتوجّه إلى مقاصدَ شتّى.. ونظرا لكثرة وظائفه الفطرية فقد انفرجت أجهزتُه وتوسّعت.. وبسبب فطرته البديعة المهيأة لشتى أنواع العبادة فقد مُنح استعدادا جامعا لبذور الكمال؛ لذا لا يمكن أن تُمنح له هذه الأجهزة الوفيرة إلى هذه الدرجة الكثيفة لتحصيل هذه الحياة الدنيوية المؤقتة الفانية فحسب، بل لابد أن الغايةَ القصوى لهذا الإنسان هي أن يفي بحق وظائفه المتطلعة إلى مقاصدَ لا نهاية لها، وأن يعلن عن عجزِه وفقرِه أمام الله تعالى بعبوديته، وأن يرى بنظره الواسع تسبيحات الموجودات، فيشهد على ذلك ويطّلع على ما تمدّه الرحمة الإلهية من إنعام وآلاء فيشكر الله عليها، وأن يُعاين معجزات القدرة الربانية في هذه المصنوعات فيتفكر فيها ويتأمل وينظر إليها نظر العبرة والإعجاب.