الكلمة السابعة والعشرون

    Risale-i Nur Tercümeleri sitesinden
    18.14, 3 Ocak 2024 tarihinde Said (mesaj | katkılar) tarafından oluşturulmuş 60590 numaralı sürüm ("=== السبب الثالث ===" içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu)
    Diğer diller:

    الكلمة السابعة والعشرون

    رسالة الاجتهاد

    قبل حوالي خمس سنوات أو أكثر كتبتُ بحثا حول «الاجتهاد» في رسالة بالعربية. ([1]) واستجابةً لرغبة أخوين عزيزين كتبت هذه «الكلمة» إرشادا لمن لا يعرف حدَّه في هذه المسألة، ليدرك ما يجب أن يقف عنده.

    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ

    ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ اِلَى الرَّسُولِ وَاِلٰٓى اُو۬لِي الْاَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذ۪ينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ (النساء:٨٣)

    إنّ باب الاجتهاد مفتوح، إلّا أنّ هناك ستةَ موانع في هذا الزمان تحُول دون الدخول فيه.

    أولها

    كما تُسَدّ المنافذُ حتى الصغيرةُ منها عند اشتداد العواصف في الشتاء، ولا يُستصوَب فتحُ أبواب جديدة، وكما لا تُفتح ثغورٌ لترميم الجدران وتعمير السدود عند اكتساح السيول، لأنه يُفضي إلى الغرق والهلاك.. كذلك من الجناية في حق الإسلام فتحُ أبوابٍ جديدة في قصره المنيف، وشقُّ ثغرات في جدرانه، مما يمهّد السبيلَ للمتسللين والمخرّبين باسم الاجتهاد، ولاسيما في زمن المنكرات، ووقتِ هجوم العادات الأجنبية واستيلائها، وأثناءِ كثرةِ البدع وتزاحم الضلالة ودمارها.

    ثانيها

    إنّ الضروريات الدينيةَ التي لا مجال فيها للاجتهاد لقطعيتها وثبوتها، والتي هي في حُكم القوت والغذاء، قد أهملت في العصر الحاضر وأخذت بالتصدع. فالواجبُ يحتّم صرفَ الجهود وبذلَ الهمم جميعا لإحياء هذه الضروريات وإقامتها، حيث إن الجوانبَ النظرية للإسلام قد استَثرتْ بأفكار السلف الصالحين وتوسعت باجتهاداتهم الخالصة، حتى لم تعُد تضيق بالعصور جميعا؛ لذا فإن تركَ تلك الاجتهادات الزكيّة والانصراف عنها إلى اجتهادات جديدة اتّباعا للهوى إنما هو خيانة مبتدَعة.

    ثالثها

    مثلما يُروَّج لمتاعٍ في السوق حسب المواسم ويُرغَّب فيه، كذلك أسواقُ الحياة الاجتماعية ومَعارضُ الحضارة البشرية في العالم، فترى متاعا يُرغَّب فيه في عصر، فيكون له رواج، فتُوجَّه إليه الأنظار، وتُجذَب نحوه الأفكار، فتحوم حولَه الرغبات.

    فمثلا: إنّ المتاع الذي تُلْفَتُ إليه الأنظارُ في عصرنا الحاضر ويرغّب فيه هو الانشغالُ بالأمور السياسية وأحداثها، وتأمينُ الراحة في الحياة الدنيا وحصرُ الهمّ بها، ونشرُ الأفكار المادية وترويجُها. بينما نرى أن السلعةَ الغالية النفيسة، والبضاعةَ الرائجة المقبولة في عصر السلف الصالح وأكثرَ ما يرغَّب فيه في سوق زمانهم هو إرضاءُ رب السماوات والأرض والوقوفُ عند حدوده، واستنباطُ أوامره ونواهيه من كلامه الجليل، والسعيُ لنيل وسائل الوصول إلى السعادة الخالدة التي فَتَح أبوابَها إلى الأبد القرآنُ الكريم ونورُ النبوة الساطع.

    فكانت الأذهانُ والقلوبُ والأرواحُ كلُّها متوجهةً -في ذلك العصر- وبكل قواها إلى معرفة مرضاة الله سبحانه وإدراكِ مرامي كلامِه، حتى باتت وجهةُ حياتهم وأحوالُهم المختلفة وروابطُهم فيما بينهم وحوادثُهم وأحاديثُهم مقبلةً كلُّها إلى مرضاة رب السماوات والأرضين؛ لذا ففي مثل هذه الحياة التي تجري بشتى جوانبها وفقَ مرضاة رب العالمين سبحانه تصبح الحوادثُ بالنسبة لصاحب الاستعداد والقابليات الفطرية دروسا وعِبَرا له من حيث لا يشعر، وكأن قلبَه وفطرتَه يتلقيان الدروس والإرشاد من كل ما حوله، ويستفيدان من كل حادثة وظرفٍ وطور، وكأن كلَّ شيء يقوم بدور معلّم مُرشد يعلّم فطرتَه ويلقّنها ويرشدها ويهيؤها للاجتهاد، حتى يكاد زيتُ ذكائه يضيء ولو لم تمسَسه نارُ الاكتساب. فإذا ما شرع مثلُ هذا الشخصِ المستعد في مثل هذا المجتمع، بالاجتهاد في أوانه، فإن استعدادَه ينال سرا من أسرارِ ﴿ نُورٌ عَلٰى نُورٍ ﴾ ويُصبح في أقرب وقت وأسرعِه مجتهدا.

    بينما في العصر الحاضر؛ فإن تحكّمَ الحضارةِ الأوروبية، وتسلّطَ الفلسفة المادية وأفكارِها، وتعقّد متطلبات الحياة اليومية.. كلَّها تؤدي إلى تشتت الأفكار وحيرةِ القلوب وتبعثر الهمم وتفتت الاهتمامات، حتى أضحت الأمورُ المعنوية غريبةً عن الأذهان.

    لذا، لو وجِدَ الآن مَن هو بذكاء «سفيان بن عُيينة»(∗) الذي حفِظ القرآن الكريم وجالس العلماء وهو لا يزال في الرابعة من عمره، لاحتاج إلى عشرة أمثال ما احتاجه ابن عيينة ليبلغَ درجةَ الاجتهاد، أي إنه لو كان قد تيسر لسفيان بن عيينة الاجتهادُ في عشر سنوات فإنّ الذي في زماننا هذا قد يحصل عليه في مائة سنة، ذلك لأنّ مبدأ تَعلُّم «سفيان» الفطري للاجتهاد يبدأ من سنّ التمييز ويتهيأ استعدادُه تدريجا كاستعداد الكبريت للنار.

    أما نظيرُه في الوقت الحاضر فقد غرق فكرُه في مستنقع الفلسفة المادية وسرح عقلُه في أحداث السياسة، وحار قلبُه أمام متطلبات الحياة المعاشية، وابتعدت استعداداتُه وقابلياتُه عن الاجتهاد، فلا جرم قد ابتعد استعدادُه عن القدرة على الاجتهادات الشرعية بمقدار تفنّنه في العلوم الأرضية الحاضرة، وقصُر عن نيل درجة الاجتهاد بمقدار تبحّره في العلوم الأرضية، لذا لا يمكنه أن يقول لِمَ لا أستطيع أن أبلغَ درجة سفيان بن عيينة وأنا مثلُه في الذكاء؟ نعم، لا يحق له هذا القول، كما أنه لن يلحق به ولن يبلغ شأوَه أبدا.

    رابعها

    إنّ ميلَ الجسم إلى التوسع لأجل النمو إن كان داخليا فهو دليل التكامل، بينما إن كان من الخارج فهو سببُ تمزّق الغلاف والجلد، أي إنه سببُ الهدم والتخريب لا النمو والتوسع.

    وهكذا، فإن وجودَ إرادة الاجتهاد والرغبة في التوسع في الدين عند الذين يدورون في فلك الإسلام ويأتون إليه من باب التقوى والورع الكاملَين، وعن طريق الامتثال بالضروريات الدينية، فهو دليلُ الكمال والتكامل، وخيرُ شاهد عليه السلفُ الصالح. أما التطلّع إلى الاجتهاد والرغبة في التوسع في الدين إن كان ناشئا لدى الذين تركوا الضروريات الدينية واستحبّوا الحياة الدنيا، وتلوّثوا بالفلسفة المادية، فهو وسيلة إلى تخريب الوجود الإسلامي وحل ربقة الإسلام من الأعناق.

    خامسها

    هناك ثلاثُ نقاط تدعو إلى التأمل والنظر، تجعل اجتهادات هذا العصر أرضية وتسلب منها روحَها السماوي. بينما الشريعةُ سماوية والاجتهاداتُ بدورها سماوية، لإظهارها خفايا أحكامها. والنقاطُ هي الآتي:

    أولا: إن «علّة» كلِّ حُكم تختلف عن «حكمته». فالحكمةُ والمصلحة سببُ الترجيح وليست مناطَ الوجود ولا مدارَ الإيجاد، بينما «العلةُ» هي مدارُ وجود الحُكم.

    ولنوضح هذا بمثال: تُقصَر الصلاةُ في السفر، فتُصلّى ركعتان. فعلّةُ هذه الرخصة الشرعية السفرُ. أما حكمتُها فهي المشقةُ. فإذا وُجدَ السفرُ ولم تكن هناك مشقة فالصلاة تُقصَر، لأن العلة قائمة وهي السفر. في حين إن لم يكن هناك سفر وكانت هناك أضعاف أضعاف المشقة، فلن تكون تلك المشقات علةَ القصر.

    وخلافا لهذه الحقيقة يتوجه نظرُ الاجتهاد في هذا العصر، إلى إقامة المصلحةِ والحكمةِ بدل العلة، وفي ضوئها يصدر حُكمُه، فلا شك أن اجتهادا كهذا أرضي وليس بسماوي.

    ثانيا: إنّ نظر هذا العصر متوجه أولا وبالذات إلى تأمين سعادة الدنيا، وتُوجَّه الأحكامُ نحوها، والحال أن قصد الشريعة متوجه أولا وبالذات إلى سعادة الآخرة، وينظر إلى سعادة الدنيا بالدرجة الثانية، ويتخذها وسيلةً للحياة الأخرى، أي إن وجهة هذا العصر غريبة عن روح الشريعة ومقاصدها، فلا تستطيع أن تجتهد باسم الشريعة.

    ثالثا: إنّ القاعدة الشرعية: «الضرورات تبيح المحظورات» ليست كليةً، لأن الضرورة إن كانت ناشئةً عن طريق الحرام لا تكون سببا لإباحة الحرام. وإلّا فالضرورة التي نشأت عن سوء اختيار الفرد، أو عن وسائل غير مشروعة لن تكون حجةً ولا سببا لإباحة المحظورات ولا مدارا لأحكام الرُخَص.

    فمثلا: لو أسكر أحد نفسَه -بسوء اختياره- فتصرفاتُه لدى علماء الشرع حجة عليه، أي لا يُعذَر. وإن طلّق زوجته فطلاقُه واقع، وإن ارتكب جريمة يعاقَب عليها، ولكن إن كانت من دون اختيار منه، فلا يقع طلاقُه، ولا يعاقَب على ما جنى. فليس لمدمن خمر –مثلا- أن يقول إنها ضرورة لي، فهي إذن حلال لي، حتى لو كان مبتلىً بها إلى حد الضرورة بالنسبة له.

    فانطلاقا من هذا المفهوم فإن هناك كثيرا من الأمور في الوقت الحاضر ابتلي بها الناس وباتت ضروريةً بالنسبة لهم، حتى أخذت شكل «البلوى العامة». فهذه التي تسمى ضرورةً، لن تكون حجةً لأحكام الرُخَص، ولا تُباح لأجلها المحظورات، لأنها نجمت من سوء اختيار الفرد ومن رغبات غير مشروعة ومن معاملات محرّمة.

    وحيث إنّ أهل اجتهاد هذا الزمان قد جعلوا تلك الضرورات مدارا للأحكام الشرعية، لذا أصبحت اجتهاداتُهم أرضيةً وتابعةً للهوى ومشوبة بالفلسفة المادية، فهي إذن ليست سماوية، ولا تصحّ تسميتها اجتهادات شرعية قطعا؛ ذلك لأن أي تصرف في أحكام خالق السماوات والأرض وأي تدخل في عبادة عباده دونما رخصة أو إذن معنوي فهو مردود.

    ولنضرب لذلك مثالا: يستحسن بعضُ الغافلين إلقاء خطبة الجمعة وأمثالِها من الشعائر الإسلامية باللغة المحلية لكل قوم دون العربية، ويبررون استحسانهم هذا بسببين:

    الأول: «ليتمكن عوام المسلمين من فهم الأحداث السياسية!»

    مع أنها قد دخلها من الأكاذيب والدسائس والخداع ما جعلها في حُكم وسوسة الشياطين! بينما المنبر مقامُ تبليغ الوحي الإلهي، وهو أرفع وأجلّ من أن ترتقى إليه الوسوسةُ الشيطانية.

    الثاني: «الخطبة هي لفهم ما يرشد إليه بعضُ السور القرآنية من نصائح».

    نعم؛ لو كان معظم المسلمين يفهمون المسلّمات الشرعية والأحكام المعلومة من الدين بالضرورة، ويمتثلون بها، فلربما كان يُستحسن عند ذاك إيراد الخطبة باللغة المعروفة لديهم، ولكانت ترجمةُ سور من القرآن لها مبرر -إن كانت الترجمة ممكنةً ([2])- وذلك ليفهموا النظريات الشرعية والمسائل الدقيقة والنصائح الخفية.

    أما وقد أهملت في زماننا هذا الأحكامُ الواضحةُ المعلومةُ؛ كوجوب الصلاة والزكاة والصيام وحرمة القتل والزنا والخمر، وأن عوام المسلمين ليسوا بحاجة إلى دروس في معرفة هذا الوجوب وتلك الحرمة بقدر ما هم بحاجة إلى الامتثال بتلك الأحكام واتّباعها في حياتهم. ولا يتم ذلك إلّا بتذكيرهم وحثّهم على العمل وشحذ الهمم وإثارة غيرة الإسلام في عروقهم، وتحريك شعور الإيمان لديهم كي ينهضوا بامتثال واتّباع تلك الأحكام المطهرة.

    فالمسلم العامي -مهما بلغ جهلُه- يدرك هذا المعنى الإجمالي من القرآن الكريم، ومن الخطبة العربية، ويعلم في قرارة نفسه بأن الخطيب أو القاريء للقرآن الكريم يذكّره ويذكّر الآخرين معه، بأركان الإيمان وأسس الإسلام التي هي معلومة من الدين بالضرورة. وعندها يفعم قلبُه بالأشواق إلى تطبيق تلك الأحكام.

    ليت شعري أي تعبير في الكون كلّه يمكنه أن يقف على قدميه حيال الإعجاز الرائع في القرآن الكريم الموصول بالعرش العظيم.. وأي ترغيب وترهيب وبيان وتذكير يمكن أن يكون أفضل منه؟!

    سادسها

    إنّ قربَ عهد المجتهدين العظام من السلف الصالحين لعصر الصحابة الكرام الذي هو عصر الحقيقة وعصر النور يسَّر لهم أن يأخذوا النور الصافي من أقرب مصادره، فتمكّنوا من القيام باجتهاداتهم الخالصة. في حين أن مجتهدي العصر الحديث ينظرون إلى كتاب الحقيقة من مسافة بعيدة جدا ومن وراء كثير جدا من الأستار والحُجب حتى ليصعب عليهم رؤية أوضح حرف فيه.

    فإن قلتَ: إن مدار الاجتهادات ومصدرَ الأحكام الشرعية هو عدالةُ الصحابة وصدقهم، حتى اتفقت الأمةُ على أنهم عدول صادقون، علما أنهم بشر مثلنا، لا يخلون من خطأ!

    الجواب: إنّ الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هم روّاد الحق وعشاقُه، وهم التواقون إلى الصدق والعدل، ولقد تبين في عصرهم قبحُ الكذب ومساوئه، وجمالُ الصدق ومحاسنه بوضوح تام، بحيث أصبح البَون شاسعا بين الصدق والكذب، كالبعد بين الثريا والثرى وبين العرش والفرش!! إذ يوضح ذلك الفارق الكبير بين الرسول الأعظم ﷺ الواقف على قمة درجات الصدق وفي أعلى عليين، وبين مسيلمة الكذاب الذي كان في أسفل سافلين وفي أوطأ دركات الكذب.

    فالذي أهوى بمسيلمة إلى تلك الدركات الهابطة الدنيئة هو الكذب، والذي رفع محمدا الأمين ﷺ إلى تلك الدرجات الرفيعة هو الصدقُ والاستقامة.

    لذا فالصحابة الكرام رضوان الله عليهم الذين كانوا يملكون الهمم العالية والخُلق الرفيع واستناروا بنور صحبة شمس النبوة، لا ريب أنهم ترفّعوا عن الكذب الممقوت القبيح الموجود في بضاعة مسيلمة الكذاب ونجاساتها الموجبة للذلة والهوان -كما هو ثابت- وتجنّبوا الكذبَ كتجنبهم الكفر الذي هو صنوُه، وسعوا سعيا حثيثا في طلب الصدق والاستقامة والحق، وتحرّوه بكل ما أوتوا من قوة وعزم، فشغفوا به ولا سيما في رواية الأحكام الشرعية وتبليغها، تلك الأحكام المتسمة بالحسن وبالجمال القمينة بالمباهاة والفخر، والتي هي وسيلة للعروج صعدا إلى الرقي والكمال، والموصولة السبب بعظمة الرسول ﷺ الذي تنورت بنور شعاعه الحياة البشرية.

    أمَّا الآن، فقد ضاقت المسافةُ بين الكذب والصدق، وقصُرت حتى صارا متقاربَين بل متكاتفَين، وبات الانتقال من الصدق إلى الكذب سهلا وهينا جدا بل غدا الكذبُ يفضُل على الصدق في الدعايات السياسية. فإن كان أجملُ شيء يباع مع أقبحه في حانوت واحد جنبا إلى جنب وبالثمن نفسه، فلا ينبغي على مشتري لؤلؤة الصدق الغالي أن يعتمد على كلام صاحب الحانوت ومعرفته دون فحص وتمحيص.


    الخاتمة

    تتبدل الشرائعُ بتبدل العصور، وقد تأتي شرائعُ مختلفة، وتُرسل رسل كرام في عصر واحد، حسب الأقوام. وقد حدث هذا فعلا.

    أما بعد ختم النبوة، وبعثة خاتم الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام، فلم تعد هناك حاجة إلى شريعة أخرى، لأن شريعته العظمى كافية ووافية لكل قوم في كل عصر.

    أمَّا جزئيات الأحكام غير المنصوص عليها التي تقتضي التبديل تبعا للظروف، فإن اجتهادات فقهاء المذاهب كفيلة بمعالجة التبديل. فكما تُبدّل الملابسُ باختلاف المواسم، وتُغيّر الأدوية حسب حاجة المرضى، كذلك تُبدل الشرائعُ حسب العصور، وتدور الأحكام وفق استعدادات الأمم الفطرية، لأن الأحكام الشرعية الفرعية تتبع الأحوال البشرية، وتأتي منسجمة معها وتصبح دواء لدائها.

    ففي زمن الأنبياء السابقين عليهم السلام كانت الطبقات البشرية متباعدةً بعضُها عن بعض، مع ما فيهم من جفاء وشدة في السجايا، فكانوا أقرب ما يكونون إلى البداوة في الأفكار، لذا أتت الشرائعُ في تلك الأزمنة متباينة مختلفة، مع موافقتها لأحوالهم وانسجامها على أوضاعهم، حتى لقد أتى أنبياء متعددون بشرائع مختلفة في منطقة واحدة وفي عصر واحد.

    ولكن بمجيء خاتمِ النبيين وهو نبيُ آخر الزمان ﷺ تكاملت البشريةُ وكأنها ترقّت من مرحلة الدراسة الابتدائية فالثانوية إلى مرحلة الدراسة العالية وأصبحت أهلا لأن تتلقى درسا واحدا، وتنصتَ إلى معلم واحد، وتعمل بشريعة واحدة. فرغم كثرة الاختلافات لم تعد هناك حاجة إلى شرائع عدة ولا ضرورة إلى معلمين عديدين.

    ولكن لعجز البشرية من أن تصل جميعا إلى مستوى واحد، وعدم تمكّنها من السير على نمط واحد في حياتها الاجتماعية فقد تعددت المذاهبُ الفقهية في الفروع.

    فلو تمكنت البشرية -بأكثريتها المطلقة- أن تحيا حياة اجتماعية واحدة، وأصبحت في مستوى واحد، فحينئذ يمكن أن تتوحد المذاهب. ولكن مثلما لا تسمح أحوالُ العالم، وطبائعُ الناس لبلوغ تلك الحالة، فإن المذاهب كذلك لا تكون واحدة.

    فإن قلت:

    إن الحق واحد، فكيف يمكن أن تكون الأحكام المختلفة للمذاهب الأربعة والاثني عشرَ حقا؟

    الجواب: يأخذ الماءُ أحكاما خمسة مختلفة حسب أذواق المرضى المختلفة وحالاتهم: فهو دواء لمريض على حسب مزاجه، أي تناولُه واجب عليه طبّا. وقد يسبب ضررا لمريض آخر فهو كالسمّ له، أي يُحرم عليه طبا، وقد يولّد ضررا أقل لمريض آخر فهو إذن مكروه له طبا، وقد يكون نافعا لآخر من دون أن يضره، فيسنّ له طبا، وقد لا يضر آخر ولا ينفعه، فهو له مباح طبا فليهنأ بشربه.

    فنرى من الأمثلة السابقة أنّ الحق قد تعدد هنا، فالأقسام الخمسة كلُّها حق، فهل لك أن تقول: إنّ الماء علاج لا غير، أو واجب فحسب، وليس له حكم آخر؟.

    وهكذا -بمثل ما سبق- تتغير الأحكامُ الإلهية بسَوْقٍ من الحكمة الإلهية وحسب التابعين لها. فهي تتبدل حقا، وتبقى حقا ويكون كلُّ حكم منها حقا ويصبح مصلحة.

    فمثلا: نجد أن أكثرية الذين يتبعون الإمام الشافعي رضي الله عنه هم أقرب من الأحناف إلى البداوة وحياة الريف. تلك الحياة القاصرة عن حياة اجتماعية توحّد الجماعة. فيرغب كلُّ فرد في بث ما يجده في نفسه إلى قاضي الحاجات بكل اطمئنان وحضور قلب، ويطلب حاجته الخاصة بنفسه ويلتجئ إليه، فيقرأ «سورة الفاتحة» بنفسه رغم أنه تابع للإمام. وهذا هو عين الحق، وحكمة محضة في الوقت نفسه.

    أمَّا الذين يتبعون الإمامَ الأعظمَ «أبا حنيفة النعمان» رضي الله عنه، فهم بأكثريتهم المطلقة أقرب إلى الحضارة وحياة المدن المؤهلة لحياة اجتماعية، وذلك بحكم التزام أغلب الحكومات الإسلامية بهذا المذهب. فصارت الجماعة الواحدة في الصلاة كأنها فرد واحد، وأصبح الفرد الواحد يتكلم باسم الجميع، وحيث إن الجميع يصدقونه ويرتبطون به قلبا، فإن قوله يكون في حكم قول الجميع. فعدمُ قراءة الفرد وراء الإمام بـ«الفاتحة» هو عين الحق وذات الحكمة.

    ومثلا: لما كانت الشريعة تضع حواجزَ لتحُول دون تجاوز طبائع البشر حدودَها، فتقوّمها بها وتؤدبها، وتُربي النفس الأمارة بالسوء. فلابد أن ينتقض الوضوءُ بمسِّ المرأة، ويضر قليل من النجاسة، حسب المذهب الشافعي الذي أكثر أتباعه من أهل القرى وأنصاف البدو والمنهمكين بالعمل. أما حسب المذهب الحنفي الذين هم بأكثريتهم المطلقة قد دخلوا الحياة الاجتماعية، واتخذوا طور أنصاف متحضرين فلا ينتقض الوضوء بمسِّ المرأة، ويُسمَح بقَدر درهم من النجاسة.

    ولننظر الآن إلى عامل وإلى موظف، فالعامل بحكم معيشته في القرية معرّض للاختلاط والتّماس بالنساء الأجنبيات والجلوس معا حول موقد واحد، والولوج في أماكن ملوثة، فهو مبتلىً بكل هذا بحكم مهنته ومعيشته، وقد تجد نفسُه الأمارة بالسوء مجالا أمامَها لتتجاوز حدودَها؛ لذا تُلقي الشريعة في روع هذا صدىً سماويا فتمنع تلك التجاوزات بأمرها له: لا تمسّ ما ينقض الوضوء، فتبطل صلاتُك. أما ذلك الموظف، فهو حسب عادته الاجتماعية لا يتعرض للاختلاط بالنساء الأجنبيات -بشرط أن يكون نبيلا- ولا يلوث نفسه كثيرا بالنجاسات، آخذا بأسباب النظافة المدنية. لذا لم تشدّد عليه الشريعة، بل أظهرت له جانب الرخصة -دون العزيمة- باسم المذهب الحنفي، وخففت عنه قائلة: إن مسّت يدُك امرأة أجنبية فلا ينقض وضوءك، ولا ضرر عليك إن لم تستنج بالماء حياء من الحاضرين، فهناك سماح بقدر درهم من النجاسة، فتخلصه بهذا من الوسوسة، وتنجّيه من التردد.

    فهاتان قطرتان من البحر نسوقهما مثالا، قِسْ عليهما، وإذا استطعت أن تَزِنَ موازين الشريعة بميزان «الشعراني»(∗) على هذا المنوال فافعل.

    ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّمْتَنَاۜ اِنَّكَ اَنْتَ الْعَل۪يمُ الْحَك۪يمُ ﴾

    اَللّهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مَن تَمثَّلَ فِيهِ أنوَارُ محبَّتِكَ لِجَمَالِ صِفَاتِكَ

    وَأسمَائِكَ، بِكَونِهِ مِرآةً جَامِعَةً لِتَجَلِّيَاتِ أسمَائِكَ الْحُسنَى.. وَمَن تَمَركَزَ فِيهِ شُعَاعَاتُ محَبَّتِكَ لِصَنعَتِكَ فِي مَصنُوعَاتِكَ بِكَونِهِ أكمَلَ وَأبدَعَ مَصنُوعَاتِكَ، وَصَيرُورَتِهِ أنمُوذَجَ كَمَالَاتِ صَنعَتِكَ، وَفهرستةَ محَاسِنِ نُقُوشِكَ.. وَمَن تَظَاهَرَ فيهِ لَطَائفُ محبَّتِكَ وَرَغبتِكَ لِاستِحْسَانِ صَنعَتِكَ بِكَونِهِ أعلَى دَلّالِي مَحَاسِنِ صَنعَتِكَ وَارفَعَ الْمُستَحسِنِينَ صَوتا فِي إعلَانِ حُسنِ نُقُوشِكَ وَأبدَعَهُم نَعتا لِكَمَالَاتِ صَنعَتِكَ.. وَمَن تَجَمَّعَ فِيهِ أقسَامُ محبَّتك وَاستِحسَانِكَ لِمَحَاسِنِ أخْلَاقِ مَخلُوقَاتِكَ وَلَطَائِفِ أوصَافِ مَصنُوعَاتِكَ، بِكَونِهِ جَامِعا لِمَحَاسِنِ الْأخْلَاقِ كَافَّةً بِإِحسَانِكَ وَلِلَطَائِفِ الْأوصَافِ قَاطِبةً بِفَـضْلِكَ.. وَمَن صَارَ مِصدَاقا وَمِقْيَاسا فَائقا لِجَمِيعِ مَن ذكرتَ فِي فُرقَانِكَ أنّكَ تُحبُّهُم مِنَ الْمُحسِنِينَ وَالصَّابِرِينَ وَالْمُؤمِنِينَ وَالْمُتَّقينَ وَالتَّوَّابِينَ وَالْأوَّابِينَ وَجَمِيع الْأوْصَافِ الَّذِينَ أحبَبتَهُم وَشَرَّفْتَهُم بِمحَبتِكَ، فِي فُرقَانِكَ حتَّى صَارَ إِمَامَ الحَبِيبِينَ لَكَ، وَسَيدَ الْمَحبُوبِينَ لَكَ وَرَئِيسَ أوِدَّائِكَ وَعَلَى آلِهِ وَأصْحَابِهِ وَإخْوَانِهِ أجمَعِينَ

    آمِينَ بِرَحمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.


    ذيل رسالة الاجتهاد

    يخص الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين

    أقول كما قال مولانا جامي(∗):

    يا رَسُولَ اللّه چِه بَاشَدْ چُون سَگِ اَصْحَابِ كَهْف

    دَاخِلِ جَنَّتْ شَوَمْ دَرْ زُمْرَه ى اَصْحَابِ تُو؟

    اُو رَوَدْ دَرْ جَنَّتْ مَنْ دَرْ جَهَنَّمَ كَىْ رَوَاسْت؟!

    اُو سَگِ اَصْحَابِ كَهْف مَنْ سَگِ اَصْحَابْ تُو؟. ([3])


    بِاسمِهِ سُبْحَانَهُ

    وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪

    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ

    ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّٰهِ وَالَّذ۪ينَ مَعَهُٓ اَشِدَّٓاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَٓاءُ بَيْنَهُمْ تَرٰيهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللّٰهِ وَرِضْوَانًاۘ س۪يمَاهُمْ ف۪ي وُجُوهِهِمْ مِنْ اَثَرِ السُّجُودِۜ ذٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرٰيةِۚۛ وَمَثَلُهُمْ فِي الْاِنْج۪يلِ۠ۛ كَزَرْعٍ اَخْرَجَ شَطْـَٔهُ۫ فَاٰزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوٰى عَلٰى سُوقِه۪ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغ۪يظَ بِهِمُ الْكُفَّارَۜ وَعَدَ اللّٰهُ الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَاَجْرًا عَظ۪يمًا ﴾ (الفتح:٢٩).

    تسأل يا أخي: أن هناك روايات تفيد أنه عند انتشار البدع يمكن أن يبلغَ مؤمنون صادقون درجة الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وربما يسبقونَهم، فهل هذه الروايات صحيحة؟ وإن كانت كذلك، فما حقيقتُها؟

    الجواب: إنّ إجماع أهل السنة والجماعة لهو حجة قاطعة بأن الصحابة الكرام هم أفضل البشر بعد الأنبياء عليهم السلام. فالصحيحُ من تلك الروايات يخصّ الفضائل الجزئية وليس الفضائل الكلية، إذ قد يترجّح المرجوحُ على الراجح في الفضائل الجزئية وفي كمالٍ خاص معين، وإلاّ فلا يبلُغ أحد من حيث الفضائل الكلية منـزلةَ الصحابة الكرام الذين أثنى الله تعالى عليهم في قرآنه المبين ووصفَهم في التوراة والإنجيل، كما هو في ختام سورة الفتح.

    وسنبين ثلاثا من الحِكَم المنطوية على أسباب ثلاثة من بين الكثير من الأسباب والحِكم.

    الحكمة الأولى

    إنّ الصحبة النبوية إكسير عظيم، لها من التأثير الخارق ما يجعل الذين يتشرّفون بها لدقيقة واحدة ينالون من أنوار الحقيقة ما لا ينالُه من يصرف سنينَ من عمره في السير والسلوك؛ ذلك لأن في الصُحبة النبوية انصباغا بصبغة الحقيقة، وانعكاسا لأنوارها. إذ يستطيع المرءُ بانعكاس ذلك النور الأعظم أن يرقى إلى مراتب سامية ودرجات رفيعة، وأن يحظى بالتبعية والانتساب بأرفع المقامات. مَثلُه في هذا مثلُ خادم السلطان، الذي يستطيع أن يصل إلى مواقع رفيعة لا يقدر على بلوغها قواد السلطان وأمراؤه.

    ومن هذا السر نرى أنه لا يستطيع أن يرقى أعظمُ وليٍّ من أولياء الله الصالحين إلى مرتبة صحابي كريم للرسول الأعظم ﷺ، بل حتى لو تَشرّف أولياء صالحون مرارا بصحبة النبي ﷺ في الصحوة، كجلال الدين السيوطي(∗) مثلا، وأُكرموا بلقائه يقظةً في هذا العالم، فلا يبلغون أيضا درجةَ الصحابة. لأن صحبة الصحابة الكرام للنبي ﷺ كانت بنور النبوة، إذ كانوا يصحبونه في حالة كونه نبيا رسولا. أما الأولياءُ الصالحون فإن رؤيتَهم له ﷺ إنما هي بعد وفاته، أي بعد انقطاع الوحي، فهي صحبة بنور الولاية، أي إنّ تمثلَ الرسول ﷺ وظهورَه لنظرهم إنما هو من حيث الولاية الأحمدية، وليس باعتبار النبوة. فما دام الأمر هكذا، فلا بد أن تتفاوت الصحبتان بمقدار سموّ درجة النبوة وعلوّها على مرتبة الولاية.

    ولكي يتوضح ما للصحبة النبوية من تأثير خارق ونور عظيم، يكفي ملاحظة ما يأتي:

    بينما أعرابي غليظُ القلب يئد بنتَه بيده، إذا به يكسب خلال حضوره مجلس الرسول ﷺ ومن صحبته ساعة من الزمان، رقةَ قلب وسعةَ صدر وشفافيةَ روح ما يجعله يتحاشى قتل نملة صغيرة... أو آخرُ يجهل شرائعَ الحضارة وعلومَها، يحضر مجلسَ الرسول الكريم ﷺ فيُصبح مُعلِّما لأرقى الأمم المتحضرة، كالهند والصين. ويحكُم بينهم بالقسطاس المستقيم، ويغدو لهم مثلا أعلى وقدوةً طيبة.

    السبب الثاني

    لقد أثبتنا في رسالة «الاجتهاد» أنّ الصحابة الكرام هم في قمة الكمال الإنساني، حيث إنّ التحول العظيم الذي أحدثه الإسلامُ في مجرى الحياة في ذلك الوقت، سواء في المجتمع أو في الفرد، قد أبرز جمالَ الخير والحق وأظهر نصاعتَهما الباهرة، وكشف عن خُبث الشر والباطل وبيّن سماجتَهما وقبحَهما، حتى انجلى كلّ من الحق والباطل والصدق والكذب بوضوح تام، يكاد المرءُ يلمسه لمس اليد، وانفرجت المسافةُ بين الخير والشر وبين الصدق والكذب، ما بين الإيمان والكفر، بل ما بين الجنة والنار.

    لذا فالصحابة الكرام رضى الله عنهم الذين وُهبوا فِطَرا سليمة ومشاعرَ سامية، وهم التواقون لمعالي الأمور ومحاسن الأخلاق شدّوا أنظارهم إلى الذي تسنّم قمة أعلى عِلِّيي الكمال والداعي إلى الخير والصدق والحق، بل هو المثال الأكمل والنموذج الأتم،

    ذلكم الرسول الكريم حبيب رب العالمين محمد ﷺ، فبذلوا كل ما وهبهم الله سبحانه من قوة للانضواء تحت لوائه، بمقتضى سجيّتهم الطاهرة وجبلّتهم النقية، ولم يُر منهم أيُّ ميل كان إلى أباطيل مسيلمة الكذاب الذي هو مثال الكذب والشر والباطل والخرافات.

    ولتوضيح الأمر نسوق هذا المثال: تُعرض أحيانا في سوق الحضارة البشرية ومعرض الحياة الاجتماعية أشياء لها من الآثار السيئة المرعبة والنتائج الشريرة الخبيثة ما للسمّ الزعاف للمجتمع. فكل من كانت له فطرة سليمة ينفر منها بشدة ويتجنبها ولا يقربُها.. وتُعرض كذلك أشياء أخرى وأمتعة معنوية في السوق نفسها، لها من النتائج الطيبة والآثار الحسنة ما يستقطب الأنظارَ إليها، وكأنها الدواء الناجع لأمراض المجتمع، لذا يسعى نحوها المفطورون على الخير والصلاح.

    وهكذا، ففي عصر النبوة السعيد وخير القرون على الإطلاق، عُرضَت في سوق الحياة الاجتماعية أمور. فبديهي أن يسعى الصحابة الكرام نحو الصدق والخير والحق لما يملكون من فطر صافية وسجايا سامية، وبديهي كذلك أن ينفروا ويتجنّبوا كلَّ ماله نتائجُ وخيمة وشقاءُ الدنيا والآخرة كالكذب والشر والكفر، فالتفوا حول راية الرسول الكريم ﷺ وتجنبوا مهازل مسيلمة الكذاب الذي يمثل الكذب والشر والباطل.

    بيد أنّ الأمور تغيرت تدريجيا وبمرور الزمن فلم تبق على حالها كما هي في قرون الخير، فتقلصت المسافةُ بين الكذب والصدق رويدا رويدا كلّما اقتربنا إلى عصورنا الحاضرة حتى أصبحا مترادفَين متكاتفين في العصر الحاضر، فصار الصدقُ والكذب يُعرضان معا في معرض واحد، ويصدران معا من مصدر واحد ففسدت الأخلاقُ الاجتماعية واختلت موازينُها. وزادت الدعايات السياسية إخفاءَ قبح الكذب المرعب وسترَ جمال الصدق الباهر.

    فهل يقوى أحد على الجرأة في عصر كهذا ويدّعي: أستطيع أن أدنو من مرتبة أولئك الكرام العظام الذين بلغوا من اليقين والتقوى والعدالة والصدق وبذل النفس والنفيس في سبيل الحق ما لم يبلغه أحد، فضلا عن أن يسبقهم؟

    سأورد حالة مرّت عليّ توضّح جانبا من هذه المسألة: لقد خطر على قلبي ذات يوم سؤال وهو:

    لِمَ لا يبلغ أشخاص أمثال محي الدين بن عربي مرتبةَ الصحابة الكرام؟ ثم لاحظتُ في أثناء قولي في سجودٍ في صلاة: «سبحان ربي الأعلى» أن شيئا من الحقائق الجليلة لمعاني هذه الكلمة الطيبة قد انكشف لي، لا أقول كلها، بل انكشف شيء منها. فقلت في قلبي: ليتني أحظى بصلاةٍ كاملة تنكشف لي من معانيها ما انكشف من معاني هذه الكلمة المباركة، فهي خير من عبادة سنةٍ كاملة من النوافل. ثم أدركتُ عقب الصلاة أن تلك الخاطرة وتلك الحال كانت جوابا على سؤالي، وإرشادا إلى استحالة إدراكِ أحدٍ من الناس درجةَ الصحابة الكرام في العبادة؛

    ذلك أن التغيير الاجتماعي العظيم الذي أحدثه القرآنُ الكريم بأنواره الساطعة قد ميَّز الأضداد بعضَها عن البعض الآخر، فالشرورُ بجميع توابعها وظلماتها أصبحت في مجابهة الخير والكمالات مع جميع أنوارها ونتائجها. ففي هذه الحالة المحفّزة لانطلاق نوازع الخير والشر من عقالها، تنبّهت لدى أهل الخير نوازعه، فغدا كلُّ ذكر وتسبيح وتحميد يفيد لديهم معانيَه كاملةً ويعبّر عنها تعبيرا نَدِيّا نضرا، فارتشفتْ مشاعرُهم المرهفة ولطائفُهم الطاهرة بل حتى خيالُهم وسرُّهم رحيقَ المعاني السامية العديدة لتلك الأذكار ارتشافا صافيا يقظا حسب أذواقها الرقيقة. وبناء على هذه الحكمة، فإن الصحابة الكرام الذين كانوا يملكون مشاعر حساسة مرهفة وحواس منتبهة ولطائف يقظة، عندما يذكرون تلك الكلمات المباركة الجامعة لأنوار الإيمان والتسبيح والتحميد يشعرون بجميع معانيها ويأخذون حظهم منها بجميع لطائفهم الزكية.

    بيد أن الأمور لم تبق على ذلك الوضع الندي والطراوة والجدّة، فتبدلت تدريجيا بمرور الزمن حتى غطَّت اللطائفُ في نوم عميق، وغفلت المشاعرُ والحواسُ وانصرفتْ عن الحقائق، ففقدتْ الأجيالُ اللاحقة شيئا فشيئا قدرتَهم على تذوق طراوة تلك الكلمات الطيبة والتلذذ بطعومها ونداوتها، فغدت لديهم كالثمار الفاقدة لطراواتها ونضارتها، حتى لكأنها جفّت ويبست ولم تعد تحمل لهم إلا نـزرا يسيرا من الطراوة، لا تُستخلص إلّا بعد إعمال الذهن والتفكر العميق، وبذلِ الجهد وصرف الطاقة. لذا فالصحابي الجليل الذي ينال مقاما وفضيلةً في أربعين دقيقة لا ينالُه غيرُه إلا في أربعين يوما، بل في أربعين سنة، وذلك بفضل الصحبة النبوية الشريفة.

    السبب الثالث

    On İkinci ve Yirmi Dördüncü ve Yirmi Beşinci Sözlerde ispat edildiği gibi nübüvvetin velayete nisbeti, güneşin ayn-ı zatıyla, âyinelerde görülen güneşin misali gibidir. İşte daire-i nübüvvet, daire-i velayetten ne kadar yüksek ise daire-i nübüvvetin hademeleri ve o güneşin yıldızları olan sahabeler dahi daire-i velayetteki sulehaya o derece tefevvuku olmak lâzım geliyor. Hattâ velayet-i kübra olan veraset-i nübüvvet ve sıddıkıyet ki sahabelerin velayetidir, bir veli kazansa yine saff-ı evvel olan sahabelerin makamına yetişmez. Şu üçüncü sebebin müteaddid vücuhundan üç vechini beyan ederiz:

    Birinci Vecih: İçtihadda yani istinbat-ı ahkâmda, yani Cenab-ı Hakk’ın marziyatını kelâmından anlamakta sahabelere yetişilmez.

    Çünkü o zamandaki o büyük inkılab-ı İlahî, marziyat-ı Rabbaniyeyi ve ahkâm-ı İlahiyeyi anlamak üzere dönerdi. Bütün ezhan, istinbat-ı ahkâma müteveccih idi. Bütün kalpler “Rabb’imizin bizden istediği nedir?” diye merak ederdi. Ahval-i zaman, bu hali işmam ve ihsas edecek bir tarzda cereyan ediyordu. Muhaverat, bu manaları tazammun ederek vuku buluyordu. İşte bunun için her şey ve her hal ve muhavereler ve sohbetler ve hikâyeler, bütün o manaları bir derece ders verecek bir tarzda cereyan ettiğinden, sahabenin istidadını tekmil ve fikirlerini tenvir ettiğinden, içtihad ve istinbatta istidadı kibrit derecesinde nurlanmaya hazır olduğundan bir günde veya bir ayda kazandığı mertebe-i istinbat ve içtihadı, o sahabenin derece-i zekâvetinde ve istidadında olan bir adam, şu zamanda on senede, belki yüz senede kazanmayacaktır.

    Çünkü şimdi saadet-i ebediyeye bedel, saadet-i dünyeviye medar-ı nazardır. Beşerin nazar-ı dikkati, başka maksatlara müteveccihtir. Tevekkülsüzlük içinde derd-i maişet, ruha sersemlik ve felsefe-i tabiiye ve maddiye akla körlük verdiğinden beşerin muhit-i içtimaîsi, o şahsın zihnine ve istidadına, içtihad hususunda kuvvet vermediği gibi teşettüt veriyor, dağıtıyor. Yirmi Yedinci Söz’ün içtihad bahsinde, Süfyan İbn-i Uyeyne ile onun zekâveti derecesinde birinin muvazenesinde ispat etmişiz ki Süfyan’ın on senede kazandığını, öteki yüz senede kazanamıyor.

    İkinci Vecih: Sahabelerin kurbiyet-i İlahiye noktasındaki makamlarına velayet ayağıyla yetişilmez.

    Çünkü Cenab-ı Hak bize akrebdir ve her şeyden daha ziyade yakındır. Biz ise ondan nihayetsiz uzağız. Onun kurbiyetini kazanmak iki suretle olur.

    Birisi: Akrebiyetin inkişafıyladır ki nübüvvetteki kurbiyet ona bakar ve nübüvvet veraseti ve sohbeti cihetiyle sahabeler o sırra mazhardırlar.

    İkinci suret: Bu’diyetimiz noktasında kat’-ı meratib edip bir derece kurbiyete müşerref olmaktır ki ekser seyr ü sülûk-u velayet ona göre ve seyr-i enfüsî ve seyr-i âfakî bu suretle cereyan ediyor.

    İşte birinci suret sırf vehbîdir, kesbî değil; incizabdır, cezb-i Rahmanîdir ve mahbubiyettir. Yol kısadır fakat çok metin ve çok yüksektir ve çok hâlistir ve gölgesizdir. Diğeri; kesbîdir, uzundur, gölgelidir. Acayip hârikaları çok ise de kıymetçe, kurbiyetçe evvelkisine yetişemez.

    Mesela, nasıl ki dünkü güne, bugün yetişmek için iki yol var:

    Birincisi: Zamanın cereyanına tabi olmayarak, bir kuvvet-i kudsiye ile fevka’z-zaman çıkıp dünü, bugün gibi hazır görmektir.

    İkincisi: Bir sene kat’-ı mesafe edip, dönüp dolaşıp düne gelmektir. Fakat yine dünü elde tutamıyor, onu bırakıp gidiyor.

    Öyle de zâhirden hakikate geçmek iki suretledir:

    Biri: Doğrudan doğruya hakikatin incizabına kapılıp, tarîkat berzahına girmeden hakikati ayn-ı zâhir içinde bulmaktır.

    İkincisi: Çok meratibden seyr ü sülûk suretiyle geçmektir. Ehl-i velayet, çendan fena-i nefse muvaffak olurlar, nefs-i emmareyi öldürürler. Yine sahabeye yetişemiyorlar. Çünkü sahabelerin nefisleri tezkiye ve tathir edildiğinden; nefsin mahiyetindeki cihazat-ı kesîre ile ubudiyetin envaına ve şükür ve hamdin aksamına daha ziyade mazhardırlar. Fena-i nefisten sonra, ubudiyet-i evliya besatet peyda eder.

    Üçüncü Vecih: Fazilet-i a’mal ve sevab-ı ef’al ve fazilet-i uhreviye cihetinde sahabelere yetişilmez.

    Çünkü nasıl bir asker bazı şerait dâhilinde, mühim ve mahuf bir mevkide, bir saat nöbette, bir sene ibadet kadar bir fazilet kazanabilir ve bir dakikada bir kurşunu yemekle, en ekall kırk günde ancak kazanılacak velayet derecesi gibi bir makama çıkıyor.

    Öyle de sahabelerin tesis-i İslâmiyet’te ve neşr-i ahkâm-ı Kur’aniyede hizmetleri ve İslâmiyet için bütün dünyaya ilan-ı harp etmeleri, o kadar yüksektir ki bir dakikasına başkaları bir senede yetişemez. Hattâ denilebilir ki bütün dakikaları –o hizmet-i kudsiyede– o şehit olan neferin dakikası gibidir. Bütün saatleri, müthiş bir makamda bir saat nöbet tutan fedakâr bir neferin nöbeti gibidir ki amel az, ücreti çok, kıymeti yüksektir.

    Evet, sahabeler madem İslâmiyet’in tesisinde ve envar-ı Kur’aniyenin neşrinde, saff-ı evvel teşkil ediyorlar.    اَلسَّبَبُ كَال۟فَاعِلِ   sırrınca bütün ümmetin hasenatından onlara hisse çıkar. Ümmetin اَللّٰهُمَّ صَلِّ عَلٰى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلٰى اٰلِهٖ وَاَص۟حَابِهٖ demesiyle sahabelerin, bütün ümmetin hasenatından hissedarlıklarını gösteriyor. Hem nasıl ki bir ağacın kökündeki küçük bir meziyet; ağacın dallarında büyük bir suret alır, büyük bir daldan daha büyüktür. Hem nasıl ki mebdede küçük bir irtifa, gittikçe bir yekûn teşkil eder. Hem nasıl ki nokta-i merkeziyeye yakın bir iğne ucu kadar bir ziyadelik; daire-i muhitada, bazen bir metre kadar ziyadeye mukabil geliyor.

    Aynen şu dört misal gibi sahabeler, İslâmiyet’in şecere-i nuraniyesinin köklerinden, esaslarından oldukları hem bina-yı İslâmiyet’in hutut-u nuraniyesinin mebdeinde hem cemaat-i İslâmiyenin imamlarından ve adetlerinin evvellerinde hem Şems-i Nübüvvet ve Sirac-ı Hakikat’in merkezine yakın olduklarından; az amelleri çoktur, küçük hizmetleri büyüktür. Onlara yetişmek için hakiki sahabe olmak lâzım geliyor.

    اَللّٰهُمَّ صَلِّ عَلٰى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ نِ الَّذٖى قَالَ :

    اَص۟حَابٖى كَالنُّجُومِ بِاَيِّهِم۟ اِق۟تَدَي۟تُم۟ اِه۟تَدَي۟تُم۟ وَ خَي۟رُ ال۟قُرُونِ قَر۟نٖى وَ عَلٰى اٰلِهٖ وَ صَح۟بِهٖ وَ سَلِّم۟

    سُب۟حَانَكَ لَا عِل۟مَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّم۟تَنَٓا اِنَّكَ اَن۟تَ ال۟عَلٖيمُ ال۟حَكٖيمُ

    Sual: Deniliyor ki: Sahabeler Resul-i Ekrem aleyhissalâtü vesselâmı gördüler, sonra iman ettiler. Biz ise görmeden iman ettik. Öyle ise imanımız daha kavîdir. Hem kuvvet-i imanımıza delâlet eden rivayet var?

    Elcevap: Sahabeler o zamanda, efkâr-ı âmme-i âlem hakaik-i İslâmiyeye muarız ve muhalif iken –sahabeler– yalnız suret-i insaniyede Resul-i Ekrem aleyhissalâtü vesselâmı görüp, bazen mu’cizesiz olarak öyle bir iman getirmişler ki bütün efkâr-ı âmme-i âlem, onların imanlarını sarsmıyordu. Şüphe değil, bazısına vesvese de vermezdi.

    Sizler iseniz kendi imanınızı, sahabelerin imanlarıyla muvazene ediyorsunuz. Bütün efkâr-ı âmme-i İslâmiye, imanınıza kuvvet ve senet olduğu halde; Resul-i Ekrem aleyhissalâtü vesselâmın şecere-i tûba-i nübüvvetinin çekirdeği olan beşeriyeti ve suret-i cismaniyesini değil belki umum envar-ı İslâmiye ve hakaik-i Kur’aniye ile nurani muhteşem şahs-ı manevîsini bin mu’cizat ile muhat olarak akıl gözüyle gördüğünüz halde, bir Avrupa feylesofunun sözüyle vesveseye ve şüpheye düşen imanınız nerede? Bütün âlem-i küfrün ve Nasâra ve Yehud’un ve feylesofların hücumlarına karşı sarsılmayan sahabelerin imanları nerede? Hem sahabelerin kuvvet-i imanlarını gösteren ve imanlarının tereşşuhatı olan şiddet-i takvaları ve kemal-i salahatleri nerede? Ey müddeî! Senin şiddet-i zaafından, feraizi tamamıyla senden göstermeyen sönük imanın nerede?

    Amma hadîste vârid olan ki “Âhir zamanda beni görmeyen ve iman getiren, daha ziyade makbuldür.” mealindeki rivayet, hususi fazilete dairdir. Has bazı eşhas hakkındadır. Bahsimiz ise fazilet-i külliye ve ekseriyet itibarıyladır.

    İkinci Sual: Diyorlar ki: Ehl-i velayet ve ashab-ı kemalât, dünyayı terk etmişler. Hattâ hadîste var ki: “Dünya muhabbeti bütün hataların başıdır.” Halbuki sahabeler dünyaya pek çok girmişler; terk-i dünya değil belki bir kısım sahabe, o zamanın ehl-i medeniyetinden daha ileri gitmişler. Nasıl oluyor ki böyle sahabelerin en ednasına, en büyük bir veli kadar kıymeti var, diyorsunuz?

    Elcevap: Otuz İkinci Söz’ün İkinci ve Üçüncü Mevkıflarında gayet kat’î ispat edilmiştir ki: Dünyanın âhirete bakan yüzüyle, esma-i İlahiyeye mukabil olan yüzünü sevmek; sebeb-i noksaniyet değil belki medar-ı kemaldir ve o iki yüzde ne kadar ileri gitse daha ziyade ibadet ve marifetullahta ileri gider. Sahabelerin dünyası ise işte o iki yüzdedir. Dünyayı âhiret mezraası görüp ekip biçmişler. Mevcudatı, esma-i İlahiyenin âyinesi görüp müştakane temaşa edip bakmışlar. Fena-i dünya ise fâni yüzüdür ki insanın hevesatına bakar.

    Üçüncü Sual: Tarîkatlar, hakikatlerin yollarıdır. Tarîkatların içerisinde en meşhur ve en yüksek ve cadde-i kübra iddia olunan tarîk-i Nakşibendî hakkında, o tarîkatın kahramanlarından ve imamlarından bazıları esasını böyle tarif etmişler. Demişler ki:

    دَر۟ طَرٖيقِ نَق۟شِبَن۟دٖى لَازِم۟ اٰمَد۟ چَار۟ تَر۟ك۟ :

    تَر۟كِ دُن۟يَا تَر۟كِ عُق۟بٰى تَر۟كِ هَس۟تٖى تَر۟كِ تَر۟ك۟

    Yani, tarîk-i Nakşî’de dört şeyi bırakmak lâzım. Hem dünyayı hem nefis hesabına âhireti dahi maksud-u hakiki yapmamak hem vücudunu unutmak hem ucbe, fahre girmemek için bu terkleri düşünmemektir. Demek, hakiki marifetullah ve kemalât-ı insaniye terk-i mâsiva ile olur?

    Elcevap: Eğer insan yalnız bir kalpten ibaret olsaydı bütün mâsivayı terk, hattâ esma ve sıfâtı dahi bırakmak, yalnız Cenab-ı Hakk’ın zatına rabt-ı kalp etmek lâzım gelirdi. Fakat insanın akıl, ruh, sır, nefis gibi pek çok vazifedar letaifi ve hâsseleri vardır.

    İnsan-ı kâmil odur ki: Bütün o letaifi; kendilerine mahsus ayrı ayrı tarîk-i ubudiyette, hakikat canibine sevk etmek ile sahabe gibi geniş bir dairede, zengin bir surette, kalp bir kumandan gibi letaif askerleriyle kahramanane maksada yürüsün. Yoksa kalp, yalnız kendini kurtarmak için askerini bırakıp tek başıyla gitmek, medar-ı iftihar değil belki netice-i ıztırardır.

    Dördüncü Sual: Sahabelere karşı iddia-yı rüçhan nereden çıkıyor? Kim çıkarıyor? Şu zamanda, bu meseleyi medar-ı bahis etmek nedendir? Hem müçtehidîn-i izama karşı müsavat dava etmek neden ileri geliyor?

    Elcevap: Şu meseleyi söyleyen iki kısımdır:

    Bir kısmı, safi ehl-i diyanet ve ehl-i ilimdir ki bazı ehadîsi görmüşler, şu zamanda ehl-i takva ve salahati teşvik ve tergib için öyle mebhaslar açıyorlar. Bu kısma karşı sözümüz yok. Zaten onlar azdırlar, çabuk da intibaha gelirler.

    Diğer kısım ise gayet müthiş mağrur insanlardır ki mezhepsizliklerini, müçtehidîn-i izama müsavat davası altında neşretmek istiyorlar ve dinsizliklerini, sahabeye karşı müsavat davası altında icra etmek istiyorlar. Çünkü:

    Evvelen: O ehl-i dalalet sefahete girmiş, sefahette tiryaki olmuş; sefahete mani olan tekâlif-i Şer’iyeyi yapamıyor. Kendine bir bahane bulmak için der ki: “Şu mesail, içtihadiyedirler. O mesailde, mezhepler birbirine muhalif gidiyor. Hem onlar da bizim gibi insanlardır, hata edebilirler. Öyle ise biz de onlar gibi içtihad ederiz, istediğimiz gibi ibadetimizi yaparız. Onlara tabi olmaya ne mecburiyetimiz var?” İşte bu bedbahtlar, bu desise-i şeytaniye ile başlarını mezahibin zincirinden çıkarıyorlar. Bunların şu davaları ne kadar çürük, ne kadar esassız olduğu Yirmi Yedinci Söz’de kat’î bir surette gösterildiğinden ona havale ederiz.

    Sâniyen: O kısım ehl-i dalalet baktılar ki müçtehidînlerde iş bitmiyor. Onların omuzlarındaki yalnız nazariyat-ı diniyedir. Halbuki bu kısım ehl-i dalalet, zaruriyat-ı diniyeyi terk ve tağyir etmek istiyorlar. “Onlardan daha iyiyiz.” deseler, meseleleri tamam olmuyor. Çünkü müçtehidîn, nazariyata ve kat’î olmayan teferruata karışabilirler.

    Halbuki bu mezhepsiz ehl-i dalalet, zaruriyat-ı diniyede dahi fikirlerini karıştırmak ve kabil-i tebdil olmayan mesaili tebdil etmek ve kat’î erkân-ı İslâmiyeye karşı gelmek istediklerinden; elbette zaruriyat-ı diniyenin hameleleri ve direkleri olan sahabelere ilişecekler.

    Heyhat! Değil bunlar gibi insan suretindeki hayvanlar, belki hakiki insanlar ve hakiki insanların en kâmilleri olan evliyanın büyükleri; sahabenin küçüklerine karşı müsavat davasını kazanamadıkları, gayet kat’î bir surette Yirmi Yedinci Söz’de ispat edilmiştir.

    اَللّٰهُمَّ صَلِّ وَ سَلِّم۟ عَلٰى رَسُولِكَ الَّذٖى قَالَ :

    لَاتَسُبُّوا اَص۟حَابٖى لَو۟ اَن۟فَقَ اَحَدُكُم۟ مِث۟لَ اُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ نِص۟فَ مُدٍّ مِن۟ اَص۟حَابٖى

    صَدَقَ رَسُولُ اللّٰهِ

    سُب۟حَانَكَ لَا عِل۟مَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّم۟تَنَٓا اِنَّكَ اَن۟تَ ال۟عَلٖيمُ ال۟حَكٖيمُ


    1. وهي «حباب من عمان القرآن الكريم» من المثنوي العربي النوري.
    2. لقد أثبتت الكلمة الخامسة والعشرون «المعجزات القرآنية» أنه لا يمكن ترجمة القرآن ترجمة حقيقية. (المؤلف).
    3. ترجمة الأبيات الفارسية المتصدرة بما يشبه الشعر:
      يا رسول اللّه ما ضر لو دخلتُ الجنة مع الداخلين،
      ككلب أصحاب الكهف في زمرة أصحابك الأولين.
      أيُّنا أليَق بالجنة أنا أم مَن حرس الكهف سنين
      هو كلب أصحاب الرقيم وأنا كلب أصحاب الأمين.