Translations:Otuz İkinci Söz/800/ar
فيا أيها الضالون الغافلون! إن ما أُودع في فطرتكم من استعداد المحبة والمعرفة، ومن وسائط الشكر ووسائل العبادة التي يلزم أن تُبذل إلى ذات الله تبارك وتعالى، وينبغي أن تتوجه إلى صفاته الجليلة وأسمائه الحسنى، قد بذلتموها -بذلا غيرَ مشروع- لأنفسكم وللدنيا، فتعانون مستحقين عقابَها، وذلك بسر القاعدة: «إن نتيجة محبةٍ غير مشروعة مقاساةُ عذاب أليمٍ بلا رحمة». لأنكم وهبتم لأنفسكم المحبة التي تخص الله سبحانه وتعالى، فتعانون بلايا محبوبتكم التي لا تعد، إذ لم تمنحوها راحتها الحقيقة.. وكذا لا تسلّمون أمرَها بالتوكل إلى المحبوب الحق وهو الله القدير المطلق، فتقاسون الألم دائما.. وكذا فقد أوليتم الدنيا المحبةَ التي تعود إلى أسماء الله الحسنى وصفاته الجليلة المقدسة، ووزعتم آثارَ صنعته البديعة وقسمتموها بين الأسباب المادية، فتذوقون وبال عملكم؛ لأن قسما من أحبّائكم الكثيرين يغادرونكم مُدبرين دون توديع، ومنهم مَن لا يعرفونكم أصلا، وحتى إذا عرفوكم لا يحبونكم، وحتى إذا أحبوكم لا ينفعونكم، فتظلون في عذابٍ مقيم من أَعْذِبَةِ فراقٍ لا حد له ومن آلامِ زوال يائس من العودة.