59.687
düzenleme
("راجعت أولَ ما راجعت، تلك العلوم التي اكتسبتها سابقاً، أبحث فيها السلوة والرجاء. ولكن كنت -ويا للاسف- إلى ذلك الوقت مغترفاً من العلوم الإسلامية مع العلوم الفلسفية ظناً مني -ظناً خطأً جداً- أن تلك العلوم الفلسفية هي مصدرُ الرُّقي والتكامل ومحور الثقافة و..." içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu) |
("عندما رجعت من الأسر، كنت أسكن مع ابن أخي «عبد الرحمن»(∗) في قصر على قمة «چاملجة» في إستانبول. ويمكن أن تُعد هذه الحياة التي كنت أحياها حياةً مثالية من الناحية الدنيوية بالنسبة لأمثالنا؛ ذلك لأنني قد نجوت من الأسر، وكانت وسائلُ النشر مفتوحةً أمامي في«دا..." içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu) |
||
391. satır: | 391. satır: | ||
ولكن إنْ لم يُسند خلقُ جميع الأشياء دفعةً واحدة إلى العليم المطلق وإلى القدير الأزلي، فإن خلق أصغر شيء عندئذ -كالذباب مثلاً- يستلزم جمعَ جميع ما له علاقة بالذباب من أكثر أنواع العالم، جمعَه بميزان خاص ودقيق جداً، أي جمع كل ذلك في جسم الذباب، بل ينبغي أن تكون كلُّ ذرةٍ عاملةٍ في جسم الذباب عالمةً تمام العلم بسرّ خلق الذباب وحكمة وجوده، بل ينبغي أن تكون متقنةً لروعة الصنعة التي فيها بدقائقها وتفاصيلها كافة. | ولكن إنْ لم يُسند خلقُ جميع الأشياء دفعةً واحدة إلى العليم المطلق وإلى القدير الأزلي، فإن خلق أصغر شيء عندئذ -كالذباب مثلاً- يستلزم جمعَ جميع ما له علاقة بالذباب من أكثر أنواع العالم، جمعَه بميزان خاص ودقيق جداً، أي جمع كل ذلك في جسم الذباب، بل ينبغي أن تكون كلُّ ذرةٍ عاملةٍ في جسم الذباب عالمةً تمام العلم بسرّ خلق الذباب وحكمة وجوده، بل ينبغي أن تكون متقنةً لروعة الصنعة التي فيها بدقائقها وتفاصيلها كافة. | ||
ولما كانت الأسبابُ المادية أو الطبيعية لا يمكنها أن تخلق شيئاً من العدم مطلقاً كما هو بدهي ومتفق عليه عند أرباب العقول؛ لذا فإن تلك الأسباب حتى لو تمكّنت من الإيجاد فإنها لا تتمكن من ذلك إلّا بالجمع. فما دامت ستقوم بالجمع، وإن الكائن الحي -أياً كان- ينطوي على أغلب نماذج ما في العالم من عناصر وأنواع، وكأنه خلاصةُ الكائنات أو بذرتُها، فلابد إذن من جمع ذرات البذرة من شجرة كاملة، وجمع عناصر الكائن الحي وذراته من أرجاء العالم أجمع، وذلك بعد تصفيتها وتنظيمها وتقديرها بدقة وإتقان حسب موازينَ خاصة ووفق مصافٍ حساسة ودقيقة جداً.. | |||
ولكون الأسباب المادية الطبيعية جاهلةً وجامدةً، فلا علم لها مطلقاً كي تقدّر خطة، وتنظّم منهاجاً، وتنسق فهرساً، وكي تتعامل مع الذرات وفق قوالب معنوية، مصهرة إياها في تلك القوالب لتمنعها من التفرق والتشتت واختلال النظام. بينما يمكن أن يكون شكلُ كلِّ شيء وهيئته ضمن أنماط لا تُحد.. لذا فإن إعطاء شكل معين واحد من بين تلك الأشكال غير المحدودة، وتنظيم ذلك الشيء بمقدار معين ضمن تلك المقادير غير المعدودة، دون أن تتبعثر ذراتُ العناصر الجارية كالسيل وبانتظام كامل. ثم بناؤها وعمارتها بعضها فوق بعض بلا قوالب خاصة وبلا تعيين المقادير، ثم إعطاء الكائن الحي وجوداً منتظماً منسقاً.. كل هذا أمرٌ واضح أنه خارجٌ عن حدود الإمكان، بل خارج عن حدود العقل والاحتمال! فالذي لم يفقد بصيرته يرى ذلك بجلاء! | |||
نعم، وتوضيحاً لهذه الحقيقة فقد جاء في القرآن الكريم: ﴿ اِنَّ الَّذ۪ينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ﴾ (الحج: ٧٣). أي إذا اجتمعت الأسبابُ المادية كافة لا يمكنها أن تجمع وتنسق جسم ذبابة واحدة وأجهزتها وفق موازين دقيقة خاصة حتى لو أوتيت تلك الأسباب إرادةً واختياراً، بل حتى لو تمكنت من تكوين جسم ذباب وجمعه فإنها لا تستطيع إبقاءه وإدامته على مقداره المعين له، بل حتى لو تمكنت من إبقائه بالمقدار المعين فلن تستطيع أن تحرك بانتظام تلك الذرات التي تتجدد دوماً وترد إلى ذلك الوجود لتسعى فيه؛ لذا فمن البداهة أنَّ الأسباب لن تكون مالكةً لهذه الأشياء ولن تكون صاحبتَها مطلقاً. إنما صاحبُها الحقيقي هو غيرُ الأسباب.. | |||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> |
düzenleme