Onuncu Söz/ar: Revizyonlar arasındaki fark

    Risale-i Nur Tercümeleri sitesinden
    ("والآن، فهل ظَهرَ في العالم مَن هو أكثرُ أَهلِيَّةً، وأَجمعُ لتِلكَ الأوصافِ والوظائِفِ التي ذُكِرَت، من محمدٍ الهاشِميِّ ﷺ؟ أم هل هناك أحد أليَقُ منه ﷺ لمنصِبِ الرِّسالَة ومُهمَّةِ التَّبلِيغ؟ وهل أظهرَ الزمانُ أحدا أعظمَ أهليَّةً منه؟ كَلّا.. ثُمَ..." içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu)
    Değişiklik özeti yok
    Etiket: Elle geri alma
     
    (2 kullanıcıdan 307 ara revizyon gösterilmiyor)
    1. satır: 1. satır:
    <languages/>
    <languages/>
    <span id="Onuncu_Söz"></span>
    = الكلمة العاشرة =


    <span id="HAŞİR_BAHSİ"></span>
    <span id="HAŞİR_BAHSİ"></span>
    12. satır: 10. satır:
    فَانْظُرْ اِلٰٓى آثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا
    فَانْظُرْ اِلٰٓى آثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا


    اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ(الروم:50)
    اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ(الروم:50)


    يا أخي! إِنْ رُمتَ إيضاحَ أمرِ الحشر وبعضِ شؤونِ الآخِرةِ على وجهٍ يُلائم فهمَ عامّةِ الناس، فاستَمعْ معي إلى هذه الحكايةِ القصيرةِ.
    يا أخي! إِنْ رُمتَ إيضاحَ أمرِ الحشر وبعضِ شؤونِ الآخِرةِ على وجهٍ يُلائم فهمَ عامّةِ الناس، فاستَمعْ معي إلى هذه الحكايةِ القصيرةِ.
    69. satır: 67. satır:
    انظُر إلى ما لا يُعدُّ ولا يحصَى من الجواهرِ النادرةِ المعرُوضةِ في هذه المعارضِ، والأطعمةِ الفريدَةِ اللذيذَةِ المُزيَّنةِ بها الموائدُ، مما يُبرِزُ لنا أنَّ لسلطانِ هذه المملكةِ سَخاءً غيرَ محدودٍ، وخزائنَ ملآى لا تَنضُبُ.. ولكنْ مثلُ هذا السَّخاءِ الدائمِ، ومثلُ هذه الخزائنِ التي لا تَنفَدُ، يتَطلَّبانِ حتمًا دارَ ضيافةٍ خالدة أبديَّةٍ، فيها ما تَشتَهيهِ الأنفُسُ؛ ويَقتضِيانِ كذلك خُلودَ المتنعِّمِين المتلذِّذِينَ فيها، لئلا يَذوقُوا ألمَ الفراقِ والزوالِ؛ إذ كما أنَّ زوالَ الألم لذةٌ فزوالُ اللذةِ ألمٌ كذلك..
    انظُر إلى ما لا يُعدُّ ولا يحصَى من الجواهرِ النادرةِ المعرُوضةِ في هذه المعارضِ، والأطعمةِ الفريدَةِ اللذيذَةِ المُزيَّنةِ بها الموائدُ، مما يُبرِزُ لنا أنَّ لسلطانِ هذه المملكةِ سَخاءً غيرَ محدودٍ، وخزائنَ ملآى لا تَنضُبُ.. ولكنْ مثلُ هذا السَّخاءِ الدائمِ، ومثلُ هذه الخزائنِ التي لا تَنفَدُ، يتَطلَّبانِ حتمًا دارَ ضيافةٍ خالدة أبديَّةٍ، فيها ما تَشتَهيهِ الأنفُسُ؛ ويَقتضِيانِ كذلك خُلودَ المتنعِّمِين المتلذِّذِينَ فيها، لئلا يَذوقُوا ألمَ الفراقِ والزوالِ؛ إذ كما أنَّ زوالَ الألم لذةٌ فزوالُ اللذةِ ألمٌ كذلك..


    فانظر إلى هذه المعارض، ودقِّقِ النظرَ في تلك الإعلاناتِ، وَأصْغِ جيدا إلى هؤلاء المنادينَ الدعاةِ الذين يُشكِّلون عَجائِبَ مَصنوعاتِ السلطانِ -ذي المعجزاتِ- ويُعلِنون عنها، ويُظهِرون كماله، ويُفصِحُون عن جمالِه المعنوِيِّ الذي لا نظيرَ له، ويَذكُرون لطائفَ حُسنِه المستَتِرِ.
    فانظر إلى هذه المعارض، ودقِّقِ النظرَ في تلك الإعلاناتِ، وَأصْغِ جيدا إلى هؤلاء المنادينَ الدعاةِ الذين يُشكِّلون عَجائِبَ مَصنوعاتِ السلطانِ -ذي المعجزاتِ- ويُعلِنون عنها، ويُظهِرون كماله، ويُفصِحُون عن جمالِه المعنوِيِّ الذي لا نظيرَ له، ويَذكُرون لطائفَ حُسنِه المستَتِرِ.


    فلهذا السلطانِ إذن كمالٌ باهِرٌ، وجمالٌ معنويٌّ زاهِرٌ، يَبعثانِ على الإعجابِ؛ ولاشكَّ أنَّ الكمالَ المستَتِرَ الذي لا نقصَ فيه يَقتَضِي إعلانَه على رؤوسِ الأشهادِ من المعجَبِينَ المستَحسِنينَ، ويتَطلَّبُ إعلانَه أمامَ أنظارِ المُقدِّرِينَ لقيمتِه؛ أمّا الجمالُ الخفيُّ الذي لا نظيرَ له، فيَستلزِم الرُّؤيةَ والإظهارَ، أي: رُؤيةَ جمالِه بوَجهَينِ:
    فلهذا السلطانِ إذن كمالٌ باهِرٌ، وجمالٌ معنويٌّ زاهِرٌ، يَبعثانِ على الإعجابِ؛ ولاشكَّ أنَّ الكمالَ المستَتِرَ الذي لا نقصَ فيه يَقتَضِي إعلانَه على رؤوسِ الأشهادِ من المعجَبِينَ المستَحسِنينَ، ويتَطلَّبُ إعلانَه أمامَ أنظارِ المُقدِّرِينَ لقيمتِه؛ أمّا الجمالُ الخفيُّ الذي لا نظيرَ له، فيَستلزِم الرُّؤيةَ والإظهارَ، أي: رُؤيةَ جمالِه بوَجهَينِ:
    75. satır: 73. satır:
    ثانيهما:  رؤيتُه بنظر المشاهدِينَ المشتاقِين والمعجَبِين المستحسنِين له، وهذا يعني أنَّ الجمالَ الخالدَ يستدعي رُؤيةً وظهورًا، أي مشاهدةً دائمةً ، و اشهادًا أبديًا..
    ثانيهما:  رؤيتُه بنظر المشاهدِينَ المشتاقِين والمعجَبِين المستحسنِين له، وهذا يعني أنَّ الجمالَ الخالدَ يستدعي رُؤيةً وظهورًا، أي مشاهدةً دائمةً ، و اشهادًا أبديًا..


    وهذا يتطلبُ حتما خُلودَ المشاهدِين المشتاقِين المُقدِّرينَ لذلك الجمالِ، لأنَّ الجمالَ الخالدَ لا يرضَى بالمشتاقِ الزائِلِ، ولأنَّ المُشاهِدَ المحكومَ عليه بالزوالِ يُبدِّلُ تَصوُّرُ الزوالِ محَبَّتَه عداءً، وإعجابَه استِخفافًا، وتوقيرَه إهانةً، إذ الإنسانُ عدوٌّ لما يجهلُ ولِماَ يقصُرُ عنه.. ولمَّا كان الجميعُ يغادِرون دَورَ الضيافةِ هذه بسرعةٍ ويَغيبُون عنها بلا ارتِواءٍ من نورِ ذلك الجمالِ والكمالِ، بل قد لا يرَونَ إلّا ظِلالا خافِتةً منه عَبْرَ لمحاتٍ سَريعةٍ..
    وهذا يتطلبُ حتما خُلودَ المشاهدِين المشتاقِين المُقدِّرينَ لذلك الجمالِ، لأنَّ الجمالَ الخالدَ لا يرضَى بالمشتاقِ الزائِلِ، ولأنَّ المُشاهِدَ المحكومَ عليه بالزوالِ يُبدِّلُ تَصوُّرُ الزوالِ محَبَّتَه عداءً، وإعجابَه استِخفافًا، وتوقيرَه إهانةً، إذ الإنسانُ عدوٌّ لما يجهلُ ولِماَ يقصُرُ عنه.. ولمَّا كان الجميعُ يغادِرون دَورَ الضيافةِ هذه بسرعةٍ ويَغيبُون عنها بلا ارتِواءٍ من نورِ ذلك الجمالِ والكمالِ، بل قد لا يرَونَ إلّا ظِلالا خافِتةً منه عَبْرَ لمحاتٍ سَريعةٍ..


    فالرِّحلةُ إذن مُنطلِقةٌ إلى مَشهَدٍ دائمٍ خَالدٍ.
    فالرِّحلةُ إذن مُنطلِقةٌ إلى مَشهَدٍ دائمٍ خَالدٍ.
    96. satır: 94. satır:


    تعالَ، وانظُر إلى هذه القاطراتِ الضَّخمةِ، وإلى هذه الطائراتِ المشحونةِ، وإلى هذه المخازِنِ الهائلةِ المملوءَةِ، وإلى هذه المعارِضِ الأنيقَةِ الجذّابَةِ.. وتأمّل في الإجراءاتِ وسَيرِ الأمورِ.. إنها جميعا تُبيِّن أنَّ هناك سلطنةً عظيمةً حقا (*<ref>*
    تعالَ، وانظُر إلى هذه القاطراتِ الضَّخمةِ، وإلى هذه الطائراتِ المشحونةِ، وإلى هذه المخازِنِ الهائلةِ المملوءَةِ، وإلى هذه المعارِضِ الأنيقَةِ الجذّابَةِ.. وتأمّل في الإجراءاتِ وسَيرِ الأمورِ.. إنها جميعا تُبيِّن أنَّ هناك سلطنةً عظيمةً حقا (*<ref>*
    فكما أنَّ الجيشَ الهائلَ في ميدانِ المناوراتِ أو مباشرةِ الحرب، يتَحوّلُ إلى ما يُشبِه غابةَ أشواكٍ، بمُجرَّد تَسلُّمه أمرَ: «خُذوا السلاحَ، رَكِّبوا الحِرابَ»، وكما يتَحوّلُ المعسكرُ برُمّتِه في كل عيدٍ وعرْضٍ عسكريٍّ إلى ما يُشبِه حديقةً جميلةً ذاتَ أزهارٍ ملوّنةٍ بمجرّدِ تسلُّمِه أمرَ: «احملُوا شاراتِكم، تَقلّدُوا أوسِمتَكم».. كذلك النباتاتُ غيرُ ذاتِ الشعورِ والتي هي نوعٌ من جُنودٍ غيرِ متناهيّةٍ لله سبحانَه -كما أنَّ الملائِكةَ والجنَّ والإنسَ والحيوانَ جُنودُه- فهي عندَما تَتسلَّم أمرَ  ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾  أثناءَ جهادِها لحفظِ الحياةِ وتُؤمَرُ بالأمرِ الإلهيّ «خذوا أسلحتَكم وعتادَكم لأجلِ الدّفاعِ» تُهيِّئُ الأشجارُ والشُّجَيراتُ المشوكَةُ رُميحَاتِها، فيتَحوّلُ سطحُ الأرضِ إلى ما يُشبِه المعسكرَ الضخمَ المدجَّجَ بالسلاحِ الأبيضِ.  
    فكما أنَّ الجيشَ الهائلَ في ميدانِ المناوراتِ أو مباشرةِ الحرب، يتَحوّلُ إلى ما يُشبِه غابةَ أشواكٍ، بمُجرَّد تَسلُّمه أمرَ: «خُذوا السلاحَ، رَكِّبوا الحِرابَ»، وكما يتَحوّلُ المعسكرُ برُمّتِه في كل عيدٍ وعرْضٍ عسكريٍّ إلى ما يُشبِه حديقةً جميلةً ذاتَ أزهارٍ ملوّنةٍ بمجرّدِ تسلُّمِه أمرَ: «احملُوا شاراتِكم، تَقلّدُوا أوسِمتَكم».. كذلك النباتاتُ غيرُ ذاتِ الشعورِ والتي هي نوعٌ من جُنودٍ غيرِ متناهيّةٍ لله سبحانَه -كما أنَّ الملائِكةَ والجنَّ والإنسَ والحيوانَ جُنودُه- فهي عندَما تَتسلَّم أمرَ  ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾  أثناءَ جهادِها لحفظِ الحياةِ وتُؤمَرُ بالأمرِ الإلهيّ «خذوا أسلحتَكم وعتادَكم لأجلِ الدّفاعِ» تُهيِّئُ الأشجارُ والشُّجَيراتُ المشوكَةُ رُميحَاتِها، فيتَحوّلُ سطحُ الأرضِ إلى ما يُشبِه المعسكرَ الضخمَ المدجَّجَ بالسلاحِ الأبيضِ.
     
    <br>
    <br>
    فتُظهِرُ كلُّ طائفةٍ منها ما وَهبَه لها سُلطانُها من هدايا جميلةٍ، وما أنعمَ عليها من أوسِمةٍ مرصّعةٍ، فتَعرِضُ نفسَها -بما يُشبِه العرْضَ العسكريّ- أمامَ نظرِ الشُّهودِ والإشْهادِ للسلطانِ الأزلي، كأنها تَسمَعُ أمرا ربّانيا: «تقلّدوا مُرصّعاتِ الصنعةِ الربانية، وأوْسِمةَ الفِطرةِ الإلهية التي هي الأزهارُ والثمارُ... وفتِّحُوا الأزهارَ»؛ عندئذٍ يعودُ سطحُ الأرضِ كأنه مُعسكرٌ عظيمٌ في يومِ عيدٍ بهيجٍ، وفي استعراضٍ هائلٍ رائع يَزخَرُ بالأوسمة البراقةِ والشاراتِ اللماعة.
    فتُظهِرُ كلُّ طائفةٍ منها ما وَهبَه لها سُلطانُها من هدايا جميلةٍ، وما أنعمَ عليها من أوسِمةٍ مرصّعةٍ، فتَعرِضُ نفسَها -بما يُشبِه العرْضَ العسكريّ- أمامَ نظرِ الشُّهودِ والإشْهادِ للسلطانِ الأزلي، كأنها تَسمَعُ أمرا ربّانيا: «تقلّدوا مُرصّعاتِ الصنعةِ الربانية، وأوْسِمةَ الفِطرةِ الإلهية التي هي الأزهارُ والثمارُ... وفتِّحُوا الأزهارَ»؛ عندئذٍ يعودُ سطحُ الأرضِ كأنه مُعسكرٌ عظيمٌ في يومِ عيدٍ بهيجٍ، وفي استعراضٍ هائلٍ رائع يَزخَرُ بالأوسمة البراقةِ والشاراتِ اللماعة.
    <br>
    <br>
    البديع يُرِي لمن لم يَفقِد بصرَه أنه أمرُ سلطانٍ قَديرٍ لا منتهَى لقدرتِه، وأمرُ حاكمٍ حَكيمٍ لا نهايةَ لحكمتِه.  (المؤلف)
    البديع يُرِي لمن لم يَفقِد بصرَه أنه أمرُ سلطانٍ قَديرٍ لا منتهَى لقدرتِه، وأمرُ حاكمٍ حَكيمٍ لا نهايةَ لحكمتِه.  (المؤلف)
      </ref>) تحكُمُ من وراءِ ستارٍ؛  
      </ref>) تحكُمُ من وراءِ ستارٍ؛  


    فمِثلُ هذه السلطنةِ تقتضي حتمًا رعايا يَلِيقُونَ بها، بينما تُشاهِدُ أنهم قد اجتَمعُوا في هذا المضِيفِ، والمَضيفُ يُودِّع يوميا صُنوفًا منهم ويَستقبِلُ صُنوفًا؛ وهم قد حضروا في ميدانِ الامتِحانِ والاختِبارِ هذا، غيرَ أن الميدانَ يُبدَّلُ كلَّ ساعةٍ، وهم يَلبثُونَ قليلا في هذا المعرِضِ العظيمَ، يَتفرَّجون على نماذجِ آلاءِ المليك الثمينةِ وعجائبِ صَنعتِه البديعَةِ، غيرَ أنَّ المعرِضَ نفسَه يُحوَّلُ كلَّ دقيقةٍ، فالراحِلُ لا يَرجِعُ والقابِلُ يَرحَلُ كذلك..
    فمِثلُ هذه السلطنةِ تقتضي حتمًا رعايا يَلِيقُونَ بها، بينما تُشاهِدُ أنهم قد اجتَمعُوا في هذا المضِيفِ، والمَضيفُ يُودِّع يوميا صُنوفًا منهم ويَستقبِلُ صُنوفًا؛ وهم قد حضروا في ميدانِ الامتِحانِ والاختِبارِ هذا، غيرَ أن الميدانَ يُبدَّلُ كلَّ ساعةٍ، وهم يَلبثُونَ قليلا في هذا المعرِضِ العظيمَ، يَتفرَّجون على نماذجِ آلاءِ المليك الثمينةِ وعجائبِ صَنعتِه البديعَةِ، غيرَ أنَّ المعرِضَ نفسَه يُحوَّلُ كلَّ دقيقةٍ، فالراحِلُ لا يَرجِعُ والقابِلُ يَرحَلُ كذلك..


    فهذه الأمورُ تُبيِّن بشكل قاطعٍ أنَّ وراءَ هذا المضيفِ الفاني، ووراءَ هذه الميادِينِ المتبدِّلةِ، ووَراءَ هذه المعارض المتحوِّلةِ، قصورًا دائِمةً خالِدةً، ومساكنَ طيِّبةً أبدِيّةً وجنائنَ مملوءَةً بحقائقِ هذه النماذِجِ، وخزائنَ مشحونةً بأصُولِها.
    فهذه الأمورُ تُبيِّن بشكل قاطعٍ أنَّ وراءَ هذا المضيفِ الفاني، ووراءَ هذه الميادِينِ المتبدِّلةِ، ووَراءَ هذه المعارض المتحوِّلةِ، قصورًا دائِمةً خالِدةً، ومساكنَ طيِّبةً أبدِيّةً وجنائنَ مملوءَةً بحقائقِ هذه النماذِجِ، وخزائنَ مشحونةً بأصُولِها.
    119. satır: 114. satır:
    هيا انظُر إلى ذاك الجبلِ الشاهِقِ فقد نُصبَت عليه آلةُ تصويرٍ ضَخمةٌ تخصُّ السلطانَ نفسَه(*<ref>*
    هيا انظُر إلى ذاك الجبلِ الشاهِقِ فقد نُصبَت عليه آلةُ تصويرٍ ضَخمةٌ تخصُّ السلطانَ نفسَه(*<ref>*
    لقد وُضِّحَ قسمٌ من هذه المعاني التي تُشيرُ إليها هذه الصورةُ في «الحقيقةِ السَّابعةِ»؛ فآلةُ التصويرِ الكبرَى هنا -التي تخص السلطان- تُشير إلى اللوحِ المحفوظِ، وإلى حقيقتِه، وقد أثبَتَت «الكلمةُ السادِسةُ والعشرون» اللوحَ المحفُوظَ وتَحقُّقَ وُجودِه بما يأتي:
    لقد وُضِّحَ قسمٌ من هذه المعاني التي تُشيرُ إليها هذه الصورةُ في «الحقيقةِ السَّابعةِ»؛ فآلةُ التصويرِ الكبرَى هنا -التي تخص السلطان- تُشير إلى اللوحِ المحفوظِ، وإلى حقيقتِه، وقد أثبَتَت «الكلمةُ السادِسةُ والعشرون» اللوحَ المحفُوظَ وتَحقُّقَ وُجودِه بما يأتي:
    <br>  
    <br>كما أنَّ الهُوياتِ الشخصِيةَ الصغيرةَ تَرمُزُ إلى وجودِ سِجلٍّ كبير للهويات، والسنداتِ الصغيرةَ تُشعِر بوُجود سِجلٍّ أساسٍ للسنداتِ، ورَشحاتِ قطراتٍ صَغيرةً وغزيرةً تدل على وجودِ منبعٍ عظيمٍ.. كذلك فإنّ القوَى الحافظةَ في الإنسانِ، وأثمارَ الأشجارِ، وبُذورَ الثِّمارِ؛ التي كل منها بمَثابةِ هوياتٍ صغيرة، وبمعنى «لوح محفوظ صغير» وبصُورةِ ترشحاتِ نِقاطٍ صغيرةٍ ترشَّحتْ من القلم الذي كتَبَ اللوحَ المحفوظَ الكبيرَ.. لابدَّ أن كلا منها تُشعرُ بوجودِ الحافِظةِ الكبرَى، والسِّجل الأكبرِ، واللوحِ المحفوظِ الأعظم، بل تُثبتُه وتُبرِزُه إلى العقولِ النافِذةِ.  (المؤلف) </ref>) تَلتقِطُ صورَ كلِّ ما يجرِي في هذه المملكةِ؛ بمعنى أنَّ السلطانَ أصْدرَ أوامرَه لتَسجيلِ الأمورِ كلِّها، وتدوِينِ المعاملاتِ في مملكتِه.. مما يعني أنَّ ذلك السلطانَ المعظَّمَ يَستكتِبُ الحوادثَ جميعَها، ويأمرُ بتَصوِيرِها.. فهذا الاهتِمامُ البالغُ، وهذا الحفظُ الدقيقُ للأمورِ، وراءَه مُحاسَبةٌ بلا شكٍّ،
     
    كما أنَّ الهُوياتِ الشخصِيةَ الصغيرةَ تَرمُزُ إلى وجودِ سِجلٍّ كبير للهويات، والسنداتِ الصغيرةَ تُشعِر بوُجود سِجلٍّ أساسٍ للسنداتِ، ورَشحاتِ قطراتٍ صَغيرةً وغزيرةً تدل على وجودِ منبعٍ عظيمٍ.. كذلك فإنّ القوَى الحافظةَ في الإنسانِ، وأثمارَ الأشجارِ، وبُذورَ الثِّمارِ؛ التي كل منها بمَثابةِ هوياتٍ صغيرة، وبمعنى «لوح محفوظ صغير» وبصُورةِ ترشحاتِ نِقاطٍ صغيرةٍ ترشَّحتْ من القلم الذي كتَبَ اللوحَ المحفوظَ الكبيرَ.. لابدَّ أن كلا منها تُشعرُ بوجودِ الحافِظةِ الكبرَى، والسِّجل الأكبرِ، واللوحِ المحفوظِ الأعظم، بل تُثبتُه وتُبرِزُه إلى العقولِ النافِذةِ.  (المؤلف) </ref>) تَلتقِطُ صورَ كلِّ ما يجرِي في هذه المملكةِ؛ بمعنى أنَّ السلطانَ أصْدرَ أوامرَه لتَسجيلِ الأمورِ كلِّها، وتدوِينِ المعاملاتِ في مملكتِه.. مما يعني أنَّ ذلك السلطانَ المعظَّمَ يَستكتِبُ الحوادثَ جميعَها، ويأمرُ بتَصوِيرِها.. فهذا الاهتِمامُ البالغُ، وهذا الحفظُ الدقيقُ للأمورِ، وراءَه مُحاسَبةٌ بلا شكٍّ،


    إذ هل يمكن لحاكمٍ حَفيظٍ -لا يُهمِلُ أدنى مُعامَلةٍ لأبسطِ رعاياهُ- أن لا يَحفَظَ ولا يُدوِّن الأعمالَ العظيمةَ لكِبار رعاياهُ، ولا يُحاسبَهم ولا يُجازِيهم على ما صَنعُوا، مع أنهم يُقدِمونَ على أعمال تمَسُّ الملِكَ العزيزَ، وتتَعرَّضُ لكبريائِه، وتأباهُ رَحمتُه الواسِعةُ؟..
    إذ هل يمكن لحاكمٍ حَفيظٍ -لا يُهمِلُ أدنى مُعامَلةٍ لأبسطِ رعاياهُ- أن لا يَحفَظَ ولا يُدوِّن الأعمالَ العظيمةَ لكِبار رعاياهُ، ولا يُحاسبَهم ولا يُجازِيهم على ما صَنعُوا، مع أنهم يُقدِمونَ على أعمال تمَسُّ الملِكَ العزيزَ، وتتَعرَّضُ لكبريائِه، وتأباهُ رَحمتُه الواسِعةُ؟..
    157. satır: 150. satır:
    فالمقصودُ من هذه الاحتفالاتِ إذن هو بلوغُ سعادةٍ عُظمَى، ومَـحكمةٍ كُبرَى، وغاياتٍ ساميةٍ مَستورةٍ عنَّا.
    فالمقصودُ من هذه الاحتفالاتِ إذن هو بلوغُ سعادةٍ عُظمَى، ومَـحكمةٍ كُبرَى، وغاياتٍ ساميةٍ مَستورةٍ عنَّا.


    === الصورة الحادية عشْرَةَ ====
    === الصورة الحادية عشْرَةَ ===


    تعال أيها الصديقُ المُعانِدُ.. لنَركَبَ طائرةً أو قطارا، لنَذهَبَ إلى الشَّرقِ أو إلى الغربِ -أي إلى الماضِي أو إلى المستقبَل- لنشاهِدَ ما أظهره السلطانُ من معجزاتٍ متنوِّعةٍ في سائر الأماكن؛ فما رأيناهُ هنا في المعرِضِ، أو في الميدانِ، أو في القصرِ، من الأمورِ العجيبة له نَماذجُ في كل مكان، إلّا أنه يَختلِف من حيثُ الشَّكلُ والتَّركيبُ.
    تعال أيها الصديقُ المُعانِدُ.. لنَركَبَ طائرةً أو قطارا، لنَذهَبَ إلى الشَّرقِ أو إلى الغربِ -أي إلى الماضِي أو إلى المستقبَل- لنشاهِدَ ما أظهره السلطانُ من معجزاتٍ متنوِّعةٍ في سائر الأماكن؛ فما رأيناهُ هنا في المعرِضِ، أو في الميدانِ، أو في القصرِ، من الأمورِ العجيبة له نَماذجُ في كل مكان، إلّا أنه يَختلِف من حيثُ الشَّكلُ والتَّركيبُ.
    184. satır: 177. satır:
    يا صاحبي.. تعالَ لأقرِّرَ لك برهانا أكثرَ قوَّةً ووضُوحًا من تلك البراهين الِاثنَي عشَرَ التي أَنبأتْ عنها تلك الصوَرُ المتقدِّمةُ..
    يا صاحبي.. تعالَ لأقرِّرَ لك برهانا أكثرَ قوَّةً ووضُوحًا من تلك البراهين الِاثنَي عشَرَ التي أَنبأتْ عنها تلك الصوَرُ المتقدِّمةُ..


    تعال، فانظر إلى المبعوث الكريم، صاحبِ الأوسمة الرفيعة الذي شاهدناهُ في الجزيرة مِنْ قَبلُ.. إنه يُبلِّغُ أمرا إلى الحشود الغفيرةِ التي تتَراءَى لنا على بُعد، فهيّا نذهبُ ونُصغِي إليه.. انتبه! فها هو يُبيِّن للمَلَأِ البلاغَ السلطاني الرفيعَ ويوضحُه قائلا لهم:
    تعال، فانظر إلى المبعوث الكريم، صاحبِ الأوسمة الرفيعة الذي شاهدناهُ في الجزيرة مِنْ قَبلُ.. إنه يُبلِّغُ أمرا إلى الحشود الغفيرةِ التي تتَراءَى لنا على بُعد، فهيّا نذهبُ ونُصغِي إليه.. انتبه! فها هو يُبيِّن للمَلَأِ البلاغَ السلطاني الرفيعَ ويوضحُه قائلا لهم:


    تهيَّؤوا! ستَرحَلون إلى مملكة أُخرَى خالدةٍ، ما أعظمَها من مملكةٍ رائعة! إن مملكتَنا هذه تُعدُّ كالسِّجْنِ بالنسبة لها، فإذا ما أصْغيتُم إلى هذا الأمرِ بإمعانٍ، ونفّذتُموه بإتقانٍ ستكُونُون أهلا لرحمةِ سلطانِنا وإحسانِه في مُستقَرِّه الذي تتَّجِهُون إليه، وإلّا فالزِّنزَاناتُ الرهِيبةُ مثواكُم جزاءَ عِصيانِكُم الأمرَ وعَدمِ اكتراثِكُم به.
    تهيَّؤوا! ستَرحَلون إلى مملكة أُخرَى خالدةٍ، ما أعظمَها من مملكةٍ رائعة! إن مملكتَنا هذه تُعدُّ كالسِّجْنِ بالنسبة لها، فإذا ما أصْغيتُم إلى هذا الأمرِ بإمعانٍ، ونفّذتُموه بإتقانٍ ستكُونُون أهلا لرحمةِ سلطانِنا وإحسانِه في مُستقَرِّه الذي تتَّجِهُون إليه، وإلّا فالزِّنزَاناتُ الرهِيبةُ مثواكُم جزاءَ عِصيانِكُم الأمرَ وعَدمِ اكتراثِكُم به.
    198. satır: 191. satır:
    وهكذا تمَّتِ الحكايةُ التي كانت كنايةً عن الحشر والقيامة..
    وهكذا تمَّتِ الحكايةُ التي كانت كنايةً عن الحشر والقيامة..


    والآن ننتَقلُ بتوفيقِ العليِّ القَديرِ إلى الحقائقِ العليا، فَسنُبيِّنها في «اثنتَيْ عَشْرةَ حقيقةً»، وهي مُتسانِدةٌ مُترابِطةٌ مُقابلَ الصُّورِ الاثنَتيْ عشرةَ، بعد أن نُمهِّدَ لها بمُقدِّمةٍ.
    والآن ننتَقلُ بتوفيقِ العليِّ القَديرِ إلى الحقائقِ العليا، فَسنُبيِّنها في «اثنتَيْ عَشْرةَ حقيقةً»، وهي مُتسانِدةٌ مُترابِطةٌ مُقابلَ الصُّورِ الاثنَتيْ عشرةَ، بعد أن نُمهِّدَ لها بمُقدِّمةٍ.


    <nowiki>*</nowiki>  *  *
    <nowiki>*</nowiki>  *  *
    233. satır: 226. satır:
    وكلَّ ذرةٍ من ذراتِ التراب -مثلا- يمكنُ أن تكونَ سببا لنشوء البُذور ونموِّ أنواعِها جميعا، فلو لم تكن مأمورةً ومسخَّرةً للزم أن تحتَويَ على آلاتٍ وأجهزةٍ معنويةٍ بعَدَدِ أنواع الأعشابِ والأشجارِ، أو يَجِبُ مَنحُها قدرةً ومَهارةً بحيثُ تَعلمُ جميعَ أشكالِ تراكيبِها، فتَصنعُها، وتعرفُ جميعَ صوَرِها، فتنسُجُها..
    وكلَّ ذرةٍ من ذراتِ التراب -مثلا- يمكنُ أن تكونَ سببا لنشوء البُذور ونموِّ أنواعِها جميعا، فلو لم تكن مأمورةً ومسخَّرةً للزم أن تحتَويَ على آلاتٍ وأجهزةٍ معنويةٍ بعَدَدِ أنواع الأعشابِ والأشجارِ، أو يَجِبُ مَنحُها قدرةً ومَهارةً بحيثُ تَعلمُ جميعَ أشكالِ تراكيبِها، فتَصنعُها، وتعرفُ جميعَ صوَرِها، فتنسُجُها..


    وقس على هذا سائرَ الموجودات، حتى تفهم أن للوحدانية دلائلَ واضحةً باهرةً في كلِّ شيء.
    وقس على هذا سائرَ الموجودات، حتى تفهم أن للوحدانية دلائلَ واضحةً باهرةً في كلِّ شيء.
    نعم، إن خلقَ كلِّ شيءٍ من شَيء واحد، وخلقَ شيءٍ واحد من كلِّ شَيءٍ، إنما هو عملٌ يخصّ خالقَ كلِّ شيء..
    نعم، إن خلقَ كلِّ شيءٍ من شَيء واحد، وخلقَ شيءٍ واحد من كلِّ شَيءٍ، إنما هو عملٌ يخصّ خالقَ كلِّ شيء..


    فتدبَّر وتأمَّل في قولِه تعالى: ﴿وَاِنْ مِنْ شَىْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪﴾
    فتدبَّر وتأمَّل في قولِه تعالى: ﴿وَاِنْ مِنْ شَىْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪﴾


    واعلَم أنَّ عدمَ الاعتقادِ بالإلهِ الواحد الأحد يَستلزِمُ الاعتِقادَ بآلهةٍ بعدَدِ الموجودات!
    واعلَم أنَّ عدمَ الاعتقادِ بالإلهِ الواحد الأحد يَستلزِمُ الاعتِقادَ بآلهةٍ بعدَدِ الموجودات!


    === الإشارة الثانية ===
    === الإشارة الثانية ===
    268. satır: 261. satır:
    والآن، فهل ظَهرَ في العالم مَن هو أكثرُ أَهلِيَّةً، وأَجمعُ لتِلكَ الأوصافِ والوظائِفِ التي ذُكِرَت، من محمدٍ الهاشِميِّ ﷺ؟ أم هل هناك أحد أليَقُ منه ﷺ لمنصِبِ الرِّسالَة ومُهمَّةِ التَّبلِيغ؟ وهل أظهرَ الزمانُ أحدا أعظمَ أهليَّةً منه؟ كَلّا.. ثُمَّ كَلّا.. فهو إمامُ جميعِ المرسَلينَ، وقرَّةُ عَينِ كلِّ الأصفِياء، وسلطانُ جميع المرشِدِين، وزُبدةُ كلِّ المختارِين والمقرَّبِين،
    والآن، فهل ظَهرَ في العالم مَن هو أكثرُ أَهلِيَّةً، وأَجمعُ لتِلكَ الأوصافِ والوظائِفِ التي ذُكِرَت، من محمدٍ الهاشِميِّ ﷺ؟ أم هل هناك أحد أليَقُ منه ﷺ لمنصِبِ الرِّسالَة ومُهمَّةِ التَّبلِيغ؟ وهل أظهرَ الزمانُ أحدا أعظمَ أهليَّةً منه؟ كَلّا.. ثُمَّ كَلّا.. فهو إمامُ جميعِ المرسَلينَ، وقرَّةُ عَينِ كلِّ الأصفِياء، وسلطانُ جميع المرشِدِين، وزُبدةُ كلِّ المختارِين والمقرَّبِين،


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    صاحبُ ألوفِ المعجزاتِ كشَقِّ القمَر، ونبعانِ الماء من بين أصابِعه الشريفَة، مما عدا دلائلَ نبوَّتِه وأماراتِها التي لا تُحصَى، مما هو مَـحَلُّ إجماعِ أهلِ الفضْلِ والعلم، وعدا القرآنَ العظيمَ الذي هو بَحرُ الحقائِق والمعجزةُ الكُبرى، إذ إنه كالشمس الساطعةِ دليلٌ قاطِعٌ على صِدقِ رسالتِه.. ونكتفي بهذا القَدْرِ حيثُ أثبتنا إعجازَ القرآنِ بما يقرُبُ من أربعيَن وجهًا من وُجوهِ الإعجاز في «رسائل النور» ولاسيَّما في «الكلمةِ الخامسَةِ والعِشرِين».
    Evet, ehl-i tahkikatın ittifakıyla, şakk-ı kamer ve parmaklarından su akması gibi bine bâliğ mu’cizatından hadd ü hesaba gelmez delail-i nübüvvetinden başka, Kur’an-ı Azîmüşşan gibi bir bahr-i hakaik ve kırk vecihle mu’cize olan mu’cize-i kübra, güneş gibi risaletini göstermeye kâfidir. Başka risalelerde ve bilhassa Yirmi Beşinci Söz’de Kur’an’ın kırka karib vücuh-u i’cazından bahsettiğimizden burada kısa kesiyoruz.
     
    </div>
    === الإشارة الثالثة ===
     
    لا يَخطُرنَّ على بالِ أحدٍ فيقولَ: ما أهمِّيةُ هذا الإنسانِ الصَّغيرِ وما قِيمتُه حتى تَنتهِي هذه الدنيا العظيمةُ وتُفتَحَ دائرةٌ أُخرَى لمحاسبتِه على أعمالِه!
    لأن هذا الإنسانَ، هو سيِّدُ الموجوداتِ رغمَ أنه صغيرٌ جدا، لِمَا يَملِكُ من فطرةٍ جامعة شاملة.. فهو قائدُ الموجودات، والداعي إلى سلطانِ ألوهيّةِ الله، والممثِّلُ للعبودية الكلية الشامِلة ومَظهَرُهَا، لذا فإنَّ له أهميةً عُظمَى.
     
    ولا يَخطُرَنَّ على البال كذلك: كيف يكونُ هذا الإنسانُ محكوما بعذابٍ أبَديٍّ، مع أن له عُمُرا قصيرا جدا؟.
    لأن الكفرَ جريمةٌ كبرى، وجنايةٌ لا حدودَ لها؛ حيثُ إنه يهبطُ بقيمةِ الكائِناتِ ودرجَتِها -التي تُوازِي قيمةَ مكاتيبَ صَمدانِيّةٍ ودَرجتَها- إلى هاوية العبث، ويوهمُ عدمَ وجودِ الغاية من إيجادِها.. وإنَّه تحقيٌر بيِّنٌ للكائنات كلِّها وإنكارٌ لما يُشاهَد من أنوار الأسماء الحُسنَى كلِّها، وإنكارُ آثارِها في هذه الموجودات، ومن ثَمَّ فإنه تكذيبُ ما لا يُحصَى من الأدلَّة الدَّالةِ على حقَّانيَّةِ وصدقِ الحقِّ سبحانَه وتعالى، وكلُّ هذا جنايةٌ لا حدودَ لها، والجِنايَةُ التي لا حُدودَ لها توجِبُ عذابا غيرَ مُحدَّدٍ بحدُود.
     
    === الإشارة الرابعة ===
     
    لقد رأينا في الحكاية بِصُوَرِها الاثنَتيْ عشْرةَ: أنه لا يمكنُ بوجه من الوجوه أن تكونَ لسلطانٍ عظيم مملكةٌ مؤقَّتة -كأنها دارُ ضيافَة- ثم لا تكونَ له مملكةٌ أُخرَى دائمةٌ مستقِرَّة، ولائقةٌ لأُبَّهتِه وعظمتِه ومقامِ سلطنتِه السّامية؛ كذلك لا يمكنُ بوجه من الوجوه أنْ لا يُنشِئَ الخالقُ الباقي سبحانَه عالمًَا باقيا بعد أنْ أوجدَ هذا العالَمَ الفانِي.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولا يُمكِن أيضا أن يخلقَ الصانِعُ السَّرمدِيُّ هذه الكائناتِ البديعةَ الزائلةَ، ولا يُنشِئَ كائناتٍ أخرى دائمةً مُستقِرَّة.
    === '''ÜÇÜNCÜ İŞARET''' ===
    ولا يمكن أيضا أن يخلقَ الفاطرُ الحكِيمُ القَديرُ الرَّحيمُ هذا العالَمَ الذي هو بحكم المعرِضِ العامّ وميدانِ الامتحان والمزرَعةِ الوقتيّةِ ثم لا يخلُقَ الدَّارَ الآخِرةَ التي تكشفُ عن غاياتِه وتظهرُ أهدافَه!
    Hatıra gelmesin ki bu küçücük insanın ne ehemmiyeti var ki bu azîm dünya onun muhasebe-i a’mali için kapansın, başka bir daire açılsın? Çünkü bu küçücük insan, câmiiyet-i fıtrat itibarıyla şu mevcudat içinde bir ustabaşı ve bir dellâl-ı saltanat-ı İlahiye ve bir ubudiyet-i külliyeye mazhar olduğundan büyük ehemmiyeti vardır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إن هذه الحقيقةَ يتم الدُّخولُ فيها من «اثْنيْ عشرَ بابًا»، وتُفتَحُ تلكَ الأبوابُ بـ«اثنتيْ عشْرةَ حقيقةً»، نبدأ بأقصرها وأبسطها.
    Hem hatıra gelmesin ki kısacık bir ömürde nasıl ebedî bir azaba müstahak olur? Zira küfür; şu mektubat-ı Samedaniye derecesinde ve kıymetinde olan kâinatı manasız, gayesiz bir derekeye düşürdüğü için bütün kâinata karşı bir tahkir olduğu gibi, bu mevcudatta cilveleri, nakışları görünen bütün esma-i kudsiye-i İlahiyeyi inkâr ile red ve Ce­nab-ı Hakk’ın hakkaniyet ve sıdkını gösteren gayr-ı mütenahî bütün delillerini tekzip olduğundan nihayetsiz bir cinayettir. Nihayetsiz cinayet ise nihayetsiz azabı icab eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الحقيقة الأولى ===
    === '''DÖRDÜNCÜ İŞARET''' ===
    Nasıl ki hikâyede on iki suretle gördük ki hiçbir cihetle mümkün değil, öyle bir padişahın, öyle muvakkat misafirhane gibi bir memleketi bulunsun da müstekar ve haşmetine mazhar ve saltanat-ı uzmasına medar diğer daimî bir memleketi bulunmasın.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بابُ الرُّبوبيةِ والسّلطنةِ وهو تجلي اسمِ «الرَّب»
    Öyle de hiçbir vecihle mümkün değil ki bu fâni âlemin bâki Hâlık’ı, bunu icad etsin de bâki bir âlemi icad etmesin. Hem mümkün değil şu bedî’ ve zâil kâinatın sermedî Sâni’i bunu halk etsin de müstekar ve daimî diğer bir kâinatı icad etmesin. Hem mümkün değil bu meşher ve meydan-ı imtihan ve tarla hükmünde olan dünyanın Hakîm ve Kadîr ve Rahîm olan Fâtır’ı onu yaratsın, onun bütün gayelerine mazhar olan dâr-ı âhireti halk etmesin.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أمِنَ الممكن لمَن له شأنُ الربوبيةِ وسلطنةُ الألوهيّةِ، فأوجدَ كونا بديعا كهذا الكون؛ لغاياتٍ ساميةٍ ولمقاصدَ جليلةٍ، إظهارا لكماله، ثم لا يكونُ لديهِ ثوابٌ للمؤمنين الذين قابَلوا تلك الغاياتِ والمقاصدَ بالإيمان والعبودية، ولا عِقابٌ لأهلِ الضلالةِ الذين قابلوا تلك المقاصدَ بالرفض والاستخفاف؟!
    Bu hakikate on iki kapı ile girilir. '''On iki hakikat''' ile o kapılar açılır. En kısa ve basitten başlarız:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الحقيقة الثانية ===
    === '''BİRİNCİ HAKİKAT''' ===
    ''Bab-ı rububiyet ve saltanattır ki ism-i Rabb’in cilvesidir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بابُ الكرمِ والرحمةِ وهو تجلِّي اسمِ «الكريم والرَّحيم»
    Hiç mümkün müdür ki: Şe’n-i rububiyet ve saltanat-ı uluhiyet, bâhusus böyle bir kâinatı, kemalâtını göstermek için gayet âlî gayeler ve yüksek maksatlar ile icad etsin, onun gayat ve makasıdına karşı iman ve ubudiyetle mukabele eden mü’minlere mükâfatı bulunmasın ve o makasıdı red ve tahkir ile mukabele eden ehl-i dalalete mücazat etmesin?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أمِنَ الممكن لربِّ هذا العالم ومالِكِه الذي أظهر بآثاره كرما بلا نهايةٍ، ورحمةً بلا نهاية، وعزةً بلا نهاية، وغَيرةً بلا نهاية، أن لا يُقدِّر للمحسنينَ مثوبةً تليقُ بكرمه ورحمتِه، ولا يقرِّرَ للمُسيئينَ عُقوبةً تناسِب عزّتَه وغَيرتَه؟..
    === '''İKİNCİ HAKİKAT''' ===
    ''Bab-ı kerem ve rahmettir ki Kerîm ve Rahîm isminin cilvesidir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فلو أنعمَ الإنسانُ النظرَ في سير الحوادث ابتداءً من أضعفِ كائن حيٍّ وأشدِّه عجزًا(<ref>
    Hiç mümkün müdür ki: Gösterdiği âsâr ile nihayetsiz bir kerem ve nihayetsiz bir rahmet ve nihayetsiz bir izzet ve nihayetsiz bir gayret sahibi olan şu âlemin Rabb’i; kerem ve rahmetine lâyık mükâfat, izzet ve gayretine şayeste mücazatta bulunmasın?
    إنّ الدليلَ القاطع على أن الرزقَ الحلالَ يُعطَى حسَبَ الافتقار، ولا يؤخذُ بقوَّةِ الكائن وقدرتِه، هو سعةُ معيشةِ الصغار الذين لا طاقةَ لهم ولا حول، وضيقُ معيشةِ الحيواناتِ المفترسة، وبدانةُ الأسماكِ البليدة وهُزالُ الثعالبِ والقِردَة ذوي الذكاء والحِيَل؛ فالرزقُ إذن يأتي متناسِبا عَكسِيا مع الاختيار والقدرة، أي كلَّما اعتَمدَ الكائن على إرادته ابتُليَ بضِيق المعيشة وتكاليفِها ابتلاء أكثر. (المؤلف)
    </div>
    </ref>) وانتهاءً بأقوى كائنٍ، لَوَجدَ أنّ كلَّ كائنٍ يأتيه رزقُه رَغَدًا من كلِّ مكانٍ، بل يَمنحُ سبحانَه أضعفَهم وأشدَّهم عجزًا ألطفَ الأرزاقِ وأحسنَها، ويُسعِفُ كلَّ مريضٍ بما يُداوِيه.. وهكذا يجدُ كلُّ ذي حاجةٍ حاجتَه من حيثُ لا يَحتسِبُ.. فهذه الضِّيافةُ الفاخرةُ الكريمةُ، والإغداقُ المستمِرُّ، والكرمُ السامِي، تدلُّنا بداهةً، أنَّ يدا كريمةً خالدةً هي التي تَعمَلُ وتُديرُ الأمورَ.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فمثلا: إنَّ إكساءَ الأشجارِ جميعا بحُللٍ خُضْرٍ شبيهةٍ بالسُّندُسِ -كأنها حورُ الجنَّة- وتزيينَها بمرصَّعاتِ الأزهارِ الجميلة والثِّمارِ اللطيفة، وتسخيرَها لخِدمتِنا بإنتاجِها ألطفَ الأثمارِ المتنوِّعَةِ وألذَّها في نهايات أغصانِها التي هي أيديها اللطيفةُ.. وتمكِينَنا من جَنْيِ العسل اللذيذ -الذي فيه شفاءٌ للناس- من حشَرة سامة.. وإلباسَنا أجملَ ثيابٍ وأليَنَها مما تَحُوكُه حشرةٌ بلا يَدٍ.. وادِّخارَ خَزينةِ رحمةٍ عظيمة لنا في بذرة صغيرة جدا.. كلُّ ذلك يُرينا بداهةً كرما في غاية الجمال، ورحمةً في غاية اللُّطف.
    Evet, şu dünya gidişatına bakılsa görülüyor ki en âciz, en zayıftan tut '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye-1:''' Rızk-ı helâl, iktidar ile alınmadığına, belki iftikara binaen verildiğine delil-i kat’î: İktidarsız yavruların hüsn-ü maişeti ve muktedir canavarların dıyk-ı maişeti; hem zekâvetsiz balıkların semizliği ve zekâvetli, hileli tilki ve maymunun derd-i maişetle vücudca zayıflığıdır.  
    <br>
    Demek rızık, iktidar ve ihtiyar ile makûsen mütenasiptir. Ne derece iktidar ve ihtiyarına güvense o derece derd-i maişete müptela olur.</ref>)''' tâ en kavîye kadar her canlıya lâyık bir rızık veriliyor. En zayıf, en âcize en iyi rızık veriliyor. Her dertliye ummadığı yerden derman yetiştiriliyor. Öyle ulvi bir keremle ziyafetler, ikramlar olunuyor ki nihayetsiz bir kerem eli içinde işlediğini bedaheten gösteriyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكذا، إنَّ سَعيَ جميعِ المخلوقاتِ، صَغيرِها وكبيرِها -عَدا الإنسانَ والوحوشَ الكاسِرةَ- لإنجاز وظائفِها بانتظام تام ودقةٍ كاملة، ابتداءً من الشمسِ والقمرِ والأرضِ إلى أصْغرِ مخلوقٍ، بشكلٍ لا يتجاوزُ أحدٌ حدَّه قَيْدَ أُنمُلَة، ضمنَ الطاعةِ التامّة والانقيادِ الكامِلِ المحفوفَين بهَيبة عظيمة، يُظهِر لنا أن هذه المخلوقاتِ لا تَتحرَّك ولا تسكنُ إلّا بأمر العظيم ذي العزَّةِ والجلال.
    Mesela, bahar mevsiminde cennet hurileri tarzında bütün ağaçları sündüs-misal libaslar ile giydirip, çiçek ve meyvelerin murassaatıyla süslendirip hizmetkâr ederek onların latîf elleri olan dallarıyla, çeşit çeşit en tatlı, en musanna meyveleri bize takdim etmek, hem zehirli bir sineğin eliyle şifalı en tatlı balı bize yedirmek, hem en güzel ve yumuşak bir libası elsiz bir böceğin eliyle bize giydirmek, hem rahmetin büyük bir hazinesini küçük bir çekirdek içinde bizim için saklamak ne kadar cemil bir kerem, ne kadar latîf bir rahmet eseri olduğu bedaheten anlaşılır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكذا، إنَّ عِنايةَ الأمهات بأولادِهنَّ الضعافِ العاجزين -سواءٌ في النباتِ أوِ الحيوان أوِ البَشر- عنايةً ملؤُها الرّأفةُ والرّحمةُ،(<ref>
    Hem insan ve bazı canavarlardan başka, güneş ve ay ve arzdan tut, tâ en küçük mahluka kadar her şey kemal-i dikkatle vazifesine çalışması, zerrece haddinden tecavüz etmemesi, bir azîm heybet tahtında umumî bir itaat bulunması; büyük bir celal ve izzet sahibinin emriyle hareket ettiklerini gösteriyor.
    نعم، إنَّ إيثارَ الأسدِ الجائع شِبلَه الضعيفَ على نفسه بما يَظفَرُ به من قطعة لحم، وهجومَ الدجاج الجبان على الكلب والأسد حفاظا على فِراخِه الصغيرة، وإعدادَ شجرةِ التِّينِ لصغارها التي هي ثمارُها لبنا خالصا من الطين.. كلُّ ذلك يدلُّ بداهة -لأهل البصائر- على أنها حَصَلتْ بأمر الرحيم الذي لا نهاية لرحمته، والكريم الذي لا نهاية لكرمه، والرؤوفِ الذي لا نهاية لرأفته وشفَقَتِه؛ وأنَّ قيامَ النباتات والحيوانات التي لا وعي لها ولا شعورَ، بأعمال في منتهى الوَعيِ والشعور والحكمة، يبينُ بالضرورة أنَّ عليما مطلقا وحكيما مطلقا هو الذي يسوقُها إلى تلك الأعمال، وهي بأمرِه تأتمِر. (المؤلف)
    </div>
    </ref>) وتَغذيَتَها بالغذاء اللطيف السائغ من اللبن، تُريك عظمةَ التّجَلِّياتِ، وسعةَ الرحمةِ المطلقة.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فما دام ربُّ هذا العالم ومدبِّرُه له هذا الكرمُ الواسِعُ، وهذه الرّحمةُ التي لا منتهَى لها، وله الجلالُ والعِزةُ المطلقان، وأن العِزّةَ والجلالَ المطلقَين يقتضيان تأديب المستخِفِّين، والكرمَ الواسعَ المطلق يَتطلَّبُ إكراما غَيرَ متناه، والرّحمةَ التي وَسِعت كلَّ شيء تَستدعِي إحسانا يليقُ بها، بينما لا يتحقَّقُ من كل ذلك في هذه الدُّنيا الفانيةِ والعمُرِ القصيرِ إلّا جزءٌ ضئيلٌ جدا هو كقَطرةٍ من بحر.
    Hem gerek nebatî ve gerek hayvanî ve gerek insanî bütün validelerin o rahîm şefkatleriyle '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye-2:''' Evet aç bir arslan, zayıf bir yavrusunu kendi nefsine tercih ederek, elde ettiği bir eti yemeyip yavrusuna vermesi; hem korkak tavuk, yavrusunu himaye için ite, arslana saldırması; hem incir ağacı kendi çamur yiyerek yavrusu olan meyvelerine hâlis süt vermesi bi’l-bedahe nihayetsiz Rahîm, Kerîm, Şefik bir zatın hesabıyla hareket ettiklerini kör olmayana gösteriyorlar.  
    فلابد أن تكونَ هناك دارُ سَعادةٍ تليقُ بذلك الكرمِ العميم، وتَنسجِمُ مع تلك الرحمةِ الواسعة.. وإلّا يَلزَمُ جُحودُ هذه الرحمةِ المشهودةِ، بما هو كإنكار وجود الشمس التي يملأُ نورُها النهارَ، لأن الزوالَ الذي لا رَجعةَ بعده يستلزِمُ انتفاءَ حقيقةِ الرّحمةِ من الوجود، بتبديلِه الشفقةَ مصيبةً، والمحبةَ حُرقةً، والنِّعمةَ نِقمةً واللذةَ ألما، والعقلَ المحمودَ عضوا مشؤوما.
    <br>
    Evet nebatat ve behimiyat gibi şuursuzların gayet derecede şuurkârane ve hakîmane işler görmesi bizzarure gösterir ki: Gayet derecede Alîm ve Hakîm birisi vardır ki onları işlettiriyor. Onlar, onun namıyla işliyorlar.</ref>)''' ve süt gibi o latîf gıda ile o âciz ve zayıf yavruların terbiyesi, ne kadar geniş bir rahmetin cilvesi işlediği bedaheten anlaşılır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وعليه فَلابدَّ من دار جزاءٍ تناسبُ ذلك الجلالَ والعزّةَ وتنسجمُ معها، لأنه غالبا ما يظلُّ الظالمُ في عزتِه، والمظلومُ في ذِلته وخُنوعِه، ثم يَرحَلان على حالهما بلا عقاب ولا ثواب.
    Bu âlemin mutasarrıfının madem nihayetsiz böyle bir keremi, nihayetsiz böyle bir rahmeti, nihayetsiz öyle bir celal ve izzeti vardır. Nihayetsiz celal ve izzet, edepsizlerin te’dibini ister. Nihayetsiz kerem, nihayetsiz ikram ister. Nihayetsiz rahmet, kendine lâyık ihsan ister. Halbuki bu fâni dünyada ve kısa ömürde, denizden bir damla gibi milyonlar cüzden ancak bir cüzü yerleşir ve tecelli eder. Demek o kereme lâyık ve o rahmete şayeste bir dâr-ı saadet olacaktır. Yoksa gündüzü ışığıyla dolduran güneşin vücudunu inkâr etmek gibi bu görünen rahmetin vücudunu inkâr etmek lâzım gelir. Çünkü bir daha dönmemek üzere zeval ise şefkati musibete, muhabbeti hırkate ve nimeti nıkmete ve aklı meş’um bir âlete ve lezzeti eleme kalbettirmekle hakikat-i rahmetin intıfası lâzım gelir.
    فالأمرُ إذن ليس إهمالا قط، وإن أُمهِلَت إلى محكمة كبرى، فالقضية لم تُهمل ولن تُهمل، بل قد تُعَجّلُ العقوبةُ في الدنيا؛ فإنزالُ العذابِ في القُرونِ الغابرةِ بأقوام عصت وتمرَّدت يبين لنا أن الإنسانَ ليس متروكا زِمامُه، يسرح وَفقَ ما يُملِي عليه هواه، بل هو مُعرَّض دائما لصفعات ذي العزة والجلال.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن هذا الإنسانَ الذي أُنيطَ به -من بين جميع المخلوقات- مهامُّ عَظيمةٌ، وزُوِّدَ باستعداداتٍ فِطريةٍ كاملة، إن لم يَعرِف ربَّه «بالإيمان» بعد أنْ عرَّف سبحانه نفسَه إليه بمخلوقاته البديعةِ المنتظَمة.. وإن لم يُـحبِّب نفسَه إليه بـ«العبادة» بعد أن حبَّبَ سبحانَه نَفسَهُ إليه بما خلقَ له من الثمار المتنوِّعةِ الجميلةِ الدالةِ على رحمتِه الواسعة.. وإن لم يقم بالتوقير والإجلال اللائقَين به «بالشكر والحمد» بعد أن أظهرَ سبحانَه محبَّته له ورحمتَه عليه بنعمه الكثيرة.. نعم، إن لم يَعرِف هذا الإنسانُ ربَّه هكذا، فكيف يُترَك سدًى دونَ جزاء، ودون أن يُعِدَّ له ذو العزةِ والجلالِ دارًا للعقاب؟
    Hem o celal ve izzete uygun bir dâr-ı mücazat olacaktır. Çünkü ekseriya zalim izzetinde, mazlum zilletinde kalıp buradan göçüp gidiyorlar. Demek bir mahkeme-i kübraya bırakılıyor, tehir ediliyor. Yoksa, bakılmıyor değil. Bazen dünyada dahi ceza verir. Kurûn-u sâlifede cereyan eden âsi ve mütemerrid kavimlere gelen azaplar gösteriyor ki insan başıboş değil, bir celal ve gayret sillesine her vakit maruzdur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهل من الممكن أن لا يَمنحَ ذلك الربُّ الرحيم دارَ ثوابٍ وسعادةٍ أبدية، لأولئك المؤمنِين الذين قابلوا تعريفَ ذاتِه سبحانَه لهم بمعرفتِهم إيّاهُ بـ«الإيمان»، وقابلوا تَحبِيبَ نفسِه إليهم بحبِّه والتحبُّبِ له بـ «العبادة»، وقابلوا رحمتَه لهم بإجلالِه وتوقيرِه  بـ«الشكر»؟
    Evet, hiç mümkün müdür ki insan umum mevcudat içinde ehemmiyetli bir vazifesi, ehemmiyetli bir istidadı olsun da insanın Rabb’i de insana bu kadar muntazam masnuatıyla kendini tanıttırsa, mukabilinde insan iman ile onu tanımazsa; hem bu kadar rahmetin süslü meyveleriyle kendini sevdirse, mukabilinde insan ibadetle kendini ona sevdirmese; hem bu kadar bu türlü nimetleriyle muhabbet ve rahmetini ona gösterse; mukabilinde insan şükür ve hamdle ona hürmet etmese cezasız kalsın, başıboş bırakılsın, o izzet, gayret sahibi Zat-ı Zülcelal bir dâr-ı mücazat hazırlamasın?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الحقيقة الثالثة ===
    Hem hiç mümkün müdür ki: O Rahman-ı Rahîm’in kendini tanıttırmasına mukabil, iman ile tanımakla ve sevdirmesine mukabil, ibadetle sevmek ve sevdirmekle ve rahmetine mukabil, şükür ile hürmet etmekle mukabele eden mü’minlere bir dâr-ı mükâfatı, bir saadet-i ebediyeyi vermesin?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بابُ الحكمةِ والعدالة وهو تَجلِّي اسمِ «الحكيم والعادل»
    === '''ÜÇÜNCÜ HAKİKAT''' ===
    ''Bab-ı hikmet ve adalet olup ism-i Hakîm ve Âdil’in cilvesidir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أمن الممكن (<ref>
    Hiç mümkün müdür ki: '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Evet, '''“Hiç mümkün müdür ki”''' şu cümle çok tekrar ediliyor. Çünkü mühim bir sırrı ifade eder. Şöyle ki: Ekser küfür ve dalalet, istib’addan ileri gelir. Yani akıldan uzak ve muhal görür, inkâr eder. İşte Haşir Söz’ünde kat’iyen gösterilmiştir ki hakiki istib’ad, hakiki muhaliyet ve akıldan uzaklık ve hakiki suubet, hattâ imtina derecesinde müşkülat, küfür yolundadır ve dalaletin mesleğindedir. Ve hakiki imkân ve hakiki makuliyet, hattâ vücub derecesinde suhulet, iman yolundadır ve İslâmiyet caddesindedir.  
    إن عبارةَ «أمن الممكن؟» تتكررُ كثيرا، فهي تُفيد غايةً مهمة وهي: أنَّ الكفرَ والضلالَ يَتولَّدانِ غالبا من الاستبعاد، أي يَرى الإنسانُ مسائلَ الإيمان بعيدةً عن ميزان العقل، فيَعدُّها محالا، ويَبدأ بالإنكار والكفر.. ولكن هذه الكلمة العاشرة أَوضَحت بأدلة قاطعة: أن الاستبعادَ الحقيقيَّ والمحالَ الحقيقيَّ والبعدَ عن موازينِ العقلِ والصُّعوبةَ الحقَّةَ والمشكلاتِ العويصةَ التي هي بدرجةِ الامتناع، إنما هي في الكفرِ ومَنهَجِ أهلِ الضلالِ؛ وأن الإمكانَ الحقيقيَّ، والمعقوليةَ التامةَ والسّهولةَ الجاريةَ مجرى الوجوب، إنما هي في طريقِ الإيمانِ، وجادّةِ الإسلام.
    <br>
    <br>
    '''Elhasıl''', ehl-i felsefe istib’ad ile inkâra gider. Onuncu Söz, istib’ad hangi tarafta olduğunu o tabir ile gösterir. Onların ağızlarına bir şamar vurur.</ref>)''' Zerrelerden güneşlere kadar cereyan eden hikmet ve intizam, adalet ve mizanla rububiyetin saltanatını gösteren Zat-ı Zülcelal, rububiyetin cenah-ı himayesine iltica eden ve hikmet ve adalete, iman ve ubudiyetle tevfik-i hareket eden mü’minleri taltif etmesin ve o hikmet ve adalete küfür ve tuğyan ile isyan eden edepsizleri te’dib etmesin? Halbuki bu muvakkat dünyada o hikmet, o adalete lâyık binden biri, insanda icra edilmiyor, tehir ediliyor. Ehl-i dalaletin çoğu ceza almadan; ehl-i hidayetin de çoğu mükâfat görmeden buradan göçüp gidiyorlar. Demek bir mahkeme-i kübraya, bir saadet-i uzmaya bırakılıyor.
    والخلاصة: إنَّ الفلاسفةَ إنما زَلّوا إلى الإنكار نتيجةَ الاستبعادِ، والكلمة العاشرة تبيِّن بتلك العبارة: «أمن الممكن؟» أين يكمنُ الاستِبعادُ، وتُوجِّهُ ضربةً على أفواهِهِم. (المؤلف)
    </div>
    </ref>) لخالقٍ ذي جـلال أظهرَ سُلطانَ رُبوبِيَّتِه بتدبير قانونِ الوجود ابتداءً من الذرات وانتهاءً بالمجرَّات، بغاية الحكمة والنِّـظام وبمنتهَى العدالة والميزان.. أن لا يُعامِل بالإحسان من احتَمَوْا بتلك الربوبية وانقادوا لتلك الحكمة والعدالة، وأن لا يُجازِيَ أولئك الذين عصَوا بكفرهم وطغيانِهم تلك الحكمةَ والعدالة؟!.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بينما الإنسانُ لا يَلقى ما يستحِقُّه من الثواب أوِ العقاب في هذه الحياة الفانية على وجهٍ يليقُ بتلكَ الحكمةِ وتلك العدالةِ إلّا نادرا، بل يُؤخَّرُ، إذ يَرحَل أغلبُ أهلِ الضلالة دون أن يَلقَوْا عقابهم، ويَذهَب أكثرُ أهل الهداية دونَ أن ينالوا ثوابَهم.. فلابد أن تُناطَ القضيةُ بمحكمة كبرى، وبلقاءٍ آيِلٍ إلى سَعادةٍ عظمى.
    Evet, görünüyor ki şu âlemde tasarruf eden zat, nihayetsiz bir hikmetle iş görüyor. Ona bürhan mı istersin? Her şeyde maslahat ve faydalara riayet etmesidir. Görmüyor musun ki insanda bütün aza, kemikler ve damarlarda, hattâ bedenin hüceyratında, her yerinde, her cüzünde faydalar ve hikmetlerin gözetilmesi, hattâ bazı azası, bir ağacın ne kadar meyveleri varsa o derece o uzva hikmetler ve faydalar takması gösteriyor ki nihayetsiz bir hikmet eliyle iş görülüyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إنه لَواضِحٌ أن الذي يَتصرَّفُ في هذا الكون، إنما يتصرفُ فيه بحكمةٍ مطلقة، أتطلبُ برهانا على هذا؟ فانظر إلى رعايتِه سبحانَه للمصالح والفوائِدِ في كل شيء.. ألا تَرى أن أعضاءَ الإنسانِ جميعا وعظامَه وعروقَه، وحتى خَلاياه الجِسميَّةَ وكلَّ جزءٍ منه ومكان، قد رُوعِيت فيه فوائدُ وحِكمٌ شتَّى، بل إن في عضوٍ من أعضاء جِسمِه من الفوائدِ والأسرار بقَدْرِ ما تُنتِجُه الشجرةُ الواحدةُ من الثمار، مما يدل على أنَّ يدَ حِكمةٍ مطلقة تُديرُ الأمورَ؛ فضلا عن التناسُقِ البديعِ في صنعةِ كلِّ شيءٍ والانتظامِ الكامِلِ فيها، اللذَينِ يَدُلَّانِ على أنّ الأُمورَ تُؤدَّى بحكمةٍ مطلقةٍ.
    Hem her şeyin sanatında nihayet derecede intizam bulunması gösterir ki nihayetsiz bir hikmet ile iş görülüyor. Evet, güzel bir çiçeğin dakik programını, küçücük bir tohumunda dercetmek, büyük bir ağacın sahife-i a’malini, tarihçe-i hayatını, fihriste-i cihazatını küçücük bir çekirdekte manevî kader kalemiyle yazmak; nihayetsiz bir hikmet kalemi işlediğini gösterir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن تَضمِين الخُطَّةِ الدقيقةِ لزهرةٍ جميلة في بُذيرتِها الصغيرةِ، وكتابةَ صحيفةِ أعمالِ شجرةٍ ضَخمةٍ وتاريخِ حياتِها وفهرِسِ أجهزتها، في نُوَيَّتِها بقلمِ القَدَرِ المعنويِّ.. يرينا بوضوح أن قلمَ حكمةٍ مطلقة هو الذي يَتصرَّف في الأمر.. وكذا، وجـودُ روعةِ صنعةٍ وإبداعٍ في منتهى الدرجة، في خِلقة كل شيء، يُظهرُ أن صانعا حكيما مطلقا هو صاحبُ هذا الإبداعِ وهذه النقوش.
    Hem her şeyin hilkatinde gayet derecede hüsn-ü sanat bulunması, nihayet derecede hakîm bir Sâni’in nakşı olduğunu gösterir. Evet, şu küçücük insan bedeni içinde bütün kâinatın fihristesini, bütün hazain-i rahmetin anahtarlarını, bütün esmalarının âyinelerini dercetmek; nihayet derecede bir hüsn-ü sanat içinde bir hikmeti gösterir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن إدراجَ فِهرِسِ الكائنات جميعا، ومَفاتيحِ خزائن الرحمة كافةً، ومرايا الأسماء الحسنى كلِّها، في هذا الجسم الصَّغير للإنسان، لَمِمَّا يدُلُّ على الحكمةِ البليغةِ في الصّنعَةِ البديعةِ..
    Şimdi hiç mümkün müdür ki şöyle icraat-ı rububiyette hâkim bir hikmet, o rububiyetin kanadına iltica eden ve iman ile itaat edenlerin taltifini istemesin ve ebedî taltif etmesin?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فهل منَ الممكِن لمثلِ هذه الحكمةِ المُهَيمِنةِ على مثل هذه الإجراءاتِ والشّؤونِ الرّبانيّةِ أن لا تُحسِنَ معاملةَ أولئك الذين استظلُّوا بظلِّها وانقَادُوا لها بالإيمانِ، وأن لا تُثِيبَهم إثابةً أَبدِيّةً خالِدةً؟!
    Hem adalet ve mizan ile iş görüldüğüne bürhan mı istersin? Her şeye hassas mizanlarla, mahsus ölçülerle vücud vermek, suret giydirmek, yerli yerine koymak; nihayetsiz bir adalet ve mizan ile iş görüldüğünü gösterir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهل تريدُ برهانًا على إنجازِ الأعْمالِ بالعَدْلِ والميزانِ؟
    Hem her hak sahibine istidadı nisbetinde hakkını vermek, yani vücudunun bütün levazımatını, bekasının bütün cihazatını en münasip bir tarzda vermek; nihayetsiz bir adalet elini gösterir.
    إنَّ منحَ كلِّ شيء وجودا بموازينَ حسّاسةٍ، وبمقاييسَ خاصةٍ، وإلباسَه صورةً معينة، ووضعَه في موضع ملائم.. يُبيِّن بوضوح أن الأمورَ تسير وَفقَ عدالةٍ وميزان مطلقَين.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكذا، إعطاءُ كلِّ ذي حقٍّ حقَّه وَفق استعدادِه ومواهبِه، أي إعطاءُ كلِّ ما يلزمُ، وما هو ضَرورِيٌّ لوجوده، وتوفيرُ جميعِ ما يحتاجُ لبقائِه في أفضل وضع، يدلُّ على أنّ يدَ عدالة مطلقة هي التي تُسيِّر الأمور.
    Hem istidat lisanıyla, ihtiyac-ı fıtrî lisanıyla, ıztırar lisanıyla sual edilen ve istenilen her şeye daimî cevap vermek; nihayet derecede bir adl ve hikmeti gösteriyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكذا، الاستِجابةُ المستمِرَّةُ والدائمة لما يُسأل بلسان الاستعدادِ أوِ الحاجةِ الفطرية، أو بلسان الاضطرار، تُظهرُ أنّ عدالةً مطلقة، وحكمةً مطلقة هما اللتان تُجرِيان عَجَلةَ الوجود.
    Şimdi hiç mümkün müdür ki böyle en küçük bir mahlukun en küçük bir hâcetinin imdadına koşan bir adalet ve hikmet, insan gibi en büyük bir mahlukun beka gibi en büyük bir hâcetini mühmel bıraksın? En büyük istimdadını ve en büyük sualini cevapsız bıraksın? Rububiyetin haşmetini, ibadının hukukunu muhafaza etmekle muhafaza etmesin?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالآن، هل من الممكن أن تُهمِلَ هذه العَدالَةُ وهذه الحكمةُ تلك الحاجةَ العُظمَى، حاجةَ البقاءِ لأسمَى مخلوقٍ وهو الإنسانُ؟ في حينِ أنهما تَستجِيبان لأدنى حاجةٍ لأضعف مخلوق؟ فهل من الممكن أن ترُدّا أهمَّ ما يرجوهُ الإنسانُ وأعظمَ ما يتمناه، وألّا تصونا حِشمةَ الربوبية وتتخلَّفا عن الإجابة لحقوق العباد؟!
    Halbuki şu fâni dünyada kısa bir hayat geçiren insan, öyle bir adaletin hakikatine mazhar olamaz ve olamıyor. Belki bir mahkeme-i kübraya bırakılıyor. Zira hakiki adalet ister ki: Şu küçücük insan, şu küçüklüğü nisbetinde değil, belki cinayetinin büyüklüğü, mahiyetinin ehemmiyeti ve vazifesinin azameti nisbetinde mükâfat ve mücazat görsün.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    غيرَ أنَّ الإنسانَ الذي يقضي حياةً قصيرةً في هذه الدنيا الفانية، لا ينالُ ولا يُمكِنُه أن ينالَ حقيقةَ هذه العدالة، وإنما تُؤخَّر إلى محكمة كبرى، حيثُ تقتضي العدالةُ الحقّةُ أن يُلاقيَ هذا الإنسانُ الصغيرُ ثوابَه وعقابَه لا على أساس صِغره، بل على أساس ضخامة جنايته، وعلى أساس أهمية ماهِيتَّه، وعلى أساس عَظمةِ مُهمَّتِه..
    Madem şu fâni, geçici dünya; ebed için halk olunan insan hususunda öyle bir adalet ve hikmete mazhariyetten çok uzaktır. Elbette âdil olan o Zat-ı Celil-i Zülcemal’in ve Hakîm olan o Zat-ı Cemil-i Zülcelal’in daimî bir cehennemi ve ebedî bir cenneti bulunacaktır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وحيثُ إنّ هذه الدنيا العابرةَ بعيدةٌ كلَّ البعد عن أن تكونَ محلا لمثل هذه العدالةِ والحكمة بما يخصُّ هذا الإنسانَ المخلوقَ لحياة أبديّة فلابد من جَنةٍ أبدية، ومن جهنمَ دائمةٍ للعادلِ الجليل ذي الجمالِ وللحَكيم الجمِيل ذي الجلال.
    === '''DÖRDÜNCÜ HAKİKAT''' ===
    ''Bab-ı cûd ve cemaldir. İsm-i Cevvad ve Cemil’in cilvesidir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الحقيقة الرابعة ===
    Hiç mümkün müdür ki: Nihayetsiz cûd u sehavet, tükenmez servet, bitmez hazineler, misilsiz sermedî cemal, kusursuz ebedî kemal; bir dâr-ı saadet ve mahall-i ziyafet içinde daimî bulunacak olan muhtaç şâkirleri, müştak âyinedarları, mütehayyir seyircileri istemesinler?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بابُ الجودِ والجمال وهو تجلِّي اسمِ «الجوادِ» و«الجميلِ»
    Evet, dünya yüzünü bu kadar müzeyyen masnuatıyla süslendirmek, ay ile güneşi lamba yapmak, yeryüzünü bir sofra-i nimet ederek mat’umatın en güzel çeşitleriyle doldurmak, meyveli ağaçları birer kap yapmak, her mevsimde birçok defalar tecdid etmek; hadsiz bir cûd u sehaveti gösterir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أمن الممكن لجودٍ وسخاء مُطلقَين، وثروةٍ لا تنضُب، وخزائنَ لا تنفَد، وجمالٍ سرمديٍّ لا مثيل له، وكمالٍ أبديٍّ لا نقصَ فيه، أن لا يطلُب دارَ سعادة ومحلَّ ضيافة، يخلُد فيه المحتاجون للجود، الشاكرون له، والمشتاقون إلى الجمال، المعجبونَ به؟
    Böyle nihayetsiz bir cûd u sehavet, öyle tükenmez hazineler ve rahmet hem daimî hem arzu edilen her şey içinde bulunur bir dâr-ı ziyafet ve mahall-i saadet ister. Hem kat’î ister ki o ziyafetten telezzüz edenler, o mahall-i saadette devam etsinler, ebedî kalsınlar tâ zeval ve firakla elem çekmesinler. Çünkü zeval-i elem lezzet olduğu gibi zeval-i lezzet dahi elemdir. Öyle sehavet, elem çektirmek istemez.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إن تَزيِينَ وجهِ العالم بهذه المصنوعاتِ الجميلةِ اللطيفة، وجعْلَ الشمسِ سِراجا، والقمرِ نورا، وسَطحِ الأرض مائدةً للنعم، وملْأَها بألذِّ الأطعمة الشهية المتنوعة، وجعْلَ الأشجارِ أوانيَ وصِحافا تتجدَّدُ مرارا كلَّ موسم.. كلُّ ذلك يُظهر سَخاءً وَجُودا لا حدَّ لهما؛
    Demek, ebedî bir cenneti hem içinde ebedî muhtaçları ister. Çünkü nihayetsiz cûd u seha, nihayetsiz ihsan etmek ister, nimetlendirmek ister. Nihayetsiz ihsan ve nimetlendirmek ise nihayetsiz minnettarlık, nimetlenmek ister. Bu ise ihsana mazhar olan şahsın devam-ı vücudunu ister. Tâ daimî tena’umla o daimî in’ama karşı şükür ve minnettarlığını göstersin. Yoksa zeval ile acılaşan cüz’î bir telezzüz, kısacık bir zamanda öyle bir cûd u sehanın muktezasıyla kabil-i tevfik değildir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فلا بدَّ أن يكونَ لمثل هذا الجودِ والسخاء المطلقَين، ولمثل هذه الخزائن التي لا تنفَد، ولمثل هذه الرحمة التي وسِعَت كلَّ شيء، دارَ ضيافة دائمة، ومحلَّ سعادةٍ خالدة يحوي ما تشتهيه الأنفسُ وتلذُّ الأعينُ وتستدعي قطعا أن يُخلَّد المتلذِّذون في تلك الدار، ويظلُّوا ملازمِين لتلك السعادة ليَبتعِدوا عن الزوال والفراق، إذْ كما أنَّ زوالَ الألم لذةٌ فزوالُ اللذةِ ألمٌ كذلك، فمثلُ هذا السخاء يَأبَى الإِيذاءَ قطعا.
    Hem dahi meşher-i sanat-ı İlahiye olan aktar-ı âlem sergilerine bak. Yeryüzündeki nebatat ve hayvanatın ellerinde olan ilanat-ı Rabbaniyeye dikkat et '''(Hâşiye-1<ref>'''Hâşiye-1:''' Evet, kemik gibi bir kuru ağacın ucundaki tel gibi incecik bir sapta gayet münakkaş, müzeyyen bir çiçek ve gayet musanna ve murassa bir meyve, elbette gayet sanat-perver, mu’cizekâr ve hikmettar bir Sâni’in mehasin-i sanatını zîşuura okutturan bir ilannamedir. İşte nebatata hayvanatı dahi kıyas et.</ref>)''', mehasin-i rububiyetin dellâlları olan enbiya ve evliyaya kulak ver. Nasıl müttefikan Sâni’-i Zülcelal’in kusursuz kemalâtını, hârika sanatlarının teşhiriyle gösteriyorlar, beyan ediyorlar, enzar-ı dikkati celbediyorlar.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أي إن الأمرَ يقتضي وجودَ جنةٍ أبدية، وخُلودَ المحتاجين فيها؛ لأن الجودَ والسَّخاء المطلَقَين يتطلبان إحسانا وإنعاما مطلَقَين، والإحسانَ والإنعامَ غيرَ المتناهيَين يَتطلَّبان تَنعُّما وامتنانا غيرَ مُتناهِيّيْن، وهذا يقتضي خلودَ مَن يَستحِقُّ الإحسان، كي يُظهِر شكرَه وامتنانَه بتنعُّمه الدائم إزاء ذلك الإنعامِ الدائِم.. وإلّا فاللذةُ اليَسيرَة التي يُنغِّصُها الزوالُ والفِراق في هذه الفترة الوجيزة لا يُمكِن أن تَنسجِم ومُقتضَى هذا الجودِ والسخاء.
    Demek, bu âlemin Sâni’inin pek mühim ve hayret verici ve gizli kemalâtı vardır. Bu hârika sanatlarla onları göstermek ister. Çünkü gizli, kusursuz kemalât ise takdir edici, istihsan edici, mâşâallah diyerek müşahede edicilerin başlarında teşhir ister. Daimî kemalât ise daimî tezahür ister. O ise takdir ve istihsan edicilerin devam-ı vücudunu ister. Bekası olmayan istihsan edicinin nazarında, kemalâtın kıymeti sukut eder '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye-2:''' Evet, durub-u emsaldendir ki: Bir dünya güzeli, bir zaman kendine meftun olmuş âdi bir adamı huzurundan tard eder. O adam kendine teselli vermek için “Tuh, ne kadar çirkindir!” der. O güzelin güzelliğini nefyeder.
     
    <br>
    ثم انظر إلى مَعارِض أقطار العالم التي هي مَشهَدٌ من مشاهِد الصنعة الإلهية، وتدبَّر في ما تَحمِله النباتاتُ والحيواناتُ على وجه الأرض من إعلاناتٍ ربانية(<ref>نعم، إن الزهرةَ الجميلة وهي في غاية الزِّينةِ والزَّخرفةِ، والثمَرةَ المنضَّدة وهي في منتهى الإتقان والإبداع، المعلَّقتيْن بخيط دقيق في نهاية أغصانٍ يابسة يُبوسةَ العظم.. لاشك أنهما «لوحةُ إعلان» تجعل ذوي المشاعر يقرأون فيها محاسنَ صنعةِ الصانع المعجز الحكيم!.. قس على النباتات الحيوانات أيضا. (المؤلف)</ref>) وأنصِت إلى الداعين الأدلّاءِ إلى محاسن الربوبية وهم الأنبياءُ عليهم السلام والأولياءُ الصالحون، ﻛﻴﻒ ﺃﻧَّﻬﻢ يُظهِرونَ و يُبيِّنونَ مُتَّفقينَ كمالاتِ الصانعِ ذي الجلالِ التي لا نقصَ فيها  ﺑﺘﺸﻬِﻴﺮِﻫﻢ ﺻﻨﻌﺘَﻪ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔَ ﻭﻳُﻠﻔِﺘﻮﻥَ الأنظارَ ﺇﻟﻴﻬﺎ.
    Hem bir vakit bir ayı, gayet tatlı bir üzüm asması altına girer. Üzümleri yemek ister. Koparmaya eli yetişmez. Asmaya da çıkamaz. Kendi kendine teselli vermek için kendi lisanıyla “Ekşidir.” der, gümler gider.</ref>)'''.
     
    </div>
    إذن، فلِصانِعِ هذا العالم كمالٌ فائـقٌ عظِيمٌ مُثيرٌ للإعجابِ، خَفيٌّ مُـستَتِرٌ، فهو يُريدُ إظهارَه بهذه المصنوعات البديعة، لأنَّ الكمالَ الخفيّ الذي لا نقص فيه يتطلَّبُ الإعلانَ عنه على رؤوسِ أشهادٍ مُقدِّرِين مُستَحسِنين مُعجَبِين به؛ وأنَّ الكمالَ الدائمَ يقتضِي ظهورا دائما، وهذا بِدَورِه يَستَدعِي دوامَ المستحسِنين المعجَبين، إذ المُعجَب الذي لا يَدومُ بقاؤُه تَسقُطُ في نظرِه قِيمةُ الكمالِ.(<ref>
    نعم، لقد ذَهَب مثلا: أن حسناءَ بارعةَ الجمالِ طَرَدت أحدَ المعجبين بها، فقال هذا المُعجَب مُسلِّيا نفسَه: تبّا لها ما أقبحَها.. منكِرا جمالَ تلك الجميلة؛ وذات يوم مرَّ دُبٌّ تحت شجرةِ عِنب ذاتِ عناقيد لذيذةً، فأراد أن يأكل من ذلك العنب الحُلوِ، ولمّا لم تصل يدُه إليه، وعجزَ عن التسلق، قال مُتمتِما: إنه حامض، فسلَّى نفسه.. ومضى في طريقه. (المؤلف)
    </ref>)
     
    ثم إنَّ هذه الموجوداتِ العجِيبةَ البدِيعَةَ الدَّقيقةَ الرائِعةَ المنتَشِرةَ في هذا الكَونِ تَدلُّ بوضوح -كدَلالةِ ضَوءِ النهار على وُجودِ الشمسِ- على مَحاسنِ الجمال المعنويِّ الذي لا مَثيل له، وتُريكَ كذلك لطائفَ الحُسنِ الخفيِّ الذي لا نظير له؛(<ref>إن الموجوداتِ الشبيهةَ بالمرايا مع أنها تتعاقبُ بالزوال والفناء فإن وجودَ تجليات الجمالِ نفسِه والحُسنِ عينِه في وَجهِها، وفي التي تعقُبُها، يدل على أن ذلك الجمالَ ليس مُلكا لها، بل هو آياتُ حسنٍ منزَّه، وأماراتُ جَمالٍ مقدّس. (المؤلف)</ref>) وإنَّ تَجلِّي ذلك الحُسنِ الباهر المُنزَّه، وذلك الجمالِ الزاهر المقدَّس يشيرُ إلى كنوزٍ كثيرة خفية موجودةٍ في الأسماء الحسنى، بل في كل اسم منها.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ومثلما يَطلُبُ هذا الجَمالُ الخفيُّ السامي الذي لا مثيلَ له، أن يَرى محاسنَه في مِرآةٍ عاكسَةٍ ويَشهَدَ درجاتِ حُسنِه ومقاييسَ جماله في مرآة ذاتِ مَشاعرَ وأشواقٍ إليه، فإنه يريد الظهورَ والتجلي ليَرَى جمالَه المحبوبَ أيضا بأنظار الآخرين..
    Hem dahi kâinatın yüzünde serilmiş olan gayetle güzel ve sanatlı ve parlak ve süslü şu mevcudat; ışık güneşi bildirdiği gibi misilsiz manevî bir cemalin mehasinini bildirir ve nazirsiz, hafî bir hüsnün letaifini iş’ar ediyor '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Âyine-misal mevcudatın birbiri arkasında zeval ve fenalarıyla beraber, arkalarından gelenlerin üstünde ve yüzlerinde aynı hüsün ve cemalin cilvesinin bulunması gösterir ki cemal onların değil; belki o cemaller, bir hüsn-ü münezzeh ve bir cemal-i mukaddesin âyâtı ve emaratıdır.</ref>)'''. O münezzeh hüsün, o mukaddes cemalin cilvesinden, esmalarda, belki her isimde çok gizli defineler bulunduğunu işaret eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أي أنْ يَنظُر إلى جماله من جهتين:
    İşte şu derece âlî, nazirsiz, gizli bir cemal ise kendi mehasinini bir mir’atta görmek ve hüsnünün derecatını ve cemalinin mikyaslarını zîşuur ve müştak bir âyinede müşahede etmek istediği gibi başkalarının nazarıyla yine sevgili cemaline bakmak için görünmek de ister.
    الأولى:  مُشاهَدةُ الجمالِ بالذّاتِ في المرايا المختلفةِ المتعدِّدة الألوان.
    </div>
    والأخرى: مُشاهدةُ الجمالِ بنظر المشاهِدِين المشتاقِين المعجَبِين المستحسِنِين.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أي إنَّ الجمالَ والحسنَ يقتضيان الشُّهودَ والإشهادَ «الرُّؤيةَ والإراءَةَ» وهذا الشهودُ والإشهادُ يستلزمان وجودَ المشاهدِين المشتاقِين والمستحسنِين المعجَبِين..
    Demek iki vecihle kendi cemaline bakmak; biri, her biri başka başka renkte olan âyinelerde bizzat müşahede etmek; diğeri, müştak olan seyirci ve mütehayyir olan istihsancıların müşahedesi ile müşahede etmek ister.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولما كان الجمالُ والحسنُ خالِدَين سرمديَّين فإنهما يقتضيان خُلودَ المشتاقِين وديمومَتَهم، لأن الجمالَ الدائمَ لا يرضى بالمشتاق الزائل الآفل، فالمُشاهِدُ الذي يَشعُرُ بالزوال -وقُضِيَ عليه بعدم العَودَة إلى الحياة- تتحوَّلُ بمجرَّد تصوُّرِه الزوالَ مَحبّتُه عداءً، وإعجابُه استخفافا، واحترامُه إهانةً، لأن الإنسانَ الأنانيّ مثلما يعادي ما يجهَلُه، يعادي ما لا تصل إليه يدُه أيضا، فيُضمِر عداءً وحِقدا وإنكارا لذلك الجمال الذي ينبغي أن يقابَل بما يستحقُّه من مَحبّة بلا نهاية وشوقٍ بلا غايةٍ وإعجابٍ بلا حدّ.. ومن هذا يُفهَمُ سرُّ كونِ الكافر عَدُوا لله سبحانه وتعالى.
    Demek hüsün ve cemal, görmek ve görünmek ister. Görmek, görünmek ise müştak seyirci, mütehayyir istihsan edicilerin vücudunu ister. Hüsün ve cemal, ebedî sermedî olduğundan müştakların devam-ı vücudlarını ister.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولما كان ذلك الجُودُ في العطاءِ غيرِ المحدود، وذلك الحُسنُ في الجمال الذي لا مثيلَ له، وذلك الكمالُ الذي لا نقصَ فيه.. يقتضي خلودَ الشاكرِين، وبقاءَ المشتاقِين المستَحسنِين، ونحنُ نُشاهِد رحلةَ كلِّ شخص واختفاءَه بسرعة في دار ضيافةِ الدنيا هذه، دونَ أن يَستمتِع بإحسان ذلك السخاء إلّا نَزرا يسيرا بما يفتح شَهِيَّتَه فقط، ودون أن يرى من نور ذلك الجمالِ والكمالِ إلَّا لمحةً خاطفة..
    Çünkü daimî bir cemal ise zâil bir müştaka razı olamaz. Zira dönmemek üzere zevale mahkûm olan bir seyirci, zevalin tasavvuruyla muhabbeti adâvete döner, hayreti istihfafa, hürmeti tahkire meyleder. Çünkü hodgâm insan, bilmediği şeye düşman olduğu gibi yetişmediği şeye de zıttır. Halbuki nihayetsiz bir muhabbet, hadsiz bir şevk ve istihsan ile mukabeleye lâyık olan bir cemale karşı, zımnen bir adâvet ve kin ve inkâr ile mukabele eder. İşte kâfir, Allah’ın düşmanı olduğunun sırrı bundan anlaşılıyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إذن الرِّحلةُ منطلقةٌ نحوَ متنزهاتٍ خالدةٍ ومَشاهدَ أبديّة.
    Madem o nihayetsiz sehavet-i cûd, o misilsiz cemal-i hüsün, o kusursuz kemalât; ebedî müteşekkirleri, müştakları, müstahsinleri iktiza ederler. Halbuki şu misafirhane-i dünyada görüyoruz; herkes çabuk gidip, kayboluyor. O sehavetin ihsanını ancak az bir parça tadar. İştihası açılır fakat yemez gider. O cemal, o kemalin dahi ancak biraz ışığına, belki bir zayıf gölgesine bir anda bakıp doymadan gider.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الخلاصة:  مثلما أنَّ هذا العالمَ يدلُّ بموجوداتِه دلالةً قاطِعةً يقينا على صانعِه الكريم ذي الجلال، فَصِفاتُه المقدَّسةُ سبحانَه وأسماؤُه الحسنى تدلُّ كذلك على الدّارِ الآخرةِ بلا ريب وتظهرُها، بل تَقتضِيها.
    Demek, bir seyrangâh-ı daimîye gidiliyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الحقيقة الخامسة ===
    '''Elhasıl, nasıl ki şu âlem bütün mevcudatıyla Sâni’-i Zülcelal’ine kat’î delâlet eder, Sâni’-i Zülcelal’in de sıfât ve esma-i kudsiyesi, dâr-ı âhirete delâlet eder ve gösterir ve ister.'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بابُ الشفقةِ وعُبوديّةِ محمدٍ ﷺ
    === '''BEŞİNCİ HAKİKAT''' ===
    ''Bab-ı şefkat ve ubudiyet-i Muhammediyedir (asm).''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهو تجلي اسمِ «المجيب» و«الرحيم»
    ''İsm-i Mücîb ve Rahîm’in cilvesidir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أمن الممكن لربٍّ ذي رحمةٍ واسعة وشفقةٍ غَيرِ متناهية يُبصِر أخفَى حاجةٍ لأدنى مخلوق، ويُسعِفُه من حيثُ لا يَحتسِبُ برأفةٍ غيرِ متناهيةٍ ورحمةٍ سابغة، ويَسمعُ أخْفَت صوت لأخفَى مخلوق فيُغيثُه، ويُجيبُ كلَّ داعٍ بلسان الحال والمقال، أمن الممكن ألّا يَقضِيَ هذا الربُّ المجيبُ الرَّحيم أهمَّ حاجةٍ لأعظمِ عباده(<ref>
    Hiç mümkün müdür ki: En edna bir hâceti, en edna bir mahlukundan görüp kemal-i şefkatle ummadığı yerden is’af eden ve en gizli bir sesi, en gizli bir mahlukundan işitip imdat eden, lisan-ı hal ve kāl ile istenilen her şeye icabet eden nihayetsiz bir şefkat ve bir merhamet sahibi bir Rab; en büyük bir abdinden '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Evet, bin üç yüz elli sene saltanat süren ve saltanatı devam eden ve ekser zamanda üç yüz elli milyondan ziyade raiyeti bulunan ve her gün bütün raiyeti onunla tecdid-i biat eden ve onun kemalâtına şehadet eden ve kemal-i itaatle evamirine inkıyad eden ve Arzın nısfı ve nev-i beşerin humsu, o zatın sıbgı ile sıbgalansa yani manevî rengiyle renklense ve o zat onların mahbub-u kulûbü ve mürebbi-i ervahı olsa; elbette o zat, şu kâinatta tasarruf eden Rabb’in en büyük abdidir.  
    نعم، إنَّ الذي حَكمَ ودامَ سلطانُ حكمِه ألفا وثلاثَ مِئةٍ وخمسينَ سنةً، والذي عَددُ أمَّتِه أكثرُ من ثلاثِ مِئةٍ وخمسينَ مليونا -في أغلبِ الأوقات- وهم يجدِّدون معه البيعةَ يوميا، ويَشهَدون بعُلوِّ مكانتِه وينقادون لأوامرِه انقيادا تاما عن رغبةٍ وطَواعية.. هذا الذي تَسربَلَ نصفُ الأرض وخُمُسُ البشريَّةِ بسِرْبَالِه المباركِ، وانطبعَ بطابَعِه المعنويِّ، وأَصبَحتْ ذاتُه الشريفةُ محبوبةَ قلوبِهم، ومربيةَ أرواحِهم، ومزكّيةَ نفوسِهم، لا ريب أنه العبدُ الأعظم لربِّ العالمين سبحانَه.. هذا العبدُ الكريمُ الذي رحَّب أغلبُ أنواعِ الكائناتِ بمهمتِه ورسالتِه فحملَ كـلُّ نوع ثمرةً من ثمرات معجزاتِه، لا ريبَ أنه أحبُّ مخلوقٍ لدَى الخالقِ العظيمِ.. وأنَّ الخلودَ الذي ترجوه البشريةُ بكل ما لها من استعدادٍ وتطلُبُه كحاجةٍ مُلحَّةٍ تُنقِذُها من التردي إلى دركاتِ أسفلِ سافِلين وترفَعُها إلى درجاتِ أعلَى عِلِّيين.. فهي حاجةٌ عُظمَى، لا ريب أنَّ أعظمَ العبادِ يَتقدمُ بها ويرفعُها إلى قاضي الحاجات باسمِ الجميع. (المؤلف)
    <br>
    </ref>) وأَحَبِّ خلقِه إليه، ولا يُسعفَه بما يرجوهُ منه؟!
    Hem ekser enva-ı kâinat o zatın birer meyve-i mu’cizesini taşımak suretiyle onun vazifesini ve memuriyetini alkışlasa elbette o zat, şu kâinat Hâlık’ının en sevgili mahlukudur.  
    <br>
    Hem bütün insaniyet, bütün istidadıyla istediği beka gibi bir hâceti ki; o hâcet ise insanı esfel-i safilînden a’lâ-yı illiyyîne çıkarıyor. Elbette o hâcet, en büyük bir hâcettir ve en büyük bir abd, umumun namına onu Kādıyü’l-Hâcat’tan isteyecek.</ref>)''', en sevgili bir mahlukundan en büyük hâcetini görüp bitirmesin, is’af etmesin; en yüksek duayı işitip kabul etmesin?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فحُسنُ تربيَّةِ صغارِ الحيواناتِ وضِعافِها، وإعاشتُها بسهولةٍ ولُطفٍ ظاهِرِيَّيْنِ تُريانِنا أن مالكَ هذه الكائنات يُسيِّرُها بربوبية لا حدَّ لرحمتِها؛ فهل يُعقَلُ لهذه الربوبيَّةِ المُـتَّـصِفةِ بكمال الشفقةِ والرأفةِ ألّا تَستجيبَ لأجمل دعاءٍ لأفضلِ مَخلوق؟!
    Evet mesela, hayvanatın zayıflarının ve yavrularının rızık ve terbiyeleri hususunda görünen lütuf ve suhuleti gösteriyor ki şu kâinatın mâliki, nihayetsiz bir rahmetle rububiyet eder. Rububiyetinde bu derece rahîmane bir şefkat, hiç kabil midir ki mahlukatın en efdalinin en güzel duasını kabul etmesin? Bu hakikati On Dokuzuncu Söz’de izah ettiğim vechile, şurada dahi mükerreren şöyle beyan edelim:
    وكما بَيَّنتُ هذه الحقيقةَ في «الكلمة التاسعة عشرة» أُعيدُ بيانَها هنا:فيا صَديقي الذي يَسمعُني مع نفسي.. لقد ذَكرْنا في الحكايةِ التَّمثيليةِ: أنَّ هناكَ اجتماعا في جَزيرةٍ، وأنَّ مبعوثا كريما يرتَجِلُ خُطبةً، فالحقيقةُ التي يشير ذلك إليها، هي ما يأتي:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    تعال لِنتَجرَّدْ من هذا الزمان، ولْنَذهَبْ بأفكارنا إلى عصرِ النُّبوَّةِ، وبخيالنا إلى تلك الجزيرةِ العربيَّةِ كيْ نَحظَى بزيارتِه ﷺ، وهو يُزاولُ وظيفتَه بكامل عُبوديَّتِه.. انظر.. كما أنَّه سَببُ السعادةِ بما أَتَى به من رسالةٍ وهِدايَة، فإنه ﷺ هو الدَّاعِي لإيجادِ تلكَ السعادةِ وخَلقِ الجنّةِ بدُعائِه وبعُبودِيَّتِه.
    Ey nefsimle beraber beni dinleyen arkadaş! Hikâye-i temsiliyede demiştik: “Bir adada bir içtima var, bir yaver-i ekrem bir nutuk okuyor.” Onun işaret ettiği hakikat şöyledir ki: Gel! Bu zamandan tecerrüd edip fikren asr-ı saadete ve hayalen Ceziretü’l-Arab’a gidiyoruz. Tâ ki Resul-i Ekrem’i (asm) vazife başında ve ubudiyet içinde görüp, ziyaret ederiz. Bak! O zat nasıl ki risaletiyle, hidayetiyle saadet-i ebediyenin sebeb-i husulü ve vesile-i vusulüdür. Onun gibi ubudiyetiyle ve duasıyla, o saadetin sebeb-i vücudu ve cennetin vesile-i icadıdır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    انظر إلى هذا النَّبيِّ الكريمِ.. إلامَ يدعُو؟ إنه يَدعُو إلى السعادةِ الأبديَّةِ في صَلاةٍ كُبرَى شامِلة، وفي عبادةٍ رفيعةٍ مُستَغرِقَةٍ، حتى إنَّ الجزيرةَ العربيةَ، بل الأرضَ برُمَّتِها، كأنها تُصَلِّي مع صلاتِه، وتَبتَهِلُ إلى الله بابْتِهالِه الجميلِ، ذلك لأن عُبوديتَه ﷺ تتَضمَّنُ عبوديةَ جميعِ أُمَّتِه الذين اتَّبعوهُ، كما تتضَمَّنُ -بسر الموافقَةِ في الأصول- سرَّ العبوديةِ لجميع الأنبياءِ عليهم السلام؛
    İşte bak! O zat öyle bir salât-ı kübrada, bir ibadet-i ulyâda saadet-i ebediye için dua ediyor ki güya bu cezire, belki bütün arz onun azametli namazıyla namaz kılar, niyaz eder. Çünkü ubudiyeti ise ona ittiba eden ümmetin ubudiyetini tazammun ettiği gibi muvafakat sırrıyla bütün enbiyanın sırr-ı ubudiyetini tazammun eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فهو يَؤُمُّ صلاةً كُبرَى أيَّما صلاةٍ! ويَتضرَّعُ بدعاءٍ -ويا له من تضرُّعٍ رَقيقٍ- في خُلُقٍ عظيمٍ، كأن الذين تنوَّروا بنور الإيمان -من لدُن آدمَ عليه السلام إلى الآنَ وإلى يومِ القيامة- اقتدوا به، وأمَّنوا على دُعائِه.(<ref>
    Hem o salât-ı kübrayı öyle bir cemaat-i uzmada kılar, niyaz ediyor ki güya benî-Âdem’in Hazret-i Âdem’den asrımıza kadar, belki kıyamete kadar bütün nurani ve kâmil insanlar ona tebaiyetle iktida edip duasına âmin derler. '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Evet, münâcat-ı Ahmediye (asm) zamanından şimdiye kadar bütün ümmetin bütün salâtları ve salavatları onun duasına bir âmin-i daimî ve bir iştirak-i umumîdir. Hattâ ona getirilen her bir salavat dahi onun duasına birer âmindir ve ümmetinin her bir ferdi, her bir namazın içinde ona salât ü selâm getirmek ve kametten sonra Şafiîlerin ona dua etmesi, onun saadet-i ebediye hususundaki duasına gayet kuvvetli ve umumî bir âmindir.  
    نعم، إن جميعَ الصلواتِ التي تُقيمُها الأمةُ كلُّها، منذ المناجاةِ الأحمدية -على صاحبها الصلاةُ والسلامُ- وجميعَ الصلوات  والتسليمات التي تبعثُها إلى النبي ﷺإن هي إلّا تأمينٌ دائمٌ لدعائِه، ومُشاركةٌ عامةٌ معه، حتى إن كلَّ صلاةٍ وسلام عليه هو تأمينٌ على ذلك الدعاء؛ وأن ما يؤديه كلُّ فردٍ من أفرادِ الأمَّةِ من الصلوات عليه  في الصلاة، ومن الدعاءِ عَقِب الإقامة -لدى الشافعية- إنما هو تأمينٌ عامٌ على ذلك الدعاء الذي يدعو به للسعادة الأبدية.. فالنبيُّ ﷺ يرجو في دعائِه باسم البشريَّة قاطبةً البقاءَ والسعادةَ الأبدية، وهذا هو ما يريدُه الإنسانُ ويرجوهُ بكل ما أوتي من قوةٍ بلسان حالِ فطرتِه، لذا يؤمِّنُ خَلفَه جميعُ الذين تَنوَّروا بنورِ الإيمان.. فهل يمكنُ ألّا يُقرَنَ هذا الدعاءُ بالقبولِ والاستجابة؟! (المؤلف)
    <br>
    </ref>)
    İşte bütün beşerin fıtrat-ı insaniyet lisan-ı haliyle bütün kuvvetiyle istediği beka ve saadet-i ebediyeyi, o nev-i beşer namına Zat-ı Ahmediye (asm) istiyor ve beşerin nurani kısmı, onun arkasında âmin diyorlar. Acaba hiç mümkün müdür ki şu dua kabule karin olmasın?</ref>)'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    انظر! كيفَ يَدعُو اللهَ لحاجةٍ عامةٍ كحاجةِ البقاءِ والخلود! هذه الدعوةَ التي لا يَشترِكُ فيها معَه أهلُ الأرضِ وحدَهُم، بَلْ أهلُ السماواتِ أيضا، لا بَلِ المَوجوداتُ كافةً.. فتقولُ بلسانِ الحالِ: «آمينَ اللَّهُمَّ آمين استَجبْ يا ربَّنا دعاءَه، فنحنُ نتوسَّل بك ونتضرَّعُ إليكَ مثلَه».
    Bak hem öyle beka gibi bir hâcet-i âmme için dua ediyor ki değil ehl-i arz, belki ehl-i semavat, belki bütün mevcudat niyazına iştirak edip lisan-ı hal ile “Oh, evet yâ Rabbenâ! Ver, duasını kabul et. Biz de istiyoruz.” diyorlar. Hem bak! Öyle hazînane, öyle mahbubane, öyle müştakane, öyle tazarrukârane saadet-i bâkiye istiyor ki bütün kâinatı ağlattırıp duasına iştirak ettiriyor.
    ثم انظر! إنه يَسألُ تلكَ السعادةَ والخلودَ بكلِّ رِقةٍ وحُزنٍ، وبكلِّ حُبٍّ ووُدٍّ، وبكلِّ شوقٍ وإلحاحٍ، وبكل تَضرعٍ ورَجاءٍ، يُحزِنُ الكونَ جميعا ويُبكِيه فيُسهِمُه في الدعاء.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ثم انظر وتأمَّل.. إنه يدعو طالبا السعادةَ لقَصدٍ عظيمٍ، ولغايةٍ ساميةٍ.. يطلُبُها ليُنقِذَ الإنسانَ والمخلوقاتِ جميعا من التَّردِي إلى هاويةِ أسفلِ سافلِين، وهو الفناءُ المُطلقُ والضَّياعُ والعبثُ؛ ويَرفَعَه إلى أعلى عِلِّيينَ، وهو الرِّفعةُ والبقاءُ وتقلُّدُ الواجباتِ وتَسلُّمُ المسؤولياتِ، ليكونَ أهلا لها ويرقَى إلى مرتبةِ مكاتيبَ صمَدانيَّةٍ.
    Bak, hem öyle bir maksat, öyle bir gaye için saadet isteyip dua ediyor ki insanı ve bütün mahlukatı esfel-i safilîn olan fena-yı mutlaka sukuttan, kıymetsizlikten, faydasızlıktan, abesiyetten a’lâ-yı illiyyîn olan kıymete, bekaya, ulvi vazifeye, mektubat-ı Samedaniye olması derecesine çıkarıyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    انظُر.. كيف أنه يطلبُ الإعانةَ مُستغِيثا ببُكاءٍ، مُتضرِّعا راجِيا من الأعماقِ، مُتوسِّلا بإلحاح.. حتى كأنَّه يُسمِعُ الموجوداتِ جميعا، بلِ السماواتِ، بلِ العرشَ، فَيهزُّهُم وجدًا وشوقا إلى دعائه ويجعَلُهُم يُردِّدونَ: آمينَ.. اللَّهمَّ آمِين.(<ref>
    Bak, hem öyle yüksek bir fîzar-ı istimdadkârane ile istiyor ve öyle tatlı bir niyaz-ı istirhamkârane ile yalvarıyor ki güya bütün mevcudata, semavata, arşa işittirip vecde getirip duasına “Âmin Allahümme âmin!” dedirtiyor. '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Evet, şu âlemin mutasarrıfı, bütün tasarrufatı bilmüşahede şuurane, alîmane, hakîmane olduğu halde; hiçbir cihetle mümkün değildir ki o mutasarrıf, kendi masnuatı içinde en mümtaz bir ferdin harekâtına şuuru ve ıttılaı bulunmasın.  
    نعم، إنه لا يمكنُ بحالٍ من الأحوالِ ألّا يطّلعَ ربُّ هذا العالم على أفعال مَن هو بالمنزلةِ الرفيعة من خَلقِه، في الوقت الذي يتَصرفُ في الكون بكلِّ علمٍ وبصيرةٍ وحِكمةٍ، كما هو مُشاهَد.. ولا يُمكنُ أيضا بحالٍ من الأحوالِ ألّا يُباليَ ذلك الربُّ العليمُ بدعاءِ هذا العبدِ المختارِ من عبادِه، وهو المطَّلِع على كلِّ أفعالِه ودعواتِه؛ كذلك لا يُمكِنُ بحالٍ من الأحوالِ ألّا يستجيبَ ذلك الربُّ القديرُ الرَّحيمُ لتلكَ الدعواتِ وهو يَرَى من صاحِبِها كلَّ التجرُّدِ والافتقارِ إليه.<br>
    <br>
    نعم، لقد تَبدَّل وضْعُ العالَم بنور النبيِّ ﷺ، وتَبيَّنَتْ حَقيقةُ الإنسانِ والكونِ وماهيتُهُما بذلكَ النورِ، وانْكشَفتْ بذلكَ الضياءِ؛ فظهرَ أن مَوجوداتِ هذا الكونَ مكاتيبُ صمدانِيةٌ تَستقرِئُ الأسماءَ الحسنى، ومأموراتٌ موظَّفاتٌ، وموجوداتٌ نَفيسَةٌ ذاتُ معنًى ومَغزًى تليقُ بالبقاء.. فلولا ذلك النورُ لظَلَّ الكونُ مستورا تحتَ ظلامِ الأوهام، محكوما عليه بالفناءِ المطلقِ والعدمِ، تافها دون معنًى ودُونَ نفع، بل كان عبثا وسُدى ووَلِيدَ الصُّدفة.. ولهذا السِّر فإن كلَّ شيءٍ في الأرض والسماء، من الثَّرى إلى الثُّريا يستضيءُ بنورِه ﷺ ويُبدِي علاقتَه به مثلما يُؤمِّنُ  الإنسانُ لدعائه ولا غَرْوَ أن روحَ العبودِيةِ المحمَّدِيةِ ومُخَّها إنما هو الدعاءُ بل إن حركاتِ الكون ووظائفَه جميعا ما هي إلّا نوعٌ من الدعاءِ، فَنُموُّ البِذرَةِ وتحولاتُها مثلا ما هو إلّا نوعٌ من دعاءٍ لبارئِها لتُصبِحَ شجرةً باسِقةً. (المؤلف)
    Hem hiçbir cihetle mümkün değildir ki o Mutasarrıf-ı Alîm, o ferd-i mümtazın harekâtına ve daavatına (dualarına) ıttılaı bulunduğu halde ona karşı lâkayt kalsın, ehemmiyet vermesin.  
    </ref>)
    <br>
    Hem hiçbir cihetle mümkün değildir ki o Mutasarrıf-ı Kadîr-i Rahîm; onun dualarına lâkayt kalmadığı halde, o duaları kabul etmesin.  
    <br>
    Evet, Zat-ı Ahmediye’nin (asm) nuruyla âlemin şekli değişti. İnsan ve bütün kâinatın mahiyet-i hakikiyeleri o nur, o ziya ile inkişaf etti ve göründü ki şu kâinatın mevcudatı; esma-i İlahiyeyi okutan birer mektubat-ı Samedaniye, birer muvazzaf memur ve bekaya mazhar kıymettar ve manidar birer mevcuddurlar. Eğer o nur olmasa idi, mevcudat fena-yı mutlaka mahkûm ve kıymetsiz, manasız, faydasız, abes, karmakarışık, tesadüf oyuncağı bir zulmet-i evham içinde kalırdı.  
    <br>
    '''İşte şu sırdandır ki: İnsanlar Zat-ı Ahmediye’nin (asm) duasına âmin dedikleri gibi arş ve ferş ve serâdan süreyyaya kadar bütün mevcudat onun nuruyla iftihar edip, alâkadarlık gösteriyorlar. Zaten ubudiyet-i Ahmediyenin (asm) ruhu, duadır. Belki kâinatın harekâtı ve hidematı, bir nevi duadır. Mesela, bir çekirdeğin hareketi, Hâlık’ından bir ağaç olmasına bir nevi duadır.'''</ref>)'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وانظر.. إنه يسألُ السعادةَ والبقاءَ الأبديَّ، ويرجوهُما من قديرٍ سَميع كَرِيم، ومن عليمٍ بَصيرٍ رحِيمٍ يَرى ويَسمَعُ أَخفَى حاجةٍ لأضعفِ مخلوق فيَتدارَكُه برحمتِه، ويَستجِيبُ له، حتى إن كانَ دعاءً بلسانِ الحال.
    Bak, hem öyle Semî’ ve Kerîm bir Kadîr’den, öyle Basîr ve Rahîm bir Alîm’den saadet ve bekayı istiyor ki bilmüşahede en gizli bir zîhayatın en gizli bir arzusunu, en hafî bir niyazını görür, işitir, kabul eder, merhamet eder. Lisan-ı hal ile de olsa icabet eder. Öyle suret-i hakîmane, basîrane, rahîmanede verir ve icabet eder ki şüphe bırakmaz o terbiye ve tedbir öyle Semî’ ve Basîr’e mahsus, öyle bir Kerîm ve Rahîm’e hastır.
    نعم، إنه يستجيبُ لهُ ببصيرةٍ ورحمةٍ ويُغيثُه بحكمةٍ، مما يَنفِي أيةَ شُبهةٍ بأن تلك الرعايةَ الفائقةَ ليستْ إلّا من لَدُن سميعٍ بَصيرٍ، وأن ذلك التَّدبيرَ الدقيقَ ليس إلّا مِن عندِ كريمٍ رَحِيم.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن الذي يقودُ جَميعَ بَنِي آدمَ على هذه الأرض متوجِّها إلى العرشِ الأعظَمِ، رافعا يَديْهِ، داعيا بدعاءٍ شامِلٍ بحقِيقةِ العُبودِيةِ الأحْمديَّةِ التي هي خُلاصةُ عبوديَّةِ البشرِيّةِ.. تُرى ماذا يُريدُ؟ ماذا يُرِيدُ شَرفُ الإنسانِيَّةِ، وفَخْرُ الكائناتِ، وفَرِيدُ الأزمانِ والأكوَانِ؟! لنُنصِتْ إليه.. إنَّه يسألُ السَّعادةَ الأبدِيّةَ لنفسِه ولأمَّتِه، إنه يسألُ الخلودَ في دارِ البقاءِ، إنه يَسألُ الجنَّةَ ونَعيمَها.. نعم، يَسألهُا ويَرجُوها مع تلك الأسماءِ الإلهيّةِ المتجَلِّيةِ بجمالِها في مرآةِ الموجوداتِ.. إنه يَستشفِعُ بتلكَ الأسماءِ الحسنَى كما تَرى.
    Acaba bütün benî-Âdem’i arkasına alıp şu arz üstünde durup, arş-ı a’zama müteveccihen el kaldırıp, nev-i beşerin hülâsa-i ubudiyetini câmi’ hakikat-i ubudiyet-i Ahmediye (asm) içinde dua eden şu şeref-i nev-i insan ve ferîd-i kevn ü zaman olan Fahr-i kâinat (asm) ne istiyor, dinleyelim. '''Bak,''' kendine ve ümmetine saadet-i ebediye istiyor, beka istiyor, cennet istiyor. Hem mevcudat âyinelerinde cemallerini gösteren bütün esma-i kudsiye-i İlahiye ile beraber istiyor. O esmadan şefaat talep ediyor, görüyorsun.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أَرأيتَ إن لم يكن شيءٌ من أَسبابٍ موجبةٍ لا تُعدُّ ولا تُحصَى للآخرةِ ولا شيءٌ من دلائلِ وجودِها، أليسَ دعاءُ هذا النَّبيِّ الكريمِ ﷺ وَحدَه سببا كافِيا لإيجادِ الجنَّة(<ref>
    Eğer âhiretin hesapsız esbab-ı mûcibesi, delail-i vücudu olmasa idi; yalnız şu zatın tek duası, baharımızın icadı kadar Hâlık-ı Rahîm’in kudretine hafif gelen şu cennetin binasına sebebiyet verecekti. '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye-1:''' Evet, âhirete nisbeten gayet dar bir sahife hükmünde olan rûy-i zeminde hadd ü hesaba gelmeyen hârika sanat numunelerini ve haşir ve kıyametin misallerini göstermek ve üç yüz bin kitap hükmünde olan muntazam enva-ı masnuatı, o tek sahifede kemal-i intizam ile yazıp dercetmek; elbette geniş olan âlem-i âhirette latîf ve muntazam cennetin binasından ve icadından daha müşküldür.  
    نعم، إنَّ إبداءَ نَماذِج الصَّنعةِ الدَّقِيقةِ البديعةِ التي لا تُعدُّ ولا تُحصَى على وَجهِ الأرضِ الذي هو بمثابةِ صَحيفةٍ صَغيرةٍ بالنسبة إلى عالم الآخرةِ الفَسيحِ، وكذا إراءةَ نماذِج الحشرِ والقيامَةِ في ثلاثِ مِئةِ ألفٍ من مخلوقاتٍ ذاتِ موازَنةٍ وانتِظام، وكتابَتَها في تلك الصحيفةِ الواحدةِ بهذا النظامِ البديعِ، لاشك أنها أعقَدُ من تَهيِئَةِ الجنَّةِ الموسُومةِ بالفخامةِ والرِّفْعةِ في عالم البقاءِ  الرَّحْبِ، لذا يَصحُّ القولُ: إنَّ خَلقَ حدائقِ الربيعِ بما فيها من الأزهارِ والرّياحينِ أمرٌ يَبعثُ على الحَيرةِ والدهشةِ أكثرَ مما يبعثُها خلقُ الجنّةِ، وبنسبةِ عُلوِّ درجةِ الجنة ورِفعَةِ مكانتِها على الرَّبيع. (المؤلف)
    <br>
    </ref>) التي هِي سهلةٌ على قُدرةِ خالقِنا الرحيمِ، كسُهولَةِ إعادةِ الحياةِ إلى الأرض في أيّامِ الربيع؟
    Evet, cennet bahardan ne kadar yüksek ise o derece bahar bahçelerinin hilkati, o cennetten daha müşküldür ve hayret-fezadır, denilebilir.</ref>)''' Evet, baharımızda yeryüzünü bir mahşer eden, yüz bin haşir numunelerini icad eden Kadîr-i Mutlak’a, cennetin icadı nasıl ağır olabilir?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن الذي جعلَ سَطحَ الأرضِ في الربيع مِثالا للحشرِ، فأوجدَ فيه مِئةَ ألف نَمُوذَجٍ من نماذِجِه بقدرتِه المطلقةِ، كيف يَصعُبُ عليه إيجادُ الجنة؟.. إذن فكما كانت رسالتُه ﷺ سَببا لإيجاد دارِ الامتحانِ هذه، وصَارتْ بيانا وإيضاحا لسِرِّ «لَوْلَاك لَوْلَاكَ لَمَا خَلَقْتُ الأفْلَاكَ»(<ref>
    Demek nasıl ki onun risaleti, şu dâr-ı imtihanın açılmasına sebebiyet verdi,   لَوْلَاكَ لَوْلَاكَ لَمَا خَلَقْتُ الْاَفْلَاكَ sırrına mazhar oldu. Onun gibi ubudiyeti dahi öteki dâr-ı saadetin açılmasına sebebiyet verdi.
    «إنه صحيح معنًى ولو ضُعّف مبنى» علي القاري، شرح الشفا 1/6؛ الأسرار المرفوعة 385؛ العجلوني، كشف الخفاء 2/214؛ الشوكاني، الفوائد المجموعة 326.
    </div>
    </ref>) فإن عُبودِيتَه كذلك أصبحت سَببا لخلقِ تلك الدارِ السَّعيدةِ الأَبديَّة.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فهل من الممكن يا تُرَى لاِنتِظامِ العالَمِ البَديعِ الذي حَيَّرَ العقولَ، والصَّنعةِ المُتقنَةِ وجَمالِ الربوبيةِ الشامِلةِ في إِطارِ الرحمةِ الواسِعةِ، أنْ يَقبلَ قُبحا فظيعا وظُلما شنِيعا وفوضَى ضاربةً أطنابَها، بعدمِ استجابَة ذلك الدعاءِ أي أن لا يُراعِيَ ولا يسمعَ ولا يُنجِزَ أكثرَ الرغباتِ أهمّيةً، وأشدَّها ضرورةً في حينِ أنه يُراعِي باهتمام بالغ أبسطَ الرغباتِ وأصْغرَها، ويَسمعُ أخْفتَ الأصواتِ وأدقَّها ويقضِي لكلِّ ذي حاجةٍ حاجتَه! كلّا ثُمَّ كلّا أَلفُ أَلفِ مَرة، إن مثلَ هذا الجمالِ يَأبَى التَّشوُّهَ ولنْ يكونَ قَبيحًا؛(<ref>نعم، إنَّ انقلابَ الحقائقِ محالٌ بالاتِّفاقِ، وأشدُّ مُحالاتِه هو انقِلابُ الضِّدِّ إلى ضدِّه؛ وضِمنَ عدَمِ إمكانِ انقلابِ الحقائق إلى أضدادِها حَقيقةٌ لا تَقبلُ الضِّدَّ قطعا، وهي انقلابُ الشَّيءِ مع احتفاظِهِ بماهيَّتِه إلى عينِ ضِدِّه، كأن يَنقلبَ الجمالُ المطلقُ مع احتفاظِه بهذا الجمالِ إلى القُبحِ الحقيقيِّ! فتَحوُّلُ جمالِ الربوبيةِ الواضحِ والظاهرِ ظهورا جَليا إلى ضِدِّهِ مع بقائِه على ماهيَّتِه هو أشَدُّ مُحالا وأكثرُ عجبا في أحكامِ العقل. (المؤلف)</ref>)
    Acaba hiç mümkün müdür ki bütün akılları hayrette bırakan şu intizam-ı âlem ve geniş rahmet içinde kusursuz hüsn-ü sanat, misilsiz cemal-i rububiyet; o duaya icabet etmemekle böyle bir çirkinliği, böyle bir merhametsizliği, böyle bir intizamsızlığı kabul etsin? Yani en cüz’î, en ehemmiyetsiz arzuları, sesleri ehemmiyetle işitip îfa etsin, yerine getirsin; en ehemmiyetli, lüzumlu arzuları ehemmiyetsiz görüp işitmesin, anlamasın, yapmasın? Hâşâ ve kellâ, yüz bin defa hâşâ! Böyle bir cemal, böyle bir çirkinliği kabul edip çirkin olamaz '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye-2:''' Evet, inkılab-ı hakaik ittifaken muhaldir. Ve inkılab-ı hakaik içinde muhal-ender muhal, bir zıt kendi zıddına inkılabıdır. Ve bu inkılab-ı ezdad içinde bi’l-bedahe bin derece muhal şudur ki zıt, kendi mahiyetinde kalmakla beraber, kendi zıddının aynı olsun. Mesela, nihayetsiz bir cemal; hakiki cemal iken, hakiki çirkinlik olsun. İşte şu misalimizde meşhud ve kat’iyyü’l-vücud olan bir cemal-i rububiyet, cemal-i rububiyet mahiyetinde daim iken, ayn-ı çirkinlik olsun. İşte dünyada muhal ve bâtıl misallerin en acibidir.</ref>).'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالرسولُ ﷺ إذن يَفتَحُ بعبوديّتِه بابَ الآخِرةِ مثلما فَتحَ برسالتِه بابَ الدنيا.
    '''Demek, Resul-i Ekrem aleyhissalâtü vesselâm, risaletiyle dünyanın kapısını açtığı gibi ubudiyetiyle de âhiretin kapısını açar.'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    عَلَيْهِ صَلَوَاتُ الرَّحْمٰنِ مِلْءَ الدُّنْيَا وَدَارِ الْجِنَانِ
    عَلَيْهِ صَلَوَاتُ الرَّحْمٰنِ مِلْءَ الدُّنْيَا وَدَارِ الْجِنَانِ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    اَللّٰهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلٰى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ذٰلِكَ الْحَبِيبِ الَّذِي هُوَ سَيِّدُ الْكَوْنَيْنِ وَفَخْرُ الْعَالَمَيْنِ وَحَيَاةُ الدّٰارَيْنِ
    اَللّٰهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلٰى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ذٰلِكَ الْحَبِيبِ الَّذِي هُوَ سَيِّدُ الْكَوْنَيْنِ وَفَخْرُ الْعَالَمَيْنِ وَحَيَاةُ الدّٰارَيْنِ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وَوَسِيلَةُ السَّعَادَتَيْنِ وَذُو الْجَنَاحَيْنِ وَرَسُولُ الثَّقَلَيْنِ وَعَلٰى آلِهِ وَصَحْبِهِ اَجْمَعِينَ
    وَوَسِيلَةُ السَّعَادَتَيْنِ وَذُو الْجَنَاحَيْنِ وَرَسُولُ الثَّقَلَيْنِ وَعَلٰى آلِهِ وَصَحْبِهِ اَجْمَعِينَ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وَعَلٰى اِخْوٰانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ آمِينَ
    وَعَلٰى اِخْوٰانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ آمِينَ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الحقيقة السادسة ===
    === '''ALTINCI HAKİKAT''' ===
     
    ''Bab-ı haşmet ve sermediyet olup ism-i Celil ve Bâki cilvesidir.''
    بابُ العظمةِ والسرمدِيةِ وهو تجلِّي اسمِ «الجليلِ» و«الباقِي»
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أمن الممكن لربٍّ جليلٍ يُديرُ الموجوداتِ ويسخِّرُها من الشموسِ إلى الأشجارِ وإلى الذَّراتِ، كأنها جنودٌ مُجنَّدةٌ، أن يَقصُرَ نشرَ سلطانِه على مساكينَ فانينَ يقضونَ حياةً مُؤقتةً في دارِ ضيافَةِ الدنيا هذه، ولا يُنشِئَ مقرًّا ساميا سَرمدِيا ومدارَ رُبوبيَّةٍ جليلةٍ باقِيةٍ له؟!
    Hiç mümkün müdür ki: Bütün mevcudatı güneşlerden, ağaçlardan zerrelere kadar emirber nefer hükmünde teshir ve idare eden bir haşmet-i rububiyet, şu misafirhane-i dünyada muvakkat bir hayat geçiren perişan fâniler üstünde dursun; sermedî, bâki bir daire-i haşmet ve ebedî, âlî bir medar-ı rububiyeti icad etmesin?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إن ما نُشاهِدُه في هذا الكونِ من الإجراءاتِ الجليلةِ الضّخمَةِ أمثالَ تَبدُّلِ المواسِمِ.. ومن التصرَّفاتِ العظيمةِ أمثالَ تَسيِيرِ النجومِ.. ومن التسخيراتِ المُدهِشةِ أمثالَ جَعلِ الأرضِ مِهادا والشَّمسِ سِراجا.. ومن التَّحوُّلاتِ الواسعةِ أمثالَ إحياءِ الأرضِ وتَزيِينِها بعدَ جفافِها وموتِها.. لَيُبيِّنُ لنا بجلاءٍ أن وراءَ الحجابِ رُبوبيّةً جليلةً عَظيمةً تَحكُمُ وتُهَيمِنُ بسلطانِها الجليل؛ فسلطنةُ ربوبيةٍ كهذه تَستَدعِي رعايا يَلِيقُون بها، ومظاهرَ تُناسِبُها.
    Evet, şu kâinatta görünen mevsimlerin değişmesi gibi haşmetli icraat ve seyyaratın tayyare-misal hareketleri gibi azametli harekât ve arzı insana beşik, güneşi halka lamba yapmak gibi dehşetli teshirat ve ölmüş, kurumuş küre-i arzı diriltmek, süslendirmek gibi geniş tahvilat gösteriyor ki perde arkasında böyle muazzam bir rububiyet var, muhteşem bir saltanatla hükmediyor. Böyle bir saltanat-ı rububiyet, kendine lâyık bir raiyet ister ve şayeste bir mazhar ister.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بينما تَرَى أن مَن لهم أفضلُ المزايا وأجمعُها من الرعايا والعبادِ قد اجتمَعوا مؤقتا مَنهُوكين في مَضِيفِ الدنيا، والمَضيفُ نفسُه يُملأُ ويُفرَغُ يوميا، والرعايا لا يلبثون فيه إلّا بمقدارِ أداءِ تَجربةِ مُهِماتِهم في ميدانِ الاِخْتِبارِ هذا، والميدانُ نفسُه يتبدَّلُ كلَّ ساعةٍ؛ فالرَّعايا يَقِفونَ دقائقَ معدودةً لرُؤيةِ ما في معارضِ سُوقِ العالمِ من نَماذجِ الآلاءِ الثّمينَةِ للخالق ذي الجلال، ومُشاهِدِينَ -لأجل التِّجارةِ- بدائعَ صُنعِه سبحانَه في هذا المعرِضِ الهائِلِ، ومن ثَمَّ يَغِيبونَ، والمَعرِضُ نفسُه يَتبدّلُ ويَتغيَّرُ كلَّ دقيقةٍ! فمَن يَرحلُ فلا عَوْدةَ له، والقابلُ راحلٌ؛
    Halbuki görüyorsun, mahiyetçe en câmi’ ve mühim raiyeti ve bendeleri, şu misafirhane-i dünyada perişan bir surette muvakkaten toplanmışlar. Misafirhane ise her gün dolar, boşanır. Hem bütün raiyet, tecrübe-i hizmet için şu meydan-ı imtihanda muvakkaten bulunuyorlar. Meydan ise her saat tebeddül eder. Hem bütün o raiyet, Sâni’-i Zülcelal’in kıymettar ihsanatının numunelerini ve hârika sanat antikalarını çarşı-yı âlem sergilerinde, ticaret nazarında temaşa etmek için şu teşhirgâhta birkaç dakika durup seyrediyorlar; sonra kayboluyorlar. Şu meşher ise her dakika tahavvül ediyor. Giden gelmez, gelen gider.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فهذا الوضعُ يُبَيِّنُ بوضوحٍ وبشكل قاطع أنَّ وراءَ هذا المَضِيفِ الفاني، وخلفَ هذا الميدانِ المتغيِّرِ، وبَعد هذا المعرضِ المتبدِّلِ، قصورا دائمةً تليقُ بالسّلطنةِ السّرمدِيّةِ، ومساكنَ أبديةً ذاتَ جِنانٍ، وخزائنَ مَلْأى بالأصولِ الخالصةِ الراقيةِ للنماذج التي نَراها في الدنيا؛ لذا فالدَّأبُ والسَّعيُ هنا إنما هو لأجل تلك الأصول.. والاستخدامُ هنا لقَبضِ الأجرةِ هناك.. فلكلٍّ حسبَ استعدادِه واجتهادِه سعادةٌ وافِرةٌ إن لم يفقِدها.
    İşte bu hal ve şu vaziyet kat’î gösteriyor ki şu misafirhane ve şu meydan ve şu meşherlerin arkasında, o sermedî saltanata medar ve mazhar olacak daimî saraylar, müstemir meskenler, şu dünyada gördüğümüz numunelerin ve suretlerin en hâlis ve en yüksek asıllarıyla dolu bağ ve hazineleri vardır. Demek burada çabalamak, onlar içindir. Şurada çalıştırır, orada ücret verir. Herkesin istidadına göre –eğer kaybetmezse– orada bir saadeti vardır. '''Evet, öyle sermedî bir saltanat, muhaldir ki şu fâniler ve zâil zeliller üstünde dursun.'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إنه محالٌ أن تظلَّ مثلُ هذه السلطنةِ السرمديةِ مقصورةً على هؤلاء الفانينَ الأَذِلّاءِ..
    Şu hakikate, şu temsil dürbünüyle bak ki: Mesela, sen yolda gidiyorsun, görüyorsun ki yol içinde bir han var. Bir büyük zat o hanı, kendine gelen misafirlerine yapmış. O misafirlerin bir gece tenezzüh ve ibretleri için o hanın tezyinatına milyonlar altınlar sarf ediyor. Hem o misafirler o tezyinattan pek azı ve az bir zamanda bakıp, o nimetlerden pek az bir vakitte, az bir şey tadıp doymadan gidiyorlar. Fakat her misafir kendine mahsus fotoğrafıyla, o handaki şeylerin suretlerini alıyorlar. Hem o büyük zatın hizmetkârları da misafirlerin suret-i muamelelerini gayet dikkat ile alıyorlar ve kaydediyorlar. Hem görüyorsun ki o zat her günde, o kıymettar tezyinatın çoğunu tahrip eder. Yeni gelecek misafirlere, yeni tezyinatı icad eder. Bunu gördükten sonra hiç şüphen kalır mı ki bu yolda bu hanı yapan zatın daimî pek âlî menzilleri hem tükenmez, pek kıymetli hazineleri hem müstemir, pek büyük bir sehaveti vardır. Şu handa gösterdiği ikram ile misafirlerini kendi yanında bulunan şeylere iştihalarını açıyor ve onlara hazırladığı hediyelere rağbetlerini uyandırıyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فانظر إلى هذه الحقيقةِ من خلال منظارِ هذا المثال:
    Aynen onun gibi şu misafirhane-i dünyadaki vaziyeti, sarhoş olmadan dikkat etsen şu dokuz esası anlarsın:
    هب أنَّك تسيرُ في طريق، وتُشاهِدُ أن عليها «فُندُقا فخما» بناهُ ملكٌ عظيمٌ لضيوفِه، وهو يُنفِق مبالغَ طائلةً لتزيينِه وتجميلِه لليلة واحدة كي يُدخِل البهجةَ في قلوب ضيوفِه، ويَعتبرُوا بما يرون؛ بَيد أنَّ أولئكَ الضيوفَ لا يَتفرَّجون إلّا على أقل القليل من تلك التزييناتِ، ولا يَذوقون إلّا أقلَّ القليلِ من تلك النِّعم، حيثُ لا يَلبثونَ إلّا قليلا ومن ثَمَّ يغادرون الفُندُقَ دون أن يَرتَوُوا ويَشبَعُوا، سِوى ما يَلتقِطونَ من صورِ أشياءَ في الفندقِ بما يَملِكون من آلةِ تصويرٍ وكذلك يفعلُ عمالُ صاحبِ الفندقِ وخُدّامُه حيثُ يلتقطون حركاتِ هؤلاء النُّزلاءِ وسَكناتِهم بكل دِقّةٍ وأمانةٍ ويُسجِّلونَها.. فها أنت ذا ترى أنَّ الملكَ يُهدِّمُ يوميا أغلب تلك التزييناتِ النَّفيسَةِ، مُجدِّدا إياها بأخرى جديدةٍ للضيوف الجدُدِ.. أفَبَعد هذا يَبقَى لديك شكٌّ في أنَّ مَن بنى هذا الفندقَ على قارعةِ هذه الطريق يَملِك قصورا دائمةً عاليةً، وله خزائنُ زاخِرةٌ ثمينةٌ لا تنفدُ، وهو ذو سخاءٍ دائمٍ لا ينقطِعُ؛ وأن ما يُبدِيه من الكرم في هذا الفندقِ هو لإثارة شَهيَّةِ ضيوفِه إلى ما عندَه من أشياءَ، ولِتنبِيه رغباتِهم وتحريكِها لما أعدَّ لهم من هدايا؟!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فإن تأمَّلتَ من خلال هذا المثالِ في أحوال فُندُقِ الدنيا هذه، وأنْعَمتَ النظر فيها بِوعْيٍ تامٍ فستفهَم الأسسَ التِّسعةَ الآتية:
    '''Birinci Esas:''' Anlarsın ki o han gibi bu dünya dahi kendi için değil. Kendi kendine de bu sureti alması muhaldir. Belki kafile-i mahlukatın gelip konmak ve göçmek için dolup boşanan, hikmetle yapılmış bir misafirhanesidir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الأساس الأول: أنك سَتفهمُ أنَّ هذه الدنيا أيضًا كهذا الفُندقِ لَيستْ لذاتِها، فمحالٌ    أن تتَّخِذَ لنفسِها بنفسِها هذه الصورةَ والهيئةَ، وإنما هي دارُ ضِيافةٍ تُملأ وتُفرغُ، ومَنزلُ حِلٍّ وتَرحالٍ، أُنشِئَت بحكمةٍ لقافلةِ الموجوداتِ والمخلوقات.
    '''İkinci Esas:''' Hem anlarsın ki şu hanın içinde oturanlar misafirlerdir. Onların Rabb-i Kerîm’i, onları Dârü’s-selâm’a davet eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الأساس الثاني: وستَفهَمُ أن ساكني هذا الفندقِ هم ضُيوفٌ مسافرونَ، وأنَّ ربَّهم الكريمَ يدعوهم إلى دارِ السَّلام.
    '''Üçüncü Esas:''' Hem anlarsın ki şu dünyadaki tezyinat, yalnız telezzüz veya tenezzüh için değil. Çünkü bir zaman lezzet verse, firakıyla birçok zaman elem verir. Sana tattırır, iştihanı açar fakat doyurmaz. Çünkü ya onun ömrü kısa, ya senin ömrün kısadır. Doymaya kâfi değil. Demek kıymeti yüksek, müddeti kısa olan şu tezyinat; ibret içindir '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Evet, madem her şeyin kıymeti ve dekaik-ı sanatı gayet yüksek ve güzel olduğu halde müddeti kısa, ömrü azdır. Demek, o şeyler numunelerdir, başka şeylerin suretleri hükmündedirler. Ve madem müşterilerin nazarlarını, asıllarına çeviriyorlar gibi bir vaziyet vardır. Öyle ise elbette şu dünyadaki o çeşit tezyinat, bir Rahman-ı Rahîm’in rahmetiyle, sevdiği ibadına hazırladığı niam-ı cennetin numuneleridir, denilebilir ve denilir ve öyledir.</ref>)''', şükür içindir, usûl-ü daimîsine teşvik içindir. Başka gayet ulvi gayeler içindir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الأساس الثالث:  وستفهمُ أنَّ التزييناتِ في هذه الدنيا ليست لأجل التَّلذُّذِ والتّمتُّعِ فحسبُ، إذْ لو أذاقَتْكَ اللذةَ ساعةً، أذاقَتكَ الألمَ بفراقها ساعاتٍ وساعاتٍ، فهي تُذيقُكَ مُثيرةً شهيتَك دون أن تُشبِعك، لقِصَر عمرِها أو لقِصَر عمركَ، إذ لا يكفي للشِّبَع.. إذن فهذه الزِّينَة الغاليةُ الثَّمن ِوالقصيرةُ العمرِ هي للعِبرةِ،(<ref>على الرَّغم من أن كلَّ شيء هو دقيقُ الصُّنع، بَديعُِ التّصويرِ، جَميلُ التّركيبِ، غالٍ ونفيسٌ، إلَّا أن عمرَه قصيرٌ، ووجودَه لا يستغرقُ إلّا زمنا يسيرا، فهو إذن نماذجُ وصورٌ لأشياءَ أخرى ليس إلّا.. ولما كان هناكَ وضعٌ يُشعرُ بتوجيهِ الأنظار إلى الحقائق الأصِيلةِ، فلا غرابةَ إذن في أن يقال: إن زينةَ الحياةِ الدنيا ما هي إلّا نماذجُ لِنِعَم الجنَّةِ التي هيَّأها الربُّ الرحِيمُ بفضلِه ولطفِه لمَن أحبَّ من عباده، بل الحقيقةُ هي هذه فعلا. (المؤلف)</ref>) وللشُّكرِ، وللحضِّ على الوصول إلى تَناوُلِ أُصولِها الدائمةِ، ولغاياتٍ أُخرَى سامِيةٍ.
    '''Dördüncü Esas:''' Hem anlarsın ki şu dünyadaki müzeyyenat ise '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Evet, her şeyin vücudunun müteaddid gayeleri ve hayatının müteaddid neticeleri vardır. Ehl-i dalaletin tevehhüm ettikleri gibi dünyaya, nefislerine bakan gayelere münhasır değildir. Tâ abesiyet ve hikmetsizlik içine girebilsin. Belki her şeyin gayat-ı vücudu ve netaic-i hayatı üç kısımdır:  
     
    الأساس الرابع: وستفهمُ أنَّ هذه المزيَّناتِ في الدنيا (<ref>
    نعم، إن لوجودِ كلِّ شيءٍ غاياتٍ، ولحياتِه أهدافا ونتائجَ، فهيَ ليستْ بمُنحصِرة -كما يتوهَّمُ أهل الضلالة- على الغاياتِ والمقاصِد التي تتوجَّهُ إلى الدنيا أو التي تنحصر في الموجودِ نفسِه، حتى يمكنَ أن يتسلَّلَ إليها العبثُ وعَدمُ القصد؛ بل إن غايات وجودِ كلِّ شيءٍ ومقاصدَ حياتِه ثلاثةُ أقسام:
    <br>
    <br>
    '''Birincisi ve en ulvîsi,''' Sâni’ine bakar ki o şeye taktığı hârika-i sanat murassaatını, Şahid-i Ezelî’nin nazarına resmigeçit tarzında arz etmektir ki o nazara bir ân-ı seyyale yaşamak kâfi gelir. Belki vücuda gelmeden bi’l-kuvve niyet hükmünde olan istidadı yine kâfidir. İşte seriü’z-zeval latîf masnuat ve vücuda gelmeyen, yani sümbül vermeyen birer hârika-i sanat olan çekirdekler, tohumlar şu gayeyi bitamamiha verir. Faydasızlık ve abesiyet onlara gelmez. Demek, her şey hayatıyla, vücuduyla Sâni’inin mu’cizat-ı kudretini ve âsâr-ı sanatını teşhir edip Sultan-ı Zülcelal’in nazarına arz etmek, birinci gayesidir.  
    أوَّلُها: وهو أسماها وهو المتوجِّه إلى صانِعِه سبحانَه وتعالى، أي عرضُ دقائقِ صُنع كلِّ شيء وبَديعِ تَرْكيبِهِ أمامَ أنظارِ الشاهِدِ الأزلي سبحانَه -بما يُشبِه الاستعراض الرَّسمِيَّ- حيثُ تكفي لذلك النظرِ حياةُ الشيء ولو للحظةٍ واحدة، بل قد يكفيه استعدادُه لإبراز قُواه الكامنةِ الشَّبيهةِ بِنيَّتِهِ -ولمَّا يَبرزْ إلى الوجودِ-، فالمخلوقاتُ اللطيفةُ التي تَزولُ بسرعةٍ، والبذورُ التي لم يتَسنَّ لها التَّسنبُـل، تفيدُ هذه الغايةَ وتُعبِّر عنها تماما، فلا يَطرأُ عليها عَبثٌ ولا انتفاءُ النفعِ البتة؛ أي إن أُولَى غاياتِ كلِّ شيء هو: إعلانُه وإظهارُه -بحياته ووجوده- معجزاتِ قُدرَةِ صانعِه، وآثارَ صنعتِه، أمامَ نظَرِ مليكِه ذي الجلال.
    <br>
    <br>
    '''İkinci kısım''' gaye-i vücud ve netice-i hayat, zîşuura bakar. Yani her şey, Sâni’-i Zülcelal’in birer mektub-u hakaik-nüma, birer kaside-i letafet-nüma, birer kelime-i hikmet-eda hükmündedir ki melâike ve cin ve hayvanın ve insanın enzarına arz eder, mütalaaya davet eder. Demek, ona bakan her zîşuura, ibret-nüma bir mütalaagâhtır.  
    والقسم الثاني: من غاية الوُجودِ وهَدفِ الحياة هو: التوجُّهُ إلى ذوي الشعورِ، أي إن كلَّ شيء بمثابةِ رسالةٍ ربانِيَّةٍ زاخِرةٍ بالحَقائق، وقصيدةٍ تنضح لُطفا ورقّةً، وكلمةٍ تُفصح عن الحكمَةِ، يَعرضُها البارئُ عز وجل أمامَ أنظارِ الملائكةِ والجنِّ والحيوانِ والإنسانِ، ويَدعوهُم إلى التأمُّل، أي إن كلَّ شيء هو محلُّ مطالعةٍ وتأمُّلٍ وعِبرةٍ لكُل مَن ينظر إليه من ذوي الشعور.
    <br>
    <br>
    '''Üçüncü kısım''' gaye-i vücud ve netice-i hayat, o şeyin nefsine bakar ki telezzüz ve tenezzüh ve beka ve rahatla yaşamak gibi cüz’î neticelerdir. Mesela, azîm bir sefine-i sultaniyede bir hizmetkârın dümencilik ettiğinin gayesi; sefine itibarıyla yüzde birisi kendisine, ücret-i cüz’iyesine ait, doksan dokuzu sultana ait olduğu gibi; her şeyin nefsine ve dünyaya ait gayesi bir ise Sâni’ine ait doksan dokuzdur.  
    القسم الثالث: من غايةِ الوُجودِ وهدفِ الحياةِ هو: التوجُّهُ إلى ذات نفسِه: كالتمتُّع والتلذُّذِ وقضاءِ الحياةِ والبقاءِ فيها بهناءٍ، وغيرِها من المقاصدِ الجزئيَّة، فمثلا: إن نتيجةَ عَملِ الملَّاح في سَفينَةِ السلطانِ العظيمَةِ تعودُ فائدتُها إليه وهي أجرَتُه، وهي بنسبةِ واحدٍ في المِئةِ، بينما تِسعٌ وتسعونَ بالمئة من نتائج عملِه تعودُ إلى السلطان.. وهكذا أمرُ كلِّ شيءٍ إنْ كانت غايتُه المتوجِّهة إلى نفسِه وإلى دنياه واحدةً، فغاياتُه المتوجِّهَة إلى بارئِه سبحانَه هي تِسعٌ وتسعونَ.
    <br>
    <br>
    İşte bu taaddüd-ü gayattandır ki birbirine zıt ve münafî görünen hikmet ve iktisat, cûd ve seha ve bilhassa nihayetsiz seha ile sırr-ı tevfiki şudur ki:  
    ففي تَعدُّدِ الغاياتِ هذا يَكمُنُ سِرُّ التوفيقِ بينَ «الحكمةِ والجودِ» أي بين الاقتِصادِ والسَّخاءِ المُطلقَين اللذَينِ يَبدُوانِ كالضِّدَّين والنقيضَين؛ وتوضيح ذلك: إذا لُوحِظَت غايةٌ بمفردِها فإن الجودَ والسَّخاءَ يسودان آنذاك، ويتَجلَّى اسمُ «الجوَادِ»، فالثمارُ والحبوبُ حسَبَ تلك الغايةِ المُفردةِ الملحوظةِ لا تعدُّ ولا تحصَى؛ أي إنها تُفيدُ جودا مُطلَقا وسخاءً لا حصْرَ له، أمَّا إذا لوحِظت الغاياتُ كلُّها فإن الحكمةَ هي التي تَظهرُ وتُهيْمِنُ، ويتَجلَّى اسمُ «الحكيم»، فتكون الحِكَمُ والغاياتُ المُتوخّاةُ من ثَمَرةٍ لشجرةٍ واحدةٍ بعدَدِ ثمارِ تلك الشجَرة، فتتوزَّعُ هذه الغاياتُ على الأقسام الثلاثةِ التي سبقَ ذكرها.. فهذه الغاياتُ العامَّةُ تشيرُ إلى حكمةٍ غيرِ نهائيةٍ، واقتصادٍ غير مُـحدَّد، فتَجتمِعُ الحكمةُ المطلقةُ مع الجود المطلقِ اللذانِ يبدوَانِ كالضِّدَين.
    <br>
    <br>
    Birer gaye nokta-i nazarında cûd ve seha hükmeder, ism-i Cevvad tecelli eder. Meyveler, hubublar, o tek gaye nokta-i nazarında bigayr-ı hisabdır, nihayetsiz cûdu gösteriyor. Fakat umum gayeler nokta-i nazarında, hikmet hükmeder, ism-i Hakîm tecelli eder. Bir ağacın ne kadar meyveleri var, belki her meyvenin o kadar gayeleri vardır ki beyan ettiğimiz üç kısma tefrik edilir.
    ومثلا: إن إحدَى الغاياتِ من الجيش هي المحافَظةُ على الأمنِ والنِّظام، فإذا نَظرتَ إلى الجيش
    <br>
    <br>
    Şu umum gayeler, nihayetsiz bir hikmeti ve iktisadı gösteriyor. Zıt gibi görünen nihayetsiz hikmet, nihayetsiz cûd ile seha ile içtima ediyor. Mesela, asker ordusunun bir gayesi, temin-i asayiştir. Bu gayeye göre ne kadar asker istersen var ve hem pek fazladır. Fakat hıfz-ı hudut ve mücahede-i a’da gibi sair vazifeler için bu mevcud ancak kâfi gelir, kemal-i hikmetle muvazenededir. İşte hükûmetin hikmeti, haşmet ile içtima ediyor. O halde, o askerlikte fazlalık yoktur, denilebilir.</ref>)''' cennette ehl-i iman için rahmet-i Rahman’la iddihar olunan nimetlerin numuneleri, suretleri hükmündedir.
    بهذا المنظارِ فَسَترى أن هناك عددا فوقَ المطلوب منه، أما إذا نظرنا إليه معَ أخذِنا الغاياتِ الأخرى بنَظرِ الاعتبارِ كحِفظِ الحدُودِ، ومجاهَدَةِ الأعداءِ وغيرِها، عند ذلك نَرى أنَّ العدَدَ بالكادِ يفي بالحد المطلوب.. فهو متوازنٌ بكمال الحكمةِ، إذ تَجتمِعُ حكمةُ الحكومةِ مع عظمتِها؛ وهكذا يُمكن القولُ في هذه الحالةِ: إن الجيشَ ليسَ فوقَ الحدِّ المطلوب. (المؤلف)
    </div>
    </ref>) بمثابةِ صُوَرٍ ونماذِجَ للنِّعمِ المدَّخرَة للمؤمنين في الجنة من لَدُنِ الرحمةِ الإلهيةِ.
     
    الأساس الخامس:  وسَتفهَمُ أنَّ هذه المصنوعاتِ الفانيةَ ليستْ للفناءِ، ولم تُخلق لتُشاهَدَ حِينًا ثم تَذْهبَ هَباءً، وإنما اجتَمعَتْ هنا، وأخذتْ مكانَها المطلوبَ لفترةٍ قَصيرةٍ كي تُلتَقَطَ صوَرُها، وتُفهَمَ معانِيَها، وتُدوَّنَ نَتائِجُها، ولِتُنسَجَ لأهل الخلودِ مناظرُ أبديَّةٌ دائِمةٌ ولتكونَ مَدارًا لغاياتٍ أخرى في عالَمِ البَقاءِ.
     
    والدَّليلُ على أن الأشياءَ لم تُخلقْ للفناءِ بل لِلبَقاءِ، بل إن فناءَها الظاهريَّ ليس إلّا إطلاقًا لسَراحِها بَعدَما أنهت مَهامَّها، هو أن الشيءَ يفنَى من جهةٍ إلّا أنَّه يَبقَى من جهاتٍ كثيرةٍ، فمثلًا:
     
    تأمَّل في هذه الزَّهرَةِ -وهي كلمةٌ من كلماتِ القُدرَةِ الإلهيةِ- إنها تَنظرُ إلينا مُبتسِمةً لنا لفترةٍ قَصيرةٍ، ثم تَختفِي وراءَ سِتارِ الفَناءِ، فهي كالكلمةِ التي نتَفوَّهُ بها، التي تُودِعُ آلافا من مثيلاتِها في الآذان وتُبقِي مَعانِيها في الأذهانِ بعدَدِ العقولِ المنصِتَةِ لها، وتَمْـضِي بعد أن أدَّت وظِيفَتَها، وهي إفادةُ المعنى؛ فالزهرةُ أيضا تَرحَلُ بعد أن تُودِعَ في ذاكرَةِ كلِّ من شاهَدَها صُورتَها الظاهِرةَ، وبعد أن تُودِعَ في بُذيراتِها ماهِيَّتَها المعنويّةَ، فكأن كلَّ ذاكِرةٍ وكلَّ بِذرةٍ بمثابةِ آلةِ تَصويرٍ لحفظِ جمالِها وصورتِها وزينتِها، ومَـحَلٍّ لإدامَةِ بقائِها.
     
    فلئن كان هذا المصنوعُ الذي هو في أدنَى مراتبِ الحياةِ يُعامَلُ مثلَ هذه المعاملةِ للبقاءِ، فما بالُكَ بالإنسانِ الذي هو في أسْمَى طبقاتِ الحياةِ، والذي يَملِكُ رُوحا باقيةً، ألا يكونُ مُرتبِطا بالبقاءِ والخلودِ؟ ولئن كانت صورةُ النباتِ المُزهِرِ المُثمِرِ، وقانونُ تركيبِه -الشبيهُ جُزئيا بالرُّوح- باقيةً ومَحفوظةً في بُذيراتِها بكلِّ انتظام، في خِضمِّ التقلُّباتِ الكثيرة، أفَلا يُفهمُ كم تكونُ روحُ الإنْسانِ باقيةً، وكم تكونُ مشدودةً مع الخلود، علما أنَّها قانونٌ أمرِيٌ نُورانيٌّ، ذاتُ شُعورٍ، تملكُ ماهِيةً راقيةً، وذاتُ حياةٍ، وذاتُ خَصائِصَ جامعةٍ شامِلةٍ، وقد أُلبِسَت وُجُودا خارجِيًّا؟!


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الأساس السادس: وستفهم أن الإنسانَ لم يُتركْ حَبلُه على غاربه، ولم يُترك طلِيقا ليرتعَ أينما يُريدُ، بل تُسجَّلُ جميعُ أعمالِه وتُلتقَطُ صوَرُها، وتدوَّنُ جميعُ أفعالِه ليُحاسَبَ عليها.
    '''Beşinci Esas:''' Hem anlarsın ki şu fâni masnuat fena için değil, bir parça görünüp mahvolmak için yaratılmamışlar. Belki vücudda kısa bir zaman toplanıp, matlub bir vaziyet alıp tâ suretleri alınsın, timsalleri tutulsun, manaları bilinsin, neticeleri zapt edilsin. Mesela, ehl-i ebed için daimî manzaralar nescedilsin. Hem âlem-i bekada başka gayelere medar olsun.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الأساس السابع:  وسَتفهمُ أن الموت والاندِثارَ الذي يُصيبُ في الخريفِ مَخلوقاتِ الرَّبيعِ والصيفِ الجَميلةَ، ليس فَناءً وإعدامًا، وإنما هو إعفاءٌ من وظائفِها بعد إكمالهِا وإيفائِها، وتَسريحٌ منها،(<ref>
    Eşya beka için yaratıldığını, fena için olmadığını belki sureten fena ise de tamam-ı vazife ve terhis olduğu bununla anlaşılıyor ki fâni bir şey, bir cihetle fenaya gider, çok cihetlerle bâki kalır.
    نعم، لا بدَّ من زوالِ الثِّمار والأزهار والأوراق المحمولةِ على أغصانِ ورؤوسِ الأشجارِ -التي هي خزينةُ الأرزاقِ للرحمة الإلهية- بعد أن أدت وظيفَتها وهَرِمَت، كيلا يُوصَد البابُ أمام ما يَسيـلُ وراءَها ويخلُفها، وإلّا صارت سَدًّا منيعا أمام سعةِ الرحمةِ وحائلا أمام مهامِّ أخواتِها، فضلا عن أنها هي نفسُها تذوي وتذبُل بزوال شبابِها؛ وهكذا، فالربيعُ أشبهُ بتلك الشجرةِ المثمرة، المُظهرة للحشر، وعالمُ الإنسان -في كلِّ عصر- هو شجرةٌ مثمِرة ذاتُ حكمةٍ وعبرة، والأرض جميعًا شجرةُ قُدرةٍ بديعةٍ والدنيا كذلك شَجرةٌ رائعةٌ ترسلُ ثمارَها إلى سوقِ الآخرة. (المؤلف)
    </div>
    </ref>) وهو إفساحُ مَجالٍ وتَخليةُ مكانٍ لما سَيأتي في الربيعِ الجدِيدِ من مخلوقاتٍ جديدة؛ وهو تَهيُّـؤٌ وتَهيِئَةٌ لما سَيحُلُّ من الموجوداتِ المأمورةِ الجديدةِ، وهو تنبيهٌ ربانيٌّ لِذوِي المشاعرِ الذينَ أنسَتْهُم الغفلةُ مَهامَّهُم، ومنَعَهُمُ السُّكْرُ عنِ الشُّكْرِ.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الأساس الثامن:  وستفهمُ أنَّ الصانِعَ السرمديَّ لهذا العالم الفاني له عالمٌ غيرُ هذا، وهو عالمٌ باقٍ خالدٌ، ويُشوِّقُ عبادَه إليه، ويسوقُهم إليه.
    Mesela, kudret kelimelerinden olan şu çiçeğe bak ki kısa bir zamanda o çiçek tebessüm edip bize bakar, der-akab fena perdesinde saklanır. Fakat senin ağzından çıkan kelime gibi o gider fakat binler misallerini kulaklara tevdi eder. Dinleyen akıllar adedince, manalarını akıllarda ibka eder. Çünkü vazifesi olan ifade-i mana bittikten sonra kendisi gider fakat onu gören her şeyin hâfızasında zâhirî suretini ve her bir tohumunda manevî mahiyetini bırakıp öyle gidiyor. Güya her hâfıza ile her tohum, hıfz-ı ziyneti için birer fotoğraf ve devam-ı bekası için birer menzildirler.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الأساس التاسع:  وستفهم أن الرحمنَ الرحيمَ جلَّ جلالُه سوف يُكرِم في ذلك العالم الفسيحِ عبادَه المخلِصِين بما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطرَ على قلب بشر.. آمنا.
    En basit mertebe-i hayatta olan masnû böyle ise en yüksek tabaka-i hayatta ve ervah-ı bâkiye sahibi olan insan, ne kadar beka ile alâkadar olduğu anlaşılır. Çiçekli ve meyveli koca nebatatın bir parça ruha benzeyen her birinin kanun-u teşekkülatı, timsal-i sureti; zerrecikler gibi tohumlarda kemal-i intizamla, dağdağalı inkılablar içinde ibka ve muhafaza edilmesiyle, gayet cem’iyetli ve yüksek bir mahiyete mâlik, haricî bir vücud giydirilmiş, zîşuur, nurani bir kanun-u emrî olan ruh-u beşer; ne derece beka ile merbut ve alâkadar olduğu anlaşılır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الحقيقة السابعة ===
    '''Altıncı Esas:''' Hem anlarsın ki insan, ipi boğazına sarılıp istediği yerde otlamak için başıboş bırakılmamıştır. Belki bütün amellerinin suretleri alınıp yazılır ve bütün fiillerinin neticeleri muhasebe için zapt edilir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بابُ الحفظِ والحفيظيَّةِ وهو تجلي اسمِ «الحفيظِ» و«الرَّقيبِ»
    '''Yedinci Esas:''' Hem anlarsın ki güz mevsiminde yaz, bahar âleminin güzel mahlukatının tahribatı, idam değil. Belki vazifelerinin tamamıyla terhisatıdır '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Evet, rahmetin erzak hazinelerinden olan bir şecerenin uçlarında ve dallarının başlarındaki meyveler, çiçekler, yapraklar ihtiyar olup vazifelerinin hitama ermesiyle gitmelidirler. Tâ arkalarından akıp gelenlere kapı kapanmasın. Yoksa rahmetin vüs’atine ve sair ihvanlarının hizmetine set çekilir. Hem kendileri, gençlik zevaliyle hem zelil hem perişan olurlar.
    <br>
    İşte bahar dahi mahşer-nüma bir meyvedar ağaçtır. Her asırdaki insan âlemi, ibret-nüma bir şeceredir. Arz dahi mahşer-i acayip bir şecere-i kudrettir. Hattâ dünya dahi meyveleri âhiret pazarına gönderilen bir şecere-i hayret-nümadır.</ref>)'''. Hem yeni baharda gelecek mahlukata yer boşaltmak için tefrîgattır ve yeni vazifedarlar gelip konacak ve vazifedar mevcudatın gelmesine yer hazırlamaktır ve ihzarattır. Hem zîşuura vazifesini unutturan gafletten ve şükrünü unutturan sarhoşluktan ikazat-ı Sübhaniyedir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أمن الممكن لحفيظ ورقيبٍ يَحفَظُ بانتظام وميزان ما في السماء والأرض، وما في البَرِّ والبحرِ من رَطْبٍ ويابِس، فلا يُغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلّا أحصاها، أن لا يُحافِظَ ولا يُراقبَ أعمالَ الإنسانِ الذي يملك فطرةً سامِيةً، ويَشغَلُ رتبةَ الخلافةِ في الأرض، ويحملُ مهمّةَ الأمانةِ الكبرى؟! فهل يمكن أن لا يحافظَ على أفعاله التي تَمَسُّ الربوبيةَ العامةَ؟ ولا يَفرِزُها بالمُحاسَبة؟ ولا يَزِنَها بميزانِ العدالةِ؟ ولا يُجازِي فاعلَها بما يليقُ به من ثوابٍ وعقاب؟! تعالى الله عن ذلك عُلوًّا كبيرا.
    '''Sekizinci Esas:''' Hem anlarsın ki şu fâni âlemin sermedî Sâni’i için başka ve bâki bir âlemi var ki ibadını oraya sevk ve ona teşvik eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن الذي يُدير أمرَ هذا الكونِ يُحافِظ على كل شيء فيه ضمنَ نظامٍ وميزانٍ، والنِّظامُ والميزانُ هما مَظهرانِ من مظاهرِ العلم والحِكمَة مع الإرادَةِ والقُدرةِ، لأننا نُشاهِد أن أيّ مصنوع كان لم يُخلقْ ولا يُخلقُ إلّا في غايةِ الانتِظامِ والميزانِ، وأن الصُّوَرَ التي يُغيِّرُها طَوالَ حياتِه في انتظام دقيق، كما أن مجموعَها أيضا ضمن نظامٍ مُتقَنٍ مُحكَمٍ؛
    '''Dokuzuncu Esas:''' Hem anlarsın ki öyle bir Rahman, öyle bir âlemde, öyle has ibadına öyle ikramlar edecek; ne göz görmüş, ne kulak işitmiş, ne kalb-i beşere hutur etmiştir. Âmennâ…
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ونرى أيضا أن الحفيظَ ذا الجلالِ يَـحفَظُ صُوَرَ كلِّ شيءٍ حالما يختِم عُمُرَه مع انتهاء وظيفتِه ويرحلُ من عالم الشهادة، يحفَظُها سبحانه في الأذهان التي هي أشبهُ ما تكونُ بالألواح المحفوظةِ(<ref>انظر حاشيةَ الصورةِ السّابعةِ. (المؤلف)</ref>) وفي ما يُشبِهُ مرايا مثاليَّةً، فيكتُبُ معظمَ تاريخ حياته في بذوره ويَنقشُه نقشا في ثماره، فيُدِيمُ حياتَه ويحفظُها في مرايا ظاهرةٍ وباطنةٍ.. فذاكرةُ البَشَر، وثَمرُ الشجرِ، ونواةُ الثَّمَر، وبِذرُ الزَّهْرِ.. كلُّ ذلك يُبيِّن عظمةَ إحاطةِ الحفيظيّةِ.
    === '''YEDİNCİ HAKİKAT''' ===
    ''Bab-ı hıfz ve hafîziyet olup ism-i Hafîz ve Rakib’in cilvesidir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ألا ترى كيف يُحافَظ على كل شيء مُزهِر ومُثمرٍ في الربيع الشاسِع العظيمِ، وكيف يُحافَظ على جميع صَحائفِ أعمالِه الخاصَّةِ به، وعلى جميع قَوانينِ تركيبِه ونماذِج صُوَرِه، كتابةً في عَددٍ محدود من البُذيراتِ.. حتى إذا ما أقبلَ الربيعُ تُنشَرُ تلك الصحائفُ وَفق حسابٍ دقيق يناسبها، فيُخرِجُ إلى الوجود ربيعًا هائلا في غايةِ الانتظام والحكمَةِ؟ ألا يُبيِّن هذا مدى نُفوذِ الحفظِ والرَّقابَةِ، ومدى قوة إحاطتهِما الشامِلةِ؟
    Hiç mümkün müdür ki gökte, yerde, karada, denizde; yaş kuru, küçük büyük, âdi âlî her şeyi kemal-i intizam ve mizan içinde muhafaza edip bir türlü muhasebe içinde neticelerini eleyen bir hafîziyet; insan gibi büyük bir fıtratta, hilafet-i kübra gibi bir rütbede, emanet-i kübra gibi büyük vazifesi olan beşerin rububiyet-i âmmeye temas eden amelleri ve fiilleri muhafaza edilmesin, muhasebe eleğinden geçirilmesin, adalet terazisinde tartılmasın, şayeste ceza ve mükâfat çekmesin? Hayır, aslâ!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فلئن كان الحفظُ إلى هذا الحدِّ من الإتقانِ والإحاطةِ فيما لا أهمِّيةَ له وفي أشياءَ مؤقَّتةٍ عاديةٍ، فهل يُعقلُ عدمُ الاحتفاظِ بأعمالِ البشر، التي لها ثمارٌ مهمةٌ في عالَمِ الغيْبِ وعالَمِ الآخرةِ وعالَمِ الأرْواحِ، ولدى الربوبيةِ العامَّةِ؟! فهل يمكن إهمالُها وعدمُ تدوينِها؟ حاشَ لله..
    Evet, şu kâinatı idare eden zat, her şeyi nizam ve mizan içinde muhafaza ediyor. '''Nizam ve mizan ise ilim ile hikmet ve irade ile kudretin tezahürüdür.''' Çünkü görüyoruz her masnû vücudunda, gayet muntazam ve mevzun yaratılıyor. Hem hayatı müddetince değiştirdiği suretler dahi birer intizamlı olduğu halde, heyet-i mecmuası da bir intizam tahtındadır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، يُفهم من تجلي هذه الحفِيظيةِ، وعلى هذه الصُّورةِ الواضحةِ، أن لمالك هذه الموجوداتِ عنايةً بَالِغةً لتَسجيلِ كلِّ شيء وحفظِه، وضَبطِ كلِّ ما يجري في مُلكِه، وله منتهى الرعاية في حاكميَّتِه، ومنتهى العِنايَة في سَلطنة ربوبيتِه، بحيثُ إنه يكتبُ ويَستكتِبُ أدنى حادثةٍ وأهونَ عملٍ مُحتفِظًا بصُوَرِ كلِّ ما يَجرِي في ملكه في مَحافِظَ كثيرةٍ؛
    Zira görüyoruz ki vazifesinin bitmesiyle ömrüne nihayet verilen ve şu âlem-i şehadetten göçüp giden her şeyin Hafîz-i Zülcelal, birçok suretlerini elvah-ı mahfuza hükmünde olan '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Yedinci Suret’in hâşiyesine bak.</ref>)''' hâfızalarda ve bir türlü misalî âyinelerde hıfzedip, ekser tarihçe-i hayatını çekirdeğinde, neticesinde nakşedip yazıyor. Zâhir ve bâtın âyinelerde ibka ediyor. Mesela, beşerin hâfızası, ağacın meyvesi, meyvenin çekirdeği, çiçeğin tohumu, kanun-u hafîziyetin azamet-i ihatasını gösteriyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فهذه المحافظةُ الواسِعةُ الدقيقة تدل على أنه سيُفتَحُ بلا شكٍّ سِجِلٌّ لمحاسبةِ الأعمال، ولا سيَّما لهذا المخلوقِ المكرَّمِ والمعزَّزِ والمفطورِ على مزايا عظيمةٍ، ألا وهو الإنسانُ؛ فلابدَّ أن تدخلَ أعمالُه التي هي عظيمةٌ، وأفعالُه التي هي مُهِمةٌ ضمنَ ميزانٍ حساسٍ ومُحاسبةٍ دقيقةٍ، ولابد أن تُنشرَ صحائفُ أعمالِه.
    Görmüyor musun ki koca baharın hep çiçekli, meyveli bütün mevcudatı ve bunların kendilerine göre bütün sahaif-i a’mali ve teşkilatının kanunları ve suretlerinin timsalleri; mahdud bir miktar tohumcuklar içlerinde yazarak muhafaza ediliyor. İkinci bir baharda, onlara göre bir muhasebe içinde sahife-i amellerini neşredip kemal-i intizam ve hikmet ile koca diğer bir bahar âlemini meydana getirmekle hafîziyetin ne derece kuvvetli ihata ile cereyan ettiğini gösteriyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فيا تُرى هل يقبلُ عقلٌ أنْ يُتركَ هذا الإنسانُ الذي أصبحَ مكرَّمًا بالخلافةِ والأمانةِ، والذي ارتقَى إلى مرتبةِ القائدِ والشاهِدِ على المخلوقاتِ، بتدخُّلِه في شؤون عِبادةِ أغلبِ المخلوقاتِ وتسبيحاتِها، وبإعلانِه الوحدانيةَ في ميادينِ المخلوقات الكثيرةِ، وشهودِه شؤونَ الربوبيةِ الكليَّةِ.. فهل يمكن أن يُتركَ هذا الإنسانُ، يذهَبُ إلى القبر لينامَ هادئًا دون أن يُنبَّهَ ليُسألَ عنْ كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ من أعمالِه، ودون أن يُساقَ إلى المحشرِ ليُحاكَمَ في المحكمةِ الكُبرى؟ كلّا ثم كلّا!
    Acaba geçici, âdi, bekasız, ehemmiyetsiz şeylerde böyle muhafaza edilirse âlem-i gaybda, âlem-i âhirette, âlem-i ervahta rububiyet-i âmmede mühim semere veren beşerin amelleri, hıfz içinde gözetilmek suretiyle ehemmiyetle zapt edilmemesi kabil midir? Hayır ve aslâ!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكيف يمكن أن يذهبَ هذا الإنسانُ إلى العدمِ، وكيف يمكن أن يتوارى في التُّرابِ فيَفلِتَ من يَدِ القدير ذي الجلال الذي تَشهَدُ جميعُ الوقائعِ التي هي معجزاتُ قدرتِه في الأزمِنةِ الغابرةِ على قُدرتِه العظيمةِ لما سَيحدُث من المُمكِنات في الأزمنةِ ((<ref>
    Evet, şu hafîziyetin bu surette tecellisinden anlaşılıyor ki şu mevcudatın Mâlik’i, mülkünde cereyan eden her şeyin inzibatına büyük bir ihtimamı var. Hem hâkimiyet vazifesinde nihayet derecede dikkat eder. Hem rububiyet-i saltanatında gayet ihtimamı gözetir. O derece ki en küçük bir hâdiseyi, en ufak bir hizmeti yazar, yazdırır. Mülkünde cereyan eden her şeyin suretini müteaddid şeylerde hıfzeder.
    إن الماضيَ الممتدَّ منذُ الآن إلى بدءِ الخليقةِ مَليءٌ بالوقائِع والأحداث، فكلُّ يوم ظَهرَ إلى الوجود منه سَطْرٌ، وكلُّ سَنةٍ منه صحيفةٌ، وكلُّ عصرٍ منهُ كتابٌ، رَسَمَه قلمُ القدَرِ، وخطَّتْ فيه يدُ القدرةِ آياتِها المعجزةَ بكل حكمةٍ وانتظام؛ وإن المستقبلَ الذي يمتدُّ من الآن إلى يوم القيامة، وإلى الجنَّةِ، وإلى الأبد، إنما هو ضمنَ الممكناتِ، أي كما أن الماضيَ هو وقائعُ وقَعتْ فعلا، فالمستقبلُ كذلك ممكناتٌ يمكن أن تقعَ فِعلًا.. وإذا قوبِلتْ سِلسلتا هَذيْن الزَّمانيْنِ وكما لا ريبَ في أن الذي خلقَ الأمسَ بما فيه من الموجُوداتِ قادرٌ على خلقِ الغدِ بما سيكونُ فيه من الموجودَاتِ، فلا ريبَ كذلك أن موجوداتِ وخوارقَ الزَّمنِ الماضي الذي هو مَعرِضُ العجائبِ والغرائبِ هي مُعجِزاتُ القديرِ ذي الجلالِ وهي تَشهَدُ شهادةً قاطِعةً على: أنه سبحانَه وتعالى قادرٌ على أن يخلقَ المستَقبلَ كلَّه، وما فيه من الممكناتِ كُلِّها، وأن يَعرِضَ فيه عجائبَه ومعجزاتِه كافةً.<br>
    </div>
    نعم، فكما أن الذي يَقدِرُ على خلق تفاحةٍ واحدةٍ لابدَّ أن يكون قادرًا على خلق تفاحِ العالَمِ جميعًا، بل على إيجاد الربيع الكبير، إذ من لا يَقدِرُ على خلق الربيع لا يمكن أن يخلقَ تفاحةً، لأن تلك التفاحةَ تُنسَجُ في ذلك المصنع؛ ومَن يقدِرُ على خلق تفّاحةٍ واحدةٍ فهو إذن قادرٌ على خلقِ الرّبيعِ، فالتفاحةُ مثالٌ مصغّرٌ للشجرةِ، وللحَديقةِ، بل هي مثالُ الكائناتِ جميعًا؛ والتفاحةُ من حيثُ الصّنعةُ والإتقانُ هي مُعجِزةُ الصنعةِ، حيث تتضمنُ بذورُها تاريخَ حياةِ شجرتِها؛ فالذي يَخلقُها خَلْقًا بديعًا كهذا لا يُعجِزُه شيءٌ مطلقًا.<br>
    وهكذا، فالذي يخلُق اليومَ هو قادرٌ على خلق يومِ القيامةِ، والذي يُـحدِثُ الربيعَ قادرٌ على إحداثِ الحشر، والذي أظهرَ عوالِمَ الماضي وعلَّقها على شريط الزمان -بكلِّ حكمةٍ وانتِظام- لاشك أنه يقدرُ على أن يُظهِرَ عوالمَ أخرى ويُعلِّقها بخيطِ المستقبَلِ، وسيُظهرُها حتما.. وقد أثبتنا بشكل قاطِع في كثير من «الكلمات» ولا سيما في «الكلمةِ الثانيةِ والعِشرينَ» بأن «من لا يخلُقُ كـلَّ شيء لا يقدرُ على خلق شيء، ومن يخلُقُ شيئًا واحدًا يقدِرُ على أن يخلُقَ كلَّ شيء؛ وكذلك لو أحيلَ إيـجادُ الأشياء إلى ذاتٍ واحدةٍ لسَهُلتِ الأشياءُ كـلُّها كالشيء الواحد، ولو أُسنِدَ إلى الأسباب المتعدِّدةِ وإلى الكثرة لأصبحَ إيـجادُ الشيءِ الواحدِ صعبًا بمقدار إيـجادِ الأشياء كلِّها، ويكون مشكِلًا بدرجة الامتِناعِ والمُحالِ».(المؤلف)
    </ref>)) الآتِيَة.. تلك القدرةِ التي تُـحدِثُ الشتاءَ والربيعَ الشبيهَين بالقيامةِ والحشر؟


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولما كان الإنسانُ لا يُحاسَب في هذه الدنيا حسابًا يَستحِقُّه، فلابدَّ أنه سيذهبُ يومًا إلى محكمةٍ كُبرى وسعادةٍ عُظمَى.
    Şu hafîziyet işaret eder ki ehemmiyetli bir muhasebe-i a’mal defteri açılacak ve bilhassa mahiyetçe en büyük en mükerrem en müşerref bir mahluk olan insanın büyük olan amelleri, mühim olan fiilleri; mühim bir hesap ve mizana girecek, sahife-i amelleri neşredilecek.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الحقيقة الثامنة ===
    Acaba hiç kabil midir ki insan, hilafet ve emanetle mükerrem olsun, rububiyetin külliyat-ı şuununa şahit olarak kesret dairelerinde, vahdaniyet-i İlahiyenin dellâllığını ilan etmekle, ekser mevcudatın tesbihat ve ibadetlerine müdahale edip zabitlik ve müşahitlik derecesine çıksın da sonra kabre gidip rahatla yatsın ve uyandırılmasın? Küçük büyük her amellerinden sual edilmesin? Mahşere gidip mahkeme-i kübrayı görmesin? Hayır ve aslâ!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بابُ الوعدِ والوَعيدِ وهو تجلي اسمِ «الجَميل» و«الجَليل»
    Hem bütün gelecek zamanda olan '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Evet, zaman-ı hazırdan tâ iptida-i hilkat-i âleme kadar olan zaman-ı mazi, umumen vukuattır. Vücuda gelmiş her bir günü, her bir senesi, her bir asrı; birer satırdır, birer sahifedir, birer kitaptır ki kalem-i kader ile tersim edilmiştir. Dest-i kudret, mu’cizat-ı âyâtını onlarda kemal-i hikmet ve intizam ile yazmıştır.
    <br>
    Şu zamandan tâ kıyamete tâ cennete tâ ebede kadar olan zaman-ı istikbal, umumen imkânattır. Yani mazi vukuattır, istikbal imkânattır. İşte o iki zamanın iki silsilesi birbirine karşı mukabele edilse nasıl ki dünkü günü halk eden ve o güne mahsus mevcudatı icad eden zat, yarınki günü mevcudatıyla halk etmeye muktedir olduğu hiçbir vecihle şüphe getirmez. Öyle de şüphe yoktur ki şu meydan-ı garaib olan zaman-ı mazinin mevcudatı ve hârikaları, bir Kadîr-i Zülcelal’in mu’cizatıdır. Kat’î şehadet ederler ki o Kadîr, bütün istikbalin bütün mümkinatın icadına, bütün acayibinin izharına muktedirdir.
    <br>
    Evet, nasıl ki bir elmayı halk edecek, elbette dünyada bütün elmaları halk etmeye ve koca baharı icad etmeye muktedir olmak gerektir. Baharı icad etmeyen, bir elmayı icad edemez. Zira o elma o tezgâhta dokunuyor. Bir elmayı icad eden, bir baharı icad edebilir. Bir elma; bir ağacın, belki bir bahçenin, belki bir kâinatın misal-i musağğarıdır. Hem sanat itibarıyla koca ağacın bütün tarih-i hayatını taşıyan elmanın çekirdeği itibarıyla öyle bir hârika-i sanattır ki onu öylece icad eden, hiçbir şeyden âciz kalmaz.
    <br>
    Öyle de bugünü halk eden, kıyamet gününü halk edebilir ve baharı icad edecek, haşrin icadına muktedir bir zat olabilir. Zaman-ı mazinin bütün âlemlerini zamanın şeridine kemal-i hikmet ve intizam ile takıp gösteren, elbette istikbal şeridine dahi başka kâinatı takıp gösterebilir ve gösterecektir.
    <br>
    Kaç Sözlerde, bilhassa Yirmi İkinci Söz’de gayet kat’î ispat etmişiz ki her şeyi yapamayan hiçbir şeyi yapamaz ve bir tek şeyi halk eden, her şeyi yapabilir. Hem eşyanın icadı bir tek zata verilse bütün eşya bir tek şey gibi kolay olur ve suhulet peyda eder. Eğer müteaddid esbaba verilse ve kesrete isnad edilse bir tek şeyin icadı, bütün eşyanın icadı kadar müşkülatlı olur ve imtina derecesinde suubet peyda eder.</ref>)''' mümkinata kādir olduğuna, bütün geçmiş zamandaki mu’cizat-ı kudreti olan vukuatı şehadet eden ve kıyamet ve haşre pek benzeyen kış ile baharı her vakit bilmüşahede icad eden bir Kadîr-i Zülcelal’den, insan nasıl ademe gidip kaçabilir, toprağa girip saklanabilir?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أمن الممكن لمُبدِع هذه الموجوداتِ وهو العليمُ المطلَقُ والقديرُ المطلقُ ألّا يُوفيَ بما أخبرَ به مكرَّرًا الأنبياءُ عليهمُ السلام كافةً بالتواتر من وعدٍ ووَعيدٍ، وشَهِدَ به الصِّدِّيقونَ والأولياءُ كافَّةً بالإجماع، مُظهرًا عجزا وجهلا بذلك؟ تعالى الله عن ذلك عُلُوا كبيرًا.. علما أن الأمور التي وَعَدَ بها، وأَوْعدَها، ليست عسيرةً على قدرته قطعا، بل هي يسيرةٌ وهيِّنةٌ، وسَهلةٌ كسهولة إعادةِ الموجوداتِ التي لا تُحصى للربيع السابق بذواتِها(<ref>كجُذورِ وأصولِ الأعْشابِ والأشجارِ. (المؤلف)
    Madem bu dünyada ona lâyık muhasebe görülüp hüküm verilmiyor. Elbette bir mahkeme-i kübra, bir saadet-i uzmaya gidecektir.
    </ref>) أو بمثلِها(<ref>كالأوْراقِ والثمارِ. (المؤلف)</ref>) في الربيع المقبلِ..
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أما الوفاءُ بالوَعدِ فكما هو ضَرُوريٌ لنا ولكلِّ شيء، ضرورِيٌ كذلك لسلطنةِ ربوبيَّتِه.. بعكس إخلافِ الوَعدِ فهو مضادٌ لعزة قدرته، ومنافٍ لإحاطة علمِه، حيثُ لا يتأتَّى إخلافُ الوعدِ إلّا من الجهل أو العجز.
    === '''SEKİZİNCİ HAKİKAT''' ===
    ''Bab-ı vaad ve vaîddir. İsm-i Cemil ve Celil’in cilvesidir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فيا أيها المنكرُ.. هل تَعلمُ مدى حماقةِ ما ترتكبُ من جِنايةٍ عُظمَى بكفركَ وإنكاركَ! إنك تُصدِّقُ وهمَكَ الكاذِبَ وعقلَك الهاذيَ ونفسَكَ الخدّاعةَ، وتُكذِّبَ مَن لا يُضطَرُّ إلى إخلافِ الوعدِ، ولا إلى خِلافِه أبدا، بل لا يَليقُ الإخلافُ بعزَّتِه وعَظمتِه قطعًا.. فجَميعُ الأشياءِ وجَميعُ المشهوداتِ تَشهدُ على صدقه وأحقِّيَّتِه! إنك ترتكبُ إذن جنايةً عظمى لا نهايةَ لها مع صِغَركِ المتناهي، فلا جَرَمَ أنكَ تستحقُّ عقابا عظيما أبديا.. ولقياس عِظَم ما يرتكبُه الكافرُ من جِنايةٍ فقد وَرَدَ أن ضِرسَ بعضِ أهلِ النارِ كالجبَل (<ref>
    Hiç mümkün müdür ki: Alîm-i Mutlak ve Kadîr-i Mutlak olan şu masnuatın Sâni’i, bütün enbiyanın tevatürle haber verdikleri ve bütün sıddıkîn ve evliyanın icma ile şehadet ettikleri mükerrer vaad ve vaîd-i İlahîsini yerine getirmeyip –hâşâ– acz ve cehlini göstersin? Halbuki vaad ve vaîdinde bulunduğu emirler, kudretine hiç ağır gelmez; pek hafif ve pek kolay. Geçmiş baharın hesapsız mevcudatını, gelecek baharda kısmen aynen '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye-1:''' Ağaç ve otların kökleri gibi.</ref>)''' kısmen mislen '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye-2:''' Yapraklar, meyveler gibi.</ref>)''' iadesi kadar kolaydır.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إنّ ضرسَ الكافرِ أو نَاب الكافِر مثل أُحُدٍ وغلظ جِلدِه مسيرة ثلاث»، (مسلم، الجنة 44؛ الترمذي، صفة جهنم 3؛ ابن ماجه، الزهد 38؛ أحمد بن حنبل، المسند 2/26، 328، 334، ).</ref>) .. إن مَثَلَك هو كمثَل ذلك المسافرِ الذي يُغمِضُ عَينَيهِ عن نور الشمسِ ويتبعُ ما في عقلِه من خيال، ثم يريد أن ينوِّرَ طريقَه المُخيفَ بضياء ما في عقله من بَصِيصٍ كَنورِ اليَراعَة!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فما دام اللهُ سبحانَه قد وعَدَ، وهذه الموجوداتُ كلماتُه الصادِقةُ بالحقِّ، وهذه الحوادِثُ في العالم آياتُه الناطقةُ بالصدقِ، فإنه سَيوفي بوعدِه حتمًا، وسيفتحُ محكمةً كبرى، وسَيهَبُ سعادةً عُظمَى.
    Îfa-yı vaad ise hem bize hem her şeye hem kendisine hem saltanat-ı rububiyetine pek çok lâzımdır. Hulfü’l-vaad ise hem izzet-i iktidarına zıttır hem ihata-yı ilmiyesine münafîdir. Zira hulfü’l-vaad, ya cehilden ya aczden gelir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الحقيقة التاسعة ===
    Ey münkir! Bilir misin ki küfür ve inkârın ile ne kadar ahmakça bir cinayet işliyorsun ki kendi yalancı vehmini, hezeyancı aklını, aldatıcı nefsini tasdik edip hiçbir vechile hulf ve hilafa mecburiyeti olmayan ve hiçbir vecihle hilaf, onun izzetine, haysiyetine yakışmayan ve bütün görünen şeyler ve işler, sıdkına ve hakkaniyetine şehadet eden bir zatı tekzip ediyorsun! Nihayetsiz küçüklük içinde nihayetsiz büyük cinayet işliyorsun! Elbette, ebedî büyük cezaya müstahak olursun. Bazı ehl-i cehennemin bir dişi, dağ kadar olması; cinayetinin büyüklüğüne bir mikyas olarak haber verilmiş. Misalin şu yolcuya benzer ki güneşin ziyasından gözünü kapar, kafası içindeki hayaline bakar. Vehmi, bir yıldız böceği gibi kafa fenerinin ışığıyla dehşetli yolunu tenvir etmek istiyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بابُ الإحياءِ والإماتةِ
    Madem şu mevcudat, hak söyleyen sadık kelimeleri; şu hâdisat-ı kâinat, doğru söyleyen nâtık âyetleri olan Cenab-ı Hak vaad etmiş, elbette yapacaktır. Bir mahkeme-i kübra açacaktır, bir saadet-i uzma verecektir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهو تجلي اسمِ «الحيِّ القيُّومِ» و«المحيي» و«المميتِ»
    === '''DOKUZUNCU HAKİKAT''' ===
    ''Bab-ı ihya ve imatedir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أمن الممكن للذي أظهرَ قدرتَه بإحياءِ الأرض الضَّخمةِ بعد موتِها وجفافِها، وبعَثَ أكثرَ من ثلاثِ مئةِ ألفِ نوعٍ من أنواع المخلوقاتِ، مع أنَّ بَعْثَ كلِّ نَوعٍ عجيبٌ كأُعجوبَة بَعْثِ البشر.. والذي أظهرَ إحاطةَ علمِه ضمن ذلك الإحياءِ بتَميِيزِه كلَّ كائنٍ من بين ذلك الامتِزاجِ والتشابُكِ.. والذي وجَّهَ أنظارَ جميعِ عبادِه إلى السعادةِ الأبدية بوعدهِمُ الحشرَ في جميع أوامره السماوِيَّة.. والذي أظهرَ عظمةَ رُبوبيَّتِه بجعلِه الموجوداتِ مُتكاتفةً مُترافِقةً، فأدارَها ضمن أمرِه وإرادتِه، مسخِّرا أفرادَها، مُعاونًا بعضُها بَعضًا.. والذي أَولَى البشرَ الأهميةَ القصوى، بجَعْلِه أجمعَ ثمرةٍ في شجرةِ الكائناتِ، وألطفَها وأشدَّها رِقةً ودَلالًا، وأكثرَها مستجابا للدعاء، مسخِّرا له كلَّ شيء، متخِذا إياه مخاطَبا.. أفَمِنَ الممكن لمثل هذا القديرِ الرحِيمِ ولمثل هذا العليمِ الحكيمِ أن لا يأتي بالقيامة؟ ولا يُحدِثَ الحشرَ ولا يَبعثَ البشرَ، أوْ يَعجِزَ عنه؟ وأنْ يَعجِزَ عن فتحِ أبوابِ المحكَمةِ الكبرى وخلقِ الجنةِ والنار؟! تعالى الله عن ذلكَ عُلُوا كبيرًا.
    ''İsm-i Hayy-ı Kayyum’un, Muhyî ve Mümît’in cilvesidir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن الرب المتصرف في هذا العالم جلّ جلالُه يُحدث في هذه الأرض المؤقتة الضيقة في كل عصر وفي كل سنة وفي كل يوم نماذج وأمثلة كثيرة وإشارات عديدة للحشر الأكبر. فعلى سبيل المثال:
    Hiç mümkün müdür ki: Ölmüş, kurumuş koca arzı ihya eden ve o ihya içinde her biri beşer haşri gibi acib, üç yüz binden ziyade enva-ı mahlukatı haşir ve neşredip kudretini gösteren ve o haşir ve neşir içinde nihayet derecede karışık ve ihtilat içinde, nihayet derecede imtiyaz ve tefrik ile ihata-i ilmiyesini gösteren ve bütün semavî fermanlarıyla beşerin haşrini vaad etmekle bütün ibadının enzarını saadet-i ebediyeye çeviren ve bütün mevcudatı baş başa, omuz omuza, el ele verdirip emir ve iradesi dairesinde döndürüp birbirine yardımcı ve musahhar kılmakla azamet-i rububiyetini gösteren ve beşeri, şecere-i kâinatın en câmi’ ve en nazik ve en nâzenin en nazdar en niyazdar bir meyvesi yaratıp kendine muhatap ittihaz ederek her şeyi ona musahhar kılmakla, insana bu kadar ehemmiyet verdiğini gösteren bir Kadîr-i Rahîm, bir Alîm-i Hakîm, kıyameti getirmesin? Haşri yapmasın ve yapamasın? Beşeri ihya etmesin veya edemesin? Mahkeme-i kübrayı açamasın? Cennet ve cehennemi yaratamasın? Hâşâ ve kellâ!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنه يَحشُرُ في بضعةِ أيام في حشر الربيع ويَبعثُ أكثرَ من ثلاثِ مِئةِ ألفِ نوعٍ من أنواع النباتاتِ والحيواناتِ من صَغيرٍ وكَبيرٍ، فيُحيِي جُذورَ الأشجارِ والأعشابِ، ويعيدُ بعضَ الحيوانات بعينِها كما يعيدُ أمثالَ بعضِها الآخر؛ ومع أن الفروقَ الماديةَ بين البُذيراتِ المتناهيةِ في الصِّغرِ جزئيةٌ جدا، إلّا أنها تُبعثُ وتُحيا بكل تَميُّزٍ وتُشَخَّصُ في منتهى السرعةِ في ستةِ أيامٍ، أو سِتةِ أسابيعَ، وفي منتهى السهولةِ والوَفرةِ، وبانتِظامٍ كامِل وميزانٍ دَقيقٍ، رغمَ اختلاطِها وامتزاجِها.. فهل يصعبُ على مَن يقومُ بمثل هذه الأعمالِ شيءٌ، أو يَعجِزُ عن خلقِ السماواتِ والأرضِ في ستةِ أيام، أو لا يستطيعُ أن يحشُرَ الإنسانَ بصيحةٍ واحدةٍ؟! سُبحانَ الله عما يَصِفونَ.
    Evet, şu âlemin Mutasarrıf-ı Zîşan’ı, her asırda her senede her günde bu dar, muvakkat rûy-i zeminde haşr-i ekberin ve meydan-ı kıyametin pek çok emsalini ve numunelerini ve işaratını icad ediyor. Ezcümle:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فيا تُرى إن كان ثَمَّةَ كاتبٌ ذو خوارقَ يكتب ثلاثَ مِئةِ ألفِ كتابٍ مُسِحَتْ حروفُها ومُسخَتْ، في صحيفة واحدة دونَ اختلاطٍ ولا سهوٍ ولا نَقصٍ، وفي غايةِ الجمالِ، ويكتُبُها جميعًا معا خلال ساعة واحدة، وقيل لك: إن هذا الكاتبَ سيكتُبُ من حفظِه في دقيقة واحدة كتابَك الذي وقعَ في الماء وهو من تأليفِه، فهل يمكنك أن ترُدَّ عليه وتقول: لا يستطيعُ.. لا أصدِّقُ؟!
    Haşr-i baharîde görüyoruz ki beş altı gün zarfında küçük ve büyük hayvanat ve nebatattan üç yüz binden ziyade envaı haşredip neşrediyor. Bütün ağaçların, otların köklerini ve bir kısım hayvanları aynen ihya edip iade ediyor. Başkalarını ayniyet derecesinde bir misliyet suretinde icad ediyor. Halbuki maddeten farkları pek az olan tohumcuklar o kadar karışmışken, kemal-i imtiyaz ve teşhis ile o kadar sürat ve vüs’at ve suhulet içinde kemal-i intizam ve mizan ile altı gün veya altı hafta zarfında ihya ediliyor. Hiç kabil midir ki bu işleri yapan zata bir şey ağır gelebilsin, semavat ve arzı altı günde halk edemesin, insanı bir sayha ile haşredemesin? Hâşâ!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أو أن سلطانًا ذا معجزاتٍ يرفعُ الجبالَ ويَنسِفُها ويغيِّرُ المدنَ بكاملها، ويحوِّلُ البحرَ برًا، بإشارة منه، إِظهارًا لقدرتِه وجعلِها آيةً للناس.. فبينما تَرى منه هذه الأعمالَ إذا بصخرةٍ عظيمةٍ قد تَدحْرجَتْ إلى وادٍ وسدَّتِ الطريقَ على ضيوفِه، وقيل لك: إن هذا السلطانَ سَيُمِيطُ حتمًا تلكَ الصخرةَ أو يحطِّمُها مهما كانت كبيرةً، حيثُ لا يمكنُ أن يدعَ ضيوفَه في الطريق.. كم يكونُ جوابُك هذَيانًا أو جنونًا إذا ما أجبتَه بقولك: لا، لا يستطيعُ أن يفعل؟!
    Acaba mu’ciz-nüma bir kâtip bulunsa, hurufları ya bozulmuş veya mahvolmuş üç yüz bin kitabı, tek bir sahifede karıştırmaksızın, galatsız, sehivsiz, noksansız, hepsini beraber, gayet güzel bir surette bir saatte yazarsa; birisi sana dese: “Şu kâtip kendi telif ettiği senin suya düşmüş olan kitabını, yeniden bir dakika zarfında hâfızasından yazacak.” Sen diyebilir misin ki “Yapamaz ve inanmam.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أو أن قائدًا يُشكِّلُ من جديد جيشًا عظيمًا في يوم واحد، وقِيلَ لك: إن هذا سيَجمعُ أفرادَ تلك الفرقِ وسيَنضَوِي تحت لوائه أولئك الذين سُرِّحوا وتفرَّقوا، بنفخةٍ من بوقٍ، فأجبتَه: لا، لا أُصدِّقُ! عندها تفهم أن جوابَكَ هذا يُنبِئُ عن تصرفٍ جُنوني، أيّ جنونٍ!!
    Veyahut bir sultan-ı mu’cizekâr, kendi iktidarını göstermek için veya ibret ve tenezzüh için bir işaretle dağları kaldırır, memleketleri tebdil eder, denizi karaya çevirdiğini gördüğün halde; sonra görsen ki büyük bir taş dereye yuvarlanmış, o zatın kendi ziyafetine davet ettiği misafirlerin yolunu kesmiş, geçemiyorlar. Biri sana dese: “O zat, bir işaretle o taşı, ne kadar büyük olursa olsun kaldıracak veya dağıtacak, misafirlerini yolda bırakmayacak.” Sen desen ki: “Kaldırmaz veya kaldıramaz.”
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فإذا فهِمتَ هذه الأمثلةَ الثلاثةَ فتأمل في ذلِكمُ البارِئِ المصَوِّرِ سبحانَه وتعالى، الذي يكتبُ أمامَ أنظارنا بأحسنِ صورةٍ وأتمِّها بقلم القُدرَةِ والقَدرِ أكثرَ من ثلاثِ مِئةِ ألفِ نوعٍ من الأنواع على صحيفةِ الأرض، مُبدِّلا صحيفةَ الشتاءِ البَيضاءِ إلى الصَّحيفةِ الخضراءِ للربيعِ والصَّيفِ، يكتبُها متداخلةً دونَ اختلاطٍ، يكتبُها معا دون مزاحمةٍ ولا التباسٍ، رغم تباين بعضِها مع البعض الآخرِ في التركيب والشكل، فلا يكتبُ خطأً مطلقًا.
    Veyahut bir zat bir günde, yeniden büyük bir orduyu teşkil ettiği halde biri dese: “O zat bir boru sesiyle, efradı istirahat için dağılmış olan taburları toplar. Taburlar, nizamı altına girerler.” Sen desen ki: “İnanmam.” Ne kadar divanece hareket ettiğini anlarsın.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أفَيمكن أن يُسألَ الحفيظُ الحكيمُ الذي أدرج خُطةَ روحِ الشجرةِ الضَّخمةِ ومنهاجَها في بِذرَةٍ متناهيةٍ في الصغر محافظًا عليها، كيف سَيحافِظُ على أرواح الأموات؟.
    İşte şu üç temsili fehmettin ise bak: Nakkaş-ı Ezelî, gözümüzün önünde kışın beyaz sahifesini çevirip, bahar ve yaz yeşil yaprağını açıp, rûy-i arzın sahifesinde üç yüz binden ziyade envaı, kudret ve kader kalemiyle ahsen-i suret üzere yazar. Birbiri içinde birbirine karışmaz; beraber yazar, birbirine mani olmaz. Teşkilce, suretçe birbirinden ayrı, hiç şaşırtmaz, yanlış yazmaz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أم هل يمكن أن يُسألَ القديرُ ذو الجلالِ الذي يُجري الأرضَ في دَورَتِها بسرعةٍ فائقةٍ، كيفَ سيُزِيلُها من طريقِ الضيوفِ المسافرين إلى الآخرةِ، وكيف سيُدمِّرُها؟
    Evet, en büyük bir ağacın ruh programını bir nokta gibi en küçük bir çekirdekte dercedip muhafaza eden Zat-ı Hakîm-i Hafîz, vefat edenlerin ruhlarını nasıl muhafaza eder denilir mi?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أم هل يمكن أن يُسألَ ذو الجلالِ والإكرامِ الذي أوجدَ الذراتِ من العدم ونسَّقَها بأمر  ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾  في أجساد جنودِ الأحياءِ، فأنشأ منها الجيوشَ الهائلةَ، كيف سيَجمعُ بصيحةٍ واحدةٍ تلك الذراتِ الأساسيةَ التي تعارَفتْ فيما بينها، وتلك الأجزاءَ الأساسِيّةَ التي انضوَتْ تحت لواءِ فِرقَةِ الجسدِ ونظامِه؟
    Ve küre-i arzı bir sapan taşı gibi çeviren Zat-ı Kadîr, âhirete giden misafirlerinin yolunda nasıl bu arzı kaldıracak veya dağıtacak, denilir mi?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فها أنت ذا ترى بعينَيكَ كم من نماذجَ وأمثلةٍ وأماراتٍ للحشر شبيهةً بحشر الربيع، قد أبدعَها البارئُ سبحانه وتعالى في كل موسمٍ، وفي كل عصر، حتى إن تبديلَ اللَّيلِ والنَّهارِ، وإنشاءَ السحابِ الثِّقالِ وإفناءَها من الجوِّ، نماذجُ للحشر وأمثلةٌ وأماراتٌ عليهِ.
    Hem hiçten, yeniden bütün zîhayatın ordularını, bütün cesetlerinin taburlarında kemal-i intizamla zerratı emr-i كُنْ فَيَكُونُ ile kaydedip yerleştiren, ordular icad eden Zat-ı Zülcelal; tabur-misal cesedin nizamı altına girmekle birbiriyle tanışan zerrat-ı esasiye ve ecza-yı asliyesini bir sayha ile nasıl toplayabilir, denilir mi?
    وإذا تصوَّرتَ نفسك قبل ألفِ سنةٍ مثلا، وقابلتَ بين جناحَي الزَّمانِ الماضِي والمستَقبلِ، ترى أمثلةَ الحشرِ والقيامةِ ونماذجَها بعدد العصور والأيام؛ فلو ذهبتَ إلى استبعادِ الحشرِ الجسماني وبَعثِ الأجسادِ متوهمًا أنه بعيدٌ عن العقل، بعد ما شاهَدتَ هذا العددَ الهائل من الأمثلة والنماذج، فستعلمُ أنت كذلك مدى حماقةِ من ينكرُ الحشرَ.
    </div>
    تأمل ماذا يقول الدستورُ الأعظَمُ حولَ هذه الحقيقةِ:


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فَانْظُرْ اِلٰٓى آثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ (الروم:50).
    Hem bu bahar haşrine benzeyen, dünyanın her devrinde, her asrında, hattâ gece gündüzün tebdilinde, hattâ cevv-i havada bulutların icad ve ifnasında haşre numune ve misal ve emare olacak ne kadar nakışlar yaptığını gözünle görüyorsun. Hattâ eğer hayalen bin sene evvel kendini farz etsen, sonra zamanın iki cenahı olan mazi ile müstakbeli birbirine karşılaştırsan; asırlar, günler adedince misal-i haşir ve kıyametin numunelerini göreceksin. Sonra bu kadar numune ve misalleri müşahede ettiğin halde, haşr-i cismanîyi akıldan uzak görüp istib’ad etmekle inkâr etsen, ne kadar divanelik olduğunu sen de anlarsın. Bak, Ferman-ı A’zam, bahsettiğimiz hakikate dair ne diyor:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الخلاصة:  لا شيءَ يحُولُ دون حدوثِ الحشرِ، بل كلُّ شيء يقتضِيه ويستدعِيه..
    فَانْظُرْ اِلٰٓى آثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن الذي يُحيِي هذه الأرضَ الهائلةَ -وهي مَعرِضُ العجائبِ- ويميتُها كأدنى حيوانٍ، والذي جعلَها مهدًا مُريحا وسفينةً جميلةً للإنسان والحيوان، وجعلَ الشمسَ ضياءً وموقِدا لهذا المضيف، وجعل الكواكبَ السيّارةَ والنجومَ اللامِعةَ مساكنَ طائراتٍ للملائكة.. إن ربوبيةً خالدةً جليلةً إلى هذا الحدِّ، وحاكميةً محيطةً عَظِيمةً إلى هذه الدرجةِ، لا تَستقِران ولا تَنحصِرانِ في أمورِ الدنيا الفانيةِ الزائِلةِ الواهيةِ السَّيالَةِ التافِهةِ المتغَيرةِ..
    '''Elhasıl:''' Haşre mani hiçbir şey yoktur. Muktezî ise her şeydir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فلابدَّ أن هناك دارًا أخرى باقيةً، دائِمةً، جَليلةً، عظِيمةً، مُستقِرةً، تليقُ به سبحانَه فهو يسوقُنا إلى السعي الدائبِ لأجل تلك الممالِكِ والديارِ ويدعونا إليه ويَنقُلُنا إلى هناك.. يَشهَد على هذا أصحابُ الأرواحِ النيِّرَةِ، وأقطابُ القلوبِ المنوَّرةِ، وأربابُ العقولِ النُّورانِيةِ، الذين نَفَذُوا من الظاهر إلى الحقيقة، والذين نالوا شرفَ التقرب إليه سبحانه، فهم يُبلِّغونَنا متفقِين أنه سبحانه قد أعدَّ ثوابا وجزاءً، وأنه يَعِد وعدا قاطعا، ويوعِدُ وعيدا جازمًا.
    Evet, mahşer-i acayip olan şu koca arzı, âdi bir hayvan gibi imate ve ihya eden ve beşer ve hayvana hoş bir beşik, güzel bir gemi yapan ve güneşi onlara şu misafirhanede ışık verici ve ısındırıcı bir lamba eden, seyyaratı meleklerine tayyare yapan bir zatın, bu derece muhteşem ve sermedî rububiyeti ve bu derece muazzam ve muhit hâkimiyeti; elbette yalnız böyle geçici, devamsız, bîkarar, ehemmiyetsiz, mütegayyir, bekasız, nâkıs, tekemmülsüz umûr-u dünya üzerinde kurulmaz ve durmaz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فإخلافُ الوعد لا يمكن أن يَدنوَ إلى جلاله المقدَّسِ، لأنه ذلّةٌ وتذَللٌ، وأما إخلافُ الوعيد فهو ناشئٌ من العفو أو العجزِ؛ والحال أن الكفرَ جنايةٌ مطلقةٌ (<ref>
    Demek, ona şayeste, daimî, berkarar, zevalsiz, muhteşem bir diyar-ı âher var. Başka bâki bir memleketi vardır. Bizi onun için çalıştırır. Oraya davet eder ve oraya nakledeceğine; zâhirden hakikate geçen ve kurb-u huzuruna müşerref olan bütün ervah-ı neyyire ashabı, bütün kulûb-ü münevvere aktabı, bütün ukûl-ü nuraniye erbabı şehadet ediyorlar. Ve bir mükâfat ve mücazat ihzar ettiğini müttefikan haber veriyorlar. Ve mükerreren pek kuvvetli vaad ve pek şiddetli tehdit eder, naklederler.
    نعم إن الكفرَ إهانةٌ وتَحقيرٌ للكائناتِ جميعًا، حيثُ يتهمُها بالعبثية وانتفاءِ النفع؛ وهو تزييفٌ تجاهَ أسماءِ الله الحسنى، لأنه ينكرُ تجلي تلك الأسماء على مرايا الموجوداتِ؛ وهو تكذيبٌ للمخلوقات جميعا حيثُ يردُّ شهادةَ الموجوداتِ على الوحدانيةِ.. لذا فإنه يُفسِدُ قُوَى الإنسانِ واستعداداتِه إلى درجةٍ يسلبُ منه القدرةَ على تقبُّلِ الخير والصلاح.. وهو ظلمٌ عظيمٌ جدا، إذ هو تجاوزٌ لحقوق جميعِ المخلوقات، وجميعِ الأسماء الحسنى، لذا فحفاظا على هذه الحقوقِ، ولعدم تمكُّن نفسِ الكافِر من قبول الخير، اقتضى حِرمانَه من العفو؛ والآيةُ الكريمةُ:  ﴿اِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾  تفيدُ هذا المعنَى.(المؤلف)
    </div>
    </ref>) لا يستَحقُّ العفوَ والمغفرةَ، أما القديرُ المطلقُ فهو قُدُّوس منزَّهٌ عن العجز،


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وأما المخبرونَ والشهودُ فهم متفقونَ اتفاقا كاملا على أساسِ هذه المسألةِ رَغمَ اختلافِ مسالكِهم ومناهجِهم ومشاربِهم، فهم من حيثُ الكثرةُ بلغوا درجةَ التواتر، ومن حيثُ النوعيةُ بلغوا قوةَ الإجماع، ومن حيثُ المنزلةُ فهم نجومُ البشريةِ وهداتُها وأعزةُ القومِ وقرةُ عيونِ الطوائف، ومن حيثُ الأهميةُ فهم في هذه المسألةِ «أهل اختصاصٍ وأهل إثباتٍ».. ومن المعلوم أن حكمَ اثنَين من أهلِ الاختصاص في علم أو صنعة يُرجَّحُ على آلافٍ من غيرهم، وفي الأخبار والرواية يرجَّحُ قولُ اثنينِ من المثبِتِين على آلافٍ من النافينَ المنكِرينَ، كما في إثبات رؤيةِ هلال رمضان، حيثُ يرجّحُ شاهدانِ مثبتانِ، بينما يُضربُ بكلام آلافٍ من النافينَ عرضَ الحائطِ.
    Hulfü’l-vaad ise hem zillet hem tezellüldür. Hiçbir cihetle celal ve kudsiyetine yanaşamaz. Hulfü’l-vaîd ise ya aftan, ya aczden gelir. Halbuki küfür; cinayet-i mutlakadır, '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Evet küfür, mevcudatın kıymetini ıskat ve manasızlıkla ittiham ettiğinden, bütün kâinata karşı bir tahkir ve mevcudat âyinelerinde cilve-i esmayı inkâr olduğundan, bütün esma-i İlahiyeye karşı bir tezyif ve mevcudatın vahdaniyete olan şehadetlerini reddettiğinden, bütün mahlukata karşı bir tekzip olduğundan; istidad-ı insanîyi öyle ifsad eder ki salah ve hayrı kabule liyakati kalmaz. Hem bir zulm-ü azîmdir ki umum mahlukatın ve bütün esma-i İlahiyenin hukukuna bir tecavüzdür.
    <br>
    İşte şu hukukun muhafazası ve nefs-i kâfir hayra kabiliyetsizliği, küfrün adem-i affını iktiza eder. اِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ şu manayı ifade eder.</ref>)''' affa kabil değil. Kadîr-i Mutlak ise aczden münezzeh ve mukaddestir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    والخلاصة:  لا خبرَ أصدقُ من هذا في العالم، ولا قضيةَ أصوبُ منها، ولا حقيقةَ أظهرُ منها ولا أوْضحُ.
    Şahitler, muhbirler ise mesleklerinde, meşreplerinde, mezheplerinde muhtelif oldukları halde, kemal-i ittifak ile şu meselenin esasında müttehiddirler. Kesretçe tevatür derecesindedirler, keyfiyetçe icma kuvvetindedirler. Mevkice her biri nev-i beşerin bir yıldızı, bir taifenin gözü, bir milletin azizidirler. Ehemmiyetçe şu meselede hem ehl-i ihtisas hem ehl-i ispattırlar. Halbuki bir fende veya bir sanatta iki ehl-i ihtisas, binler başkalardan müreccahtırlar ve ihbarda iki müsbit, binler nâfîlere tercih edilir. Mesela, ramazan hilâlinin sübutunu ihbar eden iki adam, binler münkirlerin inkârlarını hiçe atarlar.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالدنيا إذن مزرعةٌ بلا شكٍ، والمحشرُ بيدرٌ، والجنَّةُ والنارُ مخزنانِ.
    '''Elhasıl,''' dünyada bundan daha doğru bir haber, daha sağlam bir dava, daha zâhir bir hakikat olamaz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الحقيقة العاشرة ===
    Demek, şüphesiz dünya bir mezraadır. Mahşer ise bir beyderdir, harmandır. Cennet, cehennem ise birer mahzendir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بابُ الحِكمةِ والعنايةِ والرَّحمةِ والعَدالةِ
    === '''ONUNCU HAKİKAT''' ===
    ''Bab-ı hikmet, inayet, rahmet, adalettir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهو تجلي اسمِ «الحكيمِ» و«الكَريمِ» و«العَادلِ» و«الرَّحيمِ»
    ''İsm-i Hakîm, Kerîm, Âdil, Rahîm’in cilvesidir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أمنَ الممكنِ لمالِكِ الملك ذي الجلالِ الذي أظهرَ في دار ضيافةِ الدنيا الفانيةِ هذه، وفي ميدانِ الامتحانِ الزَّائلِ هذا، وفي معرِضِ الأرض المتبدِّلِ هذا، هذا القَدْرَ من آثارِ الحِكمَةِ الباهرةِ، وهذا المدَى من آثار العِنايةِ الظاهِرةِ، وهذه الدرجةَ من آثارِ العدالَةِ القاهِرةِ، وهذا الحَدَّ من آثارِ الرَّحمةِ الواسعة! ألَّا يُنشئَ في عالم مُلكِه وملكوتِه مساكنَ دائِمةً، وسكنةً خالِدينَ، ومقاماتٍ باقيةً، ومخلوقاتٍ مقيمين.. فتذهبَ هباءً منثورًا جميعُ الحقائقِ الظاهرةِ لهذه الحكمةِ، ولهذه العِنايَةِ، ولهذه العدالةِ، ولهذه الرَّحمةِ؟!
    Hiç mümkün müdür ki: Şu bekasız misafirhane-i dünyada ve şu devamsız meydan-ı imtihanda ve şu sebatsız teşhirgâh-ı arzda bu derece bâhir bir hikmet, bu derece zâhir bir inayet ve bu derece kāhir bir adalet ve bu derece vâsi bir merhametin âsârını gösteren Mâlikü’l-mülki Zülcelal’in daire-i memleketinde ve âlem-i mülk ve melekûtunda daimî meskenler, ebedî sakinler, bâki makamlar, mukim mahluklar bulunmayıp şu görünen hikmet, inayet, adalet, merhametin hakikatleri hiçe insin?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهل يُعقَلُ لحكيمٍ ذي جَلالٍ اختارَ هذا الإنسانَ من بينِ المخلوقاتِ، وجعَلَه مُخاطَبًا كلِّيًا له، ومِرآةً جامِعةً لأسمائِه الحُسنَى، ومُقدِّرًا لما في خَزائنِ رحمتِه من يَنابيعَ، ومُتذوِّقا لها ومُتَعرِّفًا إليها، والذي عرَّفَ سُبحانَه ذاتَه الجليلةَ له بجَميعِ أسمائِه الحسنَى، فأَحبَّهُ وحبَّبَه للآخَرينَ.. أفَمِنَ المعقُولِ بعدَ كلِّ هذا أن لا يُرسِلَ ذلكَ «الحكيمُ» جَلَّ وعَلا هذا الإنسانَ المِسكِينَ إلى مَملَكتِهِ الخالِدةِ تلك؟ ولا يدعُوَهُ إلى الدَّارِ السَّعيدةِ الدائمةِ تلكَ فيُسعِدَهُ فيها؟
    Hem hiç kabil midir ki o Zat-ı Hakîm, şu insanı bütün mahlukat içinde kendine küllî muhatap ve câmi’ bir âyine yapıp bütün hazain-i rahmetinin müştemilatını ona tattırsın hem tarttırsın hem tanıttırsın, kendini bütün esmasıyla ona bildirsin, onu sevsin ve sevdirsin; sonra o bîçare insanı o ebedî memleketine göndermesin, o daimî saadetgâha davet edip mesud etmesin?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أم هل يُعقَلُ أن يُحمِّلَ كلَّ موجودٍ وظائفَ جمَّةً -ولَوْ كان بِذرَةً- بِثقَلِ الشَّجرةِ، ويُركِّبَ عليه حِكَما بعدَدِ أزهارِها، ويُقلِّدَهُ مَصالِحَ بعدَدِ ثمارِها، ثم يَجعَلَ غايةَ وُجودِ تلكَ الوظائفِ والحِكمِ والمَصالِحِ جَميعِها مجرَّدَ ذلك الجزءِ الضَّئِيلِ المُتوَجِّهِ إلى الدُّنيا؛ أي يجعلَ غايةَ الوُجودِ هي البقاءَ في الدُّنيا فقط، الذي لا أَهمِّيّةَ له حتى بمثقالِ حَبةٍ من خَردَلٍ؟ ولا يجعلَ تلك الوظائفَ والحِكَمَ والمصالحَ بُذورًا لعالم المعنَى، ولا مَزْرَعةً لعالمِ الآخِرةِ لتُثمِرَ غاياتِها الحَقِيـقِيَّةَ اللّائقةَ بها.
    Hem hiç makul mudur ki hattâ çekirdek kadar her bir mevcuda bir ağaç kadar vazife yükü yüklesin, çiçekleri kadar hikmetleri bindirsin, semereleri kadar maslahatları taksın da bütün o vazifeye, o hikmetlere, o maslahatlara dünyaya müteveccih yalnız bir çekirdek kadar gaye versin? Bir hardal kadar ehemmiyeti olmayan dünyevî bekasını gaye yapsın? Ve bunları, âlem-i manaya çekirdekler ve âlem-i âhirete bir mezraa yapmasın? Tâ hakiki ve lâyık gayelerini versinler. Ve bu kadar mühim ihtifalat-ı mühimmeyi gayesiz, boş, abes bıraksın. Onların yüzünü âlem-i manaya, âlem-i âhirete çevirmesin? Tâ asıl gayeleri ve lâyık meyvelerini göstersin.
    وهل يُعقَلُ أن تذهبَ جَمِيعُ هذه المهرجاناتِ الرَّائعةِ والاحتفالاتِ العَظيمةِ هباءً بلا غايةٍ، وسُدًى بلا معنًى وعبثًا بلا حِكمةٍ؟! أم هل يُعقَلُ أن لا يُوجِّهَها كلَّها إلى عالمِ المعنَى وعالمِ الآخرة لتُظهِرَ غاياتِها الأصيلةَ وأثمارَها الجدِيرةَ بها؟!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، أمن الممكنِ أن يُظهِرَ كلَّ ذلك خِلافًا للحقيقةِ، خلافًا لأوصافِه المُقدَّسةِ وأسمائِه الحسنَى: «الحكِيمِ، الكريمِ، العادِلِ، الرَّحيمِ» كلَّا.. ثم كَّلا.. أم هل من الممكنِ أن يُكذِّبَ سبحانَه حقائقَ جميعِ الكائِناتِ الدَّالةِ على أوصافِه المقدَّسَةِ من حكمةٍ وعَدْلٍ وكرمٍ ورَحمةٍ، ويرُدَّ شَهادةَ الموجوداتِ جميعا، ويُبطِلَ دلالةَ المصنوعاتِ جميعا! تعالى اللهُ عن ذلك عُلوًّا كَبِيرا.
    Evet, hiç mümkün müdür ki bu şeyleri böyle hilaf-ı hakikat yapmakla kendi evsaf-ı hakikiyesi olan Hakîm, Kerîm, Âdil, Rahîm’in zıtlarıyla –hâşâ, sümme hâşâ– muttasıf gösterip hikmet ve keremine, adl ve rahmetine delâlet eden bütün kâinatın hakaikini tekzip etsin, bütün mevcudatın şehadetlerini reddetsin, bütün masnuatın delâletlerini iptal etsin?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهل يَقبَلُ العقلُ أن يُعطِيَ للإنسانِ أُجرةً دنيويةً زهِيدةً، زَهادةَ شَعرةٍ واحدةٍ، مع أنَّه أناطَ به وبحواسِّه مَهامَّ ووظائفَ هي بعدَدِ شعَراتِ رأسِهِ؟ فهل يُمكِنُ أن يقومَ بمثلِ هذا العملِ الذي لا معنَى له ولا مَغزَى خلافا لعَدالتِه الحقَّةِ، ومُنافاةً لحكمتِه الحقِيقيَّةِ؟ سبحانه وتعالى عما يقُولونَ علوا كبيرا.
    Hem hiç akıl kabul eder mi ki insanın başına ve içindeki havassına saçları adedince vazifeler yükletsin de yalnız bir saç hükmünde ona bir ücret-i dünyeviye versin, adalet-i hakikiyesine zıt olarak ve hikmet-i hakikiyesine münafî, manasız iş yapsın?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أوَ منَ الممكنِ أن يقلِّدَ سبحانَه كلَّ ذي حياةٍ، بل كلَّ عُضوٍ فيه -كاللِّسانِ مثلا- بل كلَّ مَصنوعٍ، من الحِكَمِ والمصالِحِ بعدَدِ أثْمارِ كلِّ شجرةٍ مُظهِرًا حِكمتَهُ المطلَقةَ ثم لا يَمنَحَ الإنسانَ البقاءَ والخلودَ، ولا يهبَ له السَّعادةَ الأبديَّةَ التي هي أعْظمُ الحِكَمِ، وأهمُّ المصالِحِ، وألزمُ النتائِجِ؟ فيترُكَ البقاءَ واللِّقاءَ والسَّعادَةَ الأبديَّةَ التي تَجعَلُ الحِكمةَ حِكمةً، والنعمةَ نِعمةً، والرَّحمةَ رحمةً، بل هي مَصدرُ جميعِ الحكَمِ والمصالِح والنِّعمِ والرَّحمةِ ومنبَعُها.. فهل يمكنُ أن يترُكَها ويُهمِلَها ويُسقِطَ تلك الأمورَ جميعَها إلى هاوِيةِ العبثِ المطلقِ؟ ويضعَ نفسَه -تعالَى اللهُ عن ذلكَ علوا كبيرا- بمنزِلةِ من يَبنِي قَصرًا عظيما يَضعُ في كلِّ حَجَرٍ فيه آلافَ النُّقوشِ، وفي كلِّ زَاوِيةٍ فيه آلافَ الزِّينةِ والزَّخارِفِ، وفي كلِّ غُرفَةٍ فيه آلافَ الآلاتِ الثمينةِ والحاجِيَّاتِ الضَّروريةِ.. ثم لا يَبنِي له سَقْفًا ليحفَظَه؟! فيتركَه ويتركَ كل شيء للبِلَى والفسادِ! حاشَ لله.. لا يَصدُرُ من الخيرِ المطلقِ إلا الخيرُ، ولا يَصدُرُ من الجميلِ المطلقِ إلا الجمالُ، فلن يَصدُرَ من الحكيمِ المطلقِ العبثُ البتَّةَ.
    Hem hiç mümkün müdür ki bir ağaca taktığı neticeler, meyveler miktarınca her bir zîhayata, belki lisan gibi her bir uzvuna, belki her bir masnua o derece hikmetleri, maslahatları takmakla kendisinin bir Hakîm-i Mutlak olduğunu ispat edip göstersin, sonra bütün hikmetlerin en büyüğü ve bütün maslahatların en mühimmi ve bütün neticelerin en elzemi ve hikmeti hikmet, nimeti nimet, rahmeti rahmet eden ve bütün hikmetlerin, nimetlerin, rahmetlerin, maslahatların menbaı ve gayesi olan beka ve likayı ve saadet-i ebediyeyi vermeyip terk ederek, bütün işlerini abesiyet-i mutlaka derekesine düşürsün ve kendini o zata benzetsin ki öyle bir saray yapar, her bir taşında binlerce nakışlar, her bir tarafında binler ziynetler ve her bir menzilinde binler kıymettar âlât ve levazımat-ı beytiye bulundursun da sonra ona dam yapmasın, her şey çürüsün, beyhude bozulsun? Hâşâ ve kellâ! '''Hayr-ı Mutlak’tan hayır gelir, Cemil-i Mutlak’tan güzellik gelir, Hakîm-i Mutlak’tan abes bir şey gelmez.'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إن كلَّ من يَمتطِي التاريخَ ويذهبُ خيالا إلى جهةِ الماضِي سَيرَى أنه قد ماتَتْ بعَددِ السِّنينَ منازلُ ومعارِضُ وميادِينُ وعوالمُ شبيهةٌ بمنزلِ الدنيا وميدانِ الابتِلاءِ ومَعرِضِ الأشياءِ في وقْتِنا الحاضرِ؛ فعلى الرَّغمِ مما يُرَى من اختلافِ بعضِها عن البعضِ الآخَرِ صورةً ونوعا، فإنها تتشابَه في الانتظامِ والإبداعِ وإبرازِ قُدرةِ الصانعِ وحِكمَتِه.
    Evet, her kim fikren tarihe binip mazi cihetine gitse, şu zaman-ı hazırda gördüğümüz menzil-i dünya, meydan-ı ibtila, meşher-i eşya gibi seneler adedince vefat etmiş menziller, meydanlar, meşherler, âlemler görecek. Suretçe, keyfiyetçe birbirinden ayrı oldukları halde; intizamca, acayipçe, Sâni’in kudret ve hikmetini göstermekçe birbirine benzer.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وسيَرى كذلك -ما لم يَفقِدْ بصيرتَه- أن في تلك المنازلِ المتبدِّلةِ، وفي تلك المَيادينِ الزائلةِ، وفي تلك المعارِضِ الفانيةِ.. من الأنظمةِ الباهِرَةِ الساطعَةِ للحكمةِ، والإشاراتِ الجَليَّةِ الظاهرةِ للعنايَةِ، والأماراتِ القاهِرةِ المُهَيمِنَةِ للعدالةِ، والثِّمارِ الواسعةِ للرحمَةِ ما سيُدرِكُ يقينًا أنه:
    Hem görecek ki o sebatsız menzillerde, o devamsız meydanlarda, o bekasız meşherlerde o kadar bâhir bir hikmetin intizamatı, o derece zâhir bir inayetin işaratı, o mertebe kāhir bir adaletin emaratı, o derece vâsi bir merhametin semeratını görecek. Basîretsiz olmamak şartıyla yakînen bilecek ki o hikmetten daha ekmel bir hikmet olamaz ve o âsârı görünen inayetten daha ecmel bir inayet kabil değil ve o emaratı görünen adaletten daha ecell bir adalet yoktur ve o semeratı görünen merhametten daha eşmel bir merhamet tasavvur edilmez.
    لا يمكنُ أن تكُونَ حِكمةٌ أكملَ من تلك الحِكمةِ المشهودَةِ، ولا يمكِنُ أن تكونَ عنايةٌ أرْوَعَ من تلك العِنايةِ الظَّاهِرةِ الآثارِ، ولا يمكنُ أن تكونَ عَدالةٌ أجلَّ من تلك العَدالةِ الواضِحةِ أماراتُها، ولا يمكن أن تكُونَ رحمةٌ أشْملَ من تلك الرَّحمةِ الظَّاهِرةِ الثِّمارِ.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإذا افتُرضَ المُحالُ، وهو أنَّ السلطانَ السَّرمدِيَّ -الذي يُديرُ هذه الأمورَ، ويُغيِّرُ هؤلاءِ الضيوفَ والمستضافاتِ باستِمرارٍ- ليستْ لهُ منازِلُ دائِمةٌ ولا أماكِنُ راقيةٌ سامِيةٌ ولا مَقاماتٌ ثابتةٌ ولا مساكنُ باقِيةٌ ولا رَعايَا خالِدُون، ولا عِبادٌ سُعداءُ في مملكتِه الخالدةِ؛ يَلزَمُ عِندَئذٍ إنكارُ الحقائقِ الأربعةِ: «الحِكمة والعَدالَة والعِنايَة والرَّحمَة» التي هِي عَناصِرُ معنوِيةٌ قوِيّةٌ شامِلةٌ، كالنورِ والهواءِ والماءِ والتُّرابِ، وإنكارُ وجودِها الظاهِرِ ظهورَ تلك العناصِرِ، لأنه من المعلومِ أنَّ هذه الدنيا وما فيها لا تَفِي لظُهورِ تلكَ الحقائِقِ، فَلوْ لم يكن هناكَ في مكانٍ آخرَ ما هو أهلٌ لها، فيَجبُ إنكارُ هذه الحِكمةِ الموجودَةِ في كلِّ شيءٍ أمامَنا -بجُنونِ من يُنكِرُ الشمسَ التي يَملأُ نورُها النهارَ- وإنكارُ هذه العنايَةِ التي نُشاهِدُها دائما في أنفسِنا وفي أغلبِ الأشياء..
    Eğer farz-ı muhal olarak şu işleri çeviren, şu misafirleri ve misafirhaneleri değiştiren Sultan-ı Sermedî’nin daire-i memleketinde daimî menziller, âlî mekânlar, sabit makamlar, bâki meskenler, mukim ahali, mesud ibadı bulunmazsa; ziya, hava, su, toprak gibi kuvvetli ve şümullü dört anâsır-ı maneviye olan hikmet, adalet, inayet, merhametin hakikatlerini nefyetmek ve o anâsır-ı zâhiriye gibi görünen vücudlarını inkâr etmek lâzım gelir. Çünkü şu bekasız dünya ve mâfîha, onların tam hakikatlerine mazhar olamadığı malûmdur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإنكارُ هذه العدالةِ الجليَّةِ الظاهِرةِ الأماراتِ..(<ref>
    Eğer başka yerde dahi onlara tam mazhar olacak mekân bulunmazsa, o vakit gündüzü dolduran ziyayı gördüğü halde, güneşin vücudunu inkâr etmek derecesinde bir divanelikle, şu her şeyde bulunan gözümüz önündeki hikmeti inkâr etmek, şu nefsimizde ve ekser eşyada her vakit müşahede ettiğimiz inayeti inkâr etmek ve şu pek kuvvetli emaratı görünen adaleti inkâr etmek '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Evet, adalet iki şıktır. Biri müsbet, diğeri menfîdir. '''Müsbet ise''' hak sahibine hakkını vermektir. Şu kısım adalet, bu dünyada bedahet derecesinde ihatası vardır. Çünkü Üçüncü Hakikat’ta ispat edildiği gibi her şeyin istidat lisanıyla ve ihtiyac-ı fıtrî lisanıyla ve ıztırar lisanıyla Fâtır-ı Zülcelal’den istediği bütün matlubatını ve vücud ve hayatına lâzım olan bütün hukukunu mahsus mizanlarla, muayyen ölçülerle bilmüşahede veriyor. Demek, adaletin şu kısmı, vücud ve hayat derecesinde kat’î vardır.
    نعم، إنَّ العدالةَ شِقّانِ أحدُهُما إيجابيّ، والآخرُ سَلبِيّ: أما الإيجابيُّ فهو: إعطاءُ كلِّ ذي حقٍ حَقَّهُ؛ فهذا القِسمُ من العدالةِ مُـحيطٌ وشامِلٌ لكلِّ ما في هذه الدنيا لدرجةِ البداهَةِ، فكما أثبتنا في «الحقيقة الثالثة» بأنَّ ما يطلُبُه كلُّ شيءٍ وما هو ضَرورِيٌّ لوجودِه وإدامَةِ حياتِه، تلك المطالِبُ التي يطلُبُها بلسان استِعدادِه وبِلُغةِ حاجاتِه الفطريَّةِ وبلسانِ اضطرارِهِ من الفاطرِ ذي الجلالِ تَأتِيهِ بميزانٍ خاصٍ دَقِيـقٍ، وبمعايِيرَ ومقايِيسَ مُعيَّنةٍ، أي إن هذا القِسمَ من العَدالةِ ظاهرٌ ظهورَ الوجودِ والحياةِ؛ وأما القِسمُ السَّلبيّ فهو: تأديبُ غيرِ المحِقِّين، أي إحقاقُ الحقِّ بإنزالِ الجزاءِ والعذابِ عليهم،
    <br>
    <br>
    '''İkinci kısım menfîdir ki''' haksızları terbiye etmektir. Yani haksızların hakkını, tazip ve tecziye ile veriyor. Şu şık ise çendan tamamıyla şu dünyada tezahür etmiyor. Fakat o hakikatin vücudunu ihsas edecek bir surette hadsiz işarat ve emarat vardır. Ezcümle, kavm-i Âd ve Semud’dan tut tâ şu zamanın mütemerrid kavimlerine kadar gelen sille-i te’dib ve tâziyane-i tazip, gayet âlî bir adaletin hükümran olduğunu hads-i kat’î ile gösteriyor.</ref>)''' ve şu her yerde gördüğümüz merhameti inkâr etmek lâzım geldiği gibi; şu kâinatta gördüğümüz icraat-ı hakîmane ve ef’al-i kerîmane ve ihsanat-ı rahîmanenin sahibini
    فهذا القِسمُ وإن كان لا يَظهَرُ بجلاءٍ في هذه الدنيا إلّا أن هنالك إشاراتٍ وأماراتٍ تدل على هذه الحقيقةِ؛ خذ مثلا سَوْطَ العذابِ وصَفعاتِ التأديبِ التي نَزلتْ بقوم عادٍ وثَمودَ بل بالأقوام المتمرِّدَةِ في عصرنا هذا، مما يُظهِرُ بالحدْسِ القَطعِيِّ هَيمَنةَ العدالةِ الساميةِ وسِيادَتَها. (المؤلف).
    </div>
    </ref>) وإنكارُ هذه الرَّحمةِ التي نراها في كلِّ مكان.. وكذلك يَلزَمُ أن يُعتبَرَ صاحبُ ما نراهُ من الإجراءاتِ الحكِيمةِ والأفعالِ الكريمةِ، والآلاءِ الرَّحِيمةِ -حاشَ لله ثُمَّ حاشَ لله- لاهيًا لاعِبا ظَالِما غدَّارا تعالى الله عن ذلك عُلوا كبيرا، وما هذا إلَّا انقِلابُ الحقائِقِ بأضْدادِها، وهو مُنتهَى المُحال، حتى السُّوفسطائيُّون الذين ينكرون وجودَ كلِّ شيءٍ حتى وُجودَ أنفسِهم لا يَدنُون إلى تَصوُّرِ هذا المُحالِ بسهولَةٍ.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    والخلاصة:  أنه لَيستْ هناك علاقةٌ أو مُناسَبةٌ بين ما يُشاهَدُ في شؤونِ العالمِ من تَجمعاتٍ واسِعةٍ للحياةِ، وافتراقاتٍ سَريعةٍ للموتٍ، وتَكتُّلاتٍ ضَخمةٍ، وتَشتُّتاتٍ سريعةٍ، واحتِفالاتٍ هائلةٍ، وتَجلِّياتٍ رائِعةٍ.. وبينَ ما هو معلومٌ لدينا من نَتائِجَ جُزئيةٍ، وغاياتٍ تافِهةٍ مُؤقَّتةٍ، وفَترةٍ قَصيرةٍ تعودُ إلى الدنيا الفانيةِ؛ لذا فالرَّبطُ بينهُما بعلاقةٍ، أو إيجادِ مُناسَبةٍ، لا يَنسجِمُ مع عَقلٍ ولا يتوافقُ مع حكمةٍ، إذ يُشبِه ذلك رَبْطَ حِكَمٍ هائلةٍ وغَاياتٍ عظيمةٍ كالجبلِ بحصاةٍ صَغيرةٍ جدا، ورَبْطَ غايةٍ تافهةٍ جُزئيةٍ مُؤقتَةٍ بحجمِ الحَصاةِ بجبلٍ عَظيمٍ!!
    –hâşâ, sümme hâşâ– sefih bir oyuncu, gaddar bir zalim olduğunu kabul etmek lâzım gelir ki nihayetsiz muhal bir inkılab-ı hakaiktir. Hattâ her şeyin vücudunu ve kendi nefsinin vücudunu inkâr eden ahmak sofestaîler dahi bunun tasavvuruna kolay kolay yanaşamazlar.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أي إنَّ عَدمَ وُجودِ عَلاقةٍ بينَ هذه الموجوداتِ وشُؤونِها وبين غاياتِها التي تعُودُ إلى الدنيا، يَشهَدُ شَهادةً قاطِعةً، ويدلُّ دَلالةً واضحةً على أنَّ هذه الموجوداتِ مُتوجِّهةٌ إلى عالَمِ المعنَى، حيثُ تُعطِي ثِمارَها اللطيفةَ اللائِقةَ هناك، وأنَّ أنظارَها مُتطلِّعةٌ إلى الأسماءِ الحُسنَى، وأن غاياتِها تَرنُو إلى ذلك العالم؛ ومع أنَّ بُذورَها مَخبوءةٌ تحتَ تُرابِ الدنيا إلّا أنَّ سَنابِلَها تَبرُزُ في عالم المثالِ.. فالإنسانُ يَزرَعُ ويُزرَعُ هنا-حسَبَ استعدادِه- ويَحصِدُ هناك في الآخِرةِ.
    Elhasıl, şu görünen şuunat, dünyadaki vüs’atli içtimaat-ı hayatiye ve süratli iftirakat-ı mevtiye ve haşmetli toplanmalar ve çabuk dağılmalar ve azametli ihtifalat ve büyük tecelliyat ile ve onların bu âleme ait bu dünya-yı fânide kısa bir zamanda malûmumuz olan semerat-ı cüz’iyeleri, ehemmiyetsiz ve muvakkat gayeleri mabeyninde hiç münasebet olmadığından, âdeta küçük bir taşa bir büyük dağ kadar hikmetler, gayeler takmak; bir büyük dağa, bir küçük taş gibi muvakkat bir gaye-i cüz’iye vermeye benzer ki hiçbir akıl ve hikmete uygun gelemez.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، لو نَظَرتَ إلى وُجوهِ الموجوداتِ المتوجِّهةِ إلى الأسماءِ الحسنَى وإلى عالمِ الآخرةِ لرأيتَ: أنَّ لِكلِّ بِذرَةٍ -وهي معجزةُ القُدرةِ الإلهيَّةِ- غاياتٍ كبيرةً كِبَرَ الشجَرةِ؛ وأن لكلِّ زَهرةٍ -وهي كَلِمةُ الحِكمةِ(<ref>
    Demek, şu mevcudat ve şuunat ile ve dünyaya ait gayeleri ortasında bu derece nisbetsizlik, kat’iyen şehadet eder ki bu mevcudatın yüzleri âlem-i manaya müteveccihtir, münasip meyveleri orada veriyor ve gözleri esma-i kudsiyeye dikkat ediyorlar, gayeleri o âleme bakıyor. Ve özleri dünya toprağı altında, sümbülleri âlem-i misalde inkişaf ediyor. İnsan, istidadı nisbetinde burada ekiyor ve ekiliyor, âhirette mahsul alıyor.
    سؤال: فإن قلتَ: لِمَ تُورِدُ أغْلَبَ الأمثلةِ من الزَّهرَةِ والبِذرَةِ والثَّمَرةِ؟ الجواب: لأنها أبدعُ معجزاتِ القُدرةِ الإلهيةِ وأعجَبُها وألطَفُها.. ولمّا عَجَزَ أهلُ الضلالةِ والطبيعةِ والفلسفةِ الماديّةِ عن قراءةِ ما خَطّهُ قلمُ القَدَرِ والقُدرةِ فيها من الكتابَةِ الدَّقِيقةِ، تاهُوا وغَرِقوا فيها، وسقَطوا في مُستَنقعِ الطبيعةِ الآسِنِ. (المؤلف).
    </div>
    </ref>)- مَعَانِيَ جَمَّةً بمقدارِ أزهارِ الشجَرِ؛ وأنَّ لِكلِّ ثَمَرةٍ -وهي مُعجِزةُ الصَّنعَةِ وقصِيدةُ الرحمةِ- من الحِكَمِ ما في الشجرةِ نفسِها؛ أما جِهةُ كونِها أرزاقا لنا فهي حِكمةٌ واحدةٌ من بين ألوفِ الحِكَمِ، حيثُ إنها تُنهِي مَهامَّها، وتُوفي مغزاها فتَموتُ وتُدفَنُ في مَعِداتِنا.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فما دامَتْ هذه الأشياءُ الفانيةُ تُؤتي ثمارَها في غير هذا المكانِ، وتُودِعُ هناك صُوَرا دائمةً، وتُعبِّر عن معانٍ خالدةٍ، وتُؤدِّي أذكارَها وتسابِيحَها الخالِدةَ السَّرمَديَّةَ هناك.. فالإنسانُ إذن يُصبِحُ إنسانا حقا مادامَ يتأمَّلُ ويَنظرُ إلى تلك الوجوهِ المتوجِّهةِ نحوَ الخلود.. وعِندَها يجدُ سبيلا من الفاني إلى الباقي.
    Evet, şu eşyanın esma-i İlahiyeye ve âlem-i âhirete müteveccih yüzlerine baksan göreceksin ki mu’cize-i kudret olan her bir çekirdeğin bir ağaç kadar gayesi var. Kelime-i hikmet olan her bir çiçeğin '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye: Sual:''' Eğer dense: Neden en çok misalleri çiçekten ve çekirdekten ve meyveden getiriyorsun?
     
    <br>
    إذن هناك قَصدٌ آخرُ ضِمنَ هذهِ الموجوداتِ المحتَشِدةِ والمتفرِّقةِ التي تَسِيلُ في خِضَمِّ الحياةِ والموتِ، حيثُ إنَّ أحوالَها تُشبِه -ولا مُؤاخَذةَ في الأمثالِ- أحوالا وأوضاعا تُرتَّبُ للتَّمثيلِ، فتُنفَقُ نَفَقاتٌ باهِظةٌ لتَهيِئةِ اجتِماعاتٍ وافتِراقاتٍ قصيرةٍ، لأجل التِقاطِ الصُّوَرِ وتَركيبِها لعرضِها على الشاشَةِ عَرْضا دائِما.
    '''Elcevap:''' Çünkü onlar hem mu’cizat-ı kudretin en antikaları en hârikaları en nâzeninleridirler. Hem ehl-i tabiat ve ehl-i dalalet ve ehl-i felsefe, onlardaki kalem-i kader ve kudretin yazdığı ince hattı okuyamadıkları için onlarda boğulmuşlar, tabiat bataklığına düşmüşler.</ref>)''' bir ağaç çiçekleri kadar manaları var ve o hârika-i sanat ve manzume-i rahmet olan her bir meyvenin, bir ağacın meyveleri kadar hikmetleri var. Bizlere rızık olması ise o binler hikmetlerinden bir tek hikmettir ki vazifesi biter, manasını ifade eder, vefat eder, midemizde defnedilir.
    وهكذا فإنَّ إحدَى غاياتِ قَضاءِ الحياةِ الشَّخصِيَّةِ والاجتِماعيَّةِ في فترةٍ قَصيرةٍ في هذه الدنيا هي أخذُ الصُّوَرِ وتَركيبُها، وحِفظُ نتائِج الأعمالِ، ليُحاسَبَ أمامَ الجَمعِ الأكبرِ، وليُعرَضَ أمامَ العَرْضِ الأعظمِ، وليَظهَرَ استِعدادُه ولياقَـتُهُ للسعادةِ العُظمَى، فالحديثُ الشريفُ: «الدُّنيا مَزرَعةُ الآخِرةِ» (<ref>
    </div>
    الغزالي، إحياء علوم الدين 4/19؛ علي القاري، الأسرار المرفوعة 205؛ وقال: معناه صحيح مقتبس من قوله تعالى 
    ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ﴾ (الشورى:20).. انظر: العجلوني، كشف الخفاء 1/495.
    </ref>) يُعبِّرُ عن هذِه الحقيقةِ.
     
    فما دامت الدنيا موجودةً فِعلا، وفيها الحِكمةُ والعِنايةُ والرَّحمةُ والعَدالةُ الظاهِرةُ بآثارِها، فكذلك الآخِرةُ مَوجُودةٌ حتما، وثابِتةٌ بِقطعيَّةِ ثبوتِ هذه الدنيا.. ولما كان كلُّ شيءٍ في الدنيا يَتطلَّعُ من جهةٍ إلى ذلك العالم، فالسَّيرُ إذن والرِّحلةُ إلى هناك، لذا فإن إنكارَ الآخِرةِ هو إنكارٌ للدُّنيا وما فيها.. فكما أنَّ الأجَلَ والقَبْرَ يَنتظِرانِ الإنسانَ، فالجنَّةُ والنارُ كذلك تنتظرانِه وتَترصَّدانِه.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الحقيقةُ الحاديةَ عشْرةَ ===
    Madem bu fâni eşya, başka yerde bâki meyveler verirler ve daimî suretler bırakır ve başka cihette ebedî manalar ifade eder, sermedî tesbihat yapar. Ve insan ise onların şu cihetine bakan yüzlerine bakmakla insan olur, fânide bâkiye yol bulur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بابُ الإنسانيةِ وهو تجلِّي اسمِ «الحقِّ»
    Demek, bu hayat ve mevt içinde yuvarlanan, toplanıp dağılan mevcudat içinde başka maksat var. Temsilde kusur yoktur; şu ahval, taklit ve temsil için teşkil ve tertip edilen ahvale benzer. Nasıl büyük masrafla kısa içtimalar, dağılmalar yapılıyor. Tâ suretler alınsın, terkip edilsin, sinemada daim gösterilsin. Onun gibi bu dünyada kısa bir müddet zarfında hayat-ı şahsiye ve hayat-ı içtimaiye geçirmenin bir gayesi şudur ki suretler alınıp terkip edilsin, netice-i amelleri alınıp hıfzedilsin. Tâ bir mecma-ı ekberde muhasebesi görülsün ve bir meşher-i a’zamda gösterilsin ve bir saadet-i uzmaya istidadı gösterilsin. Demek, hadîs-i şerifte “Dünya âhiret mezraasıdır.” diye bu hakikati ifade ediyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أمن الممكنِ للحقِّ سبحانَه وهو المعبودُ الحقُّ أن يَخلُقَ هذا الإنسانَ أهمَّ عبدٍ لربوبيَّتِه المطلقةِ وأكرمَ مخلوقٍ لرُبوبيَّتِه العامَّةِ للعالمينَ، وأكثرَ المخاطَبِينَ إدراكًا وفهمًا لأوامرِهِ السُّبحانيةِ، وأجمع مرآةٍ لتجلي أسمائه الحسنى، وأجمل معجزةٍ للقدرة، في مرتبةِ أحسنِ تقويمٍ، نال تجلي الاسم الأعظم، وتجلي المرتبة العظمى لكل اسمٍ من الأسماء الحسنى؛ وأغنى مُدَقِّقٍ صاحبُ أجهِزةٍ وموازينَ لمعرفةِ وتقديرِ ما في خَزائنِ الرحْمةِ الإلهيةِ من كُنوزٍ، وأكثرَ المخلوقاتِ فَاقةً وحاجَةً إلى نِعمِه التي لا تُحصَى، وأكثرَها تألُّمًا من الفناء، وأزْيدَها شَوقا إلى البقاءِ، وأشدَّها لطافةً ورِقةً وفَقرًا وحاجةً؛ مع أنه من جِهةِ الحياة الدُّنيا أكثرُها تَعاسةً، ومن جهةِ الاستعدادِ الفِطريِّ أسماها صُورَةً.. فهل من الممكن أن يَخلُقَ المعبودُ الحقُّ الإنسانَ بهذه الماهيةِ ثم لا يبعثَه إلى ما هو مُؤهَّلٌ له ومشتاقٌ إليه من دارِ الخلودِ؟! فيَمحقَ الحقيقةَ الإنسانِيَّةَ ويَعملَ ما هو مُنافٍ كليا لأحقِّيّتِه سبحانه؟ تعالى اللهُ عن ذلكَ عُلوًّا كبيرًا..
    Madem dünya var. Ve dünya içinde bu âsârıyla hikmet ve inayet ve rahmet ve adalet var. Elbette dünyanın vücudu gibi kat’î olarak âhiret de var. Madem dünyada her şey bir cihette o âleme bakıyor. Demek oraya gidiliyor. Âhireti inkâr etmek, dünya ve mâfîhayı inkâr etmek demektir. Demek, ecel ve kabir insanı beklediği gibi cennet ve cehennem de insanı bekliyor ve gözlüyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهل يُعقَلُ للحاكمِ بالحقِّ والرَّحيمِ المطلقِ الذي وَهَبَ لهذا الإنسانِ استِعدادًا فِطريًا سامِيا يُمكِّنُه من حَملِ الأمانةِ الكبرى التي أبتِ السماواتُ والأرضُ والجبالُ أن يحمِلنَها، أي خَلقَه ليَعرِفَ صفاتِ خالِقِه سبحانَه الشامِلةَ المحيطةَ وشؤونَه الكُليَّةَ وتجلياتِه المطلقةَ، بموازينِه الجزئيَّةِ وبمهاراتِه الضَّئيلةِ.. والذي بَرأهُ بشَكلِ ألْطَفِ المخلوقاتِ وأعجزِها وأضعفِها، فسخَّرَ له جَميعَها من نباتٍ وحيوانٍ، حتى نصَّبَه مُشرِفا ومُنظِّما ومُتدخِّلا في أنماطِ تسبيحاتِها وعباداتِها.. والذي جَعلَه نموذجا -بمقاييسَ مُصغَّرةٍ- للإجراءاتِ الإلهيةِ في الكون، ودَلَّالًا لإعلانِ الرُّبوبِيَّةِ المُنزَّهةِ -فِعلًا وقَولًا- على الكائناتِ، حتى منَحَه منزلةً أكرمَ من مَنزلةِ الملائِكةِ، رافعًا إياهُ إلى مرتبةِ الخِلافةِ.. فهل يمكنُ أن يَهَبَ سبحانَه للإنسانِ كلَّ هذه الوظائِفِ ثم لا يَهَبَ له غاياتِها ونتائِجَها وثمارَها وهي السَّعادةُ الأبديَّةُ؟ فَيرمِيَه إلى دَرْكِ الذِّلَّةِ والمسكَنةِ والمصيبةِ والأسقامِ، ويجعلَه أتعسَ مخلوقاتِه؟ ويجعَلَ هذا العقلَ الذي هو هديّةٌ مبارَكةٌ نورانيةٌ لحكمتِه سبحانَه ووسيلةٌ لمعرفِة السعادَةِ آلةَ تعذيبٍ وشُؤمٍ، خلافا لحكمتِه المطلقة، ومنافاةً لرحمتِه المطلقةِ؟ تعالى الله عن ذلكَ عُلوًا كَبيرًا.
    === '''ON BİRİNCİ HAKİKAT''' ===
    ''Bab-ı insaniyettir. İsm-i Hakk’ın cilvesidir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الخلاصة: كما أننا رَأينَا في الحكايةِ أن في هُوِيَّةِ الضابِطِ ودَفتَرِ خدمتِه رُتبتَه، ووظيفتَه ومرتَّبَه ودستورَ أفعالِه وعَتَادَه، واتَّضحَ لدينا أن ذلكَ الضابطَ لا يَعملُ لأجل هذا الميدانِ المؤقَّتِ، بل لما سَيرحَلُ إليه من تكريمٍ وإنعامٍ في مملكةٍ مستقِرَّةٍ دائمةٍ؛ كذلك فإن ما في هُوِيَّةِ قلبِ الإنسانِ من لطائفَ، وما في دَفتَرِ عَقلِه من حواسَّ، وما في فِطرتِه من أجهزةٍ وعَتادٍ مُتوجِّهةٌ جميعًا ومعًا إلى السعادةِ الأبديَّةِ، بل ما مُنِحتْ له إلّا لأجلِ تلك السَّعادَةِ الأبديَّةِ، وهذا ما يَتَّفِقُ عليهِ أهلُ التَّحقيقِ والكشفِ.
    Hiç mümkün müdür ki: Cenab-ı Hak ve Mabud-u Bi’l-hak, insanı şu kâinat içinde rububiyet-i mutlakasına ve umum âlemlere rububiyet-i âmmesine karşı en ehemmiyetli bir abd ve hitabat-ı Sübhaniyesine en mütefekkir bir muhatap ve mazhariyet-i esmasına en câmi’ bir âyine ve onu ism-i a’zamın tecellisine ve her isimde bulunan ism-i a’zamlık mertebesinin tecellisine mazhar bir ahsen-i takvimde en güzel bir mu’cize-i kudret ve hazain-i rahmetinin müştemilatını tartmak, tanımak için en ziyade mizan ve âletlere mâlik bir müdakkik ve nihayetsiz nimetlerine en ziyade muhtaç ve fenadan en ziyade müteellim ve bekaya en ziyade müştak ve hayvanat içinde en nazik ve en nazdar ve en fakir ve en muhtaç ve hayat-ı dünyeviyece en müteellim ve en bedbaht ve istidatça en ulvi ve en yüksek surette, mahiyette yaratsın da onu müstaid olduğu ve müştak olduğu ve lâyık olduğu bir dâr-ı ebedîye göndermeyip, hakikat-i insaniyeyi iptal ederek kendi hakkaniyetine taban tabana zıt ve hakikat nazarında çirkin bir haksızlık etsin?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فعلى سَبيلِ المثالِ:  لو قِيلَ لقُدرةِ التَّخيُّلِ في الإنسان التي تُعدُّ وَسيلةَ تَصويرٍ للعَقلِ وخادِمةً له: ستُمنحُ لكِ سَلطنةُ الدنيا وزِينتُها مع عُمُرٍ يَزيدُ على مِليونِ سَنةٍ ولكنْ مصيرُك إلى الفناءِ والعدمِ حَتما نراها تَتأوَّهُ وتَتحسَّرُ، إن لم يَتدخَّلِ الوهمُ وهوَى النفسِ؛ أي إن أعظمَ فانٍ -وهو الدُّنيا وما فيها- لا يُمكنُه أن يُشبِع أصغرَ آلةٍ في الإنسانِ وهي الخيالُ!
    Hem hiç kabil midir ki: Hâkim-i Bi’l-hak, Rahîm-i Mutlak; insana öyle bir istidat verip, yer ile gökler ve dağlar tahammülünden çekindiği emanet-i kübrayı tahammül edip yani küçücük cüz’î ölçüleriyle, sanatçıklarıyla Hâlık’ının muhit sıfatlarını, küllî şuunatını, nihayetsiz tecelliyatını ölçerek bilip hem yerde en nazik, nâzenin, nazdar, âciz, zayıf yaratıp; halbuki bütün yerin nebatî ve hayvanî olan mahlukatına bir nevi tanzimat memuru yapıp, onların tarz-ı tesbihat ve ibadetlerine müdahale ettirip, kâinattaki icraat-ı İlahiyeye küçücük mikyasta bir temsil gösterip, rububiyet-i Sübhaniyeyi fiilen ve kālen kâinatta ilan ettirmek, meleklerine tercih edip hilafet rütbesini verdiği halde; ona bütün bu vazifelerinin gayesi ve neticesi ve semeresi olan saadet-i ebediyeyi vermesin? Onu bütün mahlukatının en bedbaht, en bîçare, en musibetzede, en dertmend, en zelil bir derekeye atıp; en mübarek, nurani ve âlet-i tes’id bir hediye-i hikmeti olan aklı o bîçareye en meş’um ve zulmanî bir âlet-i tazip yapıp, hikmet-i mutlakasına büsbütün zıt ve merhamet-i mutlakasına külliyen münafî bir merhametsizlik etsin? Hâşâ ve kellâ!
    يَظهَرُ من هذا جليًّا أنَّ هذا الإنسانَ الذي له هذا الاستِعدادُ الفِطريُّ والذي له آمالٌ تَمتَدُّ إلى الأبدِ، وأفكارٌ تحيطُ بالكونِ، ورَغباتٌ تَنتَشر في ثنايا أنواعِ السعادةِ الأبديَّةِ؛ هذا الإنسانُ إنما خُلِقَ للأبَدِ وسَيرحلُ إليه حتما، فليسَت هذه الدنيا إلّا مُستَضافًا مُؤقَّتا، وصَالةَ انتظارِ الآخِرةِ.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الحقيقة الثانية عشرة ===
    Elhasıl, nasıl hikâye-i temsiliyede bir zabitin cüzdanına ve defterine bakıp görmüş idik ki hem rütbesi hem vazifesi hem maaşı hem düstur-u hareketi hem cihazatı bize gösterdi ki o zabit, o muvakkat meydan için değil, belki müstekar bir memlekete gidecek de ona göre çalışıyor. Aynen onun gibi insanın kalp cüzdanındaki letaif ve akıl defterindeki havas ve istidadındaki cihazat, tamamen ve müttefikan saadet-i ebediyeye müteveccih ve ona göre verilmiş ve ona göre teçhiz edilmiş olduğuna ehl-i tahkik ve keşif müttefiktirler. Ezcümle:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بابُ الرِّسالةِ والتَّنزيلِ
    Mesela, aklın bir hizmetkârı ve tasvircisi olan kuvve-i hayaliyeye denilse ki: “Sana bir milyon sene ömür ile saltanat-ı dünya verilecek fakat âhirde mutlaka hiç olacaksın.” Tevehhüm aldatmamak, nefis karışmamak şartıyla “oh” yerine “âh” diyecek ve teessüf edecek. Demek en büyük fâni, en küçük bir âlet ve cihazat-ı insaniyeyi doyuramıyor. İşte bu istidattandır ki insanın ebede uzanmış emelleri ve kâinatı ihata etmiş efkârları ve ebedî saadetlerinin envaına yayılmış arzuları gösterir ki bu insan ebed için halk edilmiş ve ebede gidecektir. Bu dünya ona bir misafirhanedir ve âhiretine bir intizar salonudur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهو تجلي «بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحِيمِ»
    === '''ON İKİNCİ HAKİKAT''' ===
    ''Babu’r-Risaleti ve’t-Tenzil’dir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أمِنَ الممكن لمن أيَّد كلامَه جميعُ الأنبياءِ المعتمِدين على معجزاتِهم وأقرَّ بِه جميعُ الأولياءِ الصالحين المعزَّزِين بكشفياتِهم وكراماتِهم، وشهد بصدقِهِ جميعُ العلماءِ والأصفياءِ المستندينَ إلى تدقيقاتِهم وتحقيقاتِهم.. ذلِكُم هو الرسولُ الكريمُ ﷺ الذي فتـحَ بما أُوتيَ من قوةٍ طريقَ الآخرةِ وبابَ الجنةِ، مُصدَّقا بألفٍ من معجزاتِه الثَّابتةِ، وبآلافٍ من آياتِ القرآنِ الكريمِ الثَّابتِ إعجازُه بأربعينَ وجهًا؛ فهل من الممكن أَن تَسُدَّ أوهامٌ هي أَوهَى من جناحِ ذُبابةٍ ما فتحَهُ هذا الرسولُ الكريمُ ﷺ من طريقِ الآخرةِ وبابِ الجنةِ؟!
    ''“Bismillahirrahmanirrahîm”in cilvesidir.''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    <nowiki>*</nowiki> *  *
    Hiç mümkün müdür ki: Bütün enbiya mu’cizelerine istinad ederek sözünü teyid ettikleri ve bütün evliya keşif ve kerametlerine istinad edip davasını tasdik ettikleri ve bütün asfiya tahkikatına istinad ederek hakkaniyetine şehadet ettikleri Resul-i Ekrem sallallahu aleyhi ve sellemin tahakkuk etmiş bin mu’cizatının kuvvetine istinad edip bütün kuvvetiyle hem kırk vecihle mu’cize olan Kur’an-ı Hakîm binler âyât-ı kat’iyesine istinad ederek, bütün kat’iyetle açtıkları âhiret yolunu ve küşad ettikleri cennet kapısını, sinek kanadı kadar kuvveti bulunmayan vâhî vehimler, ne haddi var ki kapatabilsin?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا لقد فُهِمَ من الحقائقِ السَّابقةِ أنَّ مسألةَ الحشرِ حقِيقةٌ راسِخةٌ قويةٌ بحيثُ لا يمكن أن تُزحزِحَها أيّةُ قُوةٍ مهما كانت حتى لو استطاعَت أن تُزيحَ الكرةَ الأرضيَّةَ وتُحطِّمَها، ذلك لأنَّ الله سبحانَه وتعالى يُقرُّ تلك الحقيقةَ بمقتضَى أسمائِه الحسنَى جميعِها وصفاتِه الجليلةِ كلِّها، وأنَّ رسُولَه الكريمَ ﷺ يُصدِّقُها بمعجزاتِه وبراهينِه كلِّها، والقرآنُ الكريمُ يُثبِتها بجميعِ آياتِه وحقائِقه، والكونُ يَشهَد لها بجميعِ آياتِه التكوينِيَّةِ وشؤونِه الحكيمةِ.
    <nowiki>*</nowiki>  *  *
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فهل من الممكنِ يا تُرى أن يتَّفِـقَ مع واجبِ الوجودِ سبحانَه وتعالى جميعُ الموجوداتِ -عدا الكُفارِ- في حقيقةِ الحشرِ، ثم تأتي شُبهةٌ شيطانِيةٌ واهيةٌ ضعِيفةٌ لتُـزِيحَ هذه الحقيقةَ الراسِخةَ الشامخةَ وتُزعزِعَها؟! كَلَّا.. ثم كَلَّا..
    Geçen hakikatlerden anlaşıldı ki haşir meselesi öyle râsih bir hakikattir ki küre-i arzı yerinden kaldıracak, kırıp atacak bir kuvvet o hakikati sarsamaz. Zira o hakikati Cenab-ı Hak bütün esma ve sıfâtının iktizası ile tesbit ediyor ve Resul-i Ekrem’i bütün mu’cizat ve berahiniyle tasdik ediyor ve Kur’an-ı Hakîm bütün hakaik ve âyâtıyla onu ispat ediyor ve şu kâinat bütün âyât-ı tekviniye ve şuunat-ı hakîmanesi ile şehadet ediyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولا تَحسَبنّ دلائِل الحشرِ منحصِرةٌ في ما بحثناه من الحقائقِ الاثْنتَيْ عشْرةَ، بل كما أنَّ القرآنَ الكريمَ وَحدَهُ يُعلِّمُنا تلكَ الحقائِقَ، فإنه يُشِيرُ كذلك بآلافٍ من الأوجُهِ والأماراتِ القويَّةِ إلى أنَّ خالِقَنا سيَنقُلُنا من دار الفناءِ إلى دارِ البَقاءِ.
    Acaba hiç mümkün müdür ki haşir meselesinde Vâcibü’l-vücud ile bütün mevcudat –kâfirler müstesna olarak– ittifak etmiş olsun; kıl kadar kuvveti olmayan şüpheler, şeytanî vesveseler o dağ gibi hakikat-i râsiha-i âliyeyi sarssın, yerinden kaldırsın? Hâşâ ve kellâ!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولا تَحسَبنَّ كذلك أن دلائلَ الحشرِ منحصرةٌ فيما بحثناه من مُقتَضياتِ الأسماءِ الحسنى «الحكِيمِ، الكَريمِ، الرَّحيمِ، العادِل، الحفيظِ» بل إن جميعَ الأسماءِ الحسنى المتجَليةِ في تَدبِيرِ الكون تقتَضِي الآخرةَ وتَستَلزِمُها.
    Sakın zannetme, delail-i haşriye, bahsettiğimiz on iki hakikate münhasırdır. Hayır, belki yalnız Kur’an-ı Hakîm, geçen şu on iki hakikatleri bize ders verdiği gibi daha binler vücuha işaret edip her bir vecih kavî bir emaredir ki Hâlık’ımız bizi bu dâr-ı fâniden bir dâr-ı bâkiye nakledecektir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولا تحسَبْ أيضا أن آياتِ الكونِ الدَّالةِ على الحشر هي تلك التي ذكَرْناهَا فحَسبُ، بل هناك آفاقٌ وأَوجُهٌ في أكثرِ الموجوداتِ تُفتَحُ وتتوجَّهُ يَمِينا وشِمالا، فمثلما يدلُّ ويَشهَد وجهٌ على الصانِع سبحانَه وتعالى يُشِيرُ وجهٌ آخرُ إلى الحشر ويُومِئ إليهِ.
    Hem sakın zannetme ki haşri iktiza eden esma-i İlahiye, bahsettiğimiz gibi yalnız Hakîm, Kerîm, Rahîm, Âdil, Hafîz isimlerine münhasırdır. Hayır, belki kâinatın tedbirinde tecelli eden bütün esma-i İlahiye, âhireti iktiza eder, belki istilzam eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فمثلا:  إن حُسنَ الصَّنعةِ المتقَنةِ في خلقِ الإنسانِ في أحْسَنِ تقويمٍ، مثلما هو إشارةٌ إلى الصانِع سُبحانَه، فإن زَوالَه في مُدَّةٍ يَسيرةٍ مع ما فيهِ من قابلياتٍ وقُوًى جامعةٍ، يُشِير إلى الحشر، حتى إذا ما لُوحِظَ وَجهٌ واحدٌ فقط بنظرتَينِ، فإنه يَدُلُّ على الصَّانعِ والحشرِ معًا، فمثلا:  إذا لوحِظتْ ماهيةُ ما هو ظاهِرٌ في أغلبِ الأشياءِ من تَنظِيمِ الحكمةِ وتَزيِينِ العِنايةِ وتقديرِ العَدالةِ ولطَافةِ الرَّحمةِ، تُبيِّنُ أنها صادِرةٌ من يَدِ القُدرةِ لصانِع حكيمٍ، كريمٍ، عَادلٍ، رحيمٍ؛ كذلك إذا لُوحِظتْ عَظمةُ هذه الصِّفاتِ الجليلةِ وقوَّتُها وطلاقتُها، مع قِصَر حياةِ هذه الموجوداتِ في هذه الدنيا وزَهادَتِها فإن الآخرةَ تَتبَيَّنُ من خِلالِها،
    Hem zannetme ki haşre delâlet eden kâinatın âyât-ı tekviniyesi, şu geçen bahsettiğimize münhasırdır. Hayır, belki ekser mevcudatta sağa sola açılır perdeler gibi vecih ve keyfiyetleri vardır ki bir vechi Sâni’e şehadet ettiği gibi diğer vechi de haşre işaret eder. Mesela, insanın ahsen-i takvimdeki hüsn-ü masnuiyeti, Sâni’i gösterdiği gibi; o ahsen-i takvimdeki kabiliyet-i câmiasıyla kısa bir zamanda zeval bulması, haşri gösterir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أي إنَّ كلَّ شيءٍ يَقرأُ ويَستقرِئُ بلسانِ الحالِ: آمَنتُ بِالله وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ
    Bazı kere bir vecihle iki nazarla bakılsa hem Sâni’i hem haşri gösterir. Mesela, ekser eşyada görünen hikmetin tanzimi, inayetin tezyini, adaletin tevzini ve rahmetin taltifi; nasıl ki mahiyetlerine bakılsa, bir Sâni’-i Hakîm, Kerîm, Âdil, Rahîm’in dest-i kudretinden çıktığını gösterirler. Onun gibi bunların kuvveti ve hadsizlikleriyle beraber, şunların mazharları olan şu fâni mevcudatın ehemmiyetsiz ve az yaşamasına bakılsa, âhiret görünür.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === الخاتمة ===
    Demek ki her şey lisan-ı hal ile آمَنْتُ بِاللّٰهِ وبِاليَوْمِ الْآخِرِ okuyor ve okutturuyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنَّ الحقائقَ الاثنتَيْ عَشْرةَ السابِقةَ يُؤيِّدُ بعضُها البعضَ الآخرَ، وتُكمِّلُ إحداها الأُخرَى وتَسنُُدُها وتَدعمُها، فتَتبَيَّنُ النتيجَةُ من مجموعِها واتِّحادِها معًا؛ فأيُّ وَهْم يُمكِنُه أن يَنْفُذَ من هذه الأسوارِ الاِثنَيْ عشَرَ المُحكمةَ كالحديدِ، بل الألماسِ، ليُزعزِعَ الإيمانَ بالحشرِ المُحصَّنِ بالحِصنِ الحصِينِ؟
    <nowiki>*</nowiki>  *   *
    === '''HÂTİME''' ===
    Geçen on iki hakikat, birbirini teyid eder, birbirini tekmil eder, birbirine kuvvet verir. Bütün onlar birden ittihat ederek neticeyi gösterir. Hangi vehmin haddi var, şu demir gibi belki elmas gibi on iki muhkem surları delip geçebilsin tâ hısn-ı hasînde olan haşr-i imanîyi sarssın?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالآيةُ الكرِيمةُ  ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ اِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾  (لقمان:28)
    مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ اِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    تُفِيدُ أن خلقَ جميعِ البشرِ وحَشرَهُم سَهلٌ ويَسيرٌ على القُدرَةِ الإلهيةِ، كخلقِ إنسانٍ واحدٍ وحَشْرِهِ؛ نعم، وهو هكذا حيثُ فُصِّلتْ هذه الحقِيقةُ في بَحثِ «الحشر» من رسَالةِ «نُقطةٌ من نورِ مَعرِفةِ اللهِ جلَّ جلالُه»، إلّا أننا سَنشِيرُ هنا إلى خُلاصتِها مع ذكرِ الأمثلةِ، ومَن أرادَ التفصيلَ فَليُراجِع تلك الرسالةَ.
    âyet-i kerîmesi ifade ediyor ki: Bütün insanların halk olunması ve haşredilmesi, kudret-i İlahiyeye nisbeten bir tek insanın halkı ve haşri gibi âsandır. Evet, öyledir. “Nokta” namında bir risalede haşir bahsinde şu âyetin ifade ettiği hakikati tafsilen yazmışım. Burada yalnız bir kısım temsilatıyla hülâsasına bir işaret edeceğiz. Eğer istersen o “Nokta”ya müracaat et.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فمثلا:  ولله المثلُ الأعلى -ولا جدالَ في الأمثالِ- إن الشَّمسَ مثلما تُرسِل -ولو إراديًّا- ضوءَها بسهولةٍ تامةٍ إلى ذَرةٍ واحدةٍ، فإنها تُرسِلُه بالسهولةِ نفسِها إلى جميع الموادِّ الشفافَةِ التي لا حَصرَ لها، وذلك بسِرِّ «النُّورانيةِ»؛
    Mesela وَلِلّٰهِ الْمَثَلُ الْاَعْلٰ –temsilde kusur yok– nasıl ki '''“nuraniyet” sırrıyla''', güneşin cilvesi kendi ihtiyarıyla olsa da bir zerreye suhuletle verdiği cilveyi, aynı suhuletle hadsiz şeffafata da verir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإنَّ أخذَ بُؤبُؤِ ذرّةٍ شفافةٍ واحِدةٍ لصورةِ الشمسِ مُساوٍ لأخذِ سَطحِ البحرِ الواسِعِ لها، وذلك بسِرِّ«الشَّفافِيَّةِ»؛
    Hem '''“şeffafiyet” sırrıyla''', bir zerre-i şeffafenin küçük göz bebeği güneşin aksini almasında, denizin geniş yüzüne müsavidir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإنَّ الطفلَ مثلما يُمكِنُه أن يحرِّكَ دُميَتَه الشبيهةَ بالسفِينَةِ، يُمكِنُه أن يُحرِّكَ كذلك السفينةَ الحقيقيَّةَ، وذلك بِسرِّ «الانتِظامِ» الذي فيها؛
    Hem '''“intizam” sırrıyla''', bir çocuk parmağıyla gemi suretindeki oyuncağını çevirdiği gibi kocaman bir dritnotu da çevirir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإنَّ القائِدَ الذي يُسيِّرُ الجنديَّ الواحدَ بأمر «سِرْ»، يسوقُ الجيشَ بأكملِه بالكلمة نفسِها، وذلك بسرِّ «الامتِثالِ والطَّاعةِ».
    Hem '''“imtisal” sırrıyla''', bir kumandan bir tek neferi bir “Arş!” emriyle tahrik ettiği gibi bir koca orduyu da aynı kelime ile tahrik eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولو افتَرضْنا في الفضاءِ ميزانًا كبيرًا جدًا، وحسَّاس بحيثُ يتحسَّسُ وزنَ جَوْزَةٍ صغيرةٍ في الوقتِ الذي يمكِنُ أن توضَعَ في كِفَّتيْهِ شَمسانِ، ووُجِدَت في الكِفَّتيْنِ جَوْزَتانِ أو شَمسانِ، فإن الجُهدَ المبذولَ لرفعِ إحدَى الكِفَّتيْنِ إلى الأعلى والأخرَى إلى الأسفلِ هو الجُهدُ نفسُه، وذلك بسرِّ «الموازَنةِ».
    Hem '''“muvazene” sırrıyla''', cevv-i fezada bir terazi ki öyle hakiki hassas ve o derece büyük farz edelim ki iki ceviz terazinin iki gözüne konulsa hisseder ve iki güneşi de istiab edip tartar. O iki kefesinde bulunan iki cevizi birini semavata, birini yere indiren aynı kuvvetle, iki şems bulunsa birini arşa, diğerini ferşe kaldırır, indirir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فما دام أكبرُ شيءٍ يتساوَى مع أصغرِهِ، وما لا يُعدُّ من الأشياءِ يَظهَرُ كالشيءِ الواحِدِ في هذه المخلوقاتِ والممكناتِ الاعتِياديَّةِ -وهي ناقِصةٌ فانِيةٌ- لما فيها من «النُّورانِيَّةِ والشفافيَّةِ والانتظامِ والامتِثالِ والموازَنةِ» فلا بُدَّ أنه يتساوى أمامَ القديرِ المطلقِ القَليلُ والكثيرُ، والصغيرُ والكبيرُ، وحشرُ فردٍ واحدٍ وجميعِ الناسِ بصَيحةٍ واحِدةٍ، وذلك بالتجلياتِ «النُّورانيَّةِ» المطلقةِ لقدرتِه الذاتِيَّةِ المطلقةِ وهي في منتهى الكمالِ، و«الشَّفافيَّةِ» في مَلكوتيَّةِ الأشياءِ، و«انتِظامِ» الحِكمةِ والقَدرِ، و«امتِثالِ» الأشياءِ وطاعَتِها لأوامرِهِ التكوِينِيَّةِ امتثالا كامِلا، وبسِرِّ «مُوازَنةِ» الإمكانِ الذي هو تَساوِي الممكناتِ في الوُجودِ والعَدمِ.
    Madem şu âdi, nâkıs, fâni mümkinatta nuraniyet ve şeffafiyet ve intizam ve imtisal ve muvazene sırlarıyla, en büyük şey en küçük şeye müsavi olur. Hadsiz hesapsız şeyler, bir tek şeye müsavi görünür. Elbette Kadîr-i Mutlak’ın zatî ve nihayetsiz ve gayet kemalde olan kudretinin nurani tecelliyatı ve melekûtiyet-i eşyanın şeffafiyeti ve hikmet ve kaderin intizamatı ve eşyanın evamir-i tekviniyesine kemal-i imtisali ve mümkinatın vücud ve ademinin müsavatından ibaret olan imkânındaki muvazenesi sırlarıyla; az çok, büyük küçük ona müsavi olduğu gibi bütün insanları bir tek insan gibi bir sayha ile haşre getirebilir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ثم إنَّ مراتِبَ القوَّةِ والضَّعفِ لشيءٍ مَا عبارةٌ عن تداخُلِ ضِدِّهِ فيهِ، فدَرجاتُ الحرارةِ -مثلا- ناتجةٌ من تداخُلِ البُرودَةِ، ومَراتبُ الجمالِ متولِّدةٌ من تداخلِ القُبحِ، وطبقاتُ الضوءِ من دُخولِ الظلامِ؛ إلّا أنّ الشيءَ إن كان ذاتيا غيرَ عَرَضيٍّ، فلا يمكنُ لضِدِّهِ أن يَدخُلَ فيه، وإلّا لزِمَ اجتماعُ الضِّدَّين وهو محالٌ، أي إنه لا مراتبَ فيما هو ذاتيٌّ وأصيلٌ، فما دامت قدرةُ القديرِ المطلقِ ذاتِيةً، وليست عَرَضَيَّةً كالممكناتِ، وهي في الكمالِ المطلقِ، فمنَ المحالِ إذن أن يَطرأَ عليها العَجزُ الذي هو ضِدُّها،
    Hem bir şeyin kuvvet ve zaafça meratibi, o şeyin içine zıddının müdahalesidir. Mesela, hararetin derecatı, soğuğun müdahalesidir. Güzelliğin meratibi, çirkinliğin müdahalesidir. Ziyanın tabakatı, karanlığın müdahalesidir. Fakat bir şey zatî olsa, ârızî olmazsa onun zıddı ona müdahale edemez. Çünkü cem’-i zıddeyn lâzım gelir. Bu ise muhaldir. Demek asıl, zatî olan bir şeyde meratib yoktur. Madem Kadîr-i Mutlak’ın kudreti zatîdir, mümkinat gibi ârızî değildir ve kemal-i mutlaktadır. Onun zıddı olan acz ise muhaldir ki tedahül etsin.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أي إنّ خَلقَ الربيعِ بالنِّسبَةِ لذي الجلالِ هيِّنٌ كخلقِ زَهرةٍ واحدةٍ، وبَعثَ الناسِ جميعا سهلٌ ويَسيرٌ عليه كبعثِ فردٍ منهم، بخلافِ ما إذا أُسنِدَ الأمرُ إلى الأسبابِ الماديةِ، فعِندئذٍ يكونُ خَلقُ زَهرةٍ واحدةٍ صعبًا كخلقِ الرَّبيعِ.
    Demek, bir baharı halk etmek, Zat-ı Zülcelal’ine bir çiçek kadar ehvendir. Eğer esbaba isnad edilse bir çiçek bir bahar kadar ağır olur. Hem bütün insanları ihya edip haşretmek, bir nefsin ihyası gibi kolaydır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكلُّ ما تَقدَّمَ من الأمثلةِ والإيضاحاتِ -منذُ البدايةِ- لصُوَر الحشرِ وحقائقِه ما هي إلَّا من فيضِ القرآنِ الكَريمِ، وما هي إلّا لتهيئةِ النَّفسِ للتَّسليمِ والقلبِ للقَبولِ؛ إذ القولُ الفصلُ للقرآنِ الكريمِ والكلامُ كلامُه، والقولُ قولُه، فلْنستَمِعْ إليه..
    Mesele-i haşrin başından buraya kadar olan temsil suretlerine ve hakikatlerine dair olan beyanatımız, Kur’an-ı Hakîm’in feyzindendir. Nefsi teslime, kalbi kabule ihzardan ibarettir. Asıl söz ise Kur’an’ındır. Zira söz odur ve söz onundur. Dinleyelim:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فللّه الحجَّة البالغة..
    فَلِلّٰهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فَانْظُرْ اِلٰٓى آثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ (الروم:50)
    فَانْظُرْ اِلٰٓى آثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِىَ رَم۪يمٌ ❀ قُلْ يُحْي۪يهَا الَّذ۪ٓي اَنْشَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَل۪يمٌ ❀  يَٓا اَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّـكُمْ اِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظ۪يمٌ ❀ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّٓا اَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارٰى وَمَا هُمْ بِسُكَارٰى وَلٰكِنَّ عَذَابَ اللّٰهِ شَد۪يدٌ ❀  اَللّٰهُ لَٓااِلٰهَ اِلَّاهُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ اِلٰى يَوْمِ                     الْقِيٰمَةِ لَا رَيْبَ ف۪يهِ وَمَنْ اَصْدَقُ مِنَ اللّٰهِ حَد۪يثًا
    ﴿ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِىَ رَم۪يمٌ ❀ قُلْ يُحْي۪يهَا الَّذ۪ٓي اَنْشَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَل۪يمٌ ﴾ (يس:78-79)
    </div>      
    ﴿ يَٓا اَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّـكُمْ اِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظ۪يمٌ ❀ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّٓا اَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارٰى وَمَا هُمْ بِسُكَارٰى وَلٰكِنَّ عَذَابَ اللّٰهِ شَد۪يدٌ ﴾ (الحج:1-2)
    ﴿ اَللّٰهُ لَٓااِلٰهَ اِلَّاهُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ اِلٰى يَوْمِ الْقِيٰمَةِ لَا رَيْبَ ف۪يهِ وَمَنْ اَصْدَقُ مِنَ اللّٰهِ حَد۪يثًا ﴾ (النساء:87)      


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ﴿ اِنَّ الْاَبْرَارَ لَف۪ي نَع۪يمٍ ❀ وَ اِنَّ الْفُجَّارَ لَف۪ي جَح۪يمٍ ﴾ (الانفطار:13-14)
    اِنَّ الْاَبْرَارَ لَف۪ي نَع۪يمٍ ❀ وَ اِنَّ الْفُجَّارَ لَف۪ي جَح۪يمٍ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ﴿ اِذَا زُلْزِلَتِ الْاَرْضُ زِلْزَالَهَا ❀ وَاَخْرَجَتِ الْاَرْضُ اَثْقَالَهَا ❀ وَقَالَ الْاِنْسَانُ مَالَهَا ❀ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ اَخْبَارَهَا ❀ بِاَنَّ رَبَّكَ اَوْحٰى لَهَا ❀ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ اَشْتَاتًا لِيُرَوْا اَعْمَالَهُمْ ❀ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ❀ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ (سورة الزلزال)
    اِذَا زُلْزِلَتِ الْاَرْضُ زِلْزَالَهَا ❀ وَاَخْرَجَتِ الْاَرْضُ اَثْقَالَهَا ❀ وَقَالَ الْاِنْسَانُ مَالَهَا ❀ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ اَخْبَارَهَا ❀ بِاَنَّ رَبَّكَ اَوْحٰى لَهَا ❀ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ اَشْتَاتًا لِيُرَوْا اَعْمَالَهُمْ ❀ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ❀ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ﴿ اَلْقَارِعَةُ ❀ مَا الْقَارِعَةُ ❀ وَمَٓا اَدْرٰيكَ مَا الْقَارِعَةُ ❀ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ❀ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ❀ فَاَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَاز۪ينُهُ ❀ فَهُوَ ف۪ي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ❀ وَاَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ❀ فَاُمُّهُ هَاوِيَةٌ ❀ وَمَٓا اَدْرٰيكَ مَاهِيَهْ ❀ نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾ (سورة القارعة)
    اَلْقَارِعَةُ ❀ مَا الْقَارِعَةُ ❀ وَمَٓا اَدْرٰيكَ مَا الْقَارِعَةُ ❀ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ❀ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ❀ فَاَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَاز۪ينُهُ ❀ فَهُوَ ف۪ي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ❀ وَاَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ❀ فَاُمُّهُ     هَاوِيَةٌ ❀ وَمَٓا اَدْرٰيكَ مَاهِيَهْ ❀ نَارٌ حَامِيَةٌ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ﴿ وَ لِلّٰهِ غَيْبُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَمَٓا اَمْرُ السَّاعَةِ اِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اَوْ هُوَ اَقْرَبُ اِنَّ اللّٰهَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ ﴾ (النحل:77)
    وَ لِلّٰهِ غَيْبُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَمَٓا اَمْرُ السَّاعَةِ اِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اَوْ هُوَ اَقْرَبُ اِنَّ اللّٰهَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولْنستَمِع إلى أمثالِ هذه الآياتِ البيِّناتِ، ولنقُل: آمنَّا وصدَّقنا..
    Daha bunlar gibi âyât-ı beyyinat-ı Kur’aniyeyi dinleyip “Âmennâ ve saddaknâ” diyelim.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    آمَنْتُ بِاللّٰهِ وَمَلٰئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللّٰهِ تَعَالٰى وَالْبَعْثُ بَعْدَ الْمَوْتِ حَقٌّ وَاَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ وَاَنَّ الشَّفَاعَةَ حَقٌّ وَاَنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا حَقٌّ وَاَنَّ اللّٰهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ
    آمَنْتُ بِاللّٰهِ وَمَلٰئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللّٰهِ تَعَالٰى وَالْبَعْثُ بَعْدَ الْمَوْتِ حَقٌّ وَاَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ وَاَنَّ الشَّفَاعَةَ حَقٌّ وَاَنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا حَقٌّ وَاَنَّ اللّٰهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    اَشْهَدُ اَنْ لَااِلٰهَ اِلَّااللّٰهُ وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللّٰهِ
    اَشْهَدُ اَنْ لَااِلٰهَ اِلَّااللّٰهُ وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللّٰهِ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    اَللّٰهُمَّ صَلِّ عَلٰى اَلْطَفِ وَاَشْرَفِ وَاَكْمَلِ وَاَجْمَلِ ثَمَرَاتِ طُوبَاءِ رَحْمَتِكَ الَّذِي اَرْسَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَوَسِيلَةً لِوُصُولِنَا اِلٰى اَزْيَنِ وَاَحْسَنِ وَاَجْلٰى وَاَعْلٰى ثَمَرَاتِ تِلْكَ الطُّوبَاءِ الْمُتَدَلِّيَةِ عَلٰى دَارِ الْآخِرَةِ اَىِ الْجَنَّةِ ❀ اَللّٰهُمَّ اَجِرْنَا وَاَجِرْ وَالِدَيْنَا مِنَ النَّارِ وَاَدْخِلْنَا وَاَدْخِلْ وَالِدَيْنَا الْجَنَّةَ مَعَ الْاَبْرَارِ بِجَاهِ نَبِيِّكَ الْمُخْتَارِ آمِينَ
    اَللّٰهُمَّ صَلِّ عَلٰى اَلْطَفِ وَاَشْرَفِ وَاَكْمَلِ وَاَجْمَلِ ثَمَرَاتِ طُوبَاءِ رَحْمَتِكَ الَّذِي اَرْسَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَوَسِيلَةً لِوُصُولِنَا اِلٰى اَزْيَنِ وَاَحْسَنِ وَاَجْلٰى وَاَعْلٰى ثَمَرَاتِ تِلْكَ الطُّوبَاءِ الْمُتَدَلِّيَةِ عَلٰى دَارِ الْآخِرَةِ اَىِ الْجَنَّةِ ❀ اَللّٰهُمَّ اَجِرْنَا وَاَجِرْ وَالِدَيْنَا مِنَ النَّارِ وَاَدْخِلْنَا وَاَدْخِلْ وَالِدَيْنَا الْجَنَّةَ مَعَ الْاَبْرَارِ بِجَاهِ نَبِيِّكَ الْمُخْتَارِ آمِينَ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فيا أيها الأخُ القارِئُ لهذه الرسَالةِ بإنْصافٍ!
    '''Ey şu risaleyi insaf ile mütalaa eden kardeş!'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    لا تَقُل لِمَ لا أُحِيطُ فهمًا بهذه الكلمةِ العاشرةِ.. لا تَغتَمَّ ولا تتَضايقْ من عَدمِ الإحاطةِ بها، فإنَّ فَلاسِفةً دُهاةً -أمثالَ ابنِ سِينا(*)- قد قالوا: «الحشرُ ليسَ على مَقايِيسَ عَقليةٍ» أي نُؤمِنُ به فحَسبُ، فلا يُمكِنُ سلوكُ سَبيلِه، وسبرُ غَورِه بالعقلِ.. وكذلك اتَّفقَ علماءُ الإسلامِ بأن قَضيَّةَ الحشرِ قَضِيّةٌ نقليَّةٌ، أي إنَّ أدلَّتَها نقليةٌ، ولا يمكنُ الوصولُ إليها عَقلًا؛ لذا فإن سَبيلًا غائِرا، وطَريقًا عَاليا سامِيا في الوقت نفسِه، لا يُمكِنُ أن يكونَ بسُهولةِ طَريقٍ عامٍّ يمكن أنْ يسلُكَه كلُّ سالِكٍ.
    Deme, niçin bu Onuncu Söz’ü birden tamamıyla anlayamıyorum ve tamam anlamadığın için sıkılma! Çünkü İbn-i Sina gibi bir dâhî-yi hikmet, اَلْحَشْرُ لَيْسَ عَلٰى مَقَايِيسَ عَقْلِيَّةٍ demiş. “İman ederiz fakat akıl bu yolda gidemez.” diye hükmetmiştir. Hem bütün ulema-i İslâm “Haşir, bir mesele-i nakliyedir, delili nakildir, akıl ile ona gidilmez.” diye müttefikan hükmettikleri halde, elbette o kadar derin ve manen pek yüksek bir yol; birdenbire bir cadde-i umumiye-i akliye hükmüne geçemez.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولكن بفيضِ القرآنِ الكَريمِ، وبرَحمةِ الخالقِ الرَّحيمِ قد مُنَّ علينا السَّيرُ في هذا الطريقِ الرفيعِ العَميقِ، في هذا العَصرِ الذي تَحطَّمَ فيه التقليدُ وفسدَ الإذعانُ والتسليمُ؛ فما علينا إلّا تقدِيمُ آلافِ الشُّكرِ إلى البارئِ عزَّ وجلَّ على إحسانِه العميمِ وفَضلِه العَظيمِ، إذ إنَّ هذا القدْرَ يكفِي لإنقاذِ إيمانِنا وسلامتِه، فلا بُدَّ أن نرضَى بمِقدارِ فهمِنا ونَزيدَه بتكرارِ المطالعةِ.
    Kur’an-ı Hakîm’in feyziyle ve Hâlık-ı Rahîm’in rahmetiyle, şu taklidi kırılmış ve teslimi bozulmuş asırda, o derin ve yüksek yolu şu derece ihsan ettiğinden bin şükretmeliyiz. Çünkü imanımızın kurtulmasına kâfi gelir. '''Fehmettiğimiz miktarına memnun olup tekrar mütalaa ile izdiyadına çalışmalıyız.'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    هذا وإنَّ أحدَ أسرارِ عَدمِ الوُصولِ إلى مسألةِ الحشر عقلا هو أنّ الحشرَ الأعظمَ من تَجلِّي «الاسمِ الأعظَمِ»، لذا فإن رُؤيةَ وإِراءةَ الأفعالِ العَظيمةِ الصَّادرةِ من تَجلِّي الاسمِ الأَعظَمِ، ومن تجلي المرتبةِ العُظمَى لكلِّ اسمٍ منَ الأسماءٍ الحسنى هي التي تَجعلُ إثباتَ الحشرِ الأعظمِ سهلا هيِّنا وقاطعًا كإثباتِ الرَّبيعِ وثبوتِه، والذي يُؤدِّي إلى الإذعانِ القطعيِّ والإيمانِ الحقِيقيِّ.
    Haşre akıl ile gidilmemesinin bir sırrı şudur ki: Haşr-i a’zam, ism-i a’zamın tecellisiyle olduğundan Cenab-ı Hakk’ın ism-i a’zamının ve her ismin a’zamî mertebesindeki tecellisiyle zâhir olan ef’al-i azîmeyi görmek ve göstermekle, haşr-i a’zam bahar gibi kolay ispat ve kat’î iz’an ve tahkikî iman edilir. Şu Onuncu Söz’de feyz-i Kur’an ile öyle görülüyor ve gösteriliyor. Yoksa akıl, dar ve küçük düsturlarıyla kendi başına kalsa âciz kalır, taklide mecbur olur.
    وعلى هذه الصُّورةِ تَوضَّحَ الحَشرُ ووُضِّحَ في هذه «الكلمةِ العاشِرةِ» بفيضِ القُرآنِ الكريمِ، وإلّا لو اعتَمدَ العَقلُ على مَقايِيسِهِ الكَليلةِ لظلَّ عاجِزًا مُضطرًا إلى التَّقليدِ.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    <nowiki>*</nowiki> * *
    <nowiki>*</nowiki> *  *
     
    </div>
    == ذيلٌ مهمٌ  للكلمةِ العاشِرةِ والقطعة الأولى من لاحقتها ==


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    == '''Onuncu Söz’ün Mühim Bir Zeyli ve Lâhikasının Birinci Parçası''' ==
    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ﴿ فَسُبْحَانَ اللّٰهِ ح۪ينَ تُمْسُونَ وَح۪ينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَعَشِيًّا وَح۪ينَ تُظْهِرُونَ ❀ يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَيُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذٰلِكَ تُخْرَجُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ٓ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ اِذَٓا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ٓ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُٓوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ خَلْقُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ اِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِلْعَالِم۪ينَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ مَنَامُكُمْ بِالَّيْلِ وَالنَّـهَارِ وَابْتِغَٓاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِـه۪ اِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ يُر۪يكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَٓاءِ مَٓاءً فَيُحْيِي بِهِ الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ٓ اَنْ تَقُومَ السَّمَٓاءُ وَالْاَرْضُ بِأَمْرِه۪ ثُمَّ اِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْاَرْضِ اِذَٓا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ❀ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ❀ وَهُوَ الَّذ۪ي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُع۪يدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْاَعْلٰى فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَهُوَ الْعَز۪يزُ الْحَك۪يمُ ﴾ (الروم:17-27)  
    فَسُبْحَانَ اللّٰهِ ح۪ينَ تُمْسُونَ وَح۪ينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَعَشِيًّا وَح۪ينَ تُظْهِرُونَ ❀ يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَيُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذٰلِكَ تُخْرَجُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ٓ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ اِذَٓا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ٓ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُٓوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ خَلْقُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ اِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِلْعَالِم۪ينَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ مَنَامُكُمْ بِالَّيْلِ وَالنَّـهَارِ وَابْتِغَٓاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِـه۪ اِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ يُر۪يكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَٓاءِ مَٓاءً فَيُحْيِي بِهِ الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ٓ اَنْ تَقُومَ السَّمَٓاءُ وَالْاَرْضُ بِأَمْرِه۪ ثُمَّ اِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْاَرْضِ اِذَٓا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ❀ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ❀ وَهُوَ الَّذ۪ي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُع۪يدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْاَعْلٰى فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَهُوَ الْعَز۪يزُ الْحَك۪يمُ
    </div>  


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    سنُبيّن في هذا «الشُّعاعِ التاسعِ» بُرهانا قويا، وحجةً كبرى، لما تُبيِّنُه هذه الآياتُ الكريمةُ من مِـحوَرِ الإيمانِ وقُطبِه، وهو الحشرُ، ومن البراهِينِ الساميةِ المقدَّسةِ الدالةِ علَيهِ.
    İmanın bir kutbunu gösteren bu semavî âyât-ı kübranın ve haşri ispat eden şu kudsî berahin-i uzmanın bir nükte-i ekberi ve bir hüccet-i a’zamı, bu Dokuzuncu Şuâ’da beyan edilecek.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإنه لعِنايةٌ ربانِيةٌ لطيفةٌ أن كَتبَ «سعيدٌ القدِيمُ» قبل ثلاثين سنةً في خِتام مُؤلَّفِه «محاكمات» الذي كتبَه مُقدِّمةً لتفسيرِ «إشاراتِ الإعجازِ في مظانِّ الإيجازِ» ما يأتي:
    Latîf bir inayet-i Rabbaniyedir ki bundan otuz sene evvel Eski Said, yazdığı tefsir mukaddimesi Muhakemat namındaki eserin âhirinde
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المقصِد الثاني:  سوفَ تُفسَّر آيتانِ تُبيِّنان الحشرَ وتُشيرانِ إليهِ.
    “İkinci Maksat: Kur’an’da haşre işaret eden iki âyet tefsir ve beyan edilecek.  نَخُو بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ  deyip durmuş, daha yazamamış. Hâlık-ı Rahîm’ime delail ve emarat-ı haşriye adedince şükür ve hamdolsun ki otuz sene sonra tevfik ihsan eyledi.
    ولكنه ابتَدأَ بـ: نخو(<ref>
    </div>
    نخو: كلِمةٌ كرديةٌ باللهجةِ الكُرْمانجِيّة الشمالية. تعني: فإذن.
    </ref>) بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ وتوقَّفَ، ولم تُتَح له الكِتابةُ.
    فألْفُ شُكرٍ وشُكرٍ للخالقِ الكريمِ وبِعَددِ دلائِلِ الحشرِ وأماراتِه أن وفَّقنِي لبيان ذلك التفسيرِ بعدَ ثلاثين سنةً،


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فأنعمَ سبحانَه وتعالى عليَّ بتَفسِيرِ الآيةِ الأُولَى:
    Evet, bundan dokuz on sene evvel, o iki âyetten birinci âyet olan
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فَانْظُرْ اِلٰٓى آثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ (الروم:50)
    فَانْظُرْ اِلٰٓى آثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وذلكَ قبلَ نَحوِ عَشرِ سَنواتٍ، فأصْبحتِ «الكلمةَ العاشِرةَ» و«الكلمةَ التاسِعةَ والعشرينَ» وهما حُجَّتان ساطعتانِ قويَّتانِ أخْرستَا المنكرينَ الجاحِدينَ..
    ferman-ı İlahî’nin iki parlak ve çok kuvvetli hüccetleri ve tefsirleri bulunan Onuncu Söz ile Yirmi Dokuzuncu Söz’ü in’am etti, münkirleri susturdu.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وبعدَ حَوالي عَشرِ سنواتٍ من بيانِ ذلِكُما الحِصنَينِ الحَصِينَينِ للحشرِ، أفاضَ عليَّ سبحانَه وتعالى وأنعمَ بتَفسيرِ الآياتِ المتصدِّرةِ لهذا الشعاعِ، فكانَ هذه الرِّسالةَ.
    Hem iman-ı haşrînin hücum edilmez o iki metin kalesinden dokuz ve on sene sonra ikinci âyet olan başta mezkûr âyât-ı ekberin tefsirini bu risale ile ikram etti. İşte bu Dokuzuncu Şuâ, mezkûr âyâtıyla işaret edilen dokuz âlî makam ve bir ehemmiyetli mukaddimeden ibarettir.
    هذا «الشُّعاعُ التاسِعُ» عبارةٌ عن مُقدِّمةٍ مُهمة وتِسعةِ مقاماتٍ سَاميةٍ، أشارت إليها الآياتُ الكريمةُ.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    === المقدمة ===
    === '''MUKADDİME''' ===
    Haşir akidesinin pek çok ruhî faydalarından ve hayatî neticelerinden bir tek netice-i câmiayı ihtisar ile beyan ve hayat-ı insaniyeye hususan hayat-ı içtimaiyesine ne derece lüzumlu ve zarurî olduğunu izhar ve bu iman-ı haşrî akidesinin pek çok hüccetlerinden bir tek hüccet-i külliyeyi icmal ile göstermek ve o akide-i haşriye ne derece bedihî ve şüphesiz bulunduğunu ifade etmekten ibaret olarak iki noktadır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    هذه المقدِّمةُ نقطتان: سَنذكرُ أَولًا وباخْتصارٍ نتيجةً واحِدةً جامعةً من بين النتائجِ الحياتِيَّةِ والفوائدِ الرُّوحيةِ لعقِيدةِ الحشرِ، مُبيِّنينَ مدى ضرُورةِ هذه العقيدةِ للحياةِ الإنسانيَّةِ ولاسيَّما الاجتماعيةِ.
    ==== '''Birinci Nokta''' ====
    ونُورِدُ كذلك حُجةً كلِّيةً واحدةً -من بين الحُجَجِ العديدةِ لعقيدةِ الإيمانِ بالحشرِ- مُبيِّنينَ أيضا مدى بداهتِها ووُضوحِها حيثُ لا يداخِلها ريبٌ ولا شُبهةٌ.
    Âhiret akidesi, hayat-ı içtimaiye ve şahsiye-i insaniyenin üssü’l-esası ve saadetinin ve kemalâtının esasatı olduğuna, yüzer delillerinden bir mikyas olarak yalnız dört tanesine işaret edeceğiz:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ==== النقطة الأولى ====
    '''Birincisi:''' Nev-i beşerin hemen yarısını teşkil eden çocuklar, yalnız cennet fikriyle onlara dehşetli ve ağlatıcı görünen ölümlere ve vefatlara karşı dayanabilirler. Ve gayet zayıf ve nazik vücudlarında bir kuvve-i maneviye bulabilirler. Ve her şeyden çabuk ağlayan gayet mukavemetsiz mizac-ı ruhlarında, o cennet ile bir ümit bulup mesrurane yaşayabilirler. Mesela, cennet fikriyle der: “Benim küçük kardeşim veya arkadaşım öldü, cennetin bir kuşu oldu. Cennette gezer, bizden daha güzel yaşar.”
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    سَنشِيرُ إلى أربعةِ أدلَّةٍ على سبيلِ المثالِ وكنَمُوذَجٍ قياسيٍّ من بَين مئاتِ الأدلةِ على أن عقيدةَ الآخِرةِ هي أُسُّ الأساسِ لحياةِ الإنسانِ الاجتِماعيةِ والفرديةِ، وأساسُ جميعِ كمالاتِه ومُثلِه وسعادَتِه.
    Yoksa her vakit etrafında kendi gibi çocukların ve büyüklerin ölümleri, o zayıf bîçarelerin endişeli nazarlarına çarpması; mukavemetlerini ve kuvve-i maneviyelerini zîr ü zeber ederek gözleriyle beraber ruh, kalp, akıl gibi bütün letaifini dahi öyle ağlattıracak, ya mahvolup veya divane bir bedbaht hayvan olacaktı.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الدليل الأول
    '''İkinci Delil:''' Nev-i insanın bir cihette nısfı olan ihtiyarlar, yalnız hayat-ı uhreviye ile yakınlarında bulunan kabre karşı tahammül edebilirler. Ve çok alâkadar oldukları hayatlarının yakında sönmesine ve güzel dünyalarının kapanmasına mukabil bir teselli bulabilirler ve çocuk hükmüne geçen seriü’t-teessür ruhlarında ve mizaçlarında, mevt ve zevalden çıkan elîm ve dehşetli meyusiyete karşı ancak hayat-ı bâkiye ümidiyle mukabele edebilirler.
    إنَّ الأطفالَ الذينَ يُمثِّلونَ نِصفَ البشريَّةِ، لا يمكِنُهم أن يتَحمَّلوا تلك الحالاتِ التي تَبدُو مُؤلِمةً ومُفجِعةً أمامَهم من حالاتِ الموتِ والوَفاةِ إلّا بما يَجدونَه في أنفسِهِم وكِيانِهم الرقِيقِ اللطيفِ من القوَّةِ المعنويَّةِ النَّاشئةِ من «الإيمانِ بالجنَّةِ»، ذلك الإيمانِ الذي يَفتَحُ بابَ الأملِ المُشرقِ أمام طبائِعِهمُ الرَّقيقةِ التي لا تتمكنُ من المقاوَمةِ والصمودِ وتَبكِي لأدنَى سَببٍ؛ فيتَمكَّنونَ به من العيش بهناءٍ وفَرحٍ وسُرورٍ، فيُحاوِرُ الطِّفلُ المؤمنُ بالجنةِ نفسَه: إن أخي الصغيرَ أو صديقي الحبيبَ الذي تُوُفي، أصبحَ الآن طيْرًا من طيورِ الجنةِ، فهو إذن يَسرحُ من الجنةِ حيثُ يشاءُ، ويَعيشُ أفضلَ وأهنأَ مِنَّا. (<ref>
    </div>
    عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ «.. أرواحُهُم في جَوفِ طَيْرٍ خُضْرٍ لها قَناديلُ معَلّقةٌ بالعرشِ تَسرَحُ من الجنّةِ حيثُ شاءَتْ»، (مسلم، الإمارة 121؛ الترمذي، تفسير سورة آل عمران 9؛ أبو داود، الجهاد 25؛ ابن ماجه، الجنائز  4، الجهاد 16؛ الدارمي، الجهاد 18؛ أحمد بن حنبل، المسند 1/265).
    </ref>)


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإلّا فلولا هذا الإيمانُ بالجنةِ، لهَدمَ الموتُ الذي يُصِيبُ أطفالا أمثالَه -وكذلك الكبارَ- تلك القوَّةَ المعْنوِيَّةَ لهؤلاء الذين لا حِيلةَ لهم ولا قوَّة، ولحطَّمَ نفسِياتِهِم، ولدَمَّر حياتَهم ونغَّصَها، فتَبكِي عِندئذٍ جميعُ جوارحِهم ولطائِفهِم من رُوحٍ وقلبٍ وعقلٍ مع بُكاءِ عيونِهم؛ فإمَّا أن تموتَ أحاسِيسُهم وتَغلُظَ مشاعِرُهم أو يُصبِحُوا كالحيواناتِ الضالةِ التَّعِسةِ.
    Yoksa o şefkate lâyık muhteremler ve sükûnete ve istirahat-i kalbiyeye çok muhtaç o endişeli babalar ve analar, öyle bir vaveylâ-i ruhî ve bir dağdağa-i kalbî hissedeceklerdi ki bu dünya, onlara zulmetli bir zindan ve hayat dahi kasavetli bir azap olurdu.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الدليل الثاني
    '''Üçüncü Delil:''' İnsanların hayat-ı içtimaiyesinin medarı olan gençler, delikanlılar, şiddet-i galeyanda olan hissiyatlarını ve ifratkâr bulunan nefis ve hevalarını tecavüzattan ve zulümlerden ve tahribattan durduran ve hayat-ı içtimaiyenin hüsn-ü cereyanını temin eden yalnız cehennem fikridir.
    إنَّ الشُّيوخَ الذين هم نِصفُ البَشريةِ، إنما يتَحمَّلونَ ويَصبِرونَ وهم على شَفيرِ القَبرِ بـ«الإيمانِ بالآخِرةِ»، ولا يَجدونَ الصَّبرَ والسُّلوانَ من قُربِ انطفاءِ شُعلةِ حَياتِهم العَزيزةِ عليهم، ولا مِنِ انغِلاقِ بابِ دنياهُمُ الحلوَةِ الجميلةِ في وُجوهِهم إلّا في ذلك الإيمانِ؛ فهؤلاءِ الشُّيوخُ الذين عادُوا كالأطفالِ وأصبحوا مُرهَفي الحِسِّ في أرواحِهم وطبائِعهِم، إنما يُقابِلونَ ذلك اليأسَ القاتِلَ الأليمَ الناشِئَ من الموتِ والزَّوالِ، ويَصبِرونَ عليه بالأملِ في الحياةِ الآخِرةِ،
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإلّا فلولا هذا الإيمانُ بالآخرةِ لشعرَ هؤلاءِ الآباءُ والأمهاتُ الذين هم أجدَرُ بالشَّفَقةِ والرَّأفةِ والذين هم في أشدِّ الحاجةِ إلى الاطمئنانِ والسَّكينةِ والحياةِ الهادِئةِ، ضِرامًا رُوحيًّا واضطِرابًا نَفسِيًّا وقَلقًا قلبيًّا، ولضاقتْ عليهم الدنيا بما رَحُبت، ولتَحوَّلت سِجنا مُظلِما رَهيبًا، ولانقَلبَتِ الحياةُ إلى عذابٍ أليمٍ قاسٍ.
    Yoksa cehennem endişesi olmazsa “El-hükmü li’l-galib” kaidesiyle o sarhoş delikanlılar, hevesatları peşinde bîçare zayıflara, âcizlere, dünyayı cehenneme çevireceklerdi ve yüksek insaniyeti gayet süflî bir hayvaniyete döndüreceklerdi.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الدليل الثالث
    '''Dördüncü Delil:''' Nev-i beşerin hayat-ı dünyeviyesinde en cem’iyetli merkez ve en esaslı zemberek ve dünyevî saadet için bir cennet, bir melce, bir tahassungâh ise aile hayatıdır. Ve herkesin hanesi, küçük bir dünyasıdır. Ve o hane ve aile hayatının hayatı ve saadeti ise samimi ve ciddi ve vefadarane hürmet ve hakiki ve şefkatli ve fedakârane merhamet ile olabilir. Ve bu hakiki hürmet ve samimi merhamet ise ebedî bir arkadaşlık ve daimî bir refakat ve sermedî bir beraberlik ve hadsiz bir zamanda ve hudutsuz bir hayatta birbiriyle pederane, ferzendane, kardeşane, arkadaşane münasebetlerin bulunmak fikriyle, akidesiyle olabilir.
    إنَّ الشَّبابَ والمراهِقينَ الذين يُمثِّلونَ مِـحوَرَ الحياةِ الاجتماعيةِ لا يُهدِّئُ فَوْرَةَ مشاعِرهِم، ولا يَمنعهُم من الظُّلمِ والتخريبِ وتجاوزِ الحدودِ، ولا يَمنعُ طيشَ أنفُسِهم ونَزواتِها، ولا يُؤمِّنُ السيرَ الأفضلَ في علاقاتِهمُ الاجتماعِيَّةِ إلّا الخوفُ من نارِ جهنمَ،
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فلولا هذا الخوفُ من عذابِ جهنَّمَ لقَلَبَ هؤلاء المراهقونَ الطائِشونَ الثَّمِلونَ بأهوائِهمُ الدنيا إلى جَحيمٍ تَتأجَّجُ على الضُّعفاءِ والعجائزِ، حيث «الحُكمُ للغالبِ» ولَحَوَّلوا الإنسانِيَّةَ السَّامِيةَ إلى حَيوانيَّةٍ سافلةٍ.
    Mesela, der: “Bu haremim, ebedî bir âlemde, ebedî bir hayatta, daimî bir refika-i hayatımdır. Şimdilik ihtiyar ve çirkin olmuş ise de zararı yok. Çünkü ebedî bir güzelliği var, gelecek. Ve böyle daimî arkadaşlığın hatırı için her bir fedakârlığı ve merhameti yaparım.” diyerek o ihtiyare karısına, güzel bir huri gibi muhabbetle, şefkatle, merhametle mukabele edebilir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الدليل الرابع
    Yoksa kısacık bir iki saat surî bir refakatten sonra ebedî bir firak ve müfarakata uğrayan arkadaşlık, elbette gayet surî ve muvakkat ve esassız, hayvan gibi bir rikkat-i cinsiye manasında ve bir mecazî merhamet ve sun’î bir hürmet verebilir. Ve hayvanatta olduğu gibi başka menfaatler ve sair galip hisler, o hürmet ve merhameti mağlup edip o dünya cennetini, cehenneme çevirir.
    إن الحياةَ العائِليةَ هي مَركزٌ جامِعٌ لحياةِ البشرِ الدُّنيويةِ ولَولبُها وهي جَنةُ سَعادتِها وقَلعتُها الحصِينةُ وملجؤُها الأمينُ؛ وإنَّ بيتَ كلِّ فردٍ هو عالَمُه ودنياه الخاصَّةُ، فلا سَعادةَ لِروحِ الحياةِ العائِليةِ إلّا بالاحترامِ المتبادَلِ الجادِّ والوفاءِ الخالصِ بينَ الجميعِ، والرأفةِ الصَّادقةِ والرحمةِ التي تَصِلُ إلى حدِّ التضحيةِ والإيثارِ؛ ولا يَحصُلُ هذا الاحْترامُ الخالصُ والرَّحمةُ المتبادَلةُ الوَفيّةُ إلّا بالإيمانِ بوُجودِ علاقاتِ صداقةٍ أبديَّةٍ، ورِفقةٍ دائِمةٍ، ومَعيَّةٍ سرمديةٍ، في زَمنٍ لا نهايةَ له، وتحتَ ظِلِّ حياةٍ لا حدودَ لها، تربطُها علاقاتُ أُبوَّةٍ مُحترمةٍ مَرموقةٍ، وأُخوَّةٍ خالصةٍ نَقيةٍ، وصَداقةٍ وفيَّةٍ نزيهةٍ، حيث يُحدِّثُ الزوجُ نفسَه:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    «إن زَوجتِي هذه رفيقةُ حياتي وصَاحبتِي في عالَمِ الأبَدِ والحياةِ الخالدةِ، فلا ضَيرَ إنْ أصبحَتِ الآن دميمةً أو عجوزًا، إذ إن لها جمالا أبَديًّا سيأتي، لذا فأنا مُستعِدٌّ لتقديمِ أقصَى ما يَستوجِبُه الوفاءُ والرأفةُ، وأُضحِّي بِكلِّ ما تتطلَّبُه تلك الصداقةُ الدائِمةُ»..
    İşte iman-ı haşrînin yüzer neticesinden birisi, hayat-ı içtimaiye-i insaniyeye taalluk eder. Ve bu tek neticenin de yüzer cihetinden ve faydalarından mezkûr dört delile sairleri kıyas edilse anlaşılır ki hakikat-i haşriyenin tahakkuku ve vukuu, insaniyetin ulvi hakikati ve küllî hâceti derecesinde kat’îdir. Belki insanın midesindeki ihtiyacın vücudu, taamların vücuduna delâlet ve şehadetinden daha zâhirdir ve daha ziyade tahakkukunu bildirir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا يُمكِن أن يُكِنَّ هذا الرجلُ حُبًّا ورحمةً لزوجتِه العجوزِ كما يُكِنُّه للحورِ العِين؛ وإلّا فإنَّ صُحبةً وصداقةً صُورِيةً تَستغرِقُ ساعةً أو ساعتَينِ ومن ثَم يعقُبُها فراقٌ أبديٌّ ومُفارَقةٌ دائِمةٌ لهيَ صُحبةٌ وصداقةٌ ظاهرِيَّةٌ لا أساسَ لها ولا سَندَ، ولا يُمكنُها أن تُعطِيَ إلّا رَحمةً مَجازِيةً، واحترامًا مُصطَنعًا، وعَطفًا حَيوانيَّ المشاعرِ، فضلا عن تدخُّلِ المصالحِ والشهواتِ النَّفسانِيةِ وسَيطرتِها على تلك الرَّحمةِ والاحترامِ فتَنقلِبُ عِندَئذٍ تلك الجنةُ الدُّنيويةُ إلى جَحيمٍ لا يُطاقُ.
    Ve eğer bu hakikat-i haşriyenin neticeleri insaniyetten çıksa o çok ehemmiyetli ve yüksek ve hayattar olan insaniyet mahiyeti, murdar ve mikrop yuvası bir laşe hükmüne sukut edeceğini ispat eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا فإنَّ نَتيجةً واحدةً للإيمانِ بالحشرِ من بين مئاتِ النتائجِ التي تتعلَّقُ بالحياةِ الاجتماعيَّةِ للإنسانِ، وتَعودُ إليها، والتي لها مئاتُ الأوجُهِ والفوائدِ، إذا ما قِيسَت على تلك الدلائِلِ الأربعةِ المذكورةِ آنفًا، يُدرَك أنَّ وُقوعَ حقيقةِ الحشرِ وتحقُّقَها قَطعيٌّ كقطعيةِ ثبوتِ حقيقةِ الإنسانِ الساميةِ وحاجاتِه الكُليَّةِ؛ بل هي أظهرُ دلالةً من دلالة حاجةِ المعِدةِ إلى الأطعمةِ والأغذيةِ، وأوْضحُ شهادةً منها؛ وأكثرُ دلالةً على تحققها.
    Beşerin idare ve ahlâk ve içtimaiyatı ile çok alâkadar olan içtimaiyyun ve siyasiyyun ve ahlâkiyyunun kulakları çınlasın! Gelsinler, bu boşluğu ne ile doldurabilirler ve bu derin yaraları ne ile tedavi edebilirler?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فإذا ما سُلبتِ الإنسانيةُ من هذه الحقيقةِ: الحشرِ، تُصبِحُ ماهيتُها التي هي ساميةٌ ومُهِمةٌ وحَيويَّةٌ بمثابةِ جِيفةٍ نَتِنَةٍ ومأوَى الميكروباتِ والجَراثيمِ.
    ==== '''İkinci Nokta''' ====
    Hakikat-i haşriyenin hadsiz bürhanlarından sair erkân-ı imaniyeden gelen şehadetlerin hülâsasından çıkan bir bürhanı, gayet muhtasar bir surette beyan eder. Şöyle ki:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فَلْيُلقِ السَّمعَ عُلماءُ الاجتماعِ والسِّياسةِ والأخلاقِ من المعنِيِّينَ بشؤونِ الإنسانِ وأخلاقِه واجتماعِه، ولْيأتوا ويُبيِّنوا بماذا سَيملأونَ هذا الفراغَ؟ وبماذا سَيداوُونَ ويُضمِّدونَ هذه الجروحَ الغائرةَ العمِيقةَ؟!
    Hazret-i Muhammed aleyhissalâtü vesselâmın risaletine delâlet eden bütün mu’cizeleri ve bütün delail-i nübüvveti ve hakkaniyetinin bütün bürhanları, birden hakikat-i haşriyenin tahakkukuna şehadet ederek ispat ederler. Çünkü bu zatın bütün hayatında bütün davaları, vahdaniyetten sonra haşirde temerküz ediyor. Hem umum peygamberleri tasdik eden ve ettiren bütün mu’cizeleri ve hüccetleri, aynı hakikate şehadet eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ==== النقطة الثانية ====
    Hem  وَبِرُسُلِهِ   kelimesinden gelen şehadeti bedahet derecesine çıkaran وَبِكُتُبِهِ şehadeti de aynı hakikate şehadet eder. Şöyle ki:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    تُبيِّنُ هذه النقطةُ بإيجازٍ شَديدٍ برهانًا واحدًا -من بينِ البراهينِ التي لا حصرَ لها- على حقيقةِ الحشرِ وهو ناشئٌ من خُلاصةِ شهادةِ سائرِ الأركانِ الإيمانيَّةِ، وعلى النَّحوِ الآتي.
    Başta Kur’an-ı Mu’cizü’l-Beyan’ın hakkaniyetini ispat eden bütün mu’cizeleri, hüccetleri ve hakikatleri, birden hakikat-i haşriyenin tahakkukuna ve vukuuna şehadet edip ispat ederler. Çünkü Kur’an’ın hemen üçten birisi haşirdir ve ekser kısa surelerinin başlarında gayet kuvvetli âyât-ı haşriyedir. Sarîhan ve işareten binler âyâtıyla aynı hakikati haber verir, ispat eder, gösterir. Mesela
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إن جميعَ المعجزاتِ الدَّالةِ على رِسالةِ سيدِنا مُحمدٍ ﷺ مع جميعِ دلائلِ نبوتِه وجميعِ البَراهينِ الدَّالةِ على صِدقِه، تَشهَدُ بمجموعِها معا، على حقيقةِ الحشرِ، وتدلُّ عليها وتُثبِتُها، لأن دعوتَه ﷺ طَوالَ حياتِه المباركةِ قد انصبَّت بعدَ التَّوحيدِ على الحشرِ؛ وأنَّ جميعَ مُعجزاتِ الأنبياءِ عليهمُ السَّلامُ وحُجَجَهُمُ الدالةَ على صدقِهم والتي تَحمِلُ الناس على تَصدِيقِهم، تَشهَدُ على الحقيقةِ نفسِها،
    ❀ اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ❀  يَٓا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّـكُمْ اِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظ۪يمٌ ❀ اِذَا زُلْزِلَتِ الْاَرْضُ زِلْزَالَهَا ❀ اِذَا السَّمَٓاءُ انْفَطَرَتْ ❀ اِذَا السَّمَٓاءُ انْشَقَّتْ ❀ عَمَّ يَتَسَٓاءَلُونَ ❀ هَلْ أَتٰيكَ حَد۪يثُ الْغَاشِيَةِ
    </div> 


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهي الحشرُ، وكذا شَهادةُ «الكتبِ المنزَّلةِ» التي رقَّتِ الشهادةَ الصَّادِرةَ من «الرُّسلِ الكرامِ» إلى درجةِ البداهةِ، تَشهدانِ على الحقيقةِ نَفسِها، وعلى النَّحوِ الآتي:
    gibi otuz kırk surelerin başlarında bütün kat’iyetle hakikat-i haşriyeyi kâinatın en ehemmiyetli ve vâcib bir hakikati olduğunu göstermekle beraber, sair âyetler dahi o hakikatin çeşit çeşit delillerini beyan edip ikna eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فالقرآنُ الكريمُ -ذو البيانِ المُعجِزِ- يَشهَد بجميعِ معجزاتِه وحُجَجِهِ وحقائقِه -التي تُثبِتُ أَحقِّيَّـتَهُ- على حدوثِ الحشرِ ويُثبتُه، حيثُ إنَّ ثُلثَ القرآنِ، وأوائِلَ أغلبِ السُّورِ القِصارِ، آياتٌ جليةٌ على الحشرِ، أي إنَّ القرآنَ الكريمَ يُنبِئُ عن الحقيقةِ نفسِها بآلافٍ من آياتِه الكريمةِ صَراحةً أو إشَارةً ويُثبِتُها بوضوحٍ، ويُظهِرُها بجلاءٍ.
    Acaba bir tek âyetin bir tek işareti, gözümüz önünde ulûm-u İslâmiyede müteaddid ilmî, kevnî hakikatleri meyve veren bir kitabın böyle şehadetleriyle ve davaları ile güneş gibi zuhur eden iman-ı haşrî hakikatsiz olması; güneşin inkârı belki kâinatın ademi gibi hiçbir cihet-i imkânı var mı ve yüz derece muhal ve bâtıl olmaz mı?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فمثلا: ﴿  اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾  (التكوير:1) ﴿  يَٓا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّـكُمْ اِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظ۪يمٌ ﴾  (الحج:1)  ﴿ اِذَا زُلْزِلَتِ الْاَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾  (الزلزال:1) ﴿  اِذَا السَّمَٓاءُ انْفَطَرَتْ ﴾  (الانفطار:1)  ﴿ اِذَا السَّمَٓاءُ انْشَقَّتْ ﴾  (الانشقاق:1)  ﴿  عَمَّ يَتَسَٓاءَلُونَ ﴾  (النبأ:1)  ﴿  هَلْ أَتٰيكَ حَد۪يثُ الْغَاشِيَةِ ﴾ (الغاشية:1) 
    Acaba bir sultanın bir tek işareti yalan olmamak için bazen bir ordu hareket edip çarpıştığı halde, o pek ciddi ve izzetli sultanın binler sözleri ve vaadleri ve tehditlerini yalan çıkarmak, hiçbir cihette kabil midir ve hakikatsiz olmak mümkün müdür?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فيُثبِتُ القرآنُ الكريمُ بهذه الآياتِ وأمثالِها في مُفتَتَحِ ما يُقارِبُ أربعينَ سورةً أنَّ الحشرَ لا ريبَ فيهِ، وأنه حَدثٌ في غايةِ الأهميةِ في الكونِ، وأنَّ حُدوثَه ضَرورِيٌّ جدا ولابدَّ منه، ويُبيِّن بالآياتِ الأُخرَى دلائلَ مُختلفةً مُقنِعةً على تلك الحقيقةِ.
    Acaba on üç asırda fâsılasız olarak hadsiz ruhlara, akıllara, kalplere, nefislere hak ve hakikat dairesinde hükmeden, terbiye eden, idare eden bu manevî Sultan-ı Zîşan’ın bir tek işareti böyle bir hakikati ispat etmeye kâfi iken binler tasrihat ile bu hakikat-i haşriyeyi gösterip ispat ettikten sonra, o hakikati tanımayan bir echel ahmak için cehennem azabı lâzım gelmez mi ve ayn-ı adalet olmaz mı?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    تُرى إنْ كان كتابٌ تُثمِرُ إشارةٌ واحدةٌ لآيةٍ من آياتِه تلك الحقائقَ العِلميةَ والكونِيةَ المعروفةَ بالعلومِ الإسلامِيّةِ، فكيف إذن بشَهادَةِ آلافٍ من آياتِه ودَلائِلِه التي تُبيِّنُ الإيمانَ بالحشر كالشَّمسِ ساطِعةً؟ ألا يكون الجُحودُ بهذا الإيمانِ كإنكارِ الشَّمسِ بل كإنكارِ الكائِناتِ قاطبةً؟! ألا يكونُ ذلك باطلًا ومُحالًا في مئةِ مُحالٍ؟!
    Hem birer zamana ve birer devre hükmeden bütün semavî suhufları ve mukaddes kitapları dahi bütün istikbale ve umum zamanlara hükümran olan Kur’an’ın tafsilatla, izahatla, tekrar ile beyan ve ispat ettiği hakikat-i haşriyeyi, asırlarına ve zamanlarına göre o hakikati kat’î kabul ile beraber, tafsilatsız ve perdeli ve muhtasar bir surette beyan fakat kuvvetli bir tarzda iddia ve ispatları, Kur’an’ın davasını binler imza ile tasdik ederler.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    تُرى هل يُمكِن أن يُوصَم آلافُ الوعدِ والوَعِيدِ لكلامِ سُلطانٍ عَزيزٍ عظيمٍ بالكذبِ أو أنَّها بِلا حَقيقةٍ، في حينِ قد يخوضُ الجيشُ غِمارَ الحربِ لئلا تُكذَّب إشارةٌ صادِرةٌ من سُلطانٍ،
    Bu bahsin münasebetiyle Risale-i Münâcat’ın âhirinde, اِيمَانٌ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ  rüknüne, sair rükünlerin hususan “rusül” ve “kü­tüb”ün şehadetini, münâcat suretinde zikredilen pek kuvvetli ve hülâsalı ve bütün evhamları izale eden bir hüccet-i haşriye aynen buraya giriyor. Şöyle ki Münâcat’ta demiş:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فكيفَ بالسلطانِ المعنَويِّ العظيمِ الذي دامَ حُكمُه وهَيمَنتُه ثلاثةَ عَشرَ قرنًا دونَ انقِطاعٍ، فربَّى ما لا يُعدُّ من الأرواحِ والعُقولِ والقلوبِ والنُّفوسِ، وزكَّاها وأَدارَهاَ على الحقِّ والحقِيقةِ، ألا تَكفِي إشارةٌ واحِدةٌ منه لإثباتِ حَقيقةِ الحشرِ؟ عِلمًا أنّ فيه آلافَ الصَّراحَةِ الواضِحةِ المُثبِتَةِ! أليس الذي لا يُدرِكُ هذه الحقيقةَ الواضِحةَ أحمقَ جاهِلا؟ ألا يكونُ من العَدالةِ المحضَةِ أن تكونَ النارُ مَثواهُ؟
    '''Ey Rabb-i Rahîm’im!''' Resul-i Ekrem’inin talimiyle ve Kur’an-ı Hakîm’in dersiyle anladım ki: Başta Kur’an ve Resul-i Ekrem’in olarak bütün mukaddes kitaplar ve peygamberler, bu dünyada ve her tarafta numuneleri görülen celalli ve cemalli isimlerinin tecellileri daha parlak bir surette ebedü’l-âbâdda devam edeceğine ve bu fâni âlemde rahîmane cilveleri, numuneleri müşahede edilen ihsanatının daha şaşaalı bir tarzda dâr-ı saadette istimrarına ve bekasına ve bu kısa hayat-ı dünyeviyede onları zevk ile gören ve muhabbet ile refakat eden müştakların, ebedde dahi refakatlerine ve beraber bulunmalarına icma ve ittifak ile şehadet ve delâlet ve işaret ederler.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ثم إنَّ الصُّحُفَ السماويةَ والكتبَ المقدَّسَةَ جميعَها التي حكَمت كلٌّ منها لفترةٍ من العصورِ والأزمِنةِ، قد صَدَّقتْ بآلافٍ من الدَّلائِلِ دعوَى القرآنِ الكريمِ في حقيقةِ الحشر مع أن بيانَها لها مختصَرٌ وموجَزٌ، وذلك بمُقتضَى زَمانِها وعَصرِها، تلك الحَقيقةُ القاطِعةُ التي بيَّنها القرآنُ الكريمُ الذي سادَ حُكمُه على العُصورِ جَميعِها، وهَيمَنَ على المستقبلِ كلِّه، بيَّنها بجلاءٍ وأفاضَ في إيضاحِها.
    Hem yüzer mu’cizat-ı bâhirelerine ve âyât-ı kātıalarına istinaden, başta Resul-i Ekrem ve Kur’an-ı Hakîm’in olarak bütün nurani ruhların sahipleri olan peygamberler ve bütün münevver kalplerin kutubları olan veliler ve bütün keskin ve nurlu akılların madenleri olan sıddıkînler, bütün suhuf-u semaviyede ve kütüb-ü mukaddesede senin çok tekrar ile ettiğin binler vaadlerine ve tehditlerine istinaden hem senin kudret ve rahmet ve inayet ve hikmet ve celal ve cemal gibi âhireti iktiza eden kudsî sıfatlarına, şe’nlerine ve senin izzet-i celaline ve saltanat-ı rububiyetine itimaden hem âhiretin izlerini ve tereşşuhatını bildiren hadsiz keşfiyatlarına ve müşahedelerine ve ilmelyakîn ve aynelyakîn derecesinde bulunan itikadlarına ve imanlarına binaen saadet-i ebediyeyi insanlara müjdeliyorlar. Ehl-i dalalet için cehennem ve ehl-i hidayet için cennet bulunduğunu haber verip ilan ediyorlar. Kuvvetli iman edip şehadet ediyorlar.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    يُدرَجُ هنا نصُّ ما جاءَ في آخر رسالة «المناجاة» انسِجامًا مع البحثِ، تلك الحُجَّةُ القاطعةُ المُلخَّصَةُ للحشر، والناشئةُ من شَهادةِ سائرِ الأركانِ الإيمانِيّةِ ولا سيما الإيمان بالرسلِ والكتبِ ودَلالتِها على الإيمانِ باليومِ الآخِرِ، والتي تُبدِّدُ الأوهامَ والشكوكَ، حيثُ جَاءتْ بأسلوبٍ موجَزٍ، وعلى صُورةِ مُناجَاةٍ.
    '''Ey Kadîr-i Hakîm! Ey Rahman-ı Rahîm! Ey Sadıku’l-Va’di’l-Kerîm! Ey izzet ve azamet ve celal sahibi Kahhar-ı Zülcelal!''' Bu kadar sadık dostlarını, bu kadar vaadlerini ve bu kadar sıfât ve şuunatını yalancı çıkarmak, tekzip etmek ve saltanat-ı rububiyetinin kat’î mukteziyatını tekzip edip yapmamak ve senin sevdiğin ve onlar dahi seni tasdik ve itaat etmekle kendilerini sana sevdiren hadsiz makbul ibadının âhirete bakan hadsiz dualarını ve davalarını reddetmek, dinlememek ve küfür ve isyan ile ve seni vaadinde tekzip etmekle, senin azamet-i kibriyana dokunan ve izzet-i celaline dokunduran ve uluhiyetinin haysiyetine ilişen ve şefkat-i rububiyetini müteessir eden ehl-i dalaleti ve ehl-i küfrü haşrin inkârında, onları tasdik etmekten yüz binler derece mukaddessin ve hadsiz derece münezzeh ve âlîsin. Böyle nihayetsiz bir zulümden ve nihayetsiz bir çirkinlikten, senin o nihayetsiz adaletini ve nihayetsiz cemalini ve hadsiz rahmetini, hadsiz derece takdis ediyoruz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    «يا رَبي الرَّحيمَ.. لقد أدركتُ بتَعليمِ الرَّسولِ ﷺ وفهِمتُ من تَدرِيسِ القرآنِ الحكيمِ، أنَّ الكتبَ المقدَّسَةَ جَميعَها، وفي مُقدِّمتِها القرآنُ الكريمُ، والأنبِياءَ عليهم السلامُ جَميعَهم، وفي مُقدِّمتِهم الرسولُ الأكرمُ ﷺ، يدُلُّونَ ويَشهَدونَ ويُشِيرونَ بالإجماعِ والاتِّفاقِ إلى أنَّ تجلياتِ الأسماءِ الحسنَى -ذاتِ الجلالِ والجمالِ- الظاهِرةِ آثارُها في هذه الدنيا، وفي العوالمِ كافَّةً، سَتدُومُ دواما أسْطعَ وأبهرَ في أبدِ الآبادِ.. وأنَّ تَجلِّياتِها -ذاتَ الرحمةِ- وآلاءَها المشاهَدةَ نماذِجُها في هذا العالم الفاني، سَتُثمِرُ بأبهى نُورٍ وأعظمِ تألُّقٍ، وسَتبقَى دوما في دارِ السَّعادةِ.. وأن أولئكَ المشتاقين الذين يَتمَلَّوْنَها -في هذه الحياةِ الدنيا القَصيرةِ- بِلَهفةٍ وشَوقٍ سَيرافِقونَها بالمحبَّةِ والوُدِّ، ويَصحَبونَها إلى الأبَدِ، ويَظلُّونَ معها خالِدينِ..
    Ve bütün kuvvetimizle iman ederiz ki: O yüz binler sadık elçilerin ve o hadsiz doğru dellâl-ı saltanatın olan enbiya, asfiya, evliyalar; hakkalyakîn, aynelyakîn, ilmelyakîn suretinde senin uhrevî rahmet hazinelerine, âlem-i bekadaki ihsanatının definelerine ve dâr-ı saadette tamamıyla zuhur eden güzel isimlerinin hârika güzel cilvelerine şehadetleri hak ve hakikattir ve işaretleri doğru ve mutabıktır ve beşaretleri sadık ve vakidir. Ve onlar, bütün hakikatlerin mercii ve güneşi ve hâmisi olan “Hak” isminin en büyük bir şuâı, bu hakikat-i ekber-i haşriye olduğunu iman ederek senin emrin ile senin ibadına hak dairesinde ders veriyorlar ve ayn-ı hakikat olarak talim ediyorlar.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وأن جَمِيعَ الأنبياءِ وَهُم ذَوُو الأرواحِ النَّيرةِ وفي مُقدِّمتِهم الرسولُ الأكرمُ ﷺ، وجميعَ الأولياءِ وَهُم أقطابُ القلوبِ المنوَّرةِ، وجَميعَ الصِّدِّيقينَ وهم مَنابعُ العُقولِ النافِذةِ النيِّرةِ، كلُّ أولئكَ يُؤمِنونَ إيمانًا راسِخًا عَمِيقًا بالحشر ويَشهَدونَ عليه ويُبشِّرونَ البَشرِيَّةَ بالسعادةِ الأبدِيّةِ، ويُنذِرونَ أهلَ الضَّلالةِ بأن مَصيرَهمُ النَّارُ، ويُبشِّرونَ أهل الهِدايةِ بأن عاقِبتَهمُ الجنَّةُ، مُستنِدينَ إلى مئاتِ المعجِزاتِ الباهِرةِ والآياتِ القاطِعةِ، وإلى ما ذَكرتَه أنتَ يا ربي مِرارًا وتَكرارًا في الصُّحفِ السماويةِ والكتبِ المقدّسَةِ كلِّها من آلافِ الوَعدِ والوَعِيدِ؛ ومعتَمدِينَ على عِزّةِ جلالِكَ وسُلطانِ رُبوبيّتِكَ وشُؤونِكَ الجليلةِ، وصِفاتِك المقدّسَةِ كالقُدرَةِ والرَّحمةِ والعِنايةِ والحِكمةِ والجلالِ والجمالِ، وبِناءً على مُشاهَداتِهم وكشفِياتِهم غيرِ المعدُودةِ التي تُنبِئُ عن آثار الآخِرةِ ورَشَحاتِها، وبناءً على إيمانِهم واعتِقادِهم الجازِمِ الذي هو بِدرجَةِ عِلمِ اليقينِ وعَينِ اليقينِ.
    Yâ Rab! Bunların ders ve talimlerinin hakkı ve hürmeti için bize ve Risale-i Nur talebelerine iman-ı ekmel ve hüsn-ü hâtime ver. Ve bizleri onların şefaatlerine mazhar eyle, âmin!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فَيا قديرُ ويا حكيمُ ويا رَحمنُ ويا رحِيمُ ويا صادِقَ الوعدِ الكريم، ويا ذا العِزَّةِ والعَظمةِ والجلالِ ويا قهّارُ ذو الجلال أنتَ مُقدَّسٌ ومُنزَّهٌ، وأنتَ مُتعالٍ عن أن تَصِم بالكذبِ كلَّ أوليائِك و كلَّ وُعُودِكَ وصِفاتِك الجليلةِ وشُؤونِكَ المقدَّسةِ.. فتُكذِّبَهم، وأنْ تَحجُبَ ما يَقتضِيه قطعا سلطانُ رُبوبيَّتِك بعدم استجابتِك لتلك الأدعيةِ الصَّادرةِ من عِبادِك الصَّالحينَ الذين أحبَبتَهم وأحبُّوكَ، وحبَّبوا أنفُسَهم إليكَ بالإيمانِ والتَّصديقِ والطاعَةِ، فأنتَ مُنزَّهٌ ومُتعالٍ مُطلَقٌ عن أن تُصدِّقَ أهلَ الضَّلالةِ والكُفرِ في إنكارِهِمُ الحشرَ، أولئِكَ الذين يتَجاوَزونَ على عَظمَتِك وكِبريائِك بكفرِهم وعِصيانِهم وتَكذيبِهم لكَ ولوُعودِك، والذين يَستَخِفُّونَ بِعزِّةِ جَلالِك وعَظمةِ ألوهيَّتِك ورَأفةِ رُبوبيَّتِك..
    Hem nasıl ki Kur’an’ın, belki bütün semavî kitapların hakkaniyetini ispat eden umum deliller ve hüccetler ve Habibullah’ın belki bütün enbiyanın nübüvvetlerini ispat eden umum mu’cizeler ve bürhanlar, dolayısıyla en büyük müddeaları olan âhiretin tahakkukuna delâlet ederler. Aynen öyle de Vâcibü’l-vücud’un vücuduna ve vahdetine şehadet eden ekser deliller ve hüccetler, dolayısıyla rububiyetin ve uluhiyetin en büyük medarı ve mazharı olan dâr-ı saadetin ve âlem-i bekanın vücuduna, açılmasına şehadet ederler.
    فنحن نُقدِّسُ بلا حدٍ ولا نهايةٍ عَدالتَك وجَمالَك المطلَقَيْن ورحمتَك الواسِعةَ ونُنزِّهُها من هذا الظُّلمِ والقُبحِ غيرِ المتَناهِي..
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ونَعتقِدُ ونُؤمِنُ بِكلِّ ما أُوتِينا من قُوَّةٍ بأن الآلافَ من الرُّسلِ والأنبياءِ الكِرام،(<ref>
    Çünkü gelecek makamatta beyan ve ispat edileceği gibi; Zat-ı Vâcibü’l-vücud’un hem mevcudiyeti hem umum sıfatları hem ekser isimleri hem rububiyet, uluhiyet, rahmet, inayet, hikmet, adalet gibi vasıfları, şe’nleri lüzum derecesinde âhireti iktiza ve vücub derecesinde bâki bir âlemi istilzam ve zaruret derecesinde mükâfat ve mücazat için haşri ve neşri isterler.
    قال أبو ذر رضي الله عنه: «قلت: يا رسول الله كم وفاء عدة الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا»، (أحمد بن حنبل، المسند 5/265؛ ابن حبان، الصحيح 2/77؛ الطبراني، المعجم الكبير 8/217؛ الحاكم، المستدرك 2/652؛ إبن سعد، الطبقات الكبرى 1/23، 54).
    </div>
    </ref>) وبما لا يُعدُّ ولا يُحصَى من الأصفياءِ والأولياءِ الذينَ همُ المُنادُونَ إليكَ هم شاهِدُونَ بِحقِّ اليقينِ وعَينِ اليقينِ وعِلمِ اليقينِ على خَزائنِ رَحمتِك الأُخرَويَّةِ وكُنوزِ إحساناتِك في عالم البقاءِ، وتَجلياتِ أسمائِك الحُسنَى التي تَنكشِفُ كُلِّيا في دارِ السعادةِ.. ونُؤمِنُ أن هذه الشهادةَ حقٌ وحَقِيقةٌ، وأن إشاراتِهم صِدقٌ وواقِعٌ، وأن بِشاراتِهم صَادِقةٌ وواقِعةٌ.. فهَؤلاءِ جميعا يُؤمِنونَ بأن هذهِ الحقيقةَ الكبرى (أي الحشر) شُعاعٌ عَظيمٌ من اسمِ «الحقِّ» الذي هوَ مَرجِعُ جَميعِ الحقائقِ وشَمسُها، فيُرشِدونَ عِبادَك -بإذنٍ منك- ضمنَ دائرةِ الحقِّ، ويُعلِّمونَهم بعين الحقِيقةِ.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فيا ربِّي، بحق دُروسِ هؤلاءِ، وبحُرمَةِ إرشاداتِهم، آتِنا إيمانًا كاملا وارزُقنا حُسْنَ الخاتمةِ، لنا ولطُلابِ النورِ، واجعلنا أهلا لشَفاعتِهم.. آمين».
    Evet, madem ezelî, ebedî bir Allah var; elbette saltanat-ı uluhiyetinin sermedî bir medarı olan âhiret vardır. Ve madem bu kâinatta ve zîhayatta gayet haşmetli ve hikmetli ve şefkatli bir rububiyet-i mutlaka var ve görünüyor. Elbette o rububiyetin haşmetini sukuttan ve hikmetini abesiyetten ve şefkatini gadirden kurtaran ebedî bir dâr-ı saadet bulunacak ve girilecek.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا فإنَّ الدلائلَ والحُجَجَ التي تُثبِتُ صِدقَ القرآنِ الكَريمِ بل جَميعِ الكُتبِ السَّماويةِ، وإنَّ المعجِزاتِ والبراهينَ التي تُثبِتُ نُبوَّةَ حَبيبِ الله بلِ الأنبياءِ جَميعِهم.. كما أنّها تُثبِتُ بدَورِها أهمَّ ما يدعونَ إليه، وهو تَحقُّقُ الآخِرةِ وتَدلُّ عليه؛ كذلك فإنَّ أغْلبَ الأدِلّةِ والحُجَجِ الشَّاهِدةِ على وُجودِ واجِبِ الوُجودِ ووَحدَتِه سبحانَه، هي بِدَورِها شاهِدةٌ على دارِ السَّعادةِ وعالم البقاءِ التي هي مَدارُ الرُّبوبِيّةِ والألوهيّةِ وأعظمُ مَظهَرٍ لهما، وهي شاهِدةٌ على وُجودِ تلك الدارِ وانفِتاحِ أبوابِها
    Hem madem göz ile görünen bu hadsiz in’amlar, ihsanlar, lütuflar, keremler, inayetler, rahmetler; perde-i gayb arkasında bir Zat-ı Rahman-ı Rahîm’in bulunduğunu sönmemiş akıllara, ölmemiş kalplere gösterir. Elbette in’amı istihzadan ve ihsanı aldatmaktan ve inayeti adâvetten ve rahmeti azaptan ve lütf u keremi ihanetten halâs eden ve ihsanı ihsan eden ve nimeti nimet eden bir âlem-i bâkide bir hayat-ı bâkiye var ve olacaktır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    -كما سَيُبيَّنُ في المقاماتِ الآتيةِ- لأن وُجودَه سبحانَه وتعالى، وصِفاتِه الجليلةَ، وأغلبَ أسمائِه الحسنَى، وشُؤونَه الحكِيمةَ، وأوصافَه المقدّسَةَ أمثالَ الرُّبوبِيّةِ والألوهيّةِ والرحمةِ والعِنايةِ والحِكمةِ والعَدالةِ، تَقتضِي جَميعُها الآخِرةَ وتُلازِمُها، بل تَستلزِمُ وجودَ عالمِ البقاءِ بدَرجةِ الوُجوبِ وتَطلُبُ الحشرَ والنُّشورَ للثوابِ والعِقابِ بدَرجةِ الضَّرورَةِ أيضا.
    Hem madem bahar faslında zeminin dar sahifesinde hatasız yüz bin kitabı birbiri içinde yazan bir kalem-i kudret gözümüz önünde yorulmadan işliyor. Ve o kalem sahibi yüz bin defa ahd ve vaad etmiş ki: “Bu dar yerde ve karışık ve birbiri içinde yazılan bahar kitabından daha kolay olarak geniş bir yerde güzel ve lâyemut bir kitabı yazacağım ve size okutturacağım.” diye bütün fermanlarda o kitaptan bahsediyor. Elbette ve herhalde o kitabın aslı yazılmış ve haşir ve neşir ile hâşiyeleri de yazılacak ve umumun defter-i a’malleri onda kaydedilecek.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، ما دامَ الله مَوجودًا، وهو واحِدٌ، أزَليٌّ أبَديٌّ، فلابُدَّ أنَّ مِـحْورَ سلطانِ ألوهيّتِهِ وهو الآخِرةُ، مَوجودٌ أيضا.. وما دامَتِ الرُّبوبِيّةُ المطلقةُ التي هي ذاتُ جَلالٍ وعَظمةٍ وحِكمةٍ ورَأفةٍ تتجلَّى ظاهِرةً واضِحةً في هذه الكائِناتِ ولا سيما في الأحياءِ، فَلابدَّ أنَّ هناك سعادةً أبدِيةً تَنفِي عن الرُّبوبِيّةِ المطلَقةِ أيَّ ظنٍّ بكونها تَتركُ الخلقَ هَمَلا دونَ ثوابٍ، وتُبرِئُ الحِكمةَ من العَبثِ، وتَصونُ الرَّأفةَ من الغَدرِ، أي إن تلك الدّارَ مَوجُودةٌ قطعا ولابدّ من الدُّخولِ فيها.
    Hem madem bu arz, kesret-i mahlukat cihetiyle ve mütemadiyen değişen yüz binler çeşit çeşit enva-ı zevi’l-hayat ve zevi’l-ervahın meskeni, menşei, fabrikası, meşheri, mahşeri olması haysiyetiyle bu kâinatın kalbi, merkezi, hülâsası, neticesi, sebeb-i hilkati olarak gayet büyük öyle bir ehemmiyeti var ki küçüklüğüyle beraber koca semavata karşı denk tutulmuş. Semavî fermanlarda daima رَبُّ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ deniliyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وما دامت هذه الأنواعُ من الإنعامِ والإحسانِ واللّطفِ والكرمِ والعِنايةِ والرَّحمةِ مُشاهَدةً وظاهِرةً أمامَ العقولِ التي لم تَنطفِئ، وأمامَ القلوبِ التي لم تمت، وتَدلُّنا على وُجوبِ وجودِ ربٍّ رَحمنٍ رَحيمٍ وراءَ الحِجابِ، فَلابدَّ من حياةٍ باقيةٍ خالدةٍ، لتُنقِذَ الإنعامَ من الاستِهزاءِ أي يأخذَ الإنعامُ مَداهُ، وتَصونَ الإحسانَ من الخِداعِ ليَسْتَوفيَ حقيقتَه، وتُنقِذَ العنايةَ من العبثِ لتَستكمِلَ تَحقُّقَها، وتُنجِيَ الرحمةَ من النقمةِ فَيتِمَّ وُجُودُها، ولتُبرِئَ اللطفَ والكرمَ من الإهانةِ؛ نعم، إن الذي يجعلُ الإحسانَ إحسانًا حقًا، والنِّعمةَ نِعمةً حقا، هو وُجودُ حياةٍ باقيةٍ خالدةٍ في عالم البقاءِ والخلودِ.. نعم، لابدَّ أن يتَحقَّقَ هذا.
    Ve madem bu mahiyetteki arzın her tarafına hükmeden ve ekser mahlukatına tasarruf eden ve ekser zîhayat mevcudatını teshir edip kendi etrafına toplattıran ve ekser masnuatını kendi hevesatının hendesesiyle ve ihtiyacatının düsturlarıyla öyle güzelce tanzim ve teşhir ve tezyin ve çok antika nevilerini liste gibi birer yerlerde öyle toplayıp süslettirir ki değil yalnız ins ve cin nazarlarını, belki semavat ehlinin ve kâinatın nazar-ı dikkatlerini ve takdirlerini ve kâinat sahibinin nazar-ı istihsanını celbetmekle gayet büyük bir ehemmiyet ve kıymet alan ve bu haysiyetle bu kâinatın hikmet-i hilkati ve büyük neticesi ve kıymetli meyvesi ve arzın halifesi olduğunu, fenleriyle, sanatlarıyla gösteren ve dünya cihetinde Sâni’-i âlem’in mu’cizeli sanatlarını gayet güzelce teşhir ve tanzim ettiği için isyan ve küfrüyle beraber dünyada bırakılan ve azabı tehir edilen ve bu hizmeti için imhal edilip muvaffakiyet gören nev-i benî-Âdem var.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وما دامَ قَلمُ القدرةِ يكتبُ في فصلِ الربيعِ وفي صَحيفةٍ ضَيِّقةٍ صَغيرةٍ، مئةَ ألف كتابٍ، كتابةً مُتداخِلةً بلا خطأ ولا نصَبٍ ولا تَعبٍ، كما هو واضحٌ جليٌّ أمام أعيننا، وأن صاحبَ ذلك القلمِ قد تَعهَّدَ ووَعدَ مئةَ ألفِ مرةٍ: «لأكتُبنَّ كتابا أسهلَ من كتابِ الربيعِ المكتوبِ أمامَكم، ولأكتُبنَّه كتابةً خالدةً، في مكانٍ أوسعَ وأرْحبَ وأجْملَ من هذا المكانِ الضيِّقِ المختلِطِ المتداخِل، فهو كتابٌ لا يَفنَى أبدًا، ولأجْعلنَّكُم تَقرؤُونَه بِحَيرةٍ وإعجابٍ!»؛ وأنه سُبحانَه يَذكُرُ ذلك الكتابَ في جميعِ أوامِرهِ.. فلابدَّ أن أُصولَ ذلك الكتابِ قد كُتِبتْ بلا ريبٍ، وستُكتبُ حواشِيهِ وهَوامِشُه بالحشر والنشورِ، وسَتُدوَّنُ فيه صحائفُ أعمالِ الجميعِ..
    Ve madem bu mahiyetteki nev-i benî-Âdem, mizaç ve hilkat itibarıyla gayet zayıf ve âciz ve gayet acz ve fakrıyla beraber hadsiz ihtiyacatı ve teellümatı olduğu halde, bütün bütün kuvvetinin ve ihtiyarının fevkinde olarak koca küre-i arzı, o nev-i insana lüzumu bulunan her nevi madenlere mahzen ve her nevi taamlara ambar ve nev-i insanın hoşuna gidecek her çeşit mallara bir dükkân suretine getiren gayet kuvvetli ve hikmetli ve şefkatli bir mutasarrıf var ki böyle nev-i insana bakıyor, besliyor, istediğini veriyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وما دامَت هذه الأرضُ قد أصبَحتْ ذاتَ أهمِّيّةٍ عُظمَى من حيثُ احتِواؤُها على كَثرةٍ من المخلوقاتِ، ومئاتِ الألوفِ من أنواع ذوِي الحياةِ والأرْواحِ المختَلفةِ المتبدِّلةِ، حتى صَارتْ قَلبَ الكونِ وخُلاصَتَه، ومَركزَه وزُبدتَه ونتِيجَتَه وسَببَ خَلقِه؛ فذُكِرَت دائما صِنوًا للسماواتِ كما في:  ﴿  رَبُّ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ ﴾  في جميع الأوامرِ السماويّةِ..
    Ve madem bu hakikatteki bir Rab, hem insanı sever hem kendini insana sevdirir hem bâkidir hem bâki âlemleri var hem adaletle her işi görür ve hikmetle her şeyi yapıyor. Hem bu kısa hayat-ı dünyeviyede ve bu kısacık ömr-ü beşerde ve bu muvakkat ve fâni zeminde o Hâkim-i Ezelî’nin haşmet-i saltanatı ve sermediyet-i hâkimiyeti yerleşemiyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وما دام ابنُ آدمَ يحكُمُ في شتَّى جهاتِ هذه الأرضِ -التي لها هذه الماهيّاتُ والخواصُّ- ويَتصرَّفُ في أغلب مخلوقاتِها مُسخِّرًا أكثرَ الأحياءِ له، جاعلا أكثرَ المصنوعاتِ تحومُ حولَه وَفقَ مَقايِيسِ هَواه، وحسَبَ حاجاتِه الفِطريّةِ، ويُنظِّمُها ويَعرِضُها ويُزيِّنُها، ويُنسِّقُ الأنواعَ العجِيبةَ منها في كلِّ مكانٍ بحيثُ لا يَلفِتُ نظرَ الإنس والجنِّ وحدَهم، بل يَلفِتُ أيضا نظرَ أهلِ السماواتِ والكونِ قاطِبةً، بل حتى نظرَ مالكِ الكونِ، فنالَ الإعجابَ والتقديرَ والاستِحسانَ، وأصبَحتْ له -من هذه الجهةِ- أهَميّةٌ عظِيمةٌ، وقِيمةٌ عاليةٌ، فأظهرَ بما أوتي من علمٍ ومَهارةٍ أنه هو المقصُودُ من حكمةِ خَلقِ الكائناتِ، وأنه هو نَتِيجتُها العظمَى وثمَرتُها النفيسَةُ، ولا غَرْوَ فهو خَليفةُ الأرضِ.. وحيثُ إنه يعرِضُ صنائِعَ الخالقِ البدِيعةِ، ويُنظِّمُها بشكلٍ جَميلٍ جذابٍ في هذه الدنيا، فقد أُجِّلَ عذابُه رَغمَ عِصيانِه وكُفرِه، وسُمِح له بالعيش في الدنيا وأُمهِلَ ليقومَ بهذه المُهمّةِ بنجاحٍ..
    Ve nev-i insanda vuku bulan ve kâinatın intizamına ve adalet ve muvazenelerine ve hüsn-ü cemaline münafî ve muhalif çok büyük zulümleri ve isyanları ve velinimetine ve onu şefkatle besleyene karşı ihanetleri, inkârları, küfürleri bu dünyada cezasız kalıp gaddar zalim, rahat ile hayatını ve bîçare mazlum, meşakkatler içinde ömürlerini geçirirler. Ve umum kâinatta eserleri görünen şu adalet-i mutlakanın mahiyeti ise dirilmemek suretiyle o gaddar zalimlerin ve meyus mazlumların vefat içindeki müsavatlarına bütün bütün zıttır, kaldırmaz, müsaade etmez!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وما دامَ لابنِ آدمَ -الذي له هذه الماهِيةُ والمزايا خِلقةً وطبعًا، وله حَاجَاتٌ لا تُحدُّ مع ضَعفِه الشديدِ، وآلامٌ لا تُعَدُّ مع عَجزِه الكاملِ- ربٌّ قديرٌ، له الحِكمةُ والقدرةُ والرأفةُ المطلَقةُ مما يجعلُ هذه الأرضَ الهائِلةَ العَظِيمةَ مخزَنًا عظيما لأنواعِ المعادِنِ التي يحتاجُها الإنسانُ، ومُستَودَعا لأنواعِ الأطعِمةِ الضرُورِيّةِ له، وحانوتا للأموالِ المختلفةِ التي يَرغَبُها، وأنه سبحانَه يَنظُرُ إليه بعين العِنايةِ والرأفةِ ويُربِّيهِ ويُزوِّدُه بما يُريدُ..
    Ve madem nasıl ki kâinatın sahibi, kâinattan zemini ve zeminden nev-i insanı intihab edip gayet büyük bir makam, bir ehemmiyet vermiş. Öyle de nev-i insandan dahi makasıd-ı rububiyetine tevafuk eden ve kendilerini iman ve teslim ile ona sevdiren hakiki insanlar olan enbiya ve evliya ve asfiyayı intihab edip kendine dost ve muhatap ederek, onları mu’cizeler ve tevfikler ile ikram ve düşmanlarını semavî tokatlar ile tazip ediyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وما دامَ الربُّ سبحانَه -كما في هذه الحقيقةِ- يُحِبُّ الإنسانَ، ويُحَبِّبُ نفسَه إليه، وهو باقٍ، وله عوالمُ باقيّةٌ، ويُجرِي الأمورَ وَفقَ عَدالتِه، ويَعمَلُ كلَّ شيءٍ وَفقَ حكمتِه، وأن عَظمَةَ سلطانِ هذا الخالقِ الأزلي وسَرمَديّةَ حاكِميّتِه لا تَحصُرُهما هذه الدنيا القصِيرةُ، ولا يكفِيهِما عمُرُ الإنسانِ القَصِيرُ جدا، ولا عمُرُ هذه الأرضِ المؤَقّتةِ الفانيةِ؛
    Ve bu kıymetli, sevimli dostlarından dahi onların imamı ve mefhari olan Muhammed aleyhissalâtü vesselâmı intihab ederek, ehemmiyetli küre-i arzın yarısını ve ehemmiyetli nev-i insanın beşten birisini uzun asırlarda onun nuruyla tenvir ediyor. Âdeta bu kâinat onun için yaratılmış gibi bütün gayeleri onun ile ve onun dini ile ve Kur’an’ı ile tezahür ediyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    حيثُ يَظلُّ الإنسانُ دونَ جزاءٍ في هذه الدنيا لما يَرتكِبُه من وقائعِ الظُّلمِ، وما يَقترِفُه من إنكارٍ وكُفرٍ وعِصيانٍ، تجاهَ مولاه الذي أنعمَ عليه وربَّاه برأفةٍ كامِلةٍ وشَفَقةٍ تامّةٍ، مما ينافي نظامَ الكونِ المُنسَّقِ، ويخالِفُ العَدالةَ والموازنةَ الكامِلةَ التي فيها، ويخالِفُ جمالَه وحُسنَه، إذ يَقضِي الظالمُ القاسي حياتَه براحةٍ، بينما المظلومُ البائِسُ يَقضِيها بشَظفٍ من العَيشِ، فلا شكَّ أن ماهِيّةَ تلك العدالةِ المطلَقةِ -التي تُشاهَدُ آثارُها في الكائناتِ- لا تَقبلُ أبدا، ولا تَرضَى مُطلقًا، عدمَ بعثِ الظالمينَ العُتاةِ مع المظلومِين البائِسِين الذين يتَساوَوْنَ معا أمامَ الموتِ.
    Ve o pek çok kıymettar ve milyonlar sene yaşayacak kadar hadsiz hizmetlerinin ücretlerini hadsiz bir zamanda almaya müstahak ve lâyık iken, gayet meşakkatler ve mücahedeler içinde altmış üç sene gibi kısacık bir ömür verilmiş. Acaba hiçbir cihetle hiçbir imkânı, hiçbir ihtimali, hiçbir kabiliyeti var mı ki o zat, bütün emsali ve dostlarıyla beraber dirilmesin ve şimdi de ruhen diri ve hay olmasın? İdam-ı ebedî ile mahvolsunlar? Hâşâ, yüz bin defa hâşâ ve kellâ! Evet, bütün kâinat ve hakikat-i âlem, dirilmesini dava eder ve hayatını Sahib-i kâinat’tan talep ediyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وما دام مالِكُ الملكِ قد اختارَ الأرضَ من الكَونِ، واختارَ الإنسانَ من الأرضِ، ووَهبَ له مَكانةً سامِيةً، وأَوْلاهُ الاهتِمامَ والعِنايةَ، واختارَ الأنبياءَ والأولياءَ والأصفياءَ من بينِ الناسِ، وهمُ الذينَ انسجَموا مع المقاصِدِ الربانِيّةِ، وحبَّبُوا أنفسَهم إليهِ بالإيمانِ والتسلِيمِ، وجَعَلهُم أولياءَه المحبوبِينَ المخاطَبِينَ له، وأكرمَهم بالمعجزاتِ والتوفيقِ في الأعمالِ وأدَّبَ أعداءَهم بالصفَعاتِ السماوِيّةِ،
    Ve madem Yedinci Şuâ olan Âyetü’l-Kübra’da her biri bir dağ kuvvetinde otuz üç adet icma-ı azîm ispat etmişler ki: Bu kâinat bir elden çıkmış ve bir tek zatın mülküdür. Ve kemalât-ı İlahiyenin medarı olan vahdetini ve ehadiyetini bedahetle göstermişler. Ve vahdet ve ehadiyet ile bütün kâinat, o Zat-ı Vâhid’in emirber neferleri ve musahhar memurları hükmüne geçiyor. Ve âhiretin gelmesiyle, kemalâtı sukuttan ve adalet-i mutlakası müstehziyane gadr-ı mutlaktan ve hikmet-i âmmesi sefahetkârane abesiyetten ve rahmet-i vâsiası lâhiyane tazibden ve izzet-i kudreti zelilane aczden kurtulurlar, takaddüs ederler.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    واصْطفَى من بينِ هؤلاءِ المحبوبِينَ إمامَهم ورَمْزَ فَخرِهِم واعتِزازِهِم، ألا وهو محمدٌ ﷺ؛ فنوَّرَ بنورِه نِصفَ الكُرةِ الأرضيّةِ ذاتِ الأهميةِ، وخُمُسَ البشريّةِ ذوِي الأهميةِ، طَوالَ قرُونٍ عِدّةٍ، حتى كأن الكائناتِ قد خُلِقتْ لأجلِه، لبُروزِ غاياتِها جَميعًا به، وظُهورِها بالدينِ الذي بُعِثَ به، وانجِلائِها بالقرآنِ الذي أُنزِلَ عليه؛
    Elbette ve elbette ve herhalde iman-ı billahın yüzer nüktesinden bu sekiz mademlerdeki hakikatlerin muktezasıyla; kıyamet kopacak, haşir ve neşir olacak, dâr-ı mücazat ve mükâfat açılacak. Tâ ki arzın mezkûr ehemmiyeti ve merkeziyeti ve insanın ehemmiyeti ve kıymeti tahakkuk edebilsin. Ve arz ve insanın Hâlık’ı ve Rabb’i olan Mutasarrıf-ı Hakîm’in mezkûr adaleti, hikmeti, rahmeti, saltanatı takarrur edebilsin. Ve o Bâki Rabb’in mezkûr hakiki dostları ve müştakları idam-ı ebedîden kurtulsun. Ve o dostların en büyüğü ve en kıymettarı, bütün kâinatı memnun ve minnettar eden kudsî hizmetlerinin mükâfatını görsün. Ve Sultan-ı Sermedî’nin kemalâtı naks ve kusurdan ve kudreti aczden ve hikmeti sefahetten ve adaleti zulümden tenezzüh ve takaddüs ve teberri etsin.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فبينما يَستَحِقُّ أن يُكافأَ على خِدماتِه الجليلةِ غيرِ المحدودةِ بعمُرٍ مديدٍ غيرِ مَحدودٍ وهو أهـلٌ له، إلّا أنه قضَى عمُرًا قصِيرًا وهو ثَلاثٌ وسِتونَ سنةً في مُجاهَدةٍ ونصَبٍ وتَعبٍ! فهل يُمكِن، وهل يُعقلُ مطلقًا، وهل هناك أيُّ احتمالٍ ألّا يُبعَثَ هو وأمثالُه وأحبّاؤُه معا؟! وألّا يكونَ الآنَ حيًّا بروحِه؟! وأن يفنَى نهائيا ويصيرَ إلى العَدمِ؟ كلا.. ثم كلا.. وحاشاه ألفَ ألفِ مَرّةٍ؛ نعم، إن الكونَ وجميعَ حقائِقِ العالمِ يدعُو إلى بعثِه ويُريدُه ويطلُبُ من ربِّ الكونِ حياتَه.
    '''Elhasıl, madem Allah var, elbette âhiret vardır…'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولقد بيَّنتْ رسالةُ «الآيةُ الكبرَى» وهي الشعاعُ السابعُ وأثبتَتْ بثلاثةٍ وثلاثينَ إجماعًا عظيما، كلٌّ منها كالجبلِ الأشمِّ في قُوّةِ حُجّتِه، بأن هذا الكونَ لم يَصدُر إلّا من يدِ واحدٍ أحَدٍ، وليــس مُلكًا إلّا لواحدٍ أحدٍ، فأظهرتِ التوحِيدَ -بتلك البراهينِ والمراتِبِ بداهةً- الذي هو مِـحوَرُ الكمالِ الإلهي وقُطبُه، وَبيَّنتْ أنه بالوَحدةِ والأحَديّةِ يتَحوَّلُ جميعُ الكونِ بمثابةِ جُنودٍ مُستَنفَرِينَ لذلك الواحدِ الأحدِ، ومُوظَّفِين مُسخَّرِينَ له؛ وبمجيءِ الآخرةِ ووجودِها تتَحقّقُ كمالاتُه وتُصانُ من السقوطِ وتَسودُ عدالتُه المطلقةُ، وتَنجو من الظلمِ، وتُنزَّه حِكمتُه العامّةُ وتُبرَّأُ من العبثِ والسفاهَةِ، وتَأخُذُ رَحمتُه الواسِعةُ مدَاهاَ، وتُنقَذُ من التعذيبِ المُشينِ؛ وتتجلى عِزّتُه وقدرَتُه المطلقتانِ وتُنقَذانِ من العجزِ الذليلِ؛ وتتَقدَّسُ كلُّ صِفةٍ من صفاتِه سبحانَه وتتجلَّى منزَّهةً جليلةً.
    Hem nasıl ki mezkûr üç erkân-ı imaniye onları ispat eden bütün delilleriyle haşre şehadet ve delâlet ederler. Öyle de
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فَلابدَّ ولا رَيبَ مطلقًا أن القيامةَ ستقومُ، وأن الحشرَ والنشورَ سَيحدُثُ، وأن أبوابَ دارِ الثوابِ والعِقابِ ستُفتَحُ، بمُقتضَى ما في حقائقِ هذه الفِقْراتِ الثمانِيّةِ المذكورةِ المبتدِئةِ بـ«ما دام» التي هي مسألةٌ دقيقةٌ ونُكتةٌ ذاتُ مغزًى لطيفٍ من بينِ مئاتِ النِّكاتِ الدقيقةِ للإيمانِ بالله؛ وذلك: كي تتَحقّقَ أهميةُ الأرض ومَركزِيّتُها، وأهميةُ الإنسانِيَّةِ ومكانتُها.. ولكي تتقرّرَ عدالةُ ربِّ الأرضِ والإنسانِ وحِكمتُه ورحمتُه وسلطانُه.. ولكي يَنجُوَ الأولياءُ والأحِبَّاءُ الحقِيقيّونَ والمشتاقونَ إلى الربِّ الباقِي من الفناءِ والإعدامِ الأبديِّ.. ولكي يرَى أعظمُهم وأحبُّهم وأعزُّهم ثوابَ عَملِه، ونتائجَ خِدماتِه الجليلةِ التي جَعلتِ الكائناتِ في امتِنانٍ ورضًى دائِمَينِ.. ولكي يتقدَّسَ كمالُ السلطانِ السرمَديِّ من النقصِ والتقصيرِ، وتتَنزَّهَ قدرتُه من العجزِ، وتَبرَأَ حِكمتُه من السفاهةِ، وتتعالَى عدالتُه عن الظلمِ.
    وَبِمَلٰئِكَتِهِ وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللّٰهِ تَعَالٰى
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    والخلاصة:  ما دام الله جلَّ جلالُه مَوجودًا فإن الآخرةَ لا رَيبَ فيها قَطعًا.
    olan iki rükn-ü imanî dahi haşri istilzam edip kuvvetli bir surette âlem-i bekaya şehadet ve delâlet ederler. Şöyle ki:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكما تُثبِتُ الأركانُ الإيمانيّةُ الثلاثةُ -المذكورةُ آنفا- الحشرَ بجميعِ دلائِلها وتَشهَدُ عليه، كذلك يَستلزِمُ الركنانِ الإيمانيانِ
    Melâikenin vücudunu ve vazife-i ubudiyetlerini ispat eden bütün deliller ve hadsiz müşahedeler, mükâlemeler, dolayısıyla âlem-i ervahın ve âlem-i gaybın ve âlem-i bekanın ve âlem-i âhiretin ve ileride cin ve ins ile şenlendirilecek olan dâr-ı saadetin, cennet ve cehennemin vücudlarına delâlet ederler. Çünkü melekler bu âlemleri izn-i İlahî ile görebilirler ve girerler. Ve Hazret-i Cebrail gibi, insanlar ile görüşen umum melâike-i mukarrebîn mezkûr âlemlerin vücudlarını ve onlar, onlarda gezdiklerini müttefikan haber veriyorlar. Görmediğimiz Amerika kıtasının vücudunu, ondan gelenlerin ihbarıyla bedihî bildiğimiz gibi yüz tevatür kuvvetinde bulunan melâike ihbaratıyla âlem-i bekanın ve dâr-ı âhiretin ve cennet ve cehennemin vücudlarına o kat’iyette iman etmek gerektir ve öyle de iman ederiz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    «وبملائِكتِه، وبالقدَرِ خَيرِه وشرِّهِ من الله تعالى»
    Hem Yirmi Altıncı Söz olan Risale-i Kader’de “iman-ı bi’l-kader” rüknünü ispat eden bütün deliller, dolayısıyla haşre ve neşr-i suhufa ve mizan-ı ekberdeki muvazene-i a’male delâlet ederler. Çünkü her şeyin mukadderatını gözümüz önünde nizam ve mizan levhalarında kaydetmek ve her zîhayatın sergüzeşt-i hayatiyelerini kuvve-i hâfızalarında ve çekirdeklerinde ve sair elvah-ı misaliyede yazmak ve her zîruhun, hususan insanların defter-i a’mallerini elvah-ı mahfuzada tesbit etmek, geçirmek; elbette öyle muhit bir kader ve hakîmane bir takdir ve müdakkikane bir kayıt ve hafîzane bir kitabet, ancak mahkeme-i kübrada umumî bir muhakeme neticesinde daimî bir mükâfat ve mücazat için olabilir. Yoksa o ihatalı ve inceden ince olan kayıt ve muhafaza, bütün bütün manasız, faydasız kalır; hikmete ve hakikate münafî olur. Hem haşir gelmezse kader kalemiyle yazılan bu kitab-ı kâinatın bütün muhakkak manaları bozulur ki hiçbir cihet-i imkânı olamaz ve o ihtimal, bu kâinatın vücudunu inkâr gibi bir muhal belki bir hezeyan olur.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أيضا الحشرَ، ويَشهَدانِ شهادةً قويّةً على العالَم الباقي ويَدلانِ عليهِ على النحوِ الآتي:
    '''Elhasıl:''' İmanın beş rüknü bütün delilleriyle haşir ve neşrin vukuuna ve vücuduna ve dâr-ı âhiretin vücuduna ve açılmasına delâlet edip isterler ve şehadet edip talep ederler.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إن جميع الدلائل والمشاهدات والمكالمات الدالة على وجود الملائكة ووظائف عبوديتهم، هي بدورها دلائلُ على وجود عالم الأرواح وعالم الغيب وعالم البقاء وعالم الآخرة ودار السعادة والجنة والنار اللتين ستعمران بالجن والإنس، لأن الملائكة يمكنهم -بإذن إلهي- أن يشاهدوا هذه العوالم ويدخلوها، لذا فالملائكة المقرّبون يخبرون بالاتفاق -كجبريل عليه السلام الذي قابل البشر- بوجود تلك العوالم المذكورة وتجوالهم فيها. فكما أننا نعلم بديهةً وجود قارة أمريكا التي لم نرَها من كلام القادمين منها، كذلك يكون الإيمانُ بديهة بما أخبرت به الملائكة -وهو بقوة مائة تواتر- عن وجود عالم البقاء ودار الآخرة والجنة والنار.. وهكذا نؤمن ونصدّق.
    İşte hakikat-i haşriyenin azametine tam muvafık böyle azametli ve sarsılmaz direkleri ve bürhanları bulunduğu içindir ki Kur’an-ı Mu’cizü’l-Beyan’ın hemen hemen üçten birisi haşir ve âhireti teşkil ediyor ve onu bütün hakaikine temel taşı ve üssü’l-esas yapıyor ve her şeyi onun üstüne bina ediyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكذلك الدلائلُ التي تُثبِتُ «الإيمانَ بالقَدَرِ» -كما جاءَت في رسالةِ القدَرِ «الكلمةِ السادِسةِ والعِشرينَ»- هي بدَورِها دلائلُ على الحشرِ ونَشرِ الصُّحفِ ومُوازَنةِ الأعمالِ عِندَ الميزانِ الأكبرِ، ذلك لأنَّ ما نراهُ أمامَ أعيُنِنا من تَدوِينِ مُقدَّراتِ كلِّ شيءٍ على ألواحِ النظامِ والميزانِ، وكِتابةِ أحْداثِ الحياةِ ووقائِعها لكلِّ ذي حياةٍ في قوَّتِه الحافِظةِ، وفي حُبوبِه ونَواه، وفي سائرِ الألواحِ المثاليّةِ؛ وتَثبِيتِ دَفاتِرِ الأعمالِ لكل ذي رُوحٍ ولا سيما الإنسانِ، وإقرارِها في ألواحٍ محفوظةٍ.. كلُّ هذا القَدْرِ من القَدَرِ المحيطِ، ومن التَّقدِيرِ الحكيمِ، ومن التدوِينِ الدقِيقِ، ومن الكتابةِ الأمِينةِ، لا يمكنُ أن يكونَ إلّا لأجلِ محكمةٍ كبرَى، ولنَيلِ ثوابٍ وعِقابٍ دائِمينِ، وإلّا فلا يَبقَى مغزًى ولا فَائِدةٌ أبدا لذلك التدوِينِ المحِيطِ والكِتابةِ التي تُسجِّلُ وتَحفَظُ أَدقَّ الأمورِ، فيَقعُ إذن ما هو خِلافُ الحِكمةِ والحقِيقةِ؛ كما أنَّ جميعَ معاني كتابِ الكونِ الحقَّةِ التي كُتبَت بقَلمِ القَدَرِ سَوفَ تَفسُدُ وتُمسَخُ هي الأخرَى بعدمِ حُدوثِ الحشرِ! وهذا لا يُمكِنُ أن يكونَ مطلقا، وليس له احتمالٌ أبدا، بل هو محالٌ في محالٍ، كإنكارِ هذا الكون، بل هو هذيانٌ ليس إلّا.
    (Mukaddime nihayet buldu.)
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نَحصُل مما تَقدّم:  أن جميعَ دَلائلِ أركانِ الإيمانِ الخمسَةِ هي بِدورِها دلائلُ على الحشرِ ووُجودِه، وعلى النشورِ وحُدوثِه، وعلى وُجودِ الدَّارِ الآخِرةِ وانْفِتاحِ أبوابِها؛
    <nowiki>*</nowiki>  *   *
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بل تَستَدْعِيهِ وتَشهَدُ عليه، لذا فإنه من الوِفاقِ الكامِلِ والانسِجامِ التامِّ أن يَبحثَ ثُلثُ القرآنِ الكريمِ المُعجِزِ البَيانِ عن الحشْرِ لما له من الأُسُسِ والبراهِينِ التي لا تتَزعْزَعُ، ويجعَلَه أسَاسًا ورَكيزَةً لجميعِ حَقائقِه التي يرفَعُها على ذلك الحَجرِ الأساسِ.
    == '''Zeylin İkinci Parçası''' ==
    Baştaki âyetin mu’cizane işaret ettikleri dokuz tabaka berahin-i haşriyeye dair dokuz makamdan “Birinci Makam”:
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    (انتَهتِ المقدِّمةُ)
    ❀ فَسُبْحَانَ اللّٰهِ ح۪ينَ تُمْسُونَ وَح۪ينَ تُصْبِحُونَ ❀ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَعَشِيًّا وَح۪ينَ تُظْهِرُونَ ❀ يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَيُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذٰلِكَ تُخْرَجُونَ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    <nowiki>*</nowiki> *  *
    olan fıkradaki ferman-ı haşre dair buradaki gösterdiği bürhan-ı bâhiri ve hüccet-i kātıası beyan ve izah edilecek inşâallah. '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' O makam daha yazılmamış ve hayat meselesi haşre münasebeti için buraya girmiş. Fakat hayatın âhirinde kader rüknüne işareti pek ince ve derindir.</ref>)'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ==القِطعَة الثانيةُ من الذَّيلِ ==
    Hayatın yirmi sekizinci hâssasında beyan edilmiştir ki: Hayat, imanın '''altı erkânına''' bakıp ispat ediyor, onların tahakkukuna işaretler ediyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    هي المقامُ الأوَّلُ من تِسعةِ مَقاماتٍ لطبقاتِ البراهِين التِّسعِ التي تَدورُ حولَ الحشرِ والتي أشارتْ إليها بإعجازٍ الآيُ الكريمةُ الآتِيةُ:
    Evet, madem bu kâinatın en mühim neticesi ve mâyesi ve hikmet-i hilkati hayattır. Elbette o hakikat-i âliye; bu fâni, kısacık, noksan, elemli hayat-ı dünyeviyeye münhasır değildir. Belki hayatın yirmi dokuz hâssasıyla mahiyetinin azameti anlaşılan şecere-i hayatın gayesi, neticesi ve o şecerenin azametine lâyık meyvesi; hayat-ı ebediyedir ve hayat-ı uhreviyedir ve taşıyla ve ağacıyla, toprağıyla hayattar olan dâr-ı saadetteki hayattır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فَسُبْحَانَ اللّٰهِ ح۪ينَ تُمْسُونَ وَح۪ينَ تُصْبِحُونَ ❀ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَعَشِيًّا وَح۪ينَ تُظْهِرُونَ ❀ يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَيُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذٰلِكَ تُخْرَجُونَ (الروم:17-19)
    Yoksa bu hadsiz cihazat-ı mühimme ile teçhiz edilen hayat şeceresi, zîşuur hakkında, hususan insan hakkında meyvesiz, faydasız, hakikatsiz olmak lâzım gelecek ve sermayece ve cihazatça serçe kuşundan mesela yirmi derece ziyade ve bu kâinatın ve zîhayatın en mühim, yüksek ve ehemmiyetli mahluku olan insan; serçe kuşundan saadet-i hayat cihetinde, yirmi derece aşağı düşüp en bedbaht en zelil bir bîçare olacak.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    سيُبيَّن -إن شاءَ الله- ما أظْهرَتْهُ هذه الآياتُ الكرِيمةُ من البرهانِ الباهِرِ والحجَّةِ القاطِعةِ للحَشرِ.(<ref>لم يُكتبْ هذا المقامُ بعدُ، وحيثُ إن مسألةَ «الحياة» وقَضيَّتها لها علاقةٌ مع الحشرِ، فقد أُدرِجتْ هنا؛ وفي ختامِ هذه المسألةِ إشاراتُ الحياةِ إلى الرُّكنِ الإيمانيّ «القَدَر»، وهي مسألةٌ دقِيقةٌ جدا وعَمِيقة. (المؤلف)</ref>)
    Hem en kıymettar bir nimet olan akıl dahi geçmiş zamanın hüzünlerini ve gelecek zamanın korkularını düşünmek ile kalb-i insanı mütemadiyen incitip bir lezzete dokuz elemleri karıştırdığından en musibetli bir bela olur. Bu ise yüz derece bâtıldır. Demek bu hayat-ı dünyeviye, âhirete iman rüknünü kat’î ispat ediyor ve her baharda haşrin üç yüz binden ziyade numunelerini gözümüze gösteriyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الرمز الرابع من النكتة الخامسة للَّمعة الثلاثين
    Acaba senin cisminde ve senin bahçende ve senin vatanında, senin hayatına lâzım ve münasip bütün levazımatı ve cihazatı, hikmet ve inayet ve rahmetle ihzar eden ve vaktinde yetiştiren, hattâ senin midenin beka ve yaşamak arzusuyla ettiği hususi ve cüz’î olan rızık duasını bilen ve işiten ve hadsiz leziz taamlarla o duanın kabulünü gösteren ve mideyi memnun eden bir Mutasarrıf-ı Kadîr, hiç mümkün müdür ki seni bilmesin ve görmesin ve nev-i insanın en büyük gayesi olan hayat-ı ebediyeye lâzım esbabı ihzar etmesin? Ve nev-i insanın en büyük ve en ehemmiyetli en lâyık ve umumî olan beka duasını, hayat-ı uhreviyenin inşasıyla ve cennetin icadıyla kabul etmesin? Ve kâinatın en mühim mahluku, belki zeminin sultanı ve neticesi olan nev-i insanın arş ve ferşi çınlatan umumî ve gayet kuvvetli duasını işitmeyip küçük bir mide kadar ehemmiyet vermesin, memnun etmesin? Kemal-i hikmetini ve nihayet rahmetini inkâr ettirsin? Hâşâ, yüz bin defa hâşâ!
    لقد بُيّنَ في الخاصّةِ الثامِنةِ والعِشرينَ من الحياةِ، أنَّ الحياةَ تُثبتُ أركانَ الإيمانِ السِّتةَ، وتتَوجَّهُ نحوَها وتُشِيرُ إلى تحقُّقِها.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، فما دامتِ «الحياةُ» هي حِكمةُ خلقِ الكائِناتِ، وأهمُّ نتِيجَتِها وجَوهرُها، فلا تَنحصِرُ تلك الحقِيقةُ السامِيةُ في هذه الحياةِ الدنيا الفانِيةِ القصيرةِ الناقِصةِ المؤلمةِ، بل إِنَّ الخواصَّ التسعَ والعِشرينَ للحياةِ وعَظمةَ ماهِيّتِها، وما يُفهَم من غايةِ شَجرتِها ونَتيجَتِها، وثَمَرتِها الجديرةِ بعَظمةِ تلكَ الشجرةِ، ما هي إلّا الحياةُ الأبديّةُ والحياةُ الآخِرةُ والحياةُ الحيّةُ بحَجَرِها وتُرابِها وشَجرِها في دار السعادةِ الخالدَةِ؛
    Hem hiç kabil midir ki: Hayatın en cüz’îsinin pek gizli sesini işitsin, derdini dinlesin, derman versin ve nazını çeksin ve kemal-i itina ve ihtimam ile beslesin ve ona dikkatle hizmet ettirsin ve büyük mahlukatını ona hizmetkâr yapsın ve sonra en büyük ve kıymettar ve bâki ve nazdar bir hayatın gök sadâsı gibi yüksek sesini işitmesin? Ve onun çok ehemmiyetli beka duasını ve nazını ve niyazını nazara almasın? Âdeta bir neferin kemal-i itina ile teçhiz ve idaresini yapsın ve mutî ve muhteşem orduya hiç bakmasın? Ve zerreyi görsün, güneşi görmesin? Sivrisineğin sesini işitsin, gök gürültüsünü işitmesin? Hâşâ, yüz bin defa hâşâ!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإلّا يَلزَمُ أن تَظلَّ شَجرةُ الحياةِ المُجهَّزةُ بهذه الأجهزةِ الغَزيرَةِ المتنوِّعةِ دونَ ثمَرٍ ولا فائِدةٍ ولا حَقيقةٍ تَعودُ إلى ذوي الشُّعورِ ولا سيما الإنسانُ؛ ولظلَّ الإنسانُ تعِسًا وشَقيًّا وذليلا وأحطَّ من العُصفورِ بعشرينَ درجةً، من حيثُ سَعادةُ الحياة، مع أنه أسمَى مخلوقٍ وأكرمُ ذوي الحياةِ وأرفعُ من العصفورِ بعشرينَ درجةً،
    Hem hiçbir cihetle akıl kabul eder mi ki: Hadsiz rahmetli, muhabbetli ve nihayet derecede şefkatli ve kendi sanatını çok sever ve kendini sevdirip ve kendini sevenleri ziyade sever bir Zat-ı Kadîr-i Hakîm, en ziyade kendini seven ve sevimli ve sevilen ve Sâni’ini fıtraten perestiş eden hayatı ve hayatın zatı ve cevheri olan ruhu, mevt-i ebedî ile idam edip kendinden o sevgili muhibbini ve habibini ebedî bir surette küstürsün, darıltsın, dehşetli rencide ederek sırr-ı rahmetini ve nur-u muhabbetini inkâr etsin ve ettirsin? Hâşâ, yüz bin defa hâşâ ve kellâ!
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بل العَقلُ الذي هو أثْمنُ نِعمةٍ يُصبِحُ بلاءً ومصيبةً على الإنسانِ بتَفكُّرِهِ في أحزانِ الزمانِ الغابرِ ومَخاوِفِ المستَقبلِ، فيُعذِّبُ قلبَه دائما مُعكِّرا صَفوَ لذّةٍ واحِدةٍ بتسعةِ آلامٍ! ولاشكَّ أن هذا باطلٌ بمئةِ درَجةٍ.
    Bu kâinatı cilvesiyle süslendiren bir cemal-i mutlak ve umum mahlukatı sevindiren bir rahmet-i mutlaka, böyle hadsiz bir çirkinlikten ve kubh-u mutlaktan ve böyle bir zulm-ü mutlaktan, bir merhametsizlikten, elbette nihayetsiz derece münezzehtir ve mukaddestir.
    فهذه الحياةُ الدنيا إذن تُثبِتُ ركنَ «الإيمانِ بالآخرةِ» إثباتًا قاطِعًا، وتُظهِرُ لنا في كلِّ ربيعٍ أكثرَ من ثلاثِمئةِ ألفِ نَمُوذَجٍ من نَماذجِ الحشرِ.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فيا تُرى هل يُمكِنُ لربٍّ قديرٍ، يُهيِّئُ ما يَلزَمُ حياتَك من الحاجاتِ المتَعلِّقةِ بها جَميعًا ويُوَفّرُ لك أجهزتَها كلَّها سواءً في جِسمِك أو في حَديقتِك أو في بَلدِك، ويُرسِلُه في وقتِه المناسِبِ بحِكمةٍ وعِنايةٍ ورَحمةٍ، حتى إنه يَعلمُ رَغبةَ مَعِدَتِك فيما يَكفُلُ لك العَيشَ والبقاءَ، ويَسمعُ ما تَهتِفُ به من الدعاءِ الخاصِّ الجزئيِّ للرزقِ مُبدِيا قَبولَه لذلك الدعاءِ بما بَثَّ من الأطعِمةِ اللذِيذَةِ غيرِ المحدُودةِ ليُطَمئِنَ تلك المَعِدةَ.. فهل يُمكِنُ لهذا المُدبِّرِ القَديرِ أن لا يَعرِفَك؟ ولا يَراكَ؟ ولا يُهيِّئَ الأسبابَ الضروريّةَ لأعظمِ غايةٍ للإنسانِ وهي الحياةُ الأبديّةُ؟ ولا يَستَجِيبَ لأعظمِ دعاءٍ وأَهمِّهِ وأَعمِّه، وهو دعاءُ البقاءِ والخلودِ؟ ولا يَقبَلَه بإنشاءِ الحياةِ الآخِرةِ وإيجادِ الجنّةِ؟ ولا يَسْمعَ دعاءَ هذا الإنسانِ وهو أسمَى مخلوقٍ في الكونِ بل هو سلطانُ الأرضِ ونتِيجَتُها.. ذلك الدعاءَ العامَّ القوِيَّ الصادرَ من الأعماقِ، والذي يَهزُّ العرشَ والفرْشَ! فهل يمكنُ أن لا يَهتمَّ به اهتِمامَه بدعاءِ المَعِدَةِ الصغيرةِ ولا يُرضِيَ هذا الإنسانَ؟ ويُعرِّضَ حِكمَتَه الكامِلةَ ورحْمَتَه المطلَقةَ للإنكارِ؟ كَلَّا.. ثم كَلَّا ألفَ ألفِ مَرةٍ كَلَّا.
    '''Netice:''' Madem dünyada hayat var; elbette insanlardan hayatın sırrını anlayanlar ve hayatını sû-i istimal etmeyenler, dâr-ı bekada ve cennet-i bâkiyede hayat-ı bâkiyeye mazhar olacaklardır, âmennâ…
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهل يُعقلُ أن يَسمَعَ أخْفتَ صوتٍ لأدنَى جُزئِيٍّ من الحياةِ فيَستمِعَ لشَكواه ويُسعِفَه، ويَحلُمَ عليهِ ويُربِّيهِ بعِنايةٍ كامِلةٍ ورِعايةٍ تامّةٍ وباهتمامٍ بالغ مُسخِّرا له أكبَر مخلوقاتِه في الكونِ، ثم لا يَسمَعُ صوتًا كهَزيمِ السماءِ لأعظمِ حياةٍ وأسماها وألطفِها وأدوَمِها؟ وهل يُعقَلُ ألّا يَهتمَّ بدُعائِه المهمِّ وهو دعاءُ البقاءِ، وألّا يَنظرَ إلى تَضرُّعِه ورَجائِه وتَوسُّلِه؟ ويكونَ كمن يُجهِّزُ بعنايةٍ كاملةٍ جُندِيا واحدا بالعتادِ، ولا يَرعَى الجيشَ الجرارَ المُواليَ له!! وكمن يرَى الذرّةَ ولا يرى الشمسَ! أو كمن يسمعُ طنين الذبابِ ولا يسمعُ رعودَ السماء! حاشَ لله مئةَ ألفِ مرةٍ حاشَ لله.
    Ve hem nasıl ki yeryüzünde bulunan parlak şeylerin güneşin akisleriyle parlamaları ve denizlerin yüzlerinde kabarcıklar, ziyanın lem’alarıyla parlayıp sönmeleri, arkalarından gelen kabarcıklar, gidenler gibi yine hayalî güneşçiklere âyinelik etmeleri; bilbedahe gösteriyor ki o lem’alar, yüksek bir tek güneşin cilve-i in’ikasıdırlar ve güneşin vücudunu muhtelif diller ile yâd ediyorlar ve ışık parmaklarıyla ona işaret ediyorlar.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهل يَقبلُ العقلُ -بوجهٍ من الأوجهِ- أن القديرَ الحكيمَ ذا الرحمةِ الواسعةِ وذا المحبّةِ الفائِقةِ وذا الرأفةِ الشامِلةِ والذي يُحِبُّ صنعتَه كثيرا، ويُحبِّبُ نفسَه بها إلى مخلوقاتِه وهو أشدُّ حبا لمن يُحبونَه... فهل يُعقَل أن يُفنِيَ حياةَ مَن هو أكثرُ حبًا له، وهو المحبوبُ، وأهلٌ للحُبِّ، وعابِدٌ لخالقِه فِطرةً؟ ويُفنِيَ كذلك لُبَّ الحياةِ وجَوهرَها وهو الروحُ، بالموتِ الأبديِّ والإعدامِ النهائِيِّ، ويُولِّدَ جَفوةً بينَه وبين مُحبِّيهِ ويُؤلِمَهم أشدَّ الإيلامِ، فيَجعلَ سرَّ رحمتِه ونورَ محبتِه مُعرَّضا للإنكارِ!
    Aynen öyle de Zat-ı Hayy-ı Kayyum’un Muhyî isminin cilve-i a’zamı ile berrin yüzünde ve bahrin içindeki zîhayatların kudret-i İlahiye ile parlayıp arkalarından gelenlere yer vermek için “Yâ Hay” deyip perde-i gaybda gizlenmeleri; bir hayat-ı sermediye sahibi olan Zat-ı Hayy-ı Kayyum’un hayatına ve vücub-u vücuduna şehadetler, işaretler ettikleri gibi umum mevcudatın tanziminde eseri görünen ilm-i İlahîye şehadet eden bütün deliller ve kâinata tasarruf eden kudreti ispat eden bütün bürhanlar ve tanzim ve idare-i kâinatta hüküm-ferma olan irade ve meşieti ispat eden bütün hüccetler ve kelâm-ı Rabbanî ve vahy-i İlahînin medarı olan risaletleri ispat eden bütün alâmetler, mu’cizeler ve hâkeza yedi sıfât-ı İlahiyeye şehadet eden bütün delail, bi’l-ittifak Zat-ı Hayy-ı Kayyum’un hayatına delâlet, şehadet, işaret ediyorlar.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    حاشَ لله ألفَ مرةٍ حاشَ لله.. فالجمالُ المطلقُ الذي زيَّنَ بتَجلِّيهِ هذا الكونَ وجمَّلَه، والرَّحمةُ المطلَقةُ التي أبهجَتِ المخلوقاتِ قاطبةً وزيَّنَتها، لاشكَّ أنهما مُنزَّهَتانِ ومُقدَّستانِ بلا نهايةٍ ولا حدٍ عن هذه القَساوةِ وعن هذا القبحِ المطلقِ والظلمِ المطلقِ.
    Çünkü nasıl bir şeyde görmek varsa hayatı da vardır. İşitmek varsa hayatın alâmetidir. Söylemek varsa hayatın vücuduna işaret eder. İhtiyar, irade varsa hayatı gösterir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    النتيجة:  ما دامت في الدنيا حَياةٌ، فلابدَّ أن الذينَ يفهمونَ سرَّ الحياةِ من البشرِ، ولا يُسِيئُونَ استِعمالَ حياتِهم، يكونونَ أهلا لحياةٍ باقيةٍ، في دارٍ باقيةٍ وفي جنةٍ باقيةٍ.. آمنّا.
    Aynen öyle de bu kâinatta âsârıyla vücudları muhakkak ve bedihî olan kudret-i mutlaka ve irade-i şâmile ve ilm-i muhit gibi sıfatlar, bütün delailleri ile Zat-ı Hayy-ı Kayyum’un hayatına ve vücub-u vücuduna şehadet ederler ve bütün kâinatı bir gölgesiyle ışıklandıran ve bir cilvesiyle bütün dâr-ı âhireti zerratıyla beraber hayatlandıran hayat-ı sermediyesine şehadet ederler.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ثم، إن تَلألؤَ الموادِّ اللمَّاعةِ على سطحِ الأرضِ، وتَلمُّعَ الفُقاعاتِ والحَبابِ والزَّبَدِ على سَطحِ البحرِ، ثم انطفاءَ ذلك التلألُؤِ والبريقِ بزوالِ الفُقاعاتِ ولمعانِ التي تَعقُبُها كأنها مرايا لشُميساتٍ خياليةٍ، يُظهِرُ لنا بداهةً أن تلك اللمعاتِ ما هي إلّا تجلِّي انعكاسِ شمسٍ واحِدةٍ عاليةٍ؛ وتَذكُرُ بمُختلَفِ الألسنةِ وجودَ الشمسِ، وتُشِيرُ إليها بأصابعَ من نورٍ..
    Hem hayat, '''melâikeye iman''' rüknüne dahi bakar, remzen ispat eder. Çünkü madem kâinatta en mühim netice hayattır ve en ziyade intişar eden ve kıymettarlığı için nüshaları teksir edilen ve zemin misafirhanesini, gelip geçen kafilelerle şenlendiren zîhayatlardır ve madem küre-i arz, bu kadar zîhayatın envaıyla dolmuş ve mütemadiyen zîhayat envalarını tecdid ve teksir etmek hikmetiyle her vakit dolar boşanır ve en hasis ve çürümüş maddelerinde dahi kesretle zîhayatlar halk edilerek bir mahşer-i huveynat oluyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكذلك الأمرُ في تَلألُؤِ ذوي الحياةِ على سطحِ الأرضِ وفي البحرِ، بالقدرةِ الإلهيّةِ وبتجلِّي اسم «المحيِي» للحيِّ القيومِ جلَّ جلالُه، واختِفائِها وراءَ سِتارِ الغيبِ لفَسحِ المجال للذي يَخلُفُها -بعد أن رَدَّدتْ «يا حي»- ما هي إلّا شهاداتٌ وإشاراتٌ للحياة السرمديّةِ ولوُجوبِ وُجودِ الحيِّ القيُّومِ سبحانَه وتعالى.
    Ve madem hayatın süzülmüş en safi hülâsası olan şuur ve akıl ve latîf ve sabit cevheri olan ruh, küre-i arzda gayet kesretli bir surette halk olunuyorlar. Âdeta küre-i arz, hayat ve akıl ve şuur ve ervah ile ihya olup öyle şenlendirilmiş. Elbette küre-i arzdan daha latîf, daha nurani, daha büyük, daha ehemmiyetli olan ecram-ı semaviye ölü, camid, hayatsız, şuursuz kalması imkân haricindedir.
    وكذا، فإن جميعَ الدلائلِ التي تَشهَد على العلمِ الإلهيِّ الذي تُشاهَدُ آثارُه من تنظِيمِ الموجوداتِ، وجميعَ البراهِين التي تُثبِتُ القدرةَ المتصرِّفةَ في الكونِ، وجَميعَ الحُجَجِ التي تُثبِتُ الإرادةَ والمشِيئةَ المهيمِنةَ على إدارةِ الكونِ وتَنظِيمِه، وجميعَ العلاماتِ والمعجزاتِ التي تُثبِت الرسالاتِ التي هي مدارُ الكلامِ الرباني والوَحيِ الإلهيِّ.. جَمِيعُ هذه الدلائِلِ التي تَشهَدُ وتَدلُّ على الصفاتِ الإلهيةِ السَّبعِ الجليلةِ، تَدلُّ وتَشهَد أيضا بالاتِّفاقِ على حياةِ «الحيِّ القيُّومِ»  سبحانَه؛
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    لأنه لو وُجِدتِ الرؤيةُ في شيءٍ فلابدَّ أن له حياةً أيضا، ولو كان له سَمعٌ فذلك علامةُ الحياةِ، ولو وُجِدَ الكلامُ فهو إشارةٌ إلى وُجودِ الحياةِ، ولو كان هناكَ الاختِيارُ والإرَادةُ فتلكَ مَظاهِرُ الحياةِ..
    Demek gökleri, güneşleri, yıldızları şenlendirecek ve hayattar vaziyetini verecek ve netice-i hilkat-i semavatı gösterecek ve hitabat-ı Sübhaniyeye mazhar olacak olan zîşuur, zîhayat ve semavata münasip sekeneler, herhalde sırr-ı hayatla bulunuyorlar ki onlar da melâikelerdir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا فإن جميعَ دلائِلِ الصفاتِ الجليلةِ التي تُشاهَدُ آثارُها ويُعلَمُ بَداهةً وُجودُها وتَحقُّقُها؛ أمثالَ القدرةِ المطلقةِ، والإرَادةِ الشامِلةِ، والعِلمِ المحيطِ، تَدلُّ على حياةِ «الحيِّ القيُّومِ» ووُجوبِ وُجودِه، وتَشهَدُ على حَياتِه السرمَديّةِ التي نَوَّرتْ بِشُعاعٍ منها جَمِيعَ الكونِ وأحيَتْ بتَجلٍ منها الدارَ الآخِرةَ كلَّها بذرَّاتِها معًا.
    Hem hayatın sırr-ı mahiyeti '''peygamberlere iman''' rüknüne bakıp remzen ispat eder. Evet, madem kâinat, hayat için yaratılmış ve hayat dahi Hayy-ı Kayyum-u Ezelî’nin bir cilve-i a’zamıdır, bir nakş-ı ekmelidir, bir sanat-ı ecmelidir. Madem hayat-ı sermediye, resullerin gönderilmesiyle ve kitapların indirilmesiyle kendini gösterir. Evet, eğer kitaplar ve peygamberler olmaz ise o hayat-ı ezeliye bilinmez. Nasıl ki bir adamın söylemesiyle diri ve hayattar olduğu anlaşılır. Öyle de bu kâinatın perdesi altında olan âlem-i gaybın arkasında söyleyen, konuşan, emir ve nehyedip hitap eden bir zatın kelimatını, hitabatını gösterecek peygamberler ve nâzil olan kitaplardır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    والحياةُ كذلك تَنظُرُ وتَدلُّ على الرُّكنِ الإيمانِيِّ «الإيمانُ بالملائِكةِ» وتُثبِتُه رَمزًا.
    Elbette kâinattaki hayat, kat’î bir surette Hayy-ı Ezelî’nin vücub-u vücuduna kat’î şehadet ettiği gibi o hayat-ı ezeliyenin şuâatı, celevatı, münasebatı olan “irsal-i Rusül ve inzal-i Kütüb” rükünlerine bakar, remzen ispat eder ve bilhassa risalet-i Muhammediye ve vahy-i Kur’anî, hayatın ruhu ve aklı hükmünde olduğundan bu hayatın vücudu gibi hakkaniyetleri kat’îdir denilebilir.
    إذْ ما دامَتِ الحَياةُ هي أهمَّ نَتيجَةٍ للكونِ، وأنَّ ذَوِي الحياةِ لنفاسَتهِم هم أَكثرُ انتِشارًا وتَكاثرًا، وَهُمُ الذينَ يتَتابَعُون إلى دارِ ضِيافَةِ الأرضِ قافِلةً إثرَ قافِلةٍ، فتَعْمُرُ بهِم وتَبتهِجُ، وما دامَتِ الكُرةُ الأرضِيَّةُ هي مَحطَّ هذا السَّيلِ من ذَوِي الحياةِ، فتُملأُ وتُخلَى بحِكمةِ التَّجدِيدِ والتكاثُرِ باستِمرارٍ، ويُخلَقُ في أخسِّ الأشياءِ والعُفوناتِ ذَوُو حياةٍ بغَزارةٍ، حتى أصْبحَتِ الكُرةُ الأرضِيَّةُ مَعرِضًا عامًّا للأحْياءِ..
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ومَا دامَ يُخلَقُ بكَثرةٍ هائِلةٍ على الأرضِ أصفَى خُلاصةٍ لتَرَشُّحِ الحياةِ وهو الشُّعورُ والعَقلُ وجَوهَرُها اللطِيفُ الثابِتُ وهو الرُّوحُ، فكأنَّ الأرضَ تَحياَ وتتَجمَّلُ بالحياةِ والعَقلِ والشُّعورِ والأروَاحِ.. فلا يُمكِنُ أن تكونَ الأجرامُ السَّماوِيَّةُ التي هي أكثرُ لَطافَةً وأكثرُ نورًا وأعظمُ أهَميةً من الأرضِ جامِدةً بلا حَياةٍ وبلا شُعورٍ؛
    Evet, nasıl ki hayat, bu kâinattan süzülmüş bir hülâsadır ve şuur ve his dahi hayattan süzülmüş, hayatın bir hülâsasıdır ve akıl dahi şuurdan ve histen süzülmüş, şuurun bir hülâsasıdır ve ruh dahi hayatın hâlis ve safi bir cevheri ve sabit ve müstakil zatıdır. Öyle de maddî ve manevî hayat-ı Muhammediye (asm) dahi hayattan ve ruh-u kâinattan süzülmüş hülâsatü’l-hülâsadır ve risalet-i Muhammediye (asm) dahi kâinatın his ve şuur ve aklından süzülmüş en safi hülâsasıdır. Belki maddî ve manevî hayat-ı Muhammediye (asm) âsârının şehadetiyle hayat-ı kâinatın hayatıdır ve risalet-i Muhammediye (asm) şuur-u kâinatın şuurudur ve nurudur. Ve vahy-i Kur’an dahi hayattar hakaikinin şehadetiyle hayat-ı kâinatın ruhudur ve şuur-u kâinatın aklıdır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فلابد إذن من سكنة يَعمُرُونَ السماواتِ ويُبهِجُونَ الشموسَ والنجومَ، ويَهبُون لها الحَيوِيَّةَ، ويُمثِّلونَ نتِيجةَ خلقِ السماواتِ وثَمَرَتَها، ويتَشرَّفونَ بالخطاباتِ السُّبحانِيَّةِ، وهم ذَوُو شُعورٍ وذَوُو حياةٍ من سُكَّانِ السمواتِ وأهالِيها المتلائمِين معها حيثُ يوجَدونَ هناك بِسرِّ الحياةِ؛ ألاَ وهُمُ الملائكةُ.
    '''Evet, evet, evet! Eğer kâinattan risalet-i Muhammediyenin (asm) nuru çıksa, gitse kâinat vefat edecek. Eğer Kur’an gitse kâinat divane olacak ve küre-i arz kafasını, aklını kaybedecek. Belki şuursuz kalmış olan başını, bir seyyareye çarpacak, bir kıyameti koparacak.'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكذلك يَنظرُ سرُّ الحياةِ وماهِيَّتُها ويتَوجَّهُ إلى «الإيمانِ بالرُّسلِ» ويُثبِتُه رَمزًا.
    Hem hayat, '''iman-ı bi’l-kader''' rüknüne bakıyor, remzen ispat eder. Çünkü madem hayat, âlem-i şehadetin ziyasıdır ve istila ediyor ve vücudun neticesi ve gayesidir ve Hâlık-ı kâinat’ın en câmi’ âyinesidir ve faaliyet-i Rabbaniyenin en mükemmel enmuzeci ve fihristesidir. Temsilde hata olmasın, bir nevi programı hükmündedir. Elbette âlem-i gayb, yani mazi müstakbel, yani geçmiş ve gelecek mahlukatın hayat-ı maneviyeleri hükmünde olan intizam ve nizam ve malûmiyet ve meşhudiyet ve taayyün ve evamir-i tekviniyeyi imtisale müheyya bir vaziyette bulunmalarını, sırr-ı hayat iktiza ediyor.
    نعم، مَا دامَ الكَونُ قد خُلِقَ لأجل الحياةِ، وأنَّ الحياةَ هي أعظمُ تجلٍّ وأكملُ نَقشٍ وأجملُ صَنعةٍ للحيِّ القيومِ جـلَّ جلالُه، وما دَامتْ حياتُه السرمَديةُ الخالدةُ تُظهِرُ وتَكشِفُ عن نفسِها بإرسالِ الرسلِ وإنزالِ الكُتبِ، إذ لو لم تَكُن هناكَ «رُسُلٌ» ولا «كُتبٌ» لما عُرِفتْ تلكَ الحياةُ الأزليَّةُ، فكما أنَّ تَكلُّمَ الفَردِ يُبيّن حيوِيَّتَه وحياتَه كذلك الأنبياءُ والرُّسُلُ علَيهمُ السلامُ والكتُبُ المنزَلةُ عليهم، يُبيِّنونَ ويَدُلُّونَ على ذلك المتكلِّمِ الحيِّ الذي يَأمُرُ ويَنهَى بكلماتِه وخِطاباتِه من وَراءِ الغيبِ المحجوبِ وَراءَ سِتارِ الكونِ؛
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فَلابدَّ أنَّ الحياةَ التي في الكونِ كما تَدلُّ دَلالةً قاطِعةً على «الحيِّ الأزلِيِّ» سبحانَه وتعالَى وعلى وُجوبِ وُجودِه، كذلك تَدلُّ على أركانِ الإيمانِ مثل «إرسالِ الرُّسلِ» و«إنزالِ الكتُبِ»، تلك الأركانُ التي هي شُعاعَاتُ الحياةِ الأزِليَّةِ وتَجلِّياتِها وتَظاهُراتِها، وتُثبِتُهما رَمزًا، ولا سِيَّما «الرِّسالةُ المحمَّدِيَّةُ» و«الوَحيُ القُرآنيُّ»، إذ يَصحُّ القولُ: أنهما ثابِتانِ قاطِعانِ كقَطعِيَّةِ ثبوتِ الحياةِ، حيثُ إنَّهما بمثابةِ رُوحِ الحياةِ وعَقلِها.
    Nasıl ki bir ağacın çekirdek-i aslîsi ve kökü ve müntehasında ve meyvelerindeki çekirdekleri dahi aynen ağaç gibi bir nevi hayata mazhardırlar. Belki ağacın kavanin-i hayatiyesinden daha ince kavanin-i hayatı taşıyorlar. Hem nasıl ki bu hazır bahardan evvel geçmiş güzün bıraktığı tohumlar ve kökler, bu bahar gittikten sonra gelecek baharlarda bırakacağı çekirdekler, kökler; bu bahar gibi cilve-i hayatı taşıyorlar ve kavanin-i hayatiyeye tabidirler.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، كما أنَّ الحياةَ هي خُلاصَةٌ مُترشِّحةٌ من هذا الكونِ، والشعورَ والحسَّ مُترشِّحانِ من الحياةِ، فهما خُلاصَتُها، والعقلَ مترشِّحٌ من الشُعورِ والحسِّ، فهو خُلاصةُ الشعُورِ، والرُّوحَ هي الجَوهرُ الخالِصُ الصَّافِي للحياةِ، فهي ذاتُها الثابِتةُ المستقِلَّةُ؛ كذلك الحياةُ المحمَّديّةُ -المادِّيةُ والمعنَوِيَّةُ- مُترشِّحةٌ من الحياةِ ومن رُوحِ الكَونِ، فهي خُلاصَةُ خلاصَتِها، والرِّسالةُ المحمَّديّةُ مُترشِّحةٌ من حِسِّ الكَونِ وشُعورِهِ وعَقلِه، فهي أصفَى خُلاصتِه، بل إنَّ حياةَ مُحمَّدٍ ﷺ -المادِّيةَ والمعنوِيَّةَ- بشَهادةِ آثارِها حياةٌ لحياةِ الكَونِ، والرِّسالةَ المحمَّدِيّةَ شُعورٌ لشُعورِ الكونِ ونورٌ لهُ، والوحيَ القرآني بشَهادةِ حَقائِقهِ الحيَوِيَّةِ رُوحٌ لحياةِ الكونِ وعَقلٌ لشُعورِه..
    Aynen öyle de şecere-i kâinatın bütün dal ve budaklarıyla her birinin bir mazisi ve müstakbeli var. Geçmiş ve gelecek tavırlardan ve vaziyetlerinden müteşekkil bir silsilesi bulunur. Her nevi ve her cüzünün ilm-i İlahiyede muhtelif tavırlar ile müteaddid vücudları, bir silsile-i vücud-u ilmî teşkil eder ve vücud-u haricî gibi vücud-u ilmî dahi hayat-ı umumiyenin manevî bir cilvesine mazhardır ki mukadderat-ı hayatiye o manidar ve canlı elvah-ı kaderiyeden alınır.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أجل.. أجل.. أجل.
    Evet, âlem-i gaybın bir nev’i olan âlem-i ervah, ayn-ı hayat ve madde-i hayat ve hayatın cevherleri ve zatları olan ervah ile dolu olması, elbette mazi ve müstakbel denilen âlem-i gaybın bir diğer nev’i de ve ikinci kısmı dahi cilve-i hayata mazhariyeti ister ve istilzam eder. Hem bir şeyin vücud-u ilmîsindeki intizam-ı ekmel ve manidar vaziyetleri ve canlı meyveleri, tavırları, bir nevi hayat-ı maneviyeye mazhariyetini gösterir.
    فإذا ما فارقَ نورُ الرِّسالةِ المحمَّدِيّةِ الكونَ وغادَره، ماتَ الكونُ وتُوُفِّيَتِ الكائِناتُ، وإذا ما غابَ القرآنُ وفارقَ الكونَ، جُنَّ جنونُه وفَقدَتِ الكرةُ الأرضيةُ صَوابَها، وزُلزِلَ عقلُها، وظَلَّت بلا شُعورٍ، واصْطدمَت بإحدَى سياراتِ الفضاءِ، وقَامتِ القِيامةُ.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    والحياةُ كذلك، تَنظرُ إلى الرُّكنِ الإيمانيِّ «القَدَر» وتَدلُّ عليهِ وتُثبِـتُه رَمزًا؛ إذْ ما دامَتِ الحياةُ ضياءً لِعالمِ الشهادةِ وقدِ استَولَت عليه وأحاطَت به، وهي نتيجةُ الوجودِ وغايَتُه، وأوْسَعُ مرآةٍ لتجلياتِ خالقِ الكَونِ، وأتمُّ فِهرِسٍ ونَمُوذَجٍ للفعَّاليّةِ الربَّانِيَّةِ، حتى كأنَّها بمَثابةِ نوعٍ من خُطَّتِها ومَنهجِها -إذا جازَ التشبيهُ- فلابدَّ أنَّ سِرَّ الحياةِ يقتَضي أن يكونَ عالمُ الغيبِ أيضا -وهو الماضي والمستَقبلِ، أي المخلوقاتُ الماضِيةُ والمقبِلةُ- في نظامٍ وانتِظامٍ وأنْ يكونَ معلوما ومَشهودًا ومُتعيِّنا ومُتهيِّـئا لامتِثالِ الأوامرِ التكوِينيَّةِ، أي كأنه في حياةٍ معنويةٍ؛
    Evet, hayat-ı ezeliye güneşinin ziyası olan bu cilve-i hayat, elbette yalnız bu âlem-i şehadete ve bu zaman-ı hazıra ve bu vücud-u haricîye münhasır olamaz. Belki her bir âlem, kabiliyetine göre o ziyanın cilvesine mazhardır ve kâinat bütün âlemleriyle o cilve ile hayattar ve ziyadardır. Yoksa nazar-ı dalaletin gördüğü gibi muvakkat ve zâhirî bir hayat altında her bir âlem, büyük ve müthiş birer cenaze ve karanlıklı birer virane âlem olacaktı.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    مَثَلُها كمثلِ تلك البِذرةِ الأصليّةِ للشجرةِ وأُصولِها، والنَّوى فى أثمارِها التي في مُنتَهاها، التي تتَميَّـزُ بمَزاياَ نوعٍ من الحياةِ كالشجَرةِ نفسِها، بل قد تَحمِلُ تلك البُذورُ قَوانينَ حياتيّةٍ أدقَّ من قوانينِ حياةِ الشجَرةِ.
    İşte kadere ve kazaya iman rüknünün dahi geniş bir vechi de sırr-ı hayatla anlaşılıyor ve sabit oluyor. Yani nasıl ki âlem-i şehadet ve mevcud hazır eşya intizamlarıyla ve neticeleriyle hayattarlıkları görünüyor. Öyle de âlem-i gaybdan sayılan geçmiş ve gelecek mahlukatın dahi manen hayattar bir vücud-u manevîleri ve ruhlu birer sübut-u ilmîleri vardır ki Levh-i Kaza ve Kader vasıtasıyla o manevî hayatın eseri, mukadderat namıyla görünür, tezahür eder.
    فكما أنَّ البُذورَ والأصولَ التي خلَّفها الخريفُ الماضي، وسيَخلُفها هذا الربيعُ تحمِلُ نورَ الحياةِ وتسيرُ وَفقَ قوانينَ حياتيّةٍ، مثلَ ما يحمِلُه هذا الربيعُ من حياةٍ، كذلك شَجرةُ الكائناتِ،
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكلُّ غُصنٍ منها وكلُّ فرعٍ، له ماضيهِ ومُستقبَلُه، وله سِلسلةٌ مؤلفةٌ من الأطوارِ والأوضاعِ المقبلةِ والماضِيَةِ، ولكلِّ نوعٍ ولكلِّ جُزءٍ منه وُجودٌ متعدِّدٌ بأطوارٍ مختلفةٍ في العلمِ الإلهيِّ، مُشكِّلًا بذلك سلسلةَ وجودٍ علميٍّ، والوُجودُ العلميُّ هذا، مَظهَرٌ لتَجلٍّ مَعنوِيٍّ للحياةِ العامّةِ كمَظهرِيّةِ الوجودِ الخارجيِّ لتلكَ الحياةِ، حيثُ تُؤخَذُ المُقدَّراتُ الحياتيّةُ من تلك الألواحِ القَدَرِيَّةِ الحيَّةِ ذاتِ المغزَى العظيمِ.
    <nowiki>*</nowiki>  *   *
    == '''Zeylin Üçüncü Parçası''' ==
    '''Haşir münasebetiyle bir sual:'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إنَّ امْتلاءَ عالمِ الأرواحِ -وهو نوعٌ من عالمِ الغيبِ- بالأرواحِ التي هيَ عينُ الحياةِ، ومادَّتُها، وجَوهرُها وذَواتُها، يَستلزِمُ أن يكونَ الماضِي والمستقبلُ -وهما نوع آخرُ من عالمِ الغَيبِ وقِسمٌ ثانٍ منه- مُتجلِّيةً فيهما الحياةُ.. وكذا فإنَّ الانتِظامَ التامَّ والتناسُقَ الكامِلَ في الوجودِ العِلميِّ لأوضاعٍ ذاتِ مَعانٍ لطِيفةٍ لشيءٍ مَا ونتائِجَه وأطوارَه الحيوِيّةَ ليُبيِّنُ أنَّ له أهليّةً لنوعٍ من الحياةِ المعنوِيّةِ.
    Kur’an’da mükerreren اِنْ كَانَتْ اِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً hem
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، إنَّ مثلَ هذا التَّجلِّي، تجلِّي الحياةِ الذِي هو ضِياءُ شَمسِ الحياةِ الأزَليّةِ لن يَنحصِرَ في عالَمِ الشهادَةِ هذا فقط، ولا في هذا الزَّمانِ الحاضِرِ، ولا في هذا الوُجودِ الخارِجيِّ، بل لابدَّ أنَّ كلَّ عالَمٍ من العوالمِ مَظهَرٌ من مَظاهِرِ تجلِّي ذلك الضِّياءِ حسبَ قابليَّتِه؛ فالكونُ إذن بجَميعِ عوالمِه، حيٌّ ومُشِعٌّ مضيءٌ بذلك التجلِّي، وإلّا لأصبحَ كلٌّ من العوالِمِ -كما تراهُ عينُ الضلالةِ- جنازةً هائلةً مخيفةً تحتَ هذه الحياةِ المؤقَّتةِ الظاهرةِ، وعالمًَا خربًا مظلمًا.
    وَمَٓا اَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ fermanları gösteriyor ki haşr-i a’zam bir anda zamansız vücuda geliyor. Dar akıl ise bu hadsiz derece hârika ve emsalsiz olan meseleyi iz’an ile kabul etmesine medar olacak meşhud bir misal ister.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا يُفهَم وجهٌ من أوجهِ الإيمانِ بالقَضاءِ والقدَرِ من سرِّ الحياةِ ويَثبُتُ به ويتَّضِحُ، أي كما تَظهَرُ حيويّةُ عالمِ الشهادةِ والموجُوداتِ الحاضرةِ بانتِظامِها وبنتائِجِها، كذلك المخلوقاتُ الماضيةُ والآتيةُ التي تُعدّ من عالمِ الغيبِ لها وجودٌ مَعنويٌّ، ذو حياةٍ معنًى، ولها ثبوتٌ عِلميٌّ ذو روحٍ بحَيثُ يَظهرُ باسمِ المقدَّراتِ أثرُ تلك الحياةِ المعنويّةِ بوساطةِ لوحِ القضاءِ والقَدَرِ.
    '''Elcevap:''' Haşirde, ruhların cesetlere gelmesi var. Hem cesetlerin ihyası var. Hem cesetlerin inşası var. '''Üç mesele'''dir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    <span id="Zeylin_Üçüncü_Parçası"></span>
    '''Birinci mesele:''' Ruhların cesetlerine gelmesine misal ise, gayet muntazam bir ordunun efradı istirahat için her tarafa dağılmış iken yüksek sadâlı bir boru sesiyle toplanmalarıdır. Evet, İsrafil’in borusu olan Sûr’u, ordunun borazanından geri olmadığı gibi ebedler tarafında ve zerreler âleminde iken ezel canibinden gelen  اَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ hitabını işiten ve قَالُوا بَلٰى ile cevap veren ervahlar, elbette ordunun neferatından binler derece daha musahhar ve muntazam ve mutîdirler. Hem değil yalnız ruhlar, belki bütün zerreler dahi bir ordu-yu Sübhanî ve emirber neferleri olduğunu kat’î bürhanlarla Otuzuncu Söz ispat etmiş.
    == القِطعةُ الثالِثةُ من الذَّيلِ ==
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    سؤالٌ يرِدُ بمناسبةِ مبحثِ الحشرِ:
    '''İkinci mesele:''' Cesetlerin ihyasına misal ise, çok büyük bir şehirde, şenlik bir gecede, bir tek merkezden, yüz bin elektrik lambaları, âdeta zamansız, bir anda canlanmaları ve ışıklanmaları gibi bütün küre-i arz yüzünde dahi bir tek merkezden yüz milyon lambalara nur vermek mümkündür. Madem Cenab-ı Hakk’ın elektrik gibi bir mahluku ve bir misafirhanesinde bir hizmetkârı ve bir mumdarı, Hâlık’ından aldığı terbiye ve intizam dersiyle bu keyfiyete mazhar oluyor. Elbette elektrik gibi binler nurani hizmetkârlarının temsil ettikleri, hikmet-i İlahiyenin muntazam kanunları dairesinde, haşr-i a’zam, tarfetü’l-aynda vücuda gelebilir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنَّ ما وَردَ في القرآنِ الكريمِ مِرارًا  ﴿  اِنْ كَانَتْ اِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً ﴾  (يس:29)، ﴿ وَمَٓا اَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ ﴾  (النحل:77) يُبيِّنُ لنا أنَّ الحشرَ الأعظمَ سيَظهَرُ فجأةً إلى الوُجودِ، في آنٍ واحدٍ بلا زَمانٍ؛ ولكنَّ العُقولَ الضيِّقةَ تَطلبُ أمثلةً واقعيّةً مشهودةً كي تَقبلَ وتُذعِنَ لهذا الحدَثِ الخارقِ جدا والمسألةِ التي لا مَثيلَ لها.
    '''Üçüncü mesele''' ki ecsadın def’aten inşasının misali ise, bahar mevsiminde birkaç gün zarfında, nev-i beşerin umumundan bin derece ziyade olan umum ağaçların bütün yaprakları, evvelki baharın aynı gibi birden mükemmel bir surette inşaları; ve yine umum ağaçların umum çiçekleri ve meyveleri ve yaprakları, geçmiş baharın mahsulatı gibi berk gibi bir süratle icadları; hem o baharın mebdeleri olan hadsiz tohumcukların, çekirdeklerin, köklerin, birden beraber intibahları ve inkişafları ve ihyaları; hem kemiklerden ibaret olarak ayakta duran emvat gibi bütün ağaçların cenazeleri bir emir ile def’aten “ba’sü ba’de’l-mevt”e mazhariyetleri ve neşirleri; hem küçücük hayvan taifelerinin hadsiz efradlarının gayet derecede sanatlı bir surette ihyaları; hem bilhassa sinekler kabilelerinin haşirleri ve bilhassa daima yüzünü, gözünü, kanadını temizlemekle bize abdesti ve nezafeti ihtar eden ve yüzümüzü okşayan gözüm önündeki kabilenin bir senede neşrolan efradı, benî-Âdem’in Âdem zamanından beri gelen umum efradından fazla olduğu halde, her baharda sair kabileler ile beraber birkaç gün zarfında inşaları ve ihyaları, haşirleri; elbette kıyamette ecsad-ı insaniyenin inşasına bir misal değil, belki binler misaldirler.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    الجواب:  إنَّ في الحشرِ ثلاثَ مسائِلَ هي: عَودةُ الأرواحِ إلى الأجسادِ، وإحياءُ الأجسادِ، وإنشاءُ الأجْسادِ وبِناؤُها.
    Evet, dünya dârü’l-hikmet ve âhiret dârü’l-kudret olduğundan dünyada Hakîm, Mürettib, Müdebbir, Mürebbi gibi çok isimlerin iktizasıyla dünyada icad-ı eşya bir derece tedricî ve zaman ile olması; hikmet-i Rabbaniyenin muktezası olmuş. Âhirette ise hikmetten ziyade kudret ve rahmetin tezahürleri için maddeye ve müddete ve zamana ve beklemeye ihtiyaç bırakmadan birden eşya inşa ediliyor. Burada bir günde ve bir senede yapılan işler, âhirette bir anda, bir lemhada inşasına işareten Kur’an-ı Mu’cizü’l-Beyan
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المسألة الأولى: وهي مَجيءُ الأرواحِ وعَودتُها إلى أجسادِها ومِثالُه هو:
    وَمَٓا اَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اَوْ هُوَ أَقْرَبُ
    اجتماعُ الجنودِ المنتشِرينَ في فَترةِ الاستِراحةِ والمتفرِّقينَ في شتَّى الجهاتِ على الصوتِ المدوِّي للبوقِ العسكريِّ.
    </div>
    نعم، إنَّ الصُّورَ الذي هو بُوقُ إسرافيلَ عليه السلام، ليسَ قاصِرًا عن البوقِ العسكريِّ، كما أنَّ طاعةَ الأرواحِ التي هي في جِهةِ الأبدِ وعالمِ الذَّراتِ والتي أجَابتْ بـ ﴿ قَالُوا بَلٰى ﴾  (الأعراف:172) عندما سَمِعتْ نداءَ  ﴿  اَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾  (الأعراف:172) المُقبِلَ من أعماقِ الأزلِ، ونِظامَها يفوقُ بلا شكٍّ أضعافَ أضعافِ ما عندَ أفرادِ الجيشِ المنظَّمِ؛ وقد أثبَتتْ «الكلمةُ الثلاثونَ» ببراهينَ دامِغةٍ أنَّ الأرواحَ ليستْ وَحدَها جيشًا سُبحانِيًّا بل جَميعُ الذَّراتِ أيضا جُنودُه المتأهِّبونَ للنفيرِ العامِّ.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المسألة الثانية: وهي إحياءُ الأجسادِ، ومثالُه هو:
    ferman eder.
    مثلما يُمكِنُ إنارةُ مئاتِ الآلافِ من المصَابيحِ الكهربائيّةِ ليلةَ مهرجانِ مدِينةٍ عَظيمةٍ، من مَركزٍ واحدٍ في لحظةٍ واحِدةٍ، كأنَّها بلا زمانٍ، كذلك يُمكِنُ إنارةُ مئاتِ الملايينِ من المصابيحِ على سَطحِ الأرضِ من مَركزٍ واحدٍ؛ فما دامَتِ الكهرباءُ وهي مخلوقةٌ من مخلوقاتِ الله سبحانَه وتعالى وخادِمةُ إضَاءةٍ في دارِ ضيافتِهِ، لها هذه الخصائِصُ والقُدرةُ على القيامِ بأعمالِها حسَبَ ما تتلقَّاهُ من تعليماتٍ وتبلِيغاتٍ ونظامٍ من خالقِها، فلابدَّ أنَّ الحشرَ الأعْظمَ سَيحدُثُ كلمحِ البصرِ ضِمنَ قَوانينَ مُنظَّمةٍ للحِكمةِ الإلهيّةِ التي يُمثِّلُها آلافُ الخدمِ المُنوَّرِين كالكهرباءِ.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المسألةُ الثالِثةُ:  وهي إنشاءُ الأجسادِ فَورًا، ومِثالُه هو:
    Eğer haşrin gelmesini, gelecek baharın gelmesi gibi kat’î bir surette anlamak istersen haşre dair Onuncu Söz ile Yirmi Dokuzuncu Söz’e dikkat ile bak, gör. Eğer baharın gelmesi gibi inanmaz isen, gel parmağını gözüme sok.
    إنشاءُ جميعِ الأوراقِ لعُمومِ الأشجارِ الَّتِي يزيدُ عَددُها ألفَ مَرّةٍ على مجموعِ البشريّةِ، دفعةً واحِدةً في غضونِ بضعةِ أيامٍ في الربيعِ، وبشكلٍ كامِلٍ، وبالهيئةِ نفسِها التي كانت عليها في الرَّبيعِ السابِقِ.. وكذلك إيجادُ جميعِ أزهارِ الأشْجارِ وثِمارِها وأوراقِها بسُرعةٍ خاطِفةٍ، كما كانت في الربيعِ الماضِي.. وكذلك تَنبُّه البُذيراتِ والنُّوَى والبذورِ وهي لا تحصَى ولا تُعدُّ والتي هي مَنشأُ ذلك الربيع في آنٍ واحدٍ معا وانكِشافُها وإِحياؤُها.. وكذلك نُشورُ الجثَثِ المنتصِبةِ والهياكِلِ العَظْمِيّةِ للأشجارِ، وامتِثالِها فورًا لأمرِ «البعثِ بعدَ الموتِ».. وكذلكَ إحياءُ أفرادِ أنواعِ الحيواناتِ الدَّقيقَةِ وطوائِفها التي لا حَصْرَ لها بمنتهَى الدِّقةِ والإتقانِ.. وكذلك حَشرُ أممِ الحشراتِ ولا سيما الذُّبابُ -الماثلُ أمامَ أعينِنا والملاطِفُ لوجوهِنا والذي يُذكِّرُنا بالوضوءِ والنظَافةِ لقيامِه بتَنظِيفِ يدَيهِ وعُيونِه وجَناحَيهِ باستِمرارٍ- الذي يفوقُ عَددُ ما يُنشرُ منه في سنةٍ واحدةٍ عَددَ بنِي آدمَ جميعِهم من لَدُنْ آدمَ عليه السلام، والذي يُحشَرُ في كلِّ ربيعٍ مع سائِر الحشرات الأخرى ويُحياَ في بضعةِ أيام.. فهذه النماذجُ لا تُعطِيناَ مثالا واحدا بل آلافَ الأمثلةِ على إنشاءِ الأجسادِ البشريّةِ فورا يومَ القيامةِ.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    نعم، لما كانتِ الدنيا هي دارُ «الحِكمَةِ» والدارُ الآخِرةُ هي دارُ «القُدرَةِ» فإنَّ إيجادَ الأشياءِ في الدنيا صارَ بشيءٍ من التّدرِيجِ ومعَ الزمنِ، بمُقتضَى الحكمةِ الرَّبانِيّةِ وبموجِبِ كثيرٍ من الأسماءِ الحسنَى أمثالِ «الحكيمِ، المُرتِّبِ، المدبِّرِ، المربِّي».
    '''Dördüncü mesele''' olan mevt-i dünya ve kıyamet kopması ise, bir anda bir seyyare veya bir kuyruklu yıldızın emr-i Rabbanî ile küremize, misafirhanemize çarpması bu hanemizi harap edebilir. On senede yapılan bir sarayın, bir dakikada harap olması gibi…
    أمّا في الآخرةِ فإنَّ «القُدرةَ» و«الرَّحمةَ» تتظاهَرانِ أكثرَ من «الحِكمةِ» فلا حَاجةَ إلى المادّةِ والمُدّةِ والزَّمنِ ولا إلى الانتِظارِ، فالأشياءُ تُنشأُ هناكَ نشأةً آنيّةً؛ وما يُشِيرُ إليهِ القرآنُ الكريمُ بـ وَمَٓا اَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اَوْ هُوَ أَقْرَبُ (النحل:77)،هو أنَّ ما يَنشأُ هنا من الأشياءِ في يومٍ واحِدٍ وفي سنةٍ واحدةٍ ينشأُ في لَمْحةٍ واحدةٍ كلمحِ البصرِ في الآخِرةِ.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وإذا كنتَ تَرغبُ أنْ تفهمَ أنَّ مجيءَ الحشرِ أمرٌ قطعيٌّ كقطعِيّةِ مجيءِ الربيعِ المقبلِ وحَتمِيّتِهِ، فانْعِمِ النظرَ في «الكلمةِ العاشِرةِ» و«الكلمةِ التاسِعةِ والعشرينَ»، وإن لم تُصدِّق به كمَجيءِ هذا الربيعِ، فلكَ أن تُحاسِبَنِي حِسابًا عَسيرًا.
    <nowiki>*</nowiki>   *   *
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    المسألة الرابعة: وهي موتُ الدنيا وقيامُ الساعةِ، ومِثالُه:
    == '''Zeylin Dördüncü Parçası''' ==
    لو اصْطدَمَ كوكبٌ سيارٌ أو مذنَّبٌ بأمرٍ ربانيٍّ بكرتِنا الأرضيّةِ التي هي دارُ ضيافتِنا، لدَمَّرَ مأوانا ومَسكَنَنا -أي الأرضَ- كما يُدمَّرُ في دقيقةٍ واحدةٍ قصرٌ بُنِيَ في عشرِ سنواتٍ.
    ❀ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِىَ رَم۪يمٌ ❀ قُلْ يُحْي۪يهَا الَّذ۪ٓي اَنْشَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَل۪يمٌ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    <nowiki>*</nowiki> *  *
    Yani, insan der: “Çürümüş kemikleri kim diriltecek?” Sen, de: “Kim onları bidayeten inşa edip hayat vermiş ise o diriltecek.”
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    == القِطعةُ الرابعةُ من الذَّيلِ ==
    Onuncu Söz’ün Dokuzuncu Hakikati’nin üçüncü temsilinde tasvir edildiği gibi bir zat, göz önünde bir günde yeniden büyük bir orduyu teşkil ettiği halde biri dese: “Şu zat, efradı istirahat için dağılmış olan bir taburu bir boru ile toplar, tabur nizamı altına getirebilir.” Sen ey insan, desen: “İnanmam.” Ne kadar divanece bir inkâr olduğunu bilirsin.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِىَ رَم۪يمٌ ❀ قُلْ يُحْي۪يهَا الَّذ۪ٓي اَنْشَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَل۪يمٌ
    Aynen onun gibi hiçlikten, yeniden ordu-misal bütün hayvanat ve sair zîhayatın tabur-misal cesetlerini kemal-i intizamla ve mizan-ı hikmetle o bedenlerin zerratını ve letaifini  emr-i كُنْ فَيَكُونُ ile kaydedip yerleştiren ve her karnda, hattâ her baharda rûy-i zeminde yüz binler ordu-misal zevi’l-hayatın envalarını ve taifelerini icad eden bir Zat-ı Kadîr-i Alîm, tabur-misal bir cesedin nizamı altına girmekle birbiriyle tanışan zerrat-ı esasiye ve ecza-i asliyeyi bir sayha ile Sûr-u İsrafil’in borusuyla nasıl toplayabilir? İstib’ad suretinde denilir mi? Denilse, eblehçesine bir divaneliktir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    (يس:78-79)
    Hem Kur’an kâh oluyor ki Cenab-ı Hakk’ın âhirette hârika ef’allerini kalbe kabul ettirmek için ihzariye hükmünde ve zihni tasdike müheyya etmek için bir i’dadiye suretinde, dünyadaki acayip ef’alini zikreder. Veyahut istikbalî ve uhrevî olan ef’al-i acibe-i İlahiyeyi öyle bir surette zikreder ki meşhudumuz olan çok nazireleriyle onlara kanaatimiz gelir. Mesela
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    لقد جاءَ في المثالِ الثالثِ في الحقيقةِ التاسِعةِ للكَلمةِ العاشرَةِ أنَّه: إذا قالَ لك أحدُهم: إنَّ شخصًا عظيمًا في الوقتِ الذي يُنشِئُ أمامَ أنظارِنا جيشًا ضخمًا في يومٍ واحدٍ يُمكِنُه أن يجمعَ فِرقةً كامِلةً من الجنودِ المتفرِّقينَ للاستِراحةِ بنفخٍ من بوقٍ، ويَجعلَهُم ينضَوُون تحتَ نِظامِ الفِرقةِ، وقلتَ: لا، لا أصدِّقُ ذلكَ، ألا يكونُ جوابُك وإنكارُك جنونًا وبلاهةً؟
    اَوَلَمْ يَرَ الْاِنْسَانُ اَنَّاخَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَاِذَا هُوَخَص۪يمٌ مُب۪ينٌ
    </div> 


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    كذلك، فإن الذي أوجدَ أجسادَ الحيواناتِ كافّةً، وذوِي الحياةِ كافّةً من العَدمِ، تلكَ الأجسادَ التي هي كالفِرقِ العسكَريّةِ للكائناتِ الشبِيهةِ بالجيشِ الضَّخمِ ونظَّمَ ذرَّاتِها ولطائِفَها ووضَعَها في موضِعِها اللائقِ، بنظامٍ كاملٍ وميزانٍ حَكيمٍ بأمرِ «كنْ فيكونُ»، وهو الذي يَخلقُ في كلِّ قَرنٍ بل في كلِّ ربيعٍ، مئاتِ الآلافِ من أنواعِ ذوِي الحياةِ وطوائفِها الشَّبيهَةِ بالجيشِ.. فهل يمكنُ أن يُسألَ هذا القَديرُ وهذا العلِيمُ كيفَ سيَجمعُ بصَيحةٍ واحِدةٍ من بوقِ إسرافيلَ جميعَ الذراتِ الأساسيّةِ والأجزاءِ الأصليّةِ من الجنودِ المتعارِفينَ تحتَ لواءِ فِرْقةِ الجسَدِ ونظامِه؟! وهل يمكن أن يُستَبعَدَ هذا منه؟ أوَ ليسَ استِبعادُه بلاهةً وجنونًا؟
    tâ surenin âhirine kadar… İşte şu bahiste haşir meselesinde Kur’an-ı Hakîm haşri ispat için yedi sekiz surette, muhtelif bir tarzda ispat ediyor.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وكذلكَ فإنَّ القرآنَ الكريمَ قد يذكرُ من أفعالِ الله الدنيويّةِ العَجيبةِ والبديعةِ كي يُعِدَّ الأذْهانَ للتّصدِيقِ ويُحضِّرَ القُلوبَ للإيمانِ بأفعالِه المعجِزةِ في الآخرةِ؛ أو أنه يُصَوِّرُ الأفعالَ الإلهيّةَ العجيبةَ التي ستَحدُثُ في المستقبلِ والآخِرةِ بشَكلٍ نَقنَعُ ونَطمئِنُّ إليه بما نشاهِدُه من نظائرِها العديدةِ، فمثلا: اَوَلَمْ يَرَ الْاِنْسَانُ اَنَّاخَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَاِذَا هُوَخَص۪يمٌ مُب۪ينٌ إلى آخرِ سُورةِ (يس).. هنا في قَضيّةِ الحشرِ، يُثبِتُ القرآنُ الكريمُ ويسُوقُ البراهينَ عليها، بسبعِ أو ثماني صُوَرٍ مُختلِفةٍ مُتنوِّعةٍ.
    Evvela, neş’e-i ûlâyı nazara verir. Der ki: Nutfeden alakaya, alakadan mudgaya, mudgadan tâ hilkat-i insaniyeye kadar olan neş’etinizi görüyorsunuz. Nasıl oluyor ki neş’e-i uhrayı inkâr ediyorsunuz? O, onun misli, belki daha ehvenidir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنه يُقدِّمُ النشأةَ الأُولى أوّلا، ويَعرِضُها للأنظارِ قائلا: إنكم ترَونَ نشأتكُم من النطفةِ إلى العَلقةِ ومن العلقةِ إلى المضغةِ ومن المضغةِ إلى خَلقِ الإنسانِ، فكيفَ تُنكِرونَ إذن النشأةَ الأُخرَى التي هي مثلُ هذه بل أهْونُ مِنها؟..
    Hem Cenab-ı Hak, insana karşı ettiği ihsanat-ı azîmeyi
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ثم يُشِيرُ بـ(اَلَّذ۪ي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْاَخْضَرِ نَارًا) (يس:80) إلى تلك الآلاءِ وذلك الإحسانِ والإنعامِ الذي أنعمَه الحقُّ سُبحانَه على الإنسانِ، قائلًا: إنَّ الذي يُنعِمُ عليكم مثلَ هذه النِّعمِ، لن يَترُكَكم سُدًى ولا عبثًا، لتدخُلوا القبرَ وتناموا دونَ قيامٍ..
    اَلَّذ۪ي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْاَخْضَرِ نَارًا
    </div> 


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ثم إنَّه يقولُ رمزا: إنكم ترَونَ إحياءَ واخْضِرارَ الأشجارِ الميِّتةِ، فكيفَ تَستَبعِدونَ اكتسابَ العظامِ الشبيهةِ بالحطبِ للحياةِ ولا تَقيسُونَ عليها؟..
    kelimesiyle işaret edip der: “Size böyle nimet eden bir zat, sizi başıboş bırakmaz ki kabre girip kalkmamak üzere yatasınız.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ثم هل يُمكِنُ أن يَعجِزَ مَن خلقَ السماواتِ والأرضَ عن إحياءِ الإنسانِ وإماتتِه وهو ثَمَرةُ السماواتِ والأرضِ، وهل يمكن لمن يُدِيرُ أمرَ الشجرةِ ويرعاها أن يُهمِل ثمَرتَها ويترُكَها للآخرين؟! فهل تَظنُّونَ أن يَترُكَ للعبثِ «شجرةَ الخلقةِ» التي عُجنَت جميعُ أجزائِها بالحكمةِ، بأن يُهمِلَ ثَمَرتَها ونتِيجَتَها؟!
    Hem remzen der: Ölmüş ağaçların dirilip yeşillenmesini görüyorsunuz. Odun gibi kemiklerin hayat bulmasını kıyas edemeyip istib’ad ediyorsunuz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ويُفِيدُ أيضا: إنَّ الذي سَيُحْيِيكُم في الحشرِ هو مَن بيدِهِ مقاليدُ السماواتِ والأرضِ، وتَخضَعُ له الكائِناتُ خُضُوعَ الجنودِ المطيعِينَ لأمرِه فيُسخِّرُهم بأمرِ «كنْ فيَكونُ» تسخيرًا كاملا.. ومَن عِندَه خَلقُ الربيعِ يسيرٌ وهيِّنٌ كخلقِ زهرةٍ واحِدةٍ، وإيجادُ جميعِ الحيواناتِ سهلٌ على قُدرتِه كإيجادِ ذُبابةٍ واحِدةٍ.. فلا ولَن يُسألَ للتَّعجِيزِ صاحبُ هذه القُدرةِ:  ﴿مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ ﴾؟
    Hem semavat ve arzı halk eden, semavat ve arzın meyvesi olan insanın hayat ve mematından âciz kalır mı? Koca ağacı idare eden, o ağacın meyvesine ehemmiyet vermeyip başkasına mal eder mi? Bütün ağacın neticesini terk etmekle bütün eczasıyla hikmetle yoğrulmuş hilkat şeceresini abes ve beyhude yapar mı zannedersiniz?
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ثم إنَّه بعبارةِ  ﴿  فَسُبْحَانَ الَّذ۪ي بِيَدِه۪ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ ﴾  (يس:83) يُبيِّن أنه سبحانَه بيدِه مقاليدُ كلِّ شيءٍ، وعِندَه مفاتِيحُ كلِّ شيءٍ، يُقلِّبُ الليلَ والنهارَ، والشتاءَ والصيفَ بكلِّ سُهولةٍ ويُسرٍ كأنها صَفحاتُ كتابٍ، والدنيا والآخرةُ هما عِندَه كمَنزِلَين يُغلِقُ هذا ويَفتحُ ذاك؛ فما دامَ الأمرُ هكذا فإنَّ نتِيجةَ جميعِ الدلائلِ هي:  ﴿وَ اِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾  أي إنه يحيِيكُم من القبرِ، ويسُوقُكم إلى الحشرِ، ويُوَفِّي حسابَكم عندَ ديوانِه المقدَّسِ.
    Der: Haşirde sizi ihya edecek zat öyle bir zattır ki bütün kâinat ona emirber nefer hükmündedir. Emr-i كُنْ فَيَكُونُ e karşı kemal-i inkıyad ile serfürû eder. Bir baharı halk etmek, bir çiçek kadar ona ehven gelir. Bütün hayvanatı icad etmek, bir sinek icadı kadar kudretine kolay gelir bir zattır. Öyle bir zata karşı  åîæ۟ êïÍ۟êğé Çä۟ÙğØîÇåî   deyip kudretine karşı taciz ile meydan okunmaz.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    وهكذا ترَى أنَّ هذه الآياتِ قد هيَّأتِ الأذهانَ، وأحضرتِ القلوبَ لقَبولِ قضيَّةِ الحشرِ، بإظهارِها نظائرَ من فِعلِها في الدنيا.
    Sonra   فَسُبْحَانَ الَّذ۪ي بِيَدِه۪ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ  tabiriyle her şeyin dizgini elinde, her şeyin anahtarı yanında, gece ve gündüzü, kış ve yazı bir kitap sahifeleri gibi kolayca çevirir; dünya ve âhireti iki menzil gibi bunu kapar, onu açar bir Kadîr-i Zülcelal’dir. Madem böyledir, bütün delailin neticesi olarak  وَ اِلَيْهِ تُرْجَعُونَ  yani, kabirden sizi ihya edip haşre getirip huzur-u kibriyasında hesabınızı görecektir.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    هذا وقد يَذكُرُ القرآنُ أيضا أفعالا أُخروِيّةً بشكلٍ يُشعِرُ بنظائِرها الدنيويةِ ويُشِيرُ إليها، ليَمنعَ الإنكارَ والاستِبعادَ فمثلا:
    İşte şu âyetler, haşrin kabulüne zihni müheyya etti, kalbi de hazır etti. Çünkü nazairini dünyevî ef’al ile de gösterdi.
    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ
    </div>
    ﴿ اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت ❀ وَاِذَا النُّجُومُ انْكَـدَرَت ❀ وَاِذَا الْجِـبَـالُ سُيـِّرَت ❀ وَاِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَت ❀ وَاِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَت ❀ وَاِذَا الْبِحَارُ سُجِرَت ❀ وَاِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَت ❀ وَاِذَا الـمَوْؤُدَةُ سُئِلَت ❀ بِاَىِّ ذَنْبٍ قُتِلَت ❀ وَاذَِا الصُّحُفُ نُشِرَت ❀ وَاِذَا السَّمآءُ كُشِطَت ❀ وَاِذَا الْجَحيمُ سُعِّرَت ❀ وَاِذَا الْجَنَّةُ اُزْلِفَت ❀ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَآ اَحْـضَرَت...﴾ إلى آخر السورة.


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ
    Hem kâh oluyor ki ef’al-i uhreviyesini öyle bir tarzda zikreder ki dünyevî nazairlerini ihsas etsin. Tâ istib’ad ve inkâra meydan kalmasın. Mesela   اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ
    ﴿اِذَا السَّمَآءُ اْنْفَطَرَتْ ❀ وَاِذَا الْكَواكِبُ اْنَتَثَرَت ❀ وَاِذَا البِحَارُ فُجِرَت ❀ وَاِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَت ❀ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَاَخَّرَتْ ﴾ إلى آخر السورة.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ
    ve   اِذَا السَّمَٓاءُ انْفَطَرَتْ
    ﴿اِذَا السَّمَآءُ انْشَقَّتْ ❀ وَاَذِنَتْ لِرَبِهَا وَحُقَّت ❀ وَاِذَا الارْضُ مُدَّت ❀ وَاَلْقَتْ مَا فِىهَا وَتَخَلَّت ❀ وَاَذِنَتْ لِرَبِهَا وَحُقَّتْ ﴾ إلى آخر السورة.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فترَى أنَّ هذه السُّوَرَ تَذكُر الانقلاباتِ العظيمةَ والتصرفاتِ الربانيّةَ الهائِلةَ في القيامةِ والحشرِ بأسلوبٍ يجعلُ الإنسانَ يرى نظائِرَها في الخريفِ والربيعِ فيقبَلُها بكلِّ سُهولةٍ ويسرٍ، مع أنَّها كانت تجعلُ القلبَ أسيرَ دهشةٍ هائلةٍ، ويضيقُ العَقلُ دُونَها ويَبقى في حَيرةٍ؛ ولمَّا كانَ تفسيرُ السُّوَرِ الثلاثِ هذه يطولُ، لذا سَنأخذُ كلمةً واحدةً نَمُوذجًا، فمثلا:
    ve   اِذَا السَّمَٓاءُ انْشَقَّتْ
    ﴿ وَاِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾  تُفِيدُ هذه الآيةُ أنه سَتُنشَرُ في الحشرِ جميعُ أعمالِ الفردِ مكتوبةً على صحيفةٍ؛ وحيثُ إنَّ هذه المسألةَ عجيبةٌ بذاتِها فلا يرى العقلُ إليها سَبيلًا، إلّا أنَّ السُّورةَ كما تُشيرُ إلى الحشرِ الربيعِيِّ وكما أنَّ للنقاطِ الأخرَى نظائرَها وأمثلتَها كذلك نظيرُ نشرِ الصُّحُفِ ومثالُه واضحٌ جليٌّ؛
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    فلكلِّ ثَمَرٍ ولكلِّ عُشبٍ ولكلِّ شجَرٍ، أعمالٌ وله أفعالٌ وله وظائفُ وله عبودِيّةٌ وتسبيحاتٌ بالشَّكلِ الذي يُـظهِرُ به الأسماءَ الإلهيةَ الحسنَى، فجَميعُ هذه الأعمالِ مُندرِجَةٌ مع تاريخِ حياتِه في بُذُورِه ونُواه كلِّها، وستَظهرُ جميعُها في ربيعٍ آخرَ ومكانٍ آخرَ، أي إنه كما يَذكرُ بفصاحةٍ بالغةٍ أعمالَ أُمَّهاتِه وأُصُولِه بالصورةِ والشكلِ الظاهرِ، فإنه يَنشُرُ كذلك صحائفَ أعمالِه بنَشرِ الأغصانِ وتفتُّحِ الأوراقِ والأَثمارِ.
    İşte şu surelerde, kıyamet ve haşirdeki inkılabat-ı azîmeyi ve tasarrufat-ı rububiyeti öyle bir tarzda zikreder ki insan onların nazirelerini dünyada mesela, güzde, baharda gördüğü için kalbe dehşet verip akla sığmayan o inkılabatı kolayca kabul eder. Şu üç surenin meal-i icmalîsine işaret dahi pek uzun olur. Onun için bir tek kelimeyi numune olarak göstereceğiz. Mesela    اِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ    kelimesiyle ifade eder ki haşirde herkesin bütün a’mali bir sahife içinde yazılı olarak neşrediliyor. Şu mesele kendi kendine çok acib olduğundan akıl ona yol bulamaz. Fakat surenin işaret ettiği gibi haşr-i baharîde başka noktaların naziresi olduğu gibi şu neşr-i suhuf naziresi pek zâhirdir.
    نعم، إنَّ الذي يفعلُ هذا أمامَ أعينِنا بكلِّ حكمةٍ وحفظٍ وتدبيرٍ وتربيةٍ ولُطفٍ هو الذي يقولُ:  ﴿ وَاِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾، وهكذا قِسِ النقاطَ الأخرَى على هذا المنوالِ، وإن كانت لدَيك قوّةُ استِنباطٍ فاستَنبِطْ.  
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ولأجل مُساعَدتِك ومُعاوَنتِك سنذكرُ  ﴿  اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾  أيضا، فإن لفظ «كُوِّرَتْ» الذي يرِدُ في هذا الكلامِ هو بمعنَى: لُفّتْ وجُمِعَتْ، فهو مثالٌ رائعٌ ساطِع فوقَ أنّه يومِئُ إلى نظيرِه ومثيلِه في الدنيا:
    Çünkü her meyvedar ağaç ve çiçekli bir otun da amelleri var, fiilleri var, vazifeleri var. Esma-i İlahiyeyi ne şekilde göstererek tesbihat etmiş ise ubudiyetleri var. İşte onun bütün bu amelleri tarih-i hayatlarıyla beraber umum çekirdeklerinde, tohumcuklarında yazılıp başka bir baharda, başka bir zeminde çıkar. Gösterdiği şekil ve suret lisanıyla gayet fasih bir surette analarının ve asıllarının a’malini zikrettiği gibi dal, budak, yaprak, çiçek ve meyveleriyle sahife-i a’malini neşreder. İşte gözümüzün önünde bu hakîmane, hafîzane, müdebbirane, mürebbiyane, latîfane şu işi yapan odur ki der:   اِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    أولا: إنَّ الله سبحانَه وتعالى قد رفعَ ستائرَ العَدمِ والأثيرِ والسماءِ، عن جوهَرةِ الشمسِ التي تُضيءُ الدنيا كالمصباحِ، فأخرجَها من خزينةِ رحمتِه وأظهرَها إلى الدنيا؛ وسَيلُفُّ تلك الجوهَرةَ بأَغلِفَتِها عندما تَنتهِي هذه الدنيا وتَنْسَدُّ أبوابُها.
    Başka noktaları buna kıyas eyle, kuvvetin varsa istinbat et. Sana yardım için bunu da söyleyeceğiz. İşte: اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ Şu kelâm, tekvir lafzıyla yani sarmak ve toplamak manasıyla parlak bir temsile işaret ettiği gibi nazirini dahi îma eder.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    '''Birinci:''' Evet, Cenab-ı Hak tarafından adem ve esîr ve sema perdelerini açıp güneş gibi dünyayı ışıklandıran pırlanta-misal bir lambayı, hazine-i rahmetinden çıkarıp dünyaya gösterdi. Dünya kapandıktan sonra o pırlantayı perdelerine sarıp kaldıracak.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ثانيا: إنَّ الشمسَ موظفةٌ ومأمورةٌ بنشرِ غُلالاتِ الضوءِ في الأسحارِ ولفِّها في الأماسِيِّ، وهكذا يَتَناوَبُ الليلُ والنهارُ على هامَةِ الأرضِ، وهي تجمعُ مَتاعَها مُقَلِّلةً من تَعامُلِها، أو قد يكونُ القمرُ -إلى حدٍ مّا- نِقابًا لأخذِها وعطائِها ذلك؛ أي كما أنَّ هذه الموظَّفةَ تجمعُ متاعَها وتطوِي دفاترَ أعمالِها بهذه الأسبابِ فلابدَّ من أن يأتيَ يومٌ تُعفَى من مَهامِّها، وتُفصَلَ من وظيفتِها، حتى إن لم يكن هناكَ سببٌ للإعفاءِ والعزلِ؛ ولعلَّ توسُّعَ ما يُشاهِدُه الفَلَكِيُّون على وَجهِها من البُقعَتَينِ الصغِيرَتَينِ الآن اللتَينِ تَتَوسَّعانِ وتَتَضخَّمانِ رُوَيدًا رُوَيدًا، تَسترجِعُ الشمسُ -بهذا التوسعِ- وبأمرٍ ربانيٍّ ما لَفَّتْهُ ونشَرَتْه على رأسِ الأرضِ بإذنٍ إلهي من الضَّوءِ، فتَلُفُّ به نفسَها، فيقولُ رَبُّ العزّةِ: إلى هنا انتَهَت مُهِمّتُكِ مع الأرض، فهيّا إلى جهنمَ لتَحرِقي الذين عَبدُوكِ وأهانوا مُوظَّفةً مُسخَّرةً مِثلَكِ وحَقَّرُوها مُتَّهِمِين إياها بالخيانةِ وعدمِ الوفاءِ.
    '''İkinci:''' Veya ziya metaını neşretmek ve zeminin kafasına ziyayı zulmetle münavebeten sarmakla muvazzaf bir memur olduğunu ve her akşam o memura metaını dahi toplattırıp gizlettiği gibi, kâh olur bir bulut perdesiyle alışverişini az yapar, kâh olur ay onun yüzüne karşı perde olur, muamelesini bir derece çeker. Metaını ve muamelat defterlerini topladığı gibi elbette o memur bir vakit o memuriyetten infisal edecektir. Hattâ hiçbir sebeb-i azl bulunmazsa şimdilik küçük fakat büyümeye yüz tutmuş yüzündeki iki leke büyümekle güneş yerin başına izn-i İlahî ile sardığı ziyayı, emr-i Rabbanî ile geriye alıp güneşin başına sarıp “Haydi yerde işin kalmadı.” der, “Cehenneme git, sana ibadet edip senin gibi bir memur-u musahharı sadakatsizlikle tahkir edenleri yak.” der. اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ fermanını lekeli siyah yüzüyle yüzünde okur.
    بهذا تَقرأُ الشمسُ الأمرَ الربانيَّ  ﴿  اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ  ﴾ على وجهِها المُبقِعِ.
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    <nowiki>*</nowiki> * *
    <nowiki>*</nowiki> *  *
    </div>
     
    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    == '''Zeylin Beşinci Parçası''' ==
    Evet, nass-ı hadîs ile nev-i beşerin en mümtaz şahsiyetleri olan yüz yirmi dört bin enbiyanın icma ve tevatür ile kısmen şuhuda ve kısmen hakkalyakîne istinaden, müttefikan âhiretin vücudundan ve insanların oraya sevk edileceğinden ve bu kâinat Hâlık’ının kat’î vaad ettiği âhireti getireceğinden haber verdikleri gibi; ve onların verdikleri haberi keşif ve şuhud ile ilmelyakîn suretinde tasdik eden yüz yirmi dört milyon evliyanın o âhiretin vücuduna şehadetleriyle ve bu kâinatın Sâni’-i Hakîm’inin bütün esması bu dünyada gösterdikleri cilveleriyle bir âlem-i bekayı bilbedahe iktiza ettiklerinden yine âhiretin vücuduna delâletiyle; ve her sene baharda rûy-i zeminde ayakta duran hadd ü hesaba gelmez ölmüş ağaçların cenazelerini “Emr-i kün feyekûn” ile ihya edip ba’sü ba’de’l-mevte mazhar eden ve haşir ve neşrin yüz binler numunesi olarak nebatat taifelerinden ve hayvanat milletlerinden üç yüz bin nevleri haşir ve neşreden hadsiz bir kudret-i ezeliye ve hesapsız ve israfsız bir hikmet-i ebediye ve rızka muhtaç bütün zîruhları kemal-i şefkatle gayet hârika bir tarzda iaşe ettiren ve her baharda az bir zamanda hadd ü hesaba gelmez enva-ı ziynet ve mehasini gösteren bir rahmet-i bâkiye ve bir inayet-i daime, bilbedahe âhiretin vücudunu istilzam ile ve şu kâinatın en mükemmel meyvesi ve Hâlık-ı kâinat’ın en sevdiği masnuu ve kâinatın mevcudatıyla en ziyade alâkadar olan insandaki şedit, sarsılmaz, daimî olan “aşk-ı beka” ve “şevk-i ebediyet” ve “âmâl-i sermediyet” bilbedahe işareti ve delâletiyle, bu âlem-i fâniden sonra bir âlem-i bâki ve bir dâr-ı âhiret ve bir dâr-ı saadet bulunduğunu o derece kat’î bir surette ispat ederler ki: Dünyanın vücudu kadar, bilbedahe âhiretin vücudunu kabul etmeyi istilzam ederler '''(Hâşiye<ref>'''Hâşiye:''' Evet, sübutî bir emri ihbar etmenin kolaylığı ve inkâr ve nefyetmenin gayet müşkül olduğu, bu temsilden görünür. Şöyle ki biri dese: Meyveleri süt konserveleri olan gayet hârika bir bahçe, küre-i arz üzerinde vardır. Diğeri dese: Yoktur. İspat eden, yalnız onun yerini veyahut bazı meyvelerini göstermekle kolayca davasını ispat eder. İnkâr eden adam, nefyini ispat etmek için küre-i arzı bütün görmek ve göstermekle davasını ispat edebilir.
    <br>
    Aynen öyle de cenneti ihbar edenler yüz binler tereşşuhatını, meyvelerini, âsârını gösterdiklerinden kat’-ı nazar, iki şahid-i sadıkın sübutuna şehadetleri kâfi gelirken onu inkâr eden hadsiz bir kâinatı ve hadsiz ebedî zamanı temaşa etmek ve görmek ve eledikten sonra inkârını ispat edebilir, ademini gösterebilir.
    <br>
    İşte ey ihtiyar kardeşler, iman-ı âhiretin ne kadar kuvvetli olduğunu anlayınız.
    </div>


                                                                                            <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    == القِطعةُ الخامِسةُ من الذَّيلِ ==
    '''Said Nursî'''</ref>).'''
    </div>


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    إنَّ إخبارَ مئةٍ وأربعةٍ وعشرينَ ألفا من المصطَفَيْنَ الأخيارِ وهم الأنبياءُ والمرسَلون عليهم الصلاة والسلام -كما نصَّ عليهِ الحديث (<ref>
    Madem Kur’an-ı Hakîm’in bize verdiği en mühim bir ders, iman-ı bi’l-âhirettir ve o iman da bu derece kuvvetlidir ve o imanda öyle bir rica ve bir teselli var ki yüz bin ihtiyarlık bir tek şahsa gelse bu imandan gelen teselli mukabil gelebilir. Biz ihtiyarlar “Elhamdülillahi alâ kemali’l-iman” deyip ihtiyarlığımıza sevinmeliyiz.
    تقدَّم تخريجُه في القطعةِ الأولى من ذيلِ الكلمةِ العاشِرةِ.
    </div>
    </ref>)- إخبارا بالإجماعِ والتواترِ مستَندِين إلى الشهودِ عند بعضِهم وإلى حقِّ اليقينِ عندَ آخرينَ، عن وجودِ الدارِ الآخرةِ، وإعلانَهم بالإجماعِ أنَّ الناسَ سيُساقون إليها، وأنَّ الخالقَ سبحانَه وتعالى سيأتي بالدارِ الآخِرةِ بلا رَيبٍ، مثلما وَعدَ بذلك وعْدًا قاطِعًا.
    وإنَّ تصديقَ مئةٍ وأربعةٍ وعشرينَ مِليونًا من الأولياءِ كشْفا وشُهودًا ما أخبرَ به هؤلاءِ الأنبياءُ عليهم السلام، وشهادتَهم على وجودِ الآخرةِ بعلمِ اليَقينِ دليلٌ قاطعٌ وأيُّ دليلٍ على وجودِ الآخِرةِ..
    وكذا، فإنَّ تجلّياتِ جميعِ الأسماءِ الحسنَى لخالقِ الكَونِ المتَجلِّيةِ في أرْجاءِ العالمِ كلِّه، تقتَضي بالبداهةِ وجودَ عالمٍ آخرَ خالدٍ، وتدلُّ دلالةً واضحةً على وجودِالآخِرةِ.


    وكذا الحكمةُ الإلهيّةُ المطلقةُ التي لا إسرافَ فيها ولا عبَثَ، والقُدرَةُ الأزليةُ الواسِعةُ التي تُحيِي ما لا يُعدُّ ولا يحصَى من جنائزِ الأشجارِ الميِّتةِ وهياكِلِها المنتَصِبةِ، تحييها على سطحِ الأرضِ في كلِّ ربيعٍ، وفي كل سنةٍ، بأمر «كنْ فيكونُ» وتجعلُها علامةً على «البعثِ بعد الموتِ» فتَحشُرُ ثلاثَمئةِ ألفِ نوعٍ من طوائفِ النباتاتِ وأمَمِ الحيواناتِ وتنشُرُها، مُظهِرةً بذلك مئاتِ الألوفِ من نماذجِ الحشرِ والنشورِ ودلائلِ وُجودِ الآخِرةِ.
    وكذا الرحمةُ الواسِعةُ التي تُدِيمُ حياةَ جميعِ ذوِي الأرواحِ المحتاجةِ إلى الرِّزقِ، وتُعيِّشُها بكمالِ الرأفةِ عِيشةً خارقةً للغايةِ؛ والعِنايةُ الدائمة التي تُظهِرُ أنواعَ الزينةِ والمحاسنِ بما لا يُعدُّ ولا يُحصَى، في فَترةٍ قصِيرةٍ جدا في كلِّ ربيعٍ.. لا شكَّ أنهما تستلزِمانِ وجودَ الآخرةِ بداهةً.
    وكذا، عِشقُ البقاءِ، والشوقُ إلى الأبديةِ وآمالُ السرمَديةِ الشديدةُ المغروزةُ غَرزًا لا انفصامَ لها في فطرةِ هذا الإنسانِ الذي هو أكملُ ثمَرةٍ لهذا الكونِ، وأحبُّ مخلوقٍ إلى خالقِ الكونِ،
وهو أَوْثقُ صلةً مع موجوداتِ الكون كلِّه، لا شكَّ أنه يشيرُ بالبداهةِ إلى وجودِ عالَم باقٍ بعدَ هذا العالمِ الفانِي، وإلى وجودِ عالمِ الآخرةِ ودارِ السَّعادةِ الأبديَّةِ.
    فجميعُ هذه الدلائلِ تُثبِتُ وجودَ الآخرةِ إلى حدٍّ يَستلزِمُ قبولَها بمثل بداهةِ وجودِ الدُّنيا. (<ref>
    إنَّ مدى السُّهولةِ في «إخبارِ الأمر الثبوتي» ومدَى الصعوبةِ والإشكالِ في «نفي وإنكار» ذلك، يَظهَر في المثالِ الآتي:إذا قال أحدُهم: إن هناك -على سطح الأرض- حديقةً خارقةً جدا ثمارُها كعُلبِ الحليبِ، وأنكرَ عليهِ الآخرُ قولَه هذا قائلا: لا، لا توجدُ مثلُ هذه الحديقةِ؛ فالأوَّلُ يستطيعُ بكلِّ سهولةٍ أن يثبت دعواهُ بمُجرَّدِ إراءةِ مكانِ تلك الحديقةِ أو بعض ثمارِها؛ أما الثاني (أي المنكِر) فعليه أن يرَى ويُرِيَ جميعَ أنحاءِ الكرةِ الأرضية لأجل أن يُثبِتَ نفيَه، وهو عدمُ وجود مثل هذه الحديقة.. وهكذا الأمرُ في الذين يُخبرون عن الجنةِ، فإنهم يُظهِرون  مئاتِ الآلافِ من ترشُّحاتِها، ويُبيِّنونَ ثمارَها وآثارَها، علما أن شاهدَين صادقَين منهم كافيانِ لإثباتِ دعواهُم، بينما المنكِرون لوجودِها، لا يسعُهم إثباتُ دعواهم إلّا بعدَ مُشاهَدَةِ الكون غيرِ المحدودِ، والزمنِ غيرِ المحدودِ، مع سَبرِ غَوْرِهِما بالبحثِ والتفتِيشِ، وعند عَدمِ رؤيتهِم لها، يُمكنِهم إثباتُ دعواهم! فيا من بَلغَ به الكبرُ عِتيًّا ويا أيها الإخوة.. اعلموا ما أعظمَ قوّةَ الإيمانِ بالآخرةِ وما أشدَّ رصانتَه!.(المؤلف).</ref>)


    فما دامَ أهمُّ درسٍ يُلقِّنُنا القرآنُ إيّاه هو «الإيمانُ بالآخِرةِ»؛ وهذا الإيمانُ رصينٌ ومَتينٌ إلى هذه الدرجةِ، وفي ذلك الإيمانِ نورٌ باهرٌ ورجاءٌ شدِيدٌ وسُلوانٌ عظِيمٌ ما لوِ اجتمَعتْ مئةُ ألفِ شيخوخةٍ في شخصٍ وَاحدٍ لكفاها ذلك النُّورُ، وذلك الرجاءُ، وذلك السُّلوانُ النابعُ من هذا الإيمانِ؛ لذا علينا نحنُ الشيوخَ أنْ نفرَحَ بشيخوخَتِنا ونبتَهِجَ قائلينَ: «الحمدُ لله على كمالِ الإيمانِ».


    <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr">
    ------
    ------
    <center> [[Dokuzuncu Söz]] | [[Sözler]] | [[On Birinci Söz]] </center>
    <center>[[Dokuzuncu_Söz/ar|الكلمة التاسعة]] | [[Sözler/ar|الكلمات]] | [[On Birinci_Söz/ar|الكلمة الحادية عشرة]] </center>
    ------
    ------
    </div>

    09.46, 15 Ağustos 2024 itibarı ile sayfanın şu anki hâli

    مبحث الحشر

    تنبيه: إنَّ سبَبَ إيرادِي التشبيهَ والتمثيلَ بصُورةِ حِكاياتٍ في هذه الرسائلِ هو تقريبُ المعاني إلى الأذهانِ من ناحيةٍ، وإظهارُ مدَى معقوليَّةِ الحقائقِ الإسلاميَّةِ ومدَى تَناسبِها ورصانتِها من ناحيةٍ أخرَى، فمغزَى الحكاياتِ إنما هو الحقائِقُ التي تنتَهِي إليها، والتي تدلُّ عليها كنايةً؛ فهي إذن ليست حكاياتٍ خياليةً وإنما حَقائقُ صادِقةٌ.

    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ

    فَانْظُرْ اِلٰٓى آثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا

    اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ(الروم:50)

    يا أخي! إِنْ رُمتَ إيضاحَ أمرِ الحشر وبعضِ شؤونِ الآخِرةِ على وجهٍ يُلائم فهمَ عامّةِ الناس، فاستَمعْ معي إلى هذه الحكايةِ القصيرةِ.

    ذهَبَ اثنانِ معا إلى مملكةٍ رائعةِ الجمالِ كالجنَّةِ -التشبيهُ هنا للدنيا- وإذا بهما يَرَيانِ أنَّ أهلَها قد تركوا أبوابَ بُيوتِهم وحوانيتِهم ومحلاتِهم مفتوحةً لا يَهتمُّون بحراستِها.. فالأموالُ والنُّقودُ في مُتَناوَلِ الأيدِي دون أنْ يَحمِيها أحدٌ؛ بدأ أحدُهما -بما سوَّلتْ له نفسُه- يَسرِقُ حِينًا ويَغصِبُ حِينا آخرَ مرتكِبًا كل أنواعِ الظلمِ والسفاهَةِ، والأَهلُونَ لا يُبالونَ به كثيرًا.

    فقالَ له صديقُه:

    «وَيْحكَ ماذا تفعلُ؟ إنك ستَنالُ عقابَك، وستُلقيني في بلايا ومصائبَ، فهذه الأموالُ أموالُ الدولةِ، وهؤلاءِ الأَهلُون قد أصبحوا -بعوائلِهم وأطفالِهم- جُنودَ الدولةِ أو مُوظَّفِيها، ويُستَخدَمون في هذه الوظائفِ بِبِزَّتِهمُ المدنيّةِ، ولذلك لم يُبالوا بك كثيرا، اعلم أنَّ النظامَ هنا صارمٌ، فعُيونُ السلطانِ ورُقباؤُه وهواتفُه في كل مكانٍ.. أسرِعْ يا صاحِبي بالاعتذارِ وبادِرْ إلى التوسُّل»..

    ولكنَّ صاحبَه الأبلهَ عاندَ قائلا:

    «دَعنِي يا صاحبي، فهذه الأموالُ ليستْ أموالَ الدولةِ، بل هي أموالٌ مُشاعةٌ، لا مالك لها.. يستَطيعُ كلُّ واحدٍ أن يتَصرَّفَ فيها كما يشاءُ، فلا أرَى ما يَمنَعُني من الاستِفادةِ منها، أو الانتِفاعِ بهذه الأشياءِ الجميلةِ المنثورةِ أمامي؛ واعلَم أنِّي لا أُصدِّقُ بما لا تراهُ عَينايَ»، وَبدَأ يتفلسفُ ويتَفوَّهُ بما هو من قبيلِ السَّفسَطةِ.(*[1])

    وهنا بدأتِ المناقَشةُ الجادَّةُ بينهما، وأخذَ الحِوارُ يشتدُّ إذ سألَ المغفَّلُ:

    «وما السُّلطانُ؟ فأنا لا أعرِفُه»

    »، فَردَّ عليه صاحبُه: «إنَّك بلا شكٍّ تَعلمُ أنه لا قريةَ بلا مختارٍ، ولا إبرةَ بلا صانِعٍ وبلا مالكٍ، ولا حَرْفَ بلا كاتِبٍ؛ فكيفَ يسُوغُ لك القولُ: إنه لا حاكِمَ ولا سُلطانَ لهذه المملكةِ الرائِعةِ المنتَظَمةِ المنسَّقةِ؟ وكيف تكونُ هذه الأموالُ الطائِلةُ والثرواتُ النَّفِيسَةُ الثمِينةُ بلا مالكٍ، حتى كأنَّ قِطارًا مشحونًا بالأرزاقِ الثمِينةِ يأتي من الغَيبِ كلَّ ساعةٍ ويُفرَغُ هنا ثم يَذهبُ!([2]) أوَ لا ترَى في أرجاءِ هذه المملكةِ إعلاناتِ السُّلطانِ وبيَاناتِه، وأعْلامَه التي تُرَفْرِفُ في كلِّ رُكنٍ، وخَتمَه الخاصَّ وسِكَّتَه وطُرَّتَه على الأموالِ كلِّها، فكيفَ تكونُ مثلُ هذه المملكةِ دونَ مالك؟.. يَبدُو أنكَ تعلَّمتَ شيئا من لغةِ الإفرنجِ، ولكنك لا تستطيعُ قراءةَ هذه الكتاباتِ الإسلاميةِ ولا تَرغبُ أنْ تسألَ مَنْ يَقرؤُها ويفهمُها، فتعالَ إذن لأقرأَ لك أهمَّ تلك البلاغاتِ والأوامرِ الصادِرةِ مِنَ السُّلطانِ»..

    فقاطعَه ذلك المعانِدُ قائلا:

    «لنُسلِّم بوجودِ السلطانِ، ولكن ماذا يمكن أن يَضُرَّه ويَنقُصَ من خَزائنِه ما أحُوزُه لنفسي منها؟ ثم إني لا أرَى هنا عقابًا من سِجنٍ أو ما يُشبِهُه!».

    أجابَه صاحبُه:

    «يا هذا! إن هذه المملكةَ التي نَراهاَ ما هي إلّا ميدانُ امتِحانٍ واختِبارٍ، وساحةُ تَدريبٍ ومُناوَرةٍ، وهي مَعرِضُ صنائعِ السلطانِ البدِيعةِ، ومَضِيفٌ مُؤقَّتٌ جدا.. ألا ترَى أن قافِلةً تأتي يَومِيا وترحلُ أخرَى وتغيبُ؟ فهذا هو شأنُ هذه المملكةِ العامِرةِ، إنها تُملأُ وتُخلَى باستِمرارٍ، وسَوفَ تُفرَغُ نهائيًا وتُبدَّلُ بأخرَى باقيةٍ دائمةٍ، ويُنقَلُ إليها الناسُ جميعًا فيثابُ أو يُعاقَبُ كلٌّ حسَبَ عملِه».

    ومرةً أخرَى تمرَّدَ صديقُه الخائنُ الحائرُ قائلا: «أنا لا أؤمنُ ولا أُصدِّقُ! فهل يمكن أن تُبادَ هذه المملكةُ العامِرةُ، ويرحلَ عنها أهلُها إلى مملكةٍ أخرَى؟»

    وعندَها قالَ له صديقُه الناصِحُ الأمينُ:

    «يا صاحبي ما دُمتَ تُعانِدُ هكذا وتُصِرُّ، فتعالَ أُبيِّنْ لك «اثنَتيْ عشْرةَ صُورةً» من بين دلائلَ لا تعدُّ ولا تحصَى، تُؤكِّدُ لك أنَّ هناكَ محكمةً كبرَى حقا، ودارًا للثوابِ والإحْسانِ، وأخرَى للعقابِ والسَّجنِ، وأنه كما تُفرَغُ هذه المملكةُ من أهلِها يومًا بعدَ يومٍ، فسيأتي يومٌ تُفرَغُ فيه منهم نهائيا وتُبادُ كليًّا».

    الصورة الأولى

    أمِنَ الممكن لسَلطنةٍ، ولاسيَّما كهذه السلطنةِ العُظمَى، أن لا يكونَ فيها ثوابٌ للمطِيعينَ ولا عِقابٌ للعاصِين؟.. ولما كانَ العقابُ والثوابُ في حُكمِ المعدومِ في هذه الدارِ،

    فَلابدَّ إذن من محكمةٍ كبرَى في دارٍ أُخرَى.

    الصورة الثانية

    تأمَّلْ سيرَ الأحداثِ والإجراءاتِ في هذهِ المملكةِ، كيف يُوزَّعُ الرزقُ رغَدًا حتى على أضعفِ كائنٍ فيها وأفقرِه، وكيف أنَّ الرِّعايَةَ تامةٌ والمواساةَ دائِمةٌ لجميع المرضَى الذين لا مُعيلَ لهم؛ وانظُر إلى الأطعمةِ الفاخِرةِ والأواني الجَميلةِ والأوسِمةِ المرصَّعةِ والملابِس المزركَشةِ.. فالموائدُ العامِرةُ مبثوثةٌ في كلِّ مكانٍ.. وانظر! الجميعُ يُتقِنونَ واجباتِهم ووظائفَهم إلّا أنتَ وأمثالَك من البُلهاءِ، فلا يتَجاوزُ أحدٌ حدَّه قَيْدَ أُنمُلةٍ، فأعظمُ شخصٍ يُؤدِّي ما أُنيطَ به من واجِبٍ بكُلِّ تواضعٍ، وفي غايةِ الطاعَةِ، تحتَ ظِلِّ جلالِ الهَيبةِ والرَّهبةِ..

    إذن فمالِكُ هذه السلطنةِ ومَليكُها ذو كرمٍ عَظيمٍ، وذو رحمةٍ واسِعة، وذو عزَّةٍ شامخةٍ، وذو غَيرَةٍ جليلةٍ ظاهِرةٍ، وذو شَرفٍ سَامٍ، ومن المعلومِ أنَّ الكرَمَ يستَوجِبُ إنعامًا، والرحمةَ لا تكونُ دونَ إحسانٍ، والعزةَ تَقتَضي الغَيرةَ، والشرفَ الساميَ يَستَدعِي تأديبَ المستَخِفِّينَ، بينما لا يَتحققُ في هذه المملكةِ جزءٌ واحدٌ من ألفٍ مما يَليقُ بتلك الرحمةِ ولا بذلك الشرفِ؛ فيَرحلُ الظالم في عزتِه وجَبروتِه ويرحلُ المظلومُ في ذُلِّه وخُنوعِه..

    فالقضِيَّةُ إذن مُؤجَّلةٌ إلى محكمةٍ كبرَى.

    الصورة الثالثة

    انظُر، كيفَ تُنجَزُ الأعمالُ هنا بحِكمةٍ فائقَةٍ وبانتِظامٍ بديع، وتأمّل كيف يُنظَرُ إلى المعاملاتِ بمنظارِ عَدالةٍ حقَّةٍ وميزانٍ صائبٍ.. ومن المعلوم أنَّ حكمةَ الحكومةِ وفِطنتَها تستدعي اللطفَ بالذين يحتَمونَ بحِماهَا وتَكريمَهُم، والعدالةَ المحضةَ تتطلَّبُ رِعايَةَ حقوقِ الرعيةِ، لتُصانَ هَيبةُ الحكومةِ وعظمةُ الدولةِ.. غيرَ أنه لا يبدُو هنا إلّا جزءٌ ضئِيلٌ من تَنفيذِ ما يليقُ بتلك الحكمةِ، وبتلك العَدالةِ؛ فأمثالُك من الغافلينَ يُغادِرُونَ هذه المملكةَ دون أن يَرَى أغلبُهم عقابًا..

    فالقضيةُ إذن مُؤجّلةٌ بلا ريبٍ إلى محكمةٍ كُبرَى.

    الصورة الرابعة

    انظُر إلى ما لا يُعدُّ ولا يحصَى من الجواهرِ النادرةِ المعرُوضةِ في هذه المعارضِ، والأطعمةِ الفريدَةِ اللذيذَةِ المُزيَّنةِ بها الموائدُ، مما يُبرِزُ لنا أنَّ لسلطانِ هذه المملكةِ سَخاءً غيرَ محدودٍ، وخزائنَ ملآى لا تَنضُبُ.. ولكنْ مثلُ هذا السَّخاءِ الدائمِ، ومثلُ هذه الخزائنِ التي لا تَنفَدُ، يتَطلَّبانِ حتمًا دارَ ضيافةٍ خالدة أبديَّةٍ، فيها ما تَشتَهيهِ الأنفُسُ؛ ويَقتضِيانِ كذلك خُلودَ المتنعِّمِين المتلذِّذِينَ فيها، لئلا يَذوقُوا ألمَ الفراقِ والزوالِ؛ إذ كما أنَّ زوالَ الألم لذةٌ فزوالُ اللذةِ ألمٌ كذلك..

    فانظر إلى هذه المعارض، ودقِّقِ النظرَ في تلك الإعلاناتِ، وَأصْغِ جيدا إلى هؤلاء المنادينَ الدعاةِ الذين يُشكِّلون عَجائِبَ مَصنوعاتِ السلطانِ -ذي المعجزاتِ- ويُعلِنون عنها، ويُظهِرون كماله، ويُفصِحُون عن جمالِه المعنوِيِّ الذي لا نظيرَ له، ويَذكُرون لطائفَ حُسنِه المستَتِرِ.

    فلهذا السلطانِ إذن كمالٌ باهِرٌ، وجمالٌ معنويٌّ زاهِرٌ، يَبعثانِ على الإعجابِ؛ ولاشكَّ أنَّ الكمالَ المستَتِرَ الذي لا نقصَ فيه يَقتَضِي إعلانَه على رؤوسِ الأشهادِ من المعجَبِينَ المستَحسِنينَ، ويتَطلَّبُ إعلانَه أمامَ أنظارِ المُقدِّرِينَ لقيمتِه؛ أمّا الجمالُ الخفيُّ الذي لا نظيرَ له، فيَستلزِم الرُّؤيةَ والإظهارَ، أي: رُؤيةَ جمالِه بوَجهَينِ: أحدُهما: رؤيتُه بذاته جمالَه في كلِّ ما يَعكِسُ هذا الجمالَ من المرايا المختَلفةِ. ثانيهما: رؤيتُه بنظر المشاهدِينَ المشتاقِين والمعجَبِين المستحسنِين له، وهذا يعني أنَّ الجمالَ الخالدَ يستدعي رُؤيةً وظهورًا، أي مشاهدةً دائمةً ، و اشهادًا أبديًا..

    وهذا يتطلبُ حتما خُلودَ المشاهدِين المشتاقِين المُقدِّرينَ لذلك الجمالِ، لأنَّ الجمالَ الخالدَ لا يرضَى بالمشتاقِ الزائِلِ، ولأنَّ المُشاهِدَ المحكومَ عليه بالزوالِ يُبدِّلُ تَصوُّرُ الزوالِ محَبَّتَه عداءً، وإعجابَه استِخفافًا، وتوقيرَه إهانةً، إذ الإنسانُ عدوٌّ لما يجهلُ ولِماَ يقصُرُ عنه.. ولمَّا كان الجميعُ يغادِرون دَورَ الضيافةِ هذه بسرعةٍ ويَغيبُون عنها بلا ارتِواءٍ من نورِ ذلك الجمالِ والكمالِ، بل قد لا يرَونَ إلّا ظِلالا خافِتةً منه عَبْرَ لمحاتٍ سَريعةٍ..

    فالرِّحلةُ إذن مُنطلِقةٌ إلى مَشهَدٍ دائمٍ خَالدٍ.

    الصورة الخامسة

    تأمَّل.. كيفَ أنَّ لهذا السلطانِ الذي لا نَظيرَ له رأفةً عظيمةً تتَجلَّى في خِضمِّ هذه الأحداثِ والأمورِ، إذ يُغيثُ الملهوفَ المستغيثَ، ويستجيبُ للداعِي المستَجيرِ، وإذا ما رأى أدنَى حاجةٍ لأبسطِ فردٍ من رعاياهُ فإنه يَقضِيها بكل رأفةٍ وشَفَقةٍ، حتى إنه يُرسِلُ دواءً أو يُهيِّئُ بَيطارا لإسعافِ قدَمِ نَعجةٍ من النِّعاجِ.

    هيَّا بنا يا صاحبي لنَذهَبَ معا إلى تلك الجزيرةِ، حيثُ تَضُمُّ جمعًا غفيرًا من الناسِ، فجَميعُ أشرافِ المملكةِ مجتَمعُون فيها.. انظر.. فها هو ذا مَبعُوثٌ كريمٌ للسلطانِ مُتقلِّدٌ أعظمَ الأوسِمةِ وأعلاها يَرتَجِلُ خُطبةً يطلُبُ فيها من مَليكِه الرَّؤوفِ أمورًا، وجميعُ الذين معَه يُوافِقونَه ويُصدِّقونَه ويَطلُبون ما يَطلُبُه.

    أَنصِتْ لما يقولُ حبيبُ الملكِ العظيمِ، إنَّه يَدعُو بأدبٍ جمٍّ وتَضرُّعٍ ويقولُ:

    يا من أسبغَ علينا نِعمَه ظاهرةً وباطنةً، يا سُلطانَنا، أَرِنا مَنابعَ وأُصولَ ما أَرَيتَه لنا من نماذجَ وظلالٍ.. خُذْ بنا إلى مقرِّ سلطنتِك ولا تُهلِكْنا بالضَّياعِ في هذه الفَلاةِ.. اقبَلْناَ وارفَعْناَ إلى ديوانِ حُضورِك.. ارحمنا.. أطعِمناَ هناكَ لذائذَ ما أذَقتَنا إياه هنا، ولا تُعذِّبنا بألم التَّنائي والطَّردِ عنكَ.. فهاهم أُولاء رَعِيَّتُك المشتاقُون الشاكِرون المطيعون لك، لا تَترُكْهُم تائهِينَ ضائعِينَ، ولا تُفنِهِم بموتٍ لا رَجعةَ بعدَه.

    هل سَمِعتَ يا صاحبي ما يقولُ؟ تُرى هل مِن الممكنِ لمن يَملكُ كلَّ هذه القُدرَةِ الفائقةِ، وكلَّ هذه الرأفةِ الشاملةِ، أن لا يُعطِيَ مبعوثَه الكريمَ ما يرغَبُ به، ولا يستَجيبَ لأسمَى الغاياتِ وأنبَلِ المقاصدِ؟ وهو الذي يَقضِي بكلِّ اهتِمامٍ أدنَى رَغبةٍ لأصغرِ فردٍ من رعاياهُ؟ مع أنَّ ما يطلُبُه هذا المبعوثُ الكريم تحقيقٌ لرغباتِ الجميع ومَقاصِدِهم، وهو من مقتضياتِ عَدالتِه ورَحمتِه ومرضاتِه.. ثم إنَّه يسيرٌ عليه وهيِّنٌ، فليسَ هو بأصعبَ مما عَرضَه من نماذجَ في متنزهاتِ هذه المملكةِ ومعارضِها.. فما دامَ قد أنفقَ نفقاتٍ باهِظةً وأنشأ هذه المملكةَ لعرضِ نماذجِه عَرْضًَا مؤقَّتًا، فلابدَّ أنه سيَعرِضُ في مَقرِّ سلطنتِه من خزائنِه الحقِيقيّةِ ومن كمالاتِه وعجائِبه ما يُبهِرُ العُقولَ..

    إذن فهؤلاء الذين هم في دارِ الامتِحانِ هذه ليسوا عبثًا، وليسُوا سُدًى، بل تنتظرُهم قصورُ السعادَةِ السرمَديّةِ الخالدةِ، أو غَياهِبُ السُّجونِ الأبديّةِ الرهِيبةِ.

    الصورة السادسة

    تعالَ، وانظُر إلى هذه القاطراتِ الضَّخمةِ، وإلى هذه الطائراتِ المشحونةِ، وإلى هذه المخازِنِ الهائلةِ المملوءَةِ، وإلى هذه المعارِضِ الأنيقَةِ الجذّابَةِ.. وتأمّل في الإجراءاتِ وسَيرِ الأمورِ.. إنها جميعا تُبيِّن أنَّ هناك سلطنةً عظيمةً حقا (*[3]) تحكُمُ من وراءِ ستارٍ؛

    فمِثلُ هذه السلطنةِ تقتضي حتمًا رعايا يَلِيقُونَ بها، بينما تُشاهِدُ أنهم قد اجتَمعُوا في هذا المضِيفِ، والمَضيفُ يُودِّع يوميا صُنوفًا منهم ويَستقبِلُ صُنوفًا؛ وهم قد حضروا في ميدانِ الامتِحانِ والاختِبارِ هذا، غيرَ أن الميدانَ يُبدَّلُ كلَّ ساعةٍ، وهم يَلبثُونَ قليلا في هذا المعرِضِ العظيمَ، يَتفرَّجون على نماذجِ آلاءِ المليك الثمينةِ وعجائبِ صَنعتِه البديعَةِ، غيرَ أنَّ المعرِضَ نفسَه يُحوَّلُ كلَّ دقيقةٍ، فالراحِلُ لا يَرجِعُ والقابِلُ يَرحَلُ كذلك..

    فهذه الأمورُ تُبيِّن بشكل قاطعٍ أنَّ وراءَ هذا المضيفِ الفاني، ووراءَ هذه الميادِينِ المتبدِّلةِ، ووَراءَ هذه المعارض المتحوِّلةِ، قصورًا دائِمةً خالِدةً، ومساكنَ طيِّبةً أبدِيّةً وجنائنَ مملوءَةً بحقائقِ هذه النماذِجِ، وخزائنَ مشحونةً بأصُولِها.

    فالأعمالُ والأفعالُ هنا إذن ما هي إلّا لأجلِ ما أُعِدَّ هنالك من جزاءٍ، فالملِكُ القديرُ يُكلِّفُ هنا ويُجازِي هناك، فلكلِّ فَردٍ لونٌ من السعادَةِ حسَبَ استِعدَادِه وما أقدمَ عليهِ من خَيرٍ.

    الصورة السابعة

    تعالَ لنتَنزَّهَ قليلًا بين المدَنيِّين من الناس لنُلاحِظَ أحوالَهم، وما يجرِي حولَهم من أمورٍ.. انظُر، فها قد نُصِبَتْ في كلِّ زاويةٍ آلاتُ تصويرٍ عدِيدَةٌ تَلتقِطُ الصُّوَرَ، وفي كلِّ مكانٍ كُتّابٌ كثيرون يسجِّلون كلَّ شيءٍ، حتى أهونَ الأمورِ.

    هيا انظُر إلى ذاك الجبلِ الشاهِقِ فقد نُصبَت عليه آلةُ تصويرٍ ضَخمةٌ تخصُّ السلطانَ نفسَه(*[4]) تَلتقِطُ صورَ كلِّ ما يجرِي في هذه المملكةِ؛ بمعنى أنَّ السلطانَ أصْدرَ أوامرَه لتَسجيلِ الأمورِ كلِّها، وتدوِينِ المعاملاتِ في مملكتِه.. مما يعني أنَّ ذلك السلطانَ المعظَّمَ يَستكتِبُ الحوادثَ جميعَها، ويأمرُ بتَصوِيرِها.. فهذا الاهتِمامُ البالغُ، وهذا الحفظُ الدقيقُ للأمورِ، وراءَه مُحاسَبةٌ بلا شكٍّ،

    إذ هل يمكن لحاكمٍ حَفيظٍ -لا يُهمِلُ أدنى مُعامَلةٍ لأبسطِ رعاياهُ- أن لا يَحفَظَ ولا يُدوِّن الأعمالَ العظيمةَ لكِبار رعاياهُ، ولا يُحاسبَهم ولا يُجازِيهم على ما صَنعُوا، مع أنهم يُقدِمونَ على أعمال تمَسُّ الملِكَ العزيزَ، وتتَعرَّضُ لكبريائِه، وتأباهُ رَحمتُه الواسِعةُ؟..

    وحيثُ إنهم لا يَنالونَ عِقابًا هنا، فلا بُدَّ أنه مُؤجَّلٌ إلى محكمةٍ كبرَى.

    الصورة الثامنة

    تعالَ، لأتلوَ عليك هذه الأوامرَ الصادرةَ من السُّلطانِ.. انظُر، إنه يكرِّرُ وعدَه ووعِيدَه قائلا: لآتيَنّ بكم إلى مقرِّ سَلطنتِي، ولأُسعِدنَّ المطيعينَ منكم، ولأَزُجَّنَّ العصاةَ في السجنِ، ولأُدمِّرنَّ ذلك المكانَ المؤقَّتَ، ولأُنشِئَنَّ مملكةً أخرى فيها قُصورٌ خالدةٌ وسُجونٌ دائِمةٌ.. علما أنَّ ما قطعَه على نفسِه من وعدٍ، هيِّنٌ عليه تَنفِيذُه، وهو بالغُ الأهميةِ لرَعاياهُ؛ أما إخلافُ الوعدِ فهو مُنافٍ كليا لعزَّتِه وقُدرَتِه.

    فانظُر أيها الغافلُ: إنك تصدِّقُ أكاذيبَ أوهامِك، وهذيانَ عقلِك، وخِداعَ نفسِك، ولا تُصدِّقُ مَن لا يحتاجُ إلى مخالفةِ الوَعدِ قطعا، ومَن لا تَليقُ المخالفةُ بغَيرَتِه وعزَّتِه أصلا، ومَن تَشهدُ الأمورُ كافةً على صدقِه.. إنك تَستحِقُّ العقابَ العظيمَ بلا شك، إذ إن مَثَلَكَ في هذا مَثَلُ المسافرِ الذي يُغمِضُ عينَيهِ عن ضوءِ الشَّمسِ، ويَستَرشِدُ بخيالِه، ويُريدُ أن ينيرَ طريقَه المخيفَ ببَصيصِ عَقلِه الذي لا يُضِيءُ إلّا كضياءِ اليَراعةِ (ذُبابِ الليلِ).

    وحيثُ إنه قد وَعدَ، فسيفي بوعدِه حتما، لأنَّ وفاءَه سهلٌ عليه وهيِّنٌ، وهو من مقتضياتِ سَلطنتِه، وهو ضَروريٌ جدا لنا ولكلِّ شيءٍ..

    إذن هناكَ محكمةٌ كبرَى وسعادةٌ عظمَى.

    الصورة التاسعة

    تعال، لننظرَ إلى بعض رؤساء(*[5]) هذه الدوائرِ والجماعات: قسمٌ منهم يُمكِنُهمُ الاتِّصالُ بالسلطانِ العظيمِ مباشرةً، بهاتفٍ خاصٍّ، بل لقد ارتقَى قسمٌ آخَرُ وَسَمَا إلى ديوان قُدسِه.. تأمَّلْ ماذا يقولُ هؤلاء؟ إنهم يُخبِرونَنا جميعا أنَّ السلطانَ قد أعدَّ مكانا فَخمًا رائعا لمكافَأةِ المحسنينَ، وآخرَ رهيبًا لمعاقَبةِ المسِيئينَ؛ وأنه يَعِدُ وعدا قويًّا ويُوعِدُ وعيدا شديدا، وهو أجَلُّ وأعزُّ من أنْ يَذِلَّ إلى إخلاف ما وعدَ وتَوعَّد؛

    عِلمًا أن أخبارَ المخبرينَ قد وصَلتْ من الكثرةِ إلى حدِّ التواترِ، ومن القُوَّةِ إلى درجةِ الاتّفاقِ والإجماعِ، فهم يُبلِّغونَنا جميعًا: بأنَّ مقرَّ هذه السلطنةِ العظيمةِ التي نرى آثارَها وملامِحَها هنا، إنما هو في مملكةٍ أخرَى بعيدةٍ، وأنَّ العِماراتِ في ميدانِ الامتِحانِ هذا بِناياتٌ وَقتيةٌ، وستُبدَّلُ إلى قصورٍ دائمةٍ، فتُبدَّلُ هذه الأرضُ بغيرها، لأنَّ هذه السلطنةَ الجليلةَ الخالِدةَ -التي تُعرَفُ عَظمتُها من آثارِها- لا يمكنُ أن تَقتصِرَ هَيمنتُها على مثل هذه الأمورِ الزائلةِ التي لا بقاءَ لها ولا دوامَ ولا كَمالَ ولا قرارَ ولا قِيمةَ ولا ثباتَ، بل تَستقِرُّ على ما يليقُ بها وبعظَمتِها من أمورٍ تَتَّسِمُ بالدَّيمُومَة والكمالِ والعَظمةِ..

    فإذن هناكَ دارٌ أخرَى.. ولابدَّ أن يكونَ الرحيلُ إلى ذلك المقرِّ.

    الصورة العاشرة

    تعال يا صاحبي.. فاليومُ يومُ عيدٍ ملكيٍّ عظيم،([6]) ستَحدُث تبدُّلاتٌ وتغيُّراتٌ وسَتبرُزُ أمورٌ عجيبةٌ، فلْنَذهَبْ معًا للنزهةِ، في هذا اليومِ البهيجِ من أيامِ الربيعِ إلى تلك الفَلاةِ المُزدانَةِ بالأزهارِ الجميلةِ.. انظُر.. هاهُمُ الناسُ متوجِّهونَ إلى هنا.. انظر.. هاهنا أمرٌ غريبٌ عَجيبٌ، فالعِماراتُ كلُّها تنهارُ وتتَّخِذُ شكلا آخرَ! حقا إنَّه شيءٌ مُعجِزٌ! إذِ العماراتُ التي انهارتْ قد أُعيدَ بناؤُها هنا فورًا، وانقَلبتْ هذه الفَلاةُ الخاليةُ إلى مَدينةٍ عامرةٍ! انظر.. إنها تُريكَ كلَّ ساعةٍ مَشهدًا جديدا وتَتَّخِذُ شكلا غيرَ شكلِها السابقِ -كشاشةِ السِّينَما- لاحظِ الأمرَ بدقّةٍ لترى رَوْعةَ هذا النِّظامِ المتقَنِ في هذه الشاشةِ التي تختَلطُ فيها المشاهِدُ بكَثرةٍ وتَتغَيّرُ بسرعةٍ فهي مَشاهِدُ حقِيقيّةٌ يـأخذُ كلُّ شيءٍ مكانَه الحقيقيَّ في غايةِ الدِّقةِ والانسِجامِ، حتى المَشاهِدُ الخياليةُ لا تبلغُ هذا الحدَّ من الانتِظامِ والرَّوعَةِ والإتقانِ، بل لا يَستطيعُ ملايينُ السَحَرةِ البارعينَ القيامَ بمثل هذه الأعمالِ البديعَةِ.. إذن فللسُّلطانِ العظيمِ المستُورِ عنا الشيءُ الكثيرُ من الأمورِ الخارِقةِ.

    فيا أيها المغفَّلُ.. إنك تقولُ: كيفَ يمكِنُ أن تُدمَّرَ هذه المملكةُ العظيمةُ وتُعمَّرَ من جَديدٍ في مكانٍ آخَرَ؟!

    فها هو ذَا أمامَك ما لا يَقبلُه عقلُك من تقلباتٍ كثيرةٍ وتَبدُّلاتٍ مذهلةٍ، فهذه السرعةُ في الاجتِماعِ والافتِراقِ، وهذا التبدُّلُ والتغَيرُ، وهذا البناءُ والهدمُ.. كلُّها تُنبِئُ عن مَقصدٍ، وتَنطوِي على غايةٍ، إذ يُصرَف لأجل اجتماعٍ في ساعة واحدة ما يُنفَقُ لعشر سنوات! فهذه الأوضاعُ إذن ليست مقصودةً لذاتها، بل هي أمثلةٌ ونَماذِجُ للعرض هنا؛ فالسلطان يُنهي أعمالَه على وَجهِ الإعجازِ، كي تُؤخذَ صورُها، وتُحفَظَ نتائجُها وتُسجَّلَ كما يُسجَّلُ ويُحفَظُ كلُّ ما في ميدان المناوراتِ العسكرية؛ فالأمورُ والمعاملاتُ إذن ستَجرِي في الاجتماع الأكبر وتَستمِرُّ وفق ما كانت هنا، وستُعرَضُ تلك الأمورُ عرضا مستمرا في المشهَد الأعظم والمعرِضِ الأكبر؛ أي إنَّ هذه الأوضاعَ الزائلةَ تُنتِجُ ثمارا باقية وتولِّد صورا خالدة هناك..

    فالمقصودُ من هذه الاحتفالاتِ إذن هو بلوغُ سعادةٍ عُظمَى، ومَـحكمةٍ كُبرَى، وغاياتٍ ساميةٍ مَستورةٍ عنَّا.

    الصورة الحادية عشْرَةَ

    تعال أيها الصديقُ المُعانِدُ.. لنَركَبَ طائرةً أو قطارا، لنَذهَبَ إلى الشَّرقِ أو إلى الغربِ -أي إلى الماضِي أو إلى المستقبَل- لنشاهِدَ ما أظهره السلطانُ من معجزاتٍ متنوِّعةٍ في سائر الأماكن؛ فما رأيناهُ هنا في المعرِضِ، أو في الميدانِ، أو في القصرِ، من الأمورِ العجيبة له نَماذجُ في كل مكان، إلّا أنه يَختلِف من حيثُ الشَّكلُ والتَّركيبُ. فيا صاحبي، أنعِمِ النَّظرَ في هذا، لترى مَدى ظُهورِ انتظامِ الحكمةِ، ومَبْلَغَ وُضوحِ إشاراتِ العنايةِ، ومِقدارَ بُروزِ أماراتِ العدالةِ، ودَرجةَ ظهورِ ثمراتِ الرَّحمةِ الواسعة، في تلك القصورِ المتبدلة، وفي تلك الميادينِ الفانية، وفي تلك المعارضِ الزائلة؛ فَمَن لم يَفقِد بصيرتَه يَفهمُ يقينا أنه لن تكونَ بل لا يمكنُ تصوُّرُ حِكمةٍ أكملَ من حكمةِ ذلك السلطان، ولا عِنايةٍ أجملَ من عِنايتِه، ولا رَحمةٍ أَشْملَ من رحمتِه، ولا عدالةٍ أجلَّ من عدالتِه.

    ولكنْ لما كانت هذه المملكةُ -كما هو معلومٌ- قاصرةً عن إظهار حقائقِ هذه الحكمةِ والعنايةِ والرحمةِ والعدالةِ، ولو لم تكُنْ هناك في مقر مملكته -كما تَوهَّمْتَ- قصورٌ دائمة، وأماكنُ مرموقةٌ ثابتة، ومساكنُ طيبةٌ خالدة، ومُواطِنون مقيمون، ورعايا سعداءُ.. تُحقِّق تلك الحكمةَ والعنايةَ والرحمةَ والعدالةَ، يلزمُ عندئذٍ إنكارُ ما نُبصِرُه من حكمة، وإنكارُ ما نُشاهِدُه من عناية، وإنكارُ ما نراهُ من رحمة، كما يلزمُ إنكارُ هذه العدالةِ الظَّاهِرةِ البَيِّنةِ بأماراتِها القوية وإشاراتِها.. إنكارُ كلِّ ذلك بحماقة فاضحة كَحماقةِ من يرى ضَوءَ الشمس وينكرُ الشَّمسَ نفسَها في رائعة النهار! ويَلزَمُ أيضا القولُ بأن القائمَ بما نراه من إجراءاتٍ تتَّسِمُ بالحكمة وأفعالٍ ذاتِ غاياتٍ كَريمةٍ وإحساناتٍ مِلؤُها الرحمةُ إنما يَلهُو ويَعبثُ ويَغدِرُ -حاشاه ثم حاشاه- وما هذا إلّا قلبُ الحقائقِ إلى أضدادِها، وهو المحالُ باتفاقِ جميعِ ذَوِي العقول غيرَ السوفسطائي الأبلهِ الذي يُنكِر وجودَ الأشياء، حتى وجودَ نفسه.

    فهناك إذن ديارٌ غيرُ هذه الديار، فيها محكمةٌ كبرى ، ودارُ عَدالةٍ عليا، ومقرُّ كرمٍ عظيمٌ، لتَظهَر فيها هذه الرَّحمةُ وهذه الحكمةُ وهذه العِنايةُ وهذه العَدالةُ بوضوح وجلاء.

    الصورةُ الثانيةَ عَشْرَةَ

    تعالَ نرجِعِ الآنَ يا صاحبي، لنَلتقِيَ ضُبّاطَ هذه الجماعاتِ ورؤساءَها، وننظرَ إلى مُعدَّاتِهم.. أزُوِّدوا بها لقضاء فترةٍ قصيرةٍ من الزمن في ميدان التدريب هذا، أم أنها وُهبَت لهم ليَقضُوا حياةً سعيدة مديدة في مكان آخر؟ ولما كنا لا نَستطِيعُ لقاء كلِّ واحد منهم، ولا نَتمكَّنُ من الاطِّلاعِ على جميع لَوازِمهم وتجهيزاتِهم، لذا نحاول الاطلاعَ على هُوية وسجلِّ أعمالِ واحدٍ منهم كنموذج ومثال.

    ففي الهوية نجدُ رتبةَ الضَّابطِ، ومرتّبَه، ومهمَّتَه، ومطالبَه، ودستورَ أعمالِه، وكلَّ ما يتَعلقُ بأحواله.. لاحظ، أنَّ هذه الرتبةَ ليست لأيام معدودة، بل لمدة مديدة.. ولقد كُتِب في هُويتِه أنه يتسلَّم مُرتّبَه من الخزينةِ الخاصةِ بتاريخِ كذا.. غَيرَ أنَّ هذا التاريخَ بعيدٌ جدا، ولا يأتي إلّا بعد إنهاءِ مهامِّ التدريبِ في هذا الميدان..

    أمّا هذه الوظيفةُ فلا توافق هذا الميدانَ المؤقتَ ولا تَنسجِم معَه، بل هي للفوز بسعادة دائمة في مكانٍ سامٍ عندَ الملِكِ القدير.. أمّا المطالبُ فهي كذلكَ لا يُمكن أن تكونَ لقضاء أيامٍ معدودةٍ في دار الضيافَةِ هذه، وإنما هي لحياةٍ أُخرَى سَعيدةٍ أبدية.. وأمّا هذا الدستور فيَتَّضِحُ منه بجلاء، أن صاحبَ الهويةِ مُهيأٌ لمكانٍ آخرَ، بل يَسعَى نحوَ عالمٍ آخَرَ.

    انظر إلى هذه السجلاتِ التي حُدِّدَت فيها كَيفِيةُ استعمالِ المعدَّات والمسؤولياتِ المترتبة عليها، فإن لم تكن هناكَ مَنزِلةٌ رفيعة خالدة غيرَ هذا الميدان، فلا مَعنَى لهذه الهويةِ المتقنة، ولا لهذا السِّجِل المنتَظَمِ، ولسقطَ الضابِطُ المحترَم والقائِدُ المكرَّم والرئيسُ الموقَّر إلى دَرْكٍ هابط ولَقيَ الشقاءَ والذِّلة والمهانةَ والنكْبةَ والضَّعفَ والفقر.. وقس على هذا، فأينما أنعَمتَ النظر متأمِّلا قادَك النظرُ والتدبُّرُ إلى أنَّ هناك بقاءً بعدَ هذا الفناء...

    فيا صديقي..

    إنَّ هذه المملكةَ المؤقَّتةَ ما هي إلّا بمثابةِ مزرعةٍ، وميدانِ تعليم، وسُوقٍ تجارِيٍّ، فلا بُدَّ أن تأتي بعدَها مَحكمةٌ كبرى وسعادةٌ عظمَى؛ فإذا أنكرتَ هذا، فسوف تَضطَر إلى إنكار كلِّ الهوياتِ والسِّجِلّات التي يمتلكُها الضابط، وكلِّ تلك العُدَدِ والأعتدَةِ والتعليمات، بل تُضطَرُّ إلى إنكار جميعِ الأنظمةِ في هذه المملكة، بل إنكارِ وُجودِ الدولة نفسِها، وينبغي عند ذلك أن تُكذِّب جميعَ الإجراءات الحادثة.. وعندها لا يمكن أن يُقالَ إنَّك إنسانٌ له شعور؛ بل تكون إذ ذاك أشدَّ حماقة من السوفسطائيين.

    وإيّاك إيّاك أن تظنَّ أنَّ دلائلَ وإشاراتِ تَبديلِ المملكةِ مُنحصرةٌ في اثنَتَيْ عَشْرةَ صورةً التي أوردناها، إذ إنَّ هناك ما لا يُعدُّ ولا يُحصَى من الأمارات والأدلة على أن هذه المملكةَ المتغيِّرةَ الزائلة تتحولُ إلى أُخرَى مستقرةٍ باقيةٍ، وهناك الكَثيرُ الكَثيرُ من الإشارات والعلامات تدل على أنَّ هؤلاء الناسَ سيُنقَلون من دار الضيافة المؤَقَّتةِ الزَّائلةِ إلى مَقَرِّ السلطنةِ الدائمةِ الخالِدةِ.

    يا صاحبي.. تعالَ لأقرِّرَ لك برهانا أكثرَ قوَّةً ووضُوحًا من تلك البراهين الِاثنَي عشَرَ التي أَنبأتْ عنها تلك الصوَرُ المتقدِّمةُ..

    تعال، فانظر إلى المبعوث الكريم، صاحبِ الأوسمة الرفيعة الذي شاهدناهُ في الجزيرة مِنْ قَبلُ.. إنه يُبلِّغُ أمرا إلى الحشود الغفيرةِ التي تتَراءَى لنا على بُعد، فهيّا نذهبُ ونُصغِي إليه.. انتبه! فها هو يُبيِّن للمَلَأِ البلاغَ السلطاني الرفيعَ ويوضحُه قائلا لهم:

    تهيَّؤوا! ستَرحَلون إلى مملكة أُخرَى خالدةٍ، ما أعظمَها من مملكةٍ رائعة! إن مملكتَنا هذه تُعدُّ كالسِّجْنِ بالنسبة لها، فإذا ما أصْغيتُم إلى هذا الأمرِ بإمعانٍ، ونفّذتُموه بإتقانٍ ستكُونُون أهلا لرحمةِ سلطانِنا وإحسانِه في مُستقَرِّه الذي تتَّجِهُون إليه، وإلّا فالزِّنزَاناتُ الرهِيبةُ مثواكُم جزاءَ عِصيانِكُم الأمرَ وعَدمِ اكتراثِكُم به.

    إنه يُذكّر الحاضرين بهذا البلاغ، وأنتَ تَرى على ذلكَ البلاغِ العظيمِ ختمَ السلطان الذي لا يُقلَّد؛ والجميعُ يُدرِكون يقينا -إلّا أمثالَك من البُلهاءِ- أنَّ ذلك البَلاغَ بلاغُ الملِكِ، وأن ذلكَ المبعوثَ الكريمَ يحمِلُ منَ الأوسمَةِ الرَّفيعة ما يجعَلُ الجَميعَ -إلّا أمثالكَ من العميان- يعرِفون بِمُجرَّد النظرِ إليها أنه مبلِّغٌ أمين لأوامرِ المَلِكِ.

    فيا تُرى هل يمكن الاعتراضُ على هذه المسألةِ؛ مسألةِ تَبديلِ المملكة التي يدعو إليها كلٌّ من ذلك المبعوثِ الكريم، والبلاغِ الملكيِّ السامي بكل ما أُوتِيا من قوة؟ كَلَّا.. لا يمكنُ ذلك أبدا، إلّا إذا أنكرتَ جميعَ ما تراهُ من أمورٍ وحوادِثَ.

    فالآن أيها الصَّديقُ.. لك أنْ تقولَ ما تشاءُ.

    - ماذا عَسايَ أنْ أقولَ؟ وهل بَقيَ مزيدٌ من قولٍ لقائل أمامَ هذه الحقائق! وهل يقالُ للشمس وهي في كبدِ السَّماء، أين هي؟! إنَّ كلَّ ما أريدُ أنْ أقولَه هو: الحمدُ لله، وألفُ شُكرٍ وشُكرٍ، فقد نجوتُ من قبضةِ الأوهامِ والأهواءِ، وتحرَّرتُ من إسَارِ النفسِ والسِّجنِ الأبديِّ، فآمنتُ بأنَّ هناك دارَ سعادةٍ عندَ السُّلطانِ المعظَّمِ، ونحنُ مُهيَّأون لها بعدَ هذه الدارِ الفانيةِ المضطَربةِ.

    وهكذا تمَّتِ الحكايةُ التي كانت كنايةً عن الحشر والقيامة..

    والآن ننتَقلُ بتوفيقِ العليِّ القَديرِ إلى الحقائقِ العليا، فَسنُبيِّنها في «اثنتَيْ عَشْرةَ حقيقةً»، وهي مُتسانِدةٌ مُترابِطةٌ مُقابلَ الصُّورِ الاثنَتيْ عشرةَ، بعد أن نُمهِّدَ لها بمُقدِّمةٍ.

    * * *

    المقدمة

    نُشيرُ إشاراتٍ فحسبُ إلى بعضِ المسائِل التي أوضحناها في أماكنَ أُخرَى، أي في الكلمةِ الثانيةِ والعشرين، والتاسِعةَ عشْرةَ، والسادِسَةِ والعشرين.

    الإشارة الأولى

    هناك ثلاثُ حقائقَ للمغفَّل ولصَديقِه الناصحِ الأمينِ المذكورَين في الحكاية:

    الأولى: هي نَفسِيَ الأمارةُ وقَلبِي.

    الثانية: مُتعلِّمو الفلسَفةِ وتلاميذُ القرآنِ الكريم.

    الثالثة: مِلَّةُ الكفرِ والأُمَّةُ الإسلاميَّة.

    إن عدمَ معرفة الله سبحانَه وتعالى هو الذي أوقعَ متعلِّمِي الفلسفةِ ومِلةَ الكفر والنفسَ الأمارةَ في الضلالة الرهيبة.. فمثلما قالَ الناصِحُ الأمين في الحكاية: إنه لا يمكنُ أن يكونَ حرفٌ بلا كاتب، ولا قانونٌ بلا حاكم، كذلك نقولُ:

    إنه محالٌ أن يكونَ كتابٌ بلا كاتب، ولا سيَّما كتابٌ كهذا الذي تتضمَّن كلُّ كلمة من كلماتِه كتابا خُطَّ بقلم دقيق، والذي تحتَ كلِّ حرفٍ من حروفِه قصيدةٌ دُبِّجَت بقلم رفيع..

    وكذلك من أمحل المحال أن يكون هذا الكونُ من غير مبدِع، حيثُ إن هذا الكونَ كتابٌ على نَحوٍ عظيم تتضمن كلُّ صحيفة فيه كُتبا كثيرة، لا بل كلُّ كلمةٍ منها كتابا، وكلُّ حرفٍ منها قصيدةً.. فوَجهُ الأرض صَحيفةٌ، وما أكثرَ ما فيها من كتب! والشجرةُ كلمةٌ واحدة، وما أكثرَ ما فيها من صحائف! والثمَرةُ حرفٌ، والبِذرةُ نقطة.. وفي هذه النقطةِ فِهرِسُ الشجرة الباسقة وخطةُ عملِها.. فكتابٌ كهذا ما يكونُ إلّا من إبداع قلمِ صاحِبِ قُدرَةٍ متَّصِفٍ بالجمال والجلال والحكمة المطلقة، أي إنَّ مجردَ النظر إلى العالَم ومشاهدَتَه يستَلزِمُ هذا الإيمان، إلّا مَن أسكَرته الضلالة!.

    ومثلما لا يمكنُ أن تكونَ دارٌ بلا بنّاءٍ، لا سيَّما دارٌ زُيِّنت بأبدع زينة، ونُقِشت بأروعِ نقوشٍ وأعجبِها وشُيِّدت بصنعةٍ خارقة، حتى إنَّ كلَّ حَجرٍ من أحجارِها يتجسَّمُ فيه فنُّ ما في البناءِ كلِّه؛ فلا يقبلُ عاقلٌ أن تكونَ دارٌ مثلُ هذه الدارِ بلا بَنّاءٍ ماهرٍ، وبخاصةٍ أنه يُشيِّدُ في هذا الديوان -في كل ساعة- مساكنَ حقيقيةً في غايةِ الانتِظامِ والتناسُقِ، ويُغيِّرها بانتظامٍ وسُهولةٍ كامِلَين -كسهولةِ تبديلِ الملابسِ- بل إنه يُنشِئ في كل ركنٍ غُرَفا صغيرةً عدّةً في كل مَشهَد حقيقي.

    كذلك لابد لهذا الكَونِ العظيم من خالِقٍ حكيم عليم قدير مطلق، لأن هذا الكونَ إنما هو كالقصر البديع؛ الشَّمسُ والقَمرُ مصابيحُه، والنجومُ شموعُه وقنادِيلُه، والزمنُ شريطٌ يعلِّق عليه الخالقُ ذو الجلال -في كل سنة- عالَما آخر يُبرِزُه للوجود، مجدِّدا فيه صورًا مُنتَظَمَةً في ثلاثِ مِئةٍ وستين شكلا وطِرازا، مبدِّلا إياه بانتظام تام، وحكمة كاملة، جاعلا سَطحَ الأرض مائدةَ نِعَمٍ، يُزيِّنُها في كل ربيع بثلاث مئة ألف نوع من أنواع مخلوقاتِه، ويملؤُها بما لا يعد ولا يُحصَى من آلائه، مع تمييزِ كلٍّ منها تمييزا كاملا، على الرغم من تداخلها وتشابكها.. وقس على هذه الأشياءِ الأمورَ الأخرَى.. فكيفَ يمكنُ التَّغافلُ عن صانِعِ مثل هذا القصرِ المُنيفِ؟

    ثمَّ ما أعظمَ بلاهةَ من ينكرُ الشمسَ في رابعة النهار، وفي صحوة السماء! في الوقت الذي يُرى تَلألُؤُ أشعتِها، وانعكاسُ ضوئِها، على زَبَدِ البحر وحَبابِه، وعلى موادِّ البَرِّ اللامعةِ وعلى بلورات الثلج الناصعة، لأن إنكارَ الشمسِ الواحِدةِ ورَفضَها -في هذه الحالة- يستلزِمُ قَبولَ شُميساتٍ حقيقيةٍ أصِيلةٍ، بعدد قَطراتِ البحر وبعدد الزَبَد والحَباب وبعدد بِلَّوراتِ الثلجِ!

    ومثلما يكون قبولُ وُجودِ شمسٍ عظيمة في كل جُزَيئَة -وهي تَسعُ ذرةً واحدةً- بلاهةً، فإن عدمَ الإيمان بالخالق ذي الجلال، ورفضَ التَّصديقِ بأوصاف كمالِه سبحانه -مع رؤية هذه الكائناتِ المنتَظَمةِ المتبدِّلةِ والمتعاقِبةِ بحكمة في كلِّ آن والمتجدِّدةِ بتناسقٍ وانتظامٍ في كلِّ وقت- ضلالةٌ أدهَى ولاشكَّ، بل هَذيانٌ وجُنون.. لأنه يلزم إذ ذاك قَبولُ ألوهيّةٍ مطلَقةٍ في كل شيء حتى في كلِّ ذرة!. لأن كلَّ ذرة من ذراتِ الهواء -مثلا- تستطِيع أن تدخل في كلِّ زهرة، وفي كل ثمَرة، وفي كل ورقة، وتتمكنُ من أن تؤَدِّيَ دورَها هناك؛ فلو لم تكن هذه الذرةُ مأمورةً ومسخرةً لَلزِمَ أن تكونَ على علم بأشكالِ ما تمكَّنت من الدخول فيه، وبصورتِه وتركيبِه، وهيئَتِه، أي يَجبُ أن تكونَ ذاتَ علمٍ محيط، وذاتَ قدرةٍ شاملة كي تستطيعَ القيامَ بذلك!!

    وكلَّ ذرةٍ من ذراتِ التراب -مثلا- يمكنُ أن تكونَ سببا لنشوء البُذور ونموِّ أنواعِها جميعا، فلو لم تكن مأمورةً ومسخَّرةً للزم أن تحتَويَ على آلاتٍ وأجهزةٍ معنويةٍ بعَدَدِ أنواع الأعشابِ والأشجارِ، أو يَجِبُ مَنحُها قدرةً ومَهارةً بحيثُ تَعلمُ جميعَ أشكالِ تراكيبِها، فتَصنعُها، وتعرفُ جميعَ صوَرِها، فتنسُجُها..

    وقس على هذا سائرَ الموجودات، حتى تفهم أن للوحدانية دلائلَ واضحةً باهرةً في كلِّ شيء. نعم، إن خلقَ كلِّ شيءٍ من شَيء واحد، وخلقَ شيءٍ واحد من كلِّ شَيءٍ، إنما هو عملٌ يخصّ خالقَ كلِّ شيء..

    فتدبَّر وتأمَّل في قولِه تعالى: ﴿وَاِنْ مِنْ شَىْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪﴾

    واعلَم أنَّ عدمَ الاعتقادِ بالإلهِ الواحد الأحد يَستلزِمُ الاعتِقادَ بآلهةٍ بعدَدِ الموجودات!

    الإشارة الثانية

    لقد جاءَ في الحكاية ذكرُ مبعوثٍ كريم، وذُكرَ أنَّ مَن لم يكُن أعمى يَفهمُ من رُؤيَةِ أوسمتِه: أنه شخصٌ عظيم، لا يأتمر إلّا بأمر السلطان، فهو عامِلُه الخاص.. فهذا المبعوثُ إنما هو رَسُولُنا الأعظَمُ ﷺ.

    نعم، يلزمُ أن يكونَ لمثل هذا الكونِ البديع ولصانِعه القُدُّوس، مثلُ هذا الرَّسولِ الكريم، كلزوم الضوء للشمس، لأنه كما لا يمكن للشمس إلّا أن تُشعَّ ضِياءً كذلك لا يمكن لِلأُلوهِية إلّا أن تُظهر نَفسَها بإرسال الرُّسلِ الكرامِ عليهِمُ السلام.

    فهل يمكن أن لا يَرغبَ جمالٌ في غايةِ الكمال في إظهارِ نفسِه بوسيلةٍ ودليلٍ يعرِّفه؟

    أم هل يمكن أن لا يَطلُب كمالُ الصَّنعةِ في غاية الجمال الإعلانَ عنه بوَساطةٍ تَلفِتُ الأنظارَ إليه؟

    أم هل يمكن أن لا تطلُبَ سلطنةٌ كلِّيةٌ لربوبيةٍ عامّةٍ شامِلةٍ إعلانَ وحدانِيَّتِها وصَمَدانِيَّتِها على مُـختلِفِ الطبقاتِ بوساطة مبعوث ذي جناحَين؟ أي ذي صِفتَين: صِفةِ العبوديَّةِ الكلية، فهو مُمَثِّـلُ طبقاتِ المخلوقات عندَ الحضرةِ الربانية؛ وصِفةِ الرِّسالة والقُربِ إليه، فهو مُرسَلٌ من لدُنهُ سبحانَه إلى العالَمِينَ كافة.

    أم هل يمكن لصاحب جمال مطلق أن لا يروم أن يَشهَدَ هو ويُشهِدَ خلقَه محاسنَ جمالِه ولطائفَ حُسنِه في مرايا تعكِسُ هذا الجمالَ؟ أي بوساطةِ رسولٍ حبيب؛ فهو حبيبٌ لتَودُّدِه إلى الله سبحانَه بعبوديتِهِ الخالصةِ، وهو رسولٌ لأنه يُحبِّبُ اللهَ سبحانه إلى الخلق بإظهارِ جمالِ أسمائِه الحسنى.

    أم هل يمكنُ أن لا يُريدَ مَن يملكُ خزائنَ مشحونةً بأغلى الأشياء وأعجبِها وبما يُدهِشُ العقولَ، إظهارَ كمالِه المستتِر، وأن لا يَطلُبَ عرضَه على أنظارِ الخلقِ أجمعين، وكشفَه على مَرأًى منهم، بوساطة معرِّفٍ حاذِق ومعلِنٍ وصَّافٍ؟

    أم هل يمكن لِمَن زيّن هذا الكونَ بمخلوقاتٍ معبّرةٍ عن كمال أسمائه الحسنى، وجعلَه قصرا رائعا، وجمَّله ببدائعِ صنعتِه المذهلة، وعرضَه على الأنظار، ثم لا يَكِلُ أمرَ إيضاحِه إلى مرشدٍ معلِّمٍ رائد؟

    أم هل يمكن أنْ لا يُبيِّنَ مالكُ هذا الكونِ بوَساطةِ رسول: ما الغايةُ من تحولاتِ هذا الكون وما القَصدُ من هذا الطلسم المغلق؟ وأن لا يجيب بوساطته عن ألغاز الأسئلة الثلاثة المستعصية في الموجودات، وهي: من أينَ؟ وإلى أين؟ ومن تكونُ؟

    أم هل يُمكِنُ للخالقِ ذي الجلالِ الذي عرَّف نفسَه إلى ذوي الشعورِ بهذه المخلوقاتِ الجميلةِ، وحبَّبها إليهِم بنِعَمِه الغاليةِ، أن لا يُبيِّن لهم بوَساطَةِ رَسولٍ ما يُريدُ منهم وما يُرضِيه إزاءَ هذه النِّعمِ السابِغةِ؟

    أم هل يُمكِنُ لربِّ العالمين الذي ابتَلَى النوعَ الإنسانيَّ بمَشاعِرَ متوجِّهةٍ إلى الكَثرَةِ والدنيا، ووهبَ له من الاستِعدادَاتِ ما يَسَعُ العالمَ كلَّه وهيَّأه للعبوديةِ الكليةِ، أن لا يطلُبَ صَرْفَ وجهِه من الكَثرَةِ إلى الوَحدةِ بوَساطةِ مرشِدٍ مُرسَل؟

    وهكذا فإنَّ هناك دلائلَ أُخرَى زيادةً على ما تقدَّم، كلُّها بَراهينُ قاطعةٌ تُبيِّن: «وظائفَ النُّبوَّةِ ومَهامَّها»، وتُوضِّحُ أن الألوهيةَ لا تكونُ بلا رِسالَة.

    والآن، فهل ظَهرَ في العالم مَن هو أكثرُ أَهلِيَّةً، وأَجمعُ لتِلكَ الأوصافِ والوظائِفِ التي ذُكِرَت، من محمدٍ الهاشِميِّ ﷺ؟ أم هل هناك أحد أليَقُ منه ﷺ لمنصِبِ الرِّسالَة ومُهمَّةِ التَّبلِيغ؟ وهل أظهرَ الزمانُ أحدا أعظمَ أهليَّةً منه؟ كَلّا.. ثُمَّ كَلّا.. فهو إمامُ جميعِ المرسَلينَ، وقرَّةُ عَينِ كلِّ الأصفِياء، وسلطانُ جميع المرشِدِين، وزُبدةُ كلِّ المختارِين والمقرَّبِين،

    صاحبُ ألوفِ المعجزاتِ كشَقِّ القمَر، ونبعانِ الماء من بين أصابِعه الشريفَة، مما عدا دلائلَ نبوَّتِه وأماراتِها التي لا تُحصَى، مما هو مَـحَلُّ إجماعِ أهلِ الفضْلِ والعلم، وعدا القرآنَ العظيمَ الذي هو بَحرُ الحقائِق والمعجزةُ الكُبرى، إذ إنه كالشمس الساطعةِ دليلٌ قاطِعٌ على صِدقِ رسالتِه.. ونكتفي بهذا القَدْرِ حيثُ أثبتنا إعجازَ القرآنِ بما يقرُبُ من أربعيَن وجهًا من وُجوهِ الإعجاز في «رسائل النور» ولاسيَّما في «الكلمةِ الخامسَةِ والعِشرِين».

    الإشارة الثالثة

    لا يَخطُرنَّ على بالِ أحدٍ فيقولَ: ما أهمِّيةُ هذا الإنسانِ الصَّغيرِ وما قِيمتُه حتى تَنتهِي هذه الدنيا العظيمةُ وتُفتَحَ دائرةٌ أُخرَى لمحاسبتِه على أعمالِه! لأن هذا الإنسانَ، هو سيِّدُ الموجوداتِ رغمَ أنه صغيرٌ جدا، لِمَا يَملِكُ من فطرةٍ جامعة شاملة.. فهو قائدُ الموجودات، والداعي إلى سلطانِ ألوهيّةِ الله، والممثِّلُ للعبودية الكلية الشامِلة ومَظهَرُهَا، لذا فإنَّ له أهميةً عُظمَى.

    ولا يَخطُرَنَّ على البال كذلك: كيف يكونُ هذا الإنسانُ محكوما بعذابٍ أبَديٍّ، مع أن له عُمُرا قصيرا جدا؟. لأن الكفرَ جريمةٌ كبرى، وجنايةٌ لا حدودَ لها؛ حيثُ إنه يهبطُ بقيمةِ الكائِناتِ ودرجَتِها -التي تُوازِي قيمةَ مكاتيبَ صَمدانِيّةٍ ودَرجتَها- إلى هاوية العبث، ويوهمُ عدمَ وجودِ الغاية من إيجادِها.. وإنَّه تحقيٌر بيِّنٌ للكائنات كلِّها وإنكارٌ لما يُشاهَد من أنوار الأسماء الحُسنَى كلِّها، وإنكارُ آثارِها في هذه الموجودات، ومن ثَمَّ فإنه تكذيبُ ما لا يُحصَى من الأدلَّة الدَّالةِ على حقَّانيَّةِ وصدقِ الحقِّ سبحانَه وتعالى، وكلُّ هذا جنايةٌ لا حدودَ لها، والجِنايَةُ التي لا حُدودَ لها توجِبُ عذابا غيرَ مُحدَّدٍ بحدُود.

    الإشارة الرابعة

    لقد رأينا في الحكاية بِصُوَرِها الاثنَتيْ عشْرةَ: أنه لا يمكنُ بوجه من الوجوه أن تكونَ لسلطانٍ عظيم مملكةٌ مؤقَّتة -كأنها دارُ ضيافَة- ثم لا تكونَ له مملكةٌ أُخرَى دائمةٌ مستقِرَّة، ولائقةٌ لأُبَّهتِه وعظمتِه ومقامِ سلطنتِه السّامية؛ كذلك لا يمكنُ بوجه من الوجوه أنْ لا يُنشِئَ الخالقُ الباقي سبحانَه عالمًَا باقيا بعد أنْ أوجدَ هذا العالَمَ الفانِي.

    ولا يُمكِن أيضا أن يخلقَ الصانِعُ السَّرمدِيُّ هذه الكائناتِ البديعةَ الزائلةَ، ولا يُنشِئَ كائناتٍ أخرى دائمةً مُستقِرَّة. ولا يمكن أيضا أن يخلقَ الفاطرُ الحكِيمُ القَديرُ الرَّحيمُ هذا العالَمَ الذي هو بحكم المعرِضِ العامّ وميدانِ الامتحان والمزرَعةِ الوقتيّةِ ثم لا يخلُقَ الدَّارَ الآخِرةَ التي تكشفُ عن غاياتِه وتظهرُ أهدافَه!

    إن هذه الحقيقةَ يتم الدُّخولُ فيها من «اثْنيْ عشرَ بابًا»، وتُفتَحُ تلكَ الأبوابُ بـ«اثنتيْ عشْرةَ حقيقةً»، نبدأ بأقصرها وأبسطها.

    الحقيقة الأولى

    بابُ الرُّبوبيةِ والسّلطنةِ وهو تجلي اسمِ «الرَّب»

    أمِنَ الممكن لمَن له شأنُ الربوبيةِ وسلطنةُ الألوهيّةِ، فأوجدَ كونا بديعا كهذا الكون؛ لغاياتٍ ساميةٍ ولمقاصدَ جليلةٍ، إظهارا لكماله، ثم لا يكونُ لديهِ ثوابٌ للمؤمنين الذين قابَلوا تلك الغاياتِ والمقاصدَ بالإيمان والعبودية، ولا عِقابٌ لأهلِ الضلالةِ الذين قابلوا تلك المقاصدَ بالرفض والاستخفاف؟!

    الحقيقة الثانية

    بابُ الكرمِ والرحمةِ وهو تجلِّي اسمِ «الكريم والرَّحيم»

    أمِنَ الممكن لربِّ هذا العالم ومالِكِه الذي أظهر بآثاره كرما بلا نهايةٍ، ورحمةً بلا نهاية، وعزةً بلا نهاية، وغَيرةً بلا نهاية، أن لا يُقدِّر للمحسنينَ مثوبةً تليقُ بكرمه ورحمتِه، ولا يقرِّرَ للمُسيئينَ عُقوبةً تناسِب عزّتَه وغَيرتَه؟..

    فلو أنعمَ الإنسانُ النظرَ في سير الحوادث ابتداءً من أضعفِ كائن حيٍّ وأشدِّه عجزًا([7]) وانتهاءً بأقوى كائنٍ، لَوَجدَ أنّ كلَّ كائنٍ يأتيه رزقُه رَغَدًا من كلِّ مكانٍ، بل يَمنحُ سبحانَه أضعفَهم وأشدَّهم عجزًا ألطفَ الأرزاقِ وأحسنَها، ويُسعِفُ كلَّ مريضٍ بما يُداوِيه.. وهكذا يجدُ كلُّ ذي حاجةٍ حاجتَه من حيثُ لا يَحتسِبُ.. فهذه الضِّيافةُ الفاخرةُ الكريمةُ، والإغداقُ المستمِرُّ، والكرمُ السامِي، تدلُّنا بداهةً، أنَّ يدا كريمةً خالدةً هي التي تَعمَلُ وتُديرُ الأمورَ.

    فمثلا: إنَّ إكساءَ الأشجارِ جميعا بحُللٍ خُضْرٍ شبيهةٍ بالسُّندُسِ -كأنها حورُ الجنَّة- وتزيينَها بمرصَّعاتِ الأزهارِ الجميلة والثِّمارِ اللطيفة، وتسخيرَها لخِدمتِنا بإنتاجِها ألطفَ الأثمارِ المتنوِّعَةِ وألذَّها في نهايات أغصانِها التي هي أيديها اللطيفةُ.. وتمكِينَنا من جَنْيِ العسل اللذيذ -الذي فيه شفاءٌ للناس- من حشَرة سامة.. وإلباسَنا أجملَ ثيابٍ وأليَنَها مما تَحُوكُه حشرةٌ بلا يَدٍ.. وادِّخارَ خَزينةِ رحمةٍ عظيمة لنا في بذرة صغيرة جدا.. كلُّ ذلك يُرينا بداهةً كرما في غاية الجمال، ورحمةً في غاية اللُّطف.

    وكذا، إنَّ سَعيَ جميعِ المخلوقاتِ، صَغيرِها وكبيرِها -عَدا الإنسانَ والوحوشَ الكاسِرةَ- لإنجاز وظائفِها بانتظام تام ودقةٍ كاملة، ابتداءً من الشمسِ والقمرِ والأرضِ إلى أصْغرِ مخلوقٍ، بشكلٍ لا يتجاوزُ أحدٌ حدَّه قَيْدَ أُنمُلَة، ضمنَ الطاعةِ التامّة والانقيادِ الكامِلِ المحفوفَين بهَيبة عظيمة، يُظهِر لنا أن هذه المخلوقاتِ لا تَتحرَّك ولا تسكنُ إلّا بأمر العظيم ذي العزَّةِ والجلال.

    وكذا، إنَّ عِنايةَ الأمهات بأولادِهنَّ الضعافِ العاجزين -سواءٌ في النباتِ أوِ الحيوان أوِ البَشر- عنايةً ملؤُها الرّأفةُ والرّحمةُ،([8]) وتَغذيَتَها بالغذاء اللطيف السائغ من اللبن، تُريك عظمةَ التّجَلِّياتِ، وسعةَ الرحمةِ المطلقة.

    فما دام ربُّ هذا العالم ومدبِّرُه له هذا الكرمُ الواسِعُ، وهذه الرّحمةُ التي لا منتهَى لها، وله الجلالُ والعِزةُ المطلقان، وأن العِزّةَ والجلالَ المطلقَين يقتضيان تأديب المستخِفِّين، والكرمَ الواسعَ المطلق يَتطلَّبُ إكراما غَيرَ متناه، والرّحمةَ التي وَسِعت كلَّ شيء تَستدعِي إحسانا يليقُ بها، بينما لا يتحقَّقُ من كل ذلك في هذه الدُّنيا الفانيةِ والعمُرِ القصيرِ إلّا جزءٌ ضئيلٌ جدا هو كقَطرةٍ من بحر. فلابد أن تكونَ هناك دارُ سَعادةٍ تليقُ بذلك الكرمِ العميم، وتَنسجِمُ مع تلك الرحمةِ الواسعة.. وإلّا يَلزَمُ جُحودُ هذه الرحمةِ المشهودةِ، بما هو كإنكار وجود الشمس التي يملأُ نورُها النهارَ، لأن الزوالَ الذي لا رَجعةَ بعده يستلزِمُ انتفاءَ حقيقةِ الرّحمةِ من الوجود، بتبديلِه الشفقةَ مصيبةً، والمحبةَ حُرقةً، والنِّعمةَ نِقمةً واللذةَ ألما، والعقلَ المحمودَ عضوا مشؤوما.

    وعليه فَلابدَّ من دار جزاءٍ تناسبُ ذلك الجلالَ والعزّةَ وتنسجمُ معها، لأنه غالبا ما يظلُّ الظالمُ في عزتِه، والمظلومُ في ذِلته وخُنوعِه، ثم يَرحَلان على حالهما بلا عقاب ولا ثواب. فالأمرُ إذن ليس إهمالا قط، وإن أُمهِلَت إلى محكمة كبرى، فالقضية لم تُهمل ولن تُهمل، بل قد تُعَجّلُ العقوبةُ في الدنيا؛ فإنزالُ العذابِ في القُرونِ الغابرةِ بأقوام عصت وتمرَّدت يبين لنا أن الإنسانَ ليس متروكا زِمامُه، يسرح وَفقَ ما يُملِي عليه هواه، بل هو مُعرَّض دائما لصفعات ذي العزة والجلال.

    نعم، إن هذا الإنسانَ الذي أُنيطَ به -من بين جميع المخلوقات- مهامُّ عَظيمةٌ، وزُوِّدَ باستعداداتٍ فِطريةٍ كاملة، إن لم يَعرِف ربَّه «بالإيمان» بعد أنْ عرَّف سبحانه نفسَه إليه بمخلوقاته البديعةِ المنتظَمة.. وإن لم يُـحبِّب نفسَه إليه بـ«العبادة» بعد أن حبَّبَ سبحانَه نَفسَهُ إليه بما خلقَ له من الثمار المتنوِّعةِ الجميلةِ الدالةِ على رحمتِه الواسعة.. وإن لم يقم بالتوقير والإجلال اللائقَين به «بالشكر والحمد» بعد أن أظهرَ سبحانَه محبَّته له ورحمتَه عليه بنعمه الكثيرة.. نعم، إن لم يَعرِف هذا الإنسانُ ربَّه هكذا، فكيف يُترَك سدًى دونَ جزاء، ودون أن يُعِدَّ له ذو العزةِ والجلالِ دارًا للعقاب؟

    وهل من الممكن أن لا يَمنحَ ذلك الربُّ الرحيم دارَ ثوابٍ وسعادةٍ أبدية، لأولئك المؤمنِين الذين قابلوا تعريفَ ذاتِه سبحانَه لهم بمعرفتِهم إيّاهُ بـ«الإيمان»، وقابلوا تَحبِيبَ نفسِه إليهم بحبِّه والتحبُّبِ له بـ «العبادة»، وقابلوا رحمتَه لهم بإجلالِه وتوقيرِه بـ«الشكر»؟

    الحقيقة الثالثة

    بابُ الحكمةِ والعدالة وهو تَجلِّي اسمِ «الحكيم والعادل»

    أمن الممكن ([9]) لخالقٍ ذي جـلال أظهرَ سُلطانَ رُبوبِيَّتِه بتدبير قانونِ الوجود ابتداءً من الذرات وانتهاءً بالمجرَّات، بغاية الحكمة والنِّـظام وبمنتهَى العدالة والميزان.. أن لا يُعامِل بالإحسان من احتَمَوْا بتلك الربوبية وانقادوا لتلك الحكمة والعدالة، وأن لا يُجازِيَ أولئك الذين عصَوا بكفرهم وطغيانِهم تلك الحكمةَ والعدالة؟!.

    بينما الإنسانُ لا يَلقى ما يستحِقُّه من الثواب أوِ العقاب في هذه الحياة الفانية على وجهٍ يليقُ بتلكَ الحكمةِ وتلك العدالةِ إلّا نادرا، بل يُؤخَّرُ، إذ يَرحَل أغلبُ أهلِ الضلالة دون أن يَلقَوْا عقابهم، ويَذهَب أكثرُ أهل الهداية دونَ أن ينالوا ثوابَهم.. فلابد أن تُناطَ القضيةُ بمحكمة كبرى، وبلقاءٍ آيِلٍ إلى سَعادةٍ عظمى.

    نعم، إنه لَواضِحٌ أن الذي يَتصرَّفُ في هذا الكون، إنما يتصرفُ فيه بحكمةٍ مطلقة، أتطلبُ برهانا على هذا؟ فانظر إلى رعايتِه سبحانَه للمصالح والفوائِدِ في كل شيء.. ألا تَرى أن أعضاءَ الإنسانِ جميعا وعظامَه وعروقَه، وحتى خَلاياه الجِسميَّةَ وكلَّ جزءٍ منه ومكان، قد رُوعِيت فيه فوائدُ وحِكمٌ شتَّى، بل إن في عضوٍ من أعضاء جِسمِه من الفوائدِ والأسرار بقَدْرِ ما تُنتِجُه الشجرةُ الواحدةُ من الثمار، مما يدل على أنَّ يدَ حِكمةٍ مطلقة تُديرُ الأمورَ؛ فضلا عن التناسُقِ البديعِ في صنعةِ كلِّ شيءٍ والانتظامِ الكامِلِ فيها، اللذَينِ يَدُلَّانِ على أنّ الأُمورَ تُؤدَّى بحكمةٍ مطلقةٍ.

    نعم، إن تَضمِين الخُطَّةِ الدقيقةِ لزهرةٍ جميلة في بُذيرتِها الصغيرةِ، وكتابةَ صحيفةِ أعمالِ شجرةٍ ضَخمةٍ وتاريخِ حياتِها وفهرِسِ أجهزتها، في نُوَيَّتِها بقلمِ القَدَرِ المعنويِّ.. يرينا بوضوح أن قلمَ حكمةٍ مطلقة هو الذي يَتصرَّف في الأمر.. وكذا، وجـودُ روعةِ صنعةٍ وإبداعٍ في منتهى الدرجة، في خِلقة كل شيء، يُظهرُ أن صانعا حكيما مطلقا هو صاحبُ هذا الإبداعِ وهذه النقوش.

    نعم، إن إدراجَ فِهرِسِ الكائنات جميعا، ومَفاتيحِ خزائن الرحمة كافةً، ومرايا الأسماء الحسنى كلِّها، في هذا الجسم الصَّغير للإنسان، لَمِمَّا يدُلُّ على الحكمةِ البليغةِ في الصّنعَةِ البديعةِ..

    فهل منَ الممكِن لمثلِ هذه الحكمةِ المُهَيمِنةِ على مثل هذه الإجراءاتِ والشّؤونِ الرّبانيّةِ أن لا تُحسِنَ معاملةَ أولئك الذين استظلُّوا بظلِّها وانقَادُوا لها بالإيمانِ، وأن لا تُثِيبَهم إثابةً أَبدِيّةً خالِدةً؟!

    وهل تريدُ برهانًا على إنجازِ الأعْمالِ بالعَدْلِ والميزانِ؟ إنَّ منحَ كلِّ شيء وجودا بموازينَ حسّاسةٍ، وبمقاييسَ خاصةٍ، وإلباسَه صورةً معينة، ووضعَه في موضع ملائم.. يُبيِّن بوضوح أن الأمورَ تسير وَفقَ عدالةٍ وميزان مطلقَين.

    وكذا، إعطاءُ كلِّ ذي حقٍّ حقَّه وَفق استعدادِه ومواهبِه، أي إعطاءُ كلِّ ما يلزمُ، وما هو ضَرورِيٌّ لوجوده، وتوفيرُ جميعِ ما يحتاجُ لبقائِه في أفضل وضع، يدلُّ على أنّ يدَ عدالة مطلقة هي التي تُسيِّر الأمور.

    وكذا، الاستِجابةُ المستمِرَّةُ والدائمة لما يُسأل بلسان الاستعدادِ أوِ الحاجةِ الفطرية، أو بلسان الاضطرار، تُظهرُ أنّ عدالةً مطلقة، وحكمةً مطلقة هما اللتان تُجرِيان عَجَلةَ الوجود.

    فالآن، هل من الممكن أن تُهمِلَ هذه العَدالَةُ وهذه الحكمةُ تلك الحاجةَ العُظمَى، حاجةَ البقاءِ لأسمَى مخلوقٍ وهو الإنسانُ؟ في حينِ أنهما تَستجِيبان لأدنى حاجةٍ لأضعف مخلوق؟ فهل من الممكن أن ترُدّا أهمَّ ما يرجوهُ الإنسانُ وأعظمَ ما يتمناه، وألّا تصونا حِشمةَ الربوبية وتتخلَّفا عن الإجابة لحقوق العباد؟!

    غيرَ أنَّ الإنسانَ الذي يقضي حياةً قصيرةً في هذه الدنيا الفانية، لا ينالُ ولا يُمكِنُه أن ينالَ حقيقةَ هذه العدالة، وإنما تُؤخَّر إلى محكمة كبرى، حيثُ تقتضي العدالةُ الحقّةُ أن يُلاقيَ هذا الإنسانُ الصغيرُ ثوابَه وعقابَه لا على أساس صِغره، بل على أساس ضخامة جنايته، وعلى أساس أهمية ماهِيتَّه، وعلى أساس عَظمةِ مُهمَّتِه..

    وحيثُ إنّ هذه الدنيا العابرةَ بعيدةٌ كلَّ البعد عن أن تكونَ محلا لمثل هذه العدالةِ والحكمة بما يخصُّ هذا الإنسانَ المخلوقَ لحياة أبديّة فلابد من جَنةٍ أبدية، ومن جهنمَ دائمةٍ للعادلِ الجليل ذي الجمالِ وللحَكيم الجمِيل ذي الجلال.

    الحقيقة الرابعة

    بابُ الجودِ والجمال وهو تجلِّي اسمِ «الجوادِ» و«الجميلِ»

    أمن الممكن لجودٍ وسخاء مُطلقَين، وثروةٍ لا تنضُب، وخزائنَ لا تنفَد، وجمالٍ سرمديٍّ لا مثيل له، وكمالٍ أبديٍّ لا نقصَ فيه، أن لا يطلُب دارَ سعادة ومحلَّ ضيافة، يخلُد فيه المحتاجون للجود، الشاكرون له، والمشتاقون إلى الجمال، المعجبونَ به؟

    إن تَزيِينَ وجهِ العالم بهذه المصنوعاتِ الجميلةِ اللطيفة، وجعْلَ الشمسِ سِراجا، والقمرِ نورا، وسَطحِ الأرض مائدةً للنعم، وملْأَها بألذِّ الأطعمة الشهية المتنوعة، وجعْلَ الأشجارِ أوانيَ وصِحافا تتجدَّدُ مرارا كلَّ موسم.. كلُّ ذلك يُظهر سَخاءً وَجُودا لا حدَّ لهما؛

    فلا بدَّ أن يكونَ لمثل هذا الجودِ والسخاء المطلقَين، ولمثل هذه الخزائن التي لا تنفَد، ولمثل هذه الرحمة التي وسِعَت كلَّ شيء، دارَ ضيافة دائمة، ومحلَّ سعادةٍ خالدة يحوي ما تشتهيه الأنفسُ وتلذُّ الأعينُ وتستدعي قطعا أن يُخلَّد المتلذِّذون في تلك الدار، ويظلُّوا ملازمِين لتلك السعادة ليَبتعِدوا عن الزوال والفراق، إذْ كما أنَّ زوالَ الألم لذةٌ فزوالُ اللذةِ ألمٌ كذلك، فمثلُ هذا السخاء يَأبَى الإِيذاءَ قطعا.

    أي إن الأمرَ يقتضي وجودَ جنةٍ أبدية، وخُلودَ المحتاجين فيها؛ لأن الجودَ والسَّخاء المطلَقَين يتطلبان إحسانا وإنعاما مطلَقَين، والإحسانَ والإنعامَ غيرَ المتناهيَين يَتطلَّبان تَنعُّما وامتنانا غيرَ مُتناهِيّيْن، وهذا يقتضي خلودَ مَن يَستحِقُّ الإحسان، كي يُظهِر شكرَه وامتنانَه بتنعُّمه الدائم إزاء ذلك الإنعامِ الدائِم.. وإلّا فاللذةُ اليَسيرَة التي يُنغِّصُها الزوالُ والفِراق في هذه الفترة الوجيزة لا يُمكِن أن تَنسجِم ومُقتضَى هذا الجودِ والسخاء.

    ثم انظر إلى مَعارِض أقطار العالم التي هي مَشهَدٌ من مشاهِد الصنعة الإلهية، وتدبَّر في ما تَحمِله النباتاتُ والحيواناتُ على وجه الأرض من إعلاناتٍ ربانية([10]) وأنصِت إلى الداعين الأدلّاءِ إلى محاسن الربوبية وهم الأنبياءُ عليهم السلام والأولياءُ الصالحون، ﻛﻴﻒ ﺃﻧَّﻬﻢ يُظهِرونَ و يُبيِّنونَ مُتَّفقينَ كمالاتِ الصانعِ ذي الجلالِ التي لا نقصَ فيها ﺑﺘﺸﻬِﻴﺮِﻫﻢ ﺻﻨﻌﺘَﻪ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔَ ﻭﻳُﻠﻔِﺘﻮﻥَ الأنظارَ ﺇﻟﻴﻬﺎ.

    إذن، فلِصانِعِ هذا العالم كمالٌ فائـقٌ عظِيمٌ مُثيرٌ للإعجابِ، خَفيٌّ مُـستَتِرٌ، فهو يُريدُ إظهارَه بهذه المصنوعات البديعة، لأنَّ الكمالَ الخفيّ الذي لا نقص فيه يتطلَّبُ الإعلانَ عنه على رؤوسِ أشهادٍ مُقدِّرِين مُستَحسِنين مُعجَبِين به؛ وأنَّ الكمالَ الدائمَ يقتضِي ظهورا دائما، وهذا بِدَورِه يَستَدعِي دوامَ المستحسِنين المعجَبين، إذ المُعجَب الذي لا يَدومُ بقاؤُه تَسقُطُ في نظرِه قِيمةُ الكمالِ.([11])

    ثم إنَّ هذه الموجوداتِ العجِيبةَ البدِيعَةَ الدَّقيقةَ الرائِعةَ المنتَشِرةَ في هذا الكَونِ تَدلُّ بوضوح -كدَلالةِ ضَوءِ النهار على وُجودِ الشمسِ- على مَحاسنِ الجمال المعنويِّ الذي لا مَثيل له، وتُريكَ كذلك لطائفَ الحُسنِ الخفيِّ الذي لا نظير له؛([12]) وإنَّ تَجلِّي ذلك الحُسنِ الباهر المُنزَّه، وذلك الجمالِ الزاهر المقدَّس يشيرُ إلى كنوزٍ كثيرة خفية موجودةٍ في الأسماء الحسنى، بل في كل اسم منها.

    ومثلما يَطلُبُ هذا الجَمالُ الخفيُّ السامي الذي لا مثيلَ له، أن يَرى محاسنَه في مِرآةٍ عاكسَةٍ ويَشهَدَ درجاتِ حُسنِه ومقاييسَ جماله في مرآة ذاتِ مَشاعرَ وأشواقٍ إليه، فإنه يريد الظهورَ والتجلي ليَرَى جمالَه المحبوبَ أيضا بأنظار الآخرين..

    أي أنْ يَنظُر إلى جماله من جهتين: الأولى: مُشاهَدةُ الجمالِ بالذّاتِ في المرايا المختلفةِ المتعدِّدة الألوان. والأخرى: مُشاهدةُ الجمالِ بنظر المشاهِدِين المشتاقِين المعجَبِين المستحسِنِين.

    أي إنَّ الجمالَ والحسنَ يقتضيان الشُّهودَ والإشهادَ «الرُّؤيةَ والإراءَةَ» وهذا الشهودُ والإشهادُ يستلزمان وجودَ المشاهدِين المشتاقِين والمستحسنِين المعجَبِين..

    ولما كان الجمالُ والحسنُ خالِدَين سرمديَّين فإنهما يقتضيان خُلودَ المشتاقِين وديمومَتَهم، لأن الجمالَ الدائمَ لا يرضى بالمشتاق الزائل الآفل، فالمُشاهِدُ الذي يَشعُرُ بالزوال -وقُضِيَ عليه بعدم العَودَة إلى الحياة- تتحوَّلُ بمجرَّد تصوُّرِه الزوالَ مَحبّتُه عداءً، وإعجابُه استخفافا، واحترامُه إهانةً، لأن الإنسانَ الأنانيّ مثلما يعادي ما يجهَلُه، يعادي ما لا تصل إليه يدُه أيضا، فيُضمِر عداءً وحِقدا وإنكارا لذلك الجمال الذي ينبغي أن يقابَل بما يستحقُّه من مَحبّة بلا نهاية وشوقٍ بلا غايةٍ وإعجابٍ بلا حدّ.. ومن هذا يُفهَمُ سرُّ كونِ الكافر عَدُوا لله سبحانه وتعالى.

    ولما كان ذلك الجُودُ في العطاءِ غيرِ المحدود، وذلك الحُسنُ في الجمال الذي لا مثيلَ له، وذلك الكمالُ الذي لا نقصَ فيه.. يقتضي خلودَ الشاكرِين، وبقاءَ المشتاقِين المستَحسنِين، ونحنُ نُشاهِد رحلةَ كلِّ شخص واختفاءَه بسرعة في دار ضيافةِ الدنيا هذه، دونَ أن يَستمتِع بإحسان ذلك السخاء إلّا نَزرا يسيرا بما يفتح شَهِيَّتَه فقط، ودون أن يرى من نور ذلك الجمالِ والكمالِ إلَّا لمحةً خاطفة..

    إذن الرِّحلةُ منطلقةٌ نحوَ متنزهاتٍ خالدةٍ ومَشاهدَ أبديّة.

    الخلاصة: مثلما أنَّ هذا العالمَ يدلُّ بموجوداتِه دلالةً قاطِعةً يقينا على صانعِه الكريم ذي الجلال، فَصِفاتُه المقدَّسةُ سبحانَه وأسماؤُه الحسنى تدلُّ كذلك على الدّارِ الآخرةِ بلا ريب وتظهرُها، بل تَقتضِيها.

    الحقيقة الخامسة

    بابُ الشفقةِ وعُبوديّةِ محمدٍ ﷺ

    وهو تجلي اسمِ «المجيب» و«الرحيم»

    أمن الممكن لربٍّ ذي رحمةٍ واسعة وشفقةٍ غَيرِ متناهية يُبصِر أخفَى حاجةٍ لأدنى مخلوق، ويُسعِفُه من حيثُ لا يَحتسِبُ برأفةٍ غيرِ متناهيةٍ ورحمةٍ سابغة، ويَسمعُ أخْفَت صوت لأخفَى مخلوق فيُغيثُه، ويُجيبُ كلَّ داعٍ بلسان الحال والمقال، أمن الممكن ألّا يَقضِيَ هذا الربُّ المجيبُ الرَّحيم أهمَّ حاجةٍ لأعظمِ عباده([13]) وأَحَبِّ خلقِه إليه، ولا يُسعفَه بما يرجوهُ منه؟!

    فحُسنُ تربيَّةِ صغارِ الحيواناتِ وضِعافِها، وإعاشتُها بسهولةٍ ولُطفٍ ظاهِرِيَّيْنِ تُريانِنا أن مالكَ هذه الكائنات يُسيِّرُها بربوبية لا حدَّ لرحمتِها؛ فهل يُعقَلُ لهذه الربوبيَّةِ المُـتَّـصِفةِ بكمال الشفقةِ والرأفةِ ألّا تَستجيبَ لأجمل دعاءٍ لأفضلِ مَخلوق؟! وكما بَيَّنتُ هذه الحقيقةَ في «الكلمة التاسعة عشرة» أُعيدُ بيانَها هنا:فيا صَديقي الذي يَسمعُني مع نفسي.. لقد ذَكرْنا في الحكايةِ التَّمثيليةِ: أنَّ هناكَ اجتماعا في جَزيرةٍ، وأنَّ مبعوثا كريما يرتَجِلُ خُطبةً، فالحقيقةُ التي يشير ذلك إليها، هي ما يأتي:

    تعال لِنتَجرَّدْ من هذا الزمان، ولْنَذهَبْ بأفكارنا إلى عصرِ النُّبوَّةِ، وبخيالنا إلى تلك الجزيرةِ العربيَّةِ كيْ نَحظَى بزيارتِه ﷺ، وهو يُزاولُ وظيفتَه بكامل عُبوديَّتِه.. انظر.. كما أنَّه سَببُ السعادةِ بما أَتَى به من رسالةٍ وهِدايَة، فإنه ﷺ هو الدَّاعِي لإيجادِ تلكَ السعادةِ وخَلقِ الجنّةِ بدُعائِه وبعُبودِيَّتِه.

    انظر إلى هذا النَّبيِّ الكريمِ.. إلامَ يدعُو؟ إنه يَدعُو إلى السعادةِ الأبديَّةِ في صَلاةٍ كُبرَى شامِلة، وفي عبادةٍ رفيعةٍ مُستَغرِقَةٍ، حتى إنَّ الجزيرةَ العربيةَ، بل الأرضَ برُمَّتِها، كأنها تُصَلِّي مع صلاتِه، وتَبتَهِلُ إلى الله بابْتِهالِه الجميلِ، ذلك لأن عُبوديتَه ﷺ تتَضمَّنُ عبوديةَ جميعِ أُمَّتِه الذين اتَّبعوهُ، كما تتضَمَّنُ -بسر الموافقَةِ في الأصول- سرَّ العبوديةِ لجميع الأنبياءِ عليهم السلام؛

    فهو يَؤُمُّ صلاةً كُبرَى أيَّما صلاةٍ! ويَتضرَّعُ بدعاءٍ -ويا له من تضرُّعٍ رَقيقٍ- في خُلُقٍ عظيمٍ، كأن الذين تنوَّروا بنور الإيمان -من لدُن آدمَ عليه السلام إلى الآنَ وإلى يومِ القيامة- اقتدوا به، وأمَّنوا على دُعائِه.([14])

    انظر! كيفَ يَدعُو اللهَ لحاجةٍ عامةٍ كحاجةِ البقاءِ والخلود! هذه الدعوةَ التي لا يَشترِكُ فيها معَه أهلُ الأرضِ وحدَهُم، بَلْ أهلُ السماواتِ أيضا، لا بَلِ المَوجوداتُ كافةً.. فتقولُ بلسانِ الحالِ: «آمينَ اللَّهُمَّ آمين استَجبْ يا ربَّنا دعاءَه، فنحنُ نتوسَّل بك ونتضرَّعُ إليكَ مثلَه». ثم انظر! إنه يَسألُ تلكَ السعادةَ والخلودَ بكلِّ رِقةٍ وحُزنٍ، وبكلِّ حُبٍّ ووُدٍّ، وبكلِّ شوقٍ وإلحاحٍ، وبكل تَضرعٍ ورَجاءٍ، يُحزِنُ الكونَ جميعا ويُبكِيه فيُسهِمُه في الدعاء.

    ثم انظر وتأمَّل.. إنه يدعو طالبا السعادةَ لقَصدٍ عظيمٍ، ولغايةٍ ساميةٍ.. يطلُبُها ليُنقِذَ الإنسانَ والمخلوقاتِ جميعا من التَّردِي إلى هاويةِ أسفلِ سافلِين، وهو الفناءُ المُطلقُ والضَّياعُ والعبثُ؛ ويَرفَعَه إلى أعلى عِلِّيينَ، وهو الرِّفعةُ والبقاءُ وتقلُّدُ الواجباتِ وتَسلُّمُ المسؤولياتِ، ليكونَ أهلا لها ويرقَى إلى مرتبةِ مكاتيبَ صمَدانيَّةٍ.

    انظُر.. كيف أنه يطلبُ الإعانةَ مُستغِيثا ببُكاءٍ، مُتضرِّعا راجِيا من الأعماقِ، مُتوسِّلا بإلحاح.. حتى كأنَّه يُسمِعُ الموجوداتِ جميعا، بلِ السماواتِ، بلِ العرشَ، فَيهزُّهُم وجدًا وشوقا إلى دعائه ويجعَلُهُم يُردِّدونَ: آمينَ.. اللَّهمَّ آمِين.([15])

    وانظر.. إنه يسألُ السعادةَ والبقاءَ الأبديَّ، ويرجوهُما من قديرٍ سَميع كَرِيم، ومن عليمٍ بَصيرٍ رحِيمٍ يَرى ويَسمَعُ أَخفَى حاجةٍ لأضعفِ مخلوق فيَتدارَكُه برحمتِه، ويَستجِيبُ له، حتى إن كانَ دعاءً بلسانِ الحال. نعم، إنه يستجيبُ لهُ ببصيرةٍ ورحمةٍ ويُغيثُه بحكمةٍ، مما يَنفِي أيةَ شُبهةٍ بأن تلك الرعايةَ الفائقةَ ليستْ إلّا من لَدُن سميعٍ بَصيرٍ، وأن ذلك التَّدبيرَ الدقيقَ ليس إلّا مِن عندِ كريمٍ رَحِيم.

    نعم، إن الذي يقودُ جَميعَ بَنِي آدمَ على هذه الأرض متوجِّها إلى العرشِ الأعظَمِ، رافعا يَديْهِ، داعيا بدعاءٍ شامِلٍ بحقِيقةِ العُبودِيةِ الأحْمديَّةِ التي هي خُلاصةُ عبوديَّةِ البشرِيّةِ.. تُرى ماذا يُريدُ؟ ماذا يُرِيدُ شَرفُ الإنسانِيَّةِ، وفَخْرُ الكائناتِ، وفَرِيدُ الأزمانِ والأكوَانِ؟! لنُنصِتْ إليه.. إنَّه يسألُ السَّعادةَ الأبدِيّةَ لنفسِه ولأمَّتِه، إنه يسألُ الخلودَ في دارِ البقاءِ، إنه يَسألُ الجنَّةَ ونَعيمَها.. نعم، يَسألهُا ويَرجُوها مع تلك الأسماءِ الإلهيّةِ المتجَلِّيةِ بجمالِها في مرآةِ الموجوداتِ.. إنه يَستشفِعُ بتلكَ الأسماءِ الحسنَى كما تَرى.

    أَرأيتَ إن لم يكن شيءٌ من أَسبابٍ موجبةٍ لا تُعدُّ ولا تُحصَى للآخرةِ ولا شيءٌ من دلائلِ وجودِها، أليسَ دعاءُ هذا النَّبيِّ الكريمِ ﷺ وَحدَه سببا كافِيا لإيجادِ الجنَّة([16]) التي هِي سهلةٌ على قُدرةِ خالقِنا الرحيمِ، كسُهولَةِ إعادةِ الحياةِ إلى الأرض في أيّامِ الربيع؟

    نعم، إن الذي جعلَ سَطحَ الأرضِ في الربيع مِثالا للحشرِ، فأوجدَ فيه مِئةَ ألف نَمُوذَجٍ من نماذِجِه بقدرتِه المطلقةِ، كيف يَصعُبُ عليه إيجادُ الجنة؟.. إذن فكما كانت رسالتُه ﷺ سَببا لإيجاد دارِ الامتحانِ هذه، وصَارتْ بيانا وإيضاحا لسِرِّ «لَوْلَاك لَوْلَاكَ لَمَا خَلَقْتُ الأفْلَاكَ»([17]) فإن عُبودِيتَه كذلك أصبحت سَببا لخلقِ تلك الدارِ السَّعيدةِ الأَبديَّة.

    فهل من الممكن يا تُرَى لاِنتِظامِ العالَمِ البَديعِ الذي حَيَّرَ العقولَ، والصَّنعةِ المُتقنَةِ وجَمالِ الربوبيةِ الشامِلةِ في إِطارِ الرحمةِ الواسِعةِ، أنْ يَقبلَ قُبحا فظيعا وظُلما شنِيعا وفوضَى ضاربةً أطنابَها، بعدمِ استجابَة ذلك الدعاءِ أي أن لا يُراعِيَ ولا يسمعَ ولا يُنجِزَ أكثرَ الرغباتِ أهمّيةً، وأشدَّها ضرورةً في حينِ أنه يُراعِي باهتمام بالغ أبسطَ الرغباتِ وأصْغرَها، ويَسمعُ أخْفتَ الأصواتِ وأدقَّها ويقضِي لكلِّ ذي حاجةٍ حاجتَه! كلّا ثُمَّ كلّا أَلفُ أَلفِ مَرة، إن مثلَ هذا الجمالِ يَأبَى التَّشوُّهَ ولنْ يكونَ قَبيحًا؛([18])

    فالرسولُ ﷺ إذن يَفتَحُ بعبوديّتِه بابَ الآخِرةِ مثلما فَتحَ برسالتِه بابَ الدنيا.

    عَلَيْهِ صَلَوَاتُ الرَّحْمٰنِ مِلْءَ الدُّنْيَا وَدَارِ الْجِنَانِ

    اَللّٰهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلٰى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ذٰلِكَ الْحَبِيبِ الَّذِي هُوَ سَيِّدُ الْكَوْنَيْنِ وَفَخْرُ الْعَالَمَيْنِ وَحَيَاةُ الدّٰارَيْنِ

    وَوَسِيلَةُ السَّعَادَتَيْنِ وَذُو الْجَنَاحَيْنِ وَرَسُولُ الثَّقَلَيْنِ وَعَلٰى آلِهِ وَصَحْبِهِ اَجْمَعِينَ

    وَعَلٰى اِخْوٰانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ آمِينَ

    الحقيقة السادسة

    بابُ العظمةِ والسرمدِيةِ وهو تجلِّي اسمِ «الجليلِ» و«الباقِي»

    أمن الممكن لربٍّ جليلٍ يُديرُ الموجوداتِ ويسخِّرُها من الشموسِ إلى الأشجارِ وإلى الذَّراتِ، كأنها جنودٌ مُجنَّدةٌ، أن يَقصُرَ نشرَ سلطانِه على مساكينَ فانينَ يقضونَ حياةً مُؤقتةً في دارِ ضيافَةِ الدنيا هذه، ولا يُنشِئَ مقرًّا ساميا سَرمدِيا ومدارَ رُبوبيَّةٍ جليلةٍ باقِيةٍ له؟!

    إن ما نُشاهِدُه في هذا الكونِ من الإجراءاتِ الجليلةِ الضّخمَةِ أمثالَ تَبدُّلِ المواسِمِ.. ومن التصرَّفاتِ العظيمةِ أمثالَ تَسيِيرِ النجومِ.. ومن التسخيراتِ المُدهِشةِ أمثالَ جَعلِ الأرضِ مِهادا والشَّمسِ سِراجا.. ومن التَّحوُّلاتِ الواسعةِ أمثالَ إحياءِ الأرضِ وتَزيِينِها بعدَ جفافِها وموتِها.. لَيُبيِّنُ لنا بجلاءٍ أن وراءَ الحجابِ رُبوبيّةً جليلةً عَظيمةً تَحكُمُ وتُهَيمِنُ بسلطانِها الجليل؛ فسلطنةُ ربوبيةٍ كهذه تَستَدعِي رعايا يَلِيقُون بها، ومظاهرَ تُناسِبُها.

    بينما تَرَى أن مَن لهم أفضلُ المزايا وأجمعُها من الرعايا والعبادِ قد اجتمَعوا مؤقتا مَنهُوكين في مَضِيفِ الدنيا، والمَضيفُ نفسُه يُملأُ ويُفرَغُ يوميا، والرعايا لا يلبثون فيه إلّا بمقدارِ أداءِ تَجربةِ مُهِماتِهم في ميدانِ الاِخْتِبارِ هذا، والميدانُ نفسُه يتبدَّلُ كلَّ ساعةٍ؛ فالرَّعايا يَقِفونَ دقائقَ معدودةً لرُؤيةِ ما في معارضِ سُوقِ العالمِ من نَماذجِ الآلاءِ الثّمينَةِ للخالق ذي الجلال، ومُشاهِدِينَ -لأجل التِّجارةِ- بدائعَ صُنعِه سبحانَه في هذا المعرِضِ الهائِلِ، ومن ثَمَّ يَغِيبونَ، والمَعرِضُ نفسُه يَتبدّلُ ويَتغيَّرُ كلَّ دقيقةٍ! فمَن يَرحلُ فلا عَوْدةَ له، والقابلُ راحلٌ؛

    فهذا الوضعُ يُبَيِّنُ بوضوحٍ وبشكل قاطع أنَّ وراءَ هذا المَضِيفِ الفاني، وخلفَ هذا الميدانِ المتغيِّرِ، وبَعد هذا المعرضِ المتبدِّلِ، قصورا دائمةً تليقُ بالسّلطنةِ السّرمدِيّةِ، ومساكنَ أبديةً ذاتَ جِنانٍ، وخزائنَ مَلْأى بالأصولِ الخالصةِ الراقيةِ للنماذج التي نَراها في الدنيا؛ لذا فالدَّأبُ والسَّعيُ هنا إنما هو لأجل تلك الأصول.. والاستخدامُ هنا لقَبضِ الأجرةِ هناك.. فلكلٍّ حسبَ استعدادِه واجتهادِه سعادةٌ وافِرةٌ إن لم يفقِدها.

    نعم، إنه محالٌ أن تظلَّ مثلُ هذه السلطنةِ السرمديةِ مقصورةً على هؤلاء الفانينَ الأَذِلّاءِ..

    فانظر إلى هذه الحقيقةِ من خلال منظارِ هذا المثال: هب أنَّك تسيرُ في طريق، وتُشاهِدُ أن عليها «فُندُقا فخما» بناهُ ملكٌ عظيمٌ لضيوفِه، وهو يُنفِق مبالغَ طائلةً لتزيينِه وتجميلِه لليلة واحدة كي يُدخِل البهجةَ في قلوب ضيوفِه، ويَعتبرُوا بما يرون؛ بَيد أنَّ أولئكَ الضيوفَ لا يَتفرَّجون إلّا على أقل القليل من تلك التزييناتِ، ولا يَذوقون إلّا أقلَّ القليلِ من تلك النِّعم، حيثُ لا يَلبثونَ إلّا قليلا ومن ثَمَّ يغادرون الفُندُقَ دون أن يَرتَوُوا ويَشبَعُوا، سِوى ما يَلتقِطونَ من صورِ أشياءَ في الفندقِ بما يَملِكون من آلةِ تصويرٍ وكذلك يفعلُ عمالُ صاحبِ الفندقِ وخُدّامُه حيثُ يلتقطون حركاتِ هؤلاء النُّزلاءِ وسَكناتِهم بكل دِقّةٍ وأمانةٍ ويُسجِّلونَها.. فها أنت ذا ترى أنَّ الملكَ يُهدِّمُ يوميا أغلب تلك التزييناتِ النَّفيسَةِ، مُجدِّدا إياها بأخرى جديدةٍ للضيوف الجدُدِ.. أفَبَعد هذا يَبقَى لديك شكٌّ في أنَّ مَن بنى هذا الفندقَ على قارعةِ هذه الطريق يَملِك قصورا دائمةً عاليةً، وله خزائنُ زاخِرةٌ ثمينةٌ لا تنفدُ، وهو ذو سخاءٍ دائمٍ لا ينقطِعُ؛ وأن ما يُبدِيه من الكرم في هذا الفندقِ هو لإثارة شَهيَّةِ ضيوفِه إلى ما عندَه من أشياءَ، ولِتنبِيه رغباتِهم وتحريكِها لما أعدَّ لهم من هدايا؟!

    فإن تأمَّلتَ من خلال هذا المثالِ في أحوال فُندُقِ الدنيا هذه، وأنْعَمتَ النظر فيها بِوعْيٍ تامٍ فستفهَم الأسسَ التِّسعةَ الآتية:

    الأساس الأول: أنك سَتفهمُ أنَّ هذه الدنيا أيضًا كهذا الفُندقِ لَيستْ لذاتِها، فمحالٌ أن تتَّخِذَ لنفسِها بنفسِها هذه الصورةَ والهيئةَ، وإنما هي دارُ ضِيافةٍ تُملأ وتُفرغُ، ومَنزلُ حِلٍّ وتَرحالٍ، أُنشِئَت بحكمةٍ لقافلةِ الموجوداتِ والمخلوقات.

    الأساس الثاني: وستَفهَمُ أن ساكني هذا الفندقِ هم ضُيوفٌ مسافرونَ، وأنَّ ربَّهم الكريمَ يدعوهم إلى دارِ السَّلام.

    الأساس الثالث:  وستفهمُ أنَّ التزييناتِ في هذه الدنيا ليست لأجل التَّلذُّذِ والتّمتُّعِ فحسبُ، إذْ لو أذاقَتْكَ اللذةَ ساعةً، أذاقَتكَ الألمَ بفراقها ساعاتٍ وساعاتٍ، فهي تُذيقُكَ مُثيرةً شهيتَك دون أن تُشبِعك، لقِصَر عمرِها أو لقِصَر عمركَ، إذ لا يكفي للشِّبَع.. إذن فهذه الزِّينَة الغاليةُ الثَّمن ِوالقصيرةُ العمرِ هي للعِبرةِ،([19]) وللشُّكرِ، وللحضِّ على الوصول إلى تَناوُلِ أُصولِها الدائمةِ، ولغاياتٍ أُخرَى سامِيةٍ.

    الأساس الرابع: وستفهمُ أنَّ هذه المزيَّناتِ في الدنيا ([20]) بمثابةِ صُوَرٍ ونماذِجَ للنِّعمِ المدَّخرَة للمؤمنين في الجنة من لَدُنِ الرحمةِ الإلهيةِ.

    الأساس الخامس: وسَتفهَمُ أنَّ هذه المصنوعاتِ الفانيةَ ليستْ للفناءِ، ولم تُخلق لتُشاهَدَ حِينًا ثم تَذْهبَ هَباءً، وإنما اجتَمعَتْ هنا، وأخذتْ مكانَها المطلوبَ لفترةٍ قَصيرةٍ كي تُلتَقَطَ صوَرُها، وتُفهَمَ معانِيَها، وتُدوَّنَ نَتائِجُها، ولِتُنسَجَ لأهل الخلودِ مناظرُ أبديَّةٌ دائِمةٌ ولتكونَ مَدارًا لغاياتٍ أخرى في عالَمِ البَقاءِ.

    والدَّليلُ على أن الأشياءَ لم تُخلقْ للفناءِ بل لِلبَقاءِ، بل إن فناءَها الظاهريَّ ليس إلّا إطلاقًا لسَراحِها بَعدَما أنهت مَهامَّها، هو أن الشيءَ يفنَى من جهةٍ إلّا أنَّه يَبقَى من جهاتٍ كثيرةٍ، فمثلًا:

    تأمَّل في هذه الزَّهرَةِ -وهي كلمةٌ من كلماتِ القُدرَةِ الإلهيةِ- إنها تَنظرُ إلينا مُبتسِمةً لنا لفترةٍ قَصيرةٍ، ثم تَختفِي وراءَ سِتارِ الفَناءِ، فهي كالكلمةِ التي نتَفوَّهُ بها، التي تُودِعُ آلافا من مثيلاتِها في الآذان وتُبقِي مَعانِيها في الأذهانِ بعدَدِ العقولِ المنصِتَةِ لها، وتَمْـضِي بعد أن أدَّت وظِيفَتَها، وهي إفادةُ المعنى؛ فالزهرةُ أيضا تَرحَلُ بعد أن تُودِعَ في ذاكرَةِ كلِّ من شاهَدَها صُورتَها الظاهِرةَ، وبعد أن تُودِعَ في بُذيراتِها ماهِيَّتَها المعنويّةَ، فكأن كلَّ ذاكِرةٍ وكلَّ بِذرةٍ بمثابةِ آلةِ تَصويرٍ لحفظِ جمالِها وصورتِها وزينتِها، ومَـحَلٍّ لإدامَةِ بقائِها.

    فلئن كان هذا المصنوعُ الذي هو في أدنَى مراتبِ الحياةِ يُعامَلُ مثلَ هذه المعاملةِ للبقاءِ، فما بالُكَ بالإنسانِ الذي هو في أسْمَى طبقاتِ الحياةِ، والذي يَملِكُ رُوحا باقيةً، ألا يكونُ مُرتبِطا بالبقاءِ والخلودِ؟ ولئن كانت صورةُ النباتِ المُزهِرِ المُثمِرِ، وقانونُ تركيبِه -الشبيهُ جُزئيا بالرُّوح- باقيةً ومَحفوظةً في بُذيراتِها بكلِّ انتظام، في خِضمِّ التقلُّباتِ الكثيرة، أفَلا يُفهمُ كم تكونُ روحُ الإنْسانِ باقيةً، وكم تكونُ مشدودةً مع الخلود، علما أنَّها قانونٌ أمرِيٌ نُورانيٌّ، ذاتُ شُعورٍ، تملكُ ماهِيةً راقيةً، وذاتُ حياةٍ، وذاتُ خَصائِصَ جامعةٍ شامِلةٍ، وقد أُلبِسَت وُجُودا خارجِيًّا؟!

    الأساس السادس: وستفهم أن الإنسانَ لم يُتركْ حَبلُه على غاربه، ولم يُترك طلِيقا ليرتعَ أينما يُريدُ، بل تُسجَّلُ جميعُ أعمالِه وتُلتقَطُ صوَرُها، وتدوَّنُ جميعُ أفعالِه ليُحاسَبَ عليها.

    الأساس السابع: وسَتفهمُ أن الموت والاندِثارَ الذي يُصيبُ في الخريفِ مَخلوقاتِ الرَّبيعِ والصيفِ الجَميلةَ، ليس فَناءً وإعدامًا، وإنما هو إعفاءٌ من وظائفِها بعد إكمالهِا وإيفائِها، وتَسريحٌ منها،([21]) وهو إفساحُ مَجالٍ وتَخليةُ مكانٍ لما سَيأتي في الربيعِ الجدِيدِ من مخلوقاتٍ جديدة؛ وهو تَهيُّـؤٌ وتَهيِئَةٌ لما سَيحُلُّ من الموجوداتِ المأمورةِ الجديدةِ، وهو تنبيهٌ ربانيٌّ لِذوِي المشاعرِ الذينَ أنسَتْهُم الغفلةُ مَهامَّهُم، ومنَعَهُمُ السُّكْرُ عنِ الشُّكْرِ.

    الأساس الثامن: وستفهمُ أنَّ الصانِعَ السرمديَّ لهذا العالم الفاني له عالمٌ غيرُ هذا، وهو عالمٌ باقٍ خالدٌ، ويُشوِّقُ عبادَه إليه، ويسوقُهم إليه.

    الأساس التاسع: وستفهم أن الرحمنَ الرحيمَ جلَّ جلالُه سوف يُكرِم في ذلك العالم الفسيحِ عبادَه المخلِصِين بما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطرَ على قلب بشر.. آمنا.

    الحقيقة السابعة

    بابُ الحفظِ والحفيظيَّةِ وهو تجلي اسمِ «الحفيظِ» و«الرَّقيبِ»

    أمن الممكن لحفيظ ورقيبٍ يَحفَظُ بانتظام وميزان ما في السماء والأرض، وما في البَرِّ والبحرِ من رَطْبٍ ويابِس، فلا يُغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلّا أحصاها، أن لا يُحافِظَ ولا يُراقبَ أعمالَ الإنسانِ الذي يملك فطرةً سامِيةً، ويَشغَلُ رتبةَ الخلافةِ في الأرض، ويحملُ مهمّةَ الأمانةِ الكبرى؟! فهل يمكن أن لا يحافظَ على أفعاله التي تَمَسُّ الربوبيةَ العامةَ؟ ولا يَفرِزُها بالمُحاسَبة؟ ولا يَزِنَها بميزانِ العدالةِ؟ ولا يُجازِي فاعلَها بما يليقُ به من ثوابٍ وعقاب؟! تعالى الله عن ذلك عُلوًّا كبيرا.

    نعم، إن الذي يُدير أمرَ هذا الكونِ يُحافِظ على كل شيء فيه ضمنَ نظامٍ وميزانٍ، والنِّظامُ والميزانُ هما مَظهرانِ من مظاهرِ العلم والحِكمَة مع الإرادَةِ والقُدرةِ، لأننا نُشاهِد أن أيّ مصنوع كان لم يُخلقْ ولا يُخلقُ إلّا في غايةِ الانتِظامِ والميزانِ، وأن الصُّوَرَ التي يُغيِّرُها طَوالَ حياتِه في انتظام دقيق، كما أن مجموعَها أيضا ضمن نظامٍ مُتقَنٍ مُحكَمٍ؛

    ونرى أيضا أن الحفيظَ ذا الجلالِ يَـحفَظُ صُوَرَ كلِّ شيءٍ حالما يختِم عُمُرَه مع انتهاء وظيفتِه ويرحلُ من عالم الشهادة، يحفَظُها سبحانه في الأذهان التي هي أشبهُ ما تكونُ بالألواح المحفوظةِ([22]) وفي ما يُشبِهُ مرايا مثاليَّةً، فيكتُبُ معظمَ تاريخ حياته في بذوره ويَنقشُه نقشا في ثماره، فيُدِيمُ حياتَه ويحفظُها في مرايا ظاهرةٍ وباطنةٍ.. فذاكرةُ البَشَر، وثَمرُ الشجرِ، ونواةُ الثَّمَر، وبِذرُ الزَّهْرِ.. كلُّ ذلك يُبيِّن عظمةَ إحاطةِ الحفيظيّةِ.

    ألا ترى كيف يُحافَظ على كل شيء مُزهِر ومُثمرٍ في الربيع الشاسِع العظيمِ، وكيف يُحافَظ على جميع صَحائفِ أعمالِه الخاصَّةِ به، وعلى جميع قَوانينِ تركيبِه ونماذِج صُوَرِه، كتابةً في عَددٍ محدود من البُذيراتِ.. حتى إذا ما أقبلَ الربيعُ تُنشَرُ تلك الصحائفُ وَفق حسابٍ دقيق يناسبها، فيُخرِجُ إلى الوجود ربيعًا هائلا في غايةِ الانتظام والحكمَةِ؟ ألا يُبيِّن هذا مدى نُفوذِ الحفظِ والرَّقابَةِ، ومدى قوة إحاطتهِما الشامِلةِ؟

    فلئن كان الحفظُ إلى هذا الحدِّ من الإتقانِ والإحاطةِ فيما لا أهمِّيةَ له وفي أشياءَ مؤقَّتةٍ عاديةٍ، فهل يُعقلُ عدمُ الاحتفاظِ بأعمالِ البشر، التي لها ثمارٌ مهمةٌ في عالَمِ الغيْبِ وعالَمِ الآخرةِ وعالَمِ الأرْواحِ، ولدى الربوبيةِ العامَّةِ؟! فهل يمكن إهمالُها وعدمُ تدوينِها؟ حاشَ لله..

    نعم، يُفهم من تجلي هذه الحفِيظيةِ، وعلى هذه الصُّورةِ الواضحةِ، أن لمالك هذه الموجوداتِ عنايةً بَالِغةً لتَسجيلِ كلِّ شيء وحفظِه، وضَبطِ كلِّ ما يجري في مُلكِه، وله منتهى الرعاية في حاكميَّتِه، ومنتهى العِنايَة في سَلطنة ربوبيتِه، بحيثُ إنه يكتبُ ويَستكتِبُ أدنى حادثةٍ وأهونَ عملٍ مُحتفِظًا بصُوَرِ كلِّ ما يَجرِي في ملكه في مَحافِظَ كثيرةٍ؛

    فهذه المحافظةُ الواسِعةُ الدقيقة تدل على أنه سيُفتَحُ بلا شكٍّ سِجِلٌّ لمحاسبةِ الأعمال، ولا سيَّما لهذا المخلوقِ المكرَّمِ والمعزَّزِ والمفطورِ على مزايا عظيمةٍ، ألا وهو الإنسانُ؛ فلابدَّ أن تدخلَ أعمالُه التي هي عظيمةٌ، وأفعالُه التي هي مُهِمةٌ ضمنَ ميزانٍ حساسٍ ومُحاسبةٍ دقيقةٍ، ولابد أن تُنشرَ صحائفُ أعمالِه.

    فيا تُرى هل يقبلُ عقلٌ أنْ يُتركَ هذا الإنسانُ الذي أصبحَ مكرَّمًا بالخلافةِ والأمانةِ، والذي ارتقَى إلى مرتبةِ القائدِ والشاهِدِ على المخلوقاتِ، بتدخُّلِه في شؤون عِبادةِ أغلبِ المخلوقاتِ وتسبيحاتِها، وبإعلانِه الوحدانيةَ في ميادينِ المخلوقات الكثيرةِ، وشهودِه شؤونَ الربوبيةِ الكليَّةِ.. فهل يمكن أن يُتركَ هذا الإنسانُ، يذهَبُ إلى القبر لينامَ هادئًا دون أن يُنبَّهَ ليُسألَ عنْ كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ من أعمالِه، ودون أن يُساقَ إلى المحشرِ ليُحاكَمَ في المحكمةِ الكُبرى؟ كلّا ثم كلّا!

    وكيف يمكن أن يذهبَ هذا الإنسانُ إلى العدمِ، وكيف يمكن أن يتوارى في التُّرابِ فيَفلِتَ من يَدِ القدير ذي الجلال الذي تَشهَدُ جميعُ الوقائعِ التي هي معجزاتُ قدرتِه في الأزمِنةِ الغابرةِ على قُدرتِه العظيمةِ لما سَيحدُث من المُمكِنات في الأزمنةِ (([23])) الآتِيَة.. تلك القدرةِ التي تُـحدِثُ الشتاءَ والربيعَ الشبيهَين بالقيامةِ والحشر؟

    ولما كان الإنسانُ لا يُحاسَب في هذه الدنيا حسابًا يَستحِقُّه، فلابدَّ أنه سيذهبُ يومًا إلى محكمةٍ كُبرى وسعادةٍ عُظمَى.

    الحقيقة الثامنة

    بابُ الوعدِ والوَعيدِ وهو تجلي اسمِ «الجَميل» و«الجَليل»

    أمن الممكن لمُبدِع هذه الموجوداتِ وهو العليمُ المطلَقُ والقديرُ المطلقُ ألّا يُوفيَ بما أخبرَ به مكرَّرًا الأنبياءُ عليهمُ السلام كافةً بالتواتر من وعدٍ ووَعيدٍ، وشَهِدَ به الصِّدِّيقونَ والأولياءُ كافَّةً بالإجماع، مُظهرًا عجزا وجهلا بذلك؟ تعالى الله عن ذلك عُلُوا كبيرًا.. علما أن الأمور التي وَعَدَ بها، وأَوْعدَها، ليست عسيرةً على قدرته قطعا، بل هي يسيرةٌ وهيِّنةٌ، وسَهلةٌ كسهولة إعادةِ الموجوداتِ التي لا تُحصى للربيع السابق بذواتِها([24]) أو بمثلِها([25]) في الربيع المقبلِ..

    أما الوفاءُ بالوَعدِ فكما هو ضَرُوريٌ لنا ولكلِّ شيء، ضرورِيٌ كذلك لسلطنةِ ربوبيَّتِه.. بعكس إخلافِ الوَعدِ فهو مضادٌ لعزة قدرته، ومنافٍ لإحاطة علمِه، حيثُ لا يتأتَّى إخلافُ الوعدِ إلّا من الجهل أو العجز.

    فيا أيها المنكرُ.. هل تَعلمُ مدى حماقةِ ما ترتكبُ من جِنايةٍ عُظمَى بكفركَ وإنكاركَ! إنك تُصدِّقُ وهمَكَ الكاذِبَ وعقلَك الهاذيَ ونفسَكَ الخدّاعةَ، وتُكذِّبَ مَن لا يُضطَرُّ إلى إخلافِ الوعدِ، ولا إلى خِلافِه أبدا، بل لا يَليقُ الإخلافُ بعزَّتِه وعَظمتِه قطعًا.. فجَميعُ الأشياءِ وجَميعُ المشهوداتِ تَشهدُ على صدقه وأحقِّيَّتِه! إنك ترتكبُ إذن جنايةً عظمى لا نهايةَ لها مع صِغَركِ المتناهي، فلا جَرَمَ أنكَ تستحقُّ عقابا عظيما أبديا.. ولقياس عِظَم ما يرتكبُه الكافرُ من جِنايةٍ فقد وَرَدَ أن ضِرسَ بعضِ أهلِ النارِ كالجبَل ([26]) .. إن مَثَلَك هو كمثَل ذلك المسافرِ الذي يُغمِضُ عَينَيهِ عن نور الشمسِ ويتبعُ ما في عقلِه من خيال، ثم يريد أن ينوِّرَ طريقَه المُخيفَ بضياء ما في عقله من بَصِيصٍ كَنورِ اليَراعَة!

    فما دام اللهُ سبحانَه قد وعَدَ، وهذه الموجوداتُ كلماتُه الصادِقةُ بالحقِّ، وهذه الحوادِثُ في العالم آياتُه الناطقةُ بالصدقِ، فإنه سَيوفي بوعدِه حتمًا، وسيفتحُ محكمةً كبرى، وسَيهَبُ سعادةً عُظمَى.

    الحقيقة التاسعة

    بابُ الإحياءِ والإماتةِ

    وهو تجلي اسمِ «الحيِّ القيُّومِ» و«المحيي» و«المميتِ»

    أمن الممكن للذي أظهرَ قدرتَه بإحياءِ الأرض الضَّخمةِ بعد موتِها وجفافِها، وبعَثَ أكثرَ من ثلاثِ مئةِ ألفِ نوعٍ من أنواع المخلوقاتِ، مع أنَّ بَعْثَ كلِّ نَوعٍ عجيبٌ كأُعجوبَة بَعْثِ البشر.. والذي أظهرَ إحاطةَ علمِه ضمن ذلك الإحياءِ بتَميِيزِه كلَّ كائنٍ من بين ذلك الامتِزاجِ والتشابُكِ.. والذي وجَّهَ أنظارَ جميعِ عبادِه إلى السعادةِ الأبدية بوعدهِمُ الحشرَ في جميع أوامره السماوِيَّة.. والذي أظهرَ عظمةَ رُبوبيَّتِه بجعلِه الموجوداتِ مُتكاتفةً مُترافِقةً، فأدارَها ضمن أمرِه وإرادتِه، مسخِّرا أفرادَها، مُعاونًا بعضُها بَعضًا.. والذي أَولَى البشرَ الأهميةَ القصوى، بجَعْلِه أجمعَ ثمرةٍ في شجرةِ الكائناتِ، وألطفَها وأشدَّها رِقةً ودَلالًا، وأكثرَها مستجابا للدعاء، مسخِّرا له كلَّ شيء، متخِذا إياه مخاطَبا.. أفَمِنَ الممكن لمثل هذا القديرِ الرحِيمِ ولمثل هذا العليمِ الحكيمِ أن لا يأتي بالقيامة؟ ولا يُحدِثَ الحشرَ ولا يَبعثَ البشرَ، أوْ يَعجِزَ عنه؟ وأنْ يَعجِزَ عن فتحِ أبوابِ المحكَمةِ الكبرى وخلقِ الجنةِ والنار؟! تعالى الله عن ذلكَ عُلُوا كبيرًا.

    نعم، إن الرب المتصرف في هذا العالم جلّ جلالُه يُحدث في هذه الأرض المؤقتة الضيقة في كل عصر وفي كل سنة وفي كل يوم نماذج وأمثلة كثيرة وإشارات عديدة للحشر الأكبر. فعلى سبيل المثال:

    إنه يَحشُرُ في بضعةِ أيام في حشر الربيع ويَبعثُ أكثرَ من ثلاثِ مِئةِ ألفِ نوعٍ من أنواع النباتاتِ والحيواناتِ من صَغيرٍ وكَبيرٍ، فيُحيِي جُذورَ الأشجارِ والأعشابِ، ويعيدُ بعضَ الحيوانات بعينِها كما يعيدُ أمثالَ بعضِها الآخر؛ ومع أن الفروقَ الماديةَ بين البُذيراتِ المتناهيةِ في الصِّغرِ جزئيةٌ جدا، إلّا أنها تُبعثُ وتُحيا بكل تَميُّزٍ وتُشَخَّصُ في منتهى السرعةِ في ستةِ أيامٍ، أو سِتةِ أسابيعَ، وفي منتهى السهولةِ والوَفرةِ، وبانتِظامٍ كامِل وميزانٍ دَقيقٍ، رغمَ اختلاطِها وامتزاجِها.. فهل يصعبُ على مَن يقومُ بمثل هذه الأعمالِ شيءٌ، أو يَعجِزُ عن خلقِ السماواتِ والأرضِ في ستةِ أيام، أو لا يستطيعُ أن يحشُرَ الإنسانَ بصيحةٍ واحدةٍ؟! سُبحانَ الله عما يَصِفونَ.

    فيا تُرى إن كان ثَمَّةَ كاتبٌ ذو خوارقَ يكتب ثلاثَ مِئةِ ألفِ كتابٍ مُسِحَتْ حروفُها ومُسخَتْ، في صحيفة واحدة دونَ اختلاطٍ ولا سهوٍ ولا نَقصٍ، وفي غايةِ الجمالِ، ويكتُبُها جميعًا معا خلال ساعة واحدة، وقيل لك: إن هذا الكاتبَ سيكتُبُ من حفظِه في دقيقة واحدة كتابَك الذي وقعَ في الماء وهو من تأليفِه، فهل يمكنك أن ترُدَّ عليه وتقول: لا يستطيعُ.. لا أصدِّقُ؟!

    أو أن سلطانًا ذا معجزاتٍ يرفعُ الجبالَ ويَنسِفُها ويغيِّرُ المدنَ بكاملها، ويحوِّلُ البحرَ برًا، بإشارة منه، إِظهارًا لقدرتِه وجعلِها آيةً للناس.. فبينما تَرى منه هذه الأعمالَ إذا بصخرةٍ عظيمةٍ قد تَدحْرجَتْ إلى وادٍ وسدَّتِ الطريقَ على ضيوفِه، وقيل لك: إن هذا السلطانَ سَيُمِيطُ حتمًا تلكَ الصخرةَ أو يحطِّمُها مهما كانت كبيرةً، حيثُ لا يمكنُ أن يدعَ ضيوفَه في الطريق.. كم يكونُ جوابُك هذَيانًا أو جنونًا إذا ما أجبتَه بقولك: لا، لا يستطيعُ أن يفعل؟!

    أو أن قائدًا يُشكِّلُ من جديد جيشًا عظيمًا في يوم واحد، وقِيلَ لك: إن هذا سيَجمعُ أفرادَ تلك الفرقِ وسيَنضَوِي تحت لوائه أولئك الذين سُرِّحوا وتفرَّقوا، بنفخةٍ من بوقٍ، فأجبتَه: لا، لا أُصدِّقُ! عندها تفهم أن جوابَكَ هذا يُنبِئُ عن تصرفٍ جُنوني، أيّ جنونٍ!!

    فإذا فهِمتَ هذه الأمثلةَ الثلاثةَ فتأمل في ذلِكمُ البارِئِ المصَوِّرِ سبحانَه وتعالى، الذي يكتبُ أمامَ أنظارنا بأحسنِ صورةٍ وأتمِّها بقلم القُدرَةِ والقَدرِ أكثرَ من ثلاثِ مِئةِ ألفِ نوعٍ من الأنواع على صحيفةِ الأرض، مُبدِّلا صحيفةَ الشتاءِ البَيضاءِ إلى الصَّحيفةِ الخضراءِ للربيعِ والصَّيفِ، يكتبُها متداخلةً دونَ اختلاطٍ، يكتبُها معا دون مزاحمةٍ ولا التباسٍ، رغم تباين بعضِها مع البعض الآخرِ في التركيب والشكل، فلا يكتبُ خطأً مطلقًا.

    أفَيمكن أن يُسألَ الحفيظُ الحكيمُ الذي أدرج خُطةَ روحِ الشجرةِ الضَّخمةِ ومنهاجَها في بِذرَةٍ متناهيةٍ في الصغر محافظًا عليها، كيف سَيحافِظُ على أرواح الأموات؟.

    أم هل يمكن أن يُسألَ القديرُ ذو الجلالِ الذي يُجري الأرضَ في دَورَتِها بسرعةٍ فائقةٍ، كيفَ سيُزِيلُها من طريقِ الضيوفِ المسافرين إلى الآخرةِ، وكيف سيُدمِّرُها؟

    أم هل يمكن أن يُسألَ ذو الجلالِ والإكرامِ الذي أوجدَ الذراتِ من العدم ونسَّقَها بأمر ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ في أجساد جنودِ الأحياءِ، فأنشأ منها الجيوشَ الهائلةَ، كيف سيَجمعُ بصيحةٍ واحدةٍ تلك الذراتِ الأساسيةَ التي تعارَفتْ فيما بينها، وتلك الأجزاءَ الأساسِيّةَ التي انضوَتْ تحت لواءِ فِرقَةِ الجسدِ ونظامِه؟

    فها أنت ذا ترى بعينَيكَ كم من نماذجَ وأمثلةٍ وأماراتٍ للحشر شبيهةً بحشر الربيع، قد أبدعَها البارئُ سبحانه وتعالى في كل موسمٍ، وفي كل عصر، حتى إن تبديلَ اللَّيلِ والنَّهارِ، وإنشاءَ السحابِ الثِّقالِ وإفناءَها من الجوِّ، نماذجُ للحشر وأمثلةٌ وأماراتٌ عليهِ. وإذا تصوَّرتَ نفسك قبل ألفِ سنةٍ مثلا، وقابلتَ بين جناحَي الزَّمانِ الماضِي والمستَقبلِ، ترى أمثلةَ الحشرِ والقيامةِ ونماذجَها بعدد العصور والأيام؛ فلو ذهبتَ إلى استبعادِ الحشرِ الجسماني وبَعثِ الأجسادِ متوهمًا أنه بعيدٌ عن العقل، بعد ما شاهَدتَ هذا العددَ الهائل من الأمثلة والنماذج، فستعلمُ أنت كذلك مدى حماقةِ من ينكرُ الحشرَ. تأمل ماذا يقول الدستورُ الأعظَمُ حولَ هذه الحقيقةِ:

    فَانْظُرْ اِلٰٓى آثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ (الروم:50).

    الخلاصة: لا شيءَ يحُولُ دون حدوثِ الحشرِ، بل كلُّ شيء يقتضِيه ويستدعِيه..

    نعم، إن الذي يُحيِي هذه الأرضَ الهائلةَ -وهي مَعرِضُ العجائبِ- ويميتُها كأدنى حيوانٍ، والذي جعلَها مهدًا مُريحا وسفينةً جميلةً للإنسان والحيوان، وجعلَ الشمسَ ضياءً وموقِدا لهذا المضيف، وجعل الكواكبَ السيّارةَ والنجومَ اللامِعةَ مساكنَ طائراتٍ للملائكة.. إن ربوبيةً خالدةً جليلةً إلى هذا الحدِّ، وحاكميةً محيطةً عَظِيمةً إلى هذه الدرجةِ، لا تَستقِران ولا تَنحصِرانِ في أمورِ الدنيا الفانيةِ الزائِلةِ الواهيةِ السَّيالَةِ التافِهةِ المتغَيرةِ..

    فلابدَّ أن هناك دارًا أخرى باقيةً، دائِمةً، جَليلةً، عظِيمةً، مُستقِرةً، تليقُ به سبحانَه فهو يسوقُنا إلى السعي الدائبِ لأجل تلك الممالِكِ والديارِ ويدعونا إليه ويَنقُلُنا إلى هناك.. يَشهَد على هذا أصحابُ الأرواحِ النيِّرَةِ، وأقطابُ القلوبِ المنوَّرةِ، وأربابُ العقولِ النُّورانِيةِ، الذين نَفَذُوا من الظاهر إلى الحقيقة، والذين نالوا شرفَ التقرب إليه سبحانه، فهم يُبلِّغونَنا متفقِين أنه سبحانه قد أعدَّ ثوابا وجزاءً، وأنه يَعِد وعدا قاطعا، ويوعِدُ وعيدا جازمًا.

    فإخلافُ الوعد لا يمكن أن يَدنوَ إلى جلاله المقدَّسِ، لأنه ذلّةٌ وتذَللٌ، وأما إخلافُ الوعيد فهو ناشئٌ من العفو أو العجزِ؛ والحال أن الكفرَ جنايةٌ مطلقةٌ ([27]) لا يستَحقُّ العفوَ والمغفرةَ، أما القديرُ المطلقُ فهو قُدُّوس منزَّهٌ عن العجز،

    وأما المخبرونَ والشهودُ فهم متفقونَ اتفاقا كاملا على أساسِ هذه المسألةِ رَغمَ اختلافِ مسالكِهم ومناهجِهم ومشاربِهم، فهم من حيثُ الكثرةُ بلغوا درجةَ التواتر، ومن حيثُ النوعيةُ بلغوا قوةَ الإجماع، ومن حيثُ المنزلةُ فهم نجومُ البشريةِ وهداتُها وأعزةُ القومِ وقرةُ عيونِ الطوائف، ومن حيثُ الأهميةُ فهم في هذه المسألةِ «أهل اختصاصٍ وأهل إثباتٍ».. ومن المعلوم أن حكمَ اثنَين من أهلِ الاختصاص في علم أو صنعة يُرجَّحُ على آلافٍ من غيرهم، وفي الأخبار والرواية يرجَّحُ قولُ اثنينِ من المثبِتِين على آلافٍ من النافينَ المنكِرينَ، كما في إثبات رؤيةِ هلال رمضان، حيثُ يرجّحُ شاهدانِ مثبتانِ، بينما يُضربُ بكلام آلافٍ من النافينَ عرضَ الحائطِ.

    والخلاصة: لا خبرَ أصدقُ من هذا في العالم، ولا قضيةَ أصوبُ منها، ولا حقيقةَ أظهرُ منها ولا أوْضحُ.

    فالدنيا إذن مزرعةٌ بلا شكٍ، والمحشرُ بيدرٌ، والجنَّةُ والنارُ مخزنانِ.

    الحقيقة العاشرة

    بابُ الحِكمةِ والعنايةِ والرَّحمةِ والعَدالةِ

    وهو تجلي اسمِ «الحكيمِ» و«الكَريمِ» و«العَادلِ» و«الرَّحيمِ»

    أمنَ الممكنِ لمالِكِ الملك ذي الجلالِ الذي أظهرَ في دار ضيافةِ الدنيا الفانيةِ هذه، وفي ميدانِ الامتحانِ الزَّائلِ هذا، وفي معرِضِ الأرض المتبدِّلِ هذا، هذا القَدْرَ من آثارِ الحِكمَةِ الباهرةِ، وهذا المدَى من آثار العِنايةِ الظاهِرةِ، وهذه الدرجةَ من آثارِ العدالَةِ القاهِرةِ، وهذا الحَدَّ من آثارِ الرَّحمةِ الواسعة! ألَّا يُنشئَ في عالم مُلكِه وملكوتِه مساكنَ دائِمةً، وسكنةً خالِدينَ، ومقاماتٍ باقيةً، ومخلوقاتٍ مقيمين.. فتذهبَ هباءً منثورًا جميعُ الحقائقِ الظاهرةِ لهذه الحكمةِ، ولهذه العِنايَةِ، ولهذه العدالةِ، ولهذه الرَّحمةِ؟!

    وهل يُعقَلُ لحكيمٍ ذي جَلالٍ اختارَ هذا الإنسانَ من بينِ المخلوقاتِ، وجعَلَه مُخاطَبًا كلِّيًا له، ومِرآةً جامِعةً لأسمائِه الحُسنَى، ومُقدِّرًا لما في خَزائنِ رحمتِه من يَنابيعَ، ومُتذوِّقا لها ومُتَعرِّفًا إليها، والذي عرَّفَ سُبحانَه ذاتَه الجليلةَ له بجَميعِ أسمائِه الحسنَى، فأَحبَّهُ وحبَّبَه للآخَرينَ.. أفَمِنَ المعقُولِ بعدَ كلِّ هذا أن لا يُرسِلَ ذلكَ «الحكيمُ» جَلَّ وعَلا هذا الإنسانَ المِسكِينَ إلى مَملَكتِهِ الخالِدةِ تلك؟ ولا يدعُوَهُ إلى الدَّارِ السَّعيدةِ الدائمةِ تلكَ فيُسعِدَهُ فيها؟

    أم هل يُعقَلُ أن يُحمِّلَ كلَّ موجودٍ وظائفَ جمَّةً -ولَوْ كان بِذرَةً- بِثقَلِ الشَّجرةِ، ويُركِّبَ عليه حِكَما بعدَدِ أزهارِها، ويُقلِّدَهُ مَصالِحَ بعدَدِ ثمارِها، ثم يَجعَلَ غايةَ وُجودِ تلكَ الوظائفِ والحِكمِ والمَصالِحِ جَميعِها مجرَّدَ ذلك الجزءِ الضَّئِيلِ المُتوَجِّهِ إلى الدُّنيا؛ أي يجعلَ غايةَ الوُجودِ هي البقاءَ في الدُّنيا فقط، الذي لا أَهمِّيّةَ له حتى بمثقالِ حَبةٍ من خَردَلٍ؟ ولا يجعلَ تلك الوظائفَ والحِكَمَ والمصالحَ بُذورًا لعالم المعنَى، ولا مَزْرَعةً لعالمِ الآخِرةِ لتُثمِرَ غاياتِها الحَقِيـقِيَّةَ اللّائقةَ بها. وهل يُعقَلُ أن تذهبَ جَمِيعُ هذه المهرجاناتِ الرَّائعةِ والاحتفالاتِ العَظيمةِ هباءً بلا غايةٍ، وسُدًى بلا معنًى وعبثًا بلا حِكمةٍ؟! أم هل يُعقَلُ أن لا يُوجِّهَها كلَّها إلى عالمِ المعنَى وعالمِ الآخرة لتُظهِرَ غاياتِها الأصيلةَ وأثمارَها الجدِيرةَ بها؟!

    نعم، أمن الممكنِ أن يُظهِرَ كلَّ ذلك خِلافًا للحقيقةِ، خلافًا لأوصافِه المُقدَّسةِ وأسمائِه الحسنَى: «الحكِيمِ، الكريمِ، العادِلِ، الرَّحيمِ» كلَّا.. ثم كَّلا.. أم هل من الممكنِ أن يُكذِّبَ سبحانَه حقائقَ جميعِ الكائِناتِ الدَّالةِ على أوصافِه المقدَّسَةِ من حكمةٍ وعَدْلٍ وكرمٍ ورَحمةٍ، ويرُدَّ شَهادةَ الموجوداتِ جميعا، ويُبطِلَ دلالةَ المصنوعاتِ جميعا! تعالى اللهُ عن ذلك عُلوًّا كَبِيرا.

    وهل يَقبَلُ العقلُ أن يُعطِيَ للإنسانِ أُجرةً دنيويةً زهِيدةً، زَهادةَ شَعرةٍ واحدةٍ، مع أنَّه أناطَ به وبحواسِّه مَهامَّ ووظائفَ هي بعدَدِ شعَراتِ رأسِهِ؟ فهل يُمكِنُ أن يقومَ بمثلِ هذا العملِ الذي لا معنَى له ولا مَغزَى خلافا لعَدالتِه الحقَّةِ، ومُنافاةً لحكمتِه الحقِيقيَّةِ؟ سبحانه وتعالى عما يقُولونَ علوا كبيرا.

    أوَ منَ الممكنِ أن يقلِّدَ سبحانَه كلَّ ذي حياةٍ، بل كلَّ عُضوٍ فيه -كاللِّسانِ مثلا- بل كلَّ مَصنوعٍ، من الحِكَمِ والمصالِحِ بعدَدِ أثْمارِ كلِّ شجرةٍ مُظهِرًا حِكمتَهُ المطلَقةَ ثم لا يَمنَحَ الإنسانَ البقاءَ والخلودَ، ولا يهبَ له السَّعادةَ الأبديَّةَ التي هي أعْظمُ الحِكَمِ، وأهمُّ المصالِحِ، وألزمُ النتائِجِ؟ فيترُكَ البقاءَ واللِّقاءَ والسَّعادَةَ الأبديَّةَ التي تَجعَلُ الحِكمةَ حِكمةً، والنعمةَ نِعمةً، والرَّحمةَ رحمةً، بل هي مَصدرُ جميعِ الحكَمِ والمصالِح والنِّعمِ والرَّحمةِ ومنبَعُها.. فهل يمكنُ أن يترُكَها ويُهمِلَها ويُسقِطَ تلك الأمورَ جميعَها إلى هاوِيةِ العبثِ المطلقِ؟ ويضعَ نفسَه -تعالَى اللهُ عن ذلكَ علوا كبيرا- بمنزِلةِ من يَبنِي قَصرًا عظيما يَضعُ في كلِّ حَجَرٍ فيه آلافَ النُّقوشِ، وفي كلِّ زَاوِيةٍ فيه آلافَ الزِّينةِ والزَّخارِفِ، وفي كلِّ غُرفَةٍ فيه آلافَ الآلاتِ الثمينةِ والحاجِيَّاتِ الضَّروريةِ.. ثم لا يَبنِي له سَقْفًا ليحفَظَه؟! فيتركَه ويتركَ كل شيء للبِلَى والفسادِ! حاشَ لله.. لا يَصدُرُ من الخيرِ المطلقِ إلا الخيرُ، ولا يَصدُرُ من الجميلِ المطلقِ إلا الجمالُ، فلن يَصدُرَ من الحكيمِ المطلقِ العبثُ البتَّةَ.

    نعم، إن كلَّ من يَمتطِي التاريخَ ويذهبُ خيالا إلى جهةِ الماضِي سَيرَى أنه قد ماتَتْ بعَددِ السِّنينَ منازلُ ومعارِضُ وميادِينُ وعوالمُ شبيهةٌ بمنزلِ الدنيا وميدانِ الابتِلاءِ ومَعرِضِ الأشياءِ في وقْتِنا الحاضرِ؛ فعلى الرَّغمِ مما يُرَى من اختلافِ بعضِها عن البعضِ الآخَرِ صورةً ونوعا، فإنها تتشابَه في الانتظامِ والإبداعِ وإبرازِ قُدرةِ الصانعِ وحِكمَتِه.

    وسيَرى كذلك -ما لم يَفقِدْ بصيرتَه- أن في تلك المنازلِ المتبدِّلةِ، وفي تلك المَيادينِ الزائلةِ، وفي تلك المعارِضِ الفانيةِ.. من الأنظمةِ الباهِرَةِ الساطعَةِ للحكمةِ، والإشاراتِ الجَليَّةِ الظاهرةِ للعنايَةِ، والأماراتِ القاهِرةِ المُهَيمِنَةِ للعدالةِ، والثِّمارِ الواسعةِ للرحمَةِ ما سيُدرِكُ يقينًا أنه: لا يمكنُ أن تكُونَ حِكمةٌ أكملَ من تلك الحِكمةِ المشهودَةِ، ولا يمكِنُ أن تكونَ عنايةٌ أرْوَعَ من تلك العِنايةِ الظَّاهِرةِ الآثارِ، ولا يمكنُ أن تكونَ عَدالةٌ أجلَّ من تلك العَدالةِ الواضِحةِ أماراتُها، ولا يمكن أن تكُونَ رحمةٌ أشْملَ من تلك الرَّحمةِ الظَّاهِرةِ الثِّمارِ.

    وإذا افتُرضَ المُحالُ، وهو أنَّ السلطانَ السَّرمدِيَّ -الذي يُديرُ هذه الأمورَ، ويُغيِّرُ هؤلاءِ الضيوفَ والمستضافاتِ باستِمرارٍ- ليستْ لهُ منازِلُ دائِمةٌ ولا أماكِنُ راقيةٌ سامِيةٌ ولا مَقاماتٌ ثابتةٌ ولا مساكنُ باقِيةٌ ولا رَعايَا خالِدُون، ولا عِبادٌ سُعداءُ في مملكتِه الخالدةِ؛ يَلزَمُ عِندَئذٍ إنكارُ الحقائقِ الأربعةِ: «الحِكمة والعَدالَة والعِنايَة والرَّحمَة» التي هِي عَناصِرُ معنوِيةٌ قوِيّةٌ شامِلةٌ، كالنورِ والهواءِ والماءِ والتُّرابِ، وإنكارُ وجودِها الظاهِرِ ظهورَ تلك العناصِرِ، لأنه من المعلومِ أنَّ هذه الدنيا وما فيها لا تَفِي لظُهورِ تلكَ الحقائِقِ، فَلوْ لم يكن هناكَ في مكانٍ آخرَ ما هو أهلٌ لها، فيَجبُ إنكارُ هذه الحِكمةِ الموجودَةِ في كلِّ شيءٍ أمامَنا -بجُنونِ من يُنكِرُ الشمسَ التي يَملأُ نورُها النهارَ- وإنكارُ هذه العنايَةِ التي نُشاهِدُها دائما في أنفسِنا وفي أغلبِ الأشياء..

    وإنكارُ هذه العدالةِ الجليَّةِ الظاهِرةِ الأماراتِ..([28]) وإنكارُ هذه الرَّحمةِ التي نراها في كلِّ مكان.. وكذلك يَلزَمُ أن يُعتبَرَ صاحبُ ما نراهُ من الإجراءاتِ الحكِيمةِ والأفعالِ الكريمةِ، والآلاءِ الرَّحِيمةِ -حاشَ لله ثُمَّ حاشَ لله- لاهيًا لاعِبا ظَالِما غدَّارا تعالى الله عن ذلك عُلوا كبيرا، وما هذا إلَّا انقِلابُ الحقائِقِ بأضْدادِها، وهو مُنتهَى المُحال، حتى السُّوفسطائيُّون الذين ينكرون وجودَ كلِّ شيءٍ حتى وُجودَ أنفسِهم لا يَدنُون إلى تَصوُّرِ هذا المُحالِ بسهولَةٍ.

    والخلاصة: أنه لَيستْ هناك علاقةٌ أو مُناسَبةٌ بين ما يُشاهَدُ في شؤونِ العالمِ من تَجمعاتٍ واسِعةٍ للحياةِ، وافتراقاتٍ سَريعةٍ للموتٍ، وتَكتُّلاتٍ ضَخمةٍ، وتَشتُّتاتٍ سريعةٍ، واحتِفالاتٍ هائلةٍ، وتَجلِّياتٍ رائِعةٍ.. وبينَ ما هو معلومٌ لدينا من نَتائِجَ جُزئيةٍ، وغاياتٍ تافِهةٍ مُؤقَّتةٍ، وفَترةٍ قَصيرةٍ تعودُ إلى الدنيا الفانيةِ؛ لذا فالرَّبطُ بينهُما بعلاقةٍ، أو إيجادِ مُناسَبةٍ، لا يَنسجِمُ مع عَقلٍ ولا يتوافقُ مع حكمةٍ، إذ يُشبِه ذلك رَبْطَ حِكَمٍ هائلةٍ وغَاياتٍ عظيمةٍ كالجبلِ بحصاةٍ صَغيرةٍ جدا، ورَبْطَ غايةٍ تافهةٍ جُزئيةٍ مُؤقتَةٍ بحجمِ الحَصاةِ بجبلٍ عَظيمٍ!!

    أي إنَّ عَدمَ وُجودِ عَلاقةٍ بينَ هذه الموجوداتِ وشُؤونِها وبين غاياتِها التي تعُودُ إلى الدنيا، يَشهَدُ شَهادةً قاطِعةً، ويدلُّ دَلالةً واضحةً على أنَّ هذه الموجوداتِ مُتوجِّهةٌ إلى عالَمِ المعنَى، حيثُ تُعطِي ثِمارَها اللطيفةَ اللائِقةَ هناك، وأنَّ أنظارَها مُتطلِّعةٌ إلى الأسماءِ الحُسنَى، وأن غاياتِها تَرنُو إلى ذلك العالم؛ ومع أنَّ بُذورَها مَخبوءةٌ تحتَ تُرابِ الدنيا إلّا أنَّ سَنابِلَها تَبرُزُ في عالم المثالِ.. فالإنسانُ يَزرَعُ ويُزرَعُ هنا-حسَبَ استعدادِه- ويَحصِدُ هناك في الآخِرةِ.

    نعم، لو نَظَرتَ إلى وُجوهِ الموجوداتِ المتوجِّهةِ إلى الأسماءِ الحسنَى وإلى عالمِ الآخرةِ لرأيتَ: أنَّ لِكلِّ بِذرَةٍ -وهي معجزةُ القُدرةِ الإلهيَّةِ- غاياتٍ كبيرةً كِبَرَ الشجَرةِ؛ وأن لكلِّ زَهرةٍ -وهي كَلِمةُ الحِكمةِ([29])- مَعَانِيَ جَمَّةً بمقدارِ أزهارِ الشجَرِ؛ وأنَّ لِكلِّ ثَمَرةٍ -وهي مُعجِزةُ الصَّنعَةِ وقصِيدةُ الرحمةِ- من الحِكَمِ ما في الشجرةِ نفسِها؛ أما جِهةُ كونِها أرزاقا لنا فهي حِكمةٌ واحدةٌ من بين ألوفِ الحِكَمِ، حيثُ إنها تُنهِي مَهامَّها، وتُوفي مغزاها فتَموتُ وتُدفَنُ في مَعِداتِنا.

    فما دامَتْ هذه الأشياءُ الفانيةُ تُؤتي ثمارَها في غير هذا المكانِ، وتُودِعُ هناك صُوَرا دائمةً، وتُعبِّر عن معانٍ خالدةٍ، وتُؤدِّي أذكارَها وتسابِيحَها الخالِدةَ السَّرمَديَّةَ هناك.. فالإنسانُ إذن يُصبِحُ إنسانا حقا مادامَ يتأمَّلُ ويَنظرُ إلى تلك الوجوهِ المتوجِّهةِ نحوَ الخلود.. وعِندَها يجدُ سبيلا من الفاني إلى الباقي.

    إذن هناك قَصدٌ آخرُ ضِمنَ هذهِ الموجوداتِ المحتَشِدةِ والمتفرِّقةِ التي تَسِيلُ في خِضَمِّ الحياةِ والموتِ، حيثُ إنَّ أحوالَها تُشبِه -ولا مُؤاخَذةَ في الأمثالِ- أحوالا وأوضاعا تُرتَّبُ للتَّمثيلِ، فتُنفَقُ نَفَقاتٌ باهِظةٌ لتَهيِئةِ اجتِماعاتٍ وافتِراقاتٍ قصيرةٍ، لأجل التِقاطِ الصُّوَرِ وتَركيبِها لعرضِها على الشاشَةِ عَرْضا دائِما. وهكذا فإنَّ إحدَى غاياتِ قَضاءِ الحياةِ الشَّخصِيَّةِ والاجتِماعيَّةِ في فترةٍ قَصيرةٍ في هذه الدنيا هي أخذُ الصُّوَرِ وتَركيبُها، وحِفظُ نتائِج الأعمالِ، ليُحاسَبَ أمامَ الجَمعِ الأكبرِ، وليُعرَضَ أمامَ العَرْضِ الأعظمِ، وليَظهَرَ استِعدادُه ولياقَـتُهُ للسعادةِ العُظمَى، فالحديثُ الشريفُ: «الدُّنيا مَزرَعةُ الآخِرةِ» ([30]) يُعبِّرُ عن هذِه الحقيقةِ.

    فما دامت الدنيا موجودةً فِعلا، وفيها الحِكمةُ والعِنايةُ والرَّحمةُ والعَدالةُ الظاهِرةُ بآثارِها، فكذلك الآخِرةُ مَوجُودةٌ حتما، وثابِتةٌ بِقطعيَّةِ ثبوتِ هذه الدنيا.. ولما كان كلُّ شيءٍ في الدنيا يَتطلَّعُ من جهةٍ إلى ذلك العالم، فالسَّيرُ إذن والرِّحلةُ إلى هناك، لذا فإن إنكارَ الآخِرةِ هو إنكارٌ للدُّنيا وما فيها.. فكما أنَّ الأجَلَ والقَبْرَ يَنتظِرانِ الإنسانَ، فالجنَّةُ والنارُ كذلك تنتظرانِه وتَترصَّدانِه.

    الحقيقةُ الحاديةَ عشْرةَ

    بابُ الإنسانيةِ وهو تجلِّي اسمِ «الحقِّ»

    أمن الممكنِ للحقِّ سبحانَه وهو المعبودُ الحقُّ أن يَخلُقَ هذا الإنسانَ أهمَّ عبدٍ لربوبيَّتِه المطلقةِ وأكرمَ مخلوقٍ لرُبوبيَّتِه العامَّةِ للعالمينَ، وأكثرَ المخاطَبِينَ إدراكًا وفهمًا لأوامرِهِ السُّبحانيةِ، وأجمع مرآةٍ لتجلي أسمائه الحسنى، وأجمل معجزةٍ للقدرة، في مرتبةِ أحسنِ تقويمٍ، نال تجلي الاسم الأعظم، وتجلي المرتبة العظمى لكل اسمٍ من الأسماء الحسنى؛ وأغنى مُدَقِّقٍ صاحبُ أجهِزةٍ وموازينَ لمعرفةِ وتقديرِ ما في خَزائنِ الرحْمةِ الإلهيةِ من كُنوزٍ، وأكثرَ المخلوقاتِ فَاقةً وحاجَةً إلى نِعمِه التي لا تُحصَى، وأكثرَها تألُّمًا من الفناء، وأزْيدَها شَوقا إلى البقاءِ، وأشدَّها لطافةً ورِقةً وفَقرًا وحاجةً؛ مع أنه من جِهةِ الحياة الدُّنيا أكثرُها تَعاسةً، ومن جهةِ الاستعدادِ الفِطريِّ أسماها صُورَةً.. فهل من الممكن أن يَخلُقَ المعبودُ الحقُّ الإنسانَ بهذه الماهيةِ ثم لا يبعثَه إلى ما هو مُؤهَّلٌ له ومشتاقٌ إليه من دارِ الخلودِ؟! فيَمحقَ الحقيقةَ الإنسانِيَّةَ ويَعملَ ما هو مُنافٍ كليا لأحقِّيّتِه سبحانه؟ تعالى اللهُ عن ذلكَ عُلوًّا كبيرًا..

    وهل يُعقَلُ للحاكمِ بالحقِّ والرَّحيمِ المطلقِ الذي وَهَبَ لهذا الإنسانِ استِعدادًا فِطريًا سامِيا يُمكِّنُه من حَملِ الأمانةِ الكبرى التي أبتِ السماواتُ والأرضُ والجبالُ أن يحمِلنَها، أي خَلقَه ليَعرِفَ صفاتِ خالِقِه سبحانَه الشامِلةَ المحيطةَ وشؤونَه الكُليَّةَ وتجلياتِه المطلقةَ، بموازينِه الجزئيَّةِ وبمهاراتِه الضَّئيلةِ.. والذي بَرأهُ بشَكلِ ألْطَفِ المخلوقاتِ وأعجزِها وأضعفِها، فسخَّرَ له جَميعَها من نباتٍ وحيوانٍ، حتى نصَّبَه مُشرِفا ومُنظِّما ومُتدخِّلا في أنماطِ تسبيحاتِها وعباداتِها.. والذي جَعلَه نموذجا -بمقاييسَ مُصغَّرةٍ- للإجراءاتِ الإلهيةِ في الكون، ودَلَّالًا لإعلانِ الرُّبوبِيَّةِ المُنزَّهةِ -فِعلًا وقَولًا- على الكائناتِ، حتى منَحَه منزلةً أكرمَ من مَنزلةِ الملائِكةِ، رافعًا إياهُ إلى مرتبةِ الخِلافةِ.. فهل يمكنُ أن يَهَبَ سبحانَه للإنسانِ كلَّ هذه الوظائِفِ ثم لا يَهَبَ له غاياتِها ونتائِجَها وثمارَها وهي السَّعادةُ الأبديَّةُ؟ فَيرمِيَه إلى دَرْكِ الذِّلَّةِ والمسكَنةِ والمصيبةِ والأسقامِ، ويجعلَه أتعسَ مخلوقاتِه؟ ويجعَلَ هذا العقلَ الذي هو هديّةٌ مبارَكةٌ نورانيةٌ لحكمتِه سبحانَه ووسيلةٌ لمعرفِة السعادَةِ آلةَ تعذيبٍ وشُؤمٍ، خلافا لحكمتِه المطلقة، ومنافاةً لرحمتِه المطلقةِ؟ تعالى الله عن ذلكَ عُلوًا كَبيرًا.

    الخلاصة: كما أننا رَأينَا في الحكايةِ أن في هُوِيَّةِ الضابِطِ ودَفتَرِ خدمتِه رُتبتَه، ووظيفتَه ومرتَّبَه ودستورَ أفعالِه وعَتَادَه، واتَّضحَ لدينا أن ذلكَ الضابطَ لا يَعملُ لأجل هذا الميدانِ المؤقَّتِ، بل لما سَيرحَلُ إليه من تكريمٍ وإنعامٍ في مملكةٍ مستقِرَّةٍ دائمةٍ؛ كذلك فإن ما في هُوِيَّةِ قلبِ الإنسانِ من لطائفَ، وما في دَفتَرِ عَقلِه من حواسَّ، وما في فِطرتِه من أجهزةٍ وعَتادٍ مُتوجِّهةٌ جميعًا ومعًا إلى السعادةِ الأبديَّةِ، بل ما مُنِحتْ له إلّا لأجلِ تلك السَّعادَةِ الأبديَّةِ، وهذا ما يَتَّفِقُ عليهِ أهلُ التَّحقيقِ والكشفِ.

    فعلى سَبيلِ المثالِ: لو قِيلَ لقُدرةِ التَّخيُّلِ في الإنسان التي تُعدُّ وَسيلةَ تَصويرٍ للعَقلِ وخادِمةً له: ستُمنحُ لكِ سَلطنةُ الدنيا وزِينتُها مع عُمُرٍ يَزيدُ على مِليونِ سَنةٍ ولكنْ مصيرُك إلى الفناءِ والعدمِ حَتما نراها تَتأوَّهُ وتَتحسَّرُ، إن لم يَتدخَّلِ الوهمُ وهوَى النفسِ؛ أي إن أعظمَ فانٍ -وهو الدُّنيا وما فيها- لا يُمكنُه أن يُشبِع أصغرَ آلةٍ في الإنسانِ وهي الخيالُ! يَظهَرُ من هذا جليًّا أنَّ هذا الإنسانَ الذي له هذا الاستِعدادُ الفِطريُّ والذي له آمالٌ تَمتَدُّ إلى الأبدِ، وأفكارٌ تحيطُ بالكونِ، ورَغباتٌ تَنتَشر في ثنايا أنواعِ السعادةِ الأبديَّةِ؛ هذا الإنسانُ إنما خُلِقَ للأبَدِ وسَيرحلُ إليه حتما، فليسَت هذه الدنيا إلّا مُستَضافًا مُؤقَّتا، وصَالةَ انتظارِ الآخِرةِ.

    الحقيقة الثانية عشرة

    بابُ الرِّسالةِ والتَّنزيلِ

    وهو تجلي «بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحِيمِ»

    أمِنَ الممكن لمن أيَّد كلامَه جميعُ الأنبياءِ المعتمِدين على معجزاتِهم وأقرَّ بِه جميعُ الأولياءِ الصالحين المعزَّزِين بكشفياتِهم وكراماتِهم، وشهد بصدقِهِ جميعُ العلماءِ والأصفياءِ المستندينَ إلى تدقيقاتِهم وتحقيقاتِهم.. ذلِكُم هو الرسولُ الكريمُ ﷺ الذي فتـحَ بما أُوتيَ من قوةٍ طريقَ الآخرةِ وبابَ الجنةِ، مُصدَّقا بألفٍ من معجزاتِه الثَّابتةِ، وبآلافٍ من آياتِ القرآنِ الكريمِ الثَّابتِ إعجازُه بأربعينَ وجهًا؛ فهل من الممكن أَن تَسُدَّ أوهامٌ هي أَوهَى من جناحِ ذُبابةٍ ما فتحَهُ هذا الرسولُ الكريمُ ﷺ من طريقِ الآخرةِ وبابِ الجنةِ؟!

    * * *

    وهكذا لقد فُهِمَ من الحقائقِ السَّابقةِ أنَّ مسألةَ الحشرِ حقِيقةٌ راسِخةٌ قويةٌ بحيثُ لا يمكن أن تُزحزِحَها أيّةُ قُوةٍ مهما كانت حتى لو استطاعَت أن تُزيحَ الكرةَ الأرضيَّةَ وتُحطِّمَها، ذلك لأنَّ الله سبحانَه وتعالى يُقرُّ تلك الحقيقةَ بمقتضَى أسمائِه الحسنَى جميعِها وصفاتِه الجليلةِ كلِّها، وأنَّ رسُولَه الكريمَ ﷺ يُصدِّقُها بمعجزاتِه وبراهينِه كلِّها، والقرآنُ الكريمُ يُثبِتها بجميعِ آياتِه وحقائِقه، والكونُ يَشهَد لها بجميعِ آياتِه التكوينِيَّةِ وشؤونِه الحكيمةِ.

    فهل من الممكنِ يا تُرى أن يتَّفِـقَ مع واجبِ الوجودِ سبحانَه وتعالى جميعُ الموجوداتِ -عدا الكُفارِ- في حقيقةِ الحشرِ، ثم تأتي شُبهةٌ شيطانِيةٌ واهيةٌ ضعِيفةٌ لتُـزِيحَ هذه الحقيقةَ الراسِخةَ الشامخةَ وتُزعزِعَها؟! كَلَّا.. ثم كَلَّا..

    ولا تَحسَبنّ دلائِل الحشرِ منحصِرةٌ في ما بحثناه من الحقائقِ الاثْنتَيْ عشْرةَ، بل كما أنَّ القرآنَ الكريمَ وَحدَهُ يُعلِّمُنا تلكَ الحقائِقَ، فإنه يُشِيرُ كذلك بآلافٍ من الأوجُهِ والأماراتِ القويَّةِ إلى أنَّ خالِقَنا سيَنقُلُنا من دار الفناءِ إلى دارِ البَقاءِ.

    ولا تَحسَبنَّ كذلك أن دلائلَ الحشرِ منحصرةٌ فيما بحثناه من مُقتَضياتِ الأسماءِ الحسنى «الحكِيمِ، الكَريمِ، الرَّحيمِ، العادِل، الحفيظِ» بل إن جميعَ الأسماءِ الحسنى المتجَليةِ في تَدبِيرِ الكون تقتَضِي الآخرةَ وتَستَلزِمُها.

    ولا تحسَبْ أيضا أن آياتِ الكونِ الدَّالةِ على الحشر هي تلك التي ذكَرْناهَا فحَسبُ، بل هناك آفاقٌ وأَوجُهٌ في أكثرِ الموجوداتِ تُفتَحُ وتتوجَّهُ يَمِينا وشِمالا، فمثلما يدلُّ ويَشهَد وجهٌ على الصانِع سبحانَه وتعالى يُشِيرُ وجهٌ آخرُ إلى الحشر ويُومِئ إليهِ.

    فمثلا: إن حُسنَ الصَّنعةِ المتقَنةِ في خلقِ الإنسانِ في أحْسَنِ تقويمٍ، مثلما هو إشارةٌ إلى الصانِع سُبحانَه، فإن زَوالَه في مُدَّةٍ يَسيرةٍ مع ما فيهِ من قابلياتٍ وقُوًى جامعةٍ، يُشِير إلى الحشر، حتى إذا ما لُوحِظَ وَجهٌ واحدٌ فقط بنظرتَينِ، فإنه يَدُلُّ على الصَّانعِ والحشرِ معًا، فمثلا: إذا لوحِظتْ ماهيةُ ما هو ظاهِرٌ في أغلبِ الأشياءِ من تَنظِيمِ الحكمةِ وتَزيِينِ العِنايةِ وتقديرِ العَدالةِ ولطَافةِ الرَّحمةِ، تُبيِّنُ أنها صادِرةٌ من يَدِ القُدرةِ لصانِع حكيمٍ، كريمٍ، عَادلٍ، رحيمٍ؛ كذلك إذا لُوحِظتْ عَظمةُ هذه الصِّفاتِ الجليلةِ وقوَّتُها وطلاقتُها، مع قِصَر حياةِ هذه الموجوداتِ في هذه الدنيا وزَهادَتِها فإن الآخرةَ تَتبَيَّنُ من خِلالِها،

    أي إنَّ كلَّ شيءٍ يَقرأُ ويَستقرِئُ بلسانِ الحالِ: آمَنتُ بِالله وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ

    الخاتمة

    إنَّ الحقائقَ الاثنتَيْ عَشْرةَ السابِقةَ يُؤيِّدُ بعضُها البعضَ الآخرَ، وتُكمِّلُ إحداها الأُخرَى وتَسنُُدُها وتَدعمُها، فتَتبَيَّنُ النتيجَةُ من مجموعِها واتِّحادِها معًا؛ فأيُّ وَهْم يُمكِنُه أن يَنْفُذَ من هذه الأسوارِ الاِثنَيْ عشَرَ المُحكمةَ كالحديدِ، بل الألماسِ، ليُزعزِعَ الإيمانَ بالحشرِ المُحصَّنِ بالحِصنِ الحصِينِ؟

    فالآيةُ الكرِيمةُ ﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ اِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ (لقمان:28)

    تُفِيدُ أن خلقَ جميعِ البشرِ وحَشرَهُم سَهلٌ ويَسيرٌ على القُدرَةِ الإلهيةِ، كخلقِ إنسانٍ واحدٍ وحَشْرِهِ؛ نعم، وهو هكذا حيثُ فُصِّلتْ هذه الحقِيقةُ في بَحثِ «الحشر» من رسَالةِ «نُقطةٌ من نورِ مَعرِفةِ اللهِ جلَّ جلالُه»، إلّا أننا سَنشِيرُ هنا إلى خُلاصتِها مع ذكرِ الأمثلةِ، ومَن أرادَ التفصيلَ فَليُراجِع تلك الرسالةَ.

    فمثلا: ولله المثلُ الأعلى -ولا جدالَ في الأمثالِ- إن الشَّمسَ مثلما تُرسِل -ولو إراديًّا- ضوءَها بسهولةٍ تامةٍ إلى ذَرةٍ واحدةٍ، فإنها تُرسِلُه بالسهولةِ نفسِها إلى جميع الموادِّ الشفافَةِ التي لا حَصرَ لها، وذلك بسِرِّ «النُّورانيةِ»؛

    وإنَّ أخذَ بُؤبُؤِ ذرّةٍ شفافةٍ واحِدةٍ لصورةِ الشمسِ مُساوٍ لأخذِ سَطحِ البحرِ الواسِعِ لها، وذلك بسِرِّ«الشَّفافِيَّةِ»؛

    وإنَّ الطفلَ مثلما يُمكِنُه أن يحرِّكَ دُميَتَه الشبيهةَ بالسفِينَةِ، يُمكِنُه أن يُحرِّكَ كذلك السفينةَ الحقيقيَّةَ، وذلك بِسرِّ «الانتِظامِ» الذي فيها؛

    وإنَّ القائِدَ الذي يُسيِّرُ الجنديَّ الواحدَ بأمر «سِرْ»، يسوقُ الجيشَ بأكملِه بالكلمة نفسِها، وذلك بسرِّ «الامتِثالِ والطَّاعةِ».

    ولو افتَرضْنا في الفضاءِ ميزانًا كبيرًا جدًا، وحسَّاس بحيثُ يتحسَّسُ وزنَ جَوْزَةٍ صغيرةٍ في الوقتِ الذي يمكِنُ أن توضَعَ في كِفَّتيْهِ شَمسانِ، ووُجِدَت في الكِفَّتيْنِ جَوْزَتانِ أو شَمسانِ، فإن الجُهدَ المبذولَ لرفعِ إحدَى الكِفَّتيْنِ إلى الأعلى والأخرَى إلى الأسفلِ هو الجُهدُ نفسُه، وذلك بسرِّ «الموازَنةِ».

    فما دام أكبرُ شيءٍ يتساوَى مع أصغرِهِ، وما لا يُعدُّ من الأشياءِ يَظهَرُ كالشيءِ الواحِدِ في هذه المخلوقاتِ والممكناتِ الاعتِياديَّةِ -وهي ناقِصةٌ فانِيةٌ- لما فيها من «النُّورانِيَّةِ والشفافيَّةِ والانتظامِ والامتِثالِ والموازَنةِ» فلا بُدَّ أنه يتساوى أمامَ القديرِ المطلقِ القَليلُ والكثيرُ، والصغيرُ والكبيرُ، وحشرُ فردٍ واحدٍ وجميعِ الناسِ بصَيحةٍ واحِدةٍ، وذلك بالتجلياتِ «النُّورانيَّةِ» المطلقةِ لقدرتِه الذاتِيَّةِ المطلقةِ وهي في منتهى الكمالِ، و«الشَّفافيَّةِ» في مَلكوتيَّةِ الأشياءِ، و«انتِظامِ» الحِكمةِ والقَدرِ، و«امتِثالِ» الأشياءِ وطاعَتِها لأوامرِهِ التكوِينِيَّةِ امتثالا كامِلا، وبسِرِّ «مُوازَنةِ» الإمكانِ الذي هو تَساوِي الممكناتِ في الوُجودِ والعَدمِ.

    ثم إنَّ مراتِبَ القوَّةِ والضَّعفِ لشيءٍ مَا عبارةٌ عن تداخُلِ ضِدِّهِ فيهِ، فدَرجاتُ الحرارةِ -مثلا- ناتجةٌ من تداخُلِ البُرودَةِ، ومَراتبُ الجمالِ متولِّدةٌ من تداخلِ القُبحِ، وطبقاتُ الضوءِ من دُخولِ الظلامِ؛ إلّا أنّ الشيءَ إن كان ذاتيا غيرَ عَرَضيٍّ، فلا يمكنُ لضِدِّهِ أن يَدخُلَ فيه، وإلّا لزِمَ اجتماعُ الضِّدَّين وهو محالٌ، أي إنه لا مراتبَ فيما هو ذاتيٌّ وأصيلٌ، فما دامت قدرةُ القديرِ المطلقِ ذاتِيةً، وليست عَرَضَيَّةً كالممكناتِ، وهي في الكمالِ المطلقِ، فمنَ المحالِ إذن أن يَطرأَ عليها العَجزُ الذي هو ضِدُّها،

    أي إنّ خَلقَ الربيعِ بالنِّسبَةِ لذي الجلالِ هيِّنٌ كخلقِ زَهرةٍ واحدةٍ، وبَعثَ الناسِ جميعا سهلٌ ويَسيرٌ عليه كبعثِ فردٍ منهم، بخلافِ ما إذا أُسنِدَ الأمرُ إلى الأسبابِ الماديةِ، فعِندئذٍ يكونُ خَلقُ زَهرةٍ واحدةٍ صعبًا كخلقِ الرَّبيعِ.

    وكلُّ ما تَقدَّمَ من الأمثلةِ والإيضاحاتِ -منذُ البدايةِ- لصُوَر الحشرِ وحقائقِه ما هي إلَّا من فيضِ القرآنِ الكَريمِ، وما هي إلّا لتهيئةِ النَّفسِ للتَّسليمِ والقلبِ للقَبولِ؛ إذ القولُ الفصلُ للقرآنِ الكريمِ والكلامُ كلامُه، والقولُ قولُه، فلْنستَمِعْ إليه..

    فللّه الحجَّة البالغة..

    فَانْظُرْ اِلٰٓى آثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ (الروم:50) ﴿ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِىَ رَم۪يمٌ ❀ قُلْ يُحْي۪يهَا الَّذ۪ٓي اَنْشَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَل۪يمٌ ﴾ (يس:78-79) ﴿ يَٓا اَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّـكُمْ اِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظ۪يمٌ ❀ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّٓا اَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارٰى وَمَا هُمْ بِسُكَارٰى وَلٰكِنَّ عَذَابَ اللّٰهِ شَد۪يدٌ ﴾ (الحج:1-2) ﴿ اَللّٰهُ لَٓااِلٰهَ اِلَّاهُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ اِلٰى يَوْمِ الْقِيٰمَةِ لَا رَيْبَ ف۪يهِ وَمَنْ اَصْدَقُ مِنَ اللّٰهِ حَد۪يثًا ﴾ (النساء:87)

    ﴿ اِنَّ الْاَبْرَارَ لَف۪ي نَع۪يمٍ ❀ وَ اِنَّ الْفُجَّارَ لَف۪ي جَح۪يمٍ ﴾ (الانفطار:13-14)

    ﴿ اِذَا زُلْزِلَتِ الْاَرْضُ زِلْزَالَهَا ❀ وَاَخْرَجَتِ الْاَرْضُ اَثْقَالَهَا ❀ وَقَالَ الْاِنْسَانُ مَالَهَا ❀ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ اَخْبَارَهَا ❀ بِاَنَّ رَبَّكَ اَوْحٰى لَهَا ❀ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ اَشْتَاتًا لِيُرَوْا اَعْمَالَهُمْ ❀ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ❀ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ (سورة الزلزال)

    ﴿ اَلْقَارِعَةُ ❀ مَا الْقَارِعَةُ ❀ وَمَٓا اَدْرٰيكَ مَا الْقَارِعَةُ ❀ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ❀ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ❀ فَاَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَاز۪ينُهُ ❀ فَهُوَ ف۪ي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ❀ وَاَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ❀ فَاُمُّهُ هَاوِيَةٌ ❀ وَمَٓا اَدْرٰيكَ مَاهِيَهْ ❀ نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾ (سورة القارعة)

    ﴿ وَ لِلّٰهِ غَيْبُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَمَٓا اَمْرُ السَّاعَةِ اِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اَوْ هُوَ اَقْرَبُ اِنَّ اللّٰهَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ ﴾ (النحل:77)

    ولْنستَمِع إلى أمثالِ هذه الآياتِ البيِّناتِ، ولنقُل: آمنَّا وصدَّقنا..

    آمَنْتُ بِاللّٰهِ وَمَلٰئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللّٰهِ تَعَالٰى وَالْبَعْثُ بَعْدَ الْمَوْتِ حَقٌّ وَاَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ وَاَنَّ الشَّفَاعَةَ حَقٌّ وَاَنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا حَقٌّ وَاَنَّ اللّٰهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ

    اَشْهَدُ اَنْ لَااِلٰهَ اِلَّااللّٰهُ وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللّٰهِ

    اَللّٰهُمَّ صَلِّ عَلٰى اَلْطَفِ وَاَشْرَفِ وَاَكْمَلِ وَاَجْمَلِ ثَمَرَاتِ طُوبَاءِ رَحْمَتِكَ الَّذِي اَرْسَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَوَسِيلَةً لِوُصُولِنَا اِلٰى اَزْيَنِ وَاَحْسَنِ وَاَجْلٰى وَاَعْلٰى ثَمَرَاتِ تِلْكَ الطُّوبَاءِ الْمُتَدَلِّيَةِ عَلٰى دَارِ الْآخِرَةِ اَىِ الْجَنَّةِ ❀ اَللّٰهُمَّ اَجِرْنَا وَاَجِرْ وَالِدَيْنَا مِنَ النَّارِ وَاَدْخِلْنَا وَاَدْخِلْ وَالِدَيْنَا الْجَنَّةَ مَعَ الْاَبْرَارِ بِجَاهِ نَبِيِّكَ الْمُخْتَارِ آمِينَ

    فيا أيها الأخُ القارِئُ لهذه الرسَالةِ بإنْصافٍ!

    لا تَقُل لِمَ لا أُحِيطُ فهمًا بهذه الكلمةِ العاشرةِ.. لا تَغتَمَّ ولا تتَضايقْ من عَدمِ الإحاطةِ بها، فإنَّ فَلاسِفةً دُهاةً -أمثالَ ابنِ سِينا(*)- قد قالوا: «الحشرُ ليسَ على مَقايِيسَ عَقليةٍ» أي نُؤمِنُ به فحَسبُ، فلا يُمكِنُ سلوكُ سَبيلِه، وسبرُ غَورِه بالعقلِ.. وكذلك اتَّفقَ علماءُ الإسلامِ بأن قَضيَّةَ الحشرِ قَضِيّةٌ نقليَّةٌ، أي إنَّ أدلَّتَها نقليةٌ، ولا يمكنُ الوصولُ إليها عَقلًا؛ لذا فإن سَبيلًا غائِرا، وطَريقًا عَاليا سامِيا في الوقت نفسِه، لا يُمكِنُ أن يكونَ بسُهولةِ طَريقٍ عامٍّ يمكن أنْ يسلُكَه كلُّ سالِكٍ.

    ولكن بفيضِ القرآنِ الكَريمِ، وبرَحمةِ الخالقِ الرَّحيمِ قد مُنَّ علينا السَّيرُ في هذا الطريقِ الرفيعِ العَميقِ، في هذا العَصرِ الذي تَحطَّمَ فيه التقليدُ وفسدَ الإذعانُ والتسليمُ؛ فما علينا إلّا تقدِيمُ آلافِ الشُّكرِ إلى البارئِ عزَّ وجلَّ على إحسانِه العميمِ وفَضلِه العَظيمِ، إذ إنَّ هذا القدْرَ يكفِي لإنقاذِ إيمانِنا وسلامتِه، فلا بُدَّ أن نرضَى بمِقدارِ فهمِنا ونَزيدَه بتكرارِ المطالعةِ.

    هذا وإنَّ أحدَ أسرارِ عَدمِ الوُصولِ إلى مسألةِ الحشر عقلا هو أنّ الحشرَ الأعظمَ من تَجلِّي «الاسمِ الأعظَمِ»، لذا فإن رُؤيةَ وإِراءةَ الأفعالِ العَظيمةِ الصَّادرةِ من تَجلِّي الاسمِ الأَعظَمِ، ومن تجلي المرتبةِ العُظمَى لكلِّ اسمٍ منَ الأسماءٍ الحسنى هي التي تَجعلُ إثباتَ الحشرِ الأعظمِ سهلا هيِّنا وقاطعًا كإثباتِ الرَّبيعِ وثبوتِه، والذي يُؤدِّي إلى الإذعانِ القطعيِّ والإيمانِ الحقِيقيِّ. وعلى هذه الصُّورةِ تَوضَّحَ الحَشرُ ووُضِّحَ في هذه «الكلمةِ العاشِرةِ» بفيضِ القُرآنِ الكريمِ، وإلّا لو اعتَمدَ العَقلُ على مَقايِيسِهِ الكَليلةِ لظلَّ عاجِزًا مُضطرًا إلى التَّقليدِ.

    * * *

    ذيلٌ مهمٌ للكلمةِ العاشِرةِ والقطعة الأولى من لاحقتها

    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

    ﴿ فَسُبْحَانَ اللّٰهِ ح۪ينَ تُمْسُونَ وَح۪ينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَعَشِيًّا وَح۪ينَ تُظْهِرُونَ ❀ يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَيُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذٰلِكَ تُخْرَجُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ٓ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ اِذَٓا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ٓ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُٓوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ خَلْقُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ اِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِلْعَالِم۪ينَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ مَنَامُكُمْ بِالَّيْلِ وَالنَّـهَارِ وَابْتِغَٓاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِـه۪ اِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ يُر۪يكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَٓاءِ مَٓاءً فَيُحْيِي بِهِ الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ف۪ي ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ❀ وَمِنْ آيَاتِـه۪ٓ اَنْ تَقُومَ السَّمَٓاءُ وَالْاَرْضُ بِأَمْرِه۪ ثُمَّ اِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْاَرْضِ اِذَٓا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ❀ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ❀ وَهُوَ الَّذ۪ي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُع۪يدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْاَعْلٰى فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَهُوَ الْعَز۪يزُ الْحَك۪يمُ ﴾ (الروم:17-27)

    سنُبيّن في هذا «الشُّعاعِ التاسعِ» بُرهانا قويا، وحجةً كبرى، لما تُبيِّنُه هذه الآياتُ الكريمةُ من مِـحوَرِ الإيمانِ وقُطبِه، وهو الحشرُ، ومن البراهِينِ الساميةِ المقدَّسةِ الدالةِ علَيهِ.

    وإنه لعِنايةٌ ربانِيةٌ لطيفةٌ أن كَتبَ «سعيدٌ القدِيمُ» قبل ثلاثين سنةً في خِتام مُؤلَّفِه «محاكمات» الذي كتبَه مُقدِّمةً لتفسيرِ «إشاراتِ الإعجازِ في مظانِّ الإيجازِ» ما يأتي:

    المقصِد الثاني: سوفَ تُفسَّر آيتانِ تُبيِّنان الحشرَ وتُشيرانِ إليهِ. ولكنه ابتَدأَ بـ: نخو([31]) بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ وتوقَّفَ، ولم تُتَح له الكِتابةُ. فألْفُ شُكرٍ وشُكرٍ للخالقِ الكريمِ وبِعَددِ دلائِلِ الحشرِ وأماراتِه أن وفَّقنِي لبيان ذلك التفسيرِ بعدَ ثلاثين سنةً،

    فأنعمَ سبحانَه وتعالى عليَّ بتَفسِيرِ الآيةِ الأُولَى:

    فَانْظُرْ اِلٰٓى آثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتٰى وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَد۪يرٌ (الروم:50)

    وذلكَ قبلَ نَحوِ عَشرِ سَنواتٍ، فأصْبحتِ «الكلمةَ العاشِرةَ» و«الكلمةَ التاسِعةَ والعشرينَ» وهما حُجَّتان ساطعتانِ قويَّتانِ أخْرستَا المنكرينَ الجاحِدينَ..

    وبعدَ حَوالي عَشرِ سنواتٍ من بيانِ ذلِكُما الحِصنَينِ الحَصِينَينِ للحشرِ، أفاضَ عليَّ سبحانَه وتعالى وأنعمَ بتَفسيرِ الآياتِ المتصدِّرةِ لهذا الشعاعِ، فكانَ هذه الرِّسالةَ. هذا «الشُّعاعُ التاسِعُ» عبارةٌ عن مُقدِّمةٍ مُهمة وتِسعةِ مقاماتٍ سَاميةٍ، أشارت إليها الآياتُ الكريمةُ.

    المقدمة

    هذه المقدِّمةُ نقطتان: سَنذكرُ أَولًا وباخْتصارٍ نتيجةً واحِدةً جامعةً من بين النتائجِ الحياتِيَّةِ والفوائدِ الرُّوحيةِ لعقِيدةِ الحشرِ، مُبيِّنينَ مدى ضرُورةِ هذه العقيدةِ للحياةِ الإنسانيَّةِ ولاسيَّما الاجتماعيةِ. ونُورِدُ كذلك حُجةً كلِّيةً واحدةً -من بين الحُجَجِ العديدةِ لعقيدةِ الإيمانِ بالحشرِ- مُبيِّنينَ أيضا مدى بداهتِها ووُضوحِها حيثُ لا يداخِلها ريبٌ ولا شُبهةٌ.

    النقطة الأولى

    سَنشِيرُ إلى أربعةِ أدلَّةٍ على سبيلِ المثالِ وكنَمُوذَجٍ قياسيٍّ من بَين مئاتِ الأدلةِ على أن عقيدةَ الآخِرةِ هي أُسُّ الأساسِ لحياةِ الإنسانِ الاجتِماعيةِ والفرديةِ، وأساسُ جميعِ كمالاتِه ومُثلِه وسعادَتِه.

    الدليل الأول إنَّ الأطفالَ الذينَ يُمثِّلونَ نِصفَ البشريَّةِ، لا يمكِنُهم أن يتَحمَّلوا تلك الحالاتِ التي تَبدُو مُؤلِمةً ومُفجِعةً أمامَهم من حالاتِ الموتِ والوَفاةِ إلّا بما يَجدونَه في أنفسِهِم وكِيانِهم الرقِيقِ اللطيفِ من القوَّةِ المعنويَّةِ النَّاشئةِ من «الإيمانِ بالجنَّةِ»، ذلك الإيمانِ الذي يَفتَحُ بابَ الأملِ المُشرقِ أمام طبائِعِهمُ الرَّقيقةِ التي لا تتمكنُ من المقاوَمةِ والصمودِ وتَبكِي لأدنَى سَببٍ؛ فيتَمكَّنونَ به من العيش بهناءٍ وفَرحٍ وسُرورٍ، فيُحاوِرُ الطِّفلُ المؤمنُ بالجنةِ نفسَه: إن أخي الصغيرَ أو صديقي الحبيبَ الذي تُوُفي، أصبحَ الآن طيْرًا من طيورِ الجنةِ، فهو إذن يَسرحُ من الجنةِ حيثُ يشاءُ، ويَعيشُ أفضلَ وأهنأَ مِنَّا. ([32])

    وإلّا فلولا هذا الإيمانُ بالجنةِ، لهَدمَ الموتُ الذي يُصِيبُ أطفالا أمثالَه -وكذلك الكبارَ- تلك القوَّةَ المعْنوِيَّةَ لهؤلاء الذين لا حِيلةَ لهم ولا قوَّة، ولحطَّمَ نفسِياتِهِم، ولدَمَّر حياتَهم ونغَّصَها، فتَبكِي عِندئذٍ جميعُ جوارحِهم ولطائِفهِم من رُوحٍ وقلبٍ وعقلٍ مع بُكاءِ عيونِهم؛ فإمَّا أن تموتَ أحاسِيسُهم وتَغلُظَ مشاعِرُهم أو يُصبِحُوا كالحيواناتِ الضالةِ التَّعِسةِ.

    الدليل الثاني إنَّ الشُّيوخَ الذين هم نِصفُ البَشريةِ، إنما يتَحمَّلونَ ويَصبِرونَ وهم على شَفيرِ القَبرِ بـ«الإيمانِ بالآخِرةِ»، ولا يَجدونَ الصَّبرَ والسُّلوانَ من قُربِ انطفاءِ شُعلةِ حَياتِهم العَزيزةِ عليهم، ولا مِنِ انغِلاقِ بابِ دنياهُمُ الحلوَةِ الجميلةِ في وُجوهِهم إلّا في ذلك الإيمانِ؛ فهؤلاءِ الشُّيوخُ الذين عادُوا كالأطفالِ وأصبحوا مُرهَفي الحِسِّ في أرواحِهم وطبائِعهِم، إنما يُقابِلونَ ذلك اليأسَ القاتِلَ الأليمَ الناشِئَ من الموتِ والزَّوالِ، ويَصبِرونَ عليه بالأملِ في الحياةِ الآخِرةِ،

    وإلّا فلولا هذا الإيمانُ بالآخرةِ لشعرَ هؤلاءِ الآباءُ والأمهاتُ الذين هم أجدَرُ بالشَّفَقةِ والرَّأفةِ والذين هم في أشدِّ الحاجةِ إلى الاطمئنانِ والسَّكينةِ والحياةِ الهادِئةِ، ضِرامًا رُوحيًّا واضطِرابًا نَفسِيًّا وقَلقًا قلبيًّا، ولضاقتْ عليهم الدنيا بما رَحُبت، ولتَحوَّلت سِجنا مُظلِما رَهيبًا، ولانقَلبَتِ الحياةُ إلى عذابٍ أليمٍ قاسٍ.

    الدليل الثالث إنَّ الشَّبابَ والمراهِقينَ الذين يُمثِّلونَ مِـحوَرَ الحياةِ الاجتماعيةِ لا يُهدِّئُ فَوْرَةَ مشاعِرهِم، ولا يَمنعهُم من الظُّلمِ والتخريبِ وتجاوزِ الحدودِ، ولا يَمنعُ طيشَ أنفُسِهم ونَزواتِها، ولا يُؤمِّنُ السيرَ الأفضلَ في علاقاتِهمُ الاجتماعِيَّةِ إلّا الخوفُ من نارِ جهنمَ،

    فلولا هذا الخوفُ من عذابِ جهنَّمَ لقَلَبَ هؤلاء المراهقونَ الطائِشونَ الثَّمِلونَ بأهوائِهمُ الدنيا إلى جَحيمٍ تَتأجَّجُ على الضُّعفاءِ والعجائزِ، حيث «الحُكمُ للغالبِ» ولَحَوَّلوا الإنسانِيَّةَ السَّامِيةَ إلى حَيوانيَّةٍ سافلةٍ.

    الدليل الرابع إن الحياةَ العائِليةَ هي مَركزٌ جامِعٌ لحياةِ البشرِ الدُّنيويةِ ولَولبُها وهي جَنةُ سَعادتِها وقَلعتُها الحصِينةُ وملجؤُها الأمينُ؛ وإنَّ بيتَ كلِّ فردٍ هو عالَمُه ودنياه الخاصَّةُ، فلا سَعادةَ لِروحِ الحياةِ العائِليةِ إلّا بالاحترامِ المتبادَلِ الجادِّ والوفاءِ الخالصِ بينَ الجميعِ، والرأفةِ الصَّادقةِ والرحمةِ التي تَصِلُ إلى حدِّ التضحيةِ والإيثارِ؛ ولا يَحصُلُ هذا الاحْترامُ الخالصُ والرَّحمةُ المتبادَلةُ الوَفيّةُ إلّا بالإيمانِ بوُجودِ علاقاتِ صداقةٍ أبديَّةٍ، ورِفقةٍ دائِمةٍ، ومَعيَّةٍ سرمديةٍ، في زَمنٍ لا نهايةَ له، وتحتَ ظِلِّ حياةٍ لا حدودَ لها، تربطُها علاقاتُ أُبوَّةٍ مُحترمةٍ مَرموقةٍ، وأُخوَّةٍ خالصةٍ نَقيةٍ، وصَداقةٍ وفيَّةٍ نزيهةٍ، حيث يُحدِّثُ الزوجُ نفسَه:

    «إن زَوجتِي هذه رفيقةُ حياتي وصَاحبتِي في عالَمِ الأبَدِ والحياةِ الخالدةِ، فلا ضَيرَ إنْ أصبحَتِ الآن دميمةً أو عجوزًا، إذ إن لها جمالا أبَديًّا سيأتي، لذا فأنا مُستعِدٌّ لتقديمِ أقصَى ما يَستوجِبُه الوفاءُ والرأفةُ، وأُضحِّي بِكلِّ ما تتطلَّبُه تلك الصداقةُ الدائِمةُ»..

    وهكذا يُمكِن أن يُكِنَّ هذا الرجلُ حُبًّا ورحمةً لزوجتِه العجوزِ كما يُكِنُّه للحورِ العِين؛ وإلّا فإنَّ صُحبةً وصداقةً صُورِيةً تَستغرِقُ ساعةً أو ساعتَينِ ومن ثَم يعقُبُها فراقٌ أبديٌّ ومُفارَقةٌ دائِمةٌ لهيَ صُحبةٌ وصداقةٌ ظاهرِيَّةٌ لا أساسَ لها ولا سَندَ، ولا يُمكنُها أن تُعطِيَ إلّا رَحمةً مَجازِيةً، واحترامًا مُصطَنعًا، وعَطفًا حَيوانيَّ المشاعرِ، فضلا عن تدخُّلِ المصالحِ والشهواتِ النَّفسانِيةِ وسَيطرتِها على تلك الرَّحمةِ والاحترامِ فتَنقلِبُ عِندَئذٍ تلك الجنةُ الدُّنيويةُ إلى جَحيمٍ لا يُطاقُ.

    وهكذا فإنَّ نَتيجةً واحدةً للإيمانِ بالحشرِ من بين مئاتِ النتائجِ التي تتعلَّقُ بالحياةِ الاجتماعيَّةِ للإنسانِ، وتَعودُ إليها، والتي لها مئاتُ الأوجُهِ والفوائدِ، إذا ما قِيسَت على تلك الدلائِلِ الأربعةِ المذكورةِ آنفًا، يُدرَك أنَّ وُقوعَ حقيقةِ الحشرِ وتحقُّقَها قَطعيٌّ كقطعيةِ ثبوتِ حقيقةِ الإنسانِ الساميةِ وحاجاتِه الكُليَّةِ؛ بل هي أظهرُ دلالةً من دلالة حاجةِ المعِدةِ إلى الأطعمةِ والأغذيةِ، وأوْضحُ شهادةً منها؛ وأكثرُ دلالةً على تحققها.

    فإذا ما سُلبتِ الإنسانيةُ من هذه الحقيقةِ: الحشرِ، تُصبِحُ ماهيتُها التي هي ساميةٌ ومُهِمةٌ وحَيويَّةٌ بمثابةِ جِيفةٍ نَتِنَةٍ ومأوَى الميكروباتِ والجَراثيمِ.

    فَلْيُلقِ السَّمعَ عُلماءُ الاجتماعِ والسِّياسةِ والأخلاقِ من المعنِيِّينَ بشؤونِ الإنسانِ وأخلاقِه واجتماعِه، ولْيأتوا ويُبيِّنوا بماذا سَيملأونَ هذا الفراغَ؟ وبماذا سَيداوُونَ ويُضمِّدونَ هذه الجروحَ الغائرةَ العمِيقةَ؟!

    النقطة الثانية

    تُبيِّنُ هذه النقطةُ بإيجازٍ شَديدٍ برهانًا واحدًا -من بينِ البراهينِ التي لا حصرَ لها- على حقيقةِ الحشرِ وهو ناشئٌ من خُلاصةِ شهادةِ سائرِ الأركانِ الإيمانيَّةِ، وعلى النَّحوِ الآتي.

    إن جميعَ المعجزاتِ الدَّالةِ على رِسالةِ سيدِنا مُحمدٍ ﷺ مع جميعِ دلائلِ نبوتِه وجميعِ البَراهينِ الدَّالةِ على صِدقِه، تَشهَدُ بمجموعِها معا، على حقيقةِ الحشرِ، وتدلُّ عليها وتُثبِتُها، لأن دعوتَه ﷺ طَوالَ حياتِه المباركةِ قد انصبَّت بعدَ التَّوحيدِ على الحشرِ؛ وأنَّ جميعَ مُعجزاتِ الأنبياءِ عليهمُ السَّلامُ وحُجَجَهُمُ الدالةَ على صدقِهم والتي تَحمِلُ الناس على تَصدِيقِهم، تَشهَدُ على الحقيقةِ نفسِها،

    وهي الحشرُ، وكذا شَهادةُ «الكتبِ المنزَّلةِ» التي رقَّتِ الشهادةَ الصَّادِرةَ من «الرُّسلِ الكرامِ» إلى درجةِ البداهةِ، تَشهدانِ على الحقيقةِ نَفسِها، وعلى النَّحوِ الآتي:

    فالقرآنُ الكريمُ -ذو البيانِ المُعجِزِ- يَشهَد بجميعِ معجزاتِه وحُجَجِهِ وحقائقِه -التي تُثبِتُ أَحقِّيَّـتَهُ- على حدوثِ الحشرِ ويُثبتُه، حيثُ إنَّ ثُلثَ القرآنِ، وأوائِلَ أغلبِ السُّورِ القِصارِ، آياتٌ جليةٌ على الحشرِ، أي إنَّ القرآنَ الكريمَ يُنبِئُ عن الحقيقةِ نفسِها بآلافٍ من آياتِه الكريمةِ صَراحةً أو إشَارةً ويُثبِتُها بوضوحٍ، ويُظهِرُها بجلاءٍ.

    فمثلا: ﴿  اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾ (التكوير:1) ﴿  يَٓا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّـكُمْ اِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظ۪يمٌ ﴾ (الحج:1) ﴿ اِذَا زُلْزِلَتِ الْاَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾ (الزلزال:1) ﴿  اِذَا السَّمَٓاءُ انْفَطَرَتْ ﴾ (الانفطار:1) ﴿ اِذَا السَّمَٓاءُ انْشَقَّتْ ﴾ (الانشقاق:1) ﴿  عَمَّ يَتَسَٓاءَلُونَ ﴾ (النبأ:1) ﴿  هَلْ أَتٰيكَ حَد۪يثُ الْغَاشِيَةِ ﴾ (الغاشية:1)

    فيُثبِتُ القرآنُ الكريمُ بهذه الآياتِ وأمثالِها في مُفتَتَحِ ما يُقارِبُ أربعينَ سورةً أنَّ الحشرَ لا ريبَ فيهِ، وأنه حَدثٌ في غايةِ الأهميةِ في الكونِ، وأنَّ حُدوثَه ضَرورِيٌّ جدا ولابدَّ منه، ويُبيِّن بالآياتِ الأُخرَى دلائلَ مُختلفةً مُقنِعةً على تلك الحقيقةِ.

    تُرى إنْ كان كتابٌ تُثمِرُ إشارةٌ واحدةٌ لآيةٍ من آياتِه تلك الحقائقَ العِلميةَ والكونِيةَ المعروفةَ بالعلومِ الإسلامِيّةِ، فكيف إذن بشَهادَةِ آلافٍ من آياتِه ودَلائِلِه التي تُبيِّنُ الإيمانَ بالحشر كالشَّمسِ ساطِعةً؟ ألا يكون الجُحودُ بهذا الإيمانِ كإنكارِ الشَّمسِ بل كإنكارِ الكائِناتِ قاطبةً؟! ألا يكونُ ذلك باطلًا ومُحالًا في مئةِ مُحالٍ؟!

    تُرى هل يُمكِن أن يُوصَم آلافُ الوعدِ والوَعِيدِ لكلامِ سُلطانٍ عَزيزٍ عظيمٍ بالكذبِ أو أنَّها بِلا حَقيقةٍ، في حينِ قد يخوضُ الجيشُ غِمارَ الحربِ لئلا تُكذَّب إشارةٌ صادِرةٌ من سُلطانٍ،

    فكيفَ بالسلطانِ المعنَويِّ العظيمِ الذي دامَ حُكمُه وهَيمَنتُه ثلاثةَ عَشرَ قرنًا دونَ انقِطاعٍ، فربَّى ما لا يُعدُّ من الأرواحِ والعُقولِ والقلوبِ والنُّفوسِ، وزكَّاها وأَدارَهاَ على الحقِّ والحقِيقةِ، ألا تَكفِي إشارةٌ واحِدةٌ منه لإثباتِ حَقيقةِ الحشرِ؟ عِلمًا أنّ فيه آلافَ الصَّراحَةِ الواضِحةِ المُثبِتَةِ! أليس الذي لا يُدرِكُ هذه الحقيقةَ الواضِحةَ أحمقَ جاهِلا؟ ألا يكونُ من العَدالةِ المحضَةِ أن تكونَ النارُ مَثواهُ؟

    ثم إنَّ الصُّحُفَ السماويةَ والكتبَ المقدَّسَةَ جميعَها التي حكَمت كلٌّ منها لفترةٍ من العصورِ والأزمِنةِ، قد صَدَّقتْ بآلافٍ من الدَّلائِلِ دعوَى القرآنِ الكريمِ في حقيقةِ الحشر مع أن بيانَها لها مختصَرٌ وموجَزٌ، وذلك بمُقتضَى زَمانِها وعَصرِها، تلك الحَقيقةُ القاطِعةُ التي بيَّنها القرآنُ الكريمُ الذي سادَ حُكمُه على العُصورِ جَميعِها، وهَيمَنَ على المستقبلِ كلِّه، بيَّنها بجلاءٍ وأفاضَ في إيضاحِها.

    يُدرَجُ هنا نصُّ ما جاءَ في آخر رسالة «المناجاة» انسِجامًا مع البحثِ، تلك الحُجَّةُ القاطعةُ المُلخَّصَةُ للحشر، والناشئةُ من شَهادةِ سائرِ الأركانِ الإيمانِيّةِ ولا سيما الإيمان بالرسلِ والكتبِ ودَلالتِها على الإيمانِ باليومِ الآخِرِ، والتي تُبدِّدُ الأوهامَ والشكوكَ، حيثُ جَاءتْ بأسلوبٍ موجَزٍ، وعلى صُورةِ مُناجَاةٍ.

    «يا رَبي الرَّحيمَ.. لقد أدركتُ بتَعليمِ الرَّسولِ ﷺ وفهِمتُ من تَدرِيسِ القرآنِ الحكيمِ، أنَّ الكتبَ المقدَّسَةَ جَميعَها، وفي مُقدِّمتِها القرآنُ الكريمُ، والأنبِياءَ عليهم السلامُ جَميعَهم، وفي مُقدِّمتِهم الرسولُ الأكرمُ ﷺ، يدُلُّونَ ويَشهَدونَ ويُشِيرونَ بالإجماعِ والاتِّفاقِ إلى أنَّ تجلياتِ الأسماءِ الحسنَى -ذاتِ الجلالِ والجمالِ- الظاهِرةِ آثارُها في هذه الدنيا، وفي العوالمِ كافَّةً، سَتدُومُ دواما أسْطعَ وأبهرَ في أبدِ الآبادِ.. وأنَّ تَجلِّياتِها -ذاتَ الرحمةِ- وآلاءَها المشاهَدةَ نماذِجُها في هذا العالم الفاني، سَتُثمِرُ بأبهى نُورٍ وأعظمِ تألُّقٍ، وسَتبقَى دوما في دارِ السَّعادةِ.. وأن أولئكَ المشتاقين الذين يَتمَلَّوْنَها -في هذه الحياةِ الدنيا القَصيرةِ- بِلَهفةٍ وشَوقٍ سَيرافِقونَها بالمحبَّةِ والوُدِّ، ويَصحَبونَها إلى الأبَدِ، ويَظلُّونَ معها خالِدينِ..

    وأن جَمِيعَ الأنبياءِ وَهُم ذَوُو الأرواحِ النَّيرةِ وفي مُقدِّمتِهم الرسولُ الأكرمُ ﷺ، وجميعَ الأولياءِ وَهُم أقطابُ القلوبِ المنوَّرةِ، وجَميعَ الصِّدِّيقينَ وهم مَنابعُ العُقولِ النافِذةِ النيِّرةِ، كلُّ أولئكَ يُؤمِنونَ إيمانًا راسِخًا عَمِيقًا بالحشر ويَشهَدونَ عليه ويُبشِّرونَ البَشرِيَّةَ بالسعادةِ الأبدِيّةِ، ويُنذِرونَ أهلَ الضَّلالةِ بأن مَصيرَهمُ النَّارُ، ويُبشِّرونَ أهل الهِدايةِ بأن عاقِبتَهمُ الجنَّةُ، مُستنِدينَ إلى مئاتِ المعجِزاتِ الباهِرةِ والآياتِ القاطِعةِ، وإلى ما ذَكرتَه أنتَ يا ربي مِرارًا وتَكرارًا في الصُّحفِ السماويةِ والكتبِ المقدّسَةِ كلِّها من آلافِ الوَعدِ والوَعِيدِ؛ ومعتَمدِينَ على عِزّةِ جلالِكَ وسُلطانِ رُبوبيّتِكَ وشُؤونِكَ الجليلةِ، وصِفاتِك المقدّسَةِ كالقُدرَةِ والرَّحمةِ والعِنايةِ والحِكمةِ والجلالِ والجمالِ، وبِناءً على مُشاهَداتِهم وكشفِياتِهم غيرِ المعدُودةِ التي تُنبِئُ عن آثار الآخِرةِ ورَشَحاتِها، وبناءً على إيمانِهم واعتِقادِهم الجازِمِ الذي هو بِدرجَةِ عِلمِ اليقينِ وعَينِ اليقينِ.

    فَيا قديرُ ويا حكيمُ ويا رَحمنُ ويا رحِيمُ ويا صادِقَ الوعدِ الكريم، ويا ذا العِزَّةِ والعَظمةِ والجلالِ ويا قهّارُ ذو الجلال أنتَ مُقدَّسٌ ومُنزَّهٌ، وأنتَ مُتعالٍ عن أن تَصِم بالكذبِ كلَّ أوليائِك و كلَّ وُعُودِكَ وصِفاتِك الجليلةِ وشُؤونِكَ المقدَّسةِ.. فتُكذِّبَهم، وأنْ تَحجُبَ ما يَقتضِيه قطعا سلطانُ رُبوبيَّتِك بعدم استجابتِك لتلك الأدعيةِ الصَّادرةِ من عِبادِك الصَّالحينَ الذين أحبَبتَهم وأحبُّوكَ، وحبَّبوا أنفُسَهم إليكَ بالإيمانِ والتَّصديقِ والطاعَةِ، فأنتَ مُنزَّهٌ ومُتعالٍ مُطلَقٌ عن أن تُصدِّقَ أهلَ الضَّلالةِ والكُفرِ في إنكارِهِمُ الحشرَ، أولئِكَ الذين يتَجاوَزونَ على عَظمَتِك وكِبريائِك بكفرِهم وعِصيانِهم وتَكذيبِهم لكَ ولوُعودِك، والذين يَستَخِفُّونَ بِعزِّةِ جَلالِك وعَظمةِ ألوهيَّتِك ورَأفةِ رُبوبيَّتِك.. فنحن نُقدِّسُ بلا حدٍ ولا نهايةٍ عَدالتَك وجَمالَك المطلَقَيْن ورحمتَك الواسِعةَ ونُنزِّهُها من هذا الظُّلمِ والقُبحِ غيرِ المتَناهِي..

    ونَعتقِدُ ونُؤمِنُ بِكلِّ ما أُوتِينا من قُوَّةٍ بأن الآلافَ من الرُّسلِ والأنبياءِ الكِرام،([33]) وبما لا يُعدُّ ولا يُحصَى من الأصفياءِ والأولياءِ الذينَ همُ المُنادُونَ إليكَ هم شاهِدُونَ بِحقِّ اليقينِ وعَينِ اليقينِ وعِلمِ اليقينِ على خَزائنِ رَحمتِك الأُخرَويَّةِ وكُنوزِ إحساناتِك في عالم البقاءِ، وتَجلياتِ أسمائِك الحُسنَى التي تَنكشِفُ كُلِّيا في دارِ السعادةِ.. ونُؤمِنُ أن هذه الشهادةَ حقٌ وحَقِيقةٌ، وأن إشاراتِهم صِدقٌ وواقِعٌ، وأن بِشاراتِهم صَادِقةٌ وواقِعةٌ.. فهَؤلاءِ جميعا يُؤمِنونَ بأن هذهِ الحقيقةَ الكبرى (أي الحشر) شُعاعٌ عَظيمٌ من اسمِ «الحقِّ» الذي هوَ مَرجِعُ جَميعِ الحقائقِ وشَمسُها، فيُرشِدونَ عِبادَك -بإذنٍ منك- ضمنَ دائرةِ الحقِّ، ويُعلِّمونَهم بعين الحقِيقةِ.

    فيا ربِّي، بحق دُروسِ هؤلاءِ، وبحُرمَةِ إرشاداتِهم، آتِنا إيمانًا كاملا وارزُقنا حُسْنَ الخاتمةِ، لنا ولطُلابِ النورِ، واجعلنا أهلا لشَفاعتِهم.. آمين».

    وهكذا فإنَّ الدلائلَ والحُجَجَ التي تُثبِتُ صِدقَ القرآنِ الكَريمِ بل جَميعِ الكُتبِ السَّماويةِ، وإنَّ المعجِزاتِ والبراهينَ التي تُثبِتُ نُبوَّةَ حَبيبِ الله بلِ الأنبياءِ جَميعِهم.. كما أنّها تُثبِتُ بدَورِها أهمَّ ما يدعونَ إليه، وهو تَحقُّقُ الآخِرةِ وتَدلُّ عليه؛ كذلك فإنَّ أغْلبَ الأدِلّةِ والحُجَجِ الشَّاهِدةِ على وُجودِ واجِبِ الوُجودِ ووَحدَتِه سبحانَه، هي بِدَورِها شاهِدةٌ على دارِ السَّعادةِ وعالم البقاءِ التي هي مَدارُ الرُّبوبِيّةِ والألوهيّةِ وأعظمُ مَظهَرٍ لهما، وهي شاهِدةٌ على وُجودِ تلك الدارِ وانفِتاحِ أبوابِها

    -كما سَيُبيَّنُ في المقاماتِ الآتيةِ- لأن وُجودَه سبحانَه وتعالى، وصِفاتِه الجليلةَ، وأغلبَ أسمائِه الحسنَى، وشُؤونَه الحكِيمةَ، وأوصافَه المقدّسَةَ أمثالَ الرُّبوبِيّةِ والألوهيّةِ والرحمةِ والعِنايةِ والحِكمةِ والعَدالةِ، تَقتضِي جَميعُها الآخِرةَ وتُلازِمُها، بل تَستلزِمُ وجودَ عالمِ البقاءِ بدَرجةِ الوُجوبِ وتَطلُبُ الحشرَ والنُّشورَ للثوابِ والعِقابِ بدَرجةِ الضَّرورَةِ أيضا.

    نعم، ما دامَ الله مَوجودًا، وهو واحِدٌ، أزَليٌّ أبَديٌّ، فلابُدَّ أنَّ مِـحْورَ سلطانِ ألوهيّتِهِ وهو الآخِرةُ، مَوجودٌ أيضا.. وما دامَتِ الرُّبوبِيّةُ المطلقةُ التي هي ذاتُ جَلالٍ وعَظمةٍ وحِكمةٍ ورَأفةٍ تتجلَّى ظاهِرةً واضِحةً في هذه الكائِناتِ ولا سيما في الأحياءِ، فَلابدَّ أنَّ هناك سعادةً أبدِيةً تَنفِي عن الرُّبوبِيّةِ المطلَقةِ أيَّ ظنٍّ بكونها تَتركُ الخلقَ هَمَلا دونَ ثوابٍ، وتُبرِئُ الحِكمةَ من العَبثِ، وتَصونُ الرَّأفةَ من الغَدرِ، أي إن تلك الدّارَ مَوجُودةٌ قطعا ولابدّ من الدُّخولِ فيها.

    وما دامت هذه الأنواعُ من الإنعامِ والإحسانِ واللّطفِ والكرمِ والعِنايةِ والرَّحمةِ مُشاهَدةً وظاهِرةً أمامَ العقولِ التي لم تَنطفِئ، وأمامَ القلوبِ التي لم تمت، وتَدلُّنا على وُجوبِ وجودِ ربٍّ رَحمنٍ رَحيمٍ وراءَ الحِجابِ، فَلابدَّ من حياةٍ باقيةٍ خالدةٍ، لتُنقِذَ الإنعامَ من الاستِهزاءِ أي يأخذَ الإنعامُ مَداهُ، وتَصونَ الإحسانَ من الخِداعِ ليَسْتَوفيَ حقيقتَه، وتُنقِذَ العنايةَ من العبثِ لتَستكمِلَ تَحقُّقَها، وتُنجِيَ الرحمةَ من النقمةِ فَيتِمَّ وُجُودُها، ولتُبرِئَ اللطفَ والكرمَ من الإهانةِ؛ نعم، إن الذي يجعلُ الإحسانَ إحسانًا حقًا، والنِّعمةَ نِعمةً حقا، هو وُجودُ حياةٍ باقيةٍ خالدةٍ في عالم البقاءِ والخلودِ.. نعم، لابدَّ أن يتَحقَّقَ هذا.

    وما دامَ قَلمُ القدرةِ يكتبُ في فصلِ الربيعِ وفي صَحيفةٍ ضَيِّقةٍ صَغيرةٍ، مئةَ ألف كتابٍ، كتابةً مُتداخِلةً بلا خطأ ولا نصَبٍ ولا تَعبٍ، كما هو واضحٌ جليٌّ أمام أعيننا، وأن صاحبَ ذلك القلمِ قد تَعهَّدَ ووَعدَ مئةَ ألفِ مرةٍ: «لأكتُبنَّ كتابا أسهلَ من كتابِ الربيعِ المكتوبِ أمامَكم، ولأكتُبنَّه كتابةً خالدةً، في مكانٍ أوسعَ وأرْحبَ وأجْملَ من هذا المكانِ الضيِّقِ المختلِطِ المتداخِل، فهو كتابٌ لا يَفنَى أبدًا، ولأجْعلنَّكُم تَقرؤُونَه بِحَيرةٍ وإعجابٍ!»؛ وأنه سُبحانَه يَذكُرُ ذلك الكتابَ في جميعِ أوامِرهِ.. فلابدَّ أن أُصولَ ذلك الكتابِ قد كُتِبتْ بلا ريبٍ، وستُكتبُ حواشِيهِ وهَوامِشُه بالحشر والنشورِ، وسَتُدوَّنُ فيه صحائفُ أعمالِ الجميعِ..

    وما دامَت هذه الأرضُ قد أصبَحتْ ذاتَ أهمِّيّةٍ عُظمَى من حيثُ احتِواؤُها على كَثرةٍ من المخلوقاتِ، ومئاتِ الألوفِ من أنواع ذوِي الحياةِ والأرْواحِ المختَلفةِ المتبدِّلةِ، حتى صَارتْ قَلبَ الكونِ وخُلاصَتَه، ومَركزَه وزُبدتَه ونتِيجَتَه وسَببَ خَلقِه؛ فذُكِرَت دائما صِنوًا للسماواتِ كما في: ﴿  رَبُّ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ ﴾ في جميع الأوامرِ السماويّةِ..

    وما دام ابنُ آدمَ يحكُمُ في شتَّى جهاتِ هذه الأرضِ -التي لها هذه الماهيّاتُ والخواصُّ- ويَتصرَّفُ في أغلب مخلوقاتِها مُسخِّرًا أكثرَ الأحياءِ له، جاعلا أكثرَ المصنوعاتِ تحومُ حولَه وَفقَ مَقايِيسِ هَواه، وحسَبَ حاجاتِه الفِطريّةِ، ويُنظِّمُها ويَعرِضُها ويُزيِّنُها، ويُنسِّقُ الأنواعَ العجِيبةَ منها في كلِّ مكانٍ بحيثُ لا يَلفِتُ نظرَ الإنس والجنِّ وحدَهم، بل يَلفِتُ أيضا نظرَ أهلِ السماواتِ والكونِ قاطِبةً، بل حتى نظرَ مالكِ الكونِ، فنالَ الإعجابَ والتقديرَ والاستِحسانَ، وأصبَحتْ له -من هذه الجهةِ- أهَميّةٌ عظِيمةٌ، وقِيمةٌ عاليةٌ، فأظهرَ بما أوتي من علمٍ ومَهارةٍ أنه هو المقصُودُ من حكمةِ خَلقِ الكائناتِ، وأنه هو نَتِيجتُها العظمَى وثمَرتُها النفيسَةُ، ولا غَرْوَ فهو خَليفةُ الأرضِ.. وحيثُ إنه يعرِضُ صنائِعَ الخالقِ البدِيعةِ، ويُنظِّمُها بشكلٍ جَميلٍ جذابٍ في هذه الدنيا، فقد أُجِّلَ عذابُه رَغمَ عِصيانِه وكُفرِه، وسُمِح له بالعيش في الدنيا وأُمهِلَ ليقومَ بهذه المُهمّةِ بنجاحٍ..

    وما دامَ لابنِ آدمَ -الذي له هذه الماهِيةُ والمزايا خِلقةً وطبعًا، وله حَاجَاتٌ لا تُحدُّ مع ضَعفِه الشديدِ، وآلامٌ لا تُعَدُّ مع عَجزِه الكاملِ- ربٌّ قديرٌ، له الحِكمةُ والقدرةُ والرأفةُ المطلَقةُ مما يجعلُ هذه الأرضَ الهائِلةَ العَظِيمةَ مخزَنًا عظيما لأنواعِ المعادِنِ التي يحتاجُها الإنسانُ، ومُستَودَعا لأنواعِ الأطعِمةِ الضرُورِيّةِ له، وحانوتا للأموالِ المختلفةِ التي يَرغَبُها، وأنه سبحانَه يَنظُرُ إليه بعين العِنايةِ والرأفةِ ويُربِّيهِ ويُزوِّدُه بما يُريدُ..

    وما دامَ الربُّ سبحانَه -كما في هذه الحقيقةِ- يُحِبُّ الإنسانَ، ويُحَبِّبُ نفسَه إليه، وهو باقٍ، وله عوالمُ باقيّةٌ، ويُجرِي الأمورَ وَفقَ عَدالتِه، ويَعمَلُ كلَّ شيءٍ وَفقَ حكمتِه، وأن عَظمَةَ سلطانِ هذا الخالقِ الأزلي وسَرمَديّةَ حاكِميّتِه لا تَحصُرُهما هذه الدنيا القصِيرةُ، ولا يكفِيهِما عمُرُ الإنسانِ القَصِيرُ جدا، ولا عمُرُ هذه الأرضِ المؤَقّتةِ الفانيةِ؛

    حيثُ يَظلُّ الإنسانُ دونَ جزاءٍ في هذه الدنيا لما يَرتكِبُه من وقائعِ الظُّلمِ، وما يَقترِفُه من إنكارٍ وكُفرٍ وعِصيانٍ، تجاهَ مولاه الذي أنعمَ عليه وربَّاه برأفةٍ كامِلةٍ وشَفَقةٍ تامّةٍ، مما ينافي نظامَ الكونِ المُنسَّقِ، ويخالِفُ العَدالةَ والموازنةَ الكامِلةَ التي فيها، ويخالِفُ جمالَه وحُسنَه، إذ يَقضِي الظالمُ القاسي حياتَه براحةٍ، بينما المظلومُ البائِسُ يَقضِيها بشَظفٍ من العَيشِ، فلا شكَّ أن ماهِيّةَ تلك العدالةِ المطلَقةِ -التي تُشاهَدُ آثارُها في الكائناتِ- لا تَقبلُ أبدا، ولا تَرضَى مُطلقًا، عدمَ بعثِ الظالمينَ العُتاةِ مع المظلومِين البائِسِين الذين يتَساوَوْنَ معا أمامَ الموتِ.

    وما دام مالِكُ الملكِ قد اختارَ الأرضَ من الكَونِ، واختارَ الإنسانَ من الأرضِ، ووَهبَ له مَكانةً سامِيةً، وأَوْلاهُ الاهتِمامَ والعِنايةَ، واختارَ الأنبياءَ والأولياءَ والأصفياءَ من بينِ الناسِ، وهمُ الذينَ انسجَموا مع المقاصِدِ الربانِيّةِ، وحبَّبُوا أنفسَهم إليهِ بالإيمانِ والتسلِيمِ، وجَعَلهُم أولياءَه المحبوبِينَ المخاطَبِينَ له، وأكرمَهم بالمعجزاتِ والتوفيقِ في الأعمالِ وأدَّبَ أعداءَهم بالصفَعاتِ السماوِيّةِ،

    واصْطفَى من بينِ هؤلاءِ المحبوبِينَ إمامَهم ورَمْزَ فَخرِهِم واعتِزازِهِم، ألا وهو محمدٌ ﷺ؛ فنوَّرَ بنورِه نِصفَ الكُرةِ الأرضيّةِ ذاتِ الأهميةِ، وخُمُسَ البشريّةِ ذوِي الأهميةِ، طَوالَ قرُونٍ عِدّةٍ، حتى كأن الكائناتِ قد خُلِقتْ لأجلِه، لبُروزِ غاياتِها جَميعًا به، وظُهورِها بالدينِ الذي بُعِثَ به، وانجِلائِها بالقرآنِ الذي أُنزِلَ عليه؛

    فبينما يَستَحِقُّ أن يُكافأَ على خِدماتِه الجليلةِ غيرِ المحدودةِ بعمُرٍ مديدٍ غيرِ مَحدودٍ وهو أهـلٌ له، إلّا أنه قضَى عمُرًا قصِيرًا وهو ثَلاثٌ وسِتونَ سنةً في مُجاهَدةٍ ونصَبٍ وتَعبٍ! فهل يُمكِن، وهل يُعقلُ مطلقًا، وهل هناك أيُّ احتمالٍ ألّا يُبعَثَ هو وأمثالُه وأحبّاؤُه معا؟! وألّا يكونَ الآنَ حيًّا بروحِه؟! وأن يفنَى نهائيا ويصيرَ إلى العَدمِ؟ كلا.. ثم كلا.. وحاشاه ألفَ ألفِ مَرّةٍ؛ نعم، إن الكونَ وجميعَ حقائِقِ العالمِ يدعُو إلى بعثِه ويُريدُه ويطلُبُ من ربِّ الكونِ حياتَه.

    ولقد بيَّنتْ رسالةُ «الآيةُ الكبرَى» وهي الشعاعُ السابعُ وأثبتَتْ بثلاثةٍ وثلاثينَ إجماعًا عظيما، كلٌّ منها كالجبلِ الأشمِّ في قُوّةِ حُجّتِه، بأن هذا الكونَ لم يَصدُر إلّا من يدِ واحدٍ أحَدٍ، وليــس مُلكًا إلّا لواحدٍ أحدٍ، فأظهرتِ التوحِيدَ -بتلك البراهينِ والمراتِبِ بداهةً- الذي هو مِـحوَرُ الكمالِ الإلهي وقُطبُه، وَبيَّنتْ أنه بالوَحدةِ والأحَديّةِ يتَحوَّلُ جميعُ الكونِ بمثابةِ جُنودٍ مُستَنفَرِينَ لذلك الواحدِ الأحدِ، ومُوظَّفِين مُسخَّرِينَ له؛ وبمجيءِ الآخرةِ ووجودِها تتَحقّقُ كمالاتُه وتُصانُ من السقوطِ وتَسودُ عدالتُه المطلقةُ، وتَنجو من الظلمِ، وتُنزَّه حِكمتُه العامّةُ وتُبرَّأُ من العبثِ والسفاهَةِ، وتَأخُذُ رَحمتُه الواسِعةُ مدَاهاَ، وتُنقَذُ من التعذيبِ المُشينِ؛ وتتجلى عِزّتُه وقدرَتُه المطلقتانِ وتُنقَذانِ من العجزِ الذليلِ؛ وتتَقدَّسُ كلُّ صِفةٍ من صفاتِه سبحانَه وتتجلَّى منزَّهةً جليلةً.

    فَلابدَّ ولا رَيبَ مطلقًا أن القيامةَ ستقومُ، وأن الحشرَ والنشورَ سَيحدُثُ، وأن أبوابَ دارِ الثوابِ والعِقابِ ستُفتَحُ، بمُقتضَى ما في حقائقِ هذه الفِقْراتِ الثمانِيّةِ المذكورةِ المبتدِئةِ بـ«ما دام» التي هي مسألةٌ دقيقةٌ ونُكتةٌ ذاتُ مغزًى لطيفٍ من بينِ مئاتِ النِّكاتِ الدقيقةِ للإيمانِ بالله؛ وذلك: كي تتَحقّقَ أهميةُ الأرض ومَركزِيّتُها، وأهميةُ الإنسانِيَّةِ ومكانتُها.. ولكي تتقرّرَ عدالةُ ربِّ الأرضِ والإنسانِ وحِكمتُه ورحمتُه وسلطانُه.. ولكي يَنجُوَ الأولياءُ والأحِبَّاءُ الحقِيقيّونَ والمشتاقونَ إلى الربِّ الباقِي من الفناءِ والإعدامِ الأبديِّ.. ولكي يرَى أعظمُهم وأحبُّهم وأعزُّهم ثوابَ عَملِه، ونتائجَ خِدماتِه الجليلةِ التي جَعلتِ الكائناتِ في امتِنانٍ ورضًى دائِمَينِ.. ولكي يتقدَّسَ كمالُ السلطانِ السرمَديِّ من النقصِ والتقصيرِ، وتتَنزَّهَ قدرتُه من العجزِ، وتَبرَأَ حِكمتُه من السفاهةِ، وتتعالَى عدالتُه عن الظلمِ.

    والخلاصة: ما دام الله جلَّ جلالُه مَوجودًا فإن الآخرةَ لا رَيبَ فيها قَطعًا.

    وكما تُثبِتُ الأركانُ الإيمانيّةُ الثلاثةُ -المذكورةُ آنفا- الحشرَ بجميعِ دلائِلها وتَشهَدُ عليه، كذلك يَستلزِمُ الركنانِ الإيمانيانِ

    «وبملائِكتِه، وبالقدَرِ خَيرِه وشرِّهِ من الله تعالى»

    أيضا الحشرَ، ويَشهَدانِ شهادةً قويّةً على العالَم الباقي ويَدلانِ عليهِ على النحوِ الآتي:

    إن جميع الدلائل والمشاهدات والمكالمات الدالة على وجود الملائكة ووظائف عبوديتهم، هي بدورها دلائلُ على وجود عالم الأرواح وعالم الغيب وعالم البقاء وعالم الآخرة ودار السعادة والجنة والنار اللتين ستعمران بالجن والإنس، لأن الملائكة يمكنهم -بإذن إلهي- أن يشاهدوا هذه العوالم ويدخلوها، لذا فالملائكة المقرّبون يخبرون بالاتفاق -كجبريل عليه السلام الذي قابل البشر- بوجود تلك العوالم المذكورة وتجوالهم فيها. فكما أننا نعلم بديهةً وجود قارة أمريكا التي لم نرَها من كلام القادمين منها، كذلك يكون الإيمانُ بديهة بما أخبرت به الملائكة -وهو بقوة مائة تواتر- عن وجود عالم البقاء ودار الآخرة والجنة والنار.. وهكذا نؤمن ونصدّق.

    وكذلك الدلائلُ التي تُثبِتُ «الإيمانَ بالقَدَرِ» -كما جاءَت في رسالةِ القدَرِ «الكلمةِ السادِسةِ والعِشرينَ»- هي بدَورِها دلائلُ على الحشرِ ونَشرِ الصُّحفِ ومُوازَنةِ الأعمالِ عِندَ الميزانِ الأكبرِ، ذلك لأنَّ ما نراهُ أمامَ أعيُنِنا من تَدوِينِ مُقدَّراتِ كلِّ شيءٍ على ألواحِ النظامِ والميزانِ، وكِتابةِ أحْداثِ الحياةِ ووقائِعها لكلِّ ذي حياةٍ في قوَّتِه الحافِظةِ، وفي حُبوبِه ونَواه، وفي سائرِ الألواحِ المثاليّةِ؛ وتَثبِيتِ دَفاتِرِ الأعمالِ لكل ذي رُوحٍ ولا سيما الإنسانِ، وإقرارِها في ألواحٍ محفوظةٍ.. كلُّ هذا القَدْرِ من القَدَرِ المحيطِ، ومن التَّقدِيرِ الحكيمِ، ومن التدوِينِ الدقِيقِ، ومن الكتابةِ الأمِينةِ، لا يمكنُ أن يكونَ إلّا لأجلِ محكمةٍ كبرَى، ولنَيلِ ثوابٍ وعِقابٍ دائِمينِ، وإلّا فلا يَبقَى مغزًى ولا فَائِدةٌ أبدا لذلك التدوِينِ المحِيطِ والكِتابةِ التي تُسجِّلُ وتَحفَظُ أَدقَّ الأمورِ، فيَقعُ إذن ما هو خِلافُ الحِكمةِ والحقِيقةِ؛ كما أنَّ جميعَ معاني كتابِ الكونِ الحقَّةِ التي كُتبَت بقَلمِ القَدَرِ سَوفَ تَفسُدُ وتُمسَخُ هي الأخرَى بعدمِ حُدوثِ الحشرِ! وهذا لا يُمكِنُ أن يكونَ مطلقا، وليس له احتمالٌ أبدا، بل هو محالٌ في محالٍ، كإنكارِ هذا الكون، بل هو هذيانٌ ليس إلّا.

    نَحصُل مما تَقدّم: أن جميعَ دَلائلِ أركانِ الإيمانِ الخمسَةِ هي بِدورِها دلائلُ على الحشرِ ووُجودِه، وعلى النشورِ وحُدوثِه، وعلى وُجودِ الدَّارِ الآخِرةِ وانْفِتاحِ أبوابِها؛

    بل تَستَدْعِيهِ وتَشهَدُ عليه، لذا فإنه من الوِفاقِ الكامِلِ والانسِجامِ التامِّ أن يَبحثَ ثُلثُ القرآنِ الكريمِ المُعجِزِ البَيانِ عن الحشْرِ لما له من الأُسُسِ والبراهِينِ التي لا تتَزعْزَعُ، ويجعَلَه أسَاسًا ورَكيزَةً لجميعِ حَقائقِه التي يرفَعُها على ذلك الحَجرِ الأساسِ.

    (انتَهتِ المقدِّمةُ)

    * * *

    القِطعَة الثانيةُ من الذَّيلِ

    هي المقامُ الأوَّلُ من تِسعةِ مَقاماتٍ لطبقاتِ البراهِين التِّسعِ التي تَدورُ حولَ الحشرِ والتي أشارتْ إليها بإعجازٍ الآيُ الكريمةُ الآتِيةُ:

    فَسُبْحَانَ اللّٰهِ ح۪ينَ تُمْسُونَ وَح۪ينَ تُصْبِحُونَ ❀ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَعَشِيًّا وَح۪ينَ تُظْهِرُونَ ❀ يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَيُحْيِي الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذٰلِكَ تُخْرَجُونَ (الروم:17-19)

    سيُبيَّن -إن شاءَ الله- ما أظْهرَتْهُ هذه الآياتُ الكرِيمةُ من البرهانِ الباهِرِ والحجَّةِ القاطِعةِ للحَشرِ.([34])

    الرمز الرابع من النكتة الخامسة للَّمعة الثلاثين لقد بُيّنَ في الخاصّةِ الثامِنةِ والعِشرينَ من الحياةِ، أنَّ الحياةَ تُثبتُ أركانَ الإيمانِ السِّتةَ، وتتَوجَّهُ نحوَها وتُشِيرُ إلى تحقُّقِها.

    نعم، فما دامتِ «الحياةُ» هي حِكمةُ خلقِ الكائِناتِ، وأهمُّ نتِيجَتِها وجَوهرُها، فلا تَنحصِرُ تلك الحقِيقةُ السامِيةُ في هذه الحياةِ الدنيا الفانِيةِ القصيرةِ الناقِصةِ المؤلمةِ، بل إِنَّ الخواصَّ التسعَ والعِشرينَ للحياةِ وعَظمةَ ماهِيّتِها، وما يُفهَم من غايةِ شَجرتِها ونَتيجَتِها، وثَمَرتِها الجديرةِ بعَظمةِ تلكَ الشجرةِ، ما هي إلّا الحياةُ الأبديّةُ والحياةُ الآخِرةُ والحياةُ الحيّةُ بحَجَرِها وتُرابِها وشَجرِها في دار السعادةِ الخالدَةِ؛

    وإلّا يَلزَمُ أن تَظلَّ شَجرةُ الحياةِ المُجهَّزةُ بهذه الأجهزةِ الغَزيرَةِ المتنوِّعةِ دونَ ثمَرٍ ولا فائِدةٍ ولا حَقيقةٍ تَعودُ إلى ذوي الشُّعورِ ولا سيما الإنسانُ؛ ولظلَّ الإنسانُ تعِسًا وشَقيًّا وذليلا وأحطَّ من العُصفورِ بعشرينَ درجةً، من حيثُ سَعادةُ الحياة، مع أنه أسمَى مخلوقٍ وأكرمُ ذوي الحياةِ وأرفعُ من العصفورِ بعشرينَ درجةً،

    بل العَقلُ الذي هو أثْمنُ نِعمةٍ يُصبِحُ بلاءً ومصيبةً على الإنسانِ بتَفكُّرِهِ في أحزانِ الزمانِ الغابرِ ومَخاوِفِ المستَقبلِ، فيُعذِّبُ قلبَه دائما مُعكِّرا صَفوَ لذّةٍ واحِدةٍ بتسعةِ آلامٍ! ولاشكَّ أن هذا باطلٌ بمئةِ درَجةٍ. فهذه الحياةُ الدنيا إذن تُثبِتُ ركنَ «الإيمانِ بالآخرةِ» إثباتًا قاطِعًا، وتُظهِرُ لنا في كلِّ ربيعٍ أكثرَ من ثلاثِمئةِ ألفِ نَمُوذَجٍ من نَماذجِ الحشرِ.

    فيا تُرى هل يُمكِنُ لربٍّ قديرٍ، يُهيِّئُ ما يَلزَمُ حياتَك من الحاجاتِ المتَعلِّقةِ بها جَميعًا ويُوَفّرُ لك أجهزتَها كلَّها سواءً في جِسمِك أو في حَديقتِك أو في بَلدِك، ويُرسِلُه في وقتِه المناسِبِ بحِكمةٍ وعِنايةٍ ورَحمةٍ، حتى إنه يَعلمُ رَغبةَ مَعِدَتِك فيما يَكفُلُ لك العَيشَ والبقاءَ، ويَسمعُ ما تَهتِفُ به من الدعاءِ الخاصِّ الجزئيِّ للرزقِ مُبدِيا قَبولَه لذلك الدعاءِ بما بَثَّ من الأطعِمةِ اللذِيذَةِ غيرِ المحدُودةِ ليُطَمئِنَ تلك المَعِدةَ.. فهل يُمكِنُ لهذا المُدبِّرِ القَديرِ أن لا يَعرِفَك؟ ولا يَراكَ؟ ولا يُهيِّئَ الأسبابَ الضروريّةَ لأعظمِ غايةٍ للإنسانِ وهي الحياةُ الأبديّةُ؟ ولا يَستَجِيبَ لأعظمِ دعاءٍ وأَهمِّهِ وأَعمِّه، وهو دعاءُ البقاءِ والخلودِ؟ ولا يَقبَلَه بإنشاءِ الحياةِ الآخِرةِ وإيجادِ الجنّةِ؟ ولا يَسْمعَ دعاءَ هذا الإنسانِ وهو أسمَى مخلوقٍ في الكونِ بل هو سلطانُ الأرضِ ونتِيجَتُها.. ذلك الدعاءَ العامَّ القوِيَّ الصادرَ من الأعماقِ، والذي يَهزُّ العرشَ والفرْشَ! فهل يمكنُ أن لا يَهتمَّ به اهتِمامَه بدعاءِ المَعِدَةِ الصغيرةِ ولا يُرضِيَ هذا الإنسانَ؟ ويُعرِّضَ حِكمَتَه الكامِلةَ ورحْمَتَه المطلَقةَ للإنكارِ؟ كَلَّا.. ثم كَلَّا ألفَ ألفِ مَرةٍ كَلَّا.

    وهل يُعقلُ أن يَسمَعَ أخْفتَ صوتٍ لأدنَى جُزئِيٍّ من الحياةِ فيَستمِعَ لشَكواه ويُسعِفَه، ويَحلُمَ عليهِ ويُربِّيهِ بعِنايةٍ كامِلةٍ ورِعايةٍ تامّةٍ وباهتمامٍ بالغ مُسخِّرا له أكبَر مخلوقاتِه في الكونِ، ثم لا يَسمَعُ صوتًا كهَزيمِ السماءِ لأعظمِ حياةٍ وأسماها وألطفِها وأدوَمِها؟ وهل يُعقَلُ ألّا يَهتمَّ بدُعائِه المهمِّ وهو دعاءُ البقاءِ، وألّا يَنظرَ إلى تَضرُّعِه ورَجائِه وتَوسُّلِه؟ ويكونَ كمن يُجهِّزُ بعنايةٍ كاملةٍ جُندِيا واحدا بالعتادِ، ولا يَرعَى الجيشَ الجرارَ المُواليَ له!! وكمن يرَى الذرّةَ ولا يرى الشمسَ! أو كمن يسمعُ طنين الذبابِ ولا يسمعُ رعودَ السماء! حاشَ لله مئةَ ألفِ مرةٍ حاشَ لله.

    وهل يَقبلُ العقلُ -بوجهٍ من الأوجهِ- أن القديرَ الحكيمَ ذا الرحمةِ الواسعةِ وذا المحبّةِ الفائِقةِ وذا الرأفةِ الشامِلةِ والذي يُحِبُّ صنعتَه كثيرا، ويُحبِّبُ نفسَه بها إلى مخلوقاتِه وهو أشدُّ حبا لمن يُحبونَه... فهل يُعقَل أن يُفنِيَ حياةَ مَن هو أكثرُ حبًا له، وهو المحبوبُ، وأهلٌ للحُبِّ، وعابِدٌ لخالقِه فِطرةً؟ ويُفنِيَ كذلك لُبَّ الحياةِ وجَوهرَها وهو الروحُ، بالموتِ الأبديِّ والإعدامِ النهائِيِّ، ويُولِّدَ جَفوةً بينَه وبين مُحبِّيهِ ويُؤلِمَهم أشدَّ الإيلامِ، فيَجعلَ سرَّ رحمتِه ونورَ محبتِه مُعرَّضا للإنكارِ!

    حاشَ لله ألفَ مرةٍ حاشَ لله.. فالجمالُ المطلقُ الذي زيَّنَ بتَجلِّيهِ هذا الكونَ وجمَّلَه، والرَّحمةُ المطلَقةُ التي أبهجَتِ المخلوقاتِ قاطبةً وزيَّنَتها، لاشكَّ أنهما مُنزَّهَتانِ ومُقدَّستانِ بلا نهايةٍ ولا حدٍ عن هذه القَساوةِ وعن هذا القبحِ المطلقِ والظلمِ المطلقِ.

    النتيجة: ما دامت في الدنيا حَياةٌ، فلابدَّ أن الذينَ يفهمونَ سرَّ الحياةِ من البشرِ، ولا يُسِيئُونَ استِعمالَ حياتِهم، يكونونَ أهلا لحياةٍ باقيةٍ، في دارٍ باقيةٍ وفي جنةٍ باقيةٍ.. آمنّا.

    ثم، إن تَلألؤَ الموادِّ اللمَّاعةِ على سطحِ الأرضِ، وتَلمُّعَ الفُقاعاتِ والحَبابِ والزَّبَدِ على سَطحِ البحرِ، ثم انطفاءَ ذلك التلألُؤِ والبريقِ بزوالِ الفُقاعاتِ ولمعانِ التي تَعقُبُها كأنها مرايا لشُميساتٍ خياليةٍ، يُظهِرُ لنا بداهةً أن تلك اللمعاتِ ما هي إلّا تجلِّي انعكاسِ شمسٍ واحِدةٍ عاليةٍ؛ وتَذكُرُ بمُختلَفِ الألسنةِ وجودَ الشمسِ، وتُشِيرُ إليها بأصابعَ من نورٍ..

    وكذلك الأمرُ في تَلألُؤِ ذوي الحياةِ على سطحِ الأرضِ وفي البحرِ، بالقدرةِ الإلهيّةِ وبتجلِّي اسم «المحيِي» للحيِّ القيومِ جلَّ جلالُه، واختِفائِها وراءَ سِتارِ الغيبِ لفَسحِ المجال للذي يَخلُفُها -بعد أن رَدَّدتْ «يا حي»- ما هي إلّا شهاداتٌ وإشاراتٌ للحياة السرمديّةِ ولوُجوبِ وُجودِ الحيِّ القيُّومِ سبحانَه وتعالى. وكذا، فإن جميعَ الدلائلِ التي تَشهَد على العلمِ الإلهيِّ الذي تُشاهَدُ آثارُه من تنظِيمِ الموجوداتِ، وجميعَ البراهِين التي تُثبِتُ القدرةَ المتصرِّفةَ في الكونِ، وجَميعَ الحُجَجِ التي تُثبِتُ الإرادةَ والمشِيئةَ المهيمِنةَ على إدارةِ الكونِ وتَنظِيمِه، وجميعَ العلاماتِ والمعجزاتِ التي تُثبِت الرسالاتِ التي هي مدارُ الكلامِ الرباني والوَحيِ الإلهيِّ.. جَمِيعُ هذه الدلائِلِ التي تَشهَدُ وتَدلُّ على الصفاتِ الإلهيةِ السَّبعِ الجليلةِ، تَدلُّ وتَشهَد أيضا بالاتِّفاقِ على حياةِ «الحيِّ القيُّومِ» سبحانَه؛

    لأنه لو وُجِدتِ الرؤيةُ في شيءٍ فلابدَّ أن له حياةً أيضا، ولو كان له سَمعٌ فذلك علامةُ الحياةِ، ولو وُجِدَ الكلامُ فهو إشارةٌ إلى وُجودِ الحياةِ، ولو كان هناكَ الاختِيارُ والإرَادةُ فتلكَ مَظاهِرُ الحياةِ..

    وهكذا فإن جميعَ دلائِلِ الصفاتِ الجليلةِ التي تُشاهَدُ آثارُها ويُعلَمُ بَداهةً وُجودُها وتَحقُّقُها؛ أمثالَ القدرةِ المطلقةِ، والإرَادةِ الشامِلةِ، والعِلمِ المحيطِ، تَدلُّ على حياةِ «الحيِّ القيُّومِ» ووُجوبِ وُجودِه، وتَشهَدُ على حَياتِه السرمَديّةِ التي نَوَّرتْ بِشُعاعٍ منها جَمِيعَ الكونِ وأحيَتْ بتَجلٍ منها الدارَ الآخِرةَ كلَّها بذرَّاتِها معًا.

    والحياةُ كذلك تَنظُرُ وتَدلُّ على الرُّكنِ الإيمانِيِّ «الإيمانُ بالملائِكةِ» وتُثبِتُه رَمزًا. إذْ ما دامَتِ الحَياةُ هي أهمَّ نَتيجَةٍ للكونِ، وأنَّ ذَوِي الحياةِ لنفاسَتهِم هم أَكثرُ انتِشارًا وتَكاثرًا، وَهُمُ الذينَ يتَتابَعُون إلى دارِ ضِيافَةِ الأرضِ قافِلةً إثرَ قافِلةٍ، فتَعْمُرُ بهِم وتَبتهِجُ، وما دامَتِ الكُرةُ الأرضِيَّةُ هي مَحطَّ هذا السَّيلِ من ذَوِي الحياةِ، فتُملأُ وتُخلَى بحِكمةِ التَّجدِيدِ والتكاثُرِ باستِمرارٍ، ويُخلَقُ في أخسِّ الأشياءِ والعُفوناتِ ذَوُو حياةٍ بغَزارةٍ، حتى أصْبحَتِ الكُرةُ الأرضِيَّةُ مَعرِضًا عامًّا للأحْياءِ..

    ومَا دامَ يُخلَقُ بكَثرةٍ هائِلةٍ على الأرضِ أصفَى خُلاصةٍ لتَرَشُّحِ الحياةِ وهو الشُّعورُ والعَقلُ وجَوهَرُها اللطِيفُ الثابِتُ وهو الرُّوحُ، فكأنَّ الأرضَ تَحياَ وتتَجمَّلُ بالحياةِ والعَقلِ والشُّعورِ والأروَاحِ.. فلا يُمكِنُ أن تكونَ الأجرامُ السَّماوِيَّةُ التي هي أكثرُ لَطافَةً وأكثرُ نورًا وأعظمُ أهَميةً من الأرضِ جامِدةً بلا حَياةٍ وبلا شُعورٍ؛

    فلابد إذن من سكنة يَعمُرُونَ السماواتِ ويُبهِجُونَ الشموسَ والنجومَ، ويَهبُون لها الحَيوِيَّةَ، ويُمثِّلونَ نتِيجةَ خلقِ السماواتِ وثَمَرَتَها، ويتَشرَّفونَ بالخطاباتِ السُّبحانِيَّةِ، وهم ذَوُو شُعورٍ وذَوُو حياةٍ من سُكَّانِ السمواتِ وأهالِيها المتلائمِين معها حيثُ يوجَدونَ هناك بِسرِّ الحياةِ؛ ألاَ وهُمُ الملائكةُ.

    وكذلك يَنظرُ سرُّ الحياةِ وماهِيَّتُها ويتَوجَّهُ إلى «الإيمانِ بالرُّسلِ» ويُثبِتُه رَمزًا. نعم، مَا دامَ الكَونُ قد خُلِقَ لأجل الحياةِ، وأنَّ الحياةَ هي أعظمُ تجلٍّ وأكملُ نَقشٍ وأجملُ صَنعةٍ للحيِّ القيومِ جـلَّ جلالُه، وما دَامتْ حياتُه السرمَديةُ الخالدةُ تُظهِرُ وتَكشِفُ عن نفسِها بإرسالِ الرسلِ وإنزالِ الكُتبِ، إذ لو لم تَكُن هناكَ «رُسُلٌ» ولا «كُتبٌ» لما عُرِفتْ تلكَ الحياةُ الأزليَّةُ، فكما أنَّ تَكلُّمَ الفَردِ يُبيّن حيوِيَّتَه وحياتَه كذلك الأنبياءُ والرُّسُلُ علَيهمُ السلامُ والكتُبُ المنزَلةُ عليهم، يُبيِّنونَ ويَدُلُّونَ على ذلك المتكلِّمِ الحيِّ الذي يَأمُرُ ويَنهَى بكلماتِه وخِطاباتِه من وَراءِ الغيبِ المحجوبِ وَراءَ سِتارِ الكونِ؛

    فَلابدَّ أنَّ الحياةَ التي في الكونِ كما تَدلُّ دَلالةً قاطِعةً على «الحيِّ الأزلِيِّ» سبحانَه وتعالَى وعلى وُجوبِ وُجودِه، كذلك تَدلُّ على أركانِ الإيمانِ مثل «إرسالِ الرُّسلِ» و«إنزالِ الكتُبِ»، تلك الأركانُ التي هي شُعاعَاتُ الحياةِ الأزِليَّةِ وتَجلِّياتِها وتَظاهُراتِها، وتُثبِتُهما رَمزًا، ولا سِيَّما «الرِّسالةُ المحمَّدِيَّةُ» و«الوَحيُ القُرآنيُّ»، إذ يَصحُّ القولُ: أنهما ثابِتانِ قاطِعانِ كقَطعِيَّةِ ثبوتِ الحياةِ، حيثُ إنَّهما بمثابةِ رُوحِ الحياةِ وعَقلِها.

    نعم، كما أنَّ الحياةَ هي خُلاصَةٌ مُترشِّحةٌ من هذا الكونِ، والشعورَ والحسَّ مُترشِّحانِ من الحياةِ، فهما خُلاصَتُها، والعقلَ مترشِّحٌ من الشُعورِ والحسِّ، فهو خُلاصةُ الشعُورِ، والرُّوحَ هي الجَوهرُ الخالِصُ الصَّافِي للحياةِ، فهي ذاتُها الثابِتةُ المستقِلَّةُ؛ كذلك الحياةُ المحمَّديّةُ -المادِّيةُ والمعنَوِيَّةُ- مُترشِّحةٌ من الحياةِ ومن رُوحِ الكَونِ، فهي خُلاصَةُ خلاصَتِها، والرِّسالةُ المحمَّديّةُ مُترشِّحةٌ من حِسِّ الكَونِ وشُعورِهِ وعَقلِه، فهي أصفَى خُلاصتِه، بل إنَّ حياةَ مُحمَّدٍ ﷺ -المادِّيةَ والمعنوِيَّةَ- بشَهادةِ آثارِها حياةٌ لحياةِ الكَونِ، والرِّسالةَ المحمَّدِيّةَ شُعورٌ لشُعورِ الكونِ ونورٌ لهُ، والوحيَ القرآني بشَهادةِ حَقائِقهِ الحيَوِيَّةِ رُوحٌ لحياةِ الكونِ وعَقلٌ لشُعورِه..

    أجل.. أجل.. أجل. فإذا ما فارقَ نورُ الرِّسالةِ المحمَّدِيّةِ الكونَ وغادَره، ماتَ الكونُ وتُوُفِّيَتِ الكائِناتُ، وإذا ما غابَ القرآنُ وفارقَ الكونَ، جُنَّ جنونُه وفَقدَتِ الكرةُ الأرضيةُ صَوابَها، وزُلزِلَ عقلُها، وظَلَّت بلا شُعورٍ، واصْطدمَت بإحدَى سياراتِ الفضاءِ، وقَامتِ القِيامةُ.

    والحياةُ كذلك، تَنظرُ إلى الرُّكنِ الإيمانيِّ «القَدَر» وتَدلُّ عليهِ وتُثبِـتُه رَمزًا؛ إذْ ما دامَتِ الحياةُ ضياءً لِعالمِ الشهادةِ وقدِ استَولَت عليه وأحاطَت به، وهي نتيجةُ الوجودِ وغايَتُه، وأوْسَعُ مرآةٍ لتجلياتِ خالقِ الكَونِ، وأتمُّ فِهرِسٍ ونَمُوذَجٍ للفعَّاليّةِ الربَّانِيَّةِ، حتى كأنَّها بمَثابةِ نوعٍ من خُطَّتِها ومَنهجِها -إذا جازَ التشبيهُ- فلابدَّ أنَّ سِرَّ الحياةِ يقتَضي أن يكونَ عالمُ الغيبِ أيضا -وهو الماضي والمستَقبلِ، أي المخلوقاتُ الماضِيةُ والمقبِلةُ- في نظامٍ وانتِظامٍ وأنْ يكونَ معلوما ومَشهودًا ومُتعيِّنا ومُتهيِّـئا لامتِثالِ الأوامرِ التكوِينيَّةِ، أي كأنه في حياةٍ معنويةٍ؛

    مَثَلُها كمثلِ تلك البِذرةِ الأصليّةِ للشجرةِ وأُصولِها، والنَّوى فى أثمارِها التي في مُنتَهاها، التي تتَميَّـزُ بمَزاياَ نوعٍ من الحياةِ كالشجَرةِ نفسِها، بل قد تَحمِلُ تلك البُذورُ قَوانينَ حياتيّةٍ أدقَّ من قوانينِ حياةِ الشجَرةِ. فكما أنَّ البُذورَ والأصولَ التي خلَّفها الخريفُ الماضي، وسيَخلُفها هذا الربيعُ تحمِلُ نورَ الحياةِ وتسيرُ وَفقَ قوانينَ حياتيّةٍ، مثلَ ما يحمِلُه هذا الربيعُ من حياةٍ، كذلك شَجرةُ الكائناتِ،

    وكلُّ غُصنٍ منها وكلُّ فرعٍ، له ماضيهِ ومُستقبَلُه، وله سِلسلةٌ مؤلفةٌ من الأطوارِ والأوضاعِ المقبلةِ والماضِيَةِ، ولكلِّ نوعٍ ولكلِّ جُزءٍ منه وُجودٌ متعدِّدٌ بأطوارٍ مختلفةٍ في العلمِ الإلهيِّ، مُشكِّلًا بذلك سلسلةَ وجودٍ علميٍّ، والوُجودُ العلميُّ هذا، مَظهَرٌ لتَجلٍّ مَعنوِيٍّ للحياةِ العامّةِ كمَظهرِيّةِ الوجودِ الخارجيِّ لتلكَ الحياةِ، حيثُ تُؤخَذُ المُقدَّراتُ الحياتيّةُ من تلك الألواحِ القَدَرِيَّةِ الحيَّةِ ذاتِ المغزَى العظيمِ.

    نعم، إنَّ امْتلاءَ عالمِ الأرواحِ -وهو نوعٌ من عالمِ الغيبِ- بالأرواحِ التي هيَ عينُ الحياةِ، ومادَّتُها، وجَوهرُها وذَواتُها، يَستلزِمُ أن يكونَ الماضِي والمستقبلُ -وهما نوع آخرُ من عالمِ الغَيبِ وقِسمٌ ثانٍ منه- مُتجلِّيةً فيهما الحياةُ.. وكذا فإنَّ الانتِظامَ التامَّ والتناسُقَ الكامِلَ في الوجودِ العِلميِّ لأوضاعٍ ذاتِ مَعانٍ لطِيفةٍ لشيءٍ مَا ونتائِجَه وأطوارَه الحيوِيّةَ ليُبيِّنُ أنَّ له أهليّةً لنوعٍ من الحياةِ المعنوِيّةِ.

    نعم، إنَّ مثلَ هذا التَّجلِّي، تجلِّي الحياةِ الذِي هو ضِياءُ شَمسِ الحياةِ الأزَليّةِ لن يَنحصِرَ في عالَمِ الشهادَةِ هذا فقط، ولا في هذا الزَّمانِ الحاضِرِ، ولا في هذا الوُجودِ الخارِجيِّ، بل لابدَّ أنَّ كلَّ عالَمٍ من العوالمِ مَظهَرٌ من مَظاهِرِ تجلِّي ذلك الضِّياءِ حسبَ قابليَّتِه؛ فالكونُ إذن بجَميعِ عوالمِه، حيٌّ ومُشِعٌّ مضيءٌ بذلك التجلِّي، وإلّا لأصبحَ كلٌّ من العوالِمِ -كما تراهُ عينُ الضلالةِ- جنازةً هائلةً مخيفةً تحتَ هذه الحياةِ المؤقَّتةِ الظاهرةِ، وعالمًَا خربًا مظلمًا.

    وهكذا يُفهَم وجهٌ من أوجهِ الإيمانِ بالقَضاءِ والقدَرِ من سرِّ الحياةِ ويَثبُتُ به ويتَّضِحُ، أي كما تَظهَرُ حيويّةُ عالمِ الشهادةِ والموجُوداتِ الحاضرةِ بانتِظامِها وبنتائِجِها، كذلك المخلوقاتُ الماضيةُ والآتيةُ التي تُعدّ من عالمِ الغيبِ لها وجودٌ مَعنويٌّ، ذو حياةٍ معنًى، ولها ثبوتٌ عِلميٌّ ذو روحٍ بحَيثُ يَظهرُ باسمِ المقدَّراتِ أثرُ تلك الحياةِ المعنويّةِ بوساطةِ لوحِ القضاءِ والقَدَرِ.

    القِطعةُ الثالِثةُ من الذَّيلِ

    سؤالٌ يرِدُ بمناسبةِ مبحثِ الحشرِ:

    إنَّ ما وَردَ في القرآنِ الكريمِ مِرارًا ﴿  اِنْ كَانَتْ اِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً ﴾ (يس:29)، ﴿ وَمَٓا اَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ ﴾ (النحل:77) يُبيِّنُ لنا أنَّ الحشرَ الأعظمَ سيَظهَرُ فجأةً إلى الوُجودِ، في آنٍ واحدٍ بلا زَمانٍ؛ ولكنَّ العُقولَ الضيِّقةَ تَطلبُ أمثلةً واقعيّةً مشهودةً كي تَقبلَ وتُذعِنَ لهذا الحدَثِ الخارقِ جدا والمسألةِ التي لا مَثيلَ لها.

    الجواب: إنَّ في الحشرِ ثلاثَ مسائِلَ هي: عَودةُ الأرواحِ إلى الأجسادِ، وإحياءُ الأجسادِ، وإنشاءُ الأجْسادِ وبِناؤُها.

    المسألة الأولى: وهي مَجيءُ الأرواحِ وعَودتُها إلى أجسادِها ومِثالُه هو: اجتماعُ الجنودِ المنتشِرينَ في فَترةِ الاستِراحةِ والمتفرِّقينَ في شتَّى الجهاتِ على الصوتِ المدوِّي للبوقِ العسكريِّ. نعم، إنَّ الصُّورَ الذي هو بُوقُ إسرافيلَ عليه السلام، ليسَ قاصِرًا عن البوقِ العسكريِّ، كما أنَّ طاعةَ الأرواحِ التي هي في جِهةِ الأبدِ وعالمِ الذَّراتِ والتي أجَابتْ بـ ﴿ قَالُوا بَلٰى ﴾ (الأعراف:172) عندما سَمِعتْ نداءَ ﴿  اَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾ (الأعراف:172) المُقبِلَ من أعماقِ الأزلِ، ونِظامَها يفوقُ بلا شكٍّ أضعافَ أضعافِ ما عندَ أفرادِ الجيشِ المنظَّمِ؛ وقد أثبَتتْ «الكلمةُ الثلاثونَ» ببراهينَ دامِغةٍ أنَّ الأرواحَ ليستْ وَحدَها جيشًا سُبحانِيًّا بل جَميعُ الذَّراتِ أيضا جُنودُه المتأهِّبونَ للنفيرِ العامِّ.

    المسألة الثانية: وهي إحياءُ الأجسادِ، ومثالُه هو: مثلما يُمكِنُ إنارةُ مئاتِ الآلافِ من المصَابيحِ الكهربائيّةِ ليلةَ مهرجانِ مدِينةٍ عَظيمةٍ، من مَركزٍ واحدٍ في لحظةٍ واحِدةٍ، كأنَّها بلا زمانٍ، كذلك يُمكِنُ إنارةُ مئاتِ الملايينِ من المصابيحِ على سَطحِ الأرضِ من مَركزٍ واحدٍ؛ فما دامَتِ الكهرباءُ وهي مخلوقةٌ من مخلوقاتِ الله سبحانَه وتعالى وخادِمةُ إضَاءةٍ في دارِ ضيافتِهِ، لها هذه الخصائِصُ والقُدرةُ على القيامِ بأعمالِها حسَبَ ما تتلقَّاهُ من تعليماتٍ وتبلِيغاتٍ ونظامٍ من خالقِها، فلابدَّ أنَّ الحشرَ الأعْظمَ سَيحدُثُ كلمحِ البصرِ ضِمنَ قَوانينَ مُنظَّمةٍ للحِكمةِ الإلهيّةِ التي يُمثِّلُها آلافُ الخدمِ المُنوَّرِين كالكهرباءِ.

    المسألةُ الثالِثةُ:  وهي إنشاءُ الأجسادِ فَورًا، ومِثالُه هو: إنشاءُ جميعِ الأوراقِ لعُمومِ الأشجارِ الَّتِي يزيدُ عَددُها ألفَ مَرّةٍ على مجموعِ البشريّةِ، دفعةً واحِدةً في غضونِ بضعةِ أيامٍ في الربيعِ، وبشكلٍ كامِلٍ، وبالهيئةِ نفسِها التي كانت عليها في الرَّبيعِ السابِقِ.. وكذلك إيجادُ جميعِ أزهارِ الأشْجارِ وثِمارِها وأوراقِها بسُرعةٍ خاطِفةٍ، كما كانت في الربيعِ الماضِي.. وكذلك تَنبُّه البُذيراتِ والنُّوَى والبذورِ وهي لا تحصَى ولا تُعدُّ والتي هي مَنشأُ ذلك الربيع في آنٍ واحدٍ معا وانكِشافُها وإِحياؤُها.. وكذلك نُشورُ الجثَثِ المنتصِبةِ والهياكِلِ العَظْمِيّةِ للأشجارِ، وامتِثالِها فورًا لأمرِ «البعثِ بعدَ الموتِ».. وكذلكَ إحياءُ أفرادِ أنواعِ الحيواناتِ الدَّقيقَةِ وطوائِفها التي لا حَصْرَ لها بمنتهَى الدِّقةِ والإتقانِ.. وكذلك حَشرُ أممِ الحشراتِ ولا سيما الذُّبابُ -الماثلُ أمامَ أعينِنا والملاطِفُ لوجوهِنا والذي يُذكِّرُنا بالوضوءِ والنظَافةِ لقيامِه بتَنظِيفِ يدَيهِ وعُيونِه وجَناحَيهِ باستِمرارٍ- الذي يفوقُ عَددُ ما يُنشرُ منه في سنةٍ واحدةٍ عَددَ بنِي آدمَ جميعِهم من لَدُنْ آدمَ عليه السلام، والذي يُحشَرُ في كلِّ ربيعٍ مع سائِر الحشرات الأخرى ويُحياَ في بضعةِ أيام.. فهذه النماذجُ لا تُعطِيناَ مثالا واحدا بل آلافَ الأمثلةِ على إنشاءِ الأجسادِ البشريّةِ فورا يومَ القيامةِ.

    نعم، لما كانتِ الدنيا هي دارُ «الحِكمَةِ» والدارُ الآخِرةُ هي دارُ «القُدرَةِ» فإنَّ إيجادَ الأشياءِ في الدنيا صارَ بشيءٍ من التّدرِيجِ ومعَ الزمنِ، بمُقتضَى الحكمةِ الرَّبانِيّةِ وبموجِبِ كثيرٍ من الأسماءِ الحسنَى أمثالِ «الحكيمِ، المُرتِّبِ، المدبِّرِ، المربِّي». أمّا في الآخرةِ فإنَّ «القُدرةَ» و«الرَّحمةَ» تتظاهَرانِ أكثرَ من «الحِكمةِ» فلا حَاجةَ إلى المادّةِ والمُدّةِ والزَّمنِ ولا إلى الانتِظارِ، فالأشياءُ تُنشأُ هناكَ نشأةً آنيّةً؛ وما يُشِيرُ إليهِ القرآنُ الكريمُ بـ وَمَٓا اَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اَوْ هُوَ أَقْرَبُ (النحل:77)،هو أنَّ ما يَنشأُ هنا من الأشياءِ في يومٍ واحِدٍ وفي سنةٍ واحدةٍ ينشأُ في لَمْحةٍ واحدةٍ كلمحِ البصرِ في الآخِرةِ.

    وإذا كنتَ تَرغبُ أنْ تفهمَ أنَّ مجيءَ الحشرِ أمرٌ قطعيٌّ كقطعِيّةِ مجيءِ الربيعِ المقبلِ وحَتمِيّتِهِ، فانْعِمِ النظرَ في «الكلمةِ العاشِرةِ» و«الكلمةِ التاسِعةِ والعشرينَ»، وإن لم تُصدِّق به كمَجيءِ هذا الربيعِ، فلكَ أن تُحاسِبَنِي حِسابًا عَسيرًا.

    المسألة الرابعة: وهي موتُ الدنيا وقيامُ الساعةِ، ومِثالُه: لو اصْطدَمَ كوكبٌ سيارٌ أو مذنَّبٌ بأمرٍ ربانيٍّ بكرتِنا الأرضيّةِ التي هي دارُ ضيافتِنا، لدَمَّرَ مأوانا ومَسكَنَنا -أي الأرضَ- كما يُدمَّرُ في دقيقةٍ واحدةٍ قصرٌ بُنِيَ في عشرِ سنواتٍ.

    * * *

    القِطعةُ الرابعةُ من الذَّيلِ

    قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِىَ رَم۪يمٌ ❀ قُلْ يُحْي۪يهَا الَّذ۪ٓي اَنْشَاَهَٓا اَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَل۪يمٌ

    (يس:78-79)

    لقد جاءَ في المثالِ الثالثِ في الحقيقةِ التاسِعةِ للكَلمةِ العاشرَةِ أنَّه: إذا قالَ لك أحدُهم: إنَّ شخصًا عظيمًا في الوقتِ الذي يُنشِئُ أمامَ أنظارِنا جيشًا ضخمًا في يومٍ واحدٍ يُمكِنُه أن يجمعَ فِرقةً كامِلةً من الجنودِ المتفرِّقينَ للاستِراحةِ بنفخٍ من بوقٍ، ويَجعلَهُم ينضَوُون تحتَ نِظامِ الفِرقةِ، وقلتَ: لا، لا أصدِّقُ ذلكَ، ألا يكونُ جوابُك وإنكارُك جنونًا وبلاهةً؟

    كذلك، فإن الذي أوجدَ أجسادَ الحيواناتِ كافّةً، وذوِي الحياةِ كافّةً من العَدمِ، تلكَ الأجسادَ التي هي كالفِرقِ العسكَريّةِ للكائناتِ الشبِيهةِ بالجيشِ الضَّخمِ ونظَّمَ ذرَّاتِها ولطائِفَها ووضَعَها في موضِعِها اللائقِ، بنظامٍ كاملٍ وميزانٍ حَكيمٍ بأمرِ «كنْ فيكونُ»، وهو الذي يَخلقُ في كلِّ قَرنٍ بل في كلِّ ربيعٍ، مئاتِ الآلافِ من أنواعِ ذوِي الحياةِ وطوائفِها الشَّبيهَةِ بالجيشِ.. فهل يمكنُ أن يُسألَ هذا القَديرُ وهذا العلِيمُ كيفَ سيَجمعُ بصَيحةٍ واحِدةٍ من بوقِ إسرافيلَ جميعَ الذراتِ الأساسيّةِ والأجزاءِ الأصليّةِ من الجنودِ المتعارِفينَ تحتَ لواءِ فِرْقةِ الجسَدِ ونظامِه؟! وهل يمكن أن يُستَبعَدَ هذا منه؟ أوَ ليسَ استِبعادُه بلاهةً وجنونًا؟

    وكذلكَ فإنَّ القرآنَ الكريمَ قد يذكرُ من أفعالِ الله الدنيويّةِ العَجيبةِ والبديعةِ كي يُعِدَّ الأذْهانَ للتّصدِيقِ ويُحضِّرَ القُلوبَ للإيمانِ بأفعالِه المعجِزةِ في الآخرةِ؛ أو أنه يُصَوِّرُ الأفعالَ الإلهيّةَ العجيبةَ التي ستَحدُثُ في المستقبلِ والآخِرةِ بشَكلٍ نَقنَعُ ونَطمئِنُّ إليه بما نشاهِدُه من نظائرِها العديدةِ، فمثلا: اَوَلَمْ يَرَ الْاِنْسَانُ اَنَّاخَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَاِذَا هُوَخَص۪يمٌ مُب۪ينٌ إلى آخرِ سُورةِ (يس).. هنا في قَضيّةِ الحشرِ، يُثبِتُ القرآنُ الكريمُ ويسُوقُ البراهينَ عليها، بسبعِ أو ثماني صُوَرٍ مُختلِفةٍ مُتنوِّعةٍ.

    إنه يُقدِّمُ النشأةَ الأُولى أوّلا، ويَعرِضُها للأنظارِ قائلا: إنكم ترَونَ نشأتكُم من النطفةِ إلى العَلقةِ ومن العلقةِ إلى المضغةِ ومن المضغةِ إلى خَلقِ الإنسانِ، فكيفَ تُنكِرونَ إذن النشأةَ الأُخرَى التي هي مثلُ هذه بل أهْونُ مِنها؟..

    ثم يُشِيرُ بـ(اَلَّذ۪ي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْاَخْضَرِ نَارًا) (يس:80) إلى تلك الآلاءِ وذلك الإحسانِ والإنعامِ الذي أنعمَه الحقُّ سُبحانَه على الإنسانِ، قائلًا: إنَّ الذي يُنعِمُ عليكم مثلَ هذه النِّعمِ، لن يَترُكَكم سُدًى ولا عبثًا، لتدخُلوا القبرَ وتناموا دونَ قيامٍ..

    ثم إنَّه يقولُ رمزا: إنكم ترَونَ إحياءَ واخْضِرارَ الأشجارِ الميِّتةِ، فكيفَ تَستَبعِدونَ اكتسابَ العظامِ الشبيهةِ بالحطبِ للحياةِ ولا تَقيسُونَ عليها؟..

    ثم هل يُمكِنُ أن يَعجِزَ مَن خلقَ السماواتِ والأرضَ عن إحياءِ الإنسانِ وإماتتِه وهو ثَمَرةُ السماواتِ والأرضِ، وهل يمكن لمن يُدِيرُ أمرَ الشجرةِ ويرعاها أن يُهمِل ثمَرتَها ويترُكَها للآخرين؟! فهل تَظنُّونَ أن يَترُكَ للعبثِ «شجرةَ الخلقةِ» التي عُجنَت جميعُ أجزائِها بالحكمةِ، بأن يُهمِلَ ثَمَرتَها ونتِيجَتَها؟!

    ويُفِيدُ أيضا: إنَّ الذي سَيُحْيِيكُم في الحشرِ هو مَن بيدِهِ مقاليدُ السماواتِ والأرضِ، وتَخضَعُ له الكائِناتُ خُضُوعَ الجنودِ المطيعِينَ لأمرِه فيُسخِّرُهم بأمرِ «كنْ فيَكونُ» تسخيرًا كاملا.. ومَن عِندَه خَلقُ الربيعِ يسيرٌ وهيِّنٌ كخلقِ زهرةٍ واحِدةٍ، وإيجادُ جميعِ الحيواناتِ سهلٌ على قُدرتِه كإيجادِ ذُبابةٍ واحِدةٍ.. فلا ولَن يُسألَ للتَّعجِيزِ صاحبُ هذه القُدرةِ: ﴿مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ ﴾؟

    ثم إنَّه بعبارةِ ﴿  فَسُبْحَانَ الَّذ۪ي بِيَدِه۪ مَلَكُوتُ كُلِّ شَىْءٍ ﴾ (يس:83) يُبيِّن أنه سبحانَه بيدِه مقاليدُ كلِّ شيءٍ، وعِندَه مفاتِيحُ كلِّ شيءٍ، يُقلِّبُ الليلَ والنهارَ، والشتاءَ والصيفَ بكلِّ سُهولةٍ ويُسرٍ كأنها صَفحاتُ كتابٍ، والدنيا والآخرةُ هما عِندَه كمَنزِلَين يُغلِقُ هذا ويَفتحُ ذاك؛ فما دامَ الأمرُ هكذا فإنَّ نتِيجةَ جميعِ الدلائلِ هي: ﴿وَ اِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ أي إنه يحيِيكُم من القبرِ، ويسُوقُكم إلى الحشرِ، ويُوَفِّي حسابَكم عندَ ديوانِه المقدَّسِ.

    وهكذا ترَى أنَّ هذه الآياتِ قد هيَّأتِ الأذهانَ، وأحضرتِ القلوبَ لقَبولِ قضيَّةِ الحشرِ، بإظهارِها نظائرَ من فِعلِها في الدنيا.

    هذا وقد يَذكُرُ القرآنُ أيضا أفعالا أُخروِيّةً بشكلٍ يُشعِرُ بنظائِرها الدنيويةِ ويُشِيرُ إليها، ليَمنعَ الإنكارَ والاستِبعادَ فمثلا: بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ ﴿ اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت ❀ وَاِذَا النُّجُومُ انْكَـدَرَت ❀ وَاِذَا الْجِـبَـالُ سُيـِّرَت ❀ وَاِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَت ❀ وَاِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَت ❀ وَاِذَا الْبِحَارُ سُجِرَت ❀ وَاِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَت ❀ وَاِذَا الـمَوْؤُدَةُ سُئِلَت ❀ بِاَىِّ ذَنْبٍ قُتِلَت ❀ وَاذَِا الصُّحُفُ نُشِرَت ❀ وَاِذَا السَّمآءُ كُشِطَت ❀ وَاِذَا الْجَحيمُ سُعِّرَت ❀ وَاِذَا الْجَنَّةُ اُزْلِفَت ❀ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَآ اَحْـضَرَت...﴾ إلى آخر السورة.

    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ ﴿اِذَا السَّمَآءُ اْنْفَطَرَتْ ❀ وَاِذَا الْكَواكِبُ اْنَتَثَرَت ❀ وَاِذَا البِحَارُ فُجِرَت ❀ وَاِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَت ❀ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَاَخَّرَتْ ﴾ إلى آخر السورة.

    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ ﴿اِذَا السَّمَآءُ انْشَقَّتْ ❀ وَاَذِنَتْ لِرَبِهَا وَحُقَّت ❀ وَاِذَا الارْضُ مُدَّت ❀ وَاَلْقَتْ مَا فِىهَا وَتَخَلَّت ❀ وَاَذِنَتْ لِرَبِهَا وَحُقَّتْ ﴾ إلى آخر السورة.

    فترَى أنَّ هذه السُّوَرَ تَذكُر الانقلاباتِ العظيمةَ والتصرفاتِ الربانيّةَ الهائِلةَ في القيامةِ والحشرِ بأسلوبٍ يجعلُ الإنسانَ يرى نظائِرَها في الخريفِ والربيعِ فيقبَلُها بكلِّ سُهولةٍ ويسرٍ، مع أنَّها كانت تجعلُ القلبَ أسيرَ دهشةٍ هائلةٍ، ويضيقُ العَقلُ دُونَها ويَبقى في حَيرةٍ؛ ولمَّا كانَ تفسيرُ السُّوَرِ الثلاثِ هذه يطولُ، لذا سَنأخذُ كلمةً واحدةً نَمُوذجًا، فمثلا: ﴿ وَاِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾ تُفِيدُ هذه الآيةُ أنه سَتُنشَرُ في الحشرِ جميعُ أعمالِ الفردِ مكتوبةً على صحيفةٍ؛ وحيثُ إنَّ هذه المسألةَ عجيبةٌ بذاتِها فلا يرى العقلُ إليها سَبيلًا، إلّا أنَّ السُّورةَ كما تُشيرُ إلى الحشرِ الربيعِيِّ وكما أنَّ للنقاطِ الأخرَى نظائرَها وأمثلتَها كذلك نظيرُ نشرِ الصُّحُفِ ومثالُه واضحٌ جليٌّ؛

    فلكلِّ ثَمَرٍ ولكلِّ عُشبٍ ولكلِّ شجَرٍ، أعمالٌ وله أفعالٌ وله وظائفُ وله عبودِيّةٌ وتسبيحاتٌ بالشَّكلِ الذي يُـظهِرُ به الأسماءَ الإلهيةَ الحسنَى، فجَميعُ هذه الأعمالِ مُندرِجَةٌ مع تاريخِ حياتِه في بُذُورِه ونُواه كلِّها، وستَظهرُ جميعُها في ربيعٍ آخرَ ومكانٍ آخرَ، أي إنه كما يَذكرُ بفصاحةٍ بالغةٍ أعمالَ أُمَّهاتِه وأُصُولِه بالصورةِ والشكلِ الظاهرِ، فإنه يَنشُرُ كذلك صحائفَ أعمالِه بنَشرِ الأغصانِ وتفتُّحِ الأوراقِ والأَثمارِ. نعم، إنَّ الذي يفعلُ هذا أمامَ أعينِنا بكلِّ حكمةٍ وحفظٍ وتدبيرٍ وتربيةٍ ولُطفٍ هو الذي يقولُ: ﴿ وَاِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾، وهكذا قِسِ النقاطَ الأخرَى على هذا المنوالِ، وإن كانت لدَيك قوّةُ استِنباطٍ فاستَنبِطْ.

    ولأجل مُساعَدتِك ومُعاوَنتِك سنذكرُ ﴿  اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾ أيضا، فإن لفظ «كُوِّرَتْ» الذي يرِدُ في هذا الكلامِ هو بمعنَى: لُفّتْ وجُمِعَتْ، فهو مثالٌ رائعٌ ساطِع فوقَ أنّه يومِئُ إلى نظيرِه ومثيلِه في الدنيا:

    أولا: إنَّ الله سبحانَه وتعالى قد رفعَ ستائرَ العَدمِ والأثيرِ والسماءِ، عن جوهَرةِ الشمسِ التي تُضيءُ الدنيا كالمصباحِ، فأخرجَها من خزينةِ رحمتِه وأظهرَها إلى الدنيا؛ وسَيلُفُّ تلك الجوهَرةَ بأَغلِفَتِها عندما تَنتهِي هذه الدنيا وتَنْسَدُّ أبوابُها.


    ثانيا: إنَّ الشمسَ موظفةٌ ومأمورةٌ بنشرِ غُلالاتِ الضوءِ في الأسحارِ ولفِّها في الأماسِيِّ، وهكذا يَتَناوَبُ الليلُ والنهارُ على هامَةِ الأرضِ، وهي تجمعُ مَتاعَها مُقَلِّلةً من تَعامُلِها، أو قد يكونُ القمرُ -إلى حدٍ مّا- نِقابًا لأخذِها وعطائِها ذلك؛ أي كما أنَّ هذه الموظَّفةَ تجمعُ متاعَها وتطوِي دفاترَ أعمالِها بهذه الأسبابِ فلابدَّ من أن يأتيَ يومٌ تُعفَى من مَهامِّها، وتُفصَلَ من وظيفتِها، حتى إن لم يكن هناكَ سببٌ للإعفاءِ والعزلِ؛ ولعلَّ توسُّعَ ما يُشاهِدُه الفَلَكِيُّون على وَجهِها من البُقعَتَينِ الصغِيرَتَينِ الآن اللتَينِ تَتَوسَّعانِ وتَتَضخَّمانِ رُوَيدًا رُوَيدًا، تَسترجِعُ الشمسُ -بهذا التوسعِ- وبأمرٍ ربانيٍّ ما لَفَّتْهُ ونشَرَتْه على رأسِ الأرضِ بإذنٍ إلهي من الضَّوءِ، فتَلُفُّ به نفسَها، فيقولُ رَبُّ العزّةِ: إلى هنا انتَهَت مُهِمّتُكِ مع الأرض، فهيّا إلى جهنمَ لتَحرِقي الذين عَبدُوكِ وأهانوا مُوظَّفةً مُسخَّرةً مِثلَكِ وحَقَّرُوها مُتَّهِمِين إياها بالخيانةِ وعدمِ الوفاءِ. بهذا تَقرأُ الشمسُ الأمرَ الربانيَّ ﴿  اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ  ﴾ على وجهِها المُبقِعِ.

    * * *

    القِطعةُ الخامِسةُ من الذَّيلِ

    إنَّ إخبارَ مئةٍ وأربعةٍ وعشرينَ ألفا من المصطَفَيْنَ الأخيارِ وهم الأنبياءُ والمرسَلون عليهم الصلاة والسلام -كما نصَّ عليهِ الحديث ([35])- إخبارا بالإجماعِ والتواترِ مستَندِين إلى الشهودِ عند بعضِهم وإلى حقِّ اليقينِ عندَ آخرينَ، عن وجودِ الدارِ الآخرةِ، وإعلانَهم بالإجماعِ أنَّ الناسَ سيُساقون إليها، وأنَّ الخالقَ سبحانَه وتعالى سيأتي بالدارِ الآخِرةِ بلا رَيبٍ، مثلما وَعدَ بذلك وعْدًا قاطِعًا. وإنَّ تصديقَ مئةٍ وأربعةٍ وعشرينَ مِليونًا من الأولياءِ كشْفا وشُهودًا ما أخبرَ به هؤلاءِ الأنبياءُ عليهم السلام، وشهادتَهم على وجودِ الآخرةِ بعلمِ اليَقينِ دليلٌ قاطعٌ وأيُّ دليلٍ على وجودِ الآخِرةِ.. وكذا، فإنَّ تجلّياتِ جميعِ الأسماءِ الحسنَى لخالقِ الكَونِ المتَجلِّيةِ في أرْجاءِ العالمِ كلِّه، تقتَضي بالبداهةِ وجودَ عالمٍ آخرَ خالدٍ، وتدلُّ دلالةً واضحةً على وجودِالآخِرةِ.

    وكذا الحكمةُ الإلهيّةُ المطلقةُ التي لا إسرافَ فيها ولا عبَثَ، والقُدرَةُ الأزليةُ الواسِعةُ التي تُحيِي ما لا يُعدُّ ولا يحصَى من جنائزِ الأشجارِ الميِّتةِ وهياكِلِها المنتَصِبةِ، تحييها على سطحِ الأرضِ في كلِّ ربيعٍ، وفي كل سنةٍ، بأمر «كنْ فيكونُ» وتجعلُها علامةً على «البعثِ بعد الموتِ» فتَحشُرُ ثلاثَمئةِ ألفِ نوعٍ من طوائفِ النباتاتِ وأمَمِ الحيواناتِ وتنشُرُها، مُظهِرةً بذلك مئاتِ الألوفِ من نماذجِ الحشرِ والنشورِ ودلائلِ وُجودِ الآخِرةِ. وكذا الرحمةُ الواسِعةُ التي تُدِيمُ حياةَ جميعِ ذوِي الأرواحِ المحتاجةِ إلى الرِّزقِ، وتُعيِّشُها بكمالِ الرأفةِ عِيشةً خارقةً للغايةِ؛ والعِنايةُ الدائمة التي تُظهِرُ أنواعَ الزينةِ والمحاسنِ بما لا يُعدُّ ولا يُحصَى، في فَترةٍ قصِيرةٍ جدا في كلِّ ربيعٍ.. لا شكَّ أنهما تستلزِمانِ وجودَ الآخرةِ بداهةً. وكذا، عِشقُ البقاءِ، والشوقُ إلى الأبديةِ وآمالُ السرمَديةِ الشديدةُ المغروزةُ غَرزًا لا انفصامَ لها في فطرةِ هذا الإنسانِ الذي هو أكملُ ثمَرةٍ لهذا الكونِ، وأحبُّ مخلوقٍ إلى خالقِ الكونِ،
وهو أَوْثقُ صلةً مع موجوداتِ الكون كلِّه، لا شكَّ أنه يشيرُ بالبداهةِ إلى وجودِ عالَم باقٍ بعدَ هذا العالمِ الفانِي، وإلى وجودِ عالمِ الآخرةِ ودارِ السَّعادةِ الأبديَّةِ. فجميعُ هذه الدلائلِ تُثبِتُ وجودَ الآخرةِ إلى حدٍّ يَستلزِمُ قبولَها بمثل بداهةِ وجودِ الدُّنيا. ([36])

    فما دامَ أهمُّ درسٍ يُلقِّنُنا القرآنُ إيّاه هو «الإيمانُ بالآخِرةِ»؛ وهذا الإيمانُ رصينٌ ومَتينٌ إلى هذه الدرجةِ، وفي ذلك الإيمانِ نورٌ باهرٌ ورجاءٌ شدِيدٌ وسُلوانٌ عظِيمٌ ما لوِ اجتمَعتْ مئةُ ألفِ شيخوخةٍ في شخصٍ وَاحدٍ لكفاها ذلك النُّورُ، وذلك الرجاءُ، وذلك السُّلوانُ النابعُ من هذا الإيمانِ؛ لذا علينا نحنُ الشيوخَ أنْ نفرَحَ بشيخوخَتِنا ونبتَهِجَ قائلينَ: «الحمدُ لله على كمالِ الإيمانِ».


    الكلمة التاسعة | الكلمات | الكلمة الحادية عشرة

    1. * السَّفسَطةُ: الاستِدلالُ والقياسُ الباطلُ، أو الذي يُقصَد به تمويهُ الحقائقِ، والسفسطائية فِرقةٌ يُنكِرون الحسِّياتِ والبديهيات وغيرها.
    2. إشارةٌ إلى فصولِ السنة حيثُ الربيعُ يشبه شاحنةَ قطارٍ مملوءةٍ بالأغذيةِ ويأتي من عالم الغيب. (المؤلف).
    3. * فكما أنَّ الجيشَ الهائلَ في ميدانِ المناوراتِ أو مباشرةِ الحرب، يتَحوّلُ إلى ما يُشبِه غابةَ أشواكٍ، بمُجرَّد تَسلُّمه أمرَ: «خُذوا السلاحَ، رَكِّبوا الحِرابَ»، وكما يتَحوّلُ المعسكرُ برُمّتِه في كل عيدٍ وعرْضٍ عسكريٍّ إلى ما يُشبِه حديقةً جميلةً ذاتَ أزهارٍ ملوّنةٍ بمجرّدِ تسلُّمِه أمرَ: «احملُوا شاراتِكم، تَقلّدُوا أوسِمتَكم».. كذلك النباتاتُ غيرُ ذاتِ الشعورِ والتي هي نوعٌ من جُنودٍ غيرِ متناهيّةٍ لله سبحانَه -كما أنَّ الملائِكةَ والجنَّ والإنسَ والحيوانَ جُنودُه- فهي عندَما تَتسلَّم أمرَ ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ أثناءَ جهادِها لحفظِ الحياةِ وتُؤمَرُ بالأمرِ الإلهيّ «خذوا أسلحتَكم وعتادَكم لأجلِ الدّفاعِ» تُهيِّئُ الأشجارُ والشُّجَيراتُ المشوكَةُ رُميحَاتِها، فيتَحوّلُ سطحُ الأرضِ إلى ما يُشبِه المعسكرَ الضخمَ المدجَّجَ بالسلاحِ الأبيضِ.
      فتُظهِرُ كلُّ طائفةٍ منها ما وَهبَه لها سُلطانُها من هدايا جميلةٍ، وما أنعمَ عليها من أوسِمةٍ مرصّعةٍ، فتَعرِضُ نفسَها -بما يُشبِه العرْضَ العسكريّ- أمامَ نظرِ الشُّهودِ والإشْهادِ للسلطانِ الأزلي، كأنها تَسمَعُ أمرا ربّانيا: «تقلّدوا مُرصّعاتِ الصنعةِ الربانية، وأوْسِمةَ الفِطرةِ الإلهية التي هي الأزهارُ والثمارُ... وفتِّحُوا الأزهارَ»؛ عندئذٍ يعودُ سطحُ الأرضِ كأنه مُعسكرٌ عظيمٌ في يومِ عيدٍ بهيجٍ، وفي استعراضٍ هائلٍ رائع يَزخَرُ بالأوسمة البراقةِ والشاراتِ اللماعة.
      البديع يُرِي لمن لم يَفقِد بصرَه أنه أمرُ سلطانٍ قَديرٍ لا منتهَى لقدرتِه، وأمرُ حاكمٍ حَكيمٍ لا نهايةَ لحكمتِه. (المؤلف)
    4. * لقد وُضِّحَ قسمٌ من هذه المعاني التي تُشيرُ إليها هذه الصورةُ في «الحقيقةِ السَّابعةِ»؛ فآلةُ التصويرِ الكبرَى هنا -التي تخص السلطان- تُشير إلى اللوحِ المحفوظِ، وإلى حقيقتِه، وقد أثبَتَت «الكلمةُ السادِسةُ والعشرون» اللوحَ المحفُوظَ وتَحقُّقَ وُجودِه بما يأتي:
      كما أنَّ الهُوياتِ الشخصِيةَ الصغيرةَ تَرمُزُ إلى وجودِ سِجلٍّ كبير للهويات، والسنداتِ الصغيرةَ تُشعِر بوُجود سِجلٍّ أساسٍ للسنداتِ، ورَشحاتِ قطراتٍ صَغيرةً وغزيرةً تدل على وجودِ منبعٍ عظيمٍ.. كذلك فإنّ القوَى الحافظةَ في الإنسانِ، وأثمارَ الأشجارِ، وبُذورَ الثِّمارِ؛ التي كل منها بمَثابةِ هوياتٍ صغيرة، وبمعنى «لوح محفوظ صغير» وبصُورةِ ترشحاتِ نِقاطٍ صغيرةٍ ترشَّحتْ من القلم الذي كتَبَ اللوحَ المحفوظَ الكبيرَ.. لابدَّ أن كلا منها تُشعرُ بوجودِ الحافِظةِ الكبرَى، والسِّجل الأكبرِ، واللوحِ المحفوظِ الأعظم، بل تُثبتُه وتُبرِزُه إلى العقولِ النافِذةِ. (المؤلف)
    5. * إنَّ المعانيَ التي تُثبِتُها هذه الصورةُ ستَظهَر في «الحقيقةِ الثامِنةِ» فمثلا: إنَّ رؤساءَ الدوائر في هذا المثالِ ترمزُ إلى الأنبياءِ والأولياءِ، أما الهاتفُ فهو نِسبةٌ ربانِيةٌ ممتدةٌ من القلبِ الذي هو مرآةُ الوَحيِ ومظهرُ الإلهامِ وبمثابةِ بِدَايةِ ذلك الهاتِفِ وسمّاعتِه.. (المؤلف)
    6. سَترى ما ترمُز إليه هذه الصورة في «الحقيقة التاسعة»، فيومُ العيد مثلا إشارةٌ إلى فصل الربيع، أما الفلاةُ المزدانةُ بالأزهار فإشارةٌ إلى سطح الأرض في موسم الربيع، أما المناظرُ والمشاهدُ المتغيِّرة في الشاشة، فالمقصودُ منها أنواعُ ما يُخرجُه الربيعُ والصيفُ من الأرزاق الخاصَّةِ بالحيوان والإنسان التي يُقدِّرُها الصانعُ القديُر ذو الجلال والفاطرُ الحكيم ذو الجمال، والتي يُغيِّرُها بانتِظام كامل ويُجدِّدُها برحمةٍ تامّةٍ منه سُبحانَه، ويُرسِلها في فتراتٍ مُتعاقِبة مُتَتاليةٍ ابتداءً من أوَّلِ الربيعِ إلى انتهاءِ الصَّيفِ. (المؤلف)
    7. إنّ الدليلَ القاطع على أن الرزقَ الحلالَ يُعطَى حسَبَ الافتقار، ولا يؤخذُ بقوَّةِ الكائن وقدرتِه، هو سعةُ معيشةِ الصغار الذين لا طاقةَ لهم ولا حول، وضيقُ معيشةِ الحيواناتِ المفترسة، وبدانةُ الأسماكِ البليدة وهُزالُ الثعالبِ والقِردَة ذوي الذكاء والحِيَل؛ فالرزقُ إذن يأتي متناسِبا عَكسِيا مع الاختيار والقدرة، أي كلَّما اعتَمدَ الكائن على إرادته ابتُليَ بضِيق المعيشة وتكاليفِها ابتلاء أكثر. (المؤلف)
    8. نعم، إنَّ إيثارَ الأسدِ الجائع شِبلَه الضعيفَ على نفسه بما يَظفَرُ به من قطعة لحم، وهجومَ الدجاج الجبان على الكلب والأسد حفاظا على فِراخِه الصغيرة، وإعدادَ شجرةِ التِّينِ لصغارها التي هي ثمارُها لبنا خالصا من الطين.. كلُّ ذلك يدلُّ بداهة -لأهل البصائر- على أنها حَصَلتْ بأمر الرحيم الذي لا نهاية لرحمته، والكريم الذي لا نهاية لكرمه، والرؤوفِ الذي لا نهاية لرأفته وشفَقَتِه؛ وأنَّ قيامَ النباتات والحيوانات التي لا وعي لها ولا شعورَ، بأعمال في منتهى الوَعيِ والشعور والحكمة، يبينُ بالضرورة أنَّ عليما مطلقا وحكيما مطلقا هو الذي يسوقُها إلى تلك الأعمال، وهي بأمرِه تأتمِر. (المؤلف)
    9. إن عبارةَ «أمن الممكن؟» تتكررُ كثيرا، فهي تُفيد غايةً مهمة وهي: أنَّ الكفرَ والضلالَ يَتولَّدانِ غالبا من الاستبعاد، أي يَرى الإنسانُ مسائلَ الإيمان بعيدةً عن ميزان العقل، فيَعدُّها محالا، ويَبدأ بالإنكار والكفر.. ولكن هذه الكلمة العاشرة أَوضَحت بأدلة قاطعة: أن الاستبعادَ الحقيقيَّ والمحالَ الحقيقيَّ والبعدَ عن موازينِ العقلِ والصُّعوبةَ الحقَّةَ والمشكلاتِ العويصةَ التي هي بدرجةِ الامتناع، إنما هي في الكفرِ ومَنهَجِ أهلِ الضلالِ؛ وأن الإمكانَ الحقيقيَّ، والمعقوليةَ التامةَ والسّهولةَ الجاريةَ مجرى الوجوب، إنما هي في طريقِ الإيمانِ، وجادّةِ الإسلام.
      والخلاصة: إنَّ الفلاسفةَ إنما زَلّوا إلى الإنكار نتيجةَ الاستبعادِ، والكلمة العاشرة تبيِّن بتلك العبارة: «أمن الممكن؟» أين يكمنُ الاستِبعادُ، وتُوجِّهُ ضربةً على أفواهِهِم. (المؤلف)
    10. نعم، إن الزهرةَ الجميلة وهي في غاية الزِّينةِ والزَّخرفةِ، والثمَرةَ المنضَّدة وهي في منتهى الإتقان والإبداع، المعلَّقتيْن بخيط دقيق في نهاية أغصانٍ يابسة يُبوسةَ العظم.. لاشك أنهما «لوحةُ إعلان» تجعل ذوي المشاعر يقرأون فيها محاسنَ صنعةِ الصانع المعجز الحكيم!.. قس على النباتات الحيوانات أيضا. (المؤلف)
    11. نعم، لقد ذَهَب مثلا: أن حسناءَ بارعةَ الجمالِ طَرَدت أحدَ المعجبين بها، فقال هذا المُعجَب مُسلِّيا نفسَه: تبّا لها ما أقبحَها.. منكِرا جمالَ تلك الجميلة؛ وذات يوم مرَّ دُبٌّ تحت شجرةِ عِنب ذاتِ عناقيد لذيذةً، فأراد أن يأكل من ذلك العنب الحُلوِ، ولمّا لم تصل يدُه إليه، وعجزَ عن التسلق، قال مُتمتِما: إنه حامض، فسلَّى نفسه.. ومضى في طريقه. (المؤلف)
    12. إن الموجوداتِ الشبيهةَ بالمرايا مع أنها تتعاقبُ بالزوال والفناء فإن وجودَ تجليات الجمالِ نفسِه والحُسنِ عينِه في وَجهِها، وفي التي تعقُبُها، يدل على أن ذلك الجمالَ ليس مُلكا لها، بل هو آياتُ حسنٍ منزَّه، وأماراتُ جَمالٍ مقدّس. (المؤلف)
    13. نعم، إنَّ الذي حَكمَ ودامَ سلطانُ حكمِه ألفا وثلاثَ مِئةٍ وخمسينَ سنةً، والذي عَددُ أمَّتِه أكثرُ من ثلاثِ مِئةٍ وخمسينَ مليونا -في أغلبِ الأوقات- وهم يجدِّدون معه البيعةَ يوميا، ويَشهَدون بعُلوِّ مكانتِه وينقادون لأوامرِه انقيادا تاما عن رغبةٍ وطَواعية.. هذا الذي تَسربَلَ نصفُ الأرض وخُمُسُ البشريَّةِ بسِرْبَالِه المباركِ، وانطبعَ بطابَعِه المعنويِّ، وأَصبَحتْ ذاتُه الشريفةُ محبوبةَ قلوبِهم، ومربيةَ أرواحِهم، ومزكّيةَ نفوسِهم، لا ريب أنه العبدُ الأعظم لربِّ العالمين سبحانَه.. هذا العبدُ الكريمُ الذي رحَّب أغلبُ أنواعِ الكائناتِ بمهمتِه ورسالتِه فحملَ كـلُّ نوع ثمرةً من ثمرات معجزاتِه، لا ريبَ أنه أحبُّ مخلوقٍ لدَى الخالقِ العظيمِ.. وأنَّ الخلودَ الذي ترجوه البشريةُ بكل ما لها من استعدادٍ وتطلُبُه كحاجةٍ مُلحَّةٍ تُنقِذُها من التردي إلى دركاتِ أسفلِ سافِلين وترفَعُها إلى درجاتِ أعلَى عِلِّيين.. فهي حاجةٌ عُظمَى، لا ريب أنَّ أعظمَ العبادِ يَتقدمُ بها ويرفعُها إلى قاضي الحاجات باسمِ الجميع. (المؤلف)
    14. نعم، إن جميعَ الصلواتِ التي تُقيمُها الأمةُ كلُّها، منذ المناجاةِ الأحمدية -على صاحبها الصلاةُ والسلامُ- وجميعَ الصلوات والتسليمات التي تبعثُها إلى النبي ﷺإن هي إلّا تأمينٌ دائمٌ لدعائِه، ومُشاركةٌ عامةٌ معه، حتى إن كلَّ صلاةٍ وسلام عليه هو تأمينٌ على ذلك الدعاء؛ وأن ما يؤديه كلُّ فردٍ من أفرادِ الأمَّةِ من الصلوات عليه في الصلاة، ومن الدعاءِ عَقِب الإقامة -لدى الشافعية- إنما هو تأمينٌ عامٌ على ذلك الدعاء الذي يدعو به للسعادة الأبدية.. فالنبيُّ ﷺ يرجو في دعائِه باسم البشريَّة قاطبةً البقاءَ والسعادةَ الأبدية، وهذا هو ما يريدُه الإنسانُ ويرجوهُ بكل ما أوتي من قوةٍ بلسان حالِ فطرتِه، لذا يؤمِّنُ خَلفَه جميعُ الذين تَنوَّروا بنورِ الإيمان.. فهل يمكنُ ألّا يُقرَنَ هذا الدعاءُ بالقبولِ والاستجابة؟! (المؤلف)
    15. نعم، إنه لا يمكنُ بحالٍ من الأحوالِ ألّا يطّلعَ ربُّ هذا العالم على أفعال مَن هو بالمنزلةِ الرفيعة من خَلقِه، في الوقت الذي يتَصرفُ في الكون بكلِّ علمٍ وبصيرةٍ وحِكمةٍ، كما هو مُشاهَد.. ولا يُمكنُ أيضا بحالٍ من الأحوالِ ألّا يُباليَ ذلك الربُّ العليمُ بدعاءِ هذا العبدِ المختارِ من عبادِه، وهو المطَّلِع على كلِّ أفعالِه ودعواتِه؛ كذلك لا يُمكِنُ بحالٍ من الأحوالِ ألّا يستجيبَ ذلك الربُّ القديرُ الرَّحيمُ لتلكَ الدعواتِ وهو يَرَى من صاحِبِها كلَّ التجرُّدِ والافتقارِ إليه.
      نعم، لقد تَبدَّل وضْعُ العالَم بنور النبيِّ ﷺ، وتَبيَّنَتْ حَقيقةُ الإنسانِ والكونِ وماهيتُهُما بذلكَ النورِ، وانْكشَفتْ بذلكَ الضياءِ؛ فظهرَ أن مَوجوداتِ هذا الكونَ مكاتيبُ صمدانِيةٌ تَستقرِئُ الأسماءَ الحسنى، ومأموراتٌ موظَّفاتٌ، وموجوداتٌ نَفيسَةٌ ذاتُ معنًى ومَغزًى تليقُ بالبقاء.. فلولا ذلك النورُ لظَلَّ الكونُ مستورا تحتَ ظلامِ الأوهام، محكوما عليه بالفناءِ المطلقِ والعدمِ، تافها دون معنًى ودُونَ نفع، بل كان عبثا وسُدى ووَلِيدَ الصُّدفة.. ولهذا السِّر فإن كلَّ شيءٍ في الأرض والسماء، من الثَّرى إلى الثُّريا يستضيءُ بنورِه ﷺ ويُبدِي علاقتَه به مثلما يُؤمِّنُ الإنسانُ لدعائه ولا غَرْوَ أن روحَ العبودِيةِ المحمَّدِيةِ ومُخَّها إنما هو الدعاءُ بل إن حركاتِ الكون ووظائفَه جميعا ما هي إلّا نوعٌ من الدعاءِ، فَنُموُّ البِذرَةِ وتحولاتُها مثلا ما هو إلّا نوعٌ من دعاءٍ لبارئِها لتُصبِحَ شجرةً باسِقةً. (المؤلف)
    16. نعم، إنَّ إبداءَ نَماذِج الصَّنعةِ الدَّقِيقةِ البديعةِ التي لا تُعدُّ ولا تُحصَى على وَجهِ الأرضِ الذي هو بمثابةِ صَحيفةٍ صَغيرةٍ بالنسبة إلى عالم الآخرةِ الفَسيحِ، وكذا إراءةَ نماذِج الحشرِ والقيامَةِ في ثلاثِ مِئةِ ألفٍ من مخلوقاتٍ ذاتِ موازَنةٍ وانتِظام، وكتابَتَها في تلك الصحيفةِ الواحدةِ بهذا النظامِ البديعِ، لاشك أنها أعقَدُ من تَهيِئَةِ الجنَّةِ الموسُومةِ بالفخامةِ والرِّفْعةِ في عالم البقاءِ الرَّحْبِ، لذا يَصحُّ القولُ: إنَّ خَلقَ حدائقِ الربيعِ بما فيها من الأزهارِ والرّياحينِ أمرٌ يَبعثُ على الحَيرةِ والدهشةِ أكثرَ مما يبعثُها خلقُ الجنّةِ، وبنسبةِ عُلوِّ درجةِ الجنة ورِفعَةِ مكانتِها على الرَّبيع. (المؤلف)
    17. «إنه صحيح معنًى ولو ضُعّف مبنى» علي القاري، شرح الشفا 1/6؛ الأسرار المرفوعة 385؛ العجلوني، كشف الخفاء 2/214؛ الشوكاني، الفوائد المجموعة 326.
    18. نعم، إنَّ انقلابَ الحقائقِ محالٌ بالاتِّفاقِ، وأشدُّ مُحالاتِه هو انقِلابُ الضِّدِّ إلى ضدِّه؛ وضِمنَ عدَمِ إمكانِ انقلابِ الحقائق إلى أضدادِها حَقيقةٌ لا تَقبلُ الضِّدَّ قطعا، وهي انقلابُ الشَّيءِ مع احتفاظِهِ بماهيَّتِه إلى عينِ ضِدِّه، كأن يَنقلبَ الجمالُ المطلقُ مع احتفاظِه بهذا الجمالِ إلى القُبحِ الحقيقيِّ! فتَحوُّلُ جمالِ الربوبيةِ الواضحِ والظاهرِ ظهورا جَليا إلى ضِدِّهِ مع بقائِه على ماهيَّتِه هو أشَدُّ مُحالا وأكثرُ عجبا في أحكامِ العقل. (المؤلف)
    19. على الرَّغم من أن كلَّ شيء هو دقيقُ الصُّنع، بَديعُِ التّصويرِ، جَميلُ التّركيبِ، غالٍ ونفيسٌ، إلَّا أن عمرَه قصيرٌ، ووجودَه لا يستغرقُ إلّا زمنا يسيرا، فهو إذن نماذجُ وصورٌ لأشياءَ أخرى ليس إلّا.. ولما كان هناكَ وضعٌ يُشعرُ بتوجيهِ الأنظار إلى الحقائق الأصِيلةِ، فلا غرابةَ إذن في أن يقال: إن زينةَ الحياةِ الدنيا ما هي إلّا نماذجُ لِنِعَم الجنَّةِ التي هيَّأها الربُّ الرحِيمُ بفضلِه ولطفِه لمَن أحبَّ من عباده، بل الحقيقةُ هي هذه فعلا. (المؤلف)
    20. نعم، إن لوجودِ كلِّ شيءٍ غاياتٍ، ولحياتِه أهدافا ونتائجَ، فهيَ ليستْ بمُنحصِرة -كما يتوهَّمُ أهل الضلالة- على الغاياتِ والمقاصِد التي تتوجَّهُ إلى الدنيا أو التي تنحصر في الموجودِ نفسِه، حتى يمكنَ أن يتسلَّلَ إليها العبثُ وعَدمُ القصد؛ بل إن غايات وجودِ كلِّ شيءٍ ومقاصدَ حياتِه ثلاثةُ أقسام:
      أوَّلُها: وهو أسماها وهو المتوجِّه إلى صانِعِه سبحانَه وتعالى، أي عرضُ دقائقِ صُنع كلِّ شيء وبَديعِ تَرْكيبِهِ أمامَ أنظارِ الشاهِدِ الأزلي سبحانَه -بما يُشبِه الاستعراض الرَّسمِيَّ- حيثُ تكفي لذلك النظرِ حياةُ الشيء ولو للحظةٍ واحدة، بل قد يكفيه استعدادُه لإبراز قُواه الكامنةِ الشَّبيهةِ بِنيَّتِهِ -ولمَّا يَبرزْ إلى الوجودِ-، فالمخلوقاتُ اللطيفةُ التي تَزولُ بسرعةٍ، والبذورُ التي لم يتَسنَّ لها التَّسنبُـل، تفيدُ هذه الغايةَ وتُعبِّر عنها تماما، فلا يَطرأُ عليها عَبثٌ ولا انتفاءُ النفعِ البتة؛ أي إن أُولَى غاياتِ كلِّ شيء هو: إعلانُه وإظهارُه -بحياته ووجوده- معجزاتِ قُدرَةِ صانعِه، وآثارَ صنعتِه، أمامَ نظَرِ مليكِه ذي الجلال.
      والقسم الثاني: من غاية الوُجودِ وهَدفِ الحياة هو: التوجُّهُ إلى ذوي الشعورِ، أي إن كلَّ شيء بمثابةِ رسالةٍ ربانِيَّةٍ زاخِرةٍ بالحَقائق، وقصيدةٍ تنضح لُطفا ورقّةً، وكلمةٍ تُفصح عن الحكمَةِ، يَعرضُها البارئُ عز وجل أمامَ أنظارِ الملائكةِ والجنِّ والحيوانِ والإنسانِ، ويَدعوهُم إلى التأمُّل، أي إن كلَّ شيء هو محلُّ مطالعةٍ وتأمُّلٍ وعِبرةٍ لكُل مَن ينظر إليه من ذوي الشعور.
      القسم الثالث: من غايةِ الوُجودِ وهدفِ الحياةِ هو: التوجُّهُ إلى ذات نفسِه: كالتمتُّع والتلذُّذِ وقضاءِ الحياةِ والبقاءِ فيها بهناءٍ، وغيرِها من المقاصدِ الجزئيَّة، فمثلا: إن نتيجةَ عَملِ الملَّاح في سَفينَةِ السلطانِ العظيمَةِ تعودُ فائدتُها إليه وهي أجرَتُه، وهي بنسبةِ واحدٍ في المِئةِ، بينما تِسعٌ وتسعونَ بالمئة من نتائج عملِه تعودُ إلى السلطان.. وهكذا أمرُ كلِّ شيءٍ إنْ كانت غايتُه المتوجِّهة إلى نفسِه وإلى دنياه واحدةً، فغاياتُه المتوجِّهَة إلى بارئِه سبحانَه هي تِسعٌ وتسعونَ.
      ففي تَعدُّدِ الغاياتِ هذا يَكمُنُ سِرُّ التوفيقِ بينَ «الحكمةِ والجودِ» أي بين الاقتِصادِ والسَّخاءِ المُطلقَين اللذَينِ يَبدُوانِ كالضِّدَّين والنقيضَين؛ وتوضيح ذلك: إذا لُوحِظَت غايةٌ بمفردِها فإن الجودَ والسَّخاءَ يسودان آنذاك، ويتَجلَّى اسمُ «الجوَادِ»، فالثمارُ والحبوبُ حسَبَ تلك الغايةِ المُفردةِ الملحوظةِ لا تعدُّ ولا تحصَى؛ أي إنها تُفيدُ جودا مُطلَقا وسخاءً لا حصْرَ له، أمَّا إذا لوحِظت الغاياتُ كلُّها فإن الحكمةَ هي التي تَظهرُ وتُهيْمِنُ، ويتَجلَّى اسمُ «الحكيم»، فتكون الحِكَمُ والغاياتُ المُتوخّاةُ من ثَمَرةٍ لشجرةٍ واحدةٍ بعدَدِ ثمارِ تلك الشجَرة، فتتوزَّعُ هذه الغاياتُ على الأقسام الثلاثةِ التي سبقَ ذكرها.. فهذه الغاياتُ العامَّةُ تشيرُ إلى حكمةٍ غيرِ نهائيةٍ، واقتصادٍ غير مُـحدَّد، فتَجتمِعُ الحكمةُ المطلقةُ مع الجود المطلقِ اللذانِ يبدوَانِ كالضِّدَين.
      ومثلا: إن إحدَى الغاياتِ من الجيش هي المحافَظةُ على الأمنِ والنِّظام، فإذا نَظرتَ إلى الجيش
      بهذا المنظارِ فَسَترى أن هناك عددا فوقَ المطلوب منه، أما إذا نظرنا إليه معَ أخذِنا الغاياتِ الأخرى بنَظرِ الاعتبارِ كحِفظِ الحدُودِ، ومجاهَدَةِ الأعداءِ وغيرِها، عند ذلك نَرى أنَّ العدَدَ بالكادِ يفي بالحد المطلوب.. فهو متوازنٌ بكمال الحكمةِ، إذ تَجتمِعُ حكمةُ الحكومةِ مع عظمتِها؛ وهكذا يُمكن القولُ في هذه الحالةِ: إن الجيشَ ليسَ فوقَ الحدِّ المطلوب. (المؤلف)
    21. نعم، لا بدَّ من زوالِ الثِّمار والأزهار والأوراق المحمولةِ على أغصانِ ورؤوسِ الأشجارِ -التي هي خزينةُ الأرزاقِ للرحمة الإلهية- بعد أن أدت وظيفَتها وهَرِمَت، كيلا يُوصَد البابُ أمام ما يَسيـلُ وراءَها ويخلُفها، وإلّا صارت سَدًّا منيعا أمام سعةِ الرحمةِ وحائلا أمام مهامِّ أخواتِها، فضلا عن أنها هي نفسُها تذوي وتذبُل بزوال شبابِها؛ وهكذا، فالربيعُ أشبهُ بتلك الشجرةِ المثمرة، المُظهرة للحشر، وعالمُ الإنسان -في كلِّ عصر- هو شجرةٌ مثمِرة ذاتُ حكمةٍ وعبرة، والأرض جميعًا شجرةُ قُدرةٍ بديعةٍ والدنيا كذلك شَجرةٌ رائعةٌ ترسلُ ثمارَها إلى سوقِ الآخرة. (المؤلف)
    22. انظر حاشيةَ الصورةِ السّابعةِ. (المؤلف)
    23. إن الماضيَ الممتدَّ منذُ الآن إلى بدءِ الخليقةِ مَليءٌ بالوقائِع والأحداث، فكلُّ يوم ظَهرَ إلى الوجود منه سَطْرٌ، وكلُّ سَنةٍ منه صحيفةٌ، وكلُّ عصرٍ منهُ كتابٌ، رَسَمَه قلمُ القدَرِ، وخطَّتْ فيه يدُ القدرةِ آياتِها المعجزةَ بكل حكمةٍ وانتظام؛ وإن المستقبلَ الذي يمتدُّ من الآن إلى يوم القيامة، وإلى الجنَّةِ، وإلى الأبد، إنما هو ضمنَ الممكناتِ، أي كما أن الماضيَ هو وقائعُ وقَعتْ فعلا، فالمستقبلُ كذلك ممكناتٌ يمكن أن تقعَ فِعلًا.. وإذا قوبِلتْ سِلسلتا هَذيْن الزَّمانيْنِ وكما لا ريبَ في أن الذي خلقَ الأمسَ بما فيه من الموجُوداتِ قادرٌ على خلقِ الغدِ بما سيكونُ فيه من الموجودَاتِ، فلا ريبَ كذلك أن موجوداتِ وخوارقَ الزَّمنِ الماضي الذي هو مَعرِضُ العجائبِ والغرائبِ هي مُعجِزاتُ القديرِ ذي الجلالِ وهي تَشهَدُ شهادةً قاطِعةً على: أنه سبحانَه وتعالى قادرٌ على أن يخلقَ المستَقبلَ كلَّه، وما فيه من الممكناتِ كُلِّها، وأن يَعرِضَ فيه عجائبَه ومعجزاتِه كافةً.
      نعم، فكما أن الذي يَقدِرُ على خلق تفاحةٍ واحدةٍ لابدَّ أن يكون قادرًا على خلق تفاحِ العالَمِ جميعًا، بل على إيجاد الربيع الكبير، إذ من لا يَقدِرُ على خلق الربيع لا يمكن أن يخلقَ تفاحةً، لأن تلك التفاحةَ تُنسَجُ في ذلك المصنع؛ ومَن يقدِرُ على خلق تفّاحةٍ واحدةٍ فهو إذن قادرٌ على خلقِ الرّبيعِ، فالتفاحةُ مثالٌ مصغّرٌ للشجرةِ، وللحَديقةِ، بل هي مثالُ الكائناتِ جميعًا؛ والتفاحةُ من حيثُ الصّنعةُ والإتقانُ هي مُعجِزةُ الصنعةِ، حيث تتضمنُ بذورُها تاريخَ حياةِ شجرتِها؛ فالذي يَخلقُها خَلْقًا بديعًا كهذا لا يُعجِزُه شيءٌ مطلقًا.
      وهكذا، فالذي يخلُق اليومَ هو قادرٌ على خلق يومِ القيامةِ، والذي يُـحدِثُ الربيعَ قادرٌ على إحداثِ الحشر، والذي أظهرَ عوالِمَ الماضي وعلَّقها على شريط الزمان -بكلِّ حكمةٍ وانتِظام- لاشك أنه يقدرُ على أن يُظهِرَ عوالمَ أخرى ويُعلِّقها بخيطِ المستقبَلِ، وسيُظهرُها حتما.. وقد أثبتنا بشكل قاطِع في كثير من «الكلمات» ولا سيما في «الكلمةِ الثانيةِ والعِشرينَ» بأن «من لا يخلُقُ كـلَّ شيء لا يقدرُ على خلق شيء، ومن يخلُقُ شيئًا واحدًا يقدِرُ على أن يخلُقَ كلَّ شيء؛ وكذلك لو أحيلَ إيـجادُ الأشياء إلى ذاتٍ واحدةٍ لسَهُلتِ الأشياءُ كـلُّها كالشيء الواحد، ولو أُسنِدَ إلى الأسباب المتعدِّدةِ وإلى الكثرة لأصبحَ إيـجادُ الشيءِ الواحدِ صعبًا بمقدار إيـجادِ الأشياء كلِّها، ويكون مشكِلًا بدرجة الامتِناعِ والمُحالِ».(المؤلف)
    24. كجُذورِ وأصولِ الأعْشابِ والأشجارِ. (المؤلف)
    25. كالأوْراقِ والثمارِ. (المؤلف)
    26. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «إنّ ضرسَ الكافرِ أو نَاب الكافِر مثل أُحُدٍ وغلظ جِلدِه مسيرة ثلاث»، (مسلم، الجنة 44؛ الترمذي، صفة جهنم 3؛ ابن ماجه، الزهد 38؛ أحمد بن حنبل، المسند 2/26، 328، 334، ).
    27. نعم إن الكفرَ إهانةٌ وتَحقيرٌ للكائناتِ جميعًا، حيثُ يتهمُها بالعبثية وانتفاءِ النفع؛ وهو تزييفٌ تجاهَ أسماءِ الله الحسنى، لأنه ينكرُ تجلي تلك الأسماء على مرايا الموجوداتِ؛ وهو تكذيبٌ للمخلوقات جميعا حيثُ يردُّ شهادةَ الموجوداتِ على الوحدانيةِ.. لذا فإنه يُفسِدُ قُوَى الإنسانِ واستعداداتِه إلى درجةٍ يسلبُ منه القدرةَ على تقبُّلِ الخير والصلاح.. وهو ظلمٌ عظيمٌ جدا، إذ هو تجاوزٌ لحقوق جميعِ المخلوقات، وجميعِ الأسماء الحسنى، لذا فحفاظا على هذه الحقوقِ، ولعدم تمكُّن نفسِ الكافِر من قبول الخير، اقتضى حِرمانَه من العفو؛ والآيةُ الكريمةُ: ﴿اِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ تفيدُ هذا المعنَى.(المؤلف)
    28. نعم، إنَّ العدالةَ شِقّانِ أحدُهُما إيجابيّ، والآخرُ سَلبِيّ: أما الإيجابيُّ فهو: إعطاءُ كلِّ ذي حقٍ حَقَّهُ؛ فهذا القِسمُ من العدالةِ مُـحيطٌ وشامِلٌ لكلِّ ما في هذه الدنيا لدرجةِ البداهَةِ، فكما أثبتنا في «الحقيقة الثالثة» بأنَّ ما يطلُبُه كلُّ شيءٍ وما هو ضَرورِيٌّ لوجودِه وإدامَةِ حياتِه، تلك المطالِبُ التي يطلُبُها بلسان استِعدادِه وبِلُغةِ حاجاتِه الفطريَّةِ وبلسانِ اضطرارِهِ من الفاطرِ ذي الجلالِ تَأتِيهِ بميزانٍ خاصٍ دَقِيـقٍ، وبمعايِيرَ ومقايِيسَ مُعيَّنةٍ، أي إن هذا القِسمَ من العَدالةِ ظاهرٌ ظهورَ الوجودِ والحياةِ؛ وأما القِسمُ السَّلبيّ فهو: تأديبُ غيرِ المحِقِّين، أي إحقاقُ الحقِّ بإنزالِ الجزاءِ والعذابِ عليهم،
      فهذا القِسمُ وإن كان لا يَظهَرُ بجلاءٍ في هذه الدنيا إلّا أن هنالك إشاراتٍ وأماراتٍ تدل على هذه الحقيقةِ؛ خذ مثلا سَوْطَ العذابِ وصَفعاتِ التأديبِ التي نَزلتْ بقوم عادٍ وثَمودَ بل بالأقوام المتمرِّدَةِ في عصرنا هذا، مما يُظهِرُ بالحدْسِ القَطعِيِّ هَيمَنةَ العدالةِ الساميةِ وسِيادَتَها. (المؤلف).
    29. سؤال: فإن قلتَ: لِمَ تُورِدُ أغْلَبَ الأمثلةِ من الزَّهرَةِ والبِذرَةِ والثَّمَرةِ؟ الجواب: لأنها أبدعُ معجزاتِ القُدرةِ الإلهيةِ وأعجَبُها وألطَفُها.. ولمّا عَجَزَ أهلُ الضلالةِ والطبيعةِ والفلسفةِ الماديّةِ عن قراءةِ ما خَطّهُ قلمُ القَدَرِ والقُدرةِ فيها من الكتابَةِ الدَّقِيقةِ، تاهُوا وغَرِقوا فيها، وسقَطوا في مُستَنقعِ الطبيعةِ الآسِنِ. (المؤلف).
    30. الغزالي، إحياء علوم الدين 4/19؛ علي القاري، الأسرار المرفوعة 205؛ وقال: معناه صحيح مقتبس من قوله تعالى ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ﴾ (الشورى:20).. انظر: العجلوني، كشف الخفاء 1/495.
    31. نخو: كلِمةٌ كرديةٌ باللهجةِ الكُرْمانجِيّة الشمالية. تعني: فإذن.
    32. عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ «.. أرواحُهُم في جَوفِ طَيْرٍ خُضْرٍ لها قَناديلُ معَلّقةٌ بالعرشِ تَسرَحُ من الجنّةِ حيثُ شاءَتْ»، (مسلم، الإمارة 121؛ الترمذي، تفسير سورة آل عمران 9؛ أبو داود، الجهاد 25؛ ابن ماجه، الجنائز 4، الجهاد 16؛ الدارمي، الجهاد 18؛ أحمد بن حنبل، المسند 1/265).
    33. قال أبو ذر رضي الله عنه: «قلت: يا رسول الله كم وفاء عدة الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا»، (أحمد بن حنبل، المسند 5/265؛ ابن حبان، الصحيح 2/77؛ الطبراني، المعجم الكبير 8/217؛ الحاكم، المستدرك 2/652؛ إبن سعد، الطبقات الكبرى 1/23، 54).
    34. لم يُكتبْ هذا المقامُ بعدُ، وحيثُ إن مسألةَ «الحياة» وقَضيَّتها لها علاقةٌ مع الحشرِ، فقد أُدرِجتْ هنا؛ وفي ختامِ هذه المسألةِ إشاراتُ الحياةِ إلى الرُّكنِ الإيمانيّ «القَدَر»، وهي مسألةٌ دقِيقةٌ جدا وعَمِيقة. (المؤلف)
    35. تقدَّم تخريجُه في القطعةِ الأولى من ذيلِ الكلمةِ العاشِرةِ.
    36. إنَّ مدى السُّهولةِ في «إخبارِ الأمر الثبوتي» ومدَى الصعوبةِ والإشكالِ في «نفي وإنكار» ذلك، يَظهَر في المثالِ الآتي:إذا قال أحدُهم: إن هناك -على سطح الأرض- حديقةً خارقةً جدا ثمارُها كعُلبِ الحليبِ، وأنكرَ عليهِ الآخرُ قولَه هذا قائلا: لا، لا توجدُ مثلُ هذه الحديقةِ؛ فالأوَّلُ يستطيعُ بكلِّ سهولةٍ أن يثبت دعواهُ بمُجرَّدِ إراءةِ مكانِ تلك الحديقةِ أو بعض ثمارِها؛ أما الثاني (أي المنكِر) فعليه أن يرَى ويُرِيَ جميعَ أنحاءِ الكرةِ الأرضية لأجل أن يُثبِتَ نفيَه، وهو عدمُ وجود مثل هذه الحديقة.. وهكذا الأمرُ في الذين يُخبرون عن الجنةِ، فإنهم يُظهِرون مئاتِ الآلافِ من ترشُّحاتِها، ويُبيِّنونَ ثمارَها وآثارَها، علما أن شاهدَين صادقَين منهم كافيانِ لإثباتِ دعواهُم، بينما المنكِرون لوجودِها، لا يسعُهم إثباتُ دعواهم إلّا بعدَ مُشاهَدَةِ الكون غيرِ المحدودِ، والزمنِ غيرِ المحدودِ، مع سَبرِ غَوْرِهِما بالبحثِ والتفتِيشِ، وعند عَدمِ رؤيتهِم لها، يُمكنِهم إثباتُ دعواهم! فيا من بَلغَ به الكبرُ عِتيًّا ويا أيها الإخوة.. اعلموا ما أعظمَ قوّةَ الإيمانِ بالآخرةِ وما أشدَّ رصانتَه!.(المؤلف).