On Dördüncü Şuâ/ar: Revizyonlar arasındaki fark
("=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! ===" içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu) |
Değişiklik özeti yok |
||
(Aynı kullanıcının aradaki diğer 26 değişikliği gösterilmiyor) | |||
87. satır: | 87. satır: | ||
</div> | </div> | ||
< | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== | === أيها الإخوة الأعزاء الأوفياء! === | ||
لقد رأيت أنوار سُلوان ثلاثة، أبينها في نقاط ثلاث للذين ابتُلوا بالسجن ومن يقوم بنظارتهم ورعايتهم ومن يعينهم في أعمالهم وأرزاقهم. | |||
النقطة الأولى: أن كل يوم من أيام العمر التي تمضي في السجن، يمكن أن يُكسِب المرءَ ثوابَ عبادة عشرة أيام، ويمكن أن يحوّل ساعاته الفانية -من حيث النتيجة- إلى ساعات باقية خالدة.. بل يمكن أن يكون قضاء بضع سنين في السجن وسيلة نجاة من سجن أبدي لملايين السنين. | |||
فهذا الربح العظيم مشروط لأهل الإيمان بأداء الفرائض، والتوبة إلى الله من الذنوب والمعاصي التي دفعته إلى السجن، والتوجه إليه تعالى بالشكر صابرا محتسبا. علما أن السجن نفسَه يحول بينه وبين كثير من الذنوب. | |||
النقطة الثانية: أن زوال الألم لذةٌ، كما أن زوال اللذة ألمٌ. | |||
نعم، إن كل من يفكر في الأيام التي قضاها بالهناء والفرح يشعر في روحه بحسرة وأسف عليها، حتى ينطلق لسانُه بكلمات الحسرات: أواه.. آه.. بينما إذا تفكر في الأيام التي مرت بالمصائب والبلايا فإنّه يشعر في روحه وقلبه بفرح وبهجة من زوالها حتى ينطلق لسانه بـ: «الحمد لله والشكر له، فقد ولّت البلايا تاركةً ثوابَها». فينشرح صدره ويرتاح. | |||
أي إنّ ألما موقتا لساعة من الزمان يترك لذة معنوية في الروح، بينما لذةٌ موقتة لساعة من الزمان تترك ألما معنويا في الروح، خلافا لذلك. | |||
فما دامت الحقيقة هذه، وساعاتُ المصائب التي ولّت مع آلامها أصبحت في عِداد المعدوم، وأنّ أيام البلايا لم تأتِ بعدُ، فهي أيضا في حكم المعدوم.. وإنّه لا ألمَ من غير شيء.. ولا يَرِدُ من العدم ألمٌ.. فمن البلاهة إذن إظهار الجزَع ونفاد الصبر الآن، من ساعات آلامٍ ولّتْ، ومن آلامٍ لم تأتِ بعدُ، علما أنها جميعا في عِداد المعدوم. | |||
ومن الحماقة أَيضا إظهار الشكوى من الله وتركُ النفس الأمارة المقصّرة من المحاسبة، ومن بعد ذلك قضاءُ الوقت بالحسرات والزفرات. أَوَ ليس من يفعل هذا أَشدَّ بلاهة ممن يداوم على الأكل والشرب طَوالَ اليوم خشيةَ أَنْ يجوع أو يعطش بعد أيام؟ | |||
نعم، إنّ الإنسان إن لم يُشتِّتْ قوة صبره يمينا وشمالا -إلى الماضي والمستقبل- وسدَّدَها إلى اليوم الذي هو فيه، فإنها كافيةٌ لتحل له حبالَ المضايقات. | |||
حتى إنني أَذكر -ولا أَشكو- أَنّ ما مرَّ عليَّ في هذه المدرسة اليوسفية الثالثة (<ref>المقصود: سجن «أفيون» حيث دخله الأستاذ النورسي وطلاب النور سنة ١٩٤٨.</ref>) في غضون أيام قلائل من المضايقات المادية والمعنوية لم أَرها طوال حياتي، ولاسيّما حرماني من القيام بخدمة النور مع ما فيّ من أمراض. وبينما كان قلبي وروحي يعتصران معا من الضيق واليأس إذا بالعناية الإلهية تمدني بالحقيقة السابقة، فانشرح صدري أيّما انشراح وولّت تلك المضايقات فرضيتُ بالسجن وآلامه والمرض وأَوجاعه. إذ من كان مثلي على شفير القبر يُعدّ ربحا عظيما له أن تتحول ساعةٌ من ساعاته التي يمكن أن تمر بغفلة إلى عشر ساعات من العبادة.. فشكرت الله كثيرا. | |||
</ | |||
النقطة الثالثة: إن القيام بمعاونة المسجونين بشفقة ورأفة وإعطاءهم أرزاقهم التي يحتاجون إليها وضماد جراحاتهم المعنوية ببلسم التسلّي والعزاء، مع أنه عمـل بسيـط إلّا أَنّه يحمل في طياته ثوابا جزيلا وأجرا عظيما. حيث إن تسليم أرزاقهم التي تُرسل إليهم من الخارج يكون بحكم صَدقة، وتُكتب في سجل حسنات كل مَن قام بهذا العمل، سواءً الذين أَتوا بها من الخارج أو الحراس أو المراقبون الذين عاونوهم، ولاسيّما إن كان المسجون شيخا كبيرا أو مريضا أو غريبا عن بلده أو فقيرا معدما، فإن ثواب تلك الصدقة المعنوية يزداد كثيرا. | |||
وهذا الربح العظيم مشروط بأداء الفرائض من الصلوات لتُصبح تلك الخدمة لوجه الله.. مع شرط آخر هو أن تكون الخدمة مقرونة بالشفقة والرحمة والمحبة من دون أَن يحمّل شيئا من المنّة. | |||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | ||
139. satır: | 126. satır: | ||
</div> | </div> | ||
< | <span id="Gençlik_Rehberi’nin_Küçük_Bir_Hâşiyesi"></span> | ||
=== | === حاشية صغيرة لرسالة «مرشد الشباب» === | ||
باسمه سبحانه | |||
إن المسجونين هم في أمسّ الحاجة إلى ما في رسائل النور من سلوان حقيقي وعزاء خالص. ولاسيما أولئك الشبان الذين تلقَّوا صفعات التأديب ولطمات التأنيب بنَـزواتهم وأهوائهم. فقضوا نضارةَ عمرهم في السجن، فحاجة هؤلاء إلى النور كحاجتهم إلى الخبز. | |||
إن عروق الشباب تنبض لهوى المشاعر، وتستجيب لها أكثرَ مما تستجيب للعقل وترضخ له. وسَورات الهوى -كما هو معلوم- لا تبصر العقبى، فتفضّل درهما من لذة حاضرة عاجلة على طنٍ من لذة آجلة، فيُقْدِم الشابُّ بدافع الهوى على قتل إنسان بريء للتلذذ بدقيقة واحدة من لذة الانتقام، ثم يقاسي من جرائها ثمانيةَ آلاف ساعة من آلام السجن.. والشاب ينساق إلى التمتع لساعة واحدة في اللهو والعبث -في قضية تخص الشرف- ثم يتجرع من ورائها آلام ألوف الأيام من سجن وخوف وتوجس من العدو المتربص به.. وهكذا تضيع منه سعادةُ العمر بين قلق واضطراب وخوف وآلام. | |||
وعلى غرار هذا يقع الشباب المساكين في ورطات ومشاكل عويصة كثيرة حتى تحوّل ألطفَ أيام حياتهم وأحلاها إلى أمرّ الأيام وأقساها، | |||
وفي حالة يرثى لهم ولاسيما بعد أن هبّت عواصفٌ هوجاء من الشمال تحمل فتنا مدمّرة لهذا العصر؛ إذ تستبيح لهوى الشباب الذي لا يرى العقبى أعراضَ النساء والعذارى الفاتنات وتدفعهم إلى الاختلاط الماجن البذيء، فضلا عن إباحتها أموالَ الأغنياء لفقراء سفهاء. | |||
إن فرائص البشرية كلَها لترتعد أمام هذه الجرائم المنكرة التي تُرتكب بحقها. | |||
فعلى الشباب المسلم في هذا العصر العصيب أن يشمّروا عن سواعد الجد لينقذوا الموقف، ويَسُلُّوا السيوفَ الألماسية لحجج رسائل النور وبراهينها الدامغة -التي في رسالة «الثمرة» و«مرشد الشباب» وأمثالهما- ويدافعوا عن أنفسهم، ويصدّوا هذا الهجوم الكاسح الذي شُنّ عليهم من جهتين.. وإلّا فسيضيع مستقبلُ الشباب في العالم، وتذهب حياتُه السعيدة، ويفقد تنعّمه في الآخرة، فتنقلب كلُها إلى آلامٍ وعذاب؛ إذ سيكون نـزيلَ المستشفيات، بما كَسبت يداه من إسراف وسفاهة.. ونـزيلَ السجون، بطيشه وغيّه.. وستبكي أيامُ شيخوخته بكاءً مرا ويزفر زفرات ملؤها الحسرات والآلام. | |||
ولكن إذا ما صان نفسه بتربية القرآن، ووقاها بحقائق رسائل النور فسيكون شابا رائدا حقا، وإنسانا كاملا، ومسلما صادقا سعيدا، وسلطانا على سائر المخلوقات. | |||
نعم، إن الشاب إذا دفع ساعة واحدة من أربع وعشرين ساعة من يومه في السجن إلى إقامة الفرائض، وتاب عن سيئاته ومعاصيه التي دفَعَتْه إلى السجن، وتجنّب الخطايا والذنوب مثلما يجنّبه السجنُ إياها.. فإنه سيعود بفوائدَ جمّة إلى حياته وإلى مستقبله وإلى بلاده وإلى أمته وإلى أحبّائه وأقاربه، فضلا عن أنه يكسب شبابا خالدا في النعيم المقيم بدلا من هذا الذي لا يدوم خمسَ عشرة سنة. | |||
هذه الحقيقة يُبشِّر بها ويخبر عنها عن يقين جازم جميعُ الكتب السماوية وفي مقدمتها القرآنُ الكريم. | |||
نعم، إذا ما شكر الشاب على نعمة الشباب -ذلك العهدِ الجميل الطيب- بالاستقامة على الصراط السوي، وأداء العبادات، فإن تلك النعمة المهداة تزداد ولا تنقص، وتبقى من دون زوال، وتصبح أكثر متعةً وبهجة.. وإلّا فإنها تكون بلاء ومصيبة مؤلمة ومغمورة بالغم والحزن والمضايقات المزعجة حتى تذهب هباءً فيكون عهدُ الشباب وبالا على نفسه وأقاربه وعلى بلاده وأمته. | |||
هذا وإن كلَّ ساعة من ساعات المسجون الذي حُكم عليه ظلما تكون كعبادة يومٍ كامل له، إن كان مؤديا للفرائض، ويكونُ السجن بحقه موضعَ انـزواء واعتزال من الناس كما كان الزهّاد والعُبّاد ينـزوون في الكهوف والمغارات ويتفرغون للعبادة. أي يمكن أن يكون هو مثل أولئك الزهاد. | |||
وستكون كل ساعة من ساعاته إن كان فقيرا ومريضا وشيخا متعلقا قلبُه بحقائق الإيمان وقد أناب إلى الله وأدّى الفرائض، في حُكم عبادة عشرين ساعة له، ويتحوّل السجنُ بحقّه إلى مدرسة تربوية إرشادية، وموضعِ تحابب ومكان تعاطف، حيث يقضي أيامَه مع زملائه في راحة فضلا عن راحته وتوجه الأنظار إليه بالرحمة، بل لعله يفضّل بقاءَه في السجن على حريته في الخارج التي تنثال إليه الذنوب والخطايا من كل جانب، ويأنس بما يتلقى من دروس التربية والتزكية فيه. وحينما يغادره لا يغادره قاتلا ولا حريصا على أخذ الثأر، وإنما يخرج رجلا صالحا تائبا إلى الله، قد غنم تجاربَ حياتية غزيرة. | |||
فيُصبح عضوا نافعا للبلاد والعباد، حتى حدا الأمر بجماعة كانوا معنا في سجن «دنيزلي» إلى القول، بعدما أخذوا دروسا إيمانية في سمو الأخلاق ولو لفترة وجيزة من رسائل النور: | |||
«لو تلقّى هؤلاء دروسَ الإيمان من رسائل النور في خمسةِ أسابيع، فإنه أجدى لإصلاحهم من إلقائهم إلى السجن خمس عشرة سنة». | |||
فما دام الموتُ لا يفنى من الوجود، والأجلُ مستورٌ عنا بستار الغيب، ويمكنه أن يحلّ بنا في كل وقت.. وأن القبر لا يُغلق بابُه.. وأن البشرية تغيب وراءه قافلة إثر قافلة.. وأن الموت نفسه بحق المؤمنين ما هو إلّا تذكرة تسريح وإعفاء من الإعدام الأبدي -كما وضّح ذلك بالحقيقة القرآنية- وأنه بحق الضالين السفهاء إعدام أبدي كما يشاهدونه أمامهم؛ إذ هو فراق أبدي عن جميع أحبتهم وأقاربهم بل الموجودات قاطبة.. | |||
فلابد ولا شك بأن أسعد إنسان هو مَن يشكر ربه صابرا محتسبا في سجنه مستغلا وقته أفضل استغلال، ساعيا لخدمة القرآن والإيمان مسترشدا برسائل النور. | |||
أيها الإنسان المبتلَى بالملذات والمُتع! | |||
لقد علمتُ يقينا طوال خمس وسبعين سنة من العمر، وبألوفِ التجارب التي كسبتُها في حياتي، | |||
ومثلها من الحوادث التي مرت عليّ أن الذوقَ الحقيقي، واللذةَ التي لا يشوبها ألم، والفرحَ الذي لا يكدّره حُزن، والسعادةَ التامة في الحياة إنما هي في الإيمان، وفي نطاق حقائقه ليس إلّا. ومن دونه فإن لذةً دنيوية واحدة تحمل آلاما كثيرة كثيرة. وإذ تقدِّم إليك الدنيا لذة بقدر ما في حَبَّةِ عنب تصفعك بعشر صفعات مؤلمات، سالبةً لذةَ الحياة ومتاعَها. | |||
أيها المساكين المبتلَون بمصيبة السجن! | |||
ما دامت دنياكم حزينة باكية، وأن حياتكم قد تعكرت بالآلام والمصائب، فابذلوا ما في وسعكم كيلا تبكي آخرتُكم، ولتفرح وتحلو وتسعد حياتكم الأبدية. فاغتنموا يا إخوتي هذه الفرصة، إذ كما أن مرابطةَ ساعة واحدة أمام العدو ضمن ظروف شاقة يمكن أن تتحول إلى سنة من العبادة، فإن كل ساعة من ساعاتكم التي تقاسونها في السجن تتحول إلى ساعات كثيرة هناك إذا ما أديتم الفرائض، وعندها تتحول المشقات والمصاعب إلى رحماتٍ وغفران. | |||
<span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
=== إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | === إخوتي الأعزاء الأوفياء! === | ||
لا أعزيكم بل أهنئكم، إذ مادام القدر الإلهي قد ساقنا إلى هذه المدرسة اليوسفية الثالثة لحكمة اقتضاها، وأنه سيطعمنا قسما من أرزاقنا دعتنا إلى هنا، ومادامت تجاربنا القاطعة قد علّمتنا -لحد الآن- أن العناية الإلهية لطيفة بنا وقد جعلتنا ننال سر الآية الكريمة: ﴿ وَعَسٰٓى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْـًٔا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ (البقرة:٢١٦)، وأن إخواننا الحديثي العهد في المدرسة اليوسفية هم أحوج الناس إلى السلوان الذي تورثه رسائل النور، وأن العاملين في دوائر العدل هم أشد حاجة من الموظفين الآخرين إلى القواعد والدساتير السامية التي تتضمنها رسائل النور، وأن أجزاء هذه الرسائل تؤدي لكم مهمتكم خارج السجن وبكثرة كاثرة، وأن فتوحاتها لا تتوقف، وأن كل ساعة فانية هنا في السجن تصبح بمثابة ساعات من العبادة الباقية... | |||
ينبغي لنا -وفق النقاط المذكورة- أن نتجمل بالصبر والثبات شاكرين خالقنا مستبشرين إزاء هذه الحادثة. | |||
أُعيد إليكم الرسائلَ الصغيرة المسلية كلها، والتي كتبناها في سجن «دنيزلي». | |||
نسأل الله أن تسليكم أيضا تلك الفقرات المشحونة بالحقائق. | |||
<span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | <span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | ||
797. satır: | 759. satır: | ||
بناءً على إخطار معنوي مهم، إنّ لكم مهمة أو مهمتين نوريتين، تلك هي السعي بكل ما أوتيتم من قوة بدروس رسائل النور، لئلا يحدث بين المسجونين المبتلين المساكين في هذه «المدرسة اليوسفية الثالثة»، الانحيازُ إلى جهة والانشقاق، حيث إن مفسدين خطرين يتربصون تحت الستار ليستغلوا الاختلاف والأغراض الشخصية والحقد والعناد. | بناءً على إخطار معنوي مهم، إنّ لكم مهمة أو مهمتين نوريتين، تلك هي السعي بكل ما أوتيتم من قوة بدروس رسائل النور، لئلا يحدث بين المسجونين المبتلين المساكين في هذه «المدرسة اليوسفية الثالثة»، الانحيازُ إلى جهة والانشقاق، حيث إن مفسدين خطرين يتربصون تحت الستار ليستغلوا الاختلاف والأغراض الشخصية والحقد والعناد. | ||
فما دام معظم أصحابنا في السجن يحملون روح البطولة والتضحية بروحهم لأجل بلادهم وأمتهم وأحبتهم إن استوجب الأمر، فلاشك أن الواجب على أولئك الرجال الشهام أن يضحّوا بعنادهم وأغراضهم الشخصية وعداواتهم لأجل سلامة الأمة وراحة المسجونين والنجاة من إفساد المتسترين الذين يعملون بخفاء لصالح الفوضى والإرهاب ويلقحون أفكار الناس بالشيوعية، فيضحون بتلك العداوة التي لا فائدة فيها قطعا بل فيها ضرر كبير ولاسيما في هذا الوقت العجيب. | فما دام معظم أصحابنا في السجن يحملون روح البطولة والتضحية بروحهم لأجل بلادهم وأمتهم وأحبتهم إن استوجب الأمر، فلاشك أن الواجب على أولئك الرجال الشهام أن يضحّوا بعنادهم وأغراضهم الشخصية وعداواتهم لأجل سلامة الأمة وراحة المسجونين والنجاة من إفساد المتسترين الذين يعملون بخفاء لصالح الفوضى والإرهاب ويلقحون أفكار الناس بالشيوعية، فيضحون بتلك العداوة التي لا فائدة فيها قطعا بل فيها ضرر كبير ولاسيما في هذا الوقت العجيب. | ||
وإلّا، (أي بخلاف هذا)، سيكون الأمر في هذا الوقت العصيب كمن يُلقي الشرارة في البارود وسيلحق الضرر بمائة سجين ضعفاء وبطلاب النور الأبرياء، وبولاية «أفيون» هذه، بل ربما يكون وسيلة لطرف أصابع منظمة أجنبية دخلت البلاد. | وإلّا، (أي بخلاف هذا)، سيكون الأمر في هذا الوقت العصيب كمن يُلقي الشرارة في البارود وسيلحق الضرر بمائة سجين ضعفاء وبطلاب النور الأبرياء، وبولاية «أفيون» هذه، بل ربما يكون وسيلة لطرف أصابع منظمة أجنبية دخلت البلاد. | ||
وحيث إننا قد دخلنا السجن لأجل أولئك بالقدر الإلهي، بل قِسمٌ منا لا يريد مغادرةَ السجن، لاستدامة سعادتهم وراحتهم المعنوية، ونحن مستعدون للتضحية براحتنا وهنائنا في سبيل راحة الآخرين من إخواننا، وتحمُّلِ كل ضيق وضجر بالصبر الجميل، فلابد أن إخواننا الجدد أولئك أيضا يصبحون كمسجونِي سجن «دنيزلي»، فلا يضجر بعضهم من بعض ولا يهجره ولا يسأم منه ويستاء، بل عليهم -وهذا ضروري- أن يتصالحوا فيما بينهم إخوانا متحابين تلطيفا لمشاعر إخواننا ولأجل حرمة شهر شعبان وشهر رمضان المبارك. | وحيث إننا قد دخلنا السجن لأجل أولئك بالقدر الإلهي، بل قِسمٌ منا لا يريد مغادرةَ السجن، لاستدامة سعادتهم وراحتهم المعنوية، ونحن مستعدون للتضحية براحتنا وهنائنا في سبيل راحة الآخرين من إخواننا، وتحمُّلِ كل ضيق وضجر بالصبر الجميل، فلابد أن إخواننا الجدد أولئك أيضا يصبحون كمسجونِي سجن «دنيزلي»، فلا يضجر بعضهم من بعض ولا يهجره ولا يسأم منه ويستاء، بل عليهم -وهذا ضروري- أن يتصالحوا فيما بينهم إخوانا متحابين تلطيفا لمشاعر إخواننا ولأجل حرمة شهر شعبان وشهر رمضان المبارك. | ||
وبدورنا نحن جميعا -وأنا كذلك- نعدّهم ضمن دائرة طلاب النور حتى إنهم قد دخلوا ضمن دعواتنا. | وبدورنا نحن جميعا -وأنا كذلك- نعدّهم ضمن دائرة طلاب النور حتى إنهم قد دخلوا ضمن دعواتنا. | ||
سعيد النورسي | |||
باسمه سبحانه | |||
<span id="Aziz,_sıddık_kardeşlerim!"></span> | |||
=== إخواني الأعزاء الصادقين. === | |||
أولا: إن في تأجيل موعد محاكمتنا وحضور إخواننا الذين أُخلُوا منها هنا يوم المحاكمة، فيه خير كثير.. والخير فيما اختاره الله. | |||
نعم، لما كانت قضية رسائل النور تهم العالم الإسلامي كله وبخاصة هذا البلد، لذا تستدعي أمثال هذه الاجتماعات الصاخبة المثيرة الجالبة لأنظار الناس عامة إلى حقائق رسائل النور. وهكذا تلقي رسائل النور دروسَها الرائعة وبصراحة تامة على الأصدقاء والأعداء، حتى أظهرت أخفى أسرارها إلى أعدى أعدائها دون إحجام ولا تردد، في مثل هذه الاجتماعات التي هي فوق حسباننا وخارج حذرنا وخلاف إخفائنا للرسائل وتضادد تهوين معارضينا لشأنها، فضلا عن أنها خارج طوقنا وإرادتنا. | |||
فمادامت الحقيقة هذه، فينبغي لنا أن نعدّ مضايقاتنا التي نعانيها هنا -وهي جزئية وقليلة جدا- علاجا مرا نتناوله بالصبر والشكر قائلين: «كل حال يزول». | |||
ثانيا: لقد كتبتُ لمدير هذه «المدرسة اليوسفية»: | |||
عندما كنت أسيرا في «روسيا» قامت الثورة البلشفية أولَ ما قامت من السجون، كما أن الثورة الفرنسية قد اندلعت من السجون أيضا، وحملها أولئك المسجونون المذكورون في التاريخ باسم الفوضويين. لذا نحن طلاب النور قد سعينا في كل مرة في سجن «أسكي شهر» و«دنيزلي»، وكذلك هنا (في أفيون) قدر المستطاع لإصلاح المسجونين، وقد تكلل ذلك السعيُ الجميل في «أسكي شهر» و«دنيزلي» بالثمرات الطيبة وستثمر هنا إن شاء الله فوائدَ أكثر. حتى إنه في هذا الوقت الدقيق والمكان الحرج مضت تلك الزوبعة (<ref>المقصود العصيان الذي دب في صفوف المسجونين في سجن «أفيون» ولم يشترك فيه طلاب النور قط. (المؤلف).</ref>) وخفت شدتها من المائة إلى الواحد بفضل دروس النور. إذ لولا ذلك لكانت التيارات الخارجة المفسدة تتمنى الفرصَ لتستغل الاختلافات وأمثالَ هذه الحوادث. ولكانت تلقي الشرارة في البارود وتشب الحريق.. | |||
سعيد النورسي | سعيد النورسي | ||
باسمه سبحانه | باسمه سبحانه | ||
2.342. satır: | 2.302. satır: | ||
إنه لا يتلاءم مع شرف العدالة إهدارُ وإفناءُ حياةِ «بديع الزمان» الذي كَسَب حُسنَ ظننا المفرط وتوجهَنا نحوه وارتباطنا الوثيق به، وإفناءُ ضعفاءَ أصبحوا طلابا له بنية خالصة. | إنه لا يتلاءم مع شرف العدالة إهدارُ وإفناءُ حياةِ «بديع الزمان» الذي كَسَب حُسنَ ظننا المفرط وتوجهَنا نحوه وارتباطنا الوثيق به، وإفناءُ ضعفاءَ أصبحوا طلابا له بنية خالصة. | ||
الموقوف في السجن | الموقوف في السجن | ||
مصطفى آجت من أميرداغ | مصطفى آجت من أميرداغ | ||
<span id="Halil_Çalışkan’ın_Müdafaasıdır"></span> | <span id="Halil_Çalışkan’ın_Müdafaasıdır"></span> | ||
2.371. satır: | 2.329. satır: | ||
إننا نعتقد بأنكم اقتنعتم بماهية أهدافنا وغايتنا نحن طلاب النور، واقتنعتم بعدم وجود أية علاقة لنا بالتهم التي أوردها المدعي العام، لذا فإننا نطلب من محكمتكم الموقرة ومن ضمائركم أن تعيدوا لنا كتبنا وتسمحوا بكونها حرة وتصدروا قراركم ببراءتنا. | إننا نعتقد بأنكم اقتنعتم بماهية أهدافنا وغايتنا نحن طلاب النور، واقتنعتم بعدم وجود أية علاقة لنا بالتهم التي أوردها المدعي العام، لذا فإننا نطلب من محكمتكم الموقرة ومن ضمائركم أن تعيدوا لنا كتبنا وتسمحوا بكونها حرة وتصدروا قراركم ببراءتنا. | ||
خليل جالشقان | خليل جالشقان | ||
2.377. satır: | 2.334. satır: | ||
الموقوف في سجن أفيون | الموقوف في سجن أفيون | ||
<span id="Mustafa_Gül’ün_Müdafaasıdır"></span> | <span id="Mustafa_Gül’ün_Müdafaasıdır"></span> | ||
2.423. satır: | 2.379. satır: | ||
وسيجعلون الأمة التركية المسلمة التي تنتظر هذه القرارات بكل اهتمام في جميع أرجاء هذا الوطن.. ممتنة وشاكرة لهم. | وسيجعلون الأمة التركية المسلمة التي تنتظر هذه القرارات بكل اهتمام في جميع أرجاء هذا الوطن.. ممتنة وشاكرة لهم. | ||
إبراهيم فاقازلي | إبراهيم فاقازلي | ||
الموقوف في سجن أفيون | الموقوف في سجن أفيون | ||
------ | ------ | ||
<center> [[On Üçüncü Şuâ]] | <center> ⇐ [[On Üçüncü Şuâ/ar|الشعاع الثالث عشر]] | [[Şualar/ar|الشعاعات]] | [[Beşinci Şuâ/ar|الشعاع الخامس]] ⇒ </center> | ||
------ | ------ | ||
18.27, 26 Mart 2024 itibarı ile sayfanın şu anki hâli
«الدفاعات»
تتمة قصيرة جدا لإفادتي
أُبيّن لمحكمة أفيون:
إن إفادتي التي قدمتُها لأنظاركم ولعدالة القانون، والتي تتضمن تحرّيَ منـزلي تحرّيا غيرَ قانوني بثلاث وجوه، وسَوقي للاستجواب ومن ثم توقيفي واعتقالي، كلُّ ذلك تعرّضٌ لكرامةِ ثلاث محاكم ومسٌّ لعدالتها واحترامها، بل استخفافٌ بها.
لأن تلك المحاكم الثلاث وهيئاتِ الخبراء الثلاث، قد أتمّت تدقيق ما ألّفتُه خلال عشرين سنة من مؤلفات، وما كتبتُه من مكاتيب، وأجمَعوا قرارهم على براءتنا. فأُعيدت إلينا كتبُنا ومكاتيبُنا.
وبعد البراءة، ومنذ سنوات ثلاث وأنا أعيش في انـزواء عن الناس، وتحت ترصّد شديد بحيث لا أكتب لبعض أصدقائي غير رسالة واحدة لا ضرر فيها. فعلاقتي بالدنيا شبه مقطوعة، بل لم أذهب إلى موطني رغم السماح.
والآن فإن تجديدَ المسألةِ نفسها بما ينمّ عن عدم الاكتراث بالقرار العادل للمحاكم الثلاث إنما هو استهانة بكرامة تلك المحاكم وحطٌّ من شرفها.
لذا لأجل الحفاظ على كرامة تلك المحاكم التي عَدلت في حقي، أرجو من محكمتكم أن تبحث عن سبب آخر ومسألةٍ أخرى لتتهموني بها غير المسائل التي هي: «رسائل النور، تشكيل جمعية، تأسيس طريقة صوفية، احتمال الإخلال بالأمن والنظام».
إن ذنوبي وتقصيراتي كثيرة، لذا قررت أن أُعِينَكم بقدر ما يتعلق الأمر بمسؤوليتي، فلقد تعذبتُ خارج السجن عذابا يفوق كثيرا عمّا في داخله.
حتى غدا القبر أو السجن موضعَ راحتي الآن. ولقد سئمت الحياةَ حقا. كفى الإهانات والتعذيب والترصد المؤلم فيما يشبه السجن الانفرادي طوال عشرين سنة فلقد بلغ السيلُ الزبى، وأوشك أن يمسّ غيرةَ الله، وعندها يا لخسارة هذه البلاد. إني أذكّركم بهذا.
إن أعظم ملجأ لنا وأقواه:
﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ ﴾
﴿ حَسْبِيَ اللّٰهُ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظ۪يمِ ﴾
Afyon Hükûmet ve Mahkemesine ve Zabıtasına daha birkaç nokta maruzatım var
Birincisi: Ekser enbiyanın Şark’ta ve Asya’da zuhurları ve ağleb-i hükemanın Garp’ta ve Avrupa’da gelmeleri, kader-i ezelînin bir işaretidir ki Asya’da din hâkimdir. Felsefe ikinci derecededir. Bu remz-i kadere binaen, Asya’da hüküm süren, dindar olmazsa da din lehine çalışanlara ilişmemeli, belki teşvik etmelidir.
İkincisi: Kur’an-ı Hakîm bu zemin kafasının aklı ve kuvve-i müfekkiresidir. Eğer el-iyazü billah, Kur’an küre-i arzın başından çıksa arz divane olacak, akıldan boş kalan kafasını bir seyyareye çarpması, bir kıyamet kopmasına sebep olması akıldan uzak değildir. Evet Kur’an, arşı ferş ile bağlamış bir zincir, bir hablullahtır. Cazibe-i umumiyeden ziyade, zemini muhafaza ediyor.
İşte bu Kur’an-ı Azîmüşşan’ın hakiki ve kuvvetli bir tefsiri olan Risale-i Nur; bu asırda bu vatanda bu millete, yirmi seneden beri tesirini göstermiş büyük bir nimet-i İlahiye ve sönmez bir mu’cize-i Kur’aniyedir. Hükûmet ona ilişmek ve talebelerini ondan ürkütüp vazgeçirmek değil belki himaye etmek ve okunmasına teşvik etmek gerektir.
Üçüncüsü: Ehl-i imandan bütün gelenler, maziye gidenlere mağfiret dualarıyla ve hasenatlarını onların ruhlarına bağışlamalarıyla yardımlarına binaen Denizli Mahkemesinde demiştim:
“Mahkeme-i kübrada milyarlar ehl-i iman olan davacılar tarafından Kur’an hakikatlerine hizmet eden Nur talebelerini mahkûm ve perişan etmek isteyenlerden ve sizlerden sorulsa ki serbestiyet kanunuyla dinsizlerin, komünistlerin neşriyatlarına ve anarşiliği yetiştiren cemiyetlerine müsamahakârane bakıp ilişmediğiniz halde, vatanı ve milleti anarşistlikten ve dinsizlik ve ahlâksızlıktan ve vatandaşlarını ölümün idam-ı ebedîsinden kurtarmaya çalışan Risale-i Nur ve talebelerini, hapisler ve tazyiklerle perişan etmek istediniz, diye sizlerden sorulsa ne cevap vereceksiniz? Biz de sizlerden soruyoruz!” Onlara demiştim. O zaman o insaflı, adaletli zatlar bizi beraet ettirdiler, adliyenin adaletini gösterdiler.
Dördüncüsü: Ben bekliyordum ki ya Ankara veya Afyon beni sorguda –pek büyük meseleler için Nurların o meselelere hizmeti cihetinde– bir meşveret dairesine alıp bir sual ve cevap beklerdim. Evet, üç yüz elli milyon Müslümanların eski kardeşliğini ve muhabbetini ve hüsn-ü zannını ve manevî yardımlarını bu memleketteki millete kazandıracak çareleri bulmak ki en kuvvetli çare ve vesile Risale-i Nur olduğuna bir emaresi şudur:
Bu sene Mekke-i Mükerreme’de gayet büyük bir âlim, hem Hint lisanına hem Arap lisanına Nur’un büyük mecmualarını tercüme edip Hindistan’a ve Arabistan’a göndererek en kuvvetli nokta-i istinadımız olan vahdet ve uhuvvet-i İslâmiyeyi temine çalıştığı gibi Türk milletinin daima dinde ve imanda ileri olduğunu Nur risaleleri ile gösteriyor, demişler.
Hem beklerdim ki “Vatanımızda anarşiliğe inkılab eden komünist tehlikesine karşı Nurların hizmeti ne derecededir ve bu mübarek vatan bu dehşetli seyelandan nasıl muhafaza edilecek?” gibi dağ misillü meselelerin sorulmasının lüzumu varken, sinek kanadı kadar ehemmiyeti olmayan ve hiçbir medar-ı mes’uliyet olmayan cüz’î ve şahsî ve garazkârların iftiralarıyla habbe, kubbeler yapılmış meseleler için bu ağır şerait altında hiç ömrümde çekmediğim bir perişaniyetime sebebiyet verildi. Bize üç mahkemenin sorduğu ve beraet verdiği aynı meselelerden ve âdi ve şahsî bir iki mesele için manasız sualler edildi.
Beşincisi: Risale-i Nur’la mübareze edilmez, o mağlup olmaz. Yirmi senedir en muannid feylesofları susturuyor. İman hakikatlerini güneş gibi gösteriyor. Bu memlekette hükmeden, onun kuvvetinden istifade etmek gerektir.
Altıncısı: Benim ehemmiyetsiz şahsımın kusurlarıyla beni çürütmek ve ihanetlerle nazar-ı âmmeden düşürmek Risale-i Nur’a zarar vermez, belki bir cihette kuvvet verir. Çünkü benim bir fâni dilime bedel Risale-i Nur’un yüz bin nüshalarının bâki dilleri susmaz, konuşur. Ve hâlis talebeleri, binler kuvvetli lisanlar ile o kudsî ve küllî vazife-i Nuriyeyi şimdiye kadar olduğu gibi inşâallah kıyamete kadar devam ettirecekler.
Yedincisi: Sâbık mahkemelerde dava ettiğim ve hüccetlerini gösterdiğimiz gibi; bizim gizli düşmanlarımız ve hükûmeti iğfal ve bir kısım erkânını evhamlandıran ve adliyeleri aleyhimize sevk eden resmî ve gayr-ı resmî muarızlarımız ya gayet fena bir surette aldanmış veya aldatılmış veya anarşilik hesabına gayet gaddar bir ihtilalcidir veya İslâmiyet’e ve hakikat-i Kur’an’a karşı mürtedane mücadele eden bir dessas zındıktır ki bize hücum etmek için istibdad-ı mutlaka cumhuriyet namını vermekle, irtidad-ı mutlakı rejim altına almakla, sefahet-i mutlaka medeniyet namını takmakla, cebr-i keyfî-i küfrîye kanun namını vermekle hem bizi perişan hem hükûmeti iğfal hem adliyeyi bizimle manasız meşgul eylediler. Onları Kahhar-ı Zülcelal’in kahrına havale edip kendimizi onların şerrinden muhafaza için حَس۟بُنَا اللّٰهُ وَنِع۟مَ ال۟وَكٖيلُ kalesine iltica ederiz.
Sekizincisi: Geçen sene Ruslar, çoklukla hacıları hacca gönderip onlar ile propaganda yapıp ki Ruslar başka milletlerden ziyade Kur’an’a hürmetkâr diye âlem-i İslâm’ı din noktasında bu vatandaki dindar millet aleyhine çevirmeye çalıştığı aynı zamanda; Risale-i Nur’un büyük mecmuaları hem Mekke-i Mükerreme’de hem Medine-i Münevvere’de hem Şam-ı Şerif’te hem Mısır’da hem Halep’te âlimlerin takdirleri altında kısmen intişarlarıyla, o komünist propagandasını kırdığı gibi âlem-i İslâm’a gösterdi ki:
Türk milleti ve kardeşleri eskisi gibi dinine ve Kur’an’ına sahiptir ve sair ehl-i İslâm’ın dindar büyük bir kardeşi ve Kur’an hizmetinde kahraman kumandanıdır diye o ehemmiyetli, kudsî merkezlerde o Nur mecmuaları bu hakikati gösterdiler.
Acaba Nur’un bu kıymettar hizmet-i milliyesi bu tarz işkencelerle mukabele görse zemini hiddete getirmez mi?
أيها الإخوة الأعزاء الأوفياء!
لقد رأيت أنوار سُلوان ثلاثة، أبينها في نقاط ثلاث للذين ابتُلوا بالسجن ومن يقوم بنظارتهم ورعايتهم ومن يعينهم في أعمالهم وأرزاقهم.
النقطة الأولى: أن كل يوم من أيام العمر التي تمضي في السجن، يمكن أن يُكسِب المرءَ ثوابَ عبادة عشرة أيام، ويمكن أن يحوّل ساعاته الفانية -من حيث النتيجة- إلى ساعات باقية خالدة.. بل يمكن أن يكون قضاء بضع سنين في السجن وسيلة نجاة من سجن أبدي لملايين السنين.
فهذا الربح العظيم مشروط لأهل الإيمان بأداء الفرائض، والتوبة إلى الله من الذنوب والمعاصي التي دفعته إلى السجن، والتوجه إليه تعالى بالشكر صابرا محتسبا. علما أن السجن نفسَه يحول بينه وبين كثير من الذنوب.
النقطة الثانية: أن زوال الألم لذةٌ، كما أن زوال اللذة ألمٌ.
نعم، إن كل من يفكر في الأيام التي قضاها بالهناء والفرح يشعر في روحه بحسرة وأسف عليها، حتى ينطلق لسانُه بكلمات الحسرات: أواه.. آه.. بينما إذا تفكر في الأيام التي مرت بالمصائب والبلايا فإنّه يشعر في روحه وقلبه بفرح وبهجة من زوالها حتى ينطلق لسانه بـ: «الحمد لله والشكر له، فقد ولّت البلايا تاركةً ثوابَها». فينشرح صدره ويرتاح.
أي إنّ ألما موقتا لساعة من الزمان يترك لذة معنوية في الروح، بينما لذةٌ موقتة لساعة من الزمان تترك ألما معنويا في الروح، خلافا لذلك.
فما دامت الحقيقة هذه، وساعاتُ المصائب التي ولّت مع آلامها أصبحت في عِداد المعدوم، وأنّ أيام البلايا لم تأتِ بعدُ، فهي أيضا في حكم المعدوم.. وإنّه لا ألمَ من غير شيء.. ولا يَرِدُ من العدم ألمٌ.. فمن البلاهة إذن إظهار الجزَع ونفاد الصبر الآن، من ساعات آلامٍ ولّتْ، ومن آلامٍ لم تأتِ بعدُ، علما أنها جميعا في عِداد المعدوم.
ومن الحماقة أَيضا إظهار الشكوى من الله وتركُ النفس الأمارة المقصّرة من المحاسبة، ومن بعد ذلك قضاءُ الوقت بالحسرات والزفرات. أَوَ ليس من يفعل هذا أَشدَّ بلاهة ممن يداوم على الأكل والشرب طَوالَ اليوم خشيةَ أَنْ يجوع أو يعطش بعد أيام؟
نعم، إنّ الإنسان إن لم يُشتِّتْ قوة صبره يمينا وشمالا -إلى الماضي والمستقبل- وسدَّدَها إلى اليوم الذي هو فيه، فإنها كافيةٌ لتحل له حبالَ المضايقات.
حتى إنني أَذكر -ولا أَشكو- أَنّ ما مرَّ عليَّ في هذه المدرسة اليوسفية الثالثة ([1]) في غضون أيام قلائل من المضايقات المادية والمعنوية لم أَرها طوال حياتي، ولاسيّما حرماني من القيام بخدمة النور مع ما فيّ من أمراض. وبينما كان قلبي وروحي يعتصران معا من الضيق واليأس إذا بالعناية الإلهية تمدني بالحقيقة السابقة، فانشرح صدري أيّما انشراح وولّت تلك المضايقات فرضيتُ بالسجن وآلامه والمرض وأَوجاعه. إذ من كان مثلي على شفير القبر يُعدّ ربحا عظيما له أن تتحول ساعةٌ من ساعاته التي يمكن أن تمر بغفلة إلى عشر ساعات من العبادة.. فشكرت الله كثيرا.
النقطة الثالثة: إن القيام بمعاونة المسجونين بشفقة ورأفة وإعطاءهم أرزاقهم التي يحتاجون إليها وضماد جراحاتهم المعنوية ببلسم التسلّي والعزاء، مع أنه عمـل بسيـط إلّا أَنّه يحمل في طياته ثوابا جزيلا وأجرا عظيما. حيث إن تسليم أرزاقهم التي تُرسل إليهم من الخارج يكون بحكم صَدقة، وتُكتب في سجل حسنات كل مَن قام بهذا العمل، سواءً الذين أَتوا بها من الخارج أو الحراس أو المراقبون الذين عاونوهم، ولاسيّما إن كان المسجون شيخا كبيرا أو مريضا أو غريبا عن بلده أو فقيرا معدما، فإن ثواب تلك الصدقة المعنوية يزداد كثيرا.
وهذا الربح العظيم مشروط بأداء الفرائض من الصلوات لتُصبح تلك الخدمة لوجه الله.. مع شرط آخر هو أن تكون الخدمة مقرونة بالشفقة والرحمة والمحبة من دون أَن يحمّل شيئا من المنّة.
Denizli Müdafaatında izahı ve ispatı bulunan bir meselenin kısacık bir hülâsasıdır.
Bir dehşetli kumandan deha ve zekâvetiyle ordunun müsbet hasenelerini kendine alıp ve kendinin menfî seyyielerini o orduya vererek, o efrad adedince haseneleri, gazilikleri bire indirdiği ve seyyiesini o ordu efradına isnad ederek onların adedince seyyieler hükmüne getirdiğinden dehşetli bir zulüm ve hilaf-ı hakikat olmasından; ben kırk sene evvel beyan ettiğim bir hadîsin o şahsa vurduğu tokada binaen, sâbık mahkemelerimizde bana hücum eden bir müddeiumumîye dedim:
“Gerçi onu hadîslerin ihbarıyla kırıyorum fakat ordunun şerefini muhafaza ve büyük hatalardan vikaye ederim. Sen ise bir tek dostun için Kur’an’ın bayraktarı ve âlem-i İslâm’ın kahraman bir kumandanı olan ordunun şerefini kırıyorsun ve hasenelerini hiçe indiriyorsun.”
حاشية صغيرة لرسالة «مرشد الشباب»
باسمه سبحانه
إن المسجونين هم في أمسّ الحاجة إلى ما في رسائل النور من سلوان حقيقي وعزاء خالص. ولاسيما أولئك الشبان الذين تلقَّوا صفعات التأديب ولطمات التأنيب بنَـزواتهم وأهوائهم. فقضوا نضارةَ عمرهم في السجن، فحاجة هؤلاء إلى النور كحاجتهم إلى الخبز.
إن عروق الشباب تنبض لهوى المشاعر، وتستجيب لها أكثرَ مما تستجيب للعقل وترضخ له. وسَورات الهوى -كما هو معلوم- لا تبصر العقبى، فتفضّل درهما من لذة حاضرة عاجلة على طنٍ من لذة آجلة، فيُقْدِم الشابُّ بدافع الهوى على قتل إنسان بريء للتلذذ بدقيقة واحدة من لذة الانتقام، ثم يقاسي من جرائها ثمانيةَ آلاف ساعة من آلام السجن.. والشاب ينساق إلى التمتع لساعة واحدة في اللهو والعبث -في قضية تخص الشرف- ثم يتجرع من ورائها آلام ألوف الأيام من سجن وخوف وتوجس من العدو المتربص به.. وهكذا تضيع منه سعادةُ العمر بين قلق واضطراب وخوف وآلام.
وعلى غرار هذا يقع الشباب المساكين في ورطات ومشاكل عويصة كثيرة حتى تحوّل ألطفَ أيام حياتهم وأحلاها إلى أمرّ الأيام وأقساها،
وفي حالة يرثى لهم ولاسيما بعد أن هبّت عواصفٌ هوجاء من الشمال تحمل فتنا مدمّرة لهذا العصر؛ إذ تستبيح لهوى الشباب الذي لا يرى العقبى أعراضَ النساء والعذارى الفاتنات وتدفعهم إلى الاختلاط الماجن البذيء، فضلا عن إباحتها أموالَ الأغنياء لفقراء سفهاء.
إن فرائص البشرية كلَها لترتعد أمام هذه الجرائم المنكرة التي تُرتكب بحقها.
فعلى الشباب المسلم في هذا العصر العصيب أن يشمّروا عن سواعد الجد لينقذوا الموقف، ويَسُلُّوا السيوفَ الألماسية لحجج رسائل النور وبراهينها الدامغة -التي في رسالة «الثمرة» و«مرشد الشباب» وأمثالهما- ويدافعوا عن أنفسهم، ويصدّوا هذا الهجوم الكاسح الذي شُنّ عليهم من جهتين.. وإلّا فسيضيع مستقبلُ الشباب في العالم، وتذهب حياتُه السعيدة، ويفقد تنعّمه في الآخرة، فتنقلب كلُها إلى آلامٍ وعذاب؛ إذ سيكون نـزيلَ المستشفيات، بما كَسبت يداه من إسراف وسفاهة.. ونـزيلَ السجون، بطيشه وغيّه.. وستبكي أيامُ شيخوخته بكاءً مرا ويزفر زفرات ملؤها الحسرات والآلام.
ولكن إذا ما صان نفسه بتربية القرآن، ووقاها بحقائق رسائل النور فسيكون شابا رائدا حقا، وإنسانا كاملا، ومسلما صادقا سعيدا، وسلطانا على سائر المخلوقات.
نعم، إن الشاب إذا دفع ساعة واحدة من أربع وعشرين ساعة من يومه في السجن إلى إقامة الفرائض، وتاب عن سيئاته ومعاصيه التي دفَعَتْه إلى السجن، وتجنّب الخطايا والذنوب مثلما يجنّبه السجنُ إياها.. فإنه سيعود بفوائدَ جمّة إلى حياته وإلى مستقبله وإلى بلاده وإلى أمته وإلى أحبّائه وأقاربه، فضلا عن أنه يكسب شبابا خالدا في النعيم المقيم بدلا من هذا الذي لا يدوم خمسَ عشرة سنة.
هذه الحقيقة يُبشِّر بها ويخبر عنها عن يقين جازم جميعُ الكتب السماوية وفي مقدمتها القرآنُ الكريم.
نعم، إذا ما شكر الشاب على نعمة الشباب -ذلك العهدِ الجميل الطيب- بالاستقامة على الصراط السوي، وأداء العبادات، فإن تلك النعمة المهداة تزداد ولا تنقص، وتبقى من دون زوال، وتصبح أكثر متعةً وبهجة.. وإلّا فإنها تكون بلاء ومصيبة مؤلمة ومغمورة بالغم والحزن والمضايقات المزعجة حتى تذهب هباءً فيكون عهدُ الشباب وبالا على نفسه وأقاربه وعلى بلاده وأمته.
هذا وإن كلَّ ساعة من ساعات المسجون الذي حُكم عليه ظلما تكون كعبادة يومٍ كامل له، إن كان مؤديا للفرائض، ويكونُ السجن بحقه موضعَ انـزواء واعتزال من الناس كما كان الزهّاد والعُبّاد ينـزوون في الكهوف والمغارات ويتفرغون للعبادة. أي يمكن أن يكون هو مثل أولئك الزهاد.
وستكون كل ساعة من ساعاته إن كان فقيرا ومريضا وشيخا متعلقا قلبُه بحقائق الإيمان وقد أناب إلى الله وأدّى الفرائض، في حُكم عبادة عشرين ساعة له، ويتحوّل السجنُ بحقّه إلى مدرسة تربوية إرشادية، وموضعِ تحابب ومكان تعاطف، حيث يقضي أيامَه مع زملائه في راحة فضلا عن راحته وتوجه الأنظار إليه بالرحمة، بل لعله يفضّل بقاءَه في السجن على حريته في الخارج التي تنثال إليه الذنوب والخطايا من كل جانب، ويأنس بما يتلقى من دروس التربية والتزكية فيه. وحينما يغادره لا يغادره قاتلا ولا حريصا على أخذ الثأر، وإنما يخرج رجلا صالحا تائبا إلى الله، قد غنم تجاربَ حياتية غزيرة.
فيُصبح عضوا نافعا للبلاد والعباد، حتى حدا الأمر بجماعة كانوا معنا في سجن «دنيزلي» إلى القول، بعدما أخذوا دروسا إيمانية في سمو الأخلاق ولو لفترة وجيزة من رسائل النور:
«لو تلقّى هؤلاء دروسَ الإيمان من رسائل النور في خمسةِ أسابيع، فإنه أجدى لإصلاحهم من إلقائهم إلى السجن خمس عشرة سنة».
فما دام الموتُ لا يفنى من الوجود، والأجلُ مستورٌ عنا بستار الغيب، ويمكنه أن يحلّ بنا في كل وقت.. وأن القبر لا يُغلق بابُه.. وأن البشرية تغيب وراءه قافلة إثر قافلة.. وأن الموت نفسه بحق المؤمنين ما هو إلّا تذكرة تسريح وإعفاء من الإعدام الأبدي -كما وضّح ذلك بالحقيقة القرآنية- وأنه بحق الضالين السفهاء إعدام أبدي كما يشاهدونه أمامهم؛ إذ هو فراق أبدي عن جميع أحبتهم وأقاربهم بل الموجودات قاطبة..
فلابد ولا شك بأن أسعد إنسان هو مَن يشكر ربه صابرا محتسبا في سجنه مستغلا وقته أفضل استغلال، ساعيا لخدمة القرآن والإيمان مسترشدا برسائل النور.
أيها الإنسان المبتلَى بالملذات والمُتع!
لقد علمتُ يقينا طوال خمس وسبعين سنة من العمر، وبألوفِ التجارب التي كسبتُها في حياتي،
ومثلها من الحوادث التي مرت عليّ أن الذوقَ الحقيقي، واللذةَ التي لا يشوبها ألم، والفرحَ الذي لا يكدّره حُزن، والسعادةَ التامة في الحياة إنما هي في الإيمان، وفي نطاق حقائقه ليس إلّا. ومن دونه فإن لذةً دنيوية واحدة تحمل آلاما كثيرة كثيرة. وإذ تقدِّم إليك الدنيا لذة بقدر ما في حَبَّةِ عنب تصفعك بعشر صفعات مؤلمات، سالبةً لذةَ الحياة ومتاعَها.
أيها المساكين المبتلَون بمصيبة السجن!
ما دامت دنياكم حزينة باكية، وأن حياتكم قد تعكرت بالآلام والمصائب، فابذلوا ما في وسعكم كيلا تبكي آخرتُكم، ولتفرح وتحلو وتسعد حياتكم الأبدية. فاغتنموا يا إخوتي هذه الفرصة، إذ كما أن مرابطةَ ساعة واحدة أمام العدو ضمن ظروف شاقة يمكن أن تتحول إلى سنة من العبادة، فإن كل ساعة من ساعاتكم التي تقاسونها في السجن تتحول إلى ساعات كثيرة هناك إذا ما أديتم الفرائض، وعندها تتحول المشقات والمصاعب إلى رحماتٍ وغفران.
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
لا أعزيكم بل أهنئكم، إذ مادام القدر الإلهي قد ساقنا إلى هذه المدرسة اليوسفية الثالثة لحكمة اقتضاها، وأنه سيطعمنا قسما من أرزاقنا دعتنا إلى هنا، ومادامت تجاربنا القاطعة قد علّمتنا -لحد الآن- أن العناية الإلهية لطيفة بنا وقد جعلتنا ننال سر الآية الكريمة: ﴿ وَعَسٰٓى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْـًٔا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ (البقرة:٢١٦)، وأن إخواننا الحديثي العهد في المدرسة اليوسفية هم أحوج الناس إلى السلوان الذي تورثه رسائل النور، وأن العاملين في دوائر العدل هم أشد حاجة من الموظفين الآخرين إلى القواعد والدساتير السامية التي تتضمنها رسائل النور، وأن أجزاء هذه الرسائل تؤدي لكم مهمتكم خارج السجن وبكثرة كاثرة، وأن فتوحاتها لا تتوقف، وأن كل ساعة فانية هنا في السجن تصبح بمثابة ساعات من العبادة الباقية...
ينبغي لنا -وفق النقاط المذكورة- أن نتجمل بالصبر والثبات شاكرين خالقنا مستبشرين إزاء هذه الحادثة.
أُعيد إليكم الرسائلَ الصغيرة المسلية كلها، والتي كتبناها في سجن «دنيزلي».
نسأل الله أن تسليكم أيضا تلك الفقرات المشحونة بالحقائق.
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
أولا: حمدا لله بما لا يحدّ من الحمد لله، لقد ظهر في الساحة روّادٌ معنويون من المفتين والوعاظ والأئمة والعلماء، الذين هم الأصحاب الحقيقيون لرسائل النور، حيث كان الشباب والمعلمون والطلاب هم طلبة النور الغيارى لحد الآن.
فألف ألف تهنئة وبارك الله فيكم يا أدهم وإبراهيم وعلي وعثمان.. فلقد بيّضتم وجوه أهل المدارس الشرعية، وحوّلتم إحجامهم وترددهم إلى شجاعة وإقدام.
ثانيا: ما ينبغي أن يتأسف ويندَم أولئك الذين ولّدوا هذه الحادثة من جراء فعالياتهم وانفعالاتهم الخالصة لله. لأن سجن «دنيزلي» قد بارك الذين لم يأخذوا الحذر في أعمالهم من حيث النتيجة، حيث التعب قليل والفائدة المعنوية عظيمة جدا. نسأل الله أن لا تكون هذه «المدرسة اليوسفية الثالثة» قاصرة عن التي قبلها.
ثالثا: علينا الشكر لله على ظروفنا العصيبة هذه في السجن وذلك لما فيها من زيادة الثواب حسب المشقة. ونسعى في الوقت نفسه لأداء وظيفتنا التي هي خدمة الإيمان بإخلاص. أما التوفيق في أعمالنا أو الحصول على نتائج خيّرة فيها فموكولة إلى الله سبحانه وتعالى ولا نتدخل فيها، بل نظل صابرين شاكرين لله إزاء هذه المعتكفات قائلين: خير الأمور أحمزها.
وعلينا أن نعلم أن هذه الحادثة ما هي إلّا علامة على قبول أعمالنا، وهي وثيقة وأمارة على اجتيازنا الامتحان في جهادنا المقدس.
إلى السيد مدير السجن والهيئة الإدارية:
طلبٌ بسيط لا أهميةَ له ظاهرا إلّا أن له أهمية قصوى بالنسبة لي:
إن حياتي التي مضت في السجن الانفرادي والتجريد المطلق وعمري الذي ناهز الخامسة والسبعين قد أوهَنا جسدي، بحيث أصبح لا يطيق اللقاحات ضد الأمراض. وقد أُجري عليَّ قبل مدة مديدة اللقاح، ودام جراحُه طوال عشرين سنة، حتى أصبح بمثابة سم ملازم. يعرف ذلك الطبيبان الصديقان في «أميرداغ». وقبل أربع سنوات أجروا عليَّ اللقاح مع المحكومين في سجن «دنيزلي» فلازمتُ الفراش عشرين يوما، علما بأنه لم يُلحق الضررَ بأيٍّ منهم، وقد كفاني حفظُ الله وعنايته فلم أضطر إلى الذهاب إلى المستشفى.
بمعنى أن جسدي لا يتحمل اللقاح قطعا، فضلا عن أن عذري شديد، إذ قد بلغتُ من العمر الخامسة والسبعين ونحل جسمي وربما لا يتحمل سوى لقاحِ طفل في العاشر من العمر. فضلا عن أنني أقضي حياتي منفردا في تجريد مطلق ولا أختلط مع أحد من الناس. وقبل شهرين أَرسل الوالي طبيبين إلى «أميرداغ» وكشفوا عليَّ كشفا كاملا ولم يجدوا أي مرض سارٍ إلّا الضعف الشديد والتشنج الظهري.
فحالتي هذه لا تَحمِلني قطعا على إجراء التلقيح، وأرجوكم رجاءً حارا لا ترسلوني إلى المستشفى فلا تلجئوني إلى البقاء تحت تحكم الأطباء ومن لا أعرفهم، فإني لا أستطيع البقاء في هذا الوضع ولم أُطقه طوال حياتي. ولاسيما في هذه السنوات العشرين التي قضيتُها في التجريد المطلق.
وعلى الرغم من أنني بدأت أجد الراحة في دخولي القبر في هذه الفترة إلّا أنني فضلت السجن حاليا على القبر لِمَا وجدت من معاملةٍ إنسانية في هذا السجن ولكيلا أمس مشاعر الهيئة الإدارية، فضلا عن القيام ببث العزاء والسلوان في قلوب المسجونين.
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
أولا: لا تتألموا على الإهانات والأذى التي ينـزلونها بشخصي بالذات، لأنهم لا يستطيعون أن يجدوا نقصا في رسائل النور، فينشغلون بشخصي الاعتيادي المقصّر كثيرا. فأنا راضٍ عن هذا الوضع. بل لو وجدت ألوفا من الإهانات والتحقير والآلام والبلايا الشخصية لأجل سلامة رسائل النور وظهور قيمتها لشكرت الله شكرا مكللا بالفخر، وذلك مقتضى ما تعلمته من درس النور. لذا لا تتألموا عليّ من هذه الناحية.
ثانيا: إن هذا التعدي السافر الواسع النطاق والهجوم الشديد الظالم، قد خف حاليا من العشرين إلى الواحد فلقد جمعوا بضعة أشخاص بدلا من ألوف الخواص -من طلاب النور- وجمعوا عددا محدودا من إخوة جدد بدلا من مئات الألوف من المهتمين بالرسائل المرتبطين بها. مما يعني أن المصيبة قد تحولت إلى أخف حالاتها بالعناية الإلهية.
ثالثا: لا تقلقوا يا إخوتي ولا تيأسوا فإن الوالي السابق الذي كان يحيك المؤامرات ويدبر الدسائس ضدنا طوال سنتين قد ولّى بفضل العناية الإلهية.
ولربما قد خفف وزير الداخلية الهجوم علينا لسببين: أنه من بلدتي. وأن أجداده أهل دين حقا.
رابعا: لقد أثبتتْ تجاربُ كثيرة وحوادث عديدة، بما يورث القناعة التامة؛ أن الأرض تهتز والسماء تبكى ببكاء رسائل النور وحزنها. ولقد شاهدنا هذا مرارا بأم أعيننا وأثبتناه كذلك في المحكمة.
وأعتقد أنّ تَوافق ابتهاج الصيف -في بدايته- في هذه السنة بانتشار رسائل النور سرا وتبسمَها باستنساخها بالرونيو، وتطابقَ حدّة الشتاء وغضبه وبكائه بالقلق على مصادرة الرسائل والتحريات الكثيرة في كل مكان وتوقفِ نشاطها، ما هو إلّا أمارة قوية على أن رسائل النور معجزة كبرى ساطعة لحقائق القرآن العظيم تتجلى في هذا العصر. حيث الأرض والسماء ذات علاقة معها.
سعيد النورسي
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
لقد خطر لي اليوم فجأة أن أهنئ القادمين إلى هذه المدرسة بدلا من تقديم التعازي لهم -بمناسبة قضية رسائل النور- بسَوقٍ من القدر الإلهي والرزق المقسوم فيها، لأن كل واحد من الأكثرية ينقذ إلى حدٍ ما في عشرين سنة أو ثلاثين سنة بل مائة سنة من الأتعاب والمشاق، بديلا عن ألف من إخواننا الأبرياء.
وكذا فإن دوام عملكم في سبيل الإيمان بوساطة رسائل النور، يعني أن كل واحد منكم يؤدى عملا كبيرا في وقت قليل، نظير ما ينجزه البعض في عشر سنوات من أعمال تنجز في مائة سنة.
وكذا فإن الداخلين في هذه المجاهدة المرهقة، والحاضرين هذا الامتحان الجاري في هذه «المدرسة اليوسفية» الحديثة، وأخْذَهم حظهم فعلا من نتائجه القيمة الكلية، وملاقاتَهم بيُسر إخوتهم الخالصين المخلصين المشتاقين إلى رؤيتهم وتَبَادُلَهم أبحاث درس ممتع لذيذ،
وكذا عدمُ دوام أوقات الراحة في الدنيا بل ذهابُها هباءً منثورا. أقول: إن الذين يكسبون مغانم عظيمة إلى هذا الحد، وبمثل هذه الأتعاب القليلة يستحقون التهنئة حقا.
إخوتي!
إن هذا الهجوم الواسع الذي شُن علينا، إنما هو لصدّ فتوحات رسائل النور وغزوها القلوب. إلّا أنهم أدركوا أنهم كلما تعرضوا لرسائل النور ازدادت سطوعا وكسبت أهمية أكثر وتوسعت دائرة الدروس. فلا تُغلب رسائل النور. إلّا أنها تنضوي تحت ستار «سرا تنورت» ولأجل هذا بدّلوا خطتهم، فلا يتعرضون للأنوار ظاهرا.
وحيث إننا تحت العناية الإلهية فعلينا الشكر العظيم لربنا الجليل مع التجمل بكمال الصبر.
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
لقد آن أوان بيان حالتين غريبتين من أحوالي:
أولاها
أُخطِرَ إلى قلبي: أن في عدم لقائنا -في سجن التجريد المطلق- لقاءً حرا بإخوتي الذين أُحبهم أكثر من روحي، فيه مصلحةٌ وعناية إلهية. ذلك لأن كثيرا من إخواننا في الآخرة ممن كان يصرف خمسين ليرة للمجيء إلى «أميرداغ» لأجل لقاء يدوم خمسين دقيقة وأحيانا عشر دقائق وأحيانا يرجع خائبا دون لقاء.. كانوا يُلْقُون أنفسهم إلى هذه «المدرسة اليوسفية» بحجة بسيطة.
فلو كان وقتي الضيق وحالتي الروحية النابعة من الانزواء يسمحان بذلك فإن الخدمة النورية ما كانت لتسمح بالمجالسة التامة والمحاورة الكاملة مع أولئك الأصحاب الأوفياء.
ثانيتها
لقد شاهد المجاهدون في جبهات متعددة من الحرب عالِما جليلا فاضلا، وذكروا له مشاهدتهم، فقال: إن بعض الأولياء قد ظهروا بمظهري وأدّوا بدلا عني في موضعي أعمالا لأجل إكسابي ثوابا وليستفيد أهل الإيمان من دروسي.
ومثل هذا تماما، فقد شاهدوني في جوامع «دنيزلي» وأنا نزيلُ سجنِها، حتى أبلغوا ذلك إلى الجهات المسؤولة وإلى المدير والحرّاس، وقال بعضهم في قلق واضطراب: «من يفتح له باب السجن!» فالأمر نفسه يحدث هنا تماما.
والحال أنه بدلا من إسناد حادثة جزئية خارقة إلى شخصي المقصر جدا فإن رسالة «ختم التصديق الغيبي» تثبت خوارق لرسائل النور وتبينها كاسبةً ثقة أهل الإيمان برسائل النور أكثر بكثير من تلك الحادثة بمائة مرة بل بألف مرة. فضلا عن تصديق أبطال النور بأحوالهم الخارقة وكتاباتهم الرائعة لمقبولية رسائل النور.
سعيد النورسي
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
لا تقلقوا عليّ، فإنني سعيد ومحظوظ لأني معكم في بناية واحدة، فأنا راضٍ ومسرور.
إن وظيفتنا الحالية إرسالُ نسخة من «الدفاع» إلى «إسبارطة». وإن أمكن كتابةُ عشرين نسخة منه بالآلة الطابعة بالحروف القديمة والحروف الجديدة، كي يُبرز إلى المدعى العام هناك وتعطى نسخةٌ منه إلى محامينا، ونسخة أخرى إلى المدير كي يسلمه هو إلى وكيل دعوانا. وليرسل إلى المسؤولين في «أنقرة» بالحروف الجديدة والقديمة كما كان في «دنيزلي».
وإن أمكن تهيئةُ خمسة نسخ للدوائر المسؤولة، لأن رسائل النور المصادَرة قد أُرسلت بالحروف القديمة إلى تلك الدوائر ولاسيما إلى هيئة ديوان رئاسة الشؤون الدينية وأعيدت إلى هنا.
ثم أبلغوا وكيلنا السيد أحمد، أنه عند طبعه الدفاع بالآلة الطابعة عليه أن يلاحظ بدقة صحةَ العبارات والكلمات. لأن إفادتي لا تشبه إفادات الآخرين فإن خطأً في حرف واحد وأحيانا في نقطة واحدة يغيِّر المسألة، ويفسد المعنى. وكذا أعيدوا آلتي الطابعة بالحروف القديمة والجديدة إنْ لم يسمحوا بهما.
وكذا لا تضجروا يا إخوتي ولا تقلقوا ولا تيأسوا فإن العناية الإلهية ستسعفنا سريعا بمضمون الآية الكريمة: ﴿ اِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ (الشرح:٦).
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
إن رسائل النور تواجهكم وتقابلكم بدلا مني، فهي ترشد وتعلّم تعليما جيدا إخواننا الجدد المشتاقين لدروس النور. ولقد ثبت بالتجارب أن الانشغال برسائل النور سواء قراءتها أو استقراءها أو كتابتها يورث الفرح للقلب والراحة للروح والبركة في الرزق والصحة للجسد.
وقد أنعم الله عليكم حاليا ببطل من أبطال النور وهو «خسرو» وستكون المدرسة اليوسفية أيضا موضع دراسة مباركة لمدرسة الزهراء إن شاء الله. إنني كنت إلى الآن أُخفي خسرو ولا أظهره إلى أهل الدنيا، إلّا أن المجموعات التي نشرت قد أظهرته إظهارا لا لبس فيه لأهل الدنيا، فلم يبق شيء للإخفاء. ولهذا أظهرتُ بضعا من خدماته إلى بعض الإخوة الخواص. وسوف نبين -أنا وهو- الحقيقة إن لزم الأمر بعينها ولا نخفى شيئا.
ولكن الآن يواجهنا شخصان عنيدان رهيبان من بين الذين يستمعون إلى الحقيقة، وقد ظهر أنهما يعملان لصالح الزندقة والشيوعية -أحدهما معروف في «أميرداغ» والآخر معروف هنا- وهما يحاولان نشر الشبهات ضدنا بمنتهى المكر والدسيسة وذلك لقذف الرعب في قلوب الموظفين.
لذا علينا الأخذ بالحذر الشديد وعدمُ إبداء القلق وانتظارُ العناية الإلهية بالتوكل لتمدنا.
يا إخوتي في الدين ويا زملائي في السجن!
لقد أُخطر لقلبي أن أبين لكم حقيقة مهمة، تنقذكم بإذن الله من عذاب الدنيا والآخرة، وهي كما أُوَضِّحُها بمثال:
إنّ أحدا قد قتل شقيقَ شخص آخر أو أحد أقربائه. فهذا القتل الناجم من لذةِ غرورِ الانتقام التي لا تستغرق دقيقة واحدة تورثه مقاساة ملايين الدقائق من ضيق القلب وآلام السجن. وفي الوقت نفسه يظل أقرباء المقتول أيضا في قلق دائم وتحيّن الفرص لأخذ الثأر، كلما فكروا بالقاتل ورأوا ذويه. فتضيع منهم لذةُ العمر ومتعة الحياة بما يكابدون من عذاب الخوف والقلق والحقد والغضب.
ولا علاج لهذا الأمر ولا دواء له إلّا الصلح والمصالحة بينهما، ذلك الذي يأمر به القرآن الكريم، ويدعو إليه الحق والحقيقة، وفيه مصلحة الطرفين، وتقتضيه الإنسانية، ويحث عليه الإسلام.
نعم، إن المصلحة والحقيقة في الصلح، (والصلح خير)؛ لأن الأجل واحد لا يتغير، فذلك المقتول على كل حال ما كان ليظل على قيد الحياة ما دام أجلُه قد جاء. أما ذلك القاتل فقد أصبح وسيلة لذلك القضاء الإلهي، فإن لم يحل بينهما الصلحُ فسيظلان يعانيان الخوف وعذاب الانتقام مدة مديدة؛ لذا يأمر الإسلام بعدم هجر المسلم أخاه فوق ثلاثة أيام.
فإن لم يكن ذلك القتلُ قد نجم من عداء أصيل ومن حقد دفين، وكان أحد المنافقين سببا في إشعال نار الفتنة، فيلزم الصلح فورا، لأنه لولا الصلح لعظمت تلك المصيبة الجزئية ودامت،
بينما إذا ما تَصالح الطرفان وتاب القاتل عن ذنبه، واستمر على الدعاء للمقتول، فإن الطرفين يكسبان الكثير، حيث يدب الحب والتآلف بينهما، فيصفح هذا عن عدوه ويعفو عنه واجدا أمامه إخوة أتقياءَ أبرارا بدلا من شقيق واحد راحل، ويستسلمان معا لقضاء الله وقدره، ولاسيما الذين استمعوا إلى دروس النور، فهم مدعوون لهجر كل ما يفسد بين اثنين، إذ الأخوّة التي تربطهم ضمن نطاق النور، والمصلحة العامة، وراحة البال وسلامة الصدر التي يستوجبها الإيمان.. تقتضي كلُّها نبذَ الخلافات وإحلال الوفاق والوئام.
ولقد حصل هذا فعلا بين مسجونِين يعادي بعضهم بعضا في سجن «دنيزلي» فأصبحوا بفضل الله إخوة متحابين بعد أن تلقّوا دروسا من رسائل النور، بل غدَوا سببا من أسباب براءتنا، حتى لم يجد الملحدون والسفهاء من الناس بدا أمام هذا التحابب الأخروي، فقالوا مضطرين: «ما شاء الله.. بارك الله!!» وهكذا انشرحت صدورُ السجناء جميعا وتنفسوا الصعداء بفضل الله.
إذ إني أرى هنا مدى الظلم الواقع على المسجونين، حيث يشدد الخناق على مائة منهم بجريرة شخص واحد، حتى إنهم لا يخرجون معه إلى فِناء السجن في أوقات الراحة.. إلّا أن المؤمن الغيور لا تسعه شهامتُه أن يؤذي المؤمن قط، فكيف يسبب له الأذى لمنفعته الجزئية الخاصة، فلابد أن يسارع إلى التوبة والإنابة إلى الله حَالَما يشعر بخطئه وتسبّبه في أذى المؤمن.
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
إني أهنئ رسائل النور وأهنئكم وأهنئ نفسي بالبشارات القيّمة التي زفّها خسرو وحفظي والسيد من «بَارْطِنْ».
نعم، إن الذين سافروا إلى الحج في هذه السنة مثلما وجدوا علماء أجلاء في مكة المكرمة يسعون إلى ترجمة مجموعات من رسائل النور إلى العربية والهندية، كذلك وجدوا المدينة المنورة قبِلَتها ورضيَت عنها بحيث وضعوها في الروضة المطهرة لدى الحجرة الشريفة للقبر النبوي المبارك ﷺ. بمعنى أن تلك الرسائل قد نالت القبول النبوي ودخلت ضمن رضى الرسول الكريم محمد ﷺ.
فلقد زارت رسائلُ النور تلك الأماكنَ المقدسة بدلا عنا كما هي نيتنا وكما أبلغنا المسافرون إلى الحج.
وإن فائدة أخرى من الفوائد الكثيرة جدا لِمَا ينشره أبطال النور من هذه المجموعات المصحَّحة أنهم أنقذوني من مهمة التصحيح والقلق عليه وأصبحوا بمثابة مائة مصححٍ بما أوجدوا من المصادِر المصحِحة، فشكرا لله بما لا يتناهى من الحمد والشكر.
أسأل الله تعالى أن يكتب ألف حسنة في سجل حسناتهم لكل حرف من حروف تلك المجموعات. آمين. آمين. آمين.
رؤيا لطيفة ذات بشارة ظهر تأويلها
أتاني «علي» الذي يعاونني في الأمور وقال: لقد رأيت فيما يرى النائم أنك و«خسرو» قد قبّلتما يدَ الرسول الكريم ﷺ. وإذا بي أستلم رسالة تتضمن أن مجموعةَ «عصا موسى» المكتوبة بخط «خسرو» قد شاهدها الحُجاج في الروضة المطهرة. بمعنى أن تلك المجموعة قد قَبّلت اليدَ المعنوية للرسول الكريم ﷺ ونالت رضاه.
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء وزملائي في السجن!
أولا: لا تقلقوا من عدم التقاء بعضنا بالبعض الآخر، فنحن نتواجه معنىً في كل وقت. فإن قرأتم أيّةَ رسالة تحصلون عليها أو تستمعون إليها، فإنكم تشاهدونني وتتحاورون معي خلال تلك الرسالة بصفةِ خادم القرآن العظيم بدلا من شخصي الاعتيادي. علما أنني كذلك أواجهكم خيالا في جميع أدعيتي وفي كتاباتكم وعلاقاتكم. وحيث إننا معا ونعمل ضمن دائرة واحدة، فكأننا نتقابل دائما.
ثانيا: نقول للقادمين الجدد من طلاب رسائل النور في هذه المدرسة اليوسفية الحديثة:
لقد ثبت بحجج قوية وبإشارات قرآنية أوقفت الخبراء وألجأتهم إلى الاستسلام: «أن طلاب النور الصادقين ستختم حياتهم بالحسنى ويدخلون القبر بالإيمان..
وأن كل طالب -حسب درجته- يكون شريكا لمكاسبِ جميع إخوانه المعنوية ولأدعيتهم، وذلك بفيض أنوار الاشتراك المعنوي النوري، كأنه يؤدي العبادة ويستغفر بألف لسان».
فهاتان الفائدتان والنتيجتان المهمتان، وفي هذا الزمان العجيب تزيلان جميع الصعاب والمشقات. وهكذا تربح رسائل النور طلابها هذين الربحين العظيمين بثمن زهيد جدا.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
إن الدفاعات المرفوعة في محكمة «أفيون» تتضمن حقائق جليلة ذات علاقة بنا وبرسائل النور وبهذه البلاد وبالعالم الإسلامي.
فلا بد أن تُستنسخ منها ما يقرب من عشر نسخ بالحروف الجديدة لترسل إلى الدوائر العليا في «أنقرة». إن وظيفتنا الآن هي تبليغ تلك الحقائق إلى أركان الحكومة وإلى دوائر العدل وإلى الأمة، ولا أهتم قطعا لو أبرؤوا ساحتنا أو عاقبونا. ولربما هذه الوظيفة هي إحدى الحِكم المقدّرة بالقدر الإلهي فساقنا إلى هذه المدرسة.
أسرِعوا على قدر الإمكان في استنساخها بآلة الرونيو، فنحن مضطرون إلى إبلاغها تلك الدوائر العليا حتى لو أخلو سبيلَنا اليوم. فلا يغرركم أحد بتأخيرها، كفى التأخير والتأجيل، وليكن هذا الدفاع مسكَ الختام لدفاعات قُدّمت طوال خمس عشرة سنة إزاء مسألة واحدة وتجاه الظلم القاسي والعذاب الأليم الذي لا نظير له والحجج التافهة المختلقة.
فما دمنا قد حصلنا على صلاحيةِ استنساخِ دفاعاتِنا بالرونيو حسب القانون، ومن المحاكم السابقة، فلا يستطيع أحد أن يمنعنا من استعمال حقنا هذا قانونا. وإن لم تجدوا حلا للأمر رسميا فليستنسخ محامينا حوالي خمس نسخ وليكن أمينا على الحفاظ على سلامتها وصحتها.
سعيد النورسي
إخوتي المسجونين الأعزاء الجدد والقدامى!
لقد بتُّ على قناعة تامة من أن العناية الإلهية هي التي ألقَت بنا إلى ههنا وذلك لأجلكم أنتم، أي إن مجيئنا إلى هنا إنما هو لبث السلوان والعزاء الذي تحمله رسائل النور إليكم.. وتخفيفِ مضايقات السجن عنكم بحقائق الإيمان.. وصونِكم من كثير من بلايا الدنيا ولأوائها.. وانتشالِ حياتكم المليئة بالأحزان والهموم من العبثية وعدم الجدوى.. وإنقاذِ آخرتكم من أن تكون كدنياكم حزينة باكية.
فما دامت الحقيقة هي هذه، فعليكم أن تكونوا إخوة متحابين كطلاب النور وكأولئك الذين كانوا معنا في سجن «دنيزلي».
فها أنتم أولاء ترون الحراس الذين يحرصون على القيام بخدماتكم يعانون الكثير من المشقات في التفتيش، بل حتى إنهم يفتشون طعامكم لئلا تكون فيه آلة جارحة، ليَحُولوا دون تجاوزِ بعضكم على بعض، وكأنكم وحوش مفترسة يقضي الواحد على الآخر ليقتله، فضلا عن أنكم لا تستمتعون بالفرص التي تتاح لكم للتفسح والراحة خوفا من نشوب العراك فيما بينكم.
ألا فقولوا مع هؤلاء الإخوة حديثي العهد بالسجن الذين يحملون مثلكم بطولة فطرية وشهامة وغيرة. قولوا أمام الهيئة ببطولة معنوية عظيمة في هذا الوقت:
«ليست الآلات الجارحة البسيطة وحدها، بل لو سلّمتم إلى أيدينا أسلحة نارية أيضا فلا نتعدى على أصدقائنا وأحبابنا هؤلاء الذين نُكبوا معنا، حتى لو كان بيننا عداءٌ أصيل سابق. فقد عفونا عنهم جميعا، وسنبذل ما في وسعنا أن لا نجرح شعورهم ونكسر خاطرهم، هذا هو قرارنا الذي اتخذناه بإرشاد القرآن الكريم وبأمر أخوّة الإسلام وبمقتضى مصلحتنا جميعا».
وهكذا تُحَوّلون هذا السجن إلى مدرسة طيبة مباركة.
إخوتي الأعزاء الأوفياء:
إن الذين هم في سياسة واحدة أو مهنة واحدة، أو وظيفة واحدة أو في خدمة تتعلق بالحياة الاجتماعية أو لهم نوع من تجارة خاصة.. كل طائفة من طوائف أهل الدنيا هؤلاء لهم اجتماع عام يخصهم يتذاكرون فيه أمورهم. كذلك طلاب النور العاملون في الخدمة المقدسة للإيمان التحقيقي، فإن مجيئَهم إلى الاجتماع العام في هذه «المدرسة اليوسفية» بأمر القدر الإلهي وباقتضاء العناية الربانية وسَوقِها، لا شك أنه يحمل فوائد معنوية جليلة جدا وسينعمون بتلك الفوائد والنتائج القيمة إن شاء الله، وأن كل واحد من أركان طلاب النور سيكون بمثابة حرفِ أَلِفْ، حيث إن «حرف ألف» قيمتُها واحدة إن كانت بمفردها ولكنها مع أخواتها، أي ثلاث ألفات معا متكاتفة ومتواجهة بأحوالها تصبح قيمتُها ألفا ومائة وواحدا، وكذلك سيكون ثواب ذلك الأخ المنخرط في هذا الاجتماع وقيمته وخدمته السامية ألفا بإذن الله.
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
إن سبب سدّهم اليوم نوافذي ودقِّها بالمسامير هو عزلي عن المسجونين وقطعُ تبادل السلام والتحيات فيما بيننا، إلّا أنهم أبدَوا حجة تافهة ظاهرية أخرى، فلا تقلقوا. بل إن انشغالهم بشخصي الذي لا أهمية له، وانصرافَهم عن شد الخناق على رسائل النور وطلابها، وإنزالَهم الإهانات والعذاب بي، وإيلامي قلبا وحقيقةً مع عدم تعرضهم لرسائل النور يجعلني في رضىً عن هذا الوضع بل أشكر ربي صابرا فلا أضطرب ولا أقلق أبدا وأنتم كذلك لا تتألموا. فإني على قناعة من أنّ صرفَ أعدائِنا المتسترين أنظارَ الموظفين في السجن إلىّ فيه عناية إلهية وخير من حيث سلامةُ ومصلحةُ رسائل النور وطلابها.
فعلى بعض الإخوة ألّا يحتدّوا ولا يتفوّهوا بكلام جارح يمسّ شعورهم، وليأخذوا حذرهم في حركاتهم وسكناتهم، دون إبداء القلق والاضطراب. ولا يفتحوا الموضوع عن هذه المسألة أمام كل أحد، لأن هناك جواسيس يحرّفون كلام إخوتنا السذج والجدد الذين لم يتعلموا بعدُ أخذَ الحذر ويصرفون كلامهم إلى معاني مغايرة ويستهولون الأمور التافهة، ويخبرون المسؤولين بها. إنّ وضعنا الحاضر كله جدّ لا هزل فيه.
ومع هذا فلا تضطربوا قطعا واعلموا أننا تحت رعاية العناية الإلهية، وقد عزمنا على مجابهة جميع المشقات بالصبر الجميل بل بالشكر العظيم لله. فنحن مكلفون بالشكر لأن درهما من التعب والمشقة يورث طنا من الثواب والرحمة.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
لقد أودعتُ جميع أعمال الدفاع إلى طلاب النور الأركان الذين قَدِموا والذين سيقدمون إلى هنا وذلك بناء على سببين مهمين وبإخطار قوي، فاضطررت إلى هذا الأمر قلبا. أُودِعُها بخاصة إلى كل من خسرو، رأفت، طاهر، فيضي، صبرى.
السبب الأول: لقد علمت قطعا من دائرة التحقيق، ومن أمارات عديدة، أنهم يحاولون إحداث مشكلات ضدي، بكل ما لديهم من قوة، والتهرب من ظهوري وغلبتي عليهم فكرا، ولهم في ذلك إشعار رسمي. فكأنني إذا تكلمت بشيء فسأبين قدرة علمية وقابلية سياسية بحيث أُلْزِمُ المحاكمَ الحجةَ وأُسكتُ السياسيين، لأجل ذلك يمنعونني عن الكلام بمعاذير واهية. حتى إنني أثناء التحقيق أجبت عن أحد الأسئلة قائلا: لا أتذكر. فتعجب الحاكم وحار في الأمر وقال: كيف ينسى شخص مثلك يملك ذكاءً وعلما فوق المعتاد؟
نعم، إنهم يعتقدون أن رفعة شأن رسائل النور وتحقيقاتها العلمية الدقيقة من بنات أفكاري. ومن هنا يأخذهم العجب والحيرة، فلا يريدونني أن أتكلم مع أحد، وكأن كل من يقابلني ويواجهني سيكون مباشرة طالبا غيورا من طلاب النور! ولهذا يمنعونني من المقابلة مع أي أحد كان. حتى إن رئيس الشؤون الدينية قال: «كل من يقابله ينجذب إليه، إن جاذبيته قوية».
بمعنى أن مصلحتنا تقتضي أن أُودِع شؤوني إليكم الآن. وما لديكم من دفاعاتي القديمة والجديدة تشترك بدلا عني في مشاوراتكم بعضكم مع بعض، فهي كافية لهذا الأمر.
السبب الثاني: أُجّل إلى وقت آخر بمشيئة الله.
أما الإشارة القصيرة إلى الإخطار المعنوي فهي: أن الذي جعلني أترك السياسة وقراءة الجرائد وأمثالها من الأمور الفانية خلال خمسة وعشرين عاما ومَنعني من الاشتغال بها، هو واجب أخروي جليل جدا، مع حالة روحية ذات أثر فعال. فهذان السببان أيضا يمنعانني كليا عن الاشتغال بهذه المسألة بتفرعاتها الدقيقة. فأنتم تؤدون أيضا مهمتي بالاستشارة أحيانا مع موكلَيكم الاثنين.
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
لقد ورد الآن في الصلاة إلى القلب الآتي:
إنه بناء على حُسن الظن المفرط الذي يحمله الإخوة الأعزاء ينتظرون منك درسا وإرشادا لهم، وهمّة ومددا ماديا ومعنويا. فمثلما وكّلتَ الإخوة الخواص في أمورك الدنيوية وأودعتها إلى الشورى فيما بين الأركان، وحَسَناً فعلتَ. كذلك بتوكيلك الشخص المعنوي للخواص الخالصين في أعمالك الأخروية والقرآنية والإيمانية والعلمية فإنهم يؤدون تلك الوظيفة مع وظيفتهم وعلى أفضل وجه وأكمله. وهم فعلا يؤدونها الآن وعلى الدوام.
مثلا: إن كان الذي يواجهك ويسترشد بنصيحةٍ ودرسٍ منك مُوَقّتاً بمقدار درهم، فإنه يستطيع أن يأخذ مائة درهم من النصيحة والدرس والإرشاد من جزء من أجزاء رسائل النور فضلا عن أنه يصاحبها وينتصح منها بدلا منك.
ثم إن الخواص من طلاب النور يؤدون وظيفتك هذه كل وقت. ونسأل الله أن يكون شخصهم المعنوي المالك لمقام رفيع والدعاء المقبول ظهيرا لهم وأستاذا ومعينا. هكذا ورد الإخطار فأَوْرَثَ السلوان لروحي وزفَّ لها البشرى والراحة.
إخوتي الأعزاء الأوفياء:
إن وقوع حادثتَي الانفجار في غضون اليومين الماضين من دون أن يكون هناك سبب ظاهري، لا تشبهان المصادفة وتنمان عن مغزى عميق.
أولاها: انفجار المدفأة الحديدية القوية الموجودة في ردهتي فجأة، وأحدثت صوتا قويا حطمت القطعة الفولاذية التي تحتها، فهلع منها «الخياط حمدي»، وأوقعنا في حيرة. علما أنها تتحمل حرارة الفحم الحجري في عزّ الشتاء.
ثانيتها: تهشم القدح الموضوع على مشربة الماء تهشما عجيبا في ردهةِ «فيضي» من دون سبب ظاهري وذلك في اليوم التالي لانفجار المدفأة.
والذي يرد إلى الخاطر أن القنابل الموضوعة لِتنفجرَ علينا قد فجرتها نُسَخُ الدفاع المرسلةُ إلى دواوين المسؤولين الستة في «أنقرة». وأن مدفأة الغضب التي تستعر لِتَحْرِقَنا بنارها قد تحطمت دون أن يُلحقَ بنا الضرر.
ولعل تلك المدفأة المباركة التي كانت أنيسة نافعة وتستمع إلى آهاتي وتضرعاتي تخبرني قائلةً: لا حاجة إليّ وسترحل من هذا السجن.
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصديقين!
انتابني اليوم قلق وحزن لأجلكم بإخطار معنوي ورَدَ إلى القلب، فلقد حزنت لأحوال إخواننا الذين يرغبون في الخروج حالا من السجن من جراء قلقهم على هموم العيش. وفي الدقيقة التي فكرت في هذا، وردت خاطرة ميمونة إلى القلب مع حقيقة وبشرى هي أنه:
ستحل الشهور الثلاثة المباركة جدا الحاملة لأثوبة عظيمة بعد خمسة أيام فالعبادات مثابة فيها بأضعافها، إذ الحسنة إن كانت بعشر أمثالها في سائر الأوقات ففي شهر رجب تتجاوز مائة حسنة وفي شهر شعبان تزيد على ثلاثمائة حسنة، وفي شهر رمضان المبارك ترتفع إلى الألف حسنة، وفي ليالي الجمع فيه إلى الآلاف، وفي ليلة القدر تصبح ثلاثين ألف حسنة. نعم، إن الشهور الثلاثة سُوق أخروية سامية رفيعة للتجارة، بحيث تُكسِب المرء هذه الأرباحَ والفوائد الأخروية الكثيرة جدا.. وهي مشهر عظيم ومعرض ممتاز لأهل الحقيقة والعبادة.. وهي التي تَضْمن عمرا لأهل الإيمان بثمانين سنة خلال ثلاثة شهور.. فقضاء هذه الشهور الثلاثة في المدرسة اليوسفية التي تُكسب ربحا بعشرة أمثالها. لا شك أنه ربح كبير وفوز عظيم. فمهما كانت المشقات فهي عين الرحمة.
فكما أن الأمر هكذا من حيث العبادة، فهي كذلك من حيث الخدمة النورية والعملِ لنشر رسائل النور، إذ تتضاعف الخدمات إلى خمسة أضعافها باعتبار النوعية إن لم تكن باعتبار الكمية، لأن القادمين والمغادرين لدار الضيافة هذه (السجن) يصبحون وسائط لنشر دروس النور، وقد ينفع أحيانا إخلاصُ شخص واحد بمقدار عشرين شخصا. ثم إن كان هناك شيء من المشقات والمضايقات فلا أهمية له إزاء انتشار سر الإخلاص الموجود في رسائل النور بين صفوف المسجونين الذين هم أحوج الناس إلى ما في الرسائل من سلوان ولاسيما ممن تسري في عروقهم بطولات سياسية.
أما من حيث هموم العيش، فمن المعلوم أن هذه الشهور هي سُوق الآخرة وقد دخل بعضكم هذا السجن بدلا عن الكثيرين من الطلاب، بل إن بعضكم قد دخله بدلا عن الألف. فلا شك أنه ستكون لهم مساعدات وإمدادات لأعمالكم الخارجية.
هكذا وردت الخاطرة وفرحتُ بها فرحا تاما وعلمت أن البقاء هنا إلى العيد نعمة إلهية عظيمة.
سعيد النورسي
بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ
Aziz, sıddık kardeşlerim!
Evvela: Receb-i şerifinizi ve yarınki Leyle-i Regaibinizi ruh-u canımızla tebrik ederiz.
Sâniyen: Meyus olmayınız hem merak ve telaş etmeyiniz, inayet-i Rabbaniye inşâallah imdadımıza yetişir. Bu üç aydan beri aleyhimizde ihzar edilen bomba patladı. Benim sobam ve Feyzilerin su bardağı ve Hüsrev’in iki su bardaklarının verdikleri haber doğru çıktı. Fakat dehşetli değil, hafif oldu. İnşâallah o ateş tamamen sönecek. Bütün hücumları, şahsımı çürütmek ve Nur’un fütuhatına bulantı vermektir.
Emirdağı’ndaki malûm münafıktan daha muzır ve gizli zındıkların elinde âlet bir adam ve bid’atkâr bir yarım hoca ile beraber bütün kuvvetleriyle bize vurmaya çalıştıkları darbe, yirmiden bire inmiş. İnşâallah o bir dahi bizi mecruh ve yaralı etmeyecek ve düşündükleri ve kasdettikleri bizi birbirinden ve Nurlardan kaçırmak planları dahi akîm kalacak.
Bu mübarek ayların hürmetine ve pek çok sevap kazandırmalarına itimaden sabır ve tahammül içinde şükür ve tevekkül etmek ve مَن۟ اٰمَنَ بِال۟قَدَرِ اَمِنَ مِنَ ال۟كَدَرِ düsturuna teslim olmak elzemdir, vazifemizdir.
Said Nursî
Ankara’nın altı makamatına ve Afyon Ağır Ceza Mahkemesine verilen müdafaanın itirazname tetimmesi ve lâhikasıdır
Afyon Mahkemesine beyan ediyorum ki: Artık yeter, sabır ve tahammülüm kalmadı! Yirmi iki sene sebepsiz bir nefiy içinde daimî tarassudlarla hem tecrid-i mutlak ve haps-i münferid tarzında beni sıkmakla beraber altı mahkeme iki üç meseleden başka Risale-i Nur’un yüz kitabında medar-ı mes’uliyet bulmadığı halde evham yüzünden ve imkânatı vukuat yerinde istimal etmek cihetiyle kanunsuz bizi üç defa hapse sokup yüz binler lira Nur şakirdlerine zarar vermek, dünyada emsali hiç vuku bulmamış bir gadirdir ki istikbal ve nesl-i âti –pek şiddetli olarak– bunun o zalim müsebbiblerini lanetle yâd edecekleri gibi mahkeme-i kübrada dahi cehennemin esfel-i safilînine atmakla o zalimleri mahkûm edeceklerine kat’î kanaatimizle şimdiye kadar bir derece teselli bulup sükût ederek tahammül ediyorduk. Yoksa hakkımızı tam müdafaa edebilirdik.
İşte on beş sene zarfında altı mahkeme, yirmi sene Nur risalelerini ve mektuplarımızı tetkik edip beşi bize her cihetle beraet vermek manasıyla ilişmediler. Yalnız Eskişehir Mahkemesi tek bir mesele olan tesettür-ü nisa hakkındaki bir küçük risalenin beş on kelimesini bahane ederek lastikli bir kanun ile hafif bir ceza verdiği zaman Mahkeme-i Temyizden sonra lâyiha-yı tashihimde kanunsuzluğun yalnız tek bir numunesi olarak resmen Ankara’ya yazdım ki:
Bin üç yüz elli senede, üç yüz elli milyonun kudsî bir düsturuyla daimî ve kuvvetli bir âdet-i İslâmiyeyi ders veren ve emreden tesettür âyetini, eskide bir zındığın Kur’an’ın bu âyetine itirazına ve medeniyetin tenkidine karşı müdafaa için üç yüz elli bin tefsirin icmaına ve hükümlerine ittiba ederek o âyeti tefsir edip bin üç yüz elli senede geçen ecdadımızın mesleğine iktida eden bir adama, o tefsiri için verilen ceza ve mahkûmiyeti, dünyada adalet varsa elbette o hükmü nakzedecek ve bu acib lekeyi bu hükûmet-i İslâmiyedeki adliyeden silecek diye lâyiha-yı tashihimde yazdım, oranın müddeiumumîsine gösterdim. Ondan dehşet aldı, dedi: “Aman buna lüzum kalmadı. Cezanız az hem pek az kaldı. Bunu vermeye lüzum kalmadı.”
İşte bu numune gibi size ve Ankara makamatına takdim edilen itirazname ve müdafaanamemde böyle acib çok numuneleri elbette anlamışsınız. Ben Afyon Mahkemesinden talep ve ümit ederim ki bu milletin ve bu vatanın menfaatine bir ordu kadar hizmeti ve bereketi bulunan Risale-i Nur’un tam serbestiyetine karar vermenizi, hakikat-i adalet namına sizden bekliyoruz. Yoksa münasebetimle hapse giren beş on adam arkadaşımın gitmesiyle beraber size haber veriyorum ki beni en büyük cezaya çarpacak bir suç işleyip bu çeşit hayattan veda edeceğime mecbur eden bir fikir kalbime gelmiş. Şöyle ki:
Hükûmet beni tam himaye ve bana yardım etmek, milletin maslahatına ve vatanın menfaatine çok lüzumu varken beni sıkması îma eder ki kırk seneden beri benim ile mücadele eden gizli zındıka komitesiyle şimdi onlara iltihak eden komünist komitesinden bir kısmı, ehemmiyetli birer resmî makam elde ederek karşıma çıkıyorlar. Hükûmet ise ya bilmiyor veya müsaade ediyor diye çok emareler bana endişe veriyor.
Reis Bey! Müsaadenizle çok hayret ettiğim bir şeyi soracağım. Neden hiç siyasete karışmadığım halde, ehl-i siyaset beni bütün hukuk-u medeniyeden ve hukuk-u hürriyetten belki hukuk-u hayattan ıskat ediyorlar? Hattâ yüz cinayeti bulunan gibi beni üç buçuk ay tecrid-i mutlak içinde hayatıma suikast edenler; on bir defa zehirleyen gizli düşmanlarımın şerrinden beni muhafazaya çalışan çok dikkatli kardeşlerimin ve sadık hizmetçilerimin de benim ile temaslarını yasak etmişler ve ihtiyarlık ve gurbet ve hastalık içinde, yalnızlığımdan daimî ünsiyet ettiğim mübarek ve zararsız kitaplarımın mütalaasından dahi beni mahrum etmişler?
Müddeiumuma çok rica ettim ki bana bir kitabımı ver. Vaad ettiği halde vermedi. Yalnız olarak büyük, kilitli, soğuk bir koğuşta meşgalesiz durmaya mecbur edip alâkadar memurları ve hademeleri bana karşı dostluk ve teselli vermek yerinde âdeta adâvetkârane bakmaya teşvik ediyorlar. Bir küçük numunesi şudur:
Müdüre, müddeiumuma, mahkeme reisine bir istida yazdım. Bir kardeşime gönderdim tâ bilmediğim yeni hurufla yazsın ve yazıldı, onlara verildi. Güya büyük bir suç işlemişim diye benim pencerelerimi mıhladılar. Ve duman beni sıkıyordu, bir pencereyi bırakmadım ki mıhlansın. Şimdi onu da mıhladılar. Hem hapis usûlü tecrit, on beş gün kadar olduğu halde beni üç buçuk ay tecrid-i mutlakta hiçbir arkadaşımla temas ettirmediler.
Hem üç aydan beri benim aleyhimde kırk sahifelik bir iddianame yazılıp bana gösterildi. Yeni hurufu bilmediğimden hem rahatsız ve hattım çok noksan olmasından çok rica ettim ki “Bana biri iddianameyi okuyacak ve dilimi bilen talebelerimden benim itiraznamemi yazacak iki adama izin veriniz.” dedim, izin vermediler. Dediler: “Avukat gelsin, okusun.” Sonra onu da bırakmadılar. Yalnız bir kardeşe dediler ki: “Eski hurufa çevir, ona ver.” Halbuki o kırk sahifeyi yazmak, altı yedi günde ancak olur. Bir saatte bana okumak işini, altı yedi güne kadar uzatmak, tâ benimle kimse temas etmesin fikri ise pek dehşetli bir istibdat ile benim bütün hukuk-u müdafaamı ıskat etmektir. Dünyada, yüz cinayeti bulunan ve asılacak bir adam dahi böyle muamele göremez.
Ben hakikaten bu emsalsiz işkencenin hiçbir sebebini bilmediğimden çok azap çekiyorum. Ben haber aldım ki mahkeme reisi vicdanlı ve merhametlidir. Bu kanaate binaen, ilk ve son bir tecrübe olarak makamınıza bu istirhamname ve şekvayı yazdım.
Tecrid-i mutlakta hasta ve perişan Said Nursî
İddianamede benim hakkımda dört esas var:
Birinci Esas: Güya bende tefahur ve hodfüruşluk var ve kendimi müceddid biliyorum.
Ben bütün kuvvetimle bunu reddederim. Hem mehdilik isnadını hiç kabul etmediğime bütün kardeşlerim şehadet ederler. Hattâ Denizli’deki ehl-i vukuf “Eğer Said mehdiliğini ortaya atsa bütün şakirdleri kabul edecek.” dediklerine mukabil, Said itiraznamesinde demiş ki: “Ben seyyid değilim. Mehdi seyyid olacak.” diye onları reddetmiş.
İkinci Esas: Neşriyatı gizlemesi.
Gizli düşmanlar yanlış mana verdirmesin. Yoksa siyasete ve dünya asayişine temas cihetiyle değildir. Hem eski harf ile teksir makinesini bir bahane bulmasınlar. Mustafa Kemal’e karşı Nur’un tokadı ise (Hâşiye[2]) altı mahkeme ve Ankara makamatı bilmiş, ilişmemişler ve bize beraet verdiler ve Beşinci Şuâ ile beraber bütün kitaplarımızı iade ettiler. Hem onun fenalığını göstermek, ordunun kıymetini muhafaza etmek içindir. Bir şahsı sevmemesi, orduyu muhabbetkârane sena içindir.
Üçüncüsü: “Emniyeti ihlâle teşvik ediyor.” demesine mukabil; yirmi sene zarfında, yüz bin adam Nurcuların, yüz bin nüsha Nur risalelerinin altı mahkemede ve on vilayette emniyeti ihlâle ve asayişi bozmaya dair, on vilayetin zabıtaları ve altı mahkeme hiçbir maddeyi kaydetmemesi ve bulmaması, bu acib ittihamı çürütüyor.
Bu yeni iddianamede üç mahkemenin bize beraet verdikleri aynı noktalara ait ve cevapları mükerreren verilmiş ehemmiyetsiz birkaç meseleye cevap vermek manasızdır. O meselelerle bizi ittiham etmek, ondan bize beraet veren Ankara Ağır Ceza ve Denizli ve Eskişehir Mahkemelerini ittiham etmek hükmünde olmasından cevabını onlara bırakıyorum.
Ve ondan başka da iki üç mesele var:
Birisi: İki sene Denizli ve Ankara Ağır Ceza Mahkemelerinde inceden inceye tetkikten sonra, bize beraet verip o kitabı bize iade ettikleri halde, o Beşinci Şuâ’nın bir iki meselesini, ölmüş gitmiş bir kumandana tatbik edip bize suç gösteriyor. Biz dahi deriz: Ölmüş gitmiş, hükûmetten alâkası kesilmiş bir şahıs aleyhinde tatbik edilebilen küllî bir haklı tenkidi, hiçbir kanun suç saymaz.
Hem küllî bir tevil manasından makam-ı iddia cerbezesiyle o kumandana bir hisse çıkarıp ona tatbik etmiş. Böyle yüzde bir adam ancak fehmeden bir mana, mahrem ve gizli bir risalede bulunmasını hiçbir kanun suç sayamaz.
Hem o risale hârika bir tarzda müteşabih hadîslerin tevillerini beyan etmiş. O beyan, otuz kırk sene evvel olduğu ve üç mahkemeye ve mahkemenize ve Ankara’nın altı makamatına üç sene zarfında iki defa takdim edilip tenkit görmeyen müdafaa ve itiraznamemde kat’î cevap verildiği halde, o hadîsin hakikatini beyan sadedinde bir kusurlu şahsa mutabık çıkmasını hiçbir kanun suç sayamaz.
Hem o şahsı tenkit, o içinde bulunduğu ve kusurlara sebep olduğu bir inkılabın hasenatı yalnız onun değil belki ordunun ve hükûmetindir. Onun da yalnız bir hissesi var. Onun kusurları için onu tenkit etmek, elbette bir suç olmadığı gibi inkılaba hücum ediyor, denilemez.
Hem bu kahraman milletin ebedî bir medar-ı şerefi ve Kur’an ve cihad hizmetinde dünyada pırlanta gibi pek büyük bir nişanı ve kılınçlarının pek büyük ve antika bir yadigârı olan Ayasofya Camii’ni puthaneye ve Meşihat Dairesini kızların lisesine çeviren bir adamı sevmemek bir suç olması imkânı var mı?
İddianamede sebeb-i ittiham İkinci Mesele:
Üç mahkemede ondan beraet kazandığımız ve kırk sene evvel bir hadîsin hârika tevilini beyan ederken, cin ve insin şeyhülislâmı Zembilli Ali Efendi’nin “Şapkayı şaka ile dahi başa koymaya hiçbir cevaz yok.” demesiyle beraber bütün şeyhülislâmlar ve bütün ulema-i İslâm cevazına müsaade etmedikleri halde, avam-ı ehl-i iman onu giymeye mecbur olduğu zaman, o büyük allâmelerin adem-i müsaadeleri ile onlar tehlikede yani ya dinini bırakmak ya isyan etmek vaziyetinde iken, kırk sene evvel Beşinci Şuâ’nın bir fıkrası: “Şapka başa gelecek, secdeye gitme diyecek. Fakat baştaki iman o şapkayı da secdeye getirecek, inşâallah Müslüman edecek.” demesiyle avam-ı ehl-i imanı hem isyan ve ihtilalden hem ihtiyarıyla imanını ve dinini bırakmaktan kurtardığı ve hiçbir kanun münzevilere böyle şeyleri teklif etmediği ve yirmi senede altı hükûmet beni onu giymeye mecbur etmediği ve bütün memurlar dairelerinde ve kadınlar ve çocuklar ve camidekiler ve ekser köylüler onu giymeye mecbur olmadıkları ve şimdi resmen askerin başından kalktığı ve örme ve bere çok vilayetlerde yasak olmadığı halde hem benim hem kardeşlerimin bir sebeb-i ittihamımız gösterilmiş. Acaba dünyada hiçbir kanun, hiçbir maslahat, hiçbir usûl bu pek manasız ittihamı bir suç sayabilir mi?
Üçüncü medar-ı ittiham: Emirdağı’nda emniyeti ihlâle teşviktir. Buna karşı itiraz ise:
Evvela: Buradaki mahkemeye hem Ankara’nın altı makamatına bu mahkemenin malûmat ve müsaadesiyle verilen ve cerh edilmeyen itiraznamedir. Onu aynen şimdi iddianameye karşı itiraz olarak izhar ediyorum.
Sâniyen: Emirdağı’nda orada bütün benim ile konuşan zatların şehadetleriyle ve ahalinin ve zabıtanın tasdikiyle beraetimden sonra bütün kuvvetimle inzivamda dünya siyasetine karışmaktan çekinmişim. Hattâ telifi ve muhabereyi de bırakmıştım. Yalnız tekrarat-ı Kur’aniye ve meleklere dair iki nükteden başka telif etmedim. Ve haftada bir mektup bir yere Nurlara teşvik için yazardım. Hattâ müftü olan öz kardeşime ve yirmi sene yanımda talebelik eden ve beni çok merak eden ve bayram tebrikleri yazan o biraderime üç senede üç dört mektup yazdım. Memleketimdeki biraderime yirmi senede hiç yazmadığım halde iddianamede beni emniyeti ihlâl suçu ile ittiham edip ve cerbeze ile eski nakaratı tazeleyerek “İnkılaba karşı geliyor.” demiş. Buna karşı deriz:
Yirmi sene zarfında yirmi bin Nur nüshalarını merak ve kabul ile okuyan yirmi bin, belki yüz bin adamdan altı mahkeme ve alâkadar on vilayetin zabıtaları emniyeti ihlâle dair hiçbir maddeyi kaydetmemesi gösteriyor ki hakkımızda binler ihtimalden ancak bir tek ihtimal ile bir imkâna kat’î vukuat nazarıyla bakıyor. Halbuki iki üç ihtimalden bir ihtimal olsa, eseri görülmezse hiçbir suç olmaz. Hem binler ihtimalden bir ihtimal değil belki her adam hem aleyhime hücum eden müddeî çok adamları öldürebilir. Anarşist ve komünist hesabına emniyeti, asayişi bozabilir, emniyeti ihlâl edebilir. Demek, böyle pek acib ve ifratkârane imkânatı vukuat yerinde istimal etmek, adliyeye ve kanuna karşı ihanettir.
Hem her hükûmette muhalifler bulunur. Yalnız fikren muhalefet bir suç olmaz. Hükûmet ele bakar, kalbe bakmaz. Ve bilhassa vatan ve millete zararsız, çok hizmeti ve faydası bulunan ve sonra hayat-ı içtimaiyeye karışmayan ve tecrid-i mutlakta yaşattırılan ve eserleri âlem-i İslâm’ın en mühim merkezlerinde kemal-i takdir ve tahsin ile karşılanan (Hâşiye[3]) bir adam hakkında bu pek acib ve asılsız ittihamları yapanlar, anarşilik belki komünistlik hesabına bilmeyerek istimal ediliyor diye endişe ediyoruz.
Bazı emarelerle bildim ki gizli düşmanlarımız Nurların kıymetini düşürmek fikriyle siyaset manasını hatırlatan mehdilik davasını tevehhüm ile güya Nurlar buna bir âlettir diye çok asılsız bahaneleri araştırıyorlar. Belki benim şahsıma karşı bu işkenceler, bu evhamlarından ileri geliyor. O gizli zalim düşmanlara ve onları aleyhimizde dinleyenlere deriz:
Hâşâ sümme hâşâ! Hiçbir vakit böyle haddimden tecavüz edip iman hakikatlerini şahsiyetime bir makam-ı şan ve şeref kazandırmaya âlet etmediğime bu yetmiş beş, hususan otuz senelik hayatım ve yüz otuz Nur risaleleri ve benim ile tam arkadaşlık eden binler zatlar şehadet ederler.
Evet, Nur şakirdleri biliyorlar ve mahkemelerde hüccetlerini göstermişim ki şahsıma değil bir makam-ı şan ve şeref ve şöhret vermek ve uhrevî ve manevî bir mertebe kazandırmak, belki bütün kanaat ve kuvvetimle ehl-i imana bir hizmet-i imaniye yapmak için değil yalnız dünya hayatımı ve fâni makamatını belki –lüzum olsa– âhiret hayatımı ve herkesin aradığı uhrevî bâki mertebeleri feda etmeyi; hattâ cehennemden bazı bîçareleri kurtarmaya vesile olmak için –lüzum olsa– cenneti bırakıp cehenneme girmeyi kabul ettiğimi hakiki kardeşlerim bildikleri gibi mahkemelerde dahi bir cihette ispat ettiğim halde, beni bu ittihamla Nur ve iman hizmetime bir ihlassızlık isnad etmekle ve Nurların kıymetlerini tenzil etmekle milleti onun büyük hakikatlerinden mahrum etmektir.
Acaba, bu bedbahtlar dünyayı ebedî ve herkesi kendileri gibi dini ve imanı dünyaya âlet ediyor tevehhümüyle; dünyadaki ehl-i dalalete meydan okuyan ve hizmet-i imaniye yolunda hem dünyevî hem –lüzum olsa– uhrevî hayatlarını feda eden ve mahkemelerde dava ettiği gibi bir tek hakikat-i imaniyeyi dünya saltanatıyla değiştirmeyen ve siyasetten ve siyasî manasını işmam eden maddî ve manevî mertebelerden ihlas sırrı ile bütün kuvvetiyle kaçan ve yirmi sene emsalsiz işkencelere tahammül edip siyasete –meslek itibarıyla– tenezzül etmeyen ve kendini nefsi itibarıyla talebelerinden çok aşağı bilen ve onlardan daima himmet ve dua bekleyen ve kendi nefsini çok bîçare ve ehemmiyetsiz itikad eden bir adam hakkında bazı hâlis kardeşleri, Risale-i Nur’dan aldıkları fevkalâde kuvve-i imaniyeye mukabil onun tercümanı olan o bîçareye –tercümanlık münasebetiyle– Nurların bazı faziletlerini hususi mektuplarında ona isnad etmeleri ve hiçbir siyaset hatırlarına gelmeyerek âdete binaen, insanlar sevdiği âdi bir adama da “Sultanımsın, velinimetimsin.” demeleri nevinden yüksek makam vermeleri ve haddinden bin derece ziyade hüsn-ü zan etmeleri ve eskiden beri üstad ve talebeler mabeyninde cari ve itiraz edilmeyen makbul bir âdet ile teşekkür manasında pek fazla medh ü sena etmeleri ve eskiden beri makbul kitapların âhirlerinde mübalağa ile medhiyeler ve takrizler yazılmasına binaen, hiçbir cihetle suç sayılabilir mi?
Gerçi mübalağa itibarıyla hakikate bir cihette muhaliftir fakat kimsesiz, garib ve düşmanları pek çok ve onun yardımcılarını kaçıracak çok esbab varken, insafsız çok muterizlere karşı sırf yardımcılarının kuvve-i maneviyelerini takviye etmek ve kaçmaktan kurtarmak ve mübalağalı medhedenlerin şevklerini kırmamak için onların bir kısım medihlerini Nurlara çevirip bütün bütün reddetmediği halde onun bu yaşta ve kabir kapısındaki hizmet-i imaniyesini dünya cihetine çevirmeye çalışan bazı resmî memurların ne derece haktan, kanundan, insaftan uzak düştükleri anlaşılır.
Said Nursî
إلى رئاسة الوزارة ووزارة العدل ووزارة الداخلية ([4])
إن جميع رجال الدولة يعرفونني عن كثب، ولاسيما أولئك الذين عاصروا الظروف الجسام التي مرت على البلاد منذ إعلان الحرية (الدستور) وفي أثناء الحرب العالمية الأولى، وخلال غزو الحلفاء للبلاد ودخولهم «إسطنبول»، وما أعقبته من أحداث لحين تشكلِ الحكومة الوطنية، وفترة إعلان الجمهورية.. فالذين يحيطون علما بتلك الظروف ممن يتولون الآن مناصب في الدولة يعرفونني معرفة جيدة.. ومع هذا فاسمحوا لي أن أعرض مَشاهِدَ من حياتي أمامكم عرضا سريعا:
«ولدتُ في قرية «نورس» التابعة لولاية «بتليس»، وطوالَ فترة حياة التلمذة وتحصيلِ العلوم دخلتُ في مناقشات علمية حادة مع كل مَن قابلته من العلماء، كنت أتغلب عليهم بفضل العناية الربانية. حتى بلغتُ «إسطنبول». وهناك في جوها المشوب بآفة الشهرة والصيت لم أنقطع عن مناظراتي العلمية. إلا أن وشاية الحاسدين والخُصَماء، أدّت بي أن أُساق إلى مستشفى المجاذيب بأمر السلطان عبد الحميد -رحمه الله رحمة واسعة- ثم استقطبتُ نظر حكومة الاتحاد والترقي، بناءً على خدماتي أثناء إعلان الدستور وحادثة ٣١ مارت. طرحتُ عليهم مشروع بناء جامعة في مدينة «وان» باسم «مدرسة الزهراء» على غرار الأزهر الشريف.. حتى إنني وضعت حجرها الأساس بنفسي،
ولكن ما إن اندلعت الحرب العالمية الأولى حتى شكلتُ من طلابي والمتطوعين «فرق الأنصار» وتوليت قيادتهم، فخضنا معارك ضارية في جبهة القفقاس مع الروس المعتدين في «بتليس».. وقعت أسيرا بيدهم، إلّا أن العناية الربانية أنجتني من الأسر. وأتيت «إسطنبول». وعُينتُ فيها عضوا في «دار الحكمة الإسلامية»، وبادرت إلى مجاهدة الغزاة المحتلين لإسطنبول في تلك الظروف الحرجة، وبكل ما وهبني الله من طاقة.. إلى أن انتهت حروب الاستقلال وتشكلت الحكومة الوطنية في «أنقرة»، فنظرتْ من جديد -تثمينا لخدماتي تلك- إلى مشروع تأسيس الجامعة في «وان».
إلى هنا كانت حياتي طافحة بخدمة البلاد، وفق ما كنت أحمله من فكرة خدمة الدين عن طريق السياسة. ولكن بعد هذه الفترة وَلَّيْتُ وجهي كليا عن الدنيا، وأقبرتُ «سعيدا القديم» -حسب اصطلاحي- وأصبحت «سعيدا جديدا» يعيش كليا للآخرة، فانسللت من حياة المجتمع ونفضتُ يدي عن كل ما يخصهم فاعتزلت الناس تماما واعتكفت في «تل يوشع» في «إسطنبول»
ومن ثم في مغارات في جبال «وان» و«بتليس». بتُّ في مجاهدة مستديمة مع روحي ووجداني.
انفردت إلى عالمي الروحي رافعا شعار «أعوذ بالله من الشيطان والسياسة». صرفت كل همي ووقتي إلى تدبّر معاني القرآن الكريم. وبدأت أعيش حياة «سعيد الجديد»..
أخذتني الأقدار نفيا من مدينة إلى أخرى.. وفي هذه الأثناء تولدتْ من صميم قلبي معانٍ جليلة نابعة من فيوضات القرآن الكريم.. أمليتها على مَن حولي من الأشخاص، تلك الرسائل التي أطلقت عليها اسم «رسائل النور». إنها انبعثت حقا من نور القرآن الكريم. لذا نبع هذا الاسم من صميم وجداني، فأنا على قناعة تامة ويقين جازم بأن هذه الرسائل ليست مما مضغته أفكاري وإنما هي إلهام إلهيّ أفاضه الله سبحانه على قلبي من نور القرآن الكريم، فباركتُ كل من استنسخها، لأنني على يقين أن لا سبيل إلى حفظ إيمان الآخرين غير هذه السبيل فلا تُمنَع تلك الفيوضات عن المحتاجين إليها.
وهكذا تلقفتْها الأيدي الأمينة بالاستنساخ والنشر، فأيقنت أن هذا تسخير رباني وسَوق إلهي لحفظ إيمان المسلمين. فلا يستطيع أحد أن يمنع ذلك التسخير والسوق الإلهي، فاستشعرت بضرورة تشجيع كل مَن يعمل في هذه السبيل امتثالا بما يأمرني به ديني. فهذه الرسائل التي تربو على المائة والثلاثين رسالة لا تبحث بحثا مقصودا عن أمور الدنيا والسياسة، وإنما تخص كليا أمور الآخر ة والإيمان.
وعلى الرغم من كل هذا فقد أصبحت الشغل الشاغل للانتهازيين والمتصيدين في الماء العكر حتى أوقفتني السلطات في كل من «أسكي شهر» و«قسطموني» و«دنيزلي».. وأجرت المحاكمُ تدقيقات علمية على الرسائل. قام بها خبراء متخصصون، إلّا أن الحقيقة -بفضل الله سبحانه- كانت تتجلى بنصاعتها دوما، وتتبوأ العدالة مكانتها اللائقة بها. بيد أن هؤلاء المتربصين للفرص المتصيدين في الماء العكر لم يسأموا أبدا، بل تسببوا في اعتقالي في هذه المرة، وأتوا بي إلى «أفيون» يسندون إليَّ التهم الآتية وأنا رهن التوقيف للاستجواب:
١- إنك قد شكلت جمعية سياسية.
٢- إنك تنشر أفكارا تعادى النظام.
٣- إنك تستهدف غاية سياسية.
والأسباب الموجبة لهذه الاتهامات ودلائلها هي بضع عشرة جملة في عدد من رسائلي.
أيها الوزير المحترم!
«آتوني جملة لا يمكن تأويلها، وأنا أحكم بها عليكم بالإعدام». قالها نابليون. تُرى أية جملة يتفوّه بها الإنسان لا تكون سببا للتأويلات والجرم والذنب؟ ولاسيما من كان مثلي بالغا الخمس والسبعين من العمر وقد تخلى عن أمور الدنيا ونفض يده عنها كليا وحصر حياته كلَها للآخرة. فلا بد أن تكون كتاباتُ مثل هذا الشخص حرة طليقة، لأنها مقرونة بحُسن النية وحُسن الظن، فليس فيها تردد ولا تحرّج. لذا فإنّ تحري الجرم والتنقيب عن التهمة بالتدقيق تحت سطور هذه الكتابات، ظلم واضح فاضح لا غير.
وبناءً على هذا فإن رسائل النور البالغة ثلاثين ومائة رسالة، لا تتضمن -قصدا- ما يتعلق بأمور الدنيا قط، بل كلها تتعلق بالآخرة والإيمان، فلا غرو أنها مقتبسةٌ من فيض نور القرآن الكريم، وليس فيها أية غاية وقصد دنيوي ولا سياسي قط. فما من محكمة تناولت أمور هذه الرسائل إلّا وقررت تبرئتها بالقناعة نفسها. ولهذا فإن إشغال المحاكم بما ليس ضروريا لها ولا يلزمها وعزلَ أهل العمل المؤمنين الأبرياء عن أعمالهم وأشغالهم أمر مؤسف بحق البلاد والعباد.
نعم، إن «سعيدا القديم» الذي بذل كل حياته في سبيل إسعاد هذه الأمة ونشرِ الأمن والسعادة في ربوع البلاد، وانسحب انسحابا كليا عن الدنيا بأسرها وكفّ يده عن أمورها كليا، أيمكن له أن يشتغل بالسياسة بعد أن أصبح «سعيدا جديدا» وبلغ من العمر الخامسة والسبعين؟ أعتقد أنكم مقتنعون كذلك بهذا قناعة تامة.
لي غاية واحدة وهي:
أنني في هذا الوقت الذي أتقرب فيه إلى القبر.. وفي هذا الوطن الذي هو بلاد إسلامية، نسمع نعيق أبوام البلاشفة.. هذا النعيق يهدد أسس الإيمان في العالم الإسلامي، ويشدّ الشعب ولاسيما الشباب إليه، بعد سلب الإيمان منهم.
إنني بكل ما أملك من وجود، أُجاهد هؤلاء، وأدعو المسلمين وبخاصة الشباب إلى الإيمان، فأنا في جهاد دائم مع هذه المجموعة الملحدة. وسأمثل إن شاء الله في ديوان حضوره سبحانه وأنا رافع راية هذا الجهاد. وكل عملي ينحصر في هذا. وأخشى ما أخشاه أن يكون الذين يحولون بيني وبين غايتي هذه هم بلاشفة أيضا.
فغايتي المقدسة هي التكاتف والتساند والترابط مع كل من يجاهد أعداء الإيمان هؤلاء. أعطُوني حريتي وأطلِقوا يديّ كي أعمل بالتكاتف مع القوى المجاهدة في سبيل إعلان التوحيد وترسيخ الإيمان في هذه البلاد وإصلاح الشباب المتسمم بالشيوعية.
الموقوف
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصدّيقين!
إن أنجع علاج في هذه الدنيا، ولا سيما في هذا الزمان، وبخاصة للمبتلَين بالمصائب، ولطلاب النور الذين انتابهم ضجر شديد ويأس قاتم هو تسلية أحدهم الآخر، وإدخال السرور في قلبه، وإمداد قوته المعنوية وضماد جراحات الضيق والحزن والسأم، وتلطيف قلبه المغموم، كأخ حقيقي مضح. إذ الأخوة الحقة والأخروية التي تربطكم لا تتحمل التحيز والإغاظة.
فأنا أعتمد عليكم كليا وأستند إليكم، وأنتم على علم بقراري وعزمي بأنني عازم على أن أضحى مسرورا لأجلكم أنتم بروحي، لا براحتي وشرفي فحسب، بل قد تشاهدون هذا مني فعلا، حتى إنني أقسم لكم: إنه منذ ثمانية أيام يتألم قلبي من عذاب شديد، من جراء حادثة تافهة سببت دلالا ظاهريا بين ركنين من أركان النور فأحزن أحدُهما الآخرََ بدلا من أن يكونا مبعث سلوان. فصرختْ روحي وقلبي وعقلي معا، وبكت قائلة: «أواه! أواه! الغوث الغوث يا أرحم الراحمين، احفظنا وأجرنا من شياطين الجن والإنس، واملأ قلوب إخواني بالوفاء التام والمحبة الخالصة والأخوّة الصادقة والشفقة الكاملة».
فيا إخوتي الثابتين الصلبين صلابة الحديد! أعينوني في مهمتي! فإن قضيتنا في منتهى الدقة والحساسية، فلقد سلمتُ إلى شخصكم المعنوي جميعَ مهماتي، لشدة ثقتي واطمئناني بكم، فعليكم إذن أن تسعوا -ما وسعكم- لإمدادي وعوني،
فعلى الرغم من أن الحادثة تافهة جزئية، فإن وقوع شعرة، مهما كانت صغيرة في عيننا تؤلم، وفي ساعتنا توقفها إن هذه الحادثة الجزئية تعد كبيرة حيث أخبرتْ عنها الانفجاراتُ الثلاثة المادية والمُشاهَدات الثلاث المعنوية.
سعيد النورسي
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
إن انفجار مدفأتي وتهشّم أقداح «فيضي» و«خسرو» ينبئان عن وقوع مصيبة ستحل بنا.
نعم، إنه ينبغي التساند الحقيقي والترابط الصادق الذي هو أقوى مرتكز ونقطة استناد لنا مع غض النظر عن أخطاء بعضنا البعض وعدمُ الاستياء من «خسرو» الذي هو بطل النور والممثل لشخصه المعنوي وفي موقعي أنا.
وقد كنت أشعر قبل بضعة أيام ضيقا شديدا في صدري وأقول في قلق: «لقد وجد أعداؤنا وسيلة للتغلب علينا»..
حذار..! حذار..! حذار..! اعملوا فورا على رأب الصدع في ترابطكم الوثيق الفولاذي.. أُقسم بالله إن هذه الحادثة -ولاسيما في هذه الفترة- تُلحق الضرر بالعمل للقرآن وخدمة الإيمان أكثر من دخولنا السجن.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصديقين!
إن «ليلة المعراج» بمثابة «ليلة قدر» ثانية. فكسب الثواب بالعمل المتواصل -كلما أمكن- يرتفع في هذه الليلة من الواحد إلى الألف. وكذا بالسر الكامن في الاشتراك المعنوي ستؤدون عبادات وتدعون دعوات في هذه الليلة المباركة، ولاسيما في هذا المعكتف المُثاب عليه كثيرا، بأربعين ألف لسان كبعض الملائكة المسبّحة بأربعين ألف لسان. ومن ثم تشكرون ربكم بعبادات هذه الليلة، إزاء عدم تضررنا بواحد من ألف من الأضرار التي كانت تلحق بنا نتيجة العاصفة المقبلة.
إننا نبارك أخذكم الحذر التام، ونبشركم في الوقت نفسه أن العناية الربانية قد تجلت بحقنا تجليا واضحا.
سعيد النورسي
إخوتي الأعزاء الصديقين!
أولا: أبارك ليلتكم، ليلةَ المعراج، بكل ما أملك من روح وجسد.
ثانيا: إن دعوانا منذ عشرين سنة هي أن طلاب النور لا يتعرضون -ما أمكن- لنظام البلاد ولا يمسّون أمنَها بسوء. إلّا أن قضية سجننا هذه يمكن أن تُعد أمارة قوية وحُجة على جرح دعوانا تلك، حيث إن الذين يهاجموننا يزعمون أننا نخلّ بأمن البلاد ونظامِها أولا. إلّا أن العناية الإلهية قد ظهرت بشكل خارق بكرامة إخلاصكم ووفائكم، إذ قد خَفَّت شدة المصيبة من المائة إلى الواحد وغدت القُبة حَبة بفضله تعالى. وإلّا فإن الذين يستهولون الأمور ويجعلون الحَبة قُبة بحقنا يستغلون هذه الفرصة لبثّ الافتراءات ضدَّنا وربما يحملون الناس على تصديقها.
ثالثا: لا تفكروا فيّ ولا تقلقوا عليّ أبدا. فإن وجودي معكم في بناية واحدة يزيل كل صعابي ومشقاتي ومضايقاتي.. وحقا إن اجتماعنا هنا له أهمية عظيمة من جهات شتى، وفوائد جمة لخدمة الإيمان حتى إن إرسال تلك الحقائق المهمة التي تتضمنها «تتمة الاعتراض» إلى الدوائر العليا الست هذه المرة، وجلبَها أنظارهم وإجرائَها حكمها فيهم -إلى حدّ ما- أزال جميعَ مشقاتنا وأتعابنا.
رابعا: إن الانشغال برسائل النور -حسب الإمكان- يزيل الضجر والضيق، ويمكن أن يعدّ خمسة أنواع من العبادة.
خامسا: لقد خفّت المصيبة السابقة من شدتها من المائة إلى الواحد بفضل دروس رسائل النور، وإلّا لكانت تصبح -من حيث الظرف الدقيق زمانا ومكانا- الحبةُ قبابا كثيرة، أي هي بمثابة إلقاء الشرارة في البارود. حتى إن فريقا من الموظفين الرسميين قالوا: «إن الذين استمعوا إلى دروس النور لم يتدخلوا في الأمر» فلو كان الجميع يستمعون إليها لمَا حدث شيء قط.
فلا تفسحوا يا إخوتي المجال -قدر المستطاع- إلى الثنائية والتفرقة، لئلا يُضاف شيء آخر إلى ضيق السجن وضجره. وليكن المسجونون أيضا إخوة متحابين كطلاب النور ولا يهجرنّ بعضهم بعضا.
سعيد النورسي
إخواني الأوفياء المخلصين!
لقد تَحتّم علينا بدرجة الوجوب استعمالُ دساتيرِ لمعةِ الإخلاص وسرِ الإخلاص الحقيقي فيما بيننا وتجاه بعضنا للبعض الآخر، ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وبكل ما نملك من قوة.
إذ علمتُ بخبر يقينيّ أنه قد عُيّن ثلاثة أشخاص، منذ ثلاثة شهور، ليُلقوا الفتور فيما بين الإخوة الأوفياء هنا باستغلال اختلاف الأفكار والمشارب فيما بينهم، وعاملين على تثبيط عزائم الأقوياء منكم، وبث الشبهات والأوهام والخوف في قلوب الرقيقين منهم، القليلي الصبر والتحمل، لِجَعْلِهم يتخلون عن القيام بخدمة النور ليمددوا مدةَ محاكمتنا دون سبب.
فحذار.. حذار! وإياكم أن تهتز تلك المحبة الصميمية الصادقة التي ربطت قلوبكم، إذ إن اهتزازا طفيفا في الأخوّة والمحبة بقدر ذرة واحدة تضرنا أيّما ضرر. لأن بعض علماء الدين في «دنيزلي» قد ابتعدوا عنا بسبب تزعزع طفيف
ونحن نضحي بأرواحنا رخيصةً في سبيل أخوّتنا إن استوجب الأمر، وهذا ما تقتضيه خدمتنا القرآنية والإيمانية. لذا فلا يضجرنّ أحد من الآخر مما يسببه توتر الأعصاب الناجم عن الضيق الشديد ومن أي سبب آخر، بل ليسعَ كل منكم بزيادة محبته لأخيه وزيادة صميميته وإخلاصه له وليحمّل نفسه التقصيرَ بكمال التواضع والتسليم، وإلا فسوف نتضرر عظيمَ الضرر، إذ تصبح الحبة الصغيرة قبة عظيمة تستعصي على الإصلاح. أختصر الكلام هنا مُحيلاً الموضوعَ إلى فراستكم.
سعيد النورسي
إخوتي الأعزاء الصديقين!
بناءً على إخطار معنوي مهم، إنّ لكم مهمة أو مهمتين نوريتين، تلك هي السعي بكل ما أوتيتم من قوة بدروس رسائل النور، لئلا يحدث بين المسجونين المبتلين المساكين في هذه «المدرسة اليوسفية الثالثة»، الانحيازُ إلى جهة والانشقاق، حيث إن مفسدين خطرين يتربصون تحت الستار ليستغلوا الاختلاف والأغراض الشخصية والحقد والعناد.
فما دام معظم أصحابنا في السجن يحملون روح البطولة والتضحية بروحهم لأجل بلادهم وأمتهم وأحبتهم إن استوجب الأمر، فلاشك أن الواجب على أولئك الرجال الشهام أن يضحّوا بعنادهم وأغراضهم الشخصية وعداواتهم لأجل سلامة الأمة وراحة المسجونين والنجاة من إفساد المتسترين الذين يعملون بخفاء لصالح الفوضى والإرهاب ويلقحون أفكار الناس بالشيوعية، فيضحون بتلك العداوة التي لا فائدة فيها قطعا بل فيها ضرر كبير ولاسيما في هذا الوقت العجيب.
وإلّا، (أي بخلاف هذا)، سيكون الأمر في هذا الوقت العصيب كمن يُلقي الشرارة في البارود وسيلحق الضرر بمائة سجين ضعفاء وبطلاب النور الأبرياء، وبولاية «أفيون» هذه، بل ربما يكون وسيلة لطرف أصابع منظمة أجنبية دخلت البلاد.
وحيث إننا قد دخلنا السجن لأجل أولئك بالقدر الإلهي، بل قِسمٌ منا لا يريد مغادرةَ السجن، لاستدامة سعادتهم وراحتهم المعنوية، ونحن مستعدون للتضحية براحتنا وهنائنا في سبيل راحة الآخرين من إخواننا، وتحمُّلِ كل ضيق وضجر بالصبر الجميل، فلابد أن إخواننا الجدد أولئك أيضا يصبحون كمسجونِي سجن «دنيزلي»، فلا يضجر بعضهم من بعض ولا يهجره ولا يسأم منه ويستاء، بل عليهم -وهذا ضروري- أن يتصالحوا فيما بينهم إخوانا متحابين تلطيفا لمشاعر إخواننا ولأجل حرمة شهر شعبان وشهر رمضان المبارك.
وبدورنا نحن جميعا -وأنا كذلك- نعدّهم ضمن دائرة طلاب النور حتى إنهم قد دخلوا ضمن دعواتنا.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخواني الأعزاء الصادقين.
أولا: إن في تأجيل موعد محاكمتنا وحضور إخواننا الذين أُخلُوا منها هنا يوم المحاكمة، فيه خير كثير.. والخير فيما اختاره الله.
نعم، لما كانت قضية رسائل النور تهم العالم الإسلامي كله وبخاصة هذا البلد، لذا تستدعي أمثال هذه الاجتماعات الصاخبة المثيرة الجالبة لأنظار الناس عامة إلى حقائق رسائل النور. وهكذا تلقي رسائل النور دروسَها الرائعة وبصراحة تامة على الأصدقاء والأعداء، حتى أظهرت أخفى أسرارها إلى أعدى أعدائها دون إحجام ولا تردد، في مثل هذه الاجتماعات التي هي فوق حسباننا وخارج حذرنا وخلاف إخفائنا للرسائل وتضادد تهوين معارضينا لشأنها، فضلا عن أنها خارج طوقنا وإرادتنا.
فمادامت الحقيقة هذه، فينبغي لنا أن نعدّ مضايقاتنا التي نعانيها هنا -وهي جزئية وقليلة جدا- علاجا مرا نتناوله بالصبر والشكر قائلين: «كل حال يزول».
ثانيا: لقد كتبتُ لمدير هذه «المدرسة اليوسفية»:
عندما كنت أسيرا في «روسيا» قامت الثورة البلشفية أولَ ما قامت من السجون، كما أن الثورة الفرنسية قد اندلعت من السجون أيضا، وحملها أولئك المسجونون المذكورون في التاريخ باسم الفوضويين. لذا نحن طلاب النور قد سعينا في كل مرة في سجن «أسكي شهر» و«دنيزلي»، وكذلك هنا (في أفيون) قدر المستطاع لإصلاح المسجونين، وقد تكلل ذلك السعيُ الجميل في «أسكي شهر» و«دنيزلي» بالثمرات الطيبة وستثمر هنا إن شاء الله فوائدَ أكثر. حتى إنه في هذا الوقت الدقيق والمكان الحرج مضت تلك الزوبعة ([5]) وخفت شدتها من المائة إلى الواحد بفضل دروس النور. إذ لولا ذلك لكانت التيارات الخارجة المفسدة تتمنى الفرصَ لتستغل الاختلافات وأمثالَ هذه الحوادث. ولكانت تلقي الشرارة في البارود وتشب الحريق..
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصدّيقين الثابتين في خدمة القرآن، يا من لا يتهربون منا من شدة الضيق!
أحزنتني نفسي الآن في التفكير لأجلكم، جراء ضيق مادي ومعنوي، ولكن.. إذا بخاطر يَرِد إلى القلب، وهو أنكم لو تحملتم عشرةَ أضعافِ هذه المشقات والمتاعب وبصورة أخرى لكانت زهيدة في سبيل لقاء أحد من الإخوة هنا لقاء عن قرب.
ثم من الضرورة بمكان أن يكون لطلاب النور كلَّ بضعِ سنين اجتماعٌ يجتمعون فيه دفعة واحدة، كما كان أهل الحقيقة سابقا يجتمعون مرة أو مرتين كل سنة ويديمون فيه مسامراتِهم ومحاوراتهم على وفق مشرب رسائل النور المكلل بالتقوى والرياضة الروحية، ومسلكِها المتسم بإلقاء الدروس إلى الناس كافة وإلى المحتاجين خاصة بل حتى إلى المعارضين، ولأجل إنطاق الشخص المعنوي في دائرتها. فالمدرسة اليوسفية هذه أفضل مكان لطلاب النور وملائم جدا لهذه الأغراض، بحيث تَهُون أمامه المشقاتُ حتى لو كانت ألف مشقة وضيق.
إن اجتناب بعض إخوتنا الضعفاء وانسحابَهم من ميدان العمل للنور لسآمتهم في سجوننا السابقة كان خسارة جسيمة لحقت بهم، بينما لم يلحق أي ضرر برسائل النور وطلابها، بل انضم بدلا منهم من هو أكثر ثباتا وإخلاصا منهم.
وحيث إن امتحان الدنيا عابر ويمضي بسرعة ويسلّم لنا ثوابه وثمراته، فعلينا الاطمئنان إلى العناية الإلهية شاكرين ربنا من خلال الصبر.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصدّيقين!
أولا: عندما تسلّمون القطعتين الأخيرتين إلى رئيس المحكمة، بوساطة شخص فاضل تختارونه ليطّلع عليها اطلاعا غير رسمي، ليكن ذلك بعد طبعهما بالحروف الجديدة أو بالحروف القديمة، وقدِّموا معهما إليه مذكرة أخرى تكتبون فيها:
إن «سعيدا» يقدم لكم شكرَه الجزيل ويقول: لقد فتح الحراس الشبابيك إلّا أن المدعي العام لا يسمح لأي واحد من إخوتي بالمجيء إليَّ.
وإنه يرجو منكم رجاءً حارا أن تعيدوا إليه المصحف الشريف المحجوز في المحكمة والمكتوب بخط نفيس معجز كي يتلو فيه هذه الشهور المباركة، علما أنه قد أُرسلت ثلاثة أجزاء من ذلك المصحف إلى رئاسة الشؤون الدينية ليسعوا في طبعه بالصورة.
وعلاوة على ذلك يرجو منكم أن تسلموا إليه إحدى المجموعات التي سُلّمت إلى المحكمة، كي تكون له مدارَ تسلٍ في تجريده المطلق وضيقه الشديد وليأنسَ بمطالعتها ويصاحبها في عزلته هذه عن الناس. علما أن تلك المجموعات قد مرت على ثلاث محاكم أو أربع دون أن يعترضوا عليها. فضلا عن تقدير الكثير من علماء مكة المكرمة والمدينة المنورة والشام وحلب وكبار علماء الأزهر بمصر، بل إعجابهم بها من دون أن ينتقدوا منها ولا يعترضوا عليها وذلك بشهادة الحجاج القادمين.
سعيد النورسي
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
إن لدى «فيضي» نسختين من «الحزب النوري» فإن لم تكونوا بحاجة إليهما فلترسَلا إليّ، أو ليكتب «محمد فيضي» نسخة أخرى. فضلا عن أننا بحاجة إلى «رسالة رمضان» و«الآية الكبرى» المطبوعة.
أصلِحوا فورا الجفاءَ الموجود فيما بينكم.
حذار.. حذار من هذا.. لأن انحرافا ولو طفيفا جدا، يُلحِق بدائرة النور ضررا أيما ضرر، فلا تنفعلوا بالأحاسيس الناشئة من الضيق، فلقد أشار انفجارُ مدفأتي إلى هذه الحادثة.
سعيد النورسي
إخوتي الأعزاء الصدّيقين: خسرو ومحمد فيضي وصبري!
كنت آمل أن أُودع إليكم -بكل ثقتي وقناعتي- الحفاظ على سلامة رسائل النور ثم أَدخلَ القبر سليم القلب. وكنت أعتقد أنه لا يمكن أن يَحُول شيءٌ -مهما كان- بين بعضكم البعض الآخر. والآن هناك إشعار رسمي موضوع بخطة رهيبة لإحداث جفوة بين أركان طلاب النور.
ولما كنتم مستعدين للتضحية -إذا استوجب الأمر- بحياتكم لأجل الآخرين، بمقتضى وفائكم الخالص وترابطكم الوثيق برسائل النور، فلا شك بل ويحتم عليكم أن تضحوا بمشاعركم الجزئية العابرة التي لا أهمية لها في سبيل الآخرين. إذ بخلاف ذلك ستَلحق بنا بلا شك -في هذه الفترة- أضرارٌ جسيمة، كما أن هناك احتمالَ الافتراق عن دائرة النور.. أقول ذلك وأنا أرتعد من هذا المصير.
ولقد انتابني ضيق شديد منذ ثلاثة أيام لم أرَ مثله قط وهزني هزا عنيفا، وعلمت الآن قطعا أنّ تدللا من بعضكم على البعض الآخر وإن كان طفيفا -كشعرة في العين- يقع وقوع القنبلة في حياتنا النورية.
حتى إنني أبلغكم هذا أيضا: لقد بُذِلَتْ جهودٌ مضنية لإظهارنا ذوي علاقة مع الزوبعة السابقة، فيحاولون الآن إلقاء الجفاء -ولو قليلا- فيما بينكم.
إنني قررتُ أن لا أنظر إلى تقصير أيٍ منكم رغم أنني أقاسي -في سبيل الحفاظ على مشاعركم- المتاعب والمضايقات أكثر منكم بعشر مرات، فأطلب منكم باسم أستاذنا الشخص المعنوي لطلاب النور، تركَ الأنانية وعدم الأخذ بها محقّا كان المرء أم غير محق.
وإن كانت هناك أصابع خفية تلعب في ذلك المكان العجيب، لوجودكم معا، فليذهب أحدكم إلى ردهة «طاهري».
سعيد النورسي
Aziz, sıddık kardeşlerim!
Rica ederim, üçünüzün hakkında birbirinden ziyade gücenmeye ehemmiyet verdiğimden gücenmeyiniz. Çünkü Hüsrev’le Feyzi’de benim gibi insanlardan tevahhuş ve sıkılmak var. Hem birbirine bir derece meşrepçe ayrıdırlar. Ve Sabri ise akraba ve tarz-ı maişet cihetinde hayat-ı içtimaiye ile birkaç vecihte alâkadar ve ihtiyata mecburdur.
İşte üçünüz bu ihtilaf-ı meslek ve meşrep haysiyetiyle o dağdağalı koğuşta ve sıkıntılı kalabalık içinde herhalde tam tahammül ve sabır edemediğinizden ben telaş edip vesvese ediyorum. Çünkü pek az bir muhalefet, bu sırada pek zararı var.
Said Nursî
إخوتي الأعزاء الصديقين ويا زملاء الدراسة في هذه «المدرسة اليوسفية»!
إن الليلة القادمة هي ليلة النصف من شعبان، وهي بمثابة نواة سامية لسنة كاملة، ونوع من برنامج للمقدرات البشرية، لذا تكتسب هذه الليلة قدسية من ليلة القدر. فمثلما الحسنات تتضاعف إلى ثلاثين ألف ضعف في ليلة القدر، يرتفع العملُ الصالح وكل حرف من الحروف القرآنية في ليلة النصف من شعبان إلى عشرين ألف ثواب.
فلئن كانت الحسنة بعشرة أمثالها في سائر الأوقات، ففي الشهور الثلاثة ترتفع إلى المائة وإلى الألف، وفي هذه الليالي المشهورة ترتفع إلى عشرة آلاف، وعشرين ألفاً، وثلاثين ألفاً من الحسنات. فهذه الليالي المباركة تعدل عبادة خمسين سنة، لذا فالانشغال - قدر المستطاع - بتلاوة القرآن الكريم والاستغفار والصلوات على الرسول الكريم ﷺ في هذه الليلة ربح عظيم جدا.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أبدا دائما.
سلّمكم الله في الدارين.
نبارك لكم ليلة النصف من شعبان بكل قلوبنا وأرواحنا، تلك الليلة التي يمكن أن يغنم فيها أهل الإيمان عمرا معنويا يعدل خمسين سنة من العبادة. فكل طالب مخلصٍ خالص للنور في هذه الليلة كأنه يعبد ربه ويستغفره بأربعين ألف لسان كبعض الملائكة المسبِّحين بأربعين ألف لسان.. هكذا نأمل من رحمته تعالى باطمئنان تام وبسرّ الاشتراك المعنوي وبفيض التساند المعنوي.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
أولا: لقد اعترض البعض في الادعاء على مسألة من «الشعاع الخامس» تتعلق بالدجال، متأثرين في اعتراضهم هذا بادعاءات بعض أصحاب الأهواء والبدع من العلماء، الذين ينكرون مجيء الدجال أو حتى عدد من الدجالين في الإسلام.
ولعلّ الحديث النبوي التالي يُعتبر خيرَ دليل على دحض تلك المزاعم.
فقد ورد في الحديث الصحيح:
«لن تزال الخلافة في ولد عمي -صِنْو أبي- العباس حتى يسلمها إلى الدجال»
وهذا الحديث الشريف فضلا عن أنه يعتبر معجزة رائعة من معجزات نبينا ﷺ، فإنه يدل دلالة صريحة على أن الخلافة العباسية ستظهر وتستمر مدة طويلة بما يقرب من خمسمائة سنة ثم تدمَّر على يد دجال من الدجالين الثلاثة من أمثال «جنكيز» و«هولاكو» ويتولى حكومة دجالية في العالم الإسلامي، أي إنه يدل دلالة ظاهرة على أن العالم الإسلامي سيُفْتَتَن بثلاثة من الدجالين طبقا للأحاديث المختلفة الواردة.
على أن الخبر الغيبي الوارد في هذا الحديث ينطوي على معجزتين قطعيتين من معجزات الرسول ﷺ.
إحداها: أن الخلافة العباسية ستقوم فيما بعد وتدوم خمسمائة عام.
ثانيها: أن هذه الخلافة ستنقرض على يد دجال ظالم طاغ من أمثال «جنكيز» و«هولاكو».
فيا عجبا! هل يمكن لصاحب الشريعة الذي أَخبر في كتب الأحاديث عن أشياء جزئية تعود إلى شعائر الإسلام والقرآن أن لا ينبئ عن الأحداث العجيبة التي في زماننا هذا؟.. وهل يمكن أن لا يُشار إلى تلاميذ رسائل النور الذين نذروا أنفسهم لخدمة القرآن خدمة مخلصة، وبشكل رائع وواسع، لاسيما في زمن عجيب كزماننا هذا، وفي ظروف صعبة وشديدة كظروفنا.. تلك الخدمات التي يعترف بها الأعداء والأصدقاء؟
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
﴿ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ﴾ (البقرة:٦١)
هذه نكتة من نكات الآية الجليلة:
إلى الرائد النوري العزيز وخادم القرآن أخي رأفت بك!
إن اليهود لما أفرطوا في حُب الحياة والتكالب على الدنيا استحقوا أن يَتلقَوا صفعةَ الذل والمسكنة في كل عصر وكل مكان. إلّا أن الأمر بالنسبة لقضية فلسطين هذه يختلف بعض الشيء. فقد حلّ محل حُبِ الحياة والتكالبِ على الدنيا الذي هو جبلّة اليهود وديدنُهم على مر العصور شعورٌ قومي وديني؛ حيث بدؤوا يحسون أن «فلسطين» هي مقبرة بني إسرائيل وأن الأنبياء السابقين كانوا من قومهم. وبالنظر إلى شعورهم القومي والديني هذا فإنهم لم يتلقَّوا صفعة تأديب بسرعة هذه المرة. وإلّا فكيف يكون باستطاعة ثلة قليلة من الناس أن تعيش وسط ذلك الجمع الهائل من العرب الذين يطوقونها من كل صوب دون أن يتلقَّوا صفعة سريعة وتُضربَ عليهم الذلة والمسكنة.
سعيد النورسي
سؤال: هل هناك آية كريمة تدل على كروية الأرض، وفي أية سورة من سور القرآن الكريم. فإن شبهةً تجول في فكري حول تسويتها أو كرويتها، وحيث إن أراضي كل حكومة تحدها البحار فما الذي يحافظ على أطراف هذه البحار الواسعة؟.
الملا علي من أميرداغ
الجواب: لقد حلّت رسائل النور هذه المسألة وما شابهها من المسائل. علما أن علماء الإسلام قد قبلوا بكروية الأرض، وإنها لا تخالف الدين. ولا يدل ورود السطح في الآية الكريمة ([6]) على عدم كرويتها.
هذا وإن استقبالَ القبلة شرط في الصلاة لدى المجتهدين، والشرط يسري في جميع الأركان، لذا يلزم استقبال القبلة في الركوع والسجود، وهذا إنما يمكن بكروية الأرض. والقبلة شرعا عمودٌ نوراني يصعد من فوق الكعبة إلى العرش وتمتد من أسفلها إلى الفرش. فاستقبال القبلة في أركان الصلاة إنما يكون بكروية الأرض وبكون القبلة عمودا نورانيا كما ذكرنا.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
﴿ وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪ ﴾
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخوتي الأعزاء الصديقين!
نبارك من كل قلوبنا وأرواحنا حلولَ شهر رمضان المبارك، ونسأله تعالى أن يجعل ليلة القدر لكم خيرا من ألف شهر. آمين.. ويقبلَها سبحانه منكم في حكم ثمانين سنة من العمر المقضي بالعبادة.. آمين.
ثانيا: إنني أعتقد أن بقاءنا هنا إلى العيد فيه خير كثير وفوائد جمة. إذ لو أُفرج عنا لحُرمنا من خيرات هذه «المدرسة اليوسفية»، فضلا عن أننا سننشغل بأمور دنيوية في هذا الشهر المبارك شهرِ رمضان الذي هو شهر أُخروي بحت، وهذا مما يخل بحياتنا المعنوية.
إذن فالخير فيما اختاره الله، وستكون إن شاء الله أفراحٌ كثيرة وخيرات أكثر.
لقد علمتم أيضا يا إخوتي في المحكمة أنهم لا يستطيعون وجدان شيء علينا حتى بقوانينهم أنفسهم، لذا يتشبثون بأمور جزئية جدا لا تمسُّ القانون بشيء ولو بقدر جناح بعوضة، فينقبون في مكاتب جزئية وأمور جزئية خاصة جدا، حيث لا يجدون من المسائل النورية العظيمة وسيلة تكون سببا للتعرض لنا.
ثم إن لنا مصلحة أخرى وهي أنهم ينشغلون بشخصي الذي لا أهمية له فيهوّنون من شأني بدلا من انشغالهم بطلاب النور الكثيرين ورسائلِ النور الواسعةِ الانتشارِ. فلا يَسمحُ القدر الإلهي لهم بالتعرض لطلاب النور ورسائل النور، بل يشغلهم بشخصي فحسب، وأنا بدوري أبيّن لكم ولجميع أصحابي وأصدقائي:
أنني أرضى بجميع المشقات الآتية على شخصي وبكل سرور وامتنان وبكل ما أملك من روح وجسد بل حتى بنفسي الأمارة، في سبيل سلامة رسائل النور وسلامتكم أنتم. فكما أن الجنة ليست رخيصة فإن جهنم كذلك ليست زائدة عن الحاجة.
ولما كانت الدنيا ومشقاتها فانية وماضية عابرة بسرعة، فإن المظالم التي يُنـزلها بنا أعداؤنا المتسترون سننتقم منهم ونثأر لأنفسنا بأضعافِ أضعافِها بل بمائة ضعف، وذلك في المحكمة الكبرى وجزء منها في الدنيا.. فنحن بدلا من الحقد والغضب عليهم نأسف على حالهم.
فما دامت الحقيقة هي هذه، فعلينا التوكل على الله والاستسلام لما تجري به المقادير الإلهية والعناية الإلهية التي تحمينا، من دون أن يساورنا القلق. مع أخذ الحذر، والتحلي بالصبر الجميل والشكر الجزيل، وشدِّ أواصر المحبة ووشائج الألفة والمسامرة المباركة مع إخوتنا هنا في الأيام المباركة لهذا الشهر المبارك شهر رمضان، وقضائِه في جوّ من الأخوّة الخالصة والسلوان الجميل والترابط الوثيق، والانشغال بالأوراد في هذا الشهر الذي يرفع الثواب إلى الألف، ومحاولة عدم الاكتراث بهذه المضايقات الجزئية العابرة الفانية بل الانهماك بدروسنا العلمية، وذلك حظ عظيم يؤتيه الله من يشاء.
هذا وإن دروس النور المؤثرة تأثيرا جيدا في هذا الامتحان العسير واستقراءها حتى للمعارضين فتوحات نورية لها أهميتها وقيمتها.
حاشية: إن إنكار بعض إخواننا كونَه طالبا من طلاب النور دون ما حاجة إلى ذلك ولاسيما (...) وسترهم لخدماتهم النورية الجليلة السابقة من دون ضرورة، رغم أنه عمل سيء، إلّا أن خدماتهم السابقة تدعونا إلى الصفح عنهم وعدم الاستياء منهم.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
﴿ وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪ ﴾
إخوتي الأعزاء الصدّيقين!
أولا: إن الليالي المقبلة تُكسب المرء ثمانين ونيفا من سني العمر المليء بالعبادة، واحتمالُ وقوع ليلة القدر فيها وارد حسب ما ورد في الحديث الصحيح: «تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» ([7]) فعلينا إذن السعي لاغتنام هذه الفرصة الثمينة فهي سعادة عظمى ولاسيما في مثل هذه الأماكن المثابة عليها.
ثانيا: بمضمونِ: «من آمن بالقدر أمِنَ من الكدر» وكذا حسب القاعدة الحكيمة: «خذوا من كل شيءٍ أحسنَه» وكذا قوله تعالى: ﴿ اَلَّذ۪ينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ اَحْسَنَهُ اُو۬لٰٓئِكَ الَّذ۪ينَ هَدٰيهُمُ اللّٰهُ وَاُو۬لٰٓئِكَ هُمْ اُو۬لُوا الْاَلْبَابِ ﴾ (الزمر:١٨).
فحسب هذه الآية الجليلة والقواعد السابقة، علينا أن ننظر إلى الجهة الحسنة من كل شيء والوجهِ الجميل المبشِّر منه لكي لا تنشغل قلوبُنا بما لا يعني من الحالات القبيحة العابرة التي لا حاجة لنا إليها، بل هي مضرة تورث الضيقَ والانقباض.
ولقد ذُكر في «الكلمة الثامنة»: رجلان يدخل أحدهما الحديقة بينما يغادرها الآخر. فالمحظوظ السعيد هو الذي ينظر إلى الأزاهير وما شابهها من الأشياء الجميلة في الحديقة، فينشرح ويرتاح ويهنأ، بينما الآخر الشقي يحصر نظره في الأمور القذرة الفاسدة لعجزه عن التنظيف، فينتابه الغثيان ويتضايق بدلا من أن ينسرّ في الحديقة، ويتركها هكذا..
هذا وإن صفحات الحياة الاجتماعية البشرية الحالية ولاسيما «المدرسة اليوسفية» هي بمثابة حديقة، فيها أشياء قبيحة وحسنة معا وفيها أمور محزنة ومفرحة جنبا إلى جنب. فالكيّس مَن أشغل نفسه بالأمور الجميلة من دون أن يعبأ بالقبيحة والفاسدة منها. فيشكرُ ربّه وينسرّ في موضع الشكوى والقلق.
سعيد النورسي
...
...
Sâniyen: Sarsıntılı olan altıncıdaki kardeşlerimizin istirahatlerini merak ediyorum. Bir parmak hariçten hapse hususan altıncıya karışıyor, oradaki kardeşlerimiz dikkat ve ihtiyat edip hiçbir şeye karışmasınlar.
Sâlisen: Avukata, reise okutmak için parçayı gönderdiniz mi? Hem Halil Hilmi, vahdet-i mesele itibarıyla yalnız Sabri’nin değil belki umumumuzun avukatıdır. Ben bu nazarla ona bakıyordum. Şimdi umumumuzun hesabına birinci avukatımıza tam yardım etsin.
Râbian: Taşköprülü Sadık Bey’in mukaddimesini istinsah için Sabri’ye vermiştim. Eğer yazılmışsa tashihten geçen parça ona gönderilecek. Yeni yazılanın bir sureti bana gönderilsin. Hem Sadık’ın manzumeciğinin yanımda bir sureti var, sizde yoksa göndereceğim.
Said Nursî
Aziz, sıddık kardeşlerim!
Evvela: Hem sizin hem hapisteki arkadaşlarınızın bayramınızı tebrik ederiz. Sizin ile bayramlaşanı, aynen benimle bayramlaşmış gibi kabul ediyorum ve umumuyla bizzat bayram ziyaretini yapmışım gibi biliniz, bildiriniz.
Sâniyen: Sebepsiz kalın demir sobamın parçalanmasıyla verdiği haber ve biz dahi o işarete binaen tam bir ihtiyat ve temkinle geçen fırtınacık, yüzden bire indi, barut ateş almadı. Şimdi yine, sebepsiz mataramın acib bir tarzda küçücük parçalara inkısam etmesi, bize tekrar tam bir temkine ve tahammüle ve ihtiyata sarılmamızın lüzumunu haber veriyor. Aldığım manevî bir ihtarla, gizli münafıklar, dindarlara karşı namazsız sefahetçileri ve mürted komünistleri istimal etmek istiyorlar, hattâ parmaklarını buraya da sokmuşlar.
Bir Hâşiyecik: Dün kalbimde bir ferah ve sevinç vardı. Birden baktım, Nurs’taki kardeşim, Nurs’un balını bir matara içinde sekiz ay evvel bana, Emirdağı’na göndermişti. Dün de Emirdağı’ndan buraya geldi. Aman çabuk bana getirin dedim. Bekledim, gelmedi. O sevinç, bir hiddete döndü. Yüz matara kadar yanımda kıymetli bulunan o ballı matarayı yabani ellere verip çarşıya gönderilmesi sebep olup o matara da birdenbire kırıldı. Kırk sekiz seneden beri görmediğim Nurs köyümün, meskat-ı re’simin bir teberrükü olan o tatlıdan, bayram tatlısı olarak her bir kardeşim bir parçacığını tatsın diye bir miktar gönderdim.
Said Nursî
إخوتي الأعزاء الصادقين الثابتين!
أبارككم بكل روحي وقلبي، فلقد ضمدتم جرحنا بسرعة. وأنا بدوري فرحت تمام الفرح وانسررت الليلة بالشفاء. ومن المعلوم أن «مدرسة الزهراء» تتوسع وتزوّد الأذهان والقلوب بسر الإخلاص الحقيقي والتضحية الجادة وترك الأنانية والتواضع التام وذلك ضمن دائرة النور، وتقوم بنشر هذه الأمور في الأوساط. فلابد إذن أن لا يُفسد تلك الدروسَ القوية والعلاقة الأخوية المتينة ما يتولد من المشاعر والأحاسيس من أمور عابرة في منتهى الجزئية ولا الدّلّ فيما بينكم. إن لمعة «الإخلاص» خير ناصح في هذا المجال.
وقد وُضعتْ في الوقت الحاضر خطةٌ رهيبة لضربنا وتشتيتِ رسائل النور وزعزعةِ الروابط بين طلابها، وذلك بإلقاء الجفاء بين الطلاب وإحداثِ السآمة فيما بينهم وإيجادِ الفرقة من حيث اختلاف المشرب والفكر..
سعيد النورسي
Aziz, sıddık kardeşlerim!
Talebelerin itiraznamelerini müdüre verdim. Dedim: “Diyanet Riyasetine ve bize risalelerimizle beraet veren Ankara’nın Ağır Ceza Dairesine –itiraznamemin âhiriyle beraber– göndermek istiyoruz. Hem Hata-Savab Cetveli de o iki makama fakat mahrem yalnız beray-ı malûmat olarak göndermek münasipse.” Dedi: “Münasiptir.” Şimdi siz avukata deyiniz. Birkaç nüsha talebelerin itiraznamelerinin ve cetvelin iki nüsha çıkarsın.
Hem Diyanet Riyasetine yazınız ki: Ulûm-u diniye ehlini himaye etmek vazife-i zaruriyenizi Said ve arkadaşları hakkında bu defa Afyon’a gönderdiğiniz raporla mükemmel yaptığınızdan hem mazlum Said hem masum arkadaşları dairenize çok müteşekkir ve fevkalâde minnettar oldular. Zaten meselemiz dinî ve ilmî olmasından, her daireden ve adliye ve zabıtadan evvel Diyanet Dairesi alâkadardır. Onun için hem Denizli’de hem Afyon’da en evvel o dairelere müracaat edip şekvamızı oradaki âlimlere yazdık. Bu mealde bir başlık yazınız.
Said Nursî
أخي العزيز السيد رأفت!
بحرمة القرآن العظيم، وبحق ارتباطكم القرآني، وبشرف خدماتكم العظيمة في مسلك النور طوال عشرين سنة.. ارفعوا ما بينكم من هجر وسخط، فهو رهيب رغم كونه شيئا جزئيا -ظاهرا- إلّا أنه أليم فجيع بالنسبة لأوضاعنا الحالية الدقيقة. فهو عون عظيم للمنافقين المتسترين الذين يسعون لإبادتنا وإفنائنا. تخلَّوا يا إخوتي عن استياء بعضكم عن بعض، الشبيه بِإلقاء الشرارة في البارود، واحملوا الآخرين عن التخلي عنها. إذ بخلاف ذلك هناك احتمال قوي أن يَلحق الضررُ بنا وبالخدمة القرآنية والإيمانية بالأرطال بسبب حق جزئي شخصي لا يعادل درهما.
وإني أُطَمْئِنُكم -مقسِما بالله- أنه إذا أهانني أحدُكم أشدّ إهانة وأشنع تحقير، وحطّ من كرامةِ شخصيتي كليا، ولم يتخلّ -في الوقت نفسه- عن الخدمة القرآنية والإيمانية والنورية، فإنني أصفح عنه وأتنازل له عن حقي، وأُصالحه، وأسعى لعدم الاستياء منه.
فما دمتم تعلمون أن أعداءنا يستغلون جفاءً جزئيا فيما بين الإخوة، تصالَحوا فورا. وتخلَّوا عن التدلل الذي لا معنى له، بل فيه ضرر بليغ. وإلّا فسيكون ضررا جسيما لخدمتنا الإيمانية.
ولما كانت العناية الإلهية قد وَهبت لنا الكثيرين بدلَ الضائعين المفارقين لنا، فستُسعفنا وتمدّنا بإذن الله.
سعيد النورسي
Aziz, sıddık kardeşlerim!
Müdür, Âyetü’l-Kübra ve Rehber’i çok beğenmiş. Şimdi Asâ-yı Musa ve Zülfikar’ı istiyor. Ben de söz verdim “Sana getirteceğim.” Eğer burada –Afyon’da– varsa bir Asâ-yı Musa, bir Zülfikar (ciltli, büyük) bir Rehber, bir Âyetü’l-Kübra ısmarlayınız.
Said Nursî
Heyet-i Vekileye gayet ehemmiyetli bir ricam var:
Risale-i Nur’dan “Siracünnur” namındaki üç yüz sahifeden ziyade mecmuanın âhirinde ve aslı çok zaman evvel yazılan ve on beş sahife kadar olan ve Heyet-i Vekilece o mecmuanın toplanmasına vesile bulunan Beşinci Şuâ, herkese hususan musibetzedelere ve ihtiyarlara ve imanda şüphelere düşenlere pek çok faydaları tahakkuk eden Siracünnur’dan, o zararlı tevehhüm edilen parçayı çıkarıp yasak ederek, mütebâki üç yüz sahifenin neşrine izin verilmesini ve tesellisinden tam istifade eden bütün musibetzedeler ve ihtiyarlar ve iman hakikatlerine muhtaçlarla beraber Heyet-i Vekileden rica ederiz.
Hem dört yüz sahifelik Zülfikar’da otuz sene evvel Avrupa feylesoflarına karşı yazılan irsiyet ve tesettür hakkındaki iki âyetin tefsiri iki sahife hem otuz sene evvel tabedilen İşaratü’l-İ’caz’da اَحَلَّ اللّٰهُ ال۟بَي۟عَ وَحَرَّمَ الرِّبٰوا âyetine dair yazılan, bankaya dair bir satır ve hem otuz sene evvel ben Dârülhikmette iken İngiltere’nin Anglikan Kilisesinin Başpapazının Meşihat-ı İslâmiyeden sorduğu altı sual içinde bir satır kadar yazılan yazıların kaldırılarak şimdiki kanun-u medeniye uygun gelmediği –iki sahife, bir satır– bahanesiyle müsadere edilen ve âlem-i İslâm’ca çok tahsin ile çok menfaati bilfiil görülen ve üç rükn-ü imanîyi hârika bir tarzda ispat eden o Zülfikar mecmuamızı iade etmesini rica edip istiyoruz ve hakkımızdır. Bir mektupta beş kelime sansür edilse bâki kısmına izin verilmesi gibi biz de kanunen ehemmiyetli bu hakkımızı isteriz. Ve hakkımızda habbeleri kubbeler yapanların zulmünden kurtarılmamızı, millet ve vatan ve asayişe Nurlarla hizmet eden Kur’an ve iman-perverlerle beraber talep ederiz.
Said Nursî
بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ
Aziz, sıddık kardeşlerim!
Evvela: Bu raporun neticesi aynen Denizli’dekinin aynıdır. Bizi medar-ı ittiham noktalardan tebrie etmek içinde onlara hoş görünmek ve Nurcu olmadıklarını göstermek fikriyle, Vehhabîlik damarıyla, bir parça ilmî tenkidiyle hücum etmişler. Tahminimce bu rapor iddianameden evvel buraya gelmiş ki bazı noktaları iddianame ondan almış. Öyle ise cetvelimiz onlara dahi tam cevaptır. Siz nasıl bilirsiniz? Hem yeni cevabımız nasıldır, iyi midir? Pek acele ve perişan bir halde yazdım.
Sâniyen: Şimdiye kadar zâhiren bizim şahıslarımızla ve cemiyet ve tarîkat ve cüz’î bazı hususi mektuplar ile bizimle meşgul oluyordular. Şimdi Siracünnur, Hücumat-ı Sitte’nin müsaderesiyle ve ehl-i vukufun Nurlara nazarı çevirmeleriyle ve gizli düşmanlarımızın desiseleriyle bu vatanın bir medar-ı rahatı olan Risale-i Nur’a bir nevi hücum olmasından; şimdiye kadar çok defa olduğu gibi aynen bu memlekete bu hücumun aynı zamanında hem iki şiddetli zelzele –ki ben o bahsi yazarken– geldi. Beni tasdik edip “Yazıya lüzum yok.” dedi.
Ben de daha yazmadım. Bugün de işittim ki harp korkusu başlamış. Ben de buranın âmirine dedim: Şimdiye kadar ne vakit Nurlara hücum edilse ya zemin hiddet eder veya harp korkusu başlar. Tesadüf ihtimali kalmayacak derecede çok hâdiseleri gördük ve mahkemelere dahi gösterildi.
Demek bugünlerde, bilmediğim halde Nurlar hakkında şiddetli telaşım ve ehl-i vukufun hasûdane tenkitleri ve Nur’un bir mühim mecmuasının müsaderesi, sadaka-i makbule mahiyetinde musibetlerin def’ine bir vesile olan Siracünnur; tesettür perdesinin altına girdi, zelzele ve harp korkusu başladı.
Said Nursî
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصديقين!
لا تقلقوا! فنحن في ظل العناية الإلهية وتحت رعايتها. إن المشقات الظاهرة تحمل رحمات كثيرة. لقد أرغموا الخبراء على أن يهوّنوا جزءا من الرسائل.. لا شك أن قلوب الخبراء قد أصبحت من «النوريين».
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصديقين الثابتين الذين لا ينال منهم القلق والاضطراب ولا يتركون الآخرة بالعودة إلى الدنيا الفانية!
لا تحزنوا من بقائنا هنا مدة أخرى لرغبتهم في توسيع دائرة قضيتنا، بل كونوا راضين شاكرين كما أنا راضٍ شاكر،
إذ العمر لا يتوقف بل يحث الخطى نحو الزوال، وينال البقاء بثمراته الأخروية في مثل هذه المعتكفات، فضلا عن أن دائرة دروس رسائل النور تتوسع. فمثلا: اضطر علماء هيئة الخبراء إلى قراءة «سراج النور» بإمعان، علما أن هناك احتمالَ ورود نقيصة لخدمتنا الإيمانية -بجهة أو جهتين- فيما إذا أُفرج عنا في هذه الفترة.
إنني لا أرغب في مغادرة السجن بالرغم من أنني أقاسي المضايقات أكثر منكم بكثير. وأنتم كذلك اجهدوا -حسب المستطاع- على الصبر والتحمل والتعود على نمط الحياة هنا مع الاشتغال باستنساخ رسائل النور ودراستها لتجدوا السلوان والسرور.
سعيد النورسي
بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ
Aziz, sıddık kardeşlerim!
Evvela: Yanımda bulunan yeni harfle müdafaatın âhirindeki cetvelden iki tanesini, ehl-i vukufa cevapla beraber Diyanet Riyasetine ve Ankara’nın Ağır Ceza Mahkemesine göndermek için lüzum varsa size göndereceğim. Hem ehl-i vukufa cevabın bir sureti buradaki mahkemeye verilsin.
Sâniyen: Meselemizi genişlettirmeleri hayırdır. Şimdiye kadar kıymetini düşürmek fikriyle zâhiren küçük, ehemmiyetsiz gösterip gizli çok ehemmiyet veriyordular. Şimdi bu vaziyet, inşâallah hizmet-i imaniye ve Kur’aniye hakkında daha ziyade hayırlı ve faydalı olacak.
Said Nursî
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصديقين!
أولا: ربما كان عدد منا يسافر لأداء فريضة الحج في هذه السنة لو كان السفر إليه حرا مسموحا به. ([8]) نسأل الله تعالى أن يَقبل نياتِنا هذه وكأننا سافرنا إلى الحج فعلا، ويمنحَ خدمتنا الإيمانية والنورية ثوابا عظيما كثواب الحج ونحن نعاني هذه الأحوال المليئة بالمضايقات والمشقات.
ثانيا: إن رسائل النور تفسير قيّم وحقيقي للقرآن الكريم. لقد كررنا هذا الكلامَ. وخطر الآن للقلب بيانُ حقيقته وذلك لعدم وضوح معناه الحقيقي:
التفسير نوعان:
الأول: التفاسير المعروفة التي تبين وتوضح وتثبت معانيَ عبارات القرآن الكريم وجمله وكلماته.
القسم الثاني من التفسير: هو إيضاحُ وبيانُ وإثبات الحقائق الإيمانية للقرآن الكريم إثباتا مدعما بالحجج الرصينة والبراهين الواضحة. ولهذا القسم أهمية كبيرة جدا.
أما التفاسير المعروفة والمتداولة فإنها تتناول هذا النوع الأخير من التفسير تناولا مجملا أحيانا. إلّا أن رسائل النور اتخذت هذا القسم أساسا لها مباشرة. فهي تفسير معنوي للقرآن الكريم بحيث تُلزِم أعتى الفلاسفة وتُسكتهم.
Sâlisen: Sabahleyin bir şey yazacaktım, kaldı. Şimdi aynı mesele çıktı, kâtip Salim Bey izin verdi. Yarın Heyet-i Vekileye bir istida yazmak için Hüsrev ve Tahirî yanıma gelsinler.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصديقين!
تُرى هل نحن ورسائل النور أكثر إضرارا في الأوساط، بحيث يَكتب كلُّ محرر للصحف ما يشاء ويَعقد كل صنف اجتماعا دون مداخلةِ أحد؟ والحال إذا انعدمت التربية الدينية فلا تكون لدى المسلمين وسيلة للإدارة سوى الاستبداد المطلق والرشوة التي لا تحدها حدود، إذ كما لا يتهود المسلم -التارك لدينه- حقا ولا يتنصّر حقا، بل يكون ملحدا ويضل ضلالا بعيدا، كذلك لا يكون شيوعيا قط بل فوضويا إرهابيا، وعندئذٍ لا يمكن إدارته إلّا بالاستبداد المطلق.
أما نحن طلاب النور فإننا نسعى لمعاونة الإدارة وإقرار الأمن والنظام وإحراز السعادة للأمة والوطن. والذين يجابهوننا هم إرهابيون ملحدون أعداء الأمة والوطن. فالأَولى للحكومة بل الألزم لها أن تسعى لحمايتنا ومعاونتنا لا التعرض لنا والتعدي علينا.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصديقين!
أولا: إن الإفراج عن كل من «رأفت» و«أدهم» وأفراد عائلة «جالشقان» و«برهان» وأمثالهم من طلاب النور الناشرين، يدل على أن انتشار رسائل النور ليس محظورا، فلا تتعرض لها المحكمة.
ثم إنه علامة على الإقرار بعدم وجود تحزب وتشكيل جمعية.
ثم إن إطالة مدة قضيتنا وجلبهم الأنظار إلى رسائل النور في ميدان واسع إنما هي بمثابة دعوة عامة لقراءتها، وإعلان رسمي لها يثير لدى السامعين المشتاقين الرغبة في قراءتها.. وهي وسيلة لكسبنا نحن وأهلِ الإيمان المنافعَ العظيمة التي تفوق مشقاتِنا بمائة درجة.. وهي إشارة إلى تأثير مثل هذا الدرس الإيماني النـزيه في أوسع دائرة في الأرض -كالقنبلة الذرية- إن شاء الله إزاء هجوم كلي شامل قاسٍ شرس تشنّه جيوشُ الضلالة الرهيبة في هذا الزمان.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء: رأفت، محمد فيضى، صبرى!
لقد تلقيت إخطارا قلبيا فأرجوكم رجاءً خالصا لأجل رسائل النور، وبركة هذا العيد المبارك، ولأجل حقوق الأخوّة السابقة فيما بيننا: اسعوا أيها الإخوة الثلاثة لضماد جرحنا الجديد الغائر. لأن أعداءنا ينفّذون خطتين اثنتين علينا:
أُولاها: التهوين من شأني.
ثانيتها: بث الجفاء فيما بيننا، بنشر روح الانتقاد والاعتراض والاستياء فيما بينكم ولاسيما مع «خسرو».
إني أُعلن لكم: لو كان لـ«خسرو» ألف تقصير وخطأ فإني أخاف من الكلام عليه. لأن الكلام عليه خيانة عظيمة في الوقت الحاضر. حيث يَعني الكلامَ على رسائل النور مباشرة، وعليّ بالذات، ويكون لصالح الذين استضعفونا. فهو خيانة عظيمة إلى حدٍّ فجّرت مدفأتي. وإني على قناعة من أن التعذيب الذي يذيقونني إياه مؤخرا ناتج من انحلال الترابط فيما بينكم، والذي ليس له مغزى قط، بل فيه ضرر كبير.
إن أصابع رهيبة تتدخل هنا في السجن ولاسيما في الردهة السادسة. لا تدفعوني يا إخوتي إلى البكاء والحزن في عيدنا هذا. تصالَحوا فورا صلحا قلبيا.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصديقين!
كنت أريد أن يخلُّوا سبيل اثنين أو ثلاثا من إخواننا اليوم، إلّا أن العناية الإلهية قد أخّرتهم لفوائد يحصلون عليها. بل إن بقاءنا في وضعنا هذا بما يقرب من عشرين يوما ضروري، بل ضروري جدا لأن وجودنا معا في هذا العيد ضروري لنا ولرسائل النور ولخدمتنا وراحتنا المادية والمعنوية، ولنأخذَ حظنا كاملا من أدعية الحجاج، ولنجاة رسائل النور المرسلة الى «أنقرة» من المصادرة، ولتزايد عدد الذين يشفقون على كوننا مظلومين فينسلكوا في مسلك النور، وليكون حُجة على أننا لا نستجير بخوّنة الوطن والأمة بالرضى عن الأخطاء العظيمة التي تُرتكب حاليا.
سعيد النورسي
بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ
Aziz, sıddık kardeşlerim!
Ehl-i vukufun insafsızca ve hatalı ve haksız tenkitleri, Vehhabîlik damarıyla İmam-ı Ali’nin radıyallahu anh Nurlarla ciddi alâkasını ve takdirini çekemeyerek ve geçen sene zemzem suyunu döktüren ve bu sene haccı men’eden evhamın tesiri altında o yanlış ve hasûdane itirazları Beşinci Şuâ’ya etmişler. Bu sırada, böyle evhamlı ve telaşlı bir zamanda, bizim için en selâmetli yer hapistir. İnşâallah Nurlar hem kendimizin hem kendilerinin serbestiyetini kazandıracaklar.
Madem emsalsiz bir tarzda, çok ağır şerait altında, pek çok muarızlar karşısında bu derece Nurlar kendilerini okutturuyorlar, talebelerini hapiste çeşit çeşit suretlerde çalıştırıyor, perişaniyetlerine inayet-i İlahiye ile meydan vermiyorlar; biz bu dereceye kanaat edip şekva yerinde şükretmekle mükellefiz. Benim bütün şiddetli sıkıntılara karşı tahammülüm bu kanaatten geliyor. Vazife-i İlahiyeye karışmam.
Said Nursî
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
إن إحدى النسختين، لي، والأخرى للمدير. صحِّحوا أخطاء النسخة الأخرى على نسختي المكتوبة بخطي.
وعندما كنت أطالع رسالة «الآية الكبرى» هذه المرة، وجدت أنها ذات قيمة عالية ولاسيما المقام الثاني والمحاورة المعنوية في الختام. وقد استفدت منها أيّما استفادة.
فلأجل أن تستفيدوا، ليقرأْها أحدُكم وليستمع إليها الآخر، وليتولى اثنان من إخواننا المطالعةَ أثناء التصحيح ولا يظلوا عاطلين عن العمل.
ثانيا: «الكلمة العاشرة» الخاصة بي والمكاتيبُ الموجودة هنا وغيرها يجب أن لا تضيع، ولا تبقى معطَّلةً عن القراءة. فلقد عهدت نظارتها ومراقبتها إلى «جيلان».(∗)
سعيد النورسي
بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ
Aziz, sıddık kardeşlerim!
Ben şimdi Celcelutiye’yi okurken بِحَقِّ تَبَارَكَ ثُمَّ نُونٍ وَ سَائِلٍ cümlesinde Risale-i Kader’e işaret eden ve yirmi altıncı mertebede ثُمَّ نُون۟ Suresi Kader Sözü’yle münasebeti nedir, kalbime gelmesi anında ihtar edildi: “O surenin başını oku!”
Ben de okurken gördüm ki: نٓ وَال۟قَلَمِ وَمَا يَس۟طُرُونَ âyeti bütün kalemlerin ve tastir ve kitabetlerin aslı, esası, ezelî me’hazi ve sermedî üstadı, kaderin kalemi ve Nur ve ilm-i ezelînin nuruna işaret eden نٓ kelimesidir. Demek وَالذَّارِيَاتِ Zerrat Risalesi’ne işareti gibi kuvvetli bir münasebetle نٓ kelimesi Risale-i Kader’e kuvvetli işaretle bakar.
Said Nursî
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصديقين الثابتين!
أولا: إن تأجيل قضيتنا فيه خير، والخير فيما اختاره الله. فقد كان قلبي يرغب في هذا التأخير. وإطلاقُ حرية رسائل النور يستدعيه كذلك. وستوفَّقون -بهذا التأخير- إن شاء الله إلى بث السلوان فيما بينكم، وإلى تقوية الروح المعنوية، وإلى مذاكرةٍ علمية وإقامة جلسات طيبة، وإلى كتابة رسائل النور ومطالعتها وإلى إزالة نقطة الزحمة ([9]) وتحويلها إلى رحمة. وإلى تبديل هذه الساعات الفانية إلى ساعات خالدة باقية.
ثانيا: إن تهانينا بالعيد قد جرت في المنـزل المؤقت للمحكمة، لذا فأنا أُرسل إليكم حلاوة العيد وهي ماء زمزم، أتى به رائد مدينة قونية «الأخ زبير» وعسل قرية «نورس» الذي له مغزى عظيم عندي. ضعوا الماء في وعاء العسل ورجّوه جيدا ثم صبوا فيه ماء زمزم، واشربوه هنيئا مريئا.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
لقد طُرح عليّ سؤال ذو مغزى هام، من مصدر هام جدا. فقد سألوني ما يلي:
على الرغم من أنكم لستم جمعية؛ وذلك بشهادة ثلاث محاكم أصدرت حكمَها بالبراءة بهذا الصدد؛ وبعد أن أخذتْ ستُّ ولايات على عاتقها مهمةَ الرصد والتجسس طوال عشرين عاما، وتَبيّن لها في النهاية أَنْ لا علاقة لكم بتلك التهمة، وأنها مختلَقَة من أساسها.. على الرغم من ذلك كله، فإن العلاقة التي تربط «طلاب النور» بعضهم ببعض لا يوجد لها نظير في أي جمعية أو هيئة.. فهلا تفضلتم بإيضاح هذه المسألة وحل تلك المعضلة؟
فأجبتهم قائلا:
نعم، إن طلاب النور ليسوا جمعية أو شبه جمعية، ولن يكونوا.. خاصة وأنهم يربأون بأنفسهم عن أن ينتموا إلى ذلك النوع من الجمعيات التي تتشكَّل لأغراض شخصية أو جماعية، مستهدِفةً كسب المنافع السياسية أو الدنيوية -إيجابيةً كانت تلك المنافع أم سلبية- بيد أن أبناءَ وبنات وأحفاد أبطال هذا الوطن القدامى من فدائيي الإسلام، الذين قدّموا ملايين الأرواح -بكمال المسرّة والرضى- في سبيل نيل مرتبة الشهادة، لا بد أنهم قد ورِثوا حظا من روح تلك التضحية والفداء حتى أظهروا تلك العلاقة الخارقة التي دفعت أخاهم هذا العاجز الضعيف إلى القول أمام محكمة «دنيزلي»:
إن الحقيقة التي افتدتها ملايين الأبطال برؤوسهم، فداء لها رؤوسنا أيضا.
قال هذه الجملة باسمهم، وأسكت المحكمة، تاركا إياها في حيرة وتقدير وذهول.
بمعنى أن في طلاب النور فدائيين حقيقيين خالصين مخلصين لله لا يريدون إلّا وجهه ونيل رضاه والحياة الآخرة. فلم يجد الماسونيون والشيوعيون وأهل الضلالة والإفساد والزندقة والإلحاد والطاشناق وأمثالهم من المنظمات الخطرة، وسيلةً لدحر أولئك النوريين فغرروا بالحكومة ودوائر العدلية بوساطة قوانين مطاطة بغيةَ تشتيتهم وكسر شوكتهم.. ألا حبطت أعمالهم! فلا ينالون شيئا منهم بإذن الله بل سيكونون وسيلة لزيادة عدد الأبطال المضحين للنور والإيمان.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
سأذكر لكم ما جرى من محاورة قبل أربعين سنة، شبيهة بالتي جرت أمس:
كانت علاقة طلاب «سعيد القديم» وطيدة جدا مع أستاذهم حتى بلغت مرتبة التضحية والفداء. لذا كان «سعيد القديم» يتمكن من التصدي للفعاليات الكثيرة التي كانت تقوم بها عصابات الأرمن وفدائيو الطاشناق في حوالي مدينة «وان» و«بتليس» بل كان يُوقِفهم عند حدّهم إلى درجة ما.
وحينما وجد لطلابه بنادق الماوزر وتحولت مدرسته إلى ما يشبه المعسكر -إذ الكتب كانت جنبا إلى جنب مع البنادق- حضر قائد عسكري برتبة فريق وشاهَدَ هذا المنظر.. وقال: «هذه ليست مدرسة دينية بل ثكنة عسكرية» وأمر قائلا: «اجمعوا بنادقه» لما ساورته الشكوك من جراء حادثة «بتليس». فحصلوا منا خمس عشرة بندقية، وبعد حوالي شهرين اندلعت الحرب العالمية الأولى، فاسترجعتُ بنادقي منهم.. وعلى كل حال..
ولمناسبة هذه المواقف والأحوال سألوني:
إن عصابات الأرمن التي تملك فدائيين رهيبين تخشاكم، حتى إنها تجنبت الاحتكاك معكم وتفرقوا بعيدا عنكم لَمَّا صعدتم جبل «أرك» في «وان». تُرى ما القوة التي فيكم حتى يكون الأمر هكذا؟.
فكنت أجيبهم: إن فدائيي الأرمن الذين يقومون بهذه البطولات الخارقة، إنما يقومون بـها في سبيل الحصول على حياة دنيوية فانية، ولأجل كسب مصلحة قومية مؤقتة صغيـرة، وللحفاظ على سلامتها.. ونحن نجابه هؤلاء بالطلاب الذين يسعون في سبيل الحصول على حياة باقية خالدة، ولأجل كسب مصالح إيجابية لأمة الإسلام السامية العظيمة وقد أيقنوا بأن الأجل واحد لا يتغير. فلا شك أن هؤلاء الطلاب لا يتخلفون قطعا عن أولئك الفدائيين. بل إذا لزم الأمر يَفْدون بحياتـهم وبأجلهم المحتوم وبعمر لا يعدو بضع سنوات ظاهرية، في سبيل الفوز بملايين السنوات من العمر الخالد، وفي سبيل الحفاظ على سلامة مليارات من الناس المؤمنين الأتقياء.. يفدونها دون تردد، وبكل فخر واعتزاز.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخواني الأعزاء ذوي الشفقة والوفاء!
لقد اشتد عليّ منذ يومين أثر الرشحة (الزكام) سواء في رأسي وفي أعصابي. ففي مثل هذه الحالات أشعر بحاجة إلى الأُنس بالأصدقاء والتسلي بلقائهم، ولكن ضايقتني وحشةُ الانفراد والتجريد العجيب مضايقة شديدة، فورد إلى القلب شكوى على هذه الصورة.
لِمَ هذا التعذيب؟ وما فائدته لخدمتنا في سبيل القرآن والإيمان؟
وفجأةً أُخطر للقلب صباحَ هذا اليوم، الآتي:
إن دخولكم هذا الامتحان القاسي، وتمييزَكم الدقيق في المحك مرات عدة لِيخلص الذهب عن النحاس، واختبارَكم من كل جانب وناحية بتجارب ظالمة لمعرفة مدى بقاء حظوظ نفوسكم الأمارة ودسائسها ومن ثم تمحيصكم بثلاث ممحصات، كان ضروريا جدا لخدمتكم التي هي خالصة لوجه الحق والحقيقة، لذا سمح القدر الإلهي والعناية الربانية به،
لأن الإعلان عن هذه الخدمة السامية، في ميدانِ امتحان كهذا، تجاهَ معارضين عنيدين ظَلَمة يتشبثون بأتفه حجة.. جَعَل الناسَ يفهمون أن هذه الخدمة القرآنية نابعة من الحق والحقيقة مباشرة، ولا تُداخلها حيلة ولا خداع ولا أنانية ولا غرور، ولا غرض شخصي ولا منافع دنيوية وأخروية،
إذ ما كان عوام المؤمنين يثقون بها لولا هذا الامتحان، حيث كان لسان حالهم يقول: ربما يقولون ليغرروا بنا ويخدعونا. ويرتابُ خواص المؤمنين ويقولون: ربما يعملون هكذا وصولا إلى مقامات معينة، وكسبا لثقة الناس بهم ونيلا للإعجاب، كما يفعله بعض أهل المقامات المعنوية. وعندئذ لا يثقون بالخدمة.
ولكن بعد الابتلاء، اضطر حتى أعتى عنيد مرتاب إلى التسليم بالأمر. لذا إن كانت مشقتكم واحدة فإن ربحكم ألف إن شاء الله.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
إن إعلان الحادثة التي وقعت أثناء أسري في روسيا ([10]) في الجريدة، قد زيّد من توجه الناس وإقبالهم رغم شدة المنع والسعي لتجنيب الناس عنّا. وقد قال رئيس الحراس: إن ثلاثة أشخاص رسميين قد قالوا أمس في فناء السجن وهم من المؤيِّدين لإنـزال الإهانات بنا ولاسيما بي: عندما يظهر «سعيد» من النافذة يتجمع الناس وينظرون إليه. فعليه أن لا يقف أمام النافذة، وإلّا فبدِّلوا ردهته إلى أخرى.
إخوتي!
لا تهتموا! فلقد قررتُ أن أتحمل المضايقات مهما كانت. وستتبدل -إن شاء الله- إلى أفراح ومسرات ببركة دعواتكم.
إنّ أصل تلك الحادثة صحيح. ولكن لم أفصّل في بيانها لعدم وجود شاهد لي في الحادثة. إلّا أنني لم أكن أعلم أن مفرزة من الجنود قد أتوا لإعدامي، وعلمت ذلك بعدئذٍ. ولم أعرف أيضا ما قاله القائد الروسي من كلام لإرضائي. فالنقيب المسلم الذي كان حاضرا في أثناء الحادثة والذي أَخبر «الجريدة» بها، قد فهم إذن ما قاله القائد الروسي مكررا: «معذرة».
إخوتي!
إنني كلما انشغلت برسائل النور تضاءلتْ المضايقاتُ وخفّت، بمعنى أن وظيفتنا هي الانشغال برسائل النور وعدم الاهتمام بالأمور العابرة، مع التحلّي بالصبر والتجمل بالشكر.
سعيد النورسي
سجية تحير العقول لبديع الزمان
هذا المقال نشر في مجلة «أهل السنة» الصادرة بإسطنبول في ١٥ تشرين الأول ١٩٤٨ بقلم صاحبها المحامي.
عندما جُرحتُ وأُسـرتُ في موضع «بتليس» في الحرب العالمية الأولى، وقع بديع الزمان أيضا في اليوم نفسه أسيرا. فأُرسل إلى أكبر معسكر للأسرى في سيبريا، وأُرسلتُ إلى جزيرة «نانكون» التابعة لـ«باكو».
ففي يوم من الأيام عندما يزور نيقولاي نيقولافيج المعسكرَ المذكور للتفتيش -يقوم له الأسرى احتراما- وعندما يمر من أمام بديع الزمان لا يحرك ساكنا ولا يهتم به، مما يلفت نظر القائد العام، فيرجع ويمر من أمامه بحجة أخرى، فلا يكترث به أيضا. وفي المرة الثالثة يقف أمامه، وتجري بينهما المحاورة الآتية بوساطة مترجم:
- أَمَا عرفني؟
- نعم، أعرفه إنه نيقولاي نيقولافيج، خال القيصر والقائد العام لجبهة القفقاس.
- فَلِمَ إذَن قَصَد الإهانة؟
- كلا! معذرة. إنني لم أستهن به، وإنما فعلت ما تأمرني به عقيدتي.
- وماذا تأمر العقيدة؟
- إنني عالم مسلم أحمل في قلبي الإيمان، فالذي يحمل الإيمان في قلبه أفضل ممن لا يحمله. فلو أنني قد قمت له احتراما لكنت إذن قليل الاحترام لعقيدتي. ولهذا لم أقم له.
- إذن فهو بإطلاقه صفةَ عدم الإيمان عليّ يكون قد أهانني وأهان جيشي وأهان أمتي والقيصَر، فلتشكَّل حالاً محكمةٌ عسكرية للنظر في استجوابه.
وتتشكل محكمة عسكرية بناء على هذا الأمر، ويأتي الضباط الأتراك والألمان والنمساويون للإلحاح على بديع الزمان بالاعتذار من القائد الروسي وطلبِ العفو منه، إلّا أنه أجابـهم بالآتي:
«إنني راغب في الرحيل إلى دار الآخرة والمثول بين يدي الرسـول الكريم ﷺ، فأنا بحاجة إلى جواز سفر فحسبُ للآخرة، ولا أستطيع أن أعمل بما يخالف إيماني»
وتجاهَ هذا الكلام يُؤْثِر الجميع الصمتَ منتظرين النتيجة.
وتُنهي المحكمة أعمالَها بإصدارِ قرارِ الإعدام بموجب مادةِ إهانة القيصر والجيش الروسي. وتحضر مفرزة يقودها ضابط روسي لأخذه إلى ساحة الإعدام. ويقوم بديع الزمان إلى الضابط الروسي قائلا له بابتهاج: اسمحوا لي خمس عشرة دقيقة فقط لأؤدي واجبي.
فيقوم إلى الوضوء.. وأثناء أدائه الصلاة، يحضر نيقولاي نيقولافيج ويخاطبه:
«أرجو منك المعذرة؛ كنت أظن أنكم قمتم بعملكم هذا قصد إهانتي، فاتخذتُ الإجراءات القانونية بحقكم، ولكن الآن أدركت أنكم تستلهمون هذا العمل من إيمانكم، وتنفذون ما تأمركم به عقيدتكم. لذا أبطلتُ قرار الحكم بحقكم. إنكم تستحقون كل تقدير وإعجاب لصلاحكم وتقواكم. أرجو المعذرة فقد أزعجتكم. وأكرر رجائي مرارا: أرجو المعذرة».
إن هذه العزة الدينية، وهذه السجية الرفيعة التي هي قدوة حسنة للمسلمين جميعا أخبرني عنها أحد أصحابه في معسكر الأسر، وهو برتبة نقيب، وكان شاهد عيان للحادثة.
وأنا ما إن عرفت هذا حتى اغرورقت عيناي بالدموع دون اختيار مني...
عبد الرحيم زابسو
على الرغم من أن أستاذنا لم يأمرنا بإدخال هذه الفقرة التي كتبتها الجريدة فإنها أدرجت هنا لأنها تتضمن عبرا غالية وتستجيش المشاعر وتثير الاهتمام.
(خسرو)
إخوتي!
لانقطاع شهيتي عن الطعام، ولتضرري من الهدية، أرسلتُ إليكم ما وقع لي من حصة الطعام وهي: ثلاثُ قِطَع من الدهن، وسلة من العنب، وكيس من التفاح، وعلبتان من الشاي والسكر. فقد كنت عازما على إرسال شيء ما هديةً لكم، ولكن علمت أنه لديكم منه أيضا. وقد قبلته لئلا تسخط عليّ «مدرسة الزهراء» قائلةً: لم يأكل من هديتي! بيعوا هذه المواد إلى المحتاجين بأثمان رخيصة وإلى المستحقين لأنني سأشتري بأثمانها البيض واللبن والخبز، كي تكون هدية مباركة حقا وشفاءً لي وللشارين ولمدرسة الزهراء وشُعبها وليكن «خسرو» المشرف على البيع، ويتولى «جيلان» و«حفظي» أمر البيع.
سعيد النورسي
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
أولا: لمناسبة ما نشر في الجريدة حول حادثةِ أسرِي، أُخطر إلى قلبي الآن:
إن قائدا جبّارا للروس قد تخلّى عن حدّته وهدّأ غضبُه إزاء ما أبديتُه من عزة الإيمان، فاعتذَر. ولكن الموظفين الرسميين الذين يرون صلابة الإيمان لدروس رسائل النور القوية الخالصة والتي تفوق مائة درجة على الصلابة التي أبداها شخصي، أقول: إنْ لم تلن قلوبُهم، وأصروا على عنادهم، فلا يطهّرهم إذن إلّا نار جهنم. لأن هذا العمر القصير المحدود لا يسعه هذا الجرم العظيم. حيث إن الدهن لا يمكن أكله إذا فسد، بخلاف اللبن والحليب، نسأله تعالى أن تكون رسائل النور قد أنقذت الكثيرين منهم قبل أن يفسدوا.
Sâniyen: Mehmed Feyzi, Bedriye’ye yazsın ki ben onun mektubunda bulunan bütünleri duama dâhil ediyorum, onlar da bana dua etsinler.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
أولا: لقد أُخطر إلى قلبي بيان معاملة محيرة وذات عبرة وقعت خلال أسري لمرتين (في روسيا وهنا):
كنا في «قوصتورما»، في روسيا، مع تسعين من ضباطنا الأسرى في ردهة واحدة، وكنتُ أُلقي عليهم أحيانا الدرسَ. وذات يوم حضر القائد الروسي وشاهَد الموقفَ وقال: إن هذا الكردي قائدَ المتطوعين قد ذبح كثيرا من جنودنا، ويأتي الآن ويلقى دروسا سياسية هنا، لا يمكن هذا، أمنعه قطعا.
ولكن بعد يومين قال: «يبدو أن دروسكم غير سياسية، بل دينية وأخلاقية. استمر عليها» فسمح بإلقاء الدرس.
وفي أسري الثاني: منعتْ «العدليةُ» أن يَحضر عندي أحد إخوتي الخواص الذي استمعَ إلى دروسي طوال عشرين سنة، ويُحسن إلقاءَ الدرس أفضل مني. ومَنعتْ كذلك أن يأتيني من يعاونني في أموري الضرورية الخاصة كيلا يأخذ درسا مني.
والحال، أن رسائل النور لا تدع حاجة إلى تلقّي الدروس من غيرها، فضلا عن أنه لم يبق لنا درس غيرها، وليس لنا سر يُخفى.. وعلى كل حال فقد حال شيء عن ذكر هذه المسألة الطويلة.
سعيد النورسي
بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ
Çok aziz, çok sevgili, çok kıymettar, çok mübarek üstadımız efendimiz hazretleri!
Arz-ı tazimat ve takdim-i ihtiramat ile istifsar-ı hatır edip sıhhat ve âfiyetinize dualar ederek dâmenlerinizden, el ve ayaklarınızdan öpüyoruz.
Müşfik üstadımız efendimiz! Siz sevgili üstadımızdan bize gönderilen ve müdafaatın sonuna ilâve edilen üç kıymettar mektubunuzla Hüve Nüktesi’ni nasıl bulduğumuzu siz sevgili üstadımıza arz etmemizi, bir mübarek kardeşimizle siz sevgili üstadımız emretmişler.
Sevgili üstadımız efendimiz!
Birinci mektubunuz, yirmi seneden beri tarassudlar ve nezaretlerle beraber altı vilayet ve üç mahkemenin bulamayıp beraet verdikleri cemiyetçilikten sizde hiçbir eser görülmediği halde, hiçbir cemiyette ve hiçbir komitede görülmeyen Nurculardaki hârika alâka, ehemmiyetli bir taraftan bir sual ile siz sevgili üstadımızdan sorulmuş olup şehadet mertebesini kazanmak için ruhlarını feda eden milyonlar İslâm fedailerinin ahfadları ve evlatları, o fedailiği ecdadlarından irsiyet aldıkları içindir ki siz sevgili üstadımıza mahkemeleri hayret ettirip susturan “Milyonlar kahraman başlar feda oldukları bir hakikate başımız dahi feda olsun!” diye acib cümleyi söyletmeye vesile olan talebelerinizde gördüğünüz hakiki, hâlis, sırf rıza-yı İlahî ve müsbet ve uhrevî fedakârlığın karşısında, menfî cemaat ve komitelerin mağlup oldukları hem Nurcuları dağıtmak isteyenlerin inşâallah muvaffak olamayacakları ve hem Nur’un ve imanın fedailerini çoğaltmaya sebebiyet verecekleri izah edilmekle cevap verilmiştir.
İkinci mübarek mektubunuzda: Siz sevgili üstadımızın Van, Bitlis’te tedriste bulunduğunuz talebelerinizle birlikte, etraflarında bulunan ehl-i imanı titreten Ermeni, Taşnak fedailerine karşı çıkıp, o fedaileri durdurup dağıtmaya mecbur eden siz sevgili üstadımızdaki ve talebelerinizdeki hârika kuvvet; küçücük, fâni dünya hayatı ile menfî milliyetin muvakkat menfaati ve selâmeti için Ermeni fedailerinde görülen hârika fedakârlığa mukabil, hayat-ı bâkiyeye ve İslâm millet-i kudsiyesinin müsbet menfaatlerine çalışan ve ecel birdir itikad eden ve üstadlarına olan şiddet-i rabıtaları fedailik derecesine varan talebelerinizin birkaç sene mevhum ömürlerini milyonlar sene bir ömre ve milyarlar dindaşların selâmetine ve menfaatine müftehirane feda etmelerinden mütevellid olduğu, kırk sene evvel siz sevgili üstadımızdan sorulan bir suale cevap olarak bildirilmektedir.
Üçüncü mübarek mektubunuz: Dokuz aydan beri temadi eden pek acib tecridinizle beraber, teselli ve ünsiyet ihtiyacını tevlid eden hastalığınız içinde “Neden bu tazip oluyor, hizmetimize faydası nedir?” diye siz sevgili üstadımızın kalb-i mübareklerine gelen şekvaya bir ihtar olup inatçı, bahaneci ve insafsız muarızlar karşısında girdiğimiz bu şiddetli imtihanda altın olanlar bakır olanlardan ayrılmak için mihenge vurulmak ve insafsız bir tecrübe ile nefislerin hisseleri olup olmadığı bilinmek için eleklerle elenmek, sırf hak ve hakikat namına olan hâlisane hizmetimize pek çok lüzumu olduğu için kader-i İlahînin ve inayet-i Rabbaniyenin bu dehşetli tazyike verdiği müsaade, hiçbir hile, hiçbir enaniyet, hiçbir garaz, hiçbir dünyevî ve uhrevî menfaat karışmayarak yapılan ve tam hâlis ve hak ve hakikatten gelen ve şimdi en muannid ve vesveseli olanları dahi teslime mecbur eden ve bir zahmete mukabil inşâallah bin kâr bırakan bu hizmetimiz eğer perde altında kalsaydı, çok manalar verilmekle beraber avam-ı ehl-i iman ile havas kısmı birer bahane ile tam kanaat etmeyeceklerinden olduğu bildirilmektedir.
Dördüncü mektup olan Hüve Nüktesi ise:
قُل۟ هُوَ اللّٰهُ اَحَدٌ ve لَٓا اِلٰهَ اِلَّا هُوَ kelime-i kudsiyeleriyle maddî cihetinde هُوَ lafzında siz sevgili üstadımızın bir seyahat-i hayaliye-i fikriyelerinde, hava sahifesinin mütalaalarıyla görülen zarif bir nükte-i tevhidde; iman mesleğindeki gayet derecede kolaylık ile meslek-i dalaletteki nihayetsiz müşkülat kısa bir işaretle beyan edilmiş.
Kudret-i İlahiyenin bir arşı olan bir avuç toprakta konulan muhtelif tohumların mahiyetlerinde ve emir ve iradenin diğer bir arşı olan havanın bir parçasında neşv ü nema bulan هُوَ lafzında görülen hârikalar, esbaba verildikçe dehşetli müşkülatın zuhuru ve Vâhid-i Ehad’e verildikçe fevkalâde suhuletin vücudu hem ehl-i dalaletin hususan maddiyyun ve tabiiyyun meslek erbabına hem ehl-i imana gayet şirin, gayet güzel, gayet hoş hem gayet mukni ve müskit bir şekilde ispat edilerek bir risale kadar kıymeti bulunan hususan tahavvülat-ı zerrat hakkındaki Otuzuncu Söz’le, Tabiat Risalesi olan Yirmi Üçüncü Lem’a’nın bir nevi hülâsası olabilir kanaatini bize veren bu kıymettar yazılarınızla Risale-i Nur baştan başa her okuyanı hem tenvir edip yükseltiyor hem sevgili üstadımıza nihayetsiz minnettarlıklara vesile oluyor.
Hüsrev
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
تَعرض لي حالةٌ روحية مهمة لمرتين أو ثلاث، وهي حالة شبيهة بالتي دفعَتني لأنـزوي في جبَل يوشع بإسطنبول قبل ثلاثين سنة وجعلتْني أنسلّ من الحياة الاجتماعية البراقة لـ«دار الحكمة الإسلامية»، بل لم أسمح حتى ببقاء المرحوم «عبدالرحمن» معي، وهو الطالب الأول لرسائل النور وبطلُها الرائد، كي ينجزَ بعضَ أعمالي الضرورية.
تلك الحالة التي هي انقلاب روحي أظهر ماهية «سعيد الجديد».
والآن بدأتْ عندي تباشيرُ شبيهةٌ بتلك الحالة، وأعتقد أنها إشارة إلى ظهور «سعيد الثالث» الذي يكون تاركا للدنيا كليا.
بمعنى أن رسائل النور وطلابَها الغيارى سيؤدون مهماتي بدلا عني، فلم يعُد هناك حاجة إليّ. ومن المعلوم أن كل جزء من الأجزاء الجامعة لرسائل النور، وكل طالب من طلابها الثابتين يدرّس ويرشد أفضل مني وأتم.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
أولا: إنني أخال -بناءً على بعض الأمارات- أن رسالة «مرشد الشباب» تعطى لها أهمية أكثر من المجموعات الأخرى لرسائل النور. فأعتقد أن ما فيها من «نكتة توحيدية في لفظ «هو» قد قصمت ظهرَ أعدائنا الزنادقة وشتتت طاغوتَ الطبيعة التي يستندون إليها. فلم يعُد لشيء ما أن يخفيه بعد أن كان التراب الكثيف يخفيه إلى حدٍ ما. إلّا أنه بعد ظهور تلك النكتة التوحيدية لا يمكن إخفاؤه في الهواء الرقيق الشفاف. بمعنى أنه لا يستطيع أن يخفى نفسه في أية جهة كانت. ليغرروا العدلية بالكفر العنادي والتمرد الارتدادي. وستصرِف رسائلُ النور بإذن الله أنظارَ العدلية إلى صالحها، وستُفشل هذا الهجومَ وتجعله بائرا.
ثانيا: إن ما نُشر في هذه الفترة، سواء في مجلة «أهل السنة» أو الجريدة المحلية هنا وكذا المقابلة الصحفية التي أجراها «زبير» بحرارة، أصبح بمثابةِ إعلان جيد للاشتغال برسائل النور. اقرأوا -بدلا مني- الأبحاث التي تخصنا وتروق لي، وأعلموني بها.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الصديقين محمد ومصطفى وإبراهيم وجيلان!
أولا: لقد شاهدتُكم أمس وأنتم الأربعة في جلسة أخوية لطيفة. فسررتُ بها كثيرا وشكرتُ الله عليها. واستمعت إليها بفرح وسرور وكأنني معكم في الجلسة. ولكن شاهدت فجأة أن هناك في جهتيكم مَن يَسترِق السمع إليكم، ودام الاستماع نصف ساعة من الزمان. فقلقت وقلت في قلبي: ربما بينهم جاسوس يغيّر معاني الكلام فيجعل من الحبة قبة حيث كانوا يُلقون السمع باهتمام. ولا يتلفت إليهم الإخوة المتكلمون لعدم اهتماهم بالحذر ولمتعة الجلسة والمؤانسة التي فيها. فكتبت إليكم جوابا بهذا الشأن.
والحمد لله فقد علمتُ أن الكلام ما كان فيه ضرر، ومع هذا فالأخذ بالحذر ضروري في هذه الفترة الحرجة.
ثانيا: لقد علمت من رسالة «المَلاحق» الحاملة لحُسن ظنٍ مفرط بحقي بما يفوق حدّي مائة درجة، أنه سيكون نظير المرحوم «حسن فيضي» الذي هو رائد طلاب النور في «دنيزلي»، وسيظهر في «أفيون» بإذن الله من أمثال «حسن فيضي» الكثيرون. فلا تكون «أفيون» قاصرة عن «دنيزلي» وعندها تتبدل مشقاتُنا مسراتٍ ورحمات.
سعيد النورسي
إخوتي!
ما كنت أهتم بالجرائد، إلّا أن نَشر مجلةُ «أهل السنة» و«سبيل الرشاد» مقالاتٍ لصالحنا، حيّرت -بلا شك- الأعداءَ الزنادقةَ والحاسدين. وقد أثار اهتمامي احتمالُ محاولة هؤلاء لإسكات أولئك الأصدقاء!
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
سلوان ذو حقيقة يزيل مصائبي المضجرة.
الأول: تحوُّل المشقات إلى رحمات ومسرات.
الثاني: الانشراح النابع من الرضى والتسليم لعدالة القدر الإلهي.
الثالث: السرور الناشئ من رعاية العناية الإلهية الخاصة بطلاب النور.
الرابع: اللذة الناشئة من زوال المصيبة التي هي عابرة.
الخامس: الأثوبة العظيمة.
السادس: عدم التدخل في مشيئة الله.
السابع: حصول أخف الجراحات وأقل المشقات عند أشد الهجوم شراسة.
الثامن: تضاؤل المصيبة بدرجات كثيرة بالنسبة للمبتلِيْنَ الآخرين.
التاسع: الفرح المنبعث من تأثير الإعلانات الرفيعة عن الانتهاء من الامتحان العسير في خدمة النور والإيمان.
فهذه المسرات المعنوية التسع، علاج لذيذ ومرهم لطيف إلى حدّ لا يمكن تعريفه لتهدئة آلامنا الشديدة.
سعيد النورسي
Aziz, sıddık, metin kardeşlerim!
On aydan beri münafıkların bir resmî memuru elde edip bütün desiseleriyle yaptıkları hücum, en küçük bir şakirdi sarsmadı. O iftiraları hiç hükmündedir. İspat ettiğimiz onun yüz yalanına karşı, bir gazetenin sâbık valinin tekaüde sevkini bir mektubumuzda bulup hilaf-ı vakidir diye bir tek yanlış bulmuş. Halbuki o yanlış, o gazeteye aittir. Her ne ise böylelerden böyle iftiralar, binden bir tesiri bize olmadığı gibi inşâallah daire-i Nur’a da zararı olmayacak.
Size söylediğim gibi memurun iftiranamesine çok ehemmiyet vermeyiniz, zihninizi bulandırmasın. Eğer müdafaatımda cevabı bulunmayan kanunî nokta varsa kısa cevap verirsiniz. Hem deyiniz: “Said der ki: Bizi ve Nurları beraet ettiren üç mahkemeyi kızdırmamak, tenkis etmemek için o garazkârane iddianameye karşı cevap verip ehemmiyet vermeyeceğim. Büyük müdafaatım, hususan on vecihle kanunsuzluğa tam ve mükemmel bir cevaptır.”
باسمه سبحانه
أولا: إنه لَعناية إلهية أنني لم أتمكن من سماع ما قاله المدعي العام من افتراءات. وإلّا كنت أجيبه بكلام قاس.
وما قلته في المحكمة: «سأحيلك إلى المحكمة». أعني به: أحيلك إلى المحكمة الكبرى لظلمك إيانا، وإلى محكمة دنيوية لتصرفك غير القانوني.
وقصدي مِن: «ليس لي محام». أن لنا جميعا محاميا لمسألتنا الكلية التي تخصنا معا. أما الهجوم عليّ شخصيا فأنا المتكفل بالإجابة عنه.. أبلغوا هذا «أحمد حكمت».
ثانيا: إن دفاعاتنا السابقة كافية لدحض افتراءات المدعي العام.
ثالثا: لقد كَتب إليّ كل من «مصطفى عثمان» و«جيلان»، أن ما قيل في المحكمة لا يؤدي إلى تأثير سيء في وسط دائرة النور، ولا يعكر صفو القلوب قطعا. ووجدت البطل الرائد «طاهري» قد تلقى الأمر هكذا أيضا.
رابعا: أظن أن الكفر والضلالة لأنهما يهجمان علينا بشكل منظم مستندَين إلى منظمات ومؤسسات، فإن القدر الإلهي يعذبنا بظلمهم الشنيع المستند إلى المنظمات، بمعنى أن اتحاد أهل الإيمان فيما بينهم في الوقت الحاضر أمر ضروري. ونحن لجهلنا بتلك الحقيقة نتلقى صفعة تأديب عادلة من القدر الإلهي.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
أولا: إن أفضل مكان لنا هو السجن في زمن حكمِ وزارة مستبدة تمنع الحج وتهدر ماء زمزم وتحظره، وتسمح بإنزال أشد الظلم بنا، ولا تكترث بمصادرة «ذو الفقار» و«سراج النور» وترفع درجة الموظفين الذين يتولون تعذيبنا قصدا، وبلا سند قانوني، ولا تُلقي السمع إلى أصواتنا المرتفعة ولا إلى بكائنا بكاءَ المظلومين المنطلقِ من مساكننا بلسان الحال. إن أفضل مكان لنا في فترة حكم هذه الوزارة هو السجن. إلّا أنه إذا نُقلنا إلى سجن آخر فستحل السلامة كليا.
ثانيا: كما أنهم حملوا أبعد الناس عنا بالإكراه على قراءة أخص الرسائل سرية. كذلك يدفعوننا دفعا وبإصرار لنشكل جمعية. لأن الأخوّة الإسلامية الموجودة في اتحاد جماعة أهل الإيمان قد نمت لدى طلاب النور نموا خالصا طاهرا مكللا بالتضحية الجادة والفداء التام الذي ورثوها عن أجدادنا الأوائل الملايين الأبطال الذين ضحوا بكمال الشوق بأرواحهم في سبيل حقيقة، فارتبط النوريون بتلك الحقيقة ارتباطا وثيقا بحيث لا يدع حاجة لحد الآن إلى تشكيل منظمات، سياسية كانت أم رسمية علنية كانت أم سرية.
إذن فهناك حاجة في الوقت الحاضر بحيث يسلط القدر الإلهي أولئك علينا، فهم يقترفون الظلم بإسناد جمعية موهومة إلينا. والقدرُ الإلهي يقول لنا: لِمَ لم تكوّنوا بإخلاص تام وبتساند تام حزبَ الله الحقيقي؟ فصفَعَنَا صفعةَ تأديبٍ بأيديهم، وقد عدل.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
إخوتي الأعزاء الصديقين!
أولا: لا أجدكم بحاجة إلى السلوان، يكفي أنكم تشدون الروح المعنوية بعضكم لبعض. وتكفيني كذلك اللوحة التي تقابلني!
وقد عُلم أن هذا الهجوم الأخير ما كان إلّا ظلما وعملا غيرَ قانوني وترهيبا لم ينجم إلّا من أوهام وضعف.
فقد كانت أوضاع الناس وموقف أفراد الأمن بمثابة اعتراض على ذلك الهجوم العابث.
ثانيا: هل تكفي دفاعاتي لما تُسنَد إلينا من اتهامات؟ وهل المحامون و«زبير» يسعون في الأمر؟ ألديهم شيء من القلق؟ عليهم أن لا يقلقوا قطعا!
إن المواد التي يتهموننا بها توجِب اتهام جميع من يحمل الأخوّة الإيمانية، حتى جماعات المصلين لجميع الأئمة، وطلاب جميع المعلمين والأساتذة. بمعنى أنهم وجدوا أنفسهم أمام معارضين أقوياء فهجموا علينا هذا الهجوم بوضع الإمكانات بدل الوقوعات.
ثالثا: إن قناعتي الشخصية هي أننا يجب أن نبقى في السجن حتى الربيع. إذ من المعلوم أن الأمور تتوقف في الشتاء. وستُمدنا العناية الإلهية إن شاء الله.
سعيد النورسي
(Hüsrev’in bir mektubudur.)
بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ
Sevgili üstadımız efendimiz!
Garazkâr raporlarıyla hakkımızda Afyon Adliyesini pek büyük bir dikkate sevk eden ve sekiz aydan beri şiddetli bir tazyik altında siz sevgili üstadımızı yaşatan, biz talebelerinizle birlikte Afyon hapsinde temadi-i mevkufiyetimize sebep olan ve Nur’un kabil-i inkâr olmayan mu’ciz-nüma hakikatlerini hasûdane nazarla mütalaa eden ehl-i vukuf ulemasına, siz sevgili üstadımız hem Risale-i Nur yirmi beş seneden beri sükût etmiş iken, o muhterem allâmelerin ehl-i imanı, hususan hamele-i Kur’an’ı müdafaa ve muhafaza en büyük vazifeleri iken, Afyon Adliyesini aleyhimize teşvik edip tahrik eden raporlarına karşı siz sevgili üstadımızı esefle mukabeleye mecbur eden yazılarınız şefkatinizin eseri olduğu şüphesizdir.
Yirmi beş seneden beri, zaman zaman gizli düşmanlarınıza karşı bir avuç talebenizle mücadeleye giren siz sevgili üstadımızı ve Kur’an’ın en büyük hakikatlerini muhtevi Risale-i Nur’u müdafaa etmek şöyle dursun, en tehlikeli vakitlerimizde cephe alan bu âlimlere karşı pek çok sualleri sormak hakkınız iken pek cüz’î sualleriniz, o âlimleri ikazdan başka bir şey olmayacak.
Böyle en nazik zamanlarda muavenetinize pek çok muhtaç olduğumuz menbalardan doğan ümitsizliklerimizi büyük bir izzete tebdil eden ve pek büyük bir ihsan-ı İlahî olan inayet-i hâssa, bu Afyon hapsinde tekrar kendini gösterdi. Sekiz aydan beri titremeyen zemin, siz sevgili üstadımıza, Risale-i Nur’a hücum zamanlarında, gizli düşmanların hücumu ile gelen zelzeleleri yazarken, bugün yine zemin hiddet edip iki defa şiddetli bir surette titremesiyle bizi de şahit göstermiş, ümitlerimizi takviye etmiş, imhanıza susayan insafsız düşmanlarınızın en dehşetli savletleri karşısında zâhirî kimsesizliğinize şefkat etmiş, maddeten aczinize merhamet etmiş, imdadınıza yetişmiş, titreyen zemin ile davanızın doğruluğunu tasdik etmiş. İlahî ve melekûtî bir kudretle mübarek kaleminizden çıkıp yükselen “Zafer bizimdir!” beşaretlerinizi ihtar ile bizleri siz sevgili üstadımıza çok minnettar eylemiştir.
اَل۟بَاقٖى هُوَ ال۟بَاقٖى
Çok kusurlu talebeniz Hüsrev
باسمه سبحانه
إخوتي الأعزاء الأوفياء!
أولا: الأخذ بالحذر والحيطة مع الاستشارة والثبات أمور ضرورية.
ثانيا: لقد سلمت أعمالي هنا إلى «زبير» و«جيلان»، حيث أُخطر لي إخطارا معنويا أن «زبير» بديل ابن أخي المرحوم «عبد الرحمن»، و«جيلان» بديل ابن أخي الآخر المرحوم «فؤاد».
Sâlisen: Haber aldım ki çok çalışan fakat ihtiyatsız Ahmed Feyzi’nin “Maidetü’l-Kur’an” başında malûm mektubumu mahkeme heyeti bahane ederek (ki Said kendi hakkındaki medihleri vesaireyi tasdik etmiş) benim mahkûmiyetime bir sebep gösterilmiş. Ben mükerrer dedim ki her şeyden evvel Ahmed Feyzi onu beyan edip ki o mektup, kendi hakkındaki mektupları kabul etmemek ve sair bir kısmını ta’dil etmek için idi, demesi lâzımken lüzumsuz onları hiddete getiren şeyleri yazmış. Ben onun bin kusurunu görsem ondan gücenmem. Fakat Nurlara zarar gelmemek için cesurane ve ihtiyatsız hareketten bir derece çekinmek lâzımdır.
Râbian: Feyzilerin bir kahramanı olan Ahmed Feyzi kardeşimiz de Tahirî’nin koğuşu olan medresesinde aynen Tahirî gibi davranmalı. Ve gidenlerin yerinde, onların şakirdlerini Kur’an ve Nur dersleriyle ve yazılarıyla teşvik etsin. Dün bana gönderdiği yeni talebelerin defterleri benim hazîn halimi sevince tebdil etti. Elhamdülillah dedim.
إن الاعتداء والهجوم في هذه المرة قد شن في دائرة واسعة جدا.
فقد هاجمَنَا كل من رئيس الحكومة والوزراء؛ هاجموا وفق خطة مرسومة بنيت على أوهام رهيبة. فحسبَ ما تلقيته من خبر وبأمارات كثيرة، إن الإخباريات الكاذبة للمنافقين المتخفين، وبدسائسهم الماكرة لفّقوا لنا علاقة قوية وارتباطا وثيقا بالمنظمة الداعية إلى إحياء الخلافة الإسلامية، وبالجمعية السرية للطريقة النقشبندية. بل أظهرونا كأننا في مقدمتهم ورائدوهم. حتى ساقوا الحكومة إلى اضطراب وقلق كبير، مبينين المجموعات الكبيرة لرسائل النور المجلدة في إسطنبول والمرسَلة إلى العالم الإسلامي التي كسبت الرضى والقبول هناك دليلا على نشاط النوريين. فقذفوا في روع الحكومة الخوف والهلع وأثاروا عِرق الغيرة والحسد لدى بعض العلماء الرسميين، وهيجوا الأوهام والشكوك لدى الموظفين حتى جعلوهم ضدنا. وقد حسبوا أن هناك وثائق كثيرة وأمارات عديدة تُديننا، واعتقدوا كأن سعيدا الجديد لا يتحمل الأوضاع كما كان سعيد القديم، فيخل بالنظام.
ولكن الحمد لله بما لا يتناهى من الحمد والشكر، فلقد خفف وطء تلك المصيبة من الألف إلى الواحد، فهم لم يستطيعوا أن يعثروا على أية علاقة كانت مع المنظمات والجميعات فهي غير موجودة أصلا، فكيف يجدونها؟ ولهذا اضطر المدعي العام إلى اختلاق الأكاذيب والافتراءات وإسناد أمور جزئية تافهة غير ذات مسؤولية إلينا.
فما دامت الحقيقة هي هذه، فقد نجونا إذا نحن ورسائل النور من تسع وتسعين بالمائة من المصيبة، لذا ينبغي لنا انتظار رعاية العناية الإلهية وترقبها بالشكر والصبر والتضرع لتتجلى علينا تجليا كاملا. فعلينا إذن الشكرُ بل ألف شكر وليس الشكوى وأن نمدّ يد العون إلى القادمين والمغادرين لهذه المدرسة اليوسفية وتسليتهم بدروس النور.
سعيد النورسي
باسمه سبحانه
أخي العزيز الصدّيق!
لقد علمت بإخطار شديد، أنك و«أحمد فيضي» قد سلكتما سلوكا خارج مسلك النور الذي هو عدم المجابهة والمبارزة وعدم الانهماك مع أهل الدنيا (السلطة الحاكمة) وعدم الدخول في أمور السياسة، والدفاع فقط عند الاضطرار القاطع؛ فما أدليتما به وقرأتماه من فقرات في المحكمة من أمور كثيرة، ومُضرّة كانت تنم عن المجابهة والمبارزة وبأسلوب سياسي، وقد ألحق أضرارا كثيرة لرسائل النور حتى ولّدت إنـزالَ العقاب بنا جميعا وإلى تشديد الخناق عليّ.
فأنا لا أسخط عليك ولا على «أحمد فيضي»، ولكن كان يجب إراءته لي أولا، لقد أعطي لكما ذلك الوضع (الدفاع) كقضاء إلهي مادي، وعليكم العمل مثلي لأجل ترميمه. والألزم لـ«فيضي» ترك الدفاع السياسي بكل ما يملك من قوة، والتوجه الكلي إلى رسائل النور كـ«طاهري» ولينشغل مع الطلاب الجدد.
بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ
Aziz kardeşlerim!
Bana ve Nurlara ait kırk küsur sahife ile beraber Hata-Savab Cetveli ve zeyli, Posta gazetesine cevabı, herhalde hem yeni harfle hem eski harfle basmasına hem Isparta’da hem İstanbul’da, eğer mümkünse burada dahi çalışmak lâzımdır. Madem mahkeme aleyhimizde zannettiği meselelerini makine ile teksir ediyorlar. Biz dahi aynı meselelerini ve doksan sehvi teksir etmek kanunen hakkımızdır, teksir etmemiz lâzımdır. Sonra da büyük müdafaatımla Ahmed Feyzi, Zübeyr, Mustafa Osman, Hüsrev, Sungur, Ceylan gibi arkadaşların itiraznameleri de inşâallah bastırılacak.
Said Nursî
بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ
Aziz, sıddık kardeşlerim!
İki saat zarfında iki acib ve latîf, zâhiren küçük, hakikaten ehemmiyetli iki hâdiseyi size yazmak ihtarı aldım.
Birincisi: Nur’un iki namzet talebesine Rehber’den Leyle-i Kadirde ihtar edilen meseleyi okudum. Âhirinde “Beş on senede medrese hocalarının tahsil derecelerini, Nur şakirdleri on haftada kazanır.” dediğim aynı dakikada kalbe geldi ki: Eski Said’in on beş yaşında iken medrese usûlünce on beş senede okunan ilmi, on beş haftada okumaya inayet-i İlahiye ile muvaffak olması gibi; rahmet-i Rabbaniye ile Risale-i Nur dahi ilm-i hakikatte ve imaniyede on beş seneye mukabil –bu medresesiz zamanda– on beş hafta kâfi geldiğini, bu on beş senede belki on beş bin adam kendi tecrübeleriyle tasdik ediyorlar.
İkincisi: Aynı saatte, ağır penceremiz –âdeta sebepsiz– kaplarım ve şişelerim ve yemeklerim üzerine düştü. Biz tahmin ettik ki hem camlar hem bütün şişe ve bardaklarım kırıldılar ve içlerindeki taamlar zayi oldular. Halbuki hârika olarak hiçbir kırık ve zayiat olmadı. Yalnız bana hediye gelen pişirdiğim et döküldü. Fakat Nur’un namzet yeni talebelerine kısmet olduğu, benim de hediye kabul etmemek olan kaidemi muhafaza ve birinci hâdiseye hârikalığıyla tasdik edip imza bastı.
Said Nursî
بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ
Kardeşlerim!
Bütün bütün kanunsuz olarak bizim temyiz evrak ve lâyihalarımız daha temyize gönderilmemiş. Bizim üç muktedir avukatlarımız, mümkün olduğu kadar pek çabuk evrakımızın Mahkeme-i Temyize gönderilmesine herhalde bir çare bulsunlar. Yoksa on bir ay bahanelerle tevkifimizi uzatmak ve beni mahkemede konuşturmamak ve on bir ay tecrid-i mutlakta soğuk sıkıntılarla tazip etmekle hakikat-i adaletin kabul etmediği bir garazı ihsas ettiğinden, bizim mahkememizi başka bir vilayetin mahkemesine nakletmek için hem avukatlarımız hem sizler bütün kuvvetinizle çalışmak lâzım ve elzemdir.
Said Nursî
بِاس۟مِهٖ سُب۟حَانَهُ
Aziz, sıddık, hâlis, sebatkâr, fedakâr kardeşlerim!
Evvela: Sırr-ı İnna A’tayna hiç yanımda bulunmadığının sebebi, eski zamanda iki hiss-i kable’l-vukuumda bir iltibas olmuş.
Birincisi: Bir hiss-i kable’l-vuku ile yalnız vatanımızda dehşetli bir hâdiseyi ve zalimlerin musibetini hissettim. Halbuki büyük dairede, zemin yüzünde, haber verdiğimiz gibi on iki sene sonra aynen o sırr-ı azîm görüldü. Benim istihracımı gerçi zâhiren bir parça tağyir etti. Fakat hakikat cihetinde pek doğru ve ayn-ı hakikat meydana çıktı. Bunun için o risaleyi yanımda bulundurmuyorum ve başkalarına vermiyorum.
İkincisi: Kırk sene evvel tekrarla derdim: “Bir nur göreceğiz.” Büyük müjdeler verdim. O nuru büyük daire-i vataniyede zannederdim. Halbuki o nur, Risale-i Nur idi. Nur şakirdlerinin dairesini umum vatan ve memleket siyasî dairesi yerinde tahmin edip sehiv etmiştim.
Müdür Bey!
Size teşekkür ederim ki kurtuluş bayramının bayrağını koğuşuma taktırdınız. Harekât-ı milliyede İstanbul’da, İngiliz ve Yunan aleyhindeki Hutuvat-ı Sitte eserimi tab ve neşrile belki bir fırka asker kadar hizmet ettiğimi Ankara bildi ki Mustafa Kemal şifre ile iki defa beni Ankara’ya taltif için istedi. Hattâ demişti: “Bu kahraman hoca bize lâzımdır.” Demek, benim bu bayramda bu bayrağı takmak hakkımdır.
Said Nursî
دفاع طلاب النور
هذه دفاعات رفعها طلاب رسائل النور في محكمة أفيون سنة ١٩٤٨. فقد حوكموا أولا وأشيع عن أحكام الإعدام لبث الخوف في النفوس إلّا أنها انتهت بإعادة الرسائل.
إن العلاقات الخاصة الصافية التي تربط طلاب النور بالرسائل وبمترجمها (أي الأستاذ)، والتي لا يرجون منها إلاّ الثواب في الآخرة.. أقول؛ إن الذين يحاولون أن يصموا هذه العلاقة الخالصة بأنها علاقات دنيوية أو سياسية، بُغْيَةَ إدانة الطلاب أمام المحاكم، بعيدون كل البعد عن الحقيقة والعدالة، فضلا عن أن اتفاق ثلاث محاكم على تبرئة ساحتهم من تلك التهمة تبهتهم.
زد على هذا نقول:
إنه لا يمكن إلصاق تهمة الانتماء إلى التنظيمات والجمعيات السياسية إلى طلاب النور إلّا بأمرين:
الأول: إنكار الروابط الأساس التي تُبنى عليها الحياةُ الاجتماعية الإنسانية، ولاسيما الأمة الإسلامية وهي المَحبة الصادقة بين الأقارب، والعلاقة الوثيقة بين القبائل والطوائف، والأخوة المعاوِنة معنويا ضمن الملّية الإسلامية، والآصرة القوية المتسمة بالتضحية والفداء مع أبناء جنسه وقومه، والرابطة التي لا تنفصم، والالتزام التام بحقائق القرآن وناشريها تلك التي تنقذ حياته الأبدية. وأمثالها من الروابط التي تشد أبناء المجتمع وتحقق الحياة الاجتماعية السليمة.
الثاني: بقبول الخطر الأحمر القادم من الشمال الذي ينشر بذور الفوضى والإرهاب، والذي يُفني وشائج النسل والقوم فيقطع روابط الأبوة والبنوة مزيلا علاقات القرابة والقوم، ويفتح الطريق إلى إفساد الحضارة البشرية والمجتمع الإنساني إفسادا كليا.
وبهذين الأمرين وحدهما يمكن إلصاق تهمة الانتماء إلى الجمعيات والتنظيمات إلى طلاب النور، ولأجل هذا يُظهر طلاب النور -دون تردد- علاقاتِهم التي لا تتزعزع بحقائق القرآن، وبأخوّتهم الأخروية، فيبينون حقيقة حالهم أمام محكمتكم العادلة، من دون أن يتنازلوا إلى الدفاع عن أنفسهم بالحيَل والأكاذيب والتملق.
الموقوف
سعيد النورسي
دفاع «خسرو»
إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:
لقد وجّه المدعي العام تهمتين لي: إحداهما: اتهام عام وكلي، والأخرى: اتهام خاص.
الاتهام العام: هو سعيي في سبيل رسائل النور واشتراكي في الجرم الموهوم المسنَد إلى أستاذي.
أما الاتهام الخاص فهو حول أمور شخصية وخاصة بحياتي التي تتسم بطابع الانزواء ولا تُشكل في الحقيقة أيَّ ذنب أو جرم، لأنها مسائل جزئية ولا أهمية لها.
وأنا أقول ردًّا على اتهام مقام الادعاء حول اشتراكي في الجرم الموهوم لأستاذي وحول بذلي الخدمات في سبيل رسائل النور:
إنني أشترك في مسلك أستاذي بل أشترك معه وأساعده بكل روحي وقلبي في الجرم الموهوم المسنَد إليه في موضوع رسائل النور التي تؤدي خدمات مقدسة للعالم الإسلامي، ولاسيما لهذا الوطن ولهذه الأمة، وسأظل أحمد الله تعالى وأشكره حتى آخر عمري لتوفيقه إياي لهذه الخدمة الإيمانية.
هيئة المحكمة الموقرة!
إنّ أَبْلغ دليل للنجاح الذي رأيناه جراء خدمتنا لرسائل النور
هو أنه بينما كان خطي في كتابة حروف القرآن رديئا جدا، إلّا أنه قد تحسن تحسنا يفوق قدرتي وإمكانياتي، حيث استطعتُ كتابة ثلاث نسخ رائعة لا مثيل لها من القرآن الكريم، إحداها بين أيديكم.
الدليل الثاني: هو أنني وُفّقت إلى كتابةِ ما يقارب ستمائة رسالة من رسائل النور التي حَققت منافعَ كبيرة جدا لهذا الوطن ولهذه الأمة وللدين وللأخلاق الحسنة منذ عشرين عاما. حتى إن أصدقائي يعلمون بأنني وُفّقت إلى كتابة أربع عشرة رسالة في مدة قصيرة بلغتْ شهرا واحدا.
وأنا أرى أنه من الفضول القيامُ بالدفاع عن النقاط التي تَوهّمها مقامُ الادعاء جُرما لي في خدمتي لأستاذي وهو يؤدي مهمته المقدسة، لأنني أصادق وأوافق بكل ما أملك من قوة على كل ما جاء في الدفاع الذي كتبه أستاذي، وفي تتمة دفاعه وأعُدّه دفاعا لي وأقدمه إلى محكمتكم السامية على هذا الأساس.
هيئة المحكمة الموقرة!
إن أستاذي -الموجود حاليا في محكمتكم- بمؤلفاته المباركة حول الإيمان وحقائق القرآن وبرسائله النورانية لم يَقصد أيةَ بغية دنيوية ولا أي قصد سياسي، فأنا وأصدقائي إذ نؤيد أستاذنا ونبارك له خدماته المقدسة التي قدمها لهذا الوطن ولهذه الأمة فإننا نقول بأنه حتى الوطنيين في حكومة «الاتحاد والترقي» أيدوا هذا، فنراهم يخصصون تسعة عشر آلاف ليرة ذهبية لأجل تمكينه من بناء مدرسته المسماة «مدرسة الزهراء» في مدينة «وان» وقد أعجب حتى محبو الوطن بوطنية أستاذنا وبحميته الملية وبخدماته العلمية وأيدوها، لذا نرى أن مائة وستين نائبا من مجموع مائتي نائب يوقعون بالموافقة على تخصيص مائة وخمسين ألف ليرة لدار الفنون (الجامعة).
إنني أود أن أعرض على محكمتكم الموقرة وأن أعلن بأنني فخور جدا بالخدمة التي أديتُها لرسائل النور، بكوني مستنسخا لها طوال عشرين عاما، هذه الخدمة التي عدّها مقامُ الادعاء جُرما وذنبا لي، ذلك لأن أستاذي -بارك الله فيه- عَمِل طوال حياته لأداء خدمة مقدسة أراد فيها وضع اللبنات لسعادة هذا الوطن وهذه الأمة، وهذا هو السبب في أن أكثر حسّاده وأعدائه ضراوةً والذين كانوا يسعون لإدانته في المحاكم لم يستطيعوا التعرض لكلماته الشديدة والمؤثرة ولم يكن أمامهم سوى التسليم بما يقول.
الموقوف
خسرو آلتن باشاق
دفاع «طاهري»
إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:
لقد تم تبليغي من قِبَل مقام الادعاء العام لمحكمة «أفيون» بأن التهمة الموجهة لي ولأستاذي «بديع الزمان سعيد النورسي» ولأصدقائي الآخرين هي استغلال الشعور الديني لتحريض الشعب للإخلال بأمن الدولة، وأن هذا هو سبب تقديمي للمحكمة.
لقد أجبت عن جميع الأسئلة التي وُجّهت إليّ (سواء في محكمة صلح «إسبارطة» أم في دائرة التحقيق في «أفيون») إجاباتٍ صحيحة. ولقد قامت محكمة «دنيزلي» بإعادة جميع كتبنا المصادَرة وذلك بعد أن أصدرت قرارها بتبرئتنا، ولم تعاقبنا. لأننا -مع إخوتنا الآخرين من طلبة أستاذي «بديع الزمان»- كنا نقرأ ونستنسخ رسائل النور ونتراسل بيننا، مع أنني قمت قبل ست سنوات -ودون إذن من أستاذي- بطبع خمسمائة نسخة من رسالة «الشعاع السابع» لبديع الزمان في مطبعة في «إسطنبول» بالأحرف القديمة. فقد قامت محكمة «دنيزلي» بقرارها المؤرخ في ٢٠/ ٧/ ١٩٤٥ بإعادة جميع هذه الكتب بصناديقها إلينا، وعند ذلك تم توزيع هذه الرسائل -مقابل ثمن طبعها- على طلاب النور الذين كانوا في شوق إليها.
وهكذا، واستنادا إلى الحُكم الذي اكتسب صورةً قطعية بقرار التمييز الذي صدر عن هذه المحكمة الموقرة، فقد قمت قبل سنتين بجلب الأوراق وجهاز الاستنساخ (الرونيو) من «إسطنبول» إلى «إسبارطة».
وقد قام أخي «خسرو آلتن باشاق» بكتابة مجموعتين من المجموعات الثلاثة الموجودة بين أيديكم. أما المجموعة الثالثة فقد قمت أنا بكتابتها. قمنا أولا بطبع مجموعة «ذو الفقار» و«المعجزات القرآنية» و«المعجزات الأحمدية» وبعنا بعضها واشترينا من هذا المبلغ الأوراقَ اللازمة لمجموعة «عصا موسى» وتم طبعها، ثم اشترينا الأوراق لمجموعة «سراج النور» وطبعناها. وقد استغرق هذا مدة سنة واحدة.
وعندما قمت بنقل ثلاثين مجموعة إلى «أكريدر» قبضوا عليَّ وسلَّموني إلى الجهات العدلية في «أكريدر» ولم تمض مدة طويلة حتى دُوهِم بيت «خسرو آلتن باشاق» من قِبَل الجهات العدلية لمدينة «إسبارطة» حيث صودر جهاز «الرونيو» ومجموعاتُ رسائل النور وقُدّمنا إلى المحكمة قبل سنة، وفي النتيجة أُصدر علينا (خسرو وأنا وصديق آخر معنا) الحُكمُ بالحبس لمدة شهر واحد لقيامنا دون إذن رسمي بطبع كتب دينية غير ممنوعة. فقمنا بتمييز هذا القرار، وقبل أن تَظهر نتيجةُ التمييز جيءَ بي إلى سجن «أفيون».
وهكذا يراد في محكمتكم الموقرة إيقاعُ العقوبة بي لأنني قدمت هذه الخدمة لديني ولإخواني في الدين، وذلك للمسائل الواردة في رسالة «الشعاع الخامس» -التي كانت المحكمة قد أعادتها لنا- والتي تحتوي على شرح لبعض الأحاديث الشريفة، كما أن المدعي العام لمحكمة «أفيون» اتهمني واتهم مؤلف الرسالة و«خسرو آلتن باشاق» مع ست وأربعين طالبا من طلاب النور بالإخلال بأمن البلاد وبكتابة هذه الرسائل وقراءتها مُطالِبا بإيقاع العقوبة بنا.
وكمواطن حقيقي في هذا الوطن فإنني سأتكلم في حضوركم دون أن أحيد عن الحقيقة وأقول:
إنني طالب منذ عدة سنوات لأستاذي «سعيد النورسي» الذي أكنّ له احتراما كبيرا، فقد ربَّانا برسائله وهذَّب أخلاقنا الدينية ورقّاها، ومع أننا ننظر إليه بصفة «مجدد» إلّا أنه يرفض هذا ويردّنا. وأنا أشهد عن يقين بأنه لا توجد عنده ولا في رسائله ولا عند طلابه أية محاولة للقيام بإخلال أمن البلاد،
ولاسيما إن أحد الاتهامات الموجهة إلينا كان بخصوص أثمان الكتب، وعندما اطلعتْ محكمة «إسبارطة» على الحقيقة في هذا الخصوص عن قرب لم تُصدر بحقنا أيةَ عقوبة، ذلك لأننا لا نحتاج في معيشتنا إلى أثمان هذه الكتب أبدا ولا نعتاش عليها. ونحب أن نقول لمحكمتكم الموقرة بأنها مقابل أثمان جهاز الاستنساخ «الرونيو» وأثمان الورق والحبر.
إن جهودنا هذه وخدمتنا النابعة من نيات صافية وفي سبيل الله تعالى لا يمكن أن تُشكِّل ذنبا أو جُرما، لذا نطلب من محكمتكم الموقرة ومن ضمائركم الحية إعادة رسائل النور إلينا.
الموقوف
طاهري
دفاع «زبير»
هيئة محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى!
إنني متهم بتهمة تشكيل جمعية سرية وبالإخلال بأمن الدولة، ولأنكم سوف تقتنعون بما سأعرضه عليكم أدناه اقتناعا كاملا بأنني لم أقترف مثل هذا الجرم فإنني أردُّ هذه التهمة منذ الآن.
أجل، إنني طالب من طلاب النور.. أقول هذا وأعلنه بكل سرور وقناعة لأن إنكار هذا الأمر يتناقض تماما مع دروس الفضيلة التي لقنتني إياها رسائل النور، لذا فلست مستعدا لاقتراف هذا الجرم، إن الشخص الذي يقرأ رسائل النور على الدوام لا يمكن أن يخفي قراءته هذه، بل على العكس من ذلك فإنه يفتخر بهذه ويعلنها دون تردد أو خشية، ذلك لأن رسائل النور لا تحتوي على أية جملة بل على أية كلمة توجب الخشية أو التردد.
كنت قد حاولت بيان قيمة رسائل النور في كراسة تتألف من أربعين إلى خمسين صفحة.. لا أقول بأنني مدحتها.. ذلك لأنني لست قادرا على إيفاء جزء صغير من رسائل النور حقَّها فكيف بكل هذه الرسائل؟
ذلك لأنَّ هذه الرسائل تفسير حقيقي للقرآن الكريم الذي هو عقل الكون وشمسه التي نورت وأضاءت طريق البشرية وهدتها وأرشدتها منذ ما يزيد على ألف وثلاثمائة سنة.
وكما ذكرت، فإن وجدتم موضعا -أيا كان- حول الجمعية السرية في المؤلفات التي حاولتُ بيانَ قيمتها، يمكنكم إيقاع العقوبة بي لكوني آنذاك مروِّجا لمؤلفات ضارة. ولكن رسائل النور هذه التي أُلّفت بشكل رائع وغير مسبوق والتي حازت على رضى الشخصيات العلمية وتأييدهم، والتي تملك قدرةَ إصلاح مجتمع فاسد وتملك قابليةَ إرشادِ إنسانِ القرن العشرين وإنقاذه من الضلالة ومن المادية ومن الإلحاد ومن عبادة الطبيعة ومن حياة السفاهة ومن ظلمة الأفكار الدامسة التي تفضي إليها هذه المادية، وتفتح الرسائل بفيض من القرآن الحكيم ونور منه أبوابَ السعادة الأبدية والسلامةِ الأبدية للبشرية. فإذا لم يكن في كليات رسائل النور أيّ موضوع يؤيد التُهم المسنَدة إليها، فإن صدور أي عقاب ضدي يعد تناقضا مع أسس العدالة، وهذا -حسب قناعتنا- هو ما ستراه محكمتكم وستَقبله.
لقد قيل في أثناء استجوابي: يُقال إنك من طلبة رسائل النور؟
أقول: إنني لا أجد في نفسي لياقة لكي أكون طالبا لأستاذ عبقري مثل «بديع الزمان سعيد النورسي». فإن قَبِل هو هذا فإنني سأقول بكل فخر: أجل! إنني من طلاب رسائل النور.
كثيرا ما تعرض مؤلف رسائل النور -أستاذي الذي لا مثيل له «بديع الزمان سعيد النورسي»- إلى افتراءات من قِبل أعدائه الخفيين وسِيق إلى المحاكم، ولكنه بُرّئ من قِبل جميع هذه المحاكم. وقد قامت هيئةٌ مؤلَّفة من الأساتذة ومن علماء الإسلام بتدقيق كل سطر بعناية في المجموعة الكاملة لرسائل النور، واعترفوا في تقاريرهم بأن هذه الرسائل مؤلفة عن علم كبير وأنها تفسير حقيقي للقرآن الحكيم. فإذا كانت هذه هي الحقيقة فلماذا يُساق إلى المحكمة مرة أخرى؟.. سأقول لكم قناعتي التامة حول هذا الأمر:
إن الذين يقرؤون رسائل النور، ولاسيما من الشباب الواعي يكتسبون إيمانا قويا. فيصبح متدينا تدينا لا يهتز ولا يتوانى عن أية تضحية، ويكون مُحبَّا لوطنه. وعندما يوجد إيمان صلد في أي موضع كان فلا يكون هناك مجال للسفاهة وللسقوط الأخلاقي الذي يكون نتيجة طبيعية لبعض الأيديولوجيات الضارة. وكلما زاد عدد المتسلحين بهذا الإيمان القوي ضاق المجال أمام توسع الماسونية والشيوعية. إن رسائل النور تقوم -استنادا إلى آيات القرآن الكريم- بالبرهنة على مدى زَيف الفلسفة المادية التي يستند إليها الشيوعيون وذلك ببراهين وحجج قوية وتبرهن مدى بُعدها عن الحق وعن الحقيقة ببراهين عقلية وفكرية ومنطقية فتنير بذلك أذهان الذين سقطوا في ظلمة هذه الفكرة الفاسدة وتنقذهم. وتقوم بإثبات وجود الله للماديين الذين لا يؤمنون إلا بما يشاهدونه بأعينهم بأدلة قوية يستحيل إنكارها أو الاعتراض عليها.
إن هذه الرسائل تستقرئ نفسها على طلاب الثانوية وعلى طلاب الجامعة بما تتمتع به من أسلوب أخاذ وأصيل ومن أدب راقٍ.
ولهذا فقد أدرك الشيوعيون والماسونيون أن رسائل النور تشكل عائقا قويا أمام أفكارهم السامة، لذا فإنهم يتوسلون إلى مختلف الافتراءات والدسائس لكي يزيلوا رسائل النور ويمنعوا قراءتها لأنها مستند قوي ومنبع ثرّ للإيمان لكونها تفسيرا حقيقيا للقرآن الكريم. ومع أنه لم تظهر هناك أية أمارة على ما أسندوه إلى رسائل النور كذبا، فإنهم مستمرون على هجومهم.
ويظهر من هذا أنهم يرومون إخافتنا وإبعادنا عن رسائل النور، ومن جهة أخرى كي يقدموا لنا كتبهم المسمومة. وهكذا يستطيعون محو الإيمان وإزالته من أُمتنا ومن شبابنا لكي يتم الانهيار الأخلاقي. فيضمنوا بذلك سقوط الحكومة سقوطا ذاتيا ويسلموا وطننا وأمتنا إلى دولة أجنبية، فهذا هو أملُهم.
وأنا أودّ أن أعلن في حضور محكمتكم بكل صراحة ودون أي تردد: ليعلمْ هؤلاء جيدا بل ليرتجفوا خوفا، ذلك لأننا لن نخشى ألاعيبهم ولا نخشاهم، لأننا رأينا الحق والحقيقة وتَعَلمناها من رسائل النور وآمنا بها.
إن الشباب التركي يقظ غير نائم، وهذه الأمة التركية المسلمة لا يمكن أن تكون خاضعة تحت حُكم دولة أخرى. إن الشباب المسلم الفدائي -استنادا إلى قوة إيمانه اليقيني- لا يمكن أن يسمح ببيع وطنه. إن الأمة التركية المتدينة البطلة والشباب التركي المؤمن لا يمكن أن يجبنا أو يخافا. لذا فإننا نقرأ رسائل النور وسنداوم على قراءتها لأنها تسمو بنا إلى أعلى مستوى من الخلق الإنساني وإلى أعلى مراتبها،
ولأنها تعلّمنا -نحن الشباب- الدين الذي هو سبب رقيّنا في جميع المجالات، ولأنها تبث فينا محبةَ الوطن ومحبة الأمة وتربينا على القيم الدينية التي تجعلنا نضحي بكل ما نملك في سبيلهما. وكما ذكرت سابقا فإنني استفدت فائدة كبيرة من رسائل النور مع أنني قرأت جزءاً يسيرا منها، ولو كنت أَملك ثروة لصرفتها في نشر المجموعة الكاملة لهذه الرسائل التي تُحقق فوائد كثيرة جدا للوطن وللأمة وللإنسانية جمعاء، ذلك لأنني على أتم استعداد للتضحية بكل ما أملك في سبيل ديني وفي سبيل السعادة الأبدية لوطني ولأمتي وفي سبيل سلامتهما.
كنت أحس بفراغ كبير في نفسي ، في روحي، وبينما كنت أبحث عن كتاب لأقرأه وجدت رسائل النور التي ما إن قرأتها حتى علمت بأنني لن أستطيع بَعدُ مفارقتَها، إذ أحسست بأنها هي التي تسدُّ هذه الحاجة القلبية لديَّ، لأنني وجدت فيها البراهين والأدلة العقلية والإيمانية المنقذة من الشبه العلمية والإيمانية، وتخلصتُ بذلك من القلق ومن الضيق الذي كانت الشبهاتُ تُحدثه وتولده فيّ. وأدركتُ من هذه الحقائق أن رسائل النور كُتِبَتْ لإنسان هذا العصر.
لكي يملك الإنسان المزايا السامية كالأدب الجَم والتربية الراقية فإن عليه أن يملك إيمانا قويا، ولما كانت رسائل النور تَعرِض الحقائق الإيمانية بأدلة غاية في القوة وبأمثلة واضحة. فقد أحسست أن إيماني يقوى كلما قرأتها، وهذا أنقذني من السقوط في هوة الضلالة، وأنقذني من العدول عن ديني الجامع لكل جوانب الحق والحقيقة -وهما أُسسُ أرقى مدنية- وأنقذني من أن أكون لقمة سائغة يلتهمها الوحش الأحمر.
لذا فهي تنقذ قراءها من كثير من المصائب المادية والمعنوية وتعطي لهم عِلما يفوق العلم الذي يملكه خريج الجامعة، وتبث فيهم حُبَّ الإسلام وحُبَّ الوطن والأمة وتعلمهم إطاعة الله والعمل الجاد والنشاط والرحمة. فأيما قارئ لها لا يتخلى عنها ولا يغادرها مهما كان الثمن، ولا يمكن إخراج مثل هذه المشاعر الخالصة نحو رسائل النور من احترام وتوقير من قلب أي شخص مهما كان.
توصَف رسائل النور من قبل مقام الادعاء العام بأنها مؤلفات ضارة؛ وأنا أَحتج بشدة على هذه الفرية التي لا يقول بها مَن كان له نصيب من ضمير ووجدان.
ويذكر الادعاء بأنني كنت أشجع على قراءة رسائل النور.. أجل!.. هذا صحيح. ولكن قلوب جميع المثقفين دُميت من الافتراء الآخر، بل بكيت وصُرّتْ أسنانهم.
إن القرن العشرين هو القرن الذي تسود فيه الأفكار المدللة عليها بالبراهين، إذ لا يلتفت أحد إلى أي شيء ولا يمكن الإيمان بأي شيء دون دليل ودون برهان، لذا نطلب من مقام الادعاء إثباتَ أن رسائل النور كتب ضارة.
من بين المقاصد والغايات ما يشيعه الأعداءُ الخفيون من افتراءات هو كسر التساند والرابطة فيما بيننا، النابعة من مشاعر الحب والاحترام والتراحم للأخوّة التي تربط بين قراء رسائل النور الذين ارتبطوا بروابط الإسلام من أجل خدمة القرآن فقط وليس من أجل أي هدف آخر.. إذا كانت هذه هي غايتهم.. فهم واهمون وعبثا يحاولون. وأنا -باعتباري أكثر قراء رسائل النور عامية وأقلهم فهما وفي الصفوف الخلفية منهم- أقول جوابا لهؤلاء:
لو كان أحدنا في الشرق والآخر في الغرب.. لو كان أحدنا في الشمال والآخر في الجنوب.. لو كان أحدنا في الآخرة والآخر في الدنيا فإننا جميعا معا، ولو اجتمعت قوى الكون لما استطاعت أن تُبعدنا عن أستاذنا «سعيد النورسي» ولا عن رسائل النور ولا أن تُفرق فيما بيننا.
ذلك لأننا نخدم القرآن، وسنظل نخدمه، ولأننا نؤمن بحقيقة الآخرة. فإنه ما من قوة تستطيع قلع هذه المحبة وهذا التساند المعنوي فيما بيننا، ذلك لأن المسلمين جميعا سيجتمعون في دار السعادة الأبدية.
دعوني أذكر لكم -إن ســمحتم- الحقيقةَ المهمة التالية باســمِ أمنِ وسلامة وطننا وأمتنا:
إن من ضمن الخطط السرية للشيوعيين هو تحريض الشعب ضد الحكومة،
بجانب التقارير المزيفة الكاذبة التي تقدم للمسؤولين في الحكومة لإيداع «بديع الزمان سعيد النورسي» في السجن وإظهار أن مؤلفاته ضارة، فإن هناك محاولاتٍ لترويج دعايات كاذبة لا يصدِّق بها أيُّ فرد من أفراد الشعب.
ولأنَّ هذه الأمة مقتنعة تماما ومنذ سنوات عديدة أن «بديع الزمان سعيد النورسي» عبقري نادر من عباقرة الإسلام في هذا العصر، وأن له شخصية فذة من جميع الأوجه، فإن من المستحيل على أية دعاية أن تقضي على هذه القناعة الصحيحة أو أن تفسدها.
إنني أحمد الله سبحانه وتعالى وأثني عليه بما يَسَّر لي بلطفه الاستفادة من مؤلفات أستاذ كبير، وأنا مَدينٌ من كل قلبي ومن كل كياني لهذا الأستاذ. حيث إنني أخذت دروسا قيّمة حول الإيمان وحول الإسلام. وأنا أتقبل بكل رحابة صدر البقاءَ في السجن سنوات عديدة من أجل هذا الأستاذ الفاضل الذي قضى سنوات عديدة وشاقة وهو يكتب ويؤلِّف لكي ينقذ شبابنا من أن يكونوا طُعمة للشيوعية وأن يكون السجنُ الانفرادي الأبدي مصيرَهم.
منذ عشرين عاما تقوم رسائل النور -التي هي تفسير للقرآن الكريم- بإعطاء دروس الإيمان والإسلام والفضيلة إلى ملايين الأفراد، وتقيهم من الإلحاد. فلو حُكم عليَّ بالإعدام في سبيل هذه الرسائل لأسرعتُ إلى المشنقة وأنا أهتف: «الله.. الله.. يا رسول الله». إن رسائل النور التي تصون شبابنا من الوقوع في أحضان الشيوعية والخروجِ من دينه والسقوطِ في مهاوي البلايا والمصائب التي تؤدي به إلى خيانة الوطن التي لا عقاب لها إلّا الإعدام رميا بالرصاص.. إنني مستعد أن يُحكم عليَّ بالإعدام رميا بالرصاص من أجل رسائل النور هذه، وأَنْ أُبرِز صدري لتلك الرصاصات دون خوف أو تردد، ولو قطّعوني بالخناجر إربا إربا في سبيل أستاذي «بديع الزمان» لدعوت الله أن يجعل دمائي المتناثرة حوالي تكتب: «رسائل النور.. رسائل النور».
هيئة المحكمة الموقرة!
إن قراءة رسائل النور وتحصيل العلم فيها شيء مبتكر وأصيل في الحقيقة ولا يوجد ما يشابهه؛ ذلك لأنَّ أي تحصيل علمي آخر تكون الغاية من الاستمرار فيه هي المنفعة المادية أو الحصول على موقع ما. أي إن الدوام لهذه الدروس لا تكون عن رغبة بل -في الغالب- للحصول على منافع مادية أو على شهرة. أما رسائل النور فتشبه جامعة حرة غير منظمة، والذين يداومون في هذه الجامعة بقراءة رسائل النور لا يبتغون أي هدف دنيوي بل يبتغون خدمة الإيمان والقرآن فقط لا غير.
ومع هذا فإن رسائل النور التي هي مؤَلَّف علمي وإيماني جاد، تُقرأ بكل شوق وبكل لهفة، وتُقرأ بمتعة وسرور كبيرين إلى ة. وأن الذين استنسخوا رسائل النور وقرؤوها عندما سِيقُوا إلى المحاكم وأصبحت حياتهم في خطر، فإنهم اعترفوا بقراءتهم لها وبعزمهم على دوام قراءتها، ولو أيقنوا أن قرار الإعدام سيصدر بحقهم لَما تزحزحوا عن موقفهم الثابت هذا. وهذه الخاصية الموجودة في رسائل النور ضمن صفاتها الخارقة للعادة، لابد أنها تجعلكم تتساءلون:
«أ أرواح هؤلاء المعترفين رخيصة عليهم إلى هذا الحد؟».
إذن فهناك حقيقة سامية في رسائل النور وفي «بديع الزمان»، ولابد من عدم وجود أمور ضارة في هذه المؤلفات، لأنهم لم ينكروا قراءتها.
إن طلاب المدارس يَدرسون دروسهم لوجود قوة تفرض عليهم النظام والدراسة، أما «بديع الزمان» فلم يُجبِر أحدا على قراءة رسائل النور، ولكن هناك مئات الآلاف من القراء أكثرهم لم يشاهدوه ولكنهم متعلقون به برابطة قوية لا تنفصم، وارتضوا لأنفسهم أن يكونوا طلبة لرسائل النور وأن يتلقوا دروسهم عنها.
إن مثل هذا النظام الرائع وغير الاعتيادي للتدريس لم يشاهَد لا في التاريخ القديم ولا في التاريخ المعاصر ولم يُشاهَد في أية جامعة.
قال لي السيد المدعي: «إن الاحترام الذي تبديه نحو «بديع الزمان» لا تبديه نحو المفسرين الآخرين».
وهذا صحيح.. فإن الاحترام والتوقير يتناسب مع درجة الكمال، والمنّة والشكر يتناسب مع مقدار الفائدة المستحصلة، فإن عِظَم الفائدة المستحصلة من مؤلفات «بديع الزمان» لا نراه في غيرها.
إن الماسونيين والشيوعيين يحاولون أن لا نعرف وأن لا يَعرف شبابُنا خاصة «بديعَ الزمان» الذي يُعَدُّ من أكبر المؤلفين والمفكرين المسلمين في القرن العشرين. ولكن الشباب التركي المسلم والأمة الإسلامية وشبابها الواعين عرفوا هذا الأستاذ الرائد واستفادوا منه وجعلوا غيرهم أيضا يستفيدون منه.
وهذا هو السبب في أن الارتباط القوي نحو «بديع الزمان» والثقةَ به لا يمكن أن تهتز أو تنفصم.
ولكون رسائل النور تقوم بتفسير آيات القرآن الحكيم بمهارة فائقة وبلغتنا التركية دون أن تفقد هذه الآياتُ خصوصيتها التي تعد أكبر معجزة لها، فإن جميع طبقات الشعب رجالا ونساءً، موظفين وأصحابَ حِرف، علماء وفلاسفة يستطيعون قراءتها والاستفادة منها. ومن جراء الفوائد التي يرونها فيها -كل حسب استعداده- يزداد تعلقهم بها. فالجميع يقرؤونها.. طلاب الثانوية وطلاب الجامعة وأساتذة الجامعة والفلاسفة، وفضلا عن استفادة هذه الطبقة المثقفة فإنهم يتفقون ويُجمعون على روعة بيان التأليف وأسلوبه في رسائل النور فيزداد شوقهم لقراءة المجموعة الكاملة لهذه الرسائل.
إن جميع من تعرّف حديثا على «بديع الزمان» وعلى رسائل النور من أصحاب الإدراك السليم يأسفون على عدم معرفتهم لها في السابق. ولكي يعوّضوا عن المدة التي فقدوها وتأخروا فيها، نراهم يستغلون الفرص المناسبة -وإن كانت خمس دقائق- ليقرؤوا رسائل النور باستمرار. ولم تشاهَد مثل هذه الرغبة الشديدة ومثل هذا التعلق الشديد بمؤلفات أي عالم اجتماعي أو عالم نفسي أو فيلسوف، إذ لا يستفيد من هؤلاء سوى الأشخاص المتعلمين. فعندما يطالِع طالب في مدرسة متوسطة، أو امرأةٌ تعرف القراءة كتابا لفيلسوف ما، فإنهم قد لا يستفيدون منه، ولكن الجميع -كل حسب قابلياته- يستفيدون من رسائل النور. لذا فإن هناك أمة كاملة تنتظر بلهفة قراركم بتبرئة «بديع الزمان» و«طلاب النور».
ولو لم يقم «سعيد النورسي» بتلقين طلابه دروسا في الصبر والتحمل لدى أوقات المحن والشدائد -مثلما جمع طلابه عندما كان قائدا للحامية الفدائية في أثناء الحرب- فإن آلافا من طلاب النور كانوا سيضربون خيامهم على تلول مدينة «أفيون» ينتظرون فيها قرار البراءة من محكمة الجنايات الكبرى في «أفيون».
لم يستطع أحد حتى الآن إثباتَ أن نشاط «سعيد النورسي» ونشاط طلاب النور يدخل من الناحية القانونية في إطار نشاطِ جمعية سرية. فلماذا لا يمكن إثبات ذلك؟ أَفَيعجز شخص يُعدّ رجلَ قانون مختص ارتقى حتى وصل إلى مقام الادعاء العام عن إثبات ذلك قانونيا؟ كلا.. إنه ليس عاجزا عن ذلك أبدا. ولكنْ نظرا لعدم وجود تشكيلة لجمعية سرية فإنه لا يكون بوسع أحد أن يثبت وجود مثل هذه الجمعية.
لقد قال المدعي العام في البداية: «طلاب النور ليسوا جمعية» فكان رأيه هذا وحُكمه صائبا وضمن الإطار القانوني، ولكنه عاد بعد قليل -ولا أحد يدري لماذا- وقال: «إنهم جمعية».. وهذا تناقض، ولا شك أنه رأيٌ له لا حُكمٌ. ونحن على يقين بأن هيئة المحكمة تدرك هذه الحقيقة إدراكا تاما وأنها ستقرر أنه «لا توجد جمعية سرية تؤلف بينهم».
أيها الحكام المحترمون!
لو كان من عادة القلب أن تتقطع في موقف الحزن والأسى لكان من المفروض أن يتمزق القلب إلى عدد ذراته أسىً ولوعة أمام خبرٍ عن شاب سقط في هاوية الإلحاد.
وهكذا فإن قرار التبرئة الذي سيصدر عنكم سيكون وسيلة فعالة لإنقاذ شباب الإسلام والعالم الإسلامي من هذه الآفة الرهيبة، وهذا هو أحد الأسباب التي تربطني برباط لا ينفصم مع «بديع الزمان» ومع مؤلفاته.
إن القرار الذي ستصدرونه لتبرئة رسائل النور والسماح بتداولها سينقذ الشباب التركي والمسلمين من مصيبة الإلحاد، ذلك لأنَّ رسائل النور التي هي خزينة الحقائق السامية ستُعرف وستشتهر في يوم من الأيام في جميع أنحاء الدنيا دون شك.
وعلى هذا الأساس فسوف تكونون محط تقدير الإنسانية جمعاء، وستكون الأجيال الحالية وأجيال المستقبل شاكرة لكم لقراركم بالبراءة، وستذكركم هذه الأجيال بكل تقدير كلما قرأتْ رسائلَ النور واستفادت من فيضها العظيم.
وعندما أقول لكم بكل إخلاص هذه الكلمات فأرجو أن لا يذهبن بكم الظن إلى أنني أنافق أو أتملق.. أبدا ومطلقا.. ذلك لأنني لا أخشى من أحد ولا أرهب أحدا في المحكمة التي تحاكم «بديع الزمان».
ولكني أرجو منكم أن تسمحوا لي ببيان قصير:
إن استمر المدعي في كيل هذه التهم الشنيعة بحق رسائل النور وبحق مؤلفها وقرائها مع أنها (رسائل النور) تُعَد علاجا مؤثرا ضد الشيوعية وضد الماسونية في هذا الوطن المبارك، وإذا لم يتخل عن اتهاماته الخاطئة تماما وسائر انفعالاته الشخصية وعواطفه الذاتية فإنه يكون بذلك عونا للماسونية وللشيوعية وعونا لترعرعهما وانتشارهما.
جزء من اللائحة المقدمة إلى محكمة التمييز
إن رسائل النور تقوم -عن طريق البرهنة- بتقوية الإيمان المتضعضع للذين تؤثر فيهم شبهات تبثها منشوراتُ منظماتِ الإلحاد.
إن سرا دقيقا من أسرارِ تعلقِ الشباب وتمسكِهم برسائل النور وكأنَّ بهم مَسًّا من كهرباء هو الآتي:
لقد قام «بديع الزمان سعيد النورسي» منذ سنوات عديدة بإنكار ذاتٍ وتضحيات لا مثيل لها وفي زمن شيخوخته ومرضه (أي في مرحلة يحتاج فيها إلى الرعاية وإلى الاهتمام) وبصبر وتحمل لا يوصَفان أمام جميع أنواع الاضطهاد والتعذيب من قِبَل أعدائه المتسترين من الماسونيين والشيوعيين ومن الذين انخدعوا بهم. وعَلِم بثاقب بصره وأدرك بملاحظته الواقعية المؤامراتِ المدهشةَ الخفية، والدسائسَ المرعبة والخططَ المُحاكة ضد الإيمان، وعرف كيف يُحبط هذه الخططَ بمؤلفاته الإيمانية.
لكن أليس من المُحزن، وأليس من المؤلم أن يقاسي هذا الرائدُ الإسلامي وهذه الشخصية الكبيرة الفذة من عذاب السجون منذ خمسة وعشرين عاما ومن الحبس الانفرادي التام وأن يحاول القضاء عليه؟
ولكن وإن قاسى مؤلف رسائل النور وعوقب نتيجةً للأوهام الناشئة من إهانات الشيوعيين ودسائسهم فإن الإقبال المتزايد على قراءة رسائل النور بكل شوق سوف يدوم ويستمر.
إن أول دليل وأكبره هو أن الشباب الذي قرؤوا رسالة «عصا موسى» التي استُنسخت بالأحرف الجديدة، بدؤوا بتعلم القراءة بأحرف القرآن لكي يستطيعوا قراءة الرسائل الأخرى، وهكذا هدموا سدا كبيرا وهو الجهل بخط القرآن الكريم، هذا الجهل الذي كان مانعا وعائقا أمام تعلم الكثير من العلوم، وفضلاً عن إجبارهم على قراءة كثير من الكتب التي كتبت لإبعاد الناس عن الدين والإيمان.
وحينما يقبل شباب أية أمة على القرآن وعلى العلوم التي تتنور منه، ويتجهز بهذه العلوم ويتسلح بها فمعنى ذلك أن تلك الأمة بدأت تسير في طريق الرقي والتقدم. إن الشباب الظامئة أرواحُهم إلى الإيمان وإلى الإسلام قد بدؤوا بمَلء أرواحهم بفيوضات رسائل النور التي هي تفسير للقرآن الكريم، وبذلك فإن الشباب الذي سيملكون إيمانا يقينيا وعن علم سيجاهدون الإلحاد والشيوعية، ولن يسمحوا أبدا ببيع أوطانهم إلى أعداء الإسلام.
لذلك فإنْ استطاع الشيوعيون أن يُفنوا ويقضوا على الورق وعلى الحبر لقام شباب مثلي أو شيوخ بفداء أنفسهم لأجل نشر رسائل النور التي هي خزانة الحقائق، حتى وإن اضطروا إلى أن يعملوا من جلودهم ورقا ومن دمائهم حبرا.
نعم، نعم، نعم.. ألف مرة نعم.
يقول المدعي العام ضمن اتهاماته: «لقد قام «سعيد النورسي» بتسميم أفكار شباب الجامعة بمؤلفاته». ونحن نقول ردا على هذا:
«لو كانت رسائل النور سمّا، فإننا في حاجة إلى أطنان من هذا السُّمّ وإذا كان يعرف مكانا يكثر فيه هذا السمّ فليرسله إلينا على جناح السرعة».
وعندما نتعرض -نحن طلاب النور- إلى ظلم الظالمين ونحن نؤدي خدماتنا في سبيل الإيمان والإسلام، فإننا نفضل أن نسلم الروح في السجون وعلى أعواد المشانق وليس على فراش الراحة. لأننا نَعُدّ الموتَ ظلما في السجون -بسبب خدمتنا القرآنية- فضلا إلهيا كبيرا، ونفضل هذا الموت على العيش في حياةٍ ظاهرُها الحرية وباطنُها وحقيقتها استبداد مطلق.
الموقوف في سجن أفيون
زبير كوندوز آلب
من ولاية قونية
ملاحظة: بعد إرسال هذا الدفاع ولائحةِ الدفاع المقدمة إلى محكمة التمييز، أَرسلت رئاسةُ محكمة التمييز برقيةً طلبت فيها إطلاقَ سراح «زبير» من السجن فورا.
دفاع «مصطفى صونغور»(∗)
إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:
طلب مقام الادعاء إيقاع العقوبة بي أيضا بتهمة انتسابي لجمعية النوريين وقيامي بتحريض الشعب ضد الحكومة.
أولا: لا توجد جمعية باسم جمعية النوريين، ولست منتسبا لأية جمعية من هذا القبيل. إنني منتسب إلى جمعية الإسلام المقدسة والعظيمة.. الجمعية الإلهية والنورانية التي تبشر الإنسانية جمعاء بالسعادة الأبدية وبالسلامة الأبدية والتي وضعها منذ أكثر من ألف وثلاثمائة وخمسين سنة فخرُ الكائنات محمد ﷺ والتي لها ثلاثمائة وخمسين مليون منتسب في كل عصر. وقد عقدتُ العزم -بحمد الله- بكل قوتي على إطاعة أوامره المقدسة.
أما رسائل النور التي اعتبر المدعي تتلمذي عليها ذنبا وجُرما، فقد علّمتني وظائفي الدينيةَ والإيمانية، وعلمتني أن الإسلام أسمى وأقدسُ دينٍ وأنه السبيل الوحيد لسعادة البشرية، وعلمتني أن القرآن هو الأمر الإلهي النازل من رب العالمين سبحانه وتعالى، الحاضرِ الناظر في كل مكان، وأن الوجود بأجمعه بدءاً من الذرات وانتهاءً بالنجوم وبالشموس هو تحت قدرته وتحت إدارته الأزلية، وعلمتني أن القرآن معجزة إلهية يحيط نظره بكل الحوادث منذ الأزل إلى الأبد، وأنه أسمى من جميع الكتب، وكتاب معجز من أربعين وجها، وكلام أزلي يبشر البشرية جمعاء بالسعادة الأبدية فيجعل المشتاقين إليه يشعرون بعظم المنة عليهم. وأن الرسول ﷺ المرسَل من قِبَل رب العالمين كان بكل أحواله أكملَ الناس جميعا وأصدقَهم وأسماهم في نواحي الكمال، وأنه قدم للناس جميعا -بنور الإسلام- أكبر بُشرى وأقدسَ سلوان، وأنه أدار بسلطنته المعنوية خُمس نوع البشر منذ أربعة عشر قرنا، ويُكتَب في دفتر حسناته جميعُ ما كسبتْه أمته من حسناتٍ منذ ألف وثلاثمائة ونيف من السنين، وأنه سببُ خلق الكائنات، وأنه حبيب الله. وعلمتني أن الآخرة والجنة وجهنم حق وحقيقة، وذلك ببراهينَ وحجج باهرة مستقاة من القرآن المعجز.
أما رسائل النور فإنها بكلماتها وجملها تشهد أنها فيض من نور القرآن الكريم ونور محمد ﷺ. وذلك بانتسابها للقرآن الكريم وكونِها تفسيرا خاصا له، وبهذا الاعتبار فهي سماوية وعرشية.
وهكذا فإن رسائل النور -المتهمة بأنها تحرّض الناس ضد الحكومة- بكل أجزائها كـ«الكلمات» و«المكتوبات» و«اللمعات» و«الشعاعات» إنما تعطي دروسا حول الحقائق الإلهية وحول الدساتير الإسلامية وحول الأسرار القرآنية.
فكيف إذن يُعدّ جُرما أو ذنبا قراءةُ رسائل النور وهي مؤلفاتٌ تعد في الذروة من ناحيةِ تدريسها وتلقينها للأخلاق الفاضلة والحقائق الإيمانية؟ وهل يعد جُرما أو ذنبا القيامُ باستنساخ هذه الرسائل التي تهدي إلينا السعادة الأبدية أو جَعْلُ أخ مؤمن يستفيد منها من الناحية الإيمانية؟ أيعد هذا تحريضا للناس ضد الحكومة؟
وهل زيارة مؤلِّف مثل هذه الرسائل المباركة الذي بلغ الذروة في الإيمان وفي الأخلاق وفي الفضيلة، أو تكوينُ أخوّة في سبيل القرآن الكريم مع طلاب النور المجهّزين بالإيمان الراسخ وبالعقيدة التي لا تتزعزع والذين أخذوا على أنفسهم حفظَ شرف الإسلام وحقائقِ القرآن في هذا العصر والذين لا هدف لهم سوى اكتساب رضى الله.. أيُعدّ هذا تشكيلَ جمعية؟ أيّ ضمير نقي وأي ضمير عادل يستطيع إصدار عقوبة على هذا؟
أيها الحكام المحترمون!
إن رسائل النور بجميع أجزائها اعتبارا من «الكلمات» و«اللمعات» وانتهاءً بـ«الشعاعات» التي أقر بها كبار العلماء والتي تَهَب مرتبة إيمانية عالية وشوقا إسلاميا كبيرا لمن يقرؤها ليست إلا تفسيرا نورانيا للقرآن ذي البيان المعجز، وكل جزء من أجزائها شمس تزيل الأمراض المعنوية وتبدد الظلمات المعنوية.
أما أستاذنا مؤلفُ رسائل النور فقد أمضى حياته كلها في سبيل الإيمان وفي سبيل القرآن وتحمَّلَ في هذا السبيل جميعَ أنواع الأذى والمصاعب، وحاول بنشره هذه الحقائق القرآنية في هذا العصر إنقاذَ أبناء هذا الوطن المبارك من الهجوم الشرس للشيوعية ولكل أنواع الإلحاد، وأن الصفحة البيضاء لحياته الخالية من أي نقص تشهد بأنه موظف ومؤهل للقيام حاليا بهذه المهمة المقدسة.
فهو -حاشاه- لم يلقّنّا دروسا غير أخلاقية، ولا دروسا في فن التخريب، بل لقننا دروسا في إنقاذ الإيمان. وهذا ربما يشكل أكبر غاية وأهم هدف للبشرية على سطح الأرض. إن قيامه منذ ما يقرب من خمس وعشرين سنة بمحاولة إنقاذ إيمانِ مئاتِ الآلاف من الناس برسائل النور، ولاسيما من أمثالي من المساكين الذين لم نكن نعرف شيئا عن الإسلام، وإعطاءنا دروسا في الإيمان الذي هو السعادة القصوى والغاية من الحياة يعد دون شك فضلا إلهيا. ونحن نقول للذين يَقلبون الحقائق فينكرون قيامه بهذه الخدمة المقدسة ويرونه خطرا على الحياة الاجتماعية:
إنْ كان ذنبا وجُرما قيامُه بإنقاذ الناس من آفات رهيبة كالتردي الأخلاقي والإلحاد وعدم الإيمان، وإرشادُ الناس إلى الإيمان وإلى السير في الطريق الذي رسمه الله تعالى، والدعوة إلى إطاعة أوامر الدين وإسعاد الناس بالسعادة الدائمية للإسلام.. إن كان هذا ذنبا وجُرما فأنتم تستطيعون آنذاك القولَ بأنه ضار للحياة الاجتماعية. وإلّا فإن هذا الادعاء أكبر فرية وهو جريمة لا تغتفر.
إن رسائل النور لا تستهدف الدنيا، بل تستهدف السعادة الأخروية الدائمة وتستهدف نيل رضى الله الباقي الأزلي الرحيم ذي الجلال الذي لا يشكل الحسنُ والجمال في الدنيا إلا ظِلا خافتا لجماله ولا تشكّل لطائفُ الجنة جميعا إلا لمعةً من محبته سبحانه. فما دام مثلُ هذا الهدف الإلهي المقدس ومثل هذا الهدف السامي موجودا، فإنني أبرئ رسائل النور وأنزهها ألف مرة من الوقوع في أمور سفلية ومحرمة تؤدي إلى نتيجة كتحريض الناس ضد الحكومة. ونحن نلوذ بحمى الله تعالى من شرور هؤلاء الذين لا يريدون منا أن نتعلم أمور ديننا ولا أن نخدم إيماننا، فيفترون علينا مثل هذه الافتراءات لكي يقضوا علينا.
أيها الحكام المحترمون!
لا يمكن أبدا إطفاء نور رسائل النور. وأكبر دليل على هذا هو أنه رغم المحاولات التي جرت منذ خمس وعشرين سنة للقضاء عليها، فإنها -على العكس من ذلك- انتشرت وسطعت أكثر، ذلك لأن صاحبها ومولاها هو الله ذو الجلال الذي بيده مقاليد كل شيء منذ الأزل إلى الأبد، ولأن حقائقها هي الحقائق القرآنية التي تَكفل الله تعالى بحفظها والعنايةِ بها. وستَبقى أنوارُها تتشعشع على الدوام إن شاء الله.
أيها الحكام المحترمون!
إنْ كان جُرما قراءة رسائل النور واستنساخها التي تُعلّمنا الإيمانَ والإسلام بكل شوق وبكل حُب، والتي لا هدف لها سوى مرضاة الله تعالى والتي هي تفسير نوراني للقرآن المعجز البيان في هذا العصر، وإن كان إعطاء هذه الرسائل -المشتملة على الحقائق الإيمانية- إلى إخوة مؤمنين جُرما، وإن كانت الرابطة الدينية والأخوّة الإسلامية التي تجمع المؤمنين في سبيل مرضاة الله وفي طريق القرآن والإيمان والتي تعد من الأوامر القدسية للدين.. إن كانت هذه الرابطة في نظركم تعتبر تشكيل جمعية، فإن من دواعي سعادتي أن أكون منتسبا لمثل هذه الجمعية، وهي سعادة أكبر من جميع المكافآت ومن جميع الأوسمة، وإنني أحمد الله تعالى حمدا لا حد له لِمَا مَنّ على مسكين مثلي بفضله وبلطفه هذه السعادة الكبيرة عندما جعلني طالبا من طلبة رسائل النور. وليس لي في الختام سوى القول:
﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ ﴾
﴿ حَسْبِيَ اللّٰهُ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظ۪يمِ ﴾
المعلم
مصطفى صونغور
لائحة دفاع «مصطفى صونغور» في محكمة التمييز
١- لقد عدّت محكمة الجنايات الكبرى قيامي بقراءة رسائل النور واستنساخها وإعطاءها إلى أحد الإخوة المؤمنين المحتاجين ليستفيد منها، ذنبا وجرما لأنني قمت -حسب الادعاء- بتحريض الشعب ضد الحكومة. علما بأنني سبق وأن قلتُ في دفاعي جوابا على هذا الاتهام:
إن رسائل النور التي تعدونها تحرّض الناس ضد الحكومة ليست في الواقع إلا تفسيرا حقيقيا للقرآن الكريم، فهي -بكل أجزائها- تعطي دروسا في الحقائق الإيمانية، وتَهَبُ لكل من يقرؤها أو يستنسخها سعادة كبرى. ولم يكن من هدفها أبدا أمور دنيوية سافلة وفانية كتحريض الناس ضد الحكومة والتي هي من أعمال أصحاب الفتن وأعمال الساقطين، بل هدفها هو نيل رضى الله وهو أسمى مرتبة للسعادة والحبور. وإنني أفتخر لكوني خادما عاجزا وطالبا من طلاب رسائل النور التي أكسبتني عند قراءتها واستنساخها أحلى نعمة وأكبر فضيلة وهي نعمة الإيمان وفضيلته.
ومع أنني ذكرت أن تتلمذي على رسائل النور يعد أكبر فضل إلهي، وأنني أحمد الله تعالى وأشكره شكرا دائما إذ أحسن بي هذه النعمة التي أسبغها على شخص فقير ومسكين مثلي، ومع ذلك فقد تم إصدار حكم بعقوبتي لأنهم عدّوا ارتباطي بالإيمان وبالإسلام جُرما دون أن يستندوا إلى أي قانون وإلى أي دليل، فخالَفوا الحق والحقيقة مخالفة تامة وصريحة.
٢- إنني أشهد أنه عندما كنت أدرُس في معهد «كول كوي» في «قسطموني» فإن بعض المعلمين كانوا يلقنوننا دروسا إلحادية ويقولون لنا: إن محمدا ﷺ -حاشاه- هو الذي كتب القرآن الكريم، وأن الإسلام في حكم المَلْغيّ، وأن المدنية تسير في طريق التقدم، لذا فإن من الخطأ الكبير ومن الرجعية اتباع القرآن الكريم، حتى إن أحد المعلمين قال لنا في أحد الأيام:
«إن المسلمين يقضون حياتهم في ألم وفي عذاب دائم لأنهم يصلون ويذكرون الآخرة. وأن جوا من الكآبة يسود جوامع الإسلام على الدوام، بينما يقضي النصارى حياتهم في نشوة دائمة وفي جو من الموسيقى واللهو».
لقد كانوا يحاولون أن يقطعوا كل ما يربط بين قلوبنا وبين الإيمان والإسلام من روابط، وأن يُحِلّوا فيها بدلا منهما الكفر والإلحاد.
وهكذا فبينما كنت محقونا بمثل هذه الأفكار المسمومة ومعرَّضا لاغتيال إيماني بهذه الدروس الإلحادية الضارة إلى درجة أنني انسقتُ في تيار هذه الأفكار وبدأت أنشرها حوالي والعياذ بالله، إذا بي أقرأ بعض رسائل النور التي تَستمد نورَها من القرآن الكريم والتي تَعرِض حقائقَ الإيمان وحقائق الإسلام ببراهين ساطعة وأدلة خارقة، وتبرهن على أن الدين الإسلامي كان دائما وسيلةً لسعادة الإنسان ولسلامته، وأنه شمس معنوية لن تنطفئ ولا يمكن إطفاء نورها، وإذا بهذه الرسائل تطرد كل الأفكار المسمومة وتنشر في قلبي الإيمانَ، وفي ظل هذا الفرح الغامر والسعادة اللانهائية عرضتُ حالي على الأستاذ «بديع الزمان» مؤلفِ هذه الرسائل والشخصِ المشفق الوفي والرائد الحقيقي وكيف أنني نجوت من حياة الغفلة والضلالة ورسوت على شاطئ الإيمان والنور، وكيف أن رسائل النور التي تُكسبنا الإيمان الحقيقي تُعَدّ شمسَ الهداية لجميع الناس في هذا العصر ووسيلة سعادة لهم. وأنه بقيامه بتأليف هذه الرسائل ووضعِ نفسه في مثل هذه المهمة المقدسة إنما يقوم بخدمة إيمانية عظمى، وأنه بذلك يُعدّ نعمة إلهية كبيرة للبشرية جمعاء ولاسيما لأهل الإيمان، وأعلنت له عن أسفي الشديد وعن ألمي البالغ وعن نفوري الشديد لما تقدم به بعض العصابات الخفية من أتباع «الدجال السفياني» من اعتداءات شنيعة على القرآن وعلى الإسلام وكيف أنهم -كما ذكرت آنفا- يزيّنون الإلحاد لأبناء هذه الأمة الإسلامية البطلة ويحاولون هدم الأسس الإسلامية الإلهية المقدسة التي ترتبط بها الملايين من الناس، ويسعون إلى هدم سعادتهم الأبدية. وأبديت له أسفي البالغ ونفوري الشديد من هؤلاء المجانين الذين يصفقون لهؤلاء المفسدين ويهللون لتخريباتهم الظالمة والدنيئة. وخاطبت أصدقائي في الدراسة الذين دَاخَلَهم الشك قائلا: هلموا لنتخلص من أهواء النفس هذه، ولنركع أمام حقائق القرآن، ولنُسرع إلى مدرسة النور المرشدة في هذا العصر إلى طريق السعادة، ولنترك أكاذيب هؤلاء السفهاء الكذابين.. هذه الأكاذيب التي سمعناها أشهرا وسنين وصفقنا لها والتي قدموها لنا وكأنها هي الحقيقة نفسها، ولنجعل «بديع الزمان سعيد النورسي» أستاذا لنا ونتمسك بدروسه بكل قلوبنا لكي نخرج من الظلمات إلى النور.. أليس هذا الخطاب نابعا من الفرحة التي استمدها من إيمانهومن حب القرآن والإسلام والتمسك والاعتصام بهما ومن الحب الكبير الذي يُكنّه لأمته ومن الرغبة في أن يكتسب كل شخص إيمانا حقيقيا لكي ينال السعادة اللانهائية؟.
فهل الانتساب إلى الله والنظر إلى الإسلام كأسمى دين وكمنبع للفضيلة وبشارة للسعادة وإعلانُ ذلك يُعدّ جُرما؟
في هذا الزمان بدأ هجوم هدَّام ومدمر على الإسلام وعلى القرآن من جميع الجهات وبدأت الافتراءات تُكال للقرآن وللنبي محمد ﷺ ومحاولة النيل من تلك الذات السامية الرفيعة، في حينِ تُسمح بالكتب التي تنفث سموم الإلحاد والانسلاخ من الدين والأخلاق، وتُكال المدح والثناء لشُقاة من أعداء للإسلام تافهين عصاةٍ لله وتُذْكَر أعمالهم غيرُ المشروعة المبتدعةُ بالإعجاب والتقدير، وتُهمَل سمو القرآن وعلوه ورفعةُ شأن الرسول الكريم ﷺ وأحقيتُهما، علما أن رسائل النور تبين وجود الله تعالى وتبين أن موجوداتِ هذا الكون بأجمعها تشهد على وحدانية خالقها، وأنه واجب الوجود، وأن الإنسان بما جهزه الله من عقل وفكر أفضلُ مرآةٍ لأسماء الله الحسنى، لذا يُعدّ سلطانا على سائر المخلوقات، ولو انتسب الإنسان إلى الله وصان نفسه من الضلالة ومن السفاهة ومن كبائر الآثام لاستحق مرتبةَ ضيفٍ كريم في أعلى عليين وتنعّم بنعيم الجنة الخالدة الأبدية، أما إن كَفَر بخالقه ووقع في الضلالة وفي الغفلة وأشرك به وعصاه فإنه يكون أضل من الحيوان ويستحق مرتبة أسفل سافلين في عذاب خالد في جهنم، وأن القرآن كلام الله الذي لا تتغير أحكامه ولا تتبدل أوامره، وأن الإسلام يأخذ بأيدينا إلى أفضل مدنية، وأن السعادة الحقيقية والدائمة لا يمكن أن تتحقق للبشرية إلّا باتباع أوامر القرآن والانتساب إليه.. هذه هي الأمور التي أوضحتْها رسائلُ النور وبرهنتْ عليها بشكل قاطع، ومن هنا تَستمِد رسائلُ النور مكانتَها السامية لأنها تقتبِس من معجزات القرآن ومن النور الإلهي.. فهل الإيمان بهذا ونشرُه والإعلانُ عنه يُعدّ جُرما؟
والغريب أن قراءة الروايات والأساطير التي تُكتب لإلهاب الشهوات الفانية غير المشروعة ونشرَ الكتب التي تضر بسلامة الأمة وسلامة الوطن، والتي تهاجم الإسلام، ومن ثم مدح هذه الكتب وتقريظها والثناء عليها.. كل هذا مسموح به ولا يعد ذنبا، ولكن قيامنا بقراءةِ واستنساخ رسائل النور التي تُعرِّفنا بشمس الإسلام -التي اهتدت بها مئاتُ الملايين من الناس ووجدتْ فيها السعادةَ الحقيقية- وتدعو إليها وتُعرّفنا بها وتبشر بالحقائق الإيمانية، ومدح هذه الرسائل والثناء عليها -مع أننا عاجزون عن إيفاء حقها من الثناء- يعدّ ذنبا وجُرما.
فهل هناك إنسان يحمل في قلبه ذرة من الإيمان وذرة من الحرص على سلامة هذا البلد وهذه الأمةِ يستطيع أن يعد هذا ذنبا؟!
حكام الجزاء المحترمون!
إن هذه الدعوى المعروضة على مقامكم الرفيع هي في الحقيقة دعوى الإيمان والقرآن، ودعوى السعادة الأبدية والخلاص لملايين الناس. إن جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام وعلى رأسهم رسولنا الأكرم ﷺ وجميع الأولياء وأهل الحقيقة وجميع أجدادنا المؤمنين الذين رحلوا إلى الدار الآخرة لهم علاقة من الناحية المعنوية بهذه الدعوى العظيمة. وأنتم اليوم تملكون في أيديكم فرصةَ اكتسابِ محبةِ أولئك الملايين من أهل الحقيقة ودعاءِهم وشفاعتهم. وأن الحقيقة السامية المسماة برسائل النور أمامكم. فهل المراتب والمقامات الدنيوية الفانية والسفلية هي غايتها؟ أم إن غايتها هي نيل رضى الله تعالى الذي هو السعادة العظمى والفرحة الكبرى والهناء التي ما بعدها هناء؟ أَوَ تحفز كلماتها الإنسان إلى الأخلاق الرديئة والهابطة أم تجهزهم بالإيمان وتجملّهم بالفضيلة وبالأخلاق السامية؟
أنتم تجدون رسائل النور أمامكم وهى منبثقة من الإعجاز المعنوي للقرآن المبين الذي هو نور إلهي. فما دام اكتسابُ الإيمان، والانتقال بهذا الإيمان في الدنيا إلى سعادة الدار الآخرة أهمّ غاية للإنسان، ومادامت رسائل النور تقدم -بفيض من القرآن- الحقائقَ الإيمانية وتقرّب مئاتِ الآلاف من قرائها ومستنسخيها إلى هذا الهدف، فلا مناص أمام عدالتكم السامية وحُبكم للحقيقة إلّا فهمُ الوجه القرآني،
والوجهِ الحقيقي لرسائل النور وتقديرُ قيمتها الحقيقية، ومعرفةُ أن طلاب النور لا يَسْعون إلا لنيل رضى الله تعالى وأنه لا هدف لهم سواه.
حكام الجزاء المحترمون!
إن أستاذنا العزيز «بديع الزمان» الذي ارتقى إلى أعلى مرتبة للفضيلة وللأخلاق الكريمة يحاول بكل ما يملك من شفقة ورحمة وحنان إنقاذ الإنسان من الظلام الفكري الدامس ومن السجن الأبدي، وهو الذي تَحمّل جميعَ صنوف الألم والعذاب في سبيل المهمة الملقاة على عاتقه لنشر الحقائق القرآنية.. أستاذُنا هذا يُرمَى في السجون دون وجه حق وخلافا للعدالة مع كونه مريضا وشيخا كبيرا ووحيدا دون أهل، مع أن غايته تنحصر فقط في إنقاذ إيمان الناس بما يملكه من علم كبير وذكاء خارق وإيمان رفيع وعبودية كبيرة. وأن قلب الإنسان لَيتفطر ألما مما قاساه هذا الشيخ المبارك المحب لخير الإنسانية في سجن «أفيون» من البرد القارس ومن الآلام الكبيرة والمضايقات العديدة مع أنه في الخامسة والسبعين من العمر، لذا فإننا ننتظر من عدالتكم السامية المرتبطة بالحقائق ومن حُبكم وتعلقكم بحب الإنسانية تجليَ الشفقة والرحمة للعدالة.
مصطفى صونغور
دفاع «محمد فيضي»(∗)
إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:
لقد عدَّ المدعي العام كوني سكرتيرا لأستاذي «سعيد النورسي» ومتعلقا تعلقا شديدا به وبرسائل النور وقيامي بخدمة كبيرة في هذا المجال.. لقد عدّ ذلك تهمة تستوجب مساءلتي. وأنا أقول إزاء هذا بأنني أَقبل هذه التهمة بكل ما أوتيت من قوة وأنني أفتخر بها، ذلك لأنني فُطرتُ على حب العلم والشوق إليه. والدليلُ على ذلك أنه عندما قاموا بتفتيش منـزلي في حادثة «دنيزلي» وجدوا فيه خمسمائة وثمانين من الكتب العلمية والعربية وسجلوها رسميا، ومع أنني شخص فقير وفي مقتبل العمر ومعرفتي باللغة العربية لا تزال ناقصة، فإن عشقي للعلم ورغبتي الشديدة في التعلم هي التي دفعتني إلى اقتناء هذه الكتب المتنوعة التي لا توجد عند واحد بالألف من الناس.
فطرتي العلميةُ هذه كانت تدفعني للبحث عن أستاذ وعن مرشد حقيقي وحمدا لله حمدا لانهاية له، إذ دلني على بُغيَتي عن قرب، فيما كنت أحسبه بعيدا. أجل إن حياة أستاذي «سعيد النورسي» تشهد أنَّ غايته الوحيدة هي الشوق العلمي واستحصال العلوم الإسلامية.
وقد تأكدتُ من مشاهدتي ومن قراءتي لتاريخ حياته -وهو كتاب مطبوع- ومن المعلومات التي استقيتها من طلابه القدماء أن رغبتي الفطرية في العلم موجودة لدى أستاذي بشكل خارق للعادة إلى درجة أنه ما زال يحتفظ بصفة طالب العلم -خلافا لجميع العلماء المتخرجين من المدارس الإسلامية القديمة- مما جعله قادرا على تحمل جميع البلايا والمصائب. ولأن أهل السياسة لم يفهموا الأحوال العجيبة لأستاذي؛ فقد سعوا لربط هذه الأحوال بنوع من السياسة التي لا علاقة له بها، حتى إنهم ألقوه في غياهب السجون.
ولكن الله تعالى جعل هذا العشق العلمي الموجود لديه مفتاحا للحقائق القرآنية، فظهرتْ رسائلُ النور التي أذهلت جميع العلماء والفلاسفة. في هذه الأثناء وجدتُ أستاذي في مدينة «قسطموني» بجانبي، أنا الذي كنت أبحث عنه طوال حياتي بما فُطرتُ عليه من حب العلم، وأنا أَعدُّ هذا إحسانا إلهيا سأظل أشكر الله تعالى عليه حتى آخر عمري.
ولكي يحتفظ أستاذي بعزة العلم ومكانته فإنه لا يَقبل -ولم يكن يقبل في السابق أيضا- الصدقاتِ والهدايا وما شابههما، ويمنع طلابه من ذلك أيضا. ولم يُحنِ رأسه لأحد. ومن أوضاعه غير الاعتيادية أنه لم يرض في الحرب وهو في الخط الأمامي من جبهة القتال الدخولَ إلى الخندق حفاظا على العزة العلمية، وأنه وقف أمام ثلاثة من القواد المرعبين ([11]) موقف الأستاذ المحافظ على عزته العلمية دون أن يبالي بغضبهم، بل أسكتهم. ولما كنت أعلم أن أستاذي هذا حافظ على شرف هذه الأمة وهذا الوطنِ وعلى شرف علماء الأمة التركية وضحى في سبيل ذلك بكل شيء فقد قبلته أستاذا حقيقيا لي، ولو افترضنا فرضا محالا وقلنا إن له مائة نقيصة، لكان علينا أن ننظر نظرة التسامح إليها، وألا نعترض عليه.
ولقد قدّره الوطنيون -باسم الوطن وباسم الأمة- في عهد المشروطية وكذلك الحال في العهد الجمهوري. ومثال تقديرهم لخدمات الأستاذ الجليلة للعلم هو: قيام حكومةِ الاتحاد والترقي بتخصيص تسعة عشر ألف ليرة ذهبية لمدرسة أستاذي «مدرسة الزهراء» في مدينة «وان» والتي أرادها أن تكون نظيرة «الأزهر»، ومع أن أساسها أُرسي إلّا أنّ بدء الحرب العالمية الأولى أدى إلى تأجيل بنائها، وقبل أربع وعشرين سنة قامت الحكومة الجمهورية -بعد موافقةِ وتأييدِ مائة وستين نائبا- بتخصيص مائة وخمسين ألف ليرة لبناء دار فنون الأستاذ (مدرسة الزهراء).
وقيامُ هذا الأستاذ الكريم وحده بمحاولة إنشاء جامعة كجامعة الأزهر التي تعاون في إنشائها آلاف العلماء، واقترابُه جدا من تحقيق هذا الهدف يحتم على جميع الوطنيين وعلى جميع محبي الأمة مع جميع علماء الدين تقدير هذا الأستاذ والثناء عليه، ولأننا قد ظفرنا بمثل هذا الأستاذ، فنحن مستعدون لتحمل جميع المشاق والمصاعب.
إنني أكنّ لعلّامة الزمان هذا أخلصَ آيات التقدير والاحترام لأنه استطاع بفيوضاته العلمية وبحقائق آثاره السامية التي تناهز المائة والثلاثين كتابا مساعدتي في المضي في طريق العلم والإيمان وسأظل أحمل له هذا التقدير إلى الأبد إن شاء الله.
ومع أن التحريات استمرت لمدة أشهر لإثبات التهمة الموجهة إليّ من قبل الادعاء العام حول «استغلال الدين والمشاعر الدينية لغرض إنشاء جمعية سرية مخلة بأمن الدولة» إلّا أن هذه التحقيقات لم تسفر عن شيء، ذلك لأن مثل هذه الجمعية لاوجود لها، ولا توجد لنا أية علاقة بأية جمعية. إن علاقتنا الوحيدة هي مع رسائل النور التي دخلت في امتحان صعب في مواجهة قوانين الحكومة الجمهورية، ولكنها حصلت على البراءة من قبل المحاكم ذات الصلاحية، وعلى الاحترام والتوقير من قبل الهيئات المتخصصة، وهذه العلاقة لا تعدّ خيانة للوطن وللأمة بل هي علاقة علمية نافعة للوطن وللأُمة. ولا يوجد أي هدف وأية نيَّة أخرى خارج هذا، وبناءً على ذلك ولكون موضوع براءتنا وإخلاصنا ظاهرا تماما فإننا نطالب محكمتكم العادلة السامية بإصدار قرار براءتنا مثلما فعلت محكمة «دنيزلي» فتَحقق بذلك تجلي العدالةِ.
محمد فيضي باموقجي
الموقوف في سجن أفيون
من قسطموني
دفاع «أحمد فيضي»(∗)
إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:
أيها الحكام المحترمون! أ ليس من حق المؤمن ومن واجبه الالتقاءُ بعالم ديني وقراءةُ كتبه المتعلقة بحقائق الدين واستنساخُ هذه الكتب والإسراعُ إلى نجدة إخوانه في الدين في سبيل خدمة دينه وقرآنه ورسوله ﷺ؟ وهل هناك أية مادة قانونية تمنعنا من أداء هذه الخدمة الدينية؟ وهل يُعَدُّ ذنبا قيام بعض الجهات بنقد التيارات الكافرة والتيارات غير الأخلاقية؟
نحن طبقة متدينة من الشعب لا شائبة فيها ولا علاقة لها مع السياسة ولا مع إدارة الدولة.
إنّ حمل حُسنِ ظنٍ تجاهَ شخص ما وتقديره يُعدّ قناعة شخصية، ونحن نعتقد بأن «بديع الزمان» أكبر عالم ديني في زماننا هذا، ونراه رجل حق وحقيقة قام بإيضاح حقائق الدين دون أي نفاق أو تملق لأحد. أما إطلاقنا عليه صفة «المجاهد» فنابع من خدماته الدينية ودفاعه ضد التيارات الهدامة للإيمان وللإخفاق التي تهدد بلدنا مستندا في ذلك إلى الحقائق القرآنية الراسخة. وليس بمقدورِ أحدٍ أن يؤاخذنا على قناعاتنا الوجدانية. ونحن في بلد يسمح بحرية العقيدة، لذا فنحن غير مضطرين إلى إعطاء الحساب لأحد.
أما بخصوص موضوع الأشخاص الذين سيظهرون في آخر الزمان حسب ما ورد في الحديث النبوي فأقول:
إننا لم نخترع هذه المواضيع من عندنا، ذلك لأنها موجودة في الدين؛ فالرسول ﷺ يقول في بعض أحاديثه بأن عمر الأمة المحمدية لن تزيد كثيرا عن الألف وخمسمائة سنة. ([12]) وهذه الأحاديث تصف كثيرا من الحوادث التاريخية المهمة في حياة الأمة المحمدية وفي حياة الدنيا بأسرها، وذلك تحت عنوان: «علامات القيامة». وهي تنبه الأمة المحمدية وتحذرها من شرورها، وتقول بأن الذين يقعون في هذه الشرور عن غفلة أو عن جهل سيقعون في الشقاوة وفي الهلاك الأبدي، وهناك أدلة دينية لا حد لها حول هذه الأمور.
نحن أناس آمنا بالله وبرسوله وبالقرآن. إذن فاستنادا إلى هذا الإيمان واستنادا إلى صدق الرسول ﷺ أفلا نعمل على خلاص أنفسنا من الهلاك الأبدي؟ أفلا نبصر ما يجري حوالينا؟ ألا نشرح هذا استنادا إلى الحقائق الدينية ونتساءل: «هل جاء هذا الزمان الخطر؟ أنحن هذا الجيلُ المشرفُ على هذه المهالك والمخاطر؟
أنتجاهل البراهين الساطعة الموجودة أمامنا ونتجاهل الحقائق الثابتة والحقائق العلمية التي تُثبت لنا الوجود الإلهي ونترك ديننا وننساق وراء التيار الذي يَعد الإلحاد من أكبر أركان المدنية الأوروبية؟.. وإنْ فعلنا ذلك فمن ينقذنا من الهلاك الأبدي؟ أنتجاهل هذا ولا نفكر فيه؟ أيمكن لمن يعتقد بأنه لا يوجد شيء فوق القرآن وفوق الحقائق القرآنية أن يرمي بنفسه إلى الهلاك الأبدي خوفا من عقوبات فانية؟ وهل يمكن أن يهتم ببعض القيم الفانية؟ وهل يتخلى عن وظيفته في إيفاء الخدمة لله ولرسوله ولدينه؟..
هذه هي في الحقيقة العواملُ الحقيقية التي تربطنا بـ«بديع الزمان»، فهل هناك منبع ديني آخر نُزيل به عطشَ أرواحنا إلى حاجتها الأزلية؟».
يوصينا المدعي العام المحترم بقراءة الكتب العربية والعلمية التي تزخر بها المكتبات والتي لا تتماشى مع روح عصرنا الحالي. وقد لا يعجب المدعي العام المحترم -ومن يفكرون مثله- بالخزينة العلمية المتمثلة بمجموعة رسائل النور وبالحقائق العالية والسامية التي تحويها هذه الرسائل. قد لا تعجبه هذه الرسائل وقد ينتقدها. وهذا شيء راجع إليه وهو حُرٌّ في ذلك،
ولكنه لا يستطيع التدخل في حُبنا أو تفضيلنا لهذا الكتاب أو ذاك، فنحن نحب رسائل النور ونرى أنها كتاب دين حقيقي لا نفاق فيه وأنها تفسير للقرآن الكريم. إن مقاييس التفضيل والترجيح مسألة تقدير وجداني وقلبي لا يستطيع أحد أن يتدخل فيه.
أجل، إننا نعتقد بأن مؤلف رسائل النور يعطي درس الحقيقة نفسها، وأن إنكار المدعي العام لهذا وعدم قبوله لا يُضعف اعتقادنا هذا ولا يهزه، ونحن لا نتقبل رسائل النور من أجل كرامتها الكونية بل من أجل ظهور الكرامة العلمية الكاملة التي تتحدى الأوساط العلمية في دروس النور.
ومع أن تحصيل مؤلفها العلمي لم يتجاوز ثلاثة أشهر. فإنه يفيض علما وينشر هذا العلم، وهو يستخدم في خوارق علمه وفي أكثر المسائل العلمية تعقيدا منطقا عاليا حيَّر أكبر المفكرين وأذهلهم، ويستخدم أسلوبا جذابا رائعا ومشوقا فياضا بالحرارة نابضا بالعشق وبالعواطف الجياشة وذلك بلغةٍ تَعلّمها بعد منتصف عمره، حتى لتبدو كتاباته وكأنها بحر إيمان وخزينة توحيد ومحيط حكمة، فهل تستطيعون أن تَدلّونا على بديع زمان ثانٍ؟
أنتم تستكثرون علينا أن نَعد تمثالَ الفضيلة هذا أستاذا لنا وهو الذي لم يلتفت إلى بريقِ جميع الظواهر الفانية ولم يسمح لنفسه التنـزلَ إلى أية منافع مهما كبرت ولا إلى الأمور التي تُلوث الإنسان مهما كانت نداءاتُ هذه الأمور قوية، ولم ينتظر أو يتوسل من أحد شيئا ولم يقبل ما عُرض عليه، وأعطى أفضلَ مثال للعفة وللنـزاهة، وصبر على جميع أنواع المكاره والمضايقات، ونذر نفسه لإظهار الحقيقة وإظهار الأنوار القرآنية والمعارف المحمدية.
أما أمام آلام البلد والأمة فقد كان قلبه الرحيم يبكي ألما وشفقة. وعلى الرغم من كل أنواع الغدر والإهانة التي تَعرّض لها فإنه لم يتخل عن إيفاء وظيفته لإسعاد مَنْ حواليه؛ فعلى الرغم من شيخوخته ومن بؤسه فإنه بذل جهودا مضنية وناضل بكل قوة في سبيل الله تعالى لإنقاذ الناس من غيابة الجهل ومن لجة الإلحاد.
وفي هذا الوقت الذي ضاعت فيه المقاييس الأخلاقية فإننا نراه -بجانب كرامته العلمية المذكورة أعلاه- مثالا للتضحية والإيثار ومثالا للاستقامة وللنـزاهة وأنموذجا يحتذى للكمال ومحرابا للفضيلة. أَتَرون هذا إفراطا منا؟
إذن فإن هذه هي نظرتنا نحو «بديع الزمان» ونحو مؤلفاته، فهل ارتباطنا به الناشيءُ عن إيماننا، وهل اشتراكُنا مع آيات القرآن الكريم ومع الأحاديث النبوية الشريفة في تقبيح الكفر والانحدار الأخلاقي يجعلنا ملوثين بأوضار السياسة الفانية؟ وهل يمكن إطلاق صفة الإفساد على أعمالِ إصلاحِ نفوسٍ بريئة لِقِسْم من أبناء هذا البلد الذين لم تتيسر لهم منذ خمسة وعشرين عاما تعلمُ حقائق الدين؟ وهل إنقاذهم من الهلاك الأبدي وإبلاغهم عن الله وعن رسوله ﷺ وعن القرآن إفساد لهم؟
أيها الحكام المحترمون!
نحن لسنا أرباب السياسة أبدا، لأننا نرى أن السياسة تَحمِل آلاف البلايا والمخاطر والمسؤوليات لأمثالنا ممن هم خارج مسلك السياسة. ونحن أصلا لا نُعير أيّ اهتمام بالمظاهر الفانية، لأننا لا ننظر إلى الدنيا إلّا من وجهها الخيّر المؤدي إلى رضى الله، لذا فإننا نعترض بشدة على اتهامنا بالجري وراء السياسة ومعارضة الدولة. ولو كان هذا هو قصدنا وهدفنا إذن لكانت هناك أقل ظاهرة وعلامة على هذا في ظرف هذه السنوات البالغة خمسا وعشرين سنة.
أجل، نحن نحمل صفة معارضة، ولكنها معارضة ضد السقوط الأخلاقي وضد الإلحاد، وهذه المعارضة ناشئة عن اشتراكنا -بالضرورة- مع القرآن الكريم في شدة توبيخه وصرامة بيانه في هذه المواضيع.
فإذا لم يكن بياننا للأسباب الموجبة التي شرحناها والنابعة عن الإخلاص وعن النية الصافية وعن الحقيقة كافيا لإقناعكم فأصدروا أيّ عقاب ترغبون فيه بحقنا، ولكن لا تنسوا أبدا أن سيدنا عيسى عليه السلام الذي ينتسب إليه الآن ستمائة مليون نصراني قد حُكم عليه من قِبَل رجال الحُكم في ذلك العهد بالإعدام كأي لص عادي مع أن قلبه كان يخفق لسعادة الإنسانية ولتبليغ الأمانة الملقاة على عاتقه.
إن كلامنا الحر هذا يدفعكم لإصدار عقوبة ضدنا ولكننا سنستقبل هذه العقوبةَ وهذا الحُكمَ بكل فخر، وكل ما سنفعله هو أن نرفع يد الضراعة إلى قاضي الحاجات هاتفين: ﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ ﴾ .
أحمد فيضي قول
من ناحية أُورْتَاقْلَارْ
الموقوف في سجن أفيون
دفاع «جَيلان»
إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:
إن مقام الادعاء العام الذي استهول الأمر وجعل من الحَبَّة قُبَّة خصّني بحصة كبيرة من التُهم المزعومة الموجهة إلى رسائل النور وقدمني بصورةِ رجل سياسي خطر ورجلِ تآمر لأنني قمت بخدمة أستاذي ورسائل النور، تلك الخدمة التي أفتخر بها في الحقيقة. وأنا أقول ردًّا على هذا:
إنني على علاقة وثيقة بأستاذي «بديع الزمان» الذي استفدت فائدة كبيرة من قراءة كتبه الدينية والإيمانية والأخلاقية إلى درجةِ أنني مستعد بتضحية نفسي وحياتي رخيصةً في هذه السبيل. ولكن هذه العلاقة لم تكن -كما زعم المدعي العام- علاقة ضارة بالوطن وبالأمة، ولا كانت في سبيل تحريض الشعب ضد الدولة، بل هي علاقةٌ وُثقى لا تنفصم أبدا، لأنها من أجل إنقاذ أنفسنا من الإعدام الأبدي للقبر -الذي لا يمكن لأحد أن يجد منه مهربا-، وإنقاذِ إيمان أمثالي من إخواني في الدين في هذا الزمن الخطر وتزكيةِ أخلاقهم وجَعْلِهم أعضاءً نافعين لهذا الوطن ولهذه الأمة.
إنني من القريبين إليه؛ فقد خدمته على فترات متقطعة أربع سنوات وأنا فخور بذلك. وطوال هذه المدة لم أشاهد منه إلّا الفضيلة الخالصة، ولم أسمع منه كلمة واحدة حول كونه مهديا أو مجددا. إن مئات الآلاف من رسائل النور ومئات الآلاف من طلبة النور الذين أنقذوا إيمانهم بقراءتها يشهدون على كمال تواضعه.
فأستاذي المبارك هذا يرى نفسه طالبا من طلبة النور ويقدّم نفسه على هذا الأساس.
من اليسير ملاحظةُ ومشاهدةُ ذلك بسهولة من قراءة الرسائل الموجودة بين أيديكم ولاسيما رسالة «الإخلاص» الموجودة ضمن مجموعة «عصا موسى» إذ يقول فيها: «إن الحقائق الباقية هي كالشمس وكالألماس، لا تُبنى على الأشخاص ولا يمكن لأشخاص فانين أن يتملّكوها» وهو يكرر هذا في كثير من رسائله وخطاباته. وليس من شأن العقل السليم أن يحكم أنه يدّعى الفخر والتباهي بنفسه أو أنه مهدي ومجدد.
وإذا ما قرأتم الرسائل والمكاتيب بدقة وبإنصاف علمتم وتأكدتم أنه علّامة زمانه هذا الذي قلما يجود الدهر بمثله في العلم بالدين ولم يقابَل بنظيره كمنقذ للإيمان منذ عصور، فهو ذو عطاء وبركة للوطن والأمة تفوق ما يقدمه جيش كامل من المنافع وبخاصة في عصر انتقلت إلينا الشرارات الحمراء للبلشفية تريد الْتِهامَ بلادنا.
فيا أسفى إنني لم أحظَ بالتتلمذ على يديه وعلى هذه المؤلفات القيمة منذ نعومة أظفاري.
هيئةَ المحكمة الموقرة!
لقد شاهدت في نفسي منافع جليلة لا تعد ولا تحصى من قراءة رسائل النور، لذا قمت بطبع رسالة «مرشد الشباب» في مدينة «أسكي شهر» وبإذن رسمي، وذلك لكي يستفيد أمثالي من أبناء هذا الوطن، أي قمت بخدمة وطنية سامية. وأنا أرغب أن أسألكم:
لقد قمت -وأنا الشخص الفقير لرحمة الله تعالى- بطبع رسائل النور التي تُعدّ تفسيرا حقيقيا للقرآن الكريم وبعيدةً عن أي تجريح أو طعن من الآخرين، أي قمت بخدمة إيمانية. فهل من الحق وهل من العدل أن أقابَل بمثل هذه المعاملة الخشنة في الوقت الذي كان من المفروض ومن الضروري أن أقابَل بالتقدير؟
إنني أطلب من محكمتكم العادلة أن تُصدِر حكمها بإعطاء الحرية لنشر رسائل النور التي هي غذاء أرواحنا وسببُ نجاتنا ومفتاحُ سعادتنا الأبدية، وإذا كان قسم مما ذكرته وعددته أعلاه يعدّ في نظركم ذنبا أو جُرما فإنني أود أن أبين لكم بأنني سأتقبل بصدرٍ رحبٍ أية عقوبة تصدرونها مهما كانت شديدة.
جَيلان جالشقان
من أميرداغ
الموقوف في سجن أفيون
دفاع «مصطفى عثمان»(∗)
إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:
ردّا على التهمة الموجهة إليّ حول اشتراكي بفعاليات «بديع الزمان سعيد النورسي» المزعومة في تشكيل جمعية سرية واستغلالِ المشاعر الدينية للإخلال بأمن الدولة وقيامِه ضد النظام القائم أقول ما يلي:
١- أجل، لقد قمت -مثل طلاب النور- بالحصول على رسائل النور وقراءتها لكي أتعلم الأخلاق القرآنية التي هي شعار التربية المدنية والدينية اللائقة بالشرف التاريخي لأُمتنا التركية المسلمة، وأحفظ ديني وإيماني من تأثير الأيديولوجيات الأجنبية وأكون عضوا نافعا لوطني وأمتي.
لقد حلَّ الفساد والرذيلة محل الأخلاق التي عُرف به أجدادنا الذين سَجلوا مآثرهم في التاريخ، وبدأ هذا الفساد يستشري وينتشر ويُفسد الحياة الاجتماعية إلى درجة أن أصحاب الخُلق السيء أنفسَهم أصبحوا يتقززون من مثل هذا السقوط الأخلاقي المنتشر، الذي أقلق الرأي العام وأصبح حديث المجالس في كل بيت وحديثَ الصحف والمجلات التي تعد لسانَ الرأي العام والمعبّرَ عنه، ثم إن هذه الأحوال المؤلمة في انتشار سريع وقد أخذت طابع البلاء العام.. في مثل هذه المرحلة استطاعت رسائل النور أن تنقذني من السقوط الأخلاقي مثلما أنقذت جميعَ قرائها المسلمين. لقد أعطيتُ هذه الرسائل لمن طلبها مني بإصرار -بعد أن عرف أنني قرأتها- وذلك لكي يستفيدوا من تهذيبها للأخلاق. وبعملي هذا ساعدت على إنقاذ كثير من الأفراد الذين كانوا على وشك الانحدار الأخلاقي، وعلى وشك أن يكونوا أعضاء مضرين بالوطن والأمة. فاستطاعت رسائل النور بتعليماتها وبتلقيناتها إن تنقذَ هؤلاء وأن تجعلَ أفرادا مفيدين للبشرية وتحصنَهم أمام الوباء الشيوعي الأحمر الذي بدأ ينتشر في بلدنا والذي بدأ العالم يرتجف منه رُعبا. إذن فإن «بديع الزمان» يُعدّ مجاهدا معنويا يستحق التقدير والتبجيل. أما السلاح النوراني والفعال لهذا الجهاد فهو رسائل النور التي استطاعت في ظرف عشرين سنة أن تُحوِّل عشرين ألفا من الأفراد -وربما أكثر- إلى أفراد مفيدين للوطن وللأمة، فكيف يكون حثّي على قراءة الرسائل ذنبا، وكيف يكون تأليف رسائل النور تهمة في حق مؤلفها؟.. أسأل هذا من ضمائركم.
٢- أما ما ادَّعاه المدعي العام حول كون ذلك الحديث «موضوعا» فهو حُكمٌ غير عِلميّ، لأن ذلك الحديث «صحيح» ووارد في كتب الأحاديث وعلماء الحديث يقبلونه. ففي عهد المشروطية -أي قبل عهد الحرية- تقدّم اليابانيون والكنيسة الإنجليزية الإنكليكانية بأسئلة إلى علماء ذلك العهد، فقدم علماء إسطنبول بهذه الأسئلة إلى «بديع الزمان» الذي أدرج تأويل هذا الحديث ضمن الرسالة التي أصبح اسمها الآن «الشعاع الخامس». وإن قبول هؤلاء العلماء الأعلام بهذه الأجوبة وعدم اعتراضهم عليها يدل على صحة الحديث.
وليس هذا الجزء فقط من رسائل النور، بل إن جميع الحقائق الواردة فيها وجميع دروسها، قوية جدا بحيث لا يستطيع عالِم إسلامي حقيقي الاعتراضَ عليها، لذا نرى أن جميع العلماء الحقيقيين في هذا البلد -ومنذ عهد المشروطية- وعلى رأسهم رئاسة الشؤون الدينية اضطروا إلى تقدير هذه الرسائل وتوقيرها. لذا لا يمكن أن تُطمسَ حقائقها وبراهينها القوية من قِبَل فرد أو فردين ممن لا نصيب لهم من العلم الحقيقي، ولا يملكون من العلم إلا اسمه. بل سيكون هذا أمرا مضحكا.
إن رسائل النور تُقرأ بكل تقدير في جميع أرجاء الوطن ومن قِبَل كافة طبقات الشعب لإنقاذ حياتهم الأبدية وإيمانهم، ولأن منافعها المادية والمعنوية ظاهرة وجليلة. لذلك فإن آلافا من المواطنين الذين استفادوا وأعجبوا بحقائق القرآن وحقائق الإيمان يحملون عاطفة العرفان بالجميل والامتنان العميق لمؤلف هذه الرسائل.. فهل قيام بعض هؤلاء بكتابة رسائل إلى المؤلف -انطلاقا من العرفان بجميله- وفهمُ الحديث الشريف الذي هو موضوع الاتهام استنادا إلى الحقائق التي لا يمكن أن تُرد، والنظرُ إليه وكأنه قد تحقق في هذا الوطن بناءً على بعض الأفعال والآثار.. وبيانُ تمنياتهم بأن لا يقع وطننا في أحضان الفوضى وفي أحضان هذا الخطر الأحمر، تُعدّ خيانة للنظام القائم؟ وهل هي نقد للانقلاب؟
ومع أن هذا العالِم المُبجل دخل عدة محاكم بسبب هذه الافتراءات وصدرتْ قراراتُها بتبرئته، إلا أنه لا يزال متهما بنفس التُّهم السابقة ويُسجن في سجن انفرادي ويقدّم للمحاكمة، مع أنه شخص منـزوٍ ومتقدم في العمر وشخص وحيد، أما نحن فقد عدتُ مساعيَنا العلميةَ ومحاولاتِنا لإنقاذ إيماننا دليلا على أننا نحاول الإخلال بأمن الدولة، ونحن نتساءل من محكمتكم: «أيّ وجدان وضميرِ عادل يستطيع إصدار مثل هذا القرار؟». نَدَعُ ذلك لضمائركم..
٣- ولنأتِ إلى سبب التهمة الأخرى القائلة بأننا «نحمل صور بديع الزمان وكأنها صور مقدسة ونجمع خطاباته، ونرسل له الرسائل.» نقول ردا على هذا:
إن من حقي -كأي فرد آخر- أن أبعث له الرسائل وبطاقات التهنئة وأن أصادق محبيه وأن أحمل صورته.. ليس فقط صورته البسيطة، بل لو زينت صورته بإطار من الجواهر أو الذهب لكان شيئا زهيدا بجانب ما أسداه إليّ هذا العلامة الكبير من فضل، فقد أنقذ حياتي المعنويةَ والأبدية من الإعدام، وجعلني أتذوق السعادة في حياتي المادية، وأصبح بمؤلفاته وسيلة لإنقاذ إيمانِ آلاف الأفراد الآخرين مثلي. هذا من حقي، ولا أظن أنه يُشكل ذنبا، وفي الختام أقول:
إن رجال الأمن في ولايتين وفي أقضية عدة يشهدون بأن طلبة النور -الذين أنقذوا أنفسهم من الأخلاق السفيهة بقراءة رسائل النور وأنقذوا غيرهم كذلك- قد خدموا طوال سنين عديدة هذا الوطن وهذه الأمةَ خدمةً جليلة لا يستطيع إيفاءها الآلاف من رجال الأمن، لذا فإنهم بدلا من أن يروا التقدير والمديح، فقد أُسيءَ فهمهم وعوملوا وكأنهم عملاء للأجانب، فقد اعتُقلنا وقُدِّمنا للمحاكم وتعطلت مصالحنا وأشغالنا، وتُركت عوائلنا وأطفالنا في وضعٍ بائس، فأية ديمقراطية تَرضى لعوائلنا هذا الوضع المفجع ولأطفالنا البكاء، وضميرُ أيّ حاكم عادل يرضى بهذا؟.. أسأل هذا من محكمتكم ومن ضمائركم.
لذا فإنني أسأل باسم محكمتكم المحترمة وباسم الأمة التركية المجيدة وباسم مجلسه العادل الذي تعملون في ظله أن تصدروا قراركم بحرية نشر رسائل النور التي لا يمكن أبدا إنكار فوائدها ومنافعها الجمة وأن تصدروا قراركم أيضا ببراءتنا.
مصطفى عثمان
من صَفْرانْبُولُو
الموقوف في سجن أفيون
دفاع «حفظي بيرام»(∗)
إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى
إن التهم الموجهة إليّ هي قيامي بقراءة مؤلفات العالم الإسلامي «بديع الزمان» المتهم باستغلال المشاعر الدينية للإخلال بأمن الدولة، علما بأن هذه المؤلفات قيِّمة وذات نفع كبير للامة وللبلد. وهي تعطي دروسا مفيدة جدا عن الحقائق القرآنية والإيمانية. وكذلك قيامي بإعطاء بعض هذه المؤلفات إلى عدد من أصدقائي -نزولا عند طلبهم- بعد أن اكتشفتُ مدى استفادتي منها من الناحية الدينية والأخلاقية، وذلك اتباعا لشعارنا (أي مَبدئنا) في السعي لنيل الثواب والأجر بنشر هذه التربية الدينية والأخلاقية، وكذلك قيام بعض معارفي بإرسال رسائِل صداقةٍ أو رسائلَ علمية إلى عنواني. هذه هي المعاذير التي تم الاستناد إليها لجعلي في الذنب مع الموما إليه.
إنني أعترض على إيراد هذه المسائل كسبب للاتهام:
١- إنني لا أعتقد أن قيامي بقراءة رسائل النور بقصد التعلم وللحفاظ على ديني وإيماني، ولا قيامي بإعطاء هذه الرسائل إلى بعضهم بقصد التعلم ذنبا أو جريمة، ذلك لأن هذه الرسائل مرت من محاكم عديدة وبُرئت من قِبَلها وأعيدت إلى مؤلِّفها، وهي رسائل حازت على تقدير علماء البلدان الإسلامية وعلماء بلادنا، وهي لا تحتوي على أفكار فاسدة كما زعم المدعي العام، فكل رسالة من هذه الرسائل تفسير مهم للقرآن الكريم من بدايتها وحتى نهايتها، وهي تدعو الناس إلى السمو الخلقي وإلى الفضيلة وتعطي دروسا إسلامية وتربية دينية بشكل مؤثر فتكون سببا لحفظ الأمم من السقوط في الهاوية، لذا فهي ليست كتبا مفيدة لهذه الأمة ولهذا البلد وحده، بل هي أيضا مفيدة للإنسانية جميعها من الناحية المعنوية. ذلك لأنه ما من أحد سجل حادثة ضارة للوطن أو للامة أو ضد إدارة الدولة اشترك فيها طالب من طلاب النور في أي مكان أبدا، ولم يسجِّل رجال الأمن والشرطة أيةَ حادثة من هذا القبيل ضدهم.
ثم لا توجد هناك جمعية سرية لكي تكون قراءة رسائل النور قراءة سرية، ذلك لأن طلاب النور لا علاقة لهم بأية جمعية، علمية كانت أم سياسية.
ظاهرة كانت أم سرية، حتى إن «بديع الزمان» ومعه العديد من طلاب النور قُدموا إلى محكمة الجنايات الكبرى في «دنيزلي» قبل عدة سنوات وبنفس هذه التهم، وقامت المحكمة ببحث دقيق وتحقيق عميق ثم اضطرت إلى إصدار قرارها بتبرئة الجميع وتبرئة رسائل النور كذلك.
ولا أدري كيف تُعد قراءةُ مؤلفاتِ مؤلِّفٍ صدر القرار بتبرئته وتبرئة كتبه.. كيف يعد ذلك دليلا على جُرم كبير مثل جُرم الإخلال بأمن الدولة والسعي ضد النظام القائم، وكيف تكون سببا للاتهام؟ وما هي درجة العدالة في هذا الأمر؟ أُحيلُ هذا السؤالَ إلى ضمائركم.
٢- ثم هناك رسالة أخرى أُرسلت إليّ وأنا في السجن من قضاء «بايزيد» من شخص لا أعرفه، وأصبحت هذه الرسالةُ سببا لاتهامي. إنني لم أرَ هذه الرسالة، ولا أدري محتوياتها، فإن كانت إحدى رسائل النور فإني أقبل بها. اسألوا عنها لكي أجيبكم عن اتهامي هذا. وقد ورد في كلمة المدعي العام شيء حول المهدوية. ولم أسمع هذا إلّا منه. أما أستاذي فهو بريء من هذه الادعاءات. فهذا الأمر لم يُرد لا في حديثه ولا في رسائله، وقد اعتاد في كل مناسبة التنبيه على طلابه بضرورة ابتعادهم عن تعظيمه أو إبداء احترام مفرط أو إعطاء رتبة عالية له. ونحن على يقين بأنه أفضل علماء عصره وأنه بريء من حُب الشهرة ومن حُب الجاه، فهو عالم أصيل.
السجين
حفظي بيرام
دفاع «مصطفى آجت»(∗)
إلى محكمة «أفيون» الكبرى للجنايات:
أُجيبُ عن الاتهام الموهوم الذي اتهم به الادعاءُ العام أستاذي «بديع الزمان»:
إن خدماتي لأستاذي ولرسائل النور ليست إلّا قطرة من بحر اللطف والإحسان الذي قوبلتُ به. فأنا لست نادما قطعا بهذا الانتساب. فكما يُضحَّى بقطع زجاجية في سبيل كسب خزينة الألماس الثمينة جدا، فإنني مستعد في كل وقت لأُضحي بحياتي في سبيل رسائل النور التي هي وسيلة لإنقاذ حياتي الأبدية. فلقد تحققت منافع أخروية ودنيوية لرسائل النور، لذا فإن التخلي عن تلك المنافع الجليلة وإبداءَ الفتور تجاه رسائل النور وأستاذي المحترم، لئلا يصيب الحياة الدنيوية المضطربة القصيرة ضرر من سجن تافه ومضايقات لا تلبث أن تزول.. إنني أعدّ هذا التخلي إهانة عظيمة لأستاذي علّامة الزمان، ولغايته الوحيدة الجليلة التي هي خدمة الإيمان والقرآن. فأنا لا أريد قطعا أن أخالف أوامره ولا أن أحيد عن إذنه.
هيئةَ الحكام المحترمين!
لِمَ تستهولون كوني طالبا -مع فقري- لعالِم عظيم يجاهد البلشفية التي تحاول بث سمومها في وطننا العزيز. إن هذا بلا شك يُثبت أن الثروة التي يمتلكها النور تفوق كثيرا ثروة الدنيا بأسرها، فأطلِقوا يد أستاذي ورسائل النور كي ينقذ ملايين الشباب من الأمة التركية، ليصبحوا أبناء نافعين للبلاد.
نعم، إن حاجتنا نحن شبابَ الأمة التركية إلى رسائل النور أكثر بكثير من حاجة المختنق إلى الهواء العليل، ومن حاجةِ من يعيش في الظلام الدامس إلى النور الواضح، ومن حاجة الجائع العطشان التائه في الصحراء إلى الماء السلسبيل والغذاء النافع، بل من حاجة الغريق إلى النجاة.
إنه لا يتلاءم مع شرف العدالة إهدارُ وإفناءُ حياةِ «بديع الزمان» الذي كَسَب حُسنَ ظننا المفرط وتوجهَنا نحوه وارتباطنا الوثيق به، وإفناءُ ضعفاءَ أصبحوا طلابا له بنية خالصة.
الموقوف في السجن
مصطفى آجت من أميرداغ
دفاع «خليل جاليشقان»(∗)
إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:
هيئة المحكمة الموقرة!
في لائحة الاتهام التي قدمها المدعي العام عدّ خدمتي لأستاذي كذنب كبير اقترفته. إن أستاذي الذي قَدِم إلى بلدتنا ضيفا سنة ١٩٤٤م وهو مقيم فيها منذ أربع سنوات.. إن أستاذي هذا قد ترك ومنذ أربعين سنة كل لذائد الحياة ومتاعها وراحتها ونذر نفسه لخدمة الإيمان والإسلام، ولاسيما لإنقاذ السعادة الأبدية للمسلمين في وطننا، ولوضع سد أمام الأفكار الضارة لدين هذه الأمة التركية المسلمة كالأفكار البلشفية التي لها أضرار مادية ومعنوية بليغة والأفكارِ الضارة الأخرى للوطن وللأُمة، وذلك بوساطة الدروس الإيمانية والأخلاقية لرسائل النور التي اعترف بفضلها جميعُ العلماء. فهل قيامي -وأنا فخور بذلك- بخدمة أستاذي بين حين وآخر طوال ثلاث سنوات يعد ذنبا؟
ثم إنهم يرون أن تركي لمهنتي كخياط في سبيل هذه الخدمة ذنبٌ كذلك. ولئن ضحيتُ بحياتي في سبيل أستاذي وفي سبيل رسائل النور -التي أرشدتنا إلى الحق وإلى الحقيقة والتي هي تفسير حقيقي للقرآن الكريم- فهل أُعدّ مذنبا وخائنا للوطن؟.. أسأل هذا منكم.
رئيس المحكمة الموقر!
لقد قرأتُ بعض رسائل النور واستنسخت بعضها. وبدأت بحمد الله تعالى حمدا كبيرا بالاستفادة من هذه الرسائل، إذ كان قلبي منذ البداية متعلقا تعلقا كبيرا بالعلم ومشتاقا له. ومع أنني مرتبط بهذه الرسائل عن قرب إلا أنني لم أجد فيها لا تحريضا للشعب ضد الحكومة ولا دعوة لتأسيس جمعية سرية تقوم بإخلال الأمن، ولم أسمع من أستاذي أيّ شيء حول دعوى المهدوية أو دعوى التجديد ولا أي تحريض ضد الأمن.
إن الهدف الوحيد والخدمة الوحيدة لرسائل النور ولأستاذنا ولنا نحن طلبة النور هي إيفاء خدمة مقدسة للإسلام ولاسيما إيفاء خدمة مقدسة للأُمة التركية المسلمة من ناحية الإيمان والأخلاق. لذا فمن الضروري ومن الواجب عدمُ التعرض لرسائل النور ولطلابها من جراء خدماتهم هذه. هذا هو هدفنا، وهذه هي غايتنا وليس شيئا آخر،
وإن إيفاءنا هذه الوظائفَ هو في سبيل الحصول على رِضَى الله تعالى. ومن الطبيعي أننا لا يمكن أن نؤدي هذه المهمة المقدسة في سبيل الدنيا وفي سبيل متاعها ومنافعها، ولا نتنـزل أصلا لهذا. إن طلبة النور الطاهرين لا يشغل قلوبهم أهدافٌ وغايات دنيوية، لأن قلوبهم مشغولة بالإيمان وبأمور الآخرة، لذا فإنه لم يخطر ببالنا أبدا ما اتهمَنَا به المدعي العام من القيام بتشكيل جمعية سرية، ولا نتحمل مثل هذا الاتهام.
هيئة المحكمة الموقرة!
إننا نعتقد بأنكم اقتنعتم بماهية أهدافنا وغايتنا نحن طلاب النور، واقتنعتم بعدم وجود أية علاقة لنا بالتهم التي أوردها المدعي العام، لذا فإننا نطلب من محكمتكم الموقرة ومن ضمائركم أن تعيدوا لنا كتبنا وتسمحوا بكونها حرة وتصدروا قراركم ببراءتنا.
خليل جالشقان
من أميرداغ
الموقوف في سجن أفيون
دفاع «مصطفى كول»(∗)
إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:
إنني لست عضوا في جمعية سرية، كما أن أستاذي «بديع الزمان» لم يشكل مثل هذه الجمعية، إذ قام على الدوام بإعطائنا دروسا حول الحقائق القرآنية وحظَّر علينا وبشدة أن تكون لنا أية علاقة بالسياسة. إنني فقط طالب للأستاذ الكبير «سعيد النورسي»، وأنا متعلق به وبرسائل النور من أعماق قلبي وروحي، وأنا مستعد لأية عقوبة في سبيل رسائل النور وفي سبيل أستاذي.
لقد أنقذ أستاذي برسائل النور إيماني وحياتي الأخروية. فغايته تنحصر في إنقاذ جميع المسلمين وجميع مواطنينا من الإلحاد لكي ينالوا السعادة الأبدية. لقد ظهر بوضوح في جميع المحاكم بأنه لا توجد لنا أية علاقة بأي هدف سياسي،
ومع أن هذه هي الحقيقة فلا نزال نُقَدَّم للمحاكم من دون سبب ومن دون وجه حق، ونحن نفهم من هذا أنهم يريدون تحطيم وحدتنا وتساندنا، مع أن تساندنا وتعاوننا لا يهدف أية غاية دنيوية أو سياسية. وكل ما في الأمر أننا نوقر أستاذنا توقيرا كبيرا، لأن كل من يقرأ رسائل النور يكتسب إيمانا قويا وإسلاما قويا وخلقا وكمالا عاليين.
ونحن لا نملك إلّا أن نُكنّ لأستاذنا حُبا شديدا، وأنا مرتبط بمثل هذا الأستاذ وبمثل طلاب رسائل النور هؤلاء بكل جوارحي، ولا يمكن لهذا الارتباط أن ينفصم أو ينقطع وإن شُنقت. إننا مع جميع أخواني أبرياء، ونحن نطالب وبكل قوتنا بحرية رسائل النور، وأنا أطالب بتبرئة أستاذنا الكبير وتبرئة إخواني الأبرياء من طلبة النور وتبرئتي كذلك.
مصطفى كول
من إسبارطة
دفاع «إبراهيم فاقازلي»(∗)
إلى محكمة «أفيون» للجنايات الكبرى:
أيها الحكام المحترمون!
إن التهمة الموجهة إلينا باطلة أولا، وتتعلق بالدنيا، فهي سياسية. ولاشك أنكم -أيها الحكام المحترمون- قد عرفتم مِن نظرتكم الأولى لنا بأننا لسنا من الذين يعملون في ميدان السياسة، ولو قام المئات من ذوي الصلاحية بتوكيد هذه التهمة السمجة والغريبة عنا، ولو كان عقلي أكبر بمئات المرات من عقلي الحالي لكان التأثير المعنوي الذي تركتْه لديّ رسائلُ النور ومؤلِّفُه الموقر كافيا لي لكي أهجر لذة السياسة الموقتة والفانية وأهرب بكل كياني ووجودي إلى الطريق المؤدي إلى الآخرة وإلى الطريق المؤدي إلى النجاة من جهنم.
إن علاقتنا سواء أكانت مع مؤلف رسائل النور المبجل واحترامَنا له أو قراءتنا لرسائل النور واستنساخها أو علاقتنا وارتباطنا مع طلاب النور.. هذه العلاقات كلها علاقات أخروية، وقد أقرت محكمة «دنيزلي» للجنايات الكبرى ومحكمة التمييز العليا هذا الأمرَ وصادقتْ عليه. وإن الأفكار التي استلهمناها من رسائل النور تدعونا بأن لا نفرط في هذه العلاقة النورانية وأن لا نستبدلها بأي عرض دنيوي ومادي. وسيبقى إيماننا هذا معنا حتى آخر لحظة من أعمارنا.
هيئة المحكمة الموقرة!
ما دمنا قد جُمعنا ها هنا بسبب هذه التهمة المذهلة، فإنني أرى أن ضميري وحُبي لبلدي يحتمان عليَّ أن أُبين لكم هذه الحقيقة المهمة.
لقد شاهدت في أوساطنا وفي البيئة التي أعيش فيها مدى الإصلاحات الكبيرة التي أنجزتْها رسائلُ النور، وشاهد الناس هذا كذلك، ففي أثناء ما يزيد عن عشر سنوات عرف العديد من الأفراد -وأنا منهم- الطريقَ إلى بيوتهم والاهتمامَ بعوائلهم، وتركوا الأمور الشائنة وعرفوا طَعم السعادة العائلية. وآباءُ هؤلاء وأمهاتهم يرفعون الآن أيديهم بالدعاء لمَنْ كان السبب لمثل هذا التحول، وتستطيعون أن تسمعوا المزيد حول هذا الأمر من أهالي ولايتنا وما يجاورها.
وعندما دخلتْ رسائلُ النور إلى سجن «دنيزلي» كان تأثيرها في المسجونين إيجابيا جدا، ولا يزال هذا التأثير الإيجابي أحاديثَ الناس. وكذلك عندما دخلتْ إلى سجن «أفيون» رأيت كل سجين أتحدث معه يدعو لطلاب النور بالخير ويذكر لي الفرق الكبير بين أحوالهم السابقة وأحوالهم الحالية.. هذه حقائق ملموسة وموجودة أمام جميع الأنظار.
والحقيقة أنني أستغرب جدا كيف يمكن أن يقال إنني أشتغل في ساحة السياسة لمجرد أنني قمت بإرسال خطابات مَحَبّةٍ إلى مؤلف رسائل النور المحترم؟ هذه الرسائل التي كانت مفيدة لي ولجميع أبناء جنسي من الناحية الأخلاقية والاجتماعية ومن ناحية الحياة الأخروية لكونها تفسيرا حقيقيا للقرآن الكريم، أو لأنني قمت بإرسال رسائلِ محبةٍ إسلامية ورسائلِ سلوان إلى بعض مواطِنِيَّ!.. وأنا أقول وسط هذه الدهشة والاستغراب بأنه لا يمكن أن يكون هذا العمل موضع تهمة أو ذنب.
والاحتمالُ الوارد هنا هو أن أعداء القرآن الكريم -وبالتالي رسائل النور- المتخفين هم الذين نفثوا الأوهام والظنون والخوف منا، في نفوس موظفي جهاز العدل وجهاز الأمن لكي يُلقوا بنا في غياهب السجون،
ولكن سيعرف الحكام المحترمون هذه الحقائق دون شك وسيضعون أيديهم على ضمائرهم لكي يُصدروا قراراتهم العادلة التي لها ثواب كبير عند الله تعالى.
وسيجعلون الأمة التركية المسلمة التي تنتظر هذه القرارات بكل اهتمام في جميع أرجاء هذا الوطن.. ممتنة وشاكرة لهم.
إبراهيم فاقازلي
الموقوف في سجن أفيون
- ↑ المقصود: سجن «أفيون» حيث دخله الأستاذ النورسي وطلاب النور سنة ١٩٤٨.
- ↑ Hâşiye: İddianamede yanlış bir mana verip Nur’un kerametlerinden tokat tarzındaki bir kısmını, medar-ı ittiham saymış. Güya Nurlara hücum zamanında gelen zelzele gibi belalar Nur’un tokatlarıdır. Hâşâ sümme hâşâ!.. Biz öyle dememişiz ve yazmamışız. Belki mükerrer yerlerde hüccetleriyle demişiz ki: Nurlar makbul sadaka gibi belaların def’ine vesiledir. Ne vakit Nurlara hücum edilse Nurlar gizlenir, musi- betler fırsat bulup başımıza geliyorlar.
Evet, Nur’un binler şakirdlerinin tasdik ve müşahedeleriyle, yüzler vukuat ve hâdisat ile tesadüf ihtimali olmayan o hâdisatın tevafukları ve kur’an’ın müteaddid işarat ve tevafukatıyla, hattâ mahkemelerde kısmen gösterildiği cihetle kat’î kanaatimiz var ki o tevafukat Risale-i Nur’un makbuliyetine bir ikram-ı İlahîdir ve kur’an hesabına Nurlara bir nevi kerametlerdir.
Elcevab: Beşinci Şuâ'da; "Allâhu a'lem bir te'vili budur" cümlesi denildiğinden mânâsı budur ki: "Bu hadîsin bir ihtimal ile mânâsı bu olmak mümkündür" demektir. Bu ise mantıkça tekzîbi kàbil değil. Yalnız muhâliyetini isbât ile tekzîb edilebilir.
Sâniyen: Yirmi seneden beri, belki kırk seneden beri benim muârızlarım ve Risale-i Nura i'tirâza çalışanlar, hiçbir te'vilimizi ilmen, mantıken reddetmedikleri ve o muârız ulemâlarla beraber Nur Şâkirdlerinin binler âlimleri tasdik edip, "fîhi nazarun" demedikleri hâlde, Kur'ânın kaç sûre olduğunu bilmeyen, bunu inkâr ile karşılasa ne kadar insaf haricinde olduğunu, insafınıza havâle ediyorum.
Elhâsıl, te'vilin mânâsı hadîsin veyâhut âyetin birçok mânâlarından bir mümkün ve muhtemel mânâsı demektir.