الكلمة الحادية عشرة
الكلمة الحادية عشرة
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ
وَالشَّمْسِ وَضُحٰيهَا ❀ وَالْقَمَرِ اِذَا تَلٰيهَا ❀ وَالنَّـهَارِ اِذَا جَلّٰيهَا ❀ وَالَّيْلِ اِذَا يَغْشٰيهَا ❀ وَالسَّمَٓاءِ وَمَا بَنٰيهَا ❀ وَالْاَرْضِ وَمَا طَحٰيهَا ❀ وَنَفْسٍ وَمَا سَوّٰيهَا ❀ اِلخ (الشمس:1-10)
أيُّها الأخُ.. إنْ شِئتَ أنْ تفهمَ شيئًا من أسْرارِ حكمةِ العالَمِ وطِلسَمِه، ولُغزِ خَلْقِ الإنسانِ، ورُموزِ حقيقةِ الصلاةِ، فتَأمَّلْ معي في هذه الحكايةِ التَّمثِيليّةِ القصِيرةِ:
كان في زمانٍ مَا سلطانٌ له ثَرَواتٌ طائلةٌ وخزائنُ هائلةٌ تحوي جميعَ أنواعِ الجَواهرِ والألماسِ والزُّمُرُّدِ، مع كنوزٍ خَفيةٍ أخرَى عجيبةٍ جدا، وكان صاحبَ عِلمٍ واسِعٍ جدا، وإحاطةٍ تامَّةٍ؛ واطِّلاعٍ شامِلٍ على العُلومِ البَديعةِ التي لا تُحَدُّ، مع مَهاراتٍ فائقةٍ وبدائعِ الصَّنعةِ.
وحيثُ إنَّ كلَّ ذي جمالٍ وكَمالٍ يُحِبُّ أنْ يَرَى ويُرِي جمالَه وكمالَه، كذلك هذا السلطانُ العظيمُ، أرادَ أنْ يَفتَحَ مَعْرِضًا هائلًا لعرض مَصنوعاتِه الدقيقةِ كي يَلفِتَ أنظارَ رَعيَّتِِه إلى أُبَّهةِ سَلْطنتِه، وعظمةِ ثروتهِ ويُظهِرَ لهم من خوارقِ صَنعتِه الدقيقةِ وعجائبِ معرفتهِ وغرائبِها، ليُشاهِد جمالَه وكمالَه المَعنوِيَّيْنِ على وَجهَينِ:
الأوَّلُ: أنْ يَرى بالذَّاتِ معروضاتِه بنظرِه البَصيرِ الثاقِبِ الدقيقِ؛
والثاني: أنْ يَراهَا بنظرِ غَيرهِ.
ولأجْل هذه الحكمةِ، بَدَأ هذا السلطانُ بتَشيِيدِ قَصرٍ فَخمٍ شامِخٍ جدا، وقَسَّمَهُ بشَكلٍ بارِعٍ إلى منازلَ ودَوائرَ مُزيِّنا كلَّ قِسمٍ بمُرصَّعاتِ خزائنِه المتنوِّعةِ، وجمَّلَه بما عَمِلتْ يَداهُ من ألْطَفِ آثارِ إبداعِه وأجْمَلِها، ونَظَّمَهُ ونسَّقَهُ بأدقِّ دَقائقِ فُنونِ عِلمِه وحكمتِه؛ فَجهَّزهُ وحسَّنَه بالآثارِ المعجِزَةِ لخَوارقِ عِلمِه. وبعدَ أنْ أتمَّه وكمَّلَه، أقامَ في القَصرِ موائدَ فاخِرةً بهِيجةً تضُمُّ جميعَ أنواعِ أطعمَتِه اللذيذةِ، وأفْضَلَ نِعَمِه الثمينةِ، مخصِّصًا لكلِّ طائِفةٍ ما يَليقُ بها ويُوافِقُها من الموائدِ، فأعدَّ بذلك ضِيافةً فاخِرةً عامّةً، مُبيِّنًا سَخاءً وإبداعا وكرما لم يُشهَد له مَثيلٌ، حتى كأنَّ كلَّ مائدةٍ من تلك الموائدِ قد امتلأتْ بمئاتٍ من لطائفِ الصَّنعةِ الدقيقةِ وآثارِها، بما مَدَّ عليها من نِعمٍ غالِيةٍ لا تُحصَى.
ثم دعا أهاليَ أقْطارِ مملكتِه ورَعاياه، للمُشاهَدةِ والتَّنزُّهِ والضِّيافَةِ، وعَلَّمَ كبيرَ رُسُلِه المكرَّمِينَ ما في هذا القصرِ العظيمِ من حِكمٍ رائعةٍ، وما في جَوانبِه ومُشتَمَلاتِه من مَعانٍ دقيقةٍ، مُخصِّصًا إيَّاه مُعلِّما رائِدا وأستاذا بارِعا على رعِيَّتِه، ليُعلِّمَ الناسَ عَظمةَ باني القصرِ بما فيه من نقوشٍ بدِيعةٍ مَوزُونةٍ، ومُعرِّفا لكلِّ الداخِلِينَ رُموزَه وما تَعْنيهِ هذه المُرصَّعاتُ المنتَظَمَةُ والإشاراتُ الدقيقةُ التي فيه، ومدَى دَلالَتِها على عَظمَةِ صاحِبِ القصرِ وكمالهِ الفائقِ ومَهارَتِه الدقيقةِ، مُبيِّنا لهم أيضا تَعليماتِ مراسِيمِ التَّشرِيفاتِ بما في ذلك آدابُ الدُّخولِ والتجوُّلِ، وأُصُولُ السَّيرِ وَفْقَ ما يُرضي السلطانَ الذي لا يُرَى إلّا من وراءِ حِجابٍ.
وكان هذا المُعلِّمُ الخبِيرُ يتَوسَّطُ تلامِذتَه في أوسعِ دائرةٍ من دوائرِ القَصرِ الضَّخمِ وكان مُساعِدوهُ مُنتَشِرِينَ في كلٍّ مِنَ الدوائِر الأُخرَى للقصر؛ بدأ المُعلِّمُ هذا بإلقاءِ تَوجِيهاتِه إلى المُشاهِدِينَ كافةً قائلا:
«أيُّها الناسُ إنَّ سَيِّدَنا مليكَ هذا القصرِ الواسِعِ البدِيعِ، يُرِيدُ ببنائِه هذا وبإظْهارِ ما تَرَوْنه أمامَ أعيُنِكم من مَظاهِرَ، أن يُعرِّفَ نفسَه إليكم، فاعْرِفوه واسْعَوْا لحسنِ مَعرِفتِه؛ وإنه يُرِيدُ بهذه التَّـزْيِيناتِ الجماليَّةِ، أنْ يُحبِّبَ نفسَه إليكم، فَحبِّبوا أنفُسَكم إليه، باسْتِحسانِكم أعمالَه وتقديرِكُم لصَنعَتِه؛ وإنه يتَودَّدُ إليكم ويُرِيكُم مَحبَّته بما يُسبِغُه عليكم من آلائِه ونِعَمِه وأفضالِه فأحِبُّوه بحُسنِ إصغائِكم لأوامرِه وبطاعَتِكم إيّاه؛ وإنه يُظهِرُ لكم شَفَقَتَه ورَحْمتَه بهذا الإكرامِ والإغْداقِ من النِّعمِ فعَظِّموهُ أنتم بالشُّكرِ؛ وإنه يُرِيدُ أن يُظهِرَ لكم جَمالَه المعنويَّ بآثارِ كمالِه في هذه المصنوعاتِ الجَمِيلةِ الكامِلةِ فأظهِروا أنتم شَوقَكم ولَهفتَـكُم للقائِه ورُؤيَتِه، ونَيلِ رِضاهُ؛ وإنه يُريدُ منكم أن تَعرِفُوا أنّه السُّلطانُ المُتفَرِّدُ بالحاكِميَّةِ والاسْتِقلالِ، وأن كلَّ شيءٍ له، وخاصٌّ به، صَدرَ من يدِ قُدرتِه.. بما وضع من شعارِه الخاصِّ، وخاتَمِه المخَصَّصِ، وطُرَّتِه التي لا تُقلَّدُ على جميعِ المصنوعاتِ؛ فعليكم إذن أن تُدركوا جيدا، أن لَّا سُلطانَ ولا حاكمَ إلَّا هو، فهو السلطانُ الواحِدُ الأَحدُ الذي لا نظيرَ له ولا مَثيلَ..».
كانَ هذا المعلِّمُ الكبيرُ يُخاطِبُ الداخِلِينَ للقصرِ والمتفرِّجِينَ، بأمثالِ هذا الكلامِ الذي يُناسِبُه ويُناسِبُ ذلك المقامَ؛ ثُمَّ انقسَمَ الداخِلونَ إلى فَريقَينِ:
الفريق الأول: وهم ذوو العُقولِ النيِّرةِ، والقُلوبِ الصافيةِ المطمئِنَّةِ، المدرِكونَ قَدْرَ أنفُسِهم، فحَيثُما يتجوَّلونَ في آفاقِ هذا القصرِ العظيمِ ويَسرَحونَ بنظرهِم إلى عجائبِه يقولونَ: لابدَّ أنَّ في هذا شأنًا عظيمًا !! ولابدَّ أنَّ وراءَه غايةً سامِيةً!! فعَلِموا أنْ ليس هناك عبَثٌ، وليس هو بلَعبٍ، ولا بلهوٍ صِبيانيٍّ.. ومن حَيرَتِهم بدؤوا يقولون: يا تُرى أين يكمُن حلُّ لُغزِ القصرِ، وما الحكمةُ في ما شاهَدْناه ونُشاهِدُه؟! وبينما هم يتأمَّلونَ ويتَحاورُونَ في الأمرِ، إذا بهم يسمَعونَ صوتَ خُطبةِ الأستاذِ العَارفِ وبَيَاناتِه الرائِعةِ، فعرَفوا أنَّ لديهِ مَفاتيحَ جميعِ الأسرارِ وحَلَّ جميعِ الألغازِ، فأقبلوا إليه مُسرعِينَ: السلام عليكم أيُّها الأُسْتاذُ! إنَّ مِثلَ هذا القصرِ الباذِخِ ينبغي أن يكونَ له عَرِيفٌ صادِقٌ مُدقِّقٌ أمينٌ مثلُك، فالرجاءُ أن تُعلِّمَنا ممّا علَّمكَ سيِّدُنا العظيمُ.
فَذكَّرَهُم الأُسْتاذُ بخُطبتِه المذكورةِ آنفًا، فاستَمعُوا إليهِ خاشِعينَ، وتَقبَّلوا كلامَه بكلِّ رضًى واطمِئنانٍ، فغنِمُوا أيَّما غَنيمةٍ، إذ عَمِلوا ضمنَ مرضاةِ سُلطانِهم، فرَضِيَ عنهم السُّلطانُ بما أَبدَوْا من رِضًى وسُرورٍ بأوامِرِه؛ فدَعاهُم إلى قَصرٍ أعظمَ وأرقَى لا يكاد يُوصفُ، وأَكرمَهُم بسَعادةٍ دائمةٍ، بما يَليقُ بالمالِك الجَوادِ الكريمِ، ولائقٌ بذلك القصرِ العالي، وبما يُلائِمُ هؤلاءِ الضُّيوفَ الكرامَ المتأدِّبِينَ، وحَريٌّ بهؤلاءِ المطِيعينَ المنقادِينَ للأوامِرِ.
أمّا الفَريقُ الآخَرُ: وَهُمُ الذينَ قد فسَدتْ عُقولُهم، وانطَفأتْ جَذوَةُ قلوبِهم، فما إنْ دخلُوا القصرَ، حتى غَلبَتْ عليهم شهَواتُهم، فلم يعودوا يَلتفِتُونَ إلّا لما تشتَهيهِ أنفُسُهم من الأطعمةِ اللذيذةِ، صَارِفينَ أبصارَهم عن جميعِ تلك المحاسِنِ، سادِّينَ آذانَهم عن جميعِ تلك الإرشَاداتِ الصَّادِرةِ من ذلك المُعلِّمِ العظيمِ، وتَوجِيهاتِ تلامِيذِه.. فأقبلوا على المأكولاتِ بشَراهةٍ ونَهَمٍ، كالحيواناتِ، فأَطبقَتْ عليهمُ الغفلةُ والنومُ وغشيَهمُ السُّكْرُ، حتى فَقدُوا أنفُسَهم لكثرةِ ما أفرَطوا في شُربِ ما لم يُؤذَن لهم به؛ فأزْعجُوا الضيوفَ الآخَرينَ بجنونِهم وعَربَدتِهم؛ فأساءُوا الأدبَ مع قَوانينِ السُّلطانِ المعظَّمِ وأنظِمتِه.. لذا أخَذهُم جنُودُه وساقُوهُم إلى سِجنٍ رهِيبٍ ليَنالوا عِقابَهم الحقَّ، جَزاءً وِفاقًا على إساءَتِهمُ الأَدبَ.
فيا مَن يُنصِتُ معي إلى هذه الحكايةِ؛ لابدَّ أنكَ قد فهِمتَ أنَّ ذلك السُّلطانَ قد بَنى هذا القصرَ الشامِخَ لأجلِ تلك المقاصِدِ المذكورَةِ، فحصولُ تلك المقاصِدِ يتوقَّفُ على أمرَينِ:
أحدُهما: وجودُ ذلك المعلِّمِ الأستاذِ الذي شاهَدْناه وسمِعْناَ خطابَه، إذ لولاه لذَهبتْ تلك المقاصِدُ هَباءً منثورًا، كالكتابِ المُبهَمِ الذي لا يُفهَمُ معناه، ولا يُبيِّنُه أستاذٌ، فيظَلُّ مُجرَّدَ أوراقٍ لا معنَى لها!
ثانيهما: إصغاءُ الناسِ إلى كلامِ ذلك المعلِّمِ، وتَقبُّلُهُم له. بمعنى أنَّ وجودَ الأستاذِ مدعاةٌ لوجودِ القَصرِ، واستِماعَ الناسِ إليه سَببٌ لبقاءِ القصرِ، لذا يَصحُّ القولُ: لم يَكنِ السُّلطانُ العظيمُ ليَبنِيَ هذا القَصرَ لولا هذا الأُسْتاذُ؛ وكذا يَصِحُّ القَولُ: حينَما يُصبِحُ الناسُ لا يُصغُونَ إليه ولا يُلقونَ بالًا إلى كلامِه، فسَيُغيِّرُ السلطانُ هذا القَصرَ ويُبدِّلُه.
إلى هنا انتَهتِ القصَّةُ يا صديقي.. فإنْ كنتَ قد فهِمتَ سِرَّ الحكايةِ، فانظُرْ مِنْ خلالِها إلى وَجهِ الحقيقةِ:
إنَّ ذلكَ القَصرَ هو هذا العالَمُ، المَسقوفُ بهذه السماءِ المُتَلألِئةِ بالنُّجومِ المتبسِّمةِ، والمفروشُ بهذه الأرضِ المزيَّنةِ من الشرقِ إلى الغربِ بالأزْهارِ المتنوِّعةِ. وذلك السُّلطانَ العَظيمَ، هو اللهُ تعالى سُلطانُ الأزَلِ والأبَدِ الملكُ القُدُّوسُ ذو الجلالِ والإكرامِ الذي ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمٰوَاتُ السَّبْعُ وَالْاَرْضُ وَمَنْ ف۪يهِنَّ .. ﴾ (الإسراء:44) حيثُ ﴿ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْب۪يحَهُ ﴾ (النور:41) وهوَ القَديرُ ﴿ الَّذ۪ي خَلَقَ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضَ ف۪ي سِتَّةِ اَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوٰى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي الَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَث۪يثًاۙ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِاَمْرِهِ ﴾ (الأعراف:54).
أما مَنازلُ ذلك القَصرِ فهي ثَمانِيةَ عشرَ ألفًا من العوالِم([1]) التي تَزيَّنَ كلٌّ منها وانتَظمَ بما يُلائِمُه من مخلوقاتٍ.. أمّا الصَّنَائِعُ الغرِيبةُ في ذلك القصر فهي مُعجِزاتُ القُدرةِ الإلهيَّةِ الظاهرةِ في عالَمِنا لِكلِّ ذي بَصرٍ وبَصيرَةٍ.. وأما الأطعِمةُ اللذيذَةُ التي فيه، هي عَلاماتُ الرَّحمةِ الإلهيَّةِ من الأثْمارِ والفواكِه البدِيعةِ التي تُشاهَد بكلِّ وُضوحٍ في جميعِ مواسِمِ السَّنةِ وخاصةً في الصَّيفِ وبالأخَصِّ في بَساتِينِ «بارلا»؛ ومَطبخُ هذا القَصرِ هو سَطحُ الأرضِ وقَلبُها الذي يتَّقِدُ نارًا.
وما رَأيتَه في الحكايةِ من الجواهِرِ في تلك الكنوزِ الخفيَّةِ، هي في الواقِع أمثلةٌ لتَجلِّياتِ الأسماءِ الحسنَى المقدَّسَة؛ وما رأيناه من النقوشِ ورُموزِها، هي هذه المخلوقاتُ المزيِّنةُ للعالَمِ، وهي نُقوشٌ مَوزُونةٌ بقلمِ القُدرَةِ الإلهيَّةِ الدَّالةِ على أسماءِ القديرِ ذي الجلالِ. أمّا ذلك المعلِّمُ الأستاذُ فهو سَيِّدُنا، وسيِّدُ الكَونَينِ مُحمَّدٌ ﷺ، ومُساعِدوهُ همُ الأنبياءُ الكرامُ عليهم السلام، وتلامِيذُه هُمُ الأولياءُ الصالحونَ، والعلماءُ الأصفياءُ؛ أما خُدَّامُ السلطانِ العظيمِ فهمْ إشارةٌ إلى الملائِكةِ عليهمُ السلامُ في هذا العالَمِ؛ وأمّا الضيوف الذين دُعُوا للتنزُّهِ والضِّيافةِ فهم إشارةٌ إلى الجنِّ والإنسِ وما يخدُمُ الإنسانَ من حيواناتٍ وأنعامٍ في دار ضِيافةِ الدنيا هذه.
أمّا الفريقان: فالأوَّلُ: هم أهلُ الإيمانِ الذين يتَتلمَذونَ على مائدةِ القرآنِ الكريمِ الذي يُفسِّرُ آياتِ كتابِ الكَونِ . والآخَرُ: هم أهلُ الكُفرِ والطغيانِ الصُّمُّ البُكمُ الضَّالُّونَ الذينَ اتَّبعُوا أهواءَهم والشَّيطانَ، فما عَرَفوا من الحياةِ إلّا ظاهرَها، فهم كالأنعامِ بل هم أضلُّ سبيلًا.
أمّا الفريقُ الأوَّلُ الذينَ همُ الأبرارُ السُّعداءُ؛ فقد أنصَتُوا إلى المعلِّمِ العظِيمِ والأستاذِ الجليلِ ذي الحقيقَتَينِ؛ إذ هو عَبدٌ، وهو رَسولٌ؛ فمن حيثُ العُبودِيَّةُ يُعرِّفُ ربَّه ويَصفُه بما يليقُ به من أوصافٍ، فهو إذن في حُكمِ مُمَثِّلٍ عن أُمَّتِهِ لدى الحضرةِ الإلهيَّةِ.. ومن حيثُ الرِّسالةُ يُبلِّغُ أحكامَ ربِّه إلى الجنِّ والإنسِ كافَّةً بالقرآنِ العظيمِ.
فهذه الجماعةُ السعيدَةُ بعدما أصْغَوْا إلى ذلك الرَّسولِ الكريمِ ﷺ وانصاعُوا لأوامِرِ القرآنِ الحكيمِ، إذا بهم يَرَونَ أنفُسَهم قد قُلِّدوا مُهمَّاتٍ لطيفةً تترقَّى ضِمنَ مقاماتٍ سامِيةٍ كثيرةٍ، تلك هي الصَّلاةُ، فِهْرِسُ أنواعِ العِباداتِ.
نعم، لقد شَاهَدوا بوُضوحٍ تفَاصِيلَ الوظائفِ والمَقاماتِ الرفيعَةِ التي تُشِيرُ إليها الصَّلاةُ بأذكارِها وحَركاتِها المتنوِّعةِ، على النَّحوِ الآتي:
أوَّلا: بمُشاهَدتِهمُ الآثارَ الرَّبانيَّةَ المبثوثَةَ في الكون، وجَدوا أنفُسَهم في مقامِ المُشاهِدِينَ لِمَحاسِنِ عظمةِ الربوبيَّةِ، بمُعامَلةٍ غِيابيَّةٍ، فأدَّوْا وظيفةَ التكبيرِ والتَّسبيحِ، قائلينَ: اللهُ أكبرُ.
ثانيا: وبظُهورِهِم في مَقامِ الدُّعاةِ والأدِلّاءِ إلى بَدائعِ صنائِعِه سبحانَه وآثارِه السَّاطعةِ، التي هي جَلَواتُ أسمائِه الحسنَى، أدَّوْا وظيفةَ التَّقدِيسِ والتحميدِ بقولهِم: سبحانَ الله والحمدُ لله.
ثالثا: وفي مقامِ إدراكِ النِّعَمِ المُدَّخَرَةِ في خزائنِ الرحمةِ الإلهيَّةِ بِتَذوُّقِها بحَواسَّ ظاهِرةٍ وباطِنةٍ شَرعُوا بوظيفةِ الشُّكرِ والحَمدِ.
رابعا: وفي مَقامِ معرفةِ جواهِرِ كنوزِ الأسماءِ الحسنَى وتقديرِها حقَّ قَدرِها بمَوازِينِ الأجهِزةِ المعنويَّةِ المودَعةِ فيهم، بَدؤُوا بوظيفَةِ التَّنزِيهِ والثَّناءِ.
خامسا: وفي مَقامِ مُطالَعةِ الرسائلِ الرَّبانيَّةِ المُسطَّرةِ بقلَمِ قُدرَتِه تعالى بمِسطَرِ القَدَرِ، باشَروا بوظيفةِ التَّفكُّرِ والإعجابِ والاستِحسانِ.
سادسا: وفي مَقامِ التَّنزِيه بإمْعانِ النَّظرِ إلى دِقَّةِ اللطفِ في خَلقِ الأشياءِ، ورِقَّةِ الجمالِ في إتقانِها، دخلُوا وَظيفةَ المحبَّةِ والشَّوقِ إلى جمالِ الفاطِرِ الجليلِ والصانِعِ الجَميلِ.
وهكذا.. بَعدَ أداءِ هذه الوظائِفِ في المقاماتِ السَّابقَةِ، والقيامِ بالعِبادَةِ اللازمَةِ بمُعاملةٍ غِيابيَّةٍ، لدَى مُشاهَدةِ المخلوقاتِ، ارتَقَوْا إلى درجةِ النَّظرِ إلى مُعامَلةِ الصانعِ الحكيمِ وشُهودِها ومُعامَلةِ أفعالِه مُعامَلةً حُضوريَّةً، وذلك أنَّهُم: قابلوا أوَّلا تعريفَ الخالقِ الجليلِ نفسَه لذوِي الشُّعورِ بمُعجِزاتِ صَنعتِه.. قابَلوهُ بمعرفةٍ مِلؤُها العَجَبُ والحَيرةُ قائلين: سُبحانكَ ما عَرفْناكَ حقَّ مَعرِفتِك([2]) يا مَعروفُ بمعجزاتِ جميعِ مَخلوقاتِكَ.
ثم استجابوا لتَحبُّبِ ذلك الرحمنِ بثَمراتِ رَحمتِه سبحانَه، بمَحبَّةٍ وهُيامٍ مُردِّدِينَ:
﴿ اِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ اِيَّاكَ نَسْتَع۪ينُ ﴾.
ثم لَبَّوْا تَرحُّمَ ذلك المنعِمِ الحقِيقيِّ بنِعَمِه الطيِّبةِ وإظهارِ رأفتِه عليهم، بالشكرِ والحَمدِ، وبقولهِم:
سبحانَكَ ما شكرناكَ حقَّ شُكرِكَ يا مشكورُ بألْسِنةِ أحوالٍ فصِيحةٍ تَنطِقُ بها جميعُ إحساناتِكَ المبثوثَةِ في الكَونِ، وتُعلِنُ الحمدَ والثناءَ إعلاناتُ نِعَمِك المُعدَّةُ في سوقِ العالَمِ والمنثورةُ على الأرض كافَّةً؛ فجميعُ الثمراتِ المُنضَّدةِ لرحمتِك الواسِعةِ، وجميعُ الأغذيَّةِ الموزونَةِ لنِعمِكَ العميمَةِ، تُوْفيِ شُكرَها بشهادتِها على جُودِكَ وكرمِكَ لدى أنظارِ المخلوقاتِ.
ثم قابَلوا إظهارَ جمالِه وجلالِه وكمالِه و كبريائِه سبحانَه، في مرايا الموجوداتِ المتبدِّلةِ على وَجهِ الكونِ، بقولهِم: الله أكبرُ، ورَكعُوا في عَجزٍ مكلَّلٍ بالتعظيمِ، وهَوَوْا إلى السُّجودِ في محبَّةٍ مُفعمَةٍ بالذُّلِّ والفناءِ لله، وفي غَمرةِ إعجابٍ وتعظيمٍ وإجلالٍ.
ثم أجابوا إظهارَ ذلك الغنيِّ المطلقِ سُبحانَه ثَروَتَه التي لا تَنفَدُ ورحمتَه التي وسِعتْ كلَّ شيءٍ، بالدعاءِ المُلِحِّ والسؤالِ الجادِّ، بإظهارِ فَقرِهم وحاجتِهم قائلين: إياكَ نَستَعينُ.
ثم استَقبلوا عرضَ ذلك الخالقِ الجليل لِلَطائفِ صَنائعِه ورَوائعِ بدائعِه ونَشرِه لها في مَعارِضَ أمامَ أنظارِ الأنامِ، بالإعجابِ والتقديرِ اللَّازِمَينِ، قائلِينَ: ما شاءَ اللهُ، تباركَ اللهُ، ما أجملَ خلقَ هذا..
شاهِدِين مُستَحسِنِينَ لها، هاتِفِين: هلمُّوا لمشاهَدَةِ هذه البدائعِ، حيَّ على الفلاحِ.. اشهَدُوها وكُونُوا شُهَداءَ علَيها.
ثم أجابوا إعلانَ ذلك السُّلطانِ العظيمِ -سُلطانِ الأزَلِ والأبَدِ- لسلطَنةِ ربوبيَّتهِ في الكون كلِّه، وإظهارَه وحدانِيَّتَه للوجودِ كافَّةً، بقولِهم: سَمِعناَ وأطَعناَ.. فَسمِعوا، وانقادُوا وأطاعُوا.
ثم استَجابُوا لإظهار ربِّ العالمينَ ألوهيَّتَه الجليلةَ، بخُلاصَةِ عبوديَّةٍ تَنُمُّ عن ضَعفِهمُ الكامِنِ في عَجزِهم، وفَقرِهم المندَمِج في حاجاتِهم.. تلك هي الصَّلاةُ.
وهكذا بمثلِ هذه الوَظائفِ المتنوِّعةِ للعبوديَّةِ، أدَّوْا فريضةَ عُمرِهم ومُهمَّةَ حياتِهم في هذا المسجدِ الأكبرِ المُسمَّى بدارِ الدنيا، حتى اتَّخذُوا صورةَ أحسَنِ تقويمٍ، واعتَلَوْا مرتَبةً تفوقُ جميعَ المخلوقاتِ قاطبةً، إذ أصبحوا خُلفاءَ أُمَناءَ في الأرضِ، بما أُودِعَ فيهم من الإيمانِ والأمَانةِ..
وبعد انتِهاءِ مُدَّةِ الامتِحانِ والخروجِ من قَبضةِ الاختِبارِ يَدعوهُم ربُّهم الكريمُ إلى السَّعادةِ الأبديَّةِ والنَّعيمِ المقِيمِ ثوابًا لإيمانِهم، ويرزُقُهمُ الدُّخولَ إلى دارِ السَّلامِ جـزاءَ إسلامِهم، ويُكرمُهُم -وقد أكرَمَهم- بنِعَمٍ لا عَينٌ رَأَتْ ولا أُذُنٌ سمِعتْ ولا خَطرَ على قلبِ بَشرٍ،([3]) ويمنَحَهم الأبديَّةَ والبقاءَ، إذ المُشاهِدُ المشتاقُ لجَمالٍ سرمَديٍّ والعاشِقُ الذي يَعكسُه كالمرآةِ، لابدَّ أن يَظلَّ باقيا ويَمضِيَ إلى الأبدِ؛
هذه هي عُقبَى تلامِيذِ القُرآنِ.. اللَّهمَّ اجعَلناَ منهم.. آمين!.
Amma füccar ve eşrar olan diğer güruh ise hadd-i büluğ ile şu âlem sarayına girdikleri vakit, bütün vahdaniyetin delillerine karşı küfür ile mukabele edip ve bütün nimetlere karşı küfran ile mukabele ederek ve bütün mevcudatı kıymetsizlikle kâfirane bir ittiham ile tahkir ettiler ve bütün esma-i İlahiyenin tecelliyatına karşı red ve inkâr ile mukabele ettiklerinden, az bir vakitte nihayetsiz bir cinayet işlediler; nihayetsiz bir azaba müstahak oldular. Evet, insana sermaye-i ömür ve cihazat-ı insaniye, mezkûr vezaif için verilmiştir.
Ey sersem nefsim ve ey pür-heves arkadaşım! Âyâ zannediyor musunuz ki vazife-i hayatınız; yalnız terbiye-i medeniye ile güzelce muhafaza-i nefis etmek, ayıp olmasın, batn ve fercin hizmetine mi münhasırdır? Yahut zannediyor musunuz ki hayatınızın makinesinde dercedilen şu nazik letaif ve maneviyat ve şu hassas aza ve âlât ve şu muntazam cevarih ve cihazat ve şu mütecessis havas ve hissiyatın gaye-i yegânesi; şu hayat-ı fâniyede nefs-i rezilenin, hevesat-ı süfliyenin tatmini için istimaline mi münhasırdır? Hâşâ ve kellâ! Belki vücudunuzda şunların yaratılması ve fıtratınızda bunların gaye-i idhali, iki esastır:
Biri: Cenab-ı Mün’im-i Hakiki’nin bütün nimetlerinin her bir çeşitlerini size ihsas ettirip şükrettirmekten ibarettir. Siz de hissedip şükür ve ibadetini etmelisiniz.
İkincisi: Âleme tecelli eden esma-i kudsiye-i İlahiyenin bütün tecelliyatının aksamını, birer birer, size o cihazat vasıtasıyla bildirip tattırmaktır. Siz dahi tatmakla tanıyarak iman getirmelisiniz.
İşte bu iki esas üzerine kemalât-ı insaniye neşv ü nema bulur. Bununla insan, insan olur.
İnsaniyetin cihazatı, hayvan gibi hayat-ı dünyeviyeyi kazanmak için verilmemiş olduğuna şu temsil sırrıyla bak:
Mesela, bir zat bir hizmetçisine yirmi altın verdi, tâ mahsus bir kumaştan kendisine bir kat libas alsın. O hizmetçi gitti, o kumaşın a’lâsından mükemmel bir libas aldı, giydi.
Sonra gördü ki o zat, diğer bir hizmetkârına bin altın verip bir kâğıt içinde bazı şeyler yazılı olarak onun cebine koydu, ticarete gönderdi. Şimdi, her aklı başında olan bilir ki o sermaye, bir kat libas almak için değil. Çünkü evvelki hizmetkâr, yirmi altınla en a’lâ kumaştan bir kat libas almış olduğundan elbette bu bin altın, bir kat libasa sarf edilmez. Şayet bu ikinci hizmetkâr, cebine konulan kâğıdı okumayıp belki evvelki hizmetçiye bakıp, bütün parayı bir dükkâncıya bir kat libas için verip hem o kumaşın en çürüğünden ve arkadaşının libasından elli derece aşağı bir libas alsa, elbette o hâdim nihayet derecede ahmaklık etmiş olacağı için şiddetle tazip ve hiddetle te’dib edilecektir.
Ey nefsim ve ey arkadaşım! Aklınızı başınıza toplayınız. Sermaye-i ömür ve istidad-ı hayatınızı hayvan gibi belki hayvandan çok aşağı bir derecede şu hayat-ı fâniye ve lezzet-i maddiyeye sarf etmeyiniz. Yoksa sermayece en a’lâ hayvandan elli derece yüksek olduğunuz halde en ednasından elli derece aşağı düşersiniz.
Ey gafil nefsim! Senin hayatının gayesini ve hayatının mahiyetini hem hayatının suretini hem hayatının sırr-ı hakikatini hem hayatının kemal-i saadetini bir derece anlamak istersen bak:
Senin hayatının gayelerinin icmali dokuz emirdir:
Birincisi şudur ki: Senin vücudunda konulan duygular terazileriyle rahmet-i İlahiyenin hazinelerinde iddihar edilen nimetleri tartmaktır ve küllî şükretmektir.
İkincisi: Senin fıtratında vaz’edilen cihazatın anahtarlarıyla esma-i kudsiye-i İlahiyenin gizli definelerini açmaktır, Zat-ı Akdes’i o esma ile tanımaktır.
Üçüncüsü: Şu teşhirgâh-ı dünyada, mahlukat nazarında, esma-i İlahiyenin sana taktıkları garib sanatlarını ve latîf cilvelerini bilerek hayatınla teşhir ve izhar etmektir.
Dördüncüsü: Lisan-ı hal ve kālinle Hâlık’ının dergâh-ı rububiyetine ubudiyetini ilan etmektir.
Beşincisi: Nasıl bir asker, padişahından aldığı türlü türlü nişanları, resmî vakitlerde takıp padişahın nazarında görünmekle onun iltifatat-ı âsârını gösterdiği gibi sen dahi esma-i İlahiyenin cilvelerinin sana verdikleri letaif-i insaniye murassaatıyla bilerek süslenip o Şahid-i Ezelî’nin nazar-ı şuhud ve işhadına görünmektir.
Altıncısı: Zevi’l-hayat olanların tezahürat-ı hayatiye denilen, Hâlıklarına tahiyyatları; ve rumuzat-ı hayatiye denilen, Sâni’lerine tesbihatları ve semerat ve gayat-ı hayatiye denilen, Vâhibü’l-hayat’a arz-ı ubudiyetlerini bilerek müşahede etmek, tefekkür ile görüp şehadetle göstermektir.
Yedincisi: Senin hayatına verilen cüz’î ilim ve kudret ve irade gibi sıfat ve hallerinden küçük numunelerini vâhid-i kıyasî ittihaz ile Hâlık-ı Zülcelal’in sıfât-ı mutlakasını ve şuun-u mukaddesesini o ölçüler ile bilmektir. Mesela sen, cüz’î iktidarın ve cüz’î ilmin ve cüz’î iraden ile bu haneyi muntazam yaptığından şu kasr-ı âlemin senin hanenden büyüklüğü derecesinde, şu âlemin ustasını o nisbette Kadîr, Alîm, Hakîm, Müdebbir bilmek lâzımdır.
Sekizincisi: Şu âlemdeki mevcudatın her biri kendine mahsus bir dil ile Hâlık’ının vahdaniyetine ve Sâni’inin rububiyetine dair manevî sözlerini fehmetmektir.
Dokuzuncusu: Acz ve zaafın, fakr ve ihtiyacın ölçüsüyle kudret-i İlahiye ve gına-yı Rabbaniyenin derecat-ı tecelliyatını anlamaktır. Nasıl ki açlığın dereceleri nisbetinde ve ihtiyacın envaı miktarınca, taamın lezzeti ve derecatı ve çeşitleri anlaşılır. Onun gibi sen de nihayetsiz aczin ve fakrınla nihayetsiz kudret ve gına-yı İlahiyenin derecatını fehmetmelisin. İşte senin hayatının gayeleri, icmalen bunlar gibi emirlerdir.
Şimdi kendi hayatının mahiyetine bak ki o mahiyetinin icmali şudur:
Esma-i İlahiyeye ait garaibin fihristesi hem şuun ve sıfât-ı İlahiyenin bir mikyası hem kâinattaki âlemlerin bir mizanı hem bu âlem-i kebirin bir listesi hem şu kâinatın bir haritası hem şu kitab-ı ekberin bir fezlekesi hem kudretin gizli definelerini açacak bir anahtar külçesi hem mevcudata serpilen ve evkata takılan kemalâtının bir ahsen-i takvimidir. İşte mahiyet-i hayatın bunlar gibi emirlerdir.
Şimdi senin hayatının sureti ve tarz-ı vazifesi şudur ki:
Hayatın bir kelime-i mektubedir. Kalem-i kudretle yazılmış hikmet-nüma bir sözdür. Görünüp ve işitilip esma-i hüsnaya delâlet eder. İşte hayatının sureti bu gibi emirlerdir.
Şimdi hayatının sırr-ı hakikati şudur ki:
Tecelli-i ehadiyete, cilve-i samediyete âyineliktir. Yani bütün âleme tecelli eden esmanın nokta-i mihrakıyesi hükmünde bir câmiiyetle Zat-ı Ehad-i Samed’e âyineliktir.
Şimdi hayatının saadet içindeki kemali ise:
Senin hayatının âyinesinde temessül eden Şems-i Ezelî’nin envarını hissedip sevmektir. Zîşuur olarak ona şevk göstermektir. Onun muhabbetiyle kendinden geçmektir. Kalbin göz bebeğinde aks-i nurunu yerleştirmektir. İşte bu sırdandır ki seni a’lâ-yı illiyyîne çıkaran bir hadîs-i kudsînin meal-i şerifi olan
مَنْ نَه گُنْجَمْ دَرْ سَمٰوَاتُ وزَمِينْ ❀ اَزْ عَجَبْ گُنْجَمْ بَقَلْبِ مُوٴْمِنِينْ
denilmiştir.
İşte ey nefsim! Hayatının böyle ulvi gayata müteveccih olduğu ve şöyle kıymetli hazineleri câmi’ olduğu halde, hiç akıl ve insafa lâyık mıdır ki hiç-ender hiç olan muvakkat huzuzat-ı nefsaniyeye, geçici lezaiz-i dünyeviyeye sarf edip zayi edersin? Eğer zayi etmemek istersen, geçen temsil ve hakikate remzeden
وَالشَّمْسِ وَضُحٰيهَا ❀ وَالْقَمَرِ اِذَا تَلٰيهَا ❀ وَالنَّـهَارِ اِذَا جَلّٰيهَا ❀ وَالَّيْلِ اِذَا يَغْشٰيهَا ❀ وَالسَّمَٓاءِ وَمَا بَنٰيهَا ❀ وَالْاَرْضِ وَمَا طَحٰيهَا ❀ وَنَفْسٍ وَمَا سَوّٰيهَا ❀ فَاَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوٰيهَا ❀ قَدْ اَفْلَحَ مَنْ زَكّٰيهَا ❀ وَقَدْخَابَ مَنْ دَسّٰيهَا
suresindeki kasem ve cevab-ı kasemi düşünüp amel et.
اَللّٰهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلٰى شَمْسِ سَمَاءِ الرِّسَالَةِ وَقَمَرِ بُرْجِ النُّبُوَّةِ وَعَلٰى آلِهِ وَاَصْحَابِهِ نُجُومِ الْهِدَايَةِ وَارْحَمْنَا وَارْحَمِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ آمِينْ آمِينْ آمِينْ
- ↑ انظر: الطبري، جامع البيان 1/63؛ أبو نعيم، حلية الأولياء 2/219؛ ابن كثير، تفسير القرآن 1/24، 25.
- ↑ انظر: المناوي، فيض القدير 2/410؛ الطبراني، المعجم الكبير 2/184؛ الحاكم، المستدرك 4/629؛ البيهقي، شعب الإيمان 1/183.
- ↑ انظر: البخاري، بدء الخلق 8، تفسير سورة السجدة 1، التوحيد 35؛ مسلم، الإيمان 312، الجنة 2-5؛ الترمذي، الجنة 15، تفسير سورة السجدة 2، تفسير سورة الواقعة 1؛ ابن ماجه، الزهد 39؛ الدارمي، الرقاق 98، 105؛ أحمد بن حنبل، المسند 2/313، 370، 407، 416، 438، 462، 466، 495، 506، 5/334.