الكلمة الثالثة والثلاثون

    Risale-i Nur Tercümeleri sitesinden
    21.24, 12 Ocak 2024 tarihinde Said (mesaj | katkılar) tarafından oluşturulmuş 64738 numaralı sürüm ("نعم، إن الحياة وحدَها تبيّن الحي القيوم بأسمائه الحسنى وصفاته الجليلة وشؤونه الحكيمة. فالحياة كالنور.. فكما أن نور الشمس يحصل من امتزاج الألوان السبعة لطَيف الشمس، كذلك «الحياة» تحصل من امتزاج صفات كثيرة امتزاجا دقيقا.. وهي -أي الحياة- كدواء ناتج من ام..." içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu)

    الكلمة الثالثة والثلاثون

    وهي عبارة عن ثلاث وثلاثين نافذة

    هذه الكلمة هي «الكلمة الثالثة والثلاثون» من جهة وهي «المكتوب الثالث والثلاثون» من جهة أخرى.

    بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ

    ﴿ سَنُر۪يهِمْ اٰيَاتِنَا فِي الْاٰفَاقِ وَف۪ٓي اَنْفُسِهِمْ حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ اَنَّهُ الْحَقُّ اَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ اَنَّهُ عَلٰى كُلِّ شَيْءٍ شَه۪يدٌ ﴾ (فصلت:٥٣)

    سؤال: نرجو أن توضح لنا توضيحا مجملا ومختصرا، ما في هاتين الآيتين الجامعتين من دلائل على وجوب وجود الله سبحانه، وعلى وحدانيته وأوصافه الجليلة وشؤونه الربانية، سواء أكان وجه الدلائل في العالم الأصغر أو الأكبر، أي في الإنسان أو الكون. فلقد أفرط الملحدون وتمادوا في غيّهم حتى بدؤوا يجاهرون بقولهم: إلى متى نرفع أكفّنا وندعو: «وهو على كل شيء قدير»؟.

    الجواب: إن ما كُتِبَ في كتاب «الكلمات» من ثلاث وثلاثين «كلمة»، ما هي إلّا ثلاث وثلاثون قطرة تقطّرت من فيض هذه الآية الكريمة. يمكنكم أن تجدوا ما يُقنعكم بمراجعتها. أما هنا فسنشير مجرد إشارة إلى رشحاتِ قطرةٍ من ذلك البحر العظيم. فنمهّد لها بمثال:

    إن الذي يملك قدرة معجزة ومهارة فائقة إذا ما أراد أن يبني قصرا عظيما فلا شك أنه قبل كل شيء يرسي أسُسَه بنظام متقن، ويضع قواعدَه بحكمة كاملة، وينسّقه تنسيقا يلائم لما يُبنى لأجله من غايات وما يُرجى منه من نتائج. ثم يبدأ بتقسيمه وتفصيله بما لديه من مهارة وإبداع إلى أقسام ودوائر وحُجرات، ثم نراه ينظم تلك الحجرات ويزيّنها بروائع النقوش الجميلة، ثم ينوّر كل ركن من أركان القصر بمصابيح كهربائية عظيمة، ثم لأجل تجديد إحسانه وإظهار مهارته نراه يجدد ما فيه من الأشياء ويبدّلها ويحوّلها. ثم يربط بكل حُجرة من الحجرات هاتفا خاصا يتصل بمقامه، ويفتح من كلٍ منها نافذةً يُرى منها مقامُه الرفيع.

    وعلى غرار هذا المثال -ولله المثل الأعلى- فالصانع الجليل، الذي له ألف اسم واسم من الأسماء الحسنى، أمثال: الحاكم الحكيم، والعدل الحَكَم، والفاطر الجليل، الذي ليس كمثله شيء. أراد، وإرادته نافذة، خلقَ شجرةِ الكائنات العظيمة، وإيجادَ قصر الكون البديع.. هذا العالم الأكبر.. فوضع أسسَ ذلك القصر وأصول تلك الشجرة في ستة أيام بدساتيرِ حكمته المحيطة وقوانين علمه الأزلي. ثم صوَّره وأحسنَ صُوَرته بدساتير القضاء والقدر وفصّله تفصيلا دقيقا إلى طبقات وفروع علوية وسفلية. ثم نظّم كل طائفة من المخلوقات وكل طبقة منها بدساتير العناية والإحسان. ثم زيّن كلَّ شيء وكل عالم، بما يليق به من جمال -فزيّن السماء مثلا بالنجوم وجمّل الأرض بالأزاهير- ثم نوّر ميادين تلك القوانين الكلية وآفاق تلك الدساتير العامة بتجليات أسمائه الحسنى، ثم أمدّ الذين يستغيثون به مما يلاقونه من مضايقات تلك القوانين الكلية، فتَوجَّه إليهم باسم «الرحمن الرحيم»، أي إنه وضع في ثنايا قوانينه الكلية ودساتيره العامة من الإحسانات الخاصة والإغاثات الخاصة والتجليات الخاصة ما يمكّن كل شيء أن يتوجَّه إليه سبحانه في كل حين ويسأله كل ما يحتاجه. وفَتَح من كل منـزل، ومن كل طبقة، ومن كل عالم، ومن كل طائفة، ومن كل فرد، ومن كل شيء نوافذ تتطلع إليه وتظهره، أي تُبين وجوده الحق ووحدانيته، فأودع في كل قلب هاتفا يتصل به.

    وبعد، فسوف لا نقحم أنفسنا فيما لا طاقة لنا به من بحث هذه النوافذ التي لا تعد ولا تحصى، بل نحيلها إلى علم الله المحيط بكل شيء، إلّا ما نشير من إشارات مجملة فقط إلى ثلاث وثلاثين نافذة منها، تألّقت من لمعات آيات القرآن الكريم فأصبحت «الكلمة الثالثة والثلاثين» أو «المكتوب الثالث والثلاثين» وقد حصرناها في ثلاثٍ وثلاثين نافذة تبركا بالأذكار التي تأتي عقب الصلوات الخمس. وندع إيضاحاتِها المفصّلة إلى الرسائل الأخرى.

    النافذة الأولى

    نشاهد في الموجودات جميعها ولاسيما الأحياء منها افتقارا إلى حاجاتٍ مختلفة ومطالب متنوعة لا تحصى.. وإن تلك الحاجات تُساقُ إليها من حيث لا تحتسب، وتلك المطالب تترى عليها كل في وقته المناسب.. علما بأنّ أيدي ذوي الحاجة تقصر عن بلوغ أدنى حاجاتها فضلا عن أوسع غاياتها ومقاصدها.. فإن شئتَ فتأمل في نفسك تجدْها مغلولةَ اليدين إزاء كثير مما يلزم حواسَّك الظاهرة، أو يشبع رغباتك الباطنة..

    فقس على نفسك نفوسَ جميع الأحياء، وتأمل فيها تجد أن كل كائن منها يشهد بفَقره وحاجاته المقضيّة من غير حول منه ولا قوة على الواجب الوجود، ويشير بهما إلى وحدانيته سبحانه وتعالى، كما يدل عليه بمجموعه كدلالة ضوء الشمس على الشمس نفسها ويبيّن للعقل المنصف أنه سبحانه في منتهى الكرم والرحمة والربوبية والتدبير.

    فما أبغضَ جهلَك.. وألعنَ غفلتَك.. أيها الجاهل الغافل المكابر.. كيف تفسر هذه الفعالية الحكيمة والبصيرة والرحيمة؟! أبالطبيعة الصماء؟ أم بالقوة العمياء؟ أم بالمصادفة العشواء؟ أم بالأسباب الجامدة العاجزة؟

    النافذة الثانية

    بينما تتردد الأشياء بين الوجود والتشخص وتحار بين طرق الإمكانات والاحتمالات غير المتناهية، إذا بها تُمنح صورةً مميزة لها، غايةً في الانتظام والحكمة..

    تأمل في العلامات الفارقة الموجودة في وجه كُلِّ إنسان، تلك العلامات التي تميّزه عن كل واحد من أبناء جنسه، وأمعن النظر فيما أودع فيه بحكمة بديعة من حَوَاسَّ ظاهرةٍ ومشاعر باطنة.. ألا يثبت ذلك أن هذا الوجه الصغير آية ساطعة للأحدية؟

    فكما أن كل وجه يدل -بمئات الدلائل- على وجود صانعٍ حكيم، ويشهد على وحدانيته، فمجموعُ الأوجه أيضا، وفي الأحياء كافة تبيّن للبصيرة النافذة أنها آية كبرى جليلة للخالق الواحد الأحد.

    فيا أيها المنكِر.. أتقدِر أن تحيلَ هذه العلامات والأختام التي لا تقلَّد، أو أن تسند الآية الكبرى للأحد الصمد الساطعة في مجموعها.. إلى غير بارئها المصور؟

    النافذة الثالثة

    إنّ أنواع النبات، وطوائف الحيوان، المنتشرة على الأرض هي أكثرُ من أربعمائة ألف نوع وطائفة، ([1]) وكأنها جيش هائل عظيم، فنرى أن كل نوع من هذا الجيش له رزقُه المختلف عن الآخر وصورتُه المتباينة، وأسلحتُه المتنوعة وملابسه المتميزة، وتدريبه الخاص وتسريحه المتفاوت من الخدمة.. وتجري هذه كلُّها في نظام متقن، ووفق تقدير دقيق. فإدارةُ هذا الجيش العظيم، وتربية أفراده، دونما نسيان لأحدٍ ولا التباس، لهي آية ساطعة كالشمس للواحد الأحد.

    فمن ذا يستطيع أن يمدَّ يدَ المداخلة في هذه الإدارة المعجزة من دون مالكها القدير الذي لا حدّ لقدرته، ولا حدودَ لعلمه، ولا نهايةَ لحكمته! ذلك لأن الذي يعجز عن إدارة وتربية هذه الأنواع المتداخلة ببعضها والأمم المكتنفة بعضها في بعض، دفعةً واحدة وفي آن واحد، يعجز كليا عن مباشرة خلق واحد منها، إذ لو حصلت مداخلته في أي منها لظَهَر أثرُه، وبان النقصُ والقصور ﴿ فَارْجِعِ الْبَصَرَۙ هَلْ تَرٰى مِنْ فُطُورٍ ﴾ (الملك:٣)

    فلا فطور ولا نقص، إذن فلا شريك.

    النافذة الرابعة

    هي استجابةُ الخالق لجميع الأدعية المنطلقة بلسان استعدادات البذور، وبلسان احتياجات الحيوانات، وبلسان اضطرار المستغيثين من بني الإنسان..

    نعم، إنّ الاستجابة لجميع هذه الأدعية غير المحدودة استجابة فعليةً، بادية أمامنا، نشاهدها رأيَ العين.

    فكما يشير كُلّ منها إلى «الواجب الوجود» وإلى الوحدانية، فإن مجموع تلك الاستجابات تدل بالبداهة وبمقياس أوسع وأعظم على خالق رحيم كريم مجيب، وتوجِّه الأنظار إليه سبحانه.

    النافذة الخامسة

    إذا أمعنا النظر في الأشياء، ولاسيما الأحياء، نشاهدها وكأنها قد خرجت من يد الخلق لتوّها، وبرزت إلى الوجود بروزا فجائيا.. فبينما ينبغي أن تكون الأشياء المركبة آنيا وعلى عَجلٍ بسيطةَ التركيب ومشوّهة الشكل، ومن دون إتقان، نراها تُخلَقُ في أتقن صنعة وأبدعِها؛ هذا الإتقان والإبداع الذي يتطلب مهارة فائقةً. ونراها في أروع نقش وأدق صورة؛ هذه الروعة والدقة التي تحتاج إلى صبر عظيم وزمن مديد. ونراها في زينة فاخرة وجمال أخّاذ؛ هذه الزينة وهذا الجمال اللذان يستدعيان آلات تجميل متنوعة، ووسائل زينة كثيرة.

    فهذا الإتقانُ المعجِز، والصورةُ البديعة، والهيأة المنسقة، والإبداع الآني، كلّ منه يشهد على وجود الصانع الحكيم، ويشير إلى وحدانية ربوبيته. كما أن مجموعه يبيّن بوضوح «الواجب الوجود» القدير الحكيم، ويبين وحدانيته سبحانه.

    فيا أيها الغافل عن ربّه، الحائرُ في أمر الموجودات..هيَّا.. بماذا توضِّح هذا الأمر وتفسره؟ أفتفسره بالطبيعة العاجزة البليدة الجاهلة؟ أم تريد أن تقترف بجهلك خطأ لا حدود له، فتقلد الطبيعةَ صفات الألوهية، وتنسب إليها بهذه الحجة معجزاتِ قدرةِ ذلك الصانع الجليل المنـزّه عن كل نقص وعيب، فترتكب ألفَ محالٍ ومحال.

    النافذة السادسة

    ﴿ اِنَّ ف۪ي خَلْقِ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَاخْتِلَافِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّت۪ي تَجْر۪ي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَٓا اَنْزَلَ اللّٰهُ مِنَ السَّمَٓاءِ مِنْ مَٓاءٍ فَاَحْيَا بِهِ الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ ف۪يهَا مِنْ كُلِّ دَٓابَّةٍۖ وَتَصْر۪يفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَٓاءِ وَالْاَرْضِ لَاٰيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ (البقرة:١٦٤).

    هذه الآية الكريمة كما أنها تبين وجود الله سبحانه وتعالى وتدل على وحدانيته، فهي في الحقيقة نافذة عظيمة جدا تطل على الاسم الأعظم من الأسماء الحسنى.

    وزبدة خلاصتها: أن جميع عوالم الكون علويّها وسفليّها، تدل بألسنة مختلفة على نتيجة واحدة، أي على ربوبية صانعٍ حكيمٍ واحد، وكما يأتي:

    إن جريان الأجرام في «السماوات» بمنتهى النظام لبلوغ غايات جليلة، ونتائجَ سامية -بتقرير علم الفلك نفسه- إنما يدل على وجود إلهٍ قدير ذي جلال ويشهد على وحدانيته وربوبيته الكاملة.

    كما أن التحولات المنتظمة في «الأرض» والمشاهَدة في المواسم لحصول منافع عظيمة ومصالح شتى -بتقرير الجغرافية- إنما تدل دلالة واضحة على ذلكم القدير ذي الجلال، وتشهد على وحدانيته وربوبيته الكاملة.

    ثم إن جميع «الحيوانات» التي تملأ البر والبحر والتي يُرسل رزقُ كُلٍّ منها برحمة واسعة، وتُكسى بأثواب متنوعة، بحكمة تامة، وتُجهّز بحواس مختلفة، بربوبية كاملة.. يشير كل منها إلى ذلك القدير ذي الجلال، ويشهد على وحدانيته، كما أن مجموعها ككل يدل معا وبمقياس واسع جدا على عظمة الألوهية وكمال الربوبية.

    وكذا الحال في «النباتات» الموزونة المنتظمة التي تفرش الأرض والبساتين والزروع، كل منها يدل على ذلك الصانع الحكيم، ويشير إلى وحدانيته بما تحمل من أزاهير جميلة، وما تنتج هذه الأزاهير من ثمار موزونة، وما على هذه الثمار من نقوش رائعة، فكما أن كلا منها على حدة يدل عل الصانع فإن مجموعَها يظهر جمال رحمته سبحانه، وكمال ربوبيته.

    ثم إن «القطرات» المسخرة لحِكَمٍ غزيرة، ولغايات سامية، ومنافعَ جليلة، وفوائد جمّةً، والتي تُرسل من السُّحب الثقال المعلقة بين السماء والأرض، تدل بعدد القطرات على ذلك الصانع الحكيم، وتشهد على وحدانيته وكمال ربوبيته.

    كما أن «الجبال» الراسيات، وما في أجوافها من معادن، وما لكلٍ منها من خواص، وما ادّخر فيها من غايات شتى، والمعدّة لمصالح عدة، كل منها على حدة وبمجموعها معا، تدل دلالة أقوى من الشمّ الرواسي على ذلك الصانع الحكيم وعلى وحدانيته وكمال ربوبيته.

    ثم إن أنواع «الأزاهير» الجميلة اللطيفة المنثورة على التلال والروابي والصحارى، وقد أضفى عليها البهاء والجمال، كُلّ منها يدل على ذلك الصانع الحكيم ويشهد على وحدانيته، مثلما أن مجموعها العام يدل على عظيم سلطانه وكمال ربوبيته.

    ثم إن أنواع «الأوراق» وأشكالها المنسقة، واهتزازاتها اللطيفة الجذابة في النباتات والأشجار والأعشاب كافة تشهد بعدد الأوراق على ذلك الصانع الحكيم، وعلى وحدانيته وكمال ربوبيته.

    ثم إن «نمو الأجسام» بخطوات هادفة مطردة، وتجهيز كل منها بأنواع من الأجهزة المتوجهة معا إلى تكوين الثمار، وكأنه توجُّه شعوري، يجعل كل جسم نامٍ بأجزائه ومجموعه، يشهد لذلك الصانع الحكيم ويشير إلى وحدانيته، ويدل دلالة أعظم على قدرته المحيطة، وحكمته الشاملة، وصنعته الجميلة، وربوبيته الكاملة.

    ثم إن إيداعَ «النفس» في الجسد، وتمكينَ «الروح» من كل كائن حيواني بحكمة تامة، وتسليحَه بأسلحة متنوعة، وتزويدَه بأعتدة مختلفة بنظام كامل، وتوجيهَه إلى مهمات جليلة، واستخدامه في وظائف متنوعة بحكمة تامة، يشير إشارات بعدد الحيوانات بل بعدد أجهزتها وأعضائها إلى وجود ذلك الصانع الحكيم، ويشهد على وحدانيته، مثلما أن مجموعها الكلي يدل دلالة ساطعة على جمال رحمته وكمال ربوبيته.

    ثم إن جميع «الإلهامات» الغيبية التي تُرشد قلوبَ الناس وتُفقِّهها بالعلوم والحقائق، وتُعلّم الحيوان الاهتداء إلى توفير ما يحتاجه من حاجات.. هذه الإلهامات الغيبية بأنواعها المختلفة تُشعِرُ كُلَّ ذي بصيرة بوجود رب رحيم وتشير إلى ربوبيته.

    ثم إن جميع «المشاعر» المتنوعة والحواس المختلفة -الظاهرة منها والباطنة- والتي تجني الأزاهيرَ المعنوية من بستان الكون، وكونَ كل حاسة منها مفتاحا لعالم من العوالم المختلفة في الكون الواسع، تدل كالشمس على وجود صانع حكيم عليم، وخالق رحيم، ورزاق كريم، وتشهد على واحديته وأحديته وكمال ربوبيته.

    فهذه النوافذ الاثنتا عشرة، كل منها تمثل وجها لنافذة واسعة، فتدل باثني عشر لونا من ألوان الحقيقة على أحدية الله سبحانه، ووحدانيته وكمال ربوبيته.

    فيا أيها المكذّب الشقي!.. كيف تستطيع أن تسدَّ هذه النافذة الواسعة سَعَةَ الأرض.. بل الواسعة سعةَ مدارها السنوي.؟! وبأي شيء يمكنك أن تطفئ منبع هذا النور الساطع كالشمس؟. وبأي ستار من ستائر الغفلة يمكنك أن تخفيه..؟!

    النافذة السابعة

    إن ما يبدو عيانا في جميع المصنوعات المبثوثة على صفحات الكون من مظاهر النظام والموازنة التامة، وما تتشكل فيه من صور الزينة والجمال، وما يشاهَد من سهولة متناهية في انبعاثها إلى الوجود وتملكها للحياة، وما هي عليه من تشابه بعضها للبعض الآخر في المظاهر أو الماهيات فضلا عن استجاباتها الفطرية الواحدة للأحداث الكونية.. كلّ من هذه المظاهر والخصائص دليل واسع سعة الكون على الخالق القدير، وشهادة صادقة قاطعة على وحدانيته سبحانه وقدرته المطلقة.

    وكذا إن «إيجاد مركبات» منتظمة لا تعد ولا تحصى من عناصر جامدة بسيطة التركيب، يشهد شهادة قاطعة بعدد المركبات على ذلك الخالق القدير الواجب الوجود سبحانه، ويشير إشارة صريحة إلى وحدانيته، فضلا عن أن مجموعها العام يبين بيانا باهرا كمال قدرته ووحدانيته.

    وكذا إن ما يشاهد من «تمايز» واضح و«افتراق» كامل أثناء تجدد الموجودات -بالتحليل والتركيب- رغم كونها في منتهى الاختلاط والامتزاج يدل دلالة واضحة على ذلك الحكيم المطلق الحكمة، والعليم المطلق العلم، والقدير المطلق القدرة، ويشير إلى وجوب وجوده سبحانه وكمال قدرته.

    فخذ مثلا: تسنبل الحبوبِ المدفونة في جوف الأرض، ونمو أصول الأشجار إلى نباتات مختلفة وأشجار متباينة، رغم الاختلاط والتشابك، وكذلك تميُّز المواد المختلفة الداخلة في النباتات والأشجار المتنوعة إلى أوراق زاهية وألوان جميلة، وثمار لطيفة رغم الامتزاج الشديد. بل حتى تمايز وتجزؤ المواد الغذائية الدقيقة الداخلة في حجيرات الجسم بحكمة كاملة وبميزان دقيق رغم الامتزاج والاختلاط.

    وكذا إن تسخير «ذرات» جامدة عاجزة جاهلة للقيام بمهام في غاية الانتظام والشعور والقدرة والحكمة، وجعل «عالم الذرات» ما يشبه مزرعة عظيمة هائلة تزرع فيها كل حين عوالم، وتحصد أخرى بحكمة تامة.. كلها دلائل واضحة على وجوب وجود ذلكم القدير ذي الجلال، وذلكم الخالق ذي الكمال، وتشهد شهادة قوية على كمال قدرته، وعظيم ربوبيته، وعلى وحدانيته وكمال ربوبيته.

    وهكذا تؤدي بنا هذه الطرق الأربع الواسعة إلى نافذة عظيمة جدا تنفتح على المعرفة الإلهية، حيث يطل منها نظر العقل الحاد على وجود الخالق الحكيم.

    فيا أيها الغافل الشقي بغفلته! إن لم تُرِد بعد هذا كلِّه رؤيتَه ومعرفتَه عدّ نفسك من الأنعام!

    النافذة الثامنة

    إنّ جميع الأنبياء عليهم السلام الذين هم أصحاب الأرواح النيّرة في النوع الإنساني مستندين إلى معجزاتهم الظاهرة الباهرة، وجميعَ الأولياء الذين يمثلون أقطاب القلوب المنورة معتمدين على كشفياتهم وكراماتهم، وجميع الأصفياء العلماء الذين يمثلون أرباب العقول النورانية مستندين إلى تحقيقاتهم العلمية.. يشهدون جميعا على وجوب وجود الواحد الأحد الخالق لكل شيء، ويدلون على كمال ربوبيته ووحدانيته.

    هذه النافذة واسعة جدا ومنورة مضيئة ساطعة، وهي مفتوحة أبدا لإظهار ذلك المقام الرفيع للربوبية.

    فيا أيها المنكر الحيران!.. بِمَ تَعْتَدّ وتفتخر، حتى لا تلقي لهذه الحقائق سمعا؟! لعلّك تظن أنك بإطباق جفنيك تستطيع أن تجعل نهار الدنيا ليلا.. ألا هيهات..!

    النافذة التاسعة

    إنّ «العبادات» التي تؤديها الكائنات بأسرها تدل بالبداهة على معبود مطلق..

    نعم، إن العبودية الخالصة التي يؤديها الملائكةُ والروحانيات عموما، والثابتة بشهادة الذين عَبَروا إلى عالم الأرواح من البشر، واستبطنوا بواطن الوجود. والتقوا هناك الملائكة والروحانيات، وشاهدوهم في عباداتهم وتسابيحهم.. وقيام جميع ذوي الحياة -مهما كانوا- بمهامهم التي خلقوا لها على أتم نظام، وامتثالهم للأوامر الإلهية امتثالَ عبد مأمور.. وأداء جميع الجمادات خدماتها المتسمة بعبودية كاملة على أتم طاعة.. إن جميع هذه العبادات المشاهدة تشير إلى المعبود الحق الواجب الوجود وإلى وحدانيته.

    وإن جميع «المعارف» الحقة التي يحملها جميعُ العارفين نتيجة إخلاصهم في عبوديتهم لله.. والشكرَ المثمر النابع من صميم قلوب الشاكرين.. والأذكارَ المنورة التي ترطب ألسنة الذاكرين.. والحمدَ المزيد للنعمة الذي يلهج به الحامدون.. والتوحيدَ الحقيقي المصدَّق بآيات جميع الموجودات الذي يبثه الموحّدون.. والحبَّ الإلهي وعشقه الصادق الذي يشيعه المحبون والواجدون.. ورغبات المريدين الخالصة في الله، وحزم إرادتهم في السير إليه.. والإنابة الصادقة، والتوسل الحزين لدى المنيبين.. كل هذه الظواهر المنبعثة من جميع هؤلاء الذين يحمل كلّ منهم قوةَ التواتر والإجماع، تدل دلالة قوية على وجوب وجود ذلكم المعبود الأزلي؛ المعروف، المذكور، المشكور، المحمود، الواحد، المحبوب، المرغوب، المقصود، وتدل على كمال ربوبيته ووحدانيته.

    ثم إن جميع العبادات المقبولة التي يتعبّد بها الكاملون من الناس، وما ينبعث من تلك العبادات المُرضية من فيوضات ومناجاة ومشاهدات وكشفيات، جميعها تدل دلالة قوية جدا على ذلك الموجود الباقي، وذلك المعبود الأبدي وعلى أحديته وكمال ربوبيته.

    فهذه النافذة المضيئة والواسعة جدا، تنفتح من ثلاث جهات انفتاحا على الوحدانية.

    النافذة العاشرة

    ﴿ وَاَنْزَلَ مِنَ السَّمَٓاءِ مَٓاءً فَاَخْرَجَ بِه۪ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْۚ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِاَمْرِه۪ۚ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْاَنْهَارَۚ ❀ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَٓائِبَيْنِۚ وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَۚ ❀ وَاٰتٰيكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَاَلْتُمُوهُۜ وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّٰهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ (إبراهيم:٣٢-٣٤)

    إن معاونة الموجودات بعضها للبعض الآخر وتجاوبَها فيما بينها، وتساندَها في الوظائف والواجبات.. تدل على أن كل المخلوقات تحت تربية ورعاية مُربٍّ واحد أحد. وأن الكل تحت أمر مدبر واحد أحد.. وأن الكل تحت تصرف واحد أحد..

    ذلك لأن «دستور التعاون» بين الموجودات، يجري ابتداءً من الشمس، التي تهيئ بأمر الله لوازم الحياة للأحياء، ومن القمر الذي يعلمنا المواقيت، وانتهاءً إلى إمداد الضوء والهواء والماء والغذاء لذوي الحياة، وإمداد النباتات للحيوانات، وإمـداد الحيوانات للإنسان، بل حتى إمداد كل عضو من أعضاء الجسم للآخر، وإمداد ذرات الغذاء لحجيرات الجسم.. فخضوعُ هذه الموجودات الجامدة الفاقدة للشعور وانقيادها لدستور التعاون وارتباطها معا ارتباط تفاهم وتجاوب في منتهى الحكمة، وفي منتهى الإيثار والكرم، وجعل كل منها يسـعى لإغاثة الآخر وإمداده بلوازم حياته، ويهرع لقضاء حاجياته وإسعافه، تحت ظل قانون الكرم وناموس الرأفة، ودستور الرحمة.. كل ذلك يدل بداهة على أن جميعها مخلوقات مأمورات ومسخرات عاملات للواحد الأحد، الفرد الصمد، القدير المطلق القدرة، والعليم المطلق العلم، والكريم المطلق الكرم.

    فيا أيها المتفلسف المفلس! ما تقول في هذه النافذة العظيمة؟ أيمكن للمصادفة التي تعتقد بها أن تتدخل في هذه الأمور..؟

    النافذة الحادية عشرة

    ﴿ اَلَا بِذِكْرِ اللّٰهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ (الرعد:٢٨)

    إنه لا خلاص للقلوب والأرواح من قبضة القلق الرهيب، ومن دوامات الاضطراب والخوف، ومن ظمأ الضلالة وحرقة نار البُعد عن الله إلّا بمعرفة خالق واحد أحد.. إذ ما إن يُسلَّم أمرُ القلوب والأرواح، وأمرُ كلِّ الموجودات إلى خالق واحد أحد حتى تجد راحتَها، وتحظى بخلاصها من عناء تلك الزلازل النفسية المدمّرة وتسكنَ من ذلك القلق وتستقر وتطمئن.

    لأنه إن لم يُسنَد أمرُ الموجودات كافة إلى واحد أحد، فسَيُحالُ خلقُ كلِّ شيء إذن إلى ما لا يُحدُّ من الأسباب.. وعندها يكون إيجادُ شيء واحدٍ مشكلا وعويصا كخلق الموجودات كلها، ولقد أثبتنا في الكلمة الثانية والعشرين أنه إن فُوِّض أمرُ الخلق إلى الله، فقد فوّض إذن ما لا يحدُّ من الأشياء إلى الواحد الأحد، وإلّا فسيكون أمر كل شيء بيد ما لا يحدُّ من الأسباب، وفي هذه الحالة يكون خلق ثمرة واحدة مثلا فيه من المشكلات والصعوبات بقدر الكون كله، بل أكثر.

    ولنوضح ذلك بمثال: فكما أن تفويض إدارة جندي واحد إلى أمراء عديدين فيه مشاكل عديدة جدا، بينما تفويضُ إدارة مائة جندي إلى ضابط واحد فيه سهولة بالغة كإدارة جندي واحد، كذلك اتفاق ما لا يحد من الأسباب في إيجاد شيء واحد فيه مئات الأضعاف من الإشكالات. بينما في إيجاد الواحد الأحد للأشياء العديدة، فيه مئات الأضعاف من السهولة.

    وهكذا فما يستشعره الإنسانُ من لهفة إلى الحقيقة وتَوقٍ إليها، يجعله دائم القلق والاضطراب ما لم يبلغها. فلا يجد الاطمئنان والسكون إلّا بتوحيد الخالق ومعرفة الله سبحانه ذلك لأن سلوك سبيل الكفر الذي فيه ما لا يحد من الاضطرابات والمشاكل محال، ولا حقيقة له أصلا. بينما التوحيدُ فيه من السهولة المطلقة في خلق الموجودات بهذه الكثرة والإبداع بحيث لا يدع للإنسان مجالا إلّا سلوكه، ولا غرو لأنه أصيل وحقيقي.

    فيا مَن يتبع الضلالة.. ويا أيها الشقي المسكين!.. تأمل طريق الضلالة ما أظلمه وما أشدّه إيلاما لوجدان الإنسان، فلا تحاول قط أن تقحمه.. ثم تأمل في طريق التوحيد فما أصفاه وما أبسمَه فاسلكه وانجُ بنفسك!

    النافذة الثانية عشرة

    ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْاَعْلٰىۙ ❀ اَلَّذ۪ي خَلَقَ فَسَوّٰىۙۖ ❀ وَالَّذ۪ي قَدَّرَ فَهَدٰىۙ ﴾ (الأعلى:١-٣)

    هذه الآيات الكريمة ترشدنا إلى أن جميع الأشياء ولاسيما الأحياء تظهر إلى الوجود وكأنها خرجت من قالبٍ مصمَّمٍ تصميما حكيما يَهَبُ لكلّ شيء مقدارا منتظما وصورةً بديعة يشفّان عن حكمة واضحة. فنرى في الجسم خطوطا متعرجة، وانحناءات وانعطافات تنشأ عنها فوائدُ شتى للجسم، ومنافعُ عديدة تسهل له أمر أداء وظيفته التي خلق من أجلها على أتم وجه.

    فالموجودُ له صورة معنوية في علم الله تمثّل مقدراتِه الحياتية، وهي تلازم الصورةَ المادية وتنتقل معها في مراحل نموها، ثم تتبدل تلك الصورة والمقادير في مسيرة حياته تبدلا يلائم الحكمة في خلقه وينسجم كليا مع المصالح المركبة عليه، مما يدل بالبداهة على أن صوَر تلك الأجسام ومقاديرَها تُفصَّل وتُقدَّر تقديرا معينا في دائرة القدر الإلهي، الجليل الحكيم ذي الكمال، وتُنظَّم تلك الصور وتُنسَّق بيد القدرة الإلهية وتمنحها الوجود المعيّن المقدّر.

    فتلك الموجودات غيرُ المحدودة تدل على الواجب الوجود، وتشهد بألسنةٍ لا تحد على وحدانيته وكمال قدرته.

    تأمّل فيما يحويه جسمُك وأعضاؤك أيها الإنسان من حدود متعرجة والتواءات دقيقة.. وتأمل في فوائدها ونتائج خدماتها وشاهد كمال القدرة في كمال الحكمة.

    النافذة الثالثة عشرة

    ﴿ وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪ ﴾ (الإسراء:٤٤)

    إن كل شيء يذكر خالقَه ويسبّحه بلسانه الخاص، كما هو المفهوم من هذه الآية الكريمة. نعم، إن التسبيحات المرفوعة من قبل الموجودات سواء بلسان الحال أو المقال، تدل دلالة واضحة على وجود ذات مقدسة لواحد أحد.. نعم، إن دلالة الفطرة صادقة، وشهادتَها لا تُردّ. ولا سيما إذا كانت الشهادةُ صادرةً عن دلالة الحال، وبخاصة إذا توافرت الدلالات من جهات عدة، فهي شهادة صادقة لا تقبل الشك قطعا.

    فتأمل الآن في صور الموجودات المتناسقة، تَرَها قد اتفقت كما تتفق الدوائر المتداخلة في توجهها نحو نقطة المركز؛ لذا فهي تنطوي على دلالات بلسان الحال وبأنماط لا حدَّ لها وعلى شهادات الفطرة بأنواع لا حدّ لها، إذ كل صورة منها لسان شاهد بحد ذاته. وهيئتُها المتناسقة هي الأخرى لسان شاهد صادق، بل حياةُ الموجود كلُّها لسان ذاكر بالتسبيح.

    ولقد أثبتنا في «الكلمة الرابعة والعشرين»؛ أن جميع هذه التسبيحات البادية للمتأمل، والمنبعثة بألسنة الحال أو المقال من جميع الموجودات وتحياتها وشهاداتها الدالة على ذات مقدسة مباينة، تُظهر بوضوح ذلك الواحد الأحد الواجب الوجود، وتدل على كمال ألوهيته سبحانه.

    النافذة الرابعة عشرة

    ﴿ قُلْ مَنْ بِيَدِه۪ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ (المؤمنون:٨٨)

    ﴿ وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا عِنْدَنَا خَزَٓائِنُهُۘ ﴾ (الحجر:٢١)

    ﴿ مَا مِنْ دَٓابَّةٍ اِلَّا هُوَ اٰخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ﴾ (هود:٥٦) ﴿ اِنَّ رَبّ۪ي عَلٰى كُلِّ شَيْءٍ حَف۪يظٌ ﴾ (هود:٥٧)

    يُفهم من هذه الآيات الكريمة أن كل شيء، في كل شأنٍ من شؤونه، مفتقر إلى الخالق الواحد الأحد ذي الجلال.

    فبإلقاء نظرة فاحصة على ما هو منبسط بين أيدينا من موجودات الكون، نشاهد مظاهرَ قوةٍ مطلقة تنضحُ من خلال ضعفٍ مطلقٍ مشاهَدٍ.. ونشاهد آثارَ قدرة مطلقة تَبين من بين ثنايا عجز مطلقٍ ملموس. كالحالات الخارقة التي تظهرها بذور النباتات وأصولها في أثناء نموها وانتباه العقد الحياتية فيها.

    ونرى أيضا مظاهرَ غنىً مطلق تتظاهر ضمن فقر مطلق وجدب تامّ. كما في الثروة الطافحة، وأوضاعِ الخصب الغامر للأرض والنباتات في الربيع بعد أن كانت في يبوسة وجدب في الشتاء.

    ونرى ترشحات حياة مطلقة في بواطن جمود مطلق، وخمود تام، كما هو في انقلاب العناصر الجامدة -كالتراب والماء- إلى مواد تنبض بالحياة في الكائنات الحية.

    ونرى مظاهر شعور كامل طَي جهل مطبق، كما هو في حركات كل شيء وجريانه -ابتداءً من الذرات إلى المجرات- تلك الحركات المتسمة بالشعور الكامل والانسجام التام مع نظام الكون كله، والملائمة ملائمة تامة مع مقتضيات الحياة ومطاليب الحكمة المقصودة من الوجود.

    فالقدرةُ الكامنة في الضعف والعجز.. والقوةُ التي تتراءى ضمن معدن الضعف.. والثروةُ والغنى الموجودان في ذات الفقر.. وأنوارُ الحياة والشعور المحيط المشعَّان من خلال الجمود والجهل..

    فكلُّ مظهرٍ من هذه المظاهر يفتح من جانبه نوافذَ تظهر بالبداهة والضرورة وجوب وجود ووحدانية ذات مقدسة لقدير مطلق القدرة. وغني مطلق الغنى، لقوي مطلق القوة وعليم مطلق العلم. وحيّ قيوم.. فضلا عن أنّ مجموعَها يشهد على وحدته، ويبين الصراط السوي بيانا واضحا وبمقياس أعظم.

    فيا أيها الغافل المتردي في مستنقع الطبيعة! إن لم تعرف عظمة القدرة الربانية، ولم تنبذ مفهوم خلاقية الطبيعة، فما عليك إلّا أن تسند إلى كل شيء في الوجود، بل حتى إلى ذرة، قوة هائلة لا حدود لها، وقدرة عظيمة لا منتهى لها، وحكمة بالغة لا حَدَّ لحدودها، ومهارة فائقة بلا نهاية. بل عليك أن تسند إلى كل شيء بصرا نافذا إلى كل شيء، وإدارة حازمة تحيط بكل شيء!!.

    النافذة الخامسة عشرة

    ﴿ اَلَّذ۪ٓي اَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ (السجدة:٧)

    إن كُلَّ شيء قد فُصّل على قدِّ قامة ماهيته، تفصيلا متقنا، ووُزنَ بميزان دقيق كامل الوزن عليها، ونُظّم تنظيما تاما فيها، ونُسّق تنسيقا بارعا، وصُنع بمهارة، وألبس أجملَ صورةٍ، وألطفَ ثوبٍ، وأبهى طراز، من أقرب طريق إليه، وأسهل شكل يُعينُه على أداء مهمته، ووُهب له وجود ينضح حكمةً، لا عبث فيه ولا إسراف.

    فخذ مثلا، الطيور؛ لباسُها الريش الناعم اللطيف. فهل يمكن أن تلبس ثوبا أنسبَ لها ولحكمة خلقها من هذا اللباس الناعم. أيّ لطفٍ وجمال حين تنظّفه! وأيّ يُسر وسهولة حين تحرّكه وتستخدمه في شتى أمورها الحياتية والمعاشية!.

    وهكذا، كلُّ ما في الوجود شاهد ناطق، كهذا المثال، على الخالق الحكيم. وكلّ منه إشارة واضحة إلى قدير عليم مطلق القدرة والعلم.

    النافذة السادسة عشرة

    إن ما يُشاهَد على سطح الأرض من انتظامٍ واطراد في خلق المخلوقات، وتدبير أمورها، وتجديدِها باستمرار في كل موسم، يدل بالبداهة على حكمة عامة تغمر الموجودات. هذه الحكمةُ العامة تدل بالضرورة على حكيم مطلق الحكمة، إذ لا صفةَ دون موصوف.

    ثم إن أنواع الزينة البديعة التي تؤطر ستارَ الحكمة العامة الذي يتلفع الوجودُ به، تدل بالبداهة على عناية فائقة عامة، وهذه العناية تدل بالضرورة على خالق كريم...

    وإن أنواع اللطف والكرم، وألوانَ الرفق والإحسان المرسومة على ستار العناية الذي يغطي الوجود كله، تدل بالبداهة على رحمة واسعة، وهذه الرحمة الواسعة تدل بالضرورة على «الرحمن الرحيم»...

    ثم إن أنواع الرزق، وأنماطَ الإعاشة، المزهرةَ على أغصان الرحمة التي تظلل بأفنانها كُلَّ شيء، والمعدَّة للأحياء المحتاجة إلى الرزق، وإعاشتَها إعاشة تلائمها تماما، يدل بالبداهة على رزاقية ذات تربية ورعاية.. وربوبية ذات رأفة ورحمة.. وهذه التربية والإدارة تدلان بالضرورة على رزّاق كريم.

    نعم، ما على الأرض من مخلوقات تُربّى بحكمة كاملة، وتُزيَّن بعناية كاملة، وتُسبغ عليها النعَم برحمة كاملة، وتُمدُّ بوسائل عيشها برأفة كاملة، فكُلّ منها لسان ناطق ومشير إلى الله الحكيم، الكريم، الرحيم، الرزّاق. وكُلّ منها أيضا يشير إلى وحدانيته.

    كما أن ما على الأرض من حكمة ظاهرة يُستَشَفّ منها القصد والإرادة.. وما عليها من عناية عامة التي تتضمن تلك الحكمة.. وما عليها من رحمة تسع الوجود والتي تتضمن العناية والحكمة.. وما عليها من رزق شامل عام للأحياء وإعاشة كريمة لطيفة، والتي تتضمن الرحمة والعناية والحكمة..

    فكلّ من هذه المظاهر وبمجموعها تدل دلالة عظيمة جدا على الحكيم، الكريم، الرحيم، الرزاق، وتدل على وجوب وجوده سبحانه وعلى وحدانيته وكمال ربوبيته. إذ إن ما في الحكمة من عناية، وما في العناية من رحمة، وما في الرحمة من إعاشة وإرزاق دلالات قاطعة وبمقياس واسع جدا على الواجب الوجود، بمثل دلالة الألوان السبعة على ضوء الشمس الذي يملأ النهار نورا.

    فيا أيها الغافل الحائر الجاحد! كيف تفسر هذه التربية المكللة بالحكمة البالغة، والكرم الشامل، والرحمة الواسعة، والرزق الوفير، وبِمَ توضّح هذه المظاهر المعجزة؟

    أفيمكن تفسيرُها بالمصادفة العشواء؟ أم يمكن توضيحُها بالقوة الميتة موات قلبك؟ أم يمكن ذلك بالطبيعة الصمَّاء صمَم عقلك؟ أم بالأسباب العاجزة الجامدة الجاهلة مثلك؟ أم تريد أن ترتكب خطأً جسيما -ما بعده خطأ- وهو إطلاقك صفات البارئ الجليل المنـزّه المتعال والقدير العليم السميع البصير، على «الطبيعة» العاجزة الجاهلة الصمَّاء العمياء؟

    فبأيّ قوة يمكنك أن تطفئ سراجَ هذه الحقيقة الساطعة سطوع الشمس؟ وتحت أي ستار من أستار الغفلة يمكنك أن تسترها؟

    النافذة السابعة عشرة

    ﴿ اِنَّ فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ لَاٰيَاتٍ لِلْمُؤْمِن۪ينَ ﴾ (الجاثية:٣)

    إذا تأملنا وجه الأرض المبسوط أمامنا نَرى أن سخاءً مطلقا يتجلى في إيجاد الأشياء. فبينما يقتضي السخاءُ أن تكون الأشياء في فوضى وعدم انتظام، إذا بنا نشاهدها في غاية الانسجام ومنتهى الانتظام. شاهدْ جميعَ النباتات التي تزيّن وجه الأرض تَرَ هذه الحقيقة.

    ونرى أيضا سرعةً مطلقة تتبين في إيجاد الأشياء. فبينما تقتضي السرعةُ أن تكون الأشياء مشوّهة الصورة، مختلة المادة، ومضطربة الميزان، وينقصها الإتقان، إذا بنا نشاهدها في غاية التقدير والضبط والسبك، ومنتهى الدقة والموازنة. لاحظْ جميع الأثمار التي تجمّل وجه الأرض حيث تبدو هذه الحقيقة فيها على أحسن وجه.

    ونرى أيضا وفرةً وغزارةً مطلقة في إيجاد الأشياء، فبينما تقتضي الكثرةُ أن تكون الأشياء تافهة ومبتذلة وربما قبيحة، إذا بنا نشاهدها في إتقان رائع، وصنعة بديعة وجمال أخَّاذ. أنظر وتأمل في جميع الأزهار التي ترصّع وجه الأرض. ألا يبدو ذلك فيها تماما!.

    ونرى أيضا سهولةً مطلقة تبدو في إيجاد الأشياء. فبينما تقتضي السهولةُ أن تكون الأشياء بسيطة ومفتقرة إلى الإتقان والمهارة. إذا بنا نشاهدها في كمال الإبداع وروعة المهارة. شاهد البذور وأمعن النظر في النوى، تلك العلب الدقيقة الحاملة في مادّة تركيبها فهارس أجهزة الشجر وخرائط أجسام النبات.

    ونرى أيضا بُعدا مطلقا يفصُل بين أزمنة وأمكنة إيجاد الأشياء، فبينما تقتضي هذه الأبعاد المهولة أن تأتي الأشياء مختلفة ومتباينة، إذا بنا نشاهدها في اتفاق تام في الصفات والخواص. شاهد أنواع الحبوب المزروعة في أقطار الأرض كافة رغم البُعد الزماني والمكاني الذي يفصل بينها.

    ونرى أيضا اختلاطا مطلقا، وتشابكا متينا في إيجاد الأشياء. فبينما يقتضي هذا الاختلاطُ تداخل المواد بعضها في البعض الآخر وتشابكها، إذا بنا نشاهدها في تمايز كامل، وتخصص منتظم. شَاهِدْ البذور المنثورة المدفونة تحت التراب، وأمعن النظر في تمايزها في أثناء نموها وتسنبلها، رغم تشابه تراكيبها. وتأمل في المواد المختلفة الداخلة في بنية الأشجار، وتحوّلها إلى مختلف الأشكال من الأوراق الرقيقة، والأزهار الزاهية، والثمار اللطيفة. وتأمل في أنواع الطعام والأغذية المختلفة الداخلة في المعدة، وتمايز بعضها عن البعض، ودخول كل منها إلى العضو الذي يناسبها بل إلى الحجيرة التي تلائمها بتمايز واضح.. شَاهِدْ آثار القدرة المطلقة، من خلال الحكمة المطلقة.

    ونرى أيضا وفرةً متناهية في الأشياء، وكثرةً كاثرة من أنواعها وأشكالها. فبينما تقتضي هذه الوفرةُ أن تكون الأشياء رخيصة بسيطة، إذا بنا نشاهدها في غاية النفاسة ومنتهى الجودة. شَاهِدْ الآثار البديعة المعدَّة لمائدة الأرض، وأمعن النظر في ثمرة واحدة، ولتكن ثمرة التوت مثلا. ألا تمثل هذه الثمرة نموذجا رائعا لحلوى مصنوعة بيد القدرة الإلهية؟ شاهد كمالَ الرحمة، من ثنايا كمالِ الإبداع.

    وهكذا نشاهد على وجه الأرض جميعِه؛ جودةً ونفاسة في المصنوعات رغم وفرتها غير المتناهية..ونرى ضمن هذه الوفرة تميّزا للموجودات رغم اختلاطها وتشابكها.. ونجد في هذا الاختلاط والتشابك اتفاقا وتشابها في الموجودات رغم البُعد فيما بينها.. ونبصر من ثنايا هذا التوافق جمالا رائعا في الموجودات ورعاية بالغة بها رغم السهولة المتناهية في إيجادها. ونلمح ضمن هذه الرعاية التامة تقديرا دقيقا بلا إسراف وموازنة حسَّاسة رغم السرعة في إيجادها.. ونلاحظ ضمن هذا التقدير والموازنة وعدم الإسراف إبداعا في الصنعة وروعة فيها رغم كثرتها المتناهية. ونشاهد ضمن هذه الروعة في الصنعة انتظاما بديعا رغم السخاء المطلق في إيجادها..

    فإذا تأملنا في هذه الأمور كلها، نراها تدل دلالةً واضحةً أوضح من دلالة النهار على الضياء، وأسطع من دلالة الضياء على الشمس؛ على وجوب وجود قدير ذي جلال، وحكيم ذي كمال، ورحيم ذي جمال، وتشهد على وحدانيته، وأحديته وكمال قدرته وجمال ربوبيته، وتبين بجلاء سرا من أسرار الآية الكريمة: ﴿ لَهُ الْاَسْمَٓاءُ الْحُسْنٰى ﴾ (طه:٨).

    وبعد، فيا أيها الغافل العنيد، ويا أيها الجاهل المسكين! بماذا تفسر هذه الحقيقة العظمى التي تراها رأي العين؟ وبماذا توضح هذه الأوضاع الخارقة المعروضة أمامك؟ وإلى مَن تسند أمر هذه المصنوعات البديعة العجيبة؟ وبأيّ ستار من ستائر الغفلة يمكنك أن تستر هذه النافذة الواسعة سعةَ الأرض نفسها؟.

    أين المصادفةُ التي تعتقد بها والطبيعةُ التي تعتمد عليها وهي بلا شعور؟ بل أين أوهامُ الضلالة التي تستند إليها، وتلازمها وترافقها وتصادقها؟! أين جميعُها أمام هذه الحقائق المحيرة والأحوال البديعة المذهلة؟ أليس محالا في مائة محال أن تدخل المصادفةُ في أمثال هذه الأمور؟ أوَ ليس محالا في ألف محال أن يُسنَد واحد من هذه الأمور إلى الطبيعة ناهيك عن جميعها؟! أم أنك تعتقد في الطبيعة الجامدة العاجزة إمكان امتلاكها لمكائن معنوية في كل شيء؟ وبعدد الأشياء كلها؟ فيا للضلالة!

    النافذة الثامنة عشرة

    ﴿ اَوَلَمْ يَنْظُرُوا ف۪ي مَلَكُوتِ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ ﴾ (الأعراف:١٨٥)

    تأمل في هذا المثال الذي سبق وأن ذكرناه في «الكلمة الثانية والعشرين»:

    إنّ أثرا رائعا كالقصر الفخم، كامل الأجزاء، منتظم الأركان، متقن البناء، يدل بالبداهة على فعلٍ مُتقَنٍ. أي إن البِنَاءَ يدُلُّ على صنعة البنّاء وفِعله. والفعل الكامل المتقن يدل بالضرورة على فاعلٍ حاذقٍ، ومعماري ماهر. وهذه العناوين؛ فاعل حاذق معماري ماهر بَنّاء مُتْقِن، تدل بالبداهة على صفات كاملة لا نقصَ فيها يتصف بها ذلك الفاعل، أي تدل على مَلَكة الإبداع عنده. وإن الصفات الكاملة ومَلَكة الإبداع الكاملة، تدل بالبداهة على وجود استعدادٍ كامل وقابلية تامة. والاستعدادُ الكامل هذا يدل على ذات رفيعة، وروح عالية.

    وهكذا -ولله المثل الأعلى- فهذه الآثار المتجددة البادية للعيان والتي تملأ الأرض بل الكون، تدل بالبداهة على أفعالٍ في منتهى الكمال. وإن عناوين هذه الأفعال الظاهرة من خلال منتهى الإتقان وغاية الحكمة تدل بالبداهة على فاعل كاملٍ منـزّهٍ عن النقص في عناوينه وأسمائه. لأن الأفعال المتقنة والحكيمة معلوم بداهةً أنهـا لا تحصل دونما فاعل. وإن العناوين التي هي في منتهى الكمال تدل على صفات هي في منتهى الكمال لذلك الفاعل لأنه كما يشتق اسم الفاعل من المصدر حسب علم الصرف، فإن منشأ العناوين ومصادر الأسماء هي الصفات. والصفات التي هي في منتهى الكمال، لا شك أنها تدل على شؤونٍ ذاتية هي في منتهى الكمال. والقابليةُ الذاتية أو تلك الشؤون الذاتية التي نعجز عن التعبير عنها، تدل بحق اليقين على ذات منـزّهة في كمال مطلق.

    وحيث إن كل أثر من الآثار البديعة الماثلة أمامنا في الكون وفي جميع المخلوقات هو كامل بديع بحد ذاته.. وإن هذا الأثرَ البديع يشهد على فعل.. والفعلُ يشهد على اسم. والاسمُ يشهد على صفة.. والصفةُ تشهد على شأن.. والشأنُ يشهد على ذات. لذا فإنّ كلا منها مثلما يشهد شهادة صادقة على صانع جليل واحد أحد واجب الوجود، ويشير إلى أحديته.. أي مثلما أن هناك شهادات وإشارات بعدد المخلوقات إلى التوحيد، فإن كلا منها أيضا مع مجموع الآثار والمخلوقات في الكون إنما هو معراج عظيم لمعرفة الله سبحانه، له من القوة ما للمخلوقات جميعا.. فضلا عن أنه برهان دامغ على الحقيقة، لا يمكن أن تدنو منه أيةُ شبهة مهما كانت.

    والآن أيها الغافل الجاحد! بماذا تستطيع أن تجرح هذا البرهانَ القوي قوة الكون؟ وبماذا تستر هذه النافذة الواسعة التي تبين شعاعات الحقيقة من ألف نافذة ونافذة، بل من نوافذ بعدد المخلوقات؛ وبأي غطاء الغفلة يمكنك أن تسترها؟!

    النافذة التاسعة عشرة

    ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمٰوَاتُ السَّبْعُ وَالْاَرْضُ وَمَنْ ف۪يهِنَّۜ وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪ ﴾ (الإسراء:٤٤)

    نعم، مثلما أودعَ الصانعُ الجليل حِكَما لا تُعَدُّ، ومعانيَ ساميةً لا تحصى في الأجرام السماوية، فزيَّن تلك السماوات بكلمات الشموس والأقمار والنجوم لتعبّر عن جلاله وجماله سبحانه.. كذلك ركّب جلَّ وعلا في موجودات جو السماء حِكَما عالية، وعلّق عليها معاني سامية، ومقاصد عظمى، وأنطقَ جوَّ السماء بكلمات الرعود والبروق وقطرات الأمطار ليُعْلَمَ بها، ويُعَرّفَ عن طريقها كمالَ حكمته، وجمالَ رحمته.

    ومثلما جعل سبحانه وتعالى كرةَ الأرض تتكلم بكلماتٍ ذات مغزى، وأنطَقَها بما بث فيها من الحيوانات والنباتات التي هي كلمات بليغة، مبيّنا بذلك كمالَ صنعته للوجود.. كذلك جعل النباتات والأشجار نفسَها تنطق بلسان أوراقها وأزهارها وثمارها، معلنةً كمالَ صنعته سبحانه، وجمال رحمته جل جلاله.. وجعل الزهرةَ أيضا، والثمرةَ كذلك وهي كلمة واحدة من تلك الكلمات.. جعلها البارئ المصوّر تتكلم بلسان بُذيراتها الدقيقة، فأشار بها سبحانه إلى دقائق صنعته، وكمال ربوبيته، لمن يُحسن الرؤية من ذوي الإحساس والشعور.

    فدونك -إن شئتَ- الاستماع إلى ما لا يحدّ من كلمات التسبيح والأذكار في الكون. وسنستمع الآن إلى ذلك النمط من الكلام متمثلا في كلام زهرةٍ واحدةٍ من بين أزهار العالم، وسنصغي إلى إفادة سنبلة واحدة من بين سنابل الأرض، لنـزداد يقينا كيف أن هذا كلّه يشهد شهادة صادقة على مصداقية التوحيد.

    نعم، إن كل نبات وكل شجر، دليل واضح على صانعه، وشاهِدُ صدقٍ على وحدانية خالقه بمختلف الألسنة، بحيث إن تلك الشهادةَ تجعل المدقق المتمعن فيها في حيرة وذهول، فيقول: يا سبحان الله.. ما أجملَ شهادة هذا على أحقية التوحيد!

    نعم، إنه واضح جليّ كوضوح النبات نفسه، وجميل كذلك كجمال النبات نفسه، تلك التسبيحات التي يهمس بها كلُّ نبات في إشراق تبسمه، عند تفتّح زهره، ونُضج ثمره، وتسنبل سنبله، لأنه بالثغر الباسم لكل زهرة، وباللسان الدقيق للسنبل المنتظم، وبكلمات البذور الموزونة، والحبوب المنسقة، يظهر «النظامُ» الذي يدل على «الحكمة»..

    وهذا النظام كما هو مشاهَد، في ثنايا «ميزانٍ» دقيق حسّاس، يـدل على «العِلم» ويبينه ويبرزه. وذلك «الميزانُ» هو ضمن «الصنعة الدقيقة» التي تدل على «المهارة الفائقة». وتلك الصنعة الدقيقة والنقوش البديعة هي الأخرى ضمن الزينة الرائعة التي تبين «اللطف والكرم». وتلك الزينةُ البهيجة هي بدورها معبّقة بالروائح الطيبة الفواحة، والعطور الزكية اللطيفة التي تظهر «الرحمة والإحسان».

    فتلك الأوضاع والحالات، التي لها معانٍ عميقة متداخلة، ومكتنفة بعضها ببعض، لسانُ شهادة عظمى للتوحيد، بحيث تعرِّف الصانعَ ذا الجلال بأسمائه المقدسة الحسنى، وتصفه بأوصافه الجليلة السامية، وتشرح وتفسر أنوار تجليات أسمائه الحسنى، وتعبّر عن تودّده وتحبّبه سبحانه وتعالى.

    فلئن استمعتَ إلى شهادةٍ كهذه من زهرة واحدة فقط، وتمكنتَ من الإصغاء إلى الشهادة العظمى الصادرة من جميع الأزهار في جميع البساتين الربانية على سطح الأرض، واستمعت إلى ذلك الإعلان المدوي الهائل الذي تعلنه تلك الأزهار في وجوب وجوده سبحانه ووحدانيته، فهل تبقى لديك ثمةَ غفلة! أو أية شبهة؟ وإن بقيتْ لديك غفلة، فهل يمكن أن يطلق عليك بأنك إنسان ذو شعور سامٍ متجاوب مع مشاعر الكون وأحاسيسه؟!.

    فتعالَ لنتأمل شجرة.. نحن أمام نشوء الأوراق ونموها في الربيع بانتظام ودقة متناهية، وأمام تفتح الأزهار وخروجها من أكمامها بشكل موزون، وأمام نمو الثمار بحكمة ورحمة.. فهلَّا أمعنت النظر في منظر ملاعبة النسيم للأوراق برقةٍ وبراءة كبراءةِ الطفولة النقية الرقيقة.

    وشاهد من فم الشجرة، كيف تنطق هذه الألسنُ وتفصح عن حالها؛ لسانُ الأوراق المخضرة بيد الكرم.. ولسانُ الأزهار المبتسمة بنشوة اللطف.. ولسانُ الثمار الفرحة بتجلي الرحمة.. كُل منها يعبّر عن ذلك «الميزان» الدقيق العادل الذي هو ضمن «النظام» البديع المحكم، وفي هذا الميزان الدقيق الذي يدل على «العدل» نقوشُ صنعةٍ دقيقة بديعة، وزينة فائقة تضم مذاقات متنوعة، وروائحَ مختلفة طيبة لطيفة، تدل على الرحمة والإحسان، وفي تلك المذاقات اللطيفة بذور ونوىً هي بحد ذاتها معجزة من معجزات القدرة الإلهية، ألا يدل ذلك بوضوح، ويظهر بجلاء وجوب وجود خالق كريم ورحيم، محسن، مُنعم، مُجمِّل، مُفضِّلٍ، واحد، أحد، ويشهد كذلك على جمال رحمته سبحانه وكمال ربوبيته؟

    فإن استطعت أن تسمع هذا من لسان حال جميع الأشجار على سطح الأرض معا، فستفهم، بل سترى؛ كم من الجواهر الجميلة النفيسة الرائعة في خزينة الآية الكريمة: ﴿ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ ﴾ (الحشر:٢٤).

    فيا أيها الغافل المسكين، ويا مَن يظن نفسَه هملا دون حساب، ويا مَن يغرق في نكران الجميل والكفران! إنّ الكريم ذا الجمال يعرّف نفسَه ويحبّبُها إليك بهذا الحشد من الألسنة التي لا تعد ولا تحصى، وإن أردت أن تصرف نفسك عن ذلك التعريف، فما عليك إلّا أن تكمّم جميعَ هذه الأفواه، وتُسكت تلك الألسنة كافة، وأنّى لك هذا!!

    فما دام إسكاتُ تلك الألسنة الناطقة بالتوحيد غيرَ ممكن، فما عليك إلّا الإصغاء والإنصات إليها. وإلّا فلن تنجو بمجرد سدّ الأذن بأصابع الغفلة، لأن عملك هذا لا يُسكت الكونَ. فالكونُ جميعا، والموجوداتُ كافةً ناطقة بالتوحيد. فدلائل التوحيد وأصداؤه شواهد عدل لا تنقطع ولا تنتهي أبدا. فلا بد أنها ستُدينك.

    النافذة العشرون

    ([2])

    ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذ۪ي بِيَدِه۪ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ (يس:٨٣)

    ﴿ وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا عِنْدَنَا خَزَٓائِنُهُۘ وَمَا نُنَزِّلُهُٓ اِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ❀ وَاَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَاَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَٓاءِ مَٓاءً فَاَسْقَيْنَاكُمُوهُۚ وَمَٓا اَنْتُمْ لَهُ بِخَازِن۪ينَ ﴾ (الحجر:٢١-٢٢)

    كما يُشاهَدُ كمالُ الحكمة، وجمالُ الإتقان في الجزئيات والفرعيات، وفي النتائج والفوائد، فإن العناصر الكلية، والمخلوقات العظيمة التي تبدو مختلطةً ومتشابكة، وتُوهِمُ أنها لعبةُ المصادفة، تتخذ أيضا أوضاعا تتّسم بالحكمة والإتقان، رغم الاختلاط الظاهر عليها.

    فمثلا: النور أو الضوء، بدلالة وظائفه الحكيمة الأخرى إنما هو للإعلان عن مصنوعات الله سبحانه، وعرضِها بإذنه أمام الأنظار. أي إن الضوء مسخّر من لدن خالق حكيم، ليُظِهر به سبحانه عجائبَ مخلوقاته، ويَعرضَ تحت شعاعه بدائعَ مصنوعاته، في معارضِ سوق العالم.

    وانظر الآن إلى الرياح؛ تَرَ أنها تجري لإنجاز وظائف مهمة وخدمات جليلة، يشهد بهذا ما يُحَمَّلُ على وظائفها الحكيمة من منافعَ كريمة. فموجاتُ الأعاصير إذن، هي تصريف وتسخير من لدن الخالق الحكيم. وما يُشَاهَدُ من عصفها وشدّةِ هبوبها، فلإسراعها في تنفيذ الأوامر الربانية وامتثالها لِحُكمها.

    وانظر الآن إلى الينابيع والجداول والأنهار، وتأمل في تفجّرها من الأرض أو الجبال، تجد أنه لا مصادفةَ فيها ولا عبثَ قط. إذ تترتب عليها الفوائدُ والمصالح التي هي آثار رحمة إلهية واضحة، أما النتائجُ الحاصلة منها فهي موزونة محسوبة. وكذلك ادخارها وخزنها في الجبال إنما يجري ضمن حساب دقيق، ووفقَ حاجات الأحياء، ومن بعد ذلك تفجيرها وإرسالها بميزان هو الغاية في الحكمة.. كلُّ ذلك دلالات وشواهدُ ناطقة أن ذلك التسخير والادخار إنما يتم من لدن ربّ حكيم.. وما نراه من شدة فورانها وتفجّرها من الأرض إنما هو تَوقُها العظيم لامتثال الأوامر الربانية حال صدورها.

    وانظر الآن إلى أنواع الأحجار، وأشكال الصخور، ودقائق الجواهر، وصفات المعادن، وتأمل في تزييناتها ومزاياها التي تترتب عليها منافعُ شتَّى، تجد أن ما يتعلق بها من فوائدَ حكيمة، ومن انسجامٍ تام بين نتائجها التي تصير إليها، ومقتضيات الحياة، ومن ثم ملاءمتها لمتطلبات الإنسان، وقضاؤها لحاجاته وحاجاتٍ أخرى للأحياء.. كلُّ ذلك دلالات على أن ذلك التزيين والتنظيم والتدبير والتصوير، إنما هو من لدن رب حكيم.

    وانظر الآن إلى الأزهار والأثمار، تجد أن بِشْرَ وجوهِها، وحلاوةَ مطعوماتها، وجمالَها الأخاذ، ونقوشَها البديعة، وشذى عطرها الطيب، كلُّها بمثابة دعاةٍ وأدلّاء إلى ضيافة الرب الكريم، والمنعم الرحيم. وهي رسائلُ تعريف به بين يدي موائده المنصوبة على الأرض كافَّة. فكلُّ لون من الألوان المختلفة، وكلُّ رائحة من الروائح المتنوعة، وكلُّ طعم من الطعوم المتباينة، يدل على ذلك الخالق الكريم، ويعرّف ذلك المنعم الرحيم بلسانه الخاص.

    وانظر الآن إلى الطيور.. تجد أن هديلَها وتغريدَها وزقزقتَها، ليس إلّا من إنطاق خالقٍ حكيم.. فمناجاةُ بعضها بعضا، وما تسكبه في لحونها من أشجان لمِمّا يأخذ بالألباب.

    وانظر الآن إلى السحُب الثقال، تجد أن صوت أهازيج الأمطار المنسكبة منها، وجلجلة رعود السماء ليس عبثا قط. إذ إن إحداثَ تلك الأصوات العجيبة في فضاء واسع، وإنـزالَ قطرات باعثة على الحياة، وعصرَها من السحب الثقال، وإرضاعَ الأحياء بها، وإغاثة المتلهفين عليها، تبين بوضوح أن تلك الأهازيج والجلجلة تحمل من الحِكَم البليغة والمغزى العميق، حتى لكأنّ تلك القطرات تهتف بأمر الرب الكريم بأولئك العطاش المستغيثين قائلة: بشراكم.. ها نحن مقبلون إليكم من رب رحيم.

    وانظر الآن إلى السماء، وتمعن في القمر وحده، من بين أجرام السماء التي لا حصر لها، تجد أن حركاتـها جميعا ومن ضمنها القمر منسقة أجملَ تنسيق وأحكمَه، ومقدّرة أعظـمَ تقدير بيد قدير حكيم، إذ تتعلق عليها حِكم غزيرة، وثيقةُ الصلة بالأرض. وحيث إننا قـد فصلنا هذا في موضع آخر، نكتفي هنا بهذا القدر.

    وهكذا يفتح كُل ممـا ذكرناه من العناصر الكلية، ابتداءً من الضوء وانتهاءً بالقمر، نافذة واسعة جدا تبين وجودَ الله سبحانه، وتُظهر وحدانيته، وتعلن عـن كمال قدرته وعظمة سلطنته، بمقياس أعظم وأكبر وبألوان شتى، وأنواع مختلفة.

    فيا أيها الغافل! إن كنت تقدِر على إسكات هذه الأصوات المدوية كرعود السماء، وإن كنت تستطيع أن تطفئ هذه الأضواء الساطعة. فيمكنك عندئذ أن تنسى الخالق الكريم. وإلّا فعُد إلى رشدك، وتوجَّه إلى شطر عقلك وقل: سبحان من ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمٰوَاتُ السَّبْعُ وَالْاَرْضُ وَمَنْ ف۪يهِنَّ ﴾ (الإسراء:٤٤).

    النافذة الحادية والعشرون

    ﴿ وَالشَّمْسُ تَجْر۪ي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَاۜ ذٰلِكَ تَقْد۪يرُ الْعَز۪يزِ الْعَل۪يمِ ﴾ (يس:٣٨)

    إنّ الشمس التي هي سراجُ هذه الكائنات، إنما هي نافذة مضيئة ساطعة كنورها، تتطلع منها المخلوقاتُ إلى وجود خالق الكون ووحدانيته.

    فالسيارات الاثنتا عشرة -مع كرتنا الأرضية- والتي يطلق عليها اسم «المنظومة الشمسية» تجري بنظام متقن، وِفْقَ حكمةٍ تامَّة، وحسبَ ميزانٍ دقيق، رغم الاختلاف الشديد فيما بينها، من حيث كُتَلها وأجرامها ومن حيث صغرها وكبرها، ورغم التفاوت الواسع فيما بينها من حيث قربِها وبُعدها من الشمس، ورغم التنوع الهائل في حركاتها وسرعاتها.

    نعم، فرغم هذا كلّه تجري السيارات في أفلاكها سابحةً مشدودةَ الوثاق بالشمس، مرتبطة معها بقانون إلهي، هذا القانون هو الذي يطلق عليه علماءُ الفلك اسم «الجاذبية».. فهي تجري بنظام دقيق دون خطأ، ولو بمقدار ثانية واحدة، وتنقاد انقيادا تاما، وبطاعة مطلقة لهذا القانون، كانقياد المصلين المأمومين لإمامهم.. وهذا دليل وأيّ دليل، بأوسع مقياس وأعظمِه، على عظمة القدرة الربانية ووحدانية الربوبية..

    فإن استطعت أن تقدّر عظمة هذا الأمر بنفسك فافعل، لترى مدى العظمة والحكمة في جعل تلك الأجرام الجامدة، وتلك الكتل الهائلة وهي بلا شعور تجري في منتهى النظام وكمال الميزان، وفي غاية الحكمة، وعلى صور متباينة، وضمن مسافات مختلفة، وبحركات متنوعة، ومن بعد ذلك تسخيرها جميعا وِفْقَ نظام بديع رائع!

    فلو كان للمصادفة أيُّ تدخل، مهما كان ضئيلا، في مثل هذه الأمور الجسام، لتوقعنا حدوث أخطاءٍ تنجم عنها انفلاقات كونية عظيمة، واصطدامات هائلة، تدمّر الكون وتجعله هباءً منثورا. لأنه لو سُمِحَ للمصادفة أن تلعب لعبتها، فلربما تُوقِفُ أحدَ هذه الأجرام الهائلة -بلا سبب- وتخرجه عن محوره، وبذلك تمهّد السبيل لاصطدامات لا حدَّ لها بين أجرام لا يحصرها العدّ. فقدِّر إذن مدى الهول المريع الناجم من اصطدام أجرام أضخم من كرتنا الأرضية بآلاف الأضعاف.

    سنفوّض عجائبَ أمور المنظومة الشمسية وغرائبَها إلى العلم الإلهي، المحيط بكل شيء، ونحصر ذهننا في تأمل كرتنا الأرضية، التي هي مأمورة واحدة من تلك السيارات الاثنتي عشرة، وثمرة من الثمار اليانعة لشجرة المنظومة الشمسية، فنرى: أنّ سيارتنا هذه تُسخَّر بأمر ربَّاني، كما بيناه في «المكتوب الثالث»، لأجل أن تنهض بخدمات جليلة، ومهامّ جسيمة خلال سيرٍ وتجوال طويل، فتدور حول الشمس لتُظهِر بجريها ودورانها هذا عظمةَ الربوبية وكبرياءَ الألوهية، وكمالَ الرحمة والحكمة. فكأن الأرضَ سفينة عظيمة لرب العالمين مشحونة بعجائب مخلوقاته سبحانه، أو هي كمسكن متجول لذوي الحياة والشعور من عباده، أسكَنهم فيها، ويُجريهم بها للنـزهة والتفرج في أرجاء الفضاء هذا.


    والقمر أيضا كأنه عقاربُ ساعة، مشدودة بالأرض تدلنا على الزمن والأوقات، وقد أعطيتْ له مهام أخرى -عدا مهمة كونه ساعة للأرض- في منازل أخرى من هذا الفضاء.

    وهكذا يتبين أن سيارتنا المباركة هذه، قد أعطي لها من الحِكَم الدقيقة، والوظائف الجليلة في سياحتها هذه، مما يُثبت ويدل بأوضاعها، ويشهد شهادة قوية كقوة الأرض وعظمتها على القدير المطلق القدرة، وعلى وحدانيته سبحانه. وقِس البقية على أرضنا.

    ثم إنّ جعلَ السيارات تدور دورانا حكيما حول محور الشمس، وشدَّها بعرىً معنوية -يطلق عليها اسم الجاذبية- بالشمس، ومن بعد ذلك تنظيم إدارتها، وتنسيق أمرها جميعا، لا يتم إلّا بتقدير القدير الحكيم، فضلا عن أن سَوق الشمس لتجري بسرعة مذهلة فتقطع مسافة خمس ساعات في ثانية واحدة إلى برج «هرقل» أو نحو «شمس الشموس»، حسب تقدير العلماء، ليس إلّا بأمر سلطان الأزل والأبد، وبقدرته المطلقة، وكأنه سبحانه يستعرض بجيش المنظومة الشمسية وجنودِها المنقادين لأمره مناورةً عسكرية إظهارا لعظمة ربوبيته للعالمين أجمع.

    فيا مَن يرى نفسه أنه قد تعلَّم شيئا من الفلك! قل لي بربك أيمكن لمصادفةٍ أن يكون لها شأن في أمور عظيمة كهذه؟ أم يمكن لسبب من الأسباب التي تراها ذا تأثير في حوادث الأكوان أن يصل بيده إليها؟! أو لقوةٍ أيا كانت أن تدنو منها؟

    هل تعتقد أن سلطانا ذا عزّةٍ وجلال يسمح لشريك أيا كان أن يتدخل في أمر مُلكه العظيم، مُظهرا بذلك عَجزه وقصوره؟! حاش لله وكلّا. أو هل يمكن أن يُسلِّمَ سبحانه أمورَ ذوي الحياة الذين هم ثمرةُ الكون ونتيجتُه وغايته وخلاصته إلى الأغيار؟! أو يسمح ولو بمقدار ضئيل بمداخلة هذه الأغيار في شؤونه الحكيمة؟ وهل يرضى العقل أن تُترك سدىً خلاصةُ تلك الثمرات، وأكملُ نتائجها وخليفةُ الأرض، والضيفُ المكرم للسلطان.. أن يُسلَّمَ أمره إلى الطبيعة والمصادفة فيهوي بذلك بعظمة السلطنة، وكمال الحكمة؟! حاشَ لله وكلّا.. وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

    النافذة الثانية والعشرون

    ﴿ اَلَمْ نَجْعَلِ الْاَرْضَ مِهَادًاۙ ❀ وَالْجِبَالَ اَوْتَادًاۖ ❀ وَخَلَقْنَاكُمْ اَزْوَاجًا ﴾ (النبأ:٦-٨)

    ﴿ فَانْظُرْ اِلٰٓى اٰثَارِ رَحْمَتِ اللّٰهِ كَيْفَ يُحْيِ الْاَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَاۜ اِنَّ ذٰلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتٰىۚ وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَيْءٍ قَد۪يرٌ ﴾ (الروم:٥٠)

    لو تصورنا أن الكرة الأرضية رأسُ مخلوق عظيم، فإننا نجد في هذا الرأس الهائل في الكبر مائةَ ألف فم، وكلُّ فم له مائة ألف لسان، وكلُّ لسان يبين بمائة ألف برهان الواجبَ الوجود، الواحدَ الأحد، القدير على كل شيء، والعليم بكل شيء. وكلُّ لسان ينطق بمائة ألف شهادة صادقة على وحدانيته سبحانه، وأوصافِه المقدسة وأسمائه الحسنى.

    فها ننظر إلى الأرض في بداية خلقها، فهي في حالة من السيولة والميوعة، فخُلقَت منها الصخور الصماء، وخُلق منها التراب.. فلو كانت الأرض باقيةً على حالتها الأولى من الميوعة لتعذرت الحياةُ عليها، ولتعذر اتخاذها مسكنا صالحا لأي نوع من أنواع السكنى. ولو كانت تلك الصخرة المهولة الصلدة -المتحولة من الميوعة- باقيةً على صلابتها لتعسرت الاستفادة منها. إذن فالذي منح الأرض وضعا ملائما للعيش لابد أن يكون ذلك الخالق الحكيم الذي يرى بحكمته المطلقة مَن في الأرض جميعا، ويهيء لهم حاجاتهم كافةً.

    ثم نتأمل الجبال الشامخات التي تسند الأرض وتمسكها وتشدُّ كيانها في أثناء دورانها. فنرى أن انقلابات هائلة تحدث في جوف الأرض، وهذه الانقلابات يتولد عنها الكثير من الغازات والأبخرة فتنفثها وتزفرها من خلال الجبال على صورة زلازلَ وبراكين. كيلا يصرفها عن القيام بحركتها المنتظمة وأداء مهماتها الأساسية ما يحدث في جوفها من أحداث. كما أنها تشكّل بارتفاعات سفوحها سدودا أمام طغيان البحار على ترابها، ولتصبح خزائنَ المياه الاحتياطية لحاجات الأحياء، ولتمشيط الهواء وتصفيته من الغازات المضرة ليصبح صالحا للتنفس، ولتجمع شتات الماء من كل مكان وتدخره للأحياء، ولتكون كنوزا لمعادن متنوعة تتوقف عليها إدامةُ حياة الكائنات.

    فهذه الأوضاع وكثير غيرها، تَشهدُ شهادة ناطقة على القدير المطلق والحكيم والرحيم وعلى وحدانيته سبحانه.

    فيا أيها المتباهي بعلم الجغرافيا! قل لي كيف تفسر هذه الأمور؟ أية مصادفةٍ يمكنها أن تمسك بزمام الأرض المشحونة بالمصنوعات العجيبة، وتجعلها تسبح في فضاء تقطع فيه مسافة أربع وعشرين سنة في سنة واحدة، دون أن يتبعثر ما عليها من معارض العجائب؟!

    ثم أمعن النظر فيما على الأرض من بديع الصنائع، وكيف أن العناصر كلَّها قد سُخِّرت لمهام حكيمةٍ، حتى تراها كأنها تنظر نظرةَ إجلال واحترام إلى ضيوف القدير الحكيم، الجالسين حول مائدة الأرض، فتهرع إلى خدمتهم جميعا.

    ثم أمعن النظر في ملامح الأرض وسيمائها، وفي مطرزات تعاريجها، ونقوشِ انحناءات سطحها، والتواءات جسمها، ولاحظ شكلَها وألوانَها الزاهية المتنوعة بتنوع تربتها، والتي تتسم بالحكمة والإبداع، وتثير الحيرة والإعجاب.. فدونك الأنهارَ والسواقي والبحار والجداول وسفوح الجبال، فإنها كلها قد هُيئت ومُهّدت لتكون سكنا للمخلوقات، ووسائط نقلهم من مكان إلى آخر.

    ثم ألا ترى أن مَلأها -يعني الأرض- بكمال الحكمة والنظام البديع بمئات الألوف من أجناس النباتات وأنواع الحيوانات وبعث الحياة البهيجة فيها، ثُمَّ إعفاءَها بالموت من وظائفها التي كانت تقوم بها.. هذه الظاهرة تتوالى وتترى بانتظام دقيق. حتى إذا أفرِغَتِ الأرضُ منها بُوشر مجددا بملئها.. ألا يعني هذا أن «البعث بعد الموت» حق لا ريب فيه.

    أوَ ليست كلُّ هذه الظواهر شهادات صادقة ناطقة بمئات الآلاف من الألسنة على القدير ذي الجلال، الحكيم ذي الكمال، وعلى وحدانيته سبحانه؟!

    والخلاصة: أنّ الأرض التي هي بمثابة قلب الكون، قد أصبحت مَشْهَرا لعجائب مصنوعات الله البديعة، ومحشرا لغرائب مخلوقاته الجميلة، وممرا لقافلة موجوداته الوفيرة، ومسجدا لعباده المتراصين صفوفا عليها، ومقرا لأداء عباداتهم.. هذه الأرض تُظهر من شعاع التوحيد ما يملأ الكون نورا وضياءً.

    فيا أيها المعتدّ بعلم الجغرافيا! إذا كان رأس الأرض هذه يُعرِّف ربَّ العالمين بمائة ألف فَمٍ، وفي كل فَمٍ مائة ألف لسان، وأنت تعرض عن هذا التعريف، وتغمس رأسك في مستنقع الطبيعة، ففكّر إذن في مصير جريمتك. إلى أي عقاب يسوقك هذا الإعراضُ والإنكار؟. أحذر وانتبه وارفع رأسك من المستنقع الآسن وقل:

    آمنت بالله الذي بيده ملكوتُ كل شيء.

    النافذة الثالثة والعشرون

    ﴿ اَلَّذ۪ي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيٰوةَ ﴾ (الملك:٢)

    إنّ الحياة هي أسطعُ معجزة من معجزات القدرة الربانية وأجملُها، وأقوى برهان من براهين الوحدانية وأبهرُها، وأجمعُ مرآة من مرايا تجليات الصمدانية وألمعُها.

    نعم، إن الحياة وحدَها تبيّن الحي القيوم بأسمائه الحسنى وصفاته الجليلة وشؤونه الحكيمة.

    فالحياة كالنور.. فكما أن نور الشمس يحصل من امتزاج الألوان السبعة لطَيف الشمس، كذلك «الحياة» تحصل من امتزاج صفات كثيرة امتزاجا دقيقا.. وهي -أي الحياة- كدواء ناتج من امتزاج موادَّ كثيرة متنوعة امتزاجا مقدّرا تقديرا محكما.

    فالحياة إذن حقيقة مركبة من صفات كثيرة جدا. فقسم من صفات تلك الحقيقة تنبسط وتنكشف ويظهر تمايزُها واختلافُها بعضُها عن البعض الآخر، من خلال مسيلها في قنوات الحواس، التي تأخذ كلُّ حاسة منها لونا من ألوان هذه الصفات والأسماء. أما القسم الأعظم منها فإنه يعلن عن نفسه من خلال الأحاسيس المفعَمة «بالحياة».

    Hem hayat, kâinatın tedbir ve idaresinde hüküm-ferma olan rızık ve rahmet ve inayet ve hikmeti tazammun ediyor. Güya hayat, onları arkasına takıp girdiği yere çekiyor. Mesela hayat bir cisme, bir bedene girdiği vakit; Hakîm ismi dahi tecelli eder, hikmetle yuvasını güzelce yapıp tanzim eder. Aynı halde Kerîm ismi de tecelli edip, meskenini hâcatına göre tertip ve tezyin eder. Yine aynı halde Rahîm isminin cilvesi görünüyor ki o hayatın devam ve kemali için türlü türlü ihsanlarla taltif eder. Yine aynı halde Rezzak isminin cilvesi görünüyor ki o hayatın bekasına ve inkişafına lâzım maddî, manevî gıdaları yetiştiriyor. Ve kısmen bedeninde iddihar ediyor.

    Demek hayat, bir nokta-i mihrakıye hükmünde; muhtelif sıfât birbiri içine girer, belki birbirinin aynı olur. Güya hayat tamamıyla hem ilimdir, aynı halde kudrettir, aynı halde de hikmet ve rahmettir ve hâkeza… İşte hayat bu câmi’ mahiyeti itibarıyla şuun-u zatiye-i Rabbaniyeye âyinedarlık eden bir âyine-i samediyettir.

    İşte bu sırdandır ki Hayy-ı Kayyum olan Zat-ı Vâcibü’l-vücud, hayatı pek çok kesretle ve mebzuliyetle halk edip neşir ve teşhir eder. Ve her şeyi hayatın etrafına toplattırıp ona hizmetkâr eder. Çünkü hayatın vazifesi büyüktür. Evet, samediyetin âyinesi olmak kolay bir şey değil, âdi bir vazife değil.

    İşte göz önünde her vakit gördüğümüz bu hadd ü hesaba gelmeyen yeni yeni hayatlar ve hayatların asılları ve zatları olan ruhlar, birden ve hiçten vücuda gelmeleri ve gönderilmeleri, bir Zat-ı Vâcibü’l-vücud ve Hayy-ı Kayyum’un vücub-u vücudunu ve sıfât-ı kudsiyesini ve esma-i hüsnasını; lemaatın güneşi gösterdiği gibi gösteriyorlar. Güneşi tanımayan ve kabul etmeyen adam, nasıl gündüzü dolduran ziyayı inkâr etmeye mecbur oluyor. Öyle de Hayy-ı Kayyum, Muhyî ve Mümît olan Şems-i Ehadiyet’i tanımayan adam, zeminin yüzünü belki mazi ve müstakbeli dolduran zîhayatların vücudunu inkâr etmeli ve yüz derece hayvandan aşağı düşmeli. Hayat mertebesinden düşüp camid bir cahil-i echel olmalı.

    Yirmi Dördüncü Pencere

    لَٓا اِلٰهَ اِلَّا هُوَ كُلُّ شَى۟ءٍ هَالِكٌ اِلَّا وَج۟هَهُ لَهُ ال۟حُك۟مُ وَ اِلَي۟هِ تُر۟جَعُونَ

    Mevt, hayat kadar bir bürhan-ı rububiyettir. Gayet kuvvetli bir hüccet-i vahdaniyettir.   اَلَّذٖى خَلَقَ ال۟مَو۟تَ وَال۟حَيٰوةَ   delâletince mevt; adem, idam, fena, hiçlik, fâilsiz bir inkıraz değil belki bir Fâil-i Hakîm tarafından hizmetten terhis ve tahvil-i mekân ve tebdil-i beden ve vazifeden paydos ve haps-i bedenden âzad etmek ve muntazam bir eser-i hikmet olduğu, Birinci Mektup’ta gösterilmiştir.

    Evet, nasıl zemin yüzündeki masnuat ve zîhayatlar ve hayattar zemin yüzü, bir Sâni’-i Hakîm’in vücub-u vücuduna ve vahdaniyetine şehadet ediyorlar. Öyle de o zîhayatlar ölümleriyle bir Hayy-ı Bâki’nin sermediyetine ve vâhidiyetine şehadet ediyorlar. Yirmi İkinci Söz’de mevt, gayet kuvvetli bir bürhan-ı vahdet ve bir hüccet-i sermediyet olduğu ispat ve izah edildiğinden, şu bahsi o söze havale edip yalnız mühim bir nüktesini beyan edeceğiz. Şöyle ki:

    Nasıl zîhayatlar, vücudlarıyla bir Vâcibü’l-vücud’un vücuduna delâlet ediyorlar. Öyle de o zîhayatlar, ölümleriyle bir Hayy-ı Bâki’nin sermediyetine, vâhidiyetine şehadet ediyorlar. Mesela, yalnız bir tek zîhayat olan zemin yüzü, intizamatıyla, ahvaliyle Sâni’i gösterdiği gibi öldüğü vakit yani kış, beyaz kefeni ile ölmüş o zemin yüzünü kapaması ile nazar-ı beşeri ondan çeviriyor. Veyahut nazar, o giden bahar cenazesinin arkasından maziye gider, daha geniş bir manzarayı gösterir.

    Yani her biri birer mu’cize-i kudret olan zemin dolusu bütün geçen baharlar misillü yeni gelecek birer hârika-i kudret ve birer hayattar zemin olan, bahar dolusu hayattar mevcudat-ı arziyenin gelmelerini ihsas ve vücudlarına şehadet ettiklerinden; öyle geniş bir mikyasta, öyle parlak bir surette, öyle kuvvetli bir derecede bir Sâni’-i Zülcelal’in bir Kadîr-i Zülkemal’in, bir Kayyum-u Bâki’nin, bir Şems-i sermedî’nin vücub-u vücuduna ve vahdetine ve beka ve sermediyetine şehadet ederler ve öyle parlak delaili gösterirler ki ister istemez bedahet derecesinde اٰمَن۟تُ بِاللّٰهِ ال۟وَاحِدِ ال۟اَحَدِ    dedirtir.

    Elhasıl,   وَ يُح۟يِى ال۟اَر۟ضَ بَع۟دَ مَو۟تِهَا   sırrınca hayattar bu zemin, bir baharda Sâni’e şehadet ettiği gibi onun ölmesiyle, zamanın geçmiş ve gelecek iki kanadına dizilmiş mu’cizat-ı kudretine nazarı çeviriyor. Bir bahar yerine binler baharı gösteriyor. Bir mu’cize yerine binler mu’cizat-ı kudretine işaret eder. Ve onlardan her bahar, şu hazır bahardan daha kat’î şehadet eder. Çünkü mazi tarafına geçenler, zâhirî esbablarıyla beraber gitmişler; arkalarında yine kendileri gibi başkalar yerlerine gelmişler.

    Demek, esbab-ı zâhiriye hiçtir. Yalnız bir Kadîr-i Zülcelal, onları halk edip, hikmetiyle esbaba bağlayarak gönderdiğini gösteriyor. Ve gelecek zamanda dizilmiş hayattar olan zemin yüzleri ise daha parlak şehadet eder. Çünkü yeniden, yoktan, hiçten yapılıp gönderilecek, yere konup vazife gördürüp sonra gönderilecekler.

    İşte ey tabiata saplanan ve bataklıkta boğulmak derecesine gelen gafil! Bütün mazi ve müstakbele ulaşacak hikmetli ve kudretli manevî el sahibi olmayan bir şey, nasıl bu zeminin hayatına karışabilir? Senin gibi hiç-ender hiç olan tesadüf ve tabiat buna karışabilir mi? Kurtulmak istersen “Tabiat, olsa olsa bir defter-i kudret-i İlahiyedir. Tesadüf ise cehlimizi örten gizli bir hikmet-i İlahiyenin perdesidir.” de, hakikate yanaş.

    Yirmi Beşinci Pencere

    Nasıl ki madrub, elbette dâribe delâlet eder. Sanatlı bir eser, sanatkârı icab eder. Veled, validi iktiza eder. Tahtiyet, fevkiyeti istilzam eder ve hâkeza… Bütün umûr-u izafiye tabir ettikleri biri birisiz olmayan evsaf-ı nisbiye misillü şu kâinatın cüz’iyatında ve heyet-i umumiyesinde görünen imkân dahi vücubu gösterir. Ve bütün onlarda görünen infial, bir fiili gösterir. Ve umumunda görünen mahlukıyet, hâlıkıyeti gösterir. Ve umumunda görünen kesret ve terkip, vahdeti istilzam eder. Ve vücub ve fiil ve hâlıkıyet ve vahdet, bilbedahe ve bizzarure mümkin, münfail, kesîr, mürekkeb, mahluk olmayan; vâcib ve fâil, vâhid ve hâlık olan mevsuflarını ister.

    Öyle ise bilbedahe bütün kâinattaki bütün imkânlar, bütün infialler, bütün mahlukıyetler, bütün kesret ve terkipler bir Zat-ı Vâcibü’l-vücud, Fa’alün limâ yürîd, Hâlık-ı külli şey’, Vâhid-i Ehad’e şehadet eder.

    Elhasıl, nasıl imkândan vücub görünüyor, infialden fiil ve kesretten vahdet; bunların vücudu, onların vücuduna kat’iyen delâlet eder. Öyle de mevcudat üstünde görünen mahlukıyet ve merzukıyet gibi sıfatlar dahi sâni’iyet, rezzakıyet gibi şe’nlerin vücudlarına kat’î delâlet ediyor. Şu sıfâtın vücudu dahi bizzarure ve bilbedahe bir Hallak ve bir Rezzak Sâni’-i Rahîm’in vücuduna delâlet eder.

    Demek her bir mevcud, taşıdığı yüzler bu çeşit sıfatlar lisanıyla, Zat-ı Vâcibü’l-vücud’un yüzler esma-i hüsnasına şehadet ederler. Bu şehadetler kabul edilmezse mevcudatın bütün bu çeşit sıfatlarını inkâr etmek lâzım gelir.

    YİRMİ ALTINCI PENCERE

    (Hâşiye[3])

    Şu kâinatın mevcudatı yüzünde tazelenen ve gelip geçen cemaller ve hüsünler, bir cemal-i sermedî cilvelerinin bir nevi gölgeleri olduğunu gösterir. Evet, ırmağın yüzündeki kabarcıkların parlayıp gitmesinden sonra arkadan gelenlerin gidenler gibi parlamaları, daimî bir şemsin şuâlarının âyineleri olduklarını gösterdikleri gibi; seyyal zaman ırmağında, seyyar mevcudatın üstünde parlayan lemaat-ı cemaliye dahi bir cemal-i sermedîye işaret ederler ve onun bir nevi emareleridirler.

    Hem kâinat kalbindeki ciddi aşk, bir Maşuk-u Lâyezalî’yi gösterir. Evet, ağacın mahiyetinde olmayan bir şey, esaslı bir surette meyvesinde bulunmadığı delâletiyle; şecere-i kâinatın hassas meyvesi olan nev-i insandaki ciddi aşk-ı lahutî gösterir ki bütün kâinatta –fakat başka şekillerde– hakiki aşk ve muhabbet bulunuyor. Öyle ise kalb-i kâinattaki şu hakiki muhabbet ve aşk, bir Mahbub-u Ezelî’yi gösterir.

    Hem kâinatın sinesinde çok suretlerde tezahür eden incizablar, cezbeler, cazibeler; ezelî bir hakikat-i cazibedarın cezbiyle olduğunu hüşyar kalplere gösterir.

    Hem mahlukatın en hassas ve nurani taifesi olan ehl-i keşif ve velayetin ittifakıyla, zevk ve şuhuda istinad ederek bir Cemil-i Zülcelal’in cilvesine, tecellisine mazhar olduklarını ve o Celil-i Zülcemal’in (kendini) tanıttırılmasına ve sevdirilmesine zevk ile muttali olduklarını, müttefikan haber vermeleri, yine bir Zat-ı Vâcibü’l-vücud’un, bir Cemil-i Zülcelal’in vücuduna ve insanlara kendini tanıttırmasına kat’iyen şehadet eder.

    Hem kâinat yüzünde ve mevcudat üstünde işleyen kalem-i tahsin ve tezyin, o kalem sahibi zatın esmasının güzelliğini vâzıhan gösteriyor.

    İşte kâinat yüzündeki cemal ve kalbindeki aşk ve sinesindeki incizab ve gözlerindeki keşif ve şuhud ve hey’atındaki hüsün ve tezyinat; pek latîf, nurani bir pencere açar. Onun ile bütün esması cemile bir Cemil-i Zülcelal’i ve bir Mahbub-u Lâyezalî’yi ve bir Mabud-u Lemyezel’i, hüşyar olan akıl ve kalplere gösterir.

    İşte ey maddiyat karanlığında, evham zulümatında, boğucu şübehat içinde çırpınan gafil! Kendine gel. İnsaniyete lâyık bir surette yüksel. Şu dört delik ile bak; cemal-i vahdeti gör, kemal-i imanı kazan, hakiki insan ol!

    Yirmi Yedinci Pencere

    اَللّٰهُ خَالِقُ كُلِّ شَى۟ءٍ وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَى۟ءٍ وَكٖيلٌ

    Kâinatta “esbab ve müsebbebat” görünen eşyaya bakıyoruz ve görüyoruz ki en a’lâ bir sebep, en âdi bir müsebbebe kuvveti yetmiyor. Demek esbab bir perdedir, müsebbebleri yapan başkadır.

    Mesela, hadsiz masnuattan yalnız cüz’î bir misal olarak insan başı içinde bir hardal küçüklüğünde bir yerde yerleştirilen kuvve-i hâfızaya bakıyoruz. Görüyoruz ki öyle bir câmi’ kitap belki kütüphane hükmündedir ki bütün sergüzeşt-i hayatı, içinde karıştırılmaksızın yazılıyor.

    Acaba şu mu’cize-i kudrete hangi sebep gösterilebilir? Telâfif-i dimağiye mi? Basit, şuursuz hüceyrat zerreleri mi? Tesadüf rüzgârları mı? Halbuki o mu’cize-i sanat, öyle bir zatın sanatı olabilir ki beşerin haşirde neşredilecek büyük defter-i a’malinden muhasebe vaktinde hatıra getirilecek ve işlediği her fiilleri yazıldığını bildirmek için bir küçük senet istinsah edip, yazıp aklının eline verecek bir Sâni’-i Hakîm’in sanatı olabilir.

    İşte beşerin kuvve-i hâfızasına misal olarak bütün yumurtaları, çekirdekleri, tohumları kıyas et ve bu câmi’ küçücük mu’cizelere, sair müsebbebatı da kıyas et. Çünkü hangi müsebbebe ve masnua baksan o derece hârika bir sanat var ki değil onun âdi, basit sebebi, belki bütün esbab toplansa ona karşı izhar-ı acz edecekler. Mesela, büyük bir sebep zannedilen güneşi; ihtiyarlı, şuurlu farz ederek ona denilse: “Bir sineğin vücudunu yapabilir misin?” Elbette diyecek ki: “Hâlık’ımın ihsanıyla dükkânımda ziya, renkler, hararet çok. Fakat sineğin vücudunda göz, kulak, hayat gibi öyle şeyler var ki ne benim dükkânımda bulunur ve ne de benim iktidarım dâhilindedir.”

    Hem nasıl ki müsebbebdeki hârika sanat ve tezyinat, esbabı azledip Müsebbibü’l-esbab olan Vâcibü’l-vücud’a işaret ederek وَ اِلَي۟هِ يُر۟جَعُ ال۟اَم۟رُ كُلُّهُ  sırrınca ona teslim-i umûr eder. Öyle de müsebbebata takılan neticeler, gayeler, faydalar; bilbedahe perde-i esbab arkasında bir Rabb-i Kerîm’in, bir Hakîm-i Rahîm’in işleri olduğunu gösterir.

    Çünkü şuursuz esbab, elbette bir gayeyi düşünüp çalışmaz. Halbuki görüyoruz; vücuda gelen her mahluk, bir gaye değil belki çok gayeleri, çok faydaları, çok hikmetleri takip ederek vücuda geliyor. Demek bir Rabb-i Hakîm ve Kerîm, o şeyleri yapıp gönderiyor. O faydaları onlara gaye-i vücud yapıyor.

    Mesela, yağmur geliyor. Yağmuru zâhiren intac eden esbab; hayvanatı düşünüp, onlara acıyıp merhamet etmekten ne kadar uzak olduğu malûmdur. Demek, hayvanatı halk eden ve rızıklarını taahhüd eden bir Hâlık-ı Rahîm’in hikmetiyle imdada gönderiliyor. Hattâ yağmura “rahmet” deniliyor. Çünkü çok âsâr-ı rahmet ve faydaları tazammun ettiğinden güya yağmur şeklinde rahmet tecessüm etmiş, takattur etmiş, katre katre geliyor.

    Hem bütün mahlukatın yüzüne tebessüm eden bütün ziynetli nebatat ve hayvanattaki tezyinat ve gösterişler, bilbedahe perde-i gayb arkasında bu süslü ve güzel sanatlar ile kendini tanıttırmak ve sevdirmek ve bildirmek isteyen bir Zat-ı Zülcelal’in vücub-u vücuduna ve vahdetine delâlet ederler. Demek eşyadaki süslü vaziyetler, gösterişli keyfiyetler; tanıttırmak ve sevdirmek sıfatlarına kat’iyen delâlet eder. Sevdirmek ve tanıttırmak sıfatları ise bilbedahe Vedud, Maruf bir Sâni’-i Kadîr’in vücub-u vücuduna ve vahdetine şehadet eder.

    Elhasıl: Sebep gayet âdi, âciz ve ona isnad edilen müsebbeb ise gayet sanatlı ve kıymetli olduğundan sebebi azleder. Hem müsebbebin gayesi, faydası dahi cahil ve camid olan esbabı ortadan atar, bir Sâni’-i Hakîm’in eline teslim eder. Hem müsebbebin yüzündeki tezyinat ve maharetler, kendi kudretini zîşuurlara bildirmek isteyen ve kendini sevdirmek arzu eden bir Sâni’-i Hakîm’e işaret eder.

    Ey esbab-perest bîçare! Bu üç mühim hakikati ne ile izah edebilirsin? Sen nasıl kendini kandırabilirsin? Aklın varsa esbab perdesini yırt. ‌وَح۟دَهُ لَا شَرٖيكَ لَهُ‌   de, hadsiz evhamdan kurtul.

    Yirmi Sekizinci Pencere

    وَمِن۟ اٰيَاتِهٖ خَل۟قُ السَّمٰوَاتِ وَال۟اَر۟ضِ وَاخ۟تِلَافُ اَل۟سِنَتِكُم۟ وَ اَل۟وَانِكُم۟ اِنَّ فٖى ذٰلِكَ لَاٰيَاتٍ لِل۟عَالِمٖينَ

    Şu kâinata bakıyoruz, görüyoruz ki hüceyrat-ı bedenden tut tâ mecmu-u âleme şâmil bir hikmet ve tanzim var. Hüceyrat-ı bedene bakıyoruz, görüyoruz ki mesalih-i bedeni gören ve idare eden birisinin emriyle, kanunuyla o küçücük hüceyrelerde ehemmiyetli bir tedbir var. Mideye, nasıl bir kısım rızık, iç yağı suretinde iddihar olunup vakt-i hâcette sarf edilir. Aynen o küçücük hüceyrelerde de o tasarruf ve iddihar var. Nebatata bakıyoruz, gayet hakîmane bir terbiye, bir tedbir görünüyor. Hayvanata bakıyoruz; nihayet derecede kerîmane bir terbiye ve iaşe görüyoruz. Kâinatın erkân-ı azîmesine bakıyoruz, mühim gayeler için haşmetkârane bir tedvir ve tenvir görüyoruz. Âlemin mecmuuna bakıyoruz, muntazam bir memleket, bir şehir, bir saray hükmünde âlî hikmetler, gâlî gayeler için mükemmel bir tanzimat görüyoruz.

    Otuz İkinci Söz’ün Birinci Mevkıfı’nda izah ve ispat edildiği üzere, bir zerreden tut tâ yıldızlara kadar zerre miktar şirke yer bırakmıyor. Öyle birbirlerine manen münasebettardırlar ki bütün yıldızları musahhar etmeyen ve elinde tutmayan, bir zerreye rububiyetini dinlettiremez. Bir zerreye hakiki Rab olmak için bütün yıldızlara sahip olmak lâzım gelir. Hem Otuz İkinci Söz’ün İkinci Mevkıfı’nda izah ve ispat edildiği üzere semavatın halk ve tesviyesine muktedir olmayan, beşerin simasındaki teşahhusu yapamaz. Demek, bütün semavatın Rabb’i olmayan, bir tek insanın simasındaki alâmet-i farika olan nakş-ı simavîyi yapamaz.

    İşte kâinat kadar büyük bir pencere ki onunla bakılsa اَللّٰهُ خَالِقُ كُلِّ شَى۟ءٍ وَهُوَ عَلٰى كُلِّ شَى۟ءٍ وَكٖيلٌلَهُ مَقَالٖيدُ السَّمٰوَاتِ وَ ال۟اَر۟ضِ âyetleri, büyük harflerle kâinat sahifelerinde yazılı olduğu, akıl gözüyle de görülecek. Öyle ise görmeyenin ya aklı yok ya kalbi yok veya insan suretinde bir hayvandır.

    Yirmi Dokuzuncu Pencere

    وَ اِن۟ مِن۟ شَى۟ءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَم۟دِهٖ

    Bir bahar mevsiminde, garibane, mütefekkirane seyahate gidiyordum. Bir tepeciğin eteğinden geçerken parlak bir sarıçiçek nazarıma ilişti. Eskiden vatanımda ve sair memleketlerde gördüğüm o cins sarıçiçekleri derhatır ettirdi. Şöyle bir mana kalbe geldi ki: Bu çiçek kimin turrası ise kimin sikkesi ise ve kimin mührü ise ve kimin nakşı ise elbette bütün zemin yüzündeki o nevi çiçekler, onun mühürleridir, sikkeleridir.

    Şu mühür tahayyülünden sonra şöyle bir tasavvur geldi ki: Nasıl bir mühür ile mühürlenmiş bir mektup; o mühür, o mektubun sahibini gösterir. Öyle de şu çiçek, bir mühr-ü Rahmanîdir. Şu enva-ı nakışlarla ve manidar nebatat satırlarıyla yazılan şu tepecik dahi bu çiçek Sâni’inin mektubudur. Hem şu tepecik dahi bir mühürdür. Şu sahra ve ova bir mektub-u Rahmanî hey’atını aldı.

    İşbu tasavvurdan şöyle bir hakikat zihne geldi ki: Her bir şey, bir mühr-ü Rabbanî hükmünde bütün eşyayı kendi Hâlık’ına isnad eder. Kendi kâtibinin mektubu olduğunu ispat eder. İşte her bir şey, öyle bir pencere-i tevhiddir ki bütün eşyayı bir Vâhid-i Ehad’e mal eder.

    Demek her bir şeyde, hususan zîhayatlarda öyle hârika bir nakış, öyle mu’cizekâr bir sanat var ki onu öyle yapan ve öyle manidar nakşeden, bütün eşyayı yapabilir ve bütün eşyayı yapan, elbette o olacaktır. Demek bütün eşyayı yapamayan, bir tek şeyi icad edemez.

    İşte ey gafil! Şu kâinatın yüzüne bak ki birbiri içinde hadsiz mektubat-ı Samedaniye hükmünde olan sahaif-i mevcudat ve her bir mektup üstünde hadsiz sikke-i tevhid mühürleriyle temhir edilmiş. Bütün bu mühürlerin şehadetlerini kim tekzip edebilir? Hangi kuvvet onları susturabilir? Kalp kulağı ile hangisini dinlesen   اَش۟هَدُ اَن۟ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا اللّٰهُ dediğini işitirsin.

    Otuzuncu Pencere

    لَو۟ كَانَ فٖيهِمَٓا اٰلِهَةٌ اِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتَا كُلُّ شَى۟ءٍ هَالِكٌ اِلَّا وَج۟هَهُ لَهُ ال۟حُك۟مُ وَ اِلَي۟هِ تُر۟جَعُونَ

    Şu pencere, imkân ve hudûsa müesses umum mütekellimînin penceresidir ve ispat-ı Vâcibü’l-vücud’a karşı caddeleridir. Bunun tafsilatını “Şerhü’l-Mevakıf” ve “Şerhü’l-Makasıd” gibi muhakkiklerin büyük kitaplarına havale ederek yalnız Kur’an’ın feyzinden ve şu pencereden ruha gelen bir iki şuâyı göstereceğiz. Şöyle ki:

    Âmiriyet ve hâkimiyetin muktezası; rakip kabul etmemektir, iştiraki reddetmektir, müdahaleyi ref’etmektir. Onun içindir ki küçük bir köyde iki muhtar bulunsa köyün rahatını ve nizamını bozarlar. Bir nahiyede iki müdür, bir vilayette iki vali bulunsa herc ü merc ederler. Bir memlekette iki padişah bulunsa fırtınalı bir karmakarışıklığa sebebiyet verirler.

    Madem hâkimiyet ve âmiriyetin gölgesinin zayıf bir gölgesi ve cüz’î bir numunesi, muavenete muhtaç âciz insanlarda böyle rakip ve zıddı ve emsalinin müdahalesini kabul etmezse; acaba saltanat-ı mutlaka suretindeki hâkimiyet ve rububiyet derecesindeki âmiriyet, bir Kadîr-i Mutlak’ta ne derece o redd-i müdahale kanunu ne kadar esaslı bir surette hükmünü icra ettiğini kıyas et.

    Demek, uluhiyet ve rububiyetin en kat’î ve daimî lâzımı; vahdet ve infiraddır. Buna bir bürhan-ı bâhir ve şahid-i kātı’, kâinattaki intizam-ı ekmel ve insicam-ı ecmeldir. Sinek kanadından tut, tâ semavat kandillerine kadar öyle bir nizam var ki akıl onun karşısında hayretinden ve istihsanından “Sübhanallah, mâşâallah, bârekellah” der, secde eder.

    Eğer zerre miktar şerike yer bulunsa idi, müdahalesi olsa idi لَو۟ كَانَ فٖيهِمَٓا اٰلِهَةٌ اِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتَا âyet-i kerîmesinin delâletiyle nizam bozulacaktı, suret değişecekti, fesadın âsârı görünecekti. Halbuki فَار۟جِعِ ال۟بَصَرَ هَل۟ تَرٰى مِن۟ فُطُورٍ  ثُمَّ ار۟جِعِ ال۟بَصَرَ كَرَّتَي۟نِ يَن۟قَلِب۟ اِلَي۟كَ ال۟بَصَرُ خَاسِئًا وَ هُوَ حَسٖيرٌ delâletiyle ve şu ifade ile nazar-ı beşer, kusuru aramak için ne kadar çabalasa hiçbir yerde kusuru bulamayarak, yorgun olarak menzili olan göze gelip onu gönderen münekkid akla diyecek: “Beyhude yoruldum, kusur yok.” demesiyle gösteriyor ki nizam ve intizam, gayet mükemmeldir. Demek intizam-ı kâinat, vahdaniyetin kat’î şahididir.

    Gel gelelim “hudûs”a.

    Mütekellimîn demişler ki: “Âlem, mütegayyirdir. Her mütegayyir, hâdistir. Her bir hâdisin, bir muhdisi, yani mûcidi var. Öyle ise bu kâinatın kadîm bir mûcidi var.”

    Biz de deriz: Evet, kâinat hâdistir. Çünkü görüyoruz her asırda, belki her senede, belki her mevsimde bir kâinat, bir âlem gider, biri gelir. Demek, bir Kadîr-i Zülcelal var ki bu kâinatı hiçten icad ederek her senede belki her mevsimde, belki her günde birisini icad eder, ehl-i şuura gösterir ve sonra onu alır, başkasını getirir. Birbiri arkasına takıp zincirleme bir surette zamanın şeridine asıyor. Elbette bu âlem gibi birer kâinat-ı müteceddide hükmünde olan her baharda, gözümüzün önünde hiçten gelen ve giden kâinatları icad eden bir Zat-ı Kadîr’in mu’cizat-ı kudretidirler. Elbette âlem içinde her vakit âlemleri halk edip değiştiren zat, mutlaka şu âlemi dahi o halk etmiştir. Ve şu âlemi ve rûy-i zemini, o büyük misafirlere misafirhane yapmıştır.

    Gelelim “imkân” bahsine.

    Mütekellimîn demişler ki: “İmkân, mütesaviyü’t-tarafeyndir.” Yani adem ve vücud, ikisi de müsavi olsa bir tahsis edici, bir tercih edici, bir mûcid lâzımdır. Çünkü mümkinat, birbirini icad edip teselsül edemez. Yahut o onu, o da onu icad edip devir suretinde dahi olamaz. Öyle ise bir Vâcibü’l-vücud vardır ki bunları icad ediyor. Devir ve teselsülü, on iki bürhan yani arşî ve süllemî gibi namlar ile müsemma meşhur on iki delil-i kat’î ile devri iptal etmişler ve teselsülü muhal göstermişler. Silsile-i esbabı kesip Vâcibü’l-vücud’un vücudunu ispat etmişler.

    Biz de deriz ki: Esbab, teselsülün berahini ile âlemin nihayetinde kesilmesinden ise her şeyde Hâlık-ı külli şey’e has sikkeyi göstermek daha kat’î, daha kolaydır. Kur’an’ın feyziyle bütün Pencereler ve bütün Sözler, o esas üzerine gitmişler. Bununla beraber imkân noktasının hadsiz bir vüs’ati var. Hadsiz cihetlerle Vâcibü’l-vücud’un vücudunu gösteriyor. Yalnız, mütekellimînin teselsülün kesilmesi yoluna, elhak geniş ve büyük olan o caddeye münhasır değildir. Belki hadd ü hesaba gelmeyen yollar ile Vâcibü’l-vücud’un marifetine yol açar. Şöyle ki:

    Her bir şey vücudunda, sıfâtında, müddet-i bekasında hadsiz imkânat, yani gayet çok yollar ve cihetler içinde mütereddid iken, görüyoruz ki o hadsiz cihetler içinde vücudca muntazam bir yolu takip ediyor. Her bir sıfatı da mahsus bir tarzda ona veriyor. Müddet-i bekasında bütün değiştirdiği sıfat ve haller dahi böyle bir tahsis ile veriliyor. Demek, bir muhassısın iradesiyle, bir müreccihin tercihiyle, bir mûcid-i hakîmin icadıyladır ki hadsiz yollar içinde, hikmetli bir yolda onu sevk eder, muntazam sıfâtı ve ahvali ona giydiriyor.

    Sonra infiraddan çıkarıp bir terkipli cisme cüz yapar, imkânat ziyadeleşir. Çünkü o cisimde binler tarzda bulunabilir. Halbuki neticesiz o vaziyetler içinde neticeli, mahsus bir vaziyet ona verilir ki mühim neticeleri ve faydaları ve o cisimde vazifeleri gördürülüyor. Sonra o cisim dahi diğer bir cisme cüz yaptırılıyor. İmkânat daha ziyadeleşir. Çünkü binlerle tarzda bulunabilir. İşte o binler tarz içinde, bir tek vaziyet veriliyor. O vaziyet ile mühim vazifeler gördürülüyor ve hâkeza… Gittikçe daha ziyade kat’î bir Hakîm-i Müdebbir’in vücub-u vücudunu gösteriyor. Bir Âmir-i Alîm’in emriyle sevk edildiğini bildiriyor.

    Cisim içinde cisim, birbiri içinde cüz olup giden bütün bu terkiplerde, nasıl bir nefer; takımında, bölüğünde, taburunda, alayında, fırkasında, ordusunda mütedâhil o heyetlerden her birisine mahsus birer vazifesi, hikmetli birer nisbeti, intizamlı birer hizmeti bulunuyor. Hem nasıl ki senin göz bebeğinden bir hüceyre, gözünde bir nisbeti ve bir vazifesi var. Senin başın heyet-i umumiyesi nisbetine dahi hikmetli bir vazifesi ve hizmeti vardır. Zerre miktar şaşırsa sıhhat ve idare-i beden bozulur. Kan damarlarına, his ve hareket âsablarına, hattâ bedenin heyet-i umumiyesinde birer mahsus vazifesi, hikmetli birer vaziyeti vardır. Binlerle imkânat içinde, bir Sâni’-i Hakîm’in hikmetiyle o muayyen vaziyet verilmiştir.

    Öyle de bu kâinattaki mevcudat, her biri kendi zatı ile sıfâtı ile çok imkânat yolları içinde has bir vücudu ve hikmetli bir sureti ve faydalı sıfatları, nasıl bir Vâcibü’l-vücud’a şehadet ederler. Öyle de mürekkebata girdikleri vakit, her bir mürekkebde daha başka bir lisanla yine Sâni’ini ilan eder. Gitgide, tâ en büyük mürekkebe kadar nisbeti, vazifesi, hizmeti itibarıyla Sâni’-i Hakîm’in vücub-u vücuduna ve ihtiyarına ve iradesine şehadet eder. Çünkü bir şeyi, bütün mürekkebata hikmetli münasebetleri muhafaza suretinde yerleştiren, bütün o mürekkebatın Hâlık’ı olabilir. Demek bir tek şey, binler lisanlarla ona şehadet eder hükmündedir.

    İşte kâinatın mevcudatı kadar değil belki mevcudatın sıfât ve mürekkebatı adedince imkânat noktasından da Vâcibü’l-vücud’un vücuduna karşı şehadetler geliyor.

    İşte ey gafil! Kâinatı dolduran bu şehadetleri, bu sadâları işitmemek; ne derece sağır ve akılsız olmak lâzım geliyor? Haydi sen söyle…

    Otuz Birinci Pencere

    لَقَد۟ خَلَق۟نَا ال۟اِن۟سَانَ فٖٓى اَح۟سَنِ تَق۟وٖيمٍ   وَ فِى ال۟اَر۟ضِ اٰيَاتٌ لِل۟مُوقِنٖينَ وَ فٖٓى اَن۟فُسِكُم۟ اَفَلَا تُب۟صِرُونَ

    Şu pencere insan penceresidir ve enfüsîdir. Ve enfüsî cihetinde şu pencerenin tafsilatını binler muhakkikîn-i evliyanın mufassal kitaplarına havale ederek yalnız feyz-i Kur’an’dan aldığımız birkaç esasa işaret ederiz. Şöyle ki:

    On Birinci Söz’de beyan edildiği gibi: “İnsan, öyle bir nüsha-i câmiadır ki Cenab-ı Hak bütün esmasını, insanın nefsi ile insana ihsas ediyor.” Tafsilatını başka Sözlere havale edip yalnız üç noktayı göstereceğiz.

    Birinci Nokta: İnsan, üç cihetle esma-i İlahiyeye bir âyinedir.

    Birinci Vecih: Gecede zulümat, nasıl nuru gösterir. Öyle de insan, zaaf ve acziyle, fakr ve hâcatıyla, naks ve kusuruyla, bir Kadîr-i Zülcelal’in kudretini, kuvvetini, gınasını, rahmetini bildiriyor ve hâkeza pek çok evsaf-ı İlahiyeye bu suretle âyinedarlık ediyor. Hattâ hadsiz aczinde ve nihayetsiz zaafında, hadsiz a’dasına karşı bir nokta-i istinad aramakla, vicdan daima Vâcibü’l-vücud’a bakar. Hem nihayetsiz fakrında, nihayetsiz hâcatı içinde, nihayetsiz maksatlara karşı bir nokta-i istimdad aramaya mecbur olduğundan vicdan, daima o noktadan bir Ganiyy-i Rahîm’in dergâhına dayanır, dua ile el açar.

    Demek, her vicdanda şu nokta-i istinad ve nokta-i istimdad cihetinde iki küçük pencere, Kadîr-i Rahîm’in bârgâh-ı rahmetine açılır, her vakit onunla bakabilir.

    İkinci Vecih âyinedarlık ise: İnsana verilen numuneler nevinden cüz’î ilim, kudret, basar, sem’, mâlikiyet, hâkimiyet gibi cüz’iyat ile kâinat Mâlikinin ilmine ve kudretine, basarına, sem’ine, hâkimiyet-i rububiyetine âyinedarlık eder. Onları anlar, bildirir. Mesela ben, nasıl bu evi yaptım ve yapmasını biliyorum ve görüyorum ve onun mâlikiyim ve idare ediyorum. Öyle de şu koca kâinat sarayının bir ustası var. O usta onu bilir, görür, yapar, idare eder ve hâkeza…

    Üçüncü Vecih âyinedarlık ise: İnsan, üstünde nakışları görünen esma-i İlahiyeye âyinedarlık eder. Otuz İkinci Söz’ün Üçüncü Mevkıfı’nın başında bir nebze izah edilen insanın mahiyet-i câmiasında nakışları zâhir olan yetmişten ziyade esma vardır. Mesela, yaratılışından Sâni’, Hâlık ismini ve hüsn-ü takviminden Rahman ve Rahîm isimlerini ve hüsn-ü terbiyesinden Kerîm, Latîf isimlerini ve hâkeza… Bütün aza ve âlâtıyla, cihazat ve cevarihiyle, letaif ve maneviyatıyla, havas ve hissiyatıyla ayrı ayrı esmanın ayrı ayrı nakışlarını gösteriyor.

    Demek, nasıl esmada bir ism-i a’zam var, öyle de o esmanın nukuşunda dahi bir nakş-ı a’zam var ki o da insandır.

    Ey kendini insan bilen insan! Kendini oku… Yoksa hayvan ve camid hükmünde insan olmak ihtimali var.

    İkinci Nokta: Mühim bir sırr-ı ehadiyete işaret eder. Şöyle ki:

    İnsanın nasıl ruhu bütün cesedine öyle bir münasebeti var ki bütün azasını ve eczasını birbirine yardım ettirir. Yani, irade-i İlahiye cilvesi olan evamir-i tekviniye ve o evamirden vücud-u haricî giydirilmiş bir kanun-u emrî ve latîfe-i Rabbaniye olan ruh, onların idaresinde onların manevî seslerini hissetmesinde ve hâcetlerini görmesinde birbirine mani olmaz, ruhu şaşırtmaz. Ruha nisbeten uzak yakın bir hükmünde. Birbirine perde olmaz. İsterse çoğunu birinin imdadına yetiştirir. İsterse bedenin her cüzü ile bilebilir, hissedebilir, idare edebilir. Hattâ çok nuraniyet kesbetmiş ise her bir cüzü ile görebilir ve işitebilir.

    Öyle de   وَ لِلّٰهِ ال۟مَثَلُ ال۟اَع۟لٰى   Cenab-ı Hakk’ın madem onun bir kanun-u emri olan ruh, küçük bir âlem olan insan cisminde ve azasında bu vaziyeti gösteriyor. Elbette âlem-i ekber olan kâinatta o Zat-ı Vâcibü’l-vücud’un irade-i külliyesine ve kudret-i mutlakasına hadsiz fiiller, hadsiz sadâlar, hadsiz dualar, hadsiz işler, hiçbir cihette ona ağır gelmez, birbirine mani olmaz. O Hâlık-ı Zülcelal’i meşgul etmez, şaşırtmaz. Bütününü birden görür, bütün sesleri birden işitir. Yakın uzak birdir. İsterse bütününü birinin imdadına gönderir. Her şey ile her şeyi görebilir, seslerini işitebilir ve her şey ile her şeyi bilir ve hâkeza…

    Üçüncü Nokta: Hayatın pek mühim bir mahiyeti ve ehemmiyetli bir vazifesi var. Fakat o bahis, Hayat Penceresi’nde ve Yirminci Mektup’un Sekizinci Kelimesi’nde tafsili geçtiğinden ona havale edip yalnız bunu ihtar ederiz ki:

    Hayatta hissiyat suretinde kaynayan memzuç nakışlar, pek çok esma ve şuunat-ı zatiyeye işaret eder. Gayet parlak bir surette Hayy-ı Kayyum’un şuunat-ı zatiyesine âyinedarlık eder. Şu sırrın izahı, Allah’ı tanımayanlara ve daha tam tasdik etmeyenlere karşı zamanı olmadığından kapıyı kapıyoruz.

    Otuz İkinci Pencere

    هُوَ الَّذٖٓى اَر۟سَلَ رَسُولَهُ بِال۟هُدٰى وَدٖينِ ال۟حَقِّ لِيُظ۟هِرَهُ عَلَى الدّٖينِ كُلِّهٖ وَ كَفٰى بِاللّٰهِ شَهٖيدًا قُل۟ يَٓا اَيُّهَا النَّاسُ اِنّٖى رَسُولُ اللّٰهِ اِلَي۟كُم۟ جَمٖيعًانِ الَّذٖى لَهُ مُل۟كُ السَّمٰوَاتِ وَ ال۟اَر۟ضِ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا هُوَ يُح۟يٖى وَ يُمٖيتُ

    Şu pencere, sema-i risaletin güneşi, belki güneşler güneşi olan Hazret-i Muhammed aleyhissalâtü vesselâmın penceresidir. Şu gayet parlak ve pek büyük ve çok nurani pencere Otuz Birinci Söz olan Mi’rac Risalesi’yle, On Dokuzuncu Söz olan Nübüvvet-i Ahmediye aleyhissalâtü vesselâm Risalesi’nde ve on dokuz işaretli olan On Dokuzuncu Mektup’ta, ne derece nurani ve zâhir olduğu ispat edildiğinden, o iki Söz’ü ve o Mektup’u ve o Mektubun On Dokuzuncu İşaret’ini bu makamda düşünüp, sözü onlara havale edip yalnız deriz ki:

    Tevhidin bir bürhan-ı nâtıkı olan Zat-ı Ahmediye aleyhissalâtü vesselâm risalet ve velayet cenahlarıyla, yani kendinden evvel bütün enbiyanın tevatürle icmalarını ve ondan sonraki bütün evliyanın ve asfiyanın icmakârane tevatürlerini tazammun eden bir kuvvetle bütün hayatında bütün kuvvetiyle vahdaniyeti gösterip ilan etmiş. Ve âlem-i İslâmiyet gibi geniş, parlak, nurani bir pencereyi, marifetullaha açmıştır. İmam-ı Gazalî, İmam-ı Rabbanî, Muhyiddin-i Arabî, Abdülkadir-i Geylanî gibi milyonlar muhakkikîn-i asfiya ve sıddıkîn o pencereden bakıyorlar, başkalarına da gösteriyorlar. Acaba böyle bir pencereyi kapatacak bir perde var mı? Ve onu ittiham edip bu pencereden bakmayanın aklı var mı? Haydi sen söyle!

    Otuz Üçüncü Pencere

    ...اَل۟حَم۟دُ لِلّٰهِ الَّذٖٓى اَن۟زَلَ عَلٰى عَب۟دِهِ ال۟كِتَابَ وَلَم۟ يَج۟عَل۟ لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا

    الٓرٰ كِتَابٌ اَن۟زَل۟نَاهُ اِلَي۟كَ لِتُخ۟رِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ اِلَى النُّورِ

    Bütün geçmiş pencereler, Kur’an denizinden bazı katreler olduğunu düşün. Sonra Kur’an’da ne kadar âb-ı hayat hükmünde olan envar-ı tevhid var olduğunu kıyas edebilirsin. Fakat bütün o pencerelerin menbaı ve madeni ve aslı olan Kur’an’a gayet mücmel bir surette, gayet basit bir tarzda bakılsa dahi yine gayet parlak, nurani bir pencere-i câmiadır.

    O pencere ne kadar kat’î ve parlak ve nurani olduğunu, Yirmi Beşinci Söz olan İ’caz-ı Kur’an Risalesi’ne ve On Dokuzuncu Mektup’un On Sekizinci İşaret’ine havale ediyoruz. Ve Kur’an’ı bize gönderen Zat-ı Zülcelal’in arş-ı Rahmanîsine niyaz edip deriz:

    رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذ۟نَٓا اِن۟ نَسٖينَٓا اَو۟ اَخ۟طَا۟نَا

    رَبَّنَا لَا تُزِغ۟ قُلُوبَنَا بَع۟دَ اِذ۟ هَدَي۟تَنَا

    رَبَّنَا تَقَبَّل۟ مِنَّا اِنَّكَ اَن۟تَ السَّمٖيعُ ال۟عَلٖيمُ

    وَ تُب۟ عَلَي۟نَا اِنَّكَ اَن۟تَ التَّوَّابُ الرَّحٖيمُ


    İhtar

    Şu Otuz Üç Pencereli olan Otuz Üçüncü Mektup, imanı olmayanı inşâallah imana getirir. İmanı zayıf olanın imanını kuvvetleştirir. İmanı kavî ve taklidî olanın imanını tahkikî yapar. İmanı tahkikî olanın imanını genişlettirir. İmanı geniş olana bütün kemalât-ı hakikiyenin medarı ve esası olan marifetullahta terakkiyat verir; daha nurani, daha parlak manzaraları açar.

    İşte bunun için “Bir pencere bana kâfi geldi, yeter.” diyemezsin. Çünkü senin aklına kanaat geldi, hissesini aldı ise kalbin de hissesini ister, ruhun da hissesini ister. Hattâ hayal de o nurdan hissesini isteyecek. Binaenaleyh her bir pencerenin ayrı ayrı faydaları vardır.

    Mi’rac Risalesi’nde asıl muhatap, mü’min idi; mülhid ikinci derecede istima’ makamında idi. Şu risalede ise muhatap, münkirdir; istima’ makamlarında mü’mindir. Bunu düşünüp öylece bakmalı.

    Fakat maatteessüf mühim bir sebebe binaen şu mektup gayet süratle yazıldığından ve hattâ müsvedde halinde kaldığından, elbette bana ait olan tarz-ı ifadede müşevveşiyet ve kusurlar olacaktır. Nazar-ı müsamaha ile bakmalarını ve ellerinden gelirse ıslahlarını ve mağfiret ile bana dua eylemelerini ihvanlarımdan isterim.

    وَالسَّلَامُ عَلٰى مَنِ اتَّبَعَ ال۟هُدٰى

    وَال۟مَلَامُ عَلٰى مَنِ اتَّبَعَ ال۟هَوٰى

    سُب۟حَانَكَ لَا عِل۟مَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّم۟تَنَٓا اِنَّكَ اَن۟تَ ال۟عَلٖيمُ ال۟حَكٖيمُ

    اَللّٰهُمَّ صَلِّ وَ سَلِّم۟ عَلٰى مَن۟ اَر۟سَل۟تَهُ رَح۟مَةً لِل۟عَالَمٖينَ

    وَ عَلٰى اٰلِهٖ وَ صَح۟بِهٖ وَ سَلِّم۟ اٰمٖينَ


    1. بل إن عدد أفراد قسم من تلك الطوائف -خلال سنة واحدة- هو أكثر من عدد البشرية منذ آدم عليه السلام إلى قيام الساعة. (المؤلف).
    2. إن حقيقة النافذة العشرين هذه وردت إلى القلب ذات يوم باللغة العربية كما يأتي:
      تلألؤُ الضياء من تنويرك، تشهيرك. تموجُ الأعصارِ من تصريفك، توظيفك.. سبحانك ما أعظمَ سلطانَك. تفجُّرُ الأنهارِ من تدخيرك، تسخيرك. تزيّنُ الأحجارِ من تدبيرك، تصويرك.. سبحانك ما أبدعَ حكمتَك. تبسُّم الأزهارِ من تزيينك، تحسينك. تبرّجُ الأثمارِ من إنعامك، إكرامك.. سبحانك ما أحسنَ صنعتَك. تسجُّعُ الأطيارِ من إنطاقك، إرفاقك. تهزُّجُ الأمطارِ من إنزالك، إفضالك.. سبحانك ما أوسعَ رحمتَك. تحرُّك الأقمار، من تقديرك، تدبيرك، تدويرك، تنويرك.. سبحانك ما أنورَ برهانك و أبهر سلطانك. (المؤلف).
    3. Hâşiye: Şu pencere umumî değil. Ehl-i kalp ve ehl-i muhabbete hususiyeti var.