64.622
düzenleme
("أمّا العالِمُ المسلِمُ ، فما إن نظرَ إلى تلك الكِتابةِ البَديعَةِ حتى علِمَ أنَّه: كتابٌ مُبِينٌ وقُرآنٌ حكيمٌ؛ فلم يَصْرِفْ اهتِمامَه إلى زِينَتِه الظاهِرةِ، ولا أشْغلَ نفسَه بزَخارِفِ حُروفِه البديعِةِ، وإنَّما تَوجَّه كلِّيًا -وهو التَّوَّاقُ ل..." içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu) |
("أمَّا مَا تُعطِيه حكمةُ الفلسَفةِ وحكمةُ القرآنِ من تربِيةٍ للمُجتَمعِ الإنسانيِّ فهي:" içeriğiyle yeni sayfa oluşturdu) |
||
26. satır: | 26. satır: | ||
قدَّمَ كلٌّ منهُما ما كَتبَه إلى الحاكمِ العظيمِ؛ تناولَ الحاكمُ أوَّلا مُؤلَّفَ الفيلسوفِ ونظَرَ إليهِ مَلِيًّا، فرأى أنَّ ذلك المُعجَبَ بنفسِه والمقدِّسَ للطبيعةِ، لم يَكتُبْ حِكمةً حقِيقيَّةً قطُّ، معَ أنَّه بذَلَ كلَّ ما في طَوْقِه، إذ لمْ يفهَمْ معانيَ ذلك الكتابِ، بل زاغَ واختَلطَ عليه الأَمرُ، وأظهَرَ عَدمَ تَوقيرٍ وإجلالٍ لذلك القرآنِ، حيثُ إنه لم يَكترِثْ بمعانِيهِ السامِيَةِ، وظنَّ أنه مُجرَّدُ نقوشٍ جميلةٍ وحُروفٍ بديعةٍ، فبخَسَ حقَّ القرآنِ وازْدَراهُ من حيثُ المعنَى؛ لذا رَدَّ الحاكِمُ الحَكيمُ مُؤلَّفَ ذلك الفيلسوفِ وضَربَه على وَجهِه وطَردَه من ديوانِه. | قدَّمَ كلٌّ منهُما ما كَتبَه إلى الحاكمِ العظيمِ؛ تناولَ الحاكمُ أوَّلا مُؤلَّفَ الفيلسوفِ ونظَرَ إليهِ مَلِيًّا، فرأى أنَّ ذلك المُعجَبَ بنفسِه والمقدِّسَ للطبيعةِ، لم يَكتُبْ حِكمةً حقِيقيَّةً قطُّ، معَ أنَّه بذَلَ كلَّ ما في طَوْقِه، إذ لمْ يفهَمْ معانيَ ذلك الكتابِ، بل زاغَ واختَلطَ عليه الأَمرُ، وأظهَرَ عَدمَ تَوقيرٍ وإجلالٍ لذلك القرآنِ، حيثُ إنه لم يَكترِثْ بمعانِيهِ السامِيَةِ، وظنَّ أنه مُجرَّدُ نقوشٍ جميلةٍ وحُروفٍ بديعةٍ، فبخَسَ حقَّ القرآنِ وازْدَراهُ من حيثُ المعنَى؛ لذا رَدَّ الحاكِمُ الحَكيمُ مُؤلَّفَ ذلك الفيلسوفِ وضَربَه على وَجهِه وطَردَه من ديوانِه. | ||
ثمَّ أخَذَ مُؤلَّفَ العالِمِ المسلِمِ المحقِّقِ المدقِّقِ، فرأى أنَّه تفسيرٌ قيِّمٌ جدا، بالغُ النَّفعِ، فَبَارَكَ عمَلَه، وقدَّرَ جُهدَه، وهَنَّأهُ عليه وقالَ: هذه هي الحكمةُ حقّا، وإنَّما يُطلقُ اسمُ العالِمِ والحكيمِ حقّا على صاحِبِ هذا المُؤلَّفِ، وليسَ الآخَرُ إلّا فنَّانًا صنَّاعًا قد أفرطَ وتجاوزَ حدَّهُ.. وعلى إِثرِه كافأَ ذلك العالِمَ المسلِمَ وأجزَلَ ثوابَه، آمرًا أنْ تُمنَحَ عشرُ ليراتٍ ذهبيَّةٍ لكلِّ حَرفٍ من حُروفِ كتابِه. | |||
فإذا فَهِمتَ -يا أخي- أبعادَ هذه الحكايةِ التَّمثيليَّةِ، فانظُر إلى وجهِ الحقيقةِ: | |||
فذلك القرآنُ الجميلُ الزاهِي، هو هذا الكونُ البَديعُ.. وذلك الحاكمُ المَهِيبُ، هو سُلطانُ الأزَلِ والأَبدِ سبحانَه، والرَّجُلانِ: الأوَّلُ -أي ذلك الأجنَبيُّ- هو عِلمُ الفَلسَفةِ وحكماؤُها؛ والآخَرُ: هو القرآنُ الكريمُ وتلامِيذُه. | |||
نعم، إنَّ القرآنَ الكريمَ «المقروءَ» هو أعظمُ تَفسيرٍ وأسماه، وأبلغُ تَرجُمانٍ وأعلاه لهذا الكونِ البديعِ، الذي هو قرآنٌ آخَرُ عظيمٌ «منظورٌ».. نعم، إنَّ ذلك الفُرقانَ الحكيمَ هو الذي يُرشِدُ الجنَّ والإنسَ إلى الآياتِ الكَونيَّةِ التي سَطَّرَها قَلمُ القُدرَةِ الإلهيَّةِ على صَحائِفِ الكونِ الواسِع ودبَّجَها على أوراقِ الأزمِنةِ والعُصورِ؛ وهو الذي يَنظُرُ إلى الموجوداتِ -التي كلٌّ منها حرفٌ ذو مَغزًى- بالمعنى الحرفِيِّ، أي يَنظُرُ إليها من حيثُ دلالَتُها على الصانِعِ الجليلِ، فيقولُ: ما أحسَنَ خَلْقَهُ! ما أجملَ خَلْقَهُ! ما أعظمَ دلالَتَهُ على جمالِ المبدِع الجليلِ! وهكذا يَكشِفُ أمامَ الأنظارِ الجَمالَ الحقيقيَّ للكائِناتِ. | |||
أمّا مَا يُسَمُّونَه بعِلمِ الحِكمةِ وهي الفلسَفةُ، فقد غَرِقتْ في تَزيِيناتِ حروفِ الموجوداتِ، وظلَّتْ مبهُوتَةً أمامَ علاقاتِ بعضِها ببعضٍ، حتَّى ضلَّتْ عن الحقيقةِ.. فبينَما كان عليها أن تَنظُرَ إلى كتابِ الكونِ بالمعنى الحرفيِّ أي بحسابِ الله، فقد نَظرَتْ إليها بالمعنَى الِاسْمِيِّ، أي إنَّ الموجوداتِ قائمةً بذاتِها، وبدَأتْ تتحدَّثُ عنها على هذه الصورةِ فتَقولُ: ما أجملَ هذا! بَدَلًا من: ما أجملَ خَلْقَ هذا، سالِبةً بهذا القولِ الجمالَ الحقيقيَّ للشيء؛ فَأهَانتْ بإسنادِها الجمالَ إلى الشَّيءِ نفسِهِ جميعَ الموجوداتِ حتى جعَلتِ الكائناتِ شاكيةً عليها يومَ القيامةِ.. | |||
نعم، إنَّ الفلسَفةَ الملحِدَةَ إنما هي سَفسَطةٌ لا حقيقةَ لها وتَحقيرٌ للكونِ وإهانةٌ له. | |||
< | <span id="İkinci_Esas"></span> | ||
== | == الأساس الثاني == | ||
للوُصولِ إلى مدَى الفَرقِ بين التربيةِ الأخلاقِيَّةِ التي يُربِّي بها القرآنُ الكريمُ تلاميذَه، والدَّرسِ الذي تُلقِّنُهُ حكمةُ الفلسَفةِ، نرى أنْ نضَعَ تِلمِيذَيْهِما في الموازَنةِ: | |||
فالتلميذُ الخالصُ للفلسَفةِ «فِرعَونٌ» ولكنَّه فِرعَونٌ ذليلٌ، إذ يَعبُدُ أخسَّ شيءٍ لأجْلِ منفعتِه، ويتَّخِذُ كلَّ ما ينفعُه رَبَّا له؛ ثم إنَّ ذلك التلميذَ الجاحِدَ «متَمرِّدٌ وعَنودٌ» ولكنَّه مُتمَرِّدٌ مِسكينٌ يرضَى لنفسِه مُنتهَى الذُّلِّ في سبيلِ الحصولِ على لذَّةٍ، وهو عَنودٌ دنيءٌ إذ يتَذلَّلُ ويَخنَعُ لأشخاصٍ هم كالشَّياطينِ، بل يُقبِّلُ أقدامَهم! ثم إنَّ ذلكَ التلمِيذَ المُلحِدَ «مغرورٌ، جَبارٌ» ولكنَّه جَبارٌ عاجِزٌ لشعورِه بمُنتهَى العجزِ في ذاتِه، حيثُ لا يجدُ في قلبِه نُقطةَ استِنادٍ؛ ثم إنَّ ذلك التلميذَ «نَفعيٌّ ومَصلحِيٌّ» لا يَرى إلّا ذاتَه، فغايةُ هِمَّتِهِ تَلبِيَةُ رغَباتِ النفسِ والبطنِ والفرْجِ، وهو «دسَّاسٌ مكَّارٌ» يتَحرَّى عن مصالحِه الشَّخصيَّةِ ضِمْنَ مصالحِ الأمَّةِ. | |||
بينما تِلميذُ القرآنِ الخالص هو «عَبدٌ» ولكنَّه عَبدٌ عزيزٌ لا يَستذِلُّ لشيءٍ حتى لأعظمِ مخلوقٍ، ولا يرضَى حتى بالجنةِ -تلك النِّعمةِ العُظمَى- غايةً لعبوديَّتِه لله؛ كما أنَّ تِلميذَه الحقيقيَّ «مُتواضِعٌ، لَيِّنٌ هيِّنٌ» ولكنَّه لا يتذَلَّلُ بإرادَتِه لغيرِ فاطرِه الجليلِ ولغيرِ أمرِهِ وإذنِه؛ ثم إنَّه «فقيرٌ وضَعيفٌ» مُوقِنٌ بفَقرِهِ وضَعفِه، ولكنّه مُستَغنٍ عن كلِّ شيءٍ بما ادَّخرَه له مالكُه الكريمُ من خزائنَ لا تَنفَدُ في الآخِرةِ؛ وهو «قَويٌّ» لاستِنادِه إلى قُوَّةِ سيِّدِه المطـلَقةِ؛ ثم إنه لا يعمَلُ إلّا لوجهِ الله، بل لا يسعَى إلّا ضِمنَ رِضاهُ بلوغًا إلى الفضائِل ونشرِها. | |||
وهكذا تُفْهَمُ التَّربيَّةُ التي تُربِّي بها الحكمَتانِ، لدَى المقارَنةِ بين تِلميذَيهِما. | |||
< | <span id="Üçüncü_Esas"></span> | ||
== | == الأساس الثالث == | ||
أمَّا مَا تُعطِيه حكمةُ الفلسَفةِ وحكمةُ القرآنِ من تربِيةٍ للمُجتَمعِ الإنسانيِّ فهي: | |||
<div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> | <div lang="tr" dir="ltr" class="mw-content-ltr"> |
düzenleme